عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الخامسة : 


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قال رضی الله عنه : (فالأمر) الذی هو مجموع هذا الوجود (کله)، روحانیة وجسمانیة وقابله ومقبوله وأوله وآخره وظاهره وباطنه

(منه) تعالى لأنه تفصیل مجمله وتبیین مشکله (ابتداؤه) فی الظهور والبطون (وانتهاؤه) فی السعادة والشقاوة .

وقال تعالى: "وأن إلى ربک المنتهى" 42 سورة النجم.

"وأنه هو أضحک " 43 سورة النجم .یعنی أهل الجنة وأبکى  یعنی أهل النار.

ثم لما انتهى الکل إلیه زال الضحک والبکاء ("والیه")، أی إلى ذاته وأسمائه وأفعاله وأحکامه ("یرجع الأمر") المذکور ("کله ") 123 سورة هود.

فلا یخرج عنه شیء منه ولهذا کان: "لیس کمثله شیء " فإن البعض لا یشبه الکل، والکل بعضا فلا یشبه شیء ولا کل شیء، لأنه خلق کل شیء وهو بکل شیء علیم ، فقد فصل کل شیء من مجمله.

وهو بمجمله علیم کما (ابتدأ) الأمر کله (منه) تفصیلا من إجمال، فإنه یرجع إلیه مجملا  من تفصیل.

وحیث تقرر لک فی هذا الکلام أن الحق تعالى أراد أن یرى ذاته متعینة فی أعیان صفاته مسماة بحقائق أسمائه فی جمیع حضراته، لأن رؤیة التفصیل غیر رؤیة الإجمال.

وإن شئت قلت : أن یری ذاته المجمل فی مرآة الإمکان التفصیلیة، لأن رؤیة النفس ظاهرة بصورة الغیر ما هی مثل رؤیة النفس من دون ذلک الغیر.

وقد کان ابتداء الحق تعالى هذا الأمر من غیر إتمام حیث خلق العالم کله روحانیة وجسمانیة فکان بمنزلة الجسد المحتوى الذی لا روح فیه، أو بمنزلة المرأة الغیر المجلوة، وکل جسد مسوی مستعد لروح أمری إلهی وکل مرآة غیر مجلوة مستعدة للجلاء.

فاقتضى الأمر الإلهی لأجل إتمام ما أراده تعالى من خلق جسد العالم وإظهار مرآته الغیر المجلوة.

(جلاء مرآة العالم) بإزالة الکثافة منها، ومسحها من أوساخ القصور والنقصان، وامدادها بالإشراق والصقالة.

(فکان آدم) علیه السلام من حیث روحه وعقله ونفسه وجسده.

(عین جلاء تلک المرآة)، فروحه جلاء العالم الأرواح، وعقله جلاء لعالم العقول، ونفسه جلاء العالم النفوس، وجسده جلاء العالم الأجساد، فبسبب خلق آدم علیه السلام انجلت مرآة العالم کمال الانجلاء .

فظهر له تعالى وجهه متنوعة بعد تنوعات ما یقتضیه صفاته وأسماؤه

کما قال تعالى : "فأینما تولوا فه وجه الله إن الله واسع علیم" 115 سورة البقرة. ومن وسعه کان جمیع ما ظهر من صور وجهه الواحد فی مرآة العالم بالنسبة إلى ما لم یظهر کلا شیء بالنسبة إلى شیء لا نهایة له (وکان) آدم علیه السلام (روح تلک الصورة) التی هی جسد العالم المسوی، فقد أمد الله تعالى عالم الروحانیات بروح آدم علیه السلام.

وأمد عالم العقول بعقله، وأمد عالم النفوس بنفسه، وأمد عالم الأجساد بجسده.

فکان روح هذا الجسد المسؤى، وهذا حکمة تأخیر خلقه علیه السلام عن خلق جمیع أنواع العالم.

وحیث کان آدم علیه السلام حین خلق الله تعالی روح جسد العالم، وقد کانت الملائکة علیهم السلام قبله أجزاء من جسد العالم بمنزلة العروق والأعصاب المتهیئة لسریان القوى الروحانیة فیها عند نفخ الروح قال رضی الله عنه :

(وکانت الملائکة) علیهم السلام یعنی بعد خلق آدم علیه السلام ونفخه، روح أمریة إلهیة فی جسد العالم المسوی.

(من بعض قوى تلک الصورة) المسواة (التی هی صورة العالم) کله (المعبر عنه فی اصطلاح القوم) الصوفیة من أهل الله تعالی (بالإنسان الکبیر).

لأن هذا الإنسان الصغیر الذی هو آدم علیه السلام مختصر منه واسمه إنسان، وهو على صورته لمقابلة کل روحانی منه روحانیة من العالم.

وکل جسمانی منه جسمانیة من العالم، والروح النفخی الأمری الإلهی قدر زائد فی آدم علیه السلام لیس موجودا فی شیء من العالم غیره، وبهذا الروح النفخی المذکور انجلت مرآة العالم، وتم ظهور الله تعالى بنفسه لنفسه .

فکانت الملائکة علیهم السلام (له)، أی لهذا الإنسان الکبیر (کالقوى الروحانیة) العاقلة والمفکرة والمخیلة والوهمیة فی الدماغ، و الهاضمة والجاذبة والطباخة ونحو ذلک فی المعدة.

(و) القوى (الحسیة) الباصرة والسامعة والذائقة والشامة واللامسة (التی فی النشأة الإنسانیة).

فکان العالم قبل خلق آدم علیه السلام بمنزلة القالب المسوى من الطین.

ثم أفرغ آدم علیه السلام فیه بنفخ الله تعالى روحه فی جسده المجموع من أجزاء العالم کلها.

فظهر فی آدم علیه السلام جمیع ما فی العالم.

ولکن اختلف الاسم ففی القالب المسوی ملائکة. وفی آدم علیه السلام قوى روحانیة وحسیة.

وفی القالب عناصر وطبائع. وفی آدم أخلاط وطبائع.

وفی القالب کواکب وأفلاک.  وفی آدم أعضاء وحواس. وهکذا.


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

(فالأمر) أی کل الموجود سوى الله تعالى من الموجودات العلمیة والعینیة (کله) تأکید للاستغراق (منه) أی حصل من الله تعالى على الوجه المذکور.

(ابتداؤه وانتهاؤه وإلیه یرجع الأمر کله) باستهلاکه بتجلی الحق کل آن أو بتجلیه عند القیمة الکبرى فبقی مجردة عن اللواحق العارضة ویتصل إلیه تعالى.

(کما ابتدأ منه) یعنی على الهیئة التی تکون الابتداء علیها یعنی أن ذوات الأشیاء وأحوالها من الابتداء والانتهاء والرجوع إلیه تعالى.

کل ذلک من الله تعالى، ویلزم على أرباب العقول أن یقال : إذا کان جمیع ذوات الأشیاء وجمیع أحواله من الأوصاف والأفعال والأقوال من الله تعالی یلزم الجبر المحض وهو خلاف ما ذهب إلیه أهل السنة.

فنقول: إنما یلزم ذلک أن لو کان القوابل من الفیض المقدس ولیس کذلک وقد صرح بقوله: والقابل لا یکون إلا بالفیض الأقدس وإنما لم یقل وما بینهما تحقیقا لما ذهب إلیه من أن العالم کله عرض لا یبقى زمانین إذ لا بین حینئذ .

وهو ابتداء وانتهاء بالجهتین ومقصوده رضی الله عنه من هذا الکلام بیان کمال إحاطة الحق للأشیاء .

لیزول ما ذهب إلیه من العقول الضعیفة من أن الکون إذا کان سببا لرؤیة الحق عینه کان محتاجا إلیه للحق تعالى فی حصول ذلک الکمال له.

تعالى عن الاحتیاج إلى ما سواه ولیزول الشبهة المعارضة لها من أن ما ذکرتم من القوابل لیس بأثر للحق تعالى لأن القوابل هی الماهیات والماهیات لیست بمجعولة فلم یجز فی استکمال بعض کمالاته أن یتخذ أسبابة مغایرة لذاته تعالى خارجة عن صنعه.

فلما قال : وما بقی إلا قابل إلى قوله : فاقتضى الأمر زالت الشبهتان معا لثبوت أن کونه محتاجا إلیه من الله تعالى .

وأن القوابل فائضة منه بالفیض الأقدس فالله تعالى قادر بذاته على إیجاد الکمالات التی توجد بسبب الغیر لکن وجودها به أکمل من وجودها بدونه.ولذلک وقعت به ولم تقع بدونه .

فلا نقص فی حق الله تعالى فی استکمال ذلک الکمال بالعالم بل هو من أکمل کمالانه إذ کله صنیع الحق سواء کان فائضا بالفیض الأقدس أو المقدس .

فسبحان الله دبر العالم بالعالم کما لا نقص فی احتیاجه إلى صفاته فی إیجاد الخلق إذ کلها لیس غیر ذاته تعالى .

والتعبیر بلفظ الاحتیاج فی حقه تعالى وإن کان سوء الأدب لکن یقتضی بیان المحل لتلک العبارة والله أعلم.

واعلم أن الله تعالى حزم على الإنسان بعض الأفعال وأحل بعضها فإذا فعلت فعلا شرعا وجد منه شیء وجود شبح مسوی لا روح فیه وهو بمنزلة .

قوله : وقد کان أوجد العالم کله وجود شبح مسوی لا روح فیه فاقتضى الأمر جلاء ذلک الموجود وهو بمنزلة.

قوله : فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم فکان جلاوه ونور الاسم الذی یحکم علیک فی صدور هذا الفعل منک .

وهو بمنزلة قوله : فکل آدم عین جلاء تلک المرآة فحینئذ رأیت نفسک فی فعلک فإذا رأیت نفسک رأیت ربک لأنک تعریفه الرسمی .

فإذا رأیت ربک فقد رأى ربک نفسه فی مرآة فعلک کما رأى فی مرآة العالم، فعلى هذا یجری فعلک على طریق فعل الله تعالى وینتج نتیجة فعله وإذا تحققت بأخلاقه وفعلت ما أمره وأعطیته ما طلبه منک وهو المرأة على نوع مخصوص بحسب الفعل المخصوص والوقت المعین .

فقد وجدت سعادة بسبب إطاعتک الشرع لا غیر لأجل هذا أمر منها ما أمر بخلاف ما إذا

ارتکب المعاصی فإنه وإن کان یوجد شیء منها لکن لا یمکن به السلوک بهذا المسلک فلا یکون مرآة لصاحبها وربه .

والمقصود منک لیس إلا هو لذلک نهی منها ما نهى فتحفظ.

فإن هذه المسألة روح الشریعة ورکن الطریقة فمن عرفها على وجه الیقین بریء عن شبهات المباحین.

(فکان آدم) أی الروح الکلی (عین جلاء تلک المرأة وروح تلک الصورة) لیحصل المطلوب من تلک الصورة وهو رؤیة الله تعالى ذاته بها.

فإنه بدون الجلاء لا یحصل هذا المطلوب (وکانت الملائکة) أی کل ما یطلق علیه اسم الملک فیتناول الملائکة المهیمون وغیرها من الأملاک .

وقد أنجز الکلام إلى بیان القوى لیکون توطئة تذکر ما جرى بین الملائکة وآدم حتى نتعلم الأدب مع الله تعالى .

لذلک خص ذکر القوى بالملائکة لعدم هذه الفائدة فی غیرها وعدم انضباطها لکثرتها لذلک قال : (من بعض القوی) یعنی أن الملائکة مع کثرتهم بعض قوى (تلک الصورة) إلى حد یقبل التبعیض و التنصیف .

وهو کنایة عن عدم الإحصاء (التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم) أی الصوفیة (بالإنسان الکبیر) فتکون الملائکة تابعة لآدم فی المعنى ذلک أمرت بالسجود لیطابق الصورة بالمعنى.

(فکان الملائکة له) بالنسبة إلى الإنسان الکبیر وهو صورة العالم (کالقوى الروحانیة والحسیة التی هی فی النشأة الإنسانیة) العنصریة فلا مجاز فی إسناد الزعم إلى النشأة فی قوله فیما تزعم حتی احتاج الکلام إلى تقدیر المضاف من الأمل أو الأفراد تکون المراد النشأة الموجودة فی الخارج لأن النشأة الکلیة الموجودة فی العقل .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:

(فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه. فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قوله رضی الله عنه :  "والأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه "وإلیه یرجع الأمر کله" (هود: 123) کما ابتدأ منه. فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة."

