عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثانیة : 


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. و لکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)


03 - فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة

هذا نص الحکمة النوحیة .

ذکره بعد حکمة شیث علیه السلام، لأن نوح علیه السلام أول أولی العزم من الرسل، فهو أول المظاهر الآدمیة من حیث الکمال المطلق.

وبه کانت زیادة آدم علیه السلام فی شکره على إعطائه شیث علیه السلام، الذی هو عطیة الله تعالى کما قال تعالى: " لئن شکرتم لأزیدنکم" [إبراهیم: 7]، ولهذا کان من أسماء نوح علیه السلام "یشکر من هو مظهر آدم علیه السلام بسبب کثرة شکره لربه" .

(فص حکمة سبوحیة) بالتشدید کما مر بیانه (فی کلمة نوحیة).

إنما اختصت کلمة نوح علیه السلام بالسبوحیة، لأن کمال، الثبوت الکونی فی الوجود الإمکانی العینی بکمال ظهور الأحدیة فی حضرة الواحدیة ذلک بکمال التسبیح والتنزیه والتقدیس.

وکلما کمل ثبوت الوجود الإمکانی العینی قوی عزمه الباطنی والظاهری، ولهذا کان نوح علیه السلام أول أولی العزم من الرسل لکمال تنزیهه بکمال ظهور الأحدیة له وغلبة حکمها علیه على حکم الواحدیة .


قال رضی الله عنه : "اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید و التقیید.  فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب.

ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، و لا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان."

(اعلم) أیها المرید السالک (أن التنزیه) وحده أی تبعید الله تعالی وتبرئته عن مشابهة الحوادث العقلیة والحسیة (عند أهل الحقائق) الإلهیة والمعارف الربانیة.

إذ عند غیرهم من علماء النظر هو غایة المراد (فی الجناب الإلهی) سبحانه وتعالى

(عین التحدید والتقیید)، لأنه حصر ذات الإله تعالى فی ماهیة تخالف جمیع ماهیات الحوادث العقلیة والحسیة والحصر قید وهو ینافی الإطلاق، ولأنه حکم على الذات الإلهیة بعدم المشابهة لشیء، فالذات محکوم علیها و کل محکوم علیه محدود و مقید والمحدود والمقید حادث لا قدیم .

(فالمنزه) فقط لله سبحانه وتعالى (إما جاهل) بأن تنزیهه عین تشبیهه، لأنه ما زاد على أن جعل لله تعالى ماهیة أخرى تخالف جمیع ماهیات الحوادث فی العوارض بعد موافقتها فی کونها ماهیة.

وما علم من جهله أن کل ماهیة من ماهیات الحوادث کذلک وصفها تخالف جمیع ماهیات الحوادث فی العوارض بعد موافقتها فی کونها ماهیة.

وإن اشتبهت عوارض بعضها بعوارض بعض، فقد لا تشتبه کعوارض اللیل وعوارض النهار، على أن اشتباه العوارض من قصور الإدراک.

فإن الله تعالى لا یتکرر تجلیه مطلقا فلا تتکرر العوارض مطلقا، فالتنزیه وصف کل شیء حادث، لأنه عین التشبیه عند الحاذق النبیه الذی لا یحتاج إلى التنبیه .


وإما صاحب سوء أدب مع الله تعالى ورسله إن لم یکن جاهلا بأنه عین التشبیه حیث شبه الله تعالی بخلقه وساوى بینه وبین مصنوعاته عن قصد منه واختیار.

والوارد عنه تعالى وعن رسله علیهم السلام انفراده تعالى بالکمال المطلق الذی لا یتقید ولا بالإطلاق فإن الإطلاق قید بعدم القیود فهو إطلاق اعتباری.

وإطلاق الله تعالی حقیقی لا اعتباری فهو إطلاق عن القیود وعن الإطلاق، تنزه تعالى عن القیود فکان مطلقا .

وتنزه عن الإطلاق فکان مقیدا، فهو المطلق المقید وما هو المطلق المقید.

وهذا الإطلاق الحقیقی الذی لله تعالى على ما یأتی بیانه إن شاء الله قریبا (ولکن إذا أطلقاه)، أی الجاهل وصاحب سوء الأدب التنزیه فقط على الله تعالی


(وقال) ظاهرا وباطنا (به فالقائل بالشرائع المؤمن) منهما کالجهمیة ونحوهم (إذا نزه) الله تعالی فقط (ووقف عند التنزیه) لله تعالى (ولم یر غیر ذلک) حقا (فقد أساء الأدب) مع الله تعالى .

حیث قید الله تعالى وحصر به الماهیة الموصوفة بأنها لا تشابه جمیع ما عداه من الماهیات الحادثة. ولا یقید ویحصر إلا الحادث والله تعالی قدیم

(واکذب)، أی نسب إلى الکذب (الحق) تعالى حیث وصف تعالی نفسه تعریف لنا بما نعهد من الأوصاف بأنه سمیع بصیر قدیر مرید حی متکلم علیم له ید ووجه وعین وجنب إلى غیر ذلک.


(و) أکذب (الرسل) أیضا (صلوات الله علیهم) حیث وصفوه تعالى بأن له ضحکا وفرحا وله نزول إلى سماء الدنیا وله قدم وأصابع ونحو ذلک، وإن کان هذا کله لا یشبه أوصافنا التی نعهدها لأنا حادثون وهو تعالی قدیم، ولکن فی ذلک نفی التقیید بالتنزیه.

لأن المراد إثبات الإطلاق الحقیقی له تعالى لا التنزیه فقط ولا التشبیه فقط، فالرسل الباطنیة وهی العقول شبه ثم تؤه، والرسل الظاهریة وهم الأنبیاء علیهم السلام تنزه ثم تشبه، فالمنزه فقط مکذب للرسل الباطنیة والظاهریة (وهو لا یشعر) بما یصدر منه لکمال جهله بمقتضى ما هو فیه.


(ویتخیل) بسبب قصوره (أنه) من کمال تنزیهه فقط (فی) الأمر (الحاصل) المطلوب منه عقلا و شرعا (وهو فی) الأمر (الفائت)، لأنه وقع فیما فر منه إذ هو فار من التشبیه والتحدید والتقیید واقع فی ذلک بمجرد التنزیه (وهو کمن آمن ببعض) الکتاب الحق (وکفر ببعض) إذ العقل والشرع مطبقان على التشبیه والتنزیه معا لا التشبیه فقط ولا التنزیه فقط.


فأحدهما وحده إیمان ببعض الشرع وکفر ببعض قال تعالى:  أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْکِتَابِ وَتَکْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ یَفْعَلُ ذَلِکَ مِنْکُمْ إِلَّا خِزْیٌ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَیَوْمَ الْقِیَامَةِ یُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)سورة البقرة.

(ولا سیما) یعنی خصوصا (وقد علم) ذلک المؤمن القائل بالتنزیه فقط (أن ألسنة) جمع لسان (الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی وصف الحق تعالی) للمکلفین (بما نطقت به من الأسماء والأوصاف (إنما جاءت) من عند الله تعالی (به) خطابة (فی جهة العموم) من الناس (على) حسب مقتضى الأمر.


(المفهوم الأول) الذی لا یحتاج إلى تفکر ولا تدبر (وعلی) جهة (الخصوص) من الناس على حسب مقتضى (کل) أمر (مفهوم) لائق بالمقام (یفهم من وجوه)، أی اعتبارات (ذلک اللفظ) الوارد فی الشرائع الإلهیة (بأی لسان)، أی لغة واصطلاح (کان فی وضع ذلک اللسان) الذی وردت تلک الشریعة به.

والحاصل أن کل شریعة من الشرائع التی أرسل الله بها الأنبیاء علیهم السلام إلى أمم وردت على حسب لسان تلک الأمة، وعلى مقتضی خطاباتهم فی لغتهم المعهودة فیما بینهم.


کما قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِیُبَیِّنَ لَهُمْ فَیُضِلُّ اللَّهُ مَنْ یَشَاءُ وَیَهْدِی مَنْ یَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (4)" سورة إبراهیم.

فجمیع ما نطقت به کل شریعة خطابا لمن هی لهم، فهی جاریة على حسب فهم العامة منهم على حسب فهم الخاصة أیضا، من غیر تقیید بفهم دون فهم، إذ لا حصر ولا قید للأمر الإلهی والشأن الربانی .


فالمراد ما فهمه الجمیع من حیث إنه بعض المراد ولیس المراد ما فهمه الجمیع من حیث إنه کل المراد، والأمر أعظم من أن یفهمه الجمیع، فعلى کل واحد من العامة والخاصة أن یتقی الله ما استطاع بمقدار علمه وعمله، فلا یترک من قدرته شیئا فی التقوى، وأن یعترف بالقصور والعجز علما وعملا ظاهرا وباطنا، ولهذا قال تعالى : "لا یکلف الله نفسا إلا وسعها " [البقرة: 286]، یعنی مقدار طاقتها فیما تعلم وتعمل من شریعتها الإلهیة التی هی أعظم مما تعلم وتعمل.


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه و قالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، و لا سیما و قد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)



03 - فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة


(اعلم أن التنزیه عند أهل الحقائق) أی عند المطلعین بالحقائق الأسمائیة (فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید) والله منزه عن التحدید والتقید فنزه أهل الحقیقة عن التنزیه فهم لیسوا بمنزهین فقط، بل هم منزهون فی مقام التنزیه والمشبهون فی مقام التشبیه .


"ویقول محقق الکتاب :  لیس المراد بالشبیه والتنزیه هنا ما أراده المتکلمون عندما تحدثوا فی الصفات الإلهیة ونفوها و أثبتوها وعلى أی نحو أثبتها المثبتون أو نفاها النافون.

بل المراد بها معنى آخر لم یسبق ابن عربی إلیه سابق، وهو المعنى الوحید الذی یتمشى مع نظریته العامة وهی بمعنى "الإطلاق" أو "التقید".

فالله متزه بمعنى أنه إذا نظر إلیه من ناحیة ذاته فهو بتعالی عن کل وصف وکل حد وتقیید.

وهو بهذا المعنى غنی عن العالمین یحیط بکل شیء ولا یحیط به شیء ولا علم ساری فی کل موجود غیر متعین فی موجود دون آخر. فلا یصدق علیه وصف إلا الإطلاق وفی الإطلاق غایة تنزیهة."

فلا یمکن معرفة الحق من غیر تحدید وتقیید (فالمنزه) فقط (إما جاهل) أی غیر قائل بالشرائع کالفلاسفة ومقلدیهم الذین ینزهون الحق بمقتضى عقولهم عن الصفات التی أخبر الحق عن اتصاف نفسه بها فهم ضلوا وأضلوا.

(وإما صاحب سوء أدب) أی قائل بالشرائع (ولکن إذا أطلقاه) أی التنزیه على الله تعالى (وقالا به) أی اعتقد بأن الله منزه عن الصفات الوجودیة کالحیاة والعلم والسمع والبصر وغیر ذلک .

فغیر القائل بالشرائع فهر الجاهل أی الکافر لا کلام فیه لظهور بطلانه لذلک ترلی هذا القسم (فالقائل) أی المعتقد (بالشرائع المؤمن) عطف بیان للقائل بالشرائع (إذا نزه ووقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک) أی ولم یشبه فی مقام التشبیه .


(فقد أساء الأدب وأکذب الحق والرسل وهو لا یشعر ویتخیل أنه فی الحاصل وهو فی الغائب وهو کمن آمن ببعض) الشرائع (و کفر ببعض ولا سیما) کالمعتزلة فإنهم أنکروا بعض الشرائع کصفات الله وبعض أمور الأخرة.


ولما قال ووقف عند التنزیه فقد أساء الأدب واکذب الحق و الرسل أراد أن یبین التشبیه والتنزیه حتى ظهر تکذیبه الحق والرسل فقال : (وقد علم) على البناء للمفعول (أن السنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالی بما نطقت به) هذه الألسنة من التنزیه والتشبیه (إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول) یفهمه کل من یسمع ذلک اللفظ .

(وجاءت به على الخصوص)أی الخواص من المحققین جاءت به على کل مفهوم بفهم من وجود ذلک اللفظ بأنی لسان کان سواء کان ذلک عربیا کالقرآن العظیم أو غیر عربی کسائر الکتب المنزلة (فی وضع ذلک اللسان) فبین الله للعباد کلها على حسب مراتبهم بألسنة الشرائع فی حق نفسه من التنزیه والتشبیه فمن وقف عند التنزیه ولم یر التشبیه .

وهو آمن ببعض وکفر ببعض لکنه لا یشعر بذلک وهو معذور بذلک لذلک لا یکفر بل هو مؤمن عند أهل الظاهر والباطن لکونه معتقدا بالشرائع کلها فی ظنه .

وإنما جاءت فی عموم الناس على المفهوم الأول وعلى خصوصهم على کل مفهوم یفهم من وجود ذلک اللفظ.


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت.

وهو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، و لا سیما و قد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)



03 - فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة

قال رضی الله عنه : "اعلم أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید، فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب."

قلت: لما قال فص حکمة سبوحیة تکلم فی معنى السبوح وهو المنزه، فشرع فی تحقیق التنزیه وسمى صاحبه إما جاهلا وإما صاحب سوء أدب.

أما جهله، فمن جهة أن یقول إن الله تعالى منزه عن کل صفة تشارکه فی التسمیة بها خلقه ، فیلزم هذا القائل أحد أمرین:

إما أن لا یتسمى الحق تعالی أنه سمیع بصیر متکلم بل ولا حی عالم مرید قادر، فإن هذه الأسماء یصح إطلاقها على خلقه.

أو ینفی هذه الصفات عن خلقه وذلک ممنوع لأن الشریعة المطهرة جاءت على وفق التسمیة بهذه الأسماء لخلقه.

اللهم إلا أن یقولوا: إن هذه الأسماء من الأسماء المشترکة.

فیقال لهم: سلمنا ذلک لکن هل یفهم منها حالة إطلاقها على الحق جل جلاله ما کان من وضع واضع اللغة أو غیره؟

فإن کان هو بعینه، فالتنزیه مناف لما دل علیه الوضع.

أو لا یکون معناها ما دل علیه الوضع اللغوی؟

فلا یکون قد خاطبنا باللسان العربی وقد قال تعالى: " بلسان عربی مبین" (الشعراء: 195).

هذا إذا تکلمنا معهم بمبلغ عقولهم فهم جهال, وإن تکلمنا بما یقتضیه الشهود، فالحق تعالی موصوف بهذه الصفات ولا یخلو منه مکان ولا زمان.

فقول القائل فی التنزیه: إنه لا فوق ولا تحت ولا یمین ولا شمال ولا أمام ولا خلف ولا وسط، أو أن یقال إنه لا یرى کما یقوله المعتزلة ومن تابعهم لا فی الدنیا ولا فی الآخرة فهم جاهلون بالله تعالى، فإن الحق خلاف ما قالوه.

قال: وإما أن یکون صاحب سوء أدب، وهولاء، الذین هم أصحاب سوء الأدب، على قسمین:


"القسم الأول :" إما أن یقولوا على الله تعالى من تنزیهه ما یتحققون خلافه فلا یکون ما قالوه تنزیها بل کفرا، وهذا القسم قلیل أن یوجد.

القسم الثانی: أن یروا من یعتقد نفی الصفات التی أثبتها لنفسه عنه تعالى فیوافقونهم فی القول تملقا ونفاقا وهم یعتقدون الحق ویظهرون خلافه، فإذن المنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب.

قوله رضی الله عنه : "ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک، فقد أساء الأدب وأکذب الحق تعالی والرسل، صلوات الله علیهم، وهو لا یشعر، ویتخیل أنه فی الحاصل وهو فی الفائت. وهو کمن آمن بعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطفت فی الحق تعالی بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان. "

قلت: إذا أطلقه المذکوران، وهما الجاهل وصاحب سوء الأدب، أی إذا أطلقاه وقالا به، فنقول للمؤمن منهم بالشرائع: وقوفک عند التنزیه إن لم ترى غیره فقد أساءت الأدب.


لاستلزام ما قلت به تکذیب الحق تعالی ورسله الکرام وأنت لا تشعر لأنک سددت باب الصفات التی وردت عن الله تعالى على ألسنة رسله.

وسددت باب ما اقتضاه الکشف والشهود، فإن من انشق حسه ورأی بظاهره ظاهر الحق تعالى من حیث دخول ظاهریته فی ظاهر الحق حتى لا یرى الحق إلا الحق تعالى، ومن سد البابین المذکورین فهو على غایة من سوء الأدب.


فأما سوء الأدب الخاص، برد ما جاءت به الرسل عن الله تعالی فذلک أنها أتت بها على العموم فی المفهوم الأول یعنی بلا تأویل بل على ظاهره .

وذلک هو مفهوم العموم أی العامة، لأن الرسل، علیهم السلام، أمروا أن یخاطبوا الناس على قدر عقولهم، فکلامه تعالى على قدر عقول العامة، فهو محمول على مفهومهم. فمن خالف ذلک فقد أساء الأدب على الله تعالی.


وأما سوء الأدب المختص بما إذا حمل ما جاءت به الرسل من الصفات على مفهوم الخصوص، فهو أن یحمل الصفات على کل مفهوم مفهوم مما یحتمله اللفظ فی تلک اللغة التی جاءت بها الرسل الکرام.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. و لکن إذا أطلقاه و قالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت.وهو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، و لا سیما و قد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)


3. فصّ حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة  


قد سلف فی سرّ إضافة هذه الحکمة السبّوحیة إلى الکلمة النوحیة ما فیه مقنع ومطَّلع على حقائقه ونقول فی مرتبة السبّوحیّة وهی النزاهة والطهارة اللازمة مرتبة الواحدیة والأحدیة والبساطة والنوریّة :


اعلم : أنّ کلّ تنزیه من کل منزّه لکلّ منزّه تحدید منه له بتمییزه إیّاه عمّا تمیّزه تنزیهه عنه ، وحصوله فیما عیّنه له من وجوه التنزیه . وکذلک الإطلاق إن یجب أیضا تقیید له بالإطلاق ، فأتم اللامقیّد أعلاه بإطلاقه نظرا عقلیّا فکریا .

