الفقرة الثانیة والثلاثون:
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ:
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قال الشیخ رضی الله عنه : (فقد علمت) مما ذکرناه یا أیها المرید (حکمة نشأة جسد آدم) علیه السلام (أعنی صورته الظاهرة وقد علمت) أیضا حکمة (نشأة روح آدم) علیه السلام (أعنی صورته الباطنة فهو).
أی آدم علیه السلام حیث جمع بین صورة الحق تعالى بباطنه وصورة العالم بظاهره (الحق) من حیث الباطن على التنزیه (الخلق) من حیث الظاهر على التشبیه .
(وقد علمت) أیضا نشأة (رتبته)، أی آدم علیه السلام (وهی المجموع) له فیها بین الیدین الإلهیتین (الذی به)، أی بذلک المجموع (استحق الخلافة) عن الحق تعالى فی الأرض.
(فآدم علیه السلام هو النفس الواحدة)، أی المنفردة بالکمال الإنسانی دون نفوس بقیة العالم کله.
(التی خلق) بالبناء للمفعول، أی خلق الله تعالى (منها) جمیع أشخاص (هذا النوع الإنسانی) کلهم
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
أصل (نشأة جسد آدم) وهو أی أصل نشأة جسده قوله من قبل فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره.
قوله: (أعنی صورته الظاهرة) تفسیر لنشأة الجسد لا لحکمة النشاة .
فکذلک قوله : (وقد علمت نشأة روح آدم) وهی قوله : وأنشأ صورته الباطنة على صورته.
قوله : (أعنی صورته الباطنة) تفیر لنشأة الروح وإنما فسر لیعلم أن المراد بأدم الروح الکلی المحمدی لا آدم الذی خلق من طین (فهو الحق فی الخلق) .
(وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة فآدم) أی أدم کبیر وهو الخلیفة وهو العقل الأول.
(هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی)، وهو آدم أبو البشر وبنوه.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق. وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قوله بعد الشعر : "فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنی صورته الظاهرة، وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق. وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی"
ما ذکره بعد هذا فهو ظاهر إلى قوله "اتقوا ربکم".
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قال رضی الله عنه : " فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنی صورته الظاهرة " .
التی هی أحدیة جمع جمیع الحقائق المظهریة الخلقیة روحانیّتها العقلیة والنفسیّة ، وجسمانیّتها الطبیعیة والعنصریة والمثالیة والبرزخیة والحشریة.
" وقد علمت نشأة روحانیّة آدم ، أعنى صورته الباطنة ، فهو الحق الخلق " أی باطنه حق ، وظاهره خلق .
"وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحقّ الخلافة . فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی ."
قال العبد : اعلم :
أنّ أبانا علیه السّلام صورته ظاهریة أحدیة جمع جمیع الجمعیات ، وهو أوّل الختوم فی المرتبة الظاهرة ، به ختم صور الأنواع الوجودیة ، وهو بمثابة البشرة من وجه الصورة الإلهیة ، ولهذا کان أبا البشر ، وجمیع الصور البشریة بهذه المثابة من صورة اللاهوت .
ولمّا کان صلَّى الله علیه وسلَّم صورة ظاهریة أحدیة جمع جمیع الجمعیات الإلهیة والکونیة المنبعثة من جمعیة التعین الأوّل الحقیقیة والطبیعیة الکلَّیة والنفسیة العمائیة .
فهو صلَّى الله علیه وسلَّم أوّل صورة أحدیة جمع الجمع بین الحقائق الوجوبیة بالفعل والتأثیر وبین الحقائق الکونیة بالانفعال والتأثّر ، وذلک فی أوّل النشأة الأحدیة الجمعیة .
وإنّما کان نفسا واحدة لأنّ الواحد أصل العدد ومنشؤه ولعدم صدور غیر الواحد عن الواحد .
ولمّا کان المراد من خلق آدم وجود الخلیفة على الوجه الأکمل الأجمع بین المجموع والمفصّل.
أخرج الله من هذا الأصل بعدد ذرّیّته وعدد ما یحویه النفس الواحدة الکلیة الإلهیة ، صورة أحدیة جمع جمیع الحقائق الانفعالیة القابلة صور الجمعیات الکمالیة وسمّاها « حوّاء » من الحوایة وهی الجمع على صورة آدم من الطینة الطبیعیّة التی لها الجانب الأیسر .
کنى عن هذه الحقیقة بأنّها خلقت من ضلع أعوج لأنّ الطبیعة من حقیقتها الاعوجاج إلى الظهور والتعیّن ، فأظهر الله من هذین الأبوین صور کلیات صور أحدیات جمعیات جمیع الحقائق الجمعیة المظهریة الإنسانیة .
فکانت حوّاء تنتج للأب ولدین فی کل بطن بمقتضى الأصل الذی کان فی بطنه صور الحقائق الفعلیة والانفعالیة معا وهو حقیقة الحقائق والتعیّن الأوّل ، فافهم إن شاء الله تعالى .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قوله الشیخ رضی الله عنه : ( وقد علمت نشأة جسد آدم أعنى صورته الظاهرة ، وقد علمت نشأة روح آدم أعنى صورته الباطنة فهو الحق ) أی بحسب صورته الباطنة والحقیقة ( الخلق ) بحسب صورته الظاهرة .
قوله ( وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی استحق به الخلافة ) وفی بعض النسخ بها حملا على المعنى وهو الرتبة ..
أی کونه واسطة بین الحق والخلق بمجموعه الذی استحق به الخلافة ، لیعرف صورة العالم وحقائقه بظاهره وصورة الحق وأسمائه الذاتیة بباطنه ، ویتحقق له رتبة الخلافة بالجمع بین الصورتین ( فآدم هو النفس الواحدة ) أی حقیقة الإنسان من حیث هو .
وهو روح العالم ( التی خلق منها هذا النوع الکامل الإنسانى ) أی أفراد النوع وإلا فالنفس الواحدة هی حقیقة النوع بدلیل قوله ( وهو قوله " یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ " .
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم، أعنی صورته الظاهرة) وتلک الحکمة هی ظهور أحکام الأسماء والصفات فیها.
قوله : (وقد علمت) حکمة (نشأة روح آدم، أعنی صورته الباطنة) أی، حکمة نشأة روح آدم، وهی الربوبیة والخلافةعلى العالم.
(فهو الحق الخلق) یعنى، فآدم هو الحق باعتبار ربوبیته للعالم واتصافه بالصفات الإلهیة، والخلق باعتبار عبودیته ومربوبیته.
أو هو الحق باعتبارروحه، والخلق باعتبار جسده.
کما قال الشیخ (رضی الله عنه ) فی بیت من قطعة:
حقیقة الحق لا تحد .... وباطن الرب لا یعد
فباطن لا یکاد یخفى .... وظاهر لا یکاد یبد
وفإن یکن باطنا ورب .... وإن یکن ظاهرا فعبد
(وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة) إنما جعل (الخلافة للمجموع) لأنه بالنشأة الروحانیة آخذ من الله، وبالنشأة الجسمانیة مبلغ إلى الخلق، وبالمجموع تتم دولته وتکمل مرتبته، کما قال الله: "فلو جعلناه ملکا لجعلناه رجلا وللبسنا علیهم ما یلبسون". أی، لیجانسکم فیبلغکم أمری.
(فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی) أی، إذا علمت أن آدم هو الخلیفة على العالم ومدبره، فآدم فی الحقیقة هو النفس الواحدة.
وهوالعقل الأول الذی هو الروح المحمدی فی الحقیقة الظاهر فی هذه النشأة العنصریة المشار إلیه بقوله، صلى الله علیه وسلم: "أول ما خلق الله نوری".
الذی منه یخلق هذا النوع الإنسانی بل جمیع الأنواع مخلوق منه، وبقوله: "کنت نبیا وآدم بین الماء والطین".
