عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة السادسة :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

قال رضی الله عنه : (وکل قوة) فی جسد هذا العالم (منها)، أی من تلک القوى الروحانیة والحسیة التی هی حقائق الملائکة (محجوبة) عن إدراک حقیقة غیرها (بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها )لاشتغالها بکمالها عن معرفة کمال غیرها من بقیة القوى.

(و) ترى (أن فیها فیما تزعم) لا فی حقیقة الأمر (الأهلیة)، أی الاستعداد التام (لکل منصب عالی) من مراتب القرب الإلهی.

(و) کل (منزلة رفیعة عند الله) تعالى (لما عندها)، أی عند کل قوة من تلک القوى (من الجمعیة) لکل وصف إلهی واسم ربانی (الإلهیة) المنسوبة إلى الإله الذی توجه على خلق تلک القوة بکله.

ولکن ما أودع فیها إلا ما أراد من حضرته.

وکل حضرة من حضراته جامعة لجمیع الحضرات، لکن لا من حیث تلک الحضرة المتعینة.

بل من حیث ذلک الحاضر بها فی رتبة الذات، ورتبة الموجود الأول قبل کل شیء، ولهذا قال : (دائرة بین ما یرجع من ذلک)، أی من تلک القوة المذکورة.

(إلى الجناب الإلهی) الجامع المتجلی بذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحکامه.

(إلى جناب حقیقة الحقائق)، کلها الجامعة وهی نور نبینا محمد صلى الله علیه وسلم الذی هو أول مخلوق، وقد خلق الله تعالى منه کل شیء، فهو حقیقة کل حقیقة .

والحاصل أن کل قوة من قوى العالم، بل کل ذرة منه جامعة لکل قوة وکل ذرة، والعلم بشیء من العالم بکل شیء منه.

وکل کمال فی العالم جامع لکل کمال منه، ولکن هذا کله بالنظر إلى حقیقة تلک القوة وحقیقة تلک الذرة.

فإن حقیقة الحق تعالى هی حقیقة ذلک فی عالم الأمر، وحقیقة النور المحمدی هی حقیقة ذلک فی عالم الخلق.

ولا شک أن الحقیقة الإلهیة والحقیقة المحمدیة جامعة لکل کمال.

فما دامت کل قوة وکل ذرة محجوبة بنفسها من غیرها لا جمعیة فیها عند نفسها، فإذا ادعت الجمعیة والاستعداد التام ادعت ما لیس عندها.

وحقائق الملائکة بل حقیقة کل شیء محجوبة بنفسه تزعم الجمعیة والجمعیة فیها وهی منحجبة عنها بنفسها ، فلو زال انحجابها صحت دعواها .

(وفی النشأة) الإنسانیة (الحاملة) بإمدادها (لهذه الأوصاف) المذکورة من القوى الروحانیة والحسیة.

(إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة) التی هی أصل الطبائع الأربع الحرارة والبرودة والرطوبة والیبوسة.

ولیست واحدة منها والذی تقتضیه الطبیعة الکل هو جمیع العناصر الأربعة المتکاثفة عن تلک الطبائع، وهی: النار والهواء والماء والتراب.

والموالید الأربعة المتکاثفة عن تلک العناصر، وهی: الجماد والنبات والحیوان والإنسان.

ولهذا قال: (التی حصرت قوابل) جمع قابل وهو: الجسد المستوى المستعد للروح الطبیعی أو العنصری أو الجمادی أو النباتی أو الحیوانی أو الإنسانی العالم الطبیعی.

(کله أعلاه) وهم الملائکة وکلهم طبیعیون (وأسفله) وهم العالم الجسمانی العنصری.


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

(وکل قوة منها) أی من القوى الروحانیة والجسمانیة التی فی النشأة الإنسانیة ولا حاجة لتعمیم القوی إلى ما خرج من النشأة الإنسانیة لأن المراد بیان المشبه به.

وهو القوى الإنسانیة لیعرف منه أحوال المشبه وهو القرى الخارجة عن النشأة الإنسانیة کالملائکة التی نازعت فی آدم (محجوبة بنفسها) .

لذلک لا ترى أی لا تعلم (أفضل من ذاتها)، بل تعلم أن ذاتها أفضل من غیرها وترجع بذلک نفسها على غیرها ولیس ذلک العلم صوابا منها.

(وإن فیها) أی فی النشأة (فیما تزعم) أى فی زعمها وهو بدل الاشتمال من قوله فیها وهو خبر إن کما فی زعمها (الأهلیة) منصوبة على أنها إسم إن.

(لکل منصب عال ومنزلة رفیعة لما عندها من الجمعیة الإلهیة) فلا ترى أفضل من ذاتها فادعت أنها مستحقة بها بالفعل لاحتجابها بالجمعیة الإلهیة کما احتجبت قواها بنفسها .

لکن هذه الدعوى والزعم لیس بصواب منها فإن الأنبیاء وأهل التحقیق إذا أدعوا لا یدعون إلا ما یتحققون به .

فلم یکن الإنسان أهلا بالفعل بمنزلة رفیعة إلا بالتحقق بها وبعد تحصیلها بمباشرة الأسباب لا بسبب الجمعیة الإلهیة إذ ما من موجود إلا وعنده من الجمعیة الإلهیة فی التحقیق .

وإنما اختصت بالذکر بالنشأة لظهورها فیها دون غیرها (بین ما یرجع من ذلک) أی هذه الجمعیة حاصلة لها ودائرة بین شیء یرجع ذلک فمن زائدة فی الموجب على مذهب أبی الحسن وإنما اختاره مع أن سیبویه لم یجز ذلک لمشابهة هذا الکلام صورة بالنفی أو لیجانس ما قبله (إلى الجانب الإلهی) وهو الحضرة الواحدیة.

(وبین شیء) یرجع ذلک الشیء (إلى جانب حقیقة الحقائق) وهی الحضرة الإمکانیة وفی قوله : (وفی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة) تقدیم وتأخیر وتقدیر الکلام هکذا وبین شیء یرجع ذلک الشیء إلى ما یقتضیه الطبیعة الکلیة فی النشأة العنصریة الحاملة لهذه الأوصاف أی القوى الروحانیة والجسمانیة جمیعا.

(التی) أی الطبیعة الکلیة (حصرت قوابل العالم) أی صورة القابلة لأرواحه (کله) تأکید (أعلاه) رهر العالم الروحانی (وأسفله) وهو العالم الجسمانی وهو مبدأ الفعل والانفعال والقابلة بجمیع التأثیرات الأسمائیة والمراد بمقتضى الطبیعة الکمالات الحاصلة لمن عنده هذه الجمعیة.

وإنما اختار التقدیم والتأخیر لئلا یتوهم فی أول التوجه أن تکون الصفة صفة لغیر موصوفها.

ولما کانت هذه المسألة محل دقة وأشد صعوبة وأهم مهم من مسائل الکتاب أعلم للطالبین من أهل العقل الطریق الموصل إلیها ونفی الطریق الغیر الموصل حتى ترکوا نظرهم العقلی وتمسکوا بأسباب الفن .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (فالأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه، «وإلیه یرجع الأمر کله»، کما ابتدأ منه. فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة وروح تلک الصورة، وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم «بالإنسان الکبیر». فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة.)

قوله رضی الله عنه : "والأمر کله منه، ابتداؤه وانتهاؤه "وإلیه یرجع الأمر کله" (هود: 123) کما ابتدأ منه. فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فکان آدم عین جلاء تلک المرآة."

إن الحق تعالى من الحضرة الذاتیة المقدسة قال بلسان حال ذاتی لنور من أنوار قدسه، وأنوار قدسه نور واحد بسیط لا یوصف بالنهایة فقال له: «کن» أولا لآخر، فحصل له من قوله «کن» تعین فقط لا أکثر من ذلک فیتحقق فیه الأولیة.

ولو کان فیه أکثر من حقیقة ذلک التعین لکانت الأولیة لأحدهما دون الآخر.

أو یکون کل واحد منهما أولا فیکون القول منه تعالی برز لاثنین لا لواحد، فإذن ما حصل لذلک النور إلا تعینه فقط لکن حقیقته الأولیة تستدعی آخرا وإلا لم یتحقق الأولیة ولا بد منها لیظهر حکم «کن» فحصل لذلک النور بالتعین المذکور أن یتمیز عن بقیة الأنوار.

وأن یکون فیه قابلیة للظهور بصورة ثانی یکون لأولیته ذلک الثانی آخرا کما قلنا، فتعین ذلک النور تعینا آخر فکان کون آخر غیره فسمی النور فی مرتبة التعین الأول قلما أعلى .

وسمی هو بعینه فی مرتبة التعین الثانی لوحا محفوظا.

لکن التعین الأول الذی هو القلم الأعلى شهد فی قول الحق تعالی له: «کن» أولا لآخر، یعنی تهیئة لظهور اللوح المحفوظ منک. فقالت ذاته بلسان الحال: سمعا وطاعة.

فإن القول فی تلک المراتب لیس إلا بلسان الحال فقول الحق تعالی له: تهیئا هو المعنى الذی عبر عنه. بأنه قال له: أقبل فأقبل وأدبر فأدبر.

فقال له تعالى: "وعزتی وجلالی ما خلقت خلقا هو أکرم علی منک، فبک آخذ وبک أعطی".

قلت: یعنی أن آدم هو الناطق المخبر عن العالم الکبیر، علوه وسفله، وکذلک بنوه أخبروا عن العقل الأول وهو القلم.

وأخبروا عن النفس الکلیة وهی اللوح.

وأخبروا عن الهیولى والصورة وهی الجسم.

وأخبروا عن الأرکان الأربعة والمولدات ومما فی العالم من الکمیات والکیفیات والإضافات والمکان والزمان والملکات والانفعالات والأفعال.

ووصفوا هیئات الأفلاک وکواکبها وحرکاتها وتداخلها، وعرفوا منافعها ومضارها وخواصها وأعراضها.

وعطفوا على أجسامهم، فعلموا تشریحها وعدد عروقها وأنواع ما فیها کما فعل جالینوس وشیعته إلى غیر ذلک.

وأشرف من هذا کله ما وهبه الله تعالى أولیاءه من شهود حضرته القدسیة وما خص به محمدا رسول الله، علیه السلام، من إحاطة الخلافة بسائر مراتب خلفاء الله تعالى مما لا ینحصر فی مقال ولا یسع ذکره الأیام واللیالی.

قوله: "وروح تلک الصورة".

قلت: یعنی بالصورة الأفلاک من محدب التاسع إلى نقطة مرکز الأرض وهو العالم الکبیر وهذا العالم جسم و آدم روحه فی التمثیل والتشبیه وجعله روحا مجازا.

