عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة التاسعة : 


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

قوله رضی الله عنه :  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

(ألا تراه إذا زال)، بالانتقال إلى عالم الآخرة (و ) ختمه (من خزانة الدنیا) قامت الساعة وخربت الدنیا (ولم یبق فیها)، أی فی الدنیا (ما اختزنه) (الحق تعالی فیها)، من الحکم الإلهیة والأسرار الربانیة الظاهرة فی صور السموات والأرض وما بینهما.

(وخرج ما کان) موجودة (فیها) من الموالید الأربعة:

الجماد والنبات والحیوان والإنسان.

وکذلک الملک والجنی إلى عالم الآخرة فحشرت إلى ربها کما قال تعالى: "وإذا الوحوش حشرت" 5 سورة التکویر.

وفی الحدیث یشهد للمؤذن مد صوته من رطب ویابس وقال تعالى:"ویوم یقوم الأشهاد" 51 سورة غافر .

فالحشر عام فی کل شیء (والتحق بعضه)، أی بعض ما کان فیها من ذلک (ببعضه)، فالتحق الجماد والنبات والحیوان بالتراب حتى یقول الکافر یومئذ : "یا لیتنی کنت ترابا"40 سورة النبأ.

والتحق الإنسان والجنی حیث غلب فیهما الجزء الناری بالنار.

وحیث غلب فیهما الجزء النوری بالنور وهو الملک.

ثم التحق النور بالإنسان الکامل وظهرت حقیقة ختمه للعالم النورانی.

(وانتقل الأمر إلى الآخرة وکان ختمة على خزانة الآخرة)، فبنوره على خزانة العالم النوری وبناره على خزانة العالم الناری والنار نور متراکم وهو شوق الإنسان الکامل إلى ربه فی وقت زیادة قربه.

والشوق شیئان لذة وألم فاللذة فی الجنة والألم فی النار (ختمة أبدیة) لا نهایة له وقد ظهر سر هذا الختم على خزانة الآخرة فی الدنیا .

کما قال تعالى : "کان الناس " 213 سورة البقرة . أی المکلفون وغیرهم "أمة واحدة " 213 سورة البقرة .

لا یوصفون بإیمان ولا کفر ولا طاعة ولا معصیة لأن ذلک معروف شرعا الا عقلا.

فبعث الله النبیین یفرقون ویمیزون بنفس تبلیغهم عن ربهم. فمن صدقهم آمن ومن کذبهم کفر.

والمصدق لهم إن تبعهم أطاع وإن خالفهم عصی، ولیس لهم من الأمر شیء.

وإنما کانوا مبشرین من صدقهم واتبعهم بالدرجات النوریة، ومنذرین من کذبهم وخالفهم بالدرکات الناریة.

وعلى قدمهم جمیع الورثة لهم إلى یوم القیامة، فقد ظهر فی الدنیا کیفیة ختمهم على جمیع الخزائن فی الآخرة.

ثم لما علمت وتقرر عندک أن الإنسان الکامل مخصوص بظهور الروح الأمری فیه دون غیره من العالم.

فاعلم أن هذا الروح الأمری هو ظهور الصورة الإلهیة التی هی لیست بکیفیة ولا هیئة ، وإنما هی مجموع صفات قدسیة وأسماء غیبیة تنزیهیة .

ولهذا قال : (فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة) المنزهة عما نفهم أو نعقل من جمیع التصورات (من الأسماء) الغیبیة بیان لما فی الصورة الإلهیة.

(فی هذه النشآت الإنسانیة) الکاملة (فحازت) هذه النشآت المذکورة (رتبة الإحاطة والجمع لهذا الوجود)، کله أعلاه وأسفله .

فجمع بروحه الأمری المنفوخ فیه حضرة التجلی الذاتی الإلهی، وأحاط بجمیع التجلیات الصفاتیة والاسمائیة من حیث إمداده الأبدی.

وجمع بنفسه وجسمه بین جمیع النفوس الفلکیة والحیوانیة وأحاط بجمیع ذلک علما فهو المضاهی بباطنه للحضرة الإلهیة.

وبظاهره للحضرة الکونیة فیستمد من الله تعالى ویمد الکون.

فهو البرزخ بین الحق والخلق (وبه)، أی بهذا الإنسان الکامل (قامت الحجة الله تعالى على الملائکة).

لما قال لهم: "إنی جاعل فی الأرض خلیفة قالوا أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء ونحن نسبح بحمدک و نستغفر لک قال إنى أعلم ما لا تعلمون" 30 سورة البقرة .

ثم إنه تعالى أظهر لهم ما لا یعلمون.

فخلق آدم علیه السلام ونفخ فیه من روحه الأمری وعلمه الأسماء کلها وأقام علیهم الحجة بذلک.

فاعترفوا بعد ذلک بالحق و و"قالوا سبحانک لا علم لنا إلا ما علمتنا " 32 سورة البقرة.

وکان ینبغی لهم أن یقولوا ذلک من أول الأمر قبل طعنهم ومدح أنفسهم لمن یعلم ما لا یعلمون.

ولکن إنما ظهر منهم ما هم فیه من القصور عن المرتبة الآدمیة الکاملة.

کما سبق أنهم بمنزلة قوى جسد العالم وکل قوة منها محجوبة بنفسها ألا ترى أفضل من ذاتها إلى آخره .

ولولا عصمة الله تعالى وحفظه للملائکة لجحدوا وعاندوا کما جحد إبلیس.

وعاند وجحدت أولاده وعاندت إلى یوم القیامة.

(فتحفظ) یا أیها السالک فی طریق الله تعالى واحترز من الوقوع فی مثل ذلک من الطعن فی غیرک ولو بقلبک .

حیث أمرک الله تعالى بالسجود التعظیمی الاحترامی الأحد من الکاملین وإن کنت فی التقوى والدیانة مثل الملائکة المعصومین.

فلا تغتر بذلک واحترز من مدح نفسک بالنظر إلى أکمل منک.

وإن وقعت فی شیء من ذلک فتدارک نفسک بالتوبة منه والسجود فی الحال لما أنت مأمور بالسجود له من أهل عصرک سجود الإنصاف والاعتراف بالحق.

ولا تجحد وتعاند کما جحد إبلیس وعاند فیطردک الله عن حضرته ویلعنک کما لعن غیرک قبلک .

واعلم أن الملائکة ما طعنت فی آدم علیه السلام کما طعن فیه إبلیس ولا مدحت نفسها کما مدح إبلیس نفسه.

وإلا لما وفقت الملائکة للسجود لآدم وانجبر بذلک نقصانهم عند الله تعالى.

وبیان ذلک أن الملائکة طعنت فی آدم علیه السلام قبل أن یخلقه الله تعالى ویظهره فی هذا العالم وقبل أن یعلمه الأسماء ویفضله علیهم.

فطعنهم فی الحقیقة لیس فی شخص معین موجود فی الخارج، وإنما کان طعنهم فی شخص مفروض وجوده على حسب ما استعدوا له من إدراکه.

ثم لما خلقه الله تعالى و أنبأهم بالأسماء أذعنوا للحق و انقادوا له فجبر السجود ما وقعوا فیه من الذلة ولم یصروا وبادروا بالمطلوب .

وأما إبلیس فقد طعن فی آدم علیه السلام بعد أن خلقه الله تعالى وأظهر فضیلته بین الملأ الأعلى بالإنباء بالأسماء ومدح نفسه.

فقال : "أنا خیر منه"  فقد وصلته فضیلة عن الله تعالى وکذب فلم ینلها .

کما قال علیه السلام: "من بلغه عن الله فضیلة فلم یصدق بها لم ینلها" أخرجه السیوطی فی الجامع الصغیر ، فاحذر أن یکون طعنک کطعن إبلیس فإنک تشقى شقاء الأبد.

وإذا کان طعنک کطعن الملائکة نقصت درجتک عن درجة من طعنت فیه.

فقط إن انقادت له ظاهرا وباطنا استمطرت سماء إلهاماته ، فتأمل قبل الموت على الباطل.

فقد وعظک الله تعالى (بغیرک)، فی واقعة آدم والملائکة وإبلیس التی قصها الله علیک فی القرآن العظیم فاعتبر بها.

(وانظر من أین أتى) بالبناء للمفعول (على من أتى)، بالبناء للمفعول أیضا (علیه)، وهم الملائکة وإبلیس فإنهم تدارکوا أمرهم فنجوا، وفرط إبلیس فهلک.

وکان سبب ذلک القیاس العقلی:

فقاست الملائکة آدم علیه السلام على من کان قبله فی الأرض فأخطأوا.

وقاس إبلیس أیضا آدم علیه السلام على مقتضى ما یظهر من الطین الکثیف بفکره ونظره فأخطأ .


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

(ألا تراه) وهو إتیانه الدلیل للمحجوبین یکون العالم محفوظا بالإنسان الکامل وخرابة بدونه (إذا زال وفک) هذا الختم (من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها) بأسرها دفعة واحدة إلى الشهادة الدنیویة (والتحق بعضه) أی جزء ما خرج من الخزینة أو جزء العالم

(ببعض) أی بجزء منه أی لا یمازجان فمارت السماء وسارت الجبال وخربت الدنیا لعدم الامتزاج الاعتدالی بین أجزائها .

(وانتقل)، الأمر الإلهی والموجود بالوجود الدنیوی بسلب هذا الوجود عنه (إلى الآخرة) بنقل الخلیفة إلیها فیکون کل ما کان موجودا بالوجود الدنیوی موجودا بالوجود الأخروی.

(فکان ختما على خزانة الآخرة ختمة أبدیة فظهر) إلیه تعالی (جمیع) ما حصل فی (الصبور الإلهیة) بحیث یکون کل فرد من أفراد العالم مظهر الاسم من أسماء الله تعالى وهی العالم بأسره (من الأسماء) وهی سره کما قال.

