عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثالث والثلاثون :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

(وهو)، أی ما ذکرناه (قوله تعالى) فی القرآن العظیم (" یا أیها الناس") الخطاب للمؤمن والکافر والمنافق ("اتقوا ربکم") بالإحسان والإیمان والإخلاص ("الذی خلقکم") قدرکم ثم أوجدکم طبق ما  قدرکم ("من فی واحدة ") وهی آدم علیه السلام ("وخلق منها ")، أی من تلک النفس الواحدة (" زوجها") وهی حواء ("وبث ")، أی أخرج ("منهما")، أی من تلک النفس الواحدة وزوجها ("رجالا ونساء") بطریق تولد البعض من البعض .

فقوله :("اتقوا ربکم") 1 سورة النساء. معناه بحسب ما ذکر من حکمة نشأة جسد آدم علیه السلام ونشأة روحه المعبر عنهما بالیدین و بالصورتین.

(اجعلوا ما ظهر منکم) لکم وهو الجسد والنفس وهو الید الشمال وهو صورة العالم التی خلق ظاهرکم علیها (وقایة لربکم)، فانسبوا إلیکم جمیع ما ظهر منکم من خواطر الضلال وأقوال الخطباء وأعمال الشر والسوء.

وإن کان ذلک کله مخلوقة لله تعالى ولا تأثیر لکم (واجعلوا ما بطن منکم) عنکم وهو العقل والروح فی عالم الخلق.

(وهو ربکم) فی عالم الأمر وهو ید الیمین وهو صورة الحق تعالى التی خلق باطنکم علیها کما مر بیانه.

(وقایة لکم) فانسبوا إلیه تعالى جمیع ما ظهر فیکم من الحقائق والمعارف والعلوم اللدنیة، فإنها لا تصدر إلا عن الحق تعالى لا عنکم.

وکذلک جمیع أعمال الخیر والهدى وإن کان ذلک بکسبکم وواسطة توجه قدرتکم وإرادتکم من غیر تأثیر منکم.

(فإن الأمر) الظاهر منکم عملا واعتقادا له (ذم) شرعة (وحمد) کذلک.

(فکونوا وقایته) تعالى (فی) نسبته (الذم) من الأقوال والأعمال والاعتقادات إلیکم لا إلى ربکم.

(واجعلوه) سبحانه وتعالى (وقایتکم فی) نسبة (الحمد) من نسبة جمیع ذلک إلیه تعالى لا إلیکم (تکونوا) حینئذ (أدباء) مع الله تعالى (عالمین) به تعالى وبما یلیق بجلاله وعظمته کما علم الله تعالى نبیه علیه السلام ذلک.

بقوله : "ما أصابک من حسنة فمن الله وما أصابک من سیئة فمن نفسک" 79 سورة النساء.

وقال له قبل ذلک بقوله :" وقل کل من عند الله" 78 سورة النساء.

وقال إبراهیم علیه السلام: "الَّذِی خَلَقَنِی فَهُوَ یَهْدِینِ (78) وَالَّذِی هُوَ یُطْعِمُنِی وَیَسْقِینِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ (80) وَالَّذِی یُمِیتُنِی ثُمَّ یُحْیِینِ (81) وَالَّذِی أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی یَوْمَ الدِّینِ (82) " سورة الشعراء.

فنسب المرض إلى نفسه، ولم یقل : وإذا أمرضنی، وکذلک الخطیئة نسبها إلى نفسه.

ومثله الخضر علیه السلام لما کان خرق السفینة شرا فی الظاهر نسب إلى نفسه حیث قال: فأردت أن عیبها، وبناء الجدار لما کان خیر نسبه إلى الله تعالى وبرأ نفسه حیث قال: فأراد ربک، وأما الغلام فلما کان فی الحال غیر کافر وفی المال کافرا لم یکن قتله خیرا محضا ولا شرا .

فقال : فخشینا ، وأبهم الأمر بینه وبین ربه .


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

(وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

(وهو) أی قولنا معنى (قوله تعالى :" یا أیها الناس") أی النوع الإنسانی"اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة" وهی الخلیفة المسمى بالإنسان الکامل والعقل الأول .

( وخلق منها زوجها ) النفس الکلیة (" وبث منهما رجالا کثیرا ") عقولا ("ونساء") نفوسا .

(فقوله " واتقوا ربکم" ) معناه (اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم) أی انسبوا ما فعلتم من النقائص والشرور إلی أنفسکم و نزهوا ربکم عنها.

(واجعلوا ما بطن منکم وهو ربکم وقایة لکم) أی انسبوا الکمالات إلى ربکم لا إلى أنفسکم .

(فإن الأمر ذم وحمد فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین) .فقد ظهر أن المراد بتفسیر الآیة الأدب السالکین.


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء». فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

وهو قوله تعالى: "یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء" (النساء: 1).

فقوله تعالى: "اتقوا ربکم" أی اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم وقایة لکم، فإن الأمر ذم وحمد فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین."

قلت: یعنی اتقوا سوء الأدب مع ربکم بأن تعتمدوا معه الأدب الذی یلیق بکم معه .

والمراد: ان کل واحد من ولد آدم له أیضا جمعیته فی ذاته للأسماء الإلهیة باطنة وله جسم ظاهر ولا بد لکل أحد أن یمدح أو یذم فی وقت ما فیجب علیه بأن یعطی المدح منه لما فیه من الأسماء الإلهیة فإن المدح یصلح لها وأما ظاهره وهو جانب الکون منه.

فلو أعطى المدح بظاهره مع کون المدح لجانب الحق لزمه أن یکون شریکا للحق تعالى فی صفاته، فلما صرف هو المدح لمستحقه وقاه الحق تعالی عن نقیضه أن یظهر بصفة مشارکة ربه، عز وجل.

الذی من ادعاها فهو ظالم، لوضعه الشیء فی غیر موضعه، فإن الظلم فی لغة العرب هو وضع الشیء فی غیر موضعه، فیستحق اللعنة بقوله تعالى: "ألا لعنة الله على الظالمین" (هود: 18).

فنعود ونقول وأن یعطى الذم لظاهره وقد کان الذی ذمه أو شتمه إنما یذم أو یشتم جملته، فیجب علیه أن یخصص الذم بظاهره دون باطنه.

فیکون وقایة لربه تعالى ولأسماء ربه، تعالی عن أن یصل إلیها ذلک الذم، وإذا فعل هذا کان أدیبا عالما.

أما أنه أدیب: فظاهر، وأما أنه عالم: فلأنه علم مواضع الصفتین، فوضع کل صفة فی موضعها وکان عالما بالأدب أیضا.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

(وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

قال تعالى : " یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَنِساءً ".

فأظهر الله من هذین الأبوین صور کلیات صور أحدیات جمعیات جمیع الحقائق الجمعیة المظهریة الإنسانیة .

فکانت حوّاء تنتج للأب ولدین فی کل بطن بمقتضى الأصل الذی کان فی بطنه صور الحقائق الفعلیة والانفعالیة معا وهو حقیقة الحقائق والتعیّن الأوّل ، فافهم إن شاء الله تعالى .

ثم قال رضی الله عنه : " فقوله : " اتَّقُوا رَبَّکُمُ " اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربّکم ، واجعلوا ما بطن منکم وهو ربّکم وقایة لکم فإنّ الأمر ذمّ وحمد ، فکونوا وقایته فی الذمّ ، واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین " .

قال العبد :

لمّا کان ظاهریة آدم من مجموع العالم الکیانی ، والعالم من حجابیته مجمع النقائص والمذامّ الخصیصة بالمقام الإمکانی ، فالأفعال والأخلاق والأحکام الصادرة عن الإنسان ، إن کانت قبیحة یستحقّ علیها المذمّة إمّا عرفا أو عقلا أو شرعا .

فالأحرى والألیق أن ینسبها إلى نفسه أدبار وتحقیقا ، ناظرا فی ذلک نظرا دقیقا فإنّ الصادر من الحق خیر محض ، وهو الواحد لا غیر فإنّه بالنسبة إلى من وجد به خیر محض ، والنقائص والقبائح راجعة إلى الکیان من حضرة الإمکان .

والعدم الذی یلی أحد جانبی الإمکان بالنسبة إلیه أولى ، وما کان فیها من الکمال والفضائل والمحاسن والمحامد أضاف إلى الحق لأنّها فی الحقیقة راجعة إلى الوجود الحق .

وحینئذ یکون العبد قد جعل نفسه وقایة للحق فی إضافته المذامّ إلى نفسه کما قال : " ما أَصابَکَ من حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَما أَصابَکَ من سَیِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِکَ " .

والحقّ أنّ الحقّ وقایة لنفسه فی إضافة المحامد إلیه ونفی المذامّ عنه من وجهین وباعتبارین جمعا وفرادى ، وإلیه یرجع عواقب الثناء ، وهذا مقتضى التحقیق الأتمّ ، والکشف الأعمّ ، والأدب الکامل الأهمّ ، ولمثل ذلک فلیعمل العاملون .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قوله رضی الله عنه :  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

فإن الخطاب للأفراد المخلوقة من النفس الواحدة ( وخلق منها زوجها ) أی خلق من الروح الکلى التی هی النفس الواحدة زوجها .

وهی النفس الکلیة والرجال والنساء المبثوثة منها قوله تعالى " وبَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً ونِساءً ".

هی أشخاص النوع قوله فی تفسیر قوله تعالى (فقوله : " اتَّقُوا رَبَّکُمُ ".

اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم واجعلوا ما بطن منکم وهو ربکم وقایة لکم ، فإن الأمر ذم وحمد فکونوا وقایته فی الذم ، واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین )معناه اتخذوا وقایة لأنفسکم تتقون بها من یربکم .

