الفقرة الحادیة عشرة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال رضی الله عنه : (فغلب علیها)، أی على الملائکة. (ما ذکرناه) من عدم وقوفها مع ما تعطیه النشأة الخلیفة وما تقتضیه حضرة الحق من العبادة الذاتیة وعدم جمعیتها للأسماء الإلهیة التی فی آدم علیه السلام غیر ما یخصها منها.
(وحکم علیها هذا الحال) المفهوم من جملة ما ذکر فحملها على ما ظهر منها.
(فقالت : من حیث النشأة)، أی قولا یقتضیه وجودها المخصوص وتشخیصها المعین فشرحت حالها بمقالها الظهور المقول فیه لها فی مرآتها على حسب استعدادها والذی قالت هو (أتجعل فیها ) 30 سورة البقرة. أی فی الأرض ("من یفسد فیها") فاستفهمت بطریق النهی عما طلب الله تعالى منها التکلم فیه بحسب ما عندها . (ولیس) هذا الفساد الذی قالته (إلا النزاع) مع الله تعالى.
(وهو)، أی ذلک النزاع (عین ما وقع منهم) بقولهم: ذلک اقتضته حقیقتهم القاصرة عن کمال من قالوا ذلک فی حقه.
(فما)، أی الذی قالوه فی حق آدم علیه السلام من نسبة الفساد فی الأرض إلیه (هو عین ما هم فیه) حین قولهم ذلک (مع الحق) تعالی بعد سماعهم أن ذلک المجعول فی الأرض خلیفة له تعالى فقد نازعوا الله سبحانه بما قالوه فیه .
(فلولا أن نشأتهم) التی خلقوا علیها من قصورها عن درجة الخلیفة (تعطی ذلک) القول منهم (ما قالوا فی حق آدم ) علیه السلام .
(ما قالوه وهم لا یشعرون ) بأنه فیهم لا فی آدم علیه السلام .
لأنه مقتضى نشأتهم القاصرة عن نشأة آدم علیه السلام الجامعة، ولا شک أن کل من قال فی غیره شیئا إنما تصور ذلک الغیر أولا فی مرآة استعداده ثم أخبر عنه على حسب ما وجده فیها .
فما أخبر إلا عن استعداده فالقاصر یخبر بالقصور والکامل بالکمال (فلو عرفوا نفوسهم) من حیث ما هی ناشئة فی تلک النشأة المخصوصة القائمة بتجلی اسم خاص وأنها قاصرة عن النشأة الجامعة التی للخلیفة.
(لعلموا ما فیهم) من القصور عن نشأة الخلیفة (ولو علموا) ذلک (لعصموا)، أی لحفظوا باعترافهم بالقصور عما وقعوا فیه من الطعن فیمن هو أعلى منهم.
فإن قلت هذا الکلام یشعر بعدم عصمة الملائکة للجمع علیها.
قلت : المراد بعصمتهم المجمع علیها عصمتهم من المخالفات والمعاصی.
وکلامهم ذلک فی شأن هذه الخلیفة الذی لم یکن موجودة حینئذ لیس بمخالفة ولا معصیة.
وإنما هو بحسب ما عندهم من العلم بمن سئلوا عنه ممن لم یعرفوا مثله قبله أبدا.
فتکلموا فیه على مقتضى ما أعطاهم استعدادهم فأخطؤوه ولو علموه لحفظوا من ذلک.
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه وحکم علیها هذا الحال) فأخرجهم عن حد الاعتدال (فقالت من حیث النشأة) الخاصة بهم (أَتَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها) ما قالوا فی حق آدم من الإفساد وسفک الدماء.
(ولیس إلا النزاع) أی نزاع آدم علیه السلام مع الحق (وهو) أی هذا النزاع (عین ما وقع منهم فما قالوه فی حق آدم) من المخالفة والمنازعة لأمر الحق (هو عین ما هم فیه مع الحق) وهذا من إعطاء نشأتهم.
(فلولا أن نشأتهم تعطى لهم ذلک) المذکور (لما قالوا فی حق آدم ما قالوه) وفیه اعتذار من جانبهم (ولکن لا یشعرون) أنهم کانوا أصحاب النزاع بقولهم أتجعل وذکر الشعور دون العلم یدل على أن نزاعهم مع الحق تعالى.
قد بلغ غایة الظهور فکان کالمحسوس المشاهد فإذا لم یشعروا مخالفة أنفسهم مع الحق لم یعرفوا نفوسهم وأحوالهم.
(فلو عرفوا نفوسهم لعلموا) ربهم ولم یعلموا (ولو علموا) ربهم (لعصموا) عن قولهم فی حق آدم کما عصموا بعد العلم بإظهار الحجة علیهم
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قوله: "وما علمت أن الله أسماء ما وصل علمها إلیها، فما تغلب علیها ما ذکرناه، وحکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: "أتجعل فیها من یفسد فیها" (البقرة: 30). ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق.
فلو لا أن نشأتهم تعطى ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا."
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
"فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال".
فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم.
فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق.
ثم قال رضی الله عنه : " فلولا أنّ نشأتهم تعطی ذلک ، ما قالوا فی حق آدم ما قالوه " .
یعنی رضی الله عنه : النزاع والاعتراض من حیث ما ذکرنا من سرایة أحدیة جمع النشأة الطبیعیة الکلیّة ، « وهم لا یشعرون » بذلک لغلبة الحال وحکم البساطة والوحدة بالفعل ظاهرا ، وأعطى ذلک هذا الاعتراض والسعی فی الجرح ، فقالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون .
قال رضی الله عنه : ( فلو عرفوا نفوسهم ، لعلموا ولو علموا لعصموا ) .
أی إنّ مقتضى ذاتهم ونوریّتهم وبساطتهم هو عدم الاعتراض والاعتساف ، والاتّصاف بحقائق الإنصاف . لعصموا عن وقوع المنازعة .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال رضی الله عنه : "فغلب علیها ما ذکرنا وحکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة " أَتَجْعَلُ فِیها من یُفْسِدُ فِیها ".
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم .
فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق ،
فلو لا أن نشأتهم تعطى ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون .
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا ولو علموا لعصموا"
شرعت فی تجریح آدم وقدحت فیه ، إذ ما عرفت ما فی آدم من الأسماء التی لم تعرفها ، فحکم علیها حالها التی هی النقص حتى نسبوا النقص الذی هو مقتضى نشأتها إلى آدم
، فقالت :" أَتَجْعَلُ فِیها من یُفْسِدُ فِیها ویَسْفِکُ الدِّماءَ ".
- لأنها أدرکت بنقصها نقص آدم وما تحت حیطتها ومرتبتها من خواص القوة الشهوانیة والغضبیة واحتجبت عما فوق نشأتها من الأسماء التی لیست لها فأظهرت النزاع الذی هو حالها ومقتضى نشأتها لأن إدراک النقص والاحتجاب عن الکمال عین الإنکار والنزاع.
فکان ما قالوا فی حق آدم عین ما هم فیه مع الله
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قوله رضی الله عنه : "فغلب علیها ما ذکرناه، وحکم علیها هذا الحال."
فقالت من حیث النشأة: (أتجعل فیها من یفسد فیها) أی، ما وقفت الملائکة مع الأسماء التی تخص الملائکة وسبحت الحق بها وقدسته. (فغلب علیها) أی، على الملائکة.
(ما ذکرناه) من عدم الوقوف مع ما أعطته مرتبة الإنسان الکامل ومع ما اقتضته حضرة الحق منهامن العبادة والانقیاد لکل ما أمر الله به. (وحکم علیها) أی، على الملائکة.
(هذا الحال) أی، عدم الوقوف (فقالت من حیث النشأة) أی، من حیث نشأتهم الخاصة بهم: (أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء؟)
ولا ینبغی أن تحمل (النشأة) على النشأة العنصریة الإنسانیة لیکون معناه: فقالت هذا القول من حیث النشأة الجسمیة التی هی لآدم، مع غفلتهم عن النشأة الروحیة والمرتبیة.
لأن قوله: (فلولا نشأتهم تعطى ذلک، ما قالوا فی حق آدم ما قالوا) تصریح على أن المراد بالنشأة هنا هی النشأة التی تخصهم.
أی، قالت الملائکة من حیث نشأتهم التی هم علیها: (أتجعل فیها من یفسد فیها؟)و(التسبیح) أعم من (التقدیس) لأنه تنزیه الحق عن نقائص الإمکان والحدوث.
و (التقدیس) تنزیهه عنها وعن الکمالات اللازمة للأکوان، لأنهامن حیث إضافتها إلى الأکوان یخرج عن إطلاقها ویقع فی نقائص التقیید.
قوله : (ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم، فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق) أی، لیس هذا المعنى الذی غلب وحکم علیهم، وهو القول فیحق آدم، إلا المنازعة والمخالفة لأمر الحق، وهو، أی النزاع، عین ما وقع منهم مع الحق، فما قالوه فی حق آدم من النقص والمخالفة هو عین ما هم فیه مع الحق، إذ لیس ذلک النقصان المنسوب إلى آدم إلا المنازعة والمخالفة للحق. وهو، أی ذلک النقصان، عین ما وقع منهم حالة الطعن فیه.
قوله : (فلو لا أن نشأتهم تعطى ذلک، ما قالوا فی حق آدم ما قالوه، وهم لا یشعرون) أی، فلو لا أن نشأتهم التی حجبتهم عن معرفة مرتبة آدم تعطى ذلک النزاع.
ماقالوا فی حق آدم ما قالوه، وهم لا یشعرون إن استعداداتهم وذواتهم یقتضى ذلک الذی نسبوا إلى آدم، کما قیل: "کل إناء یترشح بما فیه."
وهذا تنبیه على أن الملائکة التی نازعوا فی آدم لیسوا من أهل الجبروت، ولامن أهل الملکوت السماویة، فإنهم لغلبة النوریة علیهم وإحاطتهم بالمراتب یعرفون شرف الإنسان الکامل ورتبته عند الله وإن لم یعرفوا حقیقته کما هی، بل الملائکة الأرض والجن والشیاطین الذین غلبت علیهم الظلمة والنشأة الموجبة للحجاب وفی قوله: "إنی جاعل فی الأرض خلیفة".
بتخصیص (الأرض) بالذکر، و إن کان الکامل خلیفة فی العالم کله فی الحقیقة، إیماء أیضا بأن ملائکة الأرض هم الطاعنون، إذ الطعن لا یصدر إلا ممن هو فی معرض ذلک المنصب، وأهل السماوات مدبرات للعالم العلوی بالقصد الأولى، وللسفلى بالقصد الثانی.
وإذا حققت الأمر وأمعنت النظر، تجدهم فی هذه النشأة الإنسانیة أیضا أنهم هم المفسدون - کما قال الله: "ألا أنهم هم المفسدون ولکن لا یشعرون".
ألا ترى أن القوة الشهویة والغضبیة هما ملکان من ملائکة الأرض، هما اللتان تغلبان على النفس الناطقة ویجعلان لها أسیرا منقادا لأفاعیلهما وأغراضهما.
وعند ذلک تصیر النفس (أمارة بالسوء) فهم المفسدون فی الحقیقة.
وکون السفک والفساد صادرا من القوى الجسمانیة لا الروحانیة القلبیة، دلیل واضح على ما ذهبنا إلیه من أن أهل الجبروت والملکوت السماویة لا یتنازعون مع الحق ولا یخالفون أمره ونهیه، إذ القوى الروحانیة والقلبیة لا یتأتى منهم ما یخالف أمر الله، فافهم
تنبیه
اعلم، أن هذه المقاولة یختلف باختلاف العوالم التی یقع التقاول فیها: فإن کان واقعا فی العالم المثالی فهو شبیه المکالمة الحسیة.
وذلک بأن یتجلى لهم الحق تجلیا مثالیا کتجلیه لأهل الآخرة بالصور المختلفة کما نطق به حدیث
(التحول)، وإن کان واقعا فی عالم الأرواح من حیث تجردها فهو کالکلام النفسی.
فیکون قول الله لهم إلقاؤه فی قلوبهم المعنى المراد، وهو جعله خلیفة فی الأرض من غیرهم. وقولهم عدم رضاهم بذلک وإنکارهم له، الناشئین من احتجابهم برؤیة أنفسهم وتسبیحهم عن مرتبة من هو أکمل منهم، واطلاعهم على نقائصه دون کمالاته.
ومن هذا التنبیه یتنبه الفطن على کلام الله ومراتبه:
فإنه عین المتکلم فی مرتبة، ومعنى قائم به فی أخرى کالکلام النفسی وإنه مرکب من الحروف و معبر بها فی عالمی المثالی والحسی بحسبهما.
کما بینا فی رسالتنا المسمى بکشف الحجاب عن کلام رب الأرباب. والله أعلم.
قوله : (فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا) أی، لو عرفوا ذواتهم وحقائقهم، لعلموا لوازمها من کمالاتها ونقائصها وعدم علمها بمرتبة الإنسان الکامل، وبأن لله تعالى أسماء ما یحققوا بها.
ولو علموا ذلک، لعصموا من نقائص الجرح لغیرهم وتزکیة أنفسهم.
ولما کان العلم الیقینی موجبا لخلاص النفس عن الوقوع فی المهالک غالبا،
قال، رضى الله عنه: (ولوعلموا لعصموا.)
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال رضی الله عنه : (فغلب علیها) أی: على الملائکة (ما ذکرناه) أی: لا من کون کل منهم محجوبا بنفسه.
(وحکم علیها هذا الحال) أی: الجهل المرکب الموجب لظن احاطتهم بالأسماء الإلهیة، وبما فی الأکوان من أسراره مع جهلهم لجمعیة آدم، واختصاصه ببعض الأسماء الإلهیة.
وهی التی لم یصل علمهم إلیها بل رأوه قاصرا عن تجلی الأسماء الإلهیة التی تجلت فیهم، فقالت: (من حیث النشأة ) الجسمانیة لأدم المشتملة على العناصر المتقابلة الطبائع التی بها الکون، والفساد المشتملة على الشهوة والغضب بما فیها من الهواء والنار ("أتجعل فیها") أی: فی الأرض ("من یفسد فیها") بطلب شهواته، ویسفک الدماء بثوران غضبه.
