الفقرة العاشرة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
(فإن الملائکة لم تقف)، أی تطلع فتتأدب (مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة) من جمعیة الکمال الذی عنده .
فإن الخلیفة یحتاج أن یکون جمیع حاجات من جعل مستخلفة علیهم.
وقول الله تعالى : "إنی جاعل فی الأرض خلیفة " 30 سورة البقر.
یؤذن بذلک الهم الکمال (ولا وقفت)، أی الملائکة.
(مع ما تقتضیه حضرة الحق) سبحانه (من العبادة الذاتیة) التی أشارت إلیها الملائکة بعد أن تعلمتها من آدم علیه السلام بقولها : "سبحانک ما عبدناک حق عبادتک ، سبحانک ما عرفناک حق معرفتک". حدیث الطبرانی.
(فإنه ما یعرف أحد من الحق) تعالى (إلا ما تعطیه ذاته)، من المعرفة، بالله تعالى عند خلقه ظهورات مختلفة بعدد استعدادات الخلق.
وکلها ظهورات الحق تعالى، وکلها تنزه الحق تعالى عنها.
فهو الغیب المطلق من حیث هو على ما هو علیه، وهو الحاضر المشهود على کل حال من حیث استعدادات الخلق لمعرفته.
فکل استعداد فیه معرفة خاصة بشهود لله تعالى مخصوص، والأمر أن جاء بهما الشرع التنزیه والتشبیه معا لا أحدهما کما سیأتی إن شاء الله .
ولیس للملائکة جمعیة آدم علیه السلام لجمیع الأسماء الإلهیة بحقیقته الإنسانیة فإن کل ملک من حضرة اسم إلهی خاص.
وإن جمع کل اسم لجمیع الأسماء فی اطلاع الکامل لکن لا یلزم من ذلک الاطلاع من القاصر علیه.
فإن الکامل یرى فی القاصر من الکمال ما لا یراه القاصر من نفسه ولهذا کان قاصرا، وکان صاحب الاطلاع کاملا .
قال تعالى: "هل یستوی الذین یعلمون و الذین لا یعلمون إنما یتذکر أولوا الألباب " 9 سورة الزمر.
وقال تعالى : "ما ترى فی خلق الرحمن من تفاوت" 3 سورة الملک.
فإن کل ذرة من ذرات العالم على الکمال المطلق والجمعیة الکبرى، ولکن اطلاع کل ذرة على نفسها وعلى باقی الذرات یتفاوت ویختلف بالکشف والاستتار.
وهذا مفتاح باب معرفة الکمال والنقصان فی العالم (ولا وقفت الملائکة مع) جمیع (الأسماء الإلهیة).
التی کشف عنها لآدم علیه السلام (إلا) الأسماء (التی تخصها) مما هی من آثار تجلیاتها (وسبحت الحق) تعالى (بها وقدسته) عن مشابهة الأغیار.
فإن کل اسم إلهی یقتضی تسبیح الله تعالی خاصة صادرة من حضرة ذلک الاسم بلسان أثر تجلیه الخاص.
واختلفت الأسماء فاختلفت التجلیات فاختلفت الآثار فاختلف التسبیح والتقدیس، فأظهر کل أثر ما استعد له من ذلک .
کما قال تعالى : "وإن من شیء إلا یسبح بحمده ولکن لا تفقهون تسبیحهم" 44 الإسراء.
(وما علمت)، أی الملائکة (أن الله تعالی أسماء) أخر غیر الأسماء التی سبحت الله تعالى بها وقدسته.
(ما وصل علمها إلیها) لعدم جمعها لها (فما سبحته) تعالی (بها ولا قدسته) .
وتلک الأسماء الأخر التی ما وصل علم الملائکة إلیها هی التی وصل علمها إلیها على معنى ما وصل علم کل الملائکة إلى کلها.
وإلا فإن جمیع أسماء الله تعالی ظهرت بظهور الملائکة، وسبحت بها ربها وقدسته، ولم یتعطل اسم من الأسماء.
و یحال ذلک، ولکن من قبیل مقابلة الجمع بالجمع، و انقسام الآحاد على الآحاد، فکل ملک یسبح باسم إلهی خاص لا یعرف التسبیح بغیره.
مع أن کل اسم جامع لکل اسم کما مر ولکن جمعة خفیة لا یتنبه له إلا الکامل دون القاصر.
فکل ملک یعلم اسما واحدا إلهیا فهو محجوب به عن غیره من الأسماء.
حتى أن الاسم الغفور والعفو والتواب ونحوها من الأسماء کانت للملائکة قبل آدم أیضا.
لأن القصور فی التسبیح ببعض الأسماء دون بعض غیر لائق بالله تعالى.
فهو معصیة مغفورة معفو عنها وصاحبها معترف بقصوره عن إدراک حقیقة التسبیح.
فهو تائب وإن لم تشعر الملائکة بذلک لخفائه فیها حتى تفصل بآدم علیه السلام وتبین واتضح فزال عنه الخفاء.