ولما کان الرب هو الظاهر والباطن کانت ربوبیته لظواهرکم من اسمه الظاهر بإمداد الحفظ والرزق وجمیع ما یتعلق بالرحمة الرحمانیة من الأسماء وربوبیته لبواطنکم من اسمه الباطن بإمداد العلم والحکمة وجمیع ما یتعلق بالرحمة الرحیمیة من الأسماء ، فعلیکم بالاستمداد بالربوبیة وتهیؤ الاستعداد القابلة من الوجهین .

وذلک بالتأدب بین یدیه بآداب الحضرة فاتخذوا وقایة لأنفسکم مما ظهر منکم تتقون بها ربکم الظاهر أن یمنع ألطافه الظاهرة من الرزق والحفظ وأمثالهما .

وینتقم منکم فی سوء أدبکم بنسبة الشرور والمعاصی إلیه فتحرموا مدد الحفظ والرزق .

وفی الجملة ألطاف الربوبیة الظاهرة لفساد المربوبیة بظهور صفات النفس ونسبة الشرور إلیه ، واتخذوا وقایة لأنفسکم مما بطن منکم تتقون بها ربکم الباطن أن یمنع ألطافه الباطنة من الرحمة الرحیمیة بسوء أدبکم بنسبة الکمالات المعنویة والمعارف والحکم إلى أنفسکم فتحجبوا بصفاتکم وظهورها عن قبول أنوار صفاته .

وتحرموا إمداد الفیض العلوی والألطاف الباطنة لفساد استعداد المربوبیة بحسب الباطن .

فظهر أن لفظ الاتقاء یساعده ما فسره الشیخ رضى الله عنه به من المعنى لاشتقاقه من الوقایة ، یقال اتقاه فاتقى أی اتخذ الوقایة یتقى بها بمعنى حذره .

فحذر إذ الحذر هو اتخاذ الوقایة ، قال تعالى " خُذُوا حِذْرَکُمْ " .

کأن الحذر آلة تتقى بها کالترس ونحوه مما یتقى به .

والوقایة مصدر سمى به ما یتقى به.


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قوله رضی الله عنه :  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

(وهو قوله تعالى: "یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء".)

الضمیر عائد إلى المعنى الذی ذکره من قوله: "فآدم هو النفس الواحدة" إلى آخره. 

أی، هذا المعنى المذکور هو معنى قوله تعالى: (یا أیها الناس...) - الآیة. ومعناها بالنسبة إلى عالم الجبروت:

(اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة). أی، من عین واحدة، هو العقل الأول.

(وخلق منها زوجها) التی هی النفس الکلیة.

(وبث منهما رجالا کثیرا ونساء) أی عقولا ونفوسا مجردة.

وبالنسبة إلى عالم الملکوت: خلقکم من ذات واحدة، هی النفس الکلیة، وخلق منها زوجها، أی الطبیعة الکلیة، وبث منهما رجالا کثیرا، وهی النفوس الناطقة المجردة، ونساء، وهی النفوس المنطبعة، وباقی القوى. وبالنسبة إلى عالم الملک فظاهر.

(فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، و اجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم،

وقایة لکم: فإن الأمر ذم و حمد: فکونوا وقایته فی الذم و اجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین).

لما استشهد بالآیة، ذکر مطلعها وعلم السالک التأدب بین یدی الله تعالى لتزداد نوریته ولا یقع فی مهالک الإباحة.

فإن توحید الأفعال یقتضى إسناد الخیر والشر إلى الله تعالى. فالسالک إذا أسندهما إلیه قبل زکاء النفس وطهارتها، یقع فی الإباحة.

وبعد طهارتها، یکون مسیئا للأدب بإسناد القبائح إلیه. ولکون (الاتقاء) مأخوذا من (وقى، یقی) کما یقال: وقیته وقاء فاتقى. أی، إتخذ الوقایة.

فسر (اتقوا) بقوله: (إجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم) أی، آلة الوقایة.

کما قال تعالى: "خذوا حذرکم". أی آلة الحذر،کالترس وغیره من السلاح.

فالمراد بـ (ما ظهر) هو الجسد مع النفس المنطبعة فیه. أی، انسبوا النقائص إلى أنفسکم لتکونوا وقایته فی الذم.

واجعلوا ما بطن منکم، وهو الروح الذی یربکم وقایة لکم فی الحمد.

أی، انسبوا الکمالات إلى ربکم، کما قال عن لسان الملائکة: "سبحانک لا علم لنا إلا ما علمتنا".

 وعند نسبة الکمالات إلى الله تعالى یکون لکم الخلاص من ظهور إنیاتکم وأنفسکم، ولا یکون للشیطان علیکم سلطان.

وإنما جعل الظاهر وقایة للباطن فی الذم، والباطن وقایة للظاهر فی الحمد، وأثبت الربوبیة للباطن: فإن الظاهر من حیث النفس المنطبعة منبع النقائص ومحل التصرفات الشیطانیة، وهو عبد مربوب أبدا.

والباطن منبع الأنوار ومرأة التجلیات الرحمانیة، فله ربوبیة من حیث اتصافه بالکمالات وإن کان له عبودیة من حیث إنه یستفیض من الرب المطلق دائما.

فلا یقال، إنه جعل الرب آلة الاتقاء، لأن المتقى اسم مفعول. لأن الباطن الذی جعله آلة الاتقاء هو عبد من وجه. وأیضا، جعل الباطن تارة آلة الاتقاء والظاهر متقى، وأخرى الظاهر آلة الاتقاء والباطن متقى. والظاهر والباطن کلاهما حق، فهو المتقى والمتقى به،کما قال، علیه السلام: "أعوذ بک منک."


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قوله رضی الله عنه :  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

وهذا (وهو معنى قوله تعالى: "یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها و بث منهما رجالا کثیرا ونساء " [النساء: 1])، من حیث إن نفسه کانت مشتملة على صورتین صورة الحق وهی الفاعلة، وصورة الخلق وهی القابلة، والزوج هی الصورة القابلة الکلیة، "وبث منهما" من حیث اشتمال صورته على الأسماء الکثیرة الإلهیة والحقائق الکثیرة الکونیة، "رجالأ کثیرا ونساء"، فالرجال مظاهر الأسماء الإلهیة من حیث الفاعلیة، والنساء مظاهر الحقائق الکونیة من حیث القابلیة.

وإن کان کل منهما مظاهر الأسماء الإلهیة والحقائق الکونیة جمیعا من جهات أخر والتقوى من الوقایة، وهی لإطلاقها وقایة من الظاهر الذی هو مجموع الصورتین من حیث أن الصورة فی المرآة لا بد وأن تکون ظاهرة.

وإن کانت الأمر باطن ظهر فی مرآة معنویة، وإن کان فی تلک الصورة أیضا خفاء کالأرواح للباطن المطلق الذی هو الحق ووقایة من الباطن المذکور للظاهر الذی هو مجموع الصورتین، وهو الإنسان، وللظاهر الذی هو العالم.

(فقوله: "اتقوا ربکم" اجعلوا ما ظهر منکم) من مجموع الصورتین أو من سورة العالم (وقایة لربکم) بنسبة النقائض إلى ذلک الظاهر، (واجعلوا ما بطن منکم) أی: ما ترجع إلیه صورتکم الباطنة، (وهو ربکم) الذی فاض منه الصورة الروحانیة علیکم وعلى العالم (وقایة لکم) بنسبة الکمالات إلى ذلک الباطن المطلق الذی ترجع إلیه صورتکم الباطنة.

ثم علل ذلک بقوله: (فإن الأمر) أی: الأمر ما ینسب إلیکم من النقائض والکمالات، (ذم وحمد فکونوا وقایته فی الذم)، فانسبوه إلى أنفسکم لا إلیه، (واجعلوا وقایتکم فی الحمد)، فانسبوه إلیه لا إلى أنفسکم.

(تکونوا أدباء) أی: مراعین للأدب بنسبة الکمال إلى الرب، والنقص إلى أنفسکم (عالمین) بحقائق الأشیاء، فإن الحقیقة الإلهیة تقتضی الکمالات، والحقیقة الکونیة تقتضی النقائص.

ولذلک ورد: "من وجد خیرا؛ فلیحمد الله، ومن وجد الآخر، فلا یلومن إلا نفسه".

ولا شک أن نسبة خلق الخنزیر والقاذورات إلى الله تعالی سوء أدب؛ فکیف لا یسوء فی نسبة قبائح أفعال الإنسان إلیه؟

وإن کان الکل مخلوقا له تعالى، لکنه إنما خلقه بحسب اقتضاء أعیان الحوادث ذلک،


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی:  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء». فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم،

وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

قال رضی الله عنه : ( و ) ذلک ( هو ) مؤدّى ( قوله : " یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَنِساءً ").

هذا هو المناسب لما مهّد فی تحقیق معنى آدم ولا یخفى على من له أدنى وقوف علیه أنّه لا یمکن أن یحمل آدم هاهنا على الروح الکلی والعقل الأوّل ، کیف وقد بیّن إحاطته بسائر المراتب والنشآت ، واشتماله على تمام الیدین و ظهوره بالصورة الجسدیّة نعم ، یمکن أن یکون ذلک وجها من وجوه تأویلات الآیة.

ولو أفیض فیها أمکن استخراج وجوه أعلى من ذلک :

منها أن یجعل « النفس الواحدة » إشارة إلى الحقیقة المحمّدیّة التی هی مبدأ الکلّ ، وزوجها الذی خلق منها خاتم الولایة ، المنبثّ منهما أعیان الصور والمعانی ، وممّا یؤیّد هذا الوجه ذکر خلق الزوج منها بعد خلق الأعیان والأشخاص .