ثم زاد علیهم الشیخ فه بقوله: (ولیس) أی: فساد آدم وأولاده (إلا النزاع) مع الحق بالاعتراض علیه فیما لا تبلغه عقولهم، والسخط بقضائه فیما لا یوافق طباعهم، ومخالفة أوامره ونواهیه.
(وهو) أی: النزاع المعبر عنه بالفساد فیه قول الملائکة الذین طعنوا به فی حق آدم (عین) أی: مثل (ما وقع منهم) مع الحق حیث اعترضوا علیه، وإذا کان طعنهم فی آدم نزاعا مع الحق، وهم سابقون على أدم فی ذلک.
(فما قالوه فی حق آدم) من الفساد (هو عین ما هم فیه) الآن من النزاع (مع الحق) سابقون على أدم فیه، فهم أولى بذلک الطعن.
ثم إنهم لما طعنوا فی أدم بما رأوا فیه من مبدأ الفساد، وقد سبقوه فی استحقاق ذلک الطعن، وهو حادث لا بد له من سبب هو مبدؤه فلا بد فیهم من مبدأ الفساد أیضا، وهو الجهل المرکب والحجاب المذکوران.
(فلولا أن نشأتهم تعطی ذلک) النزاع مع الحق (ما قالوا فی آدم ما قالوه) ، من نسبة الفساد إلیه مع أن النزاع مع الحق أعظم أنواعه (وهم لا یشعرون).
أن ما طعنوا فی حق آدم نزاع مع الحق، ولا أنه فساد ناشئ من نشأتهم؛ فهذا جهل آخر مرکب فیهم (فلو عرفوا نفوسهم لعلموا) ما فی نشأتها من الجهل، والحجاب اللذین هما من مبادئ الفساد؛ فلذلک وقع منهم النزاع مع الحق، والدلیل على ذلک: أنهم (لو علموا) أن الفساد الذی طعنوا به فی حق آدم غیر ما هم فیه "ما هم علیه وفیه الآن بالطعن والنزاع مع الحق سبحانه فی آدم " (لعصموا) عن هذا الطعن، وسلموا عن النزاع مع الحق الذی هو أعظم أنواع الفساد.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال رضی الله عنه : ( فغلب علیها ما ذکرناه ) من عدم الجمعیّة التی لآدم .
وعدم وقوفها مع الأسماء کلَّها وعدم العلم بأنّ للحقّ أسماء وراء ما عندها ( وحکم علیها هذا الحال ) ، أی غلبها أحکام هذا السلوب والأوصاف العدمیّة ( فقالت من حیث النشأة ) أی نطقت لسان نشأتها هذه بقولها : ( "أَتَجْعَلُ فِیها من یُفْسِدُ فِیها " ) مستنکرة للحق فیه .
ساعیة لآدم بعدّ قبائح أوصافه العدمیّة مثنیة على أنفسها بعدّ محامد أوصافها السلبیّة کلّ ذلک من مقتضى نشأتها التی على محض التجرّد والتقدّس العدمی .
والدلیل على أنّ ذلک القول إنّما صدر منها من حیث نشأتها أنّ ما نسبوه لآدم إنّما هو الفساد (ولیس ذلک إلَّا النزاع ، وهو عین ما وقع منهم فما قالوه فی حقّ آدم ) من الفساد ( هو عین ما هم فیه مع الحقّ . فلو لا أنّ نشأتهم تعطی ذلک ، ما قالوا فی حقّ آدم ما قالوه ، وهم لا یشعرون ) .
أنّ ذلک القول هو عین ما نسبوه إلى آدم ، ضرورة أنّ صدور الآثار إذا کان من المبادی من غیر شعور بها ولا رویّة ، دلیل على أنّها من محض الجبلَّة ونفس الطبیعة .
( فلو عرفوا نفوسهم ) الجزئیّة بحقائقها وخصوصیّاتها ( لعلموا ) أن ذلک القول عین الإفساد ، وأنّ تجریح آدم به تجریح لأنفسهم ، ( ولو علموا ) ذلک ( لعصموا منه ) .
شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟
ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون. فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قوله رضی الله عنه : "فغلب علیها ما ذکرناه، وحکم علیها هذا الحال."
(فغلب علیها)، أی على الملائکة (ما ذکرناه) من عدم وقوفهم مع الأمور الثلاثة (وحکم علیها)، أی على الملائکة (هذا الحال) أی غلبة ما ذکرناه علیهم أو ما ذکرناه وهو عدم وقوفهم معها .
"فقالت من حیث النشأة : "أتجعل فیها من یفسد فیها" آیة 30 سورة البقرة."
(فقالت) أی الملائکة (من حیث النشأة) التی تخصهم بلسان التنافی والتنافر الذی بین الوحدة والبساطة الملکیتین، وبین الکثرة و الترکیب الإنسانیین.
"أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء " آیة 30 سورة البقرة .
"ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق."
(ولیس) ما ینسبونه إلى آدم من الإفساد وسفک الدماء (إلا النزاع) و المخالفة لا من الحق (وهو)، أی ذلک النزاع (غیر ما وقع منهم) مع الحق من اعتراضهم علیه فی جعله آدم خلیفة.
(فما قالوه فی حق آدم) مع الحق من النزاع والمخالفة (هو عین ما هم فیه مع الحق) منهما حال اعتراضهم على الحق والطعن فی آدم
"فلولا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعون. "
(فلولا أن نشأتهم تعطی ذلک) النزاع مع الحق سبحانه ویقتضی ذلک الاعتراض (ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون) مع الحق سبحانه.
"فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا."
(فلو عرفوا نفوسهم)ونشأتهم التی تخصهم لعلموا أن ما قالوه هو النزاع مع الحق سبحانه الذی هو من لوازم نشأتهم وأحکام نفوسهم (ولو علموا) ذلک( لعصموا) من الإقدام على النزاع فإنهم من الملائکة الذین لا یعصون الله ما أمرهم، فلو علموا أن ما قالوه نزاع مع الله سبحانه و عصیان لأمره ما وقع منهم ذلک القول.
وإنما وقع منهم الذهول عن هذا المعنى.
وأیضا لیس من مقتضى الإنصاف إذا أطلع أحد على أمر مذموم فی نفسه أن یطعن به فی غیره ویجرحه .
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟ ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون.
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال المصنف رضی الله عنه : ( فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: أتجْعلُ فیها منْ یـفْسِدُ فیها [ البقرة: الآیة 30] . و لیس إلا النزاع و هو عین ما وقع منهم فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق . فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه و هم لا یشعرون . فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، و لو علموا لعصموا) .
قال الشارح رضی الله عنه :
( فغلب علیها ما ذکرناه)، و هی الأسماء التشبیهیة المؤثرة فی الکون، فغلب علیها ما ذکرناه و هو عدم العلم و الوقوف بالأسماء و المراتب و المواطن .
( و حکم علیها هذا الحال) و هو الغلبة المذکورة، فقالت من حیث النشأة: أی باقتضائها لأنها طبیعیة تعطی التشاجر، و التخاصم، و التحالف .
فقوله: النشأة یحتمل أن یرید بها نشأة آدم: أی حین عرفت أن نشأته علیه السلام مرکبة من الأضداد من الحقائق المختلفة، و الطبائع المتنافرة، فحکمت بوقوع الفساد من ذلک لعلمها بالحقائق، و کذا وقع الأمر .
و لکن فاتهم أن الفساد قد یکون عین الصلاح، و الإفساد عین الإصلاح، و کیف لا؟! و الفاعل ربّ حکیم علیم .
و قد قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلَائِکَةِ إِنِّی جَاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیهَا مَنْ یُفْسِدُ فِیهَا وَیَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ قَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)" سورة البقرة .
و الرب هو المصلح لغة، فما وقفوا على مقصود الحق من خلق الخلیقة، و لو لم یکن الأمر کما وقع لتعطلت من الحضرة الإلهیة أسماء کثیرة لا یظهر لها حکم .
قال صلى الله علیه و سلم : "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم یذنبون فیستغفرون، فیغفر لهم"
فنبه فیه أن کل أمر فی العالم إنما هو لإظهار حکم اسم إلهی، و إذا کان هکذا الأمر: أی کما وقع فلم یبقى فی الإمکان أبدع من هذا العالم و لا أکمل، و فساده عین الصلاح، و إفساده عین الإصلاح مع أن السفک یدل على الغلبة، و العزة التی لصاحب المرتبة ذی المنعة، و القوة، و الشوکة .
قال تعالى: "فانظرْ کیْف کان عاقبةُ المُفْسِدِین" [ الأعراف: 103] .
قالوا: الخلافة العامة والعزة التامة، حتى قیل فیهم: "وللّهِ العزُّة ولرسُولهِ وللْمُؤْمِنین"[ المنافقین: 8].
مع أن العزة لله، فإن عزتهم عزة الحق من مقام وحدة الوجود لله جمیعا، فافهم الإشارة: أی إلى أنهم عین الحق .
یستفاد من مجموع الآیتین، فإن کنت من أهلها أقل من هذا یکفیک، و إن لم تکن من أهلها، فکل الموجود و لو کان لسانا ما یکفیک، فافهم .
وإنما وقع الغلط من استعجالهم بهذا القول من قبل أن یعلموا حکمة الله تعالى فیه، و ما حملهم على ذلک إلا الغیرة التی فطرت علیها فی جناب الله سبحانه و یحتمل أن یراد من النشأة لنشأتها: أی أنها قالت: من حیث نشأتها و مقتضائها لأنها طبیعیة : أی مخلوقة من الطینة .
ولولا أن الملأ الأعلى له جزء من طبیعة، و یدخل من حیث هیکلها النوریة المادیة التشاجر، و الخصام لما اختصمت، فإن الخصام من التنافر، و التنافر من الترکیب، فإذا تجرّد لا خصام، و لا نزاع .
قال رضی الله عنه فی "الفتوحات ":
لا بد فی نشأتها من المنازعة، و لا سیما المولد من الإمکان فإنها مولدة من مولد، فلو وقفوا مع روحانیتهم و تجردهم، فلم یقولوا ما قالوا بل یقولون: ذلک إلیک تفعل ما ترید. انتهى کلامه رضی الله عنه .
و ذلک لأن أول جسم خلقه الله تعالى الأرواح المهیمة و منهم: العقل الأول، و أمّا النفس الکل التی هی اللوح المحفوظ، فهی بواسطة العقل، فکل ملک خلق بعد هؤلاء، فداخلون تحت حکم الطبیعة، فهم من جنس أفلاکها التی خلقوا منها، و هم عمارها إلى أن ینتهی إلى ملائکة خلقت من العناصر إلى أن ینتهی إلى ما خلقت من أعمال العباد و أنفاسهم .
قال تعالى:" أتجْعلُ فیها منْ یُـفْسِدُ فیها" [ البقرة: 31]، و هذه الأداة لا تکون إلا من الأعلى إلى الأدنى .
کما قال تعالى:" وَإِذْ قَالَ اللَّهُ یَا عِیسَى ابْنَ مَرْیَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَأُمِّیَ إِلَهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَکَ مَا یَکُونُ لِی أَنْ أَقُولَ مَا لَیْسَ لِی بِحَقٍّ إِنْ کُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِی وَلَا أَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِکَ إِنَّکَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ (116) " سورة المائدة .
استفهام التقریر بما هو به عالم لیقیم الشهادة على نفسه بما ینطق به مع أنها ذات عیوب الغیر، و هی بعینها فیها، و لم ترها فی نفسها التی اتصفت بها فی الوقت شیئا، و بعدها شیء من حیث لم یشعر، فافهم .
( و لیس إلا النزاع) قال رضی الله عنه: المنازعة هی المخالفة، و المخالفة هی الخصام و الخصام من الطبیعة، و لا یکون إلا بین الضدین، و من هذه قالت ما قالت و رجّحت تدابیرا کونیا على تدبیر إلهی و هو من أکبر الفسادات مع أنه تعالى وصف نفسه الکریمة بأنه:" یدِّبـرُ الْأمْر" [ السجدة: 5] .
وما وصف نفسه إلا أن یعرف أنه ما یعمل شیئا إلا ما یقتضیه حکمة الوجود و أنه أنزله موضعه الذی لو لم ینزله فیه لم یوف الحکمة حقها، و هو الذی أعطی کل شیء خلقه، ثم هدى.
قال رضی الله عنه: أی یبین أن الله تعالى أعطى کل شیء خلقه، حتى لا یقول أحد ینبغی کذا، یقتضی کذا .
قال تعالى: "إنِّی أعِظک أنْ تکُون مِن الجاهِلین" [ هود: 46] .
قال رضی الله عنه من هذا المقام: إن الله عصمنی من القهر، فلم أنازع قط، و کل مخالفة تبدوا منی کمنازع، فهی تعلیم لا نزاع، فافهم .
( و هو عین ما وقع منهم) وقعت فیما غابت به غیرها، و نازعت فی الإطاعة و الانقیاد، و قالت ما قالت، و وقعت فی الفساد و هم لا یشعرون، و کذلک وقع منها سفک الدماء .
ذکر رضی الله عنه فی الباب الرابع و الخمسین و مائة من "الفتوحات ":
إن الملائکة التی أنزلها الله فی بدر کانوا من الملائکة، أو هم الملائکة التی قالوا فی خلق آدم علیه السلام قالوا: "أتجْعلُ فِیها منْ یُـفْسِدُ فیها و یسْفِکُ ِّ الدماء" [ البقرة: 30]، فأنزلها الله سبحانه فی بدر، فسفکوا، ووقعوا فیما عابوا به، انتهى کلامه رضی الله عنه .
و لو لم تعترض الملائکة ما ابتلیت بالسجود، فلما علم الحق منها السعوف و العلو على آدم علیه السلام، فأنزل بهذا العضال دواء شافیا، فأمرهم بالسجود، فلمّا تحسّوا هذا الدواء حسوا برئوا من الزهو، و علموا أنه یفعل ما یرید، و ما ابتلوا به إلا عن إغضاب دقیق خفی لا یشعر به إلا الراسخون .
و هکذا کل انتقام إلهی یقع بالظلم لا یکون إلا بعد إغضاب، و تحصیل معرفة الإغضاب على غایة الاستقصاء حتى یجتنبوا عنه فی غایة الصعوبة، فإنه من علم الأسرار ما یعرفه کل أحد .
و کان حذیفة الیمانی صاحب رسول الله صلى الله علیه و سلم عالما به، فلهذا سمّی بهذا الاسم: أی صاحب السرّ، و لیس علم أنفع منه فی حق الأولیاء، ذکره رضی الله عنه فی الباب الحادی و الأربعین و ثلاثمائة من "الفتوحات" .
و کل ذلک من عدم العلم و الکشف بحقائق الأمور وعدم الاطلاع بأحکام القضاء و القدر.
أما ترى اعترافها علیها السلام حین أعلمهم الله تعالى حقیقة الأمر أنها قالت : "سبحانک لاعِلْم لنا إلّا ما علّمتنا" [ البقرة: 32] .
أمّا قولهم: "و ما مِنّا إلّا لهُ مقامٌ معْلومٌ " [ الصافات: 164] فاعتراف منهم أن لهم حدود یقفون عندها، و لا یتعدونها، ولکن لا ندری أنه وقع هذا قبله أو بعده، و ترى أکمل الخلق وجودا، و أعلمهم بالله علما، و کشفا، و شهودا مع العلم العام التام، فإنه صلى الله علیه و سلم علم علم الأولین و الآخرین أنه یقول : "لا أدری ما یفعل بی و لا بکم".
هذا هو الأدب المطلوب، و الاعتناء الإلهی حفظه أن یطلق الکمال لنفسه، و یدّعیه لذاته على الإطلاق مع أن له الحق، فافهم .
( فلو عرفوا نفوسهم) ورد فی الخبر : "فإن من عرف نفسه فقد عرف ربه، و من عرف ربه عرف حظه منه".
( لعلموا) أنهم من بعض قواه علیه السلام، (و لو علموا) أنهم من بعض قواه (لعصموا) من برکة العلم على التجریح، فإنه لا یجرح أحد نفسه .
أو نقول: لو عرفوا نفوسهم، عرفوا ربهم، فإن "من عرف نفسه، فقد عرف ربه، و من عرف ربه علم مواقع خطایاه، و من عرف مواقع خطایاه لعصم من الزلل".
و لکن لم یعرفوا لأن هذا النوع من العرفان مخصوص للإنسان، فلم یعلموا فما عصموا، و وقع ما وقع، فافهم .
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: «أتجعل فیها من یفسد فیها»؟ ولیس إلا النزاع وهو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه وهم لا یشعرون.
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا. )
قال المصنف رضی الله عنه : ( فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: أتجْعلُ فیها منْ یـفْسِدُ فیها [ البقرة: الآیة 30] . و لیس إلا النزاع و هو عین ما وقع منهم فما قالوه فی حق آدم هو عین ما هم فیه مع الحق . فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حق آدم ما قالوه و هم لا یشعرون . فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، و لو علموا لعصموا) .
قال الشارح رضی الله عنه :
( فغلب علیها ما ذکرناه)، و هی الأسماء التشبیهیة المؤثرة فی الکون، فغلب علیها ما ذکرناه و هو عدم العلم و الوقوف بالأسماء و المراتب و المواطن .
( و حکم علیها هذا الحال) و هو الغلبة المذکورة، فقالت من حیث النشأة: أی باقتضائها لأنها طبیعیة تعطی التشاجر، و التخاصم، و التحالف .
فقوله: النشأة یحتمل أن یرید بها نشأة آدم: أی حین عرفت أن نشأته علیه السلام مرکبة من الأضداد من الحقائق المختلفة، و الطبائع المتنافرة، فحکمت بوقوع الفساد من ذلک لعلمها بالحقائق، و کذا وقع الأمر.
و لکن فاتهم أن الفساد قد یکون عین الصلاح، و الإفساد عین الإصلاح، و کیف لا؟! و الفاعل ربّ حکیم علیم .
و قد قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلَائِکَةِ إِنِّی جَاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیهَا مَنْ یُفْسِدُ فِیهَا وَیَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ قَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)" سورة البقرة .
و الرب هو المصلح لغة، فما وقفوا على مقصود الحق من خلق الخلیقة، و لو لم یکن الأمر کما وقع لتعطلت من الحضرة الإلهیة أسماء کثیرة لا یظهر لها حکم .
قال صلى الله علیه و سلم : "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم یذنبون فیستغفرون، فیغفر لهم"
فنبه فیه أن کل أمر فی العالم إنما هو لإظهار حکم اسم إلهی، و إذا کان هکذا الأمر: أی کما وقع فلم یبقى فی الإمکان أبدع من هذا العالم و لا أکمل، و فساده عین الصلاح، و إفساده عین الإصلاح مع أن السفک یدل على الغلبة، و العزة التی لصاحب المرتبة ذی المنعة، و القوة، و الشوکة .
قال تعالى: "فانظرْ کیْف کان عاقبةُ المُفْسِدِین" [ الأعراف: 103] .
قالوا: الخلافة العامة والعزة التامة، حتى قیل فیهم: "وللّهِ العزُّة ولرسُولهِ وللْمُؤْمِنین"[ المنافقین: 8].
مع أن العزة لله، فإن عزتهم عزة الحق من مقام وحدة الوجود لله جمیعا، فافهم الإشارة: أی إلى أنهم عین الحق .
یستفاد من مجموع الآیتین، فإن کنت من أهلها أقل من هذا یکفیک، و إن لم تکن من أهلها، فکل الموجود و لو کان لسانا ما یکفیک، فافهم .
وإنما وقع الغلط من استعجالهم بهذا القول من قبل أن یعلموا حکمة الله تعالى فیه، و ما حملهم على ذلک إلا الغیرة التی فطرت علیها فی جناب الله سبحانه و یحتمل أن یراد من النشأة لنشأتها: أی أنها قالت: من حیث نشأتها و مقتضائها لأنها طبیعیة : أی مخلوقة من الطینة .
ولولا أن الملأ الأعلى له جزء من طبیعة، و یدخل من حیث هیکلها النوریة المادیة التشاجر، و الخصام لما اختصمت، فإن الخصام من التنافر، و التنافر من الترکیب، فإذا تجرّد لا خصام، و لا نزاع .
قال رضی الله عنه فی "الفتوحات ":
لا بد فی نشأتها من المنازعة، و لا سیما المولد من الإمکان فإنها مولدة من مولد، فلو وقفوا مع روحانیتهم و تجردهم، فلم یقولوا ما قالوا بل یقولون: ذلک إلیک تفعل ما ترید. انتهى کلامه رضی الله عنه .
و ذلک لأن أول جسم خلقه الله تعالى الأرواح المهیمة و منهم: العقل الأول، و أمّا النفس الکل التی هی اللوح المحفوظ، فهی بواسطة العقل، فکل ملک خلق بعد هؤلاء، فداخلون تحت حکم الطبیعة، فهم من جنس أفلاکها التی خلقوا منها، و هم عمارها إلى أن ینتهی إلى ملائکة خلقت من العناصر إلى أن ینتهی إلى ما خلقت من أعمال العباد و أنفاسهم .