ویظهر إلیه سر بیان لما (فی هذه النشأة الإنسانیة فجازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود) الجامع بین حقائق العالم وبین الأسماء الإلهیة .

فشاهد عینه من حیث أسماء الحسنی فی هذه النشأة على ما اقتضاه ذاته وهو رؤیة ذاته من حیث أسمائه فی کون جامع .

فهذه هی الکلمة الآدمیة والکون الجامع الذی اقتضى ذاته أن یرى عینه من حیث أسمائه الحسنى على ما ذکره.

(وبه) أی وبهذا الوجود الجامع وهو وجود آدم دون غیره (قامت الحجة على الملائکة) لاقتضاء ذواتهم إقامتها علیهم الاحتجابهم بأنفسهم فبعد إقامة الحجة علیهم زال حجابهم فعرفوا مرتبتهم .

و علموا أن لله تعالى أسماء ما وصل علمها إلیهم فاعترفوا بقصورهم وعجزهم بأن "قالوا سبحانک لا علم لنا إلا ما علمتنا" 32 سورة البقرة .

(فتحفظ) واعمل فإنه کفاک واعظا (فقد وعظک الله تعالى بغیرک) وهو الملائکة (وانظر) بنظر العبرة إلى قصة الملائکة مع آدم الذی سنذکره وازجر نفسک عن مذمة الغیر والدعاوى التی ما أنت متحقق بها وسوء الأدب مع الله حتى لا تکون عبرة لغیرک کما یکون غیرک عبرة لک .

هذا معنى قوله : (من أین أتی على من انی) وأتی وجاء تستعملان بمعنی الفعل یعنی من أین فعل على من یقع (علیه) الفعل على وجه التوبیخ والملائکة فإنه قد هلک من هلک وبوخ من یوبخ بأمثال هذه الصفات التی تصدر من عدم العلم بأنفسهم ومرتبة غیرهم.

ولما کانت هذه القصة أعظم القصص موعظة وهدى للناس وأهم للطالبین أوصى أولا بالحفظ والنظر .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

قوله رضی الله عنه : "ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا."

قلت: معناه إذا انقرض نسل آدم فإنما یکون بانحراف مزاج هذا العالم وذلک هو موت الإنسان الکبیر وفیه جسم الإنسان الصغیر فیموت بموته وذلک هو القیامة الکبرى

قوله: "فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة، فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود وبه قامت الحجة الله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتى على من أتى علیه" .

قلت: یعنی بالصورة الإلهیة، الأسماء التی جمعت لأدم من قوله تعالى: "علم آدم الأسماء کلها" (البقرة: 31).

قوله: وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة، قلت: یعنی قوله تعالى: " قال یا آدم أنبئهم بأسمائهم" إلى آخر الآیة (البقرة: 33).

قوله: وتحفظ فقد وعظک الله تعالى بغیرک، قلت: یعنی وعظک الله بحال الملائکة حیث اعترضوا على ربهم تعالى فی قوله: " أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء"فی الآیة (البقرة:30).


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قوله رضی الله عنه : (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

قال الشیخ رضی الله عنه : ( ألا تراه إذا زال وفکّ الختم عن خزانة الدنیا ، لم یبق فیها ما أخزنه الحق ، وخرج ما کان فیها ، والتحق بعضه ببعضه ، وانتقل الأمر إلى الآخرة ، وکان  ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا ) .

قال العبد : اعلم : أنّ دار الوجود واحدة ، وانقسامها إلى الدنیا والآخرة بالنسبة إلیک لأنّهما صفتان للنشأة الإنسانیة ، فأدنى نشأته الوجودیة العینیة النشأة العنصریة ، فهی الدنیا لدناءتها بالنسبة إلى نشأتها النوریة الإلهیة ، أو لدنوّها من فهم الإنسان الحیوان .

ولمّا کانت النشأة الإنسانیة الکلیّة فی الدنیا نشأتین : نشأة فرقانیة تفصیلیة ، ونشأة أحدیة جمعیة قرآنیة ، وهذه النشأة الدنیاویة کثیفة ، وصورتها مقیّدة سخیفة من مادّة جامعة بین الظلمة والنور ، مشوبة فیها بأکدار الغصص والمحن نوریّة السرور .

وهی أیضا من قبیل النفس الناطقة ، والنفس الناطقة من بعض قواها القوّة العملیة ، وهی ذاتیة لها ، وبها یعمل الله لأجلها فی کلّ نشأة وموطن صورة هیکلیة ینزّل معانیها فیها ، ویظهر قواها وخصائصها وحقائقها بها ، ویحفظها ، ویقیها .

وکانت هذه النشأة الجامعة بین النور والظلمة لا تقتضی الدوام على هذه النظام والقوام ، ولا بدّ لها من الانخزام والانصرام ، لأنّ قوى مزاجه العنصریة غیر وافیة ، ولا لجمیع ما فی النفس من الحقائق والدقائق بکافیة .

وهذه الحقیقة على العقول المنوّرة الصافیة غیر خافیة فإنّ فی النفس من الحقائق ما لا یظهر بهذه النشأة العنصریة الثقیلة ، مثل کون صورته روحانیة نورانیة لطیفة ملائمة للروح ، وخصائصه بحسب الروح لا بحسب المزاج ، بخلاف هذه النشأة العنصریة السفلیة الثقیلة فإنّ الروح والنفس فیها بحسبها ، وکذلک خواصّهما وحقائقهما .

فلمّا لم تف هذه النشأة بذلک لکونها من مادّة متنافرة متضادّة وهیولى متباینة متحادّة ، وقد حصل لها بحمد الله فی مدّة عمرها التی کانت تعمر فیها أرض جسدها من الأخلاق الفاضلة ، والملکات الکاملة والعلوم والأعمال الصالحة الحاصلة کمال فعلی لما صار لها جمیع ما کان بالقوّة بالفعل .

فینشئ الله تعالى من ذلک بالقوّة العملیة الذاتیة للنفس ما إذا فکّ عن خزانة الدنیا ، وقبض الله إلیه أنوار أسمائه التی هی حقائق خزائن النعم والآلاء الإلهیة ، وأسرار خزائن خزائنه المذکورة قبضا یسیرا ، فتقلَّصت أنوار التجلَّیات إلى الحضرات .

والأرواح الجزئیة المدبّرة إلى کلَّیات أرواح السماوات ، والتحق کلّ فرع فی هذه النشأة إلى أصله الذی منه انبعث ، ولم یبق فیها مخزونات نعم الأسرار والأنوار ، وأرزاق الأحکام والآثار لاختلال القابل ، وزوال المظهر الزائل کما ذکرنا صورة أخراویة روحانیة ملائمة للنفس الناطقة فی جمیع أفاعیلها وخصائصها بحسبها من مادّة روحانیة حاصلة للنفس من تلک الأخلاق والأعمال والقوى والملکات الصالحة .

فتظهر بحقائقها وخصائصها وآثارها فی تلک الصورة ظهورا یقتضی الدوام إلى الأبد غیر مقیّدة بأجل معیّن وأمد معین واحد لأنّ مادّتها روحانیة وحدانیة نوریة ، بخلاف هذه النشأة العنصریة الثقیلة المظلمة الحاصلة للنفس من عناصر مختلفة متباینة متضادّة تقتضی لحقائقها الانفکاک لولا جمع أحدیة الجمع  النفسی النفسی لها بحیاته الروحیة النوریة الباقیة .

فاقتضت تلک النشأة الروحانیة البقاء والدوام لرسوخ حقائقها وأصولها الروحانیة فی جوهر الروح أعنی الأخلاق والنعوت والصفات والعلوم ودوام التجلَّی النفسی الإلهی فیها فإذا انتقل الأمر إلى الآخرة ، وظهرت النفوس والأرواح الإنسانیة فی صورها الروحانیة البرزخیة والمثالیة والحشریة ، وغلبت الروحیة على الصوریة ، والنوریة على الظلمة ، واختزن الحق الأسرار والأنوار والحقائق فی تلک الصور الأخراویة ، " وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ ".

کان الإنسان بأحدیة جمعه ختما على تلک النشأة الأخراویة إلى الأبد ، فافهم .

قال رضی الله عنه : ( فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة ) .

یعنی رضی الله عنه على الوجه الأفضل الأکمل ، فإنّ ظهور الحقائق الأسمائیة فی الصور الکلیّة الأحدیة الجمعیة الکمالیة ظهور جمعی أحدی کمالی ، بخلاف ظهورها فی الصور التفصیلیة الفرقانیة فإنّ ظهورها فیها متفرّق تفصیلیّ .

بمعنى أنّ ظهور الحقائق الأسمائیة الإلهیة فی کل کامل کامل جمعی أحدی کلی بحسب المظهر الأجمع الأکمل ، وظهورها فی کل جزء من العالم جزئی بحسبه کذلک.

وقد لا یظهر فی أکثر أجزاء العالم أکثر الأسماء فضلا عن أن تظهر تماما بکمالها ، وذلک فی أسماء مخصوصة بالإنسان ، وظهورها فی الإنسان تماما على الوجه الأکمل .

قال رضی الله عنه : ( فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود ، وبه قامت الحجّة لله تعالى على الملائکة ) .

یعنی رضی الله عنه : فی قوله تعالى : " أَلَمْ أَقُلْ لَکُمْ إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " .

قال رضی الله عنه : ( فتحفّظ بما وعظک الله بغیرک ، وانظر من أین أتی على من أتی علیه ) .

یرید إتیان المعاتبة وتوجّه المطالبة من قبل الحقّ على الملائکة فی اعتراضهم على الحق وجرحهم لآدم وتزکیتهم أنفسهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟

فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

( ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما ابدیا سرمدیا ) أی زال لأن النشأة العنصریة الدنیویة لا تحتمل دوام الحفظ .