ثمّ إنّ الله تعالى طلب من الخلق معرفته بقوله : " أحببت وأردت أن أعرف ، فخلقت الخلق وتعرّفت إلیهم " أی بألسنة الشرائع المنزلة " فعرفونی " أی على ما عرّفتهم فیما تعرّفت .

وقیل إنزال الشرائع کان العلم به تعالى بوجوه التنزیه عن سمات الحدوث والترکیب والافتقار ، وإطلاق الاقتدار وهو التنزیه المشهور عقلا ، فلا یتعدّاه عقل أصلا .

وأمّا العارف بالله حقیقة فهو جامع بین معرفتین : معرفة یقتضیها العقل والدلیل ، ومعرفة یقتضیها الشرع لا یبلغها التأویل . وطریق العقل المنوّر الکامل فیها أن یردّ علم ذلک عن الدلیل العقلی وتعلیمه إلى الله ویؤمن به وبکلّ ما جاءت به الشرائع المنزلة


على ألسنة الرسل على الوجه الذی أراده الله من غیر تأویل بفکره ولا تحکَّم على ذلک برأیه وأمره ، لأنّ الشرائع إنّما أنزلها الله تعالى لعدم استقلال العقول البشریة بإدراک حقائق الأشیاء على ما هی علیه فی علم الله ، وأنّى لها ذلک وقد تقیّدت بما عندها من إطلاق ما هنا لک ؟ فإن وهبها الله تعالى علما بمراده من الأوضاع الشرعیّة ، ومنحها اطَّلاعها على حکم من الأحکام الدینیة الأصلیة الأصیلة والفرعیة المرعیّة من حقائق الإخبارات الإلهیّة التی یتخیّلها العقل بقوّته الفکریة ، فذلک من قبل الفیض الإلهی الرحمانی والتعلیم السبحانی الربّانیّ .

فلا تضفها إلى فکره ، فتنزیهه الفکری یجب أن یکون مطابقا لما أنزله على ألسنة الرسل علیهم السّلام فی کتبه المنزلة علیهم ، وإلَّا فهو منزّه عن تنزیه العقول البشریّة بأفکارها ، فإنّها مقیّدة بأوطارها ، واستعلت على جوّ أو کارها وأکوارها ، وکوشفت وشوفهت بها تحدّث الحقائق عن أخبارها ، فإنّها حینئذ یکشف الغطاء عن بصائرها وأبصارها ، فهی حدیدة وتطلع ، فتطَّلع على الحکم المودعة الإلهیّة فی صور الأوضاع الشرعیّة وإخباراتها على وجوه سدیدة ، وینزّه الحقّ إذ ذاک عن التنزیهات العرفیة بالأفکار العادیّة ،


ولهذا قال الشیخ رضی الله عنه : " اعلم : أنّ التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید ، فالمنزّه إمّا جاهل وإمّا صاحب سوء أدب عن أمور بموجب استحسانه واستقباحه لفکره العادیّ وعقله العرفی ، وخصّه بأمور سواها بحکمه وأمره ، والتنزیه تحدید من المنزّه ، لأنّه تمییز ، والتمییز تحدید ، والتخصیص تقیید له تعالى بما میّزه عنه وتحدید بما سواه ، وهذا مناف للإطلاق الحقیقی الإلهی الذاتی » .


ثمّ هذا المنزّه إمّا أن یکون عارفا بأنّ الله مطلق الذات بالإطلاق الذی لا یقابله تقیید ، بل بالإطلاق عن الإطلاق والتقیید والجمع بینهما على وجه الحصر والتحدید ، فهو لا ینزّهه إذا عمّا اقتضته ذاته ، فتنزیهه إذن عن شیء مع ذلک سوء أدب وتحکَّم على الحقّ بأن یکون على وجه وهو على خلاف ما عرف من الإطلاق الذی یقتضیه لذاته ،

وإن لم یکن عالما بحقیقة الإطلاق الذاتی المذکور الذی لله تعالى ، فهو جاهل بحقیقته تعالى وبالتنزیه الحقیقی الذی یقتضیه تعالى لذاته بتحکیم رأیه وفکره على ما وردت به الشریعة من أمره ف " ما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه ِ " ، وقدروا الإدراک العقلیّ الفکریّ فوق طوره ، فافهم .


قال الشیخ رضی الله عنه : " ولکن إذا أطلقاه وقالا به ، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزّه ووقف عند التنزیه ، ولم یر غیر ذلک ، فقد أساء الأدب ، وأکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر ، ویتخیّل أنّه فی الحاصل وهو فی الفائت ، وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض " .

قال العبد : الجاهل الحقیقة الحقّ وصاحب سوء الأدب إذا أطلقاه فی التنزیه ، واقفین على مقتضى معتقدهما من التنزیه ، ولم یشهدا سوى مشاهدهما المعیّنة ، فقد فقد کلّ واحد منهما الحق المطلق بمعلومه ، وحصره فی مفهومه ، وأساء الأدب ، وأکذب الحقّ والرسل بالعجب والعجب ، لأنّه تعالى نزّه وشبّه وجمع بین التنزیه والتشبیه فی أنّه واحدة فقال : "لَیْسَ کَمِثْلِه ِ شَیْءٌ " فنزّه "وَهُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ " فشبّه وهو جمع بینهما .


بل فی نصف هذه الآیة وهو قوله : " لَیْسَ کَمِثْلِه ِ شَیْءٌ " جمع بین التنزیه والتشبیه على قول من یقول منّا : إنّ الکاف فی « کمثله » غیر زائدة ، فإنّ فیه نفی مماثلة الأشیاء لمثله ، فمثله هو المنزّه وهو إثبات للمثل المنزّه ، وهو عین التشبیه فی عین التنزیه بمعنى أنّ المثل إذا نزّه فبالأولى أن یکون الحقّ منزّها عن کلّ ما ینزّه عنه مثله ، لأنّ تنزیه المثل المثبت فی هذه الآیة موجب لتنزیهه بالأحرى والأحقّ . وکذلک النصف الثانی مصرّحا بالتشبیه ظاهرا .


ولکنّه عند التحقیق وتدقیق النظر الدقیق عین التنزیه الحقیقی فی صورة التشبیه وصیغته ، لأنّ قوله : " هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ " إثبات لخصیص أو لخصیصیّة بإثبات السمیعیة والبصیریة ، بمعنى أنّه لا سمیع ولا بصیر فی الحقیقة إلَّا هو ، فهو السمیع بعین کلّ سمع سمیع ، والبصیر بعین کلّ بصر بصیر .

فهو تنزیهه تعالى عن أن یشترکه غیره فی السمع والبصر ، وهو حقیقة تنزیهه لنفسه وتنزیه المحقّقین ، فافهم .

فلمّا أقرّت العقول بالعجز عن إدراک الحقائق على سبیل الإحاطة والحصر إلَّا طائفة جاهلة بحقیقة الأمر ، عادلة عن طریقة السرّ ، فإنّهم قالوا : إنّ العقول کافیة فی إدراک عقولنا فلا معقول علیه ،مع اعتراف أفاضلهم وأکابرهم بأنّ الفکر قوّة جزویّة.


أنّ ما یصل إلیه الإنسان بفکره لیسیر بالنسبة إلى ما لم یصل إلیه ، وأنّ العقول المتعیّنة فی القوى المزاجیة ، المقیّدة الجزویة مقیّدة جزویة کذلک بحسبها ، وأنّى للأفکار المقیّدة الجزویة أن تدرک الحقائق المجرّدة المطلقة من حیث هی کذلک ، إلَّا أن تنطلق عن قیودها أو تتقیّد المطلقات المجرّدة بحسب شهودها ووجودها ، فافهم .


قال رضی الله عنه : « ولا سیّما وقد علم أنّ ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق بما نطقت به إنّما جاءت به فی العموم على المفهوم الأوّل ، وعلى الخصوص على کلّ مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأیّ لسان کان فی وضع ذلک اللسان".

قال العبد أیّده الله به : اعلم : أنّ المعرفة الحاصلة للعقلاء توجب باتّفاقهم وتقتضی باجتماعهم وإطباقهم تنزیه الحقّ عن صفات المحدثات والجسمانیات ، وسلب النقائص عن جنابه ، ونفی النعوت الکونیة الحدوثیة عنه ، فالعقول مطبقة على ذلک .

ولو کان المراد الإلهی من معرفته هذا القدر ، لکان بالعقول استغناء واکتفاء عن إنزال الشرائع والکتب ، وإظهار المعجزات والآیات لأهل الحجب ، ولکنّ الحقّ سبحانه وتعالى غنیّ عن تنزیه العقول بمقتضى أفکارها المقیّدة بالقوى المزاجیة .

ویتعالى عن إدراکها ما لم تتّصل بالعقول الکلَّیة ، فاحتاجت من حیث هی کذلک فی معرفتها الحقیقة إلى اعتناء ربّانی «وإلقاء رحمانیّ یهیّئ  استعدادا لمعرفة ما لا تستقلّ العقول البشریة بإدراکه مع قطع النظر عن الفیض الإلهی . فلمّا جاءت ألسنة الشرائع بالتنزیه والتشبیه والجمع بینهما.