قال تعالى:" أتجْعلُ فیها منْ یُـفْسِدُ فیها" [ البقرة: 31]، و هذه الأداة لا تکون إلا من الأعلى إلى الأدنى .
کما قال تعالى:" وَإِذْ قَالَ اللَّهُ یَا عِیسَى ابْنَ مَرْیَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَأُمِّیَ إِلَهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَکَ مَا یَکُونُ لِی أَنْ أَقُولَ مَا لَیْسَ لِی بِحَقٍّ إِنْ کُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِی وَلَا أَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِکَ إِنَّکَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ (116) " سورة المائدة .
استفهام التقریر بما هو به عالم لیقیم الشهادة على نفسه بما ینطق به مع أنها ذات عیوب الغیر، و هی بعینها فیها، و لم ترها فی نفسها التی اتصفت بها فی الوقت شیئا، و بعدها شیء من حیث لم یشعر، فافهم .
( و لیس إلا النزاع) قال رضی الله عنه: المنازعة هی المخالفة، و المخالفة هی الخصام و الخصام من الطبیعة، و لا یکون إلا بین الضدین، و من هذه قالت ما قالت و رجّحت تدابیرا کونیا على تدبیر إلهی و هو من أکبر الفسادات مع أنه تعالى وصف نفسه الکریمة بأنه:" یدِّبـرُ الْأمْر" [ السجدة: 5] .
وما وصف نفسه إلا أن یعرف أنه ما یعمل شیئا إلا ما یقتضیه حکمة الوجود و أنه أنزله موضعه الذی لو لم ینزله فیه لم یوف الحکمة حقها، و هو الذی أعطی کل شیء خلقه، ثم هدى.
قال رضی الله عنه: أی یبین أن الله تعالى أعطى کل شیء خلقه، حتى لا یقول أحد ینبغی کذا، یقتضی کذا .
قال تعالى: "إنِّی أعِظک أنْ تکُون مِن الجاهِلین" [ هود: 46] .
قال رضی الله عنه من هذا المقام: إن الله عصمنی من القهر، فلم أنازع قط، و کل مخالفة تبدوا منی کمنازع، فهی تعلیم لا نزاع، فافهم .
( و هو عین ما وقع منهم) وقعت فیما غابت به غیرها، و نازعت فی الإطاعة و الانقیاد، و قالت ما قالت، و وقعت فی الفساد و هم لا یشعرون، و کذلک وقع منها سفک الدماء .
ذکر رضی الله عنه فی الباب الرابع و الخمسین و مائة من "الفتوحات ":
إن الملائکة التی أنزلها الله فی بدر کانوا من الملائکة، أو هم الملائکة التی قالوا فی خلق آدم علیه السلام قالوا: "أتجْعلُ فِیها منْ یُـفْسِدُ فیها و یسْفِکُ ِّ الدماء" [ البقرة: 30]، فأنزلها الله سبحانه فی بدر، فسفکوا، ووقعوا فیما عابوا به، انتهى کلامه رضی الله عنه .
و لو لم تعترض الملائکة ما ابتلیت بالسجود، فلما علم الحق منها السعوف و العلو على آدم علیه السلام، فأنزل بهذا العضال دواء شافیا، فأمرهم بالسجود، فلمّا تحسّوا هذا الدواء حسوا برئوا من الزهو، و علموا أنه یفعل ما یرید، و ما ابتلوا به إلا عن إغضاب دقیق خفی لا یشعر به إلا الراسخون .
و هکذا کل انتقام إلهی یقع بالظلم لا یکون إلا بعد إغضاب، و تحصیل معرفة الإغضاب على غایة الاستقصاء حتى یجتنبوا عنه فی غایة الصعوبة، فإنه من علم الأسرار ما یعرفه کل أحد .
و کان حذیفة الیمانی صاحب رسول الله صلى الله علیه و سلم عالما به، فلهذا سمّی بهذا الاسم: أی صاحب السرّ، و لیس علم أنفع منه فی حق الأولیاء، ذکره رضی الله عنه فی الباب الحادی و الأربعین و ثلاثمائة من "الفتوحات" .
و کل ذلک من عدم العلم و الکشف بحقائق الأمور وعدم الاطلاع بأحکام القضاء و القدر.
أما ترى اعترافها علیها السلام حین أعلمهم الله تعالى حقیقة الأمر أنها قالت : "سبحانک لاعِلْم لنا إلّا ما علّمتنا" [ البقرة: 32] .
أمّا قولهم: "و ما مِنّا إلّا لهُ مقامٌ معْلومٌ " [ الصافات: 164] فاعتراف منهم أن لهم حدود یقفون عندها، و لا یتعدونها، ولکن لا ندری أنه وقع هذا قبله أو بعده، و ترى أکمل الخلق وجودا، و أعلمهم بالله علما، و کشفا، و شهودا مع العلم العام التام، فإنه صلى الله علیه و سلم علم علم الأولین و الآخرین أنه یقول : "لا أدری ما یفعل بی و لا بکم".
هذا هو الأدب المطلوب، و الاعتناء الإلهی حفظه أن یطلق الکمال لنفسه، و یدّعیه لذاته على الإطلاق مع أن له الحق، فافهم .
( فلو عرفوا نفوسهم) ورد فی الخبر : "فإن من عرف نفسه فقد عرف ربه، و من عرف ربه عرف حظه منه".
( لعلموا) أنهم من بعض قواه علیه السلام، (و لو علموا) أنهم من بعض قواه (لعصموا) من برکة العلم على التجریح، فإنه لا یجرح أحد نفسه .
أو نقول: لو عرفوا نفوسهم، عرفوا ربهم، فإن "من عرف نفسه، فقد عرف ربه، و من عرف ربه علم مواقع خطایاه، و من عرف مواقع خطایاه لعصم من الزلل".
و لکن لم یعرفوا لأن هذا النوع من العرفان مخصوص للإنسان، فلم یعلموا فما عصموا، و وقع ما وقع، فافهم .
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص25
فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النشأة: أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها؟ و لیس إلّا النزاع و هو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حقّ آدم هو عین ما هم فیه مع الحقّ. فلو لا أن نشأتهم تعطی ذلک ما قالوا فی حقّ آدم ما قالوه و هم لا یشعرون.
ه جهت همین عم توقفشان این حال بر آنها غلبه کرد و گفتند أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها با اینکه این خود عین نزاع است که از آنها صادر شده پس آن چه که درباره آدم و در حق آدم گفتند عین آن عملى است که اینها با حق تعالى دارند. پس اگر نشئه ایشان (که آنها را از معرفت مرتبه آدم حاجب است) این نزاع را افاده نمىکرد این حرف را در حق آدم نمىگفتند. و حال اینکه ندانستند (که استعداد آنها و ذوات آنها اقتضاى همین نزاع را دارد که به آدم نسبت دادند).
تفاوت تسبیح با تقدیس
تسبیح اعم از تقدیس است. زیرا تقدیس تنزیه حق تعالى است از نقایص امکانى و حدوث که تنزیه ذات است؛ و تسبیح، تنزیه حق تعالى است از آن نقایص و از کمالات لازمه براى موجودات کونى، زیرا از این جهت که لوازم موجودات کونى هستند مقیدند و خارج از اطلاق و براى مقام شامخ حق تعالى زیبنده نیستند.
