الفقرة العاشرة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
قال الشیخ رضی الله عنه : "و من هنا یقول الله تعالى: «حتى نعلم» و هی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب.
و غایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق ، و هو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف و الوجود."
فالعلمان من معدن واحد کما تقدم، ولکن لیس فی وسع العبد إذا وافق علم الله بعینه الثابتة فی حال عدمها وبانتقالات الأحوال علیها باطلاع الله تعالى له على ذلک أن یطلع أن ذلک موافق لعلم الله به.
فإذا اطلع على الموافقة المذکورة علم، علم الله تعالی به (ومن هنا)، أی من هذا المعنى حیث علم علم الله تعالى به (یقول الله) تعالى فی القرآن العظیم :" وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِینَ مِنْکُمْ وَالصَّابِرِینَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَکُمْ (31)" سورة محمد. ، یعنی حتى نکشف عندکم بعلمنا عن " المجاهدین منکم " والصابرین [محمد: 31]..
وذلک الکشف هو کشفنا لکم عن ذلک حیث توافق علمنا وعلمکم فی هذا المقدار المذکور (وهی)، أی قوله تعالى: نعلم (کلمة محققة المعنی)، أی معناها ما یظهر منها حقیقة على حسب ما ذکر (ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب) من العلم بالله الموافق للعلم بالله حیث هما من معدن واحد.
(وغایة المنزه)، أی العالم بالله على وجه التنزیه من علماء الظاهر (أن یجعل ذلک الحدوث) المفهوم من ظاهر قوله تعالى: "حتى نعلم" ، أی حتى یحدث لنا علم
حدوثة (فی العلم للتعلق) بالمعلوم لا لنفس العلم الإلهی القدیم.
قال رضی الله عنه : (وهو)، أی هذا القول بالحدوث فی العلم للتعلق لا لنفس العلم (أعلى وجه یکون)، أی یوجد (للمتکلم بعقله) کعلماء الظاهر (فی هذه المسألة) التی هی مسألة نسبة حدوث العلم الله تعالى.
(لولا أنه)، أی هذا المتکلم بعقله (أثبت العلم) معنى (زائدة على الذات فجعل التعلق) بالمعلوم (له لا للذات) وقد نسب علماء الظاهر هذا القول للأشعری رحمه الله تعالى.
حیث سموا العلم صفة معنى من جملة صفات المعانی السبعة ، وعللوا التسمیة بأن هذه الصفات السبعة التی منها العلم لها معان فی نفسها زائدة على قیامها بالذات، وأنا أقول إن هذا لیس مذهب الأشعری ولا غیره من السلف ، بل مذهبه أن هذه الصفات السبعة لیست عین الذات ولا غیرها.
فقوله: لیست عین الذات، یفید أنها غیرها وقوله : ولا غیرها، یفید أنها عین الذات، فالمفهوم من مذهبه أنه غیر قاطع بواحد منهما.
فکیف ینسب إلیه أنها غیر الذات، وهی معان زائدة على الذات، والحاصل أن مذهب الأشعری رحمه الله تعالى فی الصفات السبعة نفی النقیضین معا وعدم القطع بواحد منهما بل تسلیم ذلک إلى الله تعالى.
کما هو مذهب السلف فی التفویض إلى الله تعالى کل ما ورد فی الدین، لأن ذات الله تعالى لا تشابه الذوات، وصفاته لا تشابه الصفات، فیلزم من ذلک أن یکون قیام صفات الله تعالى بذاته لا یشابه أیضا قیام الصفات بالذوات.
وانحصر القول بالفهم والإمکان فی صفات الحوادث أنها عین الذات کالوجود، وأما غیر الذات کلون الجرم مثلا فانتفى عن الله تعالى أن تکون صفاته عین ذاته أو غیر ذاته.
ومراده أن ذلک غیر مفهوم ولا معقول ولا محسوس، بل هو غیب مطلق یجب الإیمان به على ما هو علیه.
لا أن مراده أن لذلک مفهوما عقلیا کالواحد من العشرة لا هو عین العشرة ولا غیرها کما زعمه بعضهم.
ولا کما قال الشیخ قدس الله سره فی أوائل کتابه : «الفتوحات المکیة» فی عقائد أهل الاختصاص.
وأما قول القائل : لا هی ولا هو أغیار له، فکلام فی غایة البعد، فإنه دل صاحب هذا المذهب
على إثبات الزائد وهو الغیر بلا شک إلا أنه أنکر هذا الإطلاق لا غیر، انتهى .
نعم هو کلام فی غایة البعد إن أرید له مفهوم عقلی غیر مجرد التنزیه ، وأما حیث أرید به التنزیه الله تعالى کما ذکرنا، فلا یکون صاحبه دل على إثبات الزائد وهو الغیر.
والذی نعتقده فی الأشعری رحمه الله تعالى أنه إمام أهل السنة وأن مذهبه هو مذهب الصالحین، وکذلک مذهب الإمام الماتریدی وأتباعهما رحمهم الله تعالى، وهو مجرد التفویض إلى الله تعالى فی جمیع الدین.
والإیمان بالأمر على ما هو علیه من غیر خوض فیه بالآراء العقلیة، وهذه الفرقة الناجیة التی کان علیها رسول الله صلى الله علیه وسلم وأصحابه وما عداها من الفرق کلهم فی النار کما ورد صریح الحدیث الشریف بذلک.
وأما جمیع الأبحاث الواردة عن الأشعری والماتریدی واتباعهما رضی الله عنهم المفضیة أن تکون مذهب مستقلا جاریا على القوانین العقلیة مخالفة لجمیع مذاهب الفرق الضالة، فلیس ذلک کما یزعمه الجهال من المقلدین للأشعری والماتریدی رحمهما الله تعالى، بل کلما تکلم به الأشعری والماتریدی إنما ذلک رد على المخالفین الفرق الناجیة، وتشتیت للآراء المبتدعة الخائضین فی الدین من قبیل معارضة الفاسد بالفاسد.
ومرجع الأشعری والماتریدی رحمهما الله تعالى إلى مذهب السلف کما ذکرنا، ولیس شیء من أبحاثهما مفهوم عقلی عندهما یزیل مذهب السلف من البصائر غیر الرد على جمیع الفرق الضالة.
الذین خرجوا فی حدود الثلاثمائة یتکلمون فی الدین بالآراء العقلیة والاحتجاج بالمفاهیم الفکریة، لیبطلوا مذهب السلف الصالحین فی التسلیم فی الدین، وقد زخرفوا مذاهبهم بالأبحاث العقلیة التی ینقاد إلیها کل عاقل، وأضعفوا الإیمان بالغیب فی قلوب المؤمنین، وطمسوا أنوار التسلیم والتفویض الله تعالى بظلمات الأفکار وعصارات العقول الزائغة عن الصراط المستقیم، وغالطوا أهل الإسلام بقولهم: لا فرق بین الإنسان والحیوان إلا بالعقل.
والعاقل إذا لم یستعمل عقله فی أهم أموره وهو الدین فأی فرق بینه وبین الحیوان حیث عطل عقله فی أهم أموره وأبطل الحکمة الإلهیة فی خلق العقول.
وکلامهم هذا الذی ابتدعوا به فی الدین ما لیس فیه مأخوذ من أصول مذاهب الفلاسفة وحکماء الطبیعیة، وسائر أهل الضلال.
وأما مذاهب السلف الصالحین رضی الله عنهم أجمعین فهو مبنی على أن الدین أعظم من أن یدرک بالعقول أو یفهم بالأفکار، سواء کان اعتقادا أو عملا، بل ذلک خدمة إلهیة کلف الله تعالى بها أرباب العقول امتحانا لهم وابتلاء لا غیر، وحکمة خلق العقول فی المکلفین لقبول ذلک الغیب، وهو الدین والإذعان له بالقبول والإیمان به على ما هو علیه، لا لیفهم بها وتتخرج أحکامه على القوانین العقلیة، والله ولی التوفیق والهادی إلى سواء الطریق .
قال رضی الله عنه : (وبهذا) أی بإثبات العلم زائدة على الذات حیث جعل التعلق له لا للذات (انفصل) القائل بذلک من الخلف المتأخرین (عن) مذهب (المحقق من أهل الله) تعالى الذی یقول: إن العلم الإلهی لیس زائدا على الذات الإلهیة على معنى أنه حضرة من حضراتها .
فإذا نسب حدوث التعلق له کان منسوبا إلى الذات العلیة على معنى الظهور للعبد لا الوجود من العدم.
وقد بینا القول بأن الصفات عین الذات عند المحققین من أهل الله وعند المبطلین من أهل الضلال.