قوله:  "وکانت الملائکة من بعض قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم المعبر عنه فی اصطلاح القوم بالإنسان الکبیر، فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة والحسیة التی فی النشأة الإنسانیة " 

قلت: یعنی أن قوى العالم تسمى ملائکة أیضا وهی له کالقوى التی فی الإنسان الروحانیة والجسمانیة الحسیة ، وباقی هذا الفصل ظاهر فی کلام الشیخ لا یحتاج إلى شرح.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

قال رضی الله عنه : "وکلّ قوّة منها محجوبة بنفسها ، لا ترى أفضل من ذاتها " .

ولأنّ کلّ قوّة منها مجلى لتجلَّی الأحدیة الجمعیة ، ولکن تعیّن سرّ الجمع والأحدیة فیه لیس إلَّا بحسبه ، وظهور التجلَّی فیه یقتضی خصوصیّته ، فکانت کل قوّة منها لهذا محجوبة بنفسها .

لا ترى أفضل من ذاتها ، وذلک کذلک ، لکون الکلّ فی الکلّ ولکنّها غابت عن أشیاء کثیرة بمحبّتها لنفسها ، کما قال : « حبّک الشیء یعمی ویصمّ » فإنّ کون الکلّ فی کل منها بحسبه لا بحسب الکلّ ، وظهور الکلّ بحسب الکلّ لا یکون إلَّا فی الکلّ .

ولکنّ الکلّ له ثلاث مراتب :

الأولى  : مرتبة جمع الجمع والأحدیة ، وهی الحقیقة الإنسانیة الإلهیة التی حذی آدم علیها .

والثانیة : صورة التفصیل الإنسانی الإلهیّ ، أعنی العالم بشرط وجود الإنسان الکامل فی العالم .

والثالثة : صورة أحدیة جمع الجمع الإنسانی الکمالی ، فظهور الکلّ فی مرتبة جمع الجمع الأحدی لا تفصیل فیه ، وأنّه مرتبة الإجمال.

وظهور الکلّ فی مرتبة أحدیة جمع الجمع الإنسانی ظهور کامل جامع بین الجمع والتفصیل ، والقوّة والفعل ، فإنّ الکلّ فی الکلّ إنسان کامل بالقوّة دفعة بالفعل فی کل زمان بالتدریج ، کما قال المترجم ، شعر :

تجمّعت فی فؤاده همم   .... ملء فؤاد الزمان إحداها

فإن أتى دهره بأزمنة   ..... أوسع من ذا الزمان أبداها

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأنّ فیها ) یعنی فی کلّ قوّة منها ( فیما تزعم الأهلیة لکل منصب عال ، ومنزلة رفیعة عند الله ، لما عندها من الجمعیة الإلهیة بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی ، وإلى جانب حقیقة الحقائق ) .

قال العبد : یعنی رضی الله عنه : أنّ کلّ قوّة من هذه القوى والأرواح الملکیة تزعم فی نفسها أنّ لها أهلیة کلّ منزلة عالیة وفضیلة سامیة عند الله من القیام بمظهریات الأسماء والصفات والشؤون والتجلَّیات والسمات والسبحات .

لما تحقّق فی نفسها أنّ لها مرتبة الجمعیة الإلهیة بین ما هو راجع من تلک المناصب والمنازل الرفیعة إلى الحضرة الإلهیة الوجوبیة وحقائق نسب الربوبیة ، وبین ما یرجع منها إلى جانب حقیقة الحقائق المظهریة الکیانیة .

فإن لحقیقة حقائق العالم وحضرة الإمکان جمعیة خصیصة بها ، ولکلّ منها خصوص فی جمعیة لیس للآخر کما ستعلم . وقد علمت أنّ الکمالات فی الجمع والاستیعاب والإحاطة .

فلمّا رأت وظنّت کلّ قوّة منها أنّ فیها الجمعیة بین الجمعیة الإلهیة والجمعیة الکیانیة ، زعمت أنّ لها أهلیة کلّ فضیلة وکمال فحبست بهذا الزعم عن کمال الحق الظاهر فی الکلّ بعین الکلّ ، فزکَّت نفسها وجرحت غیرها وخرجت عن الإنصاف .

قال الشیخ رضی الله عنه : ( و فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلَّیة التی حصرت قوابل العالم کلَّه أعلاه وأسفله ) .

عطف على قوله : " إلى جانب الحق ، وإلى جانب حقیقة الحقائق " وإلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیّة فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف . وفیه تقدیم وتأخیر .

والطبیعة الکلّ هی الطبیعة الکلیّة و « الکلّ » فی هذه العبارة بدل أو عطف بیان ، بمعنى أنّ الکلّ طبیعة واحدة والطبیعة التی هی الکلّ والطبیعة الکلَّیة فی مشرب التحقیق إشارة إلى الحقیقة الإلهیة الکلَّیة الحاصرة لقوابل العالم وموادّها الفعّالة للصور کلَّها .

وهی ظاهریة الألوهیة وباطنها الإلهیة ، وهذه الحقیقة تفعل الصور الأسمائیة بباطنها فی المادّة العمائیة وهی منها وعینها ، ولا امتیاز بینهما إلَّا فی التعقّل لا فی العین ، فإنّ النشأة واحدة جامعة بحقیقتها للصور الحقّانیة الوجوبیة والصور الخلقیة الکونیة .

ثم اعلم أنّ الحقائق ثلاث :

الأولى  : حقیقة مطلقة بالذات ، فعّالة ، مؤثرة ، واحدة ، عالیة واجب لها [ الوجود ] بذاتها من ذاتها ، وهی حقیقة الله سبحانه وتعالى .

والثانیة : حقیقة مقیّدة ، منفعلة ، متأثّرة ، سافلة ، قابلة للوجود من الحقیقة الواجبة بالفیض والتجلَّى وهی حقیقة العالم .

وحقیقة ثالثة : أحدیة جامعة بین الإطلاق والتقیید ، والفعل والانفعال ، والتأثیر والتأثّر ، فهی مطلقة من وجه ونسبة ، ومقیّدة من أخرى ، فعّالة من جهة ، منفعلة من أخرى . وهذه الحقیقة أحدیة جمع الحقیقتین ، ولها مرتبة الأولیّة الکبرى والآخریة العظمى ، وذلک لأنّ الحقیقة الفعّالة المطلقة فی مقابلة الحقیقة المنفعلة المقیّدة ، وکلّ مفترقین فلا بدّ لهما من أصل هما فیه واحد مجمل ، وهو فیهما متعدّد مفصّل ، إذ الواحد أصل العدد والعدد تفصیل الواحد .

وکل واحدة من هذه الحقائق الثلاث حقیقة الحقائق التی تحتها ، ولمّا سرت أحدیة جمع الوجود فی کل حقیقة من الجزئیات والشخصیات ، انبعثت إنائیّة کلّ تعیّن تعین بأنّ له استحقاق الکمال الکلَّی الأحدی من حیث ما أشرنا إلیه وما تحقّقت من أنّ تعیّن الکمال الأحدی الجمعی الأکبر إنّما یکون بحسب القابل واستعداده کما مرّ .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

قوله رضی الله عنه : ( وکل قوة منها محجوبة بنفسها ) إذ لم یکن عندها إلهیته الاجتماعیة فلا تدرک ما لیس فیها .

فهی ( لا ترى شیئا أفضل من ذاتها ) لمعرفتها بنفسها وما تحتها واحتجابها عما فوقها .

قوله ( وإن فیها فیما تزعم الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله ) بکسر إن وإن فی هذه النشأة على حسب زعمها أی زعم النشأة الأهلیة .

لما ذکر بالحقیقة أو بفتحها عطفا على أفضل أی لا ترى أن فی هذه النشأة على زعمها الأهلیة وفی بعض النسخ وإن فیها ما یزعم الأهلیة أی شیئا یزعم الأهلیة وهو قلبه لا غیر أی نفسه الناطقة وحقیقته لأن القوى محجوبة عنها ولفظة ما على الأول مصدریة وعلى الثانی موصوفة .

قوله ( لما عندها ) تعلیل لدعوى الأهلیة المذکورة .

أی لما عندها ( من الجمعیة الأهلیة بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی وإلى جانب حقیقة الحقائق وفی هذه النشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم أعلاه وأسفله )

أی من بین ثلاثة أشیاء :

أحدها : الجناب الإلهی وهو الحضرة الواحدیة .

والثانی : حقیقة الحقائق أی الأحدیة وهی الذات التی بتجلیها یتحقق الحقائق کلها وهی حقیقة الوجود من حیث هو هو ، فهی بحقیقتها تحقق حقائق العالم العلوی والسفلى ولهذا وسطها بین العالم الروحانی وبین العالم الجسمانی .

والثالث : الطبیعة الحاصرة للقوابل کلها ، فهذه الجمعیة هی أحدیة حقیقة الحقائق فی معانى الأسماء وعوالم الروحانیات .

وفی صور الأسماء وعوالم الجسمانیات فلا یخرج من أحدیة الجمعیة الإنسانیة شیء وفی الکلام تقدیم وتأخیر تقدیره وإلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله فی هذه النشأة الحاملة لهذه الأوصاف .

والکل بدل من الطبیعة أو عطف بیان لها ، والمراد الطبیعة الکلیة الجسمانیة الحاصرة لطبائع أنواع الأجسام الفلکیة والعنصریة.

مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

قوله: (وکل قوة منها محجوبة بنفسها، لا ترى أفضل من ذاتها) أی، کلواحدة من هذه القوى الروحانیة سواء کانت داخلیة فی النشأة الإنسانیة أو خارجیة منها، محجوبة بنفسها، لا ترى أفضل من نفسها، کالملائکة التی نازعت فی آدم.

وکالعقل والوهم، فإن کلا منهما یدعى السلطنة على هذا العالم الإنسانی ولا ینقاد لغیره، إذ العقل یدعى أنه محیط بإدراک جمیع الحقائق والماهیات، على ما هی علیه، بحسب قوته النظریة.

ولیس کذلک، ولهذا انحجب أرباب العقول عن إدراک الحق والحقائق لتقلیدهم عقولهم.

وغایة عرفانهم العلم الإجمالی بأن لهم موجدا ربا منزها عن الصفات الکونیة، ولا یعلمون من الحقائق إلا لوازمها وخواصها.

وأرباب التحقیق وأهل الطریق علموا ذلک مجملا وشاهدوا تجلیاته وظهوراته مفصلا، فاهتدوا بنوره وسروا فی الحقائق سریان تجلیه فیها وکشفوا عنها خواصها ولوازمها، کشفا لا تمازجه شبهة، وعلموا الحقائق علما لا یطرأ علیه ریبة.