ومنها أن یجعل النفس الواحدة إشارة إلى المبدء الفاعل ، وزوجها هو القابل المنبثّ منهما سائر الحقائق من موالید العالم .

ومنها أن یجعلها إشارة إلى الطبیعة الکلَّیة التی هی هیولى العالم عند المحقّقین والزوج هی الصورة المشخّصة المنبثّ منهما سائر الجواهر والأعراض .

إلى غیر ذلک من الوجوه ، کالجنس والفصل بالنسبة إلى الأنواع ، والماهیّة والتشخّص بالقیاس إلى الأشخاص ، والجوهر والعرض بالقیاس إلى الأعیان .

وقد لوّح فی المقدّمة على وجوه عالیة من التلویحات التی لآدم ، ولهذا الموضع دقیقة منها لا بدّ من التلویح علیه ، وهو أنّ آدم باشتماله على العقد الکامل قد انطوى على المرتبة الجامعة لسائر مراتب الکثرة .

ولذلک ترى النفس والواحد الکاشفین عنه قد ظهر فیها ذلک العقد ولذلک فیما خلق منها یعنی النوع الإنسانی فإنّه مشتمل على تلک المرتبة بعینها من وجه وعلى ضعفها من حیث الزوجیّة ، فإنّ زوج الشیء صورة ضعفیّته . تأمّل .

ثمّ إذ قد أفاد هذا البیان من الإجمال ما لا یخفى على الفطن "فی بیان الأدب مع الله"، حان أن یشرع فی تفصیله ، فقال مستنبطا من نفس تلک الآیة ( فقوله : " اتَّقُوا رَبَّکُمُ " أی اجعلوا ما ظهر منکم ) .

وهو النسب العدمیّة الإمکانیّة کالافتقار والاحتیاج وأمثاله ( وقایة لربکم ) عن أن یصیبه شیء من تلک النسب والإضافات ( واجعلوا ما بطن منکم وهو ربّکم ) .

یعنی الوجود الحقیقی وما یستتبعه من الأوصاف الوجودیّة ( وقایة لکم ) عن أن ینسب إلیکم (فإنّ الأمر ذمّ وحمد ) لأنّ ما نسب إلى الشیء فعلا کان أو صفة لا یخلو من أن یکون مبدأ تلک النسبة هو الإمکان أو الوجوب والأوّل یسمّى الذم ، والثانی الحمد .

( فکونوا وقایته فی الذم ، واجعلوه وقایتکم فی الحمد ، تکونوا أدباء ) فی وقایتکم له فی الذم ، (عالمین) فی وقایته لکم فی الحمد .

ثمّ بعد تبیین ما اشتمل علیه آدم من أجزائه الوجودیّة وتفصیل ما تضمّنته نشأة ظهوره "بالیدین " لا بدّ من الإبانة عن مراتبه الشهودیّة وتحقیق مراقی کمالاته الشعوریّة تکمیلا لما هو بصدده .


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:

قوله رضی الله عنه :  (وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین.)

"و هو قوله تعالى: «یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَ نِساءً».

ما یدل علیه قوله تعالى : ("یأیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة" )، أی ذات واحدة یعنی آدم ("وخلق منها")، أی من ضلعها الأیسر ("زوجها ")، یعنی حواء ("وبث منهما")، من أدم وزوجه بالتوالد والتناسل ("رجالا کثیرا ونساء" ) .

ثم نبه رضی الله عنه على بعض معانی الآیة بما لم یتنبه له أهل الظاهر

"فقوله اتَّقُوا رَبَّکُمُ اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، و اجعلوا ما بطن منکم، و هو ربکم،

وقایة لکم: فإن الأمر ذمٌ و حمدٌ: فکونوا وقایته فی الذم و اجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین."

فقال : (فقوله : " اتقوا")، أمر من الاتقاء بمعنی جعل الشیء وقایة لشیء.

و الشیئان ههنا المخاطبون والرب تعالى .

فإن جعلت الشیء الأول المخاطبین

و الشیء الثانی: الرب  لاحظت إضافة الوقایة إلیه .

کان المعنى: اجعلوا أنفسکم وقایة ربکم.

وإن جعلت الشیء الأول الرب والشیء الثانی المخاطبین.

کان المعنى : اجعلوا ربکم وقایة أنفسکم.

فلما کانت الآیة تحتمل المعنیین جمعهما الشیخ رضی الله عنه .

کما هو رأیهم فی الآیات القرآنیة فی الجمع بین جمیع المعانی المحتملة التی لا یمنع من إرادتها الشرع والعقل.

فعلى هذا یکون معنى قوله :" اتقوا (ربکم) الذی خلقکم" آیة 1 سورة النساء.

أی أوجدکم باختفائه بصورکم فأنتم ظاهره وهو باطنکم .

(اجعلوا ما ظهر منکم)، وهو أحدیة جمع روحکم وبدنکم (وقایة ربکم)، أی ألة ووقایة .

کما فی قوله تعالى : "خذوا حذرکم "آیة 71 سورة النساء . أی آلة حذرکم.

(واجعلوا ما بطن منکم وهو ربکم وقابة لکم فإن الأمر) المنسوب إلى ربکم بوجه وإلیکم بوجه من الصفات والأفعال.

إما (ذم) یذم به لم ینسب إلیه (و) إما (حمد) یحمد به .

بتصف به وکل واحد منهما کما یقتضیه توحید الصفات والأفعال مسند إلى الله تعالى.

لکن إسناد المذام إلیه قبل زکاء النفس وطهارتها وقوع فی الإباحة وبعدهما إساءة للأدب (فکونوا وقایته) عن نسبة النقص إلیه (فی الذم) بأن تنسبوه لکم لا إلیه (واجعلوه وقایتکم) عن ظهور أنیاتکم.

(فی الحمد) بأن تنسبوه إلیه لا إلیکم (تکونوا أدباء) حین تنسبون المذام إلى أنفسکم لا إلیه (عالمین) بحقیقة الأمر على ما هو علیه حین تنسبون المحامد إلیه تعالی.

فإن الأمور کلها مستندة إلیه تعالى بالحقیقة، وتحذرون مما یلحقکم بإسنادها إلى أنفسکم من ظهور أنیاتکم.


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940 هـ:

وهو قوله تعالى: «یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا کثیرا ونساء».

فقوله اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم، واجعلوا ما بطن منکم، وهو ربکم، وقایة لکم: فإن الأمر ذم وحمد: فکونوا وقایته فی الذم واجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین. )

قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : [ وهو قوله تعالى: یا أیها النّاسُ اتّـقُوا رّبکُمُ الّذِی خلقکُمْ مِنْ نفْسٍ واحِدةٍ وخلق مِنْها زوْجها و ب ثّ مِنْـهُما رجالًا کثیرًاً ونساءً [ النساء: 1] . فقوله: اتقوا ربکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربکم و اجعلوا ما بطن منکم و هو ربکم وقایة لکم فإن الأمر ذم و حمد فکونوا وقایته فی الذم و اجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا أدباء عالمین . ]


قال الشارح رحمه الله :فقوله تعالى: (" اتّـقُوا رّبکُمُ") [ النساء: 1] والاتقاء بمعنى جعل الشیء وقایة یندرج بها عن إصابة أسهم الحوادث و المکاره و الأسوأ، فلمّا ذکر رضی الله عنه التقوى یرید بیان التقوى، فإنها أقسام: تقوى الله، و تقوى النار، و تقوى الحدود .

و أمّا التقوى الذین نحن بصدد بیانها هی: تقوى الله، فاعلم أنار الله تعالى بصائرنا و أصلح لنا سرائرنا و خلص من الشبه أدلتنا أنه لما امتنّ الله علینا بالاسم الرحمن، فأخرجنا من الشر الذی هو العدم إلى الخیر الذی هو الوجود، فینبغی أن لا ننسى أصلنا حتى لا ننسى فضله .


ورد فی الخبر : "إنما یعرف الفضل لأهل الفضل أهل الفضل"  رواه أنس .

فمن جهل بنفسه و نسى أصله فهو بالغیر أجهل، و هذا داء ینبغی له دواء قبل الداء، کما هو عادة الحکماء الإلهیین، فکان الله حفظ صحة آدم قبل قیام العلة به من ألطف الطب و یسمّى هذا الفعل عند الأطباء: الاستظهار، و أمر الله تعالى بالتقوى .

کما ذکرناه أنزل الدواء قبل الداء، فمن تحسّى منه برئ بإذن الله، فأراد رضی الله عنه أن یذکر جنس الدواء، و یحرر أوزانها و یقرر أوقاتها، کما دأب الحکیم العلیم .


فقال رضی الله عنه: اجعلوا: أی بالإسناد إلیکم ما ظهر منکم من الفواحش و المذام وقایة لربکم الذی هو باطنکم، کما فعل الأدیب الإلهی إبراهیم علیه و على نبینا السلام حیث أسند المرض إلى نفسه .

و قال تعالى: "و إذا مرضْتُ فهُو یشْفِینِ" [ الشعراء: 80] .

فلما کان دواء هذا الداء العضال التقوى فأمره بالتقوى، و قال تعالى: "إنْ تتّـقُوا اللّه یجْعلْ لکُمْ فُـرْقاناً ویکفرْ عنْکُمْ سیِّئاتکُمْ ویغفِرْ لکُمْ واللّهُ ذو الفضْلِ العظِیمِ" [ الأنفال: 29]: أی لتفرقوا بین الحق و الباطل .