ولهذا کان آدم علیه السلام جلاء مرآة العالم کما سبق.
ثم إن آدم علیه السلام جمع لکل الأسماء المتفرقة فی الملائکة.
ولهذا قال تعالى : " یا آدم أنبئهم بأسمائهم" 33 سورة البقرة.
أی بأسمائهم التی یسبحون الله تعالى بها ویقدسون، وقد کان کل واحد منهم یجهل الکل فعلم ما لم یعلم
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم.)
ثم شرع إلى بیانها بقوله: (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه) ما تظهره للحق من جمیع أسمائه (نشأة هذه الخلیفة ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة)التی لا تحصل إلا فی نشأة الخلیفة وهی العبادة بجمیع الأسماء والصفات أی لم تطلع علیهما .
فالوقوف ههنا بمعنى الشعور والاطلاع وکذلک المذکور بعده لأن تجریحهم ودعواهم التسبیح والتقدیس مسبب عن عدم علمهم بما ذکر فقد عدى مع أعتبار تضمینه معنى الثبوت.
(فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته) تعلیل للمعطوف والمعطوف علیه مع أی لا یعرف احد الحق إلا بحسب معرفته بنفسه ولا یعبده إلا بحسب علمه.
(و) الحال أن (لیس للملائکة جمعیة آدم) حتى یحصل فیها ما یحصل فیه من العبادة الذاتیة .
فاستغنى بوجودها عن وجود آدم فلا بد من وجود آدم لیحصل مقتضى الذات الإلهیة فلا مانع لحصول مقتضى الذات .
فهم أرادوا أن یمنعوه بقولهم: "أتجعل فیها من یفسد فیها" 30 سورة البقرة .
لعدم علمهم بما ذکر و ظنهم أنفسهم کفایة لمصلحة العبادة حیث قالوا: " ونحن نسبح بحمدک ونقدس لک " 30 سورة البقرة .
(ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها) تخص الملائکة بها (وسبحت الحق به وقدسته) أی لا تطلع باختصاصهم بأسمائهم واختصاص تسبیحهم بها
(وما علمت أن الله تعالى أسماء ما وصل علمها إلیها فما سبحته ولا قدسته) لحصرهم الأسماء والتسبیح والتقدیس فیما هم علیه .
(فما سبحت ربها بها ولا قدسته عنها تقدیس آدم وتسبیحه) مع أنهم ظهروا علیه بدعوى التسبیح والتقدیس بقولهم : "ونحن نسبح" 30 سورة البقرة.
فادعوا ما لم یتحققوا به ولم یکونوا بحال ولا على علم منه وترکوا الأدب مع الله فوقعوا فی الخجالة بعد انکشاف أحوالهم إلیهم لذلک :"قالوا سبحانک لا علم لنا" 32 سورة البقرة.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
قوله رضی الله عنه: "فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق تعالى من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق تعالى إلا ما تعطیه ذاته.
ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته."
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
قال رضی الله عنه : " فإنّ الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة ، ولا وقفت مع ما تعطیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة ، فإنّه ما یعرف أحد من الحق إلَّا ما تعطیه ذاته ولیس للملائکة جمعیة آدم ".
یرید رضی الله عنه عدم وقوف الملائکة مع الأدب الذی تقتضی مرتبة خلیفة الله تعالى بعد إخباره تعالى لهم : أنّه " جاعِلٌ فی الأَرْضِ خَلِیفَةً " .
وتعطیه نشأته الأحدیة الجمعیة من الکمال والإحاطة ، وعدم وقوفهم أیضا على ما توجب مرتبة الألوهیة من الأدب والوقوف عند الأمر الإلهی ، فاعترضوا على الحق تعالى .
کما قال جلّ وعلا حکایة عنهم : "قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیهَا مَنْ یُفْسِدُ فِیهَا وَیَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ قَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"
فجمعوا بین الاعتراض على الله والجرح والطعن فیمن عدّله الله وزکَّاه عندهم ، وبین تزکیتهم أنفسهم ، وکلّ هذه الأمور منافیة لنشأتهم المقتضیة أن لا یعصوا ما أمرهم الله به ، ویفعلوا ما یأمرهم به .
والذی یقتضیه الأدب والتحقیق من العبید بالنسبة إلى الحق أن لا یعترضوا علیه فی أوامره ونواهیه ویمتثلوها .
والذی تقتضی نشأة الخلیفة هو النزول إلیه والدخول تحت حکم خلافته وجمعیّته ، لا الجرح والطعن فیه ، ولا سیّما ونشأتهم على ما ادّعوا من التسبیح والتقدیس تقتضی عدم الاعتراض وحسن القبول والتلقّی لما یلقى إلیه ویلقى .
فإن نشأتهم وحدانیة بسیطة روحانیة نورانیة ، لا تقتضی الاعتراض ، فإنّه نزاع والنزاع من مقتضى التضاد والتباین والتنافر ، بل مقتضى نشأتهم الإیمان والطاعة والعبادة الذاتیة والتنزیه والتقدیس والخیر لا غیر .
إذ لیس لهم ولا لغیرهم أن یعرفوا کلّ ما فی نفس الحقّ ، بل ما فیه من الحق ، ویعرفون الحق من حیث ما هم علیه "ولیس للملائکة جمعیّة آدم" کما مرّ .
فکان الأوجب والأولى والأوجه والأحرى أن یتّصفوا بالإنصاف ، وینصفوا له بالاعتراف ، لا الاستنکاف والاعتساف لإحاطته وجمعیّته وسعته ، دونهم .
قال رضی الله عنه : ( ولا وقفت إلَّا مع الأسماء الإلهیّة التی تخصّها وسبّحت الحقّ بها وقدّسته) .
یعنی أسماء التنزیه والتقدیس :
کالسبّوح ، والقدّوس ، والطیّب ، والطاهر ، والنور ، والواحد ، والأحد ، والعلیّ ، وأخواتهم « وما علمت أنّ لله أسماء ما وصل علمها إلیها .
کالخالق ، والرازق ، والمصوّر ، والسمیع ، والبصیر ، والمطعم ، وغیر ذلک ممّا یتعلَّق بالتدبیر والتسخیر والملک والسلطان والنعیم والعذاب والموت والهلاک والسقم والشفاء ، وسائر الأسماء التی تخصّ عالم الأجسام والطبیعة " فما سبّحت الحقّ بها ولا قدّسته ، فغلب علیها ما ذکرناه .
یعنی رضی الله عنه ما عندها من الجمعیة الساریة فی نشأتها بالنفس الرحمانی الأحدی الجمعی وحکم علیها هذا الحال ، فقالت من حیث النشأة .
یعنی : بلسان التنافی والتنافر الذی بین الوحدة والبساطة الملکیّتین وبین الکثرة والترکیب الجسمانیّین . "أَتَجْعَلُ فِیها من یُفْسِدُ فِیها " ولیس إلَّا النزاع .
یعنی موجب الفساد وسفک الدماء وما شاکلهما وهو النزاع .
" وهو عین ما وقع منهم " فی الاعتراض " فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق " والاعتراض على الله عین النزاع مع من لا منازع له ، وجرح آدم عین سفک دمه لأنّه طلب عدم خلقه وإیجاده .
(وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم.
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
قوله رضی الله عنه : "فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة ، فإنه ما یعرف احد من الحق إلا ما تعطیه ذاته ، ولیس للملائکة جمعیة آدم ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها وسبحت الحق بها وقدسته ، وما علمت أن لله اسماء ما وصل علمها إلیها فما سبحت الحق بها ولا قدسته"
أی لم تطلع على ما تقتضیه نشأة آدم من الجمعیة الإلهیة وظهوره بصورة الحق وهویته لکونه مطلوبا بجمیع الأسماء ولا على ما تقتضیه الحضرة الإلهیة من أن یعبد بعبادة ذاتیة أی یطلب عابدا یعبد ذاته بجمیع أسمائه فهو من حیث أنه مطلوب جمیع الأسماء أعز الموجودات ومن حیث أنه عابد ربه بجمیع الأسماء أذل الأشیاء إذ لا یعبد الله العبادة الذاتیة التامة بجمیع الأسماء إلا الإنسان الکامل .
ولهذا عبدوا الحجارة والجمادات فإنه لا یعبد أحد معبودا إلا إذا عرفه ولا یعرف إلا ما تقتضیه ذاته بأن یکون فیه فیدرکه بالذوق ، ولیس للملائکة جمعیة آدم فلم تطلع على الأسماء التی تخص جمعیة آدم .
وسبحت الحق وقدسته جمعیة آدم بها ولم تعرف أن لله أسماء لم یصل علمها إلیها فما سبحت بها ولا قدسته فغلب علیها مقتضى نشأتها .
فقوله : ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها وسبحت الحق بها وقدسته ، معناه بالقیاس إلى قوله لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة على ما ذکرته من رجوع الضمیر فی تخصها وسبحته وقدسته إلى جمعیة آدم ظاهر . ووجه آخر وهو أن یکون الوقوف بمعنى الثبات لا بمعنى الاطلاع ، والضمائر الثلاثة ترجع إلى الملائکة .
أی لم یثبت الملائکة مع الأسماء التی تخصها ولم تقف بحکمها حتى شرعت فی تجریح آدم وقدحت فیه ، إذ ما عرفت ما فی آدم من الأسماء التی لم تعرفها ، فحکم علیها حالها التی هی النقص حتى نسبوا النقص الذی هو مقتضى نشأتها إلى آدم.
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
قوله: (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة ولا وقفت مع ماتقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة) بیان سبب وقوع الملائکة فی التوبیخ.
