عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثالثة :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له.

وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

(فإن رؤیة الشیء نفسه بنفسه) من غیر أمر آخر (ما هی مثل رؤیته نفسه) بنفسه فی أمر آخر غیر نفسه

(یکون) ذلک الأمر الآخر (له کالمرآة) من الزجاج مثلا یقابلها بنفسه

(فإنه یظهر له نفسه) فیها (فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه)، وهو المرأة الصغیرة مثلا .فیها صورة وجه الناظر صغیرة . والکبیرة صورة وجه الناظر فیها کبیرة . والطویلة طویلة وهکذا

(مما)، أی من الشأن والحال الذی (لم یکن یظهر له)، أی لذلک الناظر

(من غیر وجود هذا المحل) المنظور فیه

(ولا تجلیه)، أی ظهور ذلک الناظر بنفسه (له)، أی لذلک المحل إذ لولا تجلی الناظر بنفسه للمراة المنظور فیها

ولولا وجود المراة المنظور فیها، أیضا لما ظهرت هذه الصورة التی لوجه الناظر فی المرآة على حسب کبر المرآة وصغرها ونحو ذلک.

ومن رأى صورة وجهه فی المرآة لا یرى فی ذلک الوقت جرم المرأة بل یحتجب عنه جرمها بصورة وجهه فیها وهو متحقق بأن وجهه فیها.

لم یحل فی المرآة ولا حلت المرأة فیه.

ولا اتحد وجهه مع الصورة التی فی المرآة.

ولیست الصورة التی فی المرآة غیر صورة وجهه.

ولا تشابه صورة وجهه من جهة کونها معدومة الحقیقة ظاهرة العین وصورة وجهه محققة.

ولا یمکن أن تکون صورة المرأة على خلاف صورة وجهه.

بل جمیع ما هو مصور فی المرأة هو صورة ما علیه وجهه مع أنها على خلاف صورة وجهه من جهة أن یمینها شمال وجهه وبالعکس.

(وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

وقد قال وجهه لها قولا بلا حرف ولا صوت کن فتکونت على طبق ما أراد منها من غیر معالجة ولا مماسة، إلى غیر ذلک من العبر و بمرآة غیر مجلوة مستعدة للجلاء. قال : بحسب الأول


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له.

وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

بقوله: (فإن رؤیة الشیء نفسه بنفسه ما هی)، أی فی الحکم (مثل رؤیة نفسه) وإنما قلنا فی الحکم إذ هما متحدان فی حقیقة الرؤیا فلا معنى لنفی المثلیة مطلقة بل فی الحکم(فی أمر آخر یکون له کالمرآة) .

وإنما لم یقل ما هی عین رؤیة نفسه إیذانا بعینیتهما بحسب الأحدیة لجواز سلب مثلیة الشیء عن نفسه.

یقال الشیء لیس مثل نفسه وإنما لم یقل فی المرأة .

لأن عدم المماثلة فی المرأة الحسیة لم یشتبه على أحد من الناس وإنما الاشتباه فی مثلها.

فلذلک قال المرأة لیعم الدلیل (فإنه) الضمیر للشأن (یظهر له) أی للشیء (نفسه فی صورة بعطیها) أی یظهره.

(المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له) أی للشیء (من غیر وجود هذا المحل) کما قال وقد کان الحق أوجد العالم (ولا تجلیه) أی من غیر تجلی المحل له أی للشیء الناظر.

ومعنى تجلی المحل ظهوره إلیه على الجلاء کما قال فکان آدم عین جلاء تلک المرآة.

(وقد کان الحق أوجد العالم کله) من العلم إلى العین قبل إیجاد آدم (وجود شبح مسوی لا روح فیه) مثل الطین فی حق آدم والنطفة فی حق أولاده وهو ظلمة وخلق محض لا یهتدی به إلى شیء وإنما أوجده أولا على هذا الطریق ثم جلی بآدم لأن المرآة لا تکون غیر مجلوه إلا من کثیف ظلمانی ولطیف نورانی (فکان) العالم بدون آدم (کمرآة غیر مجلوة) .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

قوله: "فإن رؤیة الشیء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له فی نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له."

قلت: التی تظهر أحکامها بظهور المقدورات ولا شک أن ظهور ما بالقوة إلى الفعل أکمل من بقائه فی القوة وکمال الجناب المقدس فی قوته ما لا یتناهى من الأکملیات فیقتضی الحال ظهورها فهی تظهر فی الأعیان فیراها تعالى رؤیة منزهة لکن من حضرة الحسیات وقد أودع تعالى جمیع معانی الأسماء الکونیة فی آدم مرتبطة بالأسماء الإلهیة وکلا الأمرین کان سانحا له فی سر علمه الأقدس فأظهره فی مرآة آدم، علیه السلام، وتجلی لتلک المرآة فأبدی فیها معانی المتجلی علیها، جل جلاله فقد ظهر سره إلیه، وباقی الکلام ظاهر.

قوله: "وقد کان الحق أوجد العالم کله وجود شبح مسوی لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة".

قلت: معناه أن الحق تعالی اقتطع قطعة من نوره بسیطة لاصورة فیها وسماها القلم الأعلى وهی، والله أعلم، التی تسمیها الحکماء «العقل الأول» الذی زعموا أنه أول صادر عنه تعالی وسماه شبحا للعالم لأنه مبدأ العالم.

ومعنى لا روح فیه، أنه تعین أول ومن شأن القدرة الإلهیة أن کل ما استعد لشیء تعلق به من الصور، ما هو روح له بحسب استعداده.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

قال رضی الله عنه : " فإنّ رؤیة الشیء نفسه فی نفسه لیست مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة فإنّه یظهر له نفسه" .

یعنی فی المرآة "فی صورة یعطیها المحلّ المنظور فیه ، ممّا لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحلّ ولا تجلَّیه له".

قال العبد أیّده الله : اعلم شرح الله صدرک بنوره ، وأسرّ إلى سرّک بسروره :

أنّ الحقّ الواجب الوجود فی کماله الذاتی وغناه الأحدیّ یرى ذاته بذاته رؤیة ذاتیة غیر زائدة على ذاته ولا متمیّزة عنها ، لا فی التعقّل ولا فی الواقع .

ویرى أسماءه وصفاته ونعوته وتجلَّیاته أیضا کذلک نسبا ذاتیة لها وشئونا عینیّة غیبیة مستهلکة الأحکام تحت قهر الأحدیة .

غیر ظاهرة الآثار ولا متمیّزة الأعیان بعضها عن البعض فی حیطة  جمال الصمدیة .

وکینونته  فیها إنّما هی ککینونة النصفیة والثلثیّة والربعیة والخمسیة وغیرها من النسب فی الواحد فإنّ الواحد هو النصف والثلث والربع والخمس کما مرّ مرارا.

فهو من حیث صلاحیته لاتّصاف هذه النسب إلیه یصحّ إطلاق أسمائها علیه ککون المسمّى بالأسماء المحصاة تمام المائة .

والواحد فی ذاته ومن حیث إنّ واحدیّته غیر زائدة علیه مع قطع النظر عن الاثنین والثلاثة والأربعة والخمسة لا نصف ولا ثلث ولا ربع ولا خمس .

فکذلک الحقّ من حیث ذاته الأحدیة لا ظهور فیه لنسبة من هذه النسب لکنّه إن شاء أن یظهرها من حیث کماله الأسمائی ، أظهرها فی مظاهرها ومجالیها ، ونظر إلیها فی منصّاتها ومرائیها فإنّ ثبوت الکمال الذاتی للحقّ من وجهین :

أحدهما : کماله من حیث الذات کما مرّ وهو عبارة عن ثبوت وجودها منها لا من غیرها ، فهی عینه فی وجودها وبقائها ودوامها عن سواها ، فمهما تعلَّقت هذه النسب أو أضیفت أو شوهدت فی الذات من حیث الکمال الذاتی ، فإنّها تشهد وتعلم أحدیة لکون الحقائق المعقولة فی کل مرتبة بحسبها .

والکمال الثانی : هو کمال نفسی للحق تفصیلی من حیث الأسماء الحسنى وصورها ، فهو کمال صورة الحق ، وذلک یکون بظهور آثار النسب المرتبیّة والحقائق الأسمائیة ، وتعود أحکامها فی عوالمها ومظاهرها .

وهذا الکمال الثانی ثابت للحق من حیث مرتبته الذاتیة التی یقتضیها لذات الألوهیة ، وهی نسبة کلَّیة جامعة لجمیع النسب الأسمائیة .

