عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الحادیة والعشرون:


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

المرتبة 04 هو: لفص حکمة قدوسیة فی کلمة إدریسیة من الاسم الآخر ومرتبة الهباء وحرف الحاء ومنزلة الدبران من برج الثور

الجسم هو آخر مراتب الظهور العینى. فالاسم الظاهر المتوجه على إیجاد الجسم یستلزم ظهور الاسم الآخر.

وفی هذا المعنى یقول الشیخ فی حضرة الآخر من الباب 558: (... فالإنسان الکامل هو الآخر لأنه فی الرتبة الثانیة وهو الخلیفة وهو أیضا الآخر بخلقه الطبیعی فإنه آخر المولدات) .. فظهر جسمه فکان المسمى آدم فهو الآخر.

بالنسبة للصورة الإلهیة والآخر أیضا بالنسبة للصورة الکونیة الطبیعیة فهو الآخر نفسا و جسما وهو الآخر برجوع أمر العالم إلیه...).

فظهر الآخر فی المرتبة الرابعة متوجها على إیجاد مرتبة الهباء التی هی مظهر من حقیقة الحقائق أی أعلى وآخر المراتب الجامعة للإطلاق والتقیید والعدم والوجود... و لعلوها یرمز لها بالعنقاء التی تحوم فوق قمة جبل قاف.

فمرتبتها أنسب المراتب لإدریس علیه السلام الذی قال الله عنه :"ورفعناه مکانا علیا" (مریم، 57).

وقرن تعالى العلو الربوبی بالتسبیح والتقدیس فقال: "سبح اسم ربک الأعلى" (الأعلى، 1) .

ولهذا کان وصف حکمة هذا الفص بالقدوسیة لأن التسبیح الأعلى هو التقدیس ولهذا ورد فی الحدیث الشریف أن من أذکار الملإ الأعلى: " سبوح قدوس رب الملائکة والروح".

وقد تمکن إدریس علیه السلام  من التقدیس والتروحن إلى أن اتصل بروحانیات السماