الفقرة الثالثة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان.
ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
قال الشیخ رضی الله عنه : و السائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
و الصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أن ثم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد السؤال ،
فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم الله و لا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان.
و لو لا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل.
(والسائلون)، أی الذین یطلبون من الله تعالى حوائجهم ومصالحهم (صنفان) :
الصنف الأول : (صنف بعثه)، أی إهاجة وأثاره (على السؤال)، أی الطلب من الله تعالى (الاستعجال) بحاجته من غیر تأخیر لها (الطبیعی)، أی المرکوز فی طبیعة الآدمی من أصل خلقته بأن جرى على مقتضى عادته وجبلته من غیر تکلف وصاحب هذا القسم من العامة (فإن الإنسان) من بنی آدم ذکرا أو أنثى (خلق)، أی خلقة الله تعالی (عجولا)..
أی کثیر العجلة فی الأمور لما أنه منفوخ فیه من روح دون غیره من الحیوان، وروح الله من أمر الله وأمر الله کلمح البصر، فاقتضى العجلة.
لذلک قال تعالى : " وما أعجلک عن قومک یا موسى "83 سورة طه .
قال :"قال هم أولاء على أثری وعجلت إلیک ربی لترضى " 84 سورة طه.
فقد عجل عن قومه إلى ربه فأسرع مفارقتهم وهو لمح البصر الذی شبه به أمر الله تعالى : "وما أمرنا إلا واحدة کلمح بالبصر " 50 سورة القمر .
والتحق بأمر الله تعالى زیادة کشف له عما هو فیه، فلزم من ذلک أن قومه عبدوا العجل المشتق من العجلة التی کانت له علیه السلام فی مفارقتهم.
وزعموا أن ما عجل إلیه وهو ربه عین ما عبدوه هم لالتباس الأمر علیهم بالخلق حیث کان تعالى له الخلق والأمر: "فقالوا هذا إلهکم وإله موسى" 88 سورة طه.
وقال تعالى لنبینا صلى الله علیه وسلم : "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن یقضى إلیک وحیه "114 سورة طه.
والقرآن أمره تعالى الذی ظهرت عنه خلقة رسول الله صلى الله علیه وسلم، وهو التفاته إلى عالم الأمر فی وقت التبلیغ، فنهى عن ذلک لئلا یقع الإجمال فی تفصیله فیخرج عن کونه عربیا مبینا .
(والصنف الآخر) : من السائلین (بعثه على السؤال)، أی طلب حاجته من ربه (لما علم) یقینا بطریق الإجمال (أن ثمة)، أی هناک یعنی فی عالم القضاء والقدر (أمورا) غیر معلومة بالتفصیل (عند الله) تعالی بیان لقوله ثمة (قد سبق العلم) الإلهی (بأنها)، أی تلک الأمور (لا تنال)، أی لا تحصل لأحد (إلا بعد سؤال) منه لها بأن یدعو الله تعالى بحصولها فتحصل له لما أن ذلک السؤال من جملة ما سبق به العلم القدیم.
فکون تلک الأمور لا تحصل إلا بالسؤال کونها مرتبة علیه فی حضرة علم الله تعالى، فإذا حصل السؤال حصلت تلک الأمور، ولا بد أن یحصل السؤال فلا بد أن تحصل تلک الأمور.
ولیس توقفها على ذلک السؤال توقف مشروط على شرط إلا بحسب ما یظهر للعقول إن الله غنی فی إیجاد کل شیء عن الاحتیاج إلى شیء، بل توقفها على السؤال توقف أحد المترتبات على ما قبله .
قال الشیخ رضی الله عنه: (فیقول) ذلک الصنف الآخر من السائلین (لعل ما)، أی الذی (نسأله)، أی نطلبه منه (سبحانه) وتعالى من الأمور (یکون)، أی یوجد فی علم الله تعالى (من هذا القبیل) قد سبق العلم الإلهی بأنه لا یحصل إلا بعد سؤال (فسؤاله) ذلک (احتیاط)، أی قبوله واعتباره لما یجده فیه من السؤال الذی قدره الله تعالى علیه وخلقه فیه غیر مذموم عنده لاحتمال أن یکون ذلک المطلوب له مترتبا فی علم الله تعالى على ذلک السؤال فهو یحتاط (لما هو الأمر علیه) فی نفسه (من الإمکان) السائغ عنده فی بعض الأمور التی یعطیها الله تعالى لعباده .
(وهو)، أی ذلک الصنف من السائلین (لا یعلم ما فی علم الله) تعالى من خصوص الأمر الذی لا یحصل إلا بعد سؤال.
أو یحصل من غیر سؤال إذ علم الله تعالى قدیم لا یحل فی حادث ولا یحل فیه حادث ، فیوجد فیه المعلوم الحادث على حسب ما یلیق بقدمه، فهو قدیم ومعلومه قدیم، ویوجد فی الحادث بما شاء الله تعالى.
کما قال : "ولا یحیطون بشیء من علمه إلا بما شاء " 255 سورة البقرة.
وإذا وجد فی الحادث کان على حسب ما یلیق بحدوثه، فهو حادث ومعلومه حادث، فصح أنه لا یعلم ما فی علم الله تعالى أحد لا ملک ولا نبی ولا ولی .
وأما بالوحی والإلهام فهو إعلام بما یلیق بالحادث لا بما یلیق بالقدیم، وهذا المقدار إذا وجد عند الحادث یصح أن یکون علم من علم الله تعالى وصل إلیه وحیا أو إلها ما فیکون سؤاله حینئذ لذلک الأمر الذی علم أنه لا یحصل إلا بعد السؤال.
مبنیا على ما وجده من الوحی أو الإلهام، والوحی یفید الیقین، والإلهام یفید غالب الظن.
ویجوز بنیان مثل ذلک على غالب الظن، فیصیر ذلک باعث على السؤال عنده (و) هو (لا) یعلم أیضا (ما)، أی الذی (یعطیه استعداده)، أی تهیؤه بنفسه (من القبول) لذلک الأمر الذی طلبه من الله تعالى و لسؤاله قبله أو لسؤاله فقط أو لحصوله فقط (لأنه من أغمض)، أی أدق وأخفى (المعلومات عند العباد الوقوف)، أی الاطلاع والکشف (فی کل زمان فرد)، وهو الجزء الذی لا یتجزأ من الزمان وهو یوم الله الذی قال تعالى عنه : "کل یوم هو فی شأن" 29 سورة الرحمن.
وقال لموسى علیه السلام: "وذکرهم بأیام الله" 5 سورة إبراهیم.
فی کل یوم من أیامه هذه، أمر هو شأنه فی ذلک الیوم وهو الیوم الذی تتقلب فیه القلوب والأبصار.
کما قال تعالى فی وصف العارفین به: "یُسَبِّحُ لَهُ فِیهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِیهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَیْعٌ عَنْ ذِکْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِیتَاءِ الزَّکَاةِ یَخَافُونَ یَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)" سورة النور.
(على استعداد الشخص) لما استعد له (فی ذلک الزمان) القلیل من الأمور التی قدرها الله تعالى وقضى بها علیه فی الأزل.
فإن لله تعالى على کل شخص بخصوصه قضاء وقدرا أزلیین بأمور أرادها الله تعالى له من الأزل فی کل لمحة بصر.
