الفقرة الأولی :
متن فصوص الحکم الشیخ الأکبر محمد ابن علی ابن محمد ابن العربی الطائی الحاتمی 638 هـ :
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : 1 - فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة
(لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه: فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرأة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل و لا تجلیه له .
و قد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.
و من شأن الحکم الإلهی أنه ما سوى محلا إلا و یقبل روحا إلهیا عبر عنه بالنفخ فیه، و ما هو إلا حصول الاستعداد من تلک الصورة المسواة لقبول الفیض التجلی الدائم الذی لم یزل و لا یزال.
و ما بقی إلا قابل، و القابل لا یکون إلا من فیضه الأقدس .
فالأمر کله منه، ابتداؤه و انتهاؤه، «و إلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.
فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصورة، و کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر».
فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة و الحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.
فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، و أن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال و منزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، و إلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه و أسفله .
و هذا لا یعرفه عقل بطریق نظر فکری، بل هذا الفن من الإدراک لا یکون إلا عن کشف إلهی منه یعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه.
فسمی هذا المذکور إنسانا و خلیفة، فأما إنسانیته فلعموم نشأته و حصره الحقائق کلها.
و هو للحق بمنزلة إنسان العین من العین الذی یکون به النظر، و هو المعبر عنه بالبصر. فلهذا سمی إنسانا فإنه به ینظر الحق إلى خلقه فیرحمهم .
فهو الإنسان الحادث الأزلی و النشء الدائم الأبدی، و الکلمة الفاصلة الجامعة ، قیام العالم بوجوده، فهو من العالم کفص الخاتم من الخاتم، و هو محل النقش و العلامة التی بها یختم بها الملک على خزانته.
و سماه خلیفة من أجل هذا، لأنه تعالى الحافظ به خلقه کما یحفظ الختم الخزائن.
فما دام ختم الملک علیها لا یجسر أحد على فتحها إلا بإذنه فاستخلفه فی حفظ الملک فلا یزال العالم محفوظا ما دام فیه هذا الإنسان الکامل.
ألا تراه إذا زال و فک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها و خرج ما کان فیها و التحق بعضه ببعض، و انتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا ؟
فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة.
فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه .
فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، و لا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، و لیس للملائکة جمعیة آدم، و لا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، و سبحت الحق بها و قدسته، و ما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها و لا قدسته تقدیس آدم .
فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
و لیس إلا النزاع و هو عین ما وقع منهم.
فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق.
فلولا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه و هم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، و لو علموا لعصموا. ثم لم یقفوا مع التجریح حتى زادوا فی الدعوى بما هم علیه من التسبیح و التقدیس.
و عند آدم من الأسماء الإلهیة ما لم تکن الملائکة علیها، فما سبحت ربها بها و لا قدسته عنها تقدیس آدم و تسبیحه.
فوصف الحق لنا ما جرى لنقف عنده و نتعلم الأدب مع الله تعالى فلا ندعی ما نحن متحققون به و حاوون علیه بالتقیید، فکیف أن نطلق فی الدعوى فنعم بها ما لیس لنا بحال و لا نحن منه على علم فنفتضح؟
فهذا التعریف الإلهی مما أدب الحق به عباده الأدباء الأمناء الخلفاء.
ثم نرجع إلى الحکمة فنقول: اعلم أن الأمور الکلیة و إن لم یکن لها وجود فی عینها فهی معقولة معلومة بلا شک فی الذهن، فهی باطنة- لا تزال- عن الوجود العینی .
و لها الحکم و الأثر فی کل ما له وجود عینی، بل هو عینها لا غیرها أعنی أعیان الموجودات العینیة، و لم تزل عن کونها معقولة فی نفسها.
فهی الظاهرة من حیث أعیان الموجودات کما هی الباطنة من حیث معقولیتها.
فاستناد کل موجود عینی لهذه الأمور الکلیة التی لا یمکن رفعها عن العقل، و لا یمکن وجودها فی العین وجودا تزول به عن أن تکون معقولة.
و سواء کان ذلک الوجود العینی مؤقتا أو غیر مؤقت، نسبة المؤقت و غیر المؤقت إلى هذا الأمر الکلی المعقول نسبة واحدة.
غیر أن هذا الأمر الکلی یرجع إلیه حکم من الموجودات العینیة بحسب ما تطلبه حقائق تلک الموجودات العینیة، کنسبة العلم إلى العالم، و الحیاة إلى الحی. فالحیاة حقیقة معقولة و العلم حقیقة معقولة متمیزة عن الحیاة ، کما أن الحیاة متمیزة عنه.
ثم نقول فی الحق تعالى إن له علما و حیاة فهو الحی العالم.
و نقول فی الملک إن له حیاة و علما فهو العالم و الحی.
و نقول فی الإنسان إن له حیاة و علما فهو الحی العالم.
و حقیقة العلم واحدة، و حقیقة الحیاة واحدة، و نسبتها إلى العالم و الحی نسبة واحدة.
و نقول فی علم الحق إنه قدیم، و فی علم الإنسان إنه محدث.
فانظر ما أحدثته الإضافة من الحکم فی هذه الحقیقة المعقولة، و انظر إلى هذا الارتباط بین المعقولات و الموجودات العینیة.
فکما حکم العلم على من قام به أن یقال فیه عالم، حکم الموصوف به على العلم أنه حادث فی حق الحادث، قدیم فی حق القدیم. فصار کل واحد محکوما به محکوما علیه.
و معلوم أن هذه الأمور الکلیة و إن کانت معقولة فإنها معدومة العین موجودة الحکم، کما هی محکوم علیها إذا نسبت إلى الموجود العینی.
فتقبل الحکم فی الأعیان الموجودة و لا تقبل التفصیل و لا التجزی فإن ذلک محال علیها، فإنها بذاتها فی کل موصوف بها کالإنسانیة فی کل شخص من هذا النوع الخاص لم تتفصل و لم تتعدد بتعدد الأشخاص و لا برحت معقولة. و إذا کان الارتباط بین من له وجود عینی و بین من لیس له وجود عینی قد ثبت، و هی نسب عدمیة، فارتباط الموجودات بعضها ببعض أقرب أن یعقل لأنه على کل حال بینها جامع- و هو الوجود العینی- و هناک فما ثم جامع.
و قد وجد الارتباط بعدم الجامع فبالجامع أقوى و أحق.
و لا شک أن المحدث قد ثبت حدوثه و افتقاره إلى محدث أحدثه لإمکانه لنفسه. فوجوده من غیره، فهو مرتبط به ارتباط افتقار.
و لا بد أن یکون المستند إلیه واجب الوجود لذاته غنیا فی وجوده بنفسه غیر مفتقر، و هو الذی أعطى الوجود بذاته لهذا الحادث فانتسب إلیه.
و لما اقتضاه لذاته کان واجبا به. و لما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شی ء من اسم و صفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث و إن کان واجب الوجود و لکن وجوبه بغیره لا بنفسه.
ثم لتعلم أنه لما کان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى فی العلم به على النظر فی الحادث و ذکر أنه أرانا آیاته فیه فاستدللنا بنا علیه.
فما وصفناه بوصف إلا کنا نحن ذلک الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتی .
فلما علمناه بنا و منا نسبنا إلیه کل ما نسبناه إلینا. و بذلک وردت الإخبارات الإلهیة على ألسنة التراجم إلینا.
فوصف نفسه لنا بنا: فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا، و إذا شهدنا شهد نفسه.
و لا نشک أنا کثیرون بالشخص و النوع، و أنا و إن کنا على حقیقة واحدة تجمعنا فنعلم قطعا أن ثم فارقا به تمیزت الأشخاص بعضها عن بعض، و لو لا ذلک ما کانت الکثرة فی الواحد.
فکذلک أیضا، و إن وصفنا بما وصف نفسه من جمیع الوجوه فلا بد من فارق، و لیس إلا افتقارنا إلیه فی الوجود و توقف وجودنا علیه لإمکاننا و غناه عن مثل ما افتقرنا إلیه.
فبهذا صح له الأزل و القدم الذی انتفت عنه الأولیة التی لها افتتاح الوجود عن عدم.
فلا تنسب إلیه الأولیة مع کونه الأول. و لهذا قیل فیه الآخر.
فلو کانت أولیته أولیة وجود التقیید لم یصح أن یکون الآخر للمقید، لأنه لا آخر للممکن، لأن الممکنات غیر متناهیة فلا آخر لها.
و إنما کان آخرا لرجوع الأمر کله إلیه بعد نسبة ذلک إلینا، فهو الآخر فی عین أولیته، و الأول فی عین آخریته .
ثم لتعلم أن الحق وصف نفسه بأنه ظاهر باطن ، فأوجد العالم عالم غیب و شهادة لندرک الباطن بغیبنا و الظاهر بشهادتنا.
و وصف نفسه بالرضا و الغضب، و أوجد العالم ذا خوف و رجاء فیخاف غضبه و یرجو رضاه.
و وصف نفسه بأنه جمیل و ذو جلال فأوجدنا على هیبة و أنس.