إن الحق تعالى من الحضرة الذاتیة المقدسة قال بلسان حال ذاتی لنور من أنوار قدسه، وأنوار قدسه نور واحد بسیط لا یوصف بالنهایة فقال له: «کن» أولا لآخر، فحصل له من قوله «کن» تعین فقط لا أکثر من ذلک فیتحقق فیه الأولیة.

ولو کان فیه أکثر من حقیقة ذلک التعین لکانت الأولیة لأحدهما دون الآخر.

أو یکون کل واحد منهما أولا فیکون القول منه تعالی برز لاثنین لا لواحد، فإذن ما حصل لذلک النور إلا تعینه فقط لکن حقیقته الأولیة تستدعی آخرا وإلا لم یتحقق الأولیة ولا بد منها لیظهر حکم «کن» فحصل لذلک النور بالتعین المذکور أن یتمیز عن بقیة الأنوار.

وأن یکون فیه قابلیة للظهور بصورة ثانی یکون لأولیته ذلک الثانی آخرا کما قلنا، فتعین ذلک النور تعینا آخر فکان کون آخر غیره فسمی النور فی مرتبة التعین الأول قلما أعلى .

وسمی هو بعینه فی مرتبة التعین الثانی لوحا محفوظا.

لکن التعین الأول الذی هو القلم الأعلى شهد فی قول الحق تعالی له: «کن» أولا لآخر، یعنی تهیئة لظهور اللوح المحفوظ منک. فقالت ذاته بلسان الحال: سمعا وطاعة.

فإن القول فی تلک المراتب لیس إلا بلسان الحال فقول الحق تعالی له: تهیئا هو المعنى الذی عبر عنه. بأنه قال له: أقبل فأقبل وأدبر فأدبر.

فقال له تعالى: "وعزتی وجلالی ما خلقت خلقا هو أکرم علی منک، فبک آخذ وبک أعطی".

قلت: یعنی أن آدم هو الناطق المخبر عن العالم الکبیر، علوه وسفله، وکذلک بنوه أخبروا عن العقل الأول وهو القلم.

وأخبروا عن النفس الکلیة وهی اللوح.

وأخبروا عن الهیولى والصورة وهی الجسم.

وأخبروا عن الأرکان الأربعة والمولدات ومما فی العالم من الکمیات والکیفیات والإضافات والمکان والزمان والملکات والانفعالات والأفعال.

ووصفوا هیئات الأفلاک وکواکبها وحرکاتها وتداخلها، وعرفوا منافعها ومضارها وخواصها وأعراضها.

وعطفوا على أجسامهم، فعلموا تشریحها وعدد عروقها وأنواع ما فیها کما فعل جالینوس وشیعته إلى غیر ذلک.

وأشرف من هذا کله ما وهبه الله تعالى أولیاءه من شهود حضرته القدسیة وما خص به محمدا رسول الله، علیه السلام، من إحاطة الخلافة بسائر مراتب خلفاء الله تعالى مما لا ینحصر فی مقال ولا یسع ذکره الأیام واللیالی.

قوله: "وروح تلک الصورة".

قلت: یعنی بالصورة الأفلاک من محدب التاسع إلى نقطة مرکز الأرض وهو العالم الکبیر وهذا العالم جسم و آدم روحه فی التمثیل والتشبیه وجعله روحا مجازا.

قوله:  "وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر، فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة " 

قلت: یعنی أن قوى العالم تسمى ملائکة أیضا وهی له کالقوى التی فی الإنسان الروحانیة والجسمانیة الحسیة ، وباقی هذا الفصل ظاهر فی کلام الشیخ لا یحتاج إلى شرح.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قال رضی الله عنه : ( فالأمر کلَّه منه ، ابتداؤه وانتهاؤه " وَإِلَیْه ِ یُرْجَعُ الأَمْرُ کُلُّه ُ " ، کما ابتدأ منه ) .

یعنی رضی الله عنه : مبدأ أمر الوجود ومنتهاه من الحق ، وهذا غیر مناف لکون المنتهى إلیه فإنّه منه بدأ وإلیه یعود ، وما ثمّ إلَّا هو ، فهو القابل من حیث ظاهریته ومظهریته ، وهو المقبول من حیث باطنه وعینه ، فالوجود المقبول المتعیّن ، والمرتبة القابلة المتعیّنة  له للمتبیّن.

والأمر محصور بین الوجود والمرتبة ، والمرتبة المظهر ، والمتعیّن بها الظاهر الوجود الحقّ الباطن ، والظاهر مجلى للباطن ، والباطن عین الظاهر بالمظاهر وفیها ، والکلّ من العین الغیبیّة .

ثم دائما من الغیب إلى الشهادة ، ومن الشهادة إلى الغیب ، ومن العلم إلى العین ومن العین إلى العین ، وما ثمّ إلَّا هو ، هو هو ، إلیه المصیر .

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم ، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة ) .

قال العبد : ولمّا کان المراد بالإیجاد هو کمال الجلاء والاستجلاء ولم یحصل إلَّا بالإنسان وفی الصورة الإنسانیة المثلیة الکمالیة الإلهیة التی حذاها الله حذو صورته المقدّسة.

کما قال رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم : " خلق الله آدم على صورته ".

وفی روایة " على صورة الرحمن ".

وجاء فی أوّل التوراة کما ذکرنا أوّلا : " نرید أن نخلق إنسانا على مثالنا وشکلنا وصورتنا ".

کما قال الله تبارک وتعالى ، وکما أنّ صورة الرحمن مستویة على عرش الوجود .

کذلک صورة الله مستویة على عرش قلب العبد المؤمن ، کشفا وشهودا وإیمانا وصدقا وحقّا موجودا . قال رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم حکایة عن الله تعالى : "ما وسعنی أرضی ولا سمائی ووسعنی قلب عبدی المؤمن ".

فالعبد المؤمن هو القابل للکلّ ، والکون الجامع الإلَّیّ الذی یظهر به الأسماء والصفات والذات على ما هی علیها من الکمال یؤمن بقابلیّته الکلَّیة المحیطة .

ویعطی الأمان صور الذات والأسماء والصفات الظاهرة فی مظهریته عن التغیّر والتحریف ، فیظهر صورها فی مرآته الکاملة کاملة ومؤمن أیضا ، أی معطی الأمان صور النسب وحقائقها أیضا من عدم ظهور آثارها من خفاء حکم الغیب والعدم .

بإظهارها فی محالّ أحکامها وأسرارها فی حقائق مظهریاته المعنویة والروحانیة والطبیعیة والعنصریة والمثالیة .

فالإنسان هو المظهر الکلَّی والمقصد الغائی الأصلی ، حامل الأمانة الإلهیة ، وصاحب الصورة المثلیة المنزّهة عن المثلیة .

فقبوله للتجلَّی الإلهی أکمل القبول ، لأنّه ما من قابل من القوابل یقبل الفیض على نحو من القبول وتعیّن الصورة الإلهیة بمظهریته إلَّا وفی الإنسان الکامل مثال ذلک على الوجه الأکمل والأتمّ فروحانیته أتمّ الروحانیات وأکملها ، وطبیعته العنصریة أجمع الأمزجة وأعدلها .

ونشأته أوسع النشآت وأفضلها وأشملها ، واستعداده لظهور الحق وتجلَّیه أعمّ المظهریات والاستعدادات وأقبلها .

وتعیّن صورة الحق والخلق فی مظهریته أکمل التعیّنات وأجلَّها ، وبه حصل کمال الجلاء والاستجلاء ، وبه اتّصل کمال الذات بکمال الأسماء .

وکان آدم علیه السّلام أوّل الصورة الإنسانیة العنصریة ، فهو عین جلاء تلک المرآة المسوّاة شبحا لا روح فیه قبل وجود هذه النشأة الإنسانیة الکمالیة ، وجلى الحقّ هذا المجلى الأتمّ والمظهر الأعمّ ، وجلا به الصدأ الذی کان فی شخص العالم .

وتجلَّى له فیه تجلَّیا کاملا ، فرأى نفسه فیه ، کما تقتضیه ذاته الکمالیة ، وظهر لنفسه فیه ظهورا جامعا بین الکمال الأسمائی والکمال الذاتی ، وکمل به العالم أیضا .

فظهر الحق به على أکمل صورة لأنّه على صورة آدم الذی هو على صورة الحق ، فکان آدم عین قابلیة العالم وإنسان عینه وعین جلاء قلبه القابل للتجلَّی الکمالی الجمعی الإلهی.

فالصورة الإلهیة الظاهرة فی مرآتیته هی روح العالم ، والمظهریة الإنسانیة هو القلب القابل المؤمن لصورة الحق الظاهر فیه وبه عن التغیّر والتحریف عمّا هی علیه فی نفسها ، فافهم .

قال الشیخ رضی الله عنه : (وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبّر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر ).

قال العبد أیّده الله به : اعلم : أنّ الملائکة هی أرواح القوى القائمة بالصورة الحسّیّة الجسمیة ، والأرواح النفسیة والعقلیة القدسیة ، وتسمیتها ملائکة لکونها روابط وموصلات للأحکام الربانیة والآثار الإلهیّة إلى العوالم الجسمانیة فإنّ الملک فی اللغة هو القوّة والشدّة ، فلمّا قویت هذه الأرواح بالأنوار الربانیة ، وتأیّدت واشتدّت بها ، وقویت النسب الربانیة والأسماء أیضا بها وعلى إیقاع أحکامها وآثارها وإیصال أنوارها وإظهارها ، سمّیت ملائکة .

وهم ینقسمون إلى:

علویّ روحانی . -  وسفلی طبیعی . - وعنصری . ومثالی نورانی .

فمنهم: المهیّمون ، ومنهم المسخّرون ، ومنهم المولَّدة من الأعمال والأقوال والأنفاس ، والصافّون والحافّون والعالمون . 

ثم العلوی الروحانی :

إمّا مجرّد عن المادّة والطبیعة وهم عالم العقول والمهیّمة ، وإمّا متعلَّقة بالمادّة ، والمتعلَّق بالمادّة إمّا متعلَّق بمادّة معیّنة ،أو بمادّة غیر معیّنة وللمحقّق المکاشف.

هاهنا بحث مع غیر المکاشف منهم وذلک أنّ مشرب التحقیق الأتمّ یقضی أن لا تخلو الأرواح عن مادة ما فإنّ الصور لا تستغنی فی الوجود عن المادّة.

فکذلک الصور الروحیة والصور العقلیة المتمایز بعضها عن بعض والمتغایر بعضها بعضها لا بدّ لها من مادّة صالحة لتصوّر تلک الصورة.

ولکن لا یلزم أن تکون مادتها طبیعیة أو عنصریة ، بل تکون مادّتها من نور النفس الرحمانی ، أو تکون مادتها من نور التجلَّی الوجودی ، أو نفس النفس ، أو من العماء الآتی حدیثه فیما بعد وغیره والمقدّم أیضا ذکره فیما سلف فی أسرار حروف الاسم" الله " فتذکَّر .

فالعقول والأرواح العالیة المجرّدة عند الحکیم المکاشف إنّما هی وجودات متعیّنة فی الماهیات والحقائق البسیطة ، صوّرها الله من العماء.

وهو النفس المتضاعف المتکاثف بتوالی الفیض النفسی الرحمانی المنفّس عن القابل ، والقابل من تأثیر القابل المتعیّن والانفعال والانعقاد صورا نوریة .

فمادّة هذه الصور العقلیة والأرواح العلیّة الإلَّیّة هی العماء ، حقیقة الحقائق وجوهر الجواهر وهویّة الکلّ وأصلها وهیولاها الحاملة لصور وجوبها وإمکانها ، وهی الهیولى السابقة .

ولقد استقصینا القول فیه فی هذا الکتاب ،وسنعید الکلام علیه ، فلا تظنّها تکرارا ، لعلّ الله یجود بلائحة من علمها لأهل الاستعداد ، والله الموفّق للرشاد .

فإنّ العلم بها لا یحصل إلَّا بتعلیم الحق وتجلَّیه وتعریفه بما یخصّ به بعض عبیده الصالحین ، ولا یعرفه العقلاء بالفکر النظری والقانون الفکری من ترکیب المقدّمات وترتیب المفردات.

بل بالتخلَّی عن الشواغل والعلائق ، والتوجّه التامّ بأحدیة العزیمة ، وصمود القلب إلى الموجد المتجلَّی بالعلم الحقیقی والبرهان الکشفی والاطَّلاع الشهودی والتعریف الإلهی الوجودی بعد المناسبة الذاتیة والمرتبیة .

ثم الملائکة العالیة الموجودة من المادّة العمائیّة هم الأرواح العالیة المهیّمة .

