عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة السادسة :

شرح فصوص الحکم من کلام الشیخ الأکبر ابن العربی أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:

26 - فص حکمة صمدیة فی کلمة خالدیة  

وأما حکمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخیة، فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالک إلا بعد الموت : فأمر أن ینبش علیه ویسأل فیخبر أن الحکم فی البرزخ على صورة الحیاة الدنیا، فیعلم بذلک صدق الرسل کلهم فیما أخبروا به فی حیاتهم الدنیا. "2"

فکان غرض خالد صلى الله علیه وسلم إیمان العالم کله بما جاءت به الرسل لیکون رحمة للجمیع: فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد صلى الله علیه وسلم، وعلم أن الله أرسله رحمة للعالمین.

ولم یکن خالد برسول، فأراد أن یحصل من هذه الرحمة فی الرسالة المحمدیة

………………………...

1 - المناسبة

سمیت الحکمة حکمة صمدیة ، لأن خالد بن سنان کان یتمنى أن یخبر فومه عن حیاة وعلم البرزخ ، وعلم البرزخ هو العلم الذی یستند ویصمد إلیه فإن له الحکم فی جمیع الحضرات الوجودیة.


2 ۔ حکم الخیال فی الدنیا وفی البرزخ

من لا یعرف مرتبة الخیال لا معرفة له جملة واحدة ، یؤید ما ذکرناه أنک لا تشک أنک مدرک لما أدرکته أنه حق محسوس ، لما تعلق به الحس ، وأن الحدیث الوارد عن النبی صلى الله علیه وسلم فی قوله « الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا » 

فنبه أن ما أدرکتسوه فی هذه الدار مثل إدراک النائم ، بل هو إدراک النائم فی النوم وهو خیال ، ولا تشت أن الناس فی برزخ بین هذه الدار والدار الآخرة ، وهو مقام الخیال ، فانتباهک بالموت هو کمن یرى أنه استیقظ فی النوم فی حال نومه ، 

فیقول فی النوم " رأیت کذا وکذا "، وهو یظن أنه قد استیقظ ، ثم إذا بعث فی النشأة الآخرة یقول المبعوث " من بعثنا من مرقدنا هذا" ، فکأن کونه فی مدة موته کالنائم فی حال نومه ، مع کون الشارع سماه یقظة . 

الفتوحات ج 2 / 2113 ، 313 


ص 420



على حظ وافر.

ولم یؤمر بالتبلیغ، فأراد أن یحظى بذلک فی البرزخ لیکون أقوى فی العلم فی حق الخلق. "3" فأضاعه قومه.

ولم یصف النبی صلى الله علیه و سلم قومه بأنهم ضاعوا وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبیهم حیث لم یبلغوه مراده، فهل بلغه الله أجر أمنیته؟

فلا شک ولا خلاف أن له أجر الأمنیة ، وإنما الشک والخلاف فی أجر المطلوب: هل یساوی تمنی وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا.

فإن فی الشرع ما یؤید التساوی فی مواضع کثیرة: کالآتی للصلاة فی الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة، وکالمتنی مع فقره ما هم علیه أصحاب الثروة والمال من فعل الخیرات فله مثل أجورهم.

ولکن مثل أجورهم فی نیاتهم أو فی عملهم فإنهم جمعوا بین العمل والنیة؟

ولم ینص النبی علیهما ولا على واحد منهما.

فالظاهر أنه لا تساوی بینهما. "4"

……………………………..

3 - علم البرزخ

البرزخ أتم المقامات علما بالأمور ، فإن البرزخ یعم الطرفین. وهو مقام الأسماء الإلهیة ، فإنها برزخ بیننا وبین المسسی ، فلها نظر إلیه من کونها اسما له . ولها نظر إلینا من حین ما تعطی فینا من الآثار المنسوبة إلى المسمی. فمعرف المسمی وتعرفنا .

فعلم البرزخ له من القیامة الأعراف . ومن الأسماء الاتصاف ، فقد حاز الأنصاف . 

فما هو عین الاسم ولا عین المسمى ، ولا یعرف هویه إلا من یفک المعمی. 

وقد استوی فیه البصیر والأعمى ، وهو الظل بین الأنوار والظلم .

والحد الفاصل بین الوجود والعدم ، وإلیه ینتهی الطریق الأمم ، وهو حد الوقفة بین المفامین لمن فهم .

له من الأزمنة الحال اللازم ، فهو الوجود الدائم . 

فمن أراد العلم بصورة الحال . فلیحقق علم الخیال ، فیه ظهرت القدرة ، وهو الذی أنار بدره ، فلا ینقلب إلا فی الصور ، ولا یظهر إلا فی مقام البشر ، ولست أعنی بالبشر الأناسی ، فإنی کنت أشهد على نفسی بإفلاسی . 

فما ثم إلا وعاء وآنیة ملاء ، فتدبر تتبصر . 

الفتوحات ج 2 / 203 ، 609 - ج 4 / 377 ، 389 


4 - أجر تمنی عمل الخیر *

ثبت عن رسول الله صلى الله علیه وسلم فی الرجل الذی لا قوة له ولا مال له فیری رب المال الموفق یتصدق ویعطی فی فک الرقاب ، ویرى أیضا من هو أجلد منه على العبادات


ص 421


ولذلک طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتى یصح له مقام الجمع بین الأمرین فیحصل على الأجرین والله أعلم .

……………………….

التی لیس فی قوة جسمه أن یقوم بها ، و یتسنی أنه لو کان له مثل صاحبه من المال والفوة ، لعمل مثل عمله . فال صلى الله علیه وسلم فهما فی الأجر سواء.


وفی روایة قال صلى الله علیه وسلم فی الذی یفوته خیر الدنیا ویرى من له شیء من ذلک الخیر یعمل به فی طاعة الله ، لو کان لی مثل هذا العامل من الخیر لفعلت مثل ما فعل ، فهما فی الأجر سواء.


فهذا قد فاته العمل وجنی ثمرته بالنمحی وساوی من لم یفته العمل ، وربما اربی علیه لا بل أر بی علیه ، فإن العامل مسؤول ، لیسأل الصادقین عن صدقهم ، وهذا غیر مسؤول لأنه لیس بعامل ، 

ومعنى ذلک أن الله یعطیه فی الجنة مثل ذلک التنی من النعیم الذی أنتجته تلک الأعمال ، فیکون له ما تسنى ، وهو أقوى فی اللذة والتنعم مما لو وجده فی الجنة قبل هذا التمنی ، 

فلما انفعل عن تمنیه کان النعیم به أعلى ، فمن جنات الاختصاص ما یخلق الله له من هسته وتمنیه ، فهو اختصاص عن عمل معقول منوهم وتمن لم یکن لو وجد ثمرة فی الدنیا ، فهذا لا یکون إلا لمن لم یعطه الله أمنیته من الخیر الذی تمنى العمل به ، فإن أعطاه ما تمناه من الخیر فلیس له هذا الأجر ، وینتقل حکمه إلى ما یعمله فیما أعطاه الله من الخیر . 

الفتوحات ج 1 / 322 - ج 2 / 182