الفقرة الحادیة والعشرون :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
(ولما)، أی حین (اقتضاه)، أی اقتضى واجب الوجود لهذا الإنسان الحادث بمعنی طلبه من الأزل (لذاته)، حتى یصیر بسبب ذلک موصوفة عند ذاته بالأوصاف
کان ذلک الإنسان الحادث (واجب) وجوده (به)، أی بمن اقتضاه لذاته وهو واجب الوجود.
(ولما کان استناده)، أی استناد هذا الإنسان الحادث (إلى من ظهر عنه لذاته)، وهو الواجب الوجود (اقتضى) الأمر بالضرورة (أن یکون) هذا الإنسان (على صورته)، أی على صورة واجب الوجود.
ثم بین وجه کونه على صورته بقوله : (فیما)، أی فی کل أمر (ینسب إلیه تعالى) نسبة صادرة (من) جهة (کل شیء) وکل شیء هو هذا الإنسان الحادث کبیرا کان وهو المسمى بالعالم، فإن الإنسان الکبیر کما سبق أو صغیرا وهو الإنسان الصغیر وهو آدم وبنوه إلى یوم القیامة .
ثم بین الذی ینسب إلیه تعالى من کل شیء بقوله : (من اسم) کالقادر والخالق (وصفة) کالقدرة والتخلیق وغیر ذلک مما فصلناه فی عقائد أهل البدایة (ما عدا الوجوب)، أی وجوب الوجود (الذاتی).
أی الذی لله تعالى من ذاته لا من غیره (الخاص) به تعالی (فإن ذلک لا یصح فی) الإنسان (الحادث) أبدا.
(وإن کان) الإنسان الحادث (واجب الوجود) أیضا کما ذکرنا (ولکن وجوبه)، أی وجوب وجوده (بغیره لا بنفسه) .
فهو من جهة کون الإنسان وجوده واجبا على صورة الواجب الوجود الذاتی، ومن جهة کون وجوب وجوده بغیره لیس على صورته .
واعلم أن هذا الاقتضاء الذی اقتضاه واجب الوجود الذاتی لهذا الإنسان الحادث الذی هو واجب الوجود بغیره.
إنما هو اقتضاء ذاتی کما ذکر، والاقتضاء الذاتی هو طلب الذات حضورها عندها بطلبه هو عین ذاتها خارج عن أوصافها مثل اقتضائها لأوصافها.
فإن ذلک الاقتضاء لیس من جملة أوصافها بل هو ذاتها، وإلا لکانت أوصافها حادثة لها، لأنها مطلوبة لها حینئذ ولیس کذلک بل هی قدیمة أزلیة .
ثم إن هذا الاقتضاء الذاتی الذی هو طلب الذات حضورها عندها اقتضى انقسام الذات إلى طالب ومطلوب وحاضر ومحضور.
ولا شیء غیر الذات المقدسة فانقسمت بالضرورة إلى طالب ومطلوب وحاضر ومحضور.
وکل أمرین متقابلین لا بد أن یکون بینهما أمر ثالث فاصل بینهما لیتمیز کل أمر منهما عن الآخر.
فیتم ذلک الاقتضاء المذکور، فظهرت الأوصاف الإلهیة والأسماء الذاتیة التی لا یبلغها العد والإحصاء من بین هذین الحضرتین القدیمتین :
حضرة الطالب وحضرة المطلوب. والحاضر والمحضور.
فوصف بها الطالب باعتبار المطلوب، ووصف بها المطلوب باعتبار الطالب .
فظهر المطلوب على صورة الطالب باعتبار اتصافه بهذه الأوصاف، مع تباین الطالب والمطلوب بالنظر إلى ذات کل واحد منهما. وإن کانا کلاهما ذاتا واحدة فی الحقیقة.
ولکن أین الطالب من المطلوب؟ . . وأین الفاعل من المفعول؟
فإن الأوصاف التی هی البرزخ الفاصل بین الحضرتین وإن اتصف بها کل واحد من الطالب والمطلوب حتى کان کل واحد منهما على صورة الآخر.
ولکن هی منسوبة إلى من اتصف بها، فحیث اتصف بها الطالب فهی أوصاف طالبیة.
وحیث اتصف المطلوب فهی أوصاف مطلوبیة، وهی على کل حال صورة واحدة اقتضتها الذات الواحدة لحضرتیها المذکورتین .
وهذا معنی اقتضاء واجب الوجود لذاته، أن یکون هذا الإنسان الحادث على صورته فی کل اسم وصفة له تعالی مطلقا ما عدا الوجوب الذاتی الخاص.
فإن هذه الأوصاف إذا نسبت إلى هذا الطالب من حیث هو طالب بقی المطلوب معدوما.
إذ هو عین ذات الطالب وقد کان طالبا، واشتغل بالطالبیة باعتبار اتصافه بالأوصاف المذکورة.
فلا مطلوب حینئذ، فإذا وجد باعتبار اتصافه بالأوصاف مشتقة من أوصاف الطالب المذکورة انقسمت الذات إلى طالب ومطلوب کما ذکرنا.
وانقسمت الأوصاف أیضا کذلک إلى أوصاف الطالب الأصلیة وأوصاف المطلوب الفرعیة.
بقی الطالب واجب الوجود لذاته والمطلوب واجب الوجود لغیره.
وذلک الغیر هو الطالب فافترقا من هذا الوجه فقط واشترکا فی جمیع الأوصاف المذکورة ما عدا هذا الوجه فقط .
وکانت أوصاف الطالب قدیمة وأوصاف المطلوب حادثة.
ولا شک أن صورة الشیء هی مجموع أوصافه وأسمائه فقط إلا ذاته.
فلهذا کان المطلوب على صورة الطالب، والطالب هو الحق تعالی والمطلوب هو الإنسان الحادث .
والظاهر الطالب هو الإنسان الحادث، لأنه المطلوب، والباطن عن المطلوب هو الحق تعالی، لأنه الطالب له، والله أعلم وأحکم.
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
(ولما اقتضاه) أی اقتضى الواجب الوجود هذا الحادث.
قوله : (لذاته) متعلق باقتضی (کان) الحادث (واجبة به) أی بالواجب الوجود والاقتضاء ههنا بمعنى الإعطاء لا بمعنى الإیجاب.