ولیس (الوقوف) هنا بمعنى الشعور والاطلاع وإلا کان الواجب أن یقول: على مایعطیه. فإنه تعدى بـ (على). بل بمعنى الثبوت.
فمعناه: أن الملائکة ما قنعت ولا وقفت مع ما أعطته مرتبة هذه الخلیفة أزلا، بحسب نشأته الروحانیة، مما هی علیه من التسبیح والتهلیل والکمال اللائق بها، بل تعدت عنه وطلبت الزیادة على ما وهبت.
یقال: فلان وقف مع فلان وواقف معه. إذا لم یتعد عنه فی السیر.
ولم یقف معه. إذا تعدى عنه. وهذا الکلام إشارة إلى ما مر من أن جمیع الموجودات ما یأخذون کمالهم إلا من مرتبة الإنسان الکامل، ولا یحصل لهم المدد فی کل آن إلا منها، لأن الأسماء کلها مستمدون من اسم (الله) الذی هذا الکامل مظهره.
ویجوز إن یراد بـ (النشأة) ههنا نشأة رتبته الجامعة للنشأتین، ویجوز أن یراد النشأة الروحانیة وحدها.
قوله: (ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة) بیان سبب آخر، لذلک أعاد قوله: (ولا وقفت). وقوله: (من العبادة) بیان (ما.) وصلة (تقتضیه) محذوفة. تقدیره: مع ما تقتضیه حضرة الحق ویطلبه منهم من العبادة.
ومعناه: أنهم ما وقفوا على ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة التی تقتضیها ذواتهم أن یعبد الحق بحسب الأسماء التی صارت مظاهر لها بالانقیاد والطاعة لأمره، أو العبادة التی یقتضیها الذات الإلهیة أن یعبد بها. وحضرة الحق حضرة الذات، إذ (الحق) اسم من أسماءها.
قوله: (فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته) تعلیل لعدم الوقوف مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة.
أی، لأنه لا یعرف أحد من العباد شیئا من أسماء الحق وصفاته إلا ما تعطى ذات ذلک العبد بحسب استعداده، ولا یعبده أحد إلا بمقدار علمه ومعرفته بالحق، لأن العبادة مسبوقة بمعرفة المعبود من کونه ربا مالکا یستحق العبادة.
وبمعرفة العبد من کونه مربوبا مملوکا یستحق العبودیة، فمن لا یعطى استعداد ذاته العلم والمعرفة بجمیع الأسماء والصفات،لا یمکنه أن یعبد الحق بجمیع الأسماء، لذلک لا یعبد الحق عبادة تامة إلا الإنسانالکامل، فهو العبد التام.
ولاستلزام العبادة المعرفة قال: (فإنه لا یعرف أحد) کما فسر العبادة بالمعرفة فی قوله: "وما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون"
قوله: (ولیس للملائکة جمعیة آدم) . (الواو) للحال. أی، والحال أن الملائکة لیس لهم جمعیة الأسماء التی لآدم، لکونهم یعبدون الله من حیث اسم خاص معین لا یتعدونه عنه، وآدم یعبده بجمیع أسمائه.
قوله: (ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة إلا التی تخصها) أی، تخص الملائکة.
وضمیر الفاعل یرجع إلى (الأسماء). (وسبحت الحق بها) أی،بتلک الأسماء.
(وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها) أی، علم الملائکة إلى تلک الأسماء. (فما سبحته بها) أی، بتلک الأسماء. (ولا قدسته).
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته،وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم.)
ثم أشار إلى إن نزاع الحق و مخالفته إنما ینشأن عن الجهل بأسراره فی أفعاله وأحکامه؛ فقال: (وإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة) من إحاطته بأسرار الخلق وجمعه ما تفرق من ظهورات أسماء الحق.
(ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة) التی تقتضیها جمعیة الذات للأسماء، وهی لا تتأتى إلا من المظهر الجامع الأسرارها، وکیف تقف الملائکة على ذلک؟!
(فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته) أی: مسلم أدرک مثاله من ذاته أی: ما تمثل من الغیر فی ذاته.
(ولیس للملائکة جمعیة آدم) فتدرکها من ذواتهم، (ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها) أی: نشأة آدم إذ لم توجد تلک الأسماء قبل آدم فی غیره حتى تتمثل فی إدراکات الملائکة، وما عبدت الملائکة الحق بتلک الأسماء المخصوصة فضلا عن العبادة الذاتیة، إذ ما (سبحت الحق بها، وقدسته) .
""أی ما وقفت مع الأسماء التنزیهیة المخصوصة بهم أیضا؛ لأنها لو وقفت ما اعترضت. أنهم وقفوا مع مقتضى ذواتهم، ولم یقفوا مع مقتضى ذات الخلیفة، ولا مقتضى عبادتهم الذاتیة إلإلهیة؛ لعدم وقوفهم، واطلاعهم بالذاتیات وذلک لعدم علمهم بذات الحق تعالى، فافهم.""