وذلک لأن للحقیقة الإنسانیة مظاهر فی جمیع العوالم: فمظهرهالأول فی عالم الجبروت، هو الروح الکلى المسمى بـ (العقل الأول) فهو آدم أول، و (حواه) النفس الکلیة التی خلقت من ضلعه الأیسر الذی یلی الخلق، فإن یمینه هو الجانب الذی یلی الحق.
وفی عالم الملکوت، هو النفس الکلیة التی یتولد منها النفوس الجزئیة الملکوتیة، وحواه الطبیعة الکلیة التی فی الأجسام. وفی عالم الملک هو آدم أبو البشر.
قال الشیخ (رضی الله عنه) فی الباب العاشر من الفتوحات: "فأول موجود ظهر من الأجسام الإنسانیة کان آدم، علیه السلام، وهو الأب الأول من هذا الجنس".
وقال فی نقش الفصوص: "وأعنى بآدم وجود العالم الإنسانی". فأراد بما قال فی الفتوحات ونقش الفصوص، آدم عالم الملک، إذ به یتحقق وجود العالم الإنسانی أولا.
ونبه هنا على آدم، عالم الجبروت والملکوت الذی هو الخلیفة أزلا وأبدا،تنبیها للمتکلمین وإرشادا للطالبین.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
(فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنی: صورته الظاهرة)، وهی الجسم وأعراضها المحسوسة، ولإدخالها قید الجسد بالصورة الظاهرة لئلا یتوهم أن المراد نفس الجسم لا غیر، وتلک الحکمة استعداده لإفاضة الکمالات على الخلق، وکونه خلیفة علیهم، (وقد علمت) حکمة (نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة) قید الروح بها لیشیر إلى أنه لیس من قبل الأجسام.
ولیدخل فیه القوى إذ لا یقال لها روح، لکنها داخلة فی الصورة الباطنة والحکمة فی ذلک استعداده للاستفاضة من الحق بما فیه من الجمعیة الأسمائیة، وإذا کان هو المفیض والمستفیض بالصورتین المذکورین؛
(فهو الحق الخلق) أی: تام النسبة بهما لکمال صورهما فیه مع فعلهما فکأنه عینهما، فلذلک صح کونه خلیفة منه علیهم.
وفیه إشارة إلى أنه، وإن بلغ بقدر الطاقة البشریة؛ فلا بد وأن یصدق علیه لفظ الخلق إذ لا یصیر واجب الوجود لکنه قد یطلق علیه فی التسمیة الصوفیة لفظ الحق باعتبار کمال ظهور صورته فیه.
کما نقل عن الحلاج من قوله: أنا الحق .
وعن أبی یزید أنه: سبحانی ما أعظم شأنی، وحاشا هما من دعوى الربوبیة لأنفسهما، فإن ذلک ظاهر الاستحالة؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم أشار إلى أنه وإن کان فیه الصورتان اللتان هما الإفاضة والاستفاضة وبینهما اجتماع من وجه، وافتراق من وجه، وخلافته من حیث الاجتماع لا الافتراق.
فقال: (وقد علمت نشأة رتبته، وهی المجموع الذی به استحق الخلافة).
وفیه الإشارة إلى أن الإنسان إنما یصیر إنسانا عند صیرورته خلیفة للحق على خلقه یتصرف بباطنه على بواطنهم وبظاهره على ظواهرهم حتى یصیر بحیث یتصرف بمجموعه فی مجموعهم.
وإلى أن الخلیفة من لا یحجبه الحق عن الخلق، ولا الخلق عن الحق، وإذا کانت الخلافة بالمجموعیة، والمجموعیة تقتضی وحدة وکثرة وهما وحدة الهیئة المجموعیة، وکثرة تفصیل الأجزاء الداخلة فی تلک الهیئة.
(فآدم) من حیث ما فیه من وحدة الهیئة المجموعیة "من حیث الحقیقة لها أحدیة الجمع وبها استحق الخلافة، فإنها من مقام برزخی التی خلق منها هذا النوع الإنسانی؛ فإن هذا النوع الإنسانی من حیث إنه نوع کالعقل الأول، وجد آدم من حیث إنه خلیفة فبث منهما أفرادا کثیرة ذکورا وإناثا، فکما ظهرت من الذات المرتبة، ومنها ظهرت صور العالم مؤثرات ومتأثرات، کذلک آدم الخلیفة ذات ومرتبة، وبث منهما أفرادا کثیرة ذکورا وإناثا .
وهو قوله: أی ما قلنا: إن الأصل نفس واحدة، وخلق منها کثیرا."
(هو النفس الواحدة ) ومن حیث ما فیه من الکثرة بنفسه هی (التی خلق منها هذا النوع الإنسانی) أی: إفراده کلها، وکانت داخلة فی هیئة المجموعیة.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی: (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة.
وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق. وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قال رضی الله عنه : ( وقد علمت ) مما سبق فی بیان حقیقة العالم وجهتیه الاشتراکیّة والاختصاصیّة ( حکمة نشأة ) جسد ( آدم أعنی صورته الظاهرة ) التی هی من إحدى الیدین.
( وقد علمت ) مما ذکر فی الحقّ وأوصافه الاشتراکیّة والاختصاصیّة ( نشأة روح آدم ، أعنی صورته الباطنة ) التی هی من الید الأخرى ( فهو الحق الخلق ) بالنشأتین .
( وقد علمت ) من هذا ( نشأة رتبته ، وهی المجموع الذی به استحقّ الخلافة ) من الظهور بصورة المستخلف والاحتیاز لجمیع مطالب الرعایا .
( فآدم هو النفس الواحدة) بالوحدة الحقیقیّة الإطلاقیّة الجمعیّة ( التی خلق منها هذا النوع الإنسانی ) أعنی الشجرة الوجودیّة الکاملة الحائزة لجمیع المراتب بأجناسها وأنواعها ولوازمها وأعراضها المثمرة للنوع الحقیقی الإنسانی.
القابل عند التأثر أن ینبثّ منهما أشخاص من صنفی الأبوین أعنی أهل الصورة وأرباب المعنى.
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:
قوله رضی الله عنه : (فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة. وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة. فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.)
قوله : "فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة."
(فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی) بجسده (صورته الظاهرة) وهی أحدیة جمع جمیع الحقائق المظهریة الجسمانیة والعنصریة والحکمة فیها .
أن تکون أنموذجا لحقیقة العالم فی کونها مظهرة لأحکام الروح المدبر لها کما أن العالم مظهر الآثار الأسماء الإلهیة المتصرفة فیه.
قوله : "و قد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق ."
(قد علمت نشأة روح آدم)، یعنی حکمة نشأة روحه (اعنی) بروحه (صورته الباطنة) التی هی أحدیة جمع جمیع الحقائق الروحانیة العقلیة والنفسیة.
وحکمتها کونها أنموذجا وظلا للأسماء الإلهیة باعتبار التصرف والتأثیر .
فکما أن الأسماء الإلهیة منصرفة فی یده فی العالم کذلک الروح مؤثر متصرفی فی یدیه
قوله : "و قد علمت نشأة رتبته و هی المجموع الذی به استحق الخلافة."
(وقد علمت نشأة رتبته)، أی حکمة نشأة رتبته (وهی)، أی نشأة رتبته هی (المجموع).
أی مجموع صورتیه الظاهرة والباطنة (الذی به استحق) آدم (الخلافة) و توصیف النشأة الرتبیة باستحقاق الخلافة.
إشارة إلى حکمتها فإن الحکمة فی الجمع بین صورتیه الظاهرة والباطنة أن یناسب بالجهة الباطنة المستخلف و بالجهة الظاهرة المستخلف علیهم فیستفیض بالجهة الأولى ویفیض بالأخرى فیتم أمر الخلافة.
قوله : "فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی."
