عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثالثة والعشرون :


شرح فصوص الحکم من کلام الشیخ الأکبر ابن العربی أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:

03 - فص حکمة سبوحیة فی کلمة نوحیة

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (اعلم أیدک الله بروح منه أن التنزیه عند أهل الحقائق فی الجناب الإلهی عین التحدید والتقیید. فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب. ولکن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه و وقف عند التنزیه و لم یر غیر ذلک فقد أساء الأدب و أکذب الحق و الرسل صلوات الله علیهم و هو لا یشعر، و یتخیل أنه فی الحاصل و هو من الفائت.

وهو کمن آمن ببعض وکفر ببعض، ولا سیما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهیة إذا نطقت فی الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به فی العموم على المفهوم الأول، وعلى الخصوص على کل مفهوم یفهم من وجوه ذلک اللفظ بأی لسان کان فی وضع ذلک اللسان. فإن للحق فی کل خلق ظهورا: فهو الظاهر فی کل مفهوم، وهو الباطن عن کل )


1 - المناسبة فی تسمیة هذه الحکمة

فی أن الحکمة تبحث فی العقائد بما فیها من التنزیه ونوح علیه السلام هو أول الرسل فهو أول مبلغ وموضح للعقائد ، قال الله تعالى " وإن من شیء إلا یسبح بحمده " والتسبیح تنزیه فناسب التنزیه الرسالة فنسبت الى نوح علیه السلام ، لمقام الأولیة .

وأعلم أن هذه الحکمة لا یفهمها القارئ إلا أن علم ما یقصده الشیخ بالتفسیر من باب الإشارة ، کما جاء فی الجزء الأول من الفتوحات الملکیة فی الباب الخامس فی ص 115:  لأهل الجمال وأهل الوصال ، ویوضح بذلک حظ الأولیاء من إطلاق الذم کما جاء فی:

الفتوحات ج1 ص 226 , 358 , 359 . ج2  ص 135 , 136 , 482 , 687. وقد أوضحنا ذلک کله فی کتابنا شرح کلمات الصوفیة من ص 392 إلى ص 418 - فلیراجع هناک

یبدأ الشیخ رضی الله عنه هذه الحکمة ببحث فی العقائد یتناول فیها ملخصا رأی المنزهة ورأی المشبهة والمجسمة .

وقد تناول رضی الله عنه هذا البحث فی الفتوحات المکیة بالتفصیل والإفاضة ، فذکر قولا جامعا مختصرا. فی ج2  ص 219 ،

ثم توسع فی ذکر العقیدة فی الفتوحات المکیة :

ج1 ص 34 , 36 , 88 , 89 , 90 91, 92 ,93 ,95 ,96 ,345 ,349 .

ج2 ص ,175 ,288 290, 292 ,306, 432 ,483,555, 665 .

ج3  ص 58 ,81 90, 483 ,484, 536 .

ج4  ص 3 ,7, 73, 175 ,209  , 319, 350 409 , 411 .

ولقد غاب کل من حاول فک رموز هذا الفص عن نص الشیخ فیه وهو قوله « "والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعید عن نتائج الأفکار » فإذا أردت أن تعلم ما هی المشاهدة فیراجع کلام الشیخ فی الفتوحات المکیة :

ج1 ص 609 , 610 , 621 , 650 .   ج2 ص 48 , 132 , 496 , 567 .  ج3 ص 213 , 396 .     ج4 ص 192 , 396 .

وکتاب التدبیرات الإلهیة .. وکتاب ذخائر الأعلاق ..   وکتاب مواقع النجوم .

والفرق بین الرؤیة والمشاهدة فی الفتوحات المکیة ج 4 ص 369 ، 373.

وأختصر لک بعض ما جاء فی هذه المعانی من قول الشیخ رضی الله عنه إذ یقول : إعلم أن المکاشفة متعلقها المعانی والمشاهدة متعلقها الذوات ، فالمشاهدة للمسمى والمکاشفة لحکم الأسماء ، فالمکاشفة تلطف الکثیف ، والمشاهدة تکثف اللطیف .

فما من أمر تشهده إلا وله حکم زائد على ما وقع علیه الشهود لا یدرک إلا بالکشف ، فإن أقیم لک ذلک الأمر فی الشهود من حیث ذاته صحب ذلک المشهود حکم ولابد یدرک إلا بالکشف ، هکذا أبدا ، فالمکاشفة إدراک معنوی ، فهی مختصة بالمعانی ، فیدرک بالکشف ما لا یدرک بالشهود ، ویفصل الکشف ما هو مجمل فی الشهود ، ولذلک فإن المکاشفة أتم من المشاهدة .

لذلک فان هذا الفص مختص بمشاهدة تجلیات أسماء التنزیه والتشبیه فی مجالی ممثلة فی حضرة التمثیل .

وما یعقب ذلک من أثر فی العقیدة عند الأولیاء على اختلاف طبقاتهم ومیراثهم من الأنبیاء والرسل صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین ، ومعلوم أن الشیخ یستخدم الرمز واللغز لأقرب مناسبة فی الاعتبار ، فنجده یشیر إلى هذه التجلیات وأثرها من باب الإشارة والرمز فی قول نوح علیه السلام لقومه ، فجعل دعوته إسرارا واللیل لمجلى التنزیه فی صورة مثالیة ، وجعل دعوته قومه جهارا والنهار لمجلى التشبیه فی صورة مثالیة ، وجعل کلمة البیت من قوله علیه السلام د لمن دخل بیتی ». إشارة إلى القلب ، إلى غیر ذلک من الرموز والألغاز التی لا یفهمها إلا أهلها ، وکذلک جعل حظ الأولیاء من الصفات المذمومة فی هذه الحکمة.