فالله تعالى : "کل یوم هو فی شأن" 29 سورة الرحمن.
بالنسبة إلى خصوص کل إنسان، ولم یسبق قضاء الله تعالى وقدره على ذلک الشخص بخصوصیته بتلک الأمور التی أرادها الله تعالى له إلا على حسب ما استعد له ذلک الشخص فی تلک اللمحة البصریة.
فوقوف ذلک الشخص على استعداده لتلک الأمور فی تلک اللمحة البصریة من أصعب العلوم وأخفاها.
فسؤاله حینئذ مبنی على عدم اطلاعه على استعداده ما هو، فهل هو استعداد للسؤال فقط من غیر حصول المطلوب؟
أو استعداد الحصول المطلوب من غیر سؤال، أو للسؤال و لحصول المطلوب معین فیسأل احتیاطا لذلک.
قال رضی الله عنه : (ولولا ما أعطاه الاستعداد) الذی له فی ذلک الزمان الذی سئل فیه (السؤال) الذی صدر منه (ما سأل) فسؤاله إنما کان منه على حسب استعداده فإن حصل مطلوبه فی وقت سؤاله کان استعداده فی ذلک الوقت السؤال و لحصول المطلوب معا، لهذا أعطاه الله تعالى ذلک على حسب استعداده له کما قال تعالى : "الذی أعطى کل شیء خلقه" 50 سورة طه.
فقبل ما استعد له من السؤال وحصول المطلوب .
وإن تأخر مطلوبه إلى وقت آخر وحصل له فی وقت آخر من غیر سؤال کان استعداده فی ذلک الوقت الذی سئل فیه للسؤال فقط من غیر حصول المطلوب، فأعطاه الله تعالى ما استعد له من ذلک.
کان استعداده فی الوقت الآخر لحصول المطلوب فقط من غیر سؤال، فأعطاه الله تعالى ذلک أیضا فحصل مطلوبه فی ذلک الوقت الآخر من غیر سؤال.
وإن لم یحصل مطلوبه لا فی وقت سؤاله ولا بعده کان استعداده فی وقت سؤال لسؤاله فقط.
فأعطاه الله تعالی ما استعد له من ذلک وهو سؤاله فقط.
ولم یستعد لحصول مطلوبه لا فی وقت سؤاله ولا بعده، فلم یعطه الله تعالى ذلک. لأن العطاء على حسب الاستعداد ولا استعداد فیه إلا للسؤال فأعطاه السؤال فقط.
وإن حصل مطلوبه فی وقت آخر لسؤال کان استعداده فی ذلک الوقت للسؤال فقط من غیر حصول المطلوب، فأعطاه الله تعالى السؤال بلا حصول المطلوب.
ثم إن کان استعداده فی الوقت الآخر للسؤال أیضا ولحصول المطلوب فأعطاه الله تعالى ذلک فسأل وحصل مطلوبه.
وقد یکون استعداده فی أوقات متعددة للسؤال فقط من غیر حصول المطلوب، فیتکرر السؤال فی تلک الأوقات کلها من غیر حصول المطلوب ویکون حصول المطلوب فی وقت آخر من غیر سؤال.
فیحصل فی ذلک الوقت بلا سؤال، وقد یکون بسؤال فیحصل بسؤال وهکذا أحکام السائلین والحاصلین على مطلوبهم إلى یوم القیامة .
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
ولما فرغ عن بیان السؤال شرع فی بیان مراتب السائلین فقال رضی الله عنه : (والسائلون) بلسان القال (صنفان صنف بعثه على السؤال) أی سبب طلبه العطایا قبل حلول أوانه (الاستعجال الطبیعی) أی الخلفی (فإن الإنسان خلق عجولا) وهو داخل تحت حکومة طبعه ومحجوب بأمر طبیعیة ولیس على علم بشیء على ما هو علیه.
(والصنف الآخر) مبتدأ (بعثه على السؤال) جواب (لما علم) وهو مع جوابه خبر المبتدأ (أن ثمة) أی فی مقام العطاء (امورا) عطایا حاصلة (عند الله) تعالى (قد سبق العلم) أی علم الله تعالى (بانها لا تنال) أی لا ینال العبد إلیها (إلا بعد سؤال) العبد من الله تعالى (فیقول) أی فیتفکر فی قلبه.
(فلعل ما نسأله سبحانه یکون من هذا القبیل) فبعثه هذا العلم على سؤاله فأضمر فاعل بعثه وهو العلم لدلالة المقام علیه (فسؤاله) هذا (احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان) لئلا یفوت الأمر وهو العطاء لفوات شرطه وهو السؤال.
(وهو) أی هذا السائل وإن کان یعلم هذا لکن (لا یعلم ما فی علم الله) تعالى ولکن لعل أن ما یسأله من قبیل ما عین له فی علم الله.
(ولا ما یعطیه استعداده فی القبول) أی لا یعلم قبول استعداده ولکن یساله لعله یقبل (لأنه) أی الشان (من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد) أی معین (على استعداد الشخص فی ذلک الزمان) فإن ذلک أی العلم بما فی علم الله تعالى والوقوف على الاستعداد فی کل زمان لا یکون إلا للکمل.
فقوله : لأنه تعلیل لهما (و) هو وإن کان لا یعلم هذا لکنه یعلم فی ذلک الزمان أنه (لولا ما أعطاه الاستعداد للسؤال ما سأل) ولکن لا یعلم ما أعطاه الحق فی الزمان الذی یکون فیه ولا یعلم فی ذلک الزمان ما یقبل استعداده لعدم حضوره .
فبهذا القدر من العلم بالاستعداد یکون من أهل الحضور والمراقبة حتى خلص عن قید سؤال الاحتیاط وهو من أهل الطلب لأن همته متعلقة فی حصول مطلوبه لا فی امتثال أوامر سیده.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
وقوله رضی الله عنه : "والسائلون صنفان صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا. والصنف الأخر بعثه على السؤال لما علم أن ثم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان، وهو لا یعلم ما فی علم الله ولا ما یعطیه استعداده."
قلت: هذا کله ظاهر من تمثیل الشیخ، رضی الله عنه.
قوله رضی الله عنه: "ولا ما یعطیه استعداده فی القبول لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل."
قلت: یعنی بالاستعداد، التهیؤ للأمر ومن جملة الأمور السؤال، فلو لا أن السائل مستعد للسؤال ما سأل.
لکن من الناس من یعلم الاستعدادات ویعلم ما یقتضیه ومنهم من لا یعلم ذلک وهم الأکثرون.
فأما الذین یعلمون مقتضیات الاستعدادات تماما فهم الذین قطعوا السفر الثانی.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
قال رضی الله عنه : ( والسائلون صنفان : صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی ، فإنّ الإنسان خلق عجولا . والصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أنّ ثمّ أمورا عند الله قد سبق العلم بأنّها لا تنال إلَّا بعد السؤال ، فیقول : فلعلّ ما یسأله یکون من هذا القبیل فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان ، وهو لا یعلم ما فی علم الله ، ولا ما یعطیه استعداده فی القبول ، لأنّه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان . ولولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل) .