در حدیث است که طعام ملائکه تسبیح است و شرابشان تقدیس، سرّ آن از این بیان معلوم مىشود که تسبیح که تنزیه در مقام ذات است، با طعام مناسب است. و تقدیس که تنزیه در مقام صفات است (یعنى تنزیه از صفات نقیصه است) با شراب مناسب است.
حدیث این است که «طعامهم التسبیح و شرابهم التقدیس». چون سبوح بیان توحید ذات است و قدوس بیان توحید صفات.
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، و لو علموا لعصموا.
چه اگر عارف به نفوسشان بودند به مقام آدم عالم بودند و چون علم پیدا مىکردند عاصم و نگهدار خود بودند.
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 91-93
فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال. فقالت من حیث النشأة: «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها»؟
پس غالب شد بر ملائکه آنچه یاد کردیم پیش از این: از عدم وقوف بر آنچه مرتبه انسان کامل به وى داده، و آنچه حق- تعالى- از وى مىطلبد- از عبادت و انقیاد بر اوامر الهى و این حال، که آن عدم وقوف وى است بر این اسرار حکم کرد بر ملائکه؛ پس ملائکه مغلوب گشته، در تحت این نایافت،از آنجا که نشئهى خاصّ وى بود گفت: «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِکُ الدِّماءَ».(س 2- 30) و مراد از گفتن «من» آدمى است.
و لیس إلّا النّزاع و هو عین ما وقع منهم. فما قالوه فى حقّ آدم، هو عین ما هم فیه مع الحق. فلو لا أنّ نشأتهم تعطى ذلک ما قالوا فى حقّ آدم ما قالوه و هم لا یشعرون.
«ما» [در «ما قالوه» و در «ما هم فیه» و در «ما قالوه و هم لا یشعرون»] موصوله است؛ و در «ما قالوه فی حقّ آدم» بمعنى نفى است.
یعنى: این معنى که [بر ملائکه غالب شد، و بر ایشان حکم کرد، تا این قول در شأن آدم گفتند که: أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها(س 2- 30)] نیست، الّا منازعت و مخالفت امر حق- جلّ جلاله-. و آن نزاع و نقص آدم که گفتند، عین آن چیزى است که از ایشان صادر گشت؛ و با حضرت حق- جلّت عظمته- ایشان در عین آن نقص افتادند؛ و ندانستند. چرا که: ایشان [را] غرض از عرضه کردن نقایص آدم- از فساد و سفک دماء- بیان آن بود که: آدمى جهل و نافرمانى و مخالفت حق- تعالى- پیشه گیرد؛ و در نشئهى وى این عیب مىبینیم. و خود در ملائکه این نقص و عیب و جهل و مخالفت بوده؛ و خود نمىدانستند. که اگر در ایشان آن نبودى، و نه نشئهى ایشان، ایشان را، بر این داشتى، هرگز در حقّ آدم این سخنها نگفتندى. و لیکن گفتهاند: «از کوزه همان برون تراود که دروست.» لاجرم، چون نقص در ایشان بود، سخن از نقص گفتند.
بدان، که: طایفهاى از محقّقان گفتهاند که: طاعنانى که در شأن آدم، و گویندگان «أَ تَجْعَلُ فِیها ..» ملائکه ملکى بودند؛ نه ملائکه جبروتى و ملکوتى؛ که این طایفه به غلبه تقرّبى که حق- تعالى- ایشان را کرامت فرموده، شرف و رتبت، و قدر و منزلت انسان کامل در حضرت عزّت مىدانند. امّا ملائکه ملکى و جنّ و شیطان در ظلمات حجب گرفتارند، از معرفت رتبت این خلیفه برکنارند. و اگر نیکو تأمّل کنى در این آیت که: «إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً»(س 2- 30) ، بدانى که در وى اشارتى است بر آنکه: طاعنان، ملائکه ارضى بودهاند، نه علوى؛ که طعن و مضادّت از کسى صادر شود که در معرض آن منصب باشد. و چون حق- تعالى- فرمود که: در این زمین خلیفه پیدا خواهم کرد، و ایشان زمینیان بودند، به معارضه برخاستند.
و غرض از این عرض و تخصیص ذکر خلیفه در ارض، همانا همین بوده باشد؛ تا اهل فهم دریابند که، معارضان ایشان ملائکه زمینى بودند، که همه را معلوم است- چه ملکى، و چه ملکوتى، و چه جبروتى- که: خلیفه مطلق حق انسان کامل است. و به قول حکیم قوّه شهوت و غضب دو ملکاند از ملائکه ارضى، که بر نفس ناطقه غالب مىگردند؛ و او را اسیر فعل خود مىگردانند؛ تا به صفت «أمارة بالسوء» برآید؛ و سفک دماء و فساد ناسزا- که از قواى جسمانى است- از او صادر گردد. پس فی الحقیقة، فساد و سفک دماء فعل آن دو ملک ارضى باشد؛ و ایشان در عین آنند، و نمىدانند؛ «أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لکِنْ لا یَشْعُرُونَ».(س 2- 12)
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا. و لو علموا لعصموا.
یعنى: اگر ملائکه ذات و حقیقت خود بدانستندى، و بشناختندى، آنچه لازم ذات ایشان است از کمال و نقصان، هم بدانستندى که: ایشان را معرفت مرتبه انسانى به کما هى نیست، و چون این علم ایشان را حاصل شدى، معصوم بماندندى از جرح کردن آدمى، و طعن در وى، و تزکیه کردن نفس خود؛
اگر مشک خالص تو دارى مگوى که گر هست، خود فاش گردد به بوى
که اظهار تسبیح و تقدیس در چنین مقام منتج و مستلزم شرک خفى است؛ چرا که: مسبّح و مقدّس فی الحقیقة اللّه است- تعالى شأنه- در هر مظهرى از مظاهر ملکى و بشرى و حیوانى و شجرى؛ «وَ إِنْ مِنْ شَیْءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لکِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ».(س 17- 44) اگر نیکو تأمّل کنى، مؤیّد این معنى یابى.
و در لفظ «و لو علموا لعصموا» اشارتى است بر آنکه علم یقینى موجب خلاص نفس است از مهالک غالبا.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 124-126
فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النّشأة: «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها»؟
پس غالب شد بر ملائکه آنچه ما ذکر کردیم از عدم وقوف به آنچه تقریر آن به تقدیم رسید و حکم کرد بر ایشان این عدم وقوف، پس از آنجا که نشأت ایشان است گفتند: أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها؟ بیت:
ملائک چو دیدند او را بشر از آنش نمودند نسبت به شرّ
و لیس إلّا النّزاع و هو عین ما وقع منهم فما قالوه فى حقّ آدم هو عین ما هم فیه مع الحقّ.
