عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة السابعة :


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

26 - فص حکمة صمدیة فی کلمة خالدیة

المرتبة 26 : فص حکمة صمدیة فی کلمة خالدیة من الاسم اللطیف ومرتبة الجن وحرف الباء ومنزلة الفرع المقدم

الحضرة التی لها الاسم الجامع تستلزم سریانها فی جمیع المراتب المطلقة والمقیدة . فیلزم أن تکون فی غایة اللطف .

أی أن الاسم الجامع یستلزم ظهور الاسم : اللطیف .

ولهذا فان المتوجه على المرتبة السادسة والعشرین هو اللطیف فظهرت به عوالم الجن المتمیزین بلطافتهم .

حتى إن ألطف ما فی الإنسان وهو بصره لا یدرکهم إلا بخرق العادة حتى قال تعالى عنهم :إِنَّهُ یَراکُمْ هُوَ وَقَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ( الأعراف ، 27).

وقد قرن تعالى عدم إدراک الأبصار له باسمه اللطیف فقال فی الآیة 103 من سورة الأنعام :لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ

ولهذا قال الشیخ فی الفصل 36 من الباب 198 الذی تکلم فیه على هذه المرتبة وفصل بعض مظاهر لطافة الجن : ( اعلم أن نسبة الأرواح الناریة فی الصورة الجرمیة أقرب مناسبة للتجلی الإلهی فی الصور المشهودة للعین من الجسم الإنسانی وما قرب من النسب إلى ذلک الجناب کان أقوى فی اللطافة من الأبعد ( . . . )

فان قلت فالأرواح الملکیة جعلت لها الاسم الإلهی القوی مع وجود هذا اللطف فیها من الاسم الإلهی اللطیف .

قلنا صدقت لتعلم أنی ما قصدت الاسم الإلهی المعین فی إیجاد صنف من أصناف الممکنات إلا لکون ذلک الاسم هو الأغلب علیه وحکمه أمضى فیه مع أنه ما من ممکن یوجد إلا وللأسماء الإلهیة المتعلقة بالأکوان فیه أثر لکن بعضها أقوى من بعض فی ذلک الممکن المعین وأکثر حکما فیه فلهذا تنسبه إلیه . . . ) .


ویسمّی الشیخ الجن : الأرواح البرزخیة . فهو مثلا فی الباب 22 من الفتوحات یشیر لسورة الجن بمنزل الأرواح البرزخیة من منازل الأمر :قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً( الجن ، 1 )وَأَنَّهُ کانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً( الجن ، 6 ) یعوذون بهم أی یصمدون إلیهم فی حوائجهم .


ومن هنا کانت نسبة هذه المرتبة اللطیفة مع خالد بن سنان لأن حکمته کما قال الشیخ عنه :

" وأما حکمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخیة "  ....

 ولم یؤمر بالتبلیغ فتمنى أن یحظی بذلک فی البرزخ .

وخالد هو الذی أخمد النار التی ظهرت فی بلاد عبس وأقرب الأرکان للجن والبرزخ هی النار للطافتها ، والجن مخلوقون من مارج من نار .

وفی هذا الباب تکلم الشیخ على الأمنیة وأجرها لأنها أمر برزخی بین وقوع العمل حسا والباعث الروحی لها معنى ، أی هی برزخ بین الروح المجرد والحس کنشأة الجن .

وکثیر من الأمانی التی فی الصدور هی من وساوس الجن وخواطر الإنسان تناسب عالم الجن من حیث اللطافة وسرعة تحول صورها ......


وأما وصف حکمة خالد بالصمدیة فلها عدة وجوه :

أولا : روی أن إحدى بنات ذریة خالد جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه علیه وعلى آله وسلم ، فقال لها مرحبا بابنة نبی أضاعه قومه .

وسمعته یقرأ سورة الإخلاص فقالت : کان خالد یقرأ مثلها . والاسم الصمد لم یرد فی القرآن إلا فی سورة الإخلاص .

فکان هجیر خالد : اللّه الأحد الصمد .

ثانیا : ورد فی سیرة خالد أن قومه کانوا یلتجئون إلیه فی الملمات أی یصمدون إلیه فی قضاء حوائجهم ودفع ملماتهم فیکشف اللّه عنهم فله تحقق بالاسم : الصمد .

والسنان من رموز الأحدیة والصمدیة .

ثالثا : کلمة خالد فی اللغة تعنی صامد .

فیقال : أخلد إلى الشیء إذا لجأ إلیه واستند علیه وصمد إلیه

ومنه قوله تعالى : وَلکِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ( الأعراف ، 176 ) فمن هذا الوجه تطابق معنى الوصفین خالد صامد .