فشاء الحقّ من حیث أسمائه الحسنى وتجلَّیاته العلیا تعیّناته القصوى ، فتجلَّت تجلَّیا جمعیا ، وانبعثت انبعاثا حسبیّا إلى المظهر الکلَّی والکون الجامع الأصلی الحاصر للأمر الإلهی فامتدّت رقائق النسب إلى متعلَّقاتها واشرأبّت حقائق الوجود إلى متعلَّقاتها ، فطلبت الربوبیة المربوب ، والإلهیة المألوه المحبوب .

فقامت بظاهریاتها مظاهر لباطنها ، وبشهادتها مجالی لغیبها ، فهی الظاهرة بمظاهر هی عینها ، والناظرة من مناظر هی عینها ، وفیها أینها ، فظهرت الحقائق الوجوبیة والنسب التی اقتضتها  الربوبیة فی متعلَّقاتها ومظاهرها ومجالیها.

وزهرت أنوار التجلَّیات فی مراتبها ومرائیها ، فرأت أنفسها متمایزة الأعیان والآثار ، متغایرة الظلم والأنوار ، وتعیّنت أحکامها ولوازمها ممتازة ، وتبیّنت عوارضها ولواحقها إلى أحیازها منحازة .

فأعیان الموجودات العلویة وأشخاص المخلوقات السفلیة مظاهر النسب الوجوبیة ومجالی تعیّنات أسماء الربوبیة ، فیرى الحقّ فیها حقائق الأسماء وأعیان الاعتلاء مستویة على عروشها ، ومحتویة على جنودها وجیوشها ، فما منّا إلَّا له من الحق مقام معلوم ، ومن الوجود رزق مقسوم ، فانظر الفرق بین الرؤیتین والشهودین ، والتفاصیل بین الکمالین والوجودین .

ثمّ اعلم : أنّ المناظر والمجالی والمظاهر والمرائی التی یرى الحقّ فیها نفسه إنّ لم تکن لها حیثیّة خصیصة واستعداد معیّن تمتاز بها عن الظاهر فیها ، کان الظاهر الحقّ فیها غیر متغیّر عن عینه .

وإن لم تکن کذلک ، ظهرت الصورة بحسب المحلّ کظهور الحق فی مرتبة من المراتب جزئیة کانت أو کلَّیة إنّما یکون بحسب المحلّ .

ولا یکون ذلک المظهر بحسب الحق فإنّ ظهور الحق مثلا فی العالم الروحانی لیس کظهوره فی العالم الطبیعی .

فإنّه فی الأوّل بسیط ، نوری ، فعلی ، نزیه ، شریف ، وحدانی .

وفی الثانی ظهوره على خلاف ذلک من الترکیب ، والظلمة ، والانفعال ، والخسّة ، والکثرة ، والکدر.

ومن المظاهر ما لیس له حسب معیّن وحسبیّة یوجب انصباغ الظاهر فیه بصبغه ، ولا یکسب الحقّ المتجلَّی فیه أثرا من خصوص وصفه وصفة عینه بحیث یخرجه عن طهارته الأصلیة ومقتضى حقیقته الکلَّیة کالمظاهر الإنسانیة الکمالیة الکلَّیة البرزخیة لیست لها حسبیّة تخرج الحقّ عن مقتضى حقیقته لما بیّنّا أنّ البرازخ ما لها حقیقة تمتاز بها عن الطرفین.

وهذا هو سرّ الإمامة ولا یصل کلّ واحد من الطرفین إلَّا ما تقتضیه حقیقته ، بخلاف المظاهر البرزخیة فإنّها تقبل ما یصلح للجمعیة .

وکلّ موجود من العوالم الأمریة الروحانیة والأعیان الجسمانیة الملکیة مظهر ومرآة لاسم مخصوص وصفة جزئیة أو کلَّیة من الأسماء والصفات الإلهیة والحقائق الذاتیة الکلَّیة .

وإن کان لسائر الأسماء فی ذلک مدخل بحکم التتبّع کالطالع من الفلک یقتضی لصاحبه خصوص حکم مع شرکة سائر البروج .

ولیس شیء منها علوا وسفلا مظهرا تامّا کاملا للذات المطلقة الکاملة الجزء الجزئیة فی حقیقته ، وإلَّا لانقلبت الحقائق وخرجت عن ذاتیاتها ، فصار المطلق مقیّدا وبالعکس ، فظهور الحق بالوجود فیها لا یکون إلَّا بقدر قابلیته واستعداده .

وهو سبحانه وتعالى یقتضی لذاته أن یظهر بالکلّ ویظهر به الکلّ ظهورا أحدیا جمیعا ، وظهوره فی الکلّ بحسب الکلّ ، فلا یظهر الحق لنفسه بدون مظهر منها بما یقتضیه المظهر ، بل بالمظهر .

فهذا معنى قوله : " فإنّه یظهر لنفسه فی صورة یعطیها المحلّ ممّا لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحلّ " .

کما أنّ الناظر فی المرآة المتشکَّلة بشکل خاصّ من الطول والتدویر وغیرهما لا تظهر صورته بذلک إلَّا بحسب المحلّ لا بحسب الذات خارج المرآة .

فافهم من هذا المثال ظهور الحق فی کلّ شیء بحسبه " وَلِلَّه ِ الْمَثَلُ الأَعْلى " وهاهنا أسرار " وَالله یَهْدِی من یَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ "  .

قال رضی الله عنه : ( وقد کان الحقّ سبحانه أوجد العالم  وجود شبح مسوّى لا روح فیه ، فکان کمرآة غیر مجلوّة ) .

یعنی رضی الله عنه : أنّ المراد المطلوب والعلَّة الغائیّة المقصودة من إیجاد العالم ظهور الحق وإظهاره نفسه لنفسه ظهورا وإظهارا فعلیا تفصیلیا کما اقتضت ذاته المطلقة تکمیلا لمرتبتی الجمع والفرقان ، والغیب والشهادة ، والإخفاء والإعلان ، فکمال الجلاء والاستجلاء وإحاطة الشهود بالغیب والشهادة هو السرّ المطلوب والعلَّة الغائیّة من العالم .

فإذا لم یحصل کمال الظهور والإظهار على النحو المطلوب ، لم یکن له سرّ وروح ، والعالم کلَّه أعلاه وأسفله ، وأمره وخلقه ، ظلمانیته ونورانیته کما قلنا مظاهر الأسماء الإلهیة ، فما من موجود منها إلَّا والغالب على وجوده حکم بعض الأسماء على سائرها .

فذلک البعض سنده وإلیه مستنده ، والحق من حیث ذلک الاسم ربّه ومعبوده ، ومن حضرته فاض علیه وجوده وهو عند التجلَّی مشهوده .

فظهور الحق وإن وجد قبل الکون الجامع والمظهر الکامل والمجلى الشامل نحوا من الظهور تفصیلیا فرقانیا ، ولکنّ المطلوب بالقصد الأوّل هو کمال الجلاء والاستجلاء ، فحیث لم یوجد کمال الظهور فی المظهر الأکمل ، لم یحصل المراد المطلوب من إیجاد العالم لعدم قابلیة العالم بدون الإنسان لذلک ، وقصوره عن کمال مظهریته تعالى ذاتا وصورة جمعا وتفصیلا ، ظاهرا وباطنا ، فکان کمرآة غیر مجلوّة ، أی غیر قابلة لروح التجلَّی المطلوب والمراد المقصود المرغوب ، فکان العالم بمنزلة شبح مسوّى لا روح فیه لأنّ الروح إنّما یتعیّن فی المحلّ بعد التسویة .

کما قال تعالى مقدّما للتسویة على النفخ فی قوله : " فَإِذا سَوَّیْتُه ُ وَنَفَخْتُ فِیه ِ من رُوحِی ".

فالتسویة عبارة عن حصول القابلیة فی المحلّ للنفخ الإلهی ، وهو عبارة عن التوجّه النفسی الرحمانی بالفیض الوجودی والنور الجودی.


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

قوله ( فإن رؤیة الشیء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیة نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة ) تعلیل للمشیئة المذکورة یتضمن الجواب عن اعتراض مقدر .

وهو أن الله تعالى أزلى الذات والصفات ، وهو بصیر فی الأزل بذاته وغیره : کما قال أمیر المؤمنین على رضى الله عنه :

بصیر إذ لا منظور إلیه من خلقه ، فلا یحتاج فی رؤیة عینه إلى مظهر کوجود العالم یرى عینه فیه ، فأجاب أن بین الرؤیتین فرقا بینا ولیست الرؤیة الأولى مثل الثانیة وبین الفرق

بقوله ( فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له )

وهی تعلیل لنفى المماثلة بین الرؤیتین والضمیر للشأن والجملة خبره أو للحق أی أن الحق یظهر له عینه فی صورة المرآة وهی المحل المنظور فیه من وجه لم یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه لنفسه فیه ، فإن الظهور فی المحل رؤیة عینیة منضمة إلى علمیة وفی غیر المحل رؤیة علمیة فقط .