یعنى نیست این قول ایشان در حق آدم بغیر منازعت و مخالفت مرا مر حقّ را و این عین نزاعیست که واقع شد از ایشان با حق، پس آنچه او را در حق آدم گفتند ایشان در عین آن بودند با حق و ندانستند که، بیت:
دید عیب دیگران هم هست عیب اى خوشا چشمى که بینا شد به غیب
دیده سوى غیب اگر بینا شود عیبها اندر نظر زیبا شود
آرى: بیت
نیک و بد در نظر عقل بود عاشق شو کآنچه دلبر کند آن را همه زیبا بینى
فلو لا إنّ نشأتهم تعطى ذلک ما قالوا فى حقّ آدم ما قالوه و هم لا یشعرون.
پس اگر نشأت ایشان حجاب از معرفت مرتبه آدم نشدى، نگفتندى در حق آدم علیه السلام، آنچه گفتند و حال آنکه ایشان نمىدانند که استعدادات و ذوات ایشان اقتضا مىکند آنچه او را به آدم نسبت کردند از نقصان. کما قیل: کلّ إناء یترشّح بما فیه. ع. از کوزه همان برون تراود که دروست.
و این تنبیه است بر آنکه ملائکه که منازعت در شأن آدم کردند از اهل جبروت و از اهل ملکوت سماویّه نبودند، چه ایشان از آن روى که نوریّت بر ایشان غالب است و حصول احاطه به جمیع مراتب است شرف انسان کامل را مىشناسند و رتبه او را در حضرت بارى تعالى و تقدّس مىدانند. اگرچه از ادراک حقیقت او چنانکه هست قاصراند؛ بلکه متصدّى به منازعت ملائکه ارض و جنّ و شیاطین بودند که ظلمت بر ایشان غالب بود و نشأت ایشان از ادراک شرف انسان کامل حاجب. و در قول حق سبحانه و تعالى که: إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً تخصیص ذکر ارض با آنکه خلافت در کلّ عالم است منبئ است از آنکه طاعنان ملائکه ارضاند چه غالب آنست که طعن از کسى صادر مىشود که در معرض آن منصب باشد و اهل سماوات مدبّرات عالم علوىاند به قصد اوّلى و مدبّرات عالم سفلى به قصد دوم. و اگر امعاننظر و اجالت بصر کنى دانى که فساد در ارض از همین طاعنان ظاهر مىشود، چه قوّت شهویّه و غضبیّهکه منشأ فساداتند دو
ملکاند از ملائک ارض که غلبه مىکنند بر نفس ناطقه و او را اسیر و منقاد افاعیل و اغراض خویش مىسازند و بدین سبب نفس امّاره بسوء مىگردد. لاجرم در کلام شیخ: و هم لا یشعرون تلمیح است بدین آیت که: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لکِنْ لا یَشْعُرُونَ
و بدانکه این مقاوله مختلف مىشود به اختلاف عوالمى که این تقاول واقع است در آن، پس در عالم مثال مقاوله شبیه مکالمه حسیّه است، چنانکه تجلّى کند حق بر ملائکه تجلّى مثالى بر آن (بدان- خ) نهج که تجلّى مىکند بر اهل آخرت به صور مختلفه، چنانکه حدیث «تحوّل» بدان ناطق است. و اگر تقاول واقع شود در عالم ارواح مجرّده مشابه کلام نفسى باشد و قول حق با ایشان عبارت بود از القاى معنى مراد در قلوب ایشان که آن خلیفه ساختن غیر است در ارض و قول ایشان عدم رضا و انکار است خلافت غیر را و این (و انکار است به خلافت غیر، و این- خ) انکار و عدم رضا به واسطه احتجاب ایشان است به رؤیت نفس خویش و تسبیح خود از ادراک مرتبه آنکه کاملتر است از ایشان و از اطلاع بر نقایص او و عدم مشاهده کمالاتش.
از این تنبیه که به تقدیم رسید متنبّه مىشود نفس یقظى و طبع فطن بر مراتب کلام الهى که در مرتبهاى عین متکلّم است و در مرتبه دیگر معنى قایم به متکلم چون کلام نفسى و در عالم مثالى و حسّى مرکّب از حروف و معبّر بدان. بیت:
زانکه این اسما و الفاظ حمید از گلابه آدمى آمد پدید
علّم الاسما بد آدم را امام لیک نى اندر لباس عین و لام
چون نهاد آن آب و گل بر سر کلاه گشت آن اسماى جانى روسیاه
که نقاب حرف دم در خود کشید تا شود بر آب و گل معنى پدید
گرچه از یک وجه منطق کاشف است لیک از ده وجه پرده مکنف است
پردل ار سامع بدى وحى نهان حرف و صوتى کى بدى اندر میان
این حروف واسطهاى یار غار پیش واصل خار باشد خار خار
بس بلا و رنج بایست و وقوف تا رهد آن روح صافى از حروف
اى خدا جان را تو بنما آن مقام کاندر آن بىحرف مىروید کلام
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، و لو علموا لعصموا.
پس اگر ملائکه نفوس و حقایق خود را بشناختندى هرآینه لوازم آن را از کمالات و نقایص و عدم علم خود را به مرتبه انسان کامل دانستى و نزد ایشان محقق شدى که حق سبحانه و تعالى را اسمائى است که بدان متحقّق نگشتهاند؛ و اگر دانستندى از نقصان جرح دیگرى به تزکیه نفس خویش نگاه داشته شدندى. چه علم در اغلب احوال موجب خلاص نفس است از وقوع در مهالک. بیت:
خاتم ملک سلیمان است علم جمله عالم چون تن و جان است علم
نیست غیر از علم رهبر سوى دوست کیمیاى دولت و اقبال اوست
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 520
فغلب علیها ما ذکرناه، و حکم علیها هذا الحال فقالت من حیث النّشأة «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها»؟ و لیس إلّا النّزاع و هو عین ما وقع منهم. فما قالوه فی حقّ آدم هو عین ما هم فیه مع الحقّ. فلو لا أنّ نشأتهم تعطى ذلک ما قالوا فی حقّ آدم ما قالوا و هم لا یشعرون.
شرح یعنى فقالت الملائکة من حیث النّشأة أی: بلسان التّنافى و التّنافر الّذی بین البساطة و التّرکیب «أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ»؟ لیس إلّا النّزاع. یعنى موجب النّشأة هو النّزاع و هو عین ما وقع منهم فی الاعتراض فما قالوه فی حقّ آدم هو عین ما هم فیه مع الحقّ، و الاعتراض على اللّه عین النّزاع، و جرح آدم عین سفک دمه لأنّه طلب عدم خلقه و إیجاده بدان که نزد محققان آنست که طاعنان در شأن آدم، ملائکه ملکى بود از جنّ و شیاطین نه ملایکه ملکوتى و جبروتی. و در آیت «إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً» اشارتیست بدان که طاعنان در شأن آدم، ملایکه ارضى بودند نه علوى. زیرا که طعن و مضادّت از کسى صادر شود، که در معرض آن منصب باشد، فافهم.
دیگر آن که شهوت و غضب به قول حکیم، دو ملکند از ملایکه ارضى، که بر نفس ناطقه غالب شدهاند، و او را أسیر فعل خود کرده و به صفت «امّارة بالسّوء» برآورده، و سفک دماء و فساد- که از قواى جسمانى است از ایشان صادر مىشود. پس فی الحقیقة فساد و سفک دماء، فعل آن دو ملک ارضى باشد، و ایشان در عین آنند و نمىدانند.
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، و لو علموا لعصموا.