ومنهم العقل الأوّل أبو العقول وهو القلم الأعلى ، وفی مرتبته النفس الکلَّیّة من وجه ، وهی اللوح المحفوظ فی العرف الشرعی ، والمادّة العمائیة التی قبلت هذه الصور النوریة الروحیة هی النون أعنی الدواة التی أقسم الله بها فی القرآن العزیز بقوله : " ن وَالْقَلَمِ وَما یَسْطُرُونَ ".

ودون هذه المرتبة الأرواح التی مادّتها مثالیّة نورانیة مطلقة ، وطبیعیة نورانیة ، وعنصریة غیر نورانیة ، ومثالیة مقیّدة خیالیة .

یوجدها الله من الأعمال والأنفاس والأخلاق وهی الملائکة المولَّدة .

فعلى هذا لا یخلو روح عن مادّة یفعل فیها ما یشاء من الصور ، فإمّا أنفسیّة حقیقیة ، وإمّا ربّانیة إلهیة حقانیة وذلک فی عماء الربّ وإمّا عمائیّة کیانیة .

إمّا نفسیة رحمانیة ، أو مثالیة نورانیة ، أو طبیعیة کلَّیة عرشیة محیطة وفلکیة کذلک ، أو عنصریة سماویة أو کوکبیّة أسطقسّیّة مائیة وهوائیة وناریة وأرضیة ، والموادّ من الأرضیة ما یغلب على نشأته الأرضیة وکذلک غیرها .

ثم اعلم : أنّ الملائکة لا تنحصر عددا إلَّا بسدنة الأسماء الإلهیّة التی لا تنحصر ، والکلمات والآیات التی لا تنفد ولا تتناهى .

وهی أرواح القوى المنبثّة فی العوالم العلویة والسفلیة ، والخواصّ المنتشرة اللازمة للأعیان الوجودیة المتصوّرة المتعیّنة بحسب الخصوصیات ، وبمقتضى القوابل غیر مجعولة الاستعداد ، لکل قوّة من هذه القوى روح من الأرواح له صورة نوریة طبیعیة وعنصریة على اختلافها وکثرتها ، وقد یتوسّع فی إطلاق بعض صورها روحا للبعض الآخر بالأشرفیة والأفضلیة المرتبیة .

کما أنّ الروح الملکی الذی هو روح درجة الطالع أفضل وأشرف وأصفى وأنور وأقرب إلى الوحدة والبساطة من الروح المدبّر لهذا الهیکل العنصری من وجه لأنّ علَّته وسببه أفضل وأعلى وأقدم وأبقى ، والأرواح المدبّرة للأجسام العنصریة فائضة من الأرواح العلویة السماویة .

وإن کان بعض الأرواح المدبّرة لبعض الأجسام البشریة أکمل من سائر الأرواح العلویة والسفلیة ، فإنّ ذلک لا ینافی ما ذکرنا لکون ذلک باعتبار حصول التجلَّی الکمالی الإلهیّ الأحدی الجمعی .

وأمّا الأرواح المدبّرة للأجسام البشریة من نوع الإنسان الحیوان فلا خلاف فی قصورها مطلقا عن درجة أیّ روح فرضنا من الأرواح الملکیة والفلکیة ، فاعلم ذلک .

ولمّا کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم ، تبیّن فیما سلف أن لیس فیها قوّة القیام بمرآتیة الذات من حیث هی هی ولا من حیث أحدیة جمع الذات ، ولا بمظهریة الأسماء جمعا وفرادى .

وأنّ المظهر الکامل الجامع لمظهریات التجلَّیات الذاتیة الکمالیة الکلَّیة هو الإنسان الکامل الجامع بین مظهریة الذات المطلقة بإطلاق قابلیته الکلَّیة ، وبین مظهریة الأسماء والصفات والأفعال.

بما فی نشأته الکلَّیة من الجمعیة والاعتدال ، وبما فی مظهریته من الحیطة والسعة والکمال ، وهو کذلک جامع أیضا بین الحقائق الحقیّة الوجوبیة ونسب الأسماء الإلهیّة الربوبیة ، وبین الحقائق الإمکانیة والأعیان الکیانیة.

وأمّا کماله فلإحاطته بین الحقیقتین ، وشموله لجمیع ما فی العالمین ولجمعه کذلک بین البحرین ، فهو المظهر الأتمّ ، والمنشأ الجامع الأعمّ ، والبحر المحیط الزاخر الخضمّ ، والطود الراسخ الأشمخ الأشمّ.

فکانت الملائکة صور قواه الروحانیة لأنّ فیها قوى کثیرة غیر القوى التی للملائکة المنبثّة فی العالم صورها التفصیلیة .

فإنّ الأرواح الخبیثة والشیاطین والعفاریت والمردة أیضا من صور بعض قواها ، وکذلک جمیع الحیوانات الماشیة الساعیة والسابحة والطائرة .

وکذلک الأسماء الإلهیة صور قوى هذا الإنسان ، وکذلک الدوابّ والبهائم والحشرات والسباع وغیر ذلک ممّا لا نذکره اعتمادا على فهمک " وَالله یَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ یَهْدِی السَّبِیلَ ".

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فکانت الملائکة له کالقوّة الحسیّة والروحانیة التی فی النشأة الإنسانیة .

قال العبد أیّده الله به : القوى الحسّیة التی فی نشأة الإنسان هی التی متعلَّقاتها المحسوسات کالإبصار والسماع والشّم والذوق واللمس وما تحت هذه الکلَّیات من الأنواع والشخصیات .

وأمّا القوى الروحانیة فکالمتخیّلة والمفکَّرة والحافظة والذاکرة والعاقلة والناطقة .

وهذه القوى الکلَّیة وشخصیاتها فی حیطة الروح النفسانی ، ومنشؤها ومجاری تصرّفاتها وأحکامها وآثارها الدماغ ، فکالقوى الطبیعیة مثل الجاذبة والماسکة والهاضمة والغاذیة والمنمیة والمربیّة والمولَّدة والمصوّرة والدافعة وشخصیاتها راجعة إلى الروح الطبیعی .

وکالعلم والحلم والوقار والإناءة والشجاعة والعدالة والسیاسة والنخوة والرئاسة وغیرها ممّا تحتها من المشخّصات والأنواع بالمماثلة والمشاکلة والمباینة والمنافرة عائدة إلى الروح الحقیقی الحیوانی والنفسانی .

وکما أنّ هذه القوى منبثّة فی أقطار نشأة الإنسان وإن کان لکل جنس وصنف ونوع من هذه القوى محلّ خصیص بها .

هو محلّ ظهور أحکامه وآثاره ومنشأ حقائقه وأسراره ، ولکن حکم جمعیّة الإنسان سار فی الکلّ بالکل فکذلک العالم الذی هو الإنسان الکبیر فی زعمهم .

کلَّیات هذه القوى وأمّهاتها بجزئیاتها وأنواعها وشخصیاتها منتشرة ومنبثّة فی فضاء السماوات والأرضین وما بینهما وما فوقهما من العوالم ، وتعیّنات هذه القوى والأرواح فی کلّ حال بما یناسبه ویوافقه على الوجه الذی یلائمه ویطابقه .

وبها ملاک الأمر النازل من حضرات الربوبیة ، وهی فی الحقیقة صور متعلَّقات للنسب الربانیة ، وبها یقوى الوجود النفسی على التعیّنات وتنوّعات الظهور والتجلَّیات ، فافهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

( کله منه ابتداؤه وانتهاؤه وإلیه یرجع الأمر کله کما ابتدأ منه ) .

قوله ( فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم ) جواب لما ، ولما وسط بین لما وجوابه علة المشیئة وانجر الکلام إلى اقتضاء أسمائه تعالى وجود العالم المحتاج إلى الجلاء وجب إیراد فاء السببیة فی جوابه ، لأن تعلیل المشیئة المخصوصة تسبب للجلاء وإن کان لما لم یقتض ذلک لأنها تقتضی مقارنة الشرط والجزاء فحسب فجمع بین السببیة والمقارنة ( فکان آدم ) أی حقیقة الإنسان

کما ذکر ( عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة ) بمناسبة أحدیة الجمع فإن الحضرة

الإلهیة جامعة الأسماء کلها لا واسطة بینها وبین الذات فکذلک الحضرة الإنسانیة جامعة لها ، إذ الوجود ینزل من أحدیة جمع الذات إلى الحضرة الإلهیة وفاض فی مراتب الممکنات على الصورة الانتشاریة .

حتى انتهى إلى الإنسان منصبغا بصبغ جمیع المراتب فصار الإنسان برزخا جامعا لأحکام الوجوب والإمکان کما کانت الحضرة الإلهیة جامعة للذات والأسماء کلها .

فظهر فیه ما فی الحضرة الإلهیة فکان العالم بوجوده مرآة مجلوة ولم تبق واسطة بین الحضرة الإنسانیة والذات الأحدیة ، وإذا کان جلاء مرآة العالم کان روح صورته

وکانت ( الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر ،فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة)

فکانت القوى الروحانیة والنفسانیة ملائکة وجود الإنسان ، لأن قوى العالم اجتمعت فیه بأسرها فالإنسان عالم صغیر والعالم إنسان کبیر لوجود الإنسان فیه ، إلا أن أحدیة جمع الوجود التی ناسب بها العالم الحضرة الإلهیة لم توجد فی جمیع أجزائه إلا فی الإنسان فکان الإنسان مختصرا من الحضرة الإلهیة ولهذا قال “ خلق آدم على صورته “ .

مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قوله: (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، وإلیه یرجع الأمر کله، کما ابتدأ منه) جواب شرط مقدر.

أی، إذا کان القابل ما یترتب علیه من الاستعدادات والکمالات والعلوم والمعارف وغیرها فائضا من الحق تعالى حاصلا منه، فالأمر،أی الشأن بحسب الإیجاد والتکمیل، کله منه ابتداء وانتهاء. والمراد بـ (الأمر) المأمور بالوجود بقول (کن).

کما قال: (إنما أمره إذا أراد شیئا أن یقول له کن فیکون).

وکما کان هو (أولا) ومبدء لکل شئ، کذلک کان (آخرا) ومرجعا لکل شئ.

قال تعالى: (وإلیه یرجع الأمر کله). أی، ما حصل بالأمر.

وهذا الرجوع إنما یتحقق عند القیامة الکبرى بفناء الأفعال والصفات والذات فیأفعاله وصفاته وذاته الموجب لرفع الإثنینیة وظهور حکم الأحدیة.

هذا إنجعلنا (وإلیه یرجع الأمر کله) تکرارا مؤکدا للأول.

وإن حملناه على التجلیات الفائضة بالفیض المقدس کل حین، فنقول أن الحق یتجلى بحکم (کل یوم هو فی شأن).

کل لحظة، بل عند کل آن، لعباده، فینزل الأمر الإلهی من الحضرة الأحدیة، ثم الواحدیة إلى المرتبة العقلیة الروحیة، ثم اللوحیة، ثم الطبیعة الکلیة، ثم الهیولى الجسمیة، ثم العرش، ثم الکرسی والسماوات السبع منحدرا من المراتب الکلیة إلى الجزئیة، إلى أن ینتهى إلى الإنسان منصبغا بأحکام جمیع ما مر علیه، فی آن واحد من غیر تخلل زمان، کذلک إذا انتهى إلیه وانصبغ بأحکام الغالبة علیه، ینسلخ منه انسلاخا معنویا ویرجع إلى الحضرة الإلهیة.

فإن کان المنتهى إلیه من الکمل، فالنازل یکون قد تم دائرته وصارت آخریته عین أولیته لأنه مظهر المرتبة الجامعة الإلهیة.

وإن کان من السائرین الذین قطعوا بعض المنازل والمقامات، أو الباقین فی أسفل السافلین والظلمات، فیکون قطع نصف الدائرة أو أکثر، ثم انسلخ ورجع إلى الحضرة بالحرکة المعنویة. فمعنى قوله: (وإلیه یرجع الأمر کله) أی، إلى الله یرجع الأمر التجلی الإلهی النازل کللحظة إلى العالم الإنسانی، کما ابتدأ منه.

قوله: (فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة). رجوع إلى ما کان بصدد بیانه، أو جواب (لما) والفاء للسببیة.

أی، بسبب أن الحق أوجد العالم وجود شبح لا روح فیه وکان کمرآة غیر مجلوة، اقتضى الأمر الإلهی جلاء مرآة العالم لیحصل ما هو المقصود منها، وهوظهور الأسرار الإلهیة المودعة فی الأسماء والصفات التی مظهر جمیعا الإنسان إجمالا وتفصیلا.

