عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الحادیة والثلاثون :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

قوله رضی الله عنه :  (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

(ومن هذه الحقیقة) التی هی سریان الحق تعالى بصفة القیومیة الجامعة لجمیع الصفات المتقابلات المعبر عنها بالصورة فی موضع، و بالصورتین فی موضع آخر، وبالیدین فی آخر. سریانا فی جمیع الموجودات .

(کان الافتقار من العالم) کله (إلى الحق) تعالى (فی وجوده) کما أن الافتقار من الحق تعالى إلى العالم کله فی وجوده أیضا عند العالم.

مع أن الوجود للحق تعالى وحده لا للعالم.

لکن وجود الحق تعالى لا ینفک عن إعطاء الوجود للعالم لیظهر به وجود العالم المستفاد من الحق تعالى.

لا ینفک أیضا عن إعطاء الوجود للحق تعالی لیظهر به الحق تعالی دونه (فالکل)، أی العالم والحق تعالی (مفتقر) هذا إلى هذا من وجه وهذا إلى هذا من وجه آخر، ومراد بالمفتقر من الحق تعالى رتبته لا ذاته لأنها غنیة عن العالمین بحکم قوله تعالى : "الله غنی عن العالمین" 97 سورة آل عمران .

ومرادنا بالمفتقر إلیه من العالم الحقیقة الثابتة فی علم الحق تعالى التی هی کنایة عن حضرة من حضراته تعالى .

جامعة لکل حضرة من حضراته وهی العالم الظاهر فی بصیرة العارف الباطن عن بصیرة الجاهل.

وأما العالم الباطن عن بصیرة العارف الظاهر فی بصیرة الجاهل، فهو نفس الجاهل الظاهرة له مع جهله.

بحیث متی عرفها عرف ربه أی نفسه المتعریة عن ذلک الجهل.

فعرف العالم على ما هو علیه ، فعرف افتقار الحق تعالى إلى العالم على حد ما قلنا.

وإذا لم یعرف نفسه لم یعرف ربه فلم یعرف العالم.

 ویظن أن العالم هو ما ظهر له من جهله، فتوهمه على خلاف ما هو علیه.

فحمله ذلک على عدم فهم قولنا، فجحد ما لم یفهم وأخطأ من حیث لا یشعر.

(ما الکل) المذکور (مستغنی) عن الکل .

(هذا)، أی الذی ذکرته (هو الحق) الذی لا شبهة فیه عند أهل المعرفة (قد قلناه)، أی صرحنا به عند من یعرفه ولا یعرفه نطقا بالله تعالى لیضل الله تعالى به من یشاء ویهدی من یشاء (لا نکنی) بسکون الکاف، أی لا نشیر إلیه من غیر تصریح لأن کتابنا لأهل المعرفة لا لأهل الجهل.

فإن ذکرت أنا فی کلامی (غنیة لا افتقار به)، أبدا (فقد علمت) أنا ذلک الغنی (الذی بقولنا نعنی) أی نقصد، ومراده ذات الحق تعالى من حیث هی مجردة عن الأوصاف والأسماء فإنها غنیة عن کل ما عداها.

 وأما من حیث هی موصوفة بالأوصاف مسماة بالأسماء فاعلة بأفعال حاکمة بأحکام، فهی مرتبطة بالعالم کله، والعالم مرتبط بها ارتباطا من الأزل إلى الأبد لا ینفک البتة کما قال :

(فالکل) من حق وخلق (بالکل)، من حق وخلق (مربوط) ربط عبد برب ورب بعبد وخالق بمخلوق ومخلوق بخالق.

وهکذا إلى آخره من جمیع الأوصاف والأسماء والأفعال والأحکام (فلیس له)، أی للکل (عنه)، أی عن الکل (انفصال) بوجه من الوجوه فی الأزل والأبد.

فإن قلت: کیف هذا الارتباط فی الأزل والعالم غیر موجود فیه، لأنه حادث ولیس بقدیم.

قلت : بل العالم الذی یعرفه العارف قدیم لا حادث.

 وهو موجود کله بلا ترتیب ولا تقدیم ولا تأخیر. ولیس فیه الجزء مقدمة على الکل.

ولا خلق آدم علیه السلام فیه مقدما على خلق جمیع ذریته إلى یوم القیامة .

ولیس یوم القیامة فیه متأخرا عن یومنا هذا.

ولیس له وجود مع الله تعالی غیر وجود الله تعالى.

لأن وجوده بالله تعالى لا بنفسه حتى یکون له وجود غیر وجود الله تعالى.

وأما العالم الذی یعرفه الجاهل، فإنه حادث مترتب بعضه على بعض ، وفیه التقدیم والتأخیر.

وهو موجود مع الله تعالى وجودا آخرا غیر وجود الله تعالی وذلک حقیقة جهل الجاهل رآها فی مرآة حقیقة العالم.

فانحجب بها عن حقیقة العالم ثم قال : (خذوا)، أی تناولوا بأیدی أذواقکم (ما)، أی الذی (قلته) فی الکلام من الحق المبین عند أهله (عنی) والله یتولى هدى من أراد بمحض فضله .

شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

(ومن هذه الحقیقة) أی و من سریان الحق بالصورة فی الموجودات (کان) أی حصل (الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده) ومن الحق إلى العالم فی ظهور أحکامه فإذا کان الأمر کذلک.

شعر:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی

(فالکل) أی کل واحد من الحق والعالم المفتقر إلى الآخر من جهتین مختلفتین (ما الکل مستغنی).

أی لیس کل منهما مستغن (هذا) أی افتقار الکل وعدم استغنائه (هو الحق) وغیره لیس بحق.

ولذلک (قد قلناه لا تکنی) أی لا نترک أو لا نستر بل فلناه صریحا لا قلناه کنایة أی سترا.

(فإذا ذکرت غنیا لا افتقار به) أی : إن سئلت أن الله غنی عن العالمین فکیف قلتم إن الله مفتقر إلى العالم صدقت .

لکن الغنی من حیث الذات بدون اعتبار الصفات لا من حیث الصفات فهو معنى قوله : (فقد علمت الذی بقولنا نعنی).