وذکرنا الفرق بین قول المحققین وقول المبطلین فی کتابنا "المطالب الوفیة شرح الفرائد السنیة".
(صاحب) نعت للمحقق (الکشف) عن الأمر على ما هو علیه حیث کان علمه بتعلیم الله تعالى له لا بحدسه ولا بدرسه ولا بواسطة أبناء جنسه (والوجود) المحض الخالی من تلبیسات الأوهام وتحریفات الأفهام.
فإن الصفات الإلهیة عنده عین الذات، والذات غیب مطلق فکذلک الصفات، لأنها الذات مع خصوص ظهور بآثار مخصوصة، وتعین حضور بأنوار منصوصة.
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
قال رضی الله عنه : (ومن هنا) أی ومن إفادة العین العلم للحق (یقول الله تعالى "حتى نعلم" وهی کلمة محققة المعنى) وذلک المعنی کون ما قبل حتى سببا لما بعدها .
فاختبر تعالى عباده بالتکالیف الشاقة لیعلم الصابرین على هذه التکالیف (ما هی) أی لیس حتى (کما) أی مثل الذی (یتوهمه من لیس له هذا المشرب) وهو المشرب الصوفی المحقق المنزه فی مقام التنزیه .
وهو غناؤه تعالى عن العالمین وهو قوله تعالى: "والله الغنى وأنتم الفقراء" 38 سورة محمد.
وغیر ذلک من الآیات الدالة على التقدیس والمشبه فی مقام التشبیه وهو ظهوره تعالى بصفات المحدثات .
وهو قوله تعالى: " حتى نعلم"31 سورة محمد. وقوله : " لنعلم من یتبع الرسول" 143 سورة البقرة . وقوله : "مرضت فلم تعدنی" وغیر ذلک من التشبیهات .
وأما من لم یکن له هذا المشرب فمنزه فقط من کان الوجوه عن الحدوث والنقصان (وغایة المنزه إذا نزه أن یجعل ذلک الحدوث) الحاصل من المعلوم الحادث (فی العلم للتعلق) لا للعلم.
قال الشیخ رضی الله عنه: (وهو) أی جعل الحدوث للتعلق لا للعلم (أعلى وجه بکون للمتکلم بعقله) أی بنظره الفکری کما کان للمتکلم بمشاهدته ووجد أنه (فی هذه المسالة) أی فی مسألة علم الله بالأشیاء فیجعله الحدوث للتعلق.
اتصل بأهل الله من هذا الوجه فی هذه المسألة (لولا أنه) أی لولا أن المتکلم بعقله (أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له) أی للعالم (لا للذات) لم ینفصل عن المحقق من أهل الله حذف جواب لولا وهو قولنا لم ینفصل بقرینة قوله :
(وبهذا) أی وبإثبات العلم زائدا على الذات (انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف والوجود) أی صاحب الوجدان.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
وبهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
و قوله رضی الله عته : "ومن هنا یقول الله تعالى: "حتى نعلم" (محمد: 31) وهی کلمة محققة المعنی ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله، صاحب الکشف والوجود."
قلت: الشیخ، رضی الله عنه، قد ألغز ها هنا لغزا وهو أنه قد قدم فی الحکمة الأولى التی هی فی کلمة آدمیة أن الإنسان جامع لحضرة الأسماء الحسنى، فهو حق من وجه، خلق من وجهه.
فمن الوجه الذی هو منه حق ثبت للحق تعالی منه أحکام لولا هذا الإنسان الکامل ما جاز نسبتها إلیه تعالى.
فمن ذلک أن هذا الإنسان یتجدد له العلم، فیصح من هذه المرتبة أن یقول الحق تعالی: "حتى نعلم" لأن الحق تعالی من حضرة إطلاقه لا علاقة بینه وبین شیء وإنما العلاقة تکون فی مراتب الإنسان.
فما خاطبه الحق تعالی من حضرة إطلاقه بل من حضرة تقییده.
ألا ترى أنه لو لم یکن فی الوجود عین ثابتة یقال له: أبو لهب، لم یرد فی الکتاب العزیز "تبت یدا أبی لهب وتب" سورة المسد آیة 1. فمن مرتبة العین الثابتة التی هی أبو لهب نزلت هذه الآیة.
والمراتب کلها فی علمه تعالی فإذن هی نازلة من عند الله تعالى لأن العندیة الإلهیة عامة لکل عندیة جزئیة أزلا وأبدا.
فإذن هناک علاقة بین الحق تعالی وبین الإنسان وهی کون الإنسان جامعة الأسماء الله الحسنى.
فإذا قال الحق تعالی: "حتى نعلم" فمعناه حتى یعلم الإنسان، فیکون نفس تجدد العلم هو للإنسان لکن للإنسان حضرة الإلهیة أیضا، فیرجع إلیه تعالى من حقیقة "حتى نعلم" حکم ما به صح .
قولنا: إن الله تعالى قال فی کتابه العزیز: "حتى نعلم" ولما کانت هذه الحضرة المقتضیة لتحقق حقیقة "حتى نعلم" هی من الحضرات الذاتیة الإلهیة من جهة ما للأعیان الثابتة هی معلومات الذات والمعلوم مع العلم فی الذات ویشملها أن علم الله تعالى لا یغادر ذاته.
فثبت معنی "حتى نعلم" ولم یلحق الذات المقدسة منها تجدد علم إذ کان الإنسان فی هذه الحقیقیة وقایة لربه تعالی عن نقص هذا الحدوث.
ثم إن الشیخ، رضی الله عنه، أردف هذا بذکر ما قاله المتکلمون من قولهم:" إن الله تعالى یعلم الأشیاء بعلم زائد على ذاته". وقصدهم أن ینسبوا تجدد العلم إلى التعلق الحاصل" للعلم .
کأنهم قالوا: تجدد التعلق لغیر الحق تعالى وهو العلم لا له تعالى وهذا یرون أن به بیحصل الانفصال عن هذا الاشکال.
فقال الشیخ رضى الله عنه : "إن الصحیح هو الذی اقتضاه الکشف والشهود وهو ما أشیر إلیه من أن تجدد العلم إنما هو للإنسان وأن الذی ذکره المتکلم باطل.
فحصل الفرق بین المتکلمین وبین أهل الله تعالى فی هذه المسألة .
ووصف أهل الکشف بأنهم أهل الوجود أی أهل شهود وجود الله تعالى .
أو أنه أراد بالوجود الوجدان فإن شهودات أهل الله تعالى هی وجدانیة لا فکریة."
*"*یعنی بالوجود :أهل الوجود هم أهل التحقیق العارفین شهودهم بنور الله الأزلی الوجود الحقیقی والوجود المستعار ویفرقون بینهم شهودا ووجودا بعد أن اماتهم الله ثم أحیاهم فهم من الوجود . ولیسوا کغیرهم ممن لم یفتح الله بصیرهم وبصرهم یرون الوجود المستعار انه هو کل الوجود او الوجود الحقیقی على الإطلاق.*"*
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
قال الشیخ رضی الله عنه: « ومن هاهنا یقول الله : " حَتَّى نَعْلَمَ " . وهی کلمة محقّقة المعنى ، ما هی کما یتوهّمه من لیس له هذا المشرب " .
قال العبد : هو یشیر رضی الله عنه إلى توقّف تحقّق النسبة العلمیّة من کونها کذلک على حقائق المعلومات وتحقّقها بأعیانها فی الوجود ، لأنّ العلم المضاف إلى الحق من حیث الجمعیة الإلهیة إنّما یتحقّق بتحقّق العلم بجمیع الحقائق العینیة والشؤون الغیبیة .
فإنّ للحق ظهورا فی کلّ شأن شأن ، فالعلم المضاف إلى الحق من حیث ذلک الظهور بذلک الشأن لا یکون إلَّا بعد تحقّق الشأن بعینه فی الوجود ، بخلاف العلم الذاتی الإلهی .
فإنّ توقّف العلم على المعلومات لیس من حیث أحدیّة الذات ، فإنّ الأحدیة الذاتیة تقهر الکثرة النسبیة العلمیة والوجودیة العینیة ، فلا تظهر لها أعیان أصلا .
والعلم والعالم والمعلوم فی أحدیة الذات أحدیة ، وکذلک فی الوجود واحد وحدة حقیقة غیر زائدة على ذاتیة الذات ، ولکن توقّف تحقّق العلم على المعلوم من حیث إنّ العلم نسبة متعلَّقة بالنسب المعلومیة المظهریة من حیث هذه الشؤون والحقائق الأسمائیّة التی تحقّقها بحقائق هذه الشؤون.