کما قال الذی أعطى الوجود أو بمعنى الإیجاب بحسب تعلق الإرادة (ولما کان استناده) .
أی الحادث قوله : (إلا من ظهر عنه) متعلق بالاستناد قوله : (لذاته) متعلق بیان (اقتضى) الحادث اقتضاء ذاتیة أن یکون أی أن یتکون ویوجد (على صورته) أی على صفة موجودة (فیما ینسب) الحادث (إلیه) إلى موجوده (من کل شیء من اسم وصفه ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح للحادث) .
وإلا لکان واجبة لا حادثة، وإن کان واجب الوجود (ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه) وإلا لم یکن ممکنا بل واجبا بالوجوب الذاتی.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شی ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
فما أرى أن فیه ما یحتاج إلى الشرح لأن عبارة الشیخ فیه وافیة بالمقصود ولیس هو مما یحتاج إلى الذکر الجلی بل هو من مدرکات أفهام الناس
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
قال رضی الله عنه : " ولمّا کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته ، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة " .
یعنی : من حیث اقتضائه أن یکون على صورته بحیث لا یخرج الاسم والصفة من حقیقتها الخاصّة ، وإن أوجبت الإضافة نعتا ، لیس لها بالفعل ، بل بالصلاحیة وبشرط الإضافة کما ذکر فی حقیقة العلم والحیاة .
قال رضی الله عنه : "ما عدا الوجوب الذاتیّ فإنّ ذلک لا یصحّ فی الحادث وإن کان واجب الوجود ، ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه ".
یعنی رضی الله عنه :
لمّا کان العبد على صورة سیّده ، وجب أن یکون واجبا ، ولکن وجود العبد ووجوبه مستفاد من الواجب بذاته الموجب لوجود هذا الحادث ، فما له قدم فی الوجوب الذاتی لکون وجوب وجود العبد لا بذاته لا بذات مطلقة منها ذاته ، أو وجود مطلق منه وجوده.
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
معناه ولما اقتضى الواجب لذاته الممکن لذاته کان الممکن لذاته واجبا به معدوما فی حد نفسه مستندا إلیه فی وجوده وعینه لأنه الذی أعطى عینه من ذاته ثم وجوده من اسمه النور .
فاستناده إلى الواجب الذی ظهر عنه لذاته اقتضى أن یکون على صورته فی کل ما ینسب إلى ذلک الممکن من اسم وصفة وأی شیء کان لأن أصله العدم .
فاستند إلى الواجب فی عینه وکل ما یتبع عینه من صفاته ووجوده وذلک صمدیته تعالى أو فی کل ما ینسب إلى الواجب والمراد بالممکن کل ما للواجب الصمد إلا الوجوب الذاتی وإنما قید الوجوب بالذاتی لأنه ما لم یجب لم یوجد لکنه واجب به لا بنفسه
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
قوله رضی الله عنه : "إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شئ، من اسم وصفة، ما عدا الوجوب الذاتی، فإن ذلک لا یصح للحادث وإن کان واجب الوجود, ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه"أی، اقتضى هذا الاستناد أن یکون الحادث على صورة الواجب، أی، یکون متصفا بصفاته وجمیع ما ینسب إلیه من الکمالات ما عدا الوجوب الذاتی، وإلا لزم انقلاب الممکن من حیث هو ممکن واجبا وذلک لأنه اتصف بالوجود والأسماء والصفات لازمة للوجود فوجب أیضا اتصافه بلوازم الوجود وإلا لزم تخلف اللازم عن الملزوم.
ولأن المعلول أثر العلة، والآثار بذواتها وصفاتها دلائل على صفات المؤثر وذاته، ولا بد أن یکون فی الدلیل شیء من المدلول، لذلک صار الدلیل العقلی أیضا مشتملا على النتیجة: فإن إحدى مقدمتیه مشتملة على موضوع النتیجة، والأخرى على محمولها، والأوسط جامع بینهما.
ولأن العلة الغائیة من إیجاد الحادث عرفان الموجد، کما قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون".
والعبادة تستلزم معرفة المعبود ولو بوجه، مع أن عباس، رضى الله عنه، فسرها هنا بالمعرفة. ولا یعرف الشیء إلا بما فیه من غیره، لذلک قال، علیه السلام، حین سئل:" بم عرفت الله؟ عرفت الأشیاء بالله." أی، عرفته به أولا، ثم عرفت به غیره.
ولما کان وجوده من غیره،صار أیضا وجوبه بغیره. وغیر الإنسان من الموجودات، وإن کان متصفا بالوجود، لکن لا صلاحیة له لظهور جمیع الکمالات فیه، کما مر فی أول الفص.
وقوله: "لذاته" یجوز أن یکون متعلقا ب "الاستناد". أی، ولما کان استناد الحادث إلى من یوجده لذات الحادث، اقتضى أن یکون على صورة موجده.
ویجوز أن یکون متعلقا بـ "ظهر" وعلى هذا ضمیر "لذاته" یجوز أن یعود إلى "من" ویجوز أن یعود إلى "الحادث".
وعلى الأول معناه: لما کان استناد الحادث إلى موجد ظهر الحادث عنه لاقتضاء ذات الموجد إیاه، اقتضى أن یکون علىصورته، وعلى الثانی، ظهر لاقتضاء ذات الحادث الموجد إیاه.
والله أعلم.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شی ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
ثم أشار إلى وجه ارتباط الواجب بالمحدث بظهوره فیه. فقال رضی الله عنه : (ولما کان استناده) أی: الحادث (إلى من ظهر) الحادث (عنه لذاته) بلا واسطة أمر آخر حتى یقال : یحتمل أخذ صورة الواسطة المغایرة لصورة الأصل (اقتضى) استناده إلیه لذاته (أن یکون) هذا الحادث (على صورته)؛ لأن صورة الفرع تابعة لصورة الأصل على ما هو العادة المشهورة.
فالحادث شارک الحق فی الصورة الوجودیة، ولوازمها مشارکة صورة الإنسان الظاهرة فی المرأة للإنسان المجازی لها.
