عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثانیة :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

1 - فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

1- فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

بسم الله الرحمن الرحیم

هذا فص الحکمة الآدمیة بدأ به لأن الله تعالى بدأ هذه النشأة الإنسانیة بآدم علیه السلام فهو مفتاح باب العالم الکمالی.

(فص) وهو موضوع النقش من الخاتم والخاتم، هو الدائرة الواقعة فی الأصبع، والدائرة منقلبة دائمة فهی القلب.

وفی الحدیث: «قلب المؤمن بین إصبعین من أصابع الرحمن» والإصبعان تثنیة إصبع.

"رواه مسلم فی صحیحه بلفظ: «إن قلوب بنی آدم کلها بین أصبعین من أصابع الرحمن کقلب واحد یصرفه حیث یشاء".

ثم قال رسول الله : «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتک».

وکون قلب المؤمن بین إصبعین، أی لا یتخلى عنه إصبع منهما، فهو منتقل من أحدهما إلى الآخر.

ولهذا تجد القلب تارة فی خاطر خیر وتارة فی خاطر شر، وخاطر المباح من خاطر الخیر.

لأن المؤمن لا یضیع له عملا بلا قصد حسن، والنیات تجعل العادات عبادات، فالقلب هو الدائرة المستدیرة على إصبع الحق تعالى من حیث اسمه الرحمن.

وفص الخاتم هو الجسد الآدمی الجامع بالإجمال والاستعداد لکل ما هو مرشح له من أنواع الکمال.

کما أن النواة تجمع النخلة وتحویها إجمالا واستعدادا، والأرض والماء والتربة تخرجها منها .

ثم إن هذا الفص منقوش بجمیع ما تضمنته تلک النفس من الکمالات والعلوم، والمقصود من الخاتم إنما هو الفص، والمقصود من الفص النقش فیه.

فالنقش سر الخاتم وهو الذی یظهر للوارث النبوی من علم مورثه، وهو المراد هنا بذکر جمیع الفصوص.

(حکمة) أی نشأة، ولما کان هذا الهیکل الجسمانی ظاهرة فی هذا العالم الذی هو عالم الحکمة، یسمى حکمة لجریان أموره فی دنیاه على ما تقتضیه الحکمة، وأما فی عالم الآخرة وهو عالم القدرة.

فالظهور للنفس لا للجسم، فکما أن النفس فی الجسم فی الدنیا .

فالجسم فی النفس فی الآخرة والحکمة باطنة فی الآخرة.

والقدرة ظاهرة وفی الدنیا بالعکس

(إلهیة) أی منسوبة إلى الإله تعالى وهو المعبود، والمعبود یلزم أن یکون عنده حاجة کل عبد، فیلزم أن یکون موصوف بجمیع الصفات الکمالیة والجلالیة والجمالیة، والصفات إذا ظهرت کانت أسماء.

قال تعالى : "وعلم آدم الأسماء کلها" 31 سورة البقرة.

وهذا التعلیم لآدم کان بإظهاره تعالى الحقیقة الآدمیة جامعة لآثار جمیع التجلیات الإلهیة فهی ظهورات الصفات ، فهی الأسماء التی علمها، وحین علمها إنما علم نفسه فعلم ربه .

وفی الحدیث : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» .

(فی کلمة)، أی حقیقة من حقائق الحق تعالى على حد ما سبق بیانه فی الکلم (آدمیة)، أی منسوبة إلى آدم علیه السلام أبی البشر.

واعلم أن فص هذه الحقیقة الآدمیة وکذلک فصوص بقیة الحقائق الآتیة إنما تظهر للوارث ویقرأ نقشها فی کل وقت على حسب استعداده فی ذلک الوقت .

فیتکلم على حسب ذلک الاستعداد ویظهر له فی وقت آخر أعلى من ذلک أو أدنى منه، وکذلک یظهر لغیره من تلک الحقیقة غیر ذلک.

فیکون الکلام على حسب الوقت، وهذه عادة أهل الله على الدوام، فلا تظن أن التکلم على هذه الحقائق النبویة بهذه الکلمات یحصر هذه الحقائق فیما ذکر.

ولا تظن أیضا أن المتکلم بهذه الکلمات فی هذه الحقائق انحصر علمه بها فیما تکلم به من ذلک والله أعلم.

لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله، لکونه متصفا بالوجود، ویظهر به سره إلیه.

فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرأة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل و لا تجلیه له.

(لما شاء)، أی حین أراد، وهذا من ضرورة التعبیر، وإلا فإن مشیئة الله تعالی لا تتقید بزمان .

(الحق) وهو الله تعالى من حیث تحققه وثبوته فی ذاته العلیة لا من جمیع الحیثیات، إذ العالم کله إنما هو موجود ووجد ویوجد فی حضرة واحدة من حضرات الله تعالى.

وهی حضرة الحق وباقی الحضرات لا وجود للعالم فیها أبدا، ولما کانت کل حضرة إلهیة جامعة لکل الحضرات جمعت حضرة الحق المذکورة التی وجد فیها هذا العالم لجمیع الحضرات الإلهیة .

ومن المعلوم أن کل حضرة إذا جمعت جمیع الحضرات کان جمعها لذلک على حسبها لا على حسب ما الحضرات علیه بالنسبة إلیها فقط .

فحضرات حضرة الحق کلها حق، فأول حضرة ظهرت فیها حضرة الله، ثم حضرة الرحمن، ثم حضرة الرب، ثم باقی الحضرات.

وکل حضرة من هذه الحضرات الظاهرة جامعة لجمیع الحضرات أیضا على وجه مخصوص

( سبحانه) تنزیها له تعالى عن خطرات الأوهام وعن لمحات الأفهام.

ثم لما کان الاسم الحق وکذلک جمیع الأسماء الإلهیة دالة على شیئین : الذات وما یعینها عند الغیر من الخصوصیات، وکان الکلام الآن فی صدد بیان هذه النشأة الآدمیة.

قال (من حیث)، أی من جهة (أسمائه)، أی أسماء الحق تعالى ولم یقل أوصافه، لأن الوارد فی الکتاب والسنة لفظ الأسماء لا الأوصاف ، ولأن الاسم غیر الصفة بحسب المفهوم.

وأقرب الوسائط إلى الکائنات بین الحق تعالى وبین الکائنات الأسماء والأوصاف أعلى منها، فالوصف ما قام بالموصوف والاسم ما عین للمسمى عند غیره (الحسنی)، أی ذات الحسن بمعنى النزاهة التامة عن مشابهة الحوادث التی لا یبلغها)، أی لا یحویها ولا یحیط بها

(الإحصاء)، أی العدد الضبط، وذلک ، لأن الله تعالى فی ظهور کل ذرة من ذرات السموات والأرض وذرات کل شیء ظهور اسم إلهی خاص، لا ظهور له فی تلک الذرة ولا فی غیرها من الذرات قبل ذلک ولا بعده .

وهکذا الشأن دائما من ابتداء فتق الوجود إلى ما لا نهایة له فی نار أو جنة فلهذا کانت أسماء الله تعالى لا تبلغ الإحصاء. ..

واعلم أن الحق تعالی من حیث ذاته العلیة لا خبر عنه فی الأکوان ولا کلام فیه عند ذوی الکمال والنقصان، لأنه من هذه الحیثیة غنی عن العالمین ومجهول على الإطلاق عند جمیع المخلوقین.

وأما من حیث أسمائه الحسنی التی لا یبلغها الإحصاء فهو الموصوف المعروف المخبر عن نفسه الظاهر الباطن فی حضرات قدسه

وقد شاء أزلا من هذه الحیثیة (أن یرى)، أی یعاین ویشاهد (أعیانها)، أی أعیان تلک الأسماء الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء.

والمراد بأعیانها ذاته العلیة متعینة فی کل حضرة منها.

(وإن شئت قلت) فی هذا المعنى بعبارة أخرى وهی لما شاء الحق سبحانه من حیث أسمائه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء.

(أن یرى عینه)، أی ذاته ظاهرة (فی) صورة (کون)، أی خلق، ولا یلزم من کونه یرى ذاته ظاهرة فی صورة کون أن تکون ذاته من حیث هی تحولت عن إطلاقها الکلی إلى صورة من الصور الممکنة.

وصارت فی حد ذاتها صورة کون، وإنما المراد رؤیتها کذلک ، فإن من یرى ذاته رؤیة حقیقیة مطلقة من سائر القیود على ما هی علیه فی نفسها یقدر أن یراها ظاهرة فی الصورة التی یمکن أن تظهر له فیها من غیر أن یتغیر عما هی علیه

(جامع) ذلک الکون لجمیع المؤتلفات والمختلفات (یحصر) ذلک الکون الجامع الأمر الإلهی المطلق فیظهر به مقیدا  (لکونه)، أی لکون الجامع (متصفا بالوجود)

بعد الاتصاف بالعدم، ومعلوم أن الوجود للأمر الإلهی فإذا اتصف المعدوم به کان ذلک الاتصاف بسبب حصره للأمر الإلهی، وظهر الأمر الإلهی کله به.

وفی نسخة أخرى لکونه متصفا بالوجوه، أی لکون هذا الکون الجامع متصفا بالوجوه الکثیرة والاعتبارات المختلفة والنسب التی لا تحصى.

کما قالوا إن الله تعالى فی طی هذا العالم عوالم کثیرة لا یعلم بعدها إلا الله تعالى . وقال بعض المریدین : أدخلنی شیخی خمسمائة عالم هذه السموات والأرض عالم منها.

(ویظهر) معطوف على یحصر أی یتضح وینکشف (به)، أی بذلک الکون الجامع (سره)، أی سر الحق سبحانه وسره تعالى ذاته من حیث کونها معلومة له، والسر هو الأمر الخفی وذاته تعالى لولا علمه تعالى بها لخفیت عنه (إلیه)، أی إلى الحق تعالى إذ هو العالم والمعلوم والشاهد والمشهود.

ولهذا قالوا : إن علم الله تعالى بالعالم کله هو علمه بذاته تعالى من غیر مغایرة.


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

1 - فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

اعلم أن الفص فی هذا الکتاب على أربعة معان:

أحدها: الفص الکلمة نص على ذلک بقوله: وفص کل حکمة الکلمة المنسوبة إلیها بجعل الفص مبتدأ والکلمة خبرا.

و بقوله : فتم العالم بوجوده فهو من العالم کفص الخاتم من الخاتم فبهذا المعنى یکون أرواح الأنبیاء بمنزلة الفص من الخاتم و وجوداتهم بمنزلة الخاتم من الفم .

وثانیها: الفص القلب وإلیه أشار بقوله: نص حکمة نفثیة و غیره من الفصوص المذکورة بعده بجعل الفص مبتدأ والظرف أعنی فی کلمة سادا مسد الخبر .

وحینئذ یکون قلوب الأنبیاء بمنزلة الفص من الخاتم وأرواحهم بمنزلة الخاتم من الفص.

وثالثها: الفص الحکمة أی العلوم المنتقشة فی أرواحهم وإن شئت قلت : فی قلوبهم لقوله : منزل الحکم على قلوب الکلم وحینئذ یکون علومهم بمنزلة الفص من الخاتم وأرواحهم بمنزلة الخاتم من الفص .

وإلیه أشار بقوله : ومما شهدته مما نودعه حکمة إلهیة ولم یذکر الفصوص فی عدد الحکم إشعارة بإطلاق النص على الحکمة .

ورابعها: الفص خلاصة الحکمة فقد نص علیه بقوله فأول ما ألقاه المالک على العبد فی حکمة إلهیة الخ .

فیکون الخلاصة بمنزلة الفم من الخاتم والحکمة بمنزلة الخاتم من النص .

فبهذه الأربعة تم الغرض من التشبیه وهو إعلام دوریة الوجود فی المراتب کلها (فأول ما ألقاه) مبتدأ و(فص) خبره مضاف إلى (الحکمة) إضافة العام إلى الخاص وهی بمعنی من لجواز إطلاق النص علیها و (فی کلمة آدمیة) ظرف للحکمة الإلهیة فیکون المعنى فأول ما ألقاه المالک على العبد خلاصة العلوم الإلهیة الحاصلة فی کلمة آدمیة .