فقوله : " حَتَّى نَعْلَمَ " إشارة إلى توقّف العلم المضاف إلى الحق من حیث أسمائه الحسنى وشئونه ونسبه الذاتیة العلیا بأحوالها وأحکامها وآثارها وتعلَّقاتها ونسبها وإضافاتها ولوازمها وعوارضها ولواحقها ولواحق اللواحق .
من حیث المرتبة والمحلّ والمقام والموطن والحال فی الوجود العینی والشهود العیانی الکونی ، فهو إذن کلمة محقّقة المعنى لیست کما یتأوّلها بالوهم أهل التنزیه الوهمی .
فإنّ الحق لا یستحقّ من الحق ولا یتنزّه عن مقتضیات ذاته ، ومقتضاها من حیث هذه النسب الذاتیة أن لا یظهر کلّ منها إلَّا بکلّ منها فی کل منها ، فتوقّف تحقّق الحقیقة العلمیة على حقیقة المعلوم کذلک کتوقّفه على حقیقة الوجود ، فالتوقّف إذن بین النسب بعضها على البعض .
وذلک غیر قادح فی الغنى الذاتی ، ووجوب الوجود للذات بالذات ، وکون هذه النسب أعنی العالمیّة والمعلومیة والعلم کلَّها ذاتیة ، فافهم إن شاء الله تعالى .
فإنّ العلم والمعلوم والعالم فی أحدیة الذات عینها لا غیرها ، والمعلومیة کالعالمیّة والمظهریة کالظاهریة نسب ذاتیة للذات کسائر النسب الذاتیة الوجوبیة التی العلم من جملتها .
فتوقّف العلم على المعلوم إنّما هو من حیث هذه النسبة العلمیة من وجه یغایر ذاتیة الذات بالخصوصیة وفی التعقّل ، ثم التغایر والتمایز بین الحقائق بالخصوصیات وفی تعقّل المتعقّل لها منّا لا یوجب الکثرة والتعدّد والتوقّف والتجدّد والتغیّر ، فی الذات الواحدة التی [ هی ] عینها ، فافهم .
قال الشیخ رضی الله عنه : « وغایة المنزّه » أی بوهمه « أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم المتعلَّق ، وهو أعلى وجه للمتکلَّم بعقله فی هذه المسألة ، لولا أنّه أثبت العلم زائدا على الذات ، فجعل التعلَّق له لا للذات وبهذا انفصل عن المحقّق من أهل الله صاحب الکشف والوجود " .
قال العبد اعلم : أنّه غایة أهل التنزیه الوهمی أن ینسبوا الحدوث فی قوله تعالى :
" وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ مِنْکُمْ ". إلى التعلَّق العلمی ، فتکون الکثرة والحدوث والتوقّف والتغیّر والتجدّد فی التعلَّق ، لا فی حقیقة العلم التی هی عین الذات .
ولا یرتفع الإشکال بذلک أیضا ، لکون العلم هو المتعلَّق بذلک التعلَّق الحادث ، ولکون التعلَّق من وجه عین المتعلَّق ، ولا سیّما وقد أثبت العلم زائدا على الذات ولا مخلص له فی هذا النظر إلَّا أن یعلم أنّ الحدوث والکثرة فی المعلوم المتکثّر المتجدّد المتغیّر الحادث ، والتجدّد فی التعیّن والمتعلَّق به من حیث هو کذلک .
أمّا من حیث العلم الذی هو عین العالم الأزلی فتعلَّق وحدانیّ ، لکون ارتباط النسب المتوقّفة التحقّق على الطرفین فی کل واحد منهما بحسبه ، فالکثرة والتغیّر والتجدّد فی التعلَّق العلمی الوحدانی من حیث ما یرتبط به وهو المعلوم المتکثّر المتغیّر المتجدّد ، والوحدة فی التعلَّق أیضا من حیث العلم الذاتی الوحدانی کهو ، فافهم .
وثمّ نظر آخر وهو أنّ العلم ، له اعتباران :
أحدهما من جهة الحق ، وبهذا الاعتبار هو عین الذات کما تقرّر آنفا .
والثانی من حیث إنّه نسبة متمیّزة عن ذاتیّة الذات بخصوصیتها وعن غیرها من النسب ، وهذه النسبة حقیقة کلَّیة أحدیة التعلَّق بالمعلومات من شأنه تمیّز المعلومات بعضها عن البعض وکشف حقائقها وحقائق أحوالها على سبیل الإحاطة ، فهی من حیث کونها نسبة کلیّة لا تحقّق لها إلَّا بین عالم ومعلوم ، فتکون متوقّفة التعیّن على المعلومات .
وتعیّن المعلومات فی عرصة العلم من حیث هذا الوجه یکون بحسب المعلومات ، ومن حیث إنّ العلم عین الذات یکون تعیّن المعلومات فیه بحسب العلم کذلک أحدیة ، فافهم .
ولمّا کان المعلوم نسبة والعلم أیضا نسبة ، لم یقدح توقّف النسبة على النسبة من کونها کذلک فی العلم الأحدی الذاتی الذی هو عین الذات ، فافهم .
ثم اعلم : أنّ الحضرة العلمیة تشتمل على حضرات کلَّیة کثیرة وهی : حضرة العلم ، وحضرة المعرفة ، وحضرة الحکمة ، وحضرة الخبرة ، وحضرة التقدیر .
فالعلم کما مرّ هو الکشف الإحاطی التمییزی للمعلومات على ما هی علیه من کل وجه للوازمها ولوازم لوازمها .
والمعرفة هی العلم بحقائق المعلومات من حیث حقائقها مجرّدة عن خلقیّاتها وعن اللوازم ولوازم اللوازم وترتّبها فی مراتبها لا غیر .
والحکمة عبارة عن العلم بالمراتب والحقائق المترتّبة فیها وبالترتیب الواقع بین حقائقها ، أی حقائق المعلومات واللوازم والعوارض واللواحق وبالمواطن والأحوال .
وحضرة الخبرة هی حضرة العلم بظهور آثار الحقائق وأحکامها بموجب الترتیب الحقیقی المذکور بأسبابه وعلله .
وحضرة التقدیر هی حضرة العلم بتعیّن أقدار الحقائق وخصوصیاتها فی العلم بحسبها وعلى أقدارها ، فالتقدیر من المقدّر القدیم بحسب قدر المقدور وقدره فی العلم ، ومن کوشف له بهذه الحضرات کلَّها وأحاط بحقائقها بما به الامتیاز وبما به الاشتراک ، کان أکشف المکاشفین ، جعلنا الله وإیّاک منهم ، إنّه قدیر .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
قال رضی الله عنه : ( ومن هنا یقول الله " حَتَّى نَعْلَمَ " وهی کلمة محققة المعنى ، ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب ) یقصد الآیة" وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِینَ مِنْکُمْ وَالصَّابِرِینَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَکُمْ (31)" سورة محمد.
فإنه ینزه علمه تعالى من سمة الحدوث ، ویجعله صفة زائدة على ذاته قدیمة یتعلق بالمعدوم تعلقا حادثا فیجعل الحدوث صفة التعلق لا صفة العلم .
وهو معنى قوله:
قال رضی الله عنه : ( وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق ، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم یعقله فی هذه المسألة ، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات ، فجعل التعلق له لا للذات ) أی لو لا إثباته العلم زائدا على الذات لیجعل التعلق للعلم لا للذات ، لکان أعلى وجه یکون له ولکان محققا
قال رضی الله عنه : ( وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف والوجود ) یرى العلم عین الذات ولا یقول بالتعلق بل یقول معنى حتى یظهر علمنا .
فإن العلم الظاهر فی الأعیان بعد الوجود هو عین علمه ، على ما علمت أن علمه بالأعیان هو الثابت حال عدمها فیها.
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ: ("ﺣﺘﻰ ﻧﻌﻠﻢ" ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺤﻘﻘﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻣﺎ ﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻮﻫﻤﻪ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﺏ) ﺃﻱ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ.
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ: "ﺣﺘﻰ ﻧﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ ﻭﻧﺒﻠﻮ ﺃﺧﺒﺎﺭﻛﻢ". ﺃﻱ، ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻷﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ، ﻓﻴﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺻﺎﺑﺮ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ.
ﻻ ﻳﻘﺎﻝ: ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﻴﻨﺌﺬ. ﻷﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ: ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﺯﻟﻲ ﻭﺃﺑﺪﻯ، ﻓﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ.
ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻧﻪ ﻳﻠﺰﻡ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻳﻀﺎ، ﺗﻘﺪﻣﺎ ﺫﺍﺗﻴﺎ ﻻ ﺯﻣﺎﻧﻴﺎ ﻟﻴﻠﺰﻡ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﺰﻣﺎﻧﻲ. ﻭﻫﻮ ﺣﻖ. ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﻣﻐﺎﺋﺮ ﻟﻠﺬﺍﺕ ﻧﺴﺒﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ، ﻓﻴﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ، ﻭﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻣﺮ.