ولیس المراد الاشتراک فی الصورة الحسیة بل المراد فی الصورة المعنویة، وهو الاشتراک بینهما (فیما ینسب إلیه) أی: إلى من ظهر عنه (من کل شیء من اسم) دال على الذات وحده، ومع صفة (وصفة ماعدا) الوصف الذی هو
(الوجوب الذاتی؛ فإن) ظهور (ذلک لا یصح فی الحادث)؛ لأن لازمه هو الافتقار الذاتی ینافی هذا الوصف، (وإن کان) الحادث، إنما (واجب الوجود) من حیث إن موجده أوجب له الوجود، وإن وجوده ضروری حال کونه موجودا، وهی الضرورة المسماة بالضرورة لشرط المحمود (لکن وجوبه بغیره لا بنفسه)، فلیس هذا الوجوب لوجود الحادث صورة للوجوب الذاتی الذی هو وصف الحق، بل غایته أنه صورة للوجوب من حیث أنه وجوب فی الجملة.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شی ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
فأشار إلى هذا بقوله رضی الله عنه : ( ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به ) .
ومنها : إنّ استناد الممکن فی الافتقار والاستفاضة لما کان إلى الواجب الظاهر هو عنه لذاته ، اقتضى أن یکون الممکن مثله فی جمیع ما نسب إلیه إلَّا الوجوب الذاتی ، وذلک لأنّ ما ظهر عن المبدء لذاته لا بدّ وأن یظهر المبدء به بذاته ، ویکون مظهرا لها بجمیع مقتضیاتها ، وإلَّا ما کان ظاهرا عن المبدء لذاته ، بل بواسطة ما ظهر به من المقتضیات .
کما یطلعک على ذلک ظهور الکلام الجامع للکل عن الإنسان من حیث الجمعیّة الکمالیّة التی له وإلى ذلک أشار بقوله : ( ولمّا کان استناده إلى ما ظهر عنه لذاته اقتضى أن یکون على صورته ، فیما ینسب إلیه من کلّ شیء من اسم وصفه ، ما عدا الوجوب الذاتی ، فإنّ ذلک لا یصحّ فی الحادث ) للمنافاة الضروریّة بین الضرورة الذاتیّة والإمکان الذاتی ، فالحادث بحسب وجوده الموجود به ( وإن کان واجب الوجود ، ولکن وجوبه بغیره ، لا بنفسه ) .
فلئن قیل : سائر ما فی الحادث من الصفات کذلک لیست عین ما فی الواجب - کالعلم والقدرة والإرادة وغیرها - ضرورة أنّ الحادث حاکم علیها بالحدوث کما مرّ ، فما وجه تخصیص الوجوب بذلک ؟
قلنا: هو أنّ الحادث یمکن اتّصافه بسائر تلک الصفات بالذات ، دون الوجوب ، فإنّه لا یتّصف به إلَّا بملاحظة نسبته إلى الواجب ، وذلک لأنّ الوجوب طرف ظاهریّة الوجود ، ولیس للممکن منها نصیب کما عرفت .
ثمّ لمّا مهّد هذا الأصل ، یشیر إلى ما یتفرّع علیه من الأحکام ، مؤیّدا بما فی التنزیل من الآیات الدالَّة علیها ، تأسیسا لذلک الأصل وتشییدا لما یبتنى علیه من أمر امّهات الأسماء التی هی بمنزلة المبادئ للمسائل المبحوث عنها فی هذه الحکمة على ما عرفت .
أعنی الإضافیات الأربع التی لها الإحاطة بجمیع الأسماء الإلهیّة منها والکونیّة والدلالة على سائر الطرق التنزیهیّة منها والتشبیهیّة .
شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامی 898 هـ:
قوله رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شی ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه.)
قوله : "و لما اقتضاه لذاته کان واجباً به. "
(ولما اقتضاه) أی الواجب الحادث لذاته.
أی التجلی ذاته المتجلیة الساریة فیه (کان واجبة به) فی وجوب المعلول بعلته .
فکما أعطاه الوجود أعطاه وجوب الوجود أیضا .
فکل واحد من الوجود ووجوبه أثر فی الواجب الممکن فلکل من الواجب والممکن حکم على الآخر .
کما کان لکل من الأمور الکلیة والأعیان الخارجیة حکم على الآخر.
ثم لما فرغ من بیان الارتباط بین الحق والعالم وکان ذلک الارتباط على وجه یقتضی أن یکون العالم على صورته سبحانه نبه علیه.
قوله : "و لما کان استنادُه إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شئ من اسم و صفة ما عدا الوجوبَ الذاتیَّ فإن ذلک لا یصح فی الحادث و إن کان واجب الوجود و لکن وجوبه بغیره لا بنفسه."
بقوله : (ولما کان استناده)، أی استناد الحادث (إلى من ظهر)، أی الحادث (عنه لذاته) المتجلیة بأحدیة جمعه الأسماء فی کل ما ظهر عنه.
(یقتضی) ذلک الاستناد (أن یکون) الحادث الظاهر عنه (على صورته) وصفته (فیما ینسب إلیه) تعالى (من کل شیء) بیان لما (من اسم وصفة) بیان لشیء.
فحاصله أن یکون على صفته تعالى فی کل اسم.
وصفة تنسب إلیه تعالى کما أنه ینسب کل اسم وصفة إلیه تعالى. کذلک إلى الحادث.
فإنه بأحدیة جمعه الأسماء متجلی وصار فیه .
ولذا قیل : کل موجود متصف بالصفات السبع الکمالیة لکن ظهورها فیه بحسب استعداده وقابلیته (ما عدا الوجوب الذاتی) الخاص .
(فإن ذلک)، أی الوجوب الذاتی (لا بصع للحادث) ولا ینسب إلیه (وإن کان)، أی الحادث (واجب الوجود) بالمعنى الأعم.
فإنه أعم من أن یکون وجوبه بالذات أو بالغیر، والحادث وإن لم یکن واجبا بذاته لکنه واجب بغیره کما قال (ولکن وجوبه)، أی وجوب الحادث (بغیره) الذی هو موجده (لا بنفسه) وإلا انقلب الممکن واجبا .