فظهر لک أن المراد بالفص ههنا بمعنى الخلاصة وإنما قدم ببان هذا النص علی تعداد حکمه مع أن دأب المصنفین عکسه تعظیما لشأنه لاشتماله على جمیع ما یشتمل علیه الفصوص المذکورة فی الکتاب مع زیادة .

فکأنه یستحق أن یکون کتابة مستقلا مقابلا لسائر الحکم. (لما شاء الحق) أی لما اقتضى الحق بالحب الذاتی.

هذا شروع فی بیان حقیقة الکلمة الآدمیة مع لوازمها من الحتمیة والخلافة والفصیة وغیرها إلى قوله : "ثم نرجع إلى الحکمة" لتوقف معرفة الحکمة على معرفتها حتى نعلم منه حکمة إیجاد العالم لما ههنا عبارة عن الإمداد المعنوی من الأزل إلى الأبد بمقارنة المشیة الأزلیة .

ولم یقل لما أراد جریا للکلام على عادة الناس فإن عادتهم فی حصول مراداتهم التعلیق بالمشیئة لا بالإرادة .

الحق هو اسم للذات الثابت بنفسه المثبت لغیره ولم یقل الله مع أنه أنسب للمادة لیعلم أن السلطنة فی إیجاد الکون الجامع لهذا الاسم وسائر الأسماء الحسنی توابعه لذلک، ذلک فردا.

حیث قال : لما شاء الحق وجمعا بقوله من حیث أسماؤه الحسنى فإنه من الأسماء الحسنی فقد ذکر تکرارا إجمالا وتفصیلا تعظیما لشأنه (من حیث أسمائه الحسنى) أی من حیث أنه جامع لأسمائه الحسنى (التی لا یبلغها الإحصاء) أی لا یمکن العد إلا لله لأنها غیر متناهیة.

(أن یری أعیانها) هذه صفة لله تعالى وعلة غائیة لایجاد الکون الجامع لاقتضاء هذه الإیجاد أن یکون علته الغائیة من جانب الموجود و من کمالاته.

وأما قوله تعالى : "وما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون " 56 سورة الذاریات.

أی لیعرفون فهو صفة للمخلوقات وعلة غائبة لإعطاء الحق وجوداتهم الخاصة بهم بحسب الأوقات .

فذلک الإیجاد یقتضی أن تکون العلة الغائیة من طرف المعلول وکمالاته فلا وجه لإیراد الشارح فی هذا المقام .

قوله تعالى : "کنت کنزا مخفیا فأحببت أن أعرف " الحدیث . لأنه صریح فی بیان العلة لإیجاد الجزئیات .

والمقصود ههنا بیان العلة الغائیة لإیجاد المادة الکلیة فتختلف العلتان الغائیتان باختلاف الإیجادین.

(وإن شئت قلت أن یرى عینه) فقد أسند المشیة المتعلقة بالرؤیة بقوله أن یرى أعیانها إلى الفیض المقدس وإلى الفیض الأقدس.

بقوله : أن یرى عینه وأشار إلى اتحادهما بقوله: وإن شئ (فی کون) أی فی موجود (جامع بحصر الأمر) المطلوب رؤیته .

وهو أعیانها أو عینه قوله : لکونه علة للحصر أی الموجود الجامع متصفا بالوجود الجامع بین النشأة الروحانیة والجسمانیة.

کما قال فیما بعد فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود (ویظهر به) أی بسبب الکون الجامع (سره) أی سر الحق وهو عینه (إلیه) أی إلى الحق لکونه محلا بالجزء الأخیر الذی هو آدم فقوله : ویظهر إشارة إلى أنه لا بد من الجلاء لعدم الظهور بدونه

وقوله : فی کون جامع یحصر الأمر یدل على العلة المادیة بالمطابقة و علی الصوریة بالتضمن وعلى الفاعلیة بالالتزام.

وقوله : ویظهر یدل على العلة الغائیة فالتعریف مشتمل على العلل الأربع:

یعنی لما اقتضت ذات الحق بالحب الذاتی أن یرى ذاته بجمیع أسمائه فی خارج علمه فی مرآة یحصل مراد الله تعالى فیها

وقد علم الله فی علمه الأزلی أن هذه المرأة هی الموصوفة بالصفة المذکورة

أوجده من العلم إلى العین فهی النشأة الإنسانیة المسماة بکلمة آدمیة

فجواب لما شاء محذوف للعلم به أی لما شاء أن یرى عینه فی العین أوجد الکلمة الآدمیة من العلم إلى العین لیوصل مطلوبه تعالى فتم المقصود .

وهو رؤیة الله تعالى عینه فی الموجود المکمل بالصفات المذکورة .

وهی الجمع والحصر وإظهار سره إلیه .

فإنه إذا لم یکن على هذه الصفة لم یکن مرآة للرؤیة المطلوبة ویظهر بالرفع معطوف على یحصر ولا یحسن أن یعطف على یری لمنع الضمیر العائد فی به إلى الکون .

کما لا یخفى مع أن قوله أن یرى عینه دون أن یقول أن یبصر أو یعلم أو یظهر أو غیر ذلک من الصفات التی تحصل له بوجود هذا الکامل .

إیماء وتنبیه على أن تعلق الحب الذاتی أولا وبالذات إلى الرؤیة وإلى غیرها بتبعیة الرؤیة .

فإنه تعالى أشد شوقا إلى اتصافه بهذه الصفة من غیرها .

فإذا عطف قوله ویظهر على قوله : یرى تفوت هذه الفائدة، و لأن الظهور من أسباب الرؤیة .

فما لم یکن الشیء ظاهرة لم یکن مرئیا فلا یعطف علیه فی هذا المحل المطلوب سببیته .

یعنی ویظهر به سره إلیه حتى یرى عینه لظهور سره إلیه بسبب الکون الجامع. ولما یوهم کلامه سؤالا وهو أن ما ذکرتم من أن المقصود من إیجاد العالم رؤیة الله تعالى نفسه.

یدل على أن الرؤیة علة غائیة للإیجاد ولیس کذلک لأن رؤیة الله تعالى نفسه صفة أزلیة ثابتة له قبل وجود العالم.

والعلة الغائیة بحسب الوجود الخارجی یجب أن یکون موجودة بعد وجود المعلول فلا یتوقف ثبوت الرؤیة له على وجود العالم.

بل الذات تستقل بها کسائر الصفات فلا یتعلق الغرض لأجلها إلى إیجاد العالم أراد أن یجیب عنه ویثبت دعواه على طریق الشکل الأول.


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

قلت: یعنی أن العالم الکبیر کالخاتم وآدم بمنزلة الفص منه و نقش الخاتم بمنزلة ما أودع آدم، علیه السلام، من علم الأسماء کلها قال تعالى: "علم آدم الأسماء کلها" (البقرة: 31).

قوله: "لما شاء الله من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها".

وإن شئت قلت: أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر، لکونه متصفا بالوجود. "

قلت: استعمل لفظ «لما» مجازا، لأن مشیة الله تعالی لیست زمانیة.

وقوله: "من حیث أسماؤه الحسنى" إشارة إلى ما أودع آدم، علیه السلام، من الأسماء الحسنى التی اقتضت حقائقها أن تظهر فی کون جامع، والمراد بالکون الجامع ههنا هو آدم، علیه السلام.

ومعنى قوله": أن یرى أعیانها"، أی یرى کونا من الأکوان محسوسا فی الوجود العینی، پری الاسم الحی حقیقته فیه مثلا، فکان ذلک الکون هو آدم، علیه السلام، حیث اتصف بالحیاة، فسمی الحی.

فقد رأى الاسم الحی عینه محسوسة من حیث هی فی محسوس ولولاه أو أمثاله کان الاسم الحی معقولا فقط، بل لا یکون معقولا بل معلوما الله تعالی فقط، وکان الاسم الحی طلب الظهور فی حضرة المحسوس وهو آدم وبنوه مضافا إلى ظهوره فی حضرة العلم الإلهی وکذلک القول فی کل اسم من الأسماء الحسنی.

قال: وإن شئت قلت أن یرى عینه یعنی الحق تعالی وذلک لأن آدم، علیه السلام، مجموع أسمائه تعالى فی وجود، هو فی الحقیقة من عین وجوده تعالی فإذا نظر الحق تعالى إلى آدم، علیه السلام، رأى نفسه وهذا أمر سوف یذکره، رضی الله عنه، فیما یأتی فی هذا الفص من هذه الحکمة التی نحن فی شرحها.

فإن قلت: إنک قدمته أن أسمائه تعالى لا یبلغها الاحصاء أی أنها لا تتناهی وقد علمت أن ما لا یتناهى لا یقول له مجموع.

فالجواب: أنها تتجمع فی الکلیات فیدرک الکلی ویدرک أن مفرداته هی غیر متناهیة فقد أدرکنا ما لا یتناهى من کلیات هی مفردة وسیأتی بیان أن الحقیقة الإنسانیة أیضا لا تتناهی فیدرک من ظهرت به من تلک الحقیقة من آدم أو من بنیه بها ما لا یتناهى.

ومعنى قوله: یحصر الأمر کله، لکونه متصفا بالوجود.

قلت: یعنی أن حقیقة آدم بمنزلة المرکز والأسماء الإلهیة والکونیة ومعانی الکلیات أیضا بمنزلة النقط فی محیط الدائرة ولا شک أن المرکز یواجه کل نقطة فی المحیط بمواجهة غیر مواجهة النقطة الأخرى والمرکز فی نفسه لا ینقسم ولا یتجزأ ولا یقدح تعدد النقاط ومواجهاتها فی وحدانیته.

قوله: "ویظهر به سره إلیه".

قلت: یعنی یظهر ما کان سرا فی قوة قدرته تعالى التی تظهر أحکامها بظهور المقدورات ولا شک أن ظهور ما بالقوة إلى الفعل أکمل من بقائه فی القوة وکمال الجناب المقدس فی قوته ما لا یتناهى من الأکملیات فیقتضی الحال ظهورها فهی تظهر فی الأعیان فیراها تعالى رؤیة منزهة لکن من حضرة الحسیات وقد أودع تعالى جمیع معانی الأسماء الکونیة فی آدم مرتبطة بالأسماء الإلهیة وکلا الأمرین کان سانحا له فی سر علمه الأقدس.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

1. فصّ حکمة إلهیة فی کلمة آدمیّة

قال رضی الله عنه : ( وأوّل ما ألقاه المالک على العبد من ذلک ) .

خصّص رضی الله عنه إضافة الإلقاء إلى المالک إشارة إلى أنّه محکوم مأمور أمین على ما یذکره ، فقد ملَّکه الله المالک فی الصور المحمدیة ، فهو یتلقّى ما یلقى إلیه .

ویلقی ، ویلقى منه وإلیه وعلیه : یملی ویملى ، فأوّل ما تعیّن من النقوش الحکمیّة نقش الحکمة الإلهیة الأحدیة الجمعیة .

قال رضی الله عنه : ( فصّ حکمة إلهیة فی کلمة آدمیّة ).

قد سبق الکلام فی الفصّ والحکمة ، وأمّا اختصاصها بآدم فهو أنّ کلّ واحدة من " الحکمة " و "الکلمة " حقیقة ظاهر الأحدیة الجمعیة الکمالیة الکلَّیة فی مرتبتی الفاعل والقابل .

فالحکمة الإلهیة ظاهریة أحدیة جمع الحکم الکمالیة الأسمائیة الکلَّیة فی الحقائق العقلیة المؤثّرة.

والکلمة الآدمیة ظاهریة جمع المظهریات الجمعیة الکمالیة الإنسانیة البشریة فإنّه أبو البشر ، والبشر منسوبون موصوفون ببنوّته وهو منعوت بأبوّتهم ، وکلَّهم أولاده ، وجمیع هذه الأشخاص البشریة صور تفصیل بشریّته وآدمیّته .

وهو أحدیّة جمعهم قبل التفصیل إذ للأحدیة الجمعیة الکمالیة مرتبتان إحداهما قبل التفصیل لکون کلّ کثرة مسبوقة بواحد هی فیه بالقوّة ، هو یذکَّر قوله تعالى :

"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّکَ من بَنِی آدَمَ من ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ " آیة 172 سورة الأعراف.