و هکذا جمیع ما ینسب إلیه تعالى و یسمى به.
فعبر عن هاتین الصفتین بالیدین اللتین توجهنا منه على خلق الإنسان الکامل لکونه الجامع لحقائق العالم و مفرداته.
فالعالم شهادة و الخلیفة غیب، و لذا تحجب السلطان.
و وصف الحق نفسه بالحجب الظلمانیة و هی الأجسام الطبیعیة، و النوریة و هی الأرواح اللطیفة.
فالعالم بین کثیف و لطیف، و هو عین الحجاب على نفسه، فلا یدرک الحق إدراکه نفسه .
فلا فلا یزال فی حجاب لا یرفع مع علمه بأنه متمیز عن موجده بافتقاره.
و لکن لا حظ له فی الوجوب الذاتی الذی لوجود الحق، فلا یدرکه أبدا.
فلا یزال الحق من هذه الحقیقة غیر معلوم علم ذوق و شهود، لأنه لا قدم للحادث فی ذلک.
فما جمع الله لآدم بین یدیه إلا تشریفا.
و لهذا قال لإبلیس: «ما منعک أن تسجد لما خلقت بیدی»؟
و ما هو إلا عین جمعه بین الصورتین: صورة العالم و صورة الحق، و هما یدا الحق.
و إبلیس جزء من العالم لم تحصل له هذه الجمعیة.
و لهذا کان آدم خلیفة فإن لم یکن ظاهرا بصورة من استخلفه فیما استخلفه فیه فما هو خلیفة، و إن لم یکن فیه جمیع ما تطلبه الرعایا التی استخلف علیها- لأن استنادها إلیه فلا بد أن یقوم بجمیع ما تحتاج إلیه- و إلا فلیس بخلیفة علیهم. فما صحت الخلافة إلا للإنسان الکامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم و صوره و أنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى.
و لذلک قال فیه «کنت سمعه و بصره» ما قال کنت عینه و أذنه: ففرق بین الصورتین.
و هکذا هو فی کل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقیقة ذلک الموجود.
و لکن لیس لأحد مجموع ما للخلیفة، فما فاز إلا بالمجموع.
و لو لا سریان الحق فی الموجودات بالصورة ما کان للعالم وجود، کما أنه لو لا تلک الحقائق المعقولة الکلیة ما ظهر حکم فی الموجودات العینیة.
و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:
فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی
فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی
فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی
فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة.
و قد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
و قد علمت نشأة رتبته و هی المجموع الذی به استحق الخلافة.
فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.
و هو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا کثیرا و نساء».
فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، و اجعلوا ما بطن منکم، و هو ربکم،
وقایة لکم: فإن الأمر ذم و حمد: فکونوا وقایته فی الذم و اجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین .
ثم إنه سبحانه و تعالى أطلعه على ما أودع فیه و جعل ذلک فی قبضتیه:
القبضة الواحدة فیها العالم، و القبضة الأخرى فیها آدم و بنوه. و بین مراتبهم فیه.
قال رضی الله عنه: و لما أطلعنی الله سبحانه و تعالى فی سری على ما أودع فی هذا الإمام الوالد الأکبر.
جعلت فی هذا الکتاب منه ما حد لی لا ما وقفت علیه، فإن ذلک لا یسعه کتاب و لا العالم الموجود الآن.
فمما شهدته مما نودعه فی هذا الکتاب کما حده لی رسول الله صلى الله علیه و سلم:
موضوعات فصوص الکتاب
حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة، و هو هذا الباب.
ثم حکمة نفثیة فی کلمة شیئیة.
ثم حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة.
ثم حکمة قدوسیة فی کلمة إدریسیة.
ثم حکمة مهیمیة فی کلمة إبراهیمیة.
ثم حکمة حقیة فی کلمة إسحاقیة.
ثم حکمة علیة فی کلمة إسماعیلیة.
ثم حکمة روحیة فی کلمة یعقوبیة.
ثم حکمة نوریة فی کلمة یوسفیة.
ثم حکمة أحدیة فی کلمة هودیة.
ثم حکمة فاتحیة فی کلمة صالحیة.
ثم حکمة قلبیة فی کلمة شعیبیة.
ثم حکمة ملکیة فی کلمة لوطیة.
ثم حکمة قدریة فی کلمة عزیریة.
ثم حکمة نبویة فی کلمة عیسویة.
ثم حکمة رحمانیة فی کلمة سلیمانیة.
ثم حکمة وجودیة فی کلمة داودیة.
ثم حکمة نفسیة فی کلمة یونسیة.
ثم حکمة غیبیة فی کلمة أیوبیة.
ثم حکمة جلالیة فی کلمة یحیاویة.
ثم حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة.
ثم حکمة إیناسیة فی کلمة إلیاسیة.
ثم حکمة إحسانیة فی کلمة لقمانیة.
ثم حکمة إمامیة فی کلمة هارونیة.
ثم حکمة علویة فی کلمة موسویة.
ثم حکمة صمدیة فی کلمة خالدیة.
ثم حکمة فردیة فی کلمة محمدیة.
و فص کل حکمة الکلمة التی تنسب إلیها. فاقتصرت على ما ذکرته من هذه الحکم فی هذا الکتاب على حد ما ثبت فی أم الکتاب.
فامتثلت ما رسم لی، و وقفت عند ما حد لی، و لو رمت زیادة على ذلک ما استطعت، فإن الحضرة تمنع من ذلک و الله الموفق لا رب غیره.
و من ذلک: ).
متن نقش فصوص الحکم للشیخ الأکبر محمد ابن علی ابن محمد ابن العربی الطائی الحاتمی 638 هـ :
بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم بارک علی وتممه
1. نقش فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة :
اعلم أن الأسماء الحسنى تطلب بذواتها وجود العالم .
فأوجد الله العالم جسداً مسوى .
وجعل روحه آدم علیه السلام .
وأعنی بآدم وجود العالم الإنسانی وعلمه بالأسماء کلها .
فإن الروح هو مدبر البدن بما فیه من القوى.
وکذلک الأسماء للإنسان الکامل بمنزلة القوى .
لهذا یقال فی العالم : " إنه الإنسان الکبیر " . ولکن بوجود الإنسان فیه .
وکان الإنسان مختصراً من الحضرة الإلهیة .
ولذلک خصه بالصورة فقال : " إن الله خلق آدم على صورته "
وفی روایة : " على صورة الرحمن " .
وجعل الله العین المقصودة من العالم کالنفس الناطقة من الشخص الإنسانی . ولهذا تخرب الدنیا بزواله وتنتقل العمارة إلى الآخرة من أجله .
فهو عبد الله ورب بالنسبة للعالم .
ولذلک جعله خلیفة وابناءه خلفاء .
ولهذا ما ادعى أحد من العالم الربوبیة إلا الإنسان لما فیه من القوة .
وما أحکم أحد من العالم مقام العبودیة فی نفسها إلا الإنسان .
فعبد الحجارة والجمادات التی هی أنزل الموجودات .
فلا أعز من الإنسان بربوبیته . ولا أذل منه بعبودیته .
فإن فهمت فقد أبنت لک عن المقصود بالإنسان فانظر إلى عزته بالأسماء الحسنى وطلبها إیاه تعرف عزته .
ومن ظهوره بها تعرف ذلته . فافهم .
ومن هنا تعلم أنه نسخة من الصورتین : الحق والعالم .
الفکوک فی اسرار مستندات حکم الفصوص صدر الدین القونوی 673 هـ :
1 - فک ختم الفص الادمى
1 - واما اختصاص هذه الکلمة الادمیة بحضرة الالوهیة ، فذلک بسبب الاشتراک من احدیة الجمع ، فکما ان الحضرة الالوهیة المعبر عنها بالاسم الله تشتمل على خصائص الأسماء کلها وأحکامها التفصیلیة ونسبها المتفرعة عنها اولا والمنتهیة الحکم إلیها آخرا .
ولا واسطة بینهما وبین الذات من الأسماء - کما هو الامر فی شأن غیرها من بیان غیر الأسماء بالنسبة إلیها اعنى بالنسبة الى الحضرة الإلهیة - کذلک الإنسان .
فإنه من حیث حقیقته ومرتبته لا واسطة بینه وبین الحق ، لکون حقیقته عبارة عن البرزخیة الجامعة بین احکام الوجوب واحکام الإمکان ، فله الاحاطة بالطرفین .
2 - ولهذا الاعتبار قال رحمه الله فیه : انه الإنسان الحادث الأزلی والنشأة الدائم الأبدی ، فله الاولیة والتقدم على الموجودات من هذا الوجه .
3 - واما سر آخریته فمن حیث انتهاء الاحکام والآثار الیه واجتماعها ظاهرا وباطنا فیه ، کانبثاثها اولا منه وذلک انه لما کان حکم شأن الحق الجامع للشئون کلها وأحکامها دوریا وکان حکم ذلک الشأن ولوازمه من امهات الشئون ایضا کذلک وهی المعبر عنها بمفاتیح الغیب .