و قال الله تعالى: "واتّـقُوا اللّه ویعلِّمُکُمُ اللّهُ واللّهُ بکُل شیْءٍ علیمٌ" [ البقرة : 282]، جعل التقوى طریقتنا إلى حصول العلم النافع .

والتقوى أن یجعل الله وقایة له فی الخیر کله، فإن الحق تعالى عین الوجود، و الوجود فخیر محض، و یجعل نفسه وقایة الله فی الشر، فإنه عدم، والعدم شر کله .


( واجعلوا ما ظهر منکم و هو وقایة لربکم) فإن ظاهرکم خلق و باطنهم حق فاسد، و الخیر کله من المحامد إلى باطنکم، کما جعلتم ظاهرکم وقایة باطنکم فی إسناد الشر، فاجعلوا باطنکم وقایة ظاهرکم فی إسناد الخیر .

لما ورد فی الخبر الصحیح أنّ الله تعالى یحب أن یمدح و فی  حدیث طویل :

" وما من أحد أحب إلیه المدح من الله من أجل ذلک وعد الجنة"  رواه الحاکم فی المستدرک عن المغیرة بن شعبة رضی الله عنه .

فالحق المحامد إلیه، کما تلحق المذام إلى نفسک، کما هو فعل الأدباء، و هو قوله تعالى: "و إذا مرضْتُ فهُو یشْفِینِ" [ الشعراء: 80] .

و إنما عرّفنا الله تعالى بأهل الأدب و حکى لنا حکایته علیه السلام حتى نتأدّب بآدابه تعلیما لنا و تنبیها و تعظیما له و تنویها .

قال تعالى: "ثمّ أوحیْنا إلیْک أنِ اتّبعْ مِلّة إبراهِیم حنیفاً " [ النحل: 123] فلهذا کان صلى الله علیه و سلم یقول فی الأدعیة المأثورة معلما لنا : "والخیر کله بیدیک و الشر لیس إلیک"  فافهم .


فإن الأمر الصادر منکم إمّا ذم، فهو لکم وأنکم سواد الوجه فی الدّارین کل یشاکله عمله.

وإمّا حمد، له الحمد فی الآخرة والأولى.

وأخیرا علم الخلق به صلى الله علیه وسلم أن الحمد لله على کل حال ما قیده بشیء حتى الأمر فی جمیع الأحوال سواء کان بواسطة أو بغیر واسطة.

وإن شئت قلت فی الجمع أو الفرق، فإن له عواقب الثناء وذلک لأن الحمد هو الثناء.

والثناء على قسمین:

ثناء علیه بما هو له کالثناء بالتسبیح،

وثناء علیه بما یکون منه و هو الشکر على من أسبغ النعماء و إلا لا .

والعبد و ما فی یده لمولاه فلا یملک شیئا حتى یکون الحمد بما هو له، و لا یخرج منه شیئا، فإن خروج الشیء عن الشیء فرع أن یکون له شیء، وقد قلنا أنه لیس له من الأمر شیء، فالحمد لله کله له، فافهم .

فکونوا وقایته فی الذّم فتکونوا کالوقایة من أسنة المکاره وسنان اللسان، وأضیفوا کل مکروه إلیکم فداءا له .


( و اجعلوا وقایتکم فی الحمد ): أی ألحقوا الوجود و الخیر کله إلى ربکم لیکون الخلاص لکم الخلاص من شرور الزهو و الظهور .

قال تعالى: "لنْ ینال اللّه لحُومُها ولا دِماؤُها ولکِنْ ینالهُ التّـقْوى مِنْکُمْ" [ الحج: 37] فالظاهر متقی و الباطن متقی فالکل متقی و هو الکل أنه .

قال تعالى: "أهْلُ التّـقْوى وأهْلُ المغْفِرِة" [ المدثر: 56] هذا حقیقة أعوذ بک منک، فافهم .

( یکونوا أدبا ): أی تکونوا جامعین الخیر کله، و جماع الخیر أن تقف مواقفک و لا تتعدّى طورک، و لا تجعل بنفسک لله اسما وصفة، ولا تسمّیه إلا بما سمّاه نفسه و لا تضیف إلیه إلا بما أضاف الله إلى نفسه و یکون معه على توفیق التوفیق، فما أسند إلى نفسه تسند إلیها، فتسند الخیر إلیه کما أسنده إلى نفسه .

قال تعالى: "ما أصابک مِنْ حسنةٍ فمِن اللّهِ" [ النساء: 79] . و قال تعالى فی الشر: "وما أصابک مِنْ سیِّئةٍ فمِنْ نفْسِک" [ النساء: 79]

ثم قال: "قلْ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ" [ النساء: 78]: أی أن التعریف من عند الله، بأن هذا من عند الله و هذا شر من عنده تعالى .

ثم قال فی حق من جهل هذه الأحکام و التعریف: "هؤلاءِ القوْم لا یکادُون یفقهُون حدِیثاً" [ النساء: 78].


أی ما حدّثتهم به فإنی قلت : هذا من عند الله و هذا من النفس، فرفعت الإیهام واحتمال الإیهام، فلمّا قلت کل من عند الله، فعلم العالم بالله أنی أرید الحکم، والإعلام بذلک أنه من عند الله لا عین الشر و السوء فإذا علمت هذا .

فاعلم أن الأدیب ینقسم إلى أربعة أقسام فی اصطلاح أهل الله رضی الله عنهم :

1 - أدب الشریعة و هو الأدب الإلهی الذی یتولى الله تعلیمه بالوحی و الإلهام و التعریف، و به أدب نبیه صلى الله علیه و سلم، و به أدّبنا نبیه صلى الله علیه و سلم، و من هذا المقام قال صلى الله علیه و سلم : "إن الله أدبنی فأحسن تأدیبی"  فهو المؤدّب .

2 - و أدب الطریقة و الخدمة، فقد شرع ما کیفیة المعاملة معه خاصة دون الخلق .

قال تعالى: "وما آتاکُمُ الرّسُولُ فخُذُوهُ وما نهاکُمْ عنْهُ فانتهُوا واتّـقُوا اللّه إنّ اللّه شدِیدُ العِقابِ" [ الحشر: 7] .

وقال صلى الله علیه و سلم : "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد کفیتم".  رواه ابن مسعود رضی الله عنه .

وهذا من أحسن التأدیب منه.

3 - و أدب الحق هو: الأدب مع الحق فی اتباعه حیث وجد و ظهر، فلو ظهر عند الأصغر سنا و رتبة فیتبعه و لا یأنفه و یقبله و لا یرده و لا یکون ممن قال تعالى: "و إذا قیل لهُ اتّقِ اللّه أخذتهُ العِزُّة بالِإثمِ" [ البقرة:  . [206

وهذان القسمان لو کانا یدخلان فی القسم الأول من وجه فإن أدب الشریعة کالأم و لو کان لهما بعض خصوصیات تختص بهما .

4 - أدب الحقیقة و هو: ترک الأدب بفنائک عن نفسک و ردّک الأمر کله إلى الله، و الذی نحن بصدد بیانه أدب النبوّات على ذوق حکم النصوص و حکمها .

وهو أن لا یتعدى علمک فی الأشیاء علمه تعالى فیها، و هو الموافقة و إن أعطاک علمک خلاف ذلک، لا سیما فیما أضافه الحق إلى نفسه و إلى خلقه فأضفها إلى من أضافها الله.

وأنزل علمک لعلمه، فإنه العلیم و أنت العالم، فلا ترجّح على علمه من حیث قیام الدلیل لک على أنه لا فاعل إلا الله تعالى و فی أدب الحقیقة .

قال تعالى: " بلْ للّهِ الْأمْرُ جمِیعاً " [ الرعد: 31] .

و قال تعالى: "قلْ إنّ الْأمر کُلّهُ للّهِ" [ آل عمران: 154] .

و قال تعالى: "لیس لک مِن الْأمْرِ شیْءٌ" [ آل عمران: 128] .

و قال تعالى: "قلْ کُلٌّ  مِنْ عِنْدِ اللّهِ" [ النساء: 78] .

و قال له موسى علیه السلام: "إنْ هِی إلّا فتْنتک" [ الأعراف: 155] .

وکما ورد عن الصدّیق الأکبر رضی الله عنه أنه قال: "الطبیب أمرضنی" أسند المرض إلى الحق بخلاف ما فعل الخلیل علیه السلام : "فأردْتُ أنْ أعِیبها" [ الکهف: 7] .

قال تعالى:" فأراد ربُّک أنْ یبْـلغا أشُدّهُما" [ الکهف: 82] .

فالتارک للأدب أدیب من حیث الکشف و الشهور یعاین جریان المقادیر قبل وقوعها.

کما قال: ما رأیت شیئا إلا و رأیت الله قبله، فنزل من الحق إلى الخلق .

فاعلم أن لله تعالى تجلیین:

تجلّ نفسک عنک و عن أحکامک، فما یرى صاحب هذا التجلیّ سوى الحق.

و تجلّ بنفیک معک و مع أحکامک، و من أحکامک ملازمة الأدب فی الأخذ و العطاء.

فمثل هذا التجلیّ أسأل الله ما دمت فی دار التکلیف فإذا انتقلت إلى غیر هذا الموطن، فکن بحسب الموطن تکن أدیبا و بأحکام المواطن علیما.

فإذا قمت فی کل موطن باستحقاقه تحمدک المواطن، و المواطن شهداء عدل عند الله فإنها لا تشهد إلا بالصدق، و قد نصحتک فاعمل تکن أدیبا فإن لکل موطن أدبا مختصا به، فکل وقت له حال بنطقه، و کل حال له معنى یحققه، فلا تخلط و کن من فصل الخطاب، و الله هو الهادی الوهاب عالمین بحقائق الأمور کما هی هی و آدابها .