فهم عباد الرحمان الذین یمشون فی أرض الحقائق هونا وأرباب النظر عباد عقولهم الصادر فیهم: (إنکم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم).

أی، جهنم البعد والحرمان عن إدراک الحقائق وأنواره، أی، لا یقبلون إلا ما أعطته عقولهم. وهکذا الوهم یدعى السلطنة و یکذبه فی کل ما هو خارج عن طوره، لإدراکه المعانی الجزئیة دون الکلیة. ولکل منهما نصیب من السلطنة.

قوله: (وأن فیها فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة) جملة ابتدائیة أو حالیة أو عطف على (أفضل).

وعلى الأول (إن) مکسورة، وعلى الثانی والثالث مفتوحة. وضمیر

(فیها) على التقادیر الثلاثة عائد إلى (النشأة) وفاعل (تزعم) ضمیر یرجع إلیها أیضا.

و (ما) (فیما تزعم) مصدریة. و (الأهلیة) منصوب على أنها اسم (أن).

وضمیر (لما عندها) عائد إلى (النشأة). فمعناه، على کسر الهمزة: وإنفی النشأة الإنسانیة الأهلیة لکل منصب عال، کما فی زعمها لما عندها من الجمعیة الإلهیة.

وعلى فتحها حالا: أی، والحال أن فی النشأة الإنسانیة الأهلیة کما فیزعمها لما عندها من الجمعیة الإلهیة.

وإسناد (الزعم) إلى (النشأة) مجاز. أی، کما فی زعم أهلها. إذ کل فرد من أفراد هذا النوع یزعم أن له الأهلیة لکل منصب عال.

وعلى فتحها عطفا، معناه: أن کل قوة محجوبة بنفسها لا ترى أفضل منذاتها ولا ترى أن فی النشأة الإنسانیة الأهلیة لکل منصب عال، کما تزعم هذه النشأة بسبب الجمعیة التی عندها، لاحتجابها بنفسها عن إدراک کمال غیرها لزعمها أن لها الأهلیة، لا للنشأة.

وفی بعض النسخ: (مایزعم). أی، شیئا یزعم وهو القلب أو العقل أو الوهم:

أما القلب فلکونه سلطانا فی هذه النشأة، وأما العقل فلادعائه إدراک الحقائق کلها، وأماالوهم فلسلطانه على العالم الحسى و إدراکه المعانی الجزئیة.

فیکون (الأهلیة) منصوبة بیزعم، و (ما) اسما. و الظاهر أنه تصرف ممن لا یقدر على حل ترکیبه، لأن أکثر النسخ المعتبرة المقروة علىالشیخ وتلامیذه بخلاف ذلک.

قوله: (بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق و، فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف، إلى ما یقتضیه الطبیعة الکلیة).

وفی بعض النسخ: (الطبیعة الکل). فـ (الکل) بدل منها أو عطف بیان لها.

قوله: (التی حضرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله) إشارة إلى أن هذهالجمعیة حاصلة لها من أمور ثلاثة دائرة بینها:

أولها، راجع إلى الجناب الإلهی. وهو الحضرة الواحدیة، حضرة الأسماء والصفات التی لکل موجود منها وجه خاص إلیه من غیر واسطة. کما مر تقریره.

ثانیها، راجع إلى الحضرة الإمکانیة الجامعة لحقائق الممکنات الموجودة والمعدومة.

وهو الوجه الکونی الذی به تمیزت عن الربوبیة واتصفت بالعبودیة وحقیقة الحقائق کلها.

وإذ کانت هی الحضرة الأحدیة والواحدیة لکن لما جعلها قسیما ومقابلا للجناب الإلهی الشامل للحضرة الأحدیة والواحدیة وکان المراد منها الحقائق الکونیة فقط لا الإلهیة، حملناها على حضرة الإمکان.

وقد تطلق ویراد بها حضرة الجمع والوجود، وهی مرتبة الإنسان الکامل، کما ذکره شیخنا، قدس الله روحه، فی کتاب المفتاح.

وقد یطلق أیضا ویراد بها (الجواهر)، کماصرح به الشیخ فی کتاب إنشاء الدوائر. وذکر فیه أنه أصل العالم کله. وهذاالنص یؤکد ما ذهبنا إلیه من أن المراد بها ما یجمع حقائق الکونیة لا الإلهیة، لذلکجعلها قسیما للجناب الإلهی.

وثالثها، راجع إلى الطبیعة الکلیة وهی مبدأ الفعل والانفعال فی الجواهر کلها، وهی القابلة لجمیع التأثیرات الأسمائیة.

وذلک إشارة إلى (ما) فیقوله: (ما یرجع). و (من) زائدة. أی، تلک الجمعیة دائرة بین شئ یرجع ذلک الشئ إلى الجناب الإلهی، وبین شئ یرجع إلى جناب حقیقة الحقائق، وبین شئ یرجع إلى ما یقتضیه الطبیعة الکلیة.

والمراد بقوله: (وإلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة) الاستعداد الخاص الحاصل لصاحب هذه الجمعیة وقابلیته فیهذه النشأة الطبیعیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.

ففی قوله: "وفی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف، إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة" تقدیم وتأخیر. تقدیره: وإلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة فی هذه النشأة الحاملة لهذه الأوصاف.

والمراد بـ (النشأة) هنا النشأة العنصریة، إذ للإنسان ثلاث نشآت:

روحیة، وطبیعیة عنصریة، ومرتبیة، وهی مقام الجمع بینهما.

والمراد ب (الأوصاف) الکمالات الإنسانیة. ویجوز أن یکون المراد بها القوى الروحانیة والجسمانیة، لذلک قال: (فی النشأة الحاصلة لهذه الأوصاف) أی،النشأة التی تحمل هذه القوى جمیعا لتضاهی به مقام الجمع الإلهی والکمالات لا توصف بالمحمولیة.

وإنما سماها (أوصافا) مجازا، لأنها لا یقوم بنفسها، کما لا یقوم الصفات إلا بموصوفها، ولأنها مبدأ الأوصاف، فأطلق اسم الأثر على المؤثر مجازا.

وکل من المعنیین یستلزم الآخر، إذ بین الأثر والمؤثر ملازمة من الطرفین.

والمراد بـ (العالم) یجوز أن یکون عالم الملک السماوی والعلوی والعنصری السفلى، ویجوز أن یراد به العالم کله، الروحانی والجسمانی.

لان مرتبة الطبیعة الکلیة محیطة بالعالم الروحانی والجسمانی وحاصرة لقوابلهما، والعلو والسفل یکونان فیهما بحسب المرتبة، فالعلو للعالم الروحانی والسفل للعالم الجسمانی.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

فقال:(وکل قوة) منها أی: من قوى العالم والإنسان (محجوبة بنفسها) ترى الکمال لأنفسها وأفعالها من الإدراکات، وغیرها (لا ترى أفضل من ذاتها).

ولذلک اعترضت الملائکة على آدم، ولا ینقاد الوهم للعقل، ولا العقل للوهم، و«إن» بالکسر على أن الجملة حالیة، وبالفتح على أنه عطف على قوله: "بنفسها"

أی: ومحجوبة (بأن فیها) أی: فی تلک القوى فیما تزعم «ما» مصدریة، والجار والمجرور متعلق بقوله: «فیها».

(الأهلیة لکل منصب عال) کالخلافة، والتصرف فی کل العالم.

(ومنزلة رفیعة عند الله) من تحصیل المعارف الإلهیة على الکمال مع العبادة التامة (لما) هو متعلق بقوله: «محجوبة» أی: بقوله لا ترى أی: بقوله تزعم (عندها) أی: فی أنفسها أو قوابلها (من الجمعیة الإلهیة) أی: من جمع الله تعالی فیها.

(بین ما یرجع من ذلک) أی: مما عندها (إلى الجناب الإلهی) أی: عالم الأسماء باعتبار ظهورها فی ذلک، وبین ما یرجع (إلى جانب حقیقة الحقائق) عالم الإمکان المشتمل على حقائق الممکنات، وهذا یعم کل قوة فی العالم أو الإنسان.

ثم أشار إلى ما یختص بالقوى الإنسانیة؛ فقال: وبین ما یرجع (فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف) أی: فی نشأة الإنسان الحاملة الأهلیة کل منصب عال، ومنزلة رفیعة، ذکر ذلک مبالغة فی التعجب من احتجاجها بأنفسها مع کونها فی هذه النشأة (إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة)؛ فإن هذه القوى الروحانیة فی الإنسان، إنما حصلت من امتزاج الطبائعالعنصریة، وهی الحرارة والبرودة والرطوبة والیبوسة والفلکیة فیه.

فلذلک قید الطبیعة بالکلیة، ثم صرح بقوله: (التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله)، وهذا هو الذی أکد احتجابها إذ بذلک نظرت أنها جامعة للأسرار الإلهیة والکونیة لکنه غلط إذا لو تم جمعها التم تصرفها فی العالم کتصرف روح الإنسان الکامل فیه.

"" قال الشیخ رضی الله عنه فی الفتوحات المکیة باب السادس والمائتین  : أما أنوار الطبیعة فهی أنوار یکشف بها صاحبها ما تعطیه الطبیعة من الصور فی الهباء وما تعطیه من الصور فی الصورة العامة التی هی صورة الجسم الکل وهذه الأنوار إذا حصلت على الکمال تعلق علم صاحبها بما لا یتناهى وهو عزیز الوقوع عندنا وأما عند غیرنا فهو ممنوع الوقوع عقلا حتى إن ذلک فی الإله مختلف فیه عندهم وما رأینا أحدا حصل له على الکمال ولا سمعنا عنه ولا حصل لنا وإن ادعاها إنسان فهی دعوى لا یقوم علیها دلیل أصلا مع إمکان حصول ذلک وأنوار الطبیعة مندرجة فی کل ما سوى الحق وهی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة وأدرجها الله فی الأفلاک والأرکان وما یتولد من الأشخاص إلى ما لا یتناهى.""


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

قال رضی الله عنه : ( وکلّ  قوّة منها محجوبة بنفسها ، لا ترى أفضل من ذاتها ، وأنّ فیها فیما تزعم) أی لا ترى أنّ فی تلک الصورة فیما تزعمه کل قوّة منها من الشرف والعلو ( الأهلیّة لکلّ منصب عال ) علوّ ظهور وغلبة ( ومنزلة رفیعة ) رفعة معرفة وعلم ، قدسیّا کان ذلک المنصب أو ما یقابله ، أو مقدّسا منهما .