ولا یعرف هذا إلا من قرأ ما أورده الشیخ فی مثل هذه الصفات:

للکافرین والظالمین الفتوحات المکیة ج2 ص 136

والضالین الفتوحات المکیة  ج2 ص 137 .

ثم أخذ الشیخ یقارن بین الأولیاء ورثة الأنبیاء من حیث التنزیه والتشبیه وبین الأولیاء المحمدیین الذین ورثوا محمدا مع من حیث التنزیه فی عین التشبیه ، والتشبیه فی عین التنزیه ، مستدلا على ذلک بقول الله تعالى فیما أنزل على رسوله محمد صلى الله علیه وسلم " لیس کمثله شیء".

وهی جزء من آیة جمعت التنزیه والتشبیه فی عین واحدة ، وإن شئت قلت فی لفظة واحدة .

وقد ذکر شرحه مطولا فی الفتوحات المکیة فی الجزء الأول فی ثلاثة عشر موضعا وفی الجزء الثانی فی أربعة عشر موضعا.

وفی الجزء الثالث فی خمسة عشر موضعا .

وفی الجزء الرابع فی ستة مواضع ، واختصر ذلک کله فی هذا الفص . .

وزاد الشیخ فی لغز هذا الفص بأن جعل وصف الأولیاء وارثی الأنبیاء متداخلا مع وصف الأولیاء المحمدیین ، مما زاد فی تعقید هذه الحکمة وغموضها ، ولو قرأ القارىء الفص مفصلا حظ کل واحد منهما کان الرمز واللغز أقل تعقیدا .

وقد أشرنا إلى ذلک بوضع ما للأولیاء غیر المحمدیین بین قوسین ( ) وأشرنا إلى الجمل المعترضة ، فلو قرأها القاریء برفع ما بین الأقواس ، لاتضح له أسلوب الشیخ فی الرمز مبسطا .

وعلاوة على ما نذکره فی شرح هذا الفص فلکی یفهم ما رمزه الشیخ فی هذا الفص یجب على الطالب أن یقرأ ما ذکره الشیخ من أمور تتعلق بهذا الفص :

مثل العلم بالإلهیات ( راجع کتابنا ترجمة حیاة الشیخ ص 171)

وغرض الشیخ من مصنفاته ( نفس المصدر ص 201 )

ومعنى الحیرة عند الشیخ ( راجع کتابنا الرد على ابن تیمیة من ص 50 الی ص 59 )۰

یقرأ القارىء ما بین ( ) القوسین ما یخص ورثة الأنبیاء وما هو خارج عن القوسین متصلا للأولیاء المحمدیین .


یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (فهم إلا عن فهم من قال إن العالم صورته وهویته: وهو الاسم الظاهر، کما أنه بالمعنى روح ما ظهر، فهو الباطن. فنسبته لما ظهر من صور العالم نسبة الروح المدبر للصورة. فیؤخذ فی حد الإنسان مثلا ظاهره وباطنه، وکذلک کل محدود. فالحق محدود بکل حد.)

(وصور العالم لا تنضبط ولا یحاط بها ولا تعلم حدود کل صورة منها إلا على قدر ما حصل لکل عالم من صورته.

فلذلک یجهل حد الحق، فإنه لا یعلم حده إلا بعلم حد کل صورة، وهذا محال حصوله: فحد الحق محال. وکذلک من شبهه وما نزهه فقد قیده وحدده وما عرفه.

ومن جمع فی معرفته بین التنزیه والتشبیه بالوصفین على الإجمال- لأنه یستحیل ذلک على التفصیل لعدم الإحاطة بما فی العالم من الصور- فقد عرفه مجملا لا على التفصیل کما عرف نفسه مجملا لا على التفصیل. ولذلک ربط النبی صلى الله علیه وسلم معرفة الحق بمعرفة النفس فقال: «من عرف نفسه عرف ربه».

وقال تعالى: «سنریهم آیاتنا فی الآفاق» وهو ما خرج عنک «وفی أنفسهم» وهو عینک، «حتى یتبین لهم» أی للناظرین «أنه الحق» من حیث إنک صورته وهو روحک.

فأنت له کالصورة الجسمیة لک، وهو لک کالروح المدبر لصورة جسدک.

والحد یشمل الظاهر والباطن منک: فإن الصورة الباقیة إذا زال عنها الروح المدبر لها لم تبق إنسانا، ولکن یقال فیها إنها صورة الإنسان الإحاطة بما فی العالم من الصور- فقد عرفه مجملا لا على التفصیل کما عرف نفسه مجملا لا على التفصیل. ولذلک ربط النبی صلى الله علیه وسلم معرفة الحق بمعرفة النفس فقال: «من عرف نفسه عرف ربه».