کما أن تخیل الإنسان صورة حسنة جمیلة فی نفسه لا یوجب له من الاهتزاز والبهجة ما توجب مشاهدة لها ورؤیته إیاها .

قوله ( وقد کان الحق أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه وکان کمرآة غیر مجلوة ) جملة اعتراضیة بین الشرط وجوابه والشرط مشیئته لرؤیة أعیان الأسماء أو عینه فی کون جامع ، والأسماء مقتضیة لوجود العالم اقتضاء کل اسم جزءا منه ، فقد کان العالم موجدا باقتضائها له قبل وجود الإنسان الذی هو الکون الجامع .

لأن کل اسم یطلب بانفراده ظهور ما اشتمل علیه وهو الذات مع صفة ما : أی وجودا مخصوصا بصفة ، والاسم الآخر وجودا مخصوصا بصفة أخرى ، فلم یکن لشیء من الأسماء اقتضاء وجود اتحد به جمیع الصفات إذ لیس لأحد من الأسماء أحدیة الجمع بین الصفات ، فلم یکن للعالم مظهریة أحدیة جمیع الوجود ولذلک شبهه قبل وجود الإنسان فیه بأمرین شبح مسوى لا روح فیه أو مرآة غیر مجلوة ، إذ لم یظهر فیه وجه الله بل وجوه أسمائه ، فوجود شبح نصب على المصدر أی أوجده وجودا مثل وجود شبح مسوى لا روح فیه

مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

ویؤید هذا المعنى قوله: (فإن رؤیة الشئ نفسه بنفسه، ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمرآخر یکون له کالمرآة، فإنه تظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له هذا).

تعلیل للمشیة وإیماء إلى سؤالمقدر، وهو أن الله بصیر قبل أن یوجد العالم الإنسانی، فکیف شاء ذلک؟ فأجاببأنه لیس رؤیة الشئ نفسه بنفسه فی نفسه، کرؤیة نفسه فی شئ آخر یکون لهذلک الشئ مثل المرآة. وذلک لأن المرآة لها خصوصیة فی ظهور عین ذلکالشئ، وتلک الخصوصیة لا یحصل بدون تلک المرآة، ولا بدون تجلى ذلک الشئ لها، کاهتزاز النفس والتذاذها عند مشاهدة الإنسان صورته الجمیلة فی المرآة الذی هو غیر حاصل له عند تصوره لها.

وکظهور الصورة المستطیلة فی المرآة المستدیرة مستدیرة، والصورة المستدیرة فی المرآة المستطیلة مستطیلة، وکظهورالصورة الواحدة فی المرایا المتعددة متعددة، وأمثال ذلک.

لا یقال، حینئذ یلزم أن یکون الحق مستکملا بغیره، لأن هذا الشئ الذی هو له کالمرآة من جملة لوازم ذاته ومظاهرها التی لیست غیره مطلقا، بل من وجه عینه ومن آخر غیره، کما مر فی الفصل الثالث من أن الأعیان الثابتة أیضا عین الحق ومظاهره العلمیة.

فلا یکون مستکملا بالغیر وإلى هذا المعنى أشاربقوله: (یکون له کالمرآة) ولم یقل: فی المرآة. لأن المرآة غیر الناظر فیها من حیث تعیناتهما المانعان عن أن یکون کل واحد منهما عین الآخر. ولیس هنا کذلک، لأن التعین الذاتی أصل جمیع التعینات التی فی المظاهر فلا ینافیها  

وقوله: (فی أمر آخر) أی، بحسب الصورة لا بالحقیقة.

وقوله: (فإنه یظهر) تعلیل عدمالمماثلة. والضمیر للشأن تفسره الجملةالتی بعده.

و (من) فی (مما) للبیان. أی، تظهر له نفسه فی صورة من الصور التی لم تکن تظهر للرائی بلا وجود هذا المحل ولا بقابلة له.

ولما کان الرائی ههنا هوالحق، عبر عن التقابل بالتجلی. فضمیر (تجلیه) للحق، وضمیر (له) للمحل. وقرأ بعضهم: (ولا تجلیة) بالتاء على وزن تفعلة. أی، منغیر وجود هذا المحل ومن غیر تجلیته للمحل من الجلاء.

قوله: (وقد کان الحق أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان) . أی العالم "کمرآة غیر مجلوة."


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

ثم أشار إلى تعلیل ذلک بقوله: (فإن رؤیة الشیء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه، فی أمر آخر یکون له کالمرآة؛ فإنه تظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه، مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل، ولا تجلیه له)

أی: إنما شاء الحق من حیث أسمائه الحسنى، أن یرى أعیانها أو عینه فی الأکوان الجزئیة، أو فی کون جامع؛ لأنه تعالى، وإن کان یرى ذاته وأسمائه وصفاته فی الأزل .

فتلک الرؤیة، وإن کانت کما له یستغنی بها عن رؤیة أخرى، فلیست مثل رؤیته ذاته وأسمائه وصفاته فی الأکوان الجزئیة متفرقة، أو فی الکون الجامع مجتمعة، فإن الرؤیة فیها تختلف باختلاف المظاهر، کما تختلف صورة أحدنا فی المرآة استقامة، واعوجاجا، واستدارة، واستطالة.

وهی کمال آخر الظهورها مستغن عنه بالنظر إلى الذات والأسماء والصفات من حیث تعلقها بالذات؛ فهی غیر مستکملة بها فی أنفسها بل فی ظهوراتها، ومن شأن الکامل التکمیل.

على أنه یجوز أن یقال: إنها کمال الأسماء من حیث تعلقها بالأکوان، وظهور صورها وآثارها، وهی وإن کانت کاملة أزلیة؛ ففیها جهة إمکان من حیث إنها غیر قائمة بأنفسها بل بالذات، وهی باعتبار ذلک تطلب الکمالات الإمکانیة؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.

ثم أشار الى سبب ظهوره فی الکون الجامع کآدم بعد ظهوره فی العالم.

فقال: (وقد کان الحق) قبل خلق آدم (أوجد العالم کله وجود شبح مستو، لا روح فیه) "لفقد عین الإنسان الذی هو إنسان العین، والذی لم یکن شیئا مذکورا".

أما کونه کالشبح المستوى فباعتبار انتظام بعض أجزائه ببعض.

وإفاضة الأرواح الغیر الإنسانیة على الأجسام مثل انتظام أمر المرکبات العنصریة مستویة المزاج، وإفاضة الأرواح المناسبة لها، وأما کونه لا روح فیه مع ذلک فباعتبار عدم ما هو المقصود بالذات من خلقه، وهو الکون الجامع لظهورات الأسماء والصفات على نهج الاجتماع کما کان فی الذات.

وإنما أوجد الحق العالم قبل کذلک؛ لأن الجمعیة تفتقر إلى الأجزاء، فأوجد أجزاء العالم؛ لیکون کالأجزاء لتلک الجمعیة.

ویکون العالم کالبدن الجامع للأجزاء، وتکون الجمعیة بمنزلة الروح للبدن، إذ هذه الجمعیة هی المقصودة؛ لأن المعرفة التامة المقصودة من خلق العالم لا تحصل بدونها، إذ لا یعرف أحد ما لیس فیه.

(فکان) العالم قبل آدم کمرآة غیر مجلوة، أما کونه کالمرآة فلشموله على صور الأسماء بحیث تصح إفاضة روح الجمعیة علیها شمول المرأة على الأجزاء القابلة لفیضان صور الأشیاء علیها، وأما کونه

(کمرآة غیر مجلوة )؛ فلأنه وإن ظهر فی بعض أجزائه الأرواح المناسبة لها لم تظهر فیه الروح المقصود بالذات الذی هو صورة الجمعیة الإلهیة.

"قال رضی الله عنه : غیر مجلوة أراد بعدم جلائها احتجابها بذاتها، فلا ترى نفسها إلا بعینها لا بعین الرب ، فأوجد آدم على صورة الکون: أی جمیع الکائنات غیبا باطنا وظاهرا شهادة؛ لیقابل بغیبه الغیب، وبشهادته الشهادة لیتجلى له بجمیع الأسماء، وینظر للکون ببصر وبصیرة الله فافهم."