رابعا : الخوالد فی اللغة هی الصخور والجبال لأنها تصمد لمر الدهور . وکلمة صمد تعنی أیضا الذی لا جوف فیه کالصخر الخالد .

وقد ذکر الشیخ فی الفص الموسوی السابق أن الرسل والأنبیاء والکمل هم کالجبال الخوالد

فقال : ( مقادیرهم - یعنی السحرة - بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة ) والحبل هو التل الصغیر ... 

وسمی الأوتاد أوتادا تشبیها لهم بالجبال.

وفی رسالة الاتحاد الکونی التی أهداها الشیخ إلى من سماه " صخر بن سنان " إشارة واضحة لعلاقة الصخر بخالد ابن سنان الذی سمّاه بعدة أسماء منها " جان بن جان " فهذا الاسم مناسب لمرتبة الجن فی هذا الفص الخالدی .....

وفی تلک الرسالة یظهر صخر بن سنان کرمز للشیخ الأکبر نفسه للنسبة العربیة والمقام الفردی الصمدی المشترک بینهما فکلاهما من رؤوس الأفراد المقربین :

خالد قبل بعثة رسول اللّه صلى اللّه علیه وسلم والشیخ بعدها ......

فخالد یمثل مقام الأفراد فی الملة الإبراهیمیة الحنیفیة الصمدیة الخالدة إلى آخر الزمان .


خامسا : روى الدارمی بسنده عن ابن عباس قصة لخالد بن سنان مع العنقاء . والعنقاء طائر رمزی یحوم فوق قمة جبل قاف المحیط بالأرض .....

وهو الطائر الذی تکلم الشیخ علیه فی رسالة صخر بن سنان المسماة أیضا : " الشجرة والطیور الأربعة " ......

والعنقاء عند الشیخ رمز لمرتبة الهباء - أو الهیولى - أی المرتبة الکونیة الرابعة المناسبة لفص إدریس الرابع.......

 وبالفعل فثمة علاقة بین خالد وإدریس من جهة وبین الهباء والجن من جهة أخرى ، وبین الأسماء المتوجهة على إیجاد المرتبتین وإمداد الفصین من جهة ثالثة وهی : ( الآخر القدوس ) و ( اللطیف الصمد ) .


فإدریس سبق أول الرسل نوح علیهما السلام ،

وخالد سبق فی الزمان آخر الرسل صلى اللّه علیه وآله وسلم .....

ولا الطف من الهباء فی المراتب الکونیة لأنها مجلى کل الصور کالجن یتشکل فی أی صورة شاء......

والنار ألطف الأرکان ومظهرها الأعظم فی الدنیا الشمس وإدریس هو قطب فلکها بالسماء الرابعة .


26 : سورة فص خالد علیه السلام

کما سبق بیانه ، فإن الاسم الحاکم على مرتبة هذا الفص هو اللطیف المتوجه على إیجاد الجن الناری المذکور فی سورة الناس .  فسورة هذا الفص هی الناس .

وقد خصص الشیخ لهذه السورة فی الفتوحات الباب 270 والوصل الأول من الباب 369 حیث فصل علاقات الإنسان بالجن والشیاطین وأحوالهم .

وکلامه فی هذا الفص عن التمنی والأمنیة مناسب لوساوس الجنة والناس فی صدور الناس .


ومن أخطر هذه الوساوس إنکار البعث والرسل والجزاء الأخروی ، فأحب خالد علیه السلام إبطال تلک الوساوس بإظهار النبوة البرزخیة بعد موته وتهیئة قومه للتصدیق بالرسول الخاتم الموعود صاحب فاتحة الکتاب

والتی لها فص سیدنا محمد صلى اللّه علیه وسلم الموالی فأشار إلیها بقوله عنه : " واعلم أن اللّه أرسله رحمة للعالمین "

تلویحا للآیة "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ " ( الفاتحة ، 2 ) وأشار إلى جمعیتها وصلتها بالصلاة وإلى الاسم " الجامع " الممد للفص المحمدی بتکریره للفظة " جمع " فی أواخر الفص .


قال :کالآتی للصلاة فی الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ...

فإنهم جمعوا بین العمل والنیة ....

حتى یصح له مقام الجمع بین الأمرین فیحصل على الأجرین .

یشیر إلى جمع الفاتحة لأمر الحق فی نصفها الأول ولأمر العباد فی نصفها الثانی وإلى الواسطة الجامعة بین الأمرین فی :إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِینُ ( الفاتحة ، 5 ) کجمع سیدنا محمد صلى اللّه علیه وسلم لصورتی الحق والخلق .