أی علمت مرادنا بقولنا فالکل مفتقر ما الکل مستغن من حیث الأسماء والصفات لا من حیث الذات .

فلا ینافیه الغناء الذاتی فثبت أن الاستغناء من حیث الذات والافتقار من حیث الصفات هذا هو المعنى الذی أخذه القوم فی هذا المقام من کلام الشیخ .

لذلک قال بعض الشارحین الباء فی به بمعنى اللام أی لا افتقار له أو بمعنى فی أی لا افتقار فی کونه غنیا أما أنا فأقول معناه أن یقول لما قال .

(فالکل مفتقر ما الکل مستغن) فکأنه قال المعارض لا بل الکل مستغن لا افتقار به فأشار إلى المعارضة بقوله فإن ذکرت غنیة لا افتقار به .

والافتقار بمعنى الارتباط لذلک تعدى بالباء دون إلى کما قال .

(فالکل بالکل مربوط) أی فإن وصفت الحق بالغناء عن العالمین لا افتقار به أی لا یرتبط العالم به من حیث غناء الحق عنه .

کما لا یرتبط الحق به فإنه إذا استغنى الحق به عن العالم فقد استغنی العالم عن الحق من جهة استغناء الحق عنه فإن المعلول مستغن عن غیر علیه.

والعلة لوجود العالم مجموع الذات والصفة لا الذات وحدها فثبت على هذا التقدیر أن الکل مستغن .

أی کل واحد من الحق والعالم مستغن عن الآخر لا یرتبط أحدهما بالآخر ولأجل الإشارة إلى هذا المعنى أورد الباء دون اللام ومن غیر الباء عن معناه إلى غیره من الحروف.فهو من عدم ذوقه هذا المعنى من کلام الشیخ .

فانظر بنظر الإنصاف إلى ما ذکره القوم وإن کان صحیحا فی نفسه لکنه لیس من مدلولات هذا الکلام .

وأشار إلى جواب المعارضة بقوله "فقد علمت الذی بقولنا" نعنی فإذا کان الأمر کذلک (الکل) أی مجموع العالم (بالکل) أی بالحق من حیث

الأسماء والصفات وبالعکس مربوط فلیس له أی لیس لمجموع العالم.

(عنه) عن الحق من حیث الأسماء وبالعکس (انفصال خذوا ما قلته عنی، فقد علمت حکمة) أی أصل (نشأة جسد آدم) وهو أی أصل نشأة جسده

قوله من قبل فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره.

قوله: (أعنی صورته الظاهرة) تفسیر لنشأة الجسد لا لحکمة النشاة .

فکذلک قوله : (وقد علمت نشأة روح آدم) وهی قوله : وأنشأ صورته الباطنة على صورته.

قوله : (أعنی صورته الباطنة) تفیر لنشأة الروح وإنما فسر لیعلم أن المراد بأدم الروح الکلی المحمدی لا آدم الذی خلق من طین (فهو الحق فی الخلق) .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

قال: ومن هذه الحقیقة کان افتقار العالم إلى الحق تعالى فی وجوده، لأن الکلیات هی صور علمه فطلبت بلسان الحال من الحق تعالى وجودها بلسان الفقر والشیخ قد أسر هنا سرا إلهیا لکن أشار إلیه إشارة مبهمة فی هذه الأبیات.

وهی قوله: فالکل مفتقر ما الکل مستغن.

وموضع إبهامه هو قوله: فإن ذکرت غنیا لا افتقار له.

فأنه سکت عن الجواب، لأنه لو أجاب فإما أن یقول لا بد من الفقر فی الحضر تین وحینئذ یقع علیه الرد من المحجوبین، فأشار إشارة لا یتنبه لها إلا من له کشف فإن الذی یعنی بقوله.

هو قوله: الکل مفتقر ما الکل مستغن، إلا أن فقر الرازق إلى المرزوق فی أن یتحقق رازقیته بالفعل، ما هو مثل فقر الممکن فی وجوده إلى الواجب ومن شهد أن الحضرتین الإلهیة والکونیة تجمعهما الإحاطة الذاتیة.

فما یعزب عنه أن یعلم أن فقر الشیء إلى نفسه ما هو فقر أصلا، لأنه ما هناک إلا الحق وأسمائه وصفاته وأفعاله والکل یرجع إلى ذاته تعالى ونحن حقائق أفعاله أعنی وجودنا فی اصطلاحه لا أعیاننا الثابتة التی تجمعها الکلیات.

وأما فی اصطلاح صاحب المواقف فهو أمر غیر هذا بوجه ما وإن کان المعنى یرجع إلى حقیقة لا تختلف، وما ذکره بعد هذا فهو ظاهر إلى قوله اتقوا ربکم.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :قوله رضی الله عنه:

 (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

"ومن هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده " .

فافتقار العالم إلى الموجد من أهل هذه الحقیقة ، حتى یحصل له شرف المظهریة لصورته تعالى فإنّ المخلوق على الصورة التی هی مخلوقة على الصورة الإلهیة یکون على الصورة الإلهیة یکون على الصورة .

قال رضی الله عنه : شعر :

فالکلّ مفتقر ما الکلّ مستغن     ...... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیّا لا افتقار به     ..... فقد علمت الذی من قولنا نعنی

فالکلّ بالکلّ مربوط فلیس له   ....... عنه انفصال خذوا ما قلته عنّی

قال العبد - أیّده الله به - : اعلم :

أنّ الله - سبحانه وتعالى - بجمیع نسبه الذاتیة موجب لوجود العوالم والمظاهر ، ومستلزم لمتعلَّقات حقائقة الوجوبیة ، ودقائق سائر أسماء الربوبیة .

وتلک المتعلَّقات هی حقائق المخلوقیة والمربوبیة ، فهی واجبة الوجود بإیجاب الواجب الوجود بالذات لها ، ولولا هذه الحقائق المظهریة من أکوان عالم الإمکان ، لما ظهرت الصورة الإلهیة المقدّسة الأحدیة الجمعیة الذاتیة .

فشمل الافتقار نسب الربوبیة وحقائق المربوبیة ، بید أنّ افتقار العوالم إلى الحق فی التحقیق بالحقیقة والوجود على التعیین .

ولیس کذلک افتقار النسب الأسمائیة ، فإنّ الوجود هو المسمّى بجمیع الأسماء ، المتعیّن بجمیع النسب ، فما بها افتقار فی الوجود والتحقیق إلى العالم .

ولکن فی ظهور الآثار والأحکام لا غیر ، ومع ذلک فلا افتقار بها إلى عالم معیّن أو مظهر شخصیّ مبیّن ، بل یوجب بالذات لها مظاهر لا على التعیین إلى أبدا الآبدین ، کما هو مقتضى ذاته المقدّسة من الأزل دهر الداهرین . فافهم .

واعلم : أنّ فلک الوجود الحقّ محیط بالموجودات العینیة والغیبیة ، وهویّته المحیطة وأوّل تعیّنه الذاتی بفلک الإلهیة ، وهی محیطة بأفلاک الأسماء الإلهیة .

ثم أفلاک الأسماء محیطات بحقائق مظاهرها الکیانیة ، وهی أجناس العوالم وأنواعها وأصنافها وأشخاصها ، ودائرة فلک الهویة الکبرى الذی للوجود الحق فلک محیط بجمیع الأفلاک.

وجمیعها منحصر فی أربعة أفلاک :

فلک اللاتعیّن والإطلاق الوجودی العینی الحقیقی ، وفلک التعین الأوّل الأحدی الجمعی الأکبر .

وهو من الوجود الحق کالقلب من الإنسان ، وهذا الفلک محیط بفلکین عظیمین کلَّیّین محیطین بسائر الأفلاک التفصیلیة الآتی حدیثها فی مواضع ، مواقعها فلک الإلهیة المحیطة بجمیع نسبها وأسمائها  بالفلک الکونی المظهری من المعلول الأوّل إلى آخر صورة توجد من آخر نوع وجد .

ثم اعلم : أنّ فلک کل حقیقة من نقط محیط فلک الإلهیة وهی عبارة عن نسب الربوبیة والحقائق الوجوبیة إنّما یتمّ بفلک متعلَّقها من العالم .

فکل فلک من أفلاک حضرات الأسماء مقسوم بقوسین کلَّیّین متساویین مساویین مجموعهما من محیط الفلک الدائر .

فالقوس الأعلى لنسب حقیقة فلک الاسم « الله » ونسبها ولوازمها نقط محیط دائرة متعلَّقة الحبائل ، متّصلة الرقائق والجداول بنقط محیط القوس الآخر الخصیص بمرتبة الکون المظهری .

والمجموع فلک کامل ، فأفلاک الإلهیة ونقط محیطها مربوطة بأفلاک العوالم ونقط محیطها ، فالکلّ مفتقر ، ما الکلّ مستغن.

وهذا معنى قول الکامل :

" فالکلّ بالکلّ مربوط ، فلیس له  ..... عنه انفصال خذوا ما قلته عنّی " .

وأنّى الانفصال والافتراق والحقیقة الکلیة مقتضیة للاتّصال والاتّفاق والائتلاف والاعتناق ؟

" وَکُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناه ُ طائِرَه ُ فی عُنُقِه ِ " .

فإذا قامت قیامة التفصیل ، وتمّت مقامات التوصیل والتحصیل ، وبعثرت قبور النشور ، وبسطت أرض الحشر والنشور .

فیوم القیامة یلقاه کتابا منشورا ، سنذکر ما یبقى من تتمّة هذا السرّ فی الموضع الألیق به ، إن شاء الله تعالى .

وأمّا قوله :

فإن ذکرت غنیّا لا افتقار به   ..... فقد عرفت الذی من قولنا نعنی

فإنّه - رضی الله عنه - یشیر إلى الغنى الذاتی الحقیقی الأحدی ، القاهر أعیان الأغیار ، والموجد کثرة النظراء والنظَّار " کان الله ولا شیء معه ".  " هُوَ الله أَحَدٌ الله الصَّمَدُ لَمْ یَلِدْ ".

لم یوجب من حیث ذاته الغنیّة معنى الإنتاج والإیجاد ، ولا یقتضی الإظهار والإشهاد لأنّه بالذات کامل أبدا الآباد " وَلَمْ یُولَدْ " لم ینتج من أصل مقدمات منتجة " وَلَمْ یَکُنْ لَه ُ "لا یکون للهویة الکبرى المحیطة بالکلّ مثل ولا کفؤ من أحد معیّن ، فافهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :قوله رضی الله عنه:

(و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

ولذلک قال ( ومن هذه الحقیقة ) أی من جهة أن الحق فی الموجودات سار بالصورة حتى وجد ما وجد ( کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده ) لأن صورته هو الموجود فبوجوده وجد کما ذکر فی المقدمة قوله نظما :

( فالکل مفتقر ما الکل مستغنى )

الفاء للسببیة وما نافیة ورفع خبرها على اللغة التمیمیة ،وعلیها قرئ ما هذا بشر بالرفع أی إذا کان الحق ظاهرا بصورته فی العالم والعالم مفتقر فی وجوده إلیه.

فکل واحد من العالم والحق مفتقر إلى الآخر لیس کل منهما مستغنیا عن الآخر . أما افتقار العالم إلى الحق ففی وجوده ،وأما افتقار الحق إلى العالم ففی ظهوره.

ولما کان التصریح بهذا الافتقار غیر مأذون فیه وإن کان هو الحق قال :

( هذا هو الحق قد قلناه لا تکنى      ......       فإن ذکرت غنیا لا افتقار به)

أی ذاته من حیث هی هی ومن حیث اسمه الباطن لأنه تعالى بالذات غنى عن العالمین .

وأما من حیث اسمه الظاهر والخالق والرزاق فلیس یغنى ( فقد علمت الذی بقولنا ) وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى ( نعنى ) أو بقولنا الحق من حیث هو أی فقد علمت لحق من حیث اسمه الباطن أو من حیث الذات بدون الصفات لأنه من هذه الحیثیة غنى لا افتقار به .

ویجوز أن یکون المراد فإن ذکرت غنیا لا افتقار به فقد علمت أن المراد بقولنا فالکل مفتقر هو الحق مع جمیع الصفات والأسماء والله أعلم .