(وقال تعالى: «سنریهم آیاتنا فی الآفاق» وهو ما خرج عنک «وفی أنفسهم» وهو عینک، «حتى یتبین لهم» أی للناظرین «أنه الحق» من حیث إنک صورته وهو روحک.

فأنت له کالصورة الجسمیة لک، وهو لک کالروح المدبر لصورة جسدک.

والحد یشمل الظاهر والباطن منک: فإن الصورة الباقیة إذا زال عنها الروح المدبر لها لم تبق إنسانا، ولکن یقال فیها إنها صورة الإنسان، فلا فرق بینها وبین صورة من خشب أو حجارة. ولا ینطلق علیها اسم الإنسان إلا بالمجاز لا بالحقیقة.)

(وصور العالم لا یمکن زوال الحق عنها أصلا. فحد الألوهیة له بالحقیقة لا بالمجاز کما هو حد الإنسان إذا کان حیا. وکما أن ظاهر صورة الإنسان تثنی بلسانها على روحها ونفسها والمدبر لها، کذلک جعل الله صورة العالم تسبح بحمده ولکن لا نفقة تسبیحهم لأنا لا نحیط بما فی العالم من الصور. فالکل ألسنة الحق ناطقة بالثناء على الحق. "2"

ولذلک قال: «الحمد لله رب العالمین» أی إلیه یرجع عواقب الثناء، فهو المثنى والمثنى علیه )


2 -  کل نطق فی العالم ثناء على الله تعالی  

یقول الشیخ رضی الله عنه فی الفتوحات المکیة ج3  ص 266 ، ج4 ص 221.

من حضرة الفتاح یعلم العبد أن کل نطق فی العالم کان ذلک النطق ما کان ، مما یحمد أو یذم ، أنه تسبیح بوجه الله بحمده ، أی فیه ثناء على الله لا شک فی ذلک ومثل هذا العلم بحمد الله حصل لنا من هذه الحضرة ، ولکن ما یعرف صورة تنزیله علما بحمد الله والثناء علیه إلا من اختصه الله بوهب هذه الحضرة على الکمال ، فیسب إنسان إنسانا ، وهو عند هذا السامع صاحب هذا المقام تسبیح بحمد الله ، فیؤجر السامع ، ویأثم القائل والقول عینه.


یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :

(فإن قلت بالتنزیه کنت مقیدا ... وإن قلت بالتشبیه کنت محددا

وإن قلت بالأمرین کنت مسددا ... وکنت إماما فی المعارف سیدا

فمن قال بالإشفاع کان مشرکا ... ومن قال بالإفراد کان موحدا

فإیاک والتشبیه إن کنت ثانیا ... وإیاک والتنزیه إن کنت مفردا

فما أنت هو"3": بل أنت هو وتراه فی ... عین الأمور مسرحا ومقیدا )

(قال الله تعالى «لیس کمثله شی ء» فنزه، «وهو السمیع البصیر» فشبه.

وقال تعالى «لیس کمثله شیء» فشبه و ثنى، «و هو السمیع البصیر» فنزه و أفرد.)


3 - « فما أنت هو » من حیث عینه وهویته « بل أنت هو » من حیث أنه خلقک على صورته - راجع فص (1) هامش (4)۔ « وتراه فی عین الأمور مسرحا » وهو قوله تعالى : « لیس کمثله شیء » « فعال لما یرید » « ولو شاء » فهی حضرة الإطلاق « ومقیدا » یرید قوله تعالى : « کتب ربکم على نفسه الرحمة » « أوفوا بعهدی أوف بعهدکم » وما جاء من صفات التشبیه .

قال تعالى : « لیس کمثله شیء » فنزه وذلک باعتبار الکاف هنا زائدة ، أی لیس مثله شیء ، فنزه ، " وهو السمیع البصیر" فشبه ، فإن السمع والبصر معلوم لنا ، ومن وجه آخر "لیس کمثله شیء" ، فشبه وثنی باعتبار الکاف هنا کان التشبیه، أی لیس مثل مثله شیء ، فشبه بالمثل وثنی أیضا بالمثل .

هو قوله : "خلق الله آدم على صورته " « وهو السمیع البصیر » فنزه وأفرد ، أی لا سمیع ولا بصیر إلا هو، فنزهه عن سمع وبصر المحدثات ، وأفرد نفسه بالسمع والبصر ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله .

راجع الفتوحات المکیة :

ج1 ص  43 , 64 , 90  , 97 , 194 , 220 , 271 , 290 , 351 , 366  ,405 , 609 , 626 .

ج2 ص 141 , 167 , 174 , 211 , 219 , 290 , 291 , 470 , 618  ,537 , 588 , 661 , 662 , 692 .

ج3 ص 35 , 55 , 109 , 121 , 149 , 165 , 290 , 298 , 312 , 325  ,371 , 387 , 384 , 453 , 534 .

ج4 93 , 94 , 95 , 135 , 350 , 411 .


یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (لو أن نوحا علیه السلام جمع لقومه بین الدعوتین لأجابوه: فدعاهم جهارا ثم دعاهم إسرارا، ثم قال لهم: «استغفروا ربکم إنه کان غفارا». وقال: «دعوت قومی لیلا و نهارا فلم یزدهم دعائی إلا فرارا». و ذکر عن قومه أنهم تصامموا عن دعوته لعلمهم بما یجب علیهم من إجابة دعوته.)