قال رضی الله عنه : (ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺤﻘﻘﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ) ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ، ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻨﻪ ﺍﻟﻤﺤﺠﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﺏ.
ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ: (ﺣﺘﻰ ﻧﻌﻠﻢ...) ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺗﺠﺪﺩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻭﻗﺎﻳﺔ ﻟﺮﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺳﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻭﻧﻘﺺ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ، ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺣﻴﻨﺌﺬ. (ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻨﺰﻩ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﺘﻌﻠﻖ، ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﺑﻌﻘﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ.
ﻟﻮ ﻻ ﺃﻧﻪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ، ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﻟﻪ ﻻ ﻟﻠﺬﺍﺕ.
ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ( ﺃﻱ، ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻌﻘﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﻳﻨﺰﻩ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻦ ﺳﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻭﻧﻘﺎﺋﺼﻪ، ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻟﻠﺘﻌﻠﻖ، ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ، ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﺯﻟﻲ ﻭﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ ﺣﺎﺩﺙ ﺣﺪﻭﺛﺎ ﺯﻣﺎﻧﻴﺎ، ﻟﺌﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺻﻔﺔ ﻟﻠﻮﺍﺟﺐ. ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﻨﻈﺮﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ.
ﻭﺟﻮﺍﺏ (ﻟﻮ ﻻ) ﻣﺤﺬﻭﻑ، ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ: ﻟﻮ ﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ، ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﻟﻪ ﻻ ﻟﻠﺬﺍﺕ، ﻟﻜﺎﻥ ﻣﻤﻦ ﻓﺎﺯ ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺍﺗﺼﻞ ﺑﺄﻫﻠﻪ.
(ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻧﻔﺼﻞ) ﺃﻱ، ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻋﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ، ﺇﺫ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻭﻓﻲ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ، ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ، ﻭﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﻛﻮﻧﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ.
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﺤﻘﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﺃﺣﺪﻳﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺳﺮﻳﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﺘﻌﺪﺩ ﻭﺍﻟﺘﻜﺜﺮ ﺍﻟﻤﻮﻫﻤﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﻏﻴﺎﺭ ﻭﺷﺎﻫﺪ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﺬﻭﻕ، ﻗﺎﻝ رضی الله عنه : (ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ).
ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﻫﻨﺎ (ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ). ﻭﻣﻦ ﺃﻣﻌﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﺗﺤﻘﻖ ﺑﺄﺳﺮﺍﺭﻩ، ﻻ ﻳﺰﺍﺣﻤﻪ ﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺚ.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
قال رضی الله عنه : "و من هنا یقول الله تعالى: «حتى نعلم» و هی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب.
و غایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق ، و هو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف والوجود."
(وهی) أی: حتى نعلم على هذا التقدیر (کلمة محققة المعنی) أی: محمولة على حقیقة التجدد فی العلم بحسب تعلقه بالأحوال الوجودیة مع بقائه على حاله باعتبار تعلقه بأحوال الأعیان من حیث هی (ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب) فیحملها على المحاز بأنه جعل التجدد فی المعلوم کالتجدد فی العلم، أو أراد حتى یظهر ما علمناه.
(وغایة) المتکلم (المنزه) ذات الحق وصفاته عن الحدوث وعن نقیضه الجهل بالحوادث (أن یجعل ذلک الحدوث) المفهوم من قوله: "حتى نعلم"، (فی العلم المتعلق) أی: من حیث تعلقه بالأحوال المتجددة مع بقائه بحاله باعتبار تعلقه بأحوال الأعیان الثابتة من حیث هی.
(وهذا) ، أی: جعل الحدوث فی تعلق العلم. (أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة) أی: مسألة علم الله بالحوادث (لولا أنه أثبت العلم زائدا على الذات) یجعله حصول صور الأشیاء أمرا لیس من الذات ولا غیرها،(فجعل التعلق) لنفس العلم (لا للذات) مع أنه إنما یصح لو کان العلم مغایرا للذات.
(وبهذا) أی: بجعله العلم زائد على الذات بجعله إیاه عبارة عن حصول صور الأشیاء، (انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف والوجود)، فرأى الوجود غیر الذات، ورأى الصفات لا عیئا، ولا غیرا لها، والقول بزیادتها یستلزم القول بمغایرتها؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات. و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
( ومن هنا ) - أی من تحقق المساواة - ( یقول الله : "حتى نعلم" وهی کلمة محققة المعنى ) أی مطلق على الحقیقة - ( ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب ) من المجازات البعیدة ، على ما ارتکبها الظاهریون من المفسرین، فإن العلمین إذا کانا متساویین فی الظهور یکون کل منهما متجددا حسب تجدد الآخر ، فلذلک تجدد " کل یوم هو فی شأن" حسب تجدد الأعیان فی الأزمان .
ثم إن المنزهة الرسمیة لما لم یکن لهم حظ من هذا الذوق ، اشمأزوا عن سماعه ، حاسبین أنه من التنزیه ، وهو بمرمى بعید منه ، فلذلک نبه إلى مآلهم فیه بقوله : (وغایة المنتزه أن جعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق) بالحوادث على ما ذهب إلیه المتکلمون من أهل السنة ، من أن الأوصاف والأحکام القدیمة إنما یعرض لها لوازم الحدوث من جهة تعلقها بالحوادث (وهو أعلى وجه یکون للمتکلم ، یعقله فی هذه المسألة) ، فإنه لیس للعقل بحسب قوته النظریة فیما وراءه مد خل- وفی قوله : «یعقله» إشارة إلى هذه الدقیقة - فهو غیر بعید عن التحقیق ( لولا أنه أثبت العلم زائدا على الذات ، فجعل التعلق له ، لا اللذات ؛ وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله ، صاحب الکشف والوجود ) فإنه یرى العلم عین الذات .
لا یقال : فیلزم انتساب الحوادث إلى الذات بضرب من النسبة تعالى عن ذلک ؟
لأن تنزهها عن القدم المقابل للحدوث کتنزهها عن الحدوث عن سائر المتقابلات - على ما مر غیر مرة - فلا تغفل عنه فإنه مفتاح لمقفلات کنوز الرموز الختمیة ، فإنه مایعرف ذلک التنزیه غیر المتحقق بالتوحید الذاتی المختص بالوراثة الختمیة .
ومما لابد منه هاهنا أن تعلم أن استفاضة الحقائق لها طریقان :
أحدهما نظری عقلی وراء الحجب الکونیة والدلائل النظریة ، والحاصل من هذا الطریق إنما هو حصر عقلی على ما لذوی المذاهب الجعلیة من الصور الاعتقادیة ، وهذا مسلک أهل العقل ، کما یلوح علیه لفظ العقل و العقد .
والثانی کشفی قلبی ، إنما یدل علیه الصور الوجودیة الأصلیة التی لاجعل فیها أصلا ، والحاصل منه إنما هو انشراح علمی وکشف وجودی ، وهو مسلک أهل الله صاحب الکشف والوجود ؛ تحفظ هذا الاصطلاح فإنه له مواضع نفع فی هذا الکتاب .
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:
قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب.
وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود.)
قال رضی الله عنه : "و من هنا یقول الله تعالى: « حَتَّى نَعْلَمَ »آیة 31 سورة محمد .
و هی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب."
واعلم أنه قد وقع فی مواضع من القرآن ما یوهم أن علمه سبحانه ببعض الأشیاء حادث کقوله سبحانه : " وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِینَ مِنْکُمْ وَالصَّابِرِینَ "آیة 31 سورة محمد .
وقوله تعالى : " ثم بعثهم لنعلم أی الحزبین أحصى لما لبثوا أمدا" آیة 12 سورة الکهف.
وأمثال ذلک والتقصی عن هذه الأشکال، إما بما ذهب إلیه المتکلمون من أن علمه سبحانه قدیم وتعلقه حادث .
فمعنى قوله : "حتى نعلم" حتى یتعلق علمنا القدیم بالمجاهدین منکم والصابرین.
وإما بأن المراد بالعلم الشهود فإن الأشیاء قبل وجودها العینی معلومة للحق سبحانه وبعده مشهودة له فالشهود خصوص نسبة العلم.
فإنه قد یلحق العلم بواسطة وجود متعلقه نسبة باعتبارها نسمیه شهود و حضورا لا أنه حدث هناک علم.
فمعنى حتی نعلم حتى نشاهد، وإما بأن یقال المسند إلیه فی قوله: نعلم لیس هو الحق باعتبار مرتبة الجمع بل باعتبار مرتبة الفرق .
فکأنه یقول : حتى نعلم من حیث ظهورنا فی المظاهر الکونیة الخلفیة فتکون الخلقیة وقایة له عن نسبة الحدوث إلیه .
وإما بان یقال : المراد بالتأخر المفهوم من کلمة حتى التأخر الذاتی لا الزمانی حتى یلزم الحدوث الزمانی وحیث انجر الکلام ههنا إلى أن علم الحق سبحانه بأحوال العبد مأخوذ من عینه الثابتة متأخر عنها بالذات.
أشار الشیخ رضی الله عنه إلى أن هذا التأخر هو المصحح لما جاء فی القرآن
فقال :(ومن هنا)، أی من جهة أن علم الحق سبحانه بأحوال العبد مأخوذ من عینه الثابتة متأخر عنها (یقول الله) سبحانه : ("حتى نعلم" وهی):
أی قوله : حتى نعلم (کلمة محققة المعنی)، أی معناه الذی هو تأخر العلم وحدوثه أمر محقق واقع. أو معنى حقیقی لا مجازی فإن ذلک التأخر والحدوث هو الذاتی لا الزمانی (ما هی)، أی هذه الکلمة لغیر هذا المعنى المحقق أو الحقیقی (کما یتوهمه).
أی کمعنى یتوهمه (من لیس له هذا المشرب) من المتکلمین وهو أن هذا التأخر والحدوث إنما هو لنسبة تعلق العلم إلى قال رضی الله عنه : "و غایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق ، و هو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات. و بهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف و الوجود."
المعلوم لا نفس العلم ولا فساد فی تغیر النسب وتجددها بالنسبة إلى ذات الحق و صفاتها .
وإلى هذا أشار رضی الله عنه بقوله : (وغایة) المتکلم (المنزه) للحق سبحانه تعقله عن سمات الحدوث والنقصان (أن یجعل ذلک الحدوث) الزمانی المتوهم من ظاهر مفهوم هذه الکلمة (فی العلم للتعلق) لا لنفس العلم.
فقال : العلم أزلی وتعلقه بالأشیاء حادثة حدوث زمانیة (وهو)، أی جعل الحدوث للتعلق لا للعلم (أعلا وجه یکون للمتکلم) .
المنصرف (بعقله فی هذه المسألة لولا أنه)، أی المتکلم (أثبت العلم زائدا) فی الوجود الخارجی (على الذات) لا عینها (فجعل التعلق له)، أی العلم (لا للذات).
إذ لو لم یکن العلم عین الذات لا معنى لتعلق الذات بالمعلومات لا لأنه یلزم أن تکون الذات محل الحوادث، لأن تجدد النسب لا نستلزمه کما عرفت .
فقوله : وهو على وجه جواب لولا قدم علیه ، ویحتمل أن یکون جوابه مقدرة هکذا لولا أنه أثبت العلم زائدة على الذات.
فجعل التعلق له لا للذات لکان کلامه قریبا من التحقق (وبهذا)، أی بإثبات العلم زائد على الذات وجعل التعلق حادثا بالحدوث الزمانی.
(انفصل) المتکلم (عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف والوجود) الذی انکشف له الحقائق کما هی علیه وجدها بحسب ذوقه ووجدانه من غیر نظر فکری.
فإن هذا المحقق لا یثبت العلم زائدة على الذات إلا فی العقل ویجعله بحسب الخارج عن الذات ویقول حدوث التعلق بذلک الحدوث الذاتی لا الزمانی مبالغة فی التنزیه.
فإنهم لو جعلوا الحدوث زمانیة لا فساد فیه أیضا إذ لا یلزم التجدد إلا فی النسبة فإن قیل : إذا کان العلم من قوله : "حتى نعلم " ولنعلم مرتبا على حادث زمانی کالفعل المفهوم من قوله : "ولنبلونکم" و"ثم بعثناکم " آیة 56 سورة البقرة.
کیف یصح الحکم بأن حدوثه ذاتی لا زمانی .
قلنا: من جعل العلم المرتب حادثة ذاتیة لا زمانیة لا بد له أن یجعل العقل الذی یترتب علیه العلم أیضا کذلک نقول مثلا قوله : "ولنبلونکم" .
معناه : ولنبلونکم أیها النسب الذاتیة والشؤون الغیبیة المستجنة فی غیب الذات بإظهار کم فی المرتبة العلمیة.
حتى نعلم بسبب العلم بکم فی هذه المرتبة ما یجری علیکم بحسب الخارج من المجاهدة والصبر فنعلم المجاهدین منکم والصابرین.
وقوله: "ثم بعثناهم". معناه: بعثناه من مرتبة الاستحسان فی غیب الذات إلى مرتبة التمیز العلمی لیعلم بذلک التمییز ما یجری علیکم من الأحوال التی من حملها أحصى مدة اللبث.
على أنه لا یلزم إذا حمل بعض الآیة على معنى إشاری أن یجری ذلک المعنى فی البعض الآخر منها.
إذ کثیرا ما یشیر أهل الإشارة فی أنه إلى معنى لا یساعد علیه تمام الآیة.
فإن قیل : ما ذکرتم من بعض بطون الآیة وهؤلاء المحققون لا یردون معنى من المعانی الظاهرة والباطنة فما معناها عندهم إذا حملوها على الظاهر؟
قلنا : یمکن أن یکون حینئذ نسبة العلم الحادث إلیه بنا على ظهوره فی المظاهر الخلقیة کما سبقت إلیه الإشارة.
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940هـ:
قال رضی الله عنه : (ومن هنا یقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشْرَب. وغایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقْله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات. و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الکشف و الوجود. )
قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : (و من هنا یقول الله تعالى: "حتّى نعْلم" [ محمد: 31] و هی کلمة محققة المعنى ما هی کما یتوهمه من لیس له هذا المشرب ) .
قال الشارح رحمة الله :
(حتى نعلم و هی کلمة محققة المعنى) . کما ورد فی الخبر: " إنه ینزل إلى سماء الدنیا ویقول هل من مستغفر". وهذا عین ما قررناه فی هذا المقام، وکیف لا؟
ومن أسمائه المؤمن ومن معقولیته المؤمن فإنه المصدق بالغیب أن یکون هناک غیب.
فنبه تعالى علیه فی قوله: "حتّى نعْلم المُجاهِدِین مِنْکُمْ" [ محمد: 31] .
و أیضا ورد فی الخبر حدیث: "المؤمن فإنه المصدق بالغیب أن یکون هناک غیب مرآة المؤمن". رواه ابن أبی عاصم، و الطبرانی فی الأوسط، و الضیاء المقدسی عن أنس ذکره فی جمع الجوامع .
فالمؤمن الحق مرآة المؤمن الخلق فیرى فیها نفسه وذاته بحکم المرآة، وکذلک صفاته کالعلم فی القدیم قدیم.
و کذلک المؤمن الخلق فیرى فیها نفسه و ذاته بحکم المرآة و کذلک صفاته کالعلم، فظهر من هنا حکم حتى نعلم، فافهم.
فإنّ من أعجب العجاب فی الوجود أن یکون من أعطاک العلم بنفسه لا یعلم نفسه إلا بک لأنّ الممکنات أعطت العلم بأنفسها الحق، ولا یعلم شیء منها نفسه إلا بالحق، فإنه یعلم بک کما تعلم به فهو حسبک، لأنه الغایة و أنت حسبه، لأنه ما تم بعده إلا أنت و منک عملک وما بقى إلا الحال، وهو عین العدم المحض، فافهم.
( ما هی کما یتوهمه) أنه لو جعلنا حتى نعلم على ما به بصرافته، فیلزم الحدوث فی العلم بحصول علمه بعد إن لم یکن، و ذلک ذوق (من لیس له هذا المشرب) و لم یعلم صاحب هذا المشرب أنّ العلم و لو کان إحدى الصفة و لکن من حیث هو هو .
فإنه نسبة من النسب الاعتباری، فلا معدوم ولا موجود ولا قدیم ولا حادث، وأمّا بحکم المتعلق فیحدث له أحکام، حتى یقول فیه أنه فی القدیم قدیم، و فی الحادث حادث، کالوجود .
فلهذا قیل: إنّ التعلق حادث و حدوث التعلق ما جاءه إلا من حدوث المتعلق لأنه لو کان المتعلق قدیما فتعلق العلم بهقدیما فلا یکون صفة القدم للعلم إلا بقدم المتعلق کالعلم بالذاتیات و الأسماء الإلهیة و صفة الحدوث لها بحدوث تعلقه وحدوثه بحدوث المتعلق، کما أنّ فی القدیم قدم التعلق لقدم المتعلق، فافهم .
قال الشیخ المصنف رضی الله عنه : (و غایة المنزه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتعلق و هو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات . و بهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الکشف و الوجود .)
قال الشارح رضی الله عنه :
( وغایة المنزه) الذی ینزه الحق بنظره و فکره، رأى فی هذه المسألة أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم: أی الحدوث المفهوم .
(من اللفظ المتعلق): أی جعل الحدوث للتعلق لا للعلم من قولهم: إنّ العلم قدیم و التعلق حادث، وهو أعلى وجه یکون للمتکلم بعقله فی هذه المسألة.
ومع هذا لیس بمرضی لأرباب العقول السلیمة سیما أهل الحقائق قدّس سرهم لأنّ الأمر على خلاف ذلک.
قال جلال الملة و الدین الدوانی رحمه الله فی شرح العقائد العضویة فی قوله: و هو عالم بجمیع المعلومات، إنّ القول بأنّ العلم قدیم و التعلق حادث لا یسمن و لا یغنی من جوع إذ العلم ما لم یتعلق بالمعلوم لا یصیر عالما و لا ذلک المعلوم معلوما، فهو یقضی إلى نفی کونه عالما بالحوادث فی الأزل تعالى الله عن ذلک علوا کبیرا، انتهى کلامه .
قالوا: لو تعلق العلم بما من شأنه أن سیکون کائنا أو قد کان فقد علم الشی ء على خلاف ما هو به وعلیه، وکذلک لو علم ماهر کائن أنّ قد کان أو سیکون لکان هذا جهلا کله و الله تعالى منزه عن ذلک .
فادخلوا على الله الزمان، من حیث لا یشعرون، و إنما التقدم و التأخر فی الأشیاء لا فی العلم، و علموا أنّ الله یشهد الأشیاء و یعلمها على ما هی علیه فی أنفسها، و الأزمنة التی لها من جملة معلوماتها مستلزمة لها و أحوالها و أمکنتها، إن کانت لها و محالها ، إن کانت مما یطلب المحال و إخبارها، کل ذلک مشهود و للحق فی غیر زمان لا یتصف بالقدم و التأخر و لا بالآن، فافهم .
فإنّ هذا من شؤم التفکر و فضول العقل الذی منعوه عنه و ما امتنع، فإنه حریص على ما منع و تحقیق ذلک أنّ الأشیاء لیست إلا صورا تعقبت صورا، و العلم بها یسترسل علیها بقوله حتى یعلم مع علمه بها قبل تفصیلها إجمالا، فلو علمها مفصّلا فی حال إجمالها، ما علمها مجملة، فالعلم لا یکون علما بل یکون جهلا، حتى یکون تعلقه بما هو المعلوم هو الذی یعطی العلم بذاته .
و المعلوم هنا غیر مفصّل إلا أنه تعالى یعلم التفضیل فی الإجمال، و مثل هذا لا یدل على أن المجمل مفصّل بل إنما یدل على أنه مجمل یقبل التفصیل، إذا فصل بالفعل .
""قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه فی الرد على السؤال الثالث والثلاثون فما سبب علم القدر الذی طوى عن الرسل فمن دونهم؟:
ولما جعل الظلمة ظرفا للخلق کذلک قال هناک فأتى بما یدل على الظرف فهم قابلون للتقدیر وإن کان قوله فی ظلمة فی موضع الحال من الخالق فیکون المراد به العماء الذی ما فوقه هواء وما تحته هواء .
الذی أثبته رسول الله صلى الله علیه وسلم بهذه الصفة للحق تعالى حین قیل له :
أین کان ربنا قبل أن یخلق الخلق ؟
فقال صلى الله علیه وسلم : کان فی عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء
فنزه أن یکون تصریفه للأشیاء على الأهواء فإنه لما کنى عن ذلک الوجود بما هو اسم للسحاب محل تصریف الأهواء نفى أن یکون فوق ذلک العماء هواء أو تحته هواء فله الثبوت الدائم لا على هواء ولا فی هواء .
فإن السؤال وقع بالاسم الرب ومعناه الثابت یقال رب بالمکان إذا أقام فیه وثبت فطابق الجواب العماء کالوجود: قدیم فی القدیم حادث فی المحدث
وقال تعالى : "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَلَا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلَّا فِی کِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیرٌ (22) سورة الحدید
ولم یصف الحق نفسه فی مخلوقاته إلا بقوله " یُدَبِّرُ الْأَمْرَ یُفَصِّلُ الْآیاتِ "
وقال "کَذلِکَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ " . فتخیل من لا فهم له تغیر الأحوال علیه وهو یتعالى ویتقدس عن التغییر بل الحالات هی متغیرة ما هو یتغیر بها .
فإنه الحاکم ولا حکم علیه فجاء الشارع بصفة الثبوت الذی لا تقبل التغییر فلا تصرف آیاته ید الأهواء لأن عماءه لا یقبل الأهواء .
وذلک العماء هو الأمر الذی ذکرنا أنه یکون فی القدیم قدیما وفی المحدث محدثا .
وهو مثل قولک أو عین قولک فی الوجود إذا نسبته إلى الحق قلت قدیم وإذا نسبته إلى الخلق قلت محدث.
فالعماء من حیث هو وصف للحق هو وصف إلهی ومن حیث هو وصف للعالم هو وصف کیانی. فتختلف علیه الأوصاف لاختلاف أعیان الموصوفین
الکلام القدیم والذکر المحدث :
قال تعالى فی کلامه القدیم الأزلی "ما یَأْتِیهِمْ من ذِکْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ" فنعته بالحدوث لأنه نزل على محدث لأنه حدث عنده ما لم یکن یعلمه فهو محدث عنده بلا شک ولا ریب .
وهذا الحادث هل هو محدث فی نفسه أو لیس بمحدث فإذا قلنا فیه إنه صفة الحق التی یستحقها جلاله قلنا بقدمها بلا شک فإنه یتعالى أن تقوم الصفات الحادثات به .
فکلام الحق قدیم فی نفسه قدیم بالنسبة إلیه محدث أیضا کما قال عند من أنزل علیه کما أنه أیضا من وجوه قدمه نسبته إلى الحدوث بالنظر إلى من أنزل علیه .
فهو الذی أیضا أوجب له صفة القدم إذ لو ارتفع الحدوث من المخلوق لم یصح نسبة القدم ولم تعقل فلا تعقل النسب التی لها أضداد إلا بأضدادها فقصة الخلق فی الظلمة التهیؤ والقبول فی الأعیان لظهور الحق فی صور الوجود لهذه الأعیان. ""
"" قال الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
"العماء حیرة ، وأعظمه الحیرة فی العلم بالله".
وقال : " العماء هو بخار رحمانی ، فیه الرحمة ، بل هو عین الرحمة ، فکان ذلک أول ظرف قبله وجود الحق " .
وقال " العماء هو الأمر الذی یکون فی القدیم قدیما ، وفی المحدث محدثا ، وهو مثل قولک أو عین قولک فی الوجود إذا نسبته إلى الحق قلت : قدیم ، وإذا نسبته إلى الخلق ، قلت : محدث .
فالعماء من حیث هو ، وصف للحق هو وصف إلهی ، ومن حیث هو وصف للعالم هو وصف کیانی ، فتختلف علیه الأوصاف لاختلاف أعیان الموصوفین " .
ویقول : "العماء هو مستوى الاسم الرب کما کان العرش مستوى الرحمن ".
والعماء " هو أول الأینیات ، ومنه ظهرت الظروف المکانیات ، والمراتب فیمن لم یقبل المکان وقبل المکانة ، ومنه ظهرت المحال القابلة للمعانی الجسمانیة حسا وخیالا ، وهو موجود شریف ، الحق معناه وهو الحق المخلوق به کل موجود سوى الله ، وهو المعنى الذی ثبتت فیه واستقرت أعیان الممکنات ، ویقبل حقیقة الأین وظرفیة المکان ورتبة المکانة واسم المحل ".
والعماء : هو البرزخ والحقیقة الإنسانیة الکاملة ، ومرتبة أهل الکمال ، وموقف الأعراف ، ومنزل الإشراف على الأطراف ، ومقام المطلع.
قال الشیخ صدر الدین القونوی :"العماء هی مرتبة التنزل الربانی لیتصف الرب فیها بالصفات العبدانیة ، ومرتبة الارتقاء العبدانی لیتصف العبد فیها بالصفات الربانیة ، فهی البرزخ . أهـ""
"" قال تعالى فی کلامه القدیم الأزلی: "ما یَأْتِیهِمْ من ذِکْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ" فنعته بالحدوث لأنه نزل على محدث لأنه حدث عنده ما لم یکن یعلمه فهو محدث عنده بلا شک ولا ریب .
وهذا الحادث هل هو محدث فی نفسه أو لیس بمحدث ، فإذا قلنا فیه إنه صفة الحق التی یستحقها جلاله قلنا بقدمها بلا شک فإنه یتعالى أن تقوم الصفات الحادثات به .
فکلام الحق قدیم فی نفسه قدیم بالنسبة إلیه محدث أیضا کما قال عند من أنزل علیه کما أنه أیضا من وجوه قدمه نسبته إلى الحدوث بالنظر إلى من أنزل علیه .أهـ ""
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه فی الباب الثالث و الثمانین و أربعمائة من الفتوحات :
إنّ هذا الذی ذکرناه هو معنى حتى نعلم فخلاصة، الکلام کما قلنا آنفا أنّ العلم فی القدیم قدیم و فی الحادث حادث، کالوجود و هما الله تعالى و لیس موجودا سواه، فافهم .
کما ورد فی الخبر :" لا تخف إن الله معنا"
لو لا أنه: أی المتکلم بذلک: أی قدم العلم و حدوث التعلق .
( أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا بالذات): أی لو لا کذلک ما أمکنه ذلک لأنّ الذات من حیث هی هیفی حجاب العزة و حمى الکبریاء، لا تعلق لها و لا نسبة لها مع العالم أصلا، و هی فی غناء ذاتی، فأثبت المتکلم بذلکالعلم الزائد و علقه بالمعلومات .
قال رضی الله عنه: من قال بزیادة الصفة على الذات؟ قال: ما قاله الیهود بحسن العبارة، و هو قولهم بأفواههم أنّ الله فقیر و نحن أغنیاء، و الله هو الغنی الحمید، فافهم .
إنّ هذا سر الحقیقة، و هو أن یعلم أنّ العلم لیس بأمر زائد على العالم، و أنه یعلم الأشیاء بذاته.
ذکر الشیخ رضی الله عنه فی الباب التاسع و التسعین و مائة من الفتوحات:
وأما سر الحقیقة فهو إن تعلم أن العلم لیس بأمر زائد على ذات العالم وأنه یعلم الأشیاء بذاته لابما هو مغایر لذاته أو زائد على ذاته.
فـ سر الحقیقة یعطی أن العین والحکم مختلف
و سر الحال یلبس فیقول القائل بسر الحال " أنا الله" "وسبحانی" "وأنا من أهوى ومن أهوى أنا"
و سر العلم یفرق بین العلم والعالم .
فـ بسر العلم تعلم أن الحق سمعک وبصرک ویدک ورجلک مع نفوذ کل واحد من ذلک وقصوره وأنک لست هو عینه .
و بسر الحال ینفذ سمعک فی کل مسموع فی الکون إذا کان الحق سمعک حالا وکذلک سائر قواک.
و بسر الحقیقة تعلم أن الکائنات لا تکون إلا لله وإن الحال لا أثر له فإن الحقیقة تأباه.
فإن السبب وإن کان ثابت العین وهو الحال فما هو ثابت الأثر .
فللحقیقة عین تشهد بها ما لا یشهد بعین الحال . وتشهده عین الحال وعین العلم .
وللعلم عین یشهد بها ما لا یشهده بعین الحال وتشهد ما یشهده عین الحال .
فعین الحال أبدا تنقص عن درجة عین العلم وعین الحقیقة .
ولهذا لا تتصف الأحوال بالثبوت فإن العلم یزیلها والحقیقة تأباها .
ولذلک الأحوال لا تتصف بالوجود ولا بالعدم فهی صفات لموجود لا تتصف بالعدم ولا بالوجود
فبالحال یقع التلبیس فی العالم . وبالعلم یرتفع التلبیس . وکذلک بالحقیقة
فهذا سر العلم وسر الحال وسر الحقیقة قد علمت الفرقان بینهم فی الحکم هذا معنى السر عند الطائفة. فافهم .
( وبهذا انفصل ): أی بإثبات العلم زائد على الذات، أو یجعل الحدوث فی العلم للتعلق انفصل صاحب النظر و الفکر بالجهل و التخمین عن المحقق بالتحقیق و الیقین .
قال تعالى: "و خسِر هُنالک المُبْطِلون" [ غافر: 78] حیث فاز المحقّق بالحق .
( من أصل الله صاحب الکشف والوجود) و المتحقق بالعین و الشهود المحقق .
ورد فی الخبر الصحیح : " إنّ الشاهد یرى ما لا یرى الغائب" رواه ابن سعد عن علی رضی الله عنه، ذکره السیوطی فی جمع الجوامع .
لا یقال أنّ القائل زیادة الصفة غیر الأشعری، و لا تعبأ بهم و بکلامهم لأننا نقول إما قد قیل، و أیضا من قال: إنها لا عینه، یلزم علیه أن یکون غیره و إن لم یصرّح بذلک.
بل بقوله: لا غیره و لا عینه یلزم علیه إما جمع النقیضین، أو رفعهما،
و أمّا الاحتمال الثالث الذی أرید منه لا یشفی علیلا و لا یشفی غلیلا .
قال رضی الله عنه فی الفتوحات : إنه کلام لا روح له، فافهم .
فلما قسّم رضی الله عنه الأعطیات من حیث الذات ذاتیة و أسمائیة.
ثم أدخل تقاسیم العطایا من حیث السائلین استطرادا، فأراد الرجوع إلى أصل التقسیم للعطایا من حیث ذواتها و أنفسها .
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 185-186
و من هنا یقول الله تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» و هى کلمة محقّقة المعنى ما هى کما یتوهّمه من لیس له هذا المشرب.
یعنى ازین حیثیت که علم تابع معلوم است از وجهى حضرت حق در کلام مجید مىفرماید: ما بدانیم مجاهدان و صابران را از شما، یعنى متعلق مىشود علم ما به اعیان ثابته مجاهدین و صابرین. پس حاصل مىشود علم بدین معنى که از اشخاص انسانیّه کدام مجاهد است و کدام صابر و کیست که بدین صفت نیست.
اگر گوئى که برین تقدیر حصول حدوث علم حق حاصل لازم مىآید بعد از آنکه نبوده باشد (نبوده است- خ)
گوئیم چون تعلّق علم به معلوم ازلى و ابدى است، حدوث حصول لازم نمىآید غایة ما فى الباب تقدم معلوم بر تعلق علم و بر علم نیز لازم مىآید؛ اما چون تقدم منتسبین بر نسبت تقدم ذاتى است نه زمانى، حدوث زمانى لازم نمىآید پس «حَتَّى نَعْلَمَ» کلمهایست محققة المعنى در نفس امر نه چنانکه گمان مىبرد محجوبى که او را این مشرب نیست. بیت:
گر مشرب صاف عاشقانش دارى اعیان ز صفات حق جدا نشمارى
دانائى او چو با صفت منکر نیست در دانش عینیش چه در انکارى؟
و غایة المنزّه أن یجعل ذلک الحدوث فى العلم للتّعلّق و هو أعلى وجه یکون للمتکلّم بعقله فى هذه المسألة، لو لا أنّه أثبت العلم زائدا على الذّات فجعل التّعلّق له لا للّذات. و بهذا انفصل عن المحقّق من أهل اللّه صاحب الکشف و الوجود.
یعنى غایت آنکس که تکلّم مىکند به عقل خود درین مسئله به طریق برهان، و تنزیه مىکند حق را از سمت حدوث و نقایص آن آنست که حدوث را راجع به تعلق دارد و گوید علم ازلى است و تعلق او به اشیا حادث به حدوث زمانى، تا لازم نیاید که حادث صفت واجب باشد. و این اعلى وجه است متکلم را درین مسئله به نظرى فکرى. لاجرم اگر متکلم علم را مطلقا صفت زائد بر ذات ندارد این تعلق را نسبت مىکند به علم نه به ذات، هرآینه از اهل تحقیق معدود گردد و به ناهجان مناهج حقیقت اتصال یابد؛ اما به زائد داشتن علم مطلقا بر ذات متکلم منفصل گشت از اهل تحقیق و به سلک ایشان منتظم نشد. از آنکه محقق قائل است بر اینکه علم عین ذات است در مرتبهاى مطلقا؛ و در مرتبه دیگر از وجهى عین اوست و از وجهى غیر او (و در مرتبه دیگر عین اوست از وجهى، و غیر او از وجهى آخر- خ)؛ و مرتبه اخیر به اعتبار بودن اوست به نسبتى از نسبت ذاتیه، و چون مراد از محقق درین مقام آن است که منکشف شده باشد او را احدیّت حق و متجلّى شده سریان وجود مطلق در مراتب وجودیه موجبه مر تعدّد و تکثر را که موهم وجود اغیار تواند بود و به حسب ذوق و کشف امور را مشاهده کند بر آنچه هست، شیخ قدس اللّه سره تعبیر کرد از محقق به «اهل اللّه و صاحب کشف و وجود» یعنى وجدان، چه این طایفهاند که به عین عیان مىبینند (که به یقین مىبینند- خ) و به طریق کشف و وجدان مىدانند که چون حقیقت یکى است که «حقیقة الحقائق» است، متجلّى و قابل به حسب هویت یکى است و تغایر به حسب نسبت ظاهر مىشود، اگرچه (و اگرچه- خ) نسبت نیز همان حقیقت است، کما قال الشیخ، شعر:
فمن ثمّ و ما ثمّة و عین ثمّ هو ثمّة
فمن قد عمّه خصّه و من قد خصّه عمّه
فما عین سوى عین فنور عینه ظلمة
فمن یغفل عن هذا یجد فى نفسه غمّة
و لا یعرف ما قلنا سوى عبد له همّة
دانى که چه مىفرماید؟ مگر مىگوید که: بیت:
آنچه در پیش خلق اغیار است در بر عاشقان همه یار است
دوست را کى شناسد آن احوال که به قید صور گرفتار است
عطار نیز چون ازین معنى بوئى به مشام جانش رسید فریاد برآورد که:
بیت:
اى ظاهر تو عاشق و معشوق باطنت مطلوب را که دید طلبکار آمده
غیرى چگونه روى نماید که هرچه هست عین دگر یکیست به دیدار آمده
خواجه قدس سره در نثر الجواهر مىفرماید که خود کیست که غریق لجه این بحر بىپایان و حریق شعله این آتش بىامان نیست؟ این ضعیف گوید:
در ذات تو جان عاشقان مستغرق گیتى شده از دو حرف امرت مشتق
با آنکه منزّهى ز قید و اطلاق این طرفه که هم مقیّدى هم مطلق
و له قدس اللّه سره، بیت:
آیات توئى ناصب آیات توئى داننده اسرار و خفیّات توئى
گر داند و گر نداندت جوینده مطلوب توئى غایت غایات توئى
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص:184-185
و من هنا یقول اللّه تعالى: «حتّى نعلم» و هى کلمة محقّقة المعنى ما هی کما یتوهّمه من لیس له هذا المشرب.
یعنى: از آنجا که: علم تابع معلوم است از وجهى؛ که حق- جلّ و علا- در کلام عظیم و کتاب کریم خود فرموده: «حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ مِنْکُمْ و نعلم الصَّابِرِینَ» و معنى آیت آن است که: حق- جلّ جلاله- مىفرماید: «تا بدانیم ما که خداوندیم که: از شما کدام یک مجاهد است؟ و بدانیم که: کدام یکى صابر است؟» و از این قول این معنى مستفاد گردد که: علم حق بعد از وجود مجاهد و صابر حاصل و متعلّق مىگردد بدانکه: مجاهد کدام است؟ و صابر کدام؟.
و حال آن است که: این کلمهاى است محقّقة المعنى؛ که: علم از آن روى که مغایر ذات است، نسبتى است که مقتضى عالم و معلوم است. و لا بدّ است از آنکه: هر یک از عالم و معلوم بالذّات مقدّم باشند بر این نسبت- که علم است-؛ و لیکن این تقدّم عالم و معلوم و تأخّر علم- که نسبت است- نه به آن معنى است که: در وهم و فهم محجوبان مىآید؛ [و آنانى که از مشرب توحید بىنصیباند و توهّم محجوب این است که مىگوید:] «بنا بر آنکه علم بعد از معلوم باشد، پس علم حق حادث بود.» و رفع این توهّم، و دفع این تهمت، موحّد محقّق، بر این وجه کند که: از آن تأخّر، حدوث، لازم نمىگردد اصلا. از بهر آنکه ما مىگوییم:
تعلّق علم به معلوم، ازلى و ابدى است؛ غایت ما فی الباب آن است که: معلوم و عالم بر تعلّق علم مقدّم باشند، تقدّمى ذاتى؛ نه تقدّمى زمانى؛ تا مستلزم حدوث زمانى گردد. و «هى کلمة محقّقة المعنى» که شیخ فرمود، اشارت بدین است.
و غایة المنزّه أن جعل ذلک الحدوث فى العلم للتّعلّق و هو أعلى وجه یکون للمتکلّم بعقله فى هذه المسألة، لو لا أنّه أثبت العلم زائدا على الذّات فجعل التّعلّق له لا للذّات و بهذا انفصل عن المحقّق من أهل اللّه صاحب الکشف و الوجود.
یعنى: غایت قول «منزّه»- که سخن به قانون عقل گوید- در «تنزیه حق- جلّ جلاله- از نقص حدوث» در این مسئله این است که گوید: علم، ازلى و قدیم است؛ و لیکن تعلّق او به اشیاء حادث است؛ حدوثى زمانى. و غرض وى از این که: حدوث، صفت تعلّق، سازد آن است که: حدوث [صفت] واجب الوجود- جلّ و علا- نباشد. و این قول متکلّم است در تنزیه؛ و نیکوترین وجهى است در مسئله. و بنظر؛ فکرى اعلاتر از آن نتوان گفت.
اگر نه آن بودى که متکلّم اثبات آن مىکند [که: «علم صفتى زاید است بر ذات» به آنکه مىگوید: تعلّق، صفتى است مر علم را؛ نه آنکه صفت ذات است] البتّه متکلّم از اهل تحقیق بودى؛ و لیکن نیست. به این سبب که: علم [را] صفتى زاید بر ذات مىداند مطلقا، متکلّم از محقّق جدا شد. که محقّق، صفت [را] عین ذات مىداند؛ در مرتبهاى مطلقا، و در مرتبهاى به اعتبارى عین مىداند؛ و به اعتبارى، غیر و چون شیخ محقّق- قدّس سرّه- صاحب کمال است، کامل، آن کس را مىداند که: احدیّت حق بر وى منکشف شده باشد؛ و سریان حق در مراتب وجودى، مشاهده کرده باشد و دانسته بود که: در کثرات- مثبت وجود اغیار است- هم او است که در مظاهر متعدّده متجلّى گشته؛ لیس فی الدّار غیرنا دیّار.
و به کشف و ذوق، حقیقت این امر باز یافته بود؛ و صاحب وجود گشته باشد. و مراد از صاحب وجود اینجا صاحب وجدان و صاحب کشف است. لاجرم فرمود که: من اهل اللّه صاحب الکشف.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 532
و من هنا یقول اللّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ»
و هی کلمة محقّقة المعنى ما هی کما یتوهّمه من لیس له هذا المشرب.
شرح یعنى علم نسبتى است که مقتضى عالم و معلوم است، و لا بدّ است از آن که عالم و معلوم مقدم باشد بر علم، اما نه به آن معنى که محجوبان توهّم کردهاند، که بدین تقدیر علم حق حادث باشد، بلکه، چنانچه نزد محقّق ثابت است که تعلق علم به معلوم أزلی و ابدیست، و تقدم عالم و معلوم بر علم ذاتیست نه زمانى، تا مستلزم حدوث زمان گردد.
و غایة المنزّه أن یجعل ذلک الحدوث فی العلم للتّعلّق، و هو أعلى وجه یکون للمتکلّم بعقله فی هذه المسألة، لو لا أنّه أثبت العلم زائدا على الذّات فجعل التّعلّق له لا للّذات. و بهذا انفصل عن المحقّق من أهل اللّه صاحب الکشف و الوجود.
شرح یعنى غایت قول منزّه، که متکلم است، در تنزیه آنست که گوید: علم قدیمست. و لکن تعلق او به أشیاء حادث است، و غرض او ازین آنست که حدوث، صفت حق نباشد. و این قول متکلّم وجهى نیکوست، و به نظرى فکرى ازین أعلى نتوان گفت، و اگر نه آن بودى که متکلّم اثبات آن مىکند که علم صفتى زایده است بر ذات، تا گوید که تعلق صفتیست مر علم را نه آن که صفت ذات است، متکلّم محقق بودى، و محقق به اعتبارى صفت عین ذات مىداند، و به اعتبارى غیر.
چرا که سریان حق در مراتب وجود مشاهده مىکند و مىداند که در کثرات، که مثبت وجود اغیار است، همه اوست که در مظاهر متعدده متجلى گشته.