ثم أشار إلى أن جهلهم کان مرکبا فقال: (وما علمت) الملائکة (أن الله أسماء ما وصل علمها إلیها) أی: إلى تلک الأسماء (فما سبحته) أی: الملائکة الحق (بها) أی: بذکر تلک الأسماء (ولا قدسته) بل کانوا یظنون أنهم أحاطوا علما بأسمائه، وسبحوه بکل اسم وقدسوه به، ولذلک أطلقوا فی دعوى التسبیح والتقدیس.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
وقوله رضی الله عنه : ( فإنّ الملائکة ) تعلیل لقیام الحجّة بالإنسان على الملائکة وبیان لما اتی علیهم ، وأنّه من أین اتی علیهم .
وذلک أنّ الملائکة لمّا لم یکن لها قدم فی النشأة الإطلاقیّة الجمعیّة التی إنّما تترتّب علیها الخلافة الإلهیّة ، وإنّما یؤسّس علیها أرکان العبادة الذاتیّة ما أمکن لها الوقوف على أحکام تلک الخلافة ، ولا على لوازم تلک العبادة فلذلک (لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة ، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحقّ من العبادة الذاتیّة ) التی لا موقف لأحد فیها غیر الإنسان ( فإنّه ما یعرف أحد من الحقّ ) وما یصل بمساعی أقدام العبادة إلى حضرات قربه ( إلَّا ما تعطیه ذاته ) بحسب القابلیّة الأولى والفیض الأقدس .
( ولیس للملائکة جمعیّة آدم ) بحسب تلک القابلیّة على ما بیّن ، ( ولا وقفت مع الأسماء الإلهیّة ، إلَّا التی تخصّها ) من الأوصاف العدمیّة والأسماء التنزیهیّة التی علیها مواقف استقرارها ومواطن معرفتها ، ( وسبّحت الحقّ بها وقدّسته ، وما علمت أنّ لله أسماء ما وصل علمها إلیها فما سبّحته بها ولا قدّسته) ضرورة أنّ تسبیح العبد للحقّ بحسب معرفته له فأکملهم معرفة أتمّهم تسبیحا وعبادة ، ومن هاهنا ترى العبادة الواردة فی التنزیل مفسرة بالعرفان .
وإذ لا یخفى على من تصفّح کلام القوم أنّهم یشیرون إلى منتهى مقام العبد وآخر مراتب عروجه بـ « الموقف » و « الموطن » کما یشیرون ب « القدم » إلى خصوصیّة منهجه ومواطئ طریقه ومسلکه حیث یقولون : « فلان على قدم آدم » ، و « فلان على قدم إبراهیم » لا احتیاج فی تبیین معنى الوقوف هاهنا إلى تعسّف واضطراب .
وإذا کان مقتضى جبلَّة الملائکة وما أعطته ذاتها إیّاها إنّما هو الأوصاف العدمیّة والأسماء التنزیهیّة ، استولى علیها قهرمان هذا الاقتضاء.
شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم. )
قوله : "فإن الملائکة، لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة . "
فقال : (فإن الملائکة لم تقف)، أی لم تتوقف (مع ما تعطیه)، أی تقتضیه (نشأة هذا الخلیفة) وتجاوزت عن مقتضاه.
(ولا وقفت) الملائکة أیضا (مع ما تقتضیه حضرة الحق سبحانه) ویستحقه من العبادة الذاتیة التی هی من مقتضیات ذاته وذوات عبیده سبحانه .
وهی الانقیاد لأمره والخضوع تحت حکمه .
وإنما لم یقفوا مع ما تقتضیه نشأة هذه الخلیفة ولا مع ما یقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة.
قوله : "فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تغطیه ذاته. ولیس الملائکة جمعیة آدم . "
(فإنه ما یعرف أحد من الحق سبحانه إلا ما تعط ذاته) من الأسماء التی هو مظهرها (ولیس للملائکة جمعیة آدم)، أی جامعیته للأسماء کلها .
فما عرفوا من الحق الأسماء التی تخص آدم وهی الأسماء الثبوتیة التشبیهیة.
فما عرفوا من آدم الجمعیة الأحدیة الکاملیة المقتضیة لرعایة الأدب معه والنزول إلیه والدخول تحت حکمه لا الجرح والطعن فیه.
وانبعث بهم معنى الحسد والتعصب وصار غشاوة بصر بصیرتهم "الذی" تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة.
فلا جرم تجاوزوا عن مقتضى شأنه ولم ینقادوا لأمر الحق خلافته.
قوله : "ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته "
(ولا وقفت) أیضا (مع الأسماء الإلهیة التی تخصها) وهی الأسماء السلبیة التنزیهیة وتجاوزت عن مقتضاها.
فإن مقتضاها وهی شطر من الأسماء الإلهیة الانقیاد لمن نشأته تعمها .