وکان آدم، أی الإنسان الکامل، عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، إذ بوجوده تم العالم وظهر أسراره وحقائقه.

فإن ما فی العالم موجود ظهر له حقیقته وحقیقة غیره بحیث إنه علم أن عین الأحدیة هی التی ظهرت وصارت عین هذه الحقائق إلا الإنسان.

وإلیه الإشارة بقوله: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض) أی، على أهل السماوات والأرض من ملکوتها وجبروتها.

(فأبین أن یحملنها) حیث ما أعطیت استعداداتهم تحملها.

(وحملهاالإنسان) لما فی استعداده ذلک. (إنه کان ظلوما جهولا). أی، ظلوما على نفسه ممیتا إیاها مفنیا ذاته فی ذاته تعالى، جهولا لغیره.

ناسیا لما سواه نافیا لما عداه بقوله: (لا اله إلا الله) فالأرواح المجردة وغیرهم وإن کانوا عالمین بالأشیاء المنتقشة فیهم الصادرة عن الحق بواسطتهم، لکنهم لم یعلموا حقائقها وأعیانها الثابتة کما هی، بل صورها ولوازمها، ولذلک أنبأهم آدم بأسمائهم عند عجزهم عن الإنباء واعترافهم بقولهم: (لا علم لنا إلا ما علمتنا).

وإلیه الإشارة بقوله تعالى: (وما منا إلا له مقام معلوم). أی، لا نتعدى طورنا.

کما قال جبرئیل،علیه السلام: (لو دنوت أنملة لاحترقت.)

قوله: (وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر) عطف على قوله: (فکان آدم).

والمراد بـ (الملائکة) هنا غیر أهل الجبروت والنفوس المجردة.

لذلک قال: (من بعض قوى تلک الصورة) إذ أنواع الروحانیات متکثرة: منهم أهل الجبروت،کالعقل الأول والملائکة المهیمة والعقول السماویة والعنصریة البسیطة والمرکبةالتی هی المولدات الثلاث على اختلاف طبقاتها وصنوفها ودرجاتها، ومنهم أهل الملکوت، کالنفس الکلیة والنفوس المجردة السماویة والعنصریة البسیطة والمرکبة.

على أن ما فی الوجود شئ إلا وله من الجبروت والملکوت عقل ونفس، ومنهم النفوس المنطبعة فی الأجرام العلویة والسفلیة.

ومنهم القوى الجسمانیة التی هی سدنة النفوس المنطبعة، ومنهم الجن والشیاطین.

ولا یطلق القوى إلا على التوابع من القوى الروحانیة والنفوس المنطبعة وتوابعها کما یقال: قوى الروح وقوى القلب.

ولا یجعل (القلب) و (الروح) قوة من القوى، لأنهما سیدا جمیع المظاهر.

وإنما عبر عن (العالم) فی الاصطلاح القوم، أی أهل التصوف، بـ (الإنسان الکبیر) لأن جمیع ما فی العالم عبارة عن مجموع ما اندرج فی النشأة الإنسانیة.

کما مر التنبیه علیه من أن أعیان العالم هو تفصیل النشأة الإنسانیة، فالإنسان عالم صغیر مجمل صورة، والعالم إنسان کبیر مفصل.

وإنما قید (صورة)لأن الإنسان هو العالم الکبیر مرتبة، والعالم هو الإنسان الصغیر درجة، لأن الخلیفة مستعلیة على ما استخلف علیه.

فقوله: (فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی هی فی النشأة الإنسانیة) نتیجة لما ذکره.

أی، لما کانت الملائکة من بعض قوى صورة العالم والعالم هو الإنسان الکبیر، صارت نسبة الملائکة إلى العالم کنسبة القوى الروحانیة والحسیة إلى الإنسان.

فکما أن النفس الناطقة المدبرة للبدن مدبر بالقوى الروحانیة التی هی العقل النظری والعملی والوهم والخیال وما شابهها والحیوانیة والنباتیة کالحواس الخمس الظاهرة والغاذیة والنامیة والمولدة للمثل وغیرها، کذلک النفس الکلیة مدبرة للعالم کله بواسطة الملائکة المدبرة.

کما قال تعالى: (فالمدبرات أمرا). وهی روحانیات الکواکب السبعة وغیرها من الثوابت وأجرامها.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

وإذا کان فیضان الأرواح والقوابل منه (فالأمر) أی: أمر الفیض (کله منه ابتداؤه) بفیضان القوابل الظاهرة.

(وانتهاؤه) بفیضان الأرواح المکملة لتلک القوابل، ( وإلیه یرجع الأمر کله) أی: إلى تجلیه یرجع فیضان الوجود على الأرواح، وقوابلها حال البقاء.

(کما ابتدأ ) الفیضان أول زمان حدوثها (منه)، وإذا کان العالم کالشبح المسوى بلا روح فکان کمرآة غیر مجلوة، وکل شبح مسوی کمرآة غیر قابل للروح بالجلاء. (فاقتضى الأمر) الإلهی، وهو الجود المفیض على کل مستحق حقه، وقد استحق العالم الروح المدبر فیه الذی یحصل به جلاؤه (جلاء مرآة العالم) بفیضان الروح المدیر لمجموعه، وهو الإنسان الکامل النازل من العالم منزلة المصقل للمرآة.

(فکان آدم عین جلاء تلک المرآة) بتدبیره إیاها تدبیر المصقل للمرأة فی تکمیل نظامها، (وروح تلک الصورة) الحافظ لها.

ولذلک إذا خرج الإنسان الکامل من الدنیا خربت خراب المیت على ما یأتی بیانه إن شاء الله تعالى، کیف وهو المقصود من وجودها کالروح من وجود البدن لما فیه من الجمعیة المطلوبة للحق تعالى فی الظهور.

ثم استشعر سؤالا: وهو أنه لم لا تکون الملائکة هی الأرواح المدبرة لکل العالم، مع أن روحانیتها أعظم وأقوى من روحانیة الإنسان فلا یکون العالم قبل آدم کشبح مسوی بلا روح، ولا کمرآة غیر مجلوة مع وجودها؟

فأجاب بقوله: (وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة)، یعنی أن الملائکة لیست هی الأرواح المدبرة لکل العالم من کل الوجوه.

بل لکل منهم مقام معلوم أی: تصرف خاص فی جزء من أجزاء العالم أو فی کله على وجه خاص فأشبهوا القوى الحیوانیة فی الاختصاص بالمقام المعلوم، فهم بعض قوى تلک الصورة الکلیة للعالم، وإن کانت أرواحا لبعض أجزائه ثم بین الصورة بقوله: (التی هی صورة العالم) لئلا یتوهم أن المراد: صورة آدم، وأن الملائکة بعض قواها.

"" کشبح مسوی بلا روح أی: المنزه عن الجعل والتأثیر؛ وذلک لأن المراتب کلها إلهیة بالأصالة، وظهرت أحکامها باقتضاء ذاتی، فالأمر قبول ذاتی، وحصول استعدادی، وظهور، وبروز له تعالى لذاته بذاته لا غیر. وقبول هذا لازم لفهم سریان النور الأزلی والفیض الألهی الساری فی الوجود کله، فافهم.

أن هذه المسألة من أساس معارف الشیخ رضى الله عنه  ولا تغفل عنها، ولا تأخذ عنها بدلا فإنها کشف أوسع الکشوف، وإن اعترضوا علینا بذکر هذه المسألة، فلیس بأقل منع جرى على طلل، "وأن الشیاطین لیوحون إلى أولیائهم لیجادلوکم"، والله المستعان، فافهم.""

ثم أشار إلى أن الصورة الکلیة للعالم أیضا تحتاج إلى القوى کالإنسان بقوله: (المعبر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر) ؛ لشموله على ما فی الإنسان مع التفصیل والإنسان عالم صغیر؛ لشموله على ما فی العالم الإجمال، والمفصل أکبر من المجمل لاعتبار الکثرة فی أجزائه.

وفیه إشارة إلى أن الإنسان الکامل یتصرف فی کل العالم کأنه بدنه کما یتصرف کل إنسان فی بدنه الخاص لکن تصرفه فی بدنه بقوی بدنه، وتصرفه فی العالم بواسطة الملائکة.

فلذلک قال: (فکانت الملائکة) التی هی قوى العالم له أی: للإنسان الکامل المتصرف فی کل العالم (کالقوى الروحانیة)، وهی القوى العقلیة المدرکة للکلیات، و کالقوى (الحسیة التی هی النشأة الإنسانیة) عند تصرف روحه فی بدنه.

فأخذ الأنبیاء العلوم من الملائکة کأخذها من قوى أبدانهم.

ویدل على أن تصرفهم فی العالم بالملائکة انتصار نبینا صلى الله علیه وسلم بهم یوم بدر.

ثم أشار إلى أن الملائکة، وإن کانت کالقوى؛ فإنها تتوهم أنها کالأرواح الکلیة مع الرد علیهم بأن دعوتهم الکمال لأنفسهم مثل دعوى القوى الإنسانیة إیاه لأنفسها.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه. فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قال رضی الله عنه : (فالأمر کلَّه منه ، ابتداؤه وانتهاؤه ، وإلیه یرجع الأمر کلَّه کما ابتدأ منه) هذا القول منه إفصاح بالمقصود الأوّل بما یدلّ على ذلک بتفصیل لطیف ، حیث عبّر عنه بکلّ من الأمرین المشار بهما إلى قوسی النزول والرجوع ، المنبّه فیهما بطرفیهما ، تحقیقا للتوحید الذاتی ، على ما هو المستفاد من جوامع الکلم الختمیّة من الجمع بین الأوّل والآخر ، وإبانة أحدهما فی عین الآخر ، کما قد اطَّلعت علیه .

وبیّن أنّ الغالب على قوس النزول منهما هو الإجمال، فإنّ انتظام المراتب فیه إنّما ابتنى على ظهور الوحدة وغلبة سلطانها على الکثیر، متدرجا فی أطوارها، إلى أن یتمّ أمرها.

کما أن الغالب على قوس الرجوع التفصیل، إذ نظام المراتب فیه إنّما هو على اتّساق ظهور الکثرة وانتزاع وجوهها من الواحد إلى أن یتمّ الوجوه الإظهاریّة بکنهها . 

فلذلک أجمل فی الأوّل حیث جعل الابتداء والانتهاء متعلَّقهما واحدا ، وأتی بصورة الاسم ذی الثبات والاستقرار دون الثانی ، فإنّه قد فصّل بین المتعلَّقین بـ « من » و « إلى » وبین متعلَّقیهما بما لا تقابل بینهما ظاهرا وهو أیضا ضرب من التفرقة والتفصیل وأتى بالجملة الفعلیّة الدالة على التجدد والتدرّج التفصیلی .

تقابل الوجود العلمىّ والعینیّ اعلم أنّ القابل للتعیّنات - من العین الشامل إلى الکون الکامل إذا انضمّ إلیه من نقط النطق ما به یخرج من مکامن الثنویّة التقابلیّة الإمکانیّة إلى مجالی الاتّحاد الوجودی الوجوبی ، یصیر قائلا بتلک الکلمات من الحروف العالیات ، إلى ما اندرج فی السطور السافلات ، کما أنّ العالم الجامع لتلک التعیّنات إذا انقلب ما انفتح به أبواب تفاصیلها وتبطن ذلک یصیر عالما بتلک المعلومات . 

ثمّ إنّ قوله : ( فاقتضى الأمر ) جواب « لمّا » وهو الثانی من الأمرین الموقوف علیهما ظهور السرّ .

أی لما شاء الحقّ الظهور المذکور ، وکان هناک ما یقبل ذلک ، أی ما هو بمنزلة الجرم الصلب والسطح الکثیف للمرآة - وهو العالم - اقتضى الأمر بالمعنى المذکور - وهو الرقیقة الامتدادیّة الأوّل إلى الآخر - إتمام ذلک الجرم وجلائه أعنی ( جلاء مرآة العالم ) حتّى یتصوّر فیه الظهور ویتمکَّن حینئذ من الإظهار .

وأورد علیه « الفاء » إشعارا بالترتّب الواقع فیها ، کما للصورة بالنسبة إلى المادّة ، وکرر ذلک فی قوله : ( فکان آدم ) تنبیها على أنّ آدم نفسه مترتّب على ذلک الاقتضاء ، لا جعله وتکوینه وقوله : ( عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة ) إشارة إلى ما له من کمالیة بحسب الظهور والإظهار على ما نبّه علیه .