قوله : ( فالکل بالکل مربوط ولیس له     ......      عنه انفصال خذوا ما قلته عنى )

أی العالم مربوط بالحق فی الوجود والاستناد إلى صمدیته والحق مربوط بالعالم فی ظهوره وسائر أسمائه الإضافیة .


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :قوله رضی الله عنه:

(و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

"ومن هذه الحقیقة" أی، ومن هذا الارتباط الذی للحق، هو المعنى الثابت فی نفس الأمر، إذ "الحق" هو الثابت لغة. 

"کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده" "کان" تاما بمعنى حصل. 

وإنما قال: "فی وجوده" ولم یتعرض بذاته، تنبیها على أن الأعیان لیست مجعولة لجعل الجاعل مع أنها فائضة من الحق بالفیض الأقدس، لأن الجعل إنما یتعلق بالوجود الخارجی. کما مر تحقیقه فی المقدمات.

قوله شعر:

(فالکل مفتقر، ما الکل مستغن  ....  هذا هو الحق قد قلناه لا نکنى)

أی، فکل واحد من العالم وربه مفتقر إلى الآخر: أما العالم ففی وجوده وکمالاته، وأما ربه ففی ظهوره وظهور أسمائه وأحکامهما فیه. (ما) فی (ماالکل) للنفی. و (مستغن) خبره. 

ورفعه على رأى الکوفیین، کقوله تعالى: "ماهذا بشر". عند من قرأ بالرفع.

ولما کان الارتباط وافتقار کل منهما إلى الآخر ثابتا فی نفس الأمر، قال:

"هذا هو الحق قد قلناه لا نکنى" وهو من (الکنایة) وهو الستر. أی، لا نستره إرشادا للطالبین.

(فإن ذکرت غنیا لا افتقار به  ....   فقد علمت الذی من قولنا نعنى)

أی، فإن قلت، إن الحق غنى عن العالمین ولا افتقار له، فقد علمت من الذین عنى بقولنا: (فالکل مفتقر) لأن کلامنا فی الارتباط بین الحق والعالم، وذلک بالأسماء التی تطلب العالم بذاتها، فهی مفتقرة إلى العالم، لا الذات الإلهیة منحیث هی هی، فإنها من هذا الوجه غنى عن العالمین. 

و (الباء) فی (به) بمعنى اللام. أی، لا افتقار له. أو بمعنى (فی). أی، لا افتقار فی کونه غنیا.

(فالکل بالکل مربوط ولیس له  ....  عنه انفکاک خذوا ما قلته عنى) 

ضمیر (له) عائد إلى العالم. وضمیر (عنه) إلى الحق. والباقی ظاهر.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

فقال: (ومن هذه الحقیقة) (')، أی: سریان إشراق نور الحق فی الموجودات بالصورة التحقق بالوجود مع إمکانها، (کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده) سواء فرض قدیما بالزمان أو حادثا.

"حقیقة الافتقار من العالم إلى الحق تعالى الموجد فی وجوده:

أی لو لم یکن الحق سبحانه الموجد ساریا فی العالم ما کان العالم , وإذا ارتفع المدد، ینعدم العالم ویرجع إلى أصله، فالعالم محتاج إلى الحق سبحانه الموجد دائما أبدا .

والحق سبحانه لا تظهر أحکامه إلا فی العالم، کما أن الرعیة تحتاج إلى السلطان، والسلطان ما یظهر سلطانه إلا على الرعیة فلا یکون السلطان إلا بالرعیة.

إن الرب بلا مربوب لا یعقل، کما أن المربوب بلا رب لا یکن، فافهم."

فالعالم بهذا الافتقار لا یتحد بالحق لغناه فی ذلک، وإن افتقر فی الظهور بالمظاهر إلیه لکنه مستغن عن ذلک الظهور إذ لا کمال له فیه بخلاف العالم، فإن افتقاره إلى الحق فی تحصیل الکمال له.

وبقوله: "فی وجوده"  قد أشار إلى افتقار الحق إلیه فی الظهور لکنه لم یصرح به الآن؛ لأنه کالافتقار من حیث استغناؤه عن ذلک الظهور، لکنه أشار إلیه بقوله: (فالکل) أی: کل واحد من الخلق والحق فی الوجود والظهور (مفتقر) إلى الأخر.

ولما کان نسبة الافتقار إلى الحق شنیعا عند العامة أکده بقوله: (ما الکل مستغن) ضرورة أن الربوبیة تفتقر إلى المربوب و الخالق إلى الخلق والرازق إلى المرزوق لکن هذا الافتقار بحسب الظهور عند إرادته مع الاستغناء عنه فهو کالضرورة لشرط المحمول فی قولنا: زید قائم بالضرورة مادام قائما، وقد دخل فی هذا افتقار الموجودات العینیة إلى الحقائق الکلیة وافتقارها إلى الموجودات.

ثم قال: (هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی)، أی: لیس نسبة الافتقار إلى الحق بطریق المجاز بناء على أن الافتقار بحسب الظهور، لیس بافتقار حقیقی للاستغناء عن ذلک الظهور، فنسبته إلیه بطریق المجاز.

فقال: هذا لیس بطریق المجاز؛ لأن کماله یقتضی تکمیل یستحق التکمیل فهو افتقار حقیقی فی مقتضى الکمال الوجودی، وإن لم یتوقف علیه شیء من کمالاته الذاتیة والأسمائیة من حیث تعلق الأسماء بالذات.

ثم قال: (فإن ذکرت غنیا لا افتقار به) وهو الذات الإلهیة والأسماء من حیث نسبتها إلى الذات واستدللت علیه بقوله تعالى: "والله الغنى وأن الفقراء" [محمد:38]، وإجماع الملک على أنه الغنی المطلق؛ فلا یرد علینا، (فقد علمت الذی بقولنا نعنی) هو افتقار الحق فی ظهور ذاته وصفاته فی المظاهر لا فی وجودها وکمالاتها فی أنفسها.

ثم صح بالمقصود من اعتبار هذا الافتقار، فقال: (فالکل بالکل مرتبط) ارتباطا موجبا لقرب کل واحد من الأخر، (فلیس له) أی: لکل واحد (عنه) أی: عن الأخر (انفصال)أی: استغناء وعدم ارتباط.