(فآدم) أبو البشر (هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی)، أی خلق منها زوجها ومن ازدواجهما أولادهما و من ازدواج أولاده أولاد أولاده إلى ما شاء الله .
فهو منشأ تکثیر هذا النوع، وهذا هو المراد بقوله : خلق منها هذا النوع بأدنی مسامحة.
فإنه قائم مقام قوله : خلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء.
فالمراد بالنوع الإنسانی أولاد آدم من هذا النوع .
واعلم أن لکل مرتبة آدم هو مبدأها کالعقل الکل للمعقول والنفس الکل للنفوس.
ولکل آدم زوج بث من أزواجهما نتائج.
وحمل بعض الشارحین آدم فی هذا المقام على العقل الکلی وبعضهم عن النفس الکلی.
ولا یخفى على المستبصر أن کلام الشیخ رضی الله عنه فیما تقدم وفیما تأخر صریح فی أن المراد بآدم ههنا هو أبو البشر.
أنه صریح فی نقش الفصوص بأن المراد بأدم وجود النوع الإنسانی (وهو)، أی کون آدم هو النفس الواحدة المذکورة .
الجزء الثانی
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فقد علمت حکمة نشأة آدم أعنی صورته الظاهرة.
وقد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.
وقد علمت نشأة رتبته وهی المجموع الذی به استحق الخلافة.
فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی. )
قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : [ فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنی صورته الظاهرة .
وقد علمت نشأة روح أدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحق الخلق . وقد علمت نشأة رتبته و هی المجموع الذی به استحق الخلافة . فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.]
قال الشیخ الشارح رضی الله عنه :
فقد علمت حکمة نشأة جسد ابن آدم أعنی: صورتها الظاهرة، فإن نشأته الصوریة من حقائق العالم و صوره، وقد علمت نشأة روح آدم على صورته الباطنة إنما هو على الصورة .
قال الشارح القیصری رحمه الله: إن حکمة نشأة رتبته وهی المجموع لأن صورته الباطنة وحدها کما سیجیء فی المتن.
فهو یجمع الصورتین الحق فی الخلق: أی حق من حیث الباطن وخلق من حیث الظاهر وقد علمت نشأة رتبته: أی الخلافة وهی کالبرزخ بین الصورتین، وبکونه أنه مجموع استشرف على الطرفین کالبرزخ، ورأى نفسه بهذه المثابة، فرأى فی نفسه أحکام النقیضین ذوقا، من حیث أنها ذات خلیفة فهی الذات الخلافیة لا ذات الخلق و لا ذات الحق .
ومن هذا المقام قال الخراز قدّس سره: عرفت الله بجمع الأضداد
یعنی: فی نفسه ذوقا یشیر إلى التحقیق بهذا المقام وبه کملت الصورة الإلهیة وفیه شوهدت، فهو حسبه کما هو حسبه، ولهذا المقام أحکام متداخلة، وأسرار غامضة متعانقة .
قال تعالى: "إنّ اللّه على کُل شیْءٍ قدِیرٌ" [ آل عمران: 165]، فعلمنا به أن العقول قاصرة عن إدراک إطلاق هذه الآیة :
لیس على الله بمستنکر ..... أن یجمع العالم فی واحد
و أن الله قادر على جمیع الأضداد، بل هو جامع الأضداد فجمع الخلیقة بأحکامه الظاهرة أحکام المستخلف علیه، و بأحکامه الباطنة أحکام المستخلف.
فجمع بین مقامی الاستفاضة والإفاضة، و التأثیر و التأثر، و الفعل و الانفعال، فتمّ أمر الخلافة بهذا العبد الکامل المخلوق على الصورة الجامع لجمیع الحقائق إلا مکانة بالأصالة و الوجوبیة الإلهیة بالنیابة، و هو المظهر الأکمل القویم و المجلى الأجل الأجمل فی أحسن تقویم .
فلهذا قال الإمام الغزالی رحمه الله تعالى: ما فی الإمکان أبدع من هذا العلم لکمال وجود الحقائق کلها فیه، و هو العبد الذی یسمى خلیفة و نائبا .
وهو غیاب عزیز جعله الحق موضع أسراره و محل تجلیاته، وهو الذی یعطی النزول و الاستواء المعیة و الفرح و الضحک، و ما یفهم منه من أدوات التشبیه.
قال تعالى:" وهُو الّذِی فِی السّماءِ إلهٌ وفی الْأرضِ" [ الزخرف: 84] و کان آدم أول خلیفة و نائب منه فی الأرض .
قال تعالى: "وإذْ قال ربُّک للْملائکةِ إنِّی جاعِلٌ فی الْأرضِ خلیفةً قالوا أتجْعلُ فِیها منْ یُـفْسِدُ فیها و یسْفِکُ ِّ الدماء ونحْنُ نسبِّحُ بحمْدِک ونقدسُ لک قال إنّی أعْلمُ ما لا تعْلمُون" [ البقرة: 30]
وعلمه ما لم یعلم من علوم التأثیرات التی تکون من الأسماء الإلهیة التی تختص بالأرض حیث کانت خلافته فیها، و له الأثر الکامل فی جمیع الکائنات.
و له المشیئة التامة فی جمیع الموجودات فإنه إقامة الظاهر بالاسم الظاهر، و إعطاؤه علم الأسماء من حیث ما هی علیه من الخواص و التأثیرات التی تکون عنها الانفعالات، فیتصرف بها فی العالم الأعلى و الأسفل .
قال رضی الله عنه فی "الفتوحات ": اختلف أصحابنا هل یصح أن یکون منه فی الوجود شخصان فصاعدا؟ أو لا یکون إلا شخص واحد انتهى کلامه.
و نقول: قال تعالى: "إنّ اللّه لا یغفِرُ أنْ یشْرک بهِ ویغْفِرُ ما دُون ذلک" [ النساء: 48] فافهم .
قال رضی الله عنه شعرا وحکمة :
وما الناس إلا واحد بعد واحد .... حرام على الأدوار شخصّان یوجد .
قال الشارح القیصری قدّس سره فی بیان هذا المتن:
إنما جعل الخلافة بالمجموع لأنه بالنشأة الروحانیة أخذ من الله، و بالنشأة الجسمانیة بلغ إلى الخلق و بالمجموع یتم دولته انتهى کلامه.
و هذا خلاف اقتضاء المتن السابق بل خلاف تفسیره السابق لأنه قال الشیخ رضی الله عنه: فهو الحق .
و قال الشارح: و هو الحق باعتبار روحه، و الخلق باعتبار جسمه، فکیف یقول أخذ من الله و أثبت أنه عینه؟!
بل الصواب أن یقال: إنه أخذ مستفیض من حیث إنه خلق مفید مفیض من حیث إنه حق فما جنی ثمرة غرسه إلا من شجرة نفسه فافهم .
فلمّا قرر رضی الله عنه أن آدم هو الخلیفة بالاستحقاق یرید أن یبین أن الخلیفة على صورة المستخلف، و المستخلف ذات ظهرت منها المرتبة وهی الألوهیة لأنها من اقتضاء ذاتی، وظهرت منها صور العالم کله أعلاه وأسفله فلذلک ینبغی أن یکون هذا الخلیفة .
فقال: (فآدم و هو الإنسان) المفرد فی کل إنسان، و لکن کانت فی آدم أتم وأقدم لأنه کان ولا مثل له، ثم بعد ذلک استشاق منه الأمثال.
فخرجت على صورته، کما انتشل هو من العالم، و من الأسماء الإلهیة فخرج على صورة العالم و صورة الحقیة، فوقع الاشتراک بین الأناسی فی أشیاء و انفرد کل شخص بأمر یمتاز به عن غیره، و هذا الإنسان المفرد یقابل ذاته الحضرة الإلهیة.