(فعلم العلماء بالله ما أشار إلیه نوح علیه السلام فی حق قومه من الثناء علیهم بلسان الذم،  وعلم أنهم إنما لم یجیبوا دعوته لما فیها من الفرقان، و الأمر قرآن لا فرقان، و من أقیم فی القرآن لا یصغی إلى الفرقان و إن کان فیه. فإن القرآن یتضمن الفرقان والفرقان لا یتضمن القرآن.

ولهذا ما اختص بالقرآن إلا محمد صلى الله علیه وسلم وهذه الأمة التی هی خیر أمة أخرجت للناس. «فـ لیس کمثله شیء» یجمع الأمرین فی أمر واحد.

فلو أن نوحا یأتی بمثل هذه الآیة لفظا أجابوه، فإنه شبه ونزه فی آیة واحدة، بل فی نصف آیة.

(ونوح دعا قومه «لیلا» من حیث عقولهم وروحانیتهم فإنها غیب.

«ونهارا» دعاهم أیضا من حیث ظاهر صورهم وحسهم، وما جمع فی الدعوة مثل «لیس کمثله شیء» فنفرت بواطنهم لهذا الفرقان فزادهم فرارا.

ثم قال عن نفسه إنه دعاهم لیغفر لهم، لا لیکشف لهم، وفهموا ذلک منه صلى الله علیه وسلم.

لذلک «جعلوا أصابعهم فی آذانهم واستغشوا ثیابهم» وهذه کلها صورة الستر التی دعاهم إلیها فأجابوا دعوته بالفعل لا بلبیک.

ففی «لیس کمثله شیء» إثبات المثل ونفیه، وبهذا قال عن نفسه صلى الله علیه وسلم إنه أوتی جوامع الکلم.

فما دعا محمد صلى الله علیه وسلم قومه لیلا ونهارا.  بل دعاهم لیلا فی نهار ونهارا فی لیل.)

(فقال نوح فی حکمته لقومه: «یرسل السماء علیکم مدرارا» وهی المعارف العقلیة فی المعانی والنظر الاعتباری، «ویمددکم بأموال» أی بما یمیل بکم إلیه فإذا مال بکم إلیه رأیتم صورتکم فیه. فمن تخیل منکم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منکم أنه رأى نفسه  یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غیر عالم وعالم. "5" «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفکری. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعید عن نتائج الفکر.

(«إلا خسارا، فما ربحت تجارتهم» فزال عنهم ما کان فی أیدیهم مما کانوا یتخیلون أنه ملک لهم: و هو فی المحمدیین «و أنفقوا مما جعلکم مستخلفین فیه»، و فی نوح «ألا تتخذوا


5 - العین واحدة والحکم مختلف

ما یعرف الله إلا الله فاعترفوا    …… العین واحدة والحکم مختلف

                                                    الفتوحات ج1 / 185 .

فالله والرب والرحمن والملک     ….. حقائق کلها فی الذات تشترک

فالعین واحدة والحکم مختلف     …… لذا بدا الجسم والأرواح والفلک

                                              الفتوحات ج3 / 310.

فالعین واحدة والحکم مختلف       ….. وذاک سر لأهل العلم ینکشف

                                          الفتوحات ج3 / 430

والعین واحدة والحکم مختلف      ….. إذا تنوعت الأرواح والصور

                                               الفتوحات ج2 / 392

فالعین واحدة والحکم یختلف      ….. والقائلون بذا قوم لهم نظر

                                             الإسفار عن نتائج الأسفار ص 55

فالعین واحدة والحکم للنسب   …… والعین ظاهرة والکون للسبب

                                                 الفتوحات ج3 ص 525  

والعین واحدة والحکم مختلف    ….. والعبد یعبد الرحمن معبود

                                                الفتوحات ج2 ص 484

من الزوائد أن تعلم أن حکم الأعیان لیس نفس الأعیان ، وأن ظهور هذا الحکم فی وجود الحق، وینسب إلى العبد بنسبة صحیحة، وینسب إلى الحق بنسبة صحیحة فزاد الحق من حیث الحکم حکما لم یکن علیه ، وزاد العین إضافة وجود إلیه لم تکن یتصف به أزلا .

قال تعالى : « کل یوم هو فی شأن » أحوال إلهیة فی أعیان کیانیة بأسماء نسبیة عینتها تغییرات کوئیة ، فتجلى أحدی العین فی أعیان مختلفة الکون ، فرات صورها فیه ، فشهد العالم بعضه بعضا ، فی تلک العین ، فمنه المناسب وهو الموافق . ومنه غیر المناسب وهو المخالف.    الفتوحات المکیة ج2 ص 521 , 305 .

راجع وحدة الوجود - المرایا - فص 2 هامش رقم 4  


یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (من دونی وکیلا» فأثبت الملک لهم و الوکالة لله فیهم. فهم مستخلفون فیه. فالملک لله وهو وکیلهم، فالملک لهم وذلک ملک الاستخلاف.)