قال العبد : السائلون للعطایا الإلهیة سواء کانت ذاتیة أو أسمائیة ، أو کانوا معیّنین لسؤالاتهم أو غیر معیّنین کما ذکر الأمثلة إمّا أن یکونوا غیر عالمین بما فی علم الله وتقدیره من وقوع المسؤول وعدم وقوعه ، وبما هم مستعدّون له فی کل زمان فرد من الأزمنة وفی کل آن من الآنات ، أو عالمین بذلک وبما یعطیه استعدادهم .
فغیر العالمین إمّا أن یکون الباعث لهم على الطلب والسؤال الاستعجال الطبیعیّ أو الاستعداد الحالیّ أو الاحتیاط ، مع مجمل العلم بأنّ من الأعطیات الإلهیة ما سبق علم الله وقدره أن لا ینال إلَّا بالدعاء إمّا بالنسبة إلى هذا السائل أو بالنسبة إلیها فی کل سائل.
فإن کان الاستعجال الطبیعیّ ، فهو إمّا أن یوافقه الاستعداد الحالی أو لم یوافق ذلک ، فإن وافق ، فلا بدّ من وقوع المسؤول ، وإن لم یوافق ،فقد لا یقع فی الحال.
وإن کان الباعث الاستعداد الحالیّ والحال الاستعدادی ، فإنّ المسؤول یقع وینال ، سواء تلفّظ بالسؤال أو لا ، فإنّ السنّة الاستعدادات فی السؤال لا تتأخّر عنها الإجابة .
وإن کان الباعث على الطلب والتلفّظ بالسؤال هو العلم بأنّ من المسؤولات والمطالب ما لا یدرک ولا یعطى إلَّا بعد السؤال ، فهو یسأل ویطلب احتیاطا ، فقد یقع عین المسؤول إن کان الاستعداد تامّا ، وإن لم یوافق السؤال الاستعداد .
فیلبّی الله له فی حال السؤال ، وتتأخّر الإجابة فی عین المسؤول ، فإنّ التقدیر عدم علم السائل بما فی التقدیر والاستعداد ، لکنّ الإمکان باق ، فیمکن بالنظر إلى السائل ومبلغ علمه أن یقع ، ویمکن أن لا یقع .
وباقتران الاستعداد للسؤال لا یبقى تأخّر ولا إمکان ، بل یجب وقوع عین المسؤول .
والوقوف فی کل آن من الزمان على استعداد الشخص لا یکون إلَّا للکمّل والندّر من الأفراد فلیس لکلّ أحد إدراک استعداده فی کل آن ، حتى یسأل ما یستعدّ له فی الحال ،فیقع.
وقد یکون على حال مستعدّ فی زعمه لأمور فیسألها ولا یعلم حقیقة ، بل على وجه الإمکان ، فقد یقع وقد لا یقع ، کما ذکرنا ، فافهم .
قال رضی الله عنه : ( ولولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل ) .
یشیر رضی الله عنه إلى أنّ السؤال یدلّ على مطلق استعداد للسائل کامن فیه هو الباعث ، فلو اقترن الحال بالاستعداد ، لظهر ، وعدم الاقتران یوجب التأخّر إلى وقت الاقتران .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
قال رضی الله عنه : ( والسائلون صنفان : صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا ، والصنف الآخر : بعثه على السؤال لما علم أن ثم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد سؤال ، فیقول فلعل ما نسأله سبحانه یکون من هذا القبیل فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان ، فهو لا یعلم ما فی علم الله ولا ما یعطیه استعداد فی القبول )
علمه فاعل بعثه الثانی لدلالة لما علم علیه أی بعثه على السؤال علمه بأن ثم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد سؤال .
وفی الکلام تقدیم وتأخیر کان التقدیر والصنف الآخر لما علم أن ثم أمورا عند الله قد سبق
العلم بأنها لا تنال إلا بعد سؤال بعثه علمه على السؤال . والباقی ظاهر .
قال الشیخ رضی الله عنه: " لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان " أی قد یقف الإنسان على استعداده لقبول شیء على الإجمال کما یقف أنه مستعد لقبول علم الفقه أو الطب وأمثال ذلک .
وأما وقوفه على استعداده لکل جزئى زمانى کوقوفه على أن الله یرزقه الیوم کذا وغدا کذا فلا سبیل له لقوله تعالى : " وما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً " اللهم إلا أن یطلعه الله على بعضها .
قال الشیخ رضی الله عنه:: ( ولو لا ما أعطاه على الاستعداد السؤال ما سأل ) إشارة إلى أن کل ما یجرى على العبد فی کل ساعة فهو باستعداد منه یقتضی ذلک الشیء له فی ذلک الوقت.
حتى أن السؤال أیضا إنما یکون باستعداد منه اقتضى ذلک السؤال فی ذلک الوقت وإلا لما أمکنه أن یسأله.
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
فقال رضی الله عنه : "والسائلون صنفان" أی، السائلون بلسان القال مع صرف الهمة إلى
المسؤول عنه صنفان.
وإنما قلت: (مع صرف الهمة إلى المسؤول عنه) لأن السائل الذی سئل امتثالا لأمر الله، لا طلبا لشئ من الکمالات لعلمه بحصول ما هو مستعد له فی کل حین، سائل بلسان القال أیضا، لکن إتیانا بحکم (أدعونی أستجب لکم).
ولأنه تعالى یجب أن یسأل منه، کما قیل:
الله یغضب إن ترکت سؤاله وسلیل آدم حین یسأله یغضب ولما لم یکن همته متعلقة فیما سأل، فکأنه لیس من السائلین فی الحقیقة.
لذلک قال: (صنفان).
وأورد الصنف الثالث بعد الفراغ من ذکر صنفین آخرین، کما یأتی بیانه (صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی، فإن الإنسان خلق عجولا)
أی، یسأل ویطلب الکمال قبل حلول أو انه.
(والصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أن ثمة أمورا عند الله قد سبق العلم) أی، الإلهی.
(بأنها لا تنال إلا بعد سؤال) فیقول، فلعل ما نسأله سبحانه یکون من هذا القبیل.
فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان) أی، بعثه على السؤال علمه بأن حصول بعض المطالب مشروط بالسؤال والدعاء وإن کان البعض الآخر غیر مشروط به، فیقول یمکن أن یکونالمطلوب من قبیل المشروط بالدعاء فیحتاط ویسأل.
وإنما أضمر فاعل (بعثه) لأن قوله: (لما علم) یدل علیه.
(وبعثه) جواب (لما) تقدیره: والصنف الآخر لما علم أن ثمة أمورا عند الله قد سبقالعلم بأنها لا تنال إلا بعد سؤال، بعثه علمه علیه، أی، بعثه على السؤال علمه.
فالشرط مع الجزاء خبر المبتدأ. ویجوز أن یقال: لما علم، بکسر اللام على أنهللتعلیل. أی، والصنف الآخر بعثه على السؤال علمه لکونه علم أن ثمة أموراعند الله لا تنال إلا بالسؤال.
(وهو لا یعلم ما فی علم الله ولا ما یعطیه استعداده فی القبول) أی، لا یعلمما عین له فی علم الله من الکمال، ولا یعلم ما یعطیه استعداده الجزئی فی کلوقت، ولا ما هو قابل له فیه.
(لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد) أی معین.