ظهر سر الدور فی احوال الموجودات وأحکامها وذواتها ، فالعقول والنفوس من حیث حکمها بالأجسام وعلمها ، کافلاک المعنویة ، ولما کانت الأفلاک ناتجة عنها وظاهرة منها ، ظهرت هذا الوصف الاحاطى والدورة صورة ومعنى .
4 - ولما کانت العقول والنفوس متفاوتة المراتب من حضرة الحق بسبب کثرة الوسائط وقلتها وقلة احکام الکثرة فی ذواتها وکثرتها ، تفاوتت الأفلاک فی الحکم والاحاطة ، فاقربها نسبة الى اشرف العقول أکثرها احاطة وأقلها کثرة والامر بالعکس فیما نزل عن درجة الأقرب - کما ترى لما أشرنا الیه.
5 - ولما کان الامر کذلک فی عرصة العقل المنور والشهود المحقق ، اقتضى الامر والسنة الإلهیة ان یکون وصول الأمداد الى الموجودات وعود الحکم فی الجناب الإلهی المشار الیه فی الاخبارات الإلهیة والتنبیهات النبویة والمشهود کشفا وتحقیقا ، وصولا وعودا دوریا .
6 - فالمدد الإلهی یتعین من مطلق الفیض الذاتی بالبرزخیة المشار إلیها ویصل الى الحضرة العقل الأول المکنى عنه بالقلم ثم باللوح ثم العرش ثم الکرسی ثم باقى الأفلاک - فلکا بعد فلک - ثم یسرى فی العناصر ثم المولدات وینتهى الى الإنسان منصبغا بجمیع خواص کل ما مر علیه .
7 - فان کان الإنسان المنتهى الیه ذلک ممن سلک وعرج واتحد بالنفوس والعقول وتجاوزها بالمناسبة الاصلیة الذاتیة حتى اتحد ببرزخیته التی هی مرتبة الاصلیة ، فان المدد الواصل الیه بعد انتهائه فی الکثرة الى اقصى درجات الکثرة وصورتها ، یتصل باحدیتها ، اعنى احدیة تلک الکثرة الى تلک البرزخیة التی من جملة نعوتها الوحدانیة التالیة الاحدیة فیتم الدائرة بالانتهاء الى المقام الذی منه تعین الفیض الواصل الى العقل.
8 - وهذا سر من لم یعرفه ولم یشهده لم یعرف حقیقة قوله تعالى : " وإِلَیْه یُرْجَعُ الأَمْرُ کُلُّه " 123 سورة هود.
9 - ومن هذا شأنه فهو الذی قیل فیه من حیث صورته العنصریة الاخریة الجامعة : انه خلق فی احسن تقویم ، ومن حیث حقیقته : ان اجره غیر ممنون ، ومن لم یکن کذلک فهو المنتهى الى اسفل السافلین ، لبعده بکثرته عن أصله الذی هو المقام الوحدانى الإلهی الاولى ، لأنه نزل من اعلى الرتب وهی البرزخیة المذکورة الى اقصى درجات الکثرة والانفعال ووقف عندها .
بخلاف الکمل الذین تمت لهم الدائرة ، لأنهم وان انحدروا ، فهم مرتفعون فی انحدارهم ، کما قال بعض التراجمة فی مدح نبینا صلى الله علیه وسلم :
تخیرک الله من ادم ..... فما زلت منحدرا ترتقى
10 - والواقفون فی اسفل السافلین لیسوا کذلک ، فإنهم لم یتجاوزوا نصف الدائرة فاعلم ذلک ، فهذا سر اختصاص آدم بالحضرة الإلهیة وسبب أولیته من حیث المعنى وآخریته من حیث الصورة وجمعه بین الحقیقة الوحدانیة التی هی محتد احکام الوجوب وبین الکثرة التی هی محتد احکام الإمکان ، وانتهاء الامر آخرا الى الوحدانیة من حیث انه : ما جاوز الحد انعکس الى الضد .
11 - فتدبر ما سمعت فإنه من لباب المعرفة الإلهیة والانسانیة ، فإنک ان عرفت ما ذکرنا لک ، عرفت مراتب الأسماء وتفاوت درجاتها وتفاوت درجات الموجودات من حیثها .
وعرفت سر قوله تعالى : " وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ کُلَّها " 31 سورة البقرة .
وان سر الخلافة الجمع بین الوحدة والکثرة ، لکن على الوجه المذکور وعرفت سر الأمداد والاستمداد ، وعرفت سر ظهور المعلولات بصور عللها .
وعرفت سر قوله صلى الله علیه وسلم : ان الله خلق آدم على صورته ، وان تفاوت المدرک فی الظهور والحکم لتفاوت الاستعدادات القابلة ، وعرفت غیر ذلک مما یطول ذکره فتدبر ترشد ان شاء الله تعالى.
سر تسمیة الأنبیاء بالکلمات
12 - واما سر تسمیة الأنبیاء بالکلمات وکذلک تسمیة الحق سبحانه الأرواح بهذا الاسم - بل الموجودات - فموقوف على معرفة کیفیة الإیجاد والمادة التی منها وبها وفیها وقع الإیجاد ، وهذا من اعظم العلوم واغمضها وأشرفها وبیانه یحتاج الى فصل بسیط لیس هذا موضعه ، على انه قد ذکرت أصوله فی تفسیر الفاتحة وفی کتاب النفحات ، وسأذکر هاهنا على سبیل التنبیه ما یحتمل هذا الالماع .
13 - فأقول : قد کنى الحق سبحانه فی الکتب المنزلة عن التأثیر الایجادى بالقول ، وهو قوله تعالى : " إِنَّما قَوْلُنا لِشَیْءٍ إِذا أَرَدْناه . . ." 40 سورة النحل .
14 - فاعلم ان فعل الحق ان کان بذاته بمعنى ان الفعل یلیه لما یتوسط بین ذاته وبین المفعول الا نسب معقولة یتمیز بتعینها الإطلاق الذاتی عما تعینت به ، کان اسم ذلک الفعل کلاما والظاهر به کلمة ، وان توسط بین الفاعل الحق وبین ما یوجد ، آلة وجودیة او صورة مظهریة بعینها ویستدعیها مرتبة المفعول التی هی محل ایقاع الفعل ومنزل نفوذ الاقتدار کان قولا ، لان التأثیر الإلهی فی
کل مؤثر فیه انما یصدر ویتعین بحسب مرتبة المفعول ، وکذلک الالة والمظهر الذی هو صورة الحیثیة التی من جهتها صدر ذلک الموجود .
الحروف الاصلیة الإلهیة
15 - وإذا عرفت هذا فاعلم ان الحروف الاصلیة الإلهیة عبارة عن تعقلات الحق الأشیاء من حیث کینونتها فی وحدانیته ، ونظیر ذلک التصور النفسانی الإنسان قبل تعینات صورها بعلمه فی ذهنه ، وهی تصورات مفردة خالیة عن الترکیب المعنوی والذهنی والحسی ، وهی المفاتیح الأول المعبر عنها بمفاتیح الغیب ، وهی الأسماء الذاتیة وامهات الشئون الاصلیة التی الماهیات هی من لوازمها ، ونتائج التعقل تعریفاتها.
حضرة الارتسام
16 - والتعقل الثانی تعقل الماهیات فی عرصة العلم الذاتی من حیث الامتیاز النسبی وهو حضرة الارتسام الذی یشیر الیه أکابر المحققین والمتألهین من الحکماء بان الأشیاء مرتسمة فی نفس الحق .
والفرق بین الحکیم والمحقق فی هذه المسألة هو ان الارتسام عند المحقق وصف العلم من حیث امتیازه النسبی عن الذات ، لیس هو وصف الذات من حیث هی ولا من حیث ان علمها عینها .
فتعقل الماهیة من حیث افرازها عن لوازمها فی حضرة العلم هی حرف غیبى معنوى ، وتعقلها مع لوازمها قبل انبساط الوجود المفاض علیها وعلى لوازمها ، هی کلمة غیبیة معنویة .
وباعتبار تعقل تقدم اتصال الوجود بها قبل لوازمها یکون حرفا وجودیا ، وباعتبار انبساط الوجود علیها وعلى لوازمها الکلیة تکون کلمة وجودیة .
17 - وکما ان ترکیب الکلمات فی النسخة الانسانیة ینشأ من حرفین و ینتهى الى خمسة متصلة ومنفصلة کذلک الامر هناک .
فنظیر درجات الترکیب هنا الأصول الخمسة المذکورة فی ما بعد ، وللنفس الرحمانى السرایة فی هذه الأصول الخمس وامهات مخارج الحروف الانسانیة ایضا خمسة ، وهی :
باطن القلب - ثم الصدر - ثم الحلق - ثم الحنک - ثم الشفتان
وهی نظائر مراتب الأصول ، وباقى المخارج یتعین بین کل اثنین من هذه الأمهات . فافهم
العقل الأول
18 - ثم أقول : فابسط الموجودات الذی هو العقل الأول له ضرب واحد من الترکیب لا غیر وهو ان له ماهیة متصفة بالوجود ، فله من احکام الکثرة الامکانیة حکم واحد ، وهو انه فی نفسه ممکن ، وهو من حیث ما عدا هذا الاعتبار الواحد واجب بسیط ، وکذا شأن بقیة العقول من هذا الوجه ، لکن بسبب توسط العقل بینها وبین ذات الحق تزداد حکما واحکاما توجب تعقل کثرة ما فی مرتبتها ، لکن لیست کثرة وجودیة تفضی بان یحکم علیها بالترکیب .
19 - واما النفوس الفلکیة : ففی ثالث مرتبة الوجود الواحد ثم یتنازل الامر فی الترکیب الى خمس مراتب ، فالذی یلی النفوس الأجسام البسیطة ، ثم المرتبة الخامسة الأجسام المرکبة ، فهذا هی الأصول المشار إلیها من قبل .
20 - وقد روعی هذا الترتیب الایجادى هذا فی کل کلام الهى ینزل : فحرف ثم کلمة ثم آیة ثم سورة ، والکتاب جامعها .
21 - واما الکتب ، فهی من حیث الأمهات ایضا أربعة کالاجناس :
التوراة والإنجیل والزبور والفرقان ، وجامعها القرآن.
22 - ولما کانت الحیازة للإنسان لجمعیته احکام الوجوب الکلیة والاحکام الامکانیة سمى کتابا ، وتفاوت حیطة الکتب وما تضمنه یشهد ویوضح سر تفاوت الأمم المنزلة هی علیها ، وسر الرسول المبلغ ما انزل إلیهم .
فاعلم ذلک تعرف سر تسمیة الأنبیاء بالکلمات ، وکذلک سر تسمیة الأرواح والموجودات بها ولهذا الأصل فروع کلیة :
منها : ما ذکرته فی التفسیر .
ومنها : ما ذکرته فی مفتاح غیب الجمع وتفصیله .
ومنها : ما ذکرته فی النفحات فمن أراد الاحاطة بأکثر اصول هذا العلم فلیجمع الى هذا الأصل ما تقدم ذکره یستشرف على علوم غزیرة غامضة شریفة جدا .
والله المرشد والهادی .
کلمات و مصطلحات وردت فی فص حکمة إلهیة فى کلمة آدمیة وفى کتاب فصوص الحکم :
قبل ان نبدأ فى السفر فی هذه الأسفار وجب التعرف على الحقائق التی علیها أهل الکشف العارفین بالله فنحن الأن على شاطئ بحر الإحسان والإبحار فى مقام الإحسان من الرسالة المحمدیة الخاتمة وقف على ساحله ، المرسلین والأنبیاء وتابعیهم بإحسان فیمن کانوا قبلنا.
و مقام الإحسان شرطه أن تعبد الله کأنک تراه فإن لم تکن "فنیت فى الله بالکلیة" تراه فإنه یراک "بسمعه وبصره ولسانه ویده ورجله ...".
فإعلم أن الإحسان لیس هو الإیمان ولکنه یحتویه وکذلک الإحسان لیس هو الإسلام ولکنه یحتویه.
فالإسلام یکفیه شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله و الصلاة والزکاة وصیام رمضان وحج البیت لمن استطاع الیه سبیلا.
فینجو من النار ویدخل الجنة . والإحسان لیس کذلک لأنه العلم بالله من الله تعالى والنظر به والسمع به والتکلم به السعی به والبطش به "الحدیث". والتعلیم المباشر من الله تعالى کما علم الخضر علیه السلام فتؤتی رحمة وعلما وحکمة وترى ما لا یراه الناظرون
الإسلام لیس هو الإیمان : "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَکِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمَانُ فِی قُلُوبِکُمْ (15) الحجرات.
والإیمان لیس هو الإحسان یتولاک الله بالتربیة فیه "فَإِنَّکَ بِأَعْیُنِنَا " (48) الطور ، "وَأَلْقَیْتُ عَلَیْکَ مَحَبَّةً مِنِّی وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَیْنِی (39)" طه
فالإحسان مقام التحقیق و التمکین والتملیک بحقائق ومعارف قول الله تعالى : "وَمَا کَانَ لِبَشَرٍ أَنْ یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْیًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ یُرْسِلَ رَسُولًا فَیُوحِیَ بِإِذْنِهِ مَا یَشَاءُ إِنَّهُ عَلِیٌّ حَکِیمٌ (51) سورة الشورى".
1 - عن الخلق
تقول الدکتورة سعاد الحکیم عن ملامح ( الخلق ) عند الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:
" أبرز ملامح الخلق عند حکیم مرسیه نلخصها فی النقاط التالیة :
1. إن الخلق لیس من العدم ، بل من وجود علمی إلى وجود عینی ، فـ ( الله خالق ) فی فکر الشیخ ابن العربی تعنی أن الله یظهر أو یخرج الأعیان الثابتة إلى الوجود الظاهر المحسوس الخارجی ، وهذا لله وحده فلیس فی طاقة مخلوق أن تتعلق إرادته باظهار الأعیان الثابتة .
2. إن الخلق لم یحدث فی زمن معین بل هو دائم مع الأنفاس ، فالحق لا یزال دائما أبدا خالقا والعالم لا یزال دائما أبدا فانیا .
3. إن فعل الخلق لا یستدعی اثنینیة الخالق والمخلوق ، ومن هنا استبدل الشیخ الشیخ ابن العربی بلفظ ( خلق ) عبارات وتمثیلات حاول ان یشرح فیها تلک العلاقة بین وجهی الحقیقة الواحدة ، فنراه أحیانا یلجأ إلى النور والظلال ، إلى الصور والمرایا ، إلى الظاهر والمظاهر .
کل ذلک لیسکب تلک الأثنینیة المشهودة فی الحس والمتوهمة فی وحدة إیمانیة أو شهودیة کشفیة .
فالخلق هو : تجلی الحق فی صور العالم ، فهو الظاهر فی کل مظهر .
"فَأَیْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِیمٌ (115) سورة البقرة ، کُلُّ شَیْءٍ هَالِکٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُکْمُ وَإِلَیْهِ تُرْجَعُونَ (88) سورة القصص "
4. نظر الشیخ الشیخ ابن العربی إلى لفظ الخلق من وجوه أربعة :
أ. الخلق = خلق إیجاد : وهو تعلق الإرادة بإظهار عین المراد إظهاره .
ب. الخلق = خلق تقدیر : وهو تعیین الوقت لإظهار عین الممکن .
ج. الخلق = فعل الخلق .
د. الخلق = اسم ، بمعنى المخلوق ، وهو أحد وجهی الحقیقة الواحدة : حق خلق ، وهو یمثل کل صفات الانفعال والتأثر والفقر والمعلولیة فی مقابل کل صفات الفعل والتأثر والغنى والعلیة ( حق ) کما أن کل مخلوق له بعد واحد هو بعد الخلق أی المخلوق ما عدا الإنسان فإنه یتمیز ببعدین : خلق وحق فهو خلق حق .
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی عن حقیقة إخراج الخلق:
" الله لم یخرجنا من العدم المحض المطلق ، بل من وجود لم ندرکه إلى وجود أدرکناه .
تقول الدکتورة سعاد الحکیم الخَلق الجدید عند الشیخ ابن العربی :
" إن تصور الشیخ الأکبر للعالم ، تصور حی حرکی یضاهی التصورات العلمیة الحدیثة بعد استکشاف الذرة وحرکتها الدائمة ، فالعالم یفنى ویخلق فی کل لحظة خلقا أزلیا أبدیا . "بَلْ هُمْ فِی لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِیدٍ" (15) سورة ق
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی عن حقیقة إخراج الخلق:
" الله لم یخرجنا من العدم المحض المطلق ، بل من وجود لم ندرکه إلى وجود أدرکناه .
تقول الدکتورة سعاد الحکیم الخَلق الجدید عند الشیخ ابن العربی :
" إن تصور الشیخ الأکبر للعالم ، تصور حی حرکی یضاهی التصورات العلمیة الحدیثة بعد استکشاف الذرة وحرکتها الدائمة ، فالعالم یفنى ویخلق فی کل لحظة خلقا أزلیا أبدیا . "بَلْ هُمْ فِی لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِیدٍ" (15) سورة ق
أما المقدمات التی ألزمت الشیخ ابن العربی بهذه النتیجة فهی :أولا : أن لکل ظهور فی العالم أصلا إلهیا .
والأصل الإلهی القائل : " کل یوم هو فی شأن " یستدعی التغیر والتبدل والتحول المستمر فی صور الکائنات .
کما أن الأصل الإلهی الثانی : الوسع الإلهی ، یقتضی أن لا یتکرر تجل أصلا ، فکل تحول یحدث نتیجة الأصل الأول یؤدی إلى ( مثل ) نتیجة الأصل الثانی .
وثمة أصل ثالث إلهی یقول : إن الله خالق على الدوام ، وهذا یستدعی مضافا إلى الأصلین السابقین : دوام ، تحول صور الکائنات إلى أمثالها .
ثانیا : أما من ناحیة الممکنات فقد ساعدت صفاتها الخاصة على تحقق الأصول الثلاثة المتقدمة وتتلخص هذه الصفات بـ:
أ. إن الممکنات والأعیان الثابتة لا تزال فی العدم ما شمت رائحة الوجود ، ودوام ظهورها فی الحس یقتضی دوام إیجادها فی کل لحظة ؛ لأنها فانیة معدومة دائما.