فإنّه لسان من ألسنة شهود المفصّل فی المجمل مفصّلا ، لیس کشهود العالم من الخلق فی النواة الواحدة النخیل الکامنة الکائنة فیها بالقوّة فإنّه شهود المفصّل فی المجمل مجملا لا مفصّلا .

وشهود المفصّل فی المجمل مفصّلا یختصّ بالحقّ وبمن شاء الحقّ أن یشهد من الکمّل ، وهو خاتم الأولیاء وخاتم الأنبیاء وورثتهما ، فافهم .

فکما أنّ الإلهیة فی حقائق الأسماء عینها آخرا ، والأسماء فیها عین الإلهیة کذلک أوّلا قبل التفصیل الوجودی وبعده هو فیهم هم ، کما قال تعالى : " خَلَقَکُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ " آیة 1 سورة النساء.

وقد ذکر سرّ أحدیة الجمع فی مواضع من هذا الشرح على ما سیأتیک فی شرح الفصّ الشیثی إن شاء الله تعالى .

قال الشیخ رضی الله عنه : ( لمّا شاء الحقّ سبحانه) أضاف المشیّة إلى الاسم « الحقّ » لکون هذه المشیّة متعلَّقة بالإیجاد ، حتى تتحقّق الأسماء فی مظهریته موجودة فی أعیانها ، وتظهر فی مظاهرها ، وتظهر آثارها محقّقة مشهودة فی محالّ مناظرها ومجالی محالَّها ومظاهرها لأنّ الاسم " الحق "یعطی الحقّیّة بالتحقیق والوجود ، والأسماء الإلهیة کانت فی قبضة قهر الأحدیة الجمعیة الإلهیة الذاتیة أحدیة لا ظهور لها لعدم مظاهرها فی أعیانها .

وهی العوالم « و کان الله ولا شیء معه غیره » وکانت کثرة الأسماء " کنت کنزا مخفیّا " أشار إلى عینه من حیث تعیّنه بکنایة حرف التاء وهو تعیّنه بذات اللاهوت کنزا جامعا لجواهر حقائق الأسماء والمسمّیات.

إذ الکنز ذهب وفضّة وجواهر مجتمعة فی الغیب .

والکنز مخفیّ عن الأغیار وإن کان ظاهر التحقّق والتعیّن فی عینه « فأردت أن أعرف ».

أی یعرفنی کلّ تعیّن تعیّن من تعیّناتی فی مظاهری ومرائیّ ومجالیّ التی لیست ذات الألوهیة بل نسبتها ، فهذه المشیّئة تجلّ من الله من حیث حقائق التعیّنات الأسمائیة المستهلکة للأعیان.

فشاء الحقّ من حیث الأسماء أن یعطیها التحقّق فی أعیانها بالوجود والإیجاد ، والتحقّق فی حاقّ حقائقها للشهود والإشهاد على رؤوس الأشهاد ولأنّ تحقّق هذه المشیّة مسبوق بتحقّق الذوات فی نفسها ، وتحقّق المشیّة المطلقة مطلق للذات وعینها .

ولهذا أشار بقوله : " لمّا شاء "  فإنّ هذه العبارة دالَّة على المسبوقیة فی الرتبة والحقیقة والعین ، لا فی الزمان والوجود الظاهر ، فافهم .

قال الشیخ رضی الله عنه : ( من حیث أسمائه الحسنی التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها وإن شئت قلت : أن یرى عینه فی کون جامع یحصر الأمر کلَّه لکونه متّصفا بالوجود) .

فصرّح أنّ هذه المشیّة من قبل الأسماء وحقائقها من کونها فیه هو .

وفی قوله : " لا یبلغها الإحصاء " یشیر إلى أنّ شخصیات الأسماء لا تحصى فإنّها لا تتناهى لکون الأسماء تعیّنات إلهیة فی حقائق الممکنات التی لا تتناهى على ما یأتیک إن شاء الله تعالى وإن کانت أمّهات الأسماء محصاة من حیث تعیّناتها الکلَّیة.

وهی مائة إلَّا واحدا هو عین الکلّ ، أو ألف وواحد فأضاف المشیّة إلى الاسم « الحق » من حیث أسمائه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء لأنّ هذه الإضافة إلى الاسم « الحق » أحقّ إذ هو حق کلّ اسم ، وبه حقیقة ذلک الاسم وتحقّقه .

والاسم هو الحق المتعیّن فی أیّة مرتبة إلهیة کان بالوجود .

ثم الاسم یستدعی تسمیة ومسمّى ومسمّیا .

والمسمّى اسم مفعول هو الحق ، والمسمّی اسم فاعل هو القابل المعیّن للوجود الواحد المطلق عن قید التعیّن من حیث ما فیه صلاحیة قبول التعیّن لا من حیث اللاتعین والإطلاق مطلقا .

والتسمیة هی التعیین لفعل القابل وتأثیره فی الوجود المطلق والفیض الخالص الحقّ بالتعیین والتقیید ، فالاسم علامة على المسمّى بخصوص حقیقته التی بها یمتاز عن غیرها من الحقائق .

ولکل اسم اعتباران :

اعتبار من حیث الذات المسمّاة ، واعتبار من حیث ما به یمتاز کل اسم عن الآخر وهو حجابیة الاسمیة .

فإن اعتبرنا المسمّى ، فهو الحق المتعیّن فی مرتبة ما من المراتب التعیّنیة ، وإن اعتبرنا الاسمیة ، فعلامة خاصّة ودلالة معیّنة معیّنة للمدلول المطلق بخصوص مرتبتها ، فنفس تعیّن الوجود الحقّ بالإلهیة فی کل قابل قابل هو الاسم .

ولمّا کانت تعیّنات الوجود الحقّ وتنوّعات تجلَّیه وظهوره فی قابلیات الممکنات غیر المتناهیة غیر متناهیة .

لذلک  قال رضی الله عنه: « لا یبلغها الإحصاء » لأنّ الذی یبلغها الإحصاء متناه ، والتعیّنات الوجودیة بالنفس الرحمانی لا تتناهى ، فلا تحصى فلا یبلغها الإحصاء .

وأمّا أسماء الإحصاء ، فهی کلَّیات حقائق الوجوب والفعل والتأثیر ، فهی مائة إلَّا واحدا .

وبیان سرّ ذلک أنّ الأسماء فی حقائقها تنقسم إلى أسماء ذاتیة ، وإلى أسماء صفاتیة ، وإلى أسماء فعلیة.

فإذا ضربنا الثلاثة الفردیة فی نفسها للتفصیل والبسط ، خرجت تسعة ، وهی آخر عقود الآحاد فی مرتبة الأعداد .

والتسعة فی مرتبة العشرات تسعون ، وهی مرتبة المجازاة الثانیة ، فإنّ الواحدة بعشر أمثالها .

کما قال تعالى :"من جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَه ُعَشْرُ أَمْثالِها " لکون المجازاة لها المرتبة الثانیة من عمل الإحصاء.

إذ المجازاة إنّما تقع من الأسماء الإلهیة المحصاة فی أعیان أعمال العباد ، والعشرة نظیر الواحد فی المجازاة .

ونسبة الواحد إلى العشرة کنسبة العشرة إلى المائة ونسبة المائة إلى الألف کذلک نسبة الواحد إلى العشرة .

فالواحد فی الحقیقة هو العشرة والمائة والألف فی مراتب العشرات والمئات والألوف ، ولهذا وقع فی الواقع فی الأعداد الهندسیّة إشارة من باب الإشارات .

فلمّا کانت أسماء الإحصاء هی المجازیة للعبید المتخلَّقین والمتحقّقین بها ، والعشرة هی الکاملة فی المجازاة ، ظهرت التسعة فی مرتبة العشرة تسعین ، وأضیفت إلى الأصل وهی التسعة الحاصلة من ضرب الثلاثة المرتبیّة فی نفسها کما مرّ فکانت تسعة وتسعین ، فافهم .

ولأنّ هذه الأسماء من وجه عین المسمّى بها ، ومن وجه غیرها ، کان المسمّى وهو الحقّ الظاهر فی مراتب وجوده ، والمتعیّن بالتجلَّی فی عین القابل المتجلَّى له وتعدیده وتعیینه وتقییده وتکییفه وتحدیده.

کان المسمّى بهذه الأسماء التی هو مدلولها تمام المائة من حیث کونها غیرها ، وغیر محصى بالتعیین لکونها عینها .

فلهذا قال : « إنّ لله تعالى مائة اسم إلَّا واحدا » ، فهذا الواحد هو عین التسعة والتسعین ، وعین الألف والواحد على ما روی فی مرتبة الإحصاء أنّها ألف وواحد ، ظهر فی آخر کلَّیات مراتب العدد ، کما خفی فی أوّلها وأوسطها .

وهو أیضا کذلک عین الأسماء التی لا یبلغها الإحصاء فإنّها التعینات الوجودیة النوریة ، وتنوّعات التجلَّیات النفسیة الجودیة ، والکمالات الإلهیة لا تنفد ، ولا یبلغها الإحصاء ، ولا یحصرها تعدید النعماء والآلاء ، فافهم .

واعلم : أنّ الحقّ من حیث هذه التجلَّیات والتعینات الذاتیة أزلا وأبدا یرید أن یرى أعیانها فی کون جامع یحصر الأمر ، فإنّه کان ظاهرا قبل ظهورها لأنفسها له تعالى ، ورؤیتها إیّاها أیضا فی مظاهر غیر جامعة ولا حاصرة لحقائق السرّ والجهر ودقائق البطن والظهر .

وتجلَّیه تعالى فی المظاهر النوریة الجمالیة یخالف تجلَّیه فی المجالی الظلالیة الجلالیة .

وظهوره فی القوالب السفلیة ، وجمیع هذه المظاهر غیر جامع لرؤیته نفسه ولا حاصر للأمر .

ولهذا قال رضی الله عنه : " لمّا شاء الحق " على صیغة تقتضی المسبوقیة بعدم هذه المشیّة المقتضیة لظهوره له فی الکون الجامع ، بعد ظهوره فی الأکوان غیر الجامعة وإن کانت مشیّته فی رؤیته.

ورؤیته لأسمائه وصفاته ونسب ذاته سابقة التعلَّق على الظهور الأسمائی فی العالم قبل الکون الجامع.

ولکن من حیث ظهور الإنسان من حیث الصورة العنصریة لمظهریّتها .

فإنّ تعلَّق المشیة آخر بموجب الترتیب الحکمی الوجودی .

فإنّ الإنسان أوّل بالحقیقة ، والآیة فی البدایة ، آخر فی الغایة والنهایة ، ظاهر بالصورة ، باطن بالسرّ والصورة جامع بین الأوّلیة والآخریة ، والباطنیة والظاهریة .

وجمعیّته لکونه برزخا جامعا بین بحری الوجوب والإمکان والحقّیة والخلقیة .

وأمّا حصره الأمر فلکونه موجودا بالرتبة الکلَّیة الجامعة بین المراتب ، ولکون الأمر محصورا فی نفسه بین الوجود والمرتبة .

فلمّا کانت مرتبته کلیة جامعة بین مرتبتی الحقّیة والخلقیة ، والربانیة والعبدانیة ، تمّ بعین الوجود الحق فی مظهریته بحسبها کلیا جمعیا أحدیا ، والمرتبة منحصرة بین الحق الواجب والخلق الممکن ، معمورة  بهما ، فالحق أبدا حق ، والخلق أبدا خلق .

والوجود فی مرتبة الحقیة حق ، وفی مرتبة الخلقیة خلق ، وفی النشأة الجامعة حق خلق جامع بینهما مطلقا عن الجمع بینهما أیضا ، فالدائرة الوجودیة کما سبق محیطة بقوسین ، ومنقسمة بقسمین ، ومنصّفة بشطرین على قطرین :

فالشطر الأعلى للحقیّة والوجوب ، فإنّ الفوقیة والعلوّ حق الحق.

والشطر الأدنى للکون والخلق .