قال الشیخ رضی الله عنه: (على استعداد الشخص فی ذلک الزمان). أی، لأن الشأن أن الوقوف على ما یعطیه استعداد الشخص فی کل زمان معین من أغمض
المعلومات، إذ الاطلاع علیه موقوف على الاطلاع بما فی علم الله تعالى، أو کتبه التی هی نسخ علمه:
کالعقل الأول الذی هو (اللوح المحفوظ)
والنفس الکلیة التی هی (الکتاب المبین)
والنفس المنطبعة التی هی (کتاب المحو والإثبات) وإلا لا یمکن أن یقف علیه.
کما قال تعالى: "وما تدرى نفس ما ذا تکسب غدا".
(ولو لا ما أعطاه الاستعداد السؤال، ما سأل) أی، وإن کان یعلم إجمالا أنه لو لا طلب استعداده السؤال، ما سأل.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
قال رضى الله عنه : "والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا. والصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أن ثم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد السؤال،
فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم الله ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان.
ولولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل."
فقال: (والسائلون) فی مبدأ سؤالهم فی أمر معین أو غیر معین (صنفان): (صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی) أی: الذی من طبعه الذی خلق علیه، (فإن الإنسان ځلق عجولا)، وقد بقی هذا السائل على ذلک فهو صاحب النفس الأمارة فلا یکون من أهل الحضور، ومع ذلک قد یکون عطاؤه ذاتیا، فلا وجه لتخصیصه بالکمل.
(والصنف الآخر) قد تزکت نفسه عن هذه الرذیلة فیکون من أهل الحضور، (بعثه على السؤال) علمه بأن بعض المطالب تتوقف على السؤال: (لما علم أن ثمة) أی: فی التقدیر الأزلی (أمورا) جلیلة (عند الله، قد سبق العلم) الإلهی (بأنها) لجلالتها عند الله (لا تنال إلا بعد السؤال) المتضمن مزید التذلل.
وقد یکون ذلک فی الأمور الخسیسة أیضا؛ لکن السؤال بذلک لا یکون من أهل الحضور وتوقفها على سؤالهم لیظهر خستهم، فإذا کان سؤال أهل الحضور من هذا القبیل.
قال الشیخ رضی الله عنه: (فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل) فیه إشارة إلى أنه لیس من شأن الکامل ترک السؤال؛ لأنه کالاعتراض على الله تعالى، والاختیار علیه، وترک الرضا بما عنده.
بل إنهم یسألون لما علموا من رضاه فی ذلک المزید التذلل عنده، وتوقیفه المسئول علیه فلیس فیه اعتراض علیه، ولا اختیار، ولا ترک رضا.
وإنما قال : لعل؛ لأنه یخاف من نفسه أن یکون بدعة للطمأنینة قبل الاتصاف بها کما قال یوسف الی عن نفسه: "وما أبرئ نفسی إن النفس لأمارة بالسوء" [یوسف: 53]، وفیه تنبیه للمریدین؛ فإنهم لا یسوغ لهم الحزم فی أمثال هذه المواضع.
ثم أشار إلى وجه کونه لیس باعتراض، ولا اختیار، ولا ترک رضا بقوله: (فسؤاله احتیاط لما هو الأمر) أی: أمر المسئول أی: التقدیر الأزلی (علیه من الإمکان) أی: من إمکان توقفه على السؤال، فإن توقف فلا یفوته بترک السؤال مع أنه أمر جلیل عند الله، وإن لم یتوقف حصل بکل حال مع ما فی السؤال من مزید التذلل.
ولما توهم من قوله فسؤاله احتیاط أنه یناقض قوله، لما علم أشار إلى دفعه بقوله: (وهو) أی: هذا السائل بطریق الاحتیاط (لا یعلم ما فی علم الله) هل هو متوقف على السؤال أم لا، وحضوره مع الله تعالى، وتزکیة نفسه عن رذیلة الاستعجال لا یستلزم کونه مطلقا على العلم الأزلی تفصیة.
وإن صار مکاشفا به إجمالا کیف وهو لا یعلم ما هو أقرب من ذلک، إذ (لا) یعلم (ما یعطیه استعداده فی القبول ) قید بذلک؛ لأنه قد علم بالکشف الحاصل عن تزکیة نفسه أنه قد حصل له استعداد السؤال لا محالة على ما سیصرح به؛ (لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد) قید بذلک؛ لأنه قد یتیسر لأمل الحضور الوقوف على استعداده لأمر ما فی بعض الأزمنة.
لکونه مکاشفا قد تزکت نفسه مع أنه یعسر علیه الوقوف فی کل زمان فرد (على استعداد الشخص) لما یقبله (فی ذلک الزمان) ؛ لأن غایة ما یحصل بالتزکیة فی حق الأکثرین الوقوف الإجمالی دون التفصیلی حتى قال أکمل الخلائق: "ولا أعلم الغیب" [الأنعام: 50]، أی: کله.
وقال تعالى: "ولو کنت أعلم الغیب لاستکثرت من الخیر" [الأعراف: 88].
بل لا یمکن معرفة الغیب على الوجه الکلى الأکمل إلا للرسل لقوله تعالى: "عالم الغیب فلا یظهر على غیبه أحدا إلا من ارتضى من رسول " [الجن: 26، 27]
ثم أشار إلى فائدة التقیید بقوله: «فی القبول»، وهو الاحتراز عن الوقوف على استعداد السؤال؛ فإنه لا یمتنع علیه غالبا بقوله: (ولولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل) ضرورة أنه لو لم یتوقف الفیض على الاستعداد لوجب أن یحصل لکل أحد کل شیء؛ لعموم الجود الإلهی.
وفیه إشارة إلى أن استعداد السؤال لا یستلزم استعداد القبول أیضا سؤالا لکنه سؤال خفی غیر لفظی ولا حالی، وإذا کان کل ما یجری على العبد متوقفا على استعداده مع أنه یعسر علیه الوقوف فی کل زمان فرد على ذلک، وإن بلغ رتبة الحضور والکشف
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 ه:
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا. والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولولا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
وهذه الأقسام کلها باعتبار المعطى والمسؤول ، وباعتبار السائلین له تقسیم أخر إلیه أشار بقوله: (و السائلون ) منهم أیضا (صنفان : صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی، فإن الإنسان ځلق عجولا ) وذلک لأن من شأن الطبیعة وطین قابلیتها اللازب أن یلتصق بما یستشعر فیه کماله عاجلا.المبین ( والصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أن تم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد سؤال ) وفی الکلام تقدیم وتأخیر ، أی " لما علم أن ثم أمورا ، بعثه علمه " .
وهذا الصنف أعلى السائلین المحجوبین مرتبة ، حیث أن الباعث لسؤاله هو العلم ، فلذلک تراه مترقیا من العلم إلى القول.
حیث قال : ( فیقول : « فلعل ما نسأله سبحانه یکون من هذا القبیل » ، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان ) أی إمکان أن یکون مطلوبه مما علق بالسؤال ، وإن لم یعلم ذلک یقینا ، فإن ذلک موقوف على الاطلاع بما فی علم الله .
(وهو لا یعلم ما فی علم الله ولا ما یعطیه استعداده فی القبول) إذ لو علم ذلک لعلم ما فی علم الله أیضا ، لأنه تابع له .