قوله رضی الله عنه: (عالمین ) حال أن (تکوّنوا أدبا)، حال کونکم عالمین بأن الأمر لله جمیعا، فیدخلون فی رحمته الواسعة التی قال فیها: "فسأکْتبها للّذِین یتّـقُون" [ الأعراف : 156].

ثم أنه تعالى: أی بعد ما خلق الله تعالى آدم الخلیفة الذی جمع من حیث الطبیعة حقائق العالم بأسرها، و حصر قوابلها بأجمعها أعلاه.

و کان أسفله (أطلعه ): أی أعثر آدم الخلیفة من حیث أنه خلیفة لا من حیث أنه إنسان، و کان ذلک بعد الخلافة و الإمامة الکبرى، و الاطلاع إمّا بتعریف إلهیّ، أو بتجلی إلهیّ و هو اطلاعه على نفسه و على عینه الثابتة الجامعة لجمیع الحقائق الکونیة .

و من کرامات القلب معرفة الکون قبل أن یکون، و هذا هو العلم الخفی الذی فوق العلم السری و فوقه علم أخفى و فوق الأخفى أخفى إلى الأخفى الذی استأثره الله دون خلقه.


فالأخفى الأول: عمى عنه کل مخلوق ما عدا هذا الشخص الذی أطلعه الله علیه کرامة منه به، و لا یلتفت إلى من یقول: إنّ کل إنسان له سرّ یخصه لا یعلمه أحد معه إلا الله تعالى هیهات! و أین اللوح و القلم، نعم لکل إنسان سر مسلم ذوقا لا یعلمه أحد من جنسه و لا الأکثر من غیر جنسه، و یعلمه هذا الذی أکرمه الله تعالى بقوله: "و فوق کُل ذِی عِلْمٍ علیمٌ" [ یوسف: 76]، فافهم .


ذکره الشیخ رضی الله عنه فی "مواقع النجوم" على ما أودع فیه من حقائق العالم عموما، کما فی قبضة شماله، و من حقیقة نفسه و نبیه من حیث أنه إنسان لا من حیث أنه خلیفة خصوصا کما فی قبضة یمینه، و جعل ذلک عطف على قوله أودع : أی جعل ذلک الودیعة .

( فی قبضته ): أی قبضتی آدم و هما قبضتا الیمین و الشمال . قال تعالى:" و مِنْ کُل شیْءٍ خلقنا زوْجیْنِ لعلّکُمْ تذکّرون" [ الذاریات: 49] .

إن هذا من حکم القبضتین، فالقبضة على الحقیقة .

قوله تعالى: "اللّهُ بکُل شیْءٍ مُحِیطاً" [ النساء: 126] و من أحاط به فقد حکم علیه لأنه لیس له منقذ مع وجود الإحاطة، و هکذا الخلیفة فهو قابض لجمیع العوالم، و لا یخرج من قبضة إحاطته  شیء، حتى آدم الإنسانیّ أبا البشر و ذلک لأن آدم من حیث العنصریة جزاء من أجزاء العالم کسائر العوالم فالکل من أجزائه و صورة ذلک أنه ما من موجود سوى الله إلا و هو مرتبط بنسبة إلهیة، و حقیقة ربانیة تسمّى أسماءا حسنى، و کل ممکن فی قبضة حقیقة إلهیة و کلها فی قبضة الکامل الخلیفة، بإقباض الله إیاه فالکل فی القبضة، فافهم .

ثم فصّل ما فی القبضتین باعتبار الیدین أصحاب الیمین وأصحاب الشمال فقیل فیهما: أهل الجنة و أهل النار، هو لا للجنة و لا أبالی، و هو لا للنار و لا أبالی.


قال رضی الله عنه: فلمّا رأیت آدم فی الإسراء فقلت له یمین الحق یقضی بالسعادة قال: نعم فقد فرق الحقّ بین أصحاب الیمین و أصحاب الشمال فقال لی: یا ولدی ذلک یمین أبیک و شماله، انتهى کلامه رضی الله عنه، وجعل القبضة الواحدة فیها العالم سعیده و شقیه فى شماله، و إنما قال العالم مطلقا لأنه سعید و شقیّ.

لما ورد فی الأخبار الصحیحة : "إنّ جبل أحد مثلا من جبال الجنة".

، و جبل عیر على وزن زید و هو جبل فی المدینة المشرّفة من جبال جهنم، و هکذا حکم السعادة و الشقاوة سار فی العالم حتى فی الأمکنة و الأزمنة کالمتمکنین، و القبضة الأخرى فیه آدم و بنوه: أی من هذه القبضة من آدم الخلیفة، فیها آدم أبو البشر و بنوه .

فلمّا کانت هذه القبضة من أثر مزج العجز الأوّل الإلهیّ، الذی دخلت أحکامه بعضها فی بعض من کل قبضة فی أختها، اختلطت أحکام السعادة و الشقاوة و الطیب و الخبیث بحکم الجمعیة التی فیه .


و ذلک لأنّ الصّفات قبل المزج لا تتصف بالشقاوة و لا بالسعادة لذاتها، و الذوات کذلک قبل الامتزاج لم تکن قبله، فقیل هذا سعید و هذا شقیّ و هذا طیب و هذا خبیث، فانظر ما أحدث الامتزاج کسواد الحبر و المداد بامتزاج العفص و الزاج، فکل الآفات من الترکیب و المزاج، و جمیع المصائب من الامتزاج و اختلاط الأمشاج، و نهایة الأمر و غایة السالک التخلص من الترکیب و الرجوع إلى البساطة الأصلیة، و السّبک و الفّک عن هذه القیود العارضة المتعارضة .


کما قال أبو یزید قدّس سره: إنه لا صفة له، یشیر إلى السّبک و التخلص على حکم الامتزاج لأنه أقیم فی کل معقولیة بساطته، و لم یر مرکبا مخلا للبساطة الأصلیة، و لکن هذا حال جائز و ظل زائل، فما ثمّ ة إلا مرّکّب یقبل الصّفات إمّا السعادة أو الشقاوة بحسب ما یقتضی مزجته و ترکیبه، فما فی العالم إلا سعید أو شقی، و قد بین أسباب الخیر و السعادة و طرقها و أسباب الشر و الشقاوة و طرقها .

لقوله تعالى: "فألهمها فجُورها وتقْواها" [ الشمس: 8] یمیز الخبیث من الطیب، فافهم .


فلمّا تداخلت أحکام القبضتین، و جهلت الأحوال تفاضلت الرجال باستخراج الخبیث من الطیب، و تمیز الطیب من الخبیث، فأراد تعالى الفرقان بین الطبقات و رؤیة الغایات فی البدایات بتخلیص المزج و تمیز أهل القبضتین حتى ینفرد کلّ بعالمه، و یتمیز الطائع من العاصی لتمیز المراتب بأربابها، فکل أحد یعرف حاله و ماله و عاجله و آجله، و کلّ أحد یعرف ماله عنده و ما علیه من عنده، بل تعلم من أنت و من هو، کما انفرد العالم و آدم من قبضتیّ الحق و من هذا المقام .


قال تعالى: "لیمِیز اللّهُ الخبیث مِن الطّیِّبِ ویجْعل الخبیث بعضهُ على  بعْضٍ فیرکُمهُ جمِیعاً فیجْعلهُ فی جه نّم أولئک هُمُ الخاسِرُون " [ الأنفال: 37] .

فمن بقى فیه شیء من هذه المزجة غیر متخلص، و مات علیها لم یحشر یوم القیامة من الآمنین، و لکنّ منهم من یتخلص فی الحساب، ومنهم بشفاعة الشافعین و أما من تخلص فی دار الدنیا فیحشر من الآمنین لقوله تعالی: "لا خوْفٌ علیْهِمْ ولاهُمْ یحْزُنون" [ البقرة: 62] جعلنا الله من المخلصین المتخلصین آمین .

و إنما قلنا إنه رضی الله عنه أراد بالقبضة قبضة آدم لأنه القابض المقبوض و بیان ذلک أنه قابض من حیث أنه خلیفة و مقبوض من حیث إنه إنسان، و حقیقة من الحقائق .


قال رضی الله عنه فی الباب السابع و ثلاثمائة من "الفتوحات ":فلمّا أراد الله أسرى بی لیرینی من آیاتی فی أسمائه من أسمائی أزالنی عن مکانی، و عرج بی على براق إمکانی، فلم أر أراضی أرکانی، فالتفت آدم فإذا أنا بین یدیه و عن یمینه فی نسیم نبیه عینی فقلت له: هذا أنا فضحک، فقلت: فأنا بین یدیک و عن یمینک.

قال: نعم هکذا رأیت نفسی بین یدیه

فقلت له: فما کان فی الید المقبوضة الأخرى،

قال: العالم . فإذا فهمت هذا فأرجع،


و أقول فی بیان النص الشریف: إنّ للکامل أن یرى لطیفته ناظرة إلى مرّکّبها العنصری، و هو متبدّد فی العناصر فیشاهد ذاته العنصریة قبل وجودها و خلقها و ترکیبها، کما للحق أن یراها قبل الوجود و له السّراج: أی التحلیة و عدم المانع و الإطلاق فی کل موطن و مقام لأن له صورا فی کل موجود من عقل و نفس و طبیعة و عرش و کرسیّ، و هکذا فی جمیع الموجودات لأنه مرّکّب من الکل و الجمیع أجزاؤه .

و من هذا المقام : "کنت نبیا، و آدم بین الماء و الطین".