(وبهذا کان الحق تعالى مالک الملک کما قال الترمذی رحمه الله. "6"

«ومکروا مکرا کبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مکر بالمدعو لأنه ما عدم من البدایة فیدعی إلى الغایة. «أدعوا إلى الله»)


6. ملک الملک

تسمیة الحکیم الترمذی الحق « ملک الملک ، راجع « کتابتا شرح کلمات الصوفیة من ص 359 - 362، واقتبس بعض ما قاله الشیخ فی ذلک وهو قوله :

لا تصح هذه الإضافة إلا بتحقق العبد فی کل نفس أنه ملکه الله تعالى من غیر أن یتخلل هذا الحال دعوى تناقضه .

فإذا کان بهذه المثابة حینئذ یصدق علیه أنه ملک عنده، فإن شابته رائحة من الدعوى وذلک بأن یدعى لنفسه ملکا، عریا عن حضوره فی تملیک الله إیاه ذلک الأمر الذی سماه ملکا له وملکا .

لم یکن فی هذا المقام ولا صح له أن یقول فی الحق أنه ملک الملک .

وإن کان کذلک فی نفس الأمر : فقد أخرج هذا نفسه بدعواه بجهله أنه ملک لله وغفلته فی أمر ما ، فیحتاج صاحب هذا المقام إلى میزان عظیم لا یبرح بیده و نصب عینه

إذا خلص القلب من جهله       ….. فما هو إلا نزول الملک

تملکنی     وتملکته       ….. فکل لصاحبه قد ملک

فکونی ملکا له بیتن       ….. وملکی له قوله هیت لک

تملکنی من حیث أنی مقید به ، وتملکته من حیث أنه لیس للأسماء ظهور إلا فی الممکن .

فإنی لو لم آخذها لم یظهر لها أثر إذ لا أثر فی القدم ولا فی القدیم.


یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :.  ( فهذا عین المکر، «على بصیرة» فنبه أن الأمر له کله، فأجابوه مکرا کما دعاهم "مکرا ". )

(فجاء المحمدی وعلم أن الدعوة إلى الله ما هی من حیث هویته وإنما هی من حیث أسماؤه فقال: «یوم نحشر المتقین إلى الرحمن وفدا» فجاء بحرف الغایة وقرنها بالاسم، فعرفنا أن العالم کان تحت حیطة اسم إلهی أوجب علیهم أن یکونوا متقین. "7"

فقالوا فی مکرهم: «وقالوا لا تذرن آلهتکم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا یغوث ویعوق و نسرا»، فإنهم إذا ترکوهم جهلوا من الحق على قدر ما ترکوا من هؤلاء، فإن للحق فی کل معبود وجها یعرفه من یعرفه ویجهله من یجهله. "8"  فی المحمدیین: «وقضى


7 - حشر المتقین إلى الرحمن

سمع أبو یزید البسطامی قارئا یقرأ هذه الآیة «یوم نحشر المتقین إلى الرحمن وفدا» فبکی حتی ضرب الدمع المنبر ، بل روى أنه طار الدم من عینیه حتى ضرب المنبر ، وصاح وقال د یا عجبا کیف یحشر إلیه من هو جلیسه .

إن المتقی ما هو جلیس الرحمن ، إنما هو جلیس الجبار المرید العظیم المتکبر ، فیحشر المتقی إلى الرحمن لیکون جلیسه ، فیزول عنه الإتقاء ، فإن الرحمن لا یتقى بل هو محل موضع الطمع والإدلال والأنس ، فلیس العجب إلا من قول أبی یزید ؛ لأن المتقی جلیس الجبار فیتقی سطوته ، والإسم الرحمن ما له سطوة من کونه الرحمن .

إنما الرحمن یعطی اللین والعطف والعفو والمغفرة ، فلذلک یحشر إلیه من الاسم الجبار الذی یعطی السطوة الإلهیة ، فإنه جلیس المتقین فی الدنیا ، مع کونهم متقین ، فالمتقی ذاکر الله ذکر حذر ، فلما حشر الى الرحمن ، وهو مقام الأمان مما کان فیه من الحذر ، فرح بذلک واستبشر ، فکان دمع أبی یزید دمع فرح ، کیف حشر منه إلیه ، حین حشر غیره إلى الحجاب.

الفتوحات ج1 ص 511 .  ج2 ص 212 , 213.


8 - مشاهدة الحق فی کل اعتقاد

لله رجال أعطاهم الله الفهم والاتساع وحفظ الأمانة أن یفهموا عن الله جمیع إشارات کل مشار إلیه ، وهم الذین یعرفونه فی تجلی الإنکار ، والشاهدون إیاه فی کل اعتقاد ، والحمد لله الذی جعلنا منهم إنه ولی ذلک

قال تعالى " وقضى ربک ألا تعبدوا إلا إیاه " أی حکم ، وقضاء الحق لا یرد . والعبادة ذلة فی اللسان المنزل به هذا القرآن ، قال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون" ، فإن العبادة ذاتیة للمخلوق لا یحتاج فیها إلى تکلیف .

فکما قال : « یا أیها الناس أتم الفقراء إلى الله » ولم یذکر افتقار مخلوق .لغیر الله ، قضى أن لا یعبد غیر الله ، فمن أجل حکم الله عبدت الآلهة ، فلم یکن المقصود بعبادة کل عابد إلا الله ، فما عبد شیء لعینه إلا الله .

وإنما أخطأ المشرک حیث نصب لنفسه عبادة بطریق خاص لم یشرع له من جانب الحق ، فشقی لذلک .