ولا یبعد الاطلاع على خصوصیات کل استعداد بما یناسبه من الأمور إجمالا للمفترسین ، کالوقوف على قابلیة واحد للطب ، والآخر للفقه ، والآخر للحساب وغیر ذلک من الصنائع والحرف، إنما الکلام فی تفاصیل خصوصیات تلک الاستعدادات بحسب الأزمنة والأوقات ، ومایصلح له فی کل حین منها
(لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان).
کما للسائل إذا کان من أهل الحضور ، فإنه یعرف مقتضى حاله ( و) أنه ( لولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل ، فغایة أهل الحضور)- یعنی القاطعین منازل فیافی العلل وبیداء الأسباب ، القادمین من مسالک أهل البعد وأقاصی المقامات.
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا.
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.)
قال رضی الله عنه : " و السائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا. و الصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أن ثم أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد السؤال ،
فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل. فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم الله و لا ما ".
ولما فرغ من هذه التقسیمات أشار إلى تقسیم آخر باعتبار السائلین
فقال : (والسائلون) بالقول : الذین لیسوا من أهل الحضور ومراقبة الأوقات، وإنما قیدنا بذلک لئلا یرد على السائل لمحض امتثال الأمر کما سیجیء.
فهؤلاء السائلون (صنفان صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا) فهو إما أن یوافقه الاستعداد الحالی فیقع، وإما أن لا برافقه فلا یتع.
(والصنف الآخر بعثه على السؤال) علمه (لما علم) بتشدید اللام وحینئذ یکون قوله : بعثه جوابا له بحسب المعنى فی حکم المتأخر عنه فیصح إضمار الفاعل فیه وإرجاعه إلى العلم المفهوم من علم.
ویکون تقدیر الکلام: والصنف الآخر لما علم أن ثمة عند الله أمورة کذا بعثه علمه على سؤال، فلما مع جوابه خبر المبتدأ .
وقیل : یحتمل أن یکون بکسر اللام على أنه للتعلیل، أی بعثه علمه على السؤال لم علم (أن ثمة أمورا) وفیه إضمار قبل الذکر.
قوله : (عند الله) بدل من ثمة ، أی لما علم أن عند الله أمورة (قد سبق العلم) الإلهی بأنها، أی تلک الأمور (لا تنال إلا بعد سؤال) .
فولی: (فیقول) هذا الصنف (فلعل ما نسأله) على غیر المنصوب.
إما للموصول وإما للحق ویدل علیه إردافه بقوله (سبحانه) فی کثیر من النسخ. وضمیر الموصوف محذوف أو ما مصدریة (یکون من هذا القبیل)، أی من قبیل ما لا ینال إلا بعد السؤال.
قال رضی الله عنه : (فسؤاله احتیاط لما هو) ضمیر مبهم یفسره قوله: (الأمر)، أی المسؤول . أمورا لا تنال إلا بعد سؤال (لا یعلم) تفصیلا (ما) عین (فی علم الله) له من تلک الأمور المسؤولة ومن أوقات حصولها
وضمیر (علیه) للموصول و(من الإمکان) بیان للموصول، أی سؤاله احتیاط الإمکان أن یکون المسؤول مما لا ینال إلا بعد سؤال.
(وهو) من علم إجمالا أن عند الله
قال رضی الله عنه : " یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. ولو لا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل."
قال رضی الله عنه : " (ولا) بعلم أیضا (ما یعطیه) ویقتضیه من المسؤولات (استعداده فی القبول).
أی فی قبول تلک الأمور، أی لا یعلم مقتضی استعداده فی قبولها بأنه، أی أمر من الأمور یقتضی وفی أی زمان یقتضی (لأنه) هذا بحسب الظاهر تعلیل للدعوى الثانیة .
لکنه لما کان العلم بما یعطیه الاستعداد و هو من جملة ما فی علم الله متعذرة یلزم منه تعذیر العلم بما فی علم الله (من أغمض المعلومات)، أی من أغمض العلم بالمعلومات، ومن العلم بأغمض المعلومات.
(الوقوف فی کل زمان فرد)، أی معین (على استعداد الشخص فی ذلک الزمان الفرد)، أی فی کل زمان فرد بأن یکون واقفا فی کل زمان على ما تحرى علیه فی جمیع الأزمنة.
وذلک لا یتیسر للسائل احتیاطا وإلا لم یکن الأمر مبهما عنده بل هو من خواص الکمل الندر من أهل الله ، وذلک السائل المحتاط وإن کان لا یعلم ما فی علم الله ولا ما یعطیه استعداده إنما یسأل الإعطاء لإعطاء استعداده السؤال.
(ولولا ما أعطاه الاستعداد للسؤال ما سأل) ولکن لم یکن له علم بذلک الاستعداد قبل السؤال کسائر المسؤولات.
فحکم السؤال معه حکم سائر المسؤولات ما فی قوله ما أعطاه مصدریة ، أی لولا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل .
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940هـ:
قال رضی الله عنه : (والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإن الإنسان خلق عجولا. والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنها لا تُنَال إِلا بعد السؤال، فیقول: فلعل ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: وهو لا یعلم ما فی علم اللَّه ولا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمانٍ فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان. )
قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : (و السائلون صنفان: صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی، فإن الإنسان خلق عجولا . و الصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أن ثمة أمورا عند الله قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد السؤال فیقول: فلعل ما نسأله منه سبحانه یکون من هذا القبیل فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان و هو لا یعلم ما فی علم الله و لا ما یعطیه استعداده فی القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان،)
قال الشارح رضی الله عنه :
فقال: (و السائلون صنفان) و ما تم إلا السائلون کما فهمته سابقا من أن الحق لا یعطی شیئا بلا سؤال، فإذا علمت أن الأعطیات فی الخزائن، و مفتاحها السؤال و لا بد منه .
فاعلم أنه رضی الله عنه لما أراد أن یفصل مراتب السائلین من حیث البواعث، لأن التمییز بین السائلین ما یمکن إلا بمعرفة البواعث لأنه قد یسترک الکامل و العامی فی صورة السؤال و الرغبة فیما یتمیز إلا الباعث إنه یتمیز به کل أحد عن صاحبه .
فقال رضی الله عنه: (صنف بعثه) و (البعث) إنما یکون من الاسم الباعث، فهو الذی یبعث إلى البواطن رسل الخواطر بما نطقوا به أو طلبوا فی بواطنهم کما یبعث فی أمیین رسولا، فإذا وفق الرسول الرسول فلنحمد الله على ذلک .
و قد یکون البعث على السؤال الاستعمال الطبیعی، فإن باعثهم الشوق .
قال تعالى: "وما أعْجلک عنْ قوْمِک یا موسى قال هُمْ أولاءِ على أثری وعجِلْتُ إلیْک رب لترْضى" [ طه: 83، 84] .
نعوت على قوله: "قال فِإنّا قدْ فتنّا قوْمک مِنْ بعْدِک وأضلّهُمُ السّامِری" [ طه: 85] .
و حکی الشیخ رضی الله عنه فی الباب الخامس و الثمانین و أربعمائة من الفتوحات فقال:
" فاعلم إن نیة العبد خیر من عمله والنیة إرادة أی تعلق خاص فی الإرادة کالمحبة والشهوة والکرة فالعبد تحت إرادته فلا یخلو فی إرادته إما أن یکون على علم بالمراد أو لا یکون فإن کان على علم فیها فلا یرید إلا ما یلائم طبعه ویحصل غرضه وإن کان غیر عالم بمراده فقد یتضرر به إذا حصل له...