ب. إن الممکنات لها الافتقار الذاتی ، فلو استمرت زمنین لاتصفت بالغنى عن الخالق ، وذلک ینافی التفرقة التی شدد علیها الشیخ ابن العربی بین الصفات الذاتیة للحق وللخلق ، فالخلق له دوام الافتقار إلى الإیجاد والظهور .
ثالثا : إن التفرقة بین الحق والخلق هی تفرقة اعتباریة محضة ، فالوجود واحد هو الحق الذی یتجلى فی کل لحظة فیما لا یحصى عدده من الصور .
إذن : إن الخلق فی تغیر دائم مستمر أو هو على الدوام فی خلق جدید ، بمعنى أن التجلی الإلهی الدائم لم یزل ولا یزال ، ظاهرا فی کل آن فی صور الکائنات ، وهذا الظهور مع کثرته ودوامه لا یتکرر أبدا ، فالمخلوقات فی کل لحظة تفنى أی تذهب صورتها لتظهر مثلیتها فی اللحظة التالیة ، ویجب ألا نقول بوجود فاصل أو انفصال زمنی ، بل زمان ذهاب الصورة هو عین زمان وجودها الجدید ، وهذا الخلق الجدید یلتبس على غالبیة المخلوقات فیظنون المثل الظاهر فی اللحظة الثانیة هو عین الأول ، ولا یخلص من هذا اللبس إلا أهل الکشف .
یقول الشیخ عبد القادر الجزائری فی الفرق بین الخلق التقدیری والخلق الإیجادی:
" ثم بعد ما أوجد الله تعالى الأرواح العالیة إیجادا عینیا شهادیا .
عین الله تعالى مرتبة الطبیعة .
ثم عین بعدها مرتبة الهباء ، وهو المسمى بالهیولى فی اصطلاح الحکماء .
ثم عین تعالى بعدها مرتبة الجسم الکل .
ثم عین الشکل الکل .
وهذه الأربعة یطلق علیها اسم : الخلق التقدیری ، لا الخلق الإیجادی .
فإنها غیر موجودة فی أعیانها ، وإنما هی أمور کلیة معقولة کالأسماء الإلهیة ، ومعنى قولنا فی هذه الأربعة أنه تعین کذا ثم کذا : أنه تعالى لو أوجدها فی العیان لکانت هذه مراتبها مرتبة کما ذکرناها .
یقول الباحث محمد غازی عرابی :
" تنازعوا فی الخلق : فقالوا : من عدم . وقالوا : من وجود أولی هیولی .
وقال العارفون المحققون : الأمر أیسر من هذا وذاک ، فکما تعطی الشجرة ثمرها کذلک ینتج الخلق عن الله . فالفصل غیر وارد ما دامت الثمار على الشجرة .
و أقول :
قال تعالى : وَخَلَقَ کُلَّ شَیْءٍ وَهُوَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ (101) الأنعام
قال تعالى : قَالَ رَبُّنَا الَّذِی أَعْطَى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) سورة طه
قال تعالى : وَخَلَقَ کُلَّ شَیْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِیرًا (2) سورة الفرقان
وقالوا : الخلق فعل إلهی فی دیمومة ، فکأنما ذاته تقتضی أن تبرأ وتظهر بلا إیجاد من عدم ولا إیجاد من وجود ، بل تتشکل من مادة تکون هیولی ، ثم تتکون ، ثم تعود هیولی فی حلقة لیس لها بدایة ولا نهایة "کالدائرة" . هکذا تحقیق الأمر عند الشیخ ابن العربی ...
فالله یدبر الأمر فی دوائر فلا عدم مطلق ولا فناء مطلق ولا خلق ولا إخراج ، إذ فی کل هذا فصل دون وصل . ووصل دون فصل .
إذ لیس فی الدائرة ثمة فصل ولا وصل وإن کانت کل نقطة فی الدائرة قائمة بذاتها مکتملة المعالم والأرکان.
یقول الشیخ الحسین بن منصور الحلاج فی أصول خلق الخلق:
" خلق الله تعالى الخلق فاعتد لها على أربعة أصول :
1 - الربع الأعلى إلهیة .
2 - والربع الآخر آثار الربوبیة .
3 - والربع الآخر النوریة بین فیها التدبیر والمشیئة والعلم والمعرفة والفهم والفطنة والفراسة والإدراک والتمییز ولغات الکلام.
4 - والربع الآخر الحرکة والسکون .
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی فی أنواع الخلق:
" یقول الله : " أفمن یخلق کمن لا یخلق " ، فخلق الناس التقدیر ، وهذا الخلق الآخر الإیجاد .
ویقول الشیخ نجم الدین الکبرى فی أنواع الخلق:" ستة أنواع من المخلوقات وهی : الأرواح والأشباح والنفوس والقلوب والأسرار وسر الأسرار .
فلا مخلوق إلا وهو داخل فی جملتها .
ویقول الشیخ حسین الحصنی فی أنواع الخلق:
" الخلق خلقان : خلق تقدیر وخلق إیجاد ، والأمر جبروت بینهما برزخ لا یبغیان"
ویقول الشیخ عبد القادر الجزائری فی أنواع الخلق:
" قال تعالى : " الله خالق کل شیء " ، الخلق خلقان:
خلق تقدیر منفک ، عن الإیجاد ، وهو المشار إلیه بقوله : " وقد خلقتک من قبل ولم تک شیئا " ، أی : قدرتک فی العدم ، ولم تک شیئا مقدرا ثابتا فی مرتبة الثبوت ، العاریة عن الوجود ...
والخلق الثانی مقرون بإیجاد خارجی ، وهو المشار إلیه بقوله : " ما غرک بربک الکریم . الذی خلقک فسواک فعدلک " .
یقول الشیخ نجم الدین الکبرى عن أطوار الخلق:
" الله تعالى خلق الخلق أطوارا :
فخلق طورا منها للقرب والمحبة : وهم أهل الله وخاصته إظهارا للحسن والجمال وکانوا به یسمعون کلامه وبه یبصرون جماله وبه یعرفون کماله .
وخلق طورا منها للجنة ونعیمها ، إظهارا للطف والرحمة ، فجعل لهم قلوبا یفقهون بها دلائل التوحید والمعرفة وأعینا یبصرون بها آیات الحق .
وخلق طورا منها للنار وجحیمها : وهم أهل النار ، إظهارا للقهر والعزة ، أولئک کالأنعام لا یحبون الله ولا یطلبونه بل هم أضل ، لأنه لم یکن للإنعام استعداد الطلب والمعرفة ، وأنهم کانوا مستعدین للمعرفة والطلب ، فأبطلوا الاستعداد الفطری للمعرفة الطلب : بالرکون إلى شهوات الدنیا ، وزینتها ، واتباع الهوى ، فباعوا الآخرة بالأولى ، والدین بالدنیا ، وترکوا طلب المولى ، فصاروا أضل من الأنعام لإفساد الاستعداد ، أولئک هم الغافلون عن الله .
یقول الشیخ عبد الوهاب الشعرانی فی أقسام الخلق:
" الخلق کلهم قسمان أما أهل نظر واستدلال وأما أهل کشف وعیان ".
ویقول الشیخ عبد الغنی النابلسی فی أقسام الخلق:
" الخلق جمیعا على قسمین : موجود ومعدوم .
والمعدوم على قسمین : معدوم وجد ثم انعدم ، ومعدوم لم یوجد بعد .
والمعدوم الذی وجد ثم انعدم على قسمین :
معدوم حضر وقت وجوده.ومعدوم لم یحضر وقت وجوده ، بل هو سابق علیه بأزمان طویلة ، فیعتقد فی المعدوم الذی وجد ثم انعدم ولم یحضر وقت وجوده .
والمعدوم الذی لم یوجد بعد : إن مفعول هذین القسمین غیب عنه ، غیر محکوم عنده بشیء من أحوالهما إلا ما أخبره به الصادق فی القرآن أو حدیث ، من إیمان أو کفر ، أو طاعة أو معصیة ، أو ضلال أو هدایة ، ونحو ذلک کأحوال الأمم الماضین فی إیمانهم وتکذیبهم بالمرسلین.
وکأحوال ما سیحدث فی الدنیا من أمور الخلق عند خروج الدجال ودابة الأرض.
وأما القسم الموجود من الخلق ، فعلى قسمین : مکلفین ، وغیر مکلفین .
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی عن أجناس الخلق:
" الخلق ... على ثلاثة أجناس :
جنس من الخلق مآلهم إلى أثر الفعل الإلهی : وهو النور ، ومنه الحور والقصور والفرح والسرور ...
وجنس منهم مآلهم إلى الفعل الإلهی ، ومنه معرفة صفات الله تعالى والعلم بالموصوف والمذکور .
وجنس منهم مآلهم إلى الفاعل المختار ، فهم أهل الله وأهل بیته وآله ، فهم أهل النظر إلى وجهه الکریم .
وأهل النظر : أهل السعة الإلهیة ، وأهل روح الله وبرکاته ، وأهل تحیاته وسلامه .