فإنهم قالوا فی الشرکاء « ما نعبدهم إلا لیقربونا إلى الله » فاعترفوا به وأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم .

وما ثم صورة إلا الألوهیة فنسبوها إلیهم ، فکان قوله تعالی : « وقضى ربک ألا تعبدوا إلا إیاه » من الغیرة الإلهیة حتى لا یعبد إلا من له هذه الصفة .

فکان من قضائه أنهم اعتقدوا الإله ، وحینئذ عبدوا ما عبدوا ، مع أنهم ما عبدوا فی الأرض من الحجارة والنبات والحیوان ، وفی السماء من الکواکب والملائکة ، إلا لاعتقادهم فی کل معبود أنه إله لا لکونه حجرا ولا شجرة ولا غیر ذلک .

وإن أخطأوا فی النسبة فما أخطأوا فی المعبود ، فعلى الحقیقة ما عبد المشرک إلا الله ، وهو المرتبة التی سماها إلها ، لأنه لو لم یعتقد الألوهیة فی الشریک ما عبده .

فإنه ما عبد من عبد إلا بتخیل الألوهیة فیه ، ولولاها ما عبد.

ولذاک قال تعالى : " وقضى ربک ألا تعبدوا إلا إیاه " فما عبد أحد سوى الله ، حتى المشرکون ما عبدوه إلا فی الهیاکل المسماة شرکاء ،فما عبدت إلا الألوهیة فی کل من عبد من دون الله.

لأنه ما عبد الحجر لعینه ، وإنما عبد من حیث نسبة الألوهة له ، فإن المشرک ما عبد شیئا إلا بعد ما نسب إلیه الألوهة ، فما عبد إلا الله ..

فالکامل من عظمت حیرته و دامت حسرته ، ولم ینل مقصوده لما کان معبوده ، وذلک أنه رام تحصیل ما لا یمکن تحصیله ، وسلک سبیل من لا یعرف سبیله .

والأکمل من الکامل من اعتقد فیه کل اعتقاد ، وعرفه فی الإیمان والدلائل وفی الإلحاد ، فإن الإلحاد میل إلى اعتقاد معین، من اعتقاد ، فاشهدوه بکل عین إن أردتم إصابة العین ، فإنه عام التجلی ، له فی کل صورة وجه ، وفی کل عالم حال .

الفتوحات ج1 ص  238 , 405 , 589 .  ج2 ص 92 , 212 , 326 , 498.  ج4 ص 100 , 101 , 415 .

ربک ألا تعبدوا إلا إیاه» أی حکم. فالعالم یعلم من عبد، و فی أی صورة ظهر حتى عبد، و أن التفریق والکثرة کالأعضاء فی الصورة المحسوسة و کالقوى المعنویة فی الصورة .

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی : (الروحانیة، فما عبد غیر الله فی کل معبود.) "9"

(فالأدنى من تخیل فیه الألوهیة، فلو لا هذا التخیل ما عبد الحجر و لا غیره. و لهذا قال: «قل سموهم»، فلو سموهم لسموهم حجارة و شجرا و کوکبا.

و لو قیل لهم من عبدتم لقالوا إلها ما کانوا یقولون الله و لا الإله. و الأعلى ما تخیل ، بل قال هذا مجلى إلهی ینبغی تعظیمه فلا یقتصر.

فالأدنى صاحب التخیل یقول: «ما نعبدهم إلا لیقربونا إلى الله زلفى» و الأعلى العالم یقول: «فإلهکم إله واحد فله أسلموا» حیث ظهر «و بشر المخبتین» الذین خبت نار طبیعتهم، فقالوا إلها و لم یقولوا طبیعة، «و قد أضلوا کثیرا، أی حیروهم فی تعداد الواحد بالوجوه و النسب.)

(«و لا تزد الظالمین» لأنفسهم. «المصطفین » الذین أورثوا الکتاب، فهم أول الثلاثة. فقدمه على المقتصد و السابق. «إلا ضلالا» إلا حیرة المحمدی. «زدنی فیک تحیرا»، «کلما أضاء لهم مشوا فیه وإذا أظلم علیهم قاموا». فالحائر له الدور و الحرکة الدوریة حول القطب فلا یبرح منه.)

(و صاحب الطریق المستطیل مائل خارج عن المقصود طالب ما هو فیه صاحب خیال إلیه غایته: فله من و إلى و ما بینهما. و صاحب الحرکة الدوریة لا بدء له فیلزمه «من» و لا غایة فتحکم علیه «إلى»، فله الوجود الأتم وهو المؤتى جوامع الکلم والحکم. «مما خطیئاتهم» فهی التی خطت بهم فغرقوا فی بحار العلم بالله،وهو الحیرة."10"


9 - جملة معترضة - راجع رقم 8


10 - الحیرة

راجع الفرق بین فهم الشیخ الأکبر وبین ابن تیمیة فی الحیرة - کتابنا الرد على ابن تیمیة من ص 50 إلى ص 59 - نقتبس من کلام الشیخ الأکبر ما یلی :

"رجال الحیرة هم الذین نظروا فی هذه الدلائل (الدلائل المتعارضة للتنزیه والتشبیه) واستقصوها غایة الاستقصاء إلى أن أداهم ذلک النظر إلى العجز والحیرة فیه ، من نبی أو صدیق .