وقد خلقه الله تعالى من حیث شکله وأعضائه على جهات ست ظهرت منه، فهو فی العالم کالنقطة فی المحیط، وهو من الحق کالباطن، ومن العالم کالظاهر، ومن القصد کالأول، ومن النشأة کالآخر فهو أول بالقصد آخر بالنشأة، و ظاهر بالصورة، و باطن بالروح.
کما أنه خلقه تعالى من حیث طبیعته و صورة جسمه من أربع، فله التربیع من طبیعته إذا کان مجموع الأربعة الأرکان، و أنشأ جسده ذا أبعاد ثلاثة من طول وعرض وعمق، فأشبه الحضرة الإلهیة ذاتا وصفاتا وأفعالا، فافهم .
و لکن جعل الله تعالى هذا الإنسان المفرد خلیفة عن الإنسان الکل الأول الأقدم، فالإنسان المفرد ظل الله فی خلقه من خلفه فعن ذلک، هو خلیفة، و الکمّل هم خلفاء عن مستخلف واحد . قال تعالى: "هُو الّذِی جعلکُمْ خلا ئف فی الْأرضِ" [ فاطر: 39] .
قال القیصری رحمه الله تعالى: فآدم فی الحقیقة هو النفس الواحدة، و هو العقل الأول و لیس کذلک لأن آدم الذی نحن بصدد بیانه من أول الکتاب إلى هنا آدم، من حیث إنه خلیفة لا من حیث أنه إنسان فهو مجموع العالم مع الزیادة و العقل من بعض قواه بل العقل الأول ثم النفس الکل.
وهکذا على الترتیب . فافهم حتى تعرف رتبة کلام الشیخ رضی الله عنه من بین الذواق .
و أمّا من قال: إنه آدم أبو البشر خالف کلام الشیخ، وهو الشارح الجامی رضی الله عنه حیث قال فی نفس الفصوص: إن مرادی من آدم هو النوع الإنسانی .
قال الشیخ فی "الفتوحات ": إنه أصل هذا النوع الإنسانی، و أن هذه الحقیقة فی کل إنسان کامل، و لکن امتاز آدم بالأولیة کما سبق ذکره آنفا فافهم .
فإنه ما أراد فی النفس (هو النفس الواحدة) من حیث الحقیقة لها أحدیة الجمع وبها استحق الخلافة، فإنها من مقام برزخی التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.
فإن هذا (النوع الإنسانی) من حیث أنه نوع کالعقل الأول، و جرد آدم من حیث أنه خلیفة فبثّ منهما أفرادا کثیرة ذکورا و إناثا.
فکما ظهرت من الذات المرتبة، و منها ظهرت صور العالم مؤثرات و متأثرات، کذلک آدم الخلیفة ذات و مرتبة، و بث منهما أفرادا کثیرة ذکورا و إناثا و هو قوله: أی ما قلنا: إن الأصل نفس واحدة، و خلق منها کثیرا هو عین ما قاله سبحانه: "یا أیُّها النّاسُ" [ البقرة: 21] .
فی هذا الخطاب إشارة لطیفة، و هی أن الناس المخاطبین بهذا الخطاب کلهم بعدوا عن مواطنهم، و نسوا مقتضى ذواتهم لأن النداء دعاء على رأس البعد و بوح بعین العلم و الحجاب لا الکشف، و ذلک أن الإنسان إذا رأى فی نفسه هذا الکمال الذی قررناه فی المباحث السابقة فخیف علیه أن یزهو على مقتضى النشأة لأنها مقتضى النشأة لأنها مقتضى ذلک بل أنه مشتق من النسیان یخاف أن ینسی عبودیته .
قال تعالى:" کلّا إنّ الِإنسان لیطغى" [ العلق: 6] . "أنْ رآهُ اسْتغنى" [ العلق: 7] بل أن الله تعالى خلقه على صورته، و کان فی قوة الإنسان من أجل الصورة أن ینسى عبودیته و لذلک وصف الإنسان بالنسیان فقال فی آدم فنسی والنسیان نعت إلهی، فما نسی إلا من کونه على الصورة .
"أنْ رآهُ اسْتغنى" [ العلق: 7] بل أن الله تعالى خلقه على صورته، و کان فی قوة الإنسان من أجل الصورة أن ینسى عبودیته و لذلک وصف الإنسان بالنسیان فقال فی آدم فنسی و النسیان نعت إلهی، فما نسی إلا من کونه على الصورة . قال الله تعالى: "نسُوا اللّه فنسِیهُمْ" [ التوبة: 67] کما یلیق بجلاله.
فلمّا علم الله أن هذا العبد للقوة الإلهیة التی معه یبعد عن مقتضى النشأة و لا بد یدّعی فی نعوت ما هو حق الله تعالى لأن الدعوى صفة إلهیة و العبد مخلوق على الصورة .
قال تعالى: "إنّنی أنا اللّهُ لا إله إلّا أنا فاعْبدْنی" [ طه: 14] .
فادّعى العبد أنه لا إله إلا هو وهی دعوى صادقة، و من ادّعى دعوى صادقة لم یتوجه علیه حجة و کان له السلطان على کل من ادّعى علیه دعواه.
لأن الشدة، و الغلبة، و القهر، فإنها لا تقاوم فغار من المشارکة وحجر علیه بعض النعوت، وقال: من یتعدى هذه الحدود کالعظمة، والکبریاء، والجبروت فتضمنه . و قال تعالى: "کذلک یطبعُ اللّهُ على کُل قلْبِ مُتکبِّرٍ جبّارٍ" [ غافر: 35] .
عین الغیرة :
"" أضاف المحقق :الغیرة غیرة فی الحق لتعدی الحدود.
والغیرة تشعر بثبوت الغیر، ومشاهدته، ومن حیثیة الغیرة تظهر لفواحش.
والغیرة إنما تظهر عند رؤیة المنکر والفواحش، والأغیار الثابتة، فکثرتها إما نسب، وأحوال مختلفة معقولة قائمة بعین واحدة، لا وجود لها إلا فی تلک العین.
وإما أثار استعدادات المظاهر فی الظاهر فیها، فعلى التقدیرین لا وجود فی الأغیار مع ثبوت حکمها فی العین الظاهرة بها.
فخذ من هذا التقریب من أین ثبوت نشأت الفواحش؟ ولم حرمت؟
والإنسان مأمور بأن یجعل نفسه وقایة للظاهر فیه، و الغیرة محمودة ومذمومة،
فالمحمودة: هی التی اتصف بها الحق، والرسل، وصالحو المؤمنین على أنها مرموزة فی الطبع فلا بد منها.
و غیرة تطلق بإزاء کتمان الأسرار :
الأولى غیرة فی الحق، وهذه غیرة على الحق، وهذه حالة الأولیاء الأصفیاء الذی یسعون فی ستر أحوالهم ومقامهم على الخلق فلا یتمیزون بعادهم وعبادهم عن العامة.
وغیرة الحق صفته على أولیائه وهم الضنائن
وهذه غیرة من الحق، ولهم خلف حجب العوائد الواصلة الدائمة، و عندیة الحق معهم تقتضی أن یکون التمییز بین الظاهر، والظاهر أخفى، فهم عنده کهو عندهم، فأخفی العین فی العین.""
أما ترى أنه جعله خلیفة فی الأرض لا فی السماء مع وجوده على الصورة ، لأنه ربما یطغى و یقول: أنا ربکم الأعلى و لو طغى ما وقع الإنس و ما خلق إلا للإنس به فبهذه الاعتبارات نزّلهم بمنزلة من خرج عن الحضرة فناداهم .
وقال: یا أیها الناس، ولم یقل: یا أیها المؤمنون أو غیره من الألفاظ، للإشعار بالنشأة منهم و الاعتذار عنهم .
قال رضی الله عنه فی کتاب القدس فی مناصحة النفس:
فالقوی منا المتمکن هو الذی یخرق حجاب سره یعنی: مرتبة الخلافة الجمعیة العامة الکبریائیة بینه و بین رب.