کان الجنوح إلى أحدهما دون الآخر باستحسان عقلی فکری تقییدا أو تحدیدا للحق بمقتضى الفکر والعقل من التنزیه عن شیء أو أشیاء أو التشبیه بشیء أو أشیاء ، بل مقتضى العقل المنصف المتّصف بصفة نصفة أن یؤمن بکلّ ما وردت به الشرائع على الوجه المراد للحق من غیر جزم بتأویل معیّن ولا جنوح إلى ظاهر المفهوم العامّ مقیّدا بذلک ، ولا عدول إلى ما یخرجه عن ظاهر المفهوم من کل وجه محدّدا لذلک ، ولکنّ الأحقّ والأولى والأجدر والأحرى أن نأخذ القضیّة شرطیّة .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)

3 -  فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة

السبوح المنزه عن کل نقص وآفة . ولما کان شیث علیه السلام مظهر الفیض الإلهی الرحمانى ، والفیض لا یکون إلا بالأسماء الداخلة تحت اسم الرحمن والرحمانیة تقتضی الاستواء على العرش لأن الفیض کما یکون بالأسماء کذلک لا یمکن إلا على القوابل ، فحکمة العطایا والوهب اقتضت التعدد الأسمائیة ووجود المحل الموهوب له ، وأصل القابلیة للطبیعة الجسمانیة فغلب على قومه حکم التعدد والقوابل .

حتى إذا بعد عهد النبوة وتطاول زمان الفترة اتخذوا الأصنام على صورة الأسماء وحسبوا الأسماء أجساما وأشخاصا والمعاد جسمانیا محضا لاقتضاء دعوته ذلک ، فأوجب حالهم أن یدعوا إلى التنزیه وینبهوا على التوحید والتجرید ویذکروا الأرواح المقدسة والمعاد الروحانی ، فبعث نوح علیه السلام بالحکمة السبوحیة والدعوة إلى التنزیه ورفع التشبیه ، فکنسبته علیه السلام فی الدعوة إلى الباطل إلى شیث علیه السلام نسبة عیسى إلى موسى علیه السلام .

قوله رضی الله عنه : " اعلم أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید " .

معناه أن التنزیه تمییزه عن المحدثات والجسمانیات وعن کل ما لا یقبل التنزیه من المادیات ، وکل ما تمیز عن شیء فهو إنما یتمیز عنه بصفة منافیة لصفة التمیز عنه ، فهو إذن مقید بصفة ومحدود بحد فکان التنزیه عین التحدید غایة ما فی الباب أن المنزه نزهه عن صفات الجسمانیات فقد شبهه بالروحانیات فی التجرید ، أو نزه عن التقیید فقد قیده بالإطلاق والله منزه عن قیدى التقیید والإطلاق ، بل مطلق لا یتقید بأحدهما ولا ینافیهما.

( فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب ) إذا وقف عند التنزیه ولم یقل بالتشبیه ، وهو معنى ( ولکن إذا أطلقاه وقالا به ) أی لم یتجاوزا إلى التشبیه والجمع بینهما ، لأنه إن لم یتبع الشرائع ونزهه تنزیها یقابل التقیید ، بأن جعله منزها عن کل قید مجردا فهو جاهل ، وإن کان متبعا للشرائع .

کما قال رضی الله عنه : " فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب وأکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر ، ویتخیل أنه فی الحاصل وهو فی الفائت ، وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض " .

فقد أساء الأدب وأکذب الحق والرسل ، لأن الکتب الإلهیة والرسل ناطقة بالجمع بین التشبیه والتنزیه وهو یخالفهما ( ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت به إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ ، بأى لسان کان فی وضع ذلک اللسان ) المراد من العموم عامة الناس ومن الخصوص خاصتهم ،

والمفهوم الأول ما یتبادر إلى الفهم عند سماع اللفظ ، وهو المعنى الذی یستوی فیه الخاصة والعامة .

والمفهوم الثانی الذی یفهم من وجوه ذلک اللفظ مختص بالخاصة ، ولا یجوز أن یتکلم الحق بکلام یختص فهمه ببعض الناس دون البعض ، ولا یفهم العامة منه شیئا أو یفهم ما لیس بمراد وإلا لکان تدلیسا ، بل الحق من حیث هو مطلع على الکل یکلمهم بکلام ظاهر ما یسبق منه إلى الفهم وهو لسان العموم ، وله وجوه بحسب ترکیب اللفظ والدلالات الالتزامیة لا یفهمها إلا الخصوص ، وبحسب مراتب الفهم وانتقالاته تتفاوت الدلالات وتزید وتنقص .

فللحق فی کل مرتبة من مراتب الناس لسان ، ولهذا ورد قوله علیه الصلاة والسلام « نزل القرآن على سبعة أبطن » وقوله « ما من آیة إلا ولها ظهر وبطن ، ولکل حرف حد ولکل حد مطلع » فمن الظهر إلى المطلع مراتب غیر محصورة ولکن یجب أن یفهم أول المعانی من ذلک اللفظ بحسب وضع ذلک اللسان ، وترتب علیه سائرها بحسب الانتقالات الصحیحة فیکون الحق مخاطبا للکل بجمیع تلک المعانی ، من المقام الأقدم الذی هو الأحدیة إلى آخر مراتب الناس الذی هو لسان العموم ، کقوله مثلا " لَیْسَ کَمِثْلِه شَیْءٌ وهُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ ".

فالمفهوم الأول لیس هو مثل الذی وصف بصفاته شیء إذ لا نظیر له من غیر قصد إلى مثل ونظیر ، أو لیس مثله شیء على أن الکاف زائدة وهو محض التنزیه وهو السمیع البصیر عین التشبیه لکن الخاصة یفهمون من التنزیه التشبیه ومن التشبیه بلا تشبیه التنزیه ، فإن الکاف والمثل لو حملا على ظاهرهما کان معناه لیس مثل مثله شیء فیلزم ثبوت المثل والتشبیه بلا تشبیه ، وتعریف السمیع البصیر الدال على القصر یفید أنه لا سمیع ولا بصیر إلا هو وهو عین التنزیه فافهم .


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)


3 - ﻓﺺ ﺣﻜﻤﺔ ﺳﺒﻮﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻧﻮﺣﻴﺔ

ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺒﺪﺋﻴﺔ، ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻭﻟﻬﻢ ﺗﻨﺰﻳﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ - ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻛﻤﺎﻻﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﻧﻘﺎﺋﺼﻬﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﻬﻢ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺑﺤﺴﺐ ﻭﺟﻮﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺘﻌﻴﻨﺔ ﻭﺫﻭﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﺪﺓ ﻭﻛﻞ ﻣﻨﺰﻩ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺰﻩ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ - ﺃﺭﺩﻑ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ (ﺍﻟﺴﺒﻮﺣﻴﺔ) ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ (ﺍﻟﻨﻔﺜﻴﺔ) ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺡ، ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﺗﻨﺰﻳﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ - ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺃﻣﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻤﻨﺰﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻭﻳﻨﻔﻰ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺠﻠﻲ ﺇﻟﻬﻲ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﻭ ﻫﻮ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻨﻬﺎ - ﻗﺎﺭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺴﺒﻮﺣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ (ﺍﻟﻨﻮﺣﻴﺔ) ﻟﻠﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ.

ﻭﻣﻌﻨﻰ (ﺍﻟﺴﺒﻮﺡ) ﺍﻟﻤﺴﺒﺢ ﻭﺍﻟﻤﻨﺰﻩ، ﺍﺳﻢ ﻣﻔﻌﻮﻝ، ﻙ (ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ.

(ﺍﻋﻠﻢ، ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻪ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺏ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ. ﻭﺍﻟﻤﻨﺰﻩ ﺇﻣﺎ ﺟﺎﻫﻞ ﻭﺇﻣﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ). ﺍﻋﻠﻢ، ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻪ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﺃﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ.

ﻭﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻟﻠﺠﻨﺎﺏ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪ ﻟﻪ، ﻷﻧﻪ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺮﺍﺗﺒﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ، ﻛﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.

ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ.

ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺑﺬﻭﺍﺗﻬﻢ ﻭﻭﺟﻮﺩﺍﺗﻬﻢ ﻭﻛﻤﺎﻻﺗﻬﻢ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻟﻠﺤﻖ، ﻭﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﻣﺘﺠﻞ ﻟﻬﻢ: (ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻬﻢ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ).

ﻓﻴﻪ ﺫﻭﺍﺗﻬﻢ ﻭﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻭﺑﻘﺎﺅﻫﻢ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻬﺮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻛﻠﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﻟﻠﺤﻖ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ، ﻭﻟﻠﺨﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ.

ﻓﺎﻟﻤﻨﺰﻩ ﺇﻣﺎ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻭ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻣﻈﻬﺮﻩ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻫﻼ ﻭﺣﻜﻢ ﺑﺠﻬﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻗﻴﺪﻩ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺮﺍﺗﺒﻪ، ﻓﻬﻮ ﺟﺎﻫﻞ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻪ، ﻓﻘﺪ ﺃﺳﺎﺀ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺭﺳﻠﻪ ﺑﻨﻔﻴﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﻪ ﻫﻮ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﺟﻤﻌﻪ ﻭﺗﻔﺼﻴﻠﻪ. ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻷﺣﺪﻳﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ، ﻓﻼ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﻨﺰﻳﻪ ﺇﺫ ﻻ ﺗﻌﺪﺩ ﻓﻴﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﺃﺻﻼ.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﺎﺀ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ ﻟﻠﻤﻨﺰﻩ: (ﻭﻏﺎﻳﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ ﺑﻪ ﺃﻥ ﺗﺴﻠﺐ ﻋﻨﻪ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﺳﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ ﺭﺑﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ، ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: "ﺳﺒﺤﺎﻧﻲ" ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﻧﻲ. ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻗﺪ ﻭﻫﻞ ﻳﻌﺮﻯ ﻣﻦ ﺷﺊ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻟﺒﺴﻪ، ﺃﻭ ﻳﺆﺧﺬ ﺷﺊ ﺇﻻ ﻣﻤﻦ ﺣﺒﺴﻪ؟ ﻭﻣﺘﻰ ﻟﺒﺲ ﺍﻟﺤﻖ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻠﺒﻬﺎ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺗﻌﺮﻳﻪ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻪ.