فلم یبق فیها ما اختزنه من العلوم والمعارف الکلیة والجزئیة والأخلاق الإلهیة .

وفارقتها نشأته الروحانیة أی فطرته الأولى بخراب دنیاه أی نشأته الصوریة والتحق الجزء الروحانی بالروحانیات فی الحضرات أی البرازخ العلویة وما فوقها والجسمانی کل جزء بکله من الجسمانیات .

وانتقل العمارة إلى الآخرة أی العوالم الروحانیة أو النشأة الثانیة فی القیامة .

قوله ( فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة ، فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة فتحفظ ، فقد وعظک الله بغیرک وانظر من أین أتى على من أتى علیه ) أی حج من حج وبکت من بکت ظاهر وأصل أتى علیه أی أهلکه ، ویستعمل فی کل مکروه .


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قوله رضی الله عنه :  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

قوله: (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم تبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها، والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة، فکانختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا) تعلیل واستشهاد لقوله: (فلا یزال العالم محفوظا ما دام فیه هذا الإنسان الکامل).

(ألا تراه) أی، ألا ترى الإنسان الکامل. (إذا زال وفک) أی، فارق وانتقل من الدنیا إلى الآخرة ولم یبق فی الأفراد الإنسانی من یکون متصفا بکماله لیقوم مقامه، ینتقل معه الخزائن الإلهیة إلى الآخرة، إذ الکمالات کلها ما کانت قائمة مجموعة ومنحصرة محفوظة إلا به، فلما انتقل، انتقلت معه ولم یبق فی خزانة الدنیا ما اختزنه الحق فیها من الکمالات.

فان قلت: الکامل ختم حافظ للخزائن، ولا یلزم من انتقال الختم الحافظ انتقال الخزائن، فکیف قال: (ولم یبق فیها ما اختزنه الحق)؟

قلت: الکامل ختم للخزائن وحافظ لوجودها، إذ الأسرار الإلهیة مفصلة فی العالم ومجموعة فی الکامل، کما قال الشاعر:

کل الجمال غدا لوجهک مجملا  ... لکنه فی العالمین مفصلا

ولا یتجلى الحق على العالم الدنیوی إلا بواسطته، کما مر، فعند انتقاله ینقطع عنه الإمداد الموجب لبقاء وجوده وکمالاته، فینتقل الدنیا عند انتقاله ویخرج ما کان فیها من المعانی والکمالات إلى الآخرة.

قال، رضى الله عنه، فی التسمیة الإلهی بالاسم الربانی: (ألا ترى الدنیا باقیة ما دام هذا الشخص الإنسان فیها) والکائنات یتکون والمسخرات تتسخر، فإذا انتقل إلى الدار الآخرة، مارت

هذه السماء مورا وسارت الجبال سیرا ودکت الأرض دکا، وانتشرت الکواکب وکورت الشمس وذهبت الدنیا وقامت العمارة فی الدار الآخرة بنقل الخلیفة إلیها.

قوله: (والتحق بعضه ببعض) أی، التحق بعض ما اختزنه الحق فی الدنیا ببعض ما اختزنه فی الآخرة.

وذلک لأن کل ما هو موجود فی الظاهر من الحقائق والمعانی موجودة فی عالم الباطن الذی بظهوره یحصل الآخرة على صورة یقتضیهاعالمها، وهو أصل بالنسبة إلى ما فی الظاهر.

فإذا انتقل هذا البعض منها، التحق ببعضه الذی هو أصله فی الآخرة، وانتقل الأمر الإلهی إلیها.

(فکان ختما) أی، هذا الکامل کان ختما حافظا على خزانة الآخرة ختما أبدیا.

وهذا معنى ما یقال: إن القرآن یرفع إلى السماء، لأنه خلق الکامل، کما قالت عائشة: (وکان خلقه القرآن).

بل هو القرآن والکتاب المبین الإلهی. کما قال، رضى الله عنه:

أنا القرآن والسبع المثانی  ..... وروح الروح لا روح الأوانی

فؤادی عند مشهودى مقیم  ..... یشاهده وعندکم لسانی

قال أمیر المؤمنین على، کرم الله وجهه:

وأنت الکتاب المبین الذی  .... بأحرفه یظهر المضمر

وجاء فی الخبر أیضا: "أن الحق تعالى ینزع العلم بانتزاع العلماء حتى لم یبقعلى وجه الأرض من یعلم مسألة علمیة ومن یقول: الله الله، ثم علیهم تقوم القیامة" وکون الکامل ختما على خزانة الآخرة، دلیل على أن التجلیات الإلهیة لأهل الآخرة.

إنما هی بواسطة الکامل کما فی الدنیا، والمعانی المفصلة لأهلها متفرعة عن مرتبته ومقام جمعه أبدا، کما تفرع منها أزلا، فما للکامل من الکمالات فی الآخرة لا یقال بما له من الکمالات فی الدنیا، إذ لا قیاس لنعم الآخرة بنعم الدنیا.

وقد جاء فی الخبر الصحیح: "إن الرحمة مأة جزء. جزء منهالأهل الدنیا، وتسعة وتسعون لأهل الآخرة"  ومن یتحقق بهذا المقام ویمعن النظر فیه، یظهر له عظمة الإنسان الکامل وقدره.

قوله: (فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة، فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة) أی، لما استخلف الإنسان وجعله ختما على خزائن الدنیا والآخرة، ظهر جمیع مافی الصورة الإلهیة من الأسماء فی النشأة الإنسانیة الجامعة بین النشأة العنصریة والروحانیة، أی صارت جمیع هذه الکمالات فیها بالفعل.

وقد صرح شیخنا، رضى الله عنه، فی کتاب المفتاح: "إن من علامات الکامل أن یقدر على الإحیاء والإماتة وأمثالهما" . وإطلاق (الصورة) على الله مجاز، إذ لا یستعمل فی الحقیقة إلا فی المحسوسات وفی المعقولات مجازا.

هذا باعتبار أهل الظاهر. وأما عند المحقق فحقیقة، لأن العالم بأسره صورة الحضرة الإلهیة تفصیلا، والإنسان الکامل صورته جمعا.

قال النبی، صلى الله علیه وآله: "إن الله خلق آدم على صورته".

فالنشأة الإنسانیة حازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، أی بالوجود العینی، وذلک لأنه حاز بجسمه رتبة الأجسام وبروحه رتبة الأرواح، وبه، أی بهذا الجمع، قامت الحجة على الملائکة لإحاطتهبما لم یحیطوا به.

قوله: (فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، وانظر من أین أتى على من أتىعلیه) تنبیه للسالک بالتأدب بین یدی الله تعالى وخلفائه والمشایخ والعلماء والمؤمنین، لئلا یظهر بالأنانیة وإظهار العلم والکمال عندهم، لأنه یسلک للفناء.

وذلک لا یحصل إلا برؤیة ما لغیره من الکمال وعدم رؤیة ما لنفسه لابالعکس. وفیه أقول:

تعلم من العینین إن کنت عاقلا    .... شهود جمال الغیر عند التواصل

ولا تک کالطاووس یعشق نفسه   .... ویبقى ملوما عند کل الکوامل

أی، وعظک الله بزجره للملائکة بقوله: (إنی أعلم مالا تعلمون). 

و(أتى) مبنى للمفعول. یقال: أتاه وأتى به وأتى علیه. وإنما جاء هنا ب (على) لأنه فی معرض التوبیخ والزجر، کأنه قال: وانظر من أین هلک من هلک.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

ثم استدل على أن حفظ العالم بسببه بقوله: (ألا تراه) أی: الإنسان الکامل (إذا زال) عن عالم الدنیا (وفک) ختمه (من خزانة الدنیا، لم یبق فیها ما اختزنه الحق تعالی فیها)؛ التجاسر الأسماء القهریة ومظاهرها على فتحها (وإخراج ما فیها) إلى العدم، أو إلى البرزخ، أو الأخرة .

(والتحق بعضه ببعضه) فی الخروج فانشقت السماء، وطمست الکواکب، وسجرت البحار، وبست الجبال، ودکت الأرض، وصعقت، الحیوانات، (وانتقل الأمر) أی: أمر التجلی الإلهی على سبیل الجمعیة والتفرقة جمیعا (إلى الآخرة)؛ بسبب انتقال الإنسان الکامل إلیها، فکان الإنسان هو (ختما على خزانة الآخرة) لیحفظها (ختما أبدا) لعدم انتقاله إلى عالم وراءها.

ولما کان الإنسان محل نقش الجمعیة الإلهیة (فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة) من ظهوره (بأسمائه) فی العالم على سبیل التفرقة اجتمعت (فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت) هذه النشأة (رتبة الإحاطة) بأسرار الکائنات، (والجمع) لما تفرق من الأسماء الإلهیة فی العالم (بهذا الوجود) الذی هو صورة وجود الحق والخلق جمیعا.

(وبه) أی: بکونه محیطا جامعا (قامت الحجة) أی: حجة (الحق على الملائکة) ، القائلین على نهج الاعتراض: "أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء" البقرة :30.

"وعلم آدم الأسماء لها ثم عرضهم على الملائکة" البقرة: 31.

فألزمهم الحجة بجمعیته للأسماء الإلهیة، والکونیة بالوقوف على أسرارها وخواصها بعد تحققه بها.

ثم قال لهم بعد إلزام الحجة:" إنی أعلم غیب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما کنتم تکتمون" [البقرة : 33].

وإذا کانت حجة الحق قائمة على کل من نازعه، وإن بلغ کالملائکة (فتحفظ) عن منازعته (فقد وعظک الله بغیرک) بإقامة الحجة على غیرک، وتوبیخه إیاه.