ویمکن أن یجعل هذا جملة حالیّة بکسر إنّ لکن الأول أدقّ ، وعلى التقادیر فالضمیر فی «فیها» عائد إلى « الصورة » ، لا إلى النشأة ، لعروّ الکلام حینئذ عن ملابس الانتظام و «ما» فی « فیما تزعم » موصولة لا مصدریّة ، وفاعل « تزعم » ضمیر ما یرجع إلیه فاعل ترى ، لا ما یرجع إلیه « فیها » على ما لا یخفى على الفطن ، إذ أهلیّة آدم لیست ادعائیّة وفی زعمه ، کغیره من القوى. وکان قوله : ( عند الله ) لرفع هذا الوهم .

ثمّ هاهنا دقیقة لا بدّ للمستکشف من تذکَّرها ، وهی أنّه قد ظهر لک ممّا مرّ أنّ الوحدة الحقیقیّة الذاتیّة التی قد أشیر إلیها  فی طیّ تسویة العبارتین إنّما یظهر صور سرّها فی المحلّ المنظور فیه ، الذی هو القابل المقابل ، الذی هو قبل کل قبل .

ولیس ذلک غیر حصول الاستعداد من القابل ، الذی هو عین النفخ من الفاعل ، فتبیّن أنّه قد انخلع فی طیّ طوى جلال القابل نعلا ثنویّة التقابلیّة .

ثمّ إذا تذکرت هذا فاعلم أنّه لیس بین الصیغ المتداولة عند الناس بدلالاتها الوضعیّة ما یدلّ على ذلک الواحد دلالة المصدر وما یجری مجراه من الأوصاف المنسوبة ، ومن هاهنا ترى أئمّة العربیّة یجعلون دلالته على متقابلی التذکیر والتأنیث والواحد والکثیر متساویة النسب .

وأیضا فإنّ الأمور الدالَّة على النسبة وجه دلالتها على ذلک الواحد أظهر ، ضرورة انطوائها على الثلاثة مع الجهة الجمعیّة الوحدانیّة ، فهی أتمّ بیان عنه ، ومن ثمّة ترى العبارات المعربة القرآنیّة کثیرا ما تدلّ عندما یفصح عنه على القرب والمعیّة وما یحذو حذوها .

فلا یخفى على من وقف على هذه الدقیقة وجه اختیاره لفظ «الأهلیّة» دون «الأهل» فی قوله : «أنّ فیها فیما تزعم الأهلیّة» ولفظ «عندها» دون «فیها» فی قوله : "لما عندها" .

فقوله : ( لما عندها من الجمعیّة الإلهیّة ) تعلیل لما ادّعاه فی تلک الصورة مما لا یراه قواها الجزئیة من الأهلیة لسائر المناصب العلیة والمنازل الرفیعة .

وذلک لما عند تلک الصورة التی روحها آدم من الأحدیة الجمعیة الإلهیة و الإحاطة التامة الإطلاقیة التی لایشذ منها شیء .

من عالیات الأعیان إلى سافلات الأکوان مع ما فی النشأة الحاملة لمقتضى الطبیعة الکل ، الحاصرة قوابل العالم ، حصر امتزاج واتحاد ، بحیث تتعاکس فیه خصائص الکل ، وتتبین فیه رقائق الارتباط والاتحاد من الکل بالکل .

منها أوائل غلب علیها أحکام الوجود ، وظهر منها آثار الوجوب ، بها نسبت إلى الجناب الإلهی ، لأن مرجع تلک الأحکام إنما هو إلیه ، فلها أهلیة التجرد والتنزه وشرف الاستغناء والتفرد .

ومنها أواخر غلب علیها الأحکام العدمیة الکونیة وظهر منها آثار الإمکان ، بها نسبت إلى جانب حقیقة الحقائق ، ضرورة أن للآخر تقدما ذاتیا فی أزل الآزال.

الذی فیه یتحقق الحقائق کما سبق التنبیه علیه فهى المنتسب إلى حقیقة الحقائق ، ولها أهلیة التعلق والتشبه ، وختة الاحتیاج والتکثر .

ومنها النشأة الجامعة بینهما ، الطبیعة الکل ، الحاصرة للقوابل کلها حصرا جمیعا اتحادیا .

فعلم على ذلک أن صورة آدم هی التی عندها هذه الجمعیة المستجمعة ( بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی ، و ) بین ما یرجع منها ( إلى جانب حقیقة الحقائق  وفی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف ) أی القابلة لها ، المستعدّة لأن یتولَّد منها ویظهر عنها بالفعل .

وهی أهلیّة کلّ المناصب العلیّة والمنازل الرفیعة ، وقد نبّهت آنفا على ما یدلّ على اختیاره الأوصاف هاهنا .

فظهر أنّ الجمعیّة التی عند الصورة المذکورة ، المسمّاة بالإنسان الکبیر ، منطویة على ثلاث جمل : ثنتان منها اللذان بالفعل ، مرجعهما إلى الجناب الإلهی وجانب حقیقة الحقائق .

وثالثها الذی بالقوّة وهو المکمّل  مرجعه ( إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلّ ، التی حصرت قوابل العالم کلَّه ، أعلاه ) أی الأعیان الوجودیّة المسمّاة بالعقول والنفوس.

( وأسفله ) أی الأکوان العدمیّة المسماة بالأجسام والأعراض ضرورة أنّ الثالث هذا برزخ بین ما یرجع إلى الجناب والجانب .

فإنّ الشیخ قد صرح فی غیر موضع من کتبه أنّ الکلّ طبیعیّة على ما علیه مذهب الأقدمین - کما سیجیء تحقیقه .

وأمّا ما تقتضیه تلک الطبیعة فهو النسب المستحصلة عند تعاکس أعیان العالم فی قوابلها.

وظهور خواصّ بعضها للبعض ولأنفسها جمعا وفرادى کما قد اطَّلعت علیه فلا یزال یتربّى أجنّة تلک الأوصاف المشخّصة بآثار خواص النسب المذکورة فی بطون طبیعة الکلّ ومشیمة نشآتها الحاصرة .

إلى أن یتولَّد ویظهر شخص کمالها بصورة إحدى الجمعیّتین اللتین بمنزلة الأبوین له ، من أعلى درجات الربوبیّة إلى أقصى درکات العبودیّة.

وإلیه أشار الشیخ فی نقش الفصوص بقوله : « ولهذا ما ادّعى أحد من العالم الربوبیّة إلا الإنسان لما فیه من القوّة .

وما أحکم أحد من العالم مقام العبودیّة فی نفسها إلَّا الإنسان ، فعبد الحجارة والجمادات التی هی أخزل الموجودات .

فلا أعزّ من الإنسان بربوبیّته ، ولا أذلّ منه بعبودیّته ، فإن فهمت فقد أبنت لک من المقصود بالإنسان .

فانظر إلى عزّته بالأسماء الحسنى وطلبها إیّاه ، فمن طلبها إیّاه تعرف عزّته ، ومن ظهوره بها تعرف ذاته ، فافهم من هاهنا تعلم أنّه نسخة من الصورتین : "الحقّ والعالم " إلى هنا کلامه بعبارته .

فقوله : « وفی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما تقتضیه الطبیعة » عطف على قوله : «من ذلک إلى  الجناب» ، من قبیل العطف على معمولی عاملین مختلفین ، ولکن بإعادتهما .

ولما کان ما فی هذا القسم مستجنّا فی بطون قابلیّة النشأة ، وهی غیر مشتملة علیه بالفعل کما فی القسمین الأوّلین أورد « فی » هاهنا بإزاء « من » تنبیها إلى ذلک .

وفی بعض النسخ « الطبیعة الکلَّیة » ، فالکلَّی فیها لیس الکلَّی المنطقی ، بل المنسوب إلى الکلّ ، فإنّه الحاصر لأجزائه على ما قصد هاهنا .

التعبیر ب « حواء » عن النشأة الإنسانیة : إذ قد ظهر لک أنّ النشأة العنصریّة الإنسانیّة هی امّ الأوصاف المشخّصة والأعراض المحصّلة لأفراد الإنسان وجزئیّاته ، لا یبعد أن یجعل «حوّا » المستخرجة من الجنب الأیسر لصورة آدم إشارة إلى تلک النشأة الحاملة لها کلّ البعد لأنّ استخراجها من مکامن القوّة إلى الفعل واقع فی الطرف الشمالی من الصورة ، مائل إلیه ، وإن کان لآدم وحوّا بحسب کلّ طور لهما معنى یناسبه کما نبّهت علیه فی المقدّمة من أکمل الأطوار وأشملها .

وإذ قد عرفت أنّ کلّ قوّة من القوى الجزئیّة التی فی هذه الصورة محجوبة بنفسها ، واقفة لدیها ، لا یمکن أن یکون لها من تلک الحیثیّة وقوف على الحقیقة الإطلاقیّة ، التی هی أصل صور العالم أعنی الطبیعة الحاصرة للقوابل التی هی مورد المتقابلات ومعتنقها ، فالعقل بقوّته النظریّة  لا یتمکَّن من إدراکها  أصلا بدون ذوق إلیّ وکشف إلهی ، فلذلک ترى أهل النظر من المتکلَّمین والحکماء المشّاءین یحصرون الطبیعة فی العنصریّات فقط .


شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله.)

"وکل قوة محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها. "

(وکل قوة) من تلک القوى الملکیة (محجوبة بنفسها) عن معرفة فضیلة الجمعیة الإنسانیة الکمالیة (لا تری) ذاتا (أفضل من ذاتها ) بل ترى ذاتها أفضل مما عداها (وإن فیها) بالهمزة المکسورة عطف على جملة کل قوة، ومشعر بتعلیل مضمونها ، والضمائر کلها راجعة إلى القوة.

وصححها القیصری بفتح الهمزة وجعلها معطوفة على أفضل من ذاتها والضمیر للنشأة الإنسانیة

"وأن فیها فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عالی ومرتبة رفیعة عند الله ما عندها من الجمعیة الإلهیة ."

ولکن یأبى عنه قوله :  (فیما تزعم)، أی أن کل قوة فی زعمها لا فی الواقع (الأهلیة لکل منصب عالی ومنزلة رفیعة) کالخلافة (لما) تحتق (عندها)، أی عند کل فترة (من الجمعیة الإلهیة) أحدیة جمیع الأسماء والصفات الوجوبیة والحقائق المظهریة الإمکان دائرة

بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف - إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حضرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله ."