(خذوا ما قلته عنی) إن لم یکن لکم استقلال ذوق بذلک، فلا بأس لمن لا یتم له الذوق فی أمران یقلد من علم کماله منه إلى أن یکمل له الذوق فیه فقلدونی.

ولا تقلدوا من خالفنی بمنع القول بالافتقار من جانب الحق مطلقا حتى فی الظهور فی المظاهر مع أنه لا ضرر فیه.

وإن الافتقار الممتنع فی حقه تعالى هو ما ینافی الوجوب الذاتی، وهو الافتقار فی الوجود والکمالات الذاتیة.

وأما الکمالات الظهوریة؛ فلا ینافی فی الافتقار فیها ذلک، وإذا علمت أن الخلیفة لا به وإن یکون جامعا بین صورتی الحق والخلق مع لزوم الاجتماع المطلق فی إحداهما وشوب التفرقة فی الأخرى لیناسب بذلک الحق والخلق.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

قال رضی الله عنه : ( ومن هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده ) کما أنّ الافتقار منه إلیه فی ظهوره ، فالافتقار أیضا من تلک الجهات .

وبیّن أنّ هذا الظهور من الإجمال مما یأباه الأحکام الظاهرة والأوضاع التشریعیّة الفارقة ، کما سیشیر إلیه فی معنى قوله تعالى : " یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ " .

فما ناسب لبیانه إلَّا القرائن الشعریّة والتوالیف المنظومة الجامعة کما أومأنا إلیه فلذلک غیّر مسلک التعبیر.

إلى قوله : ( فالکلّ مفتقر ما الکلّ مستغن ) اعلم أنّ « الکلّ » فی عرفهم إنّما یطلق على الحق باعتبار الأسماء ، کما أن « الأحد » یطلق علیه باعتبار الذات ، ویقال : "أحد بالذات ، کلّ بالأسماء "  فالکل من العالم والحق بهذا الاعتبار له الافتقار .

ولیس من شأن الکل الاستغناء ، ضرورة أن الکلیة هی النسبة الإضافیة المستدعیة للافتقار؛ فالح باعتبار کلیة أسمائه وتفاصیل کمالاتها ، له الافتقار ضرورة .

( هذا هوالحق قد قلناه ، لا نکنی ) عن أمثاله فی نظم الإجمال ، کما فی نشر التفاصیل ، على ما هو المشار إلیه بقوله : «إن العالم مفتقر إلى الحق فی وجوده» ؛ فإنه إذا تقرر أن المفتقر إنما یفتقر فی الوجود ، یستلزم افتقار الکل فیکون کنایة.

وذلک لأن الغناء التام الذی لا یمکن أن یتطرق شوائب الاحتیاج والافتقار فناء عزته وسلطانه المتفرد هو الذی فی ضمن الافتقار لاغیر وقد سلف ما هو أصل لهذا ؛ فقوله :

( فإن ذکرت غنیا لا افتقار به   .....     فقد علمت الذی بقولنا نعنی )

إشارة إلیه ، ویحتمل أن یجعله إشارة إلى طریق استحصال ذلک العلم ، أعنی اشتراک نسبة الافتقار الذی غزل الفکر والنظر عن أن یتوصل به إلیه .

هذا حکم الإجمال ؛ وأما لدى التفاصیل فلکل من الأعیان القابلة للعالم ارتباط بأسماء الحق ، کما أن لکل من تلک الأسماء بها ارتباط .

فانتظام أمر العالم واتصاله به مما لایتصور فیه الانقطاع ولا الانفصال أصلا .

(فالکل بالکل مربوط، فلیس له عنه انفصال خذوا ما قلته عنی)


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:

قوله رضی الله عنه :  (و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

"و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:  "

(ومن هذه الحقیقة ) التی هی الرقیقة الثابتة فی نفس الأمر بین الموجودات والحق یتوقف وجودها على سریانها فیها (کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده) کما أن الافتقار منه سبحانه إلى العالم فی ظهوره .

ولما شبه رضی الله عنه ارتباط الموجودات بالوجود الحق بارتباطها بالأمور الکلیة، وقد ثبت فی ما تقدم الارتباط بینهما بافتقار کل من الطرفین إلى الآخر.

فی بعض الأحکام کان فیه إشعار بأن الحق سبحانه وإن کان غنیة عن العالمین بذاته وأسمائه الذاتیة .

لکن لا سیما باعتبار ظهورها وترتب أثارها علیه افتقار إلى العالم کما وقع به الإشارة إلیه فی صدر الفص.

"فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نَکنی

فإن ذکرت غنیّاً لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نَعْنِی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصالُ خذوا ما قلته عنی"

 فلهذا فرع علیه قوله : (فالکل)، أی کل واحد من الحق والعالم (مفتقر) إلى الآخر، أما افتقار العالم إلیه فعلی تعینه العلمی بالفیض الأقدسی .

وفی تعبنه الوجودی بالفیض المقدسی.

وأما افتقار الحق إلى العالم فباعتبار ظهور أسمائه فی المراتب وترتب آثارها علیها لا باعتبار ذاتها واتصافها بالصفات الحقیقیة کالوجوب والعلم فإنه بهذا الاعتبار غنی عن العالمین .

ثم أکده بقوله: (ما الکل مستغن) ما نافیة و مستغن خبره رفعه على اللغة التمیمیة وعلیها قریء : ما هذا بشر بالرفع (هذا) الذی قلناه من إثبات الطرفین (هو الحق) المطابق لما فی نفس الأمر (قد قلناه) صریحا لإرشاد الطالبین (لا نکنی).

أی لا نقوله على سبیل الکنایة لئلا یلتبس علیهم (فإن ذکرت عینا) مطلقا (لا افتقار) ملتبس (به).

بأن لا یفتقر إلى غیره أصلا وهو الحق سبحانه باعتبار ذاته وصفاته الذاتیة .

فهو لا ینافی ما قلناه (فقد علمت الافتقار الذی بقولنا نعنی).

أی نعنیه ونزیده بقولنا : الکل مفتقر .

فإن الافتقار الذی أثبتناه من جانب الحق سبحانه إنما هو باعتبار ظهور الأسماء وترتب آثارها کم علمت.