أی لا یرى ألوهیة نفسه، بل یشاهد ألوهیة ربه دون ألوهیته، فیتعبد فیعرف عبودیته، فحینئذ یکون أقوى العالم و أشده لرفعه ذلک الحجاب الأقوى .
فتکون منزلته أعلى وقوته أعظم، وهناک یتمیز ویتحارى مع العالم فی الرفعة و الانحطاط، و هناک راتب مبلغ العارفین العالمین .
و أمّا هذا المدرک الذی أومأنا إلیه فبعید أن تسمعه من غیر هذه الرسالة على درج هذا التحقیق .
ثم قال رضی الله عنه: و أمّا قبل أن تحرقه فإنه یثمر لک ما أثمر للجبارین .
قال تعالى فیهم: "کذلک یطبعُ اللّهُ على کُل قلْبِ مُتکبِّرٍ جبّارٍ" [ غافر: 35] ختم علیه بالشفاء، فإذا خرقت حجاب الجمع العام الکبریائی استودعه فیک منه فنفدت من ورائه إلى عبودیتک، عاینت ألوهیة الحق المقدسة، فوجدته و لم تشرک به شیئا.
قال تعالى: "إنّ اللّه لا یغْفِرُ أنْ یشْرک بهِ" [ النساء: 48] و هنا یجوز یهلک فیها عالم کثیر من أهل طریقتنا لعدم ذلک التحقیق، و وقوفهم مع سر الجمعیة، فحجبتهم الرئاسة عن استیفاء العبودیة، و الخدمة فافهم .
وأشار إلى هذا الأدب معلم الخیر صلى الله علیه وسلم حیث قال : "والخیر کله بیدک، والشر لیس إلیک" و لو لم یئس نفسه و لو أدخله الجوّاد فی المیزان .
و قال: إنه خلقه على صورته، فیوازن بصورته حضرة موجدة ذاتا، و صفة، و فعلا، فلا یلزم من الوزن الاشتراک فی حقیقة الموزونین فإن ما یوزن به الذهب المسکوک هو سنجة حدید، إذا وزنت نفسک بهذا المیزان عرفت نفسک و هو میزان الشریعة و معرفة النفس، وزال عنک ما توهمته فی الصورة من أنه ذات و أنت ذات أنک موصوف بالعلم و الحیاة، و هو الحی العالم، و لکن أنت فقیر محتاج، و هو الله الغنی و هو الوجود، و أنت المعدوم المفقود، و کل من ادّعى الربوبیة من کلمة فرعون إلى قول الإنسان: لو لا قلت کذا کان کذا، و لو لا همتی کان کذا .
و هذه کلها علل و أمراض من داء سر الألوهیة، و کل واحدة من هذه الأصناف یعاقب و یعاتب على قدره، فهذه أدواء کثیرة و دوائها التقوى .
قال رضی الله عنه: أعظم الفتن التی أفتن الله تعالى بها الإنسان الکامل تعریفه إیاه بأنه خلقه على الصورة لیرى هل یقف مع عبودیته؟
و سواء داء مکانه، أو یزهو الأجل مکانه، و مکانة صورته، فإنه تعالى ما أظهر الصورة المثلیة فی هذه النشأة على التشریف فقط، بل هی شرف وابتلاء، من ظهر یحکم الصورة على الکمال، أن یخرق حجاب سر الجمعیة العامة الکبریائیة حتى یشاهد ألوهیة ربه دون ألوهیته، فقد حان الشرف بکلتا یدیه، فإن الصورة الإلهیة الکاملة لا یلحقها ذما بکل وجه .
و هذا هو أول قدم فی الشریعة، فإن الشارع أول ما أتى به لا إله إلا الله، فلا یجیبه إلا من خرق سرّ الجمعیة العامة الکبریائیة منه، و بهذا ینتفی الاشتراک و یتبین أهل لا إله إلا الله على حسب رفع حجابهم، فمن الجماعة من یقولها ابتداءا من غیر نظر و هو الإمام، و منهم من یقول معه بعد رؤیة الدلیل، فهذا جاهل بنفسه فإن لا إله إلا من مدرکات العقل بالنور الإلهی توقفه على الدلیل دلیل على التقلید و فقد ذلک النور، و لکن قد یستعد بإجابته و لو بعد حین .
قال تعالى: "لا یسْتوی مِنْکُمْ منْ أنفق مِنْ قبْلِ الفتْحِ وقاتل أولئک أعْظمُ درجةً مِن الّذِین نأفقُوا مِنْ بعْدُ و قاتلوا وکُلًّا وعد اللّهُ الحُسْنى واللّهُ بما تعْملون خبیرٌ" [ الحدید: 10] فافهم .
و من نقض هذا المقام الکمالی خرج مع فرعون و النمرود، و کان فی حقه مکرا إلهیا، من حیث لا یشعر فلهذا قال صلى الله علیه وسلم : "إنها فی الآخرة مندمة" لما یتعین على صاحبها حقوقا، و قد جعلنا رعاة .
فقال صلى الله علیه و سلم : "کلکم راع و کلکم مسئول عن رعیته" .
فمن جمعت له الصورة بکمالها، وهو یخرق حجاب السر الجمعی کما قلناه آنفا، فلم یسأل فإن الله لا یسأل عما یفعل وهم یسألون، هذا کله إذا کانت الخلافة بالتجلی، أما إذا کانت الخلافة بالتعریف الإلهی فإن متعلقه السمع وهو خیر، وهذا الأمر آخر، ولا کلامنا فیه، فافهم .
ثم نرجع و نقول فلما کان هذا الإمکان إمکان النقص والنسیان فی الإنسان فیه أمره بالتقوى .
و قال عزّ و جل: "ومنْ یتّقِ اللّه یجْعلْ لهُ مخْرجاً " [ الطلاق: 2] .
حتى یخرج العبودة مخرج الألوهة علما و کشفا، و تجمع السیادة فی عین العبودیة، و العبودیة فی عین السیادة، یکون عبدا ربا خلقا حقا، فظهر بالأصالة بین الطرفین وهما طرفا نقیض، فجمع الضدین، بل یکون عین الضدین على صورة من أنشأه.
فإنه على الصورة، فإنه حینئذ رزقه الله علم الفرقان، ویقف بذاته على القرآن هذا هو استظهار القرآن، وهذا لباس التقوى لباسا یوارى سوءاتکم، وهذا أدب یلبسکم لباس الأدباء .
قال تعالى: " ذلک خیْـرٌ ذلک مِنْ آیاتِ اللّهِ لعلّهُمْ یذّکّرون" [ الأعراف: 27] فالمتقی یتولى الله تعلیمه، فلا تدخل فی علمه شبهة و لا مراءا، و کمال هذا لمن أخا بین الإیمان والعیان، ویعمل بمقتضى الإیمان مع العیان، کما قیل فی بیان العارف و تعریفه: إن لا یطغى نور معرفته نور درعه .
ورد فی الخبر ما أشار به إلى هذا المقام صلى الله علیه و سلم : "إنما الإیمان بمنزلة القمیص یقمصه الرجل مرة و ینزعه مرة أخرى". رواه الحکیم و ابن مردویه عن عتبة بن خالد بن معدان عن أبیه عن جده رضی الله عنه، فإنه یتقمّص به حین یتعمّل بالإیمان و ینزعه حین الکشف، و ما یجمعهما إلا الأقویاء، فافهم .
قال الشیخ رضی الله عنه: أنا الذی و آخیت بین الإیمان و العیان، و کمال هذا المقام ختم بالختمین .
أما ترى أنه صلى الله علیه و سلم وآله و سلم کان یحکمهم بالشاهدین، وهو عالم بحقیقة الأمر، وأشار إلى هذا بطرف خفی فی قوله فی حکایة مشهورة وهو : "لولا الإیمان لکان لی ولها أمر" رواه الطبرانی عن ابن عباس .