وکذا تحفظ عن مخالفته، فقد وعظک الله بما فعل بغیرک، وهو إبلیس وأتباعه، (وانظر من أین أتی) بالهلاک الکلی (على من أتی علیه)، وهو إبلیس حیث خالف أمرا من أوامرهفأحبط علیه عمل ثمانین ألف سنة لحق به بالملائکة فأخرج عن الملائکة إلى حیث صار مقدم الأشقیاء وقدوتهم.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ 

فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

قال رضی الله عنه : ( ألا تراه إذا زال وفکّ الختم من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحقّ فیها ) من المعانی الوضعیّة والأحکام الشرعیّة الأصلیّة منها والفرعیّة ( وخرج ) - أی طلع وظهر ( ما کان فیها ) مقصودا من اللطائف المکمونة فیها والنفائس المخزونة تحتها ( والتحق بعضه ببعضه) الذی استخرجه المأذونون .

فإنّهم منذ ما وصل أفنان شجرة الوقت إلى بلوغ أوان ثمرتها على طبق ما وعد به العبارات المعربة للخاتم العربی صلَّى الله علیه وسلَّم .

لذلک الوقت قد أخذوا فی إظهار شیء من لطائف تلک الخزانة وفتح أقفال مرموزاتها التی على أبواب دلالاتها المغلقة على حصون قلاع العقائد التقلیدیّة والرسوم العادیّة بحسب احتمال مزاج الزمان وقوّة هضمه لذلک الغذاء القوی ، متدرّجا من الأضعف إلى الأقوى .

والتحق اللاحق منه بالسابق ، إلى أن بلغ میعاد فتح قسطنطنیّة العظمى ، فإنّه حینئذ ظهر تمام المراد ، وکمل أمر الإظهار وکفی الخلائق عن الموت والفساد والتکرار والترداد .

( وانتقل الأمر إلى الآخرة ، فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیّا ) .

وذلک لما عرفت أنّ من تلک اللطائف والنفائس ما کانت صورته فی صدد الزوال والانتقال ، ومنها ما کانت معنویّة غیر قابلة له ، والإنسان بطرفیه وما له من الکمالین هو الختم على الخزانتین ، وفیه إشارة إلى الختمین فلا تغفل .

ثمّ إنّه بعد تحقیق معنى آدم واستخراج ما فی أسامیه من الحقائق والأحکام المتطابقة بین الاسم والمسمّى ، أراد أن ینساق کلامه هذا إلى ما یتبیّن به ما هو بصدد تحقیقه ممّا ادعاه فی صدر الکلام ، من « أنّ الملائکة من بعض جزئیّات قوى هذه الصورة الآدمیّة ، وأنّها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل منها » لئلا تعتری لطائف تحقیقاته عن ملابس الانتظام قائلا : ( فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیّة من الأسماء ) وهو عطف على قوله :

" فتمّ"  أی إذا تقرّر أنّه بوجوده تمّ دائرة خاتم العالم ، وبنقوش حقیقته انختم خزائن صور المعانی دنیا وآخرة ، یکون جمیع الأسماء ظاهرة بالضرورة (فی هذه النشأة الإنسانیّة فحازت) الصورة الإلهیّة ( رتبة الإحاطة ) بالحدوث والقدم.

( والجمع ) بین التفرقة والجمع ( بهذا الوجود ) الکونی ( وبه ) أی بهذا الوجود الکونی ، وترتیب مقدّمات نشأته الواقعة على صورة الشکل الأوّل البیّن المنتج لسائر المتقابلات والنقائض.

( قامت الحجة لله تعالى على الملائکة) فیما ادّعوا من استحقاقهم الخلافة وعدم استیهال آدم لها.

ثمّ بعد تحقیقه هذا أخذ فی موعظة منه للطالبین من العاکفین على ما أعطاهم أفهامهم وأحوالهم من العلوم والمعارف ، موروثة کانت من أعمالهم أو مکتسبة لأفکارهم وأنظارهم ، تنبیها على أنّه ما من رتبة فی العلم باللَّه إلَّا فوقها مراتب ، وتشویقا لهم بأنّه ما من منقبة یتوقّف عندها أهل العلم ویفتخر بها ، مطمئنّا لدیها ، إلَّا وفوقها مناقب .

بقوله : ( فتحفّظ ، فقد وعظک الله بغیرک ، وانظر من أین اتی على من اتی ) على صیغة المجهول ، إنما یستعمل فی المکاره .


شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟ . فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه. )

قوله : "ألا تراه إذا زال و فک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اخترنه الحق تعالى فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعضه،وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدا."

وکان کالختم علیها لئلا یفتحها تسلط تلک التفرقة والمباینة علیها واقتضى التجلی التقلص والانسلاخ عنها (ألا تراه)، أی الإنسان الکامل (إذا زال) بأن یرتحل خاتم الولایة المطلقة .

فلا یظهر بعده إنسان کامل (وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق سبحانه) من الحقائق المظهریة والأسماء الإلهیة الظاهرة بها (وخرج ما کان فیها) من الحقائق المظهریة والأسماء الإلهیة.

(والتحق بعضه)، أی التحق فی النشأة الدنیا بعض ما اختزنه الذی له مرتبة الفرعیة والجزئیة (بعض) آخر له مرتبة الأصلیة الکلیة.

أی الفروع بأصولها والجزئیات بکلیاتها کالتحاق الموالید بالعناصر.

أو التحق بعض الفروع ببعض آخر لرجوعهما إلى الأصل الجامع لهما.

أو التحق فی النشاءة الآخرة بعض ببعض لمناسبة بینهما إما فی درجات الجنان أو درکات النیران.

أو التحق بعض ما اختزنه الحق فی الدنیا ببعض ما اختزنه فی الآخرة بانتقاله من الصورة الدنیویة إلى الصورة الأخرویة.

فکأن الصورة الدنیویة التحقت بالصورة الأخرویة واندر جت فیها

(وانتقل الأمر)، أی أمر الظهور والإظهار من النشأة الدنیا العنصریة الکثیفة الزائلة (إلى) النشأة (الآخرة) النوریة اللطیفة البافیة واختزن الحق الأسماء ومظاهرها فی خزانة الآخرة.

(وکان ذلک الإنسان الکامل (ختمة على خزانة الآخرة ختمة أبدیة) کما کان ختمة على خزانة الدنیا ختمة مفکوکا عنها، ولما استخلف الحق سبحانه الإنسان الکامل ومن شرط الخلیفة أن یکون على صورة المستخلف.

قوله : "فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة الله تعالى على الملائکة ."

فرع: رضی الله عنه قوله : ( فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة) یعنی أحدیة جمع الأسماء الإلهیة وصورة اجتماعها (من الأسماء) بیان لما فی الصورة فی هذه النشأة الإنسانیة الجامعة بین النشأة الروحانیة والعنصریة التی هی أحدیة جمع مظهریات تلک الأسماء (فحازت)، أی جمعت هذه النشأة (رتبة الإحاطة) بجمیع الأسماء (والجمع)، أی ورتبة جمعیة مظاهرها.

(بهذا الوجود)، أی الوجود العینی العنصری (وبه)، أی بکونه حائز رتبة الإحاطة والجمع

(قامت الحجة)، أی حجة الحق سبحانه فی ادعاء استحقاقه الخلافة.

حیث قال: "إنی جاعل فی الأرض خلیفة" (على الملائکة) القادحین فی ذلک الاستحقاق.

بقوله : "أتجعل فیها من یفسڈ فیها ویسفک الدماء"آیة 30 سورة البقرة .

قوله : "فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، وانظر من أین أبی على من أتی علیه ."

(فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک) یعنی الملائکة (وانظر من این انی على من أتی علیه) مبنی للمفعول .

یقال : أتاه وأتى به وأتى علیه ولا یستعمل مبنیا للمفعول إلا فی المکاره یرید رضی الله عنه إتیان المعاتبة وتوجه المطالبة من قبل الحق سبحانه على الملائکة فی اعتراضهم على الحق وجرحهم لأدم وتزکیتهم أنفسهم .

ثم اعلم أن ههنا أمور ثلاثة :

أحدها: نشأة هذا الخلیفة.

وثانیها: حضرة الحق الذی أراد أن یجعله خلیفة .

وثالثها: نشأة الملائکة الذین شاورهم فی هذا الجعل.

والوقوف مع کل واحد من هذه الأمور والعمل بما یقتضیه منع من الاعتراض على جعله خلیفة .

فأراد الشیخ رضی الله عنه أن ینبه على أن منشأ اعتراض الملائکة المفضی إلى هذه المعاتبة والمطالبة هو عدم وقوفهم من هذه الأمور والعمل بمقتضاه.


الفقرة التاسعة : الجزء الثالث

کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه : (  ألا تراه إذا زال وفک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها وخرج ما کان فیها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا؟

فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائکة. فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، سأنظر من أین أتی على من أتی علیه.

ألا تراه إذا زال و فک من خزانه الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق تعالى فیها و خرج ما کان فیها و التحق بعضه ببعضه، و انتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا).

قال المصنف رضی الله عنه : ( ألا تراه إذا زال و فک من خزانه الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق تعالى فیها و خرج ما کان فیها و التحق بعضه ببعضه، و انتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا) .


قال الشارح رضی الله عنه:

( ألا ترى إذا زال) وجود الموضوع لیس بشرط فی القضایا الشرطیات، فافهم . 

( و فک من خزانة الدنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحق فیها، و التحق بعضه ببعض و انتقل الأمر إلى الآخرة، فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیا )، فالختمیة ثابتة مزالة دائما أبدا، فافهم . 

قال رضی الله عنه فی الأجوبة من "الفتوحات ":

فأقبل ما سبب الختم، و معناه المنع و الحجز، فافهم فکان الختم أزلا فیکون أبدا . 

اعلم أنه ما ثم أمر من الأمور یفرض بین الأمرین، أو ینسب إلیه بذاته، أو غایة إلا و لا بد أن یکون له فاتحة هی مرتبة أولیته، و خاتمة هی مرتبة آخریته، و أمر ثالث یکون مرجع الحکمین إلیه بجمعهما، و یتعین بهما و هکذا الإنسان و العالم.

ورد فی الخبر عن الفاتح الخاتم صلى الله علیه و سلم أنه قال : "أعطیت فواتح الکلم و جوامعه و خواتمه" .عن أبی موسى رضی الله عنه ذکره فی "جمع الجوامع . 

فإذا تقرر هذا، فاعلم أنه سبحانه فتح خزانة غیبه، و ذاته، و هویته التی لا یعلمها سواه باسمه الجامع بین صفات الجمع، و التصرف، و الإطلاق، و التقیید، و الأولیة و الآخریة، و الظاهریة، و الباطنیة، و فتح باب معرفة ذاته و حضرة جمعه و إشهاده و تجلیه الکمالی المعتلی على سائر الأسماء و الصفات بمن أظهره آخرا، و قدّره على صورته و حباه سره و سورته، و جعله خزانة مختومة حاویة على کل الخزائن و مفتاحا و هو أصل المفاتیح الأول و ینبوع الأنوار و المصابیح لا یعرفه سوى من هو مفتاحه، و یعلم هو المفاتیح التی حوتها ذاته، و اشتملت علیها عوالمه، و نشأته و أحاطت بها مراتبه، و مقاماته ما شاربه أن یراه منها، و یکشف له عنها، فإن متعلق النفی الوارد فی قوله تعالى : "وعِنْدهُ مفاتحُ الغیْبِ لا یعْلمُها إلّا  هُو " [ الأنعام: 59] .


نفی أن یعرف مجموعها أو أن تعرف من حیث کونها مفاتیح، و أن یعرف لا بتعریفه و تعلیمه سبحانه . 

وأما کون المفاتیح لا تعلم نفسها، أو لا تعرف بعضها بعضا، أو لا تعرف بتعریف، فلا نص فیه، فافهم . 

فلکل فاتحة خاتمة، و هی عینها هو الأول، الآخر، الظاهر، الباطن جمع النقیضین و انختم الختم على العالمین، فافهم . 

سئل خاتم النبوة صلى الله علیه و سلم متى کنت نبیا؟

قال صلى الله علیه و سلم : "کنت نبیا و آدم بین الماء و الطین".  

و أشار إلى الأزل، فلو سئل خاتم الولایة المحمّدیة متى کنت ولیا خاتما؟ فکان یقول فی جوابه: کنت ولیا و آدم بین الماء و الطین: أی أزلا، و کل أزلی أبدی فیکون الختم أبدا، فافهم الإشارة .

فکل ولی و نبی کان ظهور نبوّته و ولایته مشروطا بشروط کالظهور بالبدن العنصری بخلاف خاتم النبوّة و خاتم الولایة المحمّدیة، فإنهما کانا فی الأزل نبیا و ولیا، و لم یکن آدم شیئا مذکورا. 

فکما أن الله تعالى ختم بمحمد صلى الله علیه و سلم نبوّة الشرائع.

کذلک ختم الله بالختم المحمّدی بالولایة المحمدیة

بحیث لا یحصل للمحمّدی فیض إلا من مشکاته رضی الله عنه و له أمر الولایة المحمدیة من قبل و من بعد، کما أن أمر النبوّة من قبل و من بعد سواء کان قبل الوجود العنصری، أو بعده، فلا یأخذ ولی إلا من مشکاته، کما لا یأخذ نبی إلا من مشکاته صلى الله علیه و سلم و هذه هی الأسوة الحسنة . 


قال صلى الله علیه و سلم إشارة إلى هذه الأسوة : " أما لکم فیّ أسوة". الحدیث رواه أبو قتادة رضی الله عنه . 

و الختم المحمّدی عبارة عن خاتم یکون على حرف قدم محمد صلى الله علیه و سلم، و أما المحمّدیون بعد هذا الختم یکون على قلوب الأنبیاء علیهم السلام، فلا بعده من یکون على قدمه یطأ أثره، کما لا یکون أحد على قلبه:

أی على قلب محمد صلى الله علیه و سلم أبدا، هذا معنى ختم الولایة المحمّدیة، و هو أعلم الخلق بالله، و لا یکون فی زمانه، و لا بعد زمانه أعلم بالله، و بمواقع الحکم منه، فهو و القرآن إخوان، کما أن المهدی و السیف إخوان، و کما أن لا نبی بعد محمد صلى الله علیه و سلم، کذلک لا ولی بعد هذا الختم سلام الله علیه، فإنه خاتم أولیاء الذات، و روح الکلمات التامات، و لا بد أن یرى فی کشفیه ما ینبئک عن وصفه إن سلکت هذه الطریقة، و بلغت إلى هذه الحقیقة فافهم . 


قال رضی الله عنه فی "الفتوحات" فی أصل أسئلة الترمذی:

أمّا ختم الولایة المحمّدیة فهی لرجل من العرب من أکرمها أصلا و نسبا، و هو فی زماننا الیوم موجود، عرفت به سنة خمس و تسعین و خمسمائة، و رأیت العلامة التی قد أخفاها الحق سبحانه فیه فی عیون عباده، و کشفها لی بمدینة "فاس" حتى رأیت خاتم الولایة النبوّة المطلقة لا یعلمه کثیر من الناس، و قد ابتلاه الله بأهل الإنکار علیه فیما یتحقق به من الحق تعالى فی سره من العلم به، انتهى کلامه رضی الله عنه .

و ما رأیت بتصریحه بهذا المعنى لنفسه أصلا إلا فی مواضع قلیلة منها فی بیت فی الباب الثالث و الأربعین من "الفتوحات" فإنه رضی الله عنه قال :  

أنا ختم الولایة دون شک   .....    کورث الهاشمی مع المسیح .


و فی الفتوحات الباب الخامس والستون وثلاثمائة فی معرفة منزل أسرار قال رضی الله عنه یشیر إلى مقام الخاتم :

إنما علقت نفسی مع الله أن یستعملنی فیما یرضیه ولا یستعملنی فیما یباعدنی عنه .

وأن یخصنی بمقام لا یکون لمتبع أعلى منه ولو أشرکنی فیه جمیع من فی العالم لم أتأثر لذلک فإنی عبد محض لا أطلب التفوق على عباده .

بل جعل الله فی نفسی من الفرح أنی أتمنی أن یکون العالم کله على قدم واحدة فی أعلى المراتب فخصنی الله بخاتمة أمر لم یخطر لی ببال فشکرت الله تعالى بالعجز عن شکره مع توفیتی فی الشکر حقه .

وما ذکرت ما ذکرته من حالی للفخر لا والله وإنما ذکرته لأمرین الأمر الواحد لقوله تعالى وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ وأیة نعمة أعظم من هذه والأمر الآخر لیسمع صاحب همة فتحدث فیه همة لاستعمال نفسه فیما استعملتها فینال مثل هذا فیکون معی وفی درجتی فإنه لا ضیق ولا حرج. أهـ

فإن قیل: بأی صفة استحقّ بها أن یکون خاتما للولایة المحمدیة.

قلنا: بتمام مکارم الأخلاق مع الله، إنما قلنا: مع الله لأن أغراض الخلق مختلفة، و لم یمکن تعمیم موافقة العالم بالجمیل فنظر نظر الحکیم، فلم یجد صاحبا مثل الحق، و لا صحبة أحسن من صحبته . 

و رأى أن السعادة فی معاملته، فنظر إلیه فرأى أنه شرع أحکاما، و حدّ حدودا فوقف عندها، فما صرف الأخلاق إلا مع سیده، فلما کان بهذه المثابة قیل فیه ما قیل فی خاتم النبوة: "وإنّک لعلى  خُلقٍ عظِیمٍ" [ القلم: 4] .


قال رضی الله عنه فی الباب الرابع و الثلاثین و خمسمائة من "الفتوحات ":

إن هذه الآیة تلیت علینا تلاوة تنزل إلهی من أول السورة إلى قوله: "عتل بعْد ذلک زِنیمٍ" [ القلم: 13] انتهى کلامه. 

و مکارم الأخلاق معلومة عقلا، و عرفا، و التصرف فیها و بها معلوم شرعا، فمن اتصف بها على الوجه المشروع . 

و زاد تتمیم: مکارم الأخلاق، و هو إلحاق سفسافها بها، فتکون کلها مکارم الأخلاق بالتصرف المشروع و المعقول، فقد اتصف بکل ثناء إلهی، و اتصف فلا یزال محسودا، و بالعداوة مقصودا، فافهم .


قال المصنف رضی الله عنه :  ( فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجة لله تعالى على الملائکة .   فتحفظ فقد وعظک الله بغیرک، و انظر من أین أتی على من أتی علیه .) 

قال الشارح رضی الله عنه : 

( فظهر جمیع ما فی الصورة الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة) هذا هو التخلق بجمیع الأسماء، و هو أحسن تقویم . 

و قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء کُلّها " [ البقرة: 31] و لم یقل بعضها . 

و قال صلى الله علیه وسلم : "إن الله خلق آدم على صورته" رواه الشیخان البخاری، و مسلم . 

و فی روایة :  "صورة على صورة الرحمن".

( فجازت رتبة الإحاطة و الجمع )، فجمع بین الصورة الحقیة، و صورة العالم و کان برزخا بین الحق،   و الخلق مرآة منصوبة یرى الحق فیها، و یرى الخلق فیها، فمن حصّل هذه المرتبة، حصّل رتبة الکمال الذی لا أکمل منه فی الإمکان . 