بین (ما یرجع من ذلک)، أی مما عندها (إلى الجمع الإلهی) أحدیة جمع الأسماء الوجوبیة الغالبة الفعالة المؤثرة (و) بین ما یرجع منها (إلى جانب حقیقة الحقائق) الإنسانیة السافلة المنفعلة المتأثرة (و) بین ما یرجع منه (فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف)، أی القرى التابعة لها تبعیة الأوصاف لموصوفاتها إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة من الصورة الروحانیة والمثالیة والجسمانیة وتوابعها، وفی بعض النسخ الطبیعة الکل، فالکل بدل منها أو عطف بیان لها، ولما کانت الطبیعة فی عرف أهل النظر مختصة بالجسمانیات، وأراد تعمیمها کما یقتضیه الکشف وصفها بقوله : (التی حصرت قوابل العالم کله) و مواده (أعلاه) الروحانی (وأسفله) الجسمانین

اعلم أن الحقائق ثلاث:

الأولى :حقیقة مطلقة فعالة واحدة عالیة واجبة وجودها بذاتها وهی حقیقة الله تعالى.

والثانیة : حقیقة مقیدة منفعلة سافلة قابلة للوجود من الحقیقة الواجبة بالفیض والتجلی وهو حقیقة العالم.

وحقیقة ثالثة : أحدیة جامعة بین الإطلاق والتقیید والفعل والانفعال والتأثیر والتأثر فهی مطلقة من وجه مقیدة من آخر فعالة من جهة منفعلة من أخرى.

وهذه الحقیقة أحدیة جمع الحقیقتین ولها مرتبة الأولیة الکبرى والآخریة العظمى. وذلک لأن الحقیقة الفعالة المطلقة فی مقابلة الحقیقة المنفعلة المقیدة وکل مفترقین فلا بد لهما من أصل هما فیه واحد مجمل وهو فیهما متعدد مفصل، إذ الواحد أصل العدد والعدد تفصیل الواحد، وظاهریة هذه الحقیقة هی الطبیعة الکلیة الفعالة من وجه، والمنفعلة من آخر .

فإنها تتأثر من الأسماء الإلهیة وتؤثر فی موادها وکل واحدة من هذه الحقائق الثلاث حقیقة الحقائق التی تحتها.

ولما سرت أحدیة جمع الموجود فی کل حقیقة من الجزئیات انبعثت إنابة کل تعین تعین بأن نه استحقاق الکمال الکنی الأحدی وما تحققت أن تعین الکمال الأحدی الجمعی إنما یکون بحسب القابل واستعداده .


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه : (  فکل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، وأن فیها، فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال ومنزلة رفیعة عند الله، لما عندها من الجمعیة الإلهیة مما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، وإلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه وأسفله. )

قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : [ فکانت الملائکة له کالقوى الروحانیة و الحسیة التی هی النشأة الإنسانیة . و کل قوة محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها . و أن فیها فیما تزعم، الأهلیة لکل منصب عال و مرتبة رفیعة عند الله لما عندها من الجمعیة الإلهیة . بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهی، و إلى جانب حقیقة الحقائق، و فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف، إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیة التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه و أسفله ] . 


قال الشیخ الشارح رحمة الله : 

و لم یبق فی الإمکان معنى إلا و قد ظهر فی العالم بأتم ما یکون . 

(فکانت الملائکة ): أی المسخّرة للإنسان. الکبیر (کالقوى الروحانیة) .

و الملائکة المدبرة کالقوى النفسانیة، و الحسیة (التی فی النشأة الإنسانیة) : أی النشأة الإنسانیة الصغرى، فإنها مقابلة للإنسانیة الکبرى کل ما فیها نظیره فیها.


""فی النشأة الإنسانیة قال أبو المعالی صدر الدین القونوی النشأت أربعة :

أولها النشاة العنصریة وهی کالذرة لباقی النشأت، ولها الإدماج والجمع الأکبر .

وبعدها نشأة البرزخ، و إنما منتشئة من بعض صور أحوال الخلق، وبعض أعمالهم، وظنونهم و تصوراتهم، و أخلاقهم، وصفاتهم

وأما الباقیتان من النشأت:

فأحدهما: «النشأة الحشریة».

وثانیهما: «النشأة الاستقراریة فی إحدى الدارین» وقد سبق التنبیه علیهما، والله المیسر.""

(وکل قوة منها ): أی من الملائکة (محجوبة بنفسها) معجبة بها لتقدیسها الذاتی، و هم الذین یسب حون اللیل و النهار، و لا یفترون: أی ما ینزهون ذواتهم عن التقدیس العرضی بالشهود الدائم و هذا مقام ما ناله أحد من البشر إلا من استصحب حقیقته من حین خلقت شهود الاسم الإلهی الذی هی عنه تکونت، فهی مقدّسة الذات عن الغفلات، فلم تشغله نشأته النوریة الطبیعیة عن تسبیح خالقها علىالدوام مع کونهم یختصمون من حیث النشأة، و بهذا القدر تبین فضل الملائکة على الإنسان فی العبادة لکونها لا تفتر، فإن نشأتها تعطی ألا تفتر لأن تقدیسها ذاتی، و شهودها دائم .


قال رضی الله عنه: ما عندی خیر من جانب الحق أنه هل نال هذا المقام أحد من البشر أم لا؟

إن نال أحد قال محمد صلى الله علیه و سلم : "کنت نبیا و آدم بین الماء و الطین"  .

فاستصحبه إلى أن وجد اسمه الشریف، و فی حیاته کان یقول : "تنام عینای و لا ینام قلبی"  .

فکذلک موته صلى الله علیه و سلم إنما مات حسّا لا حقیقة، فاستصحبه حیاة المشاهدة من الأزل إلى الأبد . 

وأما قول ذی النون حین سئل عن قوله: بلى فی أخذ المیثاق فقال:

 إلا فی أذنی یشیر إلى علمه بتلک الحالة، فإن کان عن استصحاب، فلم أنکره و لم أشهد له لأن الله تعالى لم یعلمنی بذلک، انتهى کلامه . 

و أظن و الله أعلم أن خاتم الولایة له فی هذا المقام قدم راسخ بحسن الاتباع، و له أسوة حسنة فی خاتم النبوة، فافهم أنه خبر وارث، فافهم . 


( لا ترى أفضل من ذاتها) فإن أخذ الأفضل من فضل الله تعالى بقوله: هذا أفضل عندی فلا تحجبن علیه تعالى بفضل من یشاء من عباده، و إن أخذ التفضیل من حیث الکمال، فیجادلهم بالتی هی أحسن .

قال تعالى: لقدْ خلقنا الِْإنسان فی أحْسنِ تقْویمٍ [ التین: 4] و هو تعدیله على الصورة التی خصّه بها، و هی التی أعطته هذه المنزلة، فکان أحسن تقویم فی حقّه لا عن مفاضلة مثل قوله: الله أکبر لا عن مفاضلة، بل الحسن المطلق للعبد الکامل  کالکبریاء المطلق الذی للحق سبحانه، فهو أحسن تقویم لا عن کذا فافهم . 

و إن قال تعالى فیهم: "العالین" [ ص: 75]، قال فینا: "وأنْـتمُ الْأعْلوْن" [ محمد: 35] . 

ورد فی الحدیث : " المؤمن أکرم على الله من الملائکة المقرّبین ". رواه ابن النجار عن حکامة عن أبیها عن أخیه مالک بن دینار عن أنس رضی الله عنه، رواه فی "جمع الجوامع" . 

و فی هذا التفضیل: أی تفضیل الملک على البشر، أو بالعکس، اختلف آراء الناس، و اضّطربت أفکارهم، و کثر الخلاف و العویل بما لا طائل تحته، فأذکر هنا ما یغنی للمستبصر الرشید . 

اعلم أیدک الله تعالى بروح منه أن الملک جزء من الإنسان الکامل کما سیجی ء بیانه، فالجزء من الکل .


و لا یقول العاقل: إن الجزء أشرف من الکل، فإن کان و لا بد یقال: إن أشرف أجزائه الجزء الفلانی، فإذا علمت هذا علمت مقام الملک من الإنسان، فلم یخرج عنک، و أصبت الأمر على ما هو علیه و أنصفت، و عرفت من أین أتى على من أتى علیه فی باب المفاضلة . 

قال رضی الله عنه فی رسالة القدس:

لا تقل إنک أرفع من الملک، و لا أحط منه، فإنک فی طور آخر مفردا یخصّک، و ذلک أن الله تعالى قد وهبک سر الجمعیة العامة الکبریائیة  

و هو الذی حجبک عن عبودیتک، و به ترأست حین قیل للملائکة: بل عباد مکرمون، فافهم ما ترأسوا قط لعدم سرّ الجمعیة العامة الکبریائیة من حقائقهم فکانوا عبیدا .

و بهذا صحّ لک مقام الخلافة على العامة، و به طلبت التقدم و الرئاسة، و احتجبت عن الله، فلست من نمط العالم فی شی ء، و لا تتمیز معهم البتة، فإنک انفصلت عنهم بسر الألوهیة، فإذا تمیز الإنسان مع العالم بسر الجمعیة الکبریائیة، فلا یقال من أشرف الملک، أو الإنسان، فإن التفاضل ما یقع إلا من جنس واحد و الإنسان قد خرج عن أن یکون جنس العالم، بل یزاحم الألوهیة لوقوفه على الأسماء کلها من جهة سرّ الجمع العام الکبریائی المثبوت فیه . 


و ذکر رضی الله عنه فی "الفتوحات" فی فضل الغنی و الفقیر:

إن الغنى صفة إلهیة، و الفقر صفة العبد، و لا یقال أن هذا أفضل من هذا العدم المناسبة بینها، و هکذا الأمر هنا فافهم . 

و أیضا لما کان الوجود کله فاضلا مفضولا لا أدری ذلک المساواة، و إن یقال لا فاضل و لا مفضول، بل وجود شریف کامل تام لا نقص فیه . 

کما قال الإمام الغزالی رحمه الله: 

إنه أبدع ما یکون، و ذلک لأنه لیس فی المخلوقات بأسرها على اختلاف ضروبها أمر إلا هو مستند إلى حقیقة و نسبة إلهیة و لا تفاضل فی الله لأن الأمر لا یفضل نفسه، فلا مفاضلة بین العالم فی هذا الباب هو الذی یرجع إلیه الأمر من قبل، و من بعد، و علیه عول أهل الجمع و الوجود و بهذا سمّوا أهل الجمع لأنهم أهل عین واحدة . 

قال تعالى: "وما أمْرنا إ لّا واحِدةٌ "[ القمر: 50] فافهم، فإذا فهمت فهم ذوق، ظهر لک ما قلته أنه بحث لا طائل تحته، فافهم ثم تنزل .