بل أنه یرى فی صورته الکمالیة صورة حقیقیة التی هو بها هو لأنه جامع للعوالم کلها، و صورته العنصریة بالنسبة إلیه من جملة العوالم، فیرى نفسه خارجا عما یرى غیره من هذا القبیل قوله ما ورد فی الخبر عنه صلى الله علیه و سلم فی الإسراء :

" إنه دخل فإذا آدم علیه السلام وعن یمینه أشخاص بنیه السعداء وعن شماله أشخاص بنیه الأشقیاء فرأى صورته صلى الله علیه و سلم فی الذین عن یمین آدم فشکر الله" 

وعلم عند ذلک کیف یکون الإنسان فی مکانین و هو عینه لا غیره فکان له کالصورة المرئیة و الصور المرئیات فی المرآة و المرائی.


ذکره رضی الله عنه فی الباب التاسع و الستین و ثلاثمائة من "الفتوحات".

و هذا العلم لا یدرک بالعقل و هذا من علوم التجلیات التی تجمع الأضداد بل یرى الأضداد عینه .

قال رضی الله عنه فی الباب الخامس و ثلاثمائة من "الفتوحات":

للإنسان فی کل عالم من عالم الأرواح و الأعیان الثابتة و عالم الخیال، و غیرها صورة بل فی کل مقام و علمه بصورته إن کان صاحب الکشف بل فی کل مقام، و کما أنّ لنا صورة و وجودا فی صورته، و وجوده کذلک له صورة و وجوده من صورنا وجودنا، کما فی المیثاق کان معنا من صورة ظهوره، فشهد معنا کما شهدنا، فهذا آدم و ذریته صور قائمة فی قبضة الحق، و هذا آدم خارج عن تلک القبضة و عن تلک الید، فهو یصیر صورته العنصریة، و صورة ذریته و بنیه فی یده، و هو خارج عنها .

ثم قال رضی الله عنه: فاعرف ذلک و أکثر من هذا التأنیس ما أقدر لک علیه فلا تکن ممن قال فیهم عزّ و جل: "صُم بکْمٌ عُمْیٌ فهُمْ لا یعْقِلون" [ البقرة: 171] .

و قال تعالى: "إنّ شرّ الدّواب عِنْد اللّهِ الصم البکْمُ الّذِین لایعْقِلون" [ الأنفال: 22] .

و أخذ الله الصور من ظهر آدم، و آدم فیهم و أشهدهم على أنفسهم بحضرة الملأ الأعلى و الصور التی لهم فی کل محل لقوله تعالی: "ألسْتُ بربِّکُمْ قالوا بلى"  [ الأعراف: 172] .

فالإنسان عالم بجمیع الأمور الخفیة فیه من حیث روحه المدبر، و هو لا یعلم أنه یعلم، قال تعالى: "فلا تعْلمُ نفْسٌ ما أخْفِی لهُمْ مِنْ قُـرِّة أعْینٍ جزاءً بما کانوا یعْملون" [ السجدة: 17] .

فهو الناسی و الساهی، و الأحوال و المقامات و المنازل تذکره، وهو رجل یدری ولا یدری أنه یدری .

ومن هذا المقام قال صلى الله علیه و سلم : "الحکمة ضالة المؤمن" .

وقال تعالى: "وذ کرْ فِإنّ  الذکْرى نتفعُ المُؤْمِنین" [الذاریات: 55] .

( و بین مراتبهم ): أی بین الله تعالى مراتب العالم سوى الإنسان أو مرتبة نفسه من حیث أنه إنسان، و مراتب بنیه أو المجموع فیه: أی فی ذلک الاطلاع أو فی آدم الخلیفة أو فی الوجود الحق و ذلک لأن العالم بالنسبة إلى الکامل سواء کان نفسه أو بنوه أو غیرهما بمنزلة الأجزاء کلها، و تبین له جزء جزء على مراتبها لأنها منها بمنزلة النفس، و منها بمنزلة القوی، و منها بمنزلة الحواس، و منها الحواس منها بمنزلة الظاهرة و من الظاهرة منها بمنزلة السمع، و منها بمنزلة البصر، و منها بمنزلة الشم و الذوق و اللمس، و منها بمنزلة الحواس الباطنة، و منها بمنزلة الأعضاء، و منها بمنزلة العضّلات، و منها بمنزلة الزینة کالشّعر، کما ذکرناه سابقا أن الملائکة بمنزلة القوی، و قس على هذا الأمر کله .


و من کان بنفسه فی نفسه بهذه الشهود و الأتم، إلا و فی اطلع على الکل بحسب مراتبهم، و بمعرفته بنفسه على هذا الأسلوب عرف الله .

و هذا تصدیق قوله صلى الله علیه و سلم : " من عرف نفسه  فقد عرف ربه"

فإنه عین المجموع، و هذا من علم المضاهاة فإنه رأى نفسه واحدة العین کثیرة المظاهر، وحده فی عین کثرة، و عرف ربه أنه واحد کثیر، فعرف مراتب الکثرة فی عین الوحدة، و سرایة الوحدة فی الکثرة، و علم نفسه أنه بمنزلة حبه، أوجد الحق منها أوراقا و أغصانا و أزهارا و أصولا و عروقا و بذورا کثیرة .

فظهرت الکثرة فی الصورة عن عین واحدة، و هی عینها و غیرها بالشخص و هذا هو المراد من إیجاد العالم .

قال تعالى: "وما خلقْتُ الجِنّ والِإنس إلّا  لیعْبدُونِ" [ الذاریات: 56] :

أی لیعرفون أنّ الکثرة ناشئة عن الوحدة الحقیقیة والنشأة الآخرة نشأة فی بعض الأحکام، نشأت البرازخ غیبا أو شهادة، فترى نفسک فیها و هی واحدة فی صور کثیرة و أماکن مختلفة فی الآن الواحد، فیرى نفسه أنه هو لیس غیره فی الکل، و هکذا یکون یوم القیامة فإنّ النبی صلى الله علیه و سلم یطلبه الناس فی مواطن القیامة، فیجدونه من حیث طلبهم فی کل موطن یقتضیه ذلک الطلب، فی الوقت الذی یجده الطالب الآخر فی المواطن الأخرى بعینه فسببه ما ذکرناه، فافهم .

و أما کیفیة الاطلاع و البیان، فقد یکون بالتعریف الإلهیّ کالخلافة فإنها قد تکون بالتعریف، کما قال تعالى فی آدم علیه السلام: "إنِّی جاعِلٌ فِی الْأرضِ خلِیفةً " [ البقرة: 30].

و قال لداود علیه السلام: "إنّا جعلناک خلیفةً" [ صّ : 26]، و قال لإبراهیم علیه السلام: "إنِّی جاعِلک للنّاسِ إماماً"[ البقرة: 124] .

قد یکون: أی بالتجلی الإلهیّ وهو أتم من التعریف فإنّ متعلق التعریف السّمع وهو خبر إلهیّ بواسطة أو بلا واسطة .

و قد یکون الاطلاع و البیان بالتجلی و هو ما ینکشف للقلوب من أنوار الغیوب بعد الستر، و لا یکون أبدا إلا بالتحقق و أنّ یکون حقّ الیقین و لا یلقى التخلق .

فبین مراتبهم و درجاتهم حتى علم ما علم، و ذلک أنه تعالى لما علمه الأسماء التی أودع فیه و جعل فی قبضتیه علیه السلام، و هو الأسماء الکونیة و کل اسم من العالم علامة على حقیقة معقولة مخصوصة به لیست للآخر.


و کذلک وجوده العنصری و وجود بنیه فی خروجهم من آدم الخلیفة إلى الوجود العینی فإنه کثیر یطلب تلک الأسماء الکثیرة، و هم مسمیاتها و إن کانت العین واحدة فهی کثیرة کما أن العالم من حیث أنه عالم واحد و هو کثیر بالأحکام و الأشخاص، فاجتبى إلیه من یشاء و یهدی إلیه من ینیب .

و ما ذکرنا هنا نعتا و لا حالا بل ذکر الأمرین اجتباءا و بدایة فافهم هذه الإشارة .

و لما خرج بنوه فنظر إلى شخص من أخویهم فسئل عنه؟

فقیل: هذا ولدک داود علیه السلام کما  فی الخبر المشهور، فعلم بهذا الاطلاع و الأداة کل المسمیات بطلسم اسمه، فإن الاسم طلسمه على المسمّى من علم الحروف و کیفیة وضعها، کما أنعم الله على داود بإعطاء اسم لیس فیه حرف من حروف الاتصال .


وهی الحروف التی من شأنها أن تتصل بما بعدها فقطعه عن العالم بذلک، وسمّاه بذلک الاسم إخبارا لنا عنه علیه السلام بتجرّده وانقطاعه، وأعطی محمدا صلى الله علیه وسلم اسما بحروف الاتصال و الانفصال الاختصاصی لأنه حکیم علیم ما یضع الأشیاء إلا فی موضعها فیستخرجه العارف بوضع الحروف، فإن الأسماء تنزل من السماء فما وضع شیئا على شیء إلا بالحکمة، فالوجود کله ما انتظم منه شیء بشیء إلا للمناسبة ظاهرة أو باطنة صوریة أو معنویة إذا طلبها الحکیم المراقب وجدها .


قال رضی الله عنه فی مواقع النجوم: إن معرفة مثل هذه المناسبات من مقام خواص أهل الطریقة رضوان الله علیهم و هی غامضة جدا .

و لقد أشار أبو یزید السهیلی إلى هذا المقام فی کتاب: “المعارف و الإعلام” الذی له باسم النبی صلى الله علیه و سلم محمد و أحمد، و تکلم على المناسبة التی بین أفعال النبی صلى الله علیه و سلم و أخلاقه صلى الله علیه و سلم و بین معانیها .