کما قال الإمام الغزالی رحمه الله: ما فی الإمکان أبدع ما کان، و معنى رؤیة الحق: فیها إطلاق جمیع الأسماء الإلهیة علیه، کما جاء فی الخبر: "فبهم تنصرون والله الناصر، وبهم ترزقون و الله الرزاق، و بهم ترحمون و الله الرحمن الرحیم".

و قد ورد فی القرآن: " بالمُؤْمِنین رؤُفٌ رحِیمٌ " [ التوبة: 128] . 

"و ما أرسلناک إلّا رحْمةً للْعالمِین" [ الأنبیاء: 107]: أی لنرحمهم بک لأنه اسم الله الأعظم، فافهم. 

( بهذا الوجود) لأن صاحب هذا الوجود لا یرى فی الوجود إلا الله، و یرى أحکام أعیان الممکنات فی عین وجوده، و هذا هو النظر التام الذی لا ینال بالنظر و لکن ینال بالشهود، و هو قوله صلى الله علیه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه، فمن عرف أنه لم تزل عینه فی إمکانه عرف ربه بأنه الموجود و الوجود".

و به (قامت الحجة لله على الملائکة ): أی بهذا الجمع و الوجود و هو حجة الله على الملائکة . 

قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء  کُلّها" [ البقرة: 31] .

یعنی: الأسماء التی هی مبادئ لإیجاد العالم، و مؤثرات فی حقائق الأکوان، و من جملتها الأسماء الإلهیة التی توجّهت على إیجاد الملائکة و هی لا تعرفها، ثم أقام المسمّیین بهذه الأسماء، و هم مظاهر التجلیات الإلهیة التی هی الأسماء کالمواد الصوریة للأرواح . 


فقال: "أنبئونی بأسْماءِ هؤُلاءِ إنْ کُنْتمْ صادِقین "[ البقرة: 31]،

یعنی: الصور التی تجلى فیها الحق إن کنتم صادقین فی قولکم "نسبِّحُ بحمْدِک "[ البقرة: 31]،  :

کأنه قال لهم: و هل سبحتمونی بهذه الأسماء التی تقتضیها هذه التجلیات التی أتجلّاها لعبادی؟

و إن کنتم صادقین فی قولکم : و نقدّس ذواتنا عن الجهل بک، فهل قدّستم ذواتکم لنا من جهلکم بهذه التجلیات و ما لها من الأسماء التی ینبغی أن تسبحونی بها؟ . 

فقامت علیهم الحجة فی ادّعائهم الإلهیة، فقالت بعد العلم: "لا عِلْم لنا إلّا ما علّمْتنا" [ البقرة: 32]، و اعترفت بالکمال الذی غاب عنها هذا . 

وقد قال تعالى لها: إنه خلیفة، فکیف بها لو لم یقل لها ذلک، فلم یکن ذلک إلا لبطونه على الملائکة. 

( فتحفظ، فقد وعظک الله بغیرک) من أکبر العنایة أن یعظک بغیرک، أن السعید من وعظ بغیره و ذلک لرتبة المحبوبیة و  کمال السعادة . 

( و انظر من أین أتى على من أتی علیه) مبنی للمفعول، یقال: أتاه، و أتى به و أتی علیه، و هی لا تستعمل مجهولا إلا فی المکاره . 


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص22

ألا تراه إذا زال و فکّ من خزانة الدّنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحقّ فیها و خرج ما کان فیها و التحق بعضه ببعض، و انتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیّا.
نمى‏بینى هنگامى که انسان کامل از دنیا منتقل شد و کسى نباشد که به کمال او متصف باشد و قائم مقام او بود، خزاین الهیه با او به آخرت منتقل مى‌شود.
زیرا جمیع کمالات قائم به او و مجموع و منحصر و محفوظ به او بود، چون او رفت چیزى در خزانه دنیا نمى‌ماند تا حق آن را در خزینه نهد.
خلافت الهى انسان‏
چون خزاین که اسرار الهیه است و به طور تفصیل در عالم وجود دارد، به طور جمع در انسان کامل مطوىّ است. پس خزاین، وجودات اسما الهیه است که انسان کامل حائز آنهاست و به این معنى حافظ و خزانه‌دار آنهاست و چون علم چشم جان است تا جهان نشد انسان نمى‌شود.
و از عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ کُلَّها (بقره: 31) استفاده مى‌شود که حقایق وجودیه اسما که همان اسرار الهیه‌اند. در کون و سرشت و حقیقت وجودیه ذات جامعه انسان کامل جمع است. چون او سفر کند یک قافله کمال با اوست.
نسفى در مقصد اقصى درباره آیه خلافت چه خوب گفته است:
خداى تعالى در جواب ملائکه نفرمود: که آدمیان اینها نکنند که شما مى‌گویید. در جواب ایشان فرمود: إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ. من در آدمیان چیزى مى‌دانم که شما نمى‌دانید و آن چیز آن است یعنى اگر چه آدمیان اینها کنند که شما گفتید اما هم از آدمیان باشند که به نور اللّه رسند و مرا بشناسند که مقصود از آفرینش موجودات آدمیان بودند و مقصود از آدمیان آن بود تا من شناخته شوم. داوود پیامبر (ع) سؤال کرد و گفت: «إلهی لما ذا خلقت الخلق» «قال کنت کنزا مخفیا فأحببت أن اعرف» پس کار سالکان آن است که در سعى و کوشش باشند تا در صحبت دانا به نور اللّه رسند و خداى را بشناسند. (مقصد اقصى)
مفاد این آیه چون آیه وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِیمَ رَبُّهُ (بقره: 124) است که خداى متعال فرمود لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ (بقره: 124) که فرمود من امامت را از ذرّیه تو برمى‌دارم، بلکه فرمود عهد من که امامت است ظالمین را نمى‌رسد. یعنى ذرّیه ظالم تو امام نمى‌شوند. و امامت مختص به ذرّیه غیر ظالم است و پیغمبر و آلش از ذرّیه اویند.
امّا گفتار شیخ: این است که این ملائکه (که مورد خطاب واقع شدند) با اینکه لفظ جمع محلّى به ال است جمیع ملائکه را شامل نیست زیرا عالین از جهت فنایشان در ذات حق که از هیچ چیز خبر ندارند و عالین‌اند، خطاب امر و نهى به ایشان تعلق نمى‌گیرد. چنانکه از کریمه أَسْتَکْبَرْتَ أَمْ کُنْتَ مِنَ الْعالِینَ (ص: 75) استفاده مى‌شود.
این ملائکه قواى ما دون عوالم جبروت‌اند که تعلق به نشئه عنصرى دارند چنانکه فی الأرض نیز اشعار و اشاره به این نکته است.
دیگر اینکه اینان نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَ نُقَدِّسُ لَکَ دارند یعنى از خود آگاهند و خودشان را دیدند و عالین از خود بى‌خبرند. دیگر آن که، عالین را زبان ایراد و اعتراض نیست و اینان گفتند أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِکُ الدِّماءَ (بقره: 130) که زبان اعتراض است با اینکه فساد و سفک دماء از مشاجره و نقار و اعتراض پیش مى‌آید و اگر آن صحیح نیست اشکال بر این ملائکه هم وارد است که همچون آدمیان اعتراض دارند و از این رو که اعتراض دارند ملائکه مهیّمین و عالین نیستند بلکه چون آدمیان ارضى‌اند یعنى قواى نشئه عنصرى‌اند.
فظهر جمیع ما فی الصور الإلهیة من الأسماء فی هذه النشأة الإنسانیة فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجة للَّه تعالى على الملائکة. فتحفّظ فقد وعظک اللّه بغیرک، سأنظر من این اتی على من اتی علیه.
 پس جمیع اسمائى که در صورت الهیه هست در این نشئه انسانیه ظاهر شد و این نشئه را رتبه احاطه و جمع به این وجود عینى عنصرى حائز آمد و بدین سبب حجت بر ملائکه قائم شد. پس در پیشگاه حق تعالى با أدب باش و خویشتن را به پاى که خداى متعال تو را به دیگرى (یعنى ملائکه) اندرز فرمود و بنگر تأدیب و تنبیه از کجا بر ملائکه وارد شد. (که در جواب إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ شنیدند قیصرى گوید:
تعلّم من العینین ان کنت عاقلا             شهود جمال الغیر عند التّواصل‏
 گر عاقلى از دو چشم یاد گیر که در وقت رسیدن به مقصود جمال دیگرى را مشاهده کنى.
و لا تک کالطّاوس یعشق نفسه             و یبقى ملوما عند کلّ الکوامل‏
 مثل طاوس نباش که عاشق خودش است و نزد هر کامل سرزنش مى‌شود

نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 84-88

و شیخ- قدّس سرّه- بطریق استشهاد فرمود که:

أ لا تراه إذا زال، و فکّ من خزانة الدّنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحقّ فیها و خرج ما کان فیها و التحقق بعضه ببعض، و انتقل الأمر الى الآخرة، فکان ختما على خزانة الآخرة ختما ابدیّا.

ضمیر [در ا لا تراه‏] عاید انسان کامل است. و ضمیر [در فیها- اوّل‏] راجع به خزانة الدّنیا. و ضمیر [در فیها- دوم‏] راجع هم به وى است. و [در فیهاى سوم‏] راجع به افراد انسان. و ضمیر [در بعضه‏] راجع به ما [در ما اختزنه الحق‏] و اسم کان ضمیرى است راجع به انسان کامل.