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته کان واجبا به. ولما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح فی الحادث وإن کان واجب الوجود ولکن وجوبه بغیره لا بنفسه. )
قال المصنف رضی الله عنه : [و لما اقتضاه بذاته کان واجبا به ]
قال الشارح رضی الله عنه :
أی واجبا بواجب الوجود لأن الذاتیات لا تتخلف عن ذواتها، و الأشیاء إذا اقتضت الأمور لذواتها لا للوازمها و إعراضها لم یصح أن تتبدل ما دامت ذواتها .
و الذوات لها الدوام فی نفسها لنفسها فالمقتضى الذاتی کذلک، فإنی أدرجت لک فی هذه العبارة إشارات لم یسعها أوانی الألفاظ و ظروف الحروف، و أدرجت فیها معان غیر واهیة، و تعیها أذن واعیة، فافهم .
قال المصنف رضی الله عنه : [ و لما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم و صفة، ما عدا الوجوب الذاتی فإن ذلک لا یصح للحادث و إن کان واجب الوجود و لکن وجوبه بغیره لا بنفسه .]
قال الشارح رضی الله عنه :
( و لما کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته) لا لأمر عرضی اقتضى أن یکون على صورته .
قال الله تعالى: "قلْ کُلٌّ یعْملُ على شاکلتهِ " [ الإسراء: 84] .
ورد فی الخبر الصحیح : "إن الله خلق آدم على صورته". رواه الشیخان البخاری و مسلم رضی الله عنهما .
أی لما کان استناد المحدث إلى المحدث من اقتضاء ذاتی من المحدث الفاعل، و ذلک لأنه متصوّر الحق تعالى لما جاء فی الحدیث ذکر الصورة، فعلمنا أن الله تعالى إنما أراد خلقه على الصورة من حیث أنه یتصوّر إلا من حیث ما یعلمه من غیر تصور.
فکل ما یتصوّره المتصورون فهو عینه لا غیره کان من کان لأنه لیس بخارج عنه.
ولا بد للعالم أن یکون متصوّرا له على ما تظهر عینه إذ لم یبق فی الإمکان معنى إلا و قد ظهر فی العالم متصور، ولا خفاء أن الشکل و الصورة یألف شکله و صورته و هو الإنسان الکامل الذی لا یماثل فی "لیس کمثله شیء"، و هو محل الجمع لصورة الحضرة الإلهیة و لصورة العالم الکبیر، و انفصل من جمیع المولدات لأن جمیع المولدات ما عدا الإنسان الکامل موجود عن العالم، فهو أم بغیر أب کوجود عیسى علیه السلام من حیث الطبیعیة، بخلاف الإنسان الکامل فإنه بین أب و أم، فافهم .
قال رضی الله عنه فی الباب الثامن و الثمانین و مائتین من الفتوحات بعد ذکر هذه المسألة:
و إنما نبهتک على هذا لئلّا تقول أن جمیع المولدات وجدت بین الله و العالم و ما کان الأمر کذلک، و إلا فلا فائدة لقوله صلى الله علیه و سلم : "خلق آدم على صورته".
ولا کما یتوهمه بعض أصحابنا بل شیوخنا من کونه ذاتا و سبع صفات، فإن ذلک غیر صحیح .
فإن الإنسان الحیوانی معلوم أن له الذات و الصفات، بل لکل حیوان کما للإنسان الکامل، و إن کان التفاوت بالنقصان و الزیادة و لیس الأمر فی نفس الأمر کذلک، بل کان یبطل اختصاص الإنسان الکامل بالصورة، فابحث على هذا الکنز حتى یفتح الله علیک کما فتح به على من یشاء من عباده، انتهى کلامه رضی الله عنه .
و إنما خلقت على صورته حتى تطلع منک على ما أخفاه فیک من قرة أعین، بل حتى تطلع على ما فی نفسه تعالى .
قال رضی الله عنه: العلم الذی یعطی السعادة للعبد هو العلم الذی یعلم ما فی نفس الحق و لا یعلم ذلک أحد من خلق الله إلا بإعلام الله .
قال تعالى: "و لا یحِیطون بشیْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلّا بما شاء " [ البقرة: 255] .
قال الله تعالى عن الکامل علیه السلام: إنه قال اعترافا أو تأدبا بأدب النبوّات: "تعلمُ ما فی نفْسِی" أی من حیث أنه عینها .
"ولا أعْلمُ ما فِی نفْسِک" [ المائدة: 117] من حیث أنی غیرک فی هذا الموطن .
یقول: المحمّدی الذی یغبطه النبیون یوم الفزع الأکبر بلا خوف و لا فزع، وأعلم ما فی نفسک، وذلک إمّا من مقام من عرف نفسه فقد عرف ربه لأن نفسه استهلکت و فنیت.
و ما قال ما قال إلا بلسان الذات هذا کمالهم عند البقاء، فلا یعلم ما فی نفسه سواه لأن هذا لسان الولایة، و الله الولی الحمید و على ما نقول شهید، فافهم .
وإن خرجنا عن المقصود و لکن ما خرجنا بالکلیة، بل نحن ندندن حوالیه، و أردت أن أظهر لک هذه الإشارة لتکون لک بشارة إن کنت من المحمّدیین حتى تعرف قدر سیدک صلى اللّ ه علیه و سلم، و قدر وارثیه لتعلم معنى قوله صلى الله علیه و سلم : "أوتیت جوامع الکلم".
و قوله صلى الله علیه و سلم : "علماء أمتی کأنبیاء بنی إسرائیل".
کما قال القطب الوارث فی هذا المقام: أوتیتم اللقب، و أوتینا ما لم تؤتوا، فافهم .
فإن قیل: إذا کان ظهوره على الصورة، فما هذا التغیر الذی یطرأ على الإنسان فی نفسه، وصورة الحق لا تقبل التغیر الذی یطرأ على الإنسان فی نفسه؟
قلنا: إن الله تبارک وتعالى قال فی هذا المقام: "سنفْرغُ لکُمْ أیُّه الثّقلانِ" [ الرحمن: 31] .
و قال صلى الله علیه و سلم : "إن الحق یتجلى فی أدنى صورة". رواه البخاری ومسلم
لم یتحول عند إنکارهم إلى الصورة التی عرفوها فیها بالعلامة التی یعرفونها، فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام وهو العلی عن مقام التغیر بذاته، ولکن التجلیات الإلهیة فی المظاهر على قدر العقائد، فیختلف باختلافها.
وبهذا الاعتبار ارتفع الاعتراض الوهمی تعالى الله عن ذلک علوّا کبیرا .
"" قال سیدی عبد الوهاب الشعرانی: یا أخی : (أن للحق تبارک وتعالى تجلیین تجلی فی رتبة الإطلاق حیث لا خلق، وتجلی فی رتبة التقیید بعد خلق الخلق، ولکل من هذین التجلیین جاءت الشرائع والأخبار الإلهیة، فمن قال بتنزل الحق تعالى فی مرتبة التقیید على الدوام أزلا وأبدا کالمجسمة والحلولیة والقائلین بالاتحاد أخطأوا، ومن قال بعدم التنزل من مرتبة الإطلاق على الدوام أبدا کالمنزهة فقد أخطأوا، فرجع یا أخی کل کلام یعطی التنزیه إلى مرتبة الإطلاق، وکل کلام یعطی ظاهره التشبیه إلى مرتبة التقید، یرتفع الخلاف عندک والتعارض من جمیع الآیات والأخبار) انتهى . ""
"" أضاف المحقق: أعلم یا أخی أن تجلى الإطلاق هو: کل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إلیه بس کان الله ولا شیء معه.
وتجلی التقیید هو: کل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إلیه بـ «کان الله ولا شیء معه.
و تجلی التقیید هو: کل ما أشعر بوجود العبد مع الرب من سائر حضرات الأسماء الإلهیة .
فتجلى الإطلاق هو: تجلیه تعالى فی ذاته لذاته على الدوام، وذلک لا یکون إلا فی حضرة الاسم (الله) ، والاسم (الأحد)
و تجلی التقیید هو: تجلیه تعالى لعباده فی بقیة الأسماء التی تطلبهم: کالرب، والخالق، والرازق، والرحمن، والمعز، والمذل، والمنتقم، وغیرها من سائر ما علمناه، وما استأثر الله بعلمه؛ فإن الرب یطلب المربوب و جودا وتقدیرا فی العلم الإلهین، ولا یعقل إلا معه، وکذلک الخالق وما بعدها
وأما حضرة الذات التی هی تجلیه تعالى فی الاسم الله أو الاسم الأحد فلا تطلب شیئا من العالم، "ومن جاهد فإنما یجاهد نفسه إن الله لغنی عن العالمین" [العنکبوت:6].
ولذلک کان لا یعقل لحضرها أحکام، ولا یصح أن یؤخذ عنها بشرائع ولا أحکام؛ اذ لیس معها سواها.
وتأمل یا أخی لو یقع التجلی فی رتبة التقیید ، کان التحلی فی رتبة الإطلاق کما کان قبل حلق الخلق المشار إلیه ب «کان الله ولا شیء معه» من کان معه حتى بتلقی عنه شرائع، ومن کان هناک یعمل بما أو لا یعمل من أهل القبضتین.
وأنشدوا:
قد کان ربک موجودا ولا معه …. شیء سواه ولا ماض ولا ات
فلما خلق الله تعالى الخلق وتجلى فی رتبة التقید التی هی کنایة على المرآة المنطبع فیها صور الموجودات أجمع وسمی لنا نفسه بالأسماء الطالبة لأهل حضراتها.
ولا بد لک أیضا من إثبات من تحکم فیه حضرات الأسماء الإلهیة: کـ المعز، والمنتقم، والغفور، فإن أثر هذه الأسماء فی حق الحق محال .
فقد بان لک أنه تعالى من حین أظهر الخلق ما تجلى لهم قط فی رتبة الإطلاق؛ لأن هذه الرتبة تنفی بذاتها وجود غیرها معها، وما تجلى بعد إظهار هم إلا فی رتبة التقیید.
ومن لازم شهود أهل العقول أنفسهم معه التحییز والتحدید والحصر؛ إذ المقید لا یشهد إلا مقیدا، وأما الإطلاق فإنما یعلم فقط بالإعلام الإلهی لا بالعقل.
ولذلک قررنا غیر ما مرة أن أعلى مشاهدة العبد أن یرى إطلاق الحق تعالى وتقیید الکون، فهذا إذا حقیقة وحدته تقیدا.
فإن أصل التقیید وسیبه إنما هو التمییز ، حتى لا تختلط الحقائق، وقد صار الحق تعالى فی قلب هذا الشاهد مقیدا بالإطلاق؛ لأن الإطلاق بلا مقابل لا یعقل، ولو کان التجلی فی کل صورة فی العالم.
وبلغنا عن الشیخ محیی الدین ابن العربی رحمه الله :
أنه کان یقول بإدراک نجلى الإطلاق ذوقا، وهذا لا یصح إلا عند من یقول أن الحق تعالى یقبل حکم کل ممکن من حیث أنه عین الوجود.
بل ولو قیل بذلک لا یتخلص له إلا عند فنائه، لا فی حال بقائه مع الحق، وحینئذ فما رأى إطلاق الحق إلا الحق، فافهم.
وإیاک والغلط؛ فإنه لا حلول ولا اتحاد ولا یلحق عبد رتبة ربه أبدا، ولو صار الحق تعالی سمعه وبصره وجمیع قواه فإن الحق تعالى قد أثبت عین العبد معه بالضمیر فی قوله فی الحدیث القدسی: «کنت سمعه الذی یسمع به، وبصره الذی یبصر به»، إلى أخر النسق.
فإن قیل: إن کلام الحق تعالى قدیم، وقد قال الله تعالى: "هو الذی خلق السموات والأرض فی ستة أیام ثم استوى على العرش" [الحدید: 4].
وهذا یشعر بأنا معه فی الأزل، کما یقول بذلک الفلاسفة.
قلنا: التحقیق أن العالم کله قدم فی العلم الإلهی حادث فی الظهور .
وقد قال صلى الله علیه وسلم: «کان الله ولا شیء معه»،
وأجمع المحققون على أن المراد بـ (کان) الوجود، لا أنها على صورة (کان) التی هی من الأفعال الماضیة، فهو حرف وجودی، لا فعل یطلب الزمان، کما یتوهمه بعضهم.
حتى أنهم أدرجوا فی الحدیث: (وهو الآن على ما علیه کان)؛ لتخیلهم أن تصریفها کتصریف الأفعال.