والبرزخ یظهر بالنعتین ، ویصدق علیه إطلاق الحکمین ، وله الجمع بین البحرین ، ولیس له نعت ذاتی سوى الجمعیة والإطلاق فله أن یظهر مظهریة الأسماء والمسمّیات والذات على الوجه الأوفى .

وفی حقّه یصحّ أن یقال :

یرى أعیانها أو یرى الحقّ نفسه فی کون جامع .

فإنّ رؤیة الحقّ نفسه فی کون غیر جامع لما هو علیه لیست کرؤیته نفسه فی مرآة کاملة جامعة لظهور آثاره وأحکامه تماما .

کما قال : ( أن یرى عینه فی کون جامع یحصر الأمر لکونه متّصفا بالوجود ) فإنّه کان یرى عینه فی عینه رؤیة ذاتیة عینیة غیبیة ، ویرى حقائق أسمائه وصفاته مستهلکة فی ذاته رؤیة أحدیة ، وشهوده عینه وأعیان أسمائه فی الکون الجامع شهود جمعیّ بین الجمع والتفصیل .

ویجوز أن یقول :

أن یرى أعیانها ، أو یرى عینه فرادى وجمعا .

ویجوز أن یقول   : الکلمة مبنیّة للمفعول فی الوجهین ، فانظر ما ذا ترى .

قال رضی الله عنه : ( ویظهر به سرّه إلیه ).

وفی " یظهر " أیضا یصدق جمیع الوجوه المذکورة من الإعراب لکونه عطفا على « یرى » ، ثم الضمیر فی « إلیه » و " به " سائغ العود إلى الحقّ وإلى المظهر الجامع .

فإنّ ظهور السرّ الکامل الکامن إنّما یکون بالحق المتجلَّی بالتجلَّی التعریفی فی قوله : « أحببت أن أعرف فخلقت الخلق وتعرّفت إلیهم فعرفونی ».

ولکن فی الکون الجامع وبالکون الجامع ، فإنّ الحقّ تعالى شأنه من حیث کونه أحبّ إظهار سرّه الکامن ، وجلا حسنه الباطن إبداء کماله المستحسن بجمیع المحامد والمحاسن ، ظهر بالکون الجامع الإنسانی والکتاب الأکمل القرآنی إلى الحق أو إلى المظهر ، کذلک یجوز على الوجهین ، فافهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

1 -  فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

لما استعار الفص لنوع الإنسان وحقیقته المعبر عنه بآدم ، کما قال فی نقش الفصوص وأعنى بآدم وجود العالم الإنسانى ، على أن العالم کالخاتم والإنسان کفصه کان قلب کل إنسان عارف باللَّه کامل فصا هو محل حکمته المخصوصة به .

کما قال : منزل الحکم على قلوب الکلم ، فإن لکل نبى مرتبة من الکمال هی جملة علوم وحکم متحدة بأحدیة الاسم الإلهی الذی هو ربه .

فلذلک نقل الفص من قلبه الذی هو محل حکمته إلى الفص المشتمل على تلک الحکمة وسماه به للمناسبة .

ثم لما کان الإله المطلق الذی هو معبود الکل بذاته وجمیع صفاته لا یتجلى إلا فی هذا النوع فخص الفص المشتمل على الحکمة الإلهیة بالکلمة الآدمیة

( لما شاء الحق سبحانه ) المشیئة : اقتضاء الذات لما یقتضیه العلم فهی لازمة لجمیع الأسماء ، لأن کل اسم إلهى هو الذات مع صفته فمقتضى الذات لازم لکل اسم

ولهذا قال ( من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء ) أی لما شاء مشیئة ذاتیة أزلیة نافذة فی جمیع الأسماء بحسب تطلب الکل أی الذات مع جمیع الأسماء

( أن یرى أعیانها ) بظهورها وظهورها اقتضاؤها لوجود العالم مع ما فیه حتى الإنسان ولهذا قال ( وإن شئت قلت أن یرى عینه ) لأن أعیانها عینه باعتبار کثرة التعینات والنسب ( فی کون جامع یحصر الأمر کله ) وهو الإنسان الکامل والعالم معه .

قوله ( لکونه متصفا بالوجود ) علة لرؤیته تعالى عینه فی الکون الجامع أی لکون ذلک الکون الجامع متصفا بالوجود وذلک لأن الوجود الإضافی عکس الوجود الحقیقی المطلق.

فإن الحقیقی المطلق الواجب المقوم لکل شیء الذی هو الحق تعالى إذا ظهر فی الممکن تقید به وتخصص بالمحل فکان ممکنا من حیث التخصیص والتقید .

وکل مقید اسم فهو اسمه النور من حیث الظهور وکان کعکس صورة الرائی فی المرآة المجلوة التی یرى الناظر صورته فیها. وفی بعض النسخ لکونه متصفا بالوجوه .

فهو علة للحصر أی یحصر الأمر الإلهی کله لکونه متصفا بالوجوه الأسمائیة فإن کل اسم وجه یرى الحق نفسه فیه بوجه ویرى عینه من جمیع الوجوه فی الإنسان الکامل الحاصر للأسماء کلها واللام فی الأمر للاستغراق أی یحصر الأمور کلها أو بدل من المضاف إلیه بمعنى أمره وهو إیجاده

( ویظهر به سره إلیه ) منصوب عطفا على یرى ، أی یرى عینه فی کون جامع ویظهر بذلک الکون سره ، أی وجوده الخفی إلیه أو مرفوع عطفا على یحصر ، أی فی کون یحصر الأمر ویظهر سر الحق تعالى به إلیه وإلیه صلة ظهر بمعنى له یقال ظهر له وإلیه بمعنى .

وقد وجدت فی نسخة قرأها الشیخ العارف مؤید الدین الشارح للکتاب هذا على الشیخ الکامل صدر الدین القنوى بخطه بالوجوه .

وفی نسخة : ویظهر بالنصب والرفع معا.

مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

1 - فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

قوله: (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسمائه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء) شروع فی المقصود.

ولما کان وجود العالم مستندا إلى الأسماء وکان الإنسان مقصودا أصلیا من الإیجاد، أولا فی العلم وآخرا فی العین ، نبه على أن الحق تعالى من حیث أسمائه الحسنى أوجد العالم.

وبین العلة الغائیة من إیجاد العالم الإنسانی، وهی رؤیته تعالى ذاته بذاته فی مرآة عین جامعة إنسانیة من مرایا الأعیان .

کما قال: "کنت کنزا مخفیا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتحببت إلیهم بالنعم، فعرفونی".

فهذا القول کتمهید أصل یترتب علیه ظهورالحکم الکلیة من الأسماء الإلهیة فی مظاهرها.

واستعمل (لما شاء) مجازا، إذ هو مشعر بحصول المشیة بعد أن لم تکن، ولیس کذلک، لکونها أزلیة وأبدیة.

وجواب (لما) محذوف. تقدیره: لما شاء الحق أن یرى عینه فی کون جامع یحصر الأمر کله، لکونه متصفا بالوجود ویظهر به سره، أوجد آدم، علیه السلام.

أو یکون قوله: (فاقتضى الأمر) جواب (لما) ودخول الفاء فی الجواب للاعتراض الواقع بین الشرط والجزاء وهو قوله: (وقد کان الحق أوجد العالم)... والأول أظهر.

ومشیئته تعالى عبارة عن تجلیه الذاتی والعنایة السابقة لإیجاد المعدوم، أو إعدام الموجود. وإرادته عبارة عن تجلیه لإیجاد المعدوم. فالمشیئة أعم من الإرادة.

ومن تتبع مواضع استعمالات(المشیة) و (الإرادة) فی القرآن یعلم ذلک، وإن کان بحسب اللغة یستعمل کل منهما مقام الآخر، إذ لا فرق بینهما فیها

والمراد بالأسماء الحسنى، الأسماء الکلیة والجزئیة، لا التسعة والتسعون فقط المرویة فی الحدیث.

لذلک قال: (التی لا یبلغها الإحصاء) أی، العدد. فإن الأسماء الجزئیة غیر متناهیة، وإن کانت کلیاتها متناهیة.

وقد سبق معنى (الاسم)و (اسم الاسم) فی الفصل الثانی من المقدمات.

وإنما جاء بالحق الذی هو اسم الذات لیتبین أن هذه المشیة والإرادة للذات بحکم المحبة الذاتیة التی منها وإلیها، لکن لیس للذات من حیث هی هی مع قطع النظر عن الأسماء والصفات، ولیست لها، أیضا، من حیث غنائها عن العالمین، بل من حیث سمائها الحسنى التی بذواتها وحقائقها تطلب المظاهر والمجالی، لتظهر أنوارها المکنونة وتنکشف أسرارها المخزونة فیها التی باعتبارها .

قال تعالى: "کنت کنزا مخفیا". - الحدیث.

قوله: (أن یرى أعیانها وإن شئت قلت أن یرى عینه فی کون جامع یحصر الأمر کله)

بیان متعلق المشیة. والمراد بقوله: (أعیانها) یجوز أن یکون الأعیان الثابتة التی هی صور حقائق الأسماء الإلهیة فی الحضرة العلمیة.

ویجوز أن یکون نفس تلک الأسماء التی هی أرباب الأعیان والماهیات الکونیة.

ویجوز أن یکون تلک الأعیان، الأعیان الخارجیة.

لذلک قال: (وإن شئت قلت، أن یرى عینه) أی، عین الحق.

فإن جمیع الحقائق الأسمائیة فی الحضرة الأحدیة عین الذات ولیست غیرها، وفی الواحدیة عینها من وجه وغیرها من آخر.

و (الکون) فی اصطلاح هذه الطائفة، عبارة عن وجود العالم، من حیث هوعالم، لا من حیث إنه حق، وإن کان مرادفا للوجود المطلق، عند أهل النظر.

وهو هنا بمعنى المکون. أی، شاء أن یرى أعیان أسمائه أو عین ذاته فی موجود جامع لجمیع حقائق العالم، مفرداتها ومرکباتها، بحسب مرتبته یحصر ذلک الموجود أمر الأسماء والصفات من مقتضیاتها وأفعالها وخواصها ولوازمها کلها.

و (اللام) فی قوله (الأمر) للاستغراق، أی جمیع الأمور الإلهیة، أو عوض من الإضافة.

و (الأمر) بمعنى الفعل. أو یحصر الشأن الإلهی فی مرتبته فیکون بمعنى الشأن، وهو أعم من الفعل لأنه قد یکون حالا من الأحوال من غیر فعل.

أویحصر ما تعلق به الأمر الذی هو قوله: (کن). فحینئذ یکون مجازا من قبیل إطلاق الملزوم وإرادة اللازم.

و (الکون الجامع) هو الإنسان الکامل المسمى بـ (آدم). وغیره لیس له هذه القابلیة والاستعداد.

والسر فی هذه المشیئة والحصر، أن الحق تعالى کان یشاهد ذاته وکمالاته الذاتیة المسماة بـ (الأسماء)، ومظاهرها کلها فی ذاته بذاته فی عین أولیته وباطنیته مجموعة مندمجة بعضها فی بعض.

فأراد أن یشاهدها فیحضرة آخریته وظاهریته کذلک، لیطابق الأول الآخر والظاهر والباطن، ویرجع کل إلى أصله.

فقوله: (لکونه متصفا بالوجود ویظهر به سره إلیه) تعلیل للحصر لا للرؤیة.

فإن الحق یعلم الأسماء وأعیانها ومظاهرها، ویراها ویشاهدها من غیر ظهور الإنسان الکامل ووجوده فی الخارج.

کما قال أمیر المؤمنین على، کرم الله وجهه: "بصیر إذ لا منظور إلیه من خلقه".

إلا أن تحمل "الرؤیة" على الرؤیة الحاصلة فی المظهر الإنسانی، فإن هذه الرؤیة أیضا للحق. وحینئذ یکون تعلیلا لها فیکون معناه: إنه شاء أن یرى الأعیان أو عینه بآدم فی آدم لکونه متصفا بالوجود الحق، إذ هو من حیث ذاته معدوم ومن حیث الوجود الحق موجود.

وله قابلیة ظهور جمیع أسرار الوجود فیه، فصار بالاتصاف به، والقابلیة المذکورة کونا حاصرا لجمیع أمر الأسماء وخصوصیاتها.