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

ثمّ إنّک قد عرفت أنّ للکتاب المبصر اختصاصا بطرف الولایة ، کما أنّ للکلام المسموع بطرف النبوّة ، فلذلک عند الإفصاح بغایة المشیّئة صرح بالأوّل وأبهم فی الثانی وفاء بما هو مقتضى منصبه ، ومن هاهنا تراه قد ظهر له هذا الفیض المذکور من الخاتم فی مبشّرته مرئیّا بصورة الکتاب فی یده ، وما ظهر مسموعا بصورة الکلام فی فمه .

وها هنا تلویح لا بدّ من التنبیه علیه : وذلک أنّه کأنّک قد نبّهت أنّ الوحدة الحقیقیّة من حیث هی هی إنّما تظهر فی الکثرة بحسب غلبة أحکامها ، وبیّن أنّ نهایة أمر الکثرة وغایة سلطان التفرقة فی الاثنین ما لم یحصل لهما ثالث یجمعهما بالنسبة الامتزاجیّة التی بینهما ،وما سوى الاثنتین من المراتب لا یخلو عن تلک النسبة أصلا .

ثمّ إنّه من تفطَّن لهذا الأصل لا یخفى علیه وجه اشتمال عباراته هاهنا على الوجهین المتقابلین ، وکذلک انطواء الآیة الکریمة المفصحة عن التوحید حقّه على المتقابلین مرّة بعد أخرى .

وما من آیة دالة ولا کلمة کاشفة عن التوحید إلَّا وفیها وجه من وجوه الکثرة ، وکلَّما کان ذلک الوجه فیها أکمل وأتمّ ، کان دلالتها علیه أظهر ، فلا تغفل عن وجه ما نحن فیه من احتمال کلامه للوجهین.     

ثمّ أنّ ظهور السرّ وإن کان بالأخرة للحقّ ، لکن أوّل ما یظهر إنّما هو للعبد الکائن بحسب تقرّبه إلیه بقرب النوافل والفرائض ، ولا یبعد أن یکون استعمال الظهور هاهنا ب « إلى » إیماء إلیه .

نکتة حکمیّة : الکون الجامع حاصر للأمر إذ قد تبیّن أنّ من الخواصّ اللازمة البیّنة للهویّة المطلقة جمعیّة الأضداد .

وتعانق الأطراف حسبما عرفت فالذی یصلح لأن یظهر به عینها لا بدّ وأن یکون له صورة من تلک الجمعیّة، أشار إلى ذلک بأن الکون الجامع حاصر للأمر الذی لا یبلغه الإحصاء، فهو الجامع بین الإحصاء وعدمه، وهذا من صور سرّه الذی یظهر به .

ثمّ إذ قد احتاج أمر ظهور السرّ المذکور بالکون الجامع لما فیه من الإجمال لفظا والخفاء معنى إلى زیادة من البیان والتوضیح، صوّره فی صورة التمثیل ببیان یندفع به ما یمکن أن یورد ها هنا  وهو :

«إنّ الحقّ فی التجلَّی الأوّل شاهد لعینه وجمیع أسمائه ومراتبه بنفسه ، فلا یحتاج فی رؤیته ذلک إلى الغیر ، وبعد تسلیم ذلک ، فإنّ فی القلم الأعلى والعقل الأوّل من الجمعیّة والإظهار ما یغنیه عن الکون الجامع» ؟

بقوله : (فإنّ رؤیة الشیء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة) وتلخیص ذلک أنّ الرؤیة التی هی غایة المشیّة والأمر الإیجادی إنّما هی الرؤیة الخاصّة التی عند تعاکس صورة الرائی من القابل المقابل النازل منزلة المرآة له (فإنّه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه ،مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ، ولا تجلیة له) ، وذلک أنّ للمرآة خصوصیّات زائدة على صورة الرائی من حیث هی هی ، مختفیة عنه بدونها ، فهی سرّه الذی یظهر بها ، وذلک مما لم یمکن أن یظهر له بدون وجود محلّ هو بمنزلة المادّة لهذا الأمر ، وتجلَّیه له هو بمنزلة الصورة .

فالأوّل هو العالم کلَّه ، والثانی هو آدم نفسه ، فاندفع حینئذ ما ذکر .

أمّا الأوّل فظاهر ، لعدم المغایرة هناک .

وأمّا الثانی فلأنّ القلم لکونه صورة العلم الإجمالی - المکنى عنه بـ «نون» یجب مطابقته للعلم التابع للمعلوم ، فالصورة التی فیه لیست ممّا لم یکن بدونه یعطیها ، فإنّ سلطنة الإعطاء مختصّة بأصل القابل وصمیم هیولاه ، فلا یکون له منزلة المرآة ذات الخصوصیّات والأسرار - على ما ستطَّلع علیها .

أمّا الأوّل : فهو أنّ الوحدة الحقیقیّة على ما عرفت غیر مرّة آبیة عن ثنویّة التقابل ، فکلَّما کانت جهات الکثرة فی مظهرها أشمل ، کان ظهورها فیه أتمّ ، ووجهها فیه أجمع .

وأمّا الثانی فهو أنّ صورة الجمع بین طرفی الإجمال من النون وتفصیله ، هی النقطة ، کما أنّ القلم هو الألف ، وهذا یناسب ثانی الاحتمالین . 

فقوله : « ولا تجلیة له » تفعلة على هذا التقدیر ، ویمکن أن یقرء : « تجلیه » بالإضافة إلى فاعله ، والأول أوفق لسیاق الکلام على ما لا یخفى .

وقوله : ( وقد کان الحقّ أوجد العالم کلَّه ) جملة حالیّة ، لا اعتراضیّة فإنها مبیّنة لأمر الکون المذکور بأنّه موجود بمادّته ، فلا بدّ مما یجعله بالفعل ، وهی الصورة ، وهو أوّل الأمرین الموقوف علیهما ظهور السرّ .

والتعبیر عنه بالماضی إشارة إلى ما للمادّة من التقدّم الذاتی ، وأنّ الفاعل عند تحصیل هذه الغایة الکمالیّة وإظهارها مشغول عن جعل المادّة وإیجادها إلى تصویرها بالفعل ، فلذلک ما نسب الإیجاد بإطلاقه إلى العالم بل خصّصه و من ها هنا اختصّ مباشرة الید بآدم فی قوله : "خمّرت طینة آدم بیدی" .

ثمّ إنّه کما أنّ لآدم کمالا بحسب الإظهار وله منزلة التجلیة للمرآة ، له الکمال بحسب الظهور أیضا ، وله منزلة الروح فی الشبح .

فقوله : ( وجود شبح مسوّى لا روح فیه ) إشارة إلى الثانی "آدم".

وقوله : ( فکان کمرآة غیر مجلوّة ) إلى الأوّل "العالم کله" تطبیقا لصورة مسألته بالمثال مادّة وصورة .

ثمّ لمّا بیّن وجود المادّة وتقدّمها الذاتی مومیا إلى أنّها من حیث هو قابل فارغ عنه الفاعل ، غیر محتاج هو إلیه کما ستطلع على تحقیقه أشار إلى بیان نسبة الإیجاد من الفاعل ، والقبول من القابل بحیث ینطبق على ما ذهب إلیه من التوحید الذاتی ، ویوافق ما أشار إلیه فی صدر الفصّ من تسویة العبارتین فی مادة الشبح المسوّى ، الغالب علیها قهرمان الکثرة .


شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له. وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة.)

قوله : "فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرأة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له "

أعلم أن رؤیة الحق سبحانه أعیان الأسماء فی الکون الجامع ینبغی أن یکون غیر العلم بها.

فإن العلم بها ثابت أزلاً وأبداً لا احتیاج فیه إلى مظهر ولا سبق مشیئة،

فالمراد بها : إما العلم بعد الوجود فیکون التغیر فی المعلوم لا فی العلم ، فالعلم بالشیء قبل وجوده علم وبعد وجوده رؤیة وشهود، ولیس فیه مزید فائدة.

وأما الإبصار إما نظراً إلى مقام الجمع على أن یثبت البصر للحق سبحانه مغایراً لنسبة العلم سواء کانت صفة وجودیة أو نسبة اعتباریة.

فالشیء قبل وجوده معلوم وبعد وجوده مرئی مبصر،فإن الشیء ما لم یوجد لم یبصر.

وإما نظراً إلى مقام الفرق فتکون الأشیاء مرئیة للحق سبحانه باعتبار ظهوره فی المظاهر فیکون مرائیاً فی المظاهر، کما آنه مرئی فیها .

فان قلت : آعیان الأسماء أمور معقولة فکیف تتعقل الرؤیة لها.

قلت ذلک إنما هو باعتبار اتحاد المظاهر بالمظهر .

فإن قلت: بعض المظاهر أیضاً غیر مدرکة بالبصر کالمجردات.