و ورد فی الحدیث : " لو رجمت أحدا بغیر بینة لرجمت هذه". رواه البخاری و مسلم عن ابن عباس رضی الله عنهما ذکره فی جمع الجوامع.
قال تعالى: "رّبکُمُ الّذِی خلقکُمْ مِنْ نفْسٍ واحِدةٍ" [ النساء: 1] وهى نفس آدم أبو البشر علیه السلام، یخاطب الحق ما تفزع منه .
قال تعالى: "وما أمْرنا إلّا واحِدةٌ" [ القمر: 50] وهى أمره .
و قال صلى الله علیه و سلم : "إنّ ربکم واحد کما إنّ أباکم واحد".
لما کان حواء عین آدم لأنه عین ضلعه، فما کان إلا أب واحد فی صورتین مختلفتین کما هو التجلی فی تکرار العدد، فعین حواء عین آدم انفصال الیمین عن الشمال و هو عین زید .
و قال الله تعالى: "و رفع أبوْیهِ على العرْشِ" [ یوسف: 100] . سمّاها أبی و لیس أبوک إلا من أنت عنه .
و قال رضی الله عنه فی الباب العاشر من "الفتوحات" فی آدم، ثم فصل عنه أبا ثانیا، فافهم.
قال تعالى: "وخلق مِنْها زوْجها" [ النساء: 1] وهى حواء .
قال تعالى: "و مِنْ آیاتهِ أنْ خلق لکُمْ مِنْ أنْـفُسِکُمْ أز واجاً لتسْکُنوا إلیْها" [ الروم: 21] .
و ما أنشأ الله تعالى من کل شیء زوجین إلا لیعرف الله العالم بفضل نشأة الإنسان الکامل لیعلم أن فضله لیس بالجعل الکامل لیعلم أن فضله لیس بالجعل .
فإن الذی هو الإنسان الکامل ظهر به ازدواج من لا یقبل لذاته الازدواج ما هو بالجعل، فضمن الوجود الإنسان الکامل الظاهر بالصورة، فصار الصورة بالصورة روحین فخلق آدم علی صورته فظهر فی الوجود صورتان متماثلتان کصورة الناظر فی المرآة ما هی عینه و لا هی غیره و لکن حقیقة الجسم الصقیل أعطى ذلک، فافهم .
فإنه لب المعارف، فلمّا أراد سبحانه إیجاد التناسل و التوالد و النکاح الصوری فی دار الدنیا للاستئناس فاستخرج من ضلع آدم علیه السلام من أقصره حواء علیهما السلام، فقصرت بذلک عن درجة الرجل، و للرجال .
قال تعالى: "و للرجالِ علیْهِنّ درجةٌ" [ البقرة: 228] و هی درجة التقدم و الکلیة فی رتبة الوجود، فما تلحق بهم أبدا.
قال تعالی عزّ و جل: " الرجالُ قوّامُون على النِّساءِ" [ النساء: 35] قیام الکل علی الجزء، وللقیوم درجة التقدم و الشرف .
أمّا السرّ الذی خلق منها زوجها إلا من خارج، حتى لا یخرج الأمر منه أصلا، و یکون الأمر منه إلیه کالأصل و غیره منه علیه حتى لا یستأنس بالغیر، و هکذا الأمر فی الأصل أنه ما أظهر عینا للغیر حتى لا یکون للغیر عین، فافهم .
هذا سرّ الحدیث المشهور فی الغیرة الإلهیة أنه قال صلى الله علیه و سلم : "إنّ سعدا لغیور و أنا أغیر منه و الله أغیر منی" فالغیرة صفته کما قال، فافهم.
قال تعالى: "وبثّ مِنْـهُما رجالًا کثیرًاً و نساءً" [ النساء: 1] فلمّا کان آدم نفسا واحدة و حواء خلقت منها فبثّ منهما، و أوجد، و نشر بنکاح صوری رجالا کثیرا و نساء .
قال تعالى: "فلا تعْلمُ نفْسٌ ما أخْفِی لهُمْ مِنْ قُـرِّة أعْینٍ" [ السجدة: 17].
إنما أخّر النساء لتأخرها فی الخلق و فی الرتبة، یقال: نسأت الشیء إذا أخرته، ذکره فی الصحاح و ذلک لأنها فی مرتبة الانفعال، و لها التأخّر عن رتبة الفاعل.
وهکذا الأمر فی العالم و إیجاده خلق فی نفس واحدة، وهی نفس القلم الأعلى والروح الأعظم الأسنى وهو أول خلق إبداعی نفس النفس الکل وهی أول خلق انبعاثی کانبعاث حواء من آدم علیهما السلام فی عالم الأجرام لیکون محلا للولادة المعنویة المحسوسة المشهودة لأهلها.
وکانت مما ألقی إلیها من الإلقاء الأقدس الروحانی الطبیعة و الهباء جمیعا، فکانت أول أم ولدت توأمین، کما کانت حواء علیها السلام.
فأول ما ألقت هو الطبیعة أخ وأخت لأب واحد وأم واحدة، فأنکح الطبیعة الهباء، کما کانت فی أولاد آدم وحواء فولدت بینهما صورة الجسم الکل، وهو أول جسم ظهر فی الوجود فکان أبوه الطبیعة و الهباء أمه.
وهی الهباء جوهرة مثبتة فی جمیع الصورة أثاثها، و ما من صورة إلا هی فیها، و إنما قلنا الذکور و الإناث، و أردنا الصورة الفاعلة و المنفعلة لأن الأمر لا یخلو من هاتین القوتین .
فأول الآباء العلویة معلوم: أی القلم الأعلى .
وأول الأمهات السفلیة شبیه المعدوم الممکن، فهذا أب ساری الأبوة، و هذه أم ساریة الأمومة.
والنکاح و الازدواج سار فی کل شیء والأولاد والنتیجة دائمة أبدا دنیا و آخرة .
فالمولدات أمور مختلفة لا تنحصر أشخاصها الطبیعة و العنصریة أبدا لأن الله تعالى قد وصفها على أمزجة مختلفة لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها، و إنا و إن کنا عن أصل واحد، و لکن جعلنا مختلفین لحکمة لا تخفى على الواقفین .
قال تعالى: "ولا یزالون مُخْتلِفِین" [ هود: 118] و لذلک خلقهم، فمنا الطیب و الخبیث الواسع و الضیق، نظم حضرة الشیخ رضی الله عنه شعر :
فالأصل فرد و الفروع کثیرة ...... فالحقّ أصل و الکیان فروع . فافهم .
و هکذا فی المعانی فی إنتاج العلوم إنما هو بمقدمتین موضوع التالی عین محمول المقدم، فإذا وقع بینهما نکاح معنوی وهو نسبة مخصوصة تعطی صحة النتیجة و حریة الأولاد کتکرار حد الوسط و غیره من شروط الصحة .
لقوله تعالى: "وتلک الْأمثالُ نضْربها للنّاسِ لعلّهُمْ یتفکّرُون" [ الحشر: 21] بل العالم کله بما فیه ضرب للأمثال للذین آمنوا لیعلموا منه أنه هو فجعله علیه، و أمرنا بالنظر فیه کذلک یضرب الله الأمثال للذین استجابوا لربهم، فإن قیل ما من شی ء فی الوجود إلا و له استناد إلى الإلهیات، فإن العالم ظل و قوله تعالى: " ألمْ تر إلى ربِّک کیف مدّ الظِّلّ" [ الفرقان: 45] .
کما ورد فی الخبر : "السلطان ظل الله فی أرضه" .