وهو لا ینافی الغنی الذاتی (فالکل بالکل مربوط) ارتباط افتقار (فلیس له عنه) استغناء لکل واحد عن الآخر أو للعالم عن الحق أو بالعکس (انفصال) انفصال أستغناء (خذوا ما قلته عنی).

اعلم أن الشیخ المفید المرشد رضی الله عنه لما کان بصدد بیان نسبة الحق والعالم بافتقار کل إلى آخر من وجه.

وکانت هذه النسبة بعینها واقعة بین المفید المرشد والمستفید الطالب بل هی من طلالها وفروعها نبه علیها بالماح لطیف.

وهو أنه عبر فی البیتین الأولین عن نفسه بصیغة جماعة المتکلم الدالة على التعظیم المنبئ عن رفعة شأنه .

وعن المخاطب الطالب بصیغة الواحد الدالة بالمقابلة على صفة شأنه وذلک لمعنى افتقار الطالب إلى المرشد، فإن المفتقر إلیه أرفع شأنا من المفتقر، ثم قلب الأسلوب فی البیت الآخر بأن عبر عن نفسه بصیغة الواحد .

وعن المخاطب بصیغة الجماعة إشعار بأن المفید أیضا مفتقر إلى المستفید لتظهر کمالاته فیکون المفید مفتقرا والمستفید مفتقرا إلیه و المفتقر إلیه أرفع شأنا کما عرفت.


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه : (

و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده:

فالکل مفتقر ما الکل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به ... فقد علمت الذی بقولنا نعنی

فالکل بالکل مربوط فلیس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عنی  )

قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : [ ومن هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحق فی وجوده . فالکل مفتقر ما الکل مستغن .هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی . فإن ذکرت غنیا لا افتقار به . فقد علمت الذی من قولنا نعنی . فالکل فی الکل مربوط و لیس له . عنه انفصال خذوا ما قلته عنی]


قال الشیخ الشارح رضی الله عنه :

( و من هذه الحقیقة ): أی حقیقة لو لم تکن لم یکن کان الافتقار من العالم إلى الحق تعالى فی وجوده: أی لو لم یکن الوجود ساریا فی العالم ما کان العالم و إذا ارتفع المدد، ینعدم العالم و یرجع إلى أصله، فالعالم محتاج إلى الوجود دائما أبدا و الوجود لا تظهر أحکامه إلا فی العالم، کما أن الرعیة تحتاج إلى السلطان، و السلطان ما یظهر سلطانه إلا على الرعیة فلا یکون السلطان إلا بالرعیة .

فإنّ الرب بلا مربوب لم یعقل، کما أن المربوب بلا رب لم یکن، و قد أعطی حکم التضایف ذلک فافهم .

و لما کان الافتقار کالافتقار، و الغنى کالغنى قال رضی الله عنه شعر إلا أنه إشعار و تنبیه :

فالکلّ مفتقر ما الکلّ مستغنى   ..... هذا هو الحق قد قلناه لا تکنى

فإن ذکرت غنیا لا افتقار به    ..... فقد علمت الذی من قولنا تعیى

الکلّ بالکلّ مربوط فلیس له     ..... عنه انفصال خذوا ما قلت عنی

قال تعالى: " إنّک کُنْت بنا بصِیرًاً " [ طه: 35] .

قال رضی الله عنه فی الباب الموفی أربعمائة من "الفتوحات ": 

إنّه بنا علیم و بنا بصیر، فلو لم أکن بمن کان علیما بصیرا وأنا أعطیته العلم لأنّ العلم تابع المعلوم و أنا المعلوم، کما هو أعطانی الوجود و أنا المعلوم المعدوم.

قال تعالى: " هُو معکُمْ أین ما کُنْتمْ" [ الحدید: 4] فالله فی هذه المعیة، یتبع العبد کان کما نحن نتبعه حیث ظهرنا بالحکم و نحن وقوف .

حتى یظهر أمر یعطی حکما خاصا فی الوجود فنتبعه فیه فارتبطت الأمور و التفّت الساق بالساق، و قد اعترف لی بذلک الساق .

حیث قسم الصلاة بینی و بینه على السواء لأنه علم أنی له کما أنه لی .


قال تعالى: "وأوْفوا بعهْدِی أوفِ بعهْدکُمْ" [ البقرة: 40] فهو زینتی بهویته، فهو سمعی وبصری من قرب النوافل و أنا زینته، فظهر بی اقتداره و نفوذ أحکامه و سلطان مشیئته من قرب الفرائض، فلو لم أکن لم تکن للملک زینة، فلولاه لما کنا ولولا نحن ما کان، فأبدانا وأخفى وأبدى هو وأخفانا فأظهرنا لیظهر هو سرارا ثم إعلانا، کما نطلبه لوجود أعیاننا بطلینا لوجود مظاهره فلا مظهر له إلا نحن و لا ظهور لنا إلا به .

فیه عرفنا نفوسنا وعرفناه، وبنا تتحقق عین ما یستحقه إلا له، فالأمر متوقف على الأمرین فیه نحن و هو بنا بصیرا بل إن الله تعالى أطلع خواصّه على أنّ حاجة الأسماء إلى التأثیر فی أعیان الممکنات أعظم من حاجة الممکنات إلى ظهور الأثر، وذلک لأن الأسماء لها فی ظهور الآثار السلطان و العزة، والممکنات قد یحصل فیها أثر فتضرّر به وهو على خطر، فبقاؤها على حالة العدم أحبّ إلیها لو خیرت .


أما ترى قوله تعالى: "ویقُولُ الکافرُ یا لیْتنی کُنْتُ تراباً" [ النبأ: 40] فإنها فی مشاهدة ثبوتیة حالیة خالیة عن الأغیار ملتذة بالتذاذ ثبوتی، فافهم .

بل الافتقار من الجانبین من حیث المرتبتین إنما هو من حیث الأثر.

فإنه ثبت بالذوق الصحیح و الکشف التام الصریح أنه لا یؤثر مؤثر کان حتى یتأثر فأول ما یظهر حکم الانفعال فی الفاعل ثم یسری منه إلى من یکون محلا لأثرة، ذکره الشیخ صدر الدین القونوی فی شرحه على الفاتحة .