لأن وجود الملزوم یوجب وجوداللازم، سواء کان بالواسطة أو غیرها.

وقوله: "ویظهر به سره إلیه" یجوز أن یعطف على قوله: "یحصر الأمر"

فیرفع وإنما أخره عن قوله: "لکونه متصفا بالوجود" لیکون تتمة من التعلیل، یجوز أن یعطف على "یرى" فینصب.

وضمیر "به" عائد إلى "الکون الجامع".

وضمیر "سره" و "إلیه" عائد إلى "الحق".

و (إلیه) صلة (یظهر) یقال: ظهر له وإلیه. والمراد ب "السر"عین الحق وکمالاته الذاتیة، فإنها غیب الغیوب کلها.

کما قیل: "ولیس وراء عبادان قریة". أی، شاء أن یشاهد عینه وکمالاته الذاتیة التی کانت غیبا مطلقا فی الشهادة المطلقة الإنسانیة فی مرآة الإنسان الکامل .

ویجوز أن یقال، إنه تعلیل للرؤیة من غیر أن یحمل أنها فی المظهر الإنسانی، ومعناه: أنه تعالى، وإن کان مشاهدا نفسه وکمالاته فی غیب ذاته بالعلم الذاتی ولا یعزب عنه مثقال ذرة فی الأرض ولا فی السماء.

لکن هذا النوع من الرؤیة والشهود الذی یحصل بواسطة المرایا، لم یکن حاصلا بدونها، لأن خصوصیات المرایا تعطى ذلک، فشاء الحق أن یشاهدها کذلک أیضا.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

"فص: فی اللغة، عبارة عن ملتقى الحکم الإلهیة المشتملة على قوسی الأحدیة والواحدیة، فالملتقى هو الوحدة الصرفة التی هی القلب المحمدی وقلب کل نبی قبله، والحکمة هی العلم بوضع الأشیاء موضعها.

والإلهیة هی مرتبة جامعة لجمیع الأشیاء، والکلمة هی العین الفاضلة الجامعة الفاصلة المانعة کأعیان الأنبیاء علیهم السلام، والأدمیة هی المنسوبة إلى آدم علیه السلام حقیقة الحقائق الإنسانیة، وأراد رضی الله عنه بآدم وجود العالم الإنسانی."

(لما) أی: ما یتزین به، ویکمل العلم الیقینی المتعلق بحقائق الأسماء الإلهیة، وظهوراتها بصورها وآثارها ظهر ذلک العلم بزینته وکماله فی الحقیقة الجامعة المنسوبة إلى آدم أبی البشر اللی حیث علم الأسماء کلها، وهی الأسماء الإلهیة والکونیة بظهورها فیه، واطلاعه على ما ظهر فیه لما جواب الشرط، وهو أوجد آدم محذوف بقرینة قوله.

فکان آدم عین جلاء تلک المرآة، (شاء الحق تعالی) اختار هذا اللفظ لثبوت معناه لله عز وجل فی کل حال من غیر توقف على أمر بخلاف بعض أسمائه تعالى الدالة على النسب؛ فإن اعتبارها یتوقف على المنتسبین، وإن کان الکل قدیما فی الواقع (من حیث أسمائه) لا الذات وحدها.

فإنه باعتباره غنی عن العالمین، فالتجلی الذاتی لا بد وأن یکون مع اسم، وإن لم یلتفت إلیه، والأسماء تطلب الظهور فی المظاهر الکونیة من حیث تضمنها النسب، ووصف الأسماء بقوله: (الحسنی)؛ لأن التجلی، وإن کان باسم جلالی؛ فهو أیضا من حیث الظهور له جمال.

ولذلک قیل: لکل جلال جمال هو دنوه من المظاهر وتأنسه بها، وبقوله: (التی لا یبلغها الإحصاء) أشار إلى أن لکل کلی وجزئی من العالم اسما خاصا إلهیا یؤتیه، ولا نهایة لها، وأراد الله عز وجل أن یظهر بها فی الکون الجامع مجتمعة کاملة یحصل لظهوره بها إجمال بعد التفصیل، وهو الظهور فی الأکوان المتفرقة القاصرة. (أن یرى أعیانها) أی: صورها الکاملة

کأنها أعیاها لکمال هذا المظهر الذی هو فی غایة الصقالة بحیث تتم مطابقة الصور الظاهرة فیه لدى الصورة بخلاف سائر المظاهر .

(وإن شئت قلت) لما شاء الحق من حیث أسمائه الحسنى (أن یرى عینه)؛ لأنها عند اجتماعها لا تغایر الذات مغایرتها عند افتراقها لعدم اعتبار مفهوماتها المتغایرة حینئذ یکون لها أحدیة الجمع بالرجوع إلى الإجمال بعد التفصیل

(فی کون) أی: موجود حادث (جامع) لأسرار الأسماء الإلهیة والکونیة بحیث

(یحصر الأمر) أی: شأن الظهور الإلهی من جمیع وجوهه (لکونه متصفا بالوجود) أی: وجوه ظهوراته فی أسمائه، وسائر مظاهره، وفی أکثر النسخ «بالوجود) أی: بصورته الکاملة التی کأنها نفسه، فاجتمعت وجوه ظهوراته فی ظهوره فیه، (ویظهر به سره إلیه) أی: وشاء أیضا أن یجعله عارفا بسه، وهو الذات والصفات بجعله مظهرا الصور الأسماء الإلهیة وآثارها کلها التی کانت فیه بالقوة بحیث یصیر الکل سرا واحدا بعد التفرق فی العالم لیعود إلى وحدته التی کان علیها فی مرتبة الذات.

وهذه المعرفة مقصودة بالذات کما قال: "کنت کنزا مخفیا؛ فأحببت أن أعرف".


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

اعلم أنّ الحقائق الکشفیّة والمعارف الحقیقیّة التی هی مدلولات الألفاظ بالذات إذا أرید دلالتها علیها بحسب مفهوماتها الوضعیّة ومعانیها اللغویّة والعرفیّة تنزّلا إلى مدارک الأفهام ، لا یتصوّر ذلک إلَّا بضرب من التمثیل ونوع توسّل إلى وجوه المناسبات بین المعانی المتداولة العامیّة وبین تلک الحقائق ، ضرورة سعة دائرة المعانی وضیق مجال تلک المدلولات الجعلیّة .

ثمّ إنّ « الفصّ » له وجوه من الخصوصیّات والنسب التمثیلیّة بها یستکشف ما قصد منه من المعارف ، ومنها یستنبط ما أراد به من دقائق الحقائق :

منها أنّه قد انطوى على قوسی الخاتم ، واشتمل على أحدیّة جمع دائرته .

ومنها أنّه الخاتم بما انطبع فیه من الصور المعرب عن کلیّتها .

ومنها أنّه تابع لقالبه من الخاتم فی المربعیّه والمثلثیّة والمدوّریّة وغیرها ، ومستتبع لما یرد علیه ویحویه .

ولمّا کان قلب الإنسان الکامل له الانطواء على قوسی الوجوب والإمکان وله الانطباق على أحدیّة جمع خاتم الکمال بضلعی الوجود والشهود ، کما أنّ له أن یعرب عمّا فیه من صور الحقائق ، وینبئ عن أحدیّة جمعیّتها ، وکذلک له صورة تابعة لمزاج الشخص ، کما أنّ له أن یستتبع تجلَّی الحقّ ویصوّره بصورته .

 على ما نصّ علیه الشیخ فی الفصّ الشعیبی : « إنّ القلب من العارف والإنسان الکامل بمنزلة محلّ الخاتم » فی تصویر التجلَّی بصورته - وسّم الفصل المعرب عمّا اختصّ به کلّ من الکمّل وتحقّق به قلبه من صورة تجلَّى الحقّ فیه ب « الفصّ » تنبیها على ذلک کلَّه .

و «الحکمة» عبارة عن حقائق کلّ ما تضمّنه التجلَّی المذکور ، من الحیثیّة الکمالیّة الظاهرة بحسب الاسم المناسب للمتجلَّى له ، المعبّر عنه بـ «الکلمة» ، وفصّها هو أحدیّة جمع تلک الحقائق ، وفوقیّة صورتها التمامیّة الختمیّة .

التی بها یتشخّص ویصیر واحدا ، فهو عین الکلمة ووجهها الوجودی الظاهر هی به إلى الأبد ، فإنّ لها الوجه الکونی المعدوم به من الأزل ، فالظرف مستقرّ على أنّه حال أو صفة .

وبیان المناسبة بین الاسم والکلمة هو أنّ مبدأ هذا الاسم وخصوصیّته إنّما هو أحدیّة جمع خصوصیّات الأسماء ، کما أنّ تعیّن الکلمة هو أحدیّة جمع تعیّنات الأعیان ، ومن ثمّة ترى صاحب المحبوب قد لوّح علیه بأنّ الکلمة هذه إنّما رکَّبت من ألف الابتداء ومیم المنتهى ودال الامتداد بین الابتداء ومنتهاه .

مناسبة اسم الفصّ وکلمته مع التسعة اعلم أنّ التسعة المشترکة بین الاسم والکلمة  لها الإحاطة الإطلاقیّة بما فیها من السعة التی تسع کلّ المراتب ، ولا تسعها مرتبة ، إلَّا أنّ الاسم لما له من المبدئیّة والبطون قد تقوّم فیه التسعة بالإفراد من الخمسة وما انطوت علیه منها ، تلویحا إلى أنّه صورة بسط الخمسة إفرادا ، وفی امّ الکتاب ما یطلعک علیه إن طالعته بإمعان .

والکلمة بما فیها من الجامعیّة مع توغَّلها فی ظرف الظهور تقوم فیها التسعة بالزوجین وفرد واحد ، إذ الفرد له طرف البطون ، کما أنّ الزوج له الظهور ،لقوله تعالى : "خَلَقْناکُمْ أَزْواجاً". 

وأیضا الکلمة قد ظهرت بما غلب فیه حکم المرتبة الکونیة ، بخلاف الاسم ، فإن ما غلب علیه ذلک الحکم قد تبطَّن فیه .

وممّا یؤیّد هذا أنّ الکلمة زاد على الاسم عند التفصیل بهذا العدد ( 45 9 36 ) فهی الظاهرة علیه به . 

هذا إذا حوسبا کتابا ، فأمّا إذا حوسبا کلاما ، فالمشترک فیه حینئذ هو العشرة الکاملة ، التی هی الواحد الجامع الظاهر بصورة وحدته الزوجیّة ، وهاهنا سرّ یطلع منه على أصول من الحکم  فلیتدبّر .الألف فی اسم الفص وکلمته إنّ الألف قد تنزّل فی الاسم والکلمة من صرافة إطلاقه واستقامة خطیّته ، تدرجا فی اعوجاجه وتقوّسه إلى أن یتمّ الدائرة بکمالها ، ولکن ذلک فی الکلمة أتمّ وأظهر على ما لا یخفى .

والذی یدلّ على أوّلیّة هذا الفصّ وتقدّمه بالطبع من الحقائق الحکمیّة ما سبق تحقیقه آنفا من أنّ غیر هذا الفصّ إنّما هو بیان مدارج بنی آدم ، أعنی بعض جزئیّات ما عقد الفصّ هذا على کشفه ، ممّا یتوقّف علیه .

وأمّا من الدقائق التلویحیّة فهو أنّ «الإله» فی الکلام هو الأول عددا کما أنّ «الألف» الذی هو الأول فی الکتاب رقما إنّما ظهرت صورته وفصّلت آیاته الفرقانیّة والقرآنیّة فی «آدم» عندما لوحظ بیّناته الکاشفة ، کما یلوح لک فی هذه الأرقام ، مع دقائق جلیلة لو تدبّرت فیها بعض التدبّر - 191 ل ف ا ل ی م

ثمّ لیعلم أنّ الأمر الإلهی له مدرجتان فی التنزّل :

أحدهما ذاتی بلا واسطة یتوجّه إلى تحقّق الأعیان أنفسها .

والآخر بالواسطة إنّما یتوجّه إلى أحکام أفعال الأعیان ولوازمها .