قال : « اللهم زدنی فیک تحیرا » فإنه کلما زاده الحق علما به ، زاده ذلک العلم حیرة "فیه ، من نبی أو صدیق" .

""وقال الشیخ : "اللهم زدنی فیک تحیرا " ، فإنه کلما زاده الحق علما به ، زاده ذلک العلم حیرة ، ولا سیما أهل الکشف لاختلاف الصور علیهم عند الشهود ، فهم أعظم حیرة من أصحاب النظر فی الأدلة ، بما لا یتقارب.""

ویقول فی کتاب التراجم - الحیرة لا تکون إلا فیمن لا یتکیف ، والحیرة قبل الوصول، والحیرة فی الوصول ، والحیرة فی الرجوع .

کیف لا تحار العقول والأسرار فیمن لا تقیده البصائر والأبصار ، لو جلى الحق نفسک لک لحرت.

ویقول فی الفتوحات ج2  ص 661 - حیرة العارف فی الجناب الإلهی أعظم الحیرات ، لأنه خارج عن الحصر والتقیید.

للزیادة راجع الفتوحات ج1 ص 270 , 420 .  ج2 ص 607 , 661 . ج3 ص 490 .

ج4 ص 196 , 197 , 245 , 28. , دیوان ص 71 .


یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :

 ( «فأدخلوا نارا» فی عین الماء فی المحمدیین. "و إذا البحار سجرت": سجرت التنور إذا أوقدته.)

("فلم یجدوا لهم من دون الله أنصارا» فکان الله عین أنصارهم فهلکوا فیه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السیف، سیف الطبیعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفیعة، وإن کان الکل لله و بالله بل هو الله.  «قال نوح رب» ما قال إلهی، فإن الرب له الثبوت والإله یتنوع بالأسماء فهو کل یوم فی شأن. فأراد بالرب ثبوت التلوین إذ لا یصح إلا هو.

«لا تذر على الأرض» یدعو علیهم أن یصیروا فی بطنها. المحمدی «لو دلیتم بحبل لهبط على الله»، «له ما فی السماوات و ما فی الأرض».)

(و إذا دفنت فیها فأنت فیها و هی ظرفک: «و فیها نعیدکم ومنها نخرجکم تارة أخرى» لاختلاف الوجوه. «من الکافرین» الذین «استغشوا ثیابهم وجعلوا أصابعهم فی آذانهم» طلبا للستر لأنه «دعاهم لیغفر لهم» والغفر الستر. «دیارا» أحدا حتى تعم المنفعة کما عمت الدعوة. «إنک إن تذرهم» أی تدعهم وتترکهم «یضلوا عبادک» أی یحیروهم فیخرجوهم من العبودیة إلى ما فیهم من أسرار الربوبیة فینظرون أنفسهم أربابا بعد ما کانوا عند أنفسهم عبیدا، فهم العبید الأرباب.

«و لا یلدوا» أی ما ینتجون و لا یظهرون «إلا فاجرا» أی مظهرا ما ستر، «کفارا» أی ساترا ما ظهر بعد ظهوره.

فیظهرون ما ستر، ثم یسترونه بعد ظهوره، فیحار الناظر و لا یعرف قصد الفاجر فی فجوره ، و لا الکافر فی کفره، و الشخص واحد.)

(«رب اغفر لی» أی استرنی واستر من أجلی فیجهل قدری و مقامی کما جهل قدرک فی قولک: «و ما قدروا الله حق قدره».

«و لوالدی»: من کنت نتیجة عنهما و هما العقل و الطبیعة. «و لمن دخل بیتی» أی قلبی.

«مؤمنا» مصدقا بما یکون فیه من الإخبارات الإلهیة و هو ما حدثت به أنفسها. «و للمؤمنین» من العقول «و المؤمنات» من النفوس.

«و لا تزد الظالمین»: من الظلمات أهل الغیب المکتنفین خلف الحجب الظلمانیة.

«إلا تبارا» أی هلاکا، فلا یعرفون نفوسهم لشهودهم وجه الحق دونهم فی المحمدیین. «کل شی ء هالک إلا  وجهه» و التبار الهلاک.

و من أراد أن یقف على أسرار نوح فعلیه بالرقی فی فلک یوح "نوح"، و هو فی التنزلات الموصلیة لنا "11". و الله یقول الحق)


11 - یشیر هنا إلى الباب السادس فی اختصاص الإمام بیوم الأحد وما یظهر فیه من انفعالات.

فإن فلک یوح ، هو ذلک الشمس ، وهی السماء الرابعة ، وهذا یؤکد ما أشرت الیه فی أول شرح هذه الحکمة من أن القارىء یجب علیه أن یعلم غرض الشیخ من مصنفاته ، نقتبس من ذلک قوله : متى ذکرت حادثا من حوادث الأکوان ، فانما غرضی أن أثبته فی سمع السامع ، وأقابله بمثله فی الإنسان .

فنصرف النظر فیه إلى ذاتنا الذی هو سبیل نجاتنا ، فأنشئه بکلیته فی هذه النشأة الإنسانیة على حسب ما یعطیه المقام ، إما جسمانیة وإما روحانیة .