معنى سخن‏ آن است که گفته است: بر این تقدیر که گفتیم که: مادام که انسان کامل در دنیا بود، عالم محفوظ و خزاین الهى مضبوط باشد، این دلیل داریم که: نمى‏بینى که چون انسان کامل از این [عالم‏] منتقل شود به آن عالم، و از دنیا مفارقت کند، و مقیم دار آخرت گردد، در افراد انسانى کسى نمى‏ماند که متّصف به کمالات الهیّه شود؛ تا قائم مقام او گردد؛ و حق- تعالى- او را خزینه ‏دار خزاین خود سازد؛ و هر چه خزاین دنیا باشد- از کمالات و معانى- با آن کامل از خزینه بیرون برد؛ و این بعضى دنیاوى، لاحق گردد به آنچه در خزاین اخروى است. و کار خزانه دارى و خلافت به آخرت افتد. این انسان کامل، همچنان‏که در دنیا ختم خزاین دنیوى بود، در آخرت ختم خزائن اخروى گردد؛ ختمى ابدى دایمى.

و اگر گوینده‌‏اى گوید که: چون انسان کامل ختم او حافظ خزاین بود، چرا باید که از انتقال او، انتقال خزاین لازم آید؟؟

گوییم‏: همچنان‏که انسان کامل، ختم خزاین اسرار الهى این عالمى بود، که در او مفصّل است، ختم وجود خود نیز بود، که اسرار الهى در او مجمل است؛ هرآینه چون او برود، خزانه با او برود. و اندر این معنى گفته‌‏اند:

کلّ الکمال‏ غدا لوجهک مجملا لکنّه فی العالمین مفصّل


و چون از پیش گفتیم که: حق- جلّ و علا- تجلّى لطف بر عالم دنیوى بواسطه انسان کامل مى‏کند، هرگاه انسان کامل از دنیا مفارقت کند، آن تجلّى که بسبب بقاء بود، منقطع مى‏گردد؛ و دنیا و کمالات نیز با او منتقل گردد به آخرت.

و اگر سائلى پرسد که؛ این بعض، به کدام بعض، منضم و ملتحق مى‏‌گردد؟؟

جواب گوییم‏ که: هر چه در خزائن دنیا است از اسرار الهى و حقایق و معانى، نتیجه اسم ظاهر است در عالم ظاهر؛ و هر چه در عالم ظاهر از اسم ظاهر متظاهر گردد نمودارى باشد از آنچه در عالم باطن از نتیجه اسم باطن است؛ و باطن به نسبت با ظاهر اصل است؛ و ظاهر فرع؛ پس هر چه کامل را باشد در دنیا، نمودارى است از آنچه او را خواهد بود در آخرت؛ و نعم اخروى را قیاس به نعم دنیاوى نتوان کرد؛ چنانکه در خبر معتبر است از سیّد بشر- صلعم-

«إنّ الرحمة مائة جزء، جزء منها لأهل الدّنیا، و تسعة و تسعون لأهل الآخرة»

و اگر گویند که: دلیل بر این که انسان کامل ختم خزاین آخرت و حافظ آن خواهد بود، چیست؟؟

گوییم‏: در حدیث است که:

«إنّ القرآن یرفع الى السماء»

و گفته‏اند که: قرآن را از بهر آن به آسمان برند، که قرآن خلق انسان کامل است؛ و هر جایى که او باشد، خلق او با او باشد. و دلیل بر این که «قرآن خلق انسان کامل است» آن حدیث است که: چون از عایشه- رض- پرسیدند از خلق رسول- صلعم-، او گفت که: کان خلقه القرآن. و امیر المؤمنین على علیه السّلام در این معنى فرموده است که:

و أنت الکتاب المبین الّذى‏ بأحرفه یظهر المضمر

و شیخ- قدس سرّه- در این معنى گفته است که:

أنا القرآن و السبع المثانى‏ و روح الرّوح لا روح الأوانى‏

فؤادى عند مشهودى‏ مقیم‏ یشاهده و عندکم لسانى‏

دلیل بر آنکه ختم دنیا به مفارقت انسان کامل خواهد بود، این حدیث است که: رسول- صلعم- فرمود: «إنّ الحقّ ینزع العلم بانتزاع العلماء حتّى‏ لم یبق على وجه الارض من یعلم مسألة علمیّة، و من یقول: اللّه اللّه. ثمّ علیهم یقوم القیمة.»

فظهر جمیع ما فى الصورة الالهیّة من الأسماء فى هذه النشأة الانسانیّة فحازت رتبة الاحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجّة على‏ الملائکة.

فاعل‏ «حازت» ضمیرى است راجع به‏ «النشأة الإنسانیّة». و ضمیر [در به‏] عاید به‏ «هذا الوجود». و قوله: «فظهر» تفریع است از مباحث سابقه از استخلاف انسان، و ختم گشتن او بر خزاین رحمانى.

یعنى: چون حق- عزّ شأنه- انسان را ختم و خلیفه گردانید، هر چه در صور الهى‏ بود- از اسماء و صفات با جمله کمالات- در این نشئه‏ى انسانى ظاهر شد؛ و این کمالات بالفعل در وى حاصل گشت. پس انسان باین [معنى‏] وجود عینى مرتبت‏ احاطت و منزلت جمعیّت را جامع شد.

«حازت» اى: جمعت. به این معنى که: به جسم رتبه اجسام، و به روح منزلت ارواح جمع کرد؛ و قابل هر دو گشت؛ و بسبب این جامعیّت و حصول این جمعیّت انسان را بر ملائکه حجّتى و زیادت منزلتى پیدا شد؛ از بهر آنکه او به چیزى محیط گشت، که ملائکه را قوّت آن احاطه نبود.

و اگر سائلى گوید که: اطلاق لفظ «صورة» بر «اللّه تعالى» چگونه توان کرد؟؟

جواب گوییم‏ که: بقول اهل ظاهر به مجاز؛ نه به حقیقت؛ که نزد ایشان‏ اطلاق اسم صورت به محسوسات کردن حقیقت است؛ و به معقولات مجاز؛ امّا به نزد این طایفه چون عالم، باسره مظهر صورت الهى است مفصّلا، و انسان کامل مظهر صورت الهى است مجملا، پس اطلاق آن اینجا پیش ایشان به حقیقت انسان کامل مظهر صورت الهى بود؛ و بر ما سواه به مجاز؛ و لا عندهم سوى.

گه بر آمد به کسوتِ حوّا گه نماید به صورتِ آدم‏


و رسول- صلعم- اطلاق اسم صورت هم فرموده در حدیث:

«إنّ اللّه خلق آدم على صورته»

فتحفّظ فقد وعظک اللّه بغیرک، و انظر من أین أتى على من أتى علیه.

«أُتى» که فعل مجهول است، تعدیه او به حرف «باء» کنند؛ و گویند:

«اتى به»؛ و به حرف «على» تعدیه کنند، و گویند: «اتى علیه». و در این موضع که موقع زجر و توبیخ است، به «على» اولى.

بدان، که: در این سخن تنبیه است و تأدیب سالکان راه را؛ و مراقبان آگاه را؛ تا در حضرت حقّ مؤدّب و بیدار و با اهل حقّ مهذّب و هوشیار باشند؛ و سر از دریچه «انانیّت» بیرون نکنند؛ و از احوال ملائکه عبرت گیرند که چون گفتند: «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها»(س 2- 30)  سزاى تأدیب گشتند؛ و گوشمال‏ «إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ»(س 2- 30) یافتند. که آنچه به ایشان رسید، از گذر «انانیّت» رسید. تو پندپذیر؛ و غرور در سر مگیر؛ که گفته‏‌اند:

تعلّم من العینین إن کنت عاقلا شهود جمال الغیر عند التّواصل‏

و لا تک کالطّاوس یعشق نفسه‏ فیبقى‏ملوما عند کلّ الکوامل‏

از مردمک دیده بباید آموخت‏ دیدن همه را و خویشتن نادیدن

[همچو طاوس پاىِ خود مى‏بین‏ هان و هان تا حدیث پُر نکنى‏]


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 115-121

أ لا تراه إذا زال و فکّ من خزانة الدّنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحقّ تعالى فیها و خرج ما کان فیها و التحق بعضه ببعضه، و انتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیّا.

تعلیل و استشهاد است مر آن قول را که عالم محفوظ است مادام که انسان کامل در اوست. نه مى‏بینى که چون زائل گردد و مفارقت کند از خزانه دنیا و انتقال کند به آخرت و در افراد انسانیّه کسى نماند که متّصف باشد به کمال او، و قائم مقام تواند بودن، منتقل شود با او خزائن الهىّ به سوى آخرت، چه مجموع کمالات دایم و محفوظ نبود مگر به وجود او. چون او منتقل شود در خزانه دنیا نماند آنچه از کمالات حق تعالى در خزانه عالم نهاده بود، چه حافظ وجود خزائن او بود؛ و تجلّى حق که موجب بقاست بر عالم دنیوى جز به واسطه او نبود. لاجرم بانتقال او منقطع شود از عالم امدادى که موجب بقاى وجود و کمالات اوست. پس منتقل شود دنیا در حالت انتقال او و بیرون آید آنچه در خزانه دنیا بود از کمالات و معانى. پس سما را انفطار و کواکب را انتثار و ارض را اندکاک و جبال را تسییر و شمس را تکویر طارى شود، و دنیا زوال پذیرد، و دار آخرت به نقل خلیفه سوى او زیب و زیور عمارت گیرد؛ و آنچه در ظاهر موجود بود از معانى و حقایق به اصل خود که در باطن است ملتحق شود، و امر الهىّ به سوى آخرت منتقل شود؛ و این کامل ختم و حافظ گردد بر خزانه آخرت ختمى ابدى.