قلت : إذا کان البصر مستنداً إلى مقام الجمع فیمکن أن لا یکون مشروطاً بأن یکون المبصر مادیاً.

وإذا کان مستنداً إلى مقام الفرق فیمکن أن یکون المراد به قوة العلم والحضور سواء کان بالبصر أو البصیرة .

فإن قلت : أعیان بعض الأسماء وآثارها إنما تدرک بسائر القوى کالسمع واللمس  والذوق والشام والقوى الباطنة ، فما وجه التخصیص بالرزیة .

قلت : المراد بالرؤیة : إما الإحساس مطلقاً بل الإدراک بعد الوجود أو ترک ما عداها، لأنه یعرف بالمقایسة.

ولما کان القائل أن یقول : إن الحق سبحانه کان یعلم الأسماء وأعیانها ویراها ویشاهدها أزلاً فی مجلى التعیین الأوّل والثانی من غیر وجود الکون الجامع فی الخارج ، فأی حاجة إلى وجوده علل المشیشة.

دفعاً لذلک بقوله: (فإن رؤیة الشیء نفسه بنفسه) من غیر توسط ظهوره فی المظهر (ما هی) أی تلک الرؤیة (مثل رؤیة نفسه فی أمر آخر یکون) هذا الأمر.

أی کذلک الشیء (کالمرآة) لانطباع صورته فیه (فإنه)، أی ذلک الشیء حین یظهر فی المظهر (تظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه) بحسب قابلیته لتجلیه(مما لم یکن)، أی من صورة لم تکن (یظهر) هذه الصورة (له)، أی لذلک "من غیر وجود هذا المحل و لا تجلیه له."

"و قد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة."

الشیء بنفسه (من غیر وجود هذا المحل) المنظور فیه (ولا تجلیه)، أی تجلی ذلک الشیء (له) أی لهذا المحلی .

ولما کان الرائی ههنا هو الحق سبحانه عبر عن التقابل بالتجلی .

وقرأ بعضهم : ولا تجلیة بالتاء على وزن تفعلة، أی ومن غیر تجلیة للمحل من الجلاء.

ثم إنه کذلک القائل أن یعود ویقول : کما کان الحق سبحانه یعلم نفسه بدون الکون الجامع کذلک کان تعلیمها ما یلحقها عند ظهورها فیه، فأی حاجة إلى وجوده فعلة المشیئة فی الحفیقة هی الرؤیة المغایرة للعلم على أی وجه کانت لا غیر.

لا یقال : یلزم من ذلک استکماله سبحانه بغیره.

لانه یقال : هذا الشیء له کالمرآة من مظاهره التی لیست غیره مطلقاً بل من وجه لا یخفى ما فى هذا الجواب ، فإن مرآئیة هذا الشىء إنما هى من جهة المغایرة ، فیلزم الاستکمال به من حیث إنه غیر و یعسر لا المحذور . فالحق فی الجواب أن یقال : إن للحق سبحانه کمالین : ذاتیاً وإسمیاً.

وامتناع استکماله بالغیر إنما هو فی الکمال ألذاتی لا الأسمائی.

فإن ظهور أیام لأسماء تمتنع بدون ان مظاهر الکونیة، ولما بین رضی اللّه عنه تعلق المشینة بوجود الکون الجامع أردفه بذکر وجود شرائط وجوده بل موجباته بجملة حالیة.

فقال : (وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله)، أی أفاض علی أعیانه الثابتة وجوداً یماثل (وجود شبح مسوّى) معدل (لا روح فیه)، فإن کلاً من الموجودین  یستتبع وجود أمر آخر فوجوب العالم یستتبع الکون العالم .

ووجود الشبح المسوی یستتبع وجود الروح و نفخه فیه (فکان) ، أی العالم  بلا وجود الکون الجامع الذی هو بمنزلة الروح له (کمرآة غیر مجلوة)،  لأن الروح للشبح المسوى بمنزلة الجلاء للمرأة إذ بهماً کمالهما.  ثم أنه رضی الله عنه بین حال الممثل به لیعلم حال الممثل له .


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه : (  فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل ولا تجلیه له.  وقد کان الحق سبحانه أوجد العالم کله وجود شبح مسوى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوة. )

قال الشیخ رضی الله عنه : (فإن رؤیة الشی ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة فإنه تظهر له نفسه هی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل و لا تجلیه له ) . 


قال الشارح رحمة الله : 

و قال رضی الله عنه : (إن رؤیة الشیء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیة نفسه فی أمر آخر)، هذا دفع اعتراض متوهم، و هو أن الله تعالى أزلی الذات، و أزلی الصفات، فکان بصیرا بذاته فی الأزل و لا  شیء معه، فکان یرى الأعیان فی العدم فی القدم . 

فأجاب رضی الله عنه بأن له تعالى الرؤیة، و لکن رؤیة  الشیء بنفسه کرؤیة الحق الأعیان الثابتة فی نفسه و ذاته فی حضرة اتحاد العالم، و المعلوم، و العلم لیس کرؤیة نفسه فی أمر آخر. أی الذی یرى نفسه بنفسه فی نفسه لیس مثل ما یرى نفسه فی أمر آخر.

و إنما قال رضی الله عنه فی أمر آخر، و ما قال فی الغیر لأنه لا غیر عنده، و لکن کأنه غیره من بعض الوجوه و التجلی ما خرج عن الأقدس الذاتی . 

فحاصل کلامه رضی الله عنه: إن الرؤیة قد تتعلق بالمعدوم فی الخارج، و قد تتعلق بالموجود فیه، فإذا تعلقت بالموجود فی الخارج تعلقت بحسبه، فإنها تابعة للمرئی کالعلم فإنه تابع للمعلوم مطلقا حقا أو خلقا، فافهم .


"" أضاف المحقق قال سیدی علی وفا رضی الله عنه : إذا أفادک الحق نفسه بکشفه وبیانه فحصلت لک رؤیته والتحقق به ، فإنما رآه و تحقق به نفسه التی أفادک إیاها، فهو لا یراه إلا إیاه، ولا یتحقق به سواه، و کل صدیق لصادقه هو، یتحقق به ویراه، فنفاة الرؤیة و مثبتوها على صواب کما سمعت، فافهم.

قال تعالى : " قُلْ یَاأَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَکُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْهَا وَمَا أَنَا عَلَیْکُمْ بِوَکِیلٍ" [یونس: 108]، إنما یعنی هنا أنا المستحق الأصیل إن عرفتم حقی الجمیل الجلیل، فافهم. ""

( یکون له ): أی أمر آخر یکون لذلک  الشیء فی الرؤیة (کالمرآة ) المصقولة الصحیحة المقابلة، فإنه یرى فیها بحسبها لا بحسب الرائی.

فإنه تظهر له : أی للشیء نفسه فی صورة یعطیها: أی استعداد المرآة و هی المحل المنظور فیه و هو العالم، أو الإنسان الکامل، کالوجه یرى فی المرآة بحسبها مختلفة کالاستطالة و الاستدارة و غیرهما مع وحدة الوجه الناظر فیها، و ما ذلک إلا لاختلاف الاستعدادات و القابلیات فی ذات المرآة . 

( مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل) الذی بمنزلة المرآة و المجلی، (و لا تجلیه له ) عطف على یظهر: أی لا یظهر له و لا تجلى من غیر هذا المحل، فلمّا کان الرائی هو الحق عبر عن التقابل و التواجه بالتجلی لاستلزامه العلم.

و الشعور بالمتجلی کما هو المصطلح: أی و لا یظهر تجلیه: أی تجلی الحق له: أی للمحل من غیر هذا الوجه، و هو الوجود الخارجی . 


ذکر الشیخ عین القضاة قدّس سره فی بعض تصانیفه عن شیخه الشیخ أحمد الغزالی: 

إن شیخه أبا بکر النسّاج قال فی مناجاته: إلهی ما الحکمة فی خلقی؟

فقال له: الحکمة فی خلقک رؤیتی فی مرآتک روحک، و محبتی فی قلبک . 

ذکره الشیخ عبد الرحمن الجامی قدّس سره فی "النفحات" . 

قال الشیخ قدس الله سره: (و قد کان الحق أوجد العالم کله وجود شبح مسوّى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوّة)

( و قد کان) اعلم أن لفظ کان یعطی التقیید الزمانی، و لیس المراد هنا به ذلک و لا فی الإلهیات، کما قال سبحانه: "و کان اللّهُ غفُورًاً رحِیماً" [ الفرقان: 70].

و إنما المراد به: الکون الذی هو الوجود، فتحقیق کان أنه حرف وجودی لا لفعل بطلب الزمان، و لهذا لم یرد ما یعتقدون علماء الرسوم، و لا کما قیل فی قوله صلى الله علیه و سلم:" کان الله و لا  شیء معه "الحدیث.