وغیرها من تلک الأسماء (وسبحت" الملائکة" "الحق" سبحانه (بها)، أی بتلک الأسماء عطف على تخصها (وقدسته) أیضا بها .
ولما کان منشأ عدم وقوفهم مع مقتضى تلک الأسماء عدم علمهم بما عداها مما هو فی نشأة الخلیفة .
صرح الشیخ رضی الله عنه بها عاطفا على قوله : ولا وقفت
فقال : (وما علمت) ، أی الملائکة (أن الله سبحانه أسماء) أخرى غیر ما سبحوه بها (ما وصل علمها)، أی علم الملائکة (بها)، أی بتلک الأسماء الأخرى کالخالق والرازق والمصور والسمیع والبصیر والمعظم.
وغیر ذلک مما یتعلق بالنعیم والعذاب والموت والهلاک والسقم والشفاء وسائر الأسماء التی تخص عالم الأجسام والطبیعة (فما سبحته) أی الملائکة الحق سبحانه بها)، أی بتلک الأسماء. "ولا قدسته" کما یسبحه آدم ویقدسه .
فإن قلت: ما معنى التقدیس والتنزیه فی الأسماء المنبئة عن التشبیه؟
قلنا : فیها تقدیس وتنزیه عن الانحصار فی التنزیه .
فحال التقدیس التنزیه عن الانحصار فی التنزیه أو التشبیه أو الجمع بینهما.
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة، ولا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة، فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته، ولیس للملائکة جمعیة آدم، ولا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها، وسبحت الحق بها وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته تقدیس آدم.)
قال المصنف رضی الله عنه : ( فإن الملائکة، لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذا الخلیفة و لا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة . فإنه ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته. و لیس للملائکة جمعیة آدم) .
قال الشارح رضی الله عنه :
( فإن الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیقة ): أی ما وقفت مع اقتضاء حقیقة هذه الخلیقة لعدم علمها بها .
( و لا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحق تعالى من العباد الذاتیة) و هی الانقیاد الذاتی .
حیث قال تعالى لهم: "وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلَائِکَةِ إِنِّی جَاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیهَا مَنْ یُفْسِدُ فِیهَا وَیَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ قَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)" سورة البقرة .
فکان ینبغی لها السمع و الطاعة، فالتبست علیها صورة الإخبار بصورة الشهوة، فما وفقت على حد الإطاعة و الإنصات، و الانقیاد حتى قالت ما قالت .
فإنه (ما یعرف أحد من الحق إلا ما تعطیه ذاته) تعریفا، أو تجلیا و المعرفة الإلهیة للملائکة بالتعریف لا بالتجلی کما اعترفوا بذلک.
و قالوا: (لا عِلْم لنا إلّا ما علّمتنا ) .
( و لیس للملائکة جمعیة آدم) حتى یعلم مقتضى الذات، فلهذا فاتها الانقیاد الذاتی بخلاف الإنسان .
أما ترى أنه عبد الحجر، و المدر، و الجماد و ما ذلک إلا من المعرفة بالاقتضاء الذاتی، و الإدراک الذوقی، و لیس للملائکة تلک المعرفة الذاتیة، بل ما لها إلا تنزیه بحت، فافهم .
( و لا وقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصّها، و سبحت الحق بها، و قدّسته) :
أی ما وقفت مع الأسماء التنزیهیة المخصوصة بهم أیضا لأنها لو وقفت ما اعترضت. حاصل مجموع الکلام: إنهم ما وقفوا مع مقتضى ذواتهم، و لم یقفوا مع مقتضى ذات الخلیقة، و لا مقتضى عبادة ذاتیة إلهیة لعدم وقوفهم، و اطلاعهم بالذاتیات و ذلک لعدم علمهم بذات الحق تعالى، فإنها ما تدرک أصلا، فإذا لم تدرک فلا تدرک ذاتیاتها لأنها فرعها، فافهم .
ولاوقفت مع الأسماء الإلهیة التی تخصها وسبحت الحق بها و قدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبحته بها ولا قدسته.فافهم
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص25
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 89-90
فان الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة و لا وقفت مع ما یقتضیه حضرة الحقّ من العبادة الذّاتیّة.
بیان آن است که: سبب وقوع ملائکه در توبیخ چه بود؟ و آن، دو چیز بود:
یکى آنکه- ملائکه ایستادگى ننمودند؛ و قانع نگشتند به آنکه آنچه نشئهى خلیفه- که انسان کامل است- به وى دهد، بسازد؛ و از آن طور، در نگذرد.
و دوم آنکه خرسند نشدند به آن چیزى که حضرت حق- تعالى- از ایشان طلبیده؛ و آن عبادتى خاصّ است که ذات حق مقتضى آن است، که او را به آن وجه بپرستند؛ بلکه زیاده طلب کردند؛ و از حدّ خود در مىگذشتند.