و القائلون بهذه المناسبات عظماء أهل المراقبة والأدب و لا یکون هذا العلم إلا بعد کشف علمی و مشهد ملکوتی، و لا سیما الآمنین من طریقتنا  کشیبان الراعی، و أبی یزید البسطامی، و من لقینا من المشایخ کالعربینی و أحمد المرسی و عبد الله البرجانی و جماعة منهم انتهى کلامه رضی الله عنه .

فعلم آدم مرتبة کل مسمّى من اسمه لا من خارج، و إنما قلنا أن الاطلاع تعریفی لأن الأخذ کان من ظهره یعنی: ظهر الغیب علیه السلام و هو غیب له و أخذه فی المیثاق أیضا من ظهره، فما نحن على یقین من ذلک أی من أنه کان بالکشف فأخذنا أقل المراتب مع احتمال ذلک، فإن قبضه لا مقطوع و لا ممنوع .


قال رضی الله عنه فی هذا المبحث: عبدا وقف على علم ذلک بالیقین و یخبر به انتهى کلامه .

و أما الخلافة بالتجلی فهو مخصوص سید البشر صلى الله علیه و سلم وهو مظهر حقیقة الاسم الموفی مائة، و هم اسم الذات .

أما ترى طلب هذا الظهور من الأنبیاء کداود علیه السلام فخوطب بخطاب تسعة و تسعین نعجة إشارة إلى تحققه بتسعة وتسعین اسما.

و طلبه الموفی مائة قیل: إنه لأخیک محمد صلى الله علیه و سلم و الطلب لیس فی محل، و حین طلب موسى علیه السلام خوطب، فقال تعالى: “فخُذْ ما آتیْتک وکُنْ مِن الشّاکرین” [ الأعراف: 144] .

و کم تطاولت الأعناق لهذه المرتبة، و ضربت من دونها و خوطب بالصدّ و القلى .

قال الشیخ ابن الفارض قدّس سره من هذا المقام إشارة إلى هذا الصد بیت :

و لا تقربوا مال الیتیم إشارة    .... لکفّ ید صدّت له إذ تصدّت.


وکان أمیة بن الصلت فی الأیام الجاهلیة یترشح للنبوة قبل مبعث رسول الله صلى الله علیه و سلم حتى کان من شأنه أنه قال لأخته: ها أنا أنام فاصنعی طعاما.

قالت: فبینما هو نائم إذ رأیت وقد نزل طائران من النافذة فشق أحدهما صدره، ثم أخرج نکتة سوداء فقال أحدهما: أوعی؟

قال الآخر: نعم، و على علوم الأولین

فقال: أدرک

فقال: لا

فقال: ردّوا قواده إلیه فلیست النبوة له إنما هی لسلالة عبد المطلب

قالت: فلمّا انتبه أخبرته بالقصة فبکی وقال متمثلا بأبیات، ثم انصدعت کبده فمات،

فانظر إلى لمن یبلغ به أهله و الأمر محتوم فافهم  .

و کان آدم أبو البشر حامل الأسماء و نبینا صلى الله علیه و سلم حامل معانیها .

فلهذا قال رضی الله عنه: إن الأمم السابقة ما وقفوا من الاسم الأعظم إلا على حروفه أو على معناه ، بخلاف المحمدیین فإنهم جمعوا بین الحروف والمعان .

وأشار إلى هذا المعنى سیدنا قطب الوقت محیی الدین عبد القادر الکیلانی فی سکره حاکیا عن المرتبة المحمدیة و المحمدیین:

معاشر الأنبیاء أوتیتم اللقب و أوتینا ما لم تؤتوا.  ذکره رضی اللّه عنه فی "الفتوحات" .

و ذکر فیها: إن اثنى عشر نبیا صلوات الله علیهم أجمعین صاموا نهارهم و قاموا لیالیهم مع طول أعمارهم سؤالا و رغبة و رجاءا أن یکونوا من أمته، فافهم .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص66

ثم إنه تعالى اطلعه على ما أودع فیه و جعل ذلک فی قبضتیه القبضة الواحدة فیها العالم و فی القبضة الاخرى فیها آدم و بنوه و بیّن مراتبهم فیه.

 سپس حق تعالى آدم را آگاه گردانید به آن چه که در او به ودیعه نهاد (که فرمود: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ کُلَّها و آن ودیعه را در دو قبضه‌اش نهاد در یک قبضه عالم را و در یک قبضه دیگر آدم و فرزندانش را و مراتب آنان را در وى بیان کرده است.

و لمّا اطلعنی اللّه تعالى فی سرّی على ما أودع فی هذا الامام الوالد الأکبر، جعلت فی هذا الکتاب منه ما حدّ لی لا ما وقفت علیه، فان ذلک لا یسعه کتاب و لا العالم الموجود الآن. فمما شهادته مما نودعه فی هذا الکتاب کما حدّه لی رسول اللّه- ص-

و چون حق تعالى در سرّم به من اطلاع داد آن چه را که در امام والد أکبر «یعنى رسول اللّه صلى اللّه علیه و آله» به ودیعه نهاد در این کتاب قرار دادم از آن ودیعه‌ها آن چه را که امام والد أکبر براى من معلوم فرمود نه آن چه را که من مى‌دانم و به آن واقفم زیرا آن چه را که من بدان واقفم اگر به کلمات حرفى و رقمى نوشته شود در هیچ کتابى نمى‌گنجد بلکه در عالم موجود الان (نشئه ظاهرى) هم نمى‌گنجد. پس آن چه را که یافتم، از امورى که در این کتاب به ودیعه مى‌نهم چنانکه امام والد أکبر براى من معلوم و محدود فرمود اینهاست:


نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 146-150

و هو قوله تعالى: «یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها


زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَ نِساءً».( س 4- 1)

و در قرآن قدیم به این عبارت به وى اشارت فرمود که: «یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ ...» الآیة( س 4- 1) و در این سخن بسطى ضرورت است؛ اگر چه مشروح در مقدّمه کتاب گفته شد. امّا بحسب محلّ باید دانستن که: نزد این طایفه، مراد از «نفس واحده» عقل اوّل است؛ که «روح» محمّدى» عبارت از آن است؛ و «أوّل ما خلق اللّه نورى» اشارت به آن است؛ و نوع انسانى، بل جمیع انواع مخلوقات، از آن مخلوق گشته. و این روح را در جمیع عوالم، مظاهر است؛ در عالم جبروت مظهرى دارد که آن را هم «روح کلّى» و هم «عقل اوّل» خوانند؛ و این مظهر را در این عالم دو جانب هست:

یکى- یمین و آن به سوى حق است و مایل به حق.

و یکى- یسار و آن بسوى خلق متعلّق است. و از جانب یسار، روح کلّى- که آدم اوّل است- نفس کلّیّه پیدا شد، که آن را «حوّاء اولى» خوانند.

و باز در عالم ملکوت مظهرى دارد؛ و آن نفس کلّیّه است که در مرتبه اولى از او زاد. و در این مرتبه خود مظهر شد؛ و نفوس جزئیّة ملکوتیّه از او پیدا شد و حوّاى او در این مرتبه «طبیعت کلّیّه» است که آن در اجسام، مبدأ فعل و انفعال است.

و باز در عالم ملک مظهرى دارد؛ و آن آدم ابو البشر است. و حوّاى او در این‏ مرتبه به «أمّ البشر» مشتهر است. پس آدم عالم جبروت، عقل اوّل بوده باشد؛ که آن روح کلّى است که: «خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ»( س 4- 1)  اى: «عین واحدة» عبارت از او. «وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها» «نفس کلیّه» «وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَ نِساءً»( س 4- 1)  عقول و نفوس مجرّده باشد. و آدم [عالم‏] ملکوت «نفس کلّیّه» باشد. و «خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» در این عالم یعنى؛ من ذات واحدة هى النفس الکلّیّة. و خلق منها زوجها اى: الطّبیعة الکلّیّة. وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً [اى النّفوس المجردة] وَ نِساءً اى: النّقوش [الحیوانیّة] المنطبعة و باقی القوى.

و آدم عالم ملک، ابو البشر باشد و این جمله مظهر روح محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم باشد. و روح محمّد- صلعم- مظهر حق باشد. و شیخ- قدّس سرّه- در فتوحات‏ گفته که: اوّل موجودى که ظاهر گشت از اجسام انسانى، آدم بود. و در [نقش‏] فصوص‏ مى‏گوید که: مراد از عالم وجود، عالم انسانى است.

و در این کتاب گوید که: مراد از آدم، آن نفس واحده است، که این نوع از او مخلوق شده.

ما چنین گوییم که: مراد [از] آنچه در فتوحات و در نقش فصوص‏ فرموده آدم عالم ملک است؛ که وجود عالم انسانى در خارج، به او متحقّق مى‏‌گردد. و آنچه‏ در این کتاب گفته، مراد آدم عالم جبروت و ملکوت است؛ که خلیفه حق ازلا و ابدا او است. و ضمیر در قوله عاید است به معنى (- به معنایى) که گفته شد در نفس واحده؛ که مراد چیست؟ و معنى‏ «اتَّقُوا رَبَّکُمُ» این است که مى‏‌گوید:

فقوله: «اتَّقُوا رَبَّکُمُ»( س 4- 1) اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربّکم، و اجعلوا ما بطن منکم، و هو ربّکم، وقایة لکم: فإنّ الامر [ذمّ و] حمد: فکونوا وقایته فى الذمّ و اجعلوه وقایتکم فى الحمد تکونوا أدباء عالمین.