کـ کان ویکون وکائن ومکون، فمعنى الحدیث: الله موجود ولا شیء معه فی حضرة ذاته: أی ما ثم من وجوده واجب لذاته، إلا هو وحده. ""
فلمّا کان الإنسان على الصورة اقتضى أن یکون سریع التغییر کثیر الخواطر، فلا یزال یتقلب فی کل نفس لو ظهرت لرأیت عجبا لکونه على صورة الأصل .
و هو کل یوم هو فی شأن، فمن المحال ثبوت العالم زمانین على حالة واحدة، فلا یزال یتقلب فی کل آن، یسمّی الخواطر بحکم الأصل الذی کل یوم هو فی شأن، فأصل التغییر من تغییر الأصل الذی یمدّه، و ذلک لما علمنا أنه الدهر، و أن صفة الدهر الحول القلب .
و فی الحدیث الصحیح : "إنه تعالى یتحوّل فی الصور فیعرف و ینکر". ذکره الحافظ ابن حجر العسقلانی فی تهذیب التهذیب والمبارکفوری فی التحفة.
قال الشیخ رضی الله عنه: لما رأیت اختلاف عینی و لم یستقر لی أصل، فطلبت الإقالة من وجودی .
فقال: أما ترضى أن تکون مثلی و لیس کمثله شیء، انتهى کلامه .
فأثر الانتقالات فی الأحوال من أثر کونه تعالى کل یوم هو فی شأن .
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه: و لا یشهدها کشفا إلا أصحاب الأحوال، و لا یشهدها حالا إلا أهل السیاحات، و لا یشهدها علما إلا القائلون بتحدد الأعراض فی کل زمان و هم طائفة من أهل الکلام القائلون بأن الأعراض لا تبقی زمانین، فافهم .
( فیما ینسب إلیه تعالى من کل شی ء ): أی فیما یجوز أن ینسب إلیه إمّا فی أول الأمر کالاسم فإن له الأسماء، و إمّا ثانیا کالصفة فإن له بعد نسبتها إلینا .
فلهذا قال رضی الله عنه: (من اسم )، قال الله تعالى: "لهُ الْأسْماءُ الحُسْنى یسبِّحُ لهُ ما فی السّماواتِ والْأرضِ و هُو العزیزُ الحکِیمُ" [ الحشر: 24] أثبت لنفسه الأسماء .
قال رضی الله عنه فی الباب الثامن و الثلاثین و ثلاثمائة من "الفتوحات":
أعلم الخلق بالله صلى الله علیه و سلم من هذا المقام : "لا أحصی ثناء علیک". الحدیث لأن الثناء بالأسماء و أسماؤه الحسنى لا تحصى، فالثناء علیه لا یحصى، و الألسنة تکلّ فیها و تعیی .
وأمّا الثناء من حیث التسبیح تنحصر، و تحصى، و لا تکلّ به الألسنة و لا تعنی لأنه نفی عن کل وصف لا إثبات فیه .
( و صفة) و هی من النسب التی لا یجوز أن ینسب إلیه تعالى فی أول الأمر، بل تنسب إلیه بعد نسبة ذلک إلینا .
قال الله تعالى: "سُبْحان ربِّک رب العِزِّة عمّا یصِفُون" [ الصافات: 180] أطلق و لم یقید بصفة دون صفة، و العزة المنع من الوصول إلیه شیء من الثناء علیه .
قال الإمام الغزالی رحمه الله فی بعض تصانیفه إشارة إلى هذا المقام .
والمعنى: إن الناس ینزهونه عن نقائض الصفات، و أنا أنزهه عن کمالها .
أما ترى أن بعض العلماء تنبهوا لهذا المعنى، و إن لم یلم مرضى علماء الرسوم و لکن هو حق من وجه، و ذلک أنهم لما رأوا أن المشارکة بین الحق و الخلق ما یصح حتى فی إطلاق الألفاظ علیه .
فإذا قیل لهم: إنه موجود.
قالوا: لیس بمعدوم.
و إذا قیل: إنه عالم.
قالوا: لیس بجاهل .
و هکذا جمع الصفات الثبوتیة، فإن الحادث موصوف به و لا مشارکة، فافهم .
قال رضی الله عنه فی حضرة الحضرات من "الفتوحات":
فإن الأصل التعری و التنزیه و التبری عن الصفات مطلقا و لا سیما فی الله .
إذا کان أبو یزید رضی الله عنه یقول: لا صفة لی فالحق أولى أن یطلق عن التقیید بالصفات لغنائه عن العالم لأن الصفات إنما تطلب الأکوان، فلو کان فی الحق ما یطلب العالم لم یصح کونه غنیا عمّا هو طالب، فافهم.
و ذکر رضی الله عنه فی الباب الثامن و الثلاثین و ثلاثمائة من "الفتوحات" :
فانظر حکمة الله تعالى فی کونه لم یحصل له صفة فی کتبه، بل نزه نفسه عن الوصف .
فقال: "وللّهِ الْأسْماءُ الحُسْنى" [ الأعراف: 180] فجعلها اسما، ولم یجعلها نعوتا وصفاتا ولکن هی لنا نعوت و صفات یثنی علینا بها .
قال تعالى: "بالمُؤْمِنین رؤُفٌ رحِیمٌ" [ التوبة: 128] و أذن لنا بالتخلق فی الأسماء الحسنى و هو عین ما قلنا، ثم أثنینا به علیه لأنه حمید و له عواقب الثناء، فأثنى الله على نفسه بها .
و قال : "إن الکبریاء ردائی" .وهی صفة عبده و هو رداؤه، فإنه من منزل ثناء الحق على نفسه بغناه عن خلقه بخلقه، فافهم .
إن هذا عین ما سیقوله رضی الله عنه فی المتن بعد سطرین .
و هو قوله: فما وصفناه بوصف إلا کنا نحن ذلک الوصف، و هکذا الأمر لما کان استناد المستند إلى المستند لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من الأسماء.
و هو التخلق بأخلاق الله تعالى و إحصاء الأسماء الحسنى، و فیما لا ینسب إلیه کالصفات لأنه تعالى جمع له التقیید و الإطلاق، کما جمع لنفسه بین التنزیه و التشبیه، فقال تعالى: "لیس کمِثلهِ شیْءٌ" [ الشورى: 12] .