و هو الآن کما کان زیادة مدرجة فی الحدیث ممن لا یلاحظ معنى کان فی الإلهیات، و لا سیما فی أمثال هذه المواضع، فلهذا أسماها و أخواتها بعض النحاة حروفا تعمل على الأفعال، و هی عند سیبویه حرف وجودی، و لو تخیل فیه الزمان لوجود التصرف من کان یکون، فهو کائن . 

هذا الذی سقناه إنما هو على قول الولی إذا قال مثل هذا اللفظ.

أو نطق به من مقام ولایته لأن مقام المرتبة التی منها بعث رسولا، فإن الرسول إذا قال مثل هذا اللفظ فی المعرفة بالله من مقامه الاختصاصی فلا کلام لنا فیه، و لا ینبغی لنا أن نشرع فیما لیس بذوق لنا .  

و أمّا بلسان الولایة فنحن نترجم عنه بأعلى وجه یقتضیه حالها هذا غایة الولی فی ذلک، فإذا عرفت أنه لیس المراد من لفظ  کان معنى القبلیة الزمانیة، بل أنه أداة توصیل تدل على نسبة یحصل بها المقصود فی نفس السامع . 

فاعلم أنه رضی الله عنه یشیر بقوله: قد کان إلى المساوقة لمن وقف علیها ألا یتقید وجود الحق مع  وجود العالم بین الإیجاد و المشیئة الأزلیة، و إن کانت العبارة توهم بالمسابقة، و لکن ما یقول بها عقل، و لا یقدر على إقامة البرهان على ما ادّعاه.

و إنما قلنا بالمساوقة لأن الحقائق أعطت لمن وقف علیها أن لا یتقید وجود الحق تعالى مع وجود العالم بقبلیة، و لا معیّ ة و لا بعدیة .

فإن هذه کلها أحکام الزمان، و أحکام الزمان فی الإلهیات قد رمت به الحقائق فی وجه القائل بها: اللهم إلا أن یقول للتوصیل، و التعمیم إذ لیس کل أحد أعطی الکشف على حقائق الأمور.

فلا نقول من لسان الحقائق على ما هو الأمر علیه فی نفسه أن العالم موجود بعد الحق، کما لا نقول أنه موجود قبل الحق، و لا مع الحق فإن الحق هو الذی أوجده من العدم هو فاعله و موجده و مخترعه، فلا قدم له مع الحق بجمیع الوجوه من الوجوه.

و لکن نقول الحق موجود بذاته، و العالم موجود به تعالى فی حال لا قبل، و لا بعد، و لا مع لأنها کلها علل، و المقام مقام التنزه عن الآفات و العلل، و أین أنت من أن الزمان مقدر حرکة الفلک؟ و متى کان الفلک؟

و متى کان حرکته حتى یعتبر مقدارها زمانا؟

و هو من عالم الحق، و کلامنا من فوق عالم الأمر . 

فإن قال متوهّم، فمتى کان وجود العالم من وجود الحق؟

قلنا: السؤال عن متى سؤال عن زمان، و هو من عالم النسب، و عالم النسب من عالم الخلق، و هو مخلوق لله تعالى، فلا نحکم على ما فوقه . 

فانظر کیف تسأل، و إیاک أن تحجبک آلات التوصیل، و أدوات التفصیل عن تحقیق المعانی الصرفة التی لا یحتملها، أو إلى الحروف و الاصطلاحات، و لا تسعها قوالب الألفاظ، و ظروف العبارات . 

و هکذا الأمر هنا فی نفس الأمر، فإنه قال رضی الله عنه: لما شاء الحق تعالى، ثم قال: و کان الحق أوجد، و هما یطلبان التقدّم، و التأخّر، أو المعیة، و مثل هذه وقع فی التنزیل، و هو قوله: "و کان عرْشُهُ على الماءِ" [  هود: 7] . 

حتى فهموا من هذا السوق قدمهما، فإذا تقرّر هذا، فقد تبین أن هذه الألفاظ الموهمة هی من الآیات المتشابهة الواجبة التأویل، و من أدوات التعلیم و التفهیم و التوصیل، و ینبغی لکل عالم على حسب فهمه، و قوة نفوذه، وحدة بصیرته و بصره أن یفهم المعانی من وراء حجاب الألفاظ، و یغالط نفسه، و لا یغالط نفسه، فافهم .

فإن الأمر أنزه أن یعبر، وأعزّ من أن یشار إلیه و یفسّر، وهنا سر آخر وهو من بعض محتملاته، وهو أنه ورد فی الخبر الصحیح :" کان الله ولا شیء معه"  

ثم أدرج فیه العارف، و قال: الآن کما کان: أی لم ترجع إلیه من إیجاده العالم صفة لم یکن علیها أزلا، بل کان موصوفا لنفسه، و مسمّى قبل خلقه بالأسماء التی یدعونه بها.

فلما أراد وجود العالم، فانفعلت الحقیقة الکلیة المسمّاة بالهباء التی هی بمنزلة طرح الجص للبناء لیفتح فیها ما یشاء من الصور و الأشکال، و هی أول موجود العالم، فتمددت تلک الحقیقة الجصیة المطروحة بمدد و ممدد ذاتی و اقتضاء أصلی أشباحا و أشکالا و صورا بلا أرواح على الحسب التقدیر السابق، و تفصیله القائم بنفس الموجد الحق سبحانه.

فإن علم العالم و قدره بعلمه، و علمه تابع للمعلوم، و المعلوم عین ذاته لأنه فی مقام وحدة العلم و العالم و المعلوم، فافهم هذا المبهم، و لا تخف إن ما فی الوجود غیره، و کل ما فی الوجود مراتب التنزلات الإلهیة . 

أما ترى إشارة قوله سبحانه: "إنّما قوْلنا لشیْءٍ إذا أردناهُ أنْ نقُول لهُ کُنْ فیکُونُ" [ النحل: 40] إنه تعالى أثبت له نحو وجوده لیسمع، و یطیع خطاب کن فیکون، فالقول قدیم، و ثبوت  الشیء باعتبار عینه الثابتة أقدم، فافهم . 

و تحقیق هذه المسألة للأعیان الثابتة فی حال عدمها وجودیا علما بالنسبة إلى الحق، و خالیا بالنسبة إلى الإنسان الکامل المتحقق بالحق: أی بمرتبته.


فیقول الحق تعالى له :  "کن فیکون" لسامع هذا الأمر الإلهی وجودا حسیا.

أی یتعلق به الحس فی الوجود الحسی کما یتعلق به الخیال فی الوجود الخیالی .

و هنا حارت الألباب هل الموصوف (بالوجود) المدرک بهذه الحواس هو العین الثابتة؟ أم لا؟ فافهم، ذکره رضی الله عنه فی  حضرة الخالق من "الفتوحات" : 

و أیضا أن للممکن حضریة العدم، و الوجود عارض له، قال تعالى إشارة إلى هذه النکتة: "و آیةٌ لهُمُ اللّیْلُ نسْلخُ مِنْهُ النّهار" [ یس: 37].

فقدّم رتبة اللیل الذی هو صورة العدم على رتبة النهار الذی هو صورة الوجود.

فحکم العدم یتوجّه على ما وجد من الصور العلمیة فی ثبوتها.

و حکم الإیجاد من واجب الوجود ما کان ما یکون بحسب اقتضاء الأعیان.

فالذی برز فی الوجود من الصور هو علمه بالعالم، و علمه بالعالم عین علمه بنفسه، و علمه بنفسه کان أزلا أبدا .

لا عن عدم نعلمه بالعالم  کذلک، فالعالم کذلک، و لکن تقدّم الحق تعالى لأنه صفة له و صفات الحق قدیمة بقدمه، فافهم . 

فإنی أدرجت لک فی هذا ملاک التصوف إن کنت صافیا، و فهمت فی ضمن هذا السوق أن المسابقة على وزن المساوقة، و حکمها سواء و ذلک لأن الأشیاء لها مواطن و أحکامها بحسبها، و لیست هذه المسألة من  مدرکات العقل . 

و من أغرب أحکام هذا العالم، و أعجبها أن العقل بحکمه ضرورة على العلة، أنها لا تکون معلولة لمن هی علة له، و لا المعلول سابق العلة، هذا حکم العقل السلیم المستقیم لا خفاء فیه، بخلاف العلم التجلی فإنه یحکم أن العلة تکون معلولة لمن هی علة له، و المعلول سابق العلة، و ذلک لوحدة العین، و صاحب العقل یرمی هذا الذوق، و أرباب الوهم بالذوق منه فیه . 

