عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الرابعة عشر:


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قال الشیخ رضی الله عنه : "فاختلط الأمر و انبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: "و العجز عن درک الإدراک إدراک"، و منا من علم فلم یقل مثل هذا و هو أعلى القول، بل أعطاه العلم السکوت، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالم بالله. و لیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء و الرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إلا من مشکاة خاتم الأولیاء ".

(فاختلط)، أی التبس (الأمر) علیک حیث کان هو مرآتک، فإذا رأیته رأیت نفسک فیه ولم تره من حیث ما هو علیه فی ذاته .

وأنت مرآته من حیث ما أنت علیه قبل أن تظهر صورتک لک فیه فإذا رآک من هذه الحیثیة رأی ذاته تعالى من حیث أسمائه وحضراته، ولا یراک من حیث أنت ترى نفسک، لأن هذه الحیثیة من جملة أحوالک.

ولا یتصف هو بشیء من أحوالک کما لا تتصف أنت بشیء من أحواله (وانبهم)، أی انکتم غایة الانکتام.

(فمنا)، أی من بعضنا معاشر أهل الله (من جهل)، أی تحقق بالجهل (فی) عین (علمه) بالله تعالى حیث کان علمه غیر کاشف عن الأمر على ما هو علیه بالنسبة إلى الحق تعالى، وإن کان کاشفة عن الأمر على ما هو علیه ، بالنسبة إلیه هو کما قال تعالى فی علمنا الحادث به،" والله یعلم وأنتم لا تعلمون" 216 سورة البقرة .

 فنفى علمنا به أن یکون علم فکان جهلا مع أنه تعالى قال فی موضع آخر عن بعض العلماء به و... "وعلمناه من لدنا علما" 65 سورة الکهف.

فأثبت ما نفی وهو عین علمه أثبته له هناک ، ولهذا قال صاحب هذا المقام : «ما علمی وعلمک فی علم الله إلا کما أخذ بمنقاره هذا العصفور من ماء البحر» والذی فی منقار العصفور من تلک القطرات اکتسب صورة باطن المنقار، فخرجت عن کونها ماء فی البحر.

إذ أصلها لا صورة لها، ولم تخرج عن کونها ماء، فالعبد یعلم ولا یعلم، فانقلاب العلم عین الجهل باعتبار ظهور الصورة ولا صورة فی العلم، فالعلم علم ولیس بجهل.

(فقال) : یعنی ذلک الجاهل فی عین علمه (العجز) المحقق عند العبد ذوق کعجز من توجه على صعود السماء وباشر الأسباب التی توهم إمکان الصعود بها فلم یقدر (عن درک) بالتحریک، أی تبعه (الإدراک)، أی الإحاطة بالحق تعالى یقال : عجز عن درک هذا البیع إذا لم یقدر أن یضمن تبعته، وعجز عن درک الإدراک إذا لم یقدر أن یضمن تبعة صحة الإدراک، لأن النفوس تزعم الإدراک وقل أن تعجز عن تبعة صحته ، فإذا عجزت یقال: عجز عن درک الإدراک حیث لم یقدر علیه (إدراک) للحق تعالى، أی إحاطة به.

وهذا الکلام منقول عن أبی بکر الصدیق رضی الله عنه لما سئل بماذا عرفت ربک فقال: «عرفت ربی بربی». ثم قال: «العجز عن درک الإدراک إدراک».

قال تعالى: "وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)" سورة آل عمران.

فعلمهم الذی رسخوا فیه عجزهم عن المعرفة بدلیل قولهم آمنا به کل من عند ربنا (ومنا)، أی من بعضنا عطف على ما قبله (من علم) فی علمه ولم یجهل فی عین علمه کالقسم الأول (فلم یقل مثل هذا القول) یعنی العجز عن درک الإدراک أدرک (بل أعطاه العلم) بالله تعالى (السکوت) عن نفی علمه والحکم بأنه جهل، أو إثباته علما بالله تعالی على حسب استعداد العالم وما یلیق بالمعلوم (کما)، أی الذی (أعطاه العجز) فی القسم الأول من السکوت عن نفی ما علمه عنه تعالى أو إثباته ..والحاصل أن العالم بالله تعالى إذا علم علمه یجد علمه حادثا قاصرا عن مناسبة کونه علما بالکامل القدیم.

ثم یسمع فی کلام الله تعالى تسمیته علما فی قوله تعالى : "فاعلم أنه لا إله إلا الله" 19 سورة محمد. "إنما یخشى الله من عباده العلماء" 28 سورة فاطر.

أی به وقوله : "علمناه من لدنا علما " 65 سورة الکهف.

ویسمع نفی العلم عن المحدثات فی قوله تعالى : "والله یعلم وأنتم لا تعلمون" 216 سورة البقرة . وقوله: "ولا یحیطون به علما" 110 سورة طه. " ولا یحیطون بشئ من علمه إلا بما شاء" 225 سورة البقرة.

فإما أن یرجح عنده نفی العلم فیعجز ویسکت عن الوصف عجزة منه ویقول: العجز عن درک الإدراک إدراک.

وإما أن یرجح عنده العلم فلا یعجز، ولکن یعلم ویسکت عن الوصف علما به لقطعه بأن علمه حادث لا یلیق بالقدیم، وهو قول النبی علیه السلام حارثة : «عرفت فالزم» .

"الحدیث : کیف أصبحت یا حارث قال : أصبحت مؤمنا حقا فقال : انظر ما تقول فإن لکل شیء حقیقة فما حقیقة إیمانک فقال : قد عزفت نفسی عن الدنیا وأسهرت لذلک لیلی وأظمأت نهاری وکأنی أنظر إلى عرش ربی بارزا وکأنی أنظر إلى أهل الجنة یتزاورون فیها وکأنی أنظر إلى أهل النار یتضاغون فیها فقال : یا حارث عرفت فالزم ثلاثا"

أی الزم ما عرفته ولا تنفیه، وإن کان علمک حادثا لا یلیق بالقدیم (و) صاحب هذا القسم الثانی (هو أعلى عالم بالله) تعالى، لأنه علم جهده من العلم ولم یقصر، ثم علم علمه الذی علمه فأعطاه السکوت لکونه قاصرا فسکت کما سکت صاحب القسم الأول.

إلا أن الأول سکت عجزا عن العلم، والثانی سکت علما لا عجزا عن العلم، والمراد بالسکوت عدم التکلم بنفسه فلا ینافیه التکلم بربه .

قال رضی الله عنه : (ولیس هذا العلم) بالله تعالى الذی یتزاید وینمو فی کل آن، ومع ذلک یعطی السکوت عن نفیه وإثباته مع القدرة علیه لا مع العجز عنه کالقسم الأول.

 فإن صاحب العجز واقف عند عجزه، وصاحب العلم منتقل مع علمه، فی أی طور أنزله علمه نزل، فهو محمدی المشرب.

کما قال تعالى لمحمد صلى الله علیه وسلم : "وقل رب زدنی علما" 114 سورة طه. والسکوت یجمعهما، فلا کلام لهما وإنما الکلام لربهما لا لهما (إلا الخاتم الرسل) وهو من ختمت به رسل زمانه بأن تقدم فی الرسالة من الله تعالى إلى أهل زمان من الأزمان الماضیة على أقرانه، سواء وجد له أقران أو لم یوجد.

فموسى علیه السلام خاتم رسل زمانه بالنسبة إلى أخیه هارون وفتاه یوشع بن نون علیهما السلام.

وسلیمان خاتم رسل زمانه بالنسبة إلى أبیه داود علیهما السلام، کما فضله على أبیه بزیادة العلم حیث قال تعالى :" ففهمناها سلیمان" 79 سورة الأنبیاء.

ثم ساوى بینهما بقوله : " وکلا آتینا حکما وعلما" 79 سورة الأنبیاء.

وکذلک نوح علیه السلام خاتم رسل زمانه وإن لم یوجد فی زمانه مثله.

ونبینا محمد صلى الله علیه وسلم خاتم رسل زمانه وإن لم یکن فی زمانه مثله.

ومع هذا هو خاتم النبیین أیضا وخاتم المرسلین بالمعنى الأعم، فختم النبوة وختم الرسالة بالمعنى العام أمران مخصوصان بمحمد لیس لأحد من الأنبیاء والمرسلین علیهم السلام.

وختم الرسل أیضا بالمعنى الخاص وهو مقام مخصوص من مقامات المرسلین علیهم السلام، ولیس هذا المقام مخصوصا بنبینا محمد علیه السلام بل کان خاتم الرسل أیضا بالمعنى الخاص یعنی رسل زمانه کنوح وموسى وسلیمان علیهم السلام وأمثالهم من المرسلین، وهذا مراد الشیخ قدس الله سره هنا.

قال رضی الله عنه : (و) کذلک (خاتم الأولیاء) وهو الوارث لخاتم الرسل بالمعنى المذکور (وما یراه)، أی هذا العلم (أحد من الأنبیاء والرسل) علیهم السلام بمعنى لا یجده فیه (إلا) مأخوذا (من) نور (مشکاة)، أی طاقة وهی الکوة فی الجدار غیر النافذة ، والمراد مصباح الحقیقة الروحانیة المنفوخة فی القلب الجسمانی المنسوب إلى (الرسول الخاتم) للرسالة فی کل زمان من الأزمنة الماضیة على حسب المعنى الذی ذکرناه ، وسبب ذلک سر الوحدة الإلهیة الساریة فی الکثرة الخلقیة .

(و) کذلک (لا یراه أحد من الأولیاء) فی کل زمان إلى یوم القیامة (إلا من) نور (مشکاة الولی الخاتم) للولایة فی ذلک الزمان (حتى أن الرسل) علیهم السلام فالأنبیاء بالطریق الأولى لأنهم دونهم (لا یرونه)، أی هذا العلم المذکور (متى رأوه) إذ یروه کلهم (إلا) مأخوذا بالاستمداد (من) نور (مشکاة خاتم الأولیاء) من الأنبیاء والمرسلین علیهم السلام وهی ولایة النبوة والرسالة لا مطلق الولایة.

والحاصل أن الولایة على ثلاثة أقسام:

ولایة إیمان فقط.

وولایة إیمان ونبوة فقط.

وولایة إیمان ونبوة ورسالة.

والمراد بالأولیاء هنا هذا القسم الثالث حتى لا یبقى مناقضة لقوله:

وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم یعنی من حیث ختمه للولایة لا للرسالة ، ثم بین ذلک بقوله:


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قال رضی الله عنه : (فاختلط الأمر) أی اختلط أمر المرئی وهو الصورة والمرآة وهو الحق فی عین الناظر بسبب مشاهدته أن نفسه عین الحق إذ لا اختلاط فی الواقع.

(وأبهم) أی وأشکل على التمییز بینهما ولهذا اختلف أهل التجلی الذاتی بأن کان بعضه فوق بعض فی رتب العلم بالله (فمنا) أی فمن أهل التجلی (من جهل فی علمه) بأمر المرئی أو علم نفسه ولم یعلم أنه عبد أو حق.

ولم یحکم على المرئی حکمة من العبودیة أو الربوبیة نعجز فی علمه (فقال العجز عن درک الإدراک إدراک) فالتقاعد والعجز عن درک ما یعجز عن إدراکه غایة الإدراک.

فالعجز أعلى المقام فی حق هذا المشرب لا فی الواقع فهو عالم وجاهل من أن الرؤیة تعطی العلم لکنه لم یعلم أی شیء هو.

(ومنا من علم) الأمر على ما هو علیه فعلم أن نفسه عین الحق من وجه وغیره من وجه. فمیز بینهما فی کل مقام (فلم یقل بمثل هذا) أی بمثل ما قال من جهال فی علمه.

(وهو) أی عدم قول من علم (أعلى القول) أی قوله من عجز فی علمه (بل أعطاه العلم السکوت) أی بل أعطى علم من علم السکوت (کما اعطاء العجز)، أی کما أعطى علم من جهل العجز.

 والعلم الذی أعطى السکوت أعلى مرتبة من العلم الذی أعطى العجز .

فکیف لم یکن السکوت أعلى من القول (وهذا) أی الذی أعطى علمه السکوت ولم یظهر العجز (هو أعلى عالم بالله) من الصنف الآخر.

قال رضی الله عنه : (ولیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء) أی لا یتأتى علم العطایا الذاتیة الذی أعطى السکوت لا حد من الله بالذات إلا لخاتم الرسل من حیث رسولیته وخاتم الأولیاء من حیث ولایته .

والمراد بخاتم الأولیاء ههنا خاتم الولایة المحمدیة یدل علیه قوله من بعد وأما خاتم الأولیاء فلا بد له من هذه الرؤیا فقد ذکر فی الفتوحات أنه رأى هذه الرؤیا فعبرها بانختام الولایة فذکر منامه للمشایخ الذین کان فی عصرهم ولم یقل من الرأی فأولوه بما عبر به .

والظاهر أن المراد بخاتم الأولیاء نفسه رضی الله عنه ومن قال : المراد بخاتم الأولیاء عیسى علیه السلام اختلط علیه الأمر.

فإن عیسى علیه السلام خاتم الولایة العامة والولایة الخاصة المحمدیة غیر الولایة العامة وکذا ختمهما .

فعیسی علیه السلام، وإن کان رسولا وخاتما للولایة العامة لکنه یأخذ العلم من مشکاة ختم الولایة کسائر الأنبیاء والرسل (وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل من حیث نبوتهم ورسالتهم (إلا من مشکاة الرسول الخاتم ولا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم حتى أن الرسل) من کونهم أولیاء (لا یرونه) أی لا یأخذون هذا العلم (متى رأوه) أی متى أخذوه (إلا من مشکاة) أی من مرتبة (خاتم الأولیاء) وإنما لم یروا الرسل هذا العلم إلا من مشکاة خاتم الأولیاء.


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قوله رضی الله عنه : "فاختلط الأمر وانبهم." الجمیع یرجع إلى أن الأعیان الثابتة معان وهی صور علمه، وعلمه لا یغایر ذاته فلیس إلا هو فانبهم الأمر.

و قوله رضی الله عنه: "فمنا من جهل فی علمه ".

قلت: الذی جهل فی علمه هو الذی ما تجاوز السفر الأول بل وقف عند نهایته ویسمى هذا المقام فی اصطلاح المواقف النفریة "موقف الوقفة" فإذا أردت بیانه تماما، فأنظره من هناک .

وهذا المقام أیضا یسمى الوحدة المطبقة وقد ذکره ابن العریف فی محاسن المجالس فی شعر ذکره على قافیة القاف وصورته :

فألقوا حبال مراسیهم     …..        وغطوا فغطاهم وانطبق

فصاحب هذا المقام هو الذی یقول من عرف الله کل لسانه أی أراد أنه جهل وأما من عجز عن النطق وهو یرى أن المقام یقتضی النطق.

 فذلک لم یجهل إلا العبارات مثل أن یکون عامیا أمیا، فأدرکه الفتح فصار من الخواص إلا أنه غیر ناطق.

قال رضی الله عنه : "ومنا من علم فلم یقل مثل هذا، بل أعطاه العلم السکوت"

لأن المحجوبین لا یقبلون ما یقول وهم الأکثرون ولهم الحکم، فرأى أن السکوت أولى، فکتم ما عنده وهو قادر على الکلام.

وأما قوله: ولیس هذا العلم إلا الخاتم الرسل وخاتم الأولیاء."

فإنی أقول أیضا: إن خاتم الرسل هو أیضا خاتم الأولیاء وإن من جاء بعده من أمته ممن حصل له مرتبة خاتم الأولیاء هو أیضا خاتم الأولیاء، ولا یقدح تعدد الأشخاص إذا کانت المرتبة واحدة ولو کانت الأشخاص بلا نهایة فی العدد.

وقد قال قائلهم شعرا :لو أنهم ألف ألف فی عددهم     …….     عادوا إلى واحد فرد بلا عدد

فما لخاتم الأولیاء مزیة فی الختمیة إلا أن کان بالسبق" الزمانی ولا أثر له " إلا إنا نعلم أن الولایة مرتبتها فوق مرتبة النبوة، والنبوة مرتبتها فوق مرتبة الرسالة.

فإذا جمعت الثلاثة لواحد کما جمعت لرسول الله، صلى الله علیه وسلم، فهو ولی نبی رسول إلا أن ولایته فوق نبوته، ونبوته فوق رسالته، لأن الولایة هی حاله، علیه السلام، عندما قال: «لی وقت لا یسعنی فیه غیر ربی» فهو یلی الحق ویأخذ عن الحق تعالی بلا واسطة الملک.

وفی مرتبة النبوة یأخذ عن الحق تعالی بواسطة الملک والنبوة مشتقة من الإنباء وهو الإخبار بواسطة جبرائیل، علیه السلام.

لکن نبوته فوق رسالته لأن النبوة حدیثها حدیث جبرائیل معه، علیه السلام، وأما الرسالة، فحدیثها حدیث البشر فلا یخفى أن النبوة أعلى.

فقال: والعجز عن درک الإدراک إدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلم السکوت، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالم بالله.

ولیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء ، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه منی رأوه إلا من مشکاة خاتم الأولیاء."

أقول: إن خاتم الرسل هو أیضا خاتم الأولیاء وإن من جاء بعده من أمته ممن حصل له مرتبة خاتم الأولیاء هو أیضا خاتم الأولیاء، ولا یقدح تعدد الأشخاص إذا کانت المرتبة واحدة ولو کانت الأشخاص بلا نهایة فی العدد.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قال رضی الله عنه :" فاختلط الأمر وانبهم ، فمنّا من جهل فی علمه

وقال: العجز عن درک الإدراک إدراک " .

فاختلط الأمر واشتبه على الناظر ، وخفی الشهود ، ودقّ الکشف ، وجلّ الأمر عن الضبط والإحاطة والحصر ، وعزّ التجلَّی ، فاقتضى فی بعض المشاهد والمشارب الحیرة والعجز والهیمان ، فأقرّ صاحبه بالعجز ، واعترف بالجهل .

 بمعنى أنّ العلم بما لا یعلم أنّه لا یعلم علم ، والعلم بعدم إحاطة العلم بما لا یحاط به علما علم حقیقی به کذلک ، فالعلم بما لا یعلم وهو الجهل بما من شأنه أنّه لا یحیط به العلم غایة العلم به ، وعدم الانحیاز إلى جهة معیّنة فیما لا ینحصر فیها هو حقیقة حیرة الکمّل ، والتقاعد والعجز عن إدراک ما یعجز عن إدراکه هو غایة الإدراک .

کما قال أبو بکر رضی الله عنه : والعجز عن درک الإدراک إدراک ، فافهم .

قال رضی الله عنه : « ومنّا من علم ولم یقل مثل هذا وهو أعلى القول ، بل أعطاه العلم السکوت ، ما أعطاه العجز وهذا هو أعلى عالم بالله ، ولیس هذا العلم إلَّا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء ،"

قال العبد أیّده الله به : المتحقّق بهذا الشهود فی هذا المقام من لا یکون عینه الثابتة وصورة معلومیّته لله أزلا مخصوصة بخصوصیة جزویة ، بل تکون محیطة کلَّیة فی مظهریته إحاطة أحدیة جمعیّة تجمع فی مظهریة عینه الغیبیّة حقائق المظهریات کلَّها .

فإنّها عین الأعیان وحقیقة الحقائق ، فالتجلَّی الذاتی له وفی قابلیته یکون تجلَّیا أحدیا جمعیا کمالیا بحسب عینه وقابلیته الأحدیة الجمعیة المطلقة ، فیشهد فی هذا التجلَّی بظاهره ظاهر الحق وباطنه ، وبباطنه باطن الحق وظاهره ، وبأحدیة جمعه القطبی وخصوصه الکمالی الحقّی ، یجمع بین جمعیّتی الظاهر والباطن .

ویشهده الحق أیضا کذلک فی عین شهوده إیّاه ، کذلک عینه بعینه شهودا أحدیا جمعیا مطلقا عن التعین والحصر فی عین واحدة ، فیعطیه التجلَّی فی هذا المقام الإحاطة بغایة العلم ، والسکوت وعدم الحیرة ، بل أعطاه التحقّق بالکلّ حقیقة على ما هو علیه الکلّ والسکوت .

وهذا الشهود لا یکون إلَّا للحقیقة الإنسانیة الکمالیة المحمدیة الأزلیة الأوّلیة والأبدیّة الختمیة وهی حقیقة الحقائق الأحدیّة الجمعیة الأزلیة الأبدیة بین جمیع الجمعیات السرمدیة ، فافهم .

وإذا رزقک الله فهمه والکشف به أو الإیمان بما قلنا .

فاعلم : أنّ لهذه الحقیقة الجمعیة الأحدیة الکمالیة تعیّنا أحدیا جمعیا کمالیا فی مرتبة  ظاهریّتها و باطنیّتها ، وغیبها وملکوتها ، فظاهریّتها النبوّة ، وباطنیّتها الولایة . ولکل واحد من التعیّن فی المرتبتین صورة تفصیل جمعی بجمیع التفاصیل ، وصورة جمع الجمع بین التفصیل وأحدیة الجمع . وهذه هی الحقیقة المحمدیة الکلَّیة الکمالیة الإحاطیة الختمیة ، والإنسان الذی یتعیّن به وفیه هو المظهر الأکمل ، والمراة الأجلى ، والمجلى الأشمل لذات الذات الإلهیة وصفاتها وأخلاقها ونسبها وإضافاتها وأسمائها وأفعالها وحروفها وأحوالها .

فأمّا ظاهریّتها وهی جهة نبوّتها فمرآة ذات الألوهیة ومظهرها ومجلاها ومنظرها وعرش أحدیّة الجمعیة للحقائق الوجوبیة والأحکام الفعلیة التی للربوبیة .

وباطنها وهی ولایتها مرآة للهویة الحقیقیة الأحدیة الجمعیة المطلقة .

ولکل واحد من مرتبتی النبوّة والولایة جمع وتفصیل .

والجمع جمعان : جمع قبل التفصیل ، وجمع بعد التفصیل .

ولکلّ واحد من الجمعین تعیّن فی مرتبتی الفعل والتأثیر والوجود ، والانفعال والتأثّر والإمکان وجمع بین الجمعین فی أحدیة جمع المرتبتین .

فالجمع الأوّل فی المرتبة الأولى العلیا لحقائق الوجوب والألوهیة ورقائق الأسماء والربوبیة هو لله الواحد القهّار الأحد ، والمظهر الظاهر لهذا الجمع فی مقام التفصیل مجموع العوالم أمریّها وخلقیّها على کثرة أجناسها وأنواعها وتفاصیلها غیر المتناهیة واتّساعها.

 لکون ظهور الآثار الإلهیة وأحکام أسماء الربوبیة على التمام والتفصیل إنّما هو فی العالم کلَّه ، فجمیع العوالم مظاهر تفاصیل الأسماء الإلهیة ، والألوهیة التی لها هذه الجمعیة المحیطة بحقائق الفعل والتأثیر والوجوب لذاتها تستلزم جمعیة جمع الحقائق الکونیة الانفعالیة التفصیلیة على الوجه الأتمّ ، حتى تظهر آثارها وأحکامها .

وهو مجموع العالم ، ومظهره فی مرتبة الجمع الأوّل الجامع قبل التفصیل فی مرتبة المظهریة الجمعیة هو آدم علیه السّلام وهو الإنسان الأوّل ، ومنه یکون التفصیل الأحدی الجمعی ، فکما أنّ الجمع قبل التفصیل الأسمائی لله ، فکذلک أحدیة جمع الجمع الأوّل بعد التفصیل المظهری الکیانی العالمی لأوّل الإنسانی صورة .

والتفصیل الأحدی الجمعی المظهری منه یکون على وجهین : معنویّ وصوری ، إذ کلّ واحد من الجمعین فی کل واحدة من مرتبتی الظهور والبطون أعنی الولایة والنبوّة إمّا أن یکون جمع الفرق ، أو جمع الجمع ، فالجمعیة التی فی آدم علیه السّلام جمعیة أحدیة جمعیات الصور المظهریة العنصریة الإنسانیة قبل التفصیل ، فهو صورة جمع تجمع ظاهریة المظاهر الأحدیة الجمعیة .

ولهذا الجمع فی مرتبة التفصیل الجمعی مظاهرهم الکمّل من النوع الإنسانی من الأنبیاء والأولیاء من لدن آدم علیه السّلام إلى الختم الظاهر والختم الباطن.

فتفصیل الجمعیة الإلهیة جمیع الأسماء التی لا یبلغها الإحصاء الظاهرة بالتفصیل فی تفاصیل صور العالم الفرقانیة کما مرّ ، فصور حجابیّات جمعیات هذا التفصیل الفرقانی الجمعی هم الکفّار المذکورون فی القرآن من الفراعنة .

وتفصیل الأحدیة الجمعیة الإنسانیة النوریة الحقّیة فی الأناسیّ الکاملین إلى الختم ، والختم أحدیة الجمع الجمعی الإنسانی  ولهذه المرتبة أحدیة جمع جمیع المحامد والکمالات الذاتیة والإلهیة :

فإن کانت فی مرتبة ظاهریة الإنسانیة الکمالیة وهی النبوّة فالإنسان القائم بهذه الأحدیة الجمعیة الکمالیة هو خاتم الأنبیاء والرسل ، محمّد بن عبد الله ، المصطفى ، رسول الله وخاتم النبیّین صلَّى الله علیه وسلَّم اصطفاه الله ، لکمال أحدیة جمع جمع الحکم الإلهیة الربّانیّة والحقائق الوجوبیة الفعلیة المؤثّرة فی المرتبة الکمالیة الإنسانیة ، وهو حامل لواء احمد وحمد الحمد الذی هو مأوى جمیع محامد الجمع ومجامع الحمد .

وهذه الحقیقة الختمیة النبویّة تنبئ جمیع الحقائق المظهریة الإنسانیة بحقائق الجمع الإلهی ، ولهذا « کان نبیّا وآدم بین الماء والطین » فلا تعیّن لحقیقة آدم إلَّا فی الماء الإلهی ، وهو ماء الحیاة والطهارة الفطریة التی فی نفس النبوّة ، فافهم .

وإن کانت أحدیة جمع جمیع الکمالات والمحامد المذکورة فی باطن المرتبة الکمالیة الإنسانیة الإلهیة الذاتیة وهی الولایة فالإنسان القائم بباطن أحدیة جمع جمیع الکمالات ، فإن کانت أحدیة جمع الجمع الخصوصی .

فهو خاتم الولایة المحمدیة الخاصّة ، وهو أکمل ورثة محمّد صلَّى الله علیه وسلَّم فی المرتبة الختمیة ، وإن کانت أحدیة جمع جمع العالم فی روح باطن الأحدیة الجمعیة الإنسانیة الکمالیة فالإنسان القائم بها هو عیسى روح الله وکلمته ، خاتم الولایة العامّة على الإطلاق فی آخر نشأته الخصیصة بالولایة .

وإذا عرفت هذه الأصول ، عرفت أنّ اسم الحقیقة الإنسانیة الکمالیة الجمعیة الأحدیة على سبیل المطابقة هو " محمّد " فإن کانت الجمعیّة من حیث الظاهریة والنبوّة ، فمظهره أحدیة جمع جمع الحقائق الوجوبیة والنسب الإلهیة والربوبیة ، ولهذا الجمع الاختصاصی الختمی روح ومعنى وصورة ، فالصورة تجمع بین الروح والمعنى ، لأنّها أحدیة جمع المعنویة والروحیة ولوازمها وخصائصها .

 فإذا اجتمعت الحقائق والمعانی اجتماعا أحدیا ، ظهرت علیها صورة التسویة الإلهیة ، ونفخ الله فیها بنفسه الرحمانی روح الأحدیة الجمعیّة الکمالیة التی هی جامعة بین الجمعیة الروحیة وبین الجمعیة المعنویة الحقیقیة وبین الجمعیة الجسدانیة البشریة و هو « محمّد » صلَّى الله علیه وسلَّم والمخصوص بالجمعیة الظاهریة أبو البشر .

والمخصوص بجمعیة الروح ، الباطنیة هو روح الله وکلمته .

قال رضی الله عنه : " وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إلَّا من مشکاة الرسول الخاتم وما یراه أحد من الأولیاء إلَّا من مشکاة الولیّ الخاتم  حتّى أنّ الرسل لا یرونه متى رأوه إلَّا من مشکاة خاتم الأولیاء " .

والمخصوص بجمعیة الجمع بین الجمعیات الأحدیة المذکورة فی باطن المرتبة المعنویة الحقیقیة ، هو خاتم ولایة الخصوص  محمد بن علی بن محمد بن محمد بن محمد بن العربیّ منشئ الفصوص رضی الله عنه وجمعیة هذا الختم جامعة بین روح الجمعیة ومعناها وصورتها ، ومستلزمة لظاهریّتها بحقیقتها وفحواها.

ونسبته إلى خاتم النبوّة نسبة الابن الصلبی حقیقة ونسبة الروح نسبة الابن غیر الصلبی ، وختمیة البطون والولایة مشترکة بینهما .

ولم یکاشف بمقام هذا الختم الخصوصی من أولیاء الله المتقدّمین إلَّا الإمام العلَّامة محمد بن علی الترمذی الحکیم ، صاحب « نوادر الأصول » وهو من مشایخ الطبقة العالیة ، فتح له فی الاطَّلاع على مقام هذا الختم .

فلمّا ذکره فی کتبه ، واشتهر ذلک عنه بین علماء زمانه الأعلام من مشایخ الإسلام ، وإشرأبّت نفوس أهل الدعوى إلى هذا المقام ، وعلم ذلک منهم ، وأنّه : الولایة الخصوص . أقول : والجامع بین المرتبة الروحانیة الباطنیة والظاهریة هو الولیّ المطلق الذی کانت ولایته على قلب الحقیقة المحمدیة والمعبّر عنه بالولایة الخاصّة هو علیّ بن أبی طالب باعتبار والمهدیّ الموعود باعتبار آخر ، لجمعها بین النسبة المعنویة والظاهریة جلال آشتیانی.

لیس لهم ذلک ، وخاف علیهم من دعوى بلا معنى ولا فحوى ، أنشأ کتابا جامعا لمسائل غامضة خصیصة له بالمشرب الختمی .

وذکر أنّه لا یشرحها على ما ینبغی إلَّا خاتم الأولیاء ، وأنّه یطابق اسم هذا الخاتم المجیب اسم الحکیم السائل رضی الله عنه وکذلک اسم أبیه یطابق اسم أبیه ، فلمّا عثر أهل الدعوى على هذا المعنى ، نکصوا على أعقابهم ، ورجعوا إلى الله عن ترامیهم إلى مقام الختم وانتسابهم .

ثم لمّا بعث هذا الخاتم فی أقصى البلاد وهو المغرب من العرب ، شرح تلک المسائل ، وأوضح الحجج على تلک الدلائل ، وحصلت المطابقة بین الأسماء کما ذکر الحکیم .

فکان ذلک أحد البراهین الدالَّة على ختمیة هذا الخاتم الصحیح نسبته من طیّئ إلى الحاتم ، کما قلنا فی بعض مدائحه رضی الله عنه فی رسالة لنا سمّیناها بالنصوص الواردة بالأدلَّة على ختمیة ولایة الخصوص فی الغرّاء المیمیة من فتوح دار السلام ، شعر :

وخاتم حاتمیّ الأصل من عرب     .....      عزّت به من کرام الغرب أعجام

له بحولان أخوال جحاجحة     .....   ومن صنادید آل الطیّ أعمام

القصیدة بطولها فی الرسالة المذکورة ، فاطلبها منها إن شاء الله تعالى .

ومن الدلائل على ختمیته ما روّینا من مشهده الغیبی القلبی الذی رآه بقرطبة من تنزّل أرواح السیّارات وأرواح منازل القمر وهی ثمانیة وعشرون على عدد الحروف وأرواحها أیضا ، فإنّها تنزّلت فی صور الجواری الحسان النورانیّات ، وباشرهنّ واقتضّهنّ جمیعا ، وهذا المشهد لا یراه إلَّا أکمل ورثة محمّد صلَّى الله علیه وسلَّم فی الختمیة الخصوصیة المذکورة ، على ما استدللنا بذلک على ختمیته فی تلک الرسالة ، فاعلم ذلک .

ومن دلائل ختمیته رضی الله عنه أیضا أنّه کان بین کتفیه فی مثل الموضع الذی کان لنبیّنا خاتم النبیّین صلَّى الله علیه وسلَّم علامة مثل زرّ الحجلة ، ثابتة لهذا الخاتم أیضا تقعیر یسع مثل زرّ الحجلة ، إشارة إلى أنّ ختمیة النبوّة ظاهرة علیّة فعلیّة ، وختمیته رضی الله عنه باطنة انفعالیة خفیّة .

قال رضی الله عنه فی قریض نظمه فی بعض مشاهده ، حکایة عنه تعالى لملائکته فیه رضی الله عنه شعر :

ولمّا أتانی الحقّ لیلا مبشّرا      .....  بأنّی ختام الأمر فی غرّة الشهر

وقال لمن قد کان فی الوقت حاضرا     .....        من الملإ الأعلى من عالم الأمر

ألا فانظرا فیه فإنّ علامتی     .....    على ختمه فی موضع الضرب بالظهر

وفیه : أنا وارث لا شکّ علم محمّد     .....   وحالته فی السرّ منّی وفی الجهر

وأنّی لختم الأولیاء محمّد     .....      ختام اختصاص فی البداوة والحضر

القصیدة بطولها فی الرسالة وفی الدیوان .

ومن دلائل ختمیته أیضا قال رضی الله عنه فی قریض له فی أوّل الفتوح المکَّی ، قال ونظمه فی عین المشهد ، شعر :

الله أکبر والکبیر ردائی     .....       والنور بدری والضیاء ذکائی

والشرق غربی والمغارب مشرقی     .....   وحقائق الخلق الجدید أمانی

والنار غربی والجنان شهادتی     .....       والبعد قربی والدنوّ تنائی

وإذا انصرفت أنا الإمام ولیس لی     .....   أحد أخلَّفه یکون ورائی

فهو الخاتم ، وقال فیه مستشهدا لرسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم فی هذا المشهد الأقدس ، والتجلَّی الأنفس الآنس شعر :

یا سیدی حقّا أقول فقال لی     .....    صدقا نطقت فأنت ظلّ ردائی

فاحمد وزد فی حمد ربّک دائما     .....       فلقد وهبت حقائق الأشیاء

من کل حق قائم بحقیقة      .....       یأتیک مملوکا بغیر شراء

یشیر إلى ما ذکرنا من تنزّل الأرواح لسعته حین قطابته .

وقال أیضا :

وأنا ختم الولایة دون شکّ     .....     بورث الهاشمیّ مع المسیح

ومن ذلک إیراده رضی الله عنه ما أورده فی الفصوص ، من ختمیات مقامات الکمال فی النبوّة من مشرب الخصوص ، لأرباب صفاء الخلوص .

وهاهنا لا یستقصى ذکر الدلائل على ختمیته فی هذا الکتاب ، فقد سبق لنا فی کتاب النصوص فی ختم ولایته الخصوص ما فیه شفاء العلیل ،وبرد الغلیل.

 " وَالله یَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ یَهْدِی السَّبِیلَ ".

قال العبد لله :  مشکاة خاتم الأولیاء عبارة عن الولایة الخاصّة المحمدیة ، ومشکاة خاتم الأنبیاء عبارة عن النبوّة الخاصّة الختمیة الشرعیة ، وهی اختصاص من الله لرسوله بخصوصیة ذاتیة له صلَّى الله علیه وسلَّم بهذا المقام أوجبت کونه خاتم النبیّین .

وهی أحدیة جمع النبوّات التی کانت متفرّقة فی جمیع الأنبیاء ، وهم صور تفصیلها ، والنبیّ صلَّى الله علیه وسلَّم صورة أحدیة جمعها ، ولأنّ النبوّة ظاهر الولایة ، والولایة باطنها ، إذ النبوّة عبارة عن نسبة اختصاصیّة للنبیّ صلَّى الله علیه وسلَّم بین أمّته وبین الله من کونه واسطة بینه تعالى وبینهم ، وسمّیت هذه النسبة وسیلة یتوسّل بها إلى الله أمّته ، وولایته عبارة عن النسبة التی بین الله وبین النبیّ من غیر وساطة أحد .

أشار إلیها بقوله : " لست کأحدکم ، لست کهیئتکم " وسمّاها فضیلة ، وحرّض الأمّة عند الأذان بسؤال هاتین الدرجتین کما تقول له : وأعطه الوسیلة والفضیلة ، فإنّ الفضیلة للنبیّ على أمّته من جهة هذه النسبة التی لا واسطة فیها بین النبیّ وربّه.

 ومن حیث هذه النسبة العلیّة یأخذ عن الله وینزّل الله علیه الحکم والأحکام الإلهیة فی نفسه وأمّته بما فیه مصالحهم الظاهرة المعیشیة الدنیاویّة ومصالحهم الدینیة الأخراویة الروحانیة .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

سوى عینه کما علمت قال رضی الله عنه : (فاختلط الأمر وانبهم ) وهو أن المرئی غیر عین الحق فی صورة العبد . فیکون العبد مرآة الحق أو عین العبد فی صورة الحق .

فیکون الحق مرآة العبد (فمنا من جهل الأمر فی علمه فقال : العجز عن درک الإدراک إدراک) أی غایة الإدراک هو الاعتراف بالعجز عن إدراک الأمر کما هو وهو التحیر المطلوب.

فی قوله : رب زدنی تحیرا ( ومنا من علم ولم یقل مثل هذا ) أی علم أن الحق من حیث ذاته مرآة عین العبد أی لذاته ، والعبد مرآة الحق باعتبار أسمائه .

ولم یقل بالعجز ( وهو أعلى القول ) أی من القول بالعجز لأنه علم حقیقة الأمر على ما هو علیه ( فلم یعطه العلم العجز کالأول بل أعطاه العلم السکوت ما أعطاه العجز ) أی من العارفین من تحیر فی التمییز بین مرئیة الحقیة والعبدیة ، ومنهم من سکت ولم یتحیر ولم یقل بالعجز وهو أعلى.

 ( وهذا هو أعلى عالم باللَّه ولیس هذا العلم ) بالأصالة ( إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء ، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم ، ولا یراه أحد من الأولیاء ، إلا من مشکاة الولى الخاتم ، حتى أن الرسل لا یرونه متى رأوه إلا من مشکاة خاتم الأولیاء ) أی الرسل کلهم یأخذونه من خاتم الرسل وهو یأخذ من باطنه من حیث أنه خاتم الأولیاء لکن لا یظهر لأن وصف رسالته یمنعه فإذا ظهر باطنه فی صورة خاتم الأولیاء یظهره .

والحاصل أن الرسل والأولیاء کلهم یرونه من مشکاة خاتم الأولیاء .


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قال رضی الله عنه : (ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻧﺒﻬﻢ) ﺃﻱ، ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﺮﺋﻲ ﻭ ﺍﻧﺒﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺣﻖ ﺃﻭ ﻋﺒﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻴﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ، ﻭﻋﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺣﻖ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ، ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﻭﺃﺳﻤﺎﺅﻩ ﻋﻴﻨﻪ.

ﻓﺎﻧﺒﻬﻢ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺁﺗﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺣﻖ ﺃﻭ ﻋﺒﺪ. (ﻓﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ) ﺃﻱ، ﺗﺤﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺣﺎﻝ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻬﺎ. "ﻓﻘﺎﻝ: "ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺩﺭﻙ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺇﺩﺭﺍﻙ.

ﻭ ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ  ﺃﻱ، ﻣﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. (ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ). ﺃﻱ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﺠﺰ.

(ﺑﻞ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻌﺠﺰ) ﺃﻱ، ﺃﻋﻄﺎﻩ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﻜﺖ ﻭﻻ ﻳﻀﻄﺮﺏ ﻛﻤﺎ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﻌﺠﺰ.

(ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ) ﻷﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﻳﻌﻄﻰ ﺣﻖ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻪ. (ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﻟﺨﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ) ﻷﻥ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ، ﻛﻠﻴﻬﺎ ﻭ ﺟﺰﺋﻴﻬﺎ، ﺟﻠﻴﻠﻬﺎ ﻭﺣﻘﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ، ﻭﻫﻮ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ. ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﻓﻠﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻣﺮﺍﺗﺒﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻤﺪﺓ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ، ﻭ ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ، ﻓﻸﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﺎ ﻟﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﻨﻪ، ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﺃﻳﻀﺎ، ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺗﻪ ﻭﻣﻘﺎﻣﻪ.

ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺃﺷﺎﺭ ﺑﻘﻮﻟﻪ: (ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺳﻞ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ)، ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ، ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻻ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﺭﺃﻭﻩ (ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ).

ﻭﺍﻋﻠﻢ، ﺃﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻫﻲ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ، ﻭﻣﻈﻬﺮﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﺻﺎﺭﺕ ﺃﻣﺘﻪ ﺧﻴﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﻭ ﺷﻬﺪﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻮ، ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﺰﻛﻴﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ.

ﻭﻗﺎﻝ صلى الله علیه وسلم ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: "ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻣﺘﻲ ﻛﺄﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﻨﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﺄﺧﻮﺫﺍ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺨﺘﻤﺖ ﻣﺮﺗﺒﺘﻬﺎ ﻭﺑﻘﻴﺖ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ، ﻓﻴﻈﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺨﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ، ﻭﻫﻮ ﻋﻴﺴﻰ علیه السلام  ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺑﻴﺎﻧﻪ.

ﻭﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻫﻮ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻣﻈﻬﺮ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ. ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺣﺠﺐ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺖ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻛﺬﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﻏﻴﺒﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺻﺎﺣﺐ ﻭﻻﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﻈﻬﺮ ﻟﺠﻤﻴﻌﻬﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻈﻬﺮ ﺣﺼﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺟﻤﻌﻪ.

ﻓﺨﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺤﻖ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﻻﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ، ﻻ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻏﻴﺮﻩ، ﻓﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻨﻘﺺ. ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﺎﺯﻥ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﻄﻰ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻟﻠﺤﻮﺍﺷﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻭ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ، ﻓﺎﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻛﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺷﻲ ﻭﻻ ﻧﻘﺺ.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قال رضی الله عنه : "فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: "والعجز عن درک الإدراک إدراک"، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلم السکوت، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالم بالله. ولیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء"

قال رضی الله عنه : (فاختلط الأمر) أی: أمر التجلی الذاتی فی نفسه، (وانبهم) على المتجلى له؛ فلا یتمیز عنده تجلی الذات عن تجلی الأسماء والصفات؛ لعدم المغایرة الموجبة للتمییز بینهما إلا بطریق الذوق لبعض الکل.

وإلیه الإشارة بقوله: (فمنا) أی: من أهل تجلی الذات (من جهل فی علمه) تمییز تجلی الذات عن تجلی الأسماء والصفات، فقال: العجز عن درک الإدراک أی: عن تمیز التجلی الذاتی عن الأسمائی إدراک لما علیه أمر التجلی من الاختلاط والإبهام، والعجز عن الدرک نفس الجهل ومن ملزوماته، وقد جعله عین الإدراک الذی هو العلم.

ومنا من علم أی: میز بین التجلی الذاتی والأسمائی مع هذا الاختلاط والإیهام بأن أحدهما، وإن لم یکن غیرا للآخر؛ فلیس أیضا عینه، ولم یقل مثل هذا لاستلزامه جعل أحد النقیضین أو ملزومه عین الآخر.

وهو أی: التمییز بینهما على القول أی: أصوب الاعتقادات (بل) عطف على قوله: لم یقل (أعطاه العلم السکوت) عن بیان ذلک؛ لضیق العبارة، وخوف ضلال العامة، وإنما أخره عن قوله، وهو أعلى القول؛ لأنه لو قدمه علیه التوهم أن المسکوت عنه أعلى الاعتقادات، وهو باطل بل الأعلى هو أجزم، وإن کان مما ینبغی أن یسکت عنه عند حضور العامة، وهذا الذی میز بین التجلیین، وسکت عن بیانه عند العامة (أعلى عالم بالله) یطلع على تجلیاته، ویراعی الأدب معه؛ فلا یعبر عن أسراره بما یوهم العامة خلاف الواقع تقیة منه، فإن العلم بالله موجب للتقوى منه "إنما یخشى الله من عباده العلماء " [فاطر:28]، فهو بهذه المعرفة، وهذا السکوت جمیعا صار على عالم بالله، فلذلک أخر هذا الکلام عن قوله، بل أعطاه العلم السکوت.

قال رضی الله عنه : (ولیس هذا العلم) أی: تمییز التجلی الذاتی عن الأسمائی مع عدم المغایرة بینهما بطریق الکشف على وجه الأصالة، لغایة کماله (إلا لخاتم الرسل، وخاتم الأولیاء) لکونهما أجمع لأسرار الرسالة والولایة، فناسبهما هذا العلم بالذات، وخاتم الولایة شخص یظهر فی آخر عهد عیسى علیه السلام ، فیشهد له عیسی، و کفی به شهیدا على ما صرح به الشیخ فی کتابه المسمی بـ "عنقاء المغرب فی معرفة ختم الأولیاء، وشمس المغرب " ، وجعل فی «الفتوحات» خاتم الولایة المطلقة عیسى، وخاتم الولایة المحمدیة رجلا من العرب، ویجب تأویله بأن عیسی خاتم الولایة التی للأنبیاء، والرجل المذکور یظهر بالولایة المخصوصة بمحمد دون ولایة سائر الأنبیاء.

قال رضی الله عنه: "وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إلا من مشکاة خاتم الأولیاء."


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

(فاختلط الأمر وانبهم؛ فمنا من جهل فی علمه) لغلبة حکم الإمکان والمظهریة علیه.

فقال: (والعجز عن درک الإدراک إدراک) مفصحا عما یقتضیه مشهده الذاتی من تعانق الأطراف وجمعیة الأضداد.

( منا من علم) أن ذلک الجهل الذی فی العلم هو منتهی مراتب العلم ، إلا أن القول بذلک الکلام یدل على عدم وصوله إلى هذا العلم ، (فلم یقل مثل ذلک) مع أنه هو الکلام الکاشف عن کنه مقتضى هذا الموطن .(وهو أعلى القول ، بل أعطاه العلم السکوت ، ما أعطاه العجز) لعدم انقهاره تحت أحکام الإمکان ومظهریته الخلقیة ؛ ( وهذا هو أعلى عالم بالله ) حیث لم ینقهر بقوة استعداده الذاتی لمقتضیات ذلک المشهد العظیم من تجاذب الأطراف المتعانقة ، وتخالف أحکامها المتضادة ، بل أحاط بالکل علما ، ولم یتأثر من تلک الأحکام وهو أعلى عالم بالله . .(ولیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء) فإنهما هما الواصلان فی الحقائق والمعارف إلى أقاصی کمالها بجزئیاتها وکلیاتها ، وصورها ومعانیها ، وهی حضرة متعانق الأطراف ومجتمع الأضداد ، کما علم من آثارها ، حیث أن الجهل فی عین العلم بها ، والعجز عن إدراکها هو إدرا کہا ، وأن معلومیتها تقتضی الخفاء ومجهولیتها الإظهار إلى غیر ذلک وهذه الحضرة هی المسماة فی لسان الاصطلاح بالهویة المطلقة والتعین الأول ، یقال لها بهذا الاعتبار الحقیقة المحمدیة ، فإن الحقیقة من کل أحد هی مستند المعرفة التی له من الحق .

ولذلک قال رضی الله عنه : ( وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم ، وما یراه أحد من الأولیاء إلآ من مشکاة الولی الخاتم ) .

ثم إن هذا العلم لما کان من الکمالات المعنویة والحقائق الکلیة التی لا تتحول أحکامها بتبدل أجزاء الزمان ، ولا ینقرض بانقراض تنوعاته ، یکون من خصائص أطوار الولایة ولوامع أنوارها ، فکل من أظهر لمعة منه إنما یکون ذلک من عین الولایة مقتبسة من مشکاة خاتمها ضرورة .


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:

قال الشیخ ابن العربی الطائی الحاتمی : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء.)

قال رضی الله عنه :  "فاختلط الأمر و انبهم: فمنا من جهل فی علمه.

 فقال: "و العجز عن درک الإدراک إدراک"، و منا من علم فلم یقل مثل هذا و هو أعلى القول، بل أعطاه العلم السکوت، ما أعطاه العجز و هذا هو أعلى عالم بالله."

قال رضی الله عنه : (فاختلط الأمر) أمر المرآة و الرائی والمرئی. (وانبهم) أن کل واحد منهما حق أو عبد (فمنا من جهل) ولم یمیز بین هذه المراتب (فی) عین (علمه) بها بطریق الذوق والوجدان .

(فقال: والعجز عن درک الإدراک إدراک)، أی التحقق بالعجز عن الحق إدراک ما لا یدرک غایة الإدراک والعجز عن حصول العلم بما لا یعلم نهایة العلم به.

وفی الأساس طلبه حتى أدر که ، أی ألحق به وأدرک منه حاجته، وبلغ الغواص درک البحر وهو قعره ومنه درک النائر .

وفی الصحاح : القعر الآخر درک وذرک. وفی النهایة فی غریب الحدیث فی الحدیث : "أعوذ بک من درک الشقاء". الدرک : اللحان والوصول إلى الشیء أدر کته إدراک ودرکا .

(ومنا من علم) تلک المراتب و میز عینها . فإنه علم أن مراتب الحق سبحانه لأنیتک الوجودیة باعتبار ظاهر وجوده وأنت الرائی والمرئی فإنک ترى نفسک فیه بل هو الرائی والمرئی ولکن فیک .

ومرآتیته لعینک الثابتة باعتبار باطن علمه وأنت الرائی والمرئی بل هو ولکن فیک.

وکذلک علم أن مرآتیتک تلحق سبحانه إنما هی باعتبار وجودک العینی أو العلمی والرانی هو الحق سبحانه إما من مقامه الجمعی أو منک.

والمرئی أیضا هو الحق سبحانه لکن باعتبار خصوصیة صفة أو اسم أنت مظهره، فإن الوجود الحق باعتبار إطلاقه لا یسعه مظهر (فلم یقل مثل هذا القول) المنبئ عن الاعتراف بالعجز .

(وهو)، أی والحال أن القول بالعجز (أعلا القول)، أی عذر ما یقال فی هذا المقام وجعل بعض الشارحین الضمیر لعدم القول.

وقال : معنى أعلا القول أعلا من القول، ولا یبعد أن یقال معناه حینئذ أن عدم القول بالعجز أعلا ما یقال فی هذا المقام .

فإن عدم القول بالعجز على لسان الحال بکمال العلم (بل أعطاه)، أی من علم (العلم السکوت ما أعطاه)، أی من جهل فی علمه العلم العجز والاعتراف به (وهذا)، أی الذی أعطاه العلم السکوت (هو أعلى عالم بالله) و مراتب تجلیاته والتمییز بینها. ولیس هذا العلم الذی یعطی صاحبه السکوت بالأصالة.

قال رضی الله عنه :  "و لیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، و ما یراه أحد من الأنبیاء و الرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه متى رأوه إلا من مشکاة خاتم الأولیاء: فإن الرسالة و النبوة- أعنی نبوة التشریع، ورسالته تنقطعان، والولایة لا تنقطع أبدا.

فالمرسلون، من کونهم أولیاء، لا یرون ما ذکرناه إلا من مشکاة خاتم الأولیاء ".

قال رضی الله عنه :  (إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء وما یراه)، أی یرى هذا العلم والشهود وما یأخذه.

(أحد من الأنبیاء والرسل) من حیث أنهم أولیاء لا من حیث أنهم أنبیاء ورسل، فإن هذا العلم لیس من حقائق النبوة إلا من مشکوة الرسول الخاتم من حیث ولایته (ولا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم) التی هی جهة باطنیة الرسول والخاتم .

(حتى أن الرسل) أیضا من حیث أنهم أولیاء (لا یرونه متى رأوه إلا من مشکوة خاتم الأولیاء) التی هی مشکوة ولایة الرسول الخاتم.

وإلا لم یصح کلا الحصرین معا حصر رؤیة المرسلین أولا فی مشکوة خاتم الأنبیاء وحصرها ثانیة فی مشکاة خاتم الأولیاء فمشکاة خاتم الأنبیاء فی الولایة الخاصة المحمدیة وهی بعینها مشکوة خاتم الأولیاء، لأنه قائم لمظهریتها وإنما أسند هذه الرؤیة إلى مشکاة خاتم الأولیاء.

(فإن الرسالة والنبوة) اللتین هما جهة ظاهریة الرسول الخاتم (أعنی نبوة التشریع ورسالته) التی هی تبلیغ الأحکام المتعلقة بحوادث الأکوان لا نبوة التحقیق التی هی جهة باطنیة .

وهی الإنباء عن الحق وأسمائه وصفاته وأسرار الملکوت والجبروت وعجائب الغیب.

(ینقطعان) بانقطاع موطن التکلیف بل بانقطاع الرسول الخاتم عن هذا الموطن فکیف یستند إلیه ما لا ینقطع.

(والولایة لا تنقطع أبدأ)، فإنها من الجهة تلی الحق سبحانه وهی باقیة دائمة ابدا سرمدا وأکمل مظاهرها خاتم الأولیاء فلهذا أسندت الرؤیة المشار إلیها إلیه .

ولا یخفى علیک أنه لو فرض عدم انقطاع النبوة لا یصح إسناد هذا العلم إلیها أصلا فإنه من حقائق الولایة لا النبؤة .

فالمرسلون من کونهم أولیاء لا یرون ما ذکرناه من العلم الذی یعطى صاحبه السکوت (إلا من مشکوة خاتم الأولیاء فکیف من دونهم من الأولیاء وإن کان خاتم الأولیاء) بحسب نشأته العنصریة .


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940هـ:

قال رضی الله عنه :  ( فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل فی علمه فقال: «والعجز عن درک الإدراک إِدراک، ومنا من علم فلم یقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السکوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.

ولیس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولیاء، وما یراه أحد من الأنبیاء والرسل إِلا من مشکاة الرسول الخاتم، ولا یراه أحد من الأولیاء إِلا من مشکاة الولی‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه- متى رأوه- إِلا من مشکاة خاتم الأولیاء. )

قال المصنف رضی الله عنه : (فاختلط الأمر و انبهم فمنا من جهل فی علمه . بل أعطاه العلم السکوت کما أعطاه العجز . و هذا هو أعلى عالم بالله، و لیس هذا العلم إلا لخاتم الرسل و خاتم الأولیاء، و لا یراه أحد من الأنبیاء الرسل إلا من مشکاة الرسول الخاتم، و لا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم، حتى أن الرسل لا یرونه متى رأوه إلا من مشکاة خاتم الأولیاء .)


قال الشارح رحمة الله :

( فاختلط الأمر ): أی أمر الوجود و أیهم فإنه لأحب لوائح القدم فی صفائح العدم، فظهرت أشیاء فی مجالی الحق صورا فی الوجود، فتداخلت الصفات و الأسماء الإلهیة و الکونیة، فأنبهم الأمر، و التفت الساق بالساق و صارت الحیرة الکبرى المساق .

و بیان ذلک أنه لما صحّ على الحادث من حیث هو حادث أنه فقیر متأخر، و أنه مرآة القدیم الواجب فی رؤیة أسمائه .

و على القدیم أنه مرآة الحادث فی رؤیة نفسه: أی فی بروزه له و لیس أحدهما غیر الآخر من حیث الوجود، فاختلط الأمر (و أنبهم) على أهل الأفکار و العقول المعقولة، فقصروا عن هذا الإدراک، و هم لا یشعرون أن فضورهم من نسبة تجلی الذات لها باسم من أسمائها التی ظهر الکون بهم، و هو الاسم المانع، فبطن هذا العلم عنهم، فکان لهم غیبا .


فلهذا قال رضی الله عنه: قمنا: أی من الکمل من جهل فی علمه: أی علمه بأنه عینه، فقال: و العجز عن درک الإدراک بإدراک الحق الحیرة بالإدراک و العلم لأنه علم أنه لم یعلم، فلمّا علم من علوم مقام الحیرة لأهل التجلی، فأعطاه مقام العلم .

ورد فی الخبر الصحیح : " رب زدنی فیک تحیرا".

و لو لا التحیر علم لما سأل صلى الله علیه و سلم الزیادة فیه لأنه أمر یقل رب زدنی علما، هذا إذا کان الإدراک بمجرد الاستدلال أو بالتعریف الإلهی، و أما إذا کان یتجلى إلهی، إمّا من قرب النوافل أو قرب الفرائض فلم یعجز عن الإدراک .


قال رضی الله عنه فی الباب الخامس و الثلاثین و ثلاثمائة:

فالقول بالعجز و إن کان هذا القدر هو المسمى بمعرفة الله، و لکن لوجودی بقوله صاحب هذا القول، فإنه لا یرى الله أبدا،  کما لا یعلمه أصلا، إلا أنه یبدی له من الله ما لم یکن یحتسب و یعلم ما لم یعلم، و یرى ما لا یراه کما ورد فی الأثر : " إنه یرى ما لا رأت عین"

فإنه یرى و یعلم أنه هو، فإن الصحیح: إنه تعالى یعلم و یرى و لو بعد حین، و یتصف العبد بالعجز عن العلم به إلا من أخذ العلم بالدلیل لا به .

فلهذا قال رضی الله عنه: (و منا من علم و ذلک) من مقام المشاهدة التی هی الصمت و الخرس و السکوت، (فلم یقل مثل هذا ): أی بالعجز .

ورد فی الأثر الصحیح أنه قال صلى الله علیه و سلم: " إن الله لیلوم على العجز فأنل من نفسک الجهد فإن غلبت فقل توکلت على الله أو حسبی الله ونعم الوکیل ". الحدیث رواه عوف بن مالک رضی الله عنه، ذکره فی جمع الجوامع . والطبرانی فی مسند الشامیین

و فی حدیث: "أحزان الله لیلوم على العجز قاتل من نفسک الجهد" الحدیث . رواه أبو إمامة ذکره فی جمع الجوامع لأنّ القول بالعجز دعوى القوة و المقابلة من حیث لم یشعر بل هذا مقام لیس له لسان لأنه من مقام توحیده إیاه توحیده .

و کما قیل: إنّ التوحید بحر و الکلام ساحله، و توحیده الحقیقی توحیده لنفسه بنفسه من غیر أثر لسواه إذ لا سوى هناک، فافهم .


( و هو على القول ): أی القول و الذهاب إلى ترک القول أعلى القول لأن المقام ما یعطی القول و الکلام، فإنه خروج عن المتصد

بل أعطاه العلم بأنه عینه السکوت و هو العجز عن القول لا العجز عن الإدراک، فافهم .

حتى تفرق بین العجزین عجز هو عین القوة، و عجز استفید منه .

کما ورد فی الخبر: " أعوذ بک من العجز و الکسل".  الحدیث

و إنما قال رضی الله عنه: السکوت و لم یقل: الصمت، و الخرس للمغلوب بخلاف السکوت فإنه لصاح قادر علىالکلام، و سکوته لحکمه أرادها، و کما أعطاه العجز : أی العجز عن درک الإدراک، فافهم .

فإنی ترجمان لسان الحقائق لا یقیدها بالعلل و الأعراض و لأنه نسبها بالأغراض و لا یتقید بالإنکار و الأعراض.


( و هذا أعلى عالم بالله) لأنه علم الحق بعلمه بنفسه، فعلم ما فی نفسه سبحانه کما علم ما فی نفسه، و لم یصرح بالعجز لأنه ما حاول أمر العجز عن حمله و إدراکه، و کیف لا! و قد قال تعالى: "وما خلقْتُ الجِنّ والِإنس إلّا لیعْبدُونِ" [الذاریات: 56] .

قال العارف بالله: أی لیعرفون کلامه إمّا للغایة وإمّا للحکمة، فلو کانت المعرفة محالة فلم تقع غایة الخلق مع أنه ورد فی الحدیث: " من عرف نفسه فقد عرف ربه".

و أعرفکم بالنفس أعرفکم بالله، و أمثال هذا کثیرة فی القرآن و الأحادیث .

کما ورد فی الحدیث عنه صلى الله علیه و سلم : "انتقال أن هذا الأمر إلى الله فمن یسّره للهدى تیسر و من یسّره للضلالة کان فیها"  رواه الواقدی و ابن عساکر عن سعد بن عمر و الهذلی مرسلا، ذکره السیوطی فی جمع الجوامع .

والضلالة هی: الحیرة کما ورد فی القرآن: "إنّک لفِی ضللاک القدِیمِ" [ یوسف: 95]: أی حیرتک القدیمة، فافهم .

( و لیس هذا العلم ): أی العلم الذی أعطی العالم به السکوت إلا لخاتم الرسل بالأصالة و خاتم الأولیاء بالجمعیة، و هو المعتنی الفرد الذی انفرد بهذا العلم من أقرانه و إخوانه من المخمدین .


( و ما یراه ): أی العلم الذی یعطی السکوت، و هو العلم بأنه عینه أحد من الأنبیاء و الرسل من حیث أنهم أنبیاء و رسل إلا من مشکاة الرسول الختم، و لا یراه أحد من الأولیاء إلا من مشکاة الولی الخاتم هذه أسوة حسنة للخاتم فی الخاتم .

و ذلک من مقام باطن النبوة المحمدیة و هی: الشعرة التی فی خاتم الولایة من خاتم الرسل صلى الله علیه و سلم بل فی ذلک یقع المیراث .


قال رضی الله عنه فی الفتوحات الباب التاسع والسبعون وثلاثمائة فی معرفة منزل الحل والعقد والإکرام والإهانة ونشأة الدعاء فی صورة الإخبار وهو منزل محمدی :

ومن نور مشکاتهم عرفناه لأن الله رزقنا الاتباع الإلهی والاتباع النبوی.

فأما الاتباع الإلهی فهو قوله تعالى "وهُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ ما کُنْتُمْ" فالله فی هذه المعیة یتبع العبد حیث کان فنحن أیضا تتبعه تعالى حیث ظهر بالحکم.

فنحن وقوف حتى یظهر بأمر یعطی ذلک الأمر حکما خاصا فی الوجود فنتبعه فیه .

ولا نظهر فی العامة بخلافه کسکوتنا عن التعریف به أنه هو إذا تجلى فی صورة ینکر فیها مع معرفتنا به. فهو المقدم بالتجلی.

وحکم الإنکار فنحن نتبعه بالسکوت وإن لم ننکر ولا نقر فهذا هو الاتباع الإلهی .

وأما الاتباع النبوی الذی رزقنا الله فهو قوله "لَقَدْ کانَ لَکُمْ فی رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" [ الأحزاب: 21] .

ثم إنه أتبعنا وتأسى بنا فی صلاته إذا صلى بالجماعة فیکون فیها الضعیف والمریض وذو الحاجة فیصلی بصلاتهم فهو صَلَّى اللهُ عَلیهِ وسَلَّم المتبع والمتبع اسم مفعول واسم فاعل .


ثم أمرنا أن نصلی إذا کنا أئمة بصلاة إلاضعف فاتبعنا الرحمن بما ذکرناه فنحن التابعون .

واتبعنا الرحمن بما تعطیه حقائقنا من الاحتیاج والفاقة فیمشی بما نحن علیه فنحن المتبوعون فانظر ما ذا تعطی حقائق السیادة فی العبید وحقائق العبادة والعبودیة فی السیادة .أهـ انتهى کلامه رضی الله عنه .


( حتى أن الرسل) الذین هم الأفضلون على الإطلاق إلا من مشکاة خاتم الأولیاء لأنه خارج الولایات المحمدیة و الهبات و العطایا الختمیة، و کما عرفت أنه قد أحاط بکل  شیء علما و وجودا بل هو عین الأشیاء علما و وجودا لأنه تجلى له کل شی ء فی کل شیء فعلم کل شیء بعلمه بنفسه، ثم یعلمه بنفسه علم الحق لأنه تعالى عین کل  شیء .

و قال خاتم الأولیاء رضی الله عنه کما قال سیده خاتم الرسل صلى الله علیه وسلم : " إنه تجلى له کل شیء فعرف کل شیء"

کما ورد فی الحدیث بلفظه، فاستحق خاتم الخاتم بهذا الأمر بإتمام مکارم الأخلاق مع الله تعالى و هو إمام قد جعل الله تعالى أمور الخلق طرا بیده من خلیفة إلى عریف و وضیع و شریف وصاحب و صاحبه ووالد ووالده و خادم ودابة وحیوان ونبات وجماد فی ذات وصفات وجوهر وعرض.

فراعى جمیع ذلک مراعاة الصاحب فی السفر و الخلیفة فی الأهل فما صرف الأخلاق الإلهیة إلا فی سیده .

فلما کان بهذه المثابة قیل فیه ما قیل فی خاتم الرسل: "و إنّک لعلى خُلقٍ عظِیمٍ" [ القلم: 4] فکان ذا خلق و لم یکن ذا تخلق .


ذکر رضی الله عنه فی الباب الرابع و الثلاثین وخمسمائة من الفتوحات:

إنّ هذه الآیة تلیت علینا تلاوة تنزّل إلهی من أول السورة إلى قوله:"عتل بعْد ذلک زِنیمٍ" [ القلم: 13] عرّفنا الحق فی هذه التلاوة المنزلة من عند الله فی المبشرة التی أبقاها الله علینا من الوحی النبوی وراثة نبویة لله الحمد، ورثته فیها من قوله تعالى: "ولا تکُ فی ضیْقٍ مِمّا یمْکُرون" [ النحل: 127] .

و فی قوله تعالى: "و لقدْ نعْلمُ أ نّک یضِیقُ  صدْرک بما یقُولون" [ الحجر: 97] .

و قوله تعالى: "فأعْرضْ عنْ منْ توّلى عنْ ذکْرنا ولمْ یردْ إلّا الحیاة ُّ الدنیا" [ النجم: 29] .

فشکرت الله على ما حققنی  به من حقائق الورث النبوی، و أرجو أن أکون ممن لا ینطق عن هوى نفسه، جعلنا الله منهم، فإنّ ذلک من عین العصمة الإلهیة انتهى کلامه .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص91

فاختلط الأمر و انبهم:

 پس امر در هم آمیخت که مرئى عین حق است در صورت عبد که عبد مرآت حق مى‌شود و عین عبد در صورت حق است که حق مرآت عبد مى‌شود. پس حال مرئى در مرآتین در هم آمیخت که حق است یا عبد.

شیخ شبسترى گوید:

ل اندر روى او یا اوست در دل             به من پوشیده شد این راز مشکل‏

 فیض در تفسیر صافى از امیر علیه السلام و ابن جمهور احسائى در مجلى از امام صادق علیه السلام نقل کردند که:

«الصورة الإنسانیة هی أکبر حجج اللّه على خلقه و هی الکتاب الذی کتبه بیده و هی الهیکل الذی بناه بحکمة و هی مجموع صور العالمین و هی المختصر من اللوح المحفوظ و هی الشاهدة على کل غائب و هی الحجة على کل جاحد و هی الطریق المستقیم إلى کل خیر و هی الجسر « الصراط- نسخه بدل » الممدود بین الجنة و النار « کلمه 138 هزار و یک کلمه شرح این حدیث است.»

فمنّا من جهل فی علمه فقال: «العجز عن درک الإدراک إدراک، و منّا من علم فلم یقل بمثل هذا و هو أعلى القول، بل أعطاه العلم السکوت، کما أعطاه العجز و هذا هو أعلى عالم باللّه و لیس هذا العلم إلّا لخاتم الرسل و خاتم الأولیاء،

پس بعضى از این طایفه در علم خود جاهل است. (یعنى در تمیز بین مراتب در حال علمش به آنها متحیر شده) و گفت: «العجز عن درک الإدراک إدراک» و بعضى از این طایفه به آنها عالم شد (و بین آنها تمیز داد) و مثل این حرف را نزد. (یعنى اعتراف به عجز نکرد.) این سکوت عالى‌ترین گفتار است و این سکوت اعلاى از آن قول است.

(چه در آن قول اظهار عجز است.) بلکه علم، این را سکوت داد و آن را عجز و این کس که عالم ساکت است عالى‌ترین عالم باللّه است و این علم نیست مگر براى خاتم رسل وخاتم اولیا.

قیصرى گوید:

زیرا احاطه به جمیع مقامات و مراتب از کلى و جزئى و بزرگ و کوچک و تمییز بین آنها نمى‌باشد، مگر براى کسى که داراى اسم اعظم است ظاهرا و باطنا و آن خاتم رسل و خاتم اولیا مى‌باشند، اما خاتم رسل، زیرا غیر او از انبیا، حق و مراتب حق را مشاهده نمى‌کنند مگر از مشکات محمد- ص- که خاتم انبیاء است و از باطن آنان را مدد مى‌کند. « چنانکه شیخ در خطبه فصوص گفت: «و صلى اللّه على ممدّ الهمم» و اما خاتم اولیاء زیرا غیر او از اولیاء آن چه را مى‌گیرند نمى‌گیرند. مگر از او، حتى رسل ایضا حق را نمى‌نگرند مگر از مشکات و مقام او. « شرح فصوص قیصرى، ص 108.»

شیخ به همین معنا اشاره کرده گفت:

و ما یراه احد من الأنبیاء و الرسل إلّا من مشکاة الرسول الخاتم، و لا یراه أحد من الأولیاء إلّا من مشکاة الولی الخاتم، حتّى إنّ الرسل لا یرونه- متى رأوه- إلّا من مشکاة خاتم الأولیاء:

احدى از انبیاء و رسل نمى‌بیند این علم را مگر از مشکات رسول خاتم و نمى‌بیند او را احدى از اولیا مگر از مشکات ولى خاتم. حتى رسل آن گاه که آن علم را مى‌بینند نمى‌بینند، مگر از مشکات خاتم اولیا،.


نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 193-195

فاختلط الأمر و انبهم: فمنّا من جهل فى علمه فقال: «و العجز عن درک الإدراک [ادراک‏]، و منّا من علم فلم یقل مثل هذا و هو أعلى القول، بل اعطاه العلم السّکوت، کما اعطاه العجز.

پس حال مرأى که آن «حق» است با «عبد» در میان دو مرآت، که آن «عبد» است یا «حق»، مختلط و پوشیده شد؛ تا عرفاء در این بحث به شبهت افتادند که:

مرأى حق است یا عبد؟.

پس از ما که اهل عرفانیم، بعضى متحیّر شدیم در علم خود [ «جهل بمعنى تحیّر»؛] که چگونه تمیز کنیم میان مرتبه حقّیت و عبدیّت؟ و آن که متحیّر شد، چنین گفت که: به عجز معترف شدن از دریافت یافت، عین یافت است.

و از ما کس بود، و باشد که: متحیر نشد. و از عجز، سخن نگفت؛ و تمیز کرد میان حقّ و عبد. و نگفت که: «العجز عن درک الإدراک إدراک». بلکه خاموشى اختیار کرد؛ و سکوت در این مقام، اعلى است از گفتن آن و إظهار عجز کردن؛ بلکه علم او به مراتب، او را این آموخت که: خاموش گردد؛ همچنان که حیرت، او او را آن آموخت که: از عجز دم زند.

و هذا هو اعلى عالم باللّه. و لیس هذا العلم الّا لخاتم‏ الرّسل و خاتم الأولیاء.

و این کس از عجز سخن نگفت، و سکوت اختیار کرد، او بزرگترین عالمى و عارفى است بحق. از بهر آنکه: او مراتب و مقامات را مى‏داند؛ و در هر مقامی حقّ آن مقام مى‌‏گزارد؛ و چنین علمی و معرفتی نیست، و نباشد، الّا از آن خاتم رسل که آن‏ محمد مصطفى‏ است- صلعم-؛ و از آن خاتم اولیاء، که آن‏ عیسى‏ است علیه السّلام. از بهر آنکه: به جمیع مقامات و مراتب کلّى و جزئى محیط گشتن، و تمیز میان هر مرتبه کردن، نیست الّا کسى را که صاحب اسم اعظم بود ظاهرا و باطنا، و آن محمّد رسول اللّه است که خاتم رسل است- صلعم- که همه انبیاء و رسل‏ از مشکات باطن محمّدى- صلعم- استمداد کردند؛ تا حق و مراتب حق را مشاهده کردند؛ و همچنین خاتم اولیاء، که همه اولیاء آنچه دارند از ولایت، از خاتم اولیاء دارند؛ بلکه انبیاء نیز ولایت از او دارند؛ چنانکه مى‏‌فرماید:

و ما یراه‏ احد من الأنبیاء و الرّسل إلّا من مشکاة الرّسول الخاتم، و لا یراه أحد من الأولیاء الّا من مشکاة الولىّ الخاتم، أنّ الرّسل لا یرونه- متى راوه- الّا من مشکاة خاتم الأولیاء.

یعنى‏: هیچ‏کس را میسّر نشد «حق دیدن» و به حق رسیدن» از انبیاء و رسل؛ الّا به استمداد از روح خاتم رسل. و همچنین اولیاء؛ الّا از مشکات ولىّ خاتم؛ حتّى رسل، که حق را نبینند، الّا از مشکات خاتم اولیاء. و این سخن در غایت لطافت و دقّت است؛ به مقدّمه‌‏اى فهم توان کرد:

بدان که: نبىّ ما مکرّم، مجتبى‏ محمد مصطفى‏ مظهر اسم اعظم جامع‏ حقّ است- تعالى شأنه- ظاهرا و رسالة؛ و باطن او، ولایت.

و جمیع انبیاء مظاهر امّهات اسماء حقّ‏‌اند. که آن اسماء در تحت اسم جامع داخل‏اند. پس نبوّت همه انبیاء مأخوذ بود از مقام نبوّت محمّدى- صلعم-. و مرتبه نبوّت منتهى گشت؛ و ختم شد به وجود محمّد- صلعم-؛ که بعد از وى نبىّ نباشد.

چرا که: در مراتب نبوّت بتمام، او سیر کرد؛ و در وى نبوّت، بکمال رسید. و وراى کمال حال او در نبوّت هیچ دیگر ممکن نیست. بماند مرتبه ولایت که آن باطن نبوّت است، و آن منقطع نشده؛ بحسب استعداد هر ولیّى چیزى از ولایت بظهور مى‌‏رسد؛ تا آنگاه که تمام آن در متعبّدى کامل بظهور رسد؛ چنانکه وراى آن، مرتبه‏‌اى در ولایت ممکن نبود، ولایت نیز به وى ختم گردد؛ او را «خاتم ولایت» گویند. و شیخ- قدّس سرّه- و بیشتر محقّقان برآنند که: آن‏ عیسى‏ روح اللّه است علیه السّلام. و بعد ازین مباحث بحث «ختم ولایت» تصریح خواهد کرد هم در این کتاب.

پس چون ترا معلوم شد که: صاحب مقام نبوّت و ولایت به اصالت، به حکم مظهریّت اسم اعظم جامع، رسول عربى‏ محمد مصطفى‏ است- صلعم-.

و هم ترا معلوم گشت که: او در عالم غیب بود؛ و فیض رسالت از وى به جمیع انبیاء مى‏رسید. و ولایت- که باطن نبوّت بود- هم از وى استفاضه مى‏‌کردند. چون باز به عالم غیب رفت، و سر در نقاب حجاب کشید، حقیقت وى فیض ولایت به اولیاء مى‏رساند؛ تا آنگاه که از عالم غیب در صورت خاتم اولیاء تجلّى کند؛ و مهر خاتمیّت ولایت بر ولایت زند. پس انبیاء و اولیاء جمله، خازن نبوّت و ولایت او باشند.

و ترا این قاعده معلوم است که: سلطان، مال خود به خزینه دار بسپارد؛ و او را بفرماید که: این مال من، بعضى به خدم و حواشى من صرف کن؛ و بعضى به مصالح خاصّه من صرف کن؛ و بعضى را نگاه‌دار؛ چون من از تو طلب دارم، به من بده. پس‏ خازن به امر سلطان، هر یک را چنانکه فرموده از خزانه چیزى مى‏رساند. و چون سلطان از وى چیزى طلبد، به سلطان برساند. در این عطا که خازن از خزانه سلطان کند، هیچ عاقل، خزانه دار را بر سلطان تفضیل نکند؛ و در مرتبه سلطان هیچ نقصى پیدا نشود. لا، بل، جناب [السلطان‏] اعلى من ان یتصرّف فی ماله بنفسه،

همچنین بدان که: خاتم اولیاء، خزانه دار ولایت محمّدى است؛ و جمیع انبیاء و اولیاء تبع و حواشى او. «آدم و من دونه تحت لوایى» مخبر از آن معنى است. پس رسل که خاصگیان سلطان انبیاءاند، اگر حق بینند، از مشکات خاتم رسل بینند. و اولیاء- که مراتب ایشان فروتر از مراتب رسل است- چون حق بینند، از مشکات خاتم اولیاء بینند؛ بلکه رسل نیز هم از مشکات خاتم اولیاء بینند؛ و از آن روى که هر یکى از رسل، صاحب نبوّت و ولایت‏ اند، هر یک از حصّه ولایت خود دیده باشند؛ که صاحب جمع آن حصص، خاتم اولیاء است.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 198-200

فاختلط الأمر و انبهم‏

پس کار مرئى درآمیخت و مبهم و مشتبه شد که آنچه مى‏نماید حق است یا عبد؟ از آنکه بنده مى‏بیند در ذات عین خود را و حق تعالى مى‏بیند در عین بنده اسماى خود را و عین بنده ازین وجه که از جمله اسماى حق است و اسماى او عین اوست. پس پوشیده گشت حال مرئى در مرآتین که حق است یا عبد؟

بیت:

چنان به جان من آمیخت دوست از سر لطف‏ که نیست فرق ز جان عزیز ما تا دوست‏

بدان مقام رسید اتصال من با او                         که باز مى‏نشناسم که این منم یا دوست‏


فمنّا من جهل فى علمه.

پس طایفه‏اى از ما متحیر گشت در تمیز بین المرآتین هنگام حالت علم بدان، لاجرم فرمود:

فقال: العجز عن درک الإدراک إدراک»، و منّا من علم فلم یقل بمثل هذا و هو أعلى القول.

و طایفه‏اى از ما تمییز کرد و نگفت مثل آنکه طایفه اول گفت؛ و این سکوت و عدم قول به حسب مرتبه اعلاست از مرتبه گفتن زیرا که اظهار عجز در سکوت بیشترست.

یا معنى آنست که صاحب تمیز چون دانست که حق من حیث الذّات مرآت ذات عبد است و عبد مرآت حق به اعتبار اسماى او، از حیرت اضطراب نکرد و قائل به عجز نشد و این اعلى است از قول به عجز از آنکه دانستن حقیقت امر است بر آنکه هست پس علم این طایفه را همچو طایفه اول اعطاى عجز نکرد.

بل أعطاه العلم السّکوت کما أعطاه العجز.

بلکه علم او را اعطاى سکوت کرد و آرام دل و برد یقین ثمره داد تا از روى تمکّن در مقام تمکین چون اهل تلوین اضطراب نکرد، چنانکه دیگرى را اعطاى عجز کرد و مضطرب ساخت کما قیل الشّکّ ریبة و الصّدق طمأنینة. لاجرم سکوت‏ این طایفه به خاموشى دیگرى نمى‏ماند (نمى‏‌نماید، خ) چنانکه حضرت مولوى در مثنوى مى‏‌فرماید: بیت:

من ز شیرینى نشینم روترش‏ من ز بسیارى گفتارم خمش‏


و هذا هو أعلى عالم باللّه،

و این داناترین «علماى باللّه» است از آنکه شناساى عالى‏‌ترین مراتب و مقامات است و در هر مقامى اعطاى حق آن مقام به تقدیم مى‌‏رساند، بیت:

گاه مهر خامشى بر لب نهد گاه داد شرح اسرارش دهد

نى مقالاتش ز حیرانى بود نى سکوت او ز نادانى بود


و لیس هذا العلم إلّا لخاتم الرّسل و خاتم الأولیاء، و لا یراه (و ما یراه- خ) أحد من الأنبیاء و الرّسل إلّا من مشکاة الرّسول الخاتم، و لا یراه أحد من الأولیاء إلّا من مشکاة الولىّ الخاتم، حتى أنّ الرّسل لا یرونه متى رأوه إلّا من مشکاة خاتم الأولیاء.

یعنى این علم حاصل نیست به اصالت مگر خاتم رسل و خاتم اولیا را از براى آنکه احاطه به جمیع مقامات و مراتب و ادراک کلّى و جزئى و کثیر و قلیل و حقیر و جلیل آن و تمییز در میان ایشان به اصالت دست نمى‌‏دهد مگر مظهر اسم اعظم و مجلاى آن را ظاهرا و باطنا و آن خاتم رسل و خاتم اولیاست. و لهذا هیچ احدى از رسل و انبیا مشاهده حق و مراتبش نمى‏‌کنند مگر از مشکات رسول خاتم که ممد همم و قدوه طریق امم و مفتاح خزائن جود و کرم است؛ چنانکه هیچ احدى از اولیا مشاهده جمال حق نمى‌‏کند مگر از مشکات ولى خاتم که روح اللّه و کلمه ملقاة به مریم است؛ حتى رسل نیز در حالت مشاهده از مشکات او بینند.

و تدقیق و تحقیق مرام درین مقام آنست که انبیا مظاهر أمّهات اسماى حق‏اند؛ و این امّهات داخل در حیطه «اسم اعظم جامع» که مظهر او «حقیقت محمدیّه» است، لهذا امت او نیز خیر أمم، و شهداى روز قیامت، و حبیب اله مزکّى‏ ایشان، و علماى این امت چون انبیاى بنى اسرائیل‏اند. و چون شأن نبوت و رسالت مأخوذ از مقام اوست علیه السلام و مراتب این هر دو اعنى نبوت و رسالت به انختام پیوست؛ نه مرتبه ولایت که آن باطن نبوت و رسالت است که انقطاع بدو راه نمى‌‏یابد، پس این مرتبه ظاهر مى‏‌شود در اولیا به حسب استعدادات ایشان؛ گاهى بیش و گاهى کم تا غایتى که منتهى شد به خاتم که مستعد مظهریّت تمامى مرتبه ولایت است و آن حضرت عیسى است علیه السلام. و صاحب این مرتبه نیز به حسب باطن خاتم رسل است که مظهریّت اسم جامع او راست.

پس چنانکه حضرت حق سبحانه و تعالى تجلى مى‏‌کند مر خلق را از وراى حجب اسما که تحت مرتبه اوست، همچنین خاتم رسل نیز متجلى مى‏‌شود مر خلق را از عالم غیبش (از عالم غیب- خ) در صورت خاتم اولیا پس مظهر ولایت تامّه او باشد.

و چون هریکى از انبیاء و اولیا صاحب ولایتى است و خاتم انبیا مظهر جمیع ولایات، پس حصّه هریکى از مقام جمع او باشد. لاجرم خاتم رسل حق را نمى‏بیند مگر از مرتبه ولایت نفس خویش (نفس خود- خ) نه از مرتبه دیگرى؛ تا نقصان لازم آید. و مثال این خازن است که به امر سلطان حواشى را از خزینه عطا مى‏‌دهد و سلطان نیز ازو همچون دیگران چیزى مى‏‌ستاند و این موجب نقص نتواند بود، بیت:

اگرچه مال به دست خزینه‏دار بود         ولى عطاش به فرمان شهریار بود

به ظاهر ار چه ز خازن طلب کند شه مال‏ چو مال خویش ستاند ازو نه عار بود


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 533-534

فاختلط الأمر و انبهم؛ فمنّا من جهل فی علمه فقال «و العجز عن درک الإدراک إدراک»؛ و منّا من علم فلم یقل مثل هذا و هو أعلى القول، بل أعطاه العلم السّکوت، ما أعطاه العجز.

شرح أی من العارفین من تحیّر فی التّمییز بین مرتبة الحقیقة و العبدیّة، و منهم من سکت و لم یتحیّز و لم یقل بالعجز، و هو أعلى.

بلکه علم او به مراتب، او را این آموخت که خاموش گردد. چنانچه حیرت او را آن آموخت که از عجز دم زند.

و هذا هو أعلى عالم باللّه. و لیس هذا العلم إلّا لخاتم الرّسل و خاتم الأولیاء، و ما یراه احد من الأنبیاء و الرّسل إلّا من مشکاة الرّسول الخاتم، و لا یراه أحد من‏ الأولیاء إلّا من مشکاة الولىّ الخاتم، حتّى أنّ الرّسل لا یرونه- متى رأوه- إلّا من مشکاة خاتم الأولیاء.

شرح یعنى هیچ کس را میسّر نشد دیدن حق و رسیدن به حق، إلّا به استمداد از روح خاتم رسل، و همچنین اولیا را إلّا من مشکاة ولىّ الخاتم، تا آن که‏ رسول حق را نبیند، إلّا از مشکات خاتم اولیا. و این سخن به مقدمه محتاجست:

بدان که انبیاء- علیهم السلام- مظاهر اسماء حق‌‏اند، و خاتم رسل- علیه افضل الصلاة- مظهر اسم اعظم جامع حق است که ظاهر او رسالت و باطن او ولایت است، و همه اسماء در تحت اسم جامع داخل‏‌اند؛ و نبوّت همه انبیاء مأخوذ از نبوت محمّدى بود، و نبوت در وى به کمال رسید و بر وى ختم شد.

پس بماند مرتبه ولایت که آن باطن نبوت است، و آن منقطع نشده است، و به حسب استعداد، هر ولى را چیزى از ولایت به ظهور مى‌‏رسد تا آن گاه که تمام آن مراتب در مستعدى کامل به ظهور رسد، و ولایت نیز به وى ختم شود. و وى را ختم ولایت خوانند. و شیخ بر این است که آن عیسى است- علیه السّلام- و معلوم است که روح محمدى که صاحب نبوت و ولایت است به اصالت، و مظهر اسم جامع است. در هر عالمى ظهورى دارد: چنانکه در عالم غیب فیض نبوت از وى به جمیع انبیاء و رسل مى‌‏رسید، و ولایت اولیاء هم از وى استفاضه مى‏‌کردند؛ باز چون به عالم غیب رفت، از عالم غیب به صورت خاتم اولیا تجلى کند، و ختم ولایت کند. زیرا که جمیع انبیاء و اولیاء، خازنان نبوت و ولایت وى‏اند. و این مثال آنست که سلطان مال خود به خزانه‏‌دار سپارد، و او را فرماید که، این مال بعضى به خدم و بندگان‏ من صرف کن، و بعضى به مصالح خاصّه نگاه دار، تا چون از تو طلب دارم به من رسانى. پس وقت طلب آن مال به سلطان رساند، درین حال وى را بر سلطان‏ فضلى نباشد و در سلطنت هیچ نقصان واقع نشود.

همچنین، خاتم اولیا خزانه ولایت مطلقه محمدیست، و جمیع انبیا و اولیا تبع و حواشى، که «آدم و من دونه تحت لوائى». پس اولیا و رسل حق، از مشکات خاتم اولیا بینند؛ و هر یک را از ولایت حصّه‌‏ایست و صاحب جمیع حصص خاتم اولیاست.