و نقول: إن للشیخ رضی الله عنه نصوصا فی "الفتوحات" و فی غیرها، بعضها یفهم بتفضیل البشر إلى الملک، و بعضها یوهم تفضیل الملک على البشر، و الجامع بین التفضیلین ما نصّ رضی الله عنه فی "الفتوحات" فی وصل فی فصل عزر الشهر من کتاب " الصوم ":

"إن الإنسان أکمل نشأة و الملک أکمل منزلة، کذا قال صلى الله علیه و سلم فی مشهد واقعة أبصرته فیه، انتهى کلامه . 


و قال رضی الله عنه فی "الفتوحات ": 

إن الجماعة من أصحابنا غلطوا فی هذا التفضیل فإنهم فضّلوا على الإطلاق، و لم یقیدوا لعدم الکشف و الاعتناء بالنظر و الفکر، انتهى کلامه رضی الله عنه فافهم، فلیت لک قلبا ما ورائه قلبا و بیانا . 

( و أن فیها ): أی ترى أن فیها، (فیما تزعم) و اعتذر لهم حیث جعلهم رضی الله عنهم بمنزلة المجتهدین الذین لهم أجر الاجتهاد، و الأهلیة أهلیة الشی ء لأمر إنما هو نعت ذاتی فلا یقع فیه مشارکة لغیره إلا بنسبة بعیدة، کما یقال أهل النار و أهل الجنة و هم الذین لا یخرجون منها رأسا لأنهم أهل لها، فافهم . 

( لکل منصب عال ): أی حمل الأمانة و الإمامة (ومنزلة رفیعة ): أی الخلافة، إنما قلنا الخلافة لأن الملائکة حین قالت ما قالت . 

قال الله تعالى: "و أعْلمُ ما تُـبْدُون" [ البقرة: 33]: أی من التخریج و التزکیة و ما کنتم تکتمون من طلب الخلافة، یعنی: أنا أعلم بمطلوبکم منکم، و حملتهم علیهم السلام على هذه الغیرة التی فطروا علیها عند الله: أی عند الاسم الجمع لجمیع الأسماء مع أنه قال تعالى عنهم: "وما مِ نّا إلّا  لهُ مقامٌ معْلومٌ " [ الصافات: 164] فأین المقید عن المطلق، فافهم .

( لما عندهم) یرید رضی الله عنه أن یعرف بوجه الاشتباه الذی حصل لها، و هو أنها زعمت أن عندها الجمعیة التی هی علة الأهلیة لما عندها (من الجمعیة الإلهیة) و هی أحدیة جمع الأسماء و الصفات الوجوبیة و الحقائق المظهریة الإمکانیة، و الحقیقة الثابتة الطبیعیة الإنسانیة الدائرة بین ما یرجع کذا و یرجع کذا و یرجع کذا .

بین ما یرجع من ذلک الجناب الإلهی و جانب حقیقة الحقائق و فی النشأة الطبیعیة، و العنصریة الحاملة لهذه الأوصاف . 

فالحاصل أن الجمعیة الإلهیة دائرة بین ما یرجع إلى الأسماء الإلهیة المؤثرة الفعّالة و بین ما یرجع إلى حقیقة الحقائق الکلیة المنفعلة المؤثرة، و بین ما یرجع إلى ما یقتضیه الطبیعة الکل فی النشأة الطبیعیة و العنصرّیّة الحاملة لهذه الأوصاف و الحقائق الإمکانیة الراجعة إلى الجناب الإلهی، و فی أصل العبارة تقدیم و تأخیر و هذا تقدیره و تقریره، فافهم . 


فهذه ثلاث حضرات حضرة الحقیقة المطلقة الفعالة:

وهی حضرة الوجوب.

وحضرة الحقیقة المقیدة المنفعلة القابلة للوجود من الواجب وهی حضرة الإمکان.

وحضرة أحدیة جامعة بین الإطلاق و التقیید والفعل و الانفعال والتأثیر والتأثر، فهی مطلقة من وجه، و مقیدة من وجه و مؤثرة من وجه ومتأثرة من وجه . 

وهذه النشأة أحدیة جمع الحقیقتین، ولها مرتبة الأولیة الکبرى، والآخریة العظمى وهی النشأة الطبیعیة الجامعة لجمیع النشآت . 

(إلى ما تقتضیه الطبیعة الکل) و هی عبارة عن أمور أربعة إذا تألفت تألفا خاصا حدث عنه ما یناسب تلک الألفة بتقدیر العزیز العلیم . 

قوله رضی الله عنه: الکل بدل أو عطف بیان، و فی بعض النسخ بدل الکل الکلیة . 

قال الشیخ رضی الله عنه فی الباب الثامن و التسعین من "الفتوحات ":

إن الطبیعة مرتبة معقولة لا عین لها فی الوجود، فلکل معدوم العین ظاهر الحکم و الأثر، فهو على الحقیقة المعبر عنه بالغیب، فإنه من غاب فی عینه فهو الغیب، و الطبیعة غائبة العین عن الوجود و عن الثبوت، فلیس لها عین فیهما فهی العالم الغیب المحقق و هی معلومة لنا، کما أن المحال معلوم غیر أن الطبیعة کانت مثل المحال فی رفع الثبوت و الوجود عنها، فلها أثر و تظهر عنها صور، و المحال لیس  کذلک، و مفاتح هذا الغیب هی الأسماء الإلهیة التی لا یعلمها إلا هو، و الأسماء الإلهیة نسب غیبیة لا عین لها، و الغیب لا یکون مفتاحه إلا الغیب، فبالمشیئة ظهر أثر الطبیعة و هی غیب، و المشیئة نسبة إلهیة لا عین لها، فالمفتاح غیب .

قال الشیخ رضی الله عنه فی الباب الثامن و التسعین من "الفتوحات ":

إن الطبیعة مرتبة معقولة لا عین لها فی الوجود، فلکل معدوم العین ظاهر الحکم و الأثر، فهو على الحقیقة المعبر عنه بالغیب، فإنه من غاب فی عینه فهو الغیب، و الطبیعة غائبة العین عن الوجود و عن الثبوت، فلیس لها عین فیهما فهی العالم الغیب المحقق و هی معلومة لنا، کما أن المحال معلوم غیر أن الطبیعة کانت مثل المحال فی رفع الثبوت و الوجود عنها، فلها أثر و تظهر عنها صور، و المحال لیس  کذلک، و مفاتح هذا الغیب هی الأسماء الإلهیة التی لا یعلمها إلا هو، و الأسماء الإلهیة نسب غیبیة لا عین لها، و الغیب لا یکون مفتاحه إلا الغیب، فبالمشیئة ظهر أثر الطبیعة و هی غیب، و المشیئة نسبة إلهیة لا عین لها، فالمفتاح غیب .

فهذا المعلوم هو القابل الذی قبل جمع الأضداد و التأثیر و التأثر بمقتضى ذاتی و هو الغیب، و هو النور الساطع العام الذی به ظهر الوجود و ما له فی عینه نور و لا ظهور کالضوء فإنه به ظهر کل  شیء و لیس له عین ظاهرة فی الظاهر ممتازة فی المرئیات فافهم، فإنه من أم الکتاب و علیه الاعتماد فی جمیع الفصول و الأبواب بل هو فصل الخطاب . 


قال رضی الله عنه فی الباب التاسع و الثمانین و مائتین من "الفتوحات ": 

و لو لم تکن الطبیعة نورا فی أصلها من النور لما وجدت بین النفس الکل و بین الهباء الذی هو الهیولی الکل، و بما هی فی أصلها من النور قبلت جمیع الصور النوریة للمناسبة فانتفت ظلمتها بنور صورها، فنسب إلى الطبع الظلمة فی اصطلاح العقلاء و عندنا لیس کذلک، و لو لا أن الظلمة نور ما صحّ أن یدرک، و الظلمة هی الغیب . 

فلهذا لا یدرکه إلا الحق، و الطبیعة الکل قد خلقها الله تعالى دون النفس الکل و فوق الهباء .


وهو رأی الإمام الغزالی رحمه الله و لا یمکن أن تکون مرتبتها إلا هنالک، فکل جسم قبل الهباء إلى آخر موجود من الأجسام هو الطبیعی، و ما ثم عندنا إلا جسم طبیعی أو عنصری لا غیر، و العناصر أجسام طبیعیة و أن تولد عنها أجزاء أخر، و أمّا الهباء فجوهر مظلم ملأ الخلاء بذاته ثم تجلى له الحق تعالى باسم النور فانصبغ به ذلک الجوهر، و زال عنه حکم الظلمة هو العدم، فاتصف بالوجود فظهر لنفسه بنفسه بذلک النور و کان ظهوره به على صورة الإنسان.


و بهذا یسمّیه أهل الله الإنسان الکبیر و یسمّى مختصر الإنسان الصغیر لأنه فیه جمیع ما فی العالم بالإجماع، فخرج على صورة العالم مع صغر حجمه و العالم على صورة الحق : 

و تزعم أنک جرم صغیر وفیک انطوى العالم فالإنسان على صورة الحق .

و هو قوله: "إن خلق آدم على صورته" فکل ذلک من آثار الله تعالى فیما خلق علیها الطبیعة . 

( التی حصرت قوابل العالم کله أعلاه و أسفله) فکل ما تولد من الأجسام و الأرواح، و الملائکة، و الأنوار کلها للطبیعة علیه حکم، و لکن حکم الطبیعة ظاهر من الهباء إلى ما دونه، و أمّا ما فوق النفس الکل فلا یظهر حکم للطبیعة فیه أصلا، فالطبیعة الکل محیطة بالکل حاصرة لقوابلها من أطباع أنواع الأجسام الطبیعیة الفلکیة و الملکیة و العنصریة من الأجسام . 


قال رضی الله عنه: إن للطبیعة أنوارا یکشف بها صاحبها ما تعطیه الطبیعة من الصور فی الهباء، و ما تعطیه من الصورة العامة التی هی صور الجسم الکل، و هذه الأنوار إذا حصلت على الکمال تعلق علم صاحبها بما لا یتناهى و هو عزیز الوقوع عندنا، و أمّا عند غیرنا فممنوع عقلا حتى إن ذلک فی الإلهیات مختلفة فیه عندهم . 


و قال أیضا رضی الله عنه فی »الفتوحات «: 


و ما رأینا أحدا حصل له هذا العلم على الکمال و لا سمعنا عنه و لا حصل لنا و إن ادّعاها إنسان فهی دعوى لا یقوم علیها الدلیل أصلا مع إمکان حصول ذلک، انتهى کلامه رضی الله عنه . 

فإن من عباد الله من یحصل لنفسه فی بعض الأحیان عند هبوب النفحات الجودیة الإلهیة أحوال توجب لها الأعراض عما سوى الله، و الإقبال بوجود قلوبها بعد التفریغ التام على حضرة الغیب الإلهی المطلق فی أسرع لمح البصر، فیدرک من  الأسرار الإلهیة و الکونیة ما شاء الحق. 