و من هذا المقام قال أبو یزید قدّس سره لما قیل له کیف أصبحت؟
فقال: لا صباح لی و لا مساء، إنما الصباح و المساء لمن تقید بالصفة و أنا لا صفة لی، فوصف نفسه بعدم التقید بالصفات، فإذا کانت الصفة قیدا لا یقبله العبد المقید، فکیف تطلق على المطلق الحقیقی، و هو رضی الله عنه أشار بهذا إلى التجرد الحقیقی، فافهم .
( غیر الوجوب الذاتی) ما استفاده من أحد فإنه وصف ذاتی لا یفارقه أبدا .
قال رضی الله عنه فی الفتوحات الباب التاسع و الستین و ثلاثمائة:
إن کل حکم فی العالم لا بد أن یستند إلى نعت إلهیّ، إلا النعت الذاتی التی یستحقه الحق الذاتی و به کان غنیا، و النعت للعالم بالاستحقاق و به کان فقیرا، بل عبدا .
و من هذا الذوق قیل: الفقیر لا یحتاج فافهم، فإن المحل ما یحتمل البسط فإن ذلک: أی اقتضاؤه لذاته لا یصح فی الحادث، و إن کان واجب الوجود: أی من کونه حادثا لا یصح له هذا، و إن کان یصح له وجوب الوجود من وجه آخر .
( و لکن وجوبه بغیره لا بنفسه ): أی من حیث أنه حادث بخلاف ما نحن بصدد بیانه، فإنه من اقتضاء ذاتی من الوجه الحق، فهو واجب بوجوبه لإیجابه، فإن الذاتیات لا تفارق الذات بوجه من الوجوه و إلا یلزم خلاف المفروض، فافهم .
قال رضی الله عنه فی "الفتوحات" فی الاسم الحق:
إن للحق وجوب الوجود بنفسه، و للخلق وجوب الوجود لا أقول بغیره، فإن الغیر ما له عین و إن کان له حکم کالنسب لا عین لها و لها الحکم .
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص 42
و لما اقتضاه لذاته کان واجبا به.
و چون واجب لذاته اقتضاى وجود حادث دارد (که حادث همان تجلى ذات واجب است که سارى است و ما سوایش را فرا گرفت) پس حادث به او واجب است. (یعنى واجب الوجود بالغیر است).
و لمّا کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کل شیء من اسم و صفة ما عدا الوجوب الذاتیّ فإن ذلک لا یصح فی الحادث و إن کان واجب الوجود و لکن وجوده بغیره لا بنفسه.
و چون استناد حادث به کسى است که از او لذاته ظاهر شد (به حکم سنخیت بین محدث و محدث و اصل و فرع) اقتضاى این استناد این است که حادث بر صورت و صفت کسى باشد که از او هویدا شد، در تمام آن چه که به اصل نسبت داده مىشود، چه اسم باشد چه صفت، جز وجوب ذاتى زیرا این معنى که وجوب ذاتى است، براى حادث صحیح نیست براى اینکه حادث واجب بالغیر است نه واجب بالذات. اگر چه حادث واجب الوجود است و لکن وجودش به غیر است نه به نفسش. (تا وجوب ذاتى بر او صادق آید.)
اینکه شیخ صدق وجوب ذاتى را از حادث استثنا کرده است براى این است که وجوب ذاتى از اسماء مستأثره حق است. چنانکه روایات و ادعیه ائمه در باب اسماء مستأثره ناطق است و وجوب ذاتى از اسمائى است که باصطلاح از صفایاى ملوک است به دیگر کس نمىرسد.
تنبیه: اینکه شیء تا جمیع انحاى عدم را از خود طرد نکرد وجود پیدا نمىکند و طرد جمیع انحاى و اقسام عدم به مرحله وجوب رسیدن اوست که گویند «الشیء ما لم یجب لم یوجد.» خلاصه ممکن موجود، واجب الوجود است اما واجب الوجود بالغیر. به قول امیر پازوارى:
من واجب الوجود علّم الأسما مه کنت کنزا گره ر من بوشامه
« یعنى مظهر و مرآت صفات الهى حق منم»
عجین کرده طین چهل صبامه ارزون نروشین درّ گرونبهامه
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 111-112
و لمّا اقتضاه لذاته کان واجبا به:
ضمیر [در اقتضاه] شاید که راجع باشد به واجب الوجود. و فاعل «اقتضى» حادث بود؛ و شاید که راجع باشد به «حادث». و فاعل «اقتضى» حق باشد [واجب الوجود.] و اسم «کان» بهر دو تقدیر «حادث» باشد. و ضمیر [در «به»] بهر دو تقدیر عاید به «واجب الوجود».
پس بتقدیر دوم: معنى آن باشد که: چون واجب الوجود- تعالى و تقدّس- تقاضاى ایجاد ذات حادث کرد؛ و آن را بیافرید؛ و پیدا کرد. پس چنان باشد که: حادث واجب گشته باشد به واجب الوجود. و ضمیر [در «به»] راجع باشد به واجب الوجود؛ به آن معنى که وجوب وجود حادث، از واجب الوجود مطلق باشد.
و بتقدیر اوّل معنى این باشد که: چون حادث، لذاته مقتضى موجدى شد که آن واجب الوجود است، پس این حادث، به واجب الوجود، موجود و واجب گشته باشد. چرا که: وجوب هر معلول به علّت او باشد. و در این مبحث این مقدار دانستن ضرورى است که: هر موجودى که هست، یا: وجوب وجود او، لذاته باشد؛ و آن واجب الوجود است- جلّ جلاله- یا: وجوب وجود او از غیرى بود؛ و آن محدثاتاند؛ و آن غیر: یا اللّه تعالى باشد، بىواسطه بین الموجد و الموجود؛ و یا: بهواسطه باشد و آن آدم بود- ع-؛ «و خمّر طینة آدم بیده اربعین صباحا»
از قول رسول حق صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، و «فسوّیته وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی»( س 15- 29) از قول حق، دلیل بر ایجاد او، بىواسطه بینهما، و یا بهواسطه باشد؛ و آن مکوّنات است؛ مانند:
عقول و نفوس و افلاک و انجم و طبایع، امثال آن.
و لمّا کان استناده الى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کلّ شىء من اسم و صفة ما عدا الوجوب الذّاتىّ. فانّ ذلک لا یصحّ للحادث. و إن کان واجب الوجود. و لکن وجوبه بغیره لا بنفسه.
ضمیر [در «استناده»] راجع است به «حادث». و ضمیر «لذاته» شاید که راجع باشد به «من یا: حادث». و تقدیر کلام این باشد که: لمّا کان استناد الحادث الى موجده ظهر الحادث عنده لاقتضاء ذات الموجد ایّاه اقتضى ان یکون على صورته.
و بر تقدیر آنکه ضمیر «لذاته» راجع باشد به «حادث» بر این تقدیر باشد که: ظهر لاقتضاء ذات الحادث ایّاه [و بهر دو تقدیر، فاعل «اقتضى» ضمیرى بود عاید به «استناد»].
و مفهوم کلام این باشد که: چون استناد حادث به واجب الوجود محقق گشت، این استناد تقاضاى آن کرد که: این حادث به صورت واجب مستند الیه باشد؛ به آن معنى که: متّصف باشد به صفات واجب در همه کمالات اسمائى و صفاتى؛ ... چرا که: چون این حادث به وجود واجب الوجود [موجود] شد؛ و اسماء و صفات لازم ذات واجب است؛ و این حادث از وجود، حصّه و نصیبى دارد؛ باید که: از لوازم وجود او را نیز هم حصّهاى باشد؛ و الّا لازم آید: تخلّف لازم از ملزوم.
پس آدمى در صفات باید که بصورت صفات اللّه [موصوف] باشد؛ امّا از وجوب ذاتى، او را نصیبى نباشد؛ «وحده لا شریک له». که اگر وجوب محدث ذاتى باشد، ممکن، از آن روى که ممکن است، واجب گردد. و واجب لغیره [را] هرگز وجوب ذاتى نباشد؛ و رسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم از این معنى خبر داده که: «إنّ اللّه خلق آدم على صورته».
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 137
و لمّا اقتضاه لذاته کان واجبا به.و لمّا کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته؛ اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کلّ شىء من اسم و صفة، ما عدا الوجوب الذّاتىّ فإنّ ذلک لا یصحّ للحادث و إن کان (لا یصح فى الحادث فإن کان- خ) واجب الوجود و لکنّ وجوبه بغیره لا بنفسه.
و چون واجب به ذات خود اقتضاى وجود حادث کند. پس حادث واجب بالغیر باشد.
چون استناد حادث به موجدى است که ظاهر مىشود حادث از او به اقتضاى این موجد او را اقتضا مىکند این استناد که حادث بر صورت واجب باشد و متّصف باشد به صفاتش و متحقق شود به جمیع آنچه منسوب است به واجب از کمالاتش به غیر از وجوب ذاتى- که این حادث را درست نیست و الّا لازم آید که ممکن ازین روى که ممکن است منقلب به واجب شود و انقلاب حقایق محال است و از براى این معنى استناد را مقتضى اتصاف به صفات موجد داشتیم که حادث متّصف است به وجود؛ و اسما و صفات لازم وجوداند پس لازم مىشود اتصاف حادث به لوازم وجود و إلا تخلف لازم از ملزوم لازم مىآید. و نیز از براى این معنى که معلول اثر علّت است و آثار به ذوات و صفاتش دلائلاند بر صفات مؤثر و ذاتش، چاره نیست از اینکه در دلیل چیزى بود از مدلول و لهذا دلیل عقلى نیز مشتمل آمد برنتیجه چه یک مقدمه را اشتمال بر موضوع نتیجه است و مقدمه دیگر را اشتمال بر محمول و حد وسط جامع در میان هر دو. و هم از براى آنکه علّت غائیّه از ایجاد حادث عرفان موجد است، و کما قال تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ، أى لیعرفون. و چیزى شناخته نمىشود مگر بدانچه ازو در غیر اوست، ازین جهت چون از حضرت رسالت پرسیدند که خداى را به چه شناختى گفت:
«عرفت الأشیاء باللّه»
یعنى اول خداى را به خدا شناختم بعد از آن بدو شناختم غیر او را. و چون وجود حادث از غیر اوست باید که وجوب او نیز به غیرش باشد. و غیر انسان از موجودات اگرچه متّصف به وجود است لکن غیر او را صلاحیّت ظهور جمیع کمالات در وى نیست، چنانکه در اول فص گذشت.
بیت:
تو مظهر مجموع کمالى اى دل با دوست همیشه در وصالى اى دل
در خود بنگر جمال و حسن جانان کآیینه آن حسن و جمالى اى دل
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 523
و لمّا اقتضاه لذاته کان واجبا به.
شرح ضمیر در «اقتضاه» شاید که راجع باشد به واجب و شاید که راجعباشد به حادث. به تقدیر اول این باشد که چون حادث مقتضى موجدى باشد، که آن واجب الوجود است، پس این حادث واجب الوجود به وجود، واجب گشت. چرا، معلول به علت باشد؛ و به تقدیر دوم آن بود که چون واجب تقاضاى ایجاد حادث کرد و بیافرید، پس چنان بود که حادث واجب گشته باشد به واجب حقیقى، چرا که حادث بر دو نوعست
یا آنست که ایجاد او بىواسطه است، چون آدم و آدمى که «نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی»*، یا به واسطه است چون مکوّنات عقول و نفوس و افلاک و انجم و طبایع.
و لمّا کان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن یکون على صورته فیما ینسب إلیه من کلّ شیء من اسم و صفة ما عدا الوجوب الذّاتىّ، فإنّ ذلک لا یصحّ فی الحادث، و إن کان واجب الوجود و لکنّ وجوبه بغیره لا بنفسه.
شرح یعنى چون استناد حادث به واجب محقّق شد، این استناد تقاضاى آن کرد که این حادث به صورت واجب باشد، یعنى متّصف باشد به صفات واجب، زیرا که اسماء و صفات لازم ذات واجب است، و این حادث حصّه وجود دارد از واجب، باید که از لوازم وجود او او را هم حصّهاى بود، و الّا تخلّف لازم از ملزوم لازم آید. امّا از وجوب ذاتى او را نصیب نبود وحده لا شریک له.