یقول الشیخ نجم الدین الکبرى " إن الله تعالى خلق الخلق على ثلاثة أصناف :
صنف منها الملک الروحانی العلوی اللطیف النورانی ، وجعل غذاءهم من جنس الذکر ، وخلقهم للعبادة .
وصنف منها الحیوان الجسمانی السفلی الکثیف الظلمانی ، وجعل غذاءهم من جنسهم الطعام ، وخلقهم للعبرة والخدمة .
وصنف منها الإنسان المرکب من الملکی الروحانی والحیوانی الجسمانی ، وجعل غذاءهم من جنسهم لروحانیهم الذکر ولجسمانیهم الطعام ، وخلقهم للعبادة والمعرفة .
فمنهم : ظالم لنفسه ، وهو الذی غلبت حیوانیته على روحانیته ، فبالغ فی غذاء جسمانیته وقصر فی غذاء روحانیته حتى مات روحه واستولت حیوانیته " أولئک کالأنعام بل هم أضل " ..
ومنهم : مقتصد ، وهو الذی تساوت روحانیته وحیوانیته ، فغذى کل واحدة منهما غذاءها " خلطوا عملا صالحا وآخر سیئا عسى الله أن یتوب علیهم ".
ومنهم : سابق بالخیرات ، وهو الذی غلبت روحانیته على حیوانیته ، فبالغ فی غذاء روحانیته ، وهو الذکر وقصر فی غذاء حیوانیته ، وهو الطعام حتى ماتت نفسه واستوت قوى روحه : " أولئک هم خیر البریة " .
یقول الشیخ أبو بکر الکلاباذی فی خلق أفعال العباد:
" أجمعوا على أن الله تعالى ، خالق لأفعال العباد کلها ، کما أنه خالق لأعیانهم ، وأن کل ما یفعلونه من خیر أو شر فبقضاء الله وقدره ، وإرادته ومشیئته ، ولولا ذلک لم یکونوا عبیدا ولا مربوبین ولا مخلوقین ، وقال جل وعز : " قل الله خالق کل شیء " ...
فلما کانت أفعالهم أشیاء ، وجب أن یکون الله خالقها ، ولو کانت أفعال غیر مخلوقة لکان الله جل وعز خالق بعض الأشیاء دون جمیعها ."
یقول الشیخ أبو العباس التجانی :" ما خلق الله لنفسه إلا سیدنا محمد صلى الله علیه وسلم ، والباقی من الوجود کله مخلوق لأجله معلل بوجوده .
لولا أنه خلق سیدنا محمد ما خلق شیئا من العوالم ، فبان لک أن الوجود کله مخلوق لأجله .
یقول الشیخ عبد القادر الجزائری فی أن المخلوق مرآة الخالق:" یقال فی العلم الإلهی : المخلوق مرآة الخالق - تعالى - یرى فیها أسماءه ، أو قل : یرى ذاته متعینة ببعض أسمائه . والخالق تعالى النور الوجود مرآة المخلوق ، یرى المخلوق صورته فی مرآة الوجود النور- تعالى - فإنه کالمرآة لظهور صورة المخلوق به.
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی فی حکمة خلق الخلق:" خلق الله الخلق لیکمل مراتب الوجود ، ولیکمل المعرفة فی الوجود أی لیکمل وجود تقاسیم المعرفة ، فخلق الخلق لیعرفوه ... فبقی من مراتب المعرفة أن یعرفه الکون فتکمل المعرفة ، فأوجد الخلق وأمرهم بالعلم به ، وکذلک الوجود ینقسم إلى قدیم ومحدث ، فلو لم یخلق الکون ما کملت مراتب الوجود .
یقول الشیخ أبو بکر الواسطی فی حکمة خلق الدنیا:
" الله تعالى خلق الدنیا إظهارا لقدرته .
یقول الشیخ ابن عطاء الأدمی فی حکمة خلق العرش:" خلق تعالى العرش إظهارا لقدرته لا مکانا لذاته .
یقول الغوث الأعظم عبد القادر الجیلانی فی تأویل قوله تعالى : "ثم أنشأناه خلقا آخر ":
" الخلق الأول مشترک . وهذا الخلق مفرد .
یفرده عن إخوانه وأبناء جنسه من بنی آدم یغیر معناه الأول ویبدله ، یصیر عالیه سافله ، یصیر ربانیا روحانیا یضیق قلبه عن رؤیة الخلق ، وینسد باب سره عن الخلق ، یصور له الدنیا والآخرة والجنة والنار وجمیع المخلوقات والأکوان شیئا واحدا ، ثم یسلم ذلک الشیء إلى ید سره فیبتلعه ولا یتبین فیه : یظهر فیه القدرة کما أظهرها فی عصا موسى علیه السلام ."
یقول الإمام القشیری :
" وإنما یمتاز العوام عن البهائم بسویة الخَلق ، ویمتاز الخواص عن العوام بسویة الخُلق ."
یقول الشیخ عبد الکریم الجیلی :وما الخلق فی التمثال إلا کثلجة ..... وما الثلج فی تحقیقنا غیر مائه
ولکن یذوب الثلج یرفع حکمه ...... تجمعت الأضداد فی واحد إلیها
وأنت بها الماء الذی هو تابع ...... وغیر أن فی حکم دعته الشرائع
ویوضع حکم الماء والأمر واقع ..... وفیه تلاشت وهو عنهن ساطع
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی :" حق الخلق : هی عبودیته ، فنحن عبید وإن ظهرنا بنعوته ، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا .
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی فی الفرق بین عالم الخلق وعالم الأمر:
" عالم الأمر ما وجد عن الله لا عند سبب حادث ، وعالم الخلق ما أوجده الله عند سبب حادث ، فالغیب فیه مستور" .
یقول الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی عن الخُلق الإلهی :" لکل جزء من الأرض روحانیة علویة تنظر إلیه ، ولتلک الروحانیة حقیقة إلهیة تمدها ، وتلک الحقیقة هی المسماة : خُلقا إلهیا".
مصطلح : الإنسان الکبیر - الإنسان الصغیر
أطلق الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی اسم الإنسان الکبیر على العالم ، وفی نفس الوقت أطلق لفظ العالم الصغیر على الإنسان محققا بذلک ثنائیة لفظیة نهج علیها الصوفیة مع بعض الاختلافات ، فیقول :
1- " أن العالم بأسره إنسان کبیر وروحه الإنسان الکامل من نوع الإنسان الصغیر الذی هو رابطة الاستمداد والإمداد .
2- " الإنسان عالم صغیر ، والعالم إنسان کبیر .
3- " الإنسان وإن صغر جرمه عن جرم العالم فإنه یجمع جمیع حقائق العالم الکبیر ، ولهذا یسمی العقلاء العالم إنسانا کبیرا ، ولم یبق فی الإمکان معنى إلا وقد ظهر فی العالم فقد ظهر فی مختصره " .
یقول الشیخ محمد أبو المواهب الشاذلی :" الإنسان الکبیر من ظهر بمختلفات التقدیر" .
یقول الشیخ ابن قضیب البان عن الإنسان الکبیر :: " الإنسان الکبیر : هو ثمرة من عرش الشجرة الکونیة ، وهو الوجه الذی به عرفت الصورة الوجودیة ، وبه خص شهود معرفتها .
تقول الدکتورة سعاد الحکیم مصطلح الإنسان الکبیر عند الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:" بماذا أغنى ابن العربی الطائی الحاتمی مفهوم هذا المصطلح الإنسان الکبیر ؟
وهل فرق بین حدی التشبیه ، أی بین الإنسان الصغیر والإنسان الکبیر ، أم ترکهما على مطابقتهما السابقة فی الفلسفات التی تقدمت عصره ؟ " .
وتقول : " إن العالم أو الإنسان الکبیر عند الحاتمی ، حصر فی کونه جمیع حقائق الخلق والإمکان ، فکان أحد وجهی الحقیقة الکبرى ( وجه الخلق فی مقابل وجه الحق ) .
ولکن لا تکتمل للعالم هذه الجمعیة إذا أخرجنا الإنسان من جملته ، فبه تکتمل صورة العالم . أما إذا استثنینا منه الإنسان کان کالجسد دون روح ، إذن فقد الجمعیة والصورة .
إن الإنسان جزء من صورة العالم بینما العالم لیس جزءا من صورة الإنسان فالإنسان وحده عالم بذاته ، والعالم لیس عالما بذاته من دون الإنسان . یقول ابن العربی الطائی الحاتمی :
" فإنه ( الإنسان ) مجموع العالم من حیث حقائقه ، فهو عالم مستقل وما عداه فإنه جزء من العالم ... فالإنسان روح العالم والعالم الجسد ، فبالمجموع یکون العالم کله هو الإنسان الکبیر والإنسان فیه .
یقول فی خصائص الإنسان الکبیر الشیخ عبد الحمید التبریزی :الإنسان الکبیر : هو العالم ، بدنه : الأفلاک ، العناصر : أخلاط بدنه ، النفس الکلیة : نفسه ، العقل الکلی : عقله ، حقیقة الحقائق : روحه ، سره وخفاه : الحق تعالى .