فإن الله تعالى وصف نفسه بأنه لا یبخس أحدا فی مراده کان المراد ما کان ومعلوم أن الإرادة الطبیعیة ما قلناه وهی الأصل وأرجو من الله مراعاة الأصل لنا ولبعض الخلق ابتداء وأما الانتهاء فإلیه مصیر الکل...
فإنه إذا تألم مثلا بقرصة برغوث إلى ما فوق ذلک من أکبر أو أصغر فإن کان مؤمنا فله علیه ثواب فی الآخرة فیکون لهذا المرید الحیاة الدنیا یعطیه الله ذلک الثواب فی الدنیا معجلا فینعم به کما کان یفعل الله تعالى بأبی العباس السبتی بمراکش من بلاد الغرب رأیته وفاوضته فی شأنه فأخبرنی عن نفسه أنه استعجل من الله فی الحیاة الدنیا ذلک کله فعجله الله له فکان یمرض ویشفی ویحیی ویمیت ویولی ویعزل ویفعل ما یرید کل ذلک بالصدقة وکان میزانه فی ذلک سباعیا إلا أنه ذکر لی قال خبأت لی عنده سبحانه ربع درهم لآخرتی خاصة فشکرت الله على إیمانه وسررت به وکان شأنه من أعجب الأشیاء لا یعرف ذلک الأصل منه کل أحد إلا من ذاقه أو من سأله عن ذلک من الأجانب أولی الفهم فأخبرهم غیر هذین الصنفین لا یعرف ذلک وقد یعطی الله ما أعطى السبتی المذکور لا من کونه أراد ذلک ولکن الله عجل له ذلک زیادة على ما ادخره له فی الآخرة .أهـ فافهم .
ثم أراد رضی الله عنه أن یعتذر عنهم فی استعجالهم فقال: فإن الإنسان خلق عجولا یطلب الأمور قبل أوانها و إلا.
قال تعالى: "منْ کان یرجُوا لقاء اللّهِ فِإنّ أجل اللّهِ لآتٍ وهُو السّمِیعُ العلیمُ" [ العنکبوت: 5]:
أی لا تستعجل هذا من أحسن تأدیب أدب الله به حبیبه حیث أنه ذکر له ما جرى قبله، و منهم قصصنا علیک . فافهم .
و (الصنف الآخر: بعثه على السؤال) رجم بالغیب لأنه لما علم أن ثمة أمورا عند الله فی غیبه قد سبق العلم بأنها لا تنال إلا بعد سؤال، فیقول هل ما یسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل؟ فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان .
فـ (الأول) صاحب استعجال، و (الثانی) راجم بالغیب بمجرد الاحتمال .
و لکن صاحب هذا السؤال إذا تصوّر المنادی المسئول عنه تصوّرا صحیحا عن علم و رؤیة سابقین أو حاضرین حال الدعاء، ثم سأله و دعاه عسى أن یستجاب له .
و أما من یقصد مناداة زید و یطلب منه و هو یستحضر عمروا و یتوجّه إلیه، ثم لم یجد الإجابة فلا یلومنّ إلا نفسه، فإنه ما نادى القادر على الإجابة والإسعاف لأنه توجّه إلى ما استحضره فی ذهنه و خیاله، و هو مثله عاجز عن الإجابة، و إن أثمر سؤاله على هذا فإنما أثمر بشفاعة حسن ظنه بالله، و شفاعته المعیة الإلهیة فإنه مع کل شی ء .
ورد فی الخبر : " ما کان الله لیفتح لعبد الدعاء فیغلق عنه بال الإجابة الله أکرم من ذلک"
و هو لا یعلم ما فی علم الله و العلم بما فی علم الله من أعلى العلم بالله، و لا یکون إلا بسبق العنایة .
قال الله تعالى: "و لا یحِیطون بشیْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلّا بما شاء" [ البقرة: 255]، و ما شاء الله کان و لا ما یعطیه استعداده فی القبول، فإذا لم یعلم ما فی نفسه من الاستعداد فهو بغیره أجهل .
قال تعالى عن عیسى علیه السلام یخاطب ربه و یناجیه: "تعلمُ ما فی نفْسِی ولا أعْلمُ ما فی نفْسِک" [ المائدة: 116] .
أشار علیه السلام إلى نفسه فإنها ملک له تعالى، قال تعالى:"تعلمُ ما فی نفْسِی و لا أعْلمُ ما فی نفْسِک "[ المائدة: 116] .
( فیها) لأن من أغمض المعلومات الوقوف فی کل زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان و لا یکون ذلک العلم إلا لمن أشرف على الأعیان الثابتة أو أحاط بکل شیء علما .
أما من مقام ما ورد فی الخبر : "من عرف نفسه فقد عرف ربه و من عرف علم ما فی نفسه فعلم العالم بعلمه بنفسه"
قال رضی الله عنه فی الوصل الخامس عشر من الخزائن من الفتوحات:
من أدرک الحق علما لم یفته من العلم الإلهی مسألة، کما أنه رأى الحق ببصره رأى کل شیء من العالم لا یفوته من أنواعه شیء: أی إذا رأى الحق فی غیر مادة، فافهم .
و أما من مقام قرب النوافل، فإنه علم الحق بالحق، فإنه عین قواه، و من کان هویته عین قواه لا یعزب عنه مثقال ذرة .
قوله رضی الله عنه: (فی کل زمان فرد ): أی غیر منقسم، و هو الآن الذی لا یتجزأ .
و من کان بهذا الکشف أدخل السؤال الاستعجال و الاحتمال فی الکمال، لأنه
علم أنه لو لا ما أعطاه لاستعداد السؤال ما سأل، لأن کل طلب فی العالم من کل طالب إنما هو طلبیّ و أتی ما به طلب عارض لا یکون بالذات، فإن هذا لا یکون أبدا بل إنما یعرض للشخص أمر ما لم یکن عنده .
فهذا الأمر الذی حصل عنده هو الذی یکون له الطلب الذاتی للمطلوب و انحجب الناس من قام به ذلک الأمر العارض بحیث یسمونه طالبا، و لیس الطالب إلا ذلک الأمر .
فالطلب له ذاتی، و الشخص الذی قام به هذا الأمر مستخدم فی أمر ما أوجبه علیه هذا الأمر الذی حلّ به .
فالطلب ذاتی لذلک الأمر، و قد استخدم فی تحصیله هذا الشخص الذی نزل به و لا شعور للناس بذلک.