وهکذا نجد فی التجربة، فإنه إذا ورد الغذاء على المعدة فیؤثر فیها أولا، فإذا تأثر و انهضم أثر فی المعدة بالتبرید أو بالتسخین، و التغذیة و التنمیة بل هکذا الشاهد فی المحسوسات کالسراج و الدهن فإن أوله یطغى النار و آخره یشعل.


فهذا عین ما قلناه من الأثر: أن المختلفات فیهما فکل واحد مؤثر و متأثر، فافهم .

هکذا فی معنى البیت فالکل مفتقر ما، و الکل مستغن بالاعتبارات التی ذکرنا .

ما هذا سر الأمر من حیث الانفعال، و أمّا سر الأمر من حیث الاحتیاج فهذا اندراج العبودة فی السیادة، فإن العبودة: عبارة عن نسبة جامعة عن نسبتیّ الفقر و الانفعال، و المتضایفان: أی العبد و السید، کما توقف معرفة کل واحد منها و ظهوره على الآخر، علم أنه لا غنی لأحدهما عن الآخر .


و یشیر إلى هذا الذوق کلام سیدنا علی رضی الله عنه و نهج البلاغة حیث قال فیه:

فلو أن الباطل فیه خلص من مزاج الحق لم یخف على المرتادین، و لو أن الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه السنة المعاندین، و لکن یؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فیمزجان، فهنالک یستولی الشیطان على أولیائه وینجو الذین سبقت لهم من الله  الحسنى، انتهى کلامه رضی الله عنه. فلا بد من الأمرین فافهم.

ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص62

و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم الى الحقّ فی وجوده:

پس عالم به حق ارتباط دارد به ارتباط افتقارى در وجود و بود خودش.

و حق به عالم ارتباط دارد از حیث ظهور احکام و صفاتش پس هر یک از حق و عالم به یک دیگر مرتبطند لکن جهت ارتباط یکى نیست از جانب عالم افتقار است و از جانب حق اشتیاق.

 سایه معشوق اگر افتاد بر عاشق چه شد             ما به او محتاج بودیم او به ما مشتاق بود

 فالکلّ مفتقر ما الکلّ مستغن             هذا هو الحقّ قد قلناه لا نکنی‏

پس کل یعنى هر یک از حق و عالم یعنى کل واحد آن دو به یک دیگر مفتقرند و هیچ یک از آن دو از دیگرى مستغنى نیست و این کلام حرف حق و رأى حق است که بی‌نایه و آشکارا گفتیم.

فان ذکرت غنیّا لا افتقار به             فقد علمت الذی من قولنا نعنی‏

پس اگر بگویى که حق غنى از عالمین است و افتقار بدانها ندارد پس دانستى که مراد ما از «فالکل مفتقر» چیست.

یعنى از این مفتقر گمان نشود که در هر دو طرف احتیاج است بلکه مراد بیان ارتباط است (مثل اینکه گفته شود فالکل مرتبط) خلاصه افتقار از عالم و اشتیاق از خالق است که این ارتباط طرفین به افتقار و اشتیاق، به «فالکل مفتقر» تعبیر شده است (که حق مجلاى ظهور مى‌خواهد). 

فالکلّ بالکلّ مربوط و لیس له             عنه انفکاک خذوا ما قلته عنی‏

پس هر یک از آن دو به دیگرى مربوط است و از یک دیگر جدا نیستند. بگیرید از من آن چه را که گفتم.


نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 142-144

و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحقّ فى وجوده:

حق، در لغت، معنى آن «ثابت» است. و حقیقت در این مقام، بمعنى «الثّابت فی نفس الأمر. و «کان» تامّه است بمعنى «حصل».

یعنى‏: و از جهت این ارتباط ثابت عالم را به حق، افتقار حاصل آمد در وجود. و به این‏ عبارت گفته است: «فی وجوده»، و نگفته که: «فی ذاته»، تنبیهى است بر آنکه اعیان، مجعول به جعل جاعل نیست؛ بلکه فایض است از حق، به فیض اقدس.

امّا وجود خارجى، به جعل جاعل متعلّق است؛ که آن وسایط است. و چون در مقدّمات، این بحث مستوفى رفته، به تکرار محتاج نبود.

فالکلّ مفتقر ما الکلّ مستغنى‏ هذا هو الحقّ قد قلناه لا نکنى‏


«نکنى» مشتق از الکنایة [بمعنى‏] السّتر. و ما (در ما الکل) نافیه.

«و الکل» مبتدا. و «مستغنى» مرفوع به خبریّت.

یعنى‏: بنا بر ارتباطى که گفته شد که: عالم بجهت وجود، مرتبط و مفتقر است به حق- جلّ و علا- و حق بجهت ظهور مرتبط به عالم است؛ و مربوب- که‏ عالم است- و ربّ- که حقّ است- هر یک به یکدیگر مفتقر باشند. و جهت افتقار مختلف [باشد]. از بهر آنکه: افتقار عالم [که مربوب است‏] از جهت وجود و کمالات آن است؛ و افتقار ربّ از جهت ظهور او. و اسماء و صفات او در عالم، به عین خارجی؛ که:

«کنت کنزا مخفیّا»

در چنین مباحث مشکل‏‌گشاى عارفان است.

«فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق»

بیان [افتقار] این و آن است.

اگر این سر بر دل اهل حجاب پوشیده و پنهان است، نزد عرفا بارى ظاهر و عیان است. امّا اظهار این سرّ بر نامحرم، و اخفاى آن از محرم، در طریقت بر عرفاء، عین تاوان است.

فإن ذکرت‏ غنیّا لا افتقار به‏ فقد علمت الّذى بقولنا نعنى‏


«با» در «به» بمعنى لام باشد؛ یا بمعنى فى. پس اگر گویى که‏: حق- جلّ و علا- غنىّ است، و مر او را هیچ احتیاجى نیست، یا فی کونه غنیّا او را افتقارى نیست؛ تو خود دانسته باشى که: چه خواستیم از افتقار؛ و ترا معلوم شده باشد که: ما از آنچه گفتیم که: فالکلّ مفتقر مراد آن است که: اسماء و صفات حق‏‌اند که از جهت ظهور و اظهار خواص و افعال و آثار خود مفتقراند به عالم [که مظاهر ایشان‌‏اند] امّا ذات متعالیه حق- جلّ جلاله- من حیث هى هى، مستغنى است از عالم و عالمیان. «یا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ»( س 35- 15)، بیان استغناء ذات دان.