و قد تعرف تلک النفس هذه المراتب و التفاصیل أو بعضها، و قد لا تعرف مع تحققها بما حصل لها من العلم.

و هذا تصدیق قوله صلى الله علیه و سلم : " علمت بها علم الأولین والآخرین"

و لو لم یکن هذا فی آن واحد فما فائدة إخباره بقوله صلى الله علیه و سلم فهمت، فافهم . 


فإنهم عباد الله المکرمون المتحققون بمعرفته دون واسطة، لعلمه تعالى أن هممهم قد خرقت حجب الکون، و أنفت الأخذ عن سواه فتجلى لهم تجلی الکل فی الکل . 

کما ورد فی الخبر عنه صلى الله علیه و سلم أنه قال فی حدیث طویل : "وضع  کفّه بین کتفی فوجدت برد أنامله بین ثدیی فتجلى لی کل شیء عرفته" الحدیث .  رواه الترمذی و قال: حسن صحیح عن معاذ بن جبل، ذکره السیوطی فی "جمع الجوامع" و هذا من الذوق الذی ذکرناه فافهم فإنه مهم . 

و أنوار الطبیعة مندرجة فی کل ما سوى الحق و هی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة.

و أدرجها فی الأفلاک والأرکان و ما یتولد منها من الأشخاص الغیر المتناهیة. 


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص۱۵

فکلّ قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها و أنّ فیها، فیما تزعم، الأهلیّة لکلّ منصب عال و منزلة رفیعة عند اللّه لما عندها من الجمعیّة الإلهیة.

 و هر یک از آن قوه‌ها چه در نشئه انسانیه و چه در نشئه کونیه (عالم) محجوب است به خودش. افضل از ذات خود نمى‌بیند و نمى‌داند که در آن نشئه منصب عالى و منزلت رفیعه‌اى عند اللّه موجود است که آن منصب و منزلت جمعیه الهیه است که به صاحب آن منصب داده شده است.

حال ملائکه که قواى روحانیه خارجیه هستند در منازعتشان نسبت به آدم چون حال قواى روحانیه داخله در انسان که عقل و وهم است مى‌باشد. همان طور که عقل و و هم هر یک در عالم انسانى ادعاى سلطنت بر وى دارند و منقاد غیر خود نمى‌شوند مراتب قواى روحانیه خارجیه یعنى ملائکه نیز همچنین هر یک افضل از ذات خود نمى‌بیند. مثلا عقل مدعى است که خود محیط به ادراک جمیع حقایق و ماهیات آن طور که هستند به حسب قوه نظریه خود مى‌باشد. حال آن که چنین نیست. زیرا براى ارباب عقول علم اجمالى حاصل است. مثلا اینکه مر آنها را ربى است منزه از صفات خلقیه.

ایشان از حقایق چیزى نمى‌دانند مگر لوازم و خواص آنها را و در حقیقت مقلد عقول هستند. اما ارباب تحقیق و اهل طریق که عرفاى شامخین باشند علاوه بر این مقام، تجلیات حق جل و علا و ظهورات او را مفصلا مشاهده کرده به نورش مهتدى شده‌اند و به طور کشف که آمیخته و مشوب به اوهام نیست هر چیز را آن چنان که هست در مى‌یابند. اینان عباد الرحمان‌اند الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ [أی فی ارض الحقائق‏] هَوْناً.

اما ارباب عقول که ارباب نظرند عباد عقول خویشند. به گفته بهاء الدین ولد:

درک عقل آن قدر است که تو را به درزى برد چون به خیاط رسیدى ترک عقل باید کردن.

سلمان ساوجى گوید:

ما مثال عزل عقل از ملک دین برخوانده‌ایم
تا کشیدستند بر منشور ما طغراى عشق‏

سعدى گوید:

دگر ز عقل حکایت به عاشقان منویس             
که حکم عقل به دیوان عشق ممضى نیست‏

از اینجاست که عرفا در حکم عقل این گونه سخنها دارند. غرض این نیست که حکم عقل باطل است، بلکه مقصود بیان ارتقا به مقام بالاتر است.

بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب إلهیّ‏

 آن جمعیت حاصل از سه امر است:

امر اول، که راجع است به جناب الهى.

یعنى حضرت واحدیت که آن را حضرت اسماء و صفات مى‌گویند که هر یک از آن اسماء و صفات بدون واسطه وجه خاصى به حق تعالى دارند. اگر ذات وجود را طورى اعتبار کنیم که اسماء و صفات در او مستهلک باشند این معنى را مقام احدیت گویند و اگر ذات را با اسماء و صفات به طور تفصیل اعتبار کنیم مقام واحدیت گویند. مقام اسماء و صفات نیز مى‎نامند. احدیت و واحدیت به این معنا مصطلح عرفاست اما حکما که احد و واحد مى‌گویند یعنى سلسله موجودات عالم را به براهین عقلیه، طرفى است و آن طرف واجب الوجود است. سپس در رفع شبهه ثنویت برهان اقامه می‌کنند که این طرف یکى بیش نیست، یعنى واحد است. سپس حرفى بالاتر و مطلبى دقیق‌تر عنوان مى‌کنند که این واحد مرکب نیست بلکه بسیط الحقیقة است و از این معنى که شی‏ء واحد بسیط الحقیقة هم باشد، تعبیر به احد مى‌شود. واحد یعنى یکى واحد یعنى یکتا. واحد با مرکب مى‌سازد به خلاف احد. مرحوم حاجى سبزوارى مى‌فرماید:

کما هو الواحد انّه الأحد.

و إلى جناب حقیقة الحقائق،

امر دوم، راجع است به حضرت امکانیه که جامع حقایق ممکنات است. خلاصه اینکه حقایق کونیه را در این مقام در بردارد، نه الهیه را.

و فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلیّة التی حصرت قوابل العالم کلّه أعلاه و أسفله.


امر سوم، راجع است به طبیعت کلیه‏

طبیعت در اصطلاح حکما

طبیعت کلیه در اصطلاح حکما امرى است جسمانى که در عناصر و دیگر أجسام سفلى و اجرام علوى سارى است که با ماده قرین است. مثلا مى‌گوییم طبیعت جسم، طبیعت آب، طبیعت خاک و هکذا. که مرجع و مآل طبیعت به این معنى امرى است جسمانى. به تعبیر دیگر: این طبیعت از قواى نفس کلى است که در أجسام طبیعى (سفلیات) و در اجرام علوى سارى است. خلاصه در عناصر و فاعل صور عناصر یعنى حقایق آنها که منطبع در مواد هیولانى آنهاست سارى مى‌باشد.


طبیعت در اصطلاح اهل عرفان‏

اما طبیعت در مشرب ارباب کشف و اصحاب عرفان اشاره به حقیقت إلهیه به نام صادر اوّل است که فعّال جمیع صور مى‌باشد. و این حقیقت فعاله الهیه به باطنش فاعل صور اسمائى است، و به ظاهرش که طبیعت کلیه است فاعل صورتهاى دیگرى جز صور اسمائى. این طبیعت کلیه به مشرب ارباب کشف، مبدأ فعل و انفعال در همه جواهر است و قابل جمیع تأثیرات اسمائیه است پس این جمعیت الهیه جمیع قوابل عالم را از اعلى و اسفل یعنى از عالم روحانى و جسمانى داراست. زیرا طبیعت کلیه را که محیط است به عالم روحانى و جسمانى، در بر دارد.


نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 62-64 

 و کلّ‏ قوّة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها.

و هر یکى از این قواى روحانى که گفتیم، خواه در نشئتى انسانى، و خواه در عالم، مطلقا بذات خود، چنان محجوبند که از خود فاضل‏تر چیزى نمى‌‏دانند؛ و از خویشتن کامل‏تر کسى را نمى‌‏شناسند؛ مثلا اگر ملائکه ملکوتى، و ساکنان صوامع جبروتى، خود را افضل ندانستندى، در خلافت آدم نزاع نکردندى؛ «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِکُ الدِّماءَ»( س 2- 30) نگفتندى. و اگر عقل و وهم است، تا در عالم انسانى دعاوى‏ سلطنت نکردند، قرار نگرفتند؛ که عقل دعوى مى‏کند که: ادراک جمیع حقایق و ماهیّات، چنانکه آن است، من کرده‏ام‏؛ و صاحب خود را مقلّد خود مى‏داند؛ و به علم اجمالى قانع شده؛ که او را وجودى منزّه از صفات کونى است‏؛ و از حقایق اشیاء به لوازم و خواصّ آن خرسند است؛ و محجوب مانده؛ و مخاطب این خطاب گشته که: «أنتم‏ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ»( س 21- 98).

یعنى: اى دوران دوران عقل، و اى محجوبان حجاب و هم! شما هیزم دوزخ بعد شده‏‌اید؛ و از ادراک انوار حق محروم مانده‌‏اید.

امّا طایفه‌‏اى که عقل را آلت علم اجمالى ساخته‏‌اند، و خود مقلّد [پیر] کامل مکمّل گشته‌‏اند، و وهم را در عتبه بگذاشته، و تجلیّات حق و ظهور آن‏ در هر مظهرى مشاهده کرده‌‏اند، چنانچه کشف ایشان با شبهت ممتزج نگشته، تا از آن طایفه شدند که: «وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً؛»( س 25- 63)  یعنى:

«ارض الحقائق».

و أنّ فیها، فیما تزعم، الأهلیّة لکلّ منصب عال، و منزلة رفیعة عند اللّه، لما عندها من الجمعیّة الإلهیّة.

این جمله را سه احتمال هست:

یا آنکه: جمله ابتدائیه است؛ و «إنّ» در وى مکسور باید ... یا: حالیّه.

یا: عطف بر «أفضل من ذاتها»، و «أنّ» در وى مفتوح باید؛ و ضمیر [در «فیها» و در «لما عندها»] بر هر سه تقدیر عاید است به «نشأة»؛ و فاعل «تزعم» هم ضمیرى راجع به وى؛ و ما [در «فیما تزعم»] مصدریّه را است.

پس بتقدیر جمله ابتدائیه مراد آن باشد که: حقّا که در نشئه‏ى انسانیّه اهلیّت مناصب علیّه، و مراتب علیّه هست؛ چنانکه در زعم او است، که نزد او است جمعیّتى الهى؛ یعنى: دعوى مى‏کند که: جامع اوصاف الهى و حائز اخلاق نامتناهى انسان است در نشئه‏ى خود.

و به تقدیر جمله حالیّه مراد آن باشد که: حال آن است که در این نشئه‏ى انسانیّه اهلیّت منصب رفیع و مقام منیع هست؛ همچنان‏که زعم او است، مر آنچه دارد از جمعیت الهیّه.