ﻓﺎﻟﺘﻨﺰﻳﻪ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﻣﺤﻠﻚ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺗﻪ. ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻨﺤﻪ ﻟﻚ ﻭﻫﺒﺎﺗﻪ).

ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ

قال الشیخ رضی الله عنه :(ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن، إذا نزه ووقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک، فقد أساء الأدب وأکذب الحق والرسل، صلوات الله علیهم، وهو لا یشعر ویتخیل أنه فی الحاصل وهو فی الفائت. وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض). أی، الجاهل وصاحب سوء الأدب إذا أطلقا التنزیه وقالا به،

کل منهما إما أن یکون مؤمنا بالشرائع والکتب الإلهیة، أو غیر مؤمن بها. فالمؤمن إذا نزه الحق ووقف عنده ولم یشبه فی مقام التشبیه ولم یثبت تلک الصفات التی هی کمالات فی العالم، فقد أساء الأدب وکذب الرسل والکتب الإلهیة فیما أخبر به عن نفسه بأنه (الحی القیوم السمیع البصیر).

ولا یشعر بهذا التکذیب الصادر منه، ویتخیل أنها له حاصلا من العلوم والمعارف وأنه مؤمن وموحد، وما یعلم أنها فائت منه، وهو کمن آمن ببعض، وهو مقام التنزیه، وکفر ببعض، وهو

مقام التشبیه.

وغیر المؤمن، سواء کان قائلا بعقله کالفلاسفة أو لم یکن کمقلدیهمالمتفلسفة، فقد ضل وأضل، لأنه ما علم الأمر على ما هو علیه، وما اهتدى بنور الإیمان الرافع للحجب. وإنما ترک هذا القسم لوضوح بطلانه.

قال الشیخ رضی الله عنه :( (ولا سیما قد علم) على البناء للفاعل أو المفعول. (إن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق بما نطقت به، إنما جاءت به فی العموم) أی، فی حق عامة الخلائق. (على المفهوم الأول، وعلى الخصوص) أی، وعلى لسان الخاصة.

(على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.) أی، وقد علم هذا العالم المنزه أن الکلام الإلهی وإن کان له مفهوم عام یفهمه کلمن یسمعه لسبق الذهن إلیه عند سماعه، لکن بالنسبة إلى طائفة معینة، من الموحدین والمحققین وباقی علماء الظاهر، له مفهومات خاصة و وجوه متکثرة ومعانی متعددة، یتجلى الحق لهم فیه، یعلمون ذلک أولا یعلمون. بل بالنسبة إلى کل شخص منهم، کما قال تعالى: (أنزل من السماء ماء فسالت أودیة بقدرها.)

وقال جعفر الصادق، علیه السلام: (إن الله تعالى قد یتجلى لعباده فی کلامه

لکنهم لا یعلمون) ولما کان هذا المعنى غیر مختص بالقرآن، بل هو من خاصة کلامه تعالى، قال: (بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان). وقد نبه النبی، صلىالله علیه وسلم، بقوله: "إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا."


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)

الفص النوحی

فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة


أی: ما یتزین به، ویکمل العلم الیقینی المتعلق بتنزیه الأسماء والصفات الإلهیة عن النقائص الإمکانیة، ظهر ذلک العلم بزینته وکماله فی الحقیقة الجامعة المنسوبة إلى نوح علیه السلام لغلبة التنزیه فی دعوته لقومه.

لغلبة التشبیه علیهم حتى اعتقدوا فی الأسماء الإلهیة أنها أجسام فاتخذوا الأصنام صورا لها یعبدونها فوجب أن یدعوهم إلى التنزیه المحض فی بعض الأحیان، وإن کان اعتقاده التنزیه، لم یکن بحیث یمنع من ظهوره فی المظاهر.

أو من إثبات الصفات الوجودیة التی بها مناسبته للخلق لکنه لم یتعرض لذلک فی دعوته فی بعض الأحیان خوفا من استقرار التشبیه علیهم؛ لغلبته فیهم لکنه قد دعاهم أیضا حینا إلى التشبیه المحض فی الظاهر لیجذبهم إلى إجابته بما یناسبهم.

قال رضی الله عنه : (اعلم أیدک  الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت.  وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.(

(اعلم أن التنزیه) أی: المطلق المانع من ظهور الحق فی المظاهر، ومن إثبات الصفات الوجودیة له (عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی) قید بذلک؛ لأنهم قائلون بمطلق التنزیه فی الذات من حیث هی (عین التحدید) له بتناهی ظهوره، وهو أنه ظاهر لذاته فی ذاته لا غیر، وعین (التقیید) له بوجوه المباینة مع الخلق مع امتناع ذلک فی شأنه بالإجماع، أما عندنا فلوجوب ظهوره فی المظاهر، وأما عند المتکلمین.

فلأنه یستدل علیه بخلقه، ولا بد من مناسبة الدلیل للمدلول، وأما عند الحکماء فلا بد من مناسبة الفاعل للمنفعل، فلا ینبغی أن یبالغ فیه بحیث ینفی عنه التشبیه الموجب لظهوره فی المظاهر.

أو للصفات الوجودیة له لدلالة النصوص على ذلک کأیة النور، وکقوله تعالى: "وما رمیت إذ رمیت ولکن الله رمى" [الأنفال: 17]، وکقوله: «جعت فلم تطعمنی، ومرضت فلم تعدنی»، وکقوله: "کنت سمعه وبصره" ، و کحدیث التحول فی الصور یوم القیامة.

بل إنما یجب نفی التشبیه الموجب لکونه جسما أو عرضا، أو ما فی حکمهما کاعتقاد أهل الشرک والمشبهة، (فالمنزه) أی: القائل بالتنزیه المطلق (إما جاهل) بما له من الصفات الوجودیة کالمعتزلة والفلاسفة، أو بظهوره فی المظاهر کعامة المتکلمین، (وإما صاحب سوء أدب) یعرف صفاته الوجودیة، وظهوره من ظواهر النصوص لکنه یقتصر فی الاعتقاد، أو القول على التنزیه المحض کمن یقتصر فی اعتقاد السلطان، أو مدحه له أنه لیس بکلب، ولا فأرة، ولا حمار.

ولذلک ضم المحققون إلى قوله: "سبحان الله" [الصافات: 159]، قول: "والحمد لله "[الصافات: 182]، أو "بحمده" [الإسراء: 53].

ثم أشار إلى أن الجهل والإساءة لا یفضیان إلى الکفر إذا لم ینضم إلى أحدهما إنکار الشرائع الواردة بإثبات الصفات الوجودیة، أو بالظهور.

فقال: (ولکن إذا أطلقاه) أی: اعتقد إطلاق التنزیه، (وقالا به) أی: اقتصرا علیه فی الذکر بأن قالا: سبحان الله فقط؛ فلا یخلوا، إما أن یقولا: بالشرائع مع التأویل أو بإنکارهما مطلقا.

(فالقائل بالشرائع): وإن أولها على خلاف الواقع، ولو من وجه المؤمن کالمعتزلة، وکالفلاسفة لو لم یقولوا: بقدم العالم، ونفی حشر الأجساد، ونفی العلم بالحوادث الجزئیة ممن یعترف بالشرائع، ویأوها بخلاف منکریها، فإنهم کفرة، ولظهور أمرهم لم یتعرض لهم.

ثم القائل بالشرائع، وإن قلنا بإیمانه فإیمانه ناقص؛ لأنه (إذا نزه، ووقف عند التنزیه) فی المدح، (ولم یر غیر ذلک) فی الاعتقاد، وفیه إشعار بأن المنزه إذا لم یقف عنده، ولم یکن یرى غیره بل أثبت الصفات الوجودیة، وظهوره فی المظاهر فهو کامل الإیمان لیس داخلا فی قوله : (فقد أساء الأدب)  بالاقتصار على الصفات السلبیة، وإثبات الغیر مع الله من کل وجه مع الإجماع على نفی الضد عنه، (وأکذب الحق والرسل) فیما ورد فی الصفات الوجودیة والظهوریة، وإن أول تأویلها غیر مطابق للواقع، ولو من وجه، (وهو لا یشعر) بتکذیبه لتأویله، (ویتخیل أنه بتأویله (فی) الاعتقاد (الحاصل) مطابقته للواقع، وهو فی الاعتقاد (الغائب) المطابقة، وإن طابق باعتبار ذاته لکن لا یطابق باعتبار أسمائه المقتضیة لظهوره فی المظاهر؛ ولذلک (فهو کمن آمن ببعض) من الکتاب، (وکفر ببعض)؛ لأنه آمن ببعض الوجوه المفهومة منه، وهو وجه التأویل المطابق من وجه دون وجه، وکفر ببعض الوجوه المفهومة منه، وهو وجه الظاهر المطابق لظهوره فی المظاهر.

(ولا سیما وقد علم) بمقتضى قوله : "إن للقرآن ظهرا وبطئا، وحدا ومطلعا" (أن ألسنة الشرائع الإلهیة) أی: ألفاظ الکتاب والسنة (إذا نطقت فی الحق تعالی بما نطقت به) سواء کانوا مما یدل على ظهوره فی المظاهر، وعلى الصفات الثبوتیة أم لا، (إنما جاءت به) أی: بذلک المنطوق.

(فی العموم) أی: فی حق العوام الذین لا یطلعون على التأویلات (على المفهوم الأول) الظاهر المطابق لاعتبار ما من اعتبارات الحق، وإلا کان تضلیلا لهم محضا.

(وعلی الخصوص) أی: وفی حق الخصوص، ولفظه على تشیر إلى أن هذه الوجوه کلها غالیة علیهم؛ لغلبة روحانیتهم على نفوسهم الحاجبة عن الأسرار (على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ) بطریق المطابقة، والتضمن والالتزام ما لم یتناقض بخلاف الحشویة المنتصرین على الظواهر والباطنیة المقتصرین على التأویلات، وفی معناهم أهل الطامات من المتصوفة لکن تأویل الباطنیة بکل حال باطل، وتأویل أهل الطاقات قد یصح لو اعترفوا بالظاهر.

(بأی لسان کان) من العربیة، والعبریة، والسریانیة، وفیه تعریض بأهل التشبیه من المسلمین والیهود یعتبر کل مفهوم له (فی وضع ذلک اللسان) أی: مما لوضعه فیه دخل بأی طریق کان مما ذکرنا المناسب للموضع، وکل منها یجب الإیمان به بمقتضى الحدیث السابق، وکیف لا؟

فإنه مظهر من مظاهر الحق.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل وهو من الفائت. وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.).


03 - فصّ حکمة سبّوحیّة فی کلمة نوحیّة

فصّ حکمة سبّوحیّة فی کلمة نوحیّة ووجه المناسبة بین الاسم والکلمة هاهنا ظاهر لما عرفت فی بیان الترتیب أنّ الکلمة النوحیّة هی المبیّنة لحقائق التنزیه ، الداعیة إلى لطائف معانی التسبیح وخصائص کماله .

على أنّ هاهنا تلویحا من تحلیل الاسم ، وهو أنّ السین والباء - الذین بهما امتاز الاسم عن الکلمة وظهر حقیقتهما - إنّما تقوّمتا بالمد والنون الذین بهما ظهرت الکلمة .

التنزیه عین التحدید

ثمّ إنّ أصول أرباب الحقائق تقتضی أنّ کلّ معنى فیه تقابل - وإن کان من المفهومات العامّة - إذا نسب إلى الحضرة الإطلاقیّة والجناب الإلهی ، یکون تخصیصا وتحدیدا لذلک الجناب ، ولهذا تسمعهم یقولون : « هو خالق العدم ، کما هو خالق الوجود » فبناء على ذلک الأصل قال : (اعلم أنّ التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید ) وذلک لأنّ التنزیه عبارة عن تبعیده تعالى عن المواد الهیولانیّة وما یستتبعه من التحدّد والتحیّز ، وعن الصور الکونیّة المنوّعة والحوادث الإمکانیّة المعیّنة وما یستدعیه من التقیّد والتشخّص .

والأوّل تنزیه المجتنبین عن التجسیم من المتکلَّمین ، والثانی تنزیه الحکماء .

ولا شک أنّ تبعیده عن المواد یقتضی إثبات نسبته إلیها ، وانتهاء حدّه عندها ، وذلک عین التحدید ، کما أنّ إطلاقه عن الصور الکونیّة المنوّعة والعوارض الحادثة المشخّصة إنّما یستدعى تخصیصه بالإطلاق وتمییزه به ، وهو عین التقیید .

المنزّه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب

( فالمنزّه إمّا جاهل ) إذا حصّل ذلک بفکره ونظره ( وإمّا صاحب سوء أدب ) إذا قلَّد فیه الرسل وأهل الحقّ .

ولا یتوهّم من هذا الکلام أنّ المنزّه مطلقا یکون جاهلا وصاحب سوء أدب - فإنّ الموحّد أیضا لا بدّ له من التنزیه کما سیجیء تحقیقه - ( ولکنّ ) إنّما ینسب إلیه ذلک ( إذا أطلقاه ) عن التشبیه (وقالا به) ، أی ذهبا إلیه ، على ما هو مذهب الفریقین .

واعلم أنّ هذا التردید بمعنى منع الخلوّ ، أی لا یخلو أمر المنزّه عنهما ، وقد یستجمعها ، فإنّ المتیقّن بنظره ممن لم یقل بالشرائع ، إذا فکَّر وأدّاه إلى التنزیه ، ووقف عنده ولم یر غیر ذلک فقد جهل الحقّ ، والمقلَّد القائل بالشرائع إذا نزّه بتقلیده الرسل وأهل الحق فقد أساء الأدب بنسبته إلى الرسل ، ( والقائل بالشرائع ، المؤمن ) أی المتیقّن بفکره ( إذا نزّه ووقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک ، فقد أساء الأدب وأکذب الحقّ  والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر ، ویتخیّل أنّه فی الحاصل ) مما أوتی به الرسل (وهو فی الفائت) من ذلک ( وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض ) فهو من المستجمعین بین الجهل وإساءة الأدب .

ثمّ لمّا استشعر ما یتمسّک به ذلک القائل من أنّ مؤدّى ألسنة الشرایع إنّما هو المفهوم الأوّل من مدلولاتها الوضعیّة ، والحکم إنّما یترتّب على الظاهر منها ، تعرّض لذلک بما یوهنه مشوّقا إلى ما یعلم منه مبدأ تقاعد الکلّ عند معتقداتهم الجزئیّة المتخالفة .

وبلوغ الکمّل إلى ما یحیط منها بالکلّ بقوله : ( ولا سیّما وقد علم ) - أی المنزّه القائل ، المؤمن المتیقّن ، إذا کان متفطَّنا - ( أنّ ألسنة الشرایع الإلهیّة إذا نطقت فی الحقّ تعالى بما نطقت به ) سریانیّا کان أو عبرانیّا أو یونانیّا أو عربیّا مبینا ( إنّما جاءت به فی العموم ) من العباد والمکلَّفین ( على المفهوم الأوّل ) من الدلالات الوضعیّة الحقیقیّة أو العقلیّة المجازیّة التی فی ذلک اللسان.

(وعلى الخصوص) من أهل الحقائق وعلى لسان الخواصّ من العباد واستعمل « على » موضع « فی » مستشعرا منها معنى العلوّ (على کلّ مفهوم یفهم) ثانیا أو ثالثا أو رابعا ، إلى أن ینتهی إلى الذوق الإحاطی الجمعی ، وکلّ ما انتقل إلیه فهم من تلک الأفهام مراد للحقّ ، ولکن ینبغی أن تکون تلک الانتقالات صحیحة ( من وجوه ذلک اللفظ ، بأیّ لسان کان فی وضع ذلک اللسان ) بمفردات حروفه ومرکَّبات کلماته .

وإنّما قلنا أنّ کل ذلک مراد مجیء به ( فإنّ للحقّ فی کل خلق ظهورا ) بحسب عموم رحمته الوجودیّة وشمول رأفته الشهودیة ( فهو الظاهر فی کلّ مفهوم ) من أوّل مراتبه للعامّة من العباد ، متدرّجا فیها ، مترقّیا إلى آخر ما تنتهی إلیه درجات معتقدات الخواصّ منهم فی ذلک ، وهو مکاشفات الکمّل ، المحیطة بالکلّ ، کلّ ذلک مجالی ظهور الحقّ .

( وهو الباطن عن کلّ فهم ) من أفهام القاصرین عن درجة الکشف العلی والذوق الإحاطیّ فهم محاطون لمفهوماتهم ومعتقداتهم ، عاکفون لدیها ، عابدون إیاها (إلَّا عن فهم من قال: إنّ العالم) بأعیانه ومفرداته الخارجیّة والذهنیّة ونسبه الکونیّة والإلهیّة (صورته وهویّته) لبلوغ فهمه ذلک إلى ما لا یحیط به مفهوم ولا یحصره صورة من العقائد ، إذ الصورة الإحاطیّة هی له ، فله أحدیّة جمع العقائد کلَّها .

وفی قوله : « من قال » دون « فهم » أو « شهد » لطیفة لا بدّ من الاطلاع علیها : وهی أنّ القول أعلى درجات قوس الإظهار - یعنی الشهود والکشف - وأتمّ مراتبه ، إذ لیس له فی الخارج عین وراءه ، وهو المراد بـ « عین الیقین » ، فإنّه لیس للیقین عین غیر الکلام ، ومن هاهنا ترى سائر الآیات کریمة المشتملة على عقائل المعارف ونفائس العقائد مصدّرة ب « قل » .

( وهو ) أی العالم بجمله وتفاصیله ( الاسم الظاهر ، کما أنّه ) أی الحقّ الظاهر بصورته فی العالم ( فی المعنى روح ما ظهر فهو الباطن ) .

وإذ لیس هاهنا محل تفصیل الاسم عن المسمّى ، ما أورد لفظ " الاسم " .

هذا تحقیق معنى الاسمین بمفردیهما ، وهما الکاشفان على ما حقّقه عن طرف التشبیه فقط ، فأراد أن ینبّه على التنزیه الذی فی عین هذا التشبیه المذکور ، کما هو مقتضى أصوله الممهّدة بقوله : ( فنسبته لما ظهر من صور العالم ) ( نسبة المدبّر للصورة ) ، فی عدم تحدّده بها ودوام تصرّفه فیها ، وامتیازه بحقیقته عنها .

إذا تقرّر هذا فنقول : إذا أرید تمییز شیء من تلک الصور وتحدید حقیقتها لا بدّ وأن یجمع بین طرفیها ، ( فیؤخذ فی حدّ الإنسان - مثلا - ظاهره وباطنه ) کما یقال فی حدّه : « إنّه الحیوان الناطق » معربا عنهما بالترتیب ، أمّا الأوّل فإنّ ظاهره لیس إلَّا الجسم النامیّ المتحرّک الحسّاس ، وأمّا الثانی فإنّ باطنه لیس إلَّا « مدرک المعقولات » وما یحذو حذوها (وکذلک فی کلّ محدود) حتّى یتمّ تحدید تلک الحقیقة وتحصیل صورة تطابقها .

( فالحقّ ) لما کان له أحدیّة جمع الصور بمعانیها ( محدود بکل حدّ ) ، فحدّ جمیع صور العالم من حدّه .


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل وهو من الفائت. و هو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، و لا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)

 

الفص النوحی  03 - فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة

قال الشیخ رضی الله عنه : "اعلم أیدک اللَّه بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید و التقیید. فالمنزه إما جاهل و إما صاحب سوء أدب. و لکن إذا أطلقاه و قالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یَرَ غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحقَّ و الرسلَ صلوات اللَّه علیهم و هو لا یشعر"

السبوح : بمعنى المسبح اسم مفعول کالقدوس بمعنى المقدس ومعناه المنزه عن کل نقص وآفة .

ولما کان الغالب على نوح علیه السلام تسبیح الحق وتنزیهه لتمادی قومه على التشبیه وعبادة الأصنام، أرسل إلیهم لیعالجهم بالضد.

وصف حکمته بالسبوحیة ، ولما کان بعد مرتبته المبدئیة والمفیضیة مرتبة الأرواح المجردة والأملاک النوریة التی من شأنها تسبیح الحق وتقدیسه کما قالوا :"ونحن نسبح بحمدک ونقدس لک"آیة 30 سورة البقرة. أردف الحکمة النفثیة بالحکمة السبوحیة .

فقال : (اعلم أن التنزیه) سواء کان من النقائص مطلقا أو من الکمالات الخلقیة (عند أهل الحقائق) العارفین بالأمور ما هی علیه (فی الجناب الإلهی) المطلق عن کل قید حتى قید الإطلاق (عین التقیید والتحدید) .

فإنه تخصیص وتقیید للحق سبحانه بما عدا ما نزه عنه (فالمنزه إما جاهل) منشأ تنزیهه الجهل مما ورد فی الشرائع من التنزیه والتشبیه والجمع بینهما (وإما) عالم به لکنه (صاحب سوء وأدب) ینفی ما یثبته بالحق سبحانه على ألسنة رسله .

ویرد ما ورد دالا على التشبیه إلى التنزیه بضرب من التأویل الذی یستحسنه عقله العلیل.

فتنزیه الجاهل وصاحب سوء الأدب لیس على ما هو الأمر علیه.

(ولکن إذا أطلقاه)، أی قائلا : التنزیه مطلقا غیر مقید ببعض المراتب (وقالا به) کذلک مطلقا أو مقیدا ببعض المراتب الإلهیة و اثبتنا التشبیه فی المراتب الکونیة فتنزیه کلاهما "المطلق و المقید" واقع على ما هو.

قال الشیخ رضی الله عنه : (فالقائل بالشرائع) العالم بها (المؤمن) بما جاء به النبی (إذا نزه) الحق سبحانه (ووقف عند التنزیه ولم یر غیر ذلک) من مراتب السفیه وربما ورد دالا على التشبیه إلى التنزیه بضرب من التأویل والتمویه.

(فقد أساء الأدب وأکذب الحق) تعالى (والرسل صلوات الله علیهم وهو لا یشعر) بتلک الإساءة وهذا التکذیب.

قال الشیخ رضی الله عنه : (و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت. و هو کمن آمن ببعض و کفر ببعض، و لا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، و على الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان.)

(ویتخیل أنه فی الحاصل وهو فی الفائت وهو کمن آمن ببعض) وهو مقام التنزیه (وکفر ببعض) وهو مقام التشبیه (لا سیما وقد علم) على البناء للمفعول أو الفاعل.

قال الشیخ رضی الله عنه : (أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت به إنما جاءت به فی العموم)، أی فی فهم عوام الخلائق على المفهوم الأول من اللفظ المنطوق به (و) أو ردته (على) أهل (الخصوص) دالا (على کل مفهوم یفهم من وجوه) احتمالات (ذلک اللفظ) مهما لم یرد فیها نص بتعیین وجه مخصوص (بأی لسان کان).

ذلک اللفظ عربی أو غیر عربی ولکن ینبغی أن یفهم (فی وضع ذلک اللسان) لا فی وضع لسان آخر فلا یعتبر فی الکلام العربی الخالص ما یفهم بحسب وضع لغة العجم مثلا .

وإنما قلنا : مراد الحق سبحانه بالنسبة إلى العموم وهو المفهوم الأول وبالنسبة إلى الخواص جمیع وجوه احتمالات اللفظ .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص111 تا 116

اعلم أیدک اللّه بروح منه أنّ التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الهی عین التحدید و التقیید.

شیخ فرماید:

بدان که تنزیه در نزد اهل حقایق (یعنى عارفان به امور على ماهى علیه) در جناب الهى عین تحدید و تقیید است.

قیصرى در شرح فرماید:

تنزیه یا فقط از نقایص امکانیه است یا از آنها و از کمالات انسانیه هم و هر یک از این دو نزد اهل کشف و شهود تحدید و تقیید جناب الهى است. زیرا منزه حق تعالى را از جمیع موجودات تمیز می‌دهد (جدا می‌کند) و ظهور او را در بعضى از مراتبش قرار می‌دهد، مرتبه‌ای که اقتضاى تنزیه دارد، نه در مرتبه‌ای که اقتضاى تشبیه دارد. حال اینکه این طور نیست. چه موجودات به ذوات و وجودات و کمالاتشان مظاهر حقند و او در همه آنها ظاهر است و براى همه آنها متجلى است و او با آنهاست در هر جا که با ذواتشان و وجودشان و بقایشان و همه صفاتشان باشند. بلکه اوست که به همه این صور ظاهر شد پس این وجودات بالأصالة براى حق است و به تبعیت براى خلق.

پس منزه یا جاهل به واقع است یا عالم است به اینکه عالم همه مظهر اوست.

پس اگر جاهل باشد و به جهل خود بر خدا حکم کرده در بعضى از مراتب او را مقید کرده است پس جاهل است و صاحب سوء أدب و اگر عالم باشد اسائه أدب با حق تعالى و رسلش کرده است. چه نفى کرده است از او آن چه را که او براى خود در دو مقام جمع و تفصیل ثابت کرده است. این بحث تشبیه و تنزیه در مقام الهیت است. اما در مقام احدیت ذاتیه نه تشبیه است و نه تنزیه چه در آن مقام اصلا تعددى نیست. (شرح فصوص قیصرى، ص 128) شیخ در عنقاء مغرب(عنقاء مغرب: سیمرغ پنهان، نام یکى از کتاب‌هاى جناب شیخ أکبر است و این عنوان به مقام احدیت اشاره دارد.) گوید:

اى منزه نهایت معرفت تو به خداوند این است که از او نقایص کون را سلب کنى، و تعریه آیا جز این است که کسى لباسى را پوشید و از او ربود کى حق تعالى لباس نقص پوشید تا از او سلب کنى؟ و اللّه این حالت تنزیه نیست، تنزیه راجع به تطهیر محل توست و تصقیل مرآت قلب، نه به ذات او و این از جمله منح و هبات الهى است به تو، بارى تعالى منزه از تنزیه است تا چه رسد به تشبیه.

اینکه گفت تنزیه راجع به تطهیر محل توست نه به ذات او همان است که عارف رومى گوید:

من نگردم پاک از تنزیهشان (تسبیحشان) پاک هم ایشان شوند و جانفشان‏

چند از این ألفاظ و اضمار و مجاز سوز خواهم سوز با آن سوز ساز

آتشى از عشق در جان برفروز         سر به سر فکر و عبارت را بسوز

عاشقان را هر زمان سوزیدنى است‏ بر ده ویران خراج و عشر نیست‏

ملت عشق از همه دین‌ها جداست‏ عاشقان را مذهب و ملت خداست
(مثنوى معنوى)‏

و المنزّه إما جاهل و إمّا صاحب سوء أدب، و لکن إذا أطلقاه و قالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزّه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحقّ و الرسل صلوات اللّه علیهم و هو لا یشعر و یتخیّل أنّه فی الحاصل و هو فی الفائت و هو کمن آمن ببعض و کفر ببعض.

و منزه یا جاهل است یا صاحب سوء أدب، لکن جاهل و صاحب سوء أدب وقتى تنزیه را بر حق اطلاق کردند و گفتند (یا مؤمن به شرایع و کتب الهیه‌اند یا غیر مؤمن) پس قائل به شرایع و کتب الهیه، یعنى مؤمن به آنها (بما جاء به النبی) وقتى تنزیه کرد و در تنزیه ایستاد و غیر آنها را ندید، همانا اسائه أدب کرده حق را منکر شد و تکذیب حق و رسل صلوات اللّه علیهم کرد. در حالى که خود به این اسائه و تکذیب شاعر نیست و خیال می‌کند علم و معرفتى حاصل کرده در حالى که از او فوت شده و از دست داده است و مانند کسى است که به بعضى از کتاب ایمان آورد و به بعضى کافر شد.

باز قیصرى در شرح گفتار شیخ گوید:

جاهل و صاحب سوء أدب چون تنزیه را بر حق اطلاق کردند و قائل به تنزیه شدند یا هر یک از آن دو مؤمن به شرایع و کتب الهی‌اند یا غیر مؤمنند و مؤمن چون حق را تنزیه کرد و در تنزیه ایستاد و در مقام تشبیه نیامد و این صفاتى که کمالات عالم است براى او ندانست و اثبات نکرد اسائه أدب کرد و به رسل و کتب الهیه در آن چه که حق از خویشتن خبر داد که حى و قیوم و سمیع و بصیر است تکذیب کرد و شعور به این تکذیبی که از او صادر شده ندارد و خیال کرده است که علوم و معارفى براى او حاصل شده است و گمان برده است که مؤمن و موحد است ندانسته است که علوم و معارف را از دست داده است و او مانند کسى است که «آمن ببعض و کفر ببعض» «آمن ببعض» در مقام تنزیه و «و کفر ببعض» در مقام تشبیه. اما غیر مؤمن (یعنى غیر مؤمن به کتب و شرایع الهیه) چه قائل به عقلش باشد چون فلاسفه، یا نباشد چون مقلدینشان متفلسفه، گمراه شده و گمراه کرده است زیرا به نور ایمان که رافع حجب است مهتدى نشد و به واقع آن چنان که هست دست نیافت.( شرح فصوص قیصرى، ص 129) پس خلاصه گفتار عرفاى شامخین این شد که مؤمن به ظاهر و متکى به عقل هیچ یک به واقع آن چنان که هست نرسیدند آن «آمن ببعض و کفر ببعض» و این به نور ایمان مهتدى نشد و از مشکات وجود انبیا نور نگرفت. این افراط است و آن تفریط. اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِیمَ صِراطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ‏ که وراى این دو راهى دارند و آن حکمت متعالیه است که جناب صدر المتألهین مبناى افکارش بر این بود یعنى با قوه عقل و مدد انبیاى الهى به حقایق رسیدن که در حقیقت تلفیق و جمع مشرب عرفان و حکمت است چه اهل ظاهر «چون ندیدند حقیقت ره افسانه زدند» و به کسانى که به جمود عقل اکتفا کردند باید گفت:

پاى استدلالیان چوبین بود پاى چوبین سخت بی‌تمکین بود

انسان به نیروى عقل صاحب عشق می‌شود و به پرتو عشق به عرفان می‌رسد و عرفان معرفت اللّه است که غرض از آفرینش است و جان تمام علوم و غایت همه معارف است، هم به عقل احتیاج داریم و هم به نقل و هم به عرفان. اینکه قیصرى ذم‏ فلاسفه کرد نه این است که بگوید فلسفه غلط است، بلکه مذمت او این است که چرا فقط به فلسفه اتکا کردند. لذا حکماى اسلامى طرا و کلا مباحث عقلى را به آیات و روایات عرضه می‌داشتند چنانکه کتبشان اقوى دلیل بر این مطلب است و قبسات میر شاهد صادق مدعاى ماست.

تنزیه، پاک دانستن حق است از نقایص امکانیه و تشبیه، حق را در لباس ممکنات محدود کردن است. ما گوییم تنزیه نیز تقیید حق است چون تشبیه، و تشبیه تعطیل حق است از ما سوایش در وراى این دو گوییم‏ هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ‏ که به همه ایمان آوردیم نتیجتا سبوح یعنى: ذات تو اعلى و اشمخ از این است که به خیال گنجد یا به لباس دیگرى درآید.

و لا سیّما و قد علم أنّ ألسنة الشّرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحقّ تعالى بما نطقت به أنّما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول و على الخصوص على کلّ مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللّفظ بأیّ لسان کان فی وضع ذلک اللسان.

بخصوص که دانسته شد زبان شرایع الهیه آن چه که در حق ناطق است در حق عامه خلایق است به مفهوم اولش و بر لسان خاصه وارد است بر هر مفهومى که از وجوه آن لفظ- به هر زبانى که هست- در وضع آن زبان وجود دارد.

به ویژه آن که دانسته شد که السنه شرایع الهیه مفهوم ظاهر و باطنى دارد که اولى براى عموم است و دوم به درجاتش براى خواص.

ملا عبدالرزاق قاسانى در این باره گوید:

مراد از عموم، عامه ناس و مراد از خصوص، خاصه ایشان است و مفهوم اول از لفظ، منطوق شرعی آن است که در وقت شنیدن لفظ، ذهن به فهم آن متبادر می‌شود و آن معنایى که از وجوه آن لفظ منطوق مفهوم می‌شود مختص به خاصه است و جایز نیست حق تعالى به کلام مخصوصى حرف بزند که فهمش اختصاص به بعض مردم داشته باشد دون بعضى و عامه از او چیزى نفهمند یا چیزى را بفهمند که مراد گوینده نیست و گر نه تدلیس می‌شود.( شرح فصوص قاسانى، ص 56.)  قال الصادق علیه السلام: «کتاب اللّه على أربعة أشیاء العبارة و الإشارة و اللّطائف‏ و الحقائق فالعبارة للعوام و الإشارة للخواص و اللّطائف للأولیاء و الحقائق للأنبیاء علیهم السلام.

قیصرى گوید:

عالم منزه می‌داند کلام الهى را اگر چه داراى مفهوم عامى است که هر کس آن را شنید ذهنش به آن مفهوم متبادر می‌شود و سبقت می‌گیرد و لکن بالنسبة به هر طایفه معینى از موحدان و محققان و باقى علماى ظاهر کلام الهى را مفهومات خاصه و وجوه متکثره و معانى متعدده است که حق تعالى برایشان در آن کلام تجلى می‌کند.( فَاقْرَؤُا ما تَیَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (مزمل: 20) ) چه بدانند این را چه ندانند. بلکه نسبت به شخص آنان تجلى خاص دارد.

چنانکه حق تعالى فرمود: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِها (رعد: 17) امام جعفر صادق علیه السلام گفت: «إنّ اللّه تعالى قد یتجلّى لعبادة فی کلامه لکنّهم لا یعلمون»( این حدیث را ابو طالب مکى در قوت القلوب ج 1، ص 100 آورده است و ملا عبد الرزاق قاسانى در تأویلاتش( ج اول، ص 4) قریب به این مضمون را از امیر المؤمنین علیه السلام آورده که در روضه کافى و وافى نقل شده است.( وافى ج 14، ص 22) و مرحوم شیخ بهایى در کشکول از عبد الرزاق قاسانى نقل کرد( صفحه 625 چاپ نجم الدولة) و صورت حدیث در قوت القلوب چنین است: قال جعفر بن محمد الصادق( ع)« و اللّه لقد تجلى اللّه عزّ و جلّ لخلقه فی کلامه و لکن لا یبصرون»( قسم به خدا حق تعالى براى خلقش در گفتارش تجلى کرد و لکن نمی‌بینند.)) (و هر کسى به فهم خویش از کلام اللّه ادراک می‌کند) و رسول اللّه به این معنى تنبیه فرمود که: «أنّ للقرآن ظهرا و بطنا و حدّا و مطلعا»( شرح فصوص قیصرى، ص 129) و در حدیث دیگرى آمده است: «أنّ للقرآن ظهرا و بطنا و لبطنه بطنا إلى سبعة أبطن» قرآن را ظاهرى است و باطنى و باطنش را باطنى تا هفت بطن.

عارف رومى گوید:

حرف قرآن را مبین که ظاهر است‏ زیر ظاهر باطنى هم قاهر است‏

زیر آن باطن یکى بطن دگر         خیره گردد اندر او فکر و نظر


تا اینکه گوید:

همچنین تا هفت بطن اى بو الکرم‏ می‌شمر تو زین حدیث معتصم‏

تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبین‏           دیو آدم را نبیند غیر طین‏

ظاهر قرآن چو شخص آدمی‌ست‏ که نقوشش ظاهر و جانش خفیست‏

مرد را صد سال عم و خال او یک سر مویى نبیند حال او
(مثنوى معنوى دفتر سوم )