فإیاک أن تتوهم أیها الأخ الشفیق أن غرضی من کتبی کلها الکلام فیما خرج عن ذاتی من غیر أن تلحظ فیه سبیل نجاتی . (کتاب عنقاء مغرب).

وهذا ما نص علیه فی ص (67) من الفص بقوله : « وهی المعارف العقلیة فی المعانی والنظر الاعتباری »۰

ویشیر الشیخ إلى ما جاء فی التنزلات الموصلیة فی الباب المذکور إلى ما یتعلق بالتوحید والعقیدة حیث یقول : الحمد لله الذی کان ولا شیء معه ، وهو على ما علیه کان ، ثم أبدع العالم واخترعه ولم یرجع إلیه أثر من خلقه الکیان .

أوجد ما علم من ذاته لا من شیء ، وأخرجها من غیر شیء کانت فیه ولا خښء ، وکان موصوفا بالوجود قبل کل موجود ، ولا قبل من حیث العبارة ، ولا کان إلا من حیث الإشارة .

والمنهج القویم ، فی معرفة ارتباط المحدث بالقدیم ، فلیس بینهما بینیة ولا قبلیة ، إذ القبل مخلوق إضافی ، وامتداد زمانی ، ولو حققتم مراتب الموجودات ، لاستحال عندکم وجود الأزمان والتقدم بالکان، وقضیتم فیها بالإحالة بعد الإمکان، فمن ثبت قدمه ، استحال علیه إطلاق صیغ الأزمان ، والإشارة بصیغ المکان ، إلا من طریق المجاز ، على الجواز .

لما فی عالم العبارة من العجز والقصور ، فی ذلک المقام من العلو والإعزاز ، فتطلقها علیه العقول المعقولة بأفکارها ، لتجوز منها إلى إدراک المعانی المقدسة المؤسسة فی فطرها .

ولولا الإمداد لهذه العقول المتعطشة لمعرفة باریها الحائرة ، لما احتجنا إلى استعمال هذه العبارات القاصرة ، فله الصفات العلى ، والأسماء الحسنى ، والنبأ الأسنى ، وحجاب العزة الأحمی ، تجلى اسمه الحی فحییت الموجودات ، والقیوم فقامت به الأرض والسموات ، ومن فیهن من عوالم البقاء والاستحالات ، فعنت لحیاته الوجوه، وسجدت لقیومیته الجباه ، وأقنعت لعظمته الرؤوس ، وتحرکت بذکره الشفاه .

أما الرمز واللغز فی هذا الفص فهو ما جاء من باب الاشارة بکلام نوح علیه السلام لقومه ویعنی به الشیخ رضی الله عنه حظ الأولیاء من الصفات المذمومة وذکر منهم ثلاثة أصناف:


وهم الکافرون ، وهم الساترون مقامهم مثل الملامیة ، فالکافر من أهل الشقاء من ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة .

والکافر من الأولیاء  "الساتر من الأولیاء والمختفی بین خلقه" من کان ختم الحق على قلبه لأنه اتخذه بیتا فقال «ما وسعنی أرضی ولا سمائی ووسعنی قلب عبدی» والله غیور فلا یرید أن یزاحمه .أحد من خلقه فیه .

فإن الله لا ینظر إلا إلى قلب العبد ، فلما ختم الله على قلب هذا العبد لم یدخل فی قلبه سوى ربه.

وختم على سمعه فلا یصغی الى کلام أحد إلا إلى کلام ربه ، فهم عن اللغو معرضون .

وعلى بصره غشاوة ، وهی غطاء العنایة ، فلا ینظرون إلى شیء إلا ولهم فیه آیة تدل على الله.

فکان هذا الحفظ غشاوة تحول بین أعینهم وبین النظر فی غیر دلالة ولا اعتبار ، وحالت بینهم وبین ما لا ینبغی أن ینظر إلیه ، فهی غشاوة محمودة .


الظالمون ، قال تعالى : «ثم أورثنا الکتاب الذین اصطفینا من عبادنا» و المصطفی هو الولی ، ثم قال فی المصطفین "فمنهم ظالم لنفسه" ، وهو أن یمنعها حقها من أجلها ، أی الحق الذی لک یا نفسی علی فی الدنیا نؤخره لک إلى الآخرة ، وبادر هنا الى الکد والاجتهاد وأخذ بالعزائم واجتنب المیل إلى الرخص ، وهذا کله حق لها ،فهو ظالم لنفسه نفسه من أجل نفسه.

ولهذا قال فیمن اصطفاه "فمنهم ظالم لنفسه "و أی من أجل نفسه لیسعدها، فما ظلمها إلا لها .


الضالون : هم التائهون الحائرون فی جلال الله وعظمته ، کلما أرادوا أن یسکنوا فتح لهم من العلم به ما حیرهم و أقلقهم ، فلا یزالون حیارى لا ینضبط لهم منه ما یسکنون عنده ، بل عقولهم حائرة ، فهؤلاء هم الضالون الذین حیرهم التجلی فی الصور المختلفة .

الفتوحات ج2 ص 136 , 137 .

"" والضالون – قد تأتی بمعنى الضالة وهى الهدف أو الغرض الذی نبحث عنه أو نسافر الیه " وَوَجَدَکَ ضَالًّا فَهَدَى" إلیک ودل علیک الناس التی تبحث عن الإیمان بالله یا رسول الله و یا ولی الله "".