والحاصل من الأوّل هو الشیء ، فهو المشیّة , ومن الثانی الشرع ، فهو التشریع .

والأوّل لعظم شأنه وقوّة سلطانه کما صرح به الشیخ حاکیا عن أبی طالب : «أنّه جعلها عرش الذات» لا یخالف بخلاف الثانی .

فلذلک نسبها إلى الحقّ قائلا : ( لما شاء الحقّ ) ضرورة أنّ المتوجّه لتحقّق الأشیاء لیس إلَّا الذات باعتباره ثمّ إنّ حضرة الأسماء لما کانت موطن النسب المستتبعة لکمالها المسمّى بـ «الحسن» الذی هو من الصفات اللازمة لها.

قال : ( من حیث أسمائه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء ) فإنّها من حیث کلَّیات مراتبها وأجناسها القابلة للإحصاء لا یمکن أن یتوجّه نحو الغایة المطلوبة ها هنا .

فإنّها إنّما تتحقّق بعد تنزّلها فی المواد الهیولانیّة وتشخّصها بالصور والأعراض الکائنة الجسمانیّة التی لا نهایة لکلّ منها فالأسماء إذن من هذه الحیثیّة لا بدّ وأن تکون غیر قابلة للإحصاء عدّا ، کما أنّ الذات فی کنه بطونها غیر قابلة له حدّا ، فهی صورة مثلیّتها فی مرآة التقابل .

وإظهار الأوّل یناسب منصب النبوّة ویفصح عنه کلامها ، کما أنّ الثانی یوافق طور الولایة  ویؤدّیه کتابها .

الحاء والقاف فی لفظ الحق «الحقّ» حرفان :

أحدهما  له الوحدة الجمعیّة بها یناسب الذات ویدلّ علیها .

والآخر له الکثرة الکمالیّة والسعة الأسمائیّة ولذلک ترى الحضرة الختمیّة اختار ذلک العقد عند التعبیر عن إحصاء الأسماء فی المرتبتین الأولیین مشیرا إلى المرتبة الثالثة بما ینبئ عن الجهة الاتحادیّة العینیّة التی للأسماء فی هذه المرتبة ، على ما هو مدلول الحرف الآخر باعتبار مسمّاه  .

وأمّا باقی اسمه فهو صورة دور التسعة وهیئة جمعیّتها الوحدانیّة ، وهی مؤدى الحرف الأوّل اسما.

وأمّا مؤداه مسمّى فهو أنهى مراتب الزوج الذی هو طرف الظهور، الذی هو مقتضى الأسماء، وإنّما أشیر إلى هذه المراتب لأنّ الأسماء منها ما هو فی:

المرتبة الأولى الذاتیّة ومنها ما هو فی

المرتبة الثانیة الصفاتیّة ومنها ما هو فی

المرتبة الثالثة الفعلیّة .

وهذه هی التی لها الجهة الاتحادیّة وعدم الإحصاء، وهی مؤدى الحرف الدالّ على الذات منهما، فلا تغفل عن دقائق الإشارات والتلویحات.

ثمّ إنّ غایة هذه المشیّة ومنتهى إرادة الحقّ فیها من حیث تلک الأسماء ( أن یرى أعیانها وإن شئت قلت : أن یرى عینه )

فلئن قیل : « متعلَّق المشیّة على ما سبق من البیان إنّما هو التحقّق نفسه ، لا الرؤیة » ؟

قلنا : إنّ رؤیة العین فی الکون إنّما هی فی أنهى مراتب التحقّق وأقاصى درکاته الکونیّة ، فلا تتحقّق إلَّا بالمشیّة ، على أنّ الرؤیة نفسها من المتحقّقات أیضا ، وإن کانت تابعة لمتحقّق آخر فیه .

ثمّ إنّ فی تنویع العبارة هاهنا وتسویة أدائهما للمقصود بیانا لما یتبادر إلى الأفهام من لزوم التغایر والتقابل بین الرائی والمرئی ، أنّه بمجرّد الاعتبار فقط ، ولا تغایر بالذات ها هنا. وإشارة إلى الجهة الاتحادیّة المنبّه علیها فی أسماء الإحصاء من الکلام النبوی ، بقوله: « تسعة وتسعین اسما ، مائة إلَّا واحدة » .

إذ بها ینوط اسمیّة الاسم ، وتنبیها إلى صافیّ منحل الحیّ الختمیّ وخالص توحیدهم ، حیث أنّ محوضة الوحدة الإطلاقیّة لدیهم لیس لیست مما یشوب به شیء من ضروب الإضافات وصنوف التقابلات ، حتّى تقابلة الکثرة وتعاندها .

وهاهنا لطیفة قد احتوى علیها بدیع مسلکه هذا ، من باب الإشارات الخفیّة العالیة عن المدارک المعتورة بین أرباب الرسوم ، وهی أنّ المشیّة التی هی مبدأ أمر الظهور والإظهار بعد رؤیة الحقّ من حیث أسمائه الحسنى أعیانها تصلح أن تستند إلى المخاطب ضرورة أنّ الرؤیة المذکورة مستتبعة للاتحاد .

ومستلزمة لطیّ بساط التقابل والتکثّر على ما عرفت وحینئذ تصیر مصدرا للقول الفصل ، والکلام الکامل ، وبه تتعلَّق الرؤیة المذکورة إلى عین الحقّ ، ویرتفع تقابل حکم الرائی والمرئی ، إلَّا اعتبار محضا - على ما ستطلع علیه .

وکثیرا ما یجد الفطن عندما تأنّس فهمه بإدراک الإشارات الخفیّة ، وفتح علیه أبواب اللطائف المرموزة فی الکلام المنزل الختمی ، اعتبار هذا المسلک ، کقوله تعالى : " ثُمَّ سَوَّاه ُ وَنَفَخَ فِیه ِ من رُوحِه ِ وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ ".

واعلم أنّ الحروف العالیات إذا نزلت فی سطور مراتب الوجود إلى حیث یتمیّز سواد تلک الحروف عن بیاضها یسمّى بـ "العین" لاستحصالها بـ "کن" .

هذا إذا اعتبرت خصوصیّة کلّ منها منفردة ، أمّا إذا اعتبرت مجموعة بأحدیّة جمعیّتها الکمالیّة ، یسمّى ب « العالم » وصورة تمامیّته حیث یکون الحرف مستقلا بنفسه فی الظهور .

فإنّ المراتب منها ما لیس لتلک الحروف فیها سوى نسب معنویّة کلیّة راجعة إلى حقیقة واحدة ، تسمّى بذلک الاعتبار « اسما » کما أنّه یسمّى ب « الحضرة الواحدیّة » ، ومنها ما انفصلت عنه واستقلَّت بالاعتبار وإن تبعته بالوجود ، ویسمّى بـ «الأعیان الثابتة» ، کما أنّه یسمّى بـ «الحضرة العلمیّة» ، ومنها ما استقلت تلک الحروف فیه بالوجود مستتبعة إیّاه ، وحینئذ یسمّى بـ « العین » مطلقا ، کما أنّه یسمّى بـ "العالم" .

وفیه تلویح یکشف عن مراتب العوالم بترتیبه ، والکون الجامع لها بعینه ، وغیر ذلک  .

ثمّ إنّ العین تتدرج فی ذلک الاستقلال بحسب تلک المراتب إلى أن تنتهی إلى کثائف وضعیّة هیولانیّة ، یمکن أن تتعاکس أشعّة شمس الحقیقة من تلک الکثائف المسمّاة بـ « الکون » إلى المشاعر الحسّیة المعبّر عن أتمّ أنواعها بـ « الرؤیة » مسترجعة فی ذلک من الکثائف الحاجبة إلى اللطائف الکاشفة ، متدرّجة إلى أن تنتهی إلى الحقیقة القلبیّة ، التی تسع الوحدة الحقیقیّة بإطلاقها ، وتتمّ على عرش شعورها الدائرة بقوسیها .

ولذلک جعل الرؤیة غایة للمشیّة ، إذ بها یعرج السافر السائر نحو المقصد الأقصى من غور درکات الحجب الغیریّة ، إلى نجد درجات الحقائق الوجودیّة الاتحادیّة .

وبنقطة النطق ینطبق قوس البطون على الظهور ، وبها یصیر دائرة کاملة ، على ما حقّق أمره فی المقدّمة .

فتلک الرؤیة إنّما تتصوّر ( فی کون جامع یحصر الأمر) وذلک لأنّ الکون إذا اتّصف بالوجود وظهر به ، تحصّل منه هویّة جامعة بین الأوّل والآخر والظاهر والباطن کما لا یخفى وهو على ما نبّهت علیه فی المقدّمة عند الفحص عن مبدأ منع الشرکة یقتضی حصر الأمر .

وذلک لأنّ الأمر لغة یطلق على ما یعمّ الأفعال والأقوال.

وتحقیقا على أوّل ممتد إلى الآخر مرتبط به ، وهو إنّما یصدق على کل ظاهر منبئ عن الباطن کالأفعال الإدراکیّة التی للقوى من الإشارات الخفیّة والکلمات الجلیّة .

ویلوّح على ذلک ظهور راء « الصورة » فیه ببیّنات لام « الکلام » الکاشفة عن کنه المرام .

ومن ثمّة ترى الهویّة المذکورة قد استتبعت العلم بکلّ شیء ، على ما هو مؤدّى الآیة الکریمة ، وبیّن أنّ ظهور ذلک الأمر إنّما یتصوّر من الصورة الاعتدالیّة القلبیّة ، التی لا یماثلها شیء.

فإنّک قد عرفت فیما سلف لک أنّ الأکوان على اختلاف أنواعها وتکثّر شجونها إنّما تصلح لأن تکون مصدرا للتعاکس المذکور ، ومظهرا لعرش الشعور ، ما استحصل منها صورة اتحادیّة ومزاج اعتدالیّ یمکن أن تتکوّن فیه الحقیقة القلبیّة ، التی بها أصبح مجمع بحری الإلهی والکیانی حاصرا لتنوّعات تموّجاتها  بأنواعها وأشخاصها ، لکون الکون المذکور بانطوائه على تلک الحقیقة متّصفا بالوجود الواحد الحقیقی ، ظاهرا به ومظهرا هو إیّاه بتفاصیل تنوّعاته کلَّها بکمالها ، منصبغة بسرّه الخاصّ به .

فعلى هذا قوله : ( لکونه متّصفا بالوجود ) علَّة للحصر ، ویمکن أن یجعل علة لرؤیة الحقّ عینه فی الکون المذکور ، فإنّ ذلک لا یتصوّر إلَّا فیما یتّصف بالوجود ویستقل به ، ضرورة أنّ العین لا یدرک ولا یرى إلَّا بالعین .

وکذلک قوله : ( ویظهر به سرّه إلیه ) یمکن أن یجعل عطفا على « یحصر » وعلى « یرى » والثانی منهما یناسب ثانی التقدیرین ، ویؤیّده نسخة « الوجوه » ، والأوّل أوّلهما ، أی یظهر بالکون الجامع سرّ الحقّ له وهو سرّ الکون وخصوصیّته فهو صفته الکاشفة له عن صورته ، کما أنّ الأولى کاشفة عن مادّته .

هذا على أوّل الاحتمالین ، وأمّا على الثانی ، فالوجه فیه أن یحمل ما یظهر بالکون على الکلام الکامل الذی یکشف عن سرّه وکنه ما هو علیه ، جمعا بین المشعرین الشریفین فی الغایة المذکورة ، وفق ما أفصح عنه التنزیل القرآنی الختمی " لَیْسَ کَمِثْلِه ِ شَیْءٌ وَهُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ". " أَبْصِرْ به وَأَسْمِعْ ".


شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها ، و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر کله ، لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سره إلیه .)

الفص الأدمی

1 . فص حکمة إلهیة فی کلمة آدمیة

لما شاء الحق سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى التی لا یبلغها الإحصاء

فص الشیء خلاصته و زبدته و فص الخاتم ما یزین به الخاتم ویکتب علیه اسم صاحبه .

قال ابن السکیت : کل ملتقی عظمین فھو فص .

والإلهیة اسم مرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات کلها.