و بر آن تقدیر که معطوف است بر «افضل من ذاتها»، معنى وى چنان باشد که: هر قوّتى از قواى روحانى محجوبند به نفس خود؛ که فاضل‏تر از خود نمى‏‌بینند که در نشئه‏ى انسان استعداد و اهلیّت منصبى عالى هست، چنانکه دعوى مى‏‌کند که او را است حاصل، بسبب جمعیّت الهیّه؛ و مى‏‌گوید:

آن آفتاب خاور در جان ماست حالى‏         فرخنده بخت میمون در شأن ماست حالى‏

لعلى که در بدخشان‏، هرگز نشد درافشان بى‏رنج و غصّه، آسان در کان ماست حالى‏

اى مدّعى! تو بر در بنشین و غم همى‏خور کان روح روح‏گستر، مهمان ماست حالى‏


و در بعضى نسخه‌‏ها چنین نوشته که: «و إنّ فیها ما یزعم الأهلیة»؛ و معنى وى چنان باشد که: در این نشئه‏ى انسانى چیزى است که دعوى اهلیّت منصب عالى مى‏‌کند؛ و آن: یا دل بود، یا عقل‏ یا وهم.

امّا دل: براى آنکه در مملکت بدن سلطان است.

و امّا عقل: از بهر آنکه دعوى ادراک حقایق مى‏کند.

و امّا وهم: از بهر آنکه در عالم حس مدرک جزئیّات است. و بر این تقدیر «الاهلیّة» مفعول «یزعم» باشد؛ و «ما» اسم آن باشد.

بین‏ ما یرجع من ذلک إلى الجناب‏ الالهىّ، و إلى جانب حقیقة الحقائق و- فى النّشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطبیعة الکلّیّة الّتى حصرت قوابل العالم کلّه. أعلاه و أسفله.

یعنى‏: جمعیّتى که حاصل است مر این نشئه‏ى انسانى را از سه چیز و سه‏ جهت است:

اول: از این جهت که راجع است با جناب الهى؛ که آن حضرت واحدیّت است؛ و آن را «حضرت اسماء و صفات» خوانند؛ که هر موجودى را از آن نصیبى خاص و وجهى معین هست، که هیچ واسطه در آن میان نمى‌‏گنجد.

دوم: از آن جهت که راجع است به حضرت امکانیّت؛ که جامع حقایق ممکنات است، چه موجود و چه معدوم؛ و این آن مرتبه است که عبودیّت از ربوبیّت جدا مى‏‌گردد؛ و به اصطلاح قوم این را «حضرت جمع و وجود» خوانند؛ و این مرتبه انسان کامل است.

سوم: از آن جهت که راجع است به طبیعت کلّى؛ که آن مبدأ فعل و انفعال است؛ و آن است که قابل جمله تأثیرات أسمائى است.

و مراد از «ما تقتضیه الطبیعة الکلّیّة» آن استعداد خاصّ است که خداوند این جمعیّت را حاصل است در این نشئه‏ى طبیعى؛ که آن نشئه است که به قابلیّت خود حاصر جمیع قوابل عالم است، خواه علوى- که آن عالم روحانى است- و خواه سفلى- که آن عالم جسمانى است.

بیرون ز تو نیست هرچه در عالم هست‏ در خود بطلب هر آنچه خواهى، که تویى‏


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 103-104

و کلّ قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها.

یعنى هر قوّتى از قواى روحانى؛ خواه داخل باشد در نشأت انسانى و خواه خارج، محجوب است بدیدن نفس خود، چه از نفس خود فاضل‏تر نمى‌‏بیند، چون ملائکه که نزاع کردند در استحقاق خلافت آدم؛ و چون عقل و وهم که هر یکى دعوى سلطنت مى‏کند در عالم انسانى و انقیاد نمى‏نماید غیر خود را، چه عقل دعوى مى‏کند که محیط است به ادراک جمیع حقایق و ماهیات بر آنچه هست به حسب قوّت نظریه؛ و در واقع چنین نیست. و لهذا منحجب گشتند ارباب عقول از ادراک حق و حقایق به واسطه تقلید ایشان مر عقول خود را؛ و غایت عرفان ایشان علم اجمالى است به اینکه ایشان را موجدى است که منزّه است از تعریفات کونیه و نمى‌‏دانند از حقایق مگر لوازم و خواص آن را.

و ارباب تحقیق و اهل طریق این را به اجمال مى‏دانند و نیز مشاهده مى‏کنند تجلیّات و ظهورات حق را مفصلا. لاجرم ایشان را اهتداء به نور اوست، و سریان در حقایق به حسب تجلّى و ظهور او. و کشف ایشان خواص و لوازم حقایق را کشفى است از ممازجت شبهه مبرّا، و علم ایشان مر حقایق را علمى است از طریان شک و ریب معرّا. پس ایشان عباد رحمان‏اند که مشى ایشان بر ارض حقایق به آسانى است، کما قال تعالى: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً و ارباب نظر عباد عقول خویش‏اند که در شان ایشان وارد شده که: إِنَّکُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ‏ یعنى شما و آنچه عبادت او مى‏کنید هیمه دوزخ است، یعنى دوزخ دورى و حرمان از ادراک حق و مشاهده انوار او. چه ایشان قبول نمى‏کنند مگر آن را که عقل ایشان اعطاى آن کند و انکار او.

و همچنین و هم نیز دعوى سلطنت مى‏کند و تکذیب مى‏کند عقل را در هرچه خارج از طور وهم است چه وهم ادراک معانى جزئیّه مى‏کند و از ادراک کلیّات قاصر است. پس هریکى به پندار ادراک و کشف خویش محجوب است و بدیدن فضل و هنر خویش معیوب. بیت:

اى دیده سراب را و پنداشته آب‏                 اى واقعه تو بوده در واقع خواب‏

هان تا نشوى به کشف مغرور که هست‏ آن کشف حجاب نیز نوعى ز حجاب‏


و أنّ فیها فیما تزعم، الأهلیّة لکلّ منصب عال و مرتبة رفیعة عند اللّه لما عندها من الجمعیّة الإلهیّة.

و به حقیقت درین نشأت انسانى چنانکه گمان مى‏‌برد استحقاق و اهلیّت بر منصبى عالى و مرتبه‏‌اى رفیع در حضرت ملک متعالى هست به واسطه آنچه او راست از جمعیّت الهیّه.

بین ما یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهىّ، و إلى جانب حقیقة الحقائق، و- فی النشأة الحاملة لهذه الأوصاف- إلى ما تقتضیه الطّبیعة الکلّیة الّتى حصرت قوابل العالم کلّه أعلاه و أسفله.

یعنى این جمعیّت دایر است در میان چیزى که راجع مى‌‏شود آن چیز به جناب‏ الهى که آن «حضرت واحدیّت» است، اعنى حضرت اسما و صفات که هر موجود را به حسب قابلیّت استعدادات وجهى خاص بى‌‏واسطه بدان حضرت هست و راجع مى‌‏شود به حضرت امکانیّت که جامع است مر حقایق ممکنات موجوده و معدومه را که آن وجه کونى است که بدان وجه متمیز گشت این نشأت از ربوبیّت و اتصاف یافت به عبودیّت و راجع مى‏‌شود به استعداد خاصى که اقتضا مى‌‏کند آن را طبیعت کلّیّه که آن مبدأ فعل و انفعال است در همه جواهر، اقتضاى مخصوصى که درین نشأت عنصریّه حامله است مر جمیع کمالات انسانیّه را.

و مى‏شاید که مراد ازین اوصاف قواى روحانیّه و جسمانیّه باشد و وصف به محمولیت مناسب این معنى است، و این مرتبه طبیعت کلّیّه، حاصر است قوابل همه عالم را اعلى و اسفل را، یعنى روحانى و جسمانى را، چه طبیعت کلّیّه محیط است عالم روحانى و جسمانى را، لاجرم علو و اسفل درین دو عالم به حسب مرتبه تواند بود.


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 517

و کلّ قوّة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها. و أنّ فیها، فیما تزعم، الأهلیّة لکلّ منصب عال و منزلة رفیعة عند اللّه، لما عندها من الجمعیّة الإلهیّة.

شرح این جمله را سه اعتبار است: یا جمله ابتدائیّه بود و «أنّ» در وى مکسور باید؛ یا حالیّه؛ یا عطف است بر «افضل من ذاتها»، و «أنّ» در وى مفتوح باید، و ضمیر در «فیها» و «لما عندها» به همه حال عاید به نشأت باشد؛ و فاعل «تزعم» هم ضمیرى راجع به وى، و «ما» در «فیما تزعم» مصدریّه است. به تقدیر جمله ابتدائیه، مراد آن بود که، حقّا که در نشأت انسانیت اهلیت مناصب علیّه و مراتب علیّه هست، چنانچه در زعم اوست که نزد اوست جمعیّت الهى؛ و به تقدیر جمله حالیّه چنین بود، که، حال آنست که درین نشأت انسانیّت اهلیّت منصب رفیع هست چنانچه در زعم اوست بر آن چه دارد از جمعیّت الهیّت؛ و به تقدیر عطف چنان بود، که هر قوّتى از قواى روحانى محجوبند به نفس خود، و نمى‏داند که در نشأت انسانى اهلیّت منصب عالى هست. و در بعضى نسخ است که: «و ان فیها فیما تزعم الأهلیّة»؛ یعنى درین نشأت انسانى چیزى است که دعوى اهلیّت و منصب عالى مى‏کند.

ممّا یرجع من ذلک إلى الجناب الإلهیّ، و إلى جانب حقیقة الحقائق، و فی النّشأة الحاملة لهذه الأوصاف إلى ما تقتضیه الطّبیعةالکلّیّة الّتی حصرت قوابل العالم کلّه أعلاه و أسفله.

شرح یعنى جمعیّتى که این انسان را حاصلست، از سه جهت است:

اول ازین جهت که راجع است به جناب الهى، که آن حضرت واحدیّت است، و هر موجودى را از آن حضرت نصیبى خاص است بى‏‌واسطه.

دوم از آن جهت که، راجع است به حضرت امکانیّه، که جامع حقایق ممکنات است و فارقست میان ربوبیّت و عبودیّت، و این را حضرت جمع و وجود خوانند، و این مرتبه انسان کامل است.

سیّم از آن جهت که راجع است به طبیعت کلیّه، که آن مبدأ فعل و انفعال و قابل جمله تأثیرات اسمائیست. و مراد از «ما تقتضیه الطّبیعة الکلیّة» این استعداد خاص است که صاحب این جمعیّت را حاصلست و بدان حاضر جمیع قوابل علوى و سفلى عالم است.