لاجرم مستحقّ تأدیب گشتند.
«و لا وقفت» باین معنى است که: ایستادگى ننمودند؛ و نشاید که به آن [معنى] باشد که ندانستند؛ و مطّلع نگشتند؛ و الّا تعدیه وى «على» بودى.
عرب گوید که: «وقف فلان معه»؛ یعنى که: «بایستاد با آن کس» و «وقف علیه» که «به آن مطّلع و دانا شد».
و اگر کسى پرسد که: ایشان چه چیز به ملائکه توانند داد؟؟
گوییم که: «انسان کامل» مظهر اسم اللّه است؛ و جمله اسماء استمداد از اسم اللّه کنند؛ و جمله موجودات کمالات خود از مرتبه انسان کامل یابند؛ پس هر فیضى که به ملائکه نیز رسد، از ممرّ انسان کامل رسد.
و اگر کسى گوید که: حضرت حق- تعالى- از ملک چه مىطلبد؟؟
گوییم که: مجرّد عبادت و پرستش؛ چنانکه لایق ذات باشد؛ و این مستفاد است از اسم «الحقّ»؛ که آن نیز از اسماء ذات است، چون اللّه.
فإنّه ما یعرف أحد من الحقّ إلّا ما تعطیه ذاته.
ضمیر [در ذاته] راجع است به «احد» و این: علّت عدم وقوف ملائکه، و عدم ایستادگى و تشبّت بر آنچه حق از وى مىطلبد.
یعنى: حقّا که نشناسد هیچ یکى از بندگان، و نداند از اسماء و صفات خداوند جهان، مگر به آن مقدار که ذات آن بنده مستعدّ آن افتاده باشد.
و چون ذات انسان کامل است- که جامع جمیع اسماء و صفات حق است- هم او تواند که به هر اسمى عبودیّتى مناسب آن کند؛ و ملائکه را این معرفت نیست؛ چرا که جامعیّت نیست؛ لاجرم هر یکى را مقامى معیّن است، که از آنجا تجاوز نتوانند کرد. اگر سایر ملائکه بودند، گفتند: «وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ(س 37- 164) » و اگر برید حضرت رب العالمین- جبرئیل امین- بود، این معنى گفت:
که گر یک سر موى، برتر پرم فروغ تجلّى بسوزد پرم
و لیس للملائکة جمعیّة آدم، و لا وقفت مع الأسماء الالهیّة الّتى تخصّها و سبّحت الحقّ بها و قدّسته، و ما علمت أنّ للّه أسماء ما وصل علمها إلیها، فمنا سبّحته و لا قدّسته.
«واو» در «و لیس» از براى حال است.
یعنى: حال آن است که ملائکه را جمعیّت اسمایى که آدم را بود، نبود؛ چرا که: ملائکه عبادت حق- تعالى- از جهت یک اسم خاص مىکنند، که حق- تعالى- به آن اسم، او را عارف گردانیده؛ و از آن تجاوز نمىتوانند کرد. و آدم عبادت حق- تعالى- به جمیع اسماء مىکند که عالم و عارف بر جمیع اسماء آدم است. لاجرم، نایستاد در یک مقام؛ بل، ملائکه پنداشتند که: جز آن اسمى که ایشان دانستند، نیست؛ و ندانستند که: اسماء حق- تعالى شأنه- بسیار است؛ و ایشان به آن اسماء تسبیح و تقدیس حق نکردهاند.
و بدان که: تسبیح، اعمّ است از تقدیس؛ از بهر آنکه «تسبیح» تنزیه حق است از نقایص، [امکان و حدوث، و تقدیس، نیز تنزیه است حق را- تعالى شأنه- از نقایص،] و آنچه لوازم اکوان است [از احتیاج و صفات ذمیمه؛] تعالى ذاته عن الکلّ. پس قوله: «و لا وقفت مع الأسماء» در این تقدیر است که: و ما وقفت الملائکة إلّا مع الأسماء الالهیّة الّتى تخصّ الملائکة بتلک الأسماء.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 122-123
فإنّ الملائکة، لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة و لا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحقّ من العبادة الذّاتیّة.
یعنى سبب وقوع ملائکه درین توبیخ آنست که ایشان ثبات نورزیدند و وقوف ننمودند بدانچه اعطاى آن مىکرد نشأت این خلیفه از تهلیل و تسبیح و کمالى که لایق روحانیّت اوست بلکه تعدّى مىنمودند و استمداد نکردند از آن خلیفه که مظهر اسم اعظم است و مظاهر اسماى دیگر را فیض و مدد بواسطه اوست و هم ثبات ننمودند بدانچه اقتضا مىکند و طلب مىنماید حضرت حق از ایشان که به تقدیم رسانند از عباداتى که ذوات ایشان اقتضا مىکند که حق را بدان، عبادت کند به حسب اسمائى که ایشان مظاهر آن گشتهاند.