هذا هو جمع الأضداد الذی أشار إلیه، و إلى تحققه وجه من وجوه الحق بقوله : 

عرفت الله بجمیع الأضداد، ثم تلا: "هُو الْأوّلُ و الْآخِرُ و الظّاهِرُ و الباطِنُ" [ الحدید: 3] . 

و لا نقول بالاعتبارین لأنه سائغ فی کل الأمور.

بل باعتبار واحد من عین واحدة، و نسبة واحدة، هذا هو الذوق الذی ذاقه أرباب الکشف و الشهود و المعتنی الذی اعتنى بالقول بوحدة الوجود، هؤلاء القوم قد فارقوا المعقول، و لم تقیدهم العقول، هم الإلهیون حقا المحقّقون الذین حقّقهم الله بما أشهدهم صدقا . 

قال تعالى: "و ما رمیت إذْ رمیت و لکِنّ اللّه رمى"  [ الأنفال: 17] فأثبت، و نفی، و عرا و کسا حسبنا الله و کفى . 

فإذا فهمت ما قلناه إن شئت قلت بالإیجاد، و الخلوة و التأثیر، أو بالظهور و البروز و الإبراز، و الإظهار فلا مناقشة فی الألفاظ . 

قال تعالى: "یخْلقُ ما یشاءُ و یخْتارُ" [ القصص: 68]، "و على اللّهِ قصْدُ السّبیلِ" [ النحل: 9] . 

( الحق تعالى) إنما قال: الحق، و لم یقل: الله إذ لا یطلب الحق إلا بالحق، فالأعیان لو لا ما تستحق أن تکون مظاهرا لما ظهر الحق فیها . 

( أوجد ): أی أظهر العالم من العلم إلى العین .

  

 اعلم أن الخلق خلقان:

خلق تقدیر و هو الذی یتقدّم الأمر الإلهی کما قدّمه فی قوله تعالى: "ألا لهُ الخلْقُ و الْأمْرُ" [ الأعراف: 54] . 

و خلق آخر بمعنى الإیجاد، و هو الذی یساوق الأمر الإلهی بالتکوین بین خلقین خلق تقدیر، و خلق إیجاد، فمتعلق الأمر خلق الإیجاد، و متعلق خلق التقدیر تعیین الوقت لإظهار عین الممکن، فیتوقف الأمر الإلهی علیه.

و هکذا تعلق علم الباری بها أزلا، فلا یوجدها إلا بصورة ما علمه فی ثبوتها فی حال الثبوت، فالأمر الإلهی یساوی الخلق الإیجادی فی الوجود.

فعین قوله: کن عین قبول الکائن للتکوین فکان فالفاء للتعقیب، و لیس هنا تعقیب إلا فی الرتبة، فافهم . 

( العالم کله) العالم مأخوذ من العلامة، و هو عبارة عن کل ما سوى اللّه، و العوالم کثیرة جدا، و أمهاتها هی الحضرات الوجودیة، و أول العوالم المتعینة من العماء عالم المثال المطلق، ثم عالم الرسم، ثم عالم القلم و اللوح، ثم عالم الطبیعة من حیث ظهور حکمها فی الأجسام تحقیقی الهیولی و الجسم الکل، ثم العرش، ثم هکذا على الترتیب إلى أن ینتهی الأمر إلى الإنسان فی عالم الدنیا، ثم عالم البرزخ، ثم عالم الحشر، ثم عالم جهنم، ثم عالم الجنان، ثم عالم الکثیب، ثم حضرة أحدیة الجمع و الوجود الذی هو ینبوع جمیع العوالم کلها، هکذا کاشفه صاحب الکشف الأتم، فافهم و الله الهادی و المفهم . 

( العالم کله) العالم مأخوذ من العلامة، و هو عبارة عن کل ما سوى الله.

و العوالم کثیرة جدا، و أمهاتها هی الحضرات الوجودیة:

و أول العوالم المتعینة من العماء عالم المثال المطلق.

ثم عالم الرسم.

ثم عالم القلم و اللوح.

ثم عالم الطبیعة من حیث ظهور حکمها فی الأجسام تحقیقی الهیولی .

و الجسم الکل.

ثم العرش.

ثم هکذا على الترتیب إلى أن ینتهی الأمر إلى الإنسان فی عالم الدنیا.

ثم عالم البرزخ.

ثم عالم الحشر.

ثم عالم جهنم.

ثم عالم الجنان.

ثم عالم الکثیب.

ثم حضرة أحدیة الجمع و الوجود الذی هو ینبوع جمیع العوالم کلها.

هکذا کاشفه صاحب الکشف الأتم، فافهم و الله الهادی و المفهم .

( وجود شبح) : أی کوجود جسم مسوى التسویة غیر التعدیل، لعل التسویة اعتبار کمیة الأجزاء و التعدیل باعتبار کیفیة الأعضاء لتحصیل المزاج و هو کیفیة مشابهة لا کما تبادر لبعض الأفهام، حتى أنه فسّر التسویة بالتعدیل . 

أما ترى قوله تعالى:" الّذِی خلقک فسوّاک فعدلک . فی أی صُورٍة ما شاء رّکبک" [الانفطار:7،8] جعل التعدیل بعد التسویة لا عینها . 

و قال رضی الله عنه: إن الله ما جمع التسویة و التعدیل و النفخ.

و قوله: کن إلا فی الإنسان، فجعل التعدیل غیر التسویة، بل جعل الخلق رباعیا، فافهم . 

( لا روح فیه) لفقد عین الإنسان الذی هو إنسان العین، و لم یکن شیئا مذکورا .

( فکان کمرآة غیر مجلوّة ): أی کان العالم  کله أعلاه، و أسفله کمرآة مسودّة غیر مجلوّة إشارة إلى الجسم الکل الظاهر من وجود الهیولی ، و الطبیعة الکل ظلما مسودا یسمّى شبحة سوداء لهذه الظلمة الطبیعیة التی فیه لأن الطبیعة ظل نفس الکل المعبر عنها بلسان الشرع باللوح المحفوظ، فإذا احتدّ إلى ذات الهیولی الکل یظهر من جوهر الهیولی، و الطبیعة جسم مظلم سمّی الجسم الکل.

تتوجّه إلیه النفس بإنارته فتنشر الحیاة فی جمیع أعضائه، فتلک عبارة عن نفخ الروح فی عالم الأجسام العلوی و السفلی، فافهم.

فإن هذا ملخّص کلام الشیخ الإمام رضی الله عنه فی "الفتوحات" و فی غیره .

قال رضی الله عنه: غیر مجلوّة أراد بعدم جلائها احتجابها بذاتها، فلا ترى نفسها إلا بعین الاتحاد لا بعین الامتیاز.

فأوجد آدم على صورة الکون: أی جمیع الکائنات غیبا باطنا و ظاهرا شهادة لیقابل بغیبة الغیب، و بشهادته الشهادة لیتجلى له بجمیع الأسماء، فافهم . 


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص ۱۳

فإن رؤیة الشی‏ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه‏

فی أمر آخر یکون له کالمرآة، فإنّه تظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه مما لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل و لا تجلّیه له.

 چون رؤیت چیزى خودش را به خودش، مانند رؤیت خودش در چیز دیگر نیست.

مثلا رؤیت انسان خودش را و رؤیت خودش در آینه. که آن اهتزاز و التذاذ که از مشاهده در مرآت حاصل است در غیر آن نیست.

و قد کان الحق- سبحانه- أوجد العالم کلّه وجود شبح مسوّى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوّة. 

همانا که حق تعالى همه عالم را شبحى و موجودى معتدل و مسوّى آفرید بدون روح و عالم در این صورت مانند آینه جلا نداده بود

(که رو نمى‌داد)


نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 54

فانّ رؤیة الشّی‏ء نفسه بنفسه ما هى مثل رؤیته نفسه فى أمر آخر یکون له کالمرآة؛ فإنّه یظهر له نفسه فى صورة یعطیها المحلّ المنظور فیه ممّا لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحلّ و لا تجلّیه له.

این جواب است از سؤال مقدّر؛ همانا که سائلى پرسیده که: اللّه تعالى پیش از آنکه عالم و آدم آفرید، بصیر بود، پس چگونه چیزى را که مى‌‏دید، خواست تا ببیند؟؟.