چون لفظ «اتقوا» مشتق است از «الاتّقاء»، و «اتّقاء» مأخوذ است از «وقى یقى وقایة» و عرب گوید که: وقیه‏ فاتّقى؛ یعنى: اتّخذ الوقایة، تفسیر «اتّقوا» به این نکرد که: «اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربّکم». و بحکم إنّ للقرآن ظهرا و بطنا و مطلعا» از مطلع این آیت مستشهده خبر فرمود؛ و سالک این راه را تعلیم ادب کرد؛ تا در این حضرت به ادب باشد؛ و در مهالک اباحت نیفتد.

و آن چنان است که: چون سالک قدم در مقام توحید افعال نهد، آن توحید افعالى تقاضاى آن کند که: جمیع افعال خیر و شرّ [را] اسناد به حضرت اللّه کند که:

«قُلْ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.» ( س 4- 78)  و سالک اگر اسناد افعال به حق تعالى پیش از آن کند که نفسش مزکّى و قلبش مصفّى و روحش مجلّى‏‌گشته باشد، در اباحت افتد. و اگر بعد از تزکیه و تصفیه و تجلیه کند، در طریقت، مسى‏ء الادب‏ باشد؛ که اسناد قبایح‏ به حضرت کند. پس مرشد محقّق تمسّک نمود به آیتى از آیات کتاب مبین. و از جهت مطلع آن آیت مسترشدان را ادب آموخت؛ و گفت که: مراد از «اتَّقُوا رَبَّکُمُ» آن است که: آنچه از شما ظاهر است [یعنى جسد [خویش‏] یا نفس منطبعه حیوانیّه امّاره را] وقایه ربّ حقیقى شما گردانید؛ و هر نقایصى که از شما صادر گردد، نسبت به نفس خود کنید؛ تا به حکم آیت‏ «ما أَصابَکَ مِنْ سَیِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِکَ»( س 4- 79)  عمل کرده باشید. و در ذمّ شما وقایه و آلت حذر و ترس حق که‏ ربّ شما است، شده باشید. و آنچه باطن است از شما [که آن روح شما است و مظهر [رب‏] مطلق شماست در عالم باطن در حمد] آلت وقایه سازید؛ تا هر چه از کمالات از شما در وجود آید، آن را به ربّ شما نسبت کنید؛ تا شما در حجاب أنانیّت نمانید. که پیر خانقاه عالم ملک [یعنى آدم علیه السّلام‏] با آنکه مى‏‌دانست که بى‏‌تقدیر ربّ الارباب شجره نخورد، و به ذلّ نسیان‏ معاتب نگشت‏ آن زلّت که نقیصه‏‌اى نمود، از وى در توبه کردن به نفس‏ منطبعه و طبایع طامعه خود نسبت کرد، و گفت: «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ».( س 7- 23) و ساکنان صوامع ملکوت با کمال علمى، نسبت به خود نکردند؛ بلکه به حق مطلق منسوب گردانیدند، و گفتند: «سُبْحانَکَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّکَ أَنْتَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ»( س 2- 32).

و بر این تقریر که کرده شد، دو سؤال وارد است:

یکى آنکه: چون ظاهر را وقایه باطن گردانید در ذمّ، و باطن را وقایه‏ ظاهر گردانید در مدح، پس هر یکى را من وجه مرتبه ربوبیّت باشد. پس چرا ربوبیّت [را] به باطن تنها، نسبت کرد؟ و گفت: «و هو ربّکم».

یکى دیگر آنکه، باطن که ربوبیّت مر او را ثابت کرد، آلت اتّقاء گردانید نه متّقى [بصیغه اسم مفعول‏] و ربّ [را] چگونه آلت مربوب توان دانست؟

امّا جواب از اوّل، آن گوییم که: اثبات ربوبیّت مر باطن را از آن جهت مخصوص گشت که باطن به جهت آنکه منبع انوار ربّانى و مرآت‏ تجلّیات رحمانى است، موصوف به صفت کمال و منعوت به نعت جلال و جمال است؛ از این سبب ربوبیّت مر او را طراز اعزاز حال است. و اگر چه باطن من وجه آخر هم مربوب است؛ که استفاضه‏ این کمالات از حضرت ربّ مطلق- عزّ شأنه- مى‏کند به خلاف ظاهر؛ که به جهت نفس منطبعه در وى‏ که أمّارة بالسّوء است و منبع نقایص نفسانى و رذایل بهیمى و حیوانى، و محلّ تصرّفات شیطانى است، و عبد مربوب است دایما ابدا، که اگر نه از باطن نورانى، فیض رحمانى به وى رسد، در حجب ظلمانى و تحت تصرّف قواى جسمانى و هواى شهوانى بماند.

و جواب دوم گوییم که: باطن را اگر آلت اتّقاء ساختیم، از جهت عبدیّت و مربوبیّت او بود، مر ربّ مطلق را؛ که روح مر جسد را ربّ مقیّد است؛ نه ربّ مطلق. و هر چه ربوبیّت او تقییدى باشد، و در مرتبه معیّنه بود،  به جهت افاضت ربّ باشد؛ و به جهت استقامت عبد [بود].


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 157-158

و هو قوله تعالى: یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَ نِساءً».

یعنى آنچه ذکر کردیم معنى این آیت است که حق سبحانه و تعالى مى‌‏فرمایدکه اى آدمیان بترسید از پروردگار خود که شما را از نفس واحده آفرید و جفت آن نفس را هم او پیدا کرد و ازین جفت مردان و زنان بسیار بپراکند. معنى آیت به نسبت با عالم جبروت آنکه بترسید از پروردگار خود که شما را از عقل اول بیافرید، و زوج او را که نفس کلّیّه است ازو پیدا کرد. و رجال کثیر و نسا در این عالم، عقول و نفوس مجرّده‏اند. و نسبت با عالم ملکوت نفس واحده نفس کلّیّه است و جفت او طبیعت کلّیّه و رجال نفوس ناطقه مجرده، و نساء نفوس منطبعه و باقى قوى؛ و به نسبت با عالم ملک خود ظاهر است.

فقوله: اتّقوا ربّکم اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربّکم و اجعلوا ما بطن منکم و هو ربّکم وقایة لکم فإنّ الأمر ذمّ و حمد فکونوا وقایته فی الذمّ و اجعلوه وقایتکم فى الحمد تکونوا أدباء عالمین.

چون شیخ استشهاد به آیت کرد به ذکر مطّلع آن قیام نمود و سالک را در حضرت حق تادب تعلیم داد تا نوریّت او زیادت شود و در مهالک اباحت نیفتد، چه توحید افعال‏ مقتضى استناد خیر و شرّ است به حق، پس اگر سالک هر دو را به حق اسناد کند پیش از زکاء و طهارت نفس، شاید که در بوادى اباحت هلاک شود، و بعد از طهارت نفس به اسناد قبایح به حق موسوم گردد به نسبت اساءت ادب.

لاجرم اتقا را به معنى اتخاذ وقایه داشت و گفت معنى آیت این است که وقایه‏ سازید آنچه ظاهرست از شما که آن جسد است با نفس منطبعه مر پروردگار خود را، یعنى نسبت کنید نقایص را با نفس خویش تا وقایه ربّ خود باشید در ذم؛ و آنچه از شما باطن است و آن روحى است که تربیت شما مى‏‌کند وقایه خویش سازید در حمد یعنى نسبت کنید کمالات را به ربّ خود چنانکه حق سبحانه و تعالى از زبان ملائکه خبر مى‌‏دهد که: سُبْحانَکَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا چه أمر ذم است و حمد. پس شما وقایه او باشید در ذم، و او را وقایه خود سازید در حمد تا سلوک مسالک ادب و ابتهاج مناهج علم به تقدیم رسانیده باشید و در نسبت کمالات بحق شما را از ظهور إنّیات و تقید به قید هستى خلاصى دست دهد و شیطان را بر شما سلطانى نباشد. آرى بیت:

علّتى بدتر ز پندار کمال‏ نیست در جان تو اى مغرور ضال‏


و شیخ در حکمت قدریه مى‏گوید: «لا قدرة و لا فعل إلّا للّه خاصّة». لاجرم سرمایه هر کمال و پیرایه هر جمال اوست؛ بلکه اگر تحقیق کنى، بیت:

نسبت فعل و اقتدار به ما هم از آن روى بود کو ما شد


خواجه قدس اللّه سره مى‏‌فرماید که. بیت:

در چشم تو گرچه شکل بسیار آمد         چون درنگرى یکى به تکرار آمد

گر قدرت و فعل هست ما را نه ز ماست‏ ز آنست که حق به ما پدیدار آمد


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 527

و هو قوله- تعالى-: «یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ

وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا کَثِیراً وَ نِساءً».

فقوله‏ «اتَّقُوا رَبَّکُمُ»: اجعلوا ما ظهر منکم وقایة لربّکم، و اجعلوا ما بطن منکم، هو ربّکم، وقایة لکم: فإنّ الأمر ذمّ و حمد، فکونوا وقایته فی الذّم و اجعلوه وقایتکم فی الحمد تکونوا ادباء عالمین.

شرح یعنى آن چه از شما ظاهر است یعنى جسد یا نفس منطبعه حیوانیّت امّاره را، آلت و وقایت رب حقیقى گردانید؛ و هر نقایصى که از شما صادر شود، نسبت آن به نفس خود کنید که‏ «ما أَصابَکَ مِنْ سَیِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِکَ».

و آن چه باطن است از شما، که آن روح شماست و ربّ شما ست، در حمد آلت وقایت حق سأزید تا هر چه از کمالات از شما در وجود آید، آن را به ربّ‏شما نسبت کنند، تا در حجاب انانیّت نمانید و رعایت أدب در حضرت عزت کرده باشید.