فإنّه ما یعرف أحد من الحقّ إلّا ما تعطیه ذاته.
تعلیل مىکند عدم وقوف ملائکه را آنچه اقتضا مىکند ذات حق از عبادت و مىگوید: عدم وقوف ایشان از آن جهت است که هیچ بندهاى از اسما و صفات حق نمىداند مگر آنچه را ذات آن بنده به حسب استعدادش اعطا مىکند و هیچ احدى عبادت حق نمىکند مگر به مقدار علم و معرفت خویش مر حق را، چه عبادت مسبوق است به معرفت معبود. تا نداند که حق ربّ و مالک و مستحق عبادت است و خود را به مربوبیّت و مملوکیّت و استحقاق عبودیّت نشناسد، عبادت به ظهور نه پیوندد.
پس هرکه استعداد ذات او اعطا نکند علم و معرفت را به جمیع اسما و صفات، ممکن نیست که حق را به جمیع اسما عبادت تواند کرد، و ازینجاست که حق را عبادت تامّه نمىکند مگر انسان کامل، پس عبد تمام اوست و از براى استلزام عبادت و معرفت را، شیخ در متن ما یعرف أحد گفت و ما یعبد نگفت و لهذا در آیت کریمه وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ عبادت را به معرفت تفسیر کردند.
و لیس للملائکة جمعیّة آدم.
و ملائکه را جمعیت آدم نیست، چه ایشان حق را از حیثیت اسم خاص معین عبادت مىکنند و آدم به جمیع اسما.
و لا وقفت مع الأسماء الإلهیّة الّتى تخصّها و سبّحت الحقّ بها و قدّسته، و ما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما سبّحته بها و لا قدّسته
یعنى وقوف نکردند و ثبات ننمودند ملائکه به اسماى الهیّه که مخصوص به نشأت ایشان است و تسبیح گفتند حق تعالى را بدان اسماء و تقدیس کردند و ندانستند که حق را عزّ اسمه اسمائیست که علم ایشان بدان اسماء واصل نیست، پس بدان اسماء تسبیح نگفتند یعنى تنزیه از نقایص حدوث و امکان نکردند و تقدیس ننمودند یعنى از نقایص حدوث و امکان و از کمالات لازمه به اکوان تنزیه نکردند.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 520
فإنّ الملائکة لم تقف مع ما تعطیه نشأة هذه الخلیفة، و لا وقفت مع ما تقتضیه حضرة الحقّ من العبادة الذاتیّة.
شرح یعنى ملایکه ایستادگى ننمودند، تا نشأت خلیفه که انسان کامل است، آن چه مناسب حال ایشانست بدهد، و دیگر ایستادگى ننمودند به آن چه حضرتحق- عزّ شأنه- از ایشان طلب کرد، و آن امتثال امر است که حقیقت عبادت است، و نشاید که به این معنى بود که ندانستند که اگر به این معنى بودى تعدیه وى به «على» بودى. چرا که عرب گوید «وقف فلان معه»، یعنى: بایستاد، و «وقف علیه» یعنى بر آن مطّلع شد. و امّا آن چه انسان کامل به ملایکه دهد آنست که:
انسان کامل مظهر اسم «اللّه» است، و چنانچه جمله اسماء استمداد ازین اسم کنند، همچنین جمله موجودات کمالات خود از مرتبه انسان کامل یابند. پس هر فیض که به ملایکه رسد به واسطه انسان کامل رسد.
فإنّه ما یعرف أحد من الحقّ الّا ما تعطیه ذاته، و لیس للملائکة جمعیّة آدم، و لا وقفت مع الأسماء الإلهیّة الّتی تخصّها، و سبّحت الحقّ بها و قدّسته، و ما علمت أنّ للَّه اسماء ما وصل إلیها علمها، فما سبّحته و لا قدّسته «تقدیس آدم».
شرح ضمیر در «ذاته» راجع به احد [است] یعنى حقّا که نشناسد هیچ یکى از بندگان از اسماء و صفات حق مگر آن مقدار که ذات آن بنده مستعد آنبود، و حال آن که ملایکه را جمعیّت اسمائى که آدم را بود، نبود؛ چرا که ملایکه عبادت حق از جهت این یک اسم خاص مىکنند، که حق- تعالى- آن نوع را به آن اسم عارف و عالم گردانیده، و از آن تجاوز نمىتوانند کرد و آدم عبادت حق به جمیع اسماء مىکند، که عارف به جمیع است. لا جرم در یک مقام نایستاد. و ملایکه پنداشتند که جز آن اسم که ایشان دانستند نیست، و ندانستند که اسماء حق- عزّ شأنه- بسیار است و ایشان به آن اسماء تسبیح و تقدیس نکردهاند.
و «لا وقفت مع الأسماء» چنان بود که «و ما وقفت الملائکة إلّا مع الأسماء الإلهیة الّتی یخصّ الملائکة بتلک الأسماء».