جواب مى‏فرماید که: دیدن چیزى نفس خود را، به خود، در نفس خود، چنان نباشد که دیدن او نفس خود را، در چیزى دیگر؛ که آن چیز، مانند آینه باشد او را؛ و حقا که آن آینه را، خاصیّتى باشد که ظاهر مى‏گرداند مر بیننده را نفس او چنانکه اوست؛ در صورتى که محلّ منظور فیه که آینه است نماینده آن‏ صورت است، چنانکه آن صورت است؛ و آن صورتها چنانکه هست، ظاهر نشدى، اگر نه وجود این محل، منظور فیه بودى؛ و نه حق و نه هیچ صورت نیز تجلّى کردى.

پس از این سبب وجود انسان آینه جمال الهى گشت، تا حضرت عزّت تعالت آلاؤه- هرگاه که تجلّى فرماید بر آن انسان، که آینه صفت مستعدّ جمال نمایى است، ذات و صفات و افعال حق، به حق، نماید، که:

«المؤمن مرآة المؤمن»

این معنى دارد.

بنابراین معانى که گفته شد، قوله- قدّس سرّه: «فإنه یظهر» علّت عدم مماثلت باشد. و ضمیر از براى شأن بود؛ و جمله واقعه بعد از وى، مفسّر وى.

و من [در «ممّا لم یکن»] بیان را است. و ضمیر [در تجلّیه‏] راجع است به حقّ تعالى ... و ضمیر «له» راجع به محل باشد.


و اگر سائلى پرسد که: بنابراین تفسیر و تقریر لازم آید که: استکمال حق- تعالى- به غیر بوده باشد.

جواب گوییم که: مرآت نیز که مظهر و مجلاست، مطلقا غیر، نیست، تا استکمال به غیر لازم آید، بلکه او را دو جهت است؛

یکى بعین شخصى وى- که لاحق وى شده، و آن جهت غیریّت است.

و یکى جهت وجودى- که قیام همه موجودات به آن وجود است؛ و این عین وجود حق است. و مؤیّد این جواب آن است که گفته: «یکون کالمرآة له» که مرآت نیز به خود، وجودى محقّق ندارد؛ بلکه اصل جمیع تعیّنات، وجود مطلق است- تعالى شأنه عن سمات الحدوث-.

و قد کان الحقّ- سبحانه- أوجد العالم کلّه وجود شبح مسوّى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوّة. 

این جمله‏‌اى است معترضه میان شرط و جزاء واقع شده. و مراد از عالم در این موضع، عالم کبیر است. «واو» [در «و قد کان»] بمعنى حال است. و «وجود شبح» صفت موصوفى محذوف است؛ یعنى: وجودا مثل وجود شبح ... و «ما» [در «ما بقى»] بمعنى نفى است.

مى‏‌فرماید که: حق- جل جلاله- اعیان ثابته عالم کبیر به وجود عینى بطریق تفصیل، موجود گردانید در خارج مانند کالبدى که در وى هیچ روح نباشد؛


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 93-94

فإنّ رؤیة الشی‏ء نفسه بنفسه ما هى مثل رؤیته نفسه فى أمر آخر یکون له کالمرآة؛ فإنّه تظهر له نفسه فى صورة یعطیها المحلّ المنظور فیه ممّا لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحل و لا تجلّیه له.

درین کلام ایماست به سؤال مقدر که حق سبحانه و تعالى پیش از ایجاد عالم انسانى مشاهده ذات و کمالات خود مى‏‌کرد، کما

قال أمیر المؤمنین کرّم اللّه وجهه:

«بصیر إذ لا منظور إلیه من خلقه»

پس رؤیت خویش در کون جامع که انسان کامل است چگونه خواست؛ پس بر طریق جواب مى‌‏گوید که دیدن چیزى نفس خود را در نفس خود نه چون دیدن او باشد نفس خود را در محلّى دیگر که به منزله آینه باشد او را، چه آینه را خصوصیتى است در ظهور عین آن چیز؛ و این خصوصیّت بى‏آینه حاصل نمى‏‌گردد و بى‏تجلّى آن چیز مر این آینه را میسّر نمى‌‏شود، چنانکه درمى‏یابى که نفس انسان را در حالت مشاهده صورت جمیله خود در آینه اهتزاز و التذاذى حاصل مى‏گردد که در هنگام تصوّر او مر صورت جمیله خود را آن اهتزاز و التذاذ نیست؛ و چنانکه مى‏‌بینى که صورت مستطیله در آینه مستدیره، مستدیر مى‏‌نماید و صورت مستدیره در مرآت مستطیله، مستطیل، بیت:

در هرآینه روى دیگرگون‏     مى‌‏نماید جمال او هردم‏

لاجرم هر جمالى را عشوه‏‌اى دیگر است، و هر شرابى را نشئه‌‏اى دیگر.

هر جامه‌‏اى را طرازى دیگر است، و هر جامى را اهتزازى دیگر. هر گلى را طراوتى دیگر است، و هر شکرى را حلاوتى دیگر. یک شاهد چون هزار آینه را به نظر خود بیاراید، هرآینه در هرآینه روئى دیگر پیدا آید و هر جمالى را کمالى ظاهر شود و از مشاهده هر کمالى بیننده را حالى پدیدار گردد، آه! شعر:

ما فتنه بر توئیم و تو فتنه بر آینه‏         ما را نگاه بر تو ترا اندر آینه‏


تا آینه جمال تو دید و تو حسن خویش‏ تو عاشق خودى ز تو عاشق‏تر آینه‏

اگر گویند ازین تقریر لازم مى‏‌آید که حق سبحانه و تعالى مستکمل باشد بغیر؛ گوئیم آن چیز که حق را به منزله آینه است از جمله لوازم ذات و مظاهر اسما و صفات اوست و مطلقا غیر او نیست، بلکه از وجهى عین و از وجهى دیگر غیر اوست، پس مستکمل بغیر نباشد، بلکه مشاهده صورت اسما و صفات خویش در مرایاى مظاهر علمیّه کرده بود چنانکه گاهى خود را آینه محبّ ساخته جمال ذات خویش هم به چشم خود در نظر محب جلوه دهد. خواجه قدس سره مى‏فرماید:

بیت:

این نکته‌‏ایست مشکل و مغلق گمان مبر کز غیر کسب کرد کمالات کردگار

زیرا که عین یکدیگرند این دو آینه‏         عین و نه عین و غیر و نه غیر اینت کاروبار

اینجاست عقل عامى و نادان و اجنبى‏         آنجاست و هم واله و مجنون و بى‏قرار

و قد کان الحقّ أوجد العالم کلّه وجود شبح مسوّى لا روح فیه، فکان کمرآة غیر مجلوّة 

یعنى حق سبحانه و تعالى بر مقتضاى اسماى حسنى ایجاد کرده بود عالم را که عبارت است از اعیان ثابته مثل صورتى که در وى روح نباشد، پس این به منزله آینه‏اى بود که او را جلا نداده باشند


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 516

فإنّ رؤیة الشّى‏ء نفسه بنفسه ما هی مثل رؤیته نفسه فی أمر آخر یکون له کالمرآة؛ فإنّه یظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحلّ المنظور فیه ممّا لم یکن یظهر له من غیر وجود هذا المحلّ و لا تجلّیه له.

شرح ضمیر «له» راجع به محلّ است. این جواب است از سؤال مقدّر؛ گویى سایلى پرسید که: اللّه- تعالى- پیش از آفرینش عالم و آدم بصیر بود، پس چگونه چیزى را که مى‏دید، خواست تا ببیند؟ فرمود: که، دیدن چیزى نفس خود را به خود در خود، چنان نباشد که، دیدن نفس خود در چیزى دیگر، که، آن چیز مانند آینه باشد او را؛ و حقّا که آینه را خاصیّتى است که ظاهر مى‏گرداند مر بیننده را نفس او، چنانچه اوست. در صورتى که محل منظور فیه، که، آینه است، نماینده آن صورت است، چنانچه آن صورت است، و آن صورت چنانچه آنست ظاهر نشدى، اگر نه وجود آن محل منظور فیه بودى؛ و نه حق و نه هیچ صورت نیز تجلّى کردى به آن محلّ؛ و اگر کسى گوید بنا بر این تقدیر لازم آید که استکمال حق به غیر بوده باشد؟

گو: هم مرآت که مظهر و مجلى است، مطلقا غیر نیست. و از اینجا گفت: «یکون له کالمرآة»

و نگفت: «یکون له مرآة». زیرا که مرآت نیز به خود وجودى متحقّق ندارد، بل که اصل جمیع تعیّنات وجود مطلق است.

و قد کان الحقّ- سبحانه- أوجد العالم کلّه وجود شبح مسوّى لا روح فیها، فکان کمرآة غیر مجلوّة..

شرح «و قد کان» به معنى حال است. فرمود که حق- جلّ و علا- أعیان ثابته عالم را به وجود عینى موجود گردانید: چون کالبدى که در وى هیچ روح نباشد.