ذکره رضی الله عنه فی الباب السبعون وثلثمائة فی معرفة منزل المرید وسر وسرین
من أسرار الوجود والتبدل وهو من الحضرة المحمدیة من الفتوحات :
وإن کل طلب فی العالم أو من کل طالب إنما هو طلب ذاتی ما ثم طلب عارض لا یکون بالذات هذا لا یکون وإنما یعرض للشخص أمر ما لم یکن عنده فهذا الأمر الذی حصل عنده هو الذی یکون له الطلب الذاتی للمطلوب وانحجب الناس بمن قام به ذلک الأمر العارض وهو الذی یسمونه طالبا ولیس الطالب إلا ذلک الأمر فالطلب له ذاتی والشخص الذی قام به هذا الأمر مستخدم له إذ قد کان موجودا وهو فاقد لهذا الطلب فعلمنا أنه طلب مستخدم فی أمر ما أوجب علیه هذا الأمر الذی حل به فالطلب ذاتی لذلک الأمر الملکیة ومن الملک الذی یسدده ومن الوجه الخاص الإلهی بارتفاع الوسائط وأن یکون الحق عین قوله. أهـ
فإذا کان الأمر هکذا، فما ثم سؤال و طلب إلا عن اقتضاء ذاتی، فما یقع الاستعجال و لا الطلب و السؤال بمحض الاحتمال بل کل سؤال فی وقته و هو مبذول، و لکن تمیز مراتب الأسئلة و الأجوبة و معرفتها على قدر العلم بالله، و معرفة حقیقة نفسه نهایة أهل الحضور .
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، صص 74 تا 76
و السائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعی فإنّ الإنسان خلق عجولا.
سائلان دو صنفند. صنفى به استعجال طبیعى انسان که انسان «خلق عجولا» سؤال مىکنند.
یعنى استعجال طبیعىاش او را بعث بر سؤال مىکند که کمال را پیش از حلول وقتش طلب مىکند.
و الصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أنّ ثمّة أمورا عند اللّه قد سبق العلم بأنّها لا تنال إلّا بعد السؤال، فیقول: فلعلّ ما نسأله سبحانه یکون من هذا القبیل، فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان.
و صنف دیگر کسانى هستند که مىدانند در نزد خداى متعال امورى است که بنده به آن نمىرسد مگر بعد از سؤال و علم الهى هم بر این بگذشت که باید بپرسد تا بگیرد و این صنف بنده مىگوید: شاید سؤال من از این قبیل باشد پس شبیه احتیاط سؤال مىکند که امکان حصول آن امور عند اللّه را مشروط به این سؤال و دعا مىداند.
به قول عارف رومى:
بانگ مىآید که اى طالب بیا جود محتاج گدایان چون گدا
جود خداوند و دعاى بندگان
چون خداى متعال جواد است گدا مىخواهد پس جود او ما را هر آن در هر عالم « گر چه در ما وراء طبیعت آن نیست زیرا آن ظرف زمان است و عالم ما وراى طبیعت فوق زمان و مکان و مجرد از آن دو، ولى به ضیق لفظ و کمى ألفاظ این چنین تعبیر کردیم.»
دعوت مىکند که ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ (غافر: 60) و آن عارف چه خوش گفت:
للّه یغضب ان ترکت سؤاله و سلیل آدم حین یسئل یغضب
مخفى نیست که دعا یکى از شروط و معدّات حصول استعداد و قابلیت است براى گرفتن جان انوار عالم ملکوت را (که حقایق علمیه و معارف حقه الهیه است) و هیچ کس سؤالى نکرد و دعایى نکرد مگر اینکه چیزى عاید او شد یعنى کسى اللّه نگفت که لبیک نشنود و اگر به آن مقصود خاصش در هنگام دعا، نرسید و بدان نایل نشد، بهتر از آن، که توجه به عالم قدس و نایل شدن به وجدان استعداد است براى او حاصل شد لذا ائمه ما علیهم السلام فرمودند: هر وقت دعا کردى و سؤال نمودى دست بر روى خود بکش. اشاره به اینکه بدان گرفتى و عطیه او را بر چشم خود نه و هیچ دعا و سؤالى نمىشود مگر اینکه خواهنده علاوه بر یافتن عطیه قابلیت و قرب، آماده براى کسب فیض بیشتر شد این خداى متعال است که عطیه او مقدمه عطایاى بیشترى است. پس هر کس آن چه را یافت از دو جهت سرور به او دست مىدهد. یکى از آن روى که نقداعطیهاى گرفت و دیگر اینکه همین عطیه بشیر اوست، که مژده به نزول برکات دیگر و عطایاى بیشتر مىدهد و گویا عارف نامور جناب مجدود بن آدم سنائى غزنوى به این نکته اشاره دارد که:
عارفان هر دمى دو عید کنند عنکبوتان مگس قدید کنند
و مضمون ادعیه بسیار که مقالات علمى ائمه أطهار است در این معنى در چند مورد آمده است که در مقام مناجات مىگفتند: «یا من لا یزیده کثرة العطاء إلّا جودا و کرما»
و هو لا یعلم ما فی علم اللّه و لا ما یعطیه استعداده فی القبول، لانّه من اغمض المعلومات الوقوف فی کلّ زمان فرد على استعداد الشخص فی ذلک الزمان.
و این صنف نمىدانند که در علم خدا چه نهفته است و نمىدانند که استعدادشان در قبول یعنى این استعداد جزئى وجودىشان در هر وقت براى گرفتن عطا تا چه حد است و چیست زیرا دانستن استعداد در هر زمان خاص معیّن از مشکلترین معلومات است.
زیرا اطلاع بر آن موقوف است بر اطلاع به آن چه که در علم اللّه است و آن چه که در کتب اوست، کتبى که نسخههاى علم او هستند یعنى عوالم مجرده دار القدس و در این باره باید گفت وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً (لقمان: 34)
و لو لا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل.
و اگر چنانچه استعداد او، سؤال را به او عطا نکرد سؤال نمىکرد.
یعنى این سائل محتاط اگر چه نمىداند آن چه را که در علم اللّه است و اگر چه نمىداند استعداد خاص خودش را در هر وقتى در پذیرفتن عطایا و لیکن استعداد بخصوصى او را به سؤال برانگیخت و این عطیه عاید او شد.
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 165-166
و السّائلون صنفان: صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبیعىّ «فانّ الْإِنْسانَ خُلِقَ عجولا»( س 17- 11). و الصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أنّ ثمّ امورا عند اللّه قد سبق العلم بأنّها لا تنال إلّا بعد سؤال، فیقول: لعلّ ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل؛
قوله: «لمّا علم» اگر به فتح لام خوانى و تضعیف میم، قوله: «بعثه» جواب وى باشد مقدّم بر وى؛ و در این تقدیر باشد که: و الصنف الآخر لمّا علم [انّ] ثمّة امورا عند اللّه قد سبق العلم بأنّها لا تنال الّا بعد سؤال بعثه علمه علیه.
و اگر به کسر لام و تخفیف میم خواند تعلیل را باشد. تقدیر کلام این باشد که: و الصنف الآخر بعثه على السّؤال علمه بکونه علم انّ ثمّة امورا عند اللّه لا تنال بها إلّا بعد سؤال.
و حاصل سخن این است که: خواهندگان به زبان قال از مالک ذى الجلال دو گروهاند:
گروهى استعجال طبیعى که بحکم «خُلِقَ الْإِنْسانُ عجولا»() س 21- 37) خلق- در قرآن چنین است: خلق الانسان من عجل( در ایشان مرکوز است، باعث گردد ایشان را، تا از حق تعالى چیزى بطلبند؛ و ملتمس خود بخواهند؛ و حال آنکه هنوز وقت رسیدن آن مطلوب به ایشان، نرسیده است. و آن خواهنده از سرّ «الأمور مرهونة بأوقاتها» غافل؛ و سؤال او پیش از وقت، بىحاصل.