و قال فی هذا المعنى رضی الله عنه فی الباب الرابع و الستین و ثلاثمائة فی معرفة منزل السرّین: لم سمّی هذا المنزل منزل السرّین؟
و هو سرّ عجیب أن الشیء الواحد تثنیة نفسه لا غیره فی المحسوس و المعقول، فأمّا فی المعقول فآدم ثناه ما فتح من ضلعه القصیر من صورة حواء، فکان واحد فی عینه فثناه نفسه و صار زوجا، و لیست سوى نفسه التی بها قیل فیه: إنه واحد.
و أمّا فی المعقول فالألوهیة لیست غیر ذاته، و معقول الألوهیة خلاف معقول کونه ذاتا، فثنت الألوهیة ذات الحق تعالى و لیست سوى عینها فکانت فی الحس من آدم و من ثناه من ذاته رجالا و نساءا على صورة الزوجین .
کذلک بثّ من ذات الحق و کونه إلها للعالم على صورة هذین المعقولین صور کثیرة، أسماء مؤثرة و أسماء متأثرة ذکورا و إناثا.
فالعالم لتوالد أجزائه على صور مؤثر و مؤثر فیه فاعل و منفعل، کما جرى فی المحسوس فإن الله تعالى ما خلق من آدم و حواء علیهما السلام أرضا و سماءا، بل ما خلق منهما الأمثال فی الصورة و الحکم لأن الأصل واحد و ما ثناه سوى نفسه و لا ظهرت کثرة إلا من عینه الواحدة.
فکان له کل شیء من العالم یدل على أنه واحد فإن الوجود بثّ منه صورا کثیرة، و هی نسب أحکام الأعیان و استعدادات الممکنات فی عین الوجود الواحد.
والنسب هی صورة الحقائق الأسمائیة الفاعلیة التی کثرت من نکاحاتها المعنویة فی الحقائق الکونیة، و کثرت منها صور النسب الواقعة بلفظ النسب بفتحتین، و هو مشتق من النسبة، فافهم .
و بثّ نسبا مؤثرة و متأثرة ذکورا و إناثا، و هذه هی النسبة الإلهیة التی یرفعها یوم القیامة کما ورد فی الخبر الصحیح : "الیوم أضع نسبهم وأرفع نسبی"
و أمّا الإنسان الکامل من حیث طبیعته الحاضرة للموالید کلها هو بمنزلة الأنثى لزوج معروف غیر منکور.
و له ثلاث حالات معه قبول الولد و المخاض و الولادة.
فیعرف فی کل نفس ما یلقی إلیه فیه ربه و ما یخرج منه إلى ربه و ما فیه مما ألقی فیه من ربه، فإنه مأمور بمراقبة أحواله مع الله تعالى فی هذه الثلاث المراتب، فالمحقق العارف یعرف زوجه و یعرف أنه بنکاح لا بسفاح بولیّ و شاهدین مع تلاوة:
"و لمْ یکُنْ لهُ کُفُوًاً أحدٌ" [ الإخلاص: 4] غیره فیعرف ما یلد و من یقتل ولده إذا ولد و من یربیه .
فلهذا السرّ : أی لأجل أنه أنثى لا یکون الکامل الفرد تحت الکامل لأن الفوقیة للرجولیة، و لیس فیهم رجل .
قال رضی الله عنه من هذا الذوق فی بعض أشعاره یناجی فیها ربه :
إنا إناث لما فینا نولده فلنح ..... مد الله ما فی الکون من رجل
فنسمّى هذه الطائفة بالأفراد فافهم .
فإن المعارف الإلهیة على هذا النمط و الأسلوب لا نجدها فی غیر کتب الشیخ رضی الله عنه
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص 63
فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنی صورته الظاهرة، و قد علمت نشأة روح آدم أعنی صورته الباطنة، فهو الحقّ الخلق.
پس همانا حکمت نشئه جسد آدم را که صورت ظاهرش بود دانستى (و آن حکمت ظهور احکام اسماء و صفات است در این نشئه آدم) و همانا نشئه روح آدم- که صورت باطنهاش مىباشد- را دانستى (حکمت نشئه روح آدم ربوبیت است و خلافت بر عالم) «فهو الحق الخلق» پس آدم حق است و خلق است.
حق است به اعتبار ربوبیتش مر عالم را و اتصافش به صفات الهیه، و خلق است به اعتبار عبودیت و مربوبیتش. یا اینکه گوییم او حق است به اعتبار روحش و خلق است به اعتبار جسدش.
بزرگى فرموده است انسان کامل چون جامع مراتب کونیه و الهیه است، به اعتبار اول اظهار نیاز و عبودیت مىکند و گوید: «انا عبدک» و به اعتبار ثانى گوید. ما چنین کنیم و چنان کنیم. چنانکه در خطبه بیان و خطبههاى دیگر حضرت آدم اولیاء اللّه امیر المؤمنین (ع) آمده است.
تقدیر به یک ناقه نشانید دو محمل طغراى حدوث تو و سلماى قدم را
و این مطلب را شیخ رضوان اللّه علیه در قطعهاى چنین بیان فرمود:
حقیقة الحق لا تحدّ و باطن الربّ لا یعدّ
حقیقت حق را نمىشود محدود کرد. و باطن رب به شمار در نمىآید
فباطن لا یکاد یخفى و ظاهر لا یکاد یبدو
باطنى که نمىشود گفت پوشیده است. و ظاهرى که آشکار نمىشود
فإن یکن باطنا فحق و إن یکن ظاهرا فعبد
پس اگر باطن باشد حق است. و اگر ظاهر باشد عبد است
و قد علمت نشأة رتبته و هی المجموع الذی به استحق الخلافة.
و همانا نشئه رتبت آدم را دانستى که آن نشئه مجموعى بود که بدان سزاوار خلافت شد.
اینکه به مجموع سزاوار خلافت شد براى این است که به نشئه روحانیهاش از خداى متعال گیرنده است و به نشئه جسمانیهاش به خلق رساننده و به مجموع این دو، دولت او تام و مرتبهاش کامل مىشود.
فآدم هو النفس الواحدة التی خلق منها هذا النوع الإنسانی.
پس آدم ابو البشر نفس واحدهاى است که این نوع انسانى در دار وجود از او خلق شده است.
در سلسله طولى آدم در حقیقت نفس واحدة است و عقل اول است که آن عقل اول روح محمدى است در حقیقت که در این نشئه عنصریه ظاهر شده و رسول اللّه فرمود: «أول ما خلق اللّه نوری» که این نوع انسانى بلکه جمیع انواع مخلوق از این نور (که عقل اول است و روح محمدى است و نفس واحدة است و آدم نشئه اول دار وجود است) آفریده شدند. نیز رسول اللّه فرمود:
«کنت نبیّا و آدم بین الماء و الطین» (وقتى آدم بین آب و گل بود من پیغمبر بودم). « شرح فصوص قیصرى، ص 94»
یعنى عقل اول که روح محمدیه است و مر او را در همه عوالم مظهر است و هر موجودى از او فیض مىگیرد. پس آدم از عقل اول یعنى از حقیقت محمدیه فیض وجود گرفت.
بیان مطلب این است که حقیقت انسانیه را در جمیع عوالم مظاهرى است.
مظهر اولش در عالم جبروت روح کلى است که عقل اولش نامند و این آدم اول است و حوّاى او نفس کلیه است که از ضلع أیسر عقل اول آفریده شد زیرا که به سوى خلق است و یمینش که عقل اول است جانب حق است این در عالم جبروت، در عالم ملکوت آدم نفس کلیه است و حوایش طبیعت کلیهاى است که در أجسام است، و در عالم ملک آدم ابو البشر و حواست. « شرح فصوص قیصرى، ص 94.»
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 145
فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنى صورته الظاهرة، و قد علمت نشأة روح آدم أعنى صورته الباطنة فهو الحقّ الخلق. و قد علمت نشأة رتبته و هى المجموع الّذى به استحقّ الخلافة.