و این است معنى آنچه گفته مى‏‌شود: قرآن برداشته خواهد شد به آسمان از آنکه خلق کامل است چنانکه عایشه رضى اللّه عنها گفت:

«و کان خلقه القرآن و الکتاب المبین الالهى»

قال رحمه اللّه: شعر

أنا القرآن و السّبع المثانى‏ و روح الرّوح لا روح الأوانى‏

فؤادى عند مشهودى مقیم‏ یشاهده و عندکم لسانى‏


و قال أمیر المؤمنین کرّم اللّه وجهه:

و أنت الکتاب المبین الّذى‏ باحرفه یظهر المضمر


و در خبر آمده است‏ که حق سبحانه و تعالى علم را از عالم برمى‏‌دارد به انتزاع علما؛ تا چون در روى زمین عالمى نماند که مسأله علمى داند و درویشى نماند که اللّه اللّه گوید قیامت بر آن قوم قائم گردد.

و ختم بودن کامل بر خزانه آخرت دلیل است بر آنکه تجلّیات الهیّه مر اهل آخرت را به واسطه کامل است چنانکه در دنیا، و کمالاتى که به واسطه کامل در نشئت اخراویه بر حقایق موجودات فایض گردد نسبت به کمالات دنیاویّه ندارد و قد جاء فى الحدیث الصّحیح:

«إنّ الرّحمة مائة جزء جزء منها لأهل الدّنیا و تسعة و تسعون لأهل الآخرة»

هرکه امعان نظر درین مقام کند هرآینه عظمت «انسان کامل» و جلالت قدر او بر وى پوشیده نماند بیت:

جوهر است انسان و چرخ او را عرض‏ جمله فرع و پایه‏اند و او غرض‏

ظاهرش را پشه‏اى آرد به چرخ‏         باطنش باشد وراى هفت چرخ‏

بحر علمى در نمى پنهان شده‏         در سه گز تن عالمى پنهان شده‏

نائب حق است و نائب با منوب‏         گر دو پندارى قبیح آید نه خوب‏


فظهر جمیع ما فى الصّورة الإلهیّة من الأسماء فی هذه النشاة الإنسانیّة فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجّة للّه تعالى على الملائکة.

یعنى چون از انسان خلیفه پرداخت و او را بر خزانه دنیا و آخرت خاتم ساخت، همه آنچه در صورت الهیّه بود از اسماء ظاهر شد در نشأت انسانیّه که جامع است در میان نشأت عنصریّه و روحانیّه؛ و جمیع کمالات بالفعل در او به ظهور پیوست.

و شیخ صدر الدین قونوى، قدس سره، در مفتاح الغیوب، آورده است: از علامات کمال آن است که قادر باشد بر احیاء و اماتت‏.

و اطلاق صورت بر بارى تعالى مجازى است‏ (مجاز است- خ) چه استعمال او بر وجه حقیقت در محسوسات است. پس در معقولات مجاز باشد نزد اهل ظاهر. امّا بعضى محققان حقیقت دانند و گویند جمیع عالم صورت حضرت الهیّه است تفصیلا و انسان کامل صورت اوست جمعا: بیت:

هر نقش که بر تخته هستى پیداست‏ آن صورت آن کس است کان نقش آراست‏

دریاى کهن چو بر زند موجى نو         موجش خوانند و در حقیقت دریاست‏


و حضرت مولوى قدس سره از لسان حقیقت مى‏‌فرماید. بیت:

به هر طرف نگرى صورت مرا بینى‏ اگر به خود نگرى ما سواى آن شر و شو

ز احولى بگریز و دو چشم نیکو کن‏ که چشم بد بود امروز از جمالم دور

بصورت بشرم هان و هان غلط نکنى‏ که روح سخت لطیف است و عشق سخت غیور


لا جرم نشأت انسانیة رتبه احاطت و جمع را به وجود عینى دریافت، چه از روى جسم جامع رتبه اجسام است و از طریق روح حائز رتبه ارواح. و بدین جمعى که او راست حجّت حق بر ملائکه قائم شد لاحاطته بما لم یحیطوا به و حضرت خواجه علیه السلام بدین صورت جمعى اشارت کرد آنجا که گفت:

«إنّ اللّه تعالى خلق آدم على صورته»

آرى بى‏‌خبرانى که تیغ و خنجر بر بایزید انداختند خود را خسته و مجروح ساختند و بعد از وقوع واقعه، بیت:

پیش او آمد هزاران مرد و زن‏ کاى دو عالم درج در یک پیرهن‏

این تن تو گر تن مردم بدى‏           چون تن مردم ز خنجر کم شدى‏


آه چکنم که هر دلى مرغ این انجیر نیست و هر بلبلى را آهنگ این صفیر نى! بیت:

ترا به قاف چو هرگز نبوده است گذر ز ما حکایت عنقا کجا کنى باور


این سرّیست که بیرون نمى‌‏باید داد و مهر خاموشى بر زبان مى‌‏باید نهاد که گنج نهفتنى است و نشان گنج ناگفتنى. بیت:

گر دم فرو خواهد شدن زین راز نتوان زد دمى‏ خاموش کن خاموش کن تا برنجوشد عالمى‏


فتحفّظ فقد وعظک اللّه بغیرک، و انظر من أین أتى على من أتى علیه.

پس خود را نگاه دار که حضرت پروردگار ترا نصیحت کرد در آن حالت که‏

ملائکه زبان به عیب آدم گشودند و مفاخرت به هنر خویش نمودند، لاجرم حق تعالى در منع ایشان گفت که: إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ‏. تا تو در حضرت الهى و خلفاى پادشاهى ادب نگاه دارى و به دیدن عیب خود چنان مشغول باشى که عیب دیگرى در نظر نیارى، و نظر کن که هرکه هلاک شد از کدام راهگذر هلاک شد لاجرم. بیت:

تا چند بزرگ برکشیدن خود را وز جمله خلق برگزیدن خود را

از مردمک دیده بباید آموخت‏ دیدن همه کس را و ندیدن خود را

شیخ شرف الدین داود قیصرى قدس اللّه سره درین معنى مى‏فرماید. شعر:

تعلّم من العینین إن کنت عاقلا شهود جمال الغیر عند التّواصل‏

و لا تک کالطّاوس یعشق نفسه‏ فیبقى ملوما عند کلّ الکوامل‏



مرا نیز در حجله دماغ، چنین عروسى پرزروزیور است و در باغ طبع همچنین طاوسى جلوه‏گر، و آن اینست: بیت:

اگر حیات ابد را طلب کنى چون خضر قبول کن نفس اهل دل که جان دارد

تو نیستى بگزین و فنا شو از هستى‏ که هرکه گشت فنا عمر جاودان دارد

چو آفتاب، کمال کسى شود ظاهر که فضل خویشتن از مردمان نهان دارد

چو در مقابله مه با کمال خود نازد پسند خویشتن او را بسى زیان دارد

و گر بوقت قران چون قرین عجز آمد ببین چه پایه کمال از پى قران دارد

زدید خویش بپرهیز و فضل خلق ببین‏ اگر دلت طمع فیض بى‏کران دارد

ببین که مردم دیده چو خویشتن کم دید درون دیده اهل نظر مکان دارد


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 520

  أ لا تراه إذا زال و فکّ من خزانة الدّنیا لم یبق فیها ما اختزنه الحقّ فیها و خرج ما کان فیها و التحق بعضه ببعض، و انتقل الأمر إلى الآخرة فکان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدیّا.

شرح ضمیر در «الا تراه» عاید است به انسان کامل، و مراد از «التحاق»، التحاق مراتب ظاهر وجود است به باطن، که اصل است. امّا دلیل بر آن که، انسان کامل، ختم خزانه آخرت باشد، آنست که در حدیث آمده است که: «القرآن یرفع إلى السماء»، و رفع قرآن از آنست که: خلق انسان کامل است، و هر جا که او بود، خلق با وى بود؛ چنانچه از عایشه پرسیدند، از خلق رسول اللّه- صلّى اللّه علیه و سلّم-، گفت: «کان خلقه القرآن»؛ و امیر المؤمنین- علیه السّلام- فرمود «و أنت الکتاب المبین الّذی بأحرفه یظهر المظهر»؛ و شیخ درین معنى گفته است:

أنا القرآن و السبع المثانی‏ و روح الرّوح، لا روح الأدانى‏

فؤادی عند مشهودى مقیم‏ یشاهده، و عندکم لسانى.


و دلیل بر ان که ختم دنیا به مفارقت انسان کامل خواهد بود، آن که رسول فرمود که: لا تقوم السّاعة و على وجه الأرض من یقول: اللّه، اللّه.


فظهر جمیع ما فی الصّورة الإلهیّة من الأسماء فی هذه النّشأة الإنسانیّة فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجّة للَّه- تعالى- على الملائکة.

شرح یعنى چون حق- عزّ شأنه- انسان را ختم و خلیفه گردانید، پس هر چه در صورت الهیّت بود از اسماء و صفات درین نشأت ظاهر شد، و این کمالات بالفعل در وى پدید آمد. پس به وجود عینى‏


رتبت احاطت و منزلت جمعیّت را جامع‏شد. و بدین جمعیت ظهور او بر ملایکه حجّتى شد «یا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ».

و نزد علما، اطلاق اسم صورت به محسوسات حقیقت است و به معقولات مجاز. امّا نزد این طایفه، چون عالم بأسره مظهر و صورت الهیست مفصّلا، و انسان کامل مظهر و صورت الهیست مجملا، پس اطلاق آن اینجا حقیقت بود و بر ما سوى مجاز [که‏] «لا سوى عندهم».

فتحفّظ فقد وعظک اللّه بغیرک؛ و انظر من أین أتى على من أتى علیه.

شرح تأدیب سالکان را هست تا در حضرت مؤدّب و هشیار باشند، و سر از دریچه انانیّت بیرون نکنند، و از احوال ملایکه عبرت گیرند که چون گفتند که‏ «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها»، سزاى تأدیب گشتند و گوشمال‏ «إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ» یافتند.