یقول الشیخ عبد الغنی النابلسی فی ذکر بعض خصائص الإنسان الکبیر:" بالروح والجسم یتم الإنسان الکبیر ومثله الإنسان الصغیر ، وکما أن الروح لا تفتر عن الخواطر لیلا ونهارا فکذلک روح الإنسان الکبیر لا تفتر عن نفخ الأرواح المظلمة والمنورة ، کما أن الجسم لا یخلو من عمل حسن أو قبیح ، فکذلک جسم الإنسان الکبیر لا یخلو من تصویر الأجسام الحسنة والقبیحة .
یقول الشیخ عبد الکریم الجیلی عن الإنسان الکل :
" الإنسان الکل : على الحقیقة هو القرآن العزیز" .
یقول الشیخ عبد الحمید التبریزی عن الإنسان الکلی:
" الإنسان الکلی : هو العالم مثل الإنسان الجزئی بعینه " .
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی عن الإنسان المفرد :الإنسان المفرد هو العبد الکامل الذی یمشی فی منازل الأسماء الإلهیة ، وهی تسعة وتسعون ، التاسع والتسعین منها هی الوسیلة ، ولیست إلا لمحمد ، والثمانیة والتسعون لنا کالثمانیة والعشرین من المنازل للقمر .
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی عن رأس الأسماء :" رأس الأسماء الذی استوجب منه جمیع الأسماء : إنما هو الإنسان الکبیر ، وهو الکامل .
تقول الدکتورة سعاد الحکیم : " المطول البسیط : عند ابن العربی هو اسم آخر للعالم : الإنسان الکبیر ، فی مقابل الإنسان المختصر .
ویقول کمال الدین القاشانی عن العالم :
" العالم : هو ظل الثانی ، ولیس إلا وجود الحق الظاهر بصور الممکنات کلها ، فلظهوره بتعیناتها سمى باسم السوى والغیر ، باعتبار إضافته إلى الممکنات إذ لا وجود للممکن إلا بمجرد هذه النسبة وإلا فالوجود عین الحق . والممکنات ثابتة على عدمیتها فی علم الحق وهی شؤونها الذاتیة ، فالعالم صورة الحق والحق هویة العالم وروحه .
وهذه التعینات فی الوجود الواحد أحکام إسمه الظاهر الذی هو مجلى لاسمه الباطن.
ویقول : " العوالم : یعنون به عالم الجبروت وعالم الملکوت وعالم الشهادة".
یقول الشریف الجرجانی :" العالم : عبارة عن کل ما سوى الله من الموجودات ، لأنه یعلم به الله من حیث أسمائه وصفاته" .
بقول الشیخ أحمد السرهندی العالم :"هو مرایا للکمالات الصفاتیة ، ومجالی للظهورات الأسمائیة ، وهذا المظهر لیس عین الظاهر ، اذ الظل لیس نفس الأصل.
ویقول : " العالم : هو عبارة عن العدمات التی انعکست علیها أسماء الواجب وصفاته فی موطن العلم ، ووجدت تلک العدمات مع تلک العکوس فی الخارج بإیجاد الحق سبحانه بوجود ظلی.
تقول الدکتورة سعاد الحکیم " العالم عند ابن العربی : هو الإنسان الکبیر .
یقول الشیخ عبد الکریم الجیلی :" النفس الکلی : هو النور الإلهی المنطبع فیه الموجودات" .
یقول الشیخ عبد الحمید التبریزی :" النفس الکلیة : وهی جوهرة روحانیة بسیطة قابلة للصور والفضائل من العقل الفعال على الترتیب والنظام " .
ویقول : " النفس الکلیة : هی نفس الإنسان الکبیر الذی بدنه جسم الکل ، فهی نور بسیط مجرد تطلع من شمس عالم الملکوت التی هی العقل الکلی على عالم الشهادة کلها عالیها وسافلها کلیها وجزئیها ، ونسبتها إلى جمیع الأفراد بالسویة ویتعین بالصورة الجسمیة ، ویصیر بها جسم کلیا ، فالجسم لباسها وصورتها .
تقول الدکتورة سعاد الحکیم عن میزان العالم : " میزان العالم عند ابن العربی هو الانسان ، وذلک للمثلیة .
فالعالم هو الانسان الکبیر والإنسان : هو العالم الصغیر .
ولهذه المثلیة کان الإنسان میزان العالم ، کما کان یحفظ العالم بوجوده من الاندراج فی العدم .
مصطلح الإنسان : الإنسان
الإنسان فی اللغة : 1. کائن بشری . 2. من یتمیز بسمو خلقه .
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی عن الإنسان :
الإنسان : هو سر الأعیان .
الإنسان : هو الفاتحة التی هی الکتاب الجامع .
ویقول : " الإنسان : هو مجموع ما عند الله .
ویقول : " الإنسان : کتاب جامع لجمیع الکتب الإلهیة والکونیة .
ویقول : " الإنسان ( بالحقیقة ) : هی النفس العاقلة ، وهی جوهر واحد فی جمیع الناس .
یقول : " الإنسان : مخلوق فی أحسن تقویم ، مردود إلى أسفل سافلین ، یعلم المجهول ویجهل المعلوم ، له التکوین والتمکین ، إن رقی فإلى الغایة ، وإن هبط فإلى النهایة .
وهو المبدأ به فی العد والتعیین ، الوجود منه أخذ ؛ والکل عنه وارد … فالمطلوب أنت لو کشف لک عنک ، والسر فیک لو برز لک منک .
الحجاب أنت لو أزلته ، والنور ظاهر فیک لو شهدته . ما برز عنک إلا بما بطن فیک ، ولا بطن فیک إلا بما ظهر عنک .
نورک سابق لظلمتک ، وتوحیدک مرکوز فی أصل فطرتک ، مقید أنت بترکیب صورتک ، مطلق ببسط روحانیتک . الجمال یحییک ویثبتک ، والجلال یعفیک ویمحقک .
یقول الشیخ فرید الدین العطار :
" الإنسان : هو صورة الله ، لیس ماء وطینا ولکنه سر قدسی .
یقول الشیخ نجم الدین الکبرى :" الإنسان : هو مرکب من عالمی الأمر والخلق . فله روح نورانی من عالم الأمر وهو الملکوت الأعلى ، وله نفس ظلمانیة سفلیة من عالم الخلق ، ولکل واحدة منهما میل إلى عالمهما فقصد الروح إلى جوار رب العالمین وقربه ، وقصد النفس إلى اسفل السافلین وغایة البعد عن الحق .
یقول الشیخ عبد الکریم الجیلی عن الإنسان :" الإنسان : نسخة الحق عز وجل کاملة .
ویقول : " الإنسان ... هو من له جسد وهو صورته ، وروح وهو معناه ، وسر وهو الروح ، ووجه وهو المعبر عنه : بروح القدس ، وبالسر الإلهی ، والوجود الساری ."
یقول الشیخ علی الخواص الإنسان :هو مجموع العقل والنفس والروح وفیه انطوى العالم الأکبر .
یقول الشیخ عبد الوهاب الشعرانی :" الإنسان : هو اسم الله الأعظم .
ویقول : " الإنسان : ظل الله .
یقول الشیخ ابن قضیب البان :
" الإنسان : هو نقطة الفلک لمدار الوجود .
الإنسان : هو ثمرة شجرة الکون المبنیة ، ونواتها المغروسة فی الأرض البیضاء.
یقول الشیخ محمد بهاء الدین البیطار :" الإنسان :حقیقة واحدة ظهرت بحکمین مختلفین واسمین متقابلین ، فبهذا الاعتبار کان المؤمن مرآة أخیه فإن ظهر الحق فالخلق باطنه ، وإن بدا الخلق فالحق باطنه ، ولولا هذا الاختلاف الحکمی لانطمس اسم الحق واسم الخلق فی عین الذات ، فلأجل هذه الحکمة لا یشهد فی مرآة الذات إلا الأسماء ، ولا یشهد فی مرآة الأسماء إلا الذات فنحن الإنسان الأسماء وهو الذات .
ویقول : " الإنسان : هو حقیقة واحدة هی الظاهرة فی صور مراتب الوجود "..
یقول الشیخ أحمد بن عجیبة :
الإنسان : هو الناشئ فی العالم المتوسط بین ملکه وهو بشریته ، وملکوته وهو روحانیته أو بین ملکه وهو عالم الأشباح وملکوته وهو عالم الأرواح ، فهو من ملک وملکوت .
ویقول : " الإنسان : هو المجموع من الجسد والروح ، فهو بنفسه عالم متوسط أی مرکب من ملک وملکوت … إنما یکون نسخة من العالم أو کونا صغیرا ما لم تغلب روحانیته على بشریته ومعناه على حسه ونوره على ظلمته ، وأما إن غلبت روحانیته ومعناه على حسه فقد صار ملکوتیا جبروتیا ، قد استولى على الکون بأسره ، وصار هو العالم الأکبر والکون نسخة منه .