واعلم إنّ روح کلّ شیء ما یقوّم به هیئته الوحدانیّة الجمعیّة ، فروح العالم عبارة عمّا تقوّم به الکلّ ، من العین الأوّل إلى الکون الآخر ، ویصیر تلک التعیّنات المتنوّعة المتفرقة بذلک شخصا واحدا ، وهو الذی یسمّى بـ « الإنسان الکبیر » باعتبار انس بعض الأجزاء منه بالآخر کما فی الإنسان الصغیر بعینه . 

ثمّ إنّه بعد تبیین معنى آدم إجمالا أخذ فی تفصیل جمعیّته الکلیّة الکمالیّة ظهورا وإظهارا ، وتحقیق إحاطة صورته التامّة بسائر جزئیّات العالم وقهرمان خلافته على الکلّ ، وغلبته شعورا وإشعارا ، وإبانة مراتب کلّ من تلک الجزئیّات عنده ، وتفاوت درجاتهم فیما نسب له ، ووسم به ، من المنصب العالی والمنزلة الرفیعة .

وإذ کان للأوّل من الکمالین تقدّم على الثانی منهما - تقدّم المادّة على الصورة - قدّمه قائلا : ( وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة ، التی هی صورة العالم ، المعبّر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر ) ، وإذ کان الإنسان عبارة عن جمعیّة مشتملة على أعضاء وأجرام هیولانیّة وعوارض جسمانیّة ، ومشاعر حسّیة وروحانیّة ، فله جمعیّة کلیّة کما للعالم بعینه ، إلَّا أنّ أجزاء الکلّ فی الإنسان لها ارتباط إدراکی به ، یأنس بعضها للبعض ، وبذلک الاعتبار یسمّى إنسانا .

ثمّ إنّ العالم أیضا قد حصل له بروحه الذی هو آدم هذا الربط الإنسى، وفی تحقیق اصطلاح القوم هاهنا تنبیه إلى هذه الدقیقة فلا تغفل .

ثمّ إنّ الملائکة منها الجبروتیّة أعنی : العقول المجرّدة والأنوار القاهرة  

ومنها الملکوتیّة أعنی : النفوس المتعلَّقة والبرازخ النورانیّة ( فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیّة والحسّیة التی هی فی النشأة الإنسانیّة ) .

وإذ کان عالم الأمر ومرتبة الأرواح أوّل مراتب التعیّنات الاستجلائیّة ومبادی طلائع غلبات الأحکام الکونیّة والحجب العدمیّة الإمکانیّة ، قد قوی سلطانها فیه .

فلذلک ولما فی نشأتها النورانیّة من التقدّس والتحقّق بالصفات التنزیهیّة قد انغلب أعیان المرتبة تحت اقتضاء نشأتها وأحکام تعیّناتها وحجبها القدسیّة النوریّة ، وشرفها العلوی البهی ، بحیث أنّ کلّ عین منها فی تلک الصورة الکلیّة یدّعی استیهال روحیّتها واستحقاق خلافتها .


شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قوله : "فالأمر کله منه، ابتداؤه و انتهاؤه، "و إلیه یرجع الأمر کله" 123 سورة هود ، کما ابتدأ منه ."

(فالأمر)، أی من أمر الوجود (کله منه) ، أی من الحق سبحانه (ابتداؤه) بحسب فیضه الأقدس وتجلیة تصور الأعیان الثابتة فی العلم (و) منه (انتهاؤه) أیضا بحسب فیضه المقدس وتجلیة تصوّر الأعیان الموجودة فی العین (وإلیه یرجع الأمر کله) بالفناء فیه آخر (کما ابتدأ منه) عند الوجود عن عدم أولا

قوله : "اقتضى الأمر جلاء مرأة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة."

(فاقتضى الأمر) جواب تما وإلقاء تبعد العهد، أی اقتضى الأمر المذکور من المشبه والتسویة وکون شأن الحکم الإلهی ما ذکر (جلاء مرآة العالم) ونفخ الروح فی صورته المسواة (فکان آدم) بوجوده العینی (جلاء تلک المرأة وروح تلک الصورة)، ولما انجر کلامه رضی الله عنه إلى أن آدم روح صورة العالم أراد أن یبین نسبة الملائکة القادحین فی خلافته إلى صورة العالم ومنشأ محجوبیتهم عن إدراک کماله لیکون توطئة للتنبیه على خطابهم فی ذلک القدح کما سیجیء عن قریب.

قوله : "وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم بـ : الإنسان الکبیر."

قال : (وکانت الملائکة ) القادحون فی خلافة آدم وهی ما عدا الجبروت والنفوس المجردة (من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم)الصوفیة المحققین (بالإنسان الکبیر) صورة کما یعبرون عن الإنسان بالعالم الصغیر صورة، وذلک لأن النشأة الواحدة تفصیلها العالم وإجمالها الإنسان ، وإنما قلنا صورة لأن الأمر بحسب المرتبة بالعکس، فإن للخلیفة استعلاء على المستخلف علیه

"فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والجنسیة التی هی النشأة الإنسانیة . "

وإنما فال رضی الله عنه :

من بعض قوى تلک الصورة، لأن لها قوی أخر : کالجن والشیاطین (فکانت الملائکة القوى الروحانیة من المتخیلة والمتفکرة والحافظة والذاکرة والعاقلة (والحسبة) کالباصرة والسامعة و الشامة والذائقة واللامسة

التی هی (النشأة الإنسانیة) فکما أن النفس الناطقة تدبر البدن بواسطة هذه القوى کذلک النفس الکلیة تدبر العالم کله بواسطة الملائکة.


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه : (  فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه.  فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر».  فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة. )

قال المصنف  رضی الله عنه :  ( فالأمر کله منه ابتداؤه و انتهاؤه: و إلیْهِ یـرجعُ  الْأمْرُ کُلُّهُ [ هود: آیة 123] کما ابتدأ منه . فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصورة .   و کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم بـ : "الإنسان الکبیر "). 


قال الشارح رحمه الله : 

( فالأمر ): أی إذا کان الأمر على هذا المنوال، و ما  شیء من خارج بل منه فیه فقال رضی الله عنه: أمر الوجود . 

( کله منه ): أی ظهور أم الوجود کله من القائل و لیس فی الوجود من یسع الحق سوى القابل، و ما وسعه إلا بقبول الصورة، فهو مجلى الحق، و الحق مجلی حقائق العالم بروحه الذی هو القابل . 

قال رضی الله عنه فی الباب الأربعین و أربعمائة من الفتوحات :

و عندی أن العالم هو عین العلة، و المعلول ما أقول أن الحق علة له کما یقول بعض النظار، فإن ذلک غایة الجهل بالأمر، فإن القابل بذلک ما عرف الوجود و لا من هو الموجود، فلا بد أن ینتهی الأمر إلى واجب الوجود الذی هو نهایة العلل، فافهم انتهى کلامه رضی الله عنه . 

و ذلک لأن الذات المقدّسة من حیث أحدیتها لیست مصدر الشیء و لا متصفة بصفات، و لا مسمّاة باسم البتة.

هذا ذوق سیدی الإمامی رضی الله عنه و عدم التصدیق لهذه المسألة هو المصیبة الآزفة التی لیس لها من دون الله کاشفة، فافهم . 

شرحت لهذا الذکر صدرا، و رفعت لأعلام المعارف قدرا، و إیاک و المغالطة! فإن الناقد یصیر و إلیه الأمور تصیر، فافهم .

( فمنه ابتداؤه) حقیقة و روحا قال صلى الله علیه و سلم : "کنت نبیا و آدم بین الماء و الطین" .

و قال صلى الله علیه و سلم : " أول ما خلق الله القلم، فقال له: اکتب، فقال: یا رب ما أکتب؟  

قال: "أکتب مقادیر کل شیء حتى تقوم الساعة من مات على غیر هذا فلیس منی" رواه عبادة بن الصامت . 

و فی روایة :  "فأمره أن یکتب کل شیء یکون " رواه ابن عباس رضی الله عنه .

هذا معنى "کنت نبیا و آدم بین الماء و الطین" لأنه کان عین القلم الأعلى، و العقل الأول بعلم و شعور، فافهم . 

( و انتهاؤه إلیه ): أی إلى القابل، فإنه أول الخلق حقیقة، و آخر الخلق صورة و جسما، و أعطاه الله: أی هذا القابل التجلی الآخریة لأنه آخر نوع ظهر فهو الأول من حیث الصورة الإلهیة، و الآخر من حیث الصورة الکونیة . 

( و إلیه یرجع الأمر کله ): أی الوجود کله ذاتا و اسما و صفة لأنه الظاهر بالصورتین . 

قد علمنا بالخبر الصحیح أن أعمالنا ترد علینا، فإلیه یرجع الأمر کله، فالعبد بحسب ما عمل فهو المقدس إن کان عمله التقدیس والتنزیه والمعظم إن کان عمله التعظیم. 

لما لاحظ من أصل الکشف هذه الرجعة، قال: سبحانی ، فأعاد التنزیه علیه لفظا، کما عاد حکما، هکذا من مقام سبح اسم ربک .


و کما قال الآخر فی هذا: أنا الله، فإنه ما عبد إلا ما اعتقده، و ما اعتقده إلا ما أوجده فی نفسه، فما عبد إلا مجعولا مثله، فظهر لک بهذا السرد إن کنت ذا لب، أن أمر الوجود کله یرجع إلى العبد لأنه ظاهر بالصورتین، و باطن عن الصورة الکونیة بما عنده من الصورة الإلهیة أن الله خلق آدم على صورته.

فمن هنا یظهر رجوع الحق إلى العباد من نفسه مع غنائه عن العاملین، فلمّا خلقهم لا یمکن إلا الرجوع إلیهم، و الاشتغال بهم، سنفرغ لکم و هو عین الحفظ الإلهی، فإنه ما أوجده عبثا، فیرجع إلیه سبحانه أنه تواب: أی رجّاع .

یشیر إلى مبالغة فی الرجوع، و حکم عموم الرجوع الإلهی إلى العباد، کما قال تعالى: "ثمّ  تاب علیْهِمْ لیتوبوا إنّ اللّه هُو التّـوّابُ الرّحِیمُ" [ التوبة: 118] .

أقدم و أکثر رجوعا إلى العباد من العباد إلیه، فإن العبد تارة یرجع إلى نفسه، و تارة إلیه سبحانه بخلاف الحق فما کانت له رجعة إلى نفسه إلا الرجعة الأولى المعبر عن ذلک بابتداء العالم فما له رجوع إلا إلى عباده فافهم ذکره رضی الله عنه فی "الخزائن".

و یحتمل أن یکون المراد بقوله رضی الله عنه: (و إلیه یرجع الأمر کله) إشارة إلى أن هذا القائل یجمع کل حقیقة فی العالم، کما أن کل اسم إلهی یجمع کل اسم إلهی: أی باعتبار الذات، فالثانی  کشف إلى القاسم القسی صاحب "خلع النعلین" و الأول کشف شیخنا . 


قال رضی الله عنه فی "الفتوحات" فی الباب السابع و التسعین و المائتین:

بهذا الکشف انفردت من دون الجماعة الإلهیین، فلا أدری هل عثر علیه أحد غیره، و کوشف به أم لا من جنس المؤمنین من أهل الولایة، لا من جنس الأنبیاء علیهم السلام أهل الاختصاص . 

فرحم الله عبدا بلغه أن أحدا، قال بهذا عن نفسه و عن غیره، فیلحقها فی کتابی هذا استشهاد إلى فیما أدّعیته، فإنی لا أحب المخالفة، بل أحب الموافقة لا أنفرد  بشیء دون أصحابی، و الله یقول الحق، و هو یهدی السبیل کما ابتدأ منه . 

ورد فی الخبر الصحیح أنه قال صلى الله علیه و سلم : "أول ما خلق الله روح نبیک یا جابر"  

فیکون للآخر الأول الباطن الظاهر بجمع الأضداد، بل عین الأضداد و وجد مع الحق تعالى هؤلاء هو قوله: "و ما رمیت إذْ رمیْت و لکِنّ اللّه رمى"  [ الأنفال: 17]، فختم بما بدأ فیا لیت شعری! فمن بینهما فالأمر کله منک و فیک .


قال الشیخ رضی الله عنه فی الفص الشیثی: 

فما فی أحد من الله شیء، و ما فی أحد من سوى نفسه شیء، و إن تنوّعت علیه الصور انتهى کلامه رضی الله عنه فما ثم أمر خارج عنک، فلا ترجو أن تعرف نفسک بسواک، فإنه ما ثم سوى، فأنت دلیل علیک، و دلیل علیه من عرف نفسه، فقد عرف ربه، و ما ثم سوى من هو دلیل علیک، فافهم . 

قال رضی الله عنه: إن الولایة لها الأولیة، ثم تسحب و تثبت و لا تزول و لها حکم الأول، و الآخر، و الظاهر، و الباطن و لا ینقطع، فإن الاسم الولی یحفظه، فافهم . 

( فاقتضى الأمر) یعنی: لما شاء الحق ما شاء، و العالم القابل کمرآة غیر مجلوّة، فاقتضى أمر القابل اقتضاء ذاتیا و ذلک لأنه لما أوجد الله تعالى القابل، و اقتضت ذات القابل الاقتضاءات الذاتیة بما رکبه الله علیه من الحقائق، و الاستعدادات لقبول تلک الاقتضاءات، طلب بذاته العوارض الإمکانیة التی تراها فی القابل.

فمن القابل من له قصد فی ذلک الطلب، و هو تعین عارض، خاص کقائم یطلب القعود ممن یعقل، و منهم من یطلبه من غیر قصد کالشجرة تطلب السقی لأجل الثمر التی خلفت لها، و طلبها لذلک ذاتی على مقدار معلوم، إن زاد على ذلک لحال کان حکمه، حکم نقصانه فی الهلاک، فلا بد من حافظ یحفظ علیه القدر المعلوم.

و هو الخالق فهذه الاقتضاءات الذاتیة من القابل منها، و ما یقابل فیه صلاح، و منها فساد بحسب الحکمة الواقعة الحاکمة علیها . 

و أمّا الأحوال کالأحمر لمن قامت به الحمرة للمعانی، فإنها أحکامها و لیس لها وجود و لا هی معدومة هذا حکم لا یتصف بالخلق لأنه معقول لا عین له فی الوجود العینی، بل المعانی کلها التی أوجبت أحکامها لمن اتصف بها نسب عدمیة لا عین لها فی الوجود، و لها الحکم و الحال و لا عین لحکمها و حالها فی الوجود.

فصار الحاکم و المحکوم به فی الحقیقة أمورا عدمیة مع أنها معقولة فعل الحقیقة لا أثر الموجود فی موجود، و إنما الأثر للمعدوم فی المعدوم، و تأثیر العدم إنما یظهر بالبدیهة فی أحکام المراتب، فإن الآثار للمراتب لا للأعیان کمرتبة السلطنة فی النوع الإنسانی مثلا یحکم بما یرید لرتبة السلطنة، و لیس للسلطنة وجود عین، و کل غافل یرى، و یعلم أن المتحکّم فی المملکة إنما هی المراتب لا عین صاحب الرتبة، إذ لو کان ذلک لکونه إنسانا، فلا فرق بینه و بین کل إنسان، بل إذا عزل عن المرتبة، فلا له الحکم، و لا التحکم کما کان فی السلطنة . 

المرتبة أمر اعتباری لا عین لها فی الوجود، فلا أثر لموجود فی موجود، إنما الأثر لمعدوم فی معدوم أو لا أثر، و لا تأثیر أصلا بل اقتضاءات ذاتیة ظهرت من البطون إلى الظهور، و من الغیب إلى الشهادة هذا مخ التصوف، و المعارف للإمامی رضی الله عنه الذی هو المقتدی و المعتنی .

( جلاء مرآة العالم) لأن المرآة المجلوّة هی التی ترى صورة الرأی دون غیرها مما لا صقاء له فیه، و لا صفاء . 

( فکان آدم) مشتق من الأدیم، و هو الجلد الظاهر من الحیوان، و إنما سمّی آدم لحکم ظاهرة علیه، فإنه ما عرف منه إلا ظاهره،  کما أن الحق ما عرف منه إلا الاسم الظاهر و هو المرتبة الإلهیة و الذات مجهولة، و کذلک آدم کان مجهول الذات و الحقیقة عند العالم . 


""  الحقیقة: سلب أثار أوصافک عنک بأوصافه. ومن آثارها تقیدک وتلبسک بها، فالسلب إنما یتوجه إلى آثر الأوصاف، لا إلى الأوصاف.

فإن وجودک عین وجوده، وأوصافک عین أوصافه وهو أحدیة جمع کثرتها، فإنه الفاعل بک فیک من لا أنت. وقد أید معنى کونه أحدیة جمع الکثرة، وکونه فاعلا لها.

ومحصل المعنی: الحقیقة اسم أطلق على الحق عند تحقیق کونه عین وجود العبد وأوصافه، وقد تبین سقوط إضافتها عنه، فإنه تحققه بالوجود و أوصافه باق على عدمیة، ومن ذلک قوله: «و إذا أحببته کنت له سمعا وبصرا ویدا".  فلیس للعبد فی وجود الحق إلا الحکم، لا العین. فافهم. ""

فلهذا حکمت الملائکة علیه الفساد: أی بالإفساد بظاهر نشأته لما رأوها قامت من طبائع مختلفة متنافرة، عقلت أن هذا الإفساد، و السفک لا یقعان إلا ممن له حکم، و لا حکم إلا لمن له التقدم، و الرئاسة، و إنفاذ الأوامر، فافهم. و المراد من آدم: وجود العالم الإنسانی بأسره، کما صرّح رضی الله عنه فی نقش الفصوص .

( عین جلاء تلک المرآة) فالمرآة حضرة الإمکان، و الحق الرائی فیها، و صورة الکامل فیها و جلاؤها، و هی عینه لا غیره، فافهم لأن کل ما یتصور التصور فهو عینه، و لا بد للعالم أن یکون متصورا للحق على ما یظهر عینه، فخرج آدم على الصورة، فظهر فیها کل  شیء کظهور الصور فی المرائی، فما هو عین الرأی لما فیها من حکم المجلی، و لا عین الجلی لما فیها فما یخالف حکم المجلی و ما ثم أمر ثالث من خارج یقع علیه الإدراک، و قد وقع .

فما هو هذا المدرک؟ و من الخلق؟ و من الظاهر؟ و من المظهر؟فإن کان النسب فهی معدومة إلا أن علة الرؤیة استعداد المرئی بقبول الإدراک فیرى المعدوم، سلمنا أن المعدوم یرى فمن الرائی؟ فإن کان نسبة فکما فی المرئی بالشرح، و إن لم یکن نسبة و کان وجودیا، فکان هو الرائی و هو المرئی أن الله نراه و یرانا، فافهم، فإن الأمر بینهم، فلا تهتم. 

( و روح تلک الصورة )، فکمال العالم بالإنسان ککمال المرآة بالصقالة و کمال الجسد بالروح.

فالإنسان روح منفوخ فی جسم العالم، و هو العین المقصود لله تعالى و هو المحل لظهور الأسماء الإلهیة و الکونیة، و هو مرآة جامعة لصور حقائق العالم کله من ملک، و فلک، و روح، و جسم، و طبیعة، و جماد، و نبات، و حیوان إلى ما خصّ به من علم الأسماء الإلهیة مع صغر حجمه و جرمه، بل العالم کله تفصیل آدم.

و آدم هو الکتاب الجامع، فالإنسان روح العالم، و العالم جسده، فبالمجموع یکون العالم کله، فإذا نظرت إلى العالم بلا هذا الإنسان وجدته کالجسم المستوی بغیر روح . 


قال رضی الله عنه: کما أن الإنسان جسم صغیر، کذلک ملک حقیر من جهة الحدوث و صحّ له التأله لأنه خلیفته فی العالم، و العالم مسخّر له مألوه کما أن الإنسان مألوه لله تعالى، و هو روح العالم . 

اعلم أن الذاتی الحق لما ظهرت أعیان الممکنات فی مرآة ذاته أدرکها فی نفسه بنوره، فلحقه المرئی بالرأی حیث أدرکه فی ذاته، و هو واحد فی الوجود لأن الممکنات المربیة فی هذه الحالة منعوتة بالعدم، فلا وجود لها مع ظهورها للرأی، کما ذکرناه .

فسمّی هذا الظهور توحید إلحاق: أی الحق الممکن بالواجب، فأوجب للممکن ما هو علیه الواجب لنفسه من النسب الأسمائیة حتى الوجوب، و لا نقول بالغیر لأنه قلة الإیجاد على الإطلاق ما عدا نفسه تعالى، فالخیال موجد لله تعالى فی حضرة الوجود و الحق موجود للخیال فی حضرة الانفعال الممثل.

فإذا ثبت إلحاق الخیال فی قوة الإیجاد بالحق ما عدا نفسه فهو على الحقیقة المعبر عنه بالإنسان الکامل الذی هو جلاء المرآة و روح تلک الصورة.

فإنه ما ثمّ على الصورة الحقیقیة مثله فإنه یوجد فی نفسه کل معلوم ما عدا نفسه، و یسمى هذا توحید الوصلة و الاتصال و توحید الإلحاق، فإن توحید الخیال مع کونه من الموجودات الحادثة صعب التصور إلا هذا الاختصاص الإلهی الذی أعطته حقیقته، فما قبل شیء من المحدثات صورة الحق سوى الخیال، فإذا تحققت ما قلناه علمت أنه فی غایة الوصلة .

و من هذا الذوق قال العارف :  رقّ الزجاج و رقت الخمر .....  فتشاکلا فتشابه الأمر

فکأنما خمر و لا قدح .....   و کأنما قدح و لا خمر

فهذه أنوار مندرجة بعضها فی بعض مثل اندراج المثل فی المثل، و اندراج الظل فی الظل، و النور فی النور، فافهم . 

( فکانت الملائکة) فاتخذ الله الملائکة رسلا إلیه، و لهذا سمّاهم ملائکة: أی رسلا وهو من المقلوب، وأصله مألکه، والألوه هی الرسالة والمالکة الرسالة.


ذکره رضی الله عنه فی " الفتوحات" . 

ثم اعلم أن الأرواح على ثلاثة أصناف: 

الصنف الأول الـ مهیمون لما أوجدهم الله تعالى، و تجلّ ى لهم بالاسم الجمیل . 

فهیمهم فلا یعرفون نفوسهم و لا من هاموا فیه، و هم الذین أوجدهم من أبنیة السماء، و هم أعلى الأرواح العلویة . 

قال تعالى لإبلیس: "أسْتکْبرْت أمْ کُنت مِن العالین" [ ص: 75] . 

و لیسوا بملائکة من حیث الاسم، فإنها موضوعة لرسالة خاصة، وماهم برسل .

قال رضی الله عنه: فی الفتوحات المکیة الباب السابع والخمسون ومائة فی معرفة مقام النبوة الملکیة

أوحى الإله إلى الأملاک تعبده ... یأمره ما لهم فی النهی من قدم

وهم عبید اختصاص لا یقابله ... ضد وقد منحموا مفاتح الکرم

لا یعرفون خروجا عن أوامره ... ورأسهم ملک سماه بالقلم

أعطاه من علمه ما لا یقدره ... خلق وان له فی رتبة القدم

حکما کما قال فی العرجون خالقنا ... فی سورة القلب جل الله من حکم

هم انبیاء أحباء بأجمعهم ... بلا خلاف وهم من جملة الأمم

لکل شخص من الأملاک نرتبة ... معلومة ظهرت للعین کالعلم

وهم على فضلهم على التفاضل فی ... تقریبهم ولهم جوامع الکلم

قال الله تعالى لإبلیس: “استکبرت أم کنت من العالین” . 

وهم أرفع الأرواح العلویة ولیسوا بملائکة من حیث الاسم فانه موضوع للرسل منهم خاصة .

فمعنى الملائکة الرسل وهو من المقلوب وأصله مألکة والألوکة الرسالة والمألکة الرسالة فما تخص بجنس دون جنس ، ولهذا دخل إبلیس فی الخطاب بالأمر بالسجود لما قال الله للملائکة اسجدوا .

لانه ممن کان یستعمل فی الرسالة فهو رسول فأمر الله فأبى واستکبر وقال : "انا خیر منه خلقتنی من نار وخلقته من طین".

فالرسالة جنس حکم یعم الأرواح الکرام البررة السفرة والجن والانس فمن کل صنف من أرسل ومنه من لم یرسل ، فالنبوءة الملکیة المهموزة لا ینالها إلا الطبقة الأولى الحافون من حول العرش ولهذا "یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ".

وأفراد من ملائکة الکرسی والسموات وملائکة العروج وآخر نبی من الملائکة إسماعیل صاحب سماء الدنیا .

وکل واحد منهم على شریعة من ربه متعبد بعبادة خاصة وذلک قولهم "وما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ" فاعترفوا بأن لهم حدودا یقفون عندها لا یتعدونها ." أهـ.