فالکلّ بالکلّ مربوط فلیس له‏ عنه انفصال خذوا ما فلته عنّى‏

ضمیر در «له» عاید به عالم. و ضمیر «عنه» راجع به حق است. [پس‏] همه بهم، و جمله به یکدیگر مرتبط‌اند؛ و انفصال از یکدیگر ندارند. اسماء و صفات ظهور ایشان، به عالم مرتبط؛ و عالم وجود ایشان، به اسماء و صفات مستند.

اگر تو از این طایفه‌‏اى و از این مشرب نصیبى دارى، آنچه گفتیم در این معنى، قبول کنى از من؛ که من از کشف و عیان گفتم.

بر بیت سابق که: «فإن ذکرت غنیّا لافتقار به» است حاشیه‏اى دیدم منقول از شارحى- قدس سرّه- که گفته است که: شیخ از جواب فإن ذکرت ساکت شده است؛ و بقوله «فقد علمت» بطریق ابهام اکتفا کرده. بسبب آنکه:

اگر به جواب مشغول شدى، بایستى گفت که: لا بدّ من الفقر فی الحضرتین؛ و اهل ظاهر که از کشف، محجوب‌‏اند، بر وى رد کردندى. پس مبهم بطریق اشارت، اهل کشف را تنبیه کرد که: «الّذی نعنى» آن است که از پیش گفتیم که:

فالکل مفتقر ما الکل مستغنى. امّا عارف داند که: جهت افتقار مختلف است.

و صاحب کشف دریابد که: مثلا فقرى که رازق را است به مرزوق، تا رازقیّت‏ خود را در مظهرى محقّق گرداند که چیست؟ هرگز مانند فقر مرزوق نباشد به رازق؛ که ممکن الوجود در وجود، به واجب الوجود مفتقر بود؛ تا او را ایجاد فرمود. و اگر نه، عدم محض بود.

و خلاصه این سخن آن است که‏: هر کسى [که بداند به کشف و مشاهده که حضرت [حق را] احاطت ذاتیّه جامع حضرت اسمائیّه و کونیّه است‏] بر وى پوشیده نماند که: افتقار شى‏ء بر نفس خود قطعا فقر نباشد؛ چرا که: در حضرت ذات جز حقّ مطلق نیست؛ که اسماء و صفات و افعال و آثار و خواصّ آن هر دو

راجع‌‏اند به آن ذات. و وجود عالم حقایق، افعال او است. پس احتیاج خود به خود نه از قبیل احتیاج به غیر باشد؛ و به حقیقت آن را احتیاج نخوانند.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 155

و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحقّ فى وجوده،

یعنى ازین ارتباط که ثابت است در نفس امر محقق است افتقار عالم به حضرت حق در وجود.

فالکلّ مفتقر ما الکلّ مستغن‏ هذا هو الحقّ قد قلناه لا نکنى‏


یعنى هریکى را از عالم به حضرت حق در وجود و رب او به واسطه ارتباط افتقار متصور است. اما عالم در وجود و کمالاتش مفتقر است به ربّ؛ و امّا ربّ را در ظهور او و ظهور اسما و صفاتش عالم را در کارست، پس افتقار در همه هست و از همه ازین روى استغنا منتفى است و آنچه گفتیم حق آنست و ما از براى ارشاد طالبان ستر حق نمى‏‌کنیم.

فان ذکرت غنیّا لا افتقار به‏ فقد علمت الّذى من قولنا نعنى‏


پس اگر تو ذکر کنى که به حکم: «و اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمِینَ» ملاحظه افتقار را در جانب ربّ مجال نیست، گوئیم هرآینه از آنچه به تقدیم رسید به تحقیق دانستى که سخن ما در ارتباط است میان حق و عالم و این به واسطه اسمائى است که به ذوات خود طلب عالم مى‏‌کنند پس این اسما را در ظهور افتقار هست به عالم نه ذات الهیّه را که آن از حیثیّت اوئى او از عالم و عالمیان مستغنى است.

فالکلّ بالکلّ مربوط فلیس له‏ عنه انفصال خذوا ما قلته عنّى‏


پس ارتباط در همه متحقق است لاجرم نیست عالم را انفصال از حق بگیرید به طریق قبول و اذعان آنچه به شما رسانیدم از حقائق عرفانى، زیرا که حدیث اهل اللّه و مقالات مقربان درگاه اله، بیت:


مردگان کهنه را جان مى‏‌دهد تاج عقل و نور ایمان مى‌‏دهد

دل مدزد از دلرباى روح‏بخش‏ که سوارت مى‏‌کند بر پشت رخش‏

سر مدزد از سر فراز تاج ده‏ کو ز پاى دل گشاید صد گره‏

تا که گویم در همه ره زنده کو؟ سوى آب زندگى پوینده کو؟


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 527

و من هذه الحقیقة کان الافتقار من العالم إلى الحقّ فی وجوده:

امّا افتقار عالم به حق از جهت وجود است، و ارتباط حق به عالم از جهت ظهور. چنانکه فرمود:

فالکلّ مفتقر ما الکلّ  مستغن‏ هذا هو الحقّ قد قلناه لا نکنى‏

فإن ذکرت غنیّا لا افتقار به‏             فقد علمت الّذی بقولنا نعنى‏


شرح اشارت است به ذات متعالیه، من حیث هی هی، که مستغنى است از عالم و عالمیان‏ «وَ اللَّهُ الْغَنِیُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ».

فالکلّ بالکلّ مربوط و لیس له‏ عنه انفصال خذوا ما قلته عنّى‏


شرح ضمیر در «له» عاید به عالم، و ضمیر در «عنه» راجع به حق‌‏است. یعنى: اسماء و صفات و افعال و آثار و خواص آن راجع به ذات حق است که‏ «وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ». و وجود عالم، حقایق افعال اوست. پس احتیاج خود به خود نه از قبیل احتیاج به غیر باشد، و به حقیقت آن را احتیاج نخوانند.