یقول الشیخ عبد القادر الجزائری :
" الإنسان : هو حضرة الجمع والوجود ، فلیس لحضرة الجمع والوجود صورة إلا الصورة الإنسانیة ، لأنها بسطت فیه ولم تنقبض عنه . إذ لا مرتبة أنزل من هذه المرتبة ، فهو غایة تنزلها ، والحق غایة عروجها . فکان الإنسان صورة حضرة الجمع والوجود فرجعت إلیه حقائق الموجودات بأسرها ، رجوع الفرع إلى الأصل ... ولذلک صار مظهرا لجمیع الحقائق ؛ لأن حضرة الجمع والوجود متصور بصورة کل حقیقة من حقائق الموجودات وهی الإنسان . ومن ثم کان الإنسان وجودا مطلقا لسریان حکمه فی أقسام الوجود ظاهرا بظاهر ، وباطنا بباطن ، علویا بعلوی وسفلیا بسفلی . ومن ثم استحق الخلافة ووجب أن یسجد له من استخلف علیهم .
تقول الدکتورة سعاد الحکیم ( الإنسان ) فی اصطلاح الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
أولا : الإنسان من جهة إطلاق اللفظ
ترى الدکتورة أن المراد بلفظة ( الإنسان ) عند الشیخ الأکبر هی المرتبة الإنسانیة وهی واحدة لا غیر ، تتحقق بشکلها الکامل فی ( الإنسان الکامل ) ، والذی یعتبر عند الشیخ الأکبر هو الإنسان فقط ، وما عداه یطلق علیه اسم إنسان لتشابهه مع ( الإنسان الکامل ) فی أمرین :
1. التشابه فی الشکل
کل فرد من أفراد الجنس البشری یسمى إنسانا ، سواء تحقق بالمرتبة الإنسانیة أو لم یتحقق ، ولکن تعمیم التسمیة بهذا الشکل غیر جائز عند الشیخ ؛ لأن منطلق هذا التعمیم هو الشبه الصوری بین أفراد الجنس البشری لیس إلا .
فالإنسان الکامل والإنسان الحیوان یطلق علیهما نظرا للتشابه فی الشکل لفظ ( إنسان ) .
یقول ابن العربی الطائی الحاتمی :
" تقول فی زید إنه إنسان ، وفی عمرو إنه إنسان ، وإن کان زید قد ظهرت فیه الحقائق الإلهیة وما ظهرت فی عمرو ، فعمرو على الحقیقة حیوان فی شکل إنسان.
2. التشابه فی صفة:
یطلق ابن العربی الطائی الحاتمی لفظ الإنسان على ثلاث مراتب وجودیة مختلفة نتیجة لتشابهها بصفة معینة وهذه المراتب هی :
أ . مرتبة الإنسانیة أو ( الإنسان الکامل ) .
ب . مرتبة العالم أو الإنسان الکبیر .
ج . مرتبة القرآن أو الإنسان الکلی .
یقول ابن العربی الطائی الحاتمی : " ما فی الوجود إلا ثلاث أناسی :
الإنسان الأول الکل الأقدم ، والإنسان العالم ، والإنسان الآدمی .
ثانیا : الإنسان من جهة المضمون
الآن وبعد أن بحثنا کلمة ( إنسان ) من جهة اللفظ ، ننتقل إلى المضمون وسبب التسمیة ، نبدأ أولا باستبعاد التعریف الارسطی للإنسان بأنه ( حیوان ناطق ) وبیان أنه لا یتفق مع ما یستنبط شهود أهل الکشف فی القرآن والحدیث .
یقول ابن العربی الطائی الحاتمی :
" فالکل ( الجماد والنبات والحیوان ) عند أهل الکشف حیوان ناطق بل حی ناطق ، غیر أن هذا المزاج الخاص یسمى إنسانا لا غیر بالصورة ووقع التفاضل بین الخلائق بالمزاج ...
قال تعالى :" وإن من شیء إلا یسبح بحمده " وشیء نکرة ، ولا یسبح إلا حی عاقل عالم بمسبحه ، وقد ورد : " أن المؤذن یشهد له مدى صوته من رطب ویابس " .
یتضح من النص أن النطق لیس صفة خاصة بالإنسان ، بل الکل حتى الجماد هو ناطق عند أهل الکشف ، ویقدم أبن عربی دلیلین من القرآن والسنة .
إذن ، التعریف الارسطی لا یتفق وشهود أهل الکشف ، فلننظر ماذا یقدمون ؟
یقول ابن العربی الطائی الحاتمی :
" فأراد ( الهو ) أن یرى نفسه رؤیة کمالیة تکون لها ویزول فی حقه حکم ( الهو ) فنظر فی ( الأعیان الثابتة ) فلم یر عینا یعطی النظر إلیها هذه الرتبة
( الأنانة ) إلا عین الإنسان الکامل ، فقدرها علیه وقابلها له ، فوافقت إلا حقیقة واحدة نقصت عنه ، وهی وجودها لنفسها ، فأوجدها لنفسها ، فتطابقت الصورتان من جمیع الوجوه .
وقد کان قدر تلک العین على کل ما أوجده قبل وجود الإنسان من عقل ونفس وهباء وجسم وفلک وعنصر ومولد ، فلم یعط شیء منها رتبة کمالیة إلا الوجود الإنسانی ، وسماه إنسانا : لأنه أنس الرتبة الکمالیة ، فوقع بما رآه الأنس له ، فسماه إنسانا .
ویقول : " إن معنى الإنسانیة هو : الخلافة عن الله ، وأن الخلافة عن الله مرتبة
تشمل : الولایة ، والنبوة ، والرسالة ، والإمامة ، والأمر والملک . فالکمال الإنسانی بکمال هذه المراتب ، وهو مرکوز فی الإنسان بالقوة منذ آدم إلى آخر مولود ... .
نخلص من النصین السابقین إلى :
1. أن حقیقة الإنسان مرآة رأى فیها ( الهو ) نفسه ، وظهر بتلک الرؤیة ، وإمکانیة تلک الرؤیة نتجت عن حقائق أتاحت للإنسان المضاهاة ، فهو وحده اختصر فی کونه الحقائق الإلهیة فکان مرآة أنست الرتبة الکمالیة لکمال حقیقتها الجامعة لجمیع الحقائق الإلهیة والکونیة ، ولذلک سمیت تلک الحقیقة إنسانا .
2. الإنسانیة مرتبة الخلافة عن الله ، وکل من استخلفه الله حاز المرتبة والاسم ، فالخلیفة یظهر بصفات من استخلفه ، لذلک لیس کل فرد من أفراد البشر خلیفة ، وبالتالی لیس إنسانا حاز مرتبة الإنسانیة ، بل بقی حیوانا ، فهو إنسان حیوان ، ولیس إنسان خلیفة .
یقول الشیخ داود القیصری فی ذکر مقامات الإنسان :
" للإنسان ثلاث مقامات کلیة : مقام منها یشتمل على حجب کثیرة ظلمانیة ونورانیة یجب رفعها لیصل الطالب إلى الحقیقة التی هی معه أزلا وأبدا ، ما انفکت عنه ولکنه احتجب وبعد عنها بالاشتغال إلى غیرها وتلک المقامات هی : مقام النفس ، مقام القلب ، مقام الروح لا غیر .
وما قیل : أن بین العبد والرب ألف مقام فلا بد أن یقطعها السالک کلها ، فهذه تفاریع هذه المقامات الثلاثة .".
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی ره، ص11
اول چیزى که مالک بر این بنده از آن کتاب القا فرمود:
من ذلک فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیّة:
فص حکمت الهیّه درباره کلمه آدمیت است.
گر چه تیر از کمان همى گذرد از کماندار بیند اهل خرد
فصّ نگین انگشتر است که نام خود را بر آن حک مىکردند و گنجینهها و خزاینشان را به آن مهر مىزدند لذا قلب کلمه تامه را که فصّ حلقه دو قوس نزولى و صعودى است و مجمع نقوش معارف و حقایق که خلاصه و زبده هر چیز در او منتقش است تعبیر به فصّ کرده است و چون نگین زینت است آن گاه قلب انسان مزیّن مىشود که نقوش معارف در آن منتقش شود.
حکمت علم به حقایق أشیاء آن چنان که هستند و عمل به مقتضاى آن است. اینکه تعبیر به الهیه کرد براى این است که اللّه جامع جمیع صفات کمالیه از جلالی و جمالى است و آدم مظهر این اسم که کلمه الهیه است مىباشد. همین طور هر کلمهاى به اقتضاى اسمى که بر آن غالب است مخزن علوم و مظهر اسمائى است. این مطلب در مباحث بعد به تفصیل بیان مىشود.
اینکه فرمودند: «حکمت، علم به حقایق أشیاء آن چنان که هستند و عمل به مقتضاى آن مىباشد»، براى این است که در حقیقت آن چه براى انسان نافع است عمل به مقتضاى علم است. عمل است که در همه جا با اوست بلکه خود اوست اما علمى که دانستنى است دنیایى است، اثرش تا این نشئه است. یکى از وصیتهاى افلاطون به أرسطو همین بود که تن به عمل در ده تا حکیم شوى. در قصیدهاى گفتم:
حکمت قولى همه دنیاوى است و ان عملى توشه عقباستى