قال رضی الله عنه فی الباب التاسع و الأربعین و ثلاثمائة من "الفتوحات ":

إن الملائکة أجسام نوریة فلهم هذه القوی من حیث أجسامهم فإنهم مرکبون کالأجسام الطبیعیة فالملک صاحب القوتین على ترکیب النبات .

وصاحب الثلاث على ترکیب الحیوان .

وصاحب الأربع على ترکیب الإنسان .

وانتهت المولدات فانتهت قوى الملائکة والجسم یجمع الکل فله الإحاطة فقبلت الملائکة الأجسام النوریة من العماء الذی ظهر فیه الجسم النوری الکل وقبل الشکل والصور وفیه نظهر الأرواح الملکیة والعماء لهذا الجسم الکل وما یحمله من الصور والأشکال الإلهیة والروحانیة بمنزلة الهیولى فی الأجسام الطبیعیة سواء .

والتفصیل فی ذلک یطول ومن هذا النور الذی فوق الطبیعة تنفخ الأرواح فی الأجسام الطبیعیة فما تحت الطبیعة إلى العناصر أنوار فی ظلال .

وما تحت العناصر من الأجسام العنصریة أنوار فی ظلمة .

وما فوق الطبیعة من الأجسام النوریة أنوار فی أنوار .

وإن شئت أنوار فی أنفاس رحمانیة .

وإن شئت أنوار فی عماء کیفما شئت عبر إذا عرفت الأمر على ما هو علیه

واعلم إن کل روح مما هو تحت العقل و حیطته صاحب الکلمة هو ملک، و ما فوقه هو روح لا ملک . 

و الصنف الثانی: الملائکة المسخّرة، و رأسهم القلم الأعلى و هو العقل الأول سلطان عالم التدوین و التسطیر، و کان وجودهم مع المهیمة، و لکن حجبهم الله تعالى عن التجلی الذی یهیمهم لما أراد الله تعالى أن یعطیهم رتبة الإمامة فی العالم و یستغفرون للذین آمنوا . 

و الصنف الثالث: ملائکة التدبیر و هی الأرواح المدبرة للأجسام کلها الطبیعیة النوریة، و الهبائیة و الفلکیة و العنصریة، فالمراد من الملائکة فی المتن هذان الصنفان لا الأول . 

( من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم) هم عقلاء الصوفیة و حکماؤهم: (بالإنسان الکبیر) . 


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص۱۳

فالأمر کلّه منه ابتداؤه و انتهاؤه و إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ کما ابتدأ منه، فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصورة.

 پس امر وجود بتمامه ابتداى آن از حق است و انتهاى آن به حق بازگشت مى‌کند چنانکه از او پدید آمد. چون این گونه بود امر الهى اقتضا فرمود جلا دادن مرآت عالم را و آدم عین جلاى این مرآت و روح این صورت است.


و کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصّورة التی هی صورة العالم المعبّر عنه فی‏ اصطلاح القوم ب «الإنسان الکبیر».

 دیگر اینکه قوا را در شرع به ملائکه تعبیر کرده‌اند. أرواح عالم هم گفته‌اند. ملائکه بعضى از قواى این صورتند که صورت عالم است و در زبان عرفا از آن به انسان کبیر تعبیر مى‌کنند (الإنسان عالم صغیر مجمل و العالم انسان کبیر مفصّل).

اینکه شیخ گفت صورت این عالم را تعبیر کرده‌اند به انسان کبیر و صورت انسان را به عالم صغیر، براى این است که به حسب صورت آن کبیر و این صغیر است. و گر نه به حسب رتبت بالعکس است و اینکه شیخ گفت ملائکه بعضى از قواى این صورت است براى این است که بحث درباره یک سلسله از ملائکه است.

فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة و الحسّیة التی فی النشأة الإنسانیّة.

 پس ملائکه براى عالم چون قواى روحانیه و حسیه در نشئه انسانیه است.

قوا در انسان کبیر مراحل و مراتب نفس کل‌اند و نفس کل متعلق است به مجموعه پیکر انسان کبیر یعنى عالم و سر تا سر أجزاء و کرات و ذرات از اجرام علوى و عناصر سفلى به منزله اعضا و جوارح آن یک پیکر واحد انسان کبیر یعنى عالم مى‌باشند و تمام ملائکه که متعلق به این بدن هستند مراتب آن نفس کل‌اند مانند قواى حسى و روحانى متعلق به بدن انسان که انسان با همه اعضا و جوارحش یک شخص است و یک نفس به او تعلق دارد و آن قوا که ملائکه مملکت وجود اویند مراحل نفس ناطقه‌اند.

«النفس فی وحدتها کل القوى             و فعلها فی فعلها قد انطوى»

 همین معنى را در انسان کبیر نیز باید پیاده کرد که در حقیقت تطابق کونین است و معرفت نفس مرقات است براى معرفت عالم و همان طور که ملائکه مملکت انسان یعنى قوا و عوامل در این مملکت هر یک را مقامى است معلوم و از حد خود تجاوز نمى‌کنند و از مقام ایجادى خود خارج نمى‌شوند و عصیان نمى‌ورزند. مثلا چشم در دیدن مطیع است و گوش در شنیدن و از این موهبت الهیه و فرمان خداوندى سرباز نمى‌زنند. لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (تحریم: ۶) همچنین قواى عالم یعنى انسان کبیر هر یک از فعل خود که ایجادا و خلقا به آنها موهبت شده سر باز نمى‌زنند و معصومند. تکوینا عصیان در آنها راه ندارد. لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ چنانکه آفتاب در اضائه و اشراق و ماه در اناره و آتش در إحراق و آب در تبرید و هکذا.


نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص:  56-61

فالأمر کلّه منه، ابتداؤه و انتهاؤه، «و الیه یرجع الأمر کله‏»، کما

ابتدأ منه‏.

«فالأمر کله» جواب شرط مقدّر است؛ یعنى: إذا کان القابل و ما یترتّب علیه فایضا من الحق- تعالى- فالأمر کلّه منه ابتداؤه و انتهاؤه.

یعنى: بنابراین قول که گفته شد که: وجود عالم جز قابلى نیست؛ و قابل نیز از «فیض اقدس» است. پس همه امور و شأن را بحسب ایجاد و تکمیل و فضل و تفضیل، و اجمال و تفصیل، ابتدا از او، و انتها به او، باشد؛ که «منه بدأ و الیه یعود».

و مراد از «امر» مأمور است؛ یعنى: آنچه بقول «کن» پیدا شد بحکم اولیت که: «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ»( س 36- 82) همچنان‏که مبدأ و اوّل اوست، مرجع و معاد و آخر هم اوست؛ که: و الیه یرجع الامر کله.

و اگر سائلى گوید که: چون گفته است که: «الأمر کلّه منه، ابتداؤه و انتهاؤه»، بگفتن «یرجع الأمر کلّه» چه حاجت؟؟.

جواب گوییم که: تکرار آن یا از براى تأکید است. یا محمول گردانیم به تجلیاتى که از فیض مقدّس، لحظة فلحظة، و لمحة فلمحة، حینا بعد حین، و آنا بعد آن، و زمانا بعد زمان، و یوما بعد یوم، فایض مى‏شود، از براى تکمیل موجودات و ایجاد معدومات، بحکم‏ «کُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ»( س 55- 29).

و این مسئله دانستنى است‏که: شئون الهى بى‌‏نهایت است؛ و هویّت او- تعالى ذاته- در شئون، این معنى دارد که: امر الهى، از حضرت احدیّت نازل مى‌‏گردد به حضرت واحدیّت؛ و از واحدیّت به مرتبه عقلیّت؛ بعد از آن به لوحیّت؛ بعد از آن به طبیعت کلیه؛ بعد از آن به هیولاى جسمانیّه؛ بعد از آن به عرش؛ پس به کرسى: پس به فلک اول تا به هفتم. و همچنین از کلیّات به جزئیّات؛ تا منتهى مى‏گردد به انسان. و در هر مرتبه به صبغى منصبغ مى‏گردد؛ و از آن نصیبى با او همراه مى‏گردد؛ و از حضرت احدیّت تا به مرتبه انسانیّت، این جمله از مراتب اوّلیّت است؛ لاجرم در همه اقتضاى ظهور مى‏‌کند؛ و در انسان [که مجموعه و جامع همه است از لطائف ملکوتى و کثائف ملکى، از هر عالمى و طورى نشانه [اى‏] با وى‏] در وى ظاهر است؛ و به او نصف دایره تمام مى‏‌گردد. باز چون قطع مراتب آخرت کند، اقتضاى بطون‏ کند؛ تا دور دایره تمام شود؛ و اوّل به آخر، و ظاهر به باطن، رساند. پس هر صبغى که در هر مرتبه گرفته، و به آن منصبغ شده در نصف دایره، رجوع از آن منسلخ مى‏‌گردد، انسلاخى‏ معنوى؛ چنانکه محسوس نیست، مگر در نظر أهل وجدان و کشف، تا تمام دایره‏ قطع کند؛ و اوّلیّت به آخریّت پیوسته شود؛ و آخریّت عین اوّلیّت شود؛ و این رجوع و سیر در عالم انسانى باشد باین وجه که: هر چه از امور تجلیّات الهى، نازل شده به عالم انسانى، باز راجع گردد به آن حضرت؛ که: «یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِی إِلى‏ رَبِّکِ، راضِیَةً مَرْضِیَّةً. فَادْخُلِی فِی عِبادِی. وَ ادْخُلِی جَنَّتِی»( س 89- 28).

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصورة.

قوله: «فاقتضى الأمر» جواب‏ «لما شاء» است که از پیش گفته بود؛ و مراد آن است که: اللّه تعالى چون عالم را مانند شبحى بى‏روح و مرآتى بى‏جلا آفریده‏ بود؛ امر الهى که «فیض مقدّس او» است، تقاضاى آن کرد که آن کالبد را روحى، و آن آینه را [به‏] جلائى، فتوحى بخشد؛ تا آنچه مقصود از ایجاد وجود او است، به حصول موصول گردد؛ و آن ظهور اسرار الهى است در این مظهر؛ پس آدم را- ع- عین جلاء آن آینه و روح آن صورت ساخت. و مراد از آدم انسان کامل است. و انسان کامل این شرف از آن یافت، که وى را استعداد ادراک این معنى، و قوه دریافت این سرّ بود، از میان جمله موجودات. پس لاجرم امین حمل این درّ ثمین، او گشت؛ کما قال اللّه- تعالى- «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ کانَ ظَلُوماً جَهُولًا»( س 33- 72).

و آن سرّ و امانت و معنى که گفتیم- اگر چه گفتنش دریغ است- این است که:

بباید دانستن که: «عین احدیّت» است که «عین حقایق وجودى» شده؛ لیس فی الدار غیره دیّار.

و اگر کسى گوید که: چون حمّال این اسرار و انوار از میان موجودات، انسان آمد، پس چرا به صفت «ظلم و جهل» موصوف گشت که: إِنَّهُ کانَ ظَلُوماً جَهُولًا؟؟.

جواب گوییم که: این ظلم و جهل که صفت انسان شده، ظاهرا ذمّ مى‏نماید، امّا حقیقة مدح است به آن معنى که: حقّا که انسان ستمکار است بر نفس خود؛ که از لذّات و تنعّمات و مرادات مى‏گذرد، و نفس او، سر هزار آرزوى خود هر دم به تیغ مجاهده و مخالفت مى‏برد، تا او را به افعال و صفات در صفات و افعال و ذات حق مستهلک مى‏گرداند؛ و نام «أنانیّت» از وى مرتفع شود؛ أنا ممسوس‏ فی ذات‏ اللّه- که سخن‏ علىّ‏ ولىّ است- حال او شود. و جهول است به آن معنى که: غیر حق را نمى‌‏داند؛ و نمى‌‏شناسد.

ازبس‏که دو دیده بر جمالت دارم‏ در هر چه نگه کنم تو مى‏‌پندارم‏


«ما رأیت شیئا إلّا و رأیت اللّه فیه.»

هم منقول است از أسد اللّه الغالب على بن أبى طالب- کرّم اللّه وجهه- [که‏] گفته است. پس ظلم و جهل باین معنى مدح باشد؛ نه ذمّ.

و اگر سائلى پرسد که: ارواح مجرّده و ملایکه کرّوبى چگونه به این معنى جاهل بودند؟؟.