این سخن سه جمله است:
یکى آنکه- حکمت نشأة جسدیّه آدم که صورت ظاهره او است دانستى که: آن ظهور احکام اسماء و صفات است در آن.
دوم آنکه- حکمت نشئه روحیّه آدم که صورت باطنه او است معلوم کردى؛ که آن ربوبیّت در عالم کردن است و احکام خلافت را به امضاء رسانیدن است.
و سوم- حکمت نشئه رتبه هیئت مجموعیّه آدم را بدانستى؛ که به آن مستحق خلافت گشته؛ چرا که: به نشأت روحانیّه از روى لطافت از حضرت حق بستاند؛ و به نشأت جسمانیّة از راه مناسبت به خلق رساند. و دولت خلافت به [این] هیئت مجموعیّه به اتمام مىرسد. اخبار از این سه حکمت در قرآن عظیم حکیم علیم به این عبارت فرموده: «وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَکاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ»( س 6- 9).
پس معلوم شد که: مجانست، خمیرمایه مؤانست است در تبلیغ رسالت؛ که آن خلاصه احکام خلافت است. در آیت تدبّر کن؛ تا بدانى.
در قوله: «فهو الحق الخلق» ضمیر عاید است به آدم. یعنى: آدم به اعتبار آنکه تربیت عالم مىکند، از مرتبه خلافت، و مظهرى جامع است مر اسماء و صفات الهیّه [را] و مرآت هویّت است، پس به این اعتبار، حقّ باشد. و به اعتبار آنکه او نیز مربوب ذات است، و به صفت عبودیّت موصوف است، خلق باشد. یا خود چنین گوییم که: آدم را صورتى جسمانى و معنیى (- معنایى) روحانى است؛ به جسم از عالم خلق است؛ و به روح از عالم امر. «أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ»( س 7- 54).
پس اگر بگویند که: به اعتبار «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی»( س 17- 85) یا بحکم «وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی»( س 15- 29) حق است، شاید.
و اگر گویند که به مقتضاى «خمّرت طینة آدم بیده أربعین صباحا» خلق است، شاید شیخ- قدّس سرّه- در عنقاى مغرب این معنى را به عبارت آورده؛ و به نظم فرموده:
حقیقة الحقّ لا یحد و باطن الربّ لا یعدّ
فباطن لا یکاد یخفى و ظاهر لا یکاد یبدو
فإن یکن باطنا فربّ و إن یکن ظاهرا فعبد
فآدم هو النّفس الواحدة الّتی خلق منها هذا النّوع الإنسانىّ،
یعنى: چون دانسته شد که: خلیفه حق در عالم و مدبّر آن، آدم است، پس فى الحقیقة آدم آن نفس واحده باشد که نوع انسانى از وى پدید آمده باشد؛
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 156
فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنى صورته الظاهرة.
پس به تحقیق دانستى حکمت نشأت جسد آدم را اعنى صورت ظاهره او را و آن حکمت ظهور احکام اسما و صفات است درین نشأت.
و قد علمت نشأة روح آدم اعنى صورته الباطنة،
و هرآینه دریافتى حکمت نشأت روح آدم را اعنى صورت باطنه او را و آن حکمت ربوبیّت و خلافت است بر عالم.
فهو الحقّ الخلق.
پس آدم حق است به اعتبار ربوبیّت او مر عالم را و به اعتبار اتصاف به صفات الهیّه؛ و خلق است به اعتبار مربوبیّت و عبودیتش. یا گوئیم حق است به اعتبار روحش و خلق است به اعتبار جسدش. بیت:
اى تو به فکرت دویى خون حبیب ریخته نیک نگر که او تویى اى تو ز خود گریخته
تن مرکب تست حق تن را بشناس بل راکب مرکب بدن را بشناس
از خود به خدا ره نتوانى بردن از خود به خود آ و خویشتن را بشناس
و قد علمت نشأة رتبته و هى المجموع الّذى به استحقّ الخلافة.
و به درستى که دانستى نشأت رتبت او را که عبارت است از روحانیّت و جسمانیّت که بدین مجموع آدم استحقاق خلافت یافت، چه به نشأت روحانیّت آخذ است از حق و به نشأت جسمانیّت مبلّغ است به خلق و کمال دولت بدین مجموع است که استفاضه و افاضت بىمناسبت متصوّر نیست و لهذا قال تعالى: وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَکاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ یعنى اگر رسول را ملک ساختمى هرآینه به صورت بشر فرستادمى تا به حکم مجانست تبلیغ امر من کردى.
فآدم هو النّفس الواحدة الّتى خلق منها هذا النّوع الإنسانى.
یعنى چون دانستى که آدم که خلیفه است بر عالم و مدبر اوست. پس آدم در حقیقت نفس واحده است که عقلش خوانند و آن روح محمّدى است در حقیقت که ظاهر مىگردد درین نشئت عنصریّه که:
«أوّل ما خلق اللّه نورى»
اشارت است بدان،
«و کنت نبیّا و آدم بین الماء و الطّین»
عبارتست از آن. و نوع انسانى بلکه جمیع انواع مخلوق است از آن نور.
و تحقیق سخن آن است که حقیقت انسانیّه را در جمیع عوالم مظاهرست.
پس مظهر اول او در عالم جبروت روحى است مسمّى به عقل اول، پس آدم اوّل اوست و حوّا نفس کلّیّه است که از پهلوى چپ آدم مخلوق است. و مراد ازین جانب أیسر جانبى است که «یلى» خلق است و یمین او جانبى است که یلى حق است. و در «عالم ملکوت» نفس کلّیّه است که در اجسام است، و در عالم ملک آدم ابو البشر است. و مراد اینجا از آدم عالم جبروت و ملکوت است که خلیفه است ازلا و ابدا.
اما در فتوحات که مىفرماید: «أول موجود ظهر من الأجسام الإنسانیّة کان آدم علیه السّلام». مراد آدم عالم ملک است. که ابوالبشرش خوانند.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 527
فقد علمت حکمة نشأة جسد آدم أعنى صورته الظّاهرة، و قد علمت نشأة روح آدم أعنى صورته الباطنة، فهو الحقّ الخلق و قد علمت نشأة رتبته، و هی المجموع.
الّذی به استحقّ الخلافة.
شرح این سخن سه جمله است:
یکى آن که حکمت نشأت جسد آدم، که صورت ظاهر اوست، دانستى که آن ظهور احکام اسماء و صفات است در آن؛ دوّم آن که حکمت نشأت روحیّه آدم، که صورت باطنه اوست، معلوم کردى که آن ربوبیّت اوست در عالم، و احکام خلافت را به امضا رسانیدن؛ سیّم، حکمت نشأت ترتیب هیأت مجموعیّت آدم را دانستى که بدان مستحقّ خلافت گشته است، تا به نشأت روحانى از حق مىستاند، و به نشأت جسمانى، از راه مناسبت به خلق مىرساند. و از آن جهت که مظهر اسماء و صفات حق است و از مرتبه خلافت تربیت عالم مىکند، حقّ و ربّ است، و به اعتبار آن که او نیز مربوب ذات است، و به صفت عبودیّت موصوف، خلق باشد.
فآدم هو النّفس الواحدة الّتی خلق منها هذا النّوع الإنسانىّ، شرح بدان که نزد اهل کشف مراد از آدم عقل اولست، که آن روح محمّدیست. و آن روح را در هر عالم مظهریست. در عالم جبروت هم عقل اول خوانند و روح کلّى هم خوانند، و حواى وى درین عالم نفس کلّى است، و اولاد او عقول و نفوس مجرده؛ و در عالم ملکوت هم مظهرى دارد، و آن نفس کلیّه است که در عالم جبروت از عقل زاد، و درین عالم خود مظهر شد، و حواى او درین مرتبه طبیعت کلیّه است، و اولاد نفوس منطبعه و قواى روحانیّه؛ و در ملک ابو البشر.