ففص الحکمة الإلهیة عبارة عن خلاصة العلوم والمعارف المتعلقة بالمرتبة الإلهیة.

أو عبارة عن محل یتنفس بها وهو قلب الإنسان الکامل، فإن الفص، کما أنه قد انطوى عنی قوسی حلقة الخاتم وانطبق على أحدیة جمعهما.

وکما أنه یختم بما ینطبع فیه من الصور ویعرب عن کلیتها.

وکما أنه تابع لقالبه من التربیع و التثلیث والتدویر و غیرها.

و مستتبع لما یرد علیه کذلک قلب الانسان الکامل، له الإنطراء على قوسى الوجوب والإمکان والانطباق على أحدیة جمعهما .

وله أن یعرب عما فیه من صور الحقائق وینبىء عن أحدیة جمعها .

وکذلک له صورة تابعة لمزاج الشخص، کما أن له أن یستتبع تجلی الحق ویصوّره بصورته .

على ما نص علیه الشیخ رضی الله عنه فی الفص الشعیبی .

ولا یبعد أن یجعل الفص عبارة عن أحدیة جمع تلک العلوم والمعارف بناء على أن أحدیة جمع الأشیاء زبدتها وخلاصتها.

أو على أن الفصل الذی هو ملتقى قوسی حلقة الخاتم أو ملتقى کل عظمین بمنزلة أحدیة جمعهما.

والمراد بالکلمة من کل موضع فی هذا الکتاب عین النبی المذکور فیه من حیث خصوصیته و حظه المتعین له ولأمته من الحق سبحانه .

فالحاصل أن أول ما ألقاه المالک علیه خلاصة علوم ومعارف متعلقة بالمرتبة الإلهیة متحققة فی کلمة آدمیة.

أو خلاصة تلک العلوم والمعارف ، أو المحل القابل لها، أو أحدیة جمعها متحققة فی کلمة آدمیة.

وإنما خصت الحکمة الإلهیة بالکلمة الآدمیة فإنها کما کانت المرتبة الإلهیة عبارة عن أحدیة جمع الأسماء الإلهیة کذلک کانت الکلمة الآدمیة عبارة عن أحدیة جمیع مظاهر آیاتها فناسب أن تخص بها.

(لما شاء الحق سبحانه) بمشیئة أزلیة هی الاختیار الثابت له سبحانه ولیس أختباره سبحانه على النحو المتصور من اختبار الخلق الذی هو تردد واقع بین أمرین کل منهما ممکن الوقوع عنده فیترجح أحدهما لمزید فائدة ومصلحة.

لأن هذا مستنکر فی  حقه سبحانه اذ لیس لدیه تردد و لا امکان حکمین مختلفین بل لا یمکن غیر ما هو المعلوم المراد فی نفسه .

فأن قلت : فکیف یصح قولهم إن شاء أوجد العالم وإن شاء لم أوجد قلت : صدق الشرطیة لایقتضی صادق المقدم أو امکانه، فقوله : ان لم یشاء غیر صادق بل غیر ممکن.

فإن قلت: قد قال بعضهم فی قوله تعالى: {ألم تر.إلی ربک کیف مدّ الظلّ}. أی ظل التکوین على المکونات {ولو شأء لجعله ساکنا} 45 سورة الفرقان.

ولم یمده فإن الحق لو لم یشاء إیجاد العالم لم یظهر ، وکان له أن لا یشاء فلا یظهر.

قلت :هذا إما لنفی الإیجاب المتوهم للعقول الضعیفة، وإما باعتبار ذاته الأحدیة غنی عن العالمین .

فإذا نظر العقل إلى غناه وعدم اقتضائه لذاته أحد المتقابلات حکم بأن له أن لا یشاء وجود العالم فلم یظهر العالم .

وأما إذا نظر إلى علمه الشامل حکم بعدم مشیئته بل بعدم امکانها (من حیث آسمانه) کلها (الحسنی) ای المتناسبة فی بلوغها إلى مرتبة الکمال وترتب آثارها علیها (التی لا یبلغها الإحصاء) وألعد من حیث جریانها وإن کانت کلیاتها منحصرة فی تسعة و تسعین آلف و واحد ؛ وإنما قید بالحیثیة، لأن ذات الحق سبحانه باعتبار إطلاقها له مرتبة الغنى عن العالمین لیس نسبته اقتضاء شیء من العالم.

ومشیئته إلیها أولى من نسبة عدمها، وباعتبار تقیدها ببعض الأسماء لا یقتضی المظهر الجامع بل ما یکون مظهرا له فقط .

فاقتضاؤها المظهر الجامع لا یکون إلا من حیث جمیع أسمائها الحسنى .

"أعیانیها وان شئت قلت آن یری عینة گون جامع یحصر الامُر کله ۔

لکونه مقصفاً بالوجود، و یظهر به سرهٔ الیه ."

فلهذا قید المشیئة بهذه الحیثیة (أن یرى أعیانها) المتمایزة بعضها عن بعض فی التعقل وذلک باعتبار مرتبة الواحدیة (وإن شئت قلت أن یرى عینه) المتحدة الغیر المتمیز فیها اسم عن اسم وذلک باعتبار مرتبة الأحدیة .

ویمکن أن یقال : تجویز العبارتین إنما هو بالنسبة إلى المرتبة الواحدیة، فإن للأسماء فیها اعتبارین :

أحدهما: اعتبار و حدة الذات

و ثانیه ما : اعتبار کثرة النسب و الاعتبارات،

فالعبارة الأولى بملاحظة الاعتبار الثانی والثانیة بملاحظة الأول (فی کون) أی ما کون (جامع) وحدانی یظهر فیه اسم وشأن وصفة بصورة الجمع وصفه وحکمه بحیث یضاهی الشأن الکلی الذی هو التعیین الأول .

وهذه الجمعیة إنما تکون بأمرین:

أحدهما : أشتماله على الأسماء کلها بحیث لا یشذ شیء منها،

وثانیهما : صلاحیة مظهریته بها کلها، فإن مجرد الاشتمال لا یستلزم صلاحیة المظهریة وإلا لکان کل موجود مظهراً جامعاً .

وإلى الأوّل أشار بقوله: (یحصر الأمر) أی أمر الأسماء کأنها، وعلله بقوله: لکونه (متصفاً بالوجود) لأن اتصافه بالوجود إنما یکون بتجلى الوجود یرى فیه بأحدیة جمع جمیع شؤونه وأسمائه وإلى الثانی مما عطف علیه أعنی قوله (ویظهر به)، أی بالکون الجامع (سره) أی سر الحق وهو أسماؤه المستکنة فی غیب ذاته (إلیه) .

أی إلی الحق سبحانه .

و یحتمل آن یکون قوله: یظهر به بالنصب عطفاً علی یری .

ویکون قوله : لکونه موجوداً متعلقاً بقوله: یرى على أنه علة مصححة للرؤیة، فإن الشیء ما لم یکن موجودا لم تصبح رؤیته ، فتعلق المشیئة الذی هو المعنى المقصود الأصلى والعلة الغائیة من اتحاد العالم ظهور الحق سبحانه فی هدا المظهر الجامع وشهوده فیه شؤونه و صفاته على وجه ینصبغ کل منها بأحکام الأخر کما مر .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص۱۲

لمّا شاء الحقّ سبحانه من حیث أسماؤه الحسنى.

اسم در اصطلاح حکما و در اصطلاح عرفا
موجودى را که در آن وصف معتبر نیست اسم گویند. چون زید، عمرو، بکر، حجر، شجر و غیره و آن را که با وصف اعتبار شده، چون وصف قدرت، علم، حیات، اگر آن اسم با این معانى اعتبار شود به آن صفت گویند مثل قادر، عالم، حىّ.
اما در اصطلاح عرفا هر گاه ذات وجود را با صفت معینى که تجلی‌یى از تجلیات وجود است اعتبار کنیم آن را اسم نامند مثل رحمان و رحیم، و آن صفاتى که در ذات به اعتبار شأنى از شئون و تجلّى‌یى از تجلیاتش اعتبار شود، مثل رحمت و علم آن را وصف مى‌گویند و صفت نامند. پس آن را که حکیم وصف مى‌گفت در نزد اینها اسم است. (اسم از نظر عرفا مشتق است که ذات با صفت است. عالم را حکما وصف گویند و عرفا اسم.)
اسماء اعیان خارجى هستند و ألفاظ اسماء اسماء.

التی لا یبلغها الإحصاء
 اسماء الهیه غیر متناهى هستند و اینکه گفت احصا نمى‌شود براى این است که کلمات (اسماء عینى خارجى) را پایان نیست و آیه شریفه قرآن: قُلْ لَوْ کانَ الْبَحْرُ مِداداً لِکَلِماتِ رَبِّی لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ کَلِماتُ رَبِّی (کهف: ۱۰۹) اشاره به این معنى است.
فیض اقدس و فیض مقدس‏
عرفا دو فیض دارند. فیض اقدس؛ یعنى هویت ساریه در سراسر اعیان دار وجود که به نحو احدیت جمع بر همه محیط و مستولى است و تمام تعیّنات در او مستهلکند. این را فیض اقدس گویند یعنى اقدس از قید و بند و چون این فیض را با تعیّنات و حدود اعتبار کنیم که همان اسماء اللّه تفصیلى مى‌شود به آن فیض مقدس گویند. در غزلى گفتم:
فیض اقدس به مقدس رسد از عالم غیب             لیک آن دل که بود قابل دیدار کجاست‏

أن یرى أعیانها و إن شئت قلت أن یرى عینه فی کون جامع یحصر الأمر کلّه لکونه متصفا بالوجود، و یظهر به سرّه الیه:
چون حق سبحانه خواست از حیث اسماء حسنایش که آنها را احصا نمى‌توان کرد اعیان [آدم را آفرید] آنها را ببیند، و اگر خواهى بگو عین خود را در مخلوق جامعى که همه را در بر دارد بنگرد زیرا آن کون جامع یعنى مخلوق کامل که انسان است به وجود متصف مى‌باشد و به او سرّ حق براى حق ظاهر مى‌شود یعنى اسرار الهى در مظهر هویدا مى‌گردد و حق اسماء خود را در مظهر مى‌بیند.

نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 50-53

لمّا شاء الحقّ من حیث أسماؤه‏ الحسنى الّتى لا یبلغها الإحصاء أن یرى اعیانها.

[ضمیر مؤنث در لا یبلغها و أعیانها عاید به أسماء است؛ و فاعل «یرى».

ضمیرى عاید به حقّ‏]. «مشیّة» در لغت، «خواست» است؛ همچنان‏که «ارادة».

امّا به اصطلاح این طایفه «مشیّت» خواستى باشد که منشأ آن ذات بود، به ایجاد معدومى یا اعدام موجودى. و «ارادة» هم خواست ذات است، امّا به ایجاد معدومى.

پس «مشیّت» اعمّ از «ارادت» باشد و معنى ذاتى «خواست حق» آن بود که تجلّى ذاتى فرماید- تعالى شانه-؛ و حق، اسم ذات است [و اختیار آن بر دیگر اسماء از آن جهت کرده، تا محقّق گرداند که منشأ] این طلب، ذات است با اسماء و صفات؛ نه اسماء و صفات فحسب‏.

و اگر کسى گوید که: اللّه نیز اسم ذات است، و همه اسماء در تحت وى مندرج، اختیار اسم حقّ بر اسم اللّه چرا کرد؟

جواب گوییم که: «اللّه» اسم ذات است، من حیث هى هى. و در این مشیّت‏ اگرچه مقتضى ذات است، امّا، لا من حیث هى هى؛ بلکه من حیث محبّته‏ الذّاتیة که «فأحببت أن اعرف» حکایت از آن است؛ و از این جهت، مشیت حقّ را مقیّد گردانید بقوله: «من حیث أسماؤه الحسنى» و «اسماء حسنى» را مقیّد گردانید به «الّتى لا یبلغها الإحصاء»؛ تا بدانند که: مراد اسماء کلّیّه و جزئیّه نامتناهیه است؛ نه کلّیّات متناهیه، که آن نود و نه نام است، که احصاء آن مستلزم دخول جنّت است.