جواب گوییم که: علم ارواح متعلّق است به صور اشیاء؛ نه به حقایق و اعیان ثابته کما هى .. و ایشان جز آن که منقوش است و مرکوز در ایشان، یا آنچه صادر مى‏‌گردد بواسطه ایشان، ندانند؛ وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ»( س 37- 164)  و «لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ»( س 66- 6 و 7)  حکایت از مراتب علم ایشان دان، که اگر ایشان را از آن، زیاده علمى بودى، آدم را نفرمودى که: «أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ»( س 2- 33) ؛ و ایشان نگفتندى که: لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّکَ أَنْتَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ‏( س 2- 32).

[سرّى که مقرّبان به آن سرّ نرسند در نقطه آتشکده سینه ماست‏]


عرفا دانند که: هر که را که هنوز حوالت به تعلّم و سبق گرفتن الفاظ و اسماء باشد، از حقایق مسمّى و اسرار معنى‏ چه خبر باشد؟ آخر، نه در شب معراج، جبرئیل- ع- مصطفى را گفت که: لو دنوت أنملة لاحترقت.

مولانا- قدّس سرّه- فرماید:

تو نامى کرده‌‏اى این را و آن را از این نگذشته‌‏اى، آن را چه دانى؟


و مؤیّد این مباحث این است که گفته:

و کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصّورة الّتى هى صورة العالم المعبّر عنه فى اصطلاح القوم به «الإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الرّوحانیة و الحسّیّة الّتى [هى‏] فى النّشأة الانسانیّة.

«و کانت» عطف است بر «فکان آدم»؛ یعنى: چون آدم، روح این صورت بود، ملائکه، که ملکوتى بودند، از بعض قواى این صورت باشند؛ آن صورتى که به اصطلاح صوفیّه متألّه آن را «انسان کبیر» خوانند.

و مراد از: «ملائکه ملکوتى» نفس کلّى، و نفوس مجرّده سماوى، و عناصر بسیطه و مرکّبه، و نفوس منطبعه، در اجرام علویّه و سفلیّه، و قواى جسمانى، و جنّ و شیاطین است؛ که این [جمله‏] بعضى از قواى صورت عالم‌‏اند؛ و صورت عالم [را] از آن [جهت‏] «انسان کبیر» خوانند که: هر چه در وى است بطریق تفصیل، از آن نمودارى در انسان مى‏یابند بطریق اجمال. و در مقابل وى، انسان را «عالم صغیر» مى‏خوانند؛ چنانکه عالم را «انسان کبیر» مى‏گویند. و فی الحقیقة، انسان «عالم کبیر» است به مرتبه‏اى؛ و عالم «انسان صغیر» است به درجه‏اى؛ چرا که انسان، خلیفه است در عالم؛ و خلیفه را استعلا باشد در ما یخلف فیه. و قوله: «و کانت الملائکة له کالقوى الروحانیّة» از جهت تمثیل و نظیر گفته؛ یعنى: همچنان‏که نفس ناطقه مدبّر بدن انسان است بواسطه قوایى چند، که آن قواى روحانى و حسى و حیوانى و نباتى است.

و چون عقل نظرى و عملى و وهم و خیال و غاذیه و نامیه و مولده و امثال آن، همچنین نفس کلّى، مدبّر بدن عالم است بواسطه قواى ملائکه ملکوتى، که آن، روحانیات‏ کواکب سبعه، و ثوابت و اجرام علویّه و بسایط و مرکّبات است و امثال آن، که در کلام مجید از قوا بدین لفظ تعبیر فرموده که: و المدبّرات [أمرا] .


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 99-102  

فالأمر کلّه منه ابتداؤه و انتهاؤه: وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ‏ کما ابتدأ منه.

پس همه امر یعنى شأن به حسب ایجاد و تصریف و تکمیل ازوست و مراد از امر مأمور به وجود است به دو حرف «کاف و نون» چنانکه مى‏فرماید: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ‏ لاجرم چنانکه ظهور وجود هر مأمور در ابتدا از حق بود و حق او را اول و مبدأ رجوع بر موجود که حاصل است بامرهم به سوى اوست؛ و این رجوع متحقق نمى‏‌شود مگر در قیامت کبرى به فناى افعال و صفات و ذات در افعال و صفات و ذات بارى سبحانه و تعالى که موجب رفع اثنینیت و ظهور حکم احدیّت است مگر آنها را که از هستى رمیده و در خلوت‏خانه نیستى آرمیده‌‏اند و پیش از قیامت قیامت‏ها دیده. بیت:

پس ورا هر لحظه مرگ و رجعتیست‏ مصطفى فرمود دنیا ساعتیست‏


لاجرم از غایت شوق و کمال ذوق در عین بیخودى گویند. بیت:

هم کردم ازین هستى موهوم گذر                 هم یافتم از حقیقت خویش خبر

هم بودم و هم نبودم این نادره بین (نادره‏تر- خ) هم هستم و هم نیستم این طرفه نگر

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصّورة.

رجوع است درین کلام بدانچه درصدد بیان او بود و مى‏شاید که «فاقتضى» جواب «لما» باشد و «فاء» از براى سببیت است، یعنى به سبب آنکه حق ایجاد عالم‏ کرد و چون شبحى که او را روح نباشد یا آینه که جلا نیافته بود اقتضا کرد امر الهىّ جلاى مرآت عالم را تا آنچه مقصود است از آینه عالم آن ظهور اسرار الهیّه است که مودع است در اسما و صفات، به حصول پیوندد. و مظهر جمیع این اسرار انسان است از روى اجمال و تفصیل. پس آدم به معنى انسان کامل عین جلاى این آینه و روح این صورت آمد چه عالم به وجود او تمام شد و اسرار و حقایقش به ظهور پیوست.

و نزد ارباب تحقیق محقق است که در عالم هیچ موجودى نیست غیر انسان که ظاهر شده باشد او را حقیقت او و حقیقت غیر او بدان حیثیّت که بداند که عین احدیّت است که ظهور یافته است و عین حقایق گشته. و حضرت الهى بدین اختصاص که انسان راست در کمال معرفت حقیقت اشارت مى‏کند که: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ‏ یعنى ما عرض کردیم امانت شناخت حقیقت را بر اهل سماوات و ارض، یعنى بر ملکوت و جبروت آنها، پس ابا کردند و از حمل این‏بار بگریختند و با وجود آن تشنگى آب بقا بر خاک ریختند، از آن روى که استعدادات ایشان به تحمل آن وافى نبود وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ کانَ ظَلُوماً جَهُولًا و انسان در حمل این امانت تجاسر نمود و گفت: بیت‏

دل نادان من امانت دوست‏ هم به پشتى آن کرم برداشت‏


چه در استعداد او طاقت مقاومت حمل این‏بار بود و این انسان ظلوم است بر نفس خود که ممیت اوست و مفنى ذات خود است در ذات حق سبحانه و تعالى؛ و جهول است مر غیر حق را، و نافى است ما سواى او را و گوینده «لا إله إلّا اللّه» و نافى غیر و مثبت اله به حقیقت اوست.

لاجرم ارواح مجرّده و غیر آن اگرچه عالم‏اند به اسمائى که منتقش است و صادر به واسطه ایشان از حق‏؛ و لیکن حقایق و اعیان ثابته آن اسما را چنانکه هست نمى‏دانند و لهذا آدم علیه السلام چون مشاهده کرد که ایشان از إنباء اسماى مسمّیات که اعیان و حقایق است عاجز گشتند و به عجز خود اعتراف نمودند که:

لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا انباء کرد به اسماى ایشان و حق سبحانه و تعالى ازین مقام که ایشان راست از زبان ایشان خبر داد که: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ‏ یعنى هر یکى را از ما مقامیست معلوم که تعدّى از آن متصوّر نیست و جبرئیل نیز ازین روى گفت:

«لو دنوت أنملة لاحترقت»

 یعنى:

قدم گر فراتر نهم زین مقام‏         به نور تجلّى بسوزم تمام‏

چو سیّد رخ از سوختن بر نتافت‏ ز حق قربت «قاب قوسین» یافت‏

رسید آن سپهدار خیل رسل‏ چو عقل کل آگه ز هر جزو و کل‏

به جائى که آنجا مکان هم نبود ز بس بى‏نشانى نشان هم نبود


ز سرّ «فاوحى» نکات خفى‏         به گوش دل و جان شنید آن صفى‏

چنان گشته مستغرق اندر خطاب‏ که بوى گل تازه اندر گلاب‏

ز «احمد» چو میم منى شد جدا «احد» ماند و کثرت شد آن دم فنا

پس آنگه کلام خود از خود شنید به چشم خود آن دم رخ خویش دید

و کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصّورة الّتى هى صورة العالم المعبّر عنه فى اصطلاح القوم ب: «الإنسان الکبیر».

پس ملائکه از بعض قواى صورت عالم بودند که در اصطلاح قوم یعنى اهل تصوف، تعبیر ازین صورت به «انسان کبیر» کرده مى‏شود چه جمیع آنچه در عالم است عبارت است از مجموع آنچه مندرج است در نشأت انسانیّت پس انسان «عالم صغیر مجمل» است از روى صورت و عالم انسان کبیر مفصّل؛ امّا از روى مرتبه انسان «عالم کبیر» است و از روى درجه عالم انسان صغیر از آنکه خلیفه را استعلاست بر مستخلف علیه. بیت:

اى آنکه تراست ملک اسکندر و جم‏ از حرص مباش در پى نیم درم‏

عالم همه در تست و لیکن از جهل‏ پنداشته‏اى تو خویش را در عالم‏

قال أمیر المؤمنین کرّم اللّه وجهه‏: شعر

دواءک فیک و ما تشعر و داؤک منک و ما تبصر

و تزعم أنّک جسم صغیر و فیک انطوى العالم الأکبر

و أنت الکتاب المبین الّذى‏ بأحرفه یظهر (یزهر- خ) المضمر

آرى،

در جهانى و از جهان بیشى‏ همچو معنى که در بیان باشد

فکانت الملائکة له کالقوى الرّوحانیّة و الحسّیّة الّتى هى النّشأة الإنسانیّة.

یعنى چون ملائکه بعضى قواى صورت عالم آمد و عالم انسان کبیر است، پس نسبت ملائکه به عالم چون نسبت قواى روحانى و حسّى است به انسان، لاجرم چنانکه نفس ناطقه که مدبر بدن است تدبیر امر بدن مى‏‌کند به قواى روحانى که آن عقل نظرى و عملى است و وهم و خیال و آنچه مشابه آن باشد و به قواى حیوانى و نباتى چون حواس خمس ظاهره و قوت غاذیه و نامیه و مولده مر مثل را و غیر این؛ همچنین نفس کلّیّه تدبیر مى‏‌کند در کلّ عالم به واسطه ملائکه مدبره کما قال تعالى: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً و آن روحانیات کواکب سبعه است از سیّارات و غیر آن از ثوابت.


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 517

فالأمر کلّه منه، ابتداؤه و انتهاؤه، «وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ»، کما ابتدأ منه.

شرح جواب شرط مقدّر است. یعنى: «إذا کان القابل و ما یترتّب علیه فأیضا من الحقّ فالأمر کلّه منه ابتداؤه و انتهاؤه»؛ و مراد از امر مأمور است؛ یعنى آن چه به قول‏ «کُنْ»* پیدا شد به حکم اولیّت، چنانچه مبدأ اوست، مرجع و معاد وآخر هم اوست. و تکرار «إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ‏» براى آنست تا محمول گردانیم به تجلّیاتى که از فیض اقدس لحظه به لحظه فایض مى‏‌شود، به جهت تکمیل موجودات و ایجاد معدومات، و این سیر در عالم انسانى تمام شود، که، وى مجموع لطایف ملکوتى‏ و کثایف ملکى است؛ و در هر مرتبه منصبغ شده به صبغى، و آثار آن در وى ظاهر و به او نصف دایره وجود تمام مى‏گردد؛ و باز چون قطع مراتب آخریّت کند، اقتضاى بطون کند، تا، دور دایره تمام شود، و اول به آخر و ظاهر به باطن رساند؛ و هر صبغى که در مرتبه نصف دایره اول گرفته است، در نصف دایره رجوع از آن منسلخ مى‏‌گردد انسلاخى معنوى.

فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم فکان آدم عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصّورة.

شرح:

سرّى که سر مقرّبان را نرسد در نقطه آتشکده سینه ماست‏


و کانت الملائکة من بعض قوى تلک الصّورة الّتی هی صورة العالم المعبّر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الرّوحانیّة و الحسّیّة الّتی هی فی النّشأة الإنسانیّة. شرح و هر یک ازین قواى روحانى، چه در نشأت انسانى، و چه در عالم جنانى، به ذات خود محجوبند، که، از خود فاضل‏تر چیزى نمى‌‏دانند.