و گروهى دیگر: چون بدانستهاند که: در دفاین خزاین حق، ایشان را ذخیره و روزى هست که رسیدن آن به ایشان، متوقّف است به خواست ایشان؛ با آنکه بدانستهاند که: در خزاین حق از براى طایفهاى چیزى مدّخر است که بىخواست، به ظهور نخواهد رسید، این علم باعث ایشان مىگردد به سؤال و طلب؛ که اگر ایشان مستحقّ آن باشند، یا آن، از آن قبیل باشد، ایشان در طلب گشاده باشند؛ تا مطلوب از در درآید. پس چنین سائل را «سائل احتیاطى» خوانند و چنان سؤال را «سؤال احتیاط». چنانکه مىگوید:
فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان: و هو لا یعلم ما فى علم اللّه و لا ما یعطیه استعداده فى القبول، لأنّه من أغمض المعلومات، الوقوف فى کلّ زمان فرد على استعداد الشّخص فى ذلک الزّمان. و لو لا ما أعطاه الاستعداد السؤال ما سأل.
قوله «هو لا یعلم» عاید به «سائل» است. و ضمیر در «لأنه» شأن را است و «استعداد» فاعل «اعطاء» است. و ضمیر متّصل به وى، مفعول اوّل وى. و «السؤال» مفعول دوّم وى. و از آن سبب این چنین سؤال مسمّى به «احتیاطى» شده که: در مکان امکان افتاده؛ و طرفى الوجود و العدم او را مساوى است. اگر در علم اللّه مسئول او، از آن قبیل باشد که: وصول آن به سائل، موقوف سؤال است، و اگر او را استعداد قبول آن داده باشند، موجود گردد؛ و الّا فلا. و حال آنکه دانستن ما فی علم اللّه و وقوف در هر زمانى معیّن به استعداد شخص در آن زمان مر قبول چیزى مشکلترین چیزى است از معلومات اهل کشف. از بهر آنکه: شخص تا به مرتبه آن نرسد که مطّلع گردد بر کتبى که آن نسخه علم اللّه است [چون «عقل اول» که «لوح المحفوظ» نام مرتبه «نقوش ما فی علم اللّه» است بر وى؛ و چون «نفس کلّى» که «کتاب مبین» عبارت از اوست؛ و چون «نفس منطبعه» که آن را «لوح» یا «کتاب محو و اثبات» خوانند] به این معانى وقوف نیابد. لاجرم از اغمض معلومات اهل کشف باشد. و شیخ- قدّس سرّه- که به مرتبه کامله این اطّلاع [رسیده] بود، به رمز تنبیه مىکند سالکان این مسالک را که: بارى به قرینه سؤال بدانند که: سائل را استعداد آن مطلوب هست. که اگر نه استعداد، باعث سائل گشتى به سؤال، هرگز سؤال از وى به صدور و ظهور نرسیدى. پیر طریقت عبد اللّه انصارى- قدّس روحه- در کلمات مسجّعه خود فرموده است که: «اگر نخواستى داد، ندادى خواست».
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 171
و السّائلون صنفان: صنف بعثه على السّؤال الاستعجال الطّبیعىّ فإنّ الإنسان خلق عجولا.
یعنى خواهندگان به زبان حال بطریق صرف همت در سؤال دو گروهاند. یکى آنکه استعجال طبیعى او را بر آن داشته باشد که طلب کمال از حضرت منّان پیش از حلول اوان کند، چه تعجیل در خلقت انسان جبلى است. کما قال تعالى: وَ کانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا.
و الصنف الآخر بعثه على السؤال لما علم أنّ ثمّة أمورا عند اللّه قد سبق العلم بأنّها لا تنال إلّا بعد السّؤال فیقول فلعلّ ما نسأله منه سبحانه یکون من هذا القبیل؛ فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان
(یعنى صنف دیگر آن است که باعث بر سؤال اطلاع اوست بر آنکه بعضى مطالب و مرادات و مآرب و حاجات از آن قبیل است که انجاح و اسعافش از حضرت ایزد متعال مشروط است به دعا و سؤال؛ لاجرم مىگوید شاید که مطلوب من از قبیل مشروط به سؤال و دعا باشد پس از براى احتیاط اختیار سؤال مىکند.
و هو لا یعلم ما فى علم الله و لا ما یعطیه استعداده فى القبول، لأنّه من أغمض المعلومات الوقوف فى کلّ زمان فرد على استعداد الشّخص فى ذلک الزّمان.
یعنى خواهنده نمىداند که در علم ذو الجلال چه کمال از براى او متعین است؛ و هم نمىداند که در هروقتى از اوقات استعداد او حصول کدام جزوى مىکند از جزئیّات از آنکه اغمض معلومات اطلاع است در هر زمانى معیّن بر استعداد شخص درین زمان. چه اطلاع بر این موقوف است بر وقوف به جمیع آنچه در علم بارى تعالى است یا در کتب که آن کتب نسخههاى علم اوست چون عقل اول که لوح محفوظ است و نفس کلیه که کتاب مبین است و نفس منطبعه که کتاب محو و اثبات است، و الّا اطلاع ممکن نیست کما قال تعالى: وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً
و لو لا ما أعطاه الاستعداد السّؤال ما سأل.
یعنى اگر چنانکه (چنانچه) استعداد او اقتضاى سؤال نکردى مسألت ننمودى؛ چه هرچه بر بنده جارى مىشود در هروقتى از اوقات از جمله مقتضیات استعدادات اوست. پس سؤال او نیز ناشى از استعداد او باشد.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 530
و السّائلون صنفان: صنف بعثه على السّؤال الاستعجال الطّبیعیّ فإنّ الإنسان خلق عجولا؛ و الصّنف الآخر بعثه على السّؤال لما علم أنّ ثمّ أمورا عند اللّه قد سبق العلم بأنّها لا تنال إلّا بعد السّؤال، فیقول فلعلّ ما نسأله فیه سبحانه یکون من هذا القبیل؛ فسؤاله احتیاط لما هو الأمر علیه من الإمکان، و هو لا یعلم ما فی علم اللّه و لا ما یعطیه استعداده فی القبول لأنّه من أغمض المعلومات الوقوف فی کلّ زمان فرد على استعداد الشّخص فی ذلک الزّمان. و لو لا ما أعطاه الاستعداد السّؤال ما سأل.
شرح یعنى سایلان حاجات دو قسماند: قسمى را استعجال طبیعى که در ایشان مرکوز است، باعث مىشود تا پیش از وقت سؤال کنند. و از سرّ «الأمور مرهونة بأوقاتها» خبر ندارند. و قسمى دیگر دانستهاند که در خزاین حق از براى این قوم چیزى مدّخر است که بىخواست به ظهور نخواهد رسید؛ بود که این خواست از قبیل مدّخر باشد، این علم باعث ایشان مىگردد به سؤال، و این سؤال را احتیاط گویند؛ زیرا که در مکان امکان افتاده است و «طرفى الوجود و العدم» آن را مساویست؛ که اگر او را استعداد قبول آن بود موجود گردد، و الّا فلا. و دانستن «ما فی علم اللّه» و وقوف در هر زمان معیّن به استعداد شخص در زمان، از مشکلترین معلومات أهل کشف است؛ و مع هذا باعث بر سؤال هر سایل استعداد اوست، که اگر نخواستى داد، ندادى خواست.