«و لمّا» که حرف شرط است جواب آن. یا اینست که: فاقتضى الامر؛ و «فاء» در جواب، از آن درآورد، که جمله معترضه [که آن «و قد کان الحق» است تا به آخر.] میان شرط و جزاء واقع شده.

یا جواب وى محذوف است؛ و در این تقدیر است که: «لما شاء الحقّ أن یرى عینه‏ فى کون جامع یحصر الأمر لکونه متّصفا بالوجود، و «یظهر به سرّه أوجد آدم‏» جواب «لمّا» باشد؛ و این وجه اظهر است؛ و «لمّا» در این موضع بطریق مجاز گفته باشد، که «لمّا» دلالت کند بر آنکه مشیّت نبود، و پیدا شد؛ و مشیّت حق ازلى و ابدى است. و حاصل این کلمات آن است که: مشیّت حق- تعالى- من حیث الأسماء، تقاضاى ایجاد عالم انسان کرد. و این خلیفه که آدم نام اوست «مقصود ایجاد» گشت اوّلا- در علم؛ و آخرا در عین. و علّت غایى در این ایجاد آن بود که: بذات خود، خود را در آینه‏اى که جامع باشد مر همه اسماء و صفات [را] خود ببیند؛ یا اسماء و صفات خود را در آن کون جامع ببیند؛ و آن آینه‏ یا کون، جامع انسان بود؛ چنانکه گفت،

و إن شئت قلت أن یرى عینه فى کون جامع یحصر الأمر کلّه، لکونه متّصفا بالوجود، و یظهر به سرّه إلیه.

«ان یرى اعیانها» و «ان یرى عینه» متعلّق است به مشیّت، یعنى: لما شاء الحق ان یرى. و مراد از «اعیان» یا: «اعیان ثابته» است؛ و آن صور حقایق اسماء الهى است، که در حضرت علمى است .. یا: خود نفس اسماء الهى است؛ که ارباب ماهیّات و اعیان خارجى‏‌اند .. یا: خود اعیان خارجى مراد باشد.

و مراد از «إن شئت قلت أن یرى عینه» عین حق باشد؛ که ضمیر مفرد مذکر به حقّ عاید بود.

یعنى: خواه بگویى که: مراد از آفرینش، دیدن اعیان ثابته بود در علم، یا: دیدن اسماء اعیان ثابته، یا: دیدن اعیان خارجیّه، یا: خود دیدن عین خود مراد بود، که همه یکى است؛ چرا که جمیع در حضرت احدیّت عین ذات است؛ و در حضرت واحدیّت، از وجهى، عین ذات است؛ و از وجهى غیر وى .. «و فى کون جامع» متعلّق است به «أن یرى». و «کون» به اصطلاح این قوم عبارت است از «وجود عالم» از آن روى که عالم است، نه به اعتبار [ى‏] که حق است؛ پس بمعنى «مکوّن» بود اسم مفعول. و مراد از «کون جامع» وجود إنسان کامل است؛ که آن آدم است- علیه السّلام- و لکونه متّصفا متعلّق است به یحصر الأمر.

پس، علّت، حصر باشد.

یعنى: کون جامع که آدم است، حاصر شأن اسماء است، از آن جهت که:

کون متّصف است به وجودى. و مراد از «وجود»، این وجود مسبوق به عدم است؛ که وجود آدم آدم و عالم، دو اعتبار دارد:

یکى: من حیث ذاته؛ و آن نبود و پیدا شد.

و یکى: من حیث وجوده‏ المطلق؛ که سارى است در کلّ. و به آن وجود او را قابلیّت ظهور همه أسرار وجود هست. و آن قابلیّت است که حاصر جمله اسماء شده است.

و بعضى گفته‌‏اند که: «لکونه» متعلّق است به «متعلّق است به «ان یرى عینه»؛ و بنابراین تعلّق، علّت وجود آدم باشد. امّا جاى نظر است؛ چرا که حق- جل و علا- عالم بر اسماء و اعیان اسماء و مظاهر اسماء بود؛ و آن را مى‏دید، بى‌‏آنکه آدم با عالم در خارج موجود گردد. أمیر المؤمنین على علیه السّلام. از این معنى به این عبارت خبر فرمود: «هو بصیر إذ لا منظور إلیه من خلقه».

«و یظهر به سرّه الیه» اگر مرفوع خوانند، عطف باشد بر «یحصر الأمر»؛ و تتمّه علّت سابق باشد. و اگر منصوب خوانند، عطف باشد بر «ان یرى»، و ضمیر «به» عاید باشد به «کون جامع». و ضمیر «سرّه» و «إلیه» عاید باشد به «حقّ» و «إلیه» صله «یظهر» باشد. و معنى «سرّ» اینجا عین حق است و کمالات ذاتى وى؛ که آن را «غیب الغیوب» خوانند.

و مفهوم این جمله این باشد که: حق- جل جلاله- بذات خود مشاهد ذات و صفات و افعال خود بود، بحکم اولیّت و باطنیّت؛ پس خواست تا بحکم آخریّت و ظاهریّت، مشاهده آن فرماید، در مظاهر؛ تا اوّل به آخر، و باطن به ظاهر رسد؛ به وصف‏ «هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ» موصوف گردد؛ و مظهر این جمله و مرآت آن انسان بود؛ که بجهت نسبت وجودى، استعداد این معنى داشت؛ که به وى، سرّ حق به حق ظاهر گردد؛ و غیب مطلق در مشاهد شهادت‏ مطلقه عیان و معاینه شود. پس ایجاد وجود انسانى از براى این معانى فرمود، تا هرآینه آینه‏ صفت جمال‌‏نماى باشد.

اى نسخه نامه الهى که تویى‏                 و اى آینه جمال شاهى که تویى‏

بیرون ز تو نیست هرچه در عالم هست‏ از خود بطلب هرآنچه خواهى که تویى‏


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 91-92

لمّا شاء الحقّ سبحانه من حیث أسمائه الحسنى الّتى لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها و إن شئت قلت أن یرى عینه فى کون جامع یحصر الأمر کلّه.

چون «مشیّت» حق سبحانه که عبارت است از تجلّى ذاتى و عنایت سابقه از براى ایجاد معدوم و اعدام موجود بر مقتضى همه اسماى حسنى که از عدو احصاء و حصر و انتها بیرون است متعلق شد بدانکه ببیند اعیان آن اسماء را که عبارت است از «اعیان ثابته کلّیّه علمیّه» که صور حقائق اسماى الهیّه است در «حضرت علمیّه»؛ و مى‏شاید که مراد از اعیان اسماء نفس اسماء باشد که ارباب اعیان و ماهیات کونیه است. و مى‏شاید «اعیان خارجیّه» باشد و از براى این فرمود و إن شئت قلت أن یرى عینه یعنى اگر خواهى بگوى که خواست که بیند عین حق را چه جمیع حقایق اسمائیّه در حضرت «احدیّت» عین ذات است و غیر او نیست و در مرتبه «واحدیّت» از وجهى عین اوست و از وجهى دیگر غیر او.

و «کون» در اصطلاح این طایفه عبارت است از وجود عالم از آن روى که عالم است نه از آن روى که حق است و کون آنجا به معنى مکون است. یعنى حق تعالى خواست که اعیان اسما یا عین ذات خود را در موجودى بیند که جامع باشد جمیع حقایق را از مفردات و مرکّبات به حسب مرتبه‏‌اش، و حصر کند این موجود امر اسما و صفات را که آن امر عبارت است از مقتضیات و افعال و خواص و لوازم آن اسما و صفات.

و «کون جامع» «انسان کامل» است که مسمّاست به «آدم»؛ و غیر او را این قابلیّت و استعداد نیست، و «سرّ» درین مشیّت و حصر آنست که حق سبحانه‏ و تعالى ذات و کمالات ذاتیّة خود را که مسمّاست به اسماء و مظاهرش مشاهده مى‏کرد در ذات خود بذات خود در عین اولیّت و باطنیّتش بر وجهى که مندرج بود بعضى در بعضى دیگر، پس خواست که مشاهده کند در حضرت آخریّت و ظاهریتش بر نهج مشاهده اول (اولى- خ) تا مطابق بود اول و آخر و باطن و ظاهر و راجع شود هریکى به اصل خود

لکونه متّصفا بالوجود، و یظهر (یظهر- معا) به سرّه إلیه‏.

یعنى حاصر بودن این کون جامع که آدم است جمیع امر را از براى متّصف بودن اوست به وجود، چه او از حیثیّت ذات خود معدوم است و به وجود حق موجود؛ و ازین روى قابل است که ظاهر گردد جمیع اسرار وجود در وى. پس به اتّصاف آدم به وجود و قابلیّت مذکوره حاصر جمیع امر اسما و صفات و خصوصیاتش گشت و از روى حاصریّت او ظاهر مى‏شود بدو سرّ حق مر حق را، و مراد از «سرّ حق» عین حق و کمالات ذاتیّه اوست که «غیب الغیوب» است کما قیل: و لیس وراء عبّادان قریة. لاجرم در مخاطبت او گوید:

اى که در ظاهر مظاهر آشکارا کرده‏‌اى‏ سرّ پنهان هویّت را هویدا کرده‌‏اى‏


پس حاصل معنى متن آنست که حق سبحانه و تعالى خواست که مشاهده کند عین خویش و کمالات ذاتیّه خود را که غیب مطلق بود در شهادت مطلقه انسانیّه، در آینه انسان کامل. بیت:

حق چو اسرار ذات خود بشناخت‏ عشق با حسن خویشتن مى‏باخت‏

خواست کز علم سوى عین آید         از دل اهل درد آینه ساخت‏

شاهد روى‌‏پوش حجله غیب‏         پرده کبریا ز روى انداخت‏


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 516

 لمّا شاء الحقّ- تعالى- من حیث أسماؤه الحسنى الّتی لا یبلغها الإحصاء أن یرى أعیانها.

شرح ضمیر مؤنث در «لا یبلغها و أعیانها» عاید به اسماء است، و مشیّت خواستن بود- که منشأ آن ذات بود- به ایجاد معدومى یا اعدام موجودى؛ و ارادت خواستیست به ایجاد معدوم فقط. و اختیار حق بر دیگر اسماء از آن جهت کرد، تا محقّق گردد که منشأ این طلب ذات است به اسماء و صفات، نه اسماء و صفات.

فحسب. و اللّه نیز اگر چه اسم ذات است، امّا من حیث هی هی، و درین، مشیّت اگر چه مقتضى ذات است، امّا لا من حیث هی هی، بل من حیث محبّة الذاتیّة. و مشیّت را مقیّد گردانید به اسماء حسنى، و اسماء را به «الّتی لا یبلغها الإحصاء»؛ تا بدانند که مراد اسماء کلیّه و جزئیّه نامتناهیست نه کلیّات متناهیه، که آن نود و نه نامست.

و إن شئت قلت أن یرى عینه، فی کون جامع یحصر الأمر [کلّه‏]، لکونه متّصفا بالوجود، و یظهر به سرّه إلیه: شرح مراد از اعیان یا اعیان ثابته است، و آن صور حقایق اسماى الهیست، که در حضرت علمیست؛ یا خود نفس اسماى الهیست، که ارباب ماهیات و اعیان خارجى‏‌اند؛ یا خود اعیان خارجى مراد است؛ یا خود دیدن عین مراد بود، که، همه یکیست. چرا که جمیع حقایق،

در حضرت احدیّت، عین ذات است؛ و در واحدیّت، از وجهى عین و از وجهى غیر. و مفهوم این جمله آنست که: حق- تعالى- به ذات خود، مشاهد ذات و صفات و افعال خود بود، به حکم اولیّت و باطنیّت. پس خواست تا به حکم ظاهریّت و آخریّت مشاهده آن فرماید، در مظاهر؛ تا اول به آخر و ظاهر به باطن رسد. و مظهر این جمله و مرآت آن انسان بود؛ که به جهت نسبت جمعیّت وجودى، استعداد این معنى داشت، که به وجود وى سرّ حق، بر حقّ، ظاهر گردد، و غیب مطلق، در مشاهد شهادت مطلقه- عیان گردد. پس ایجاد وجود انسانى از براى این معانى فرمود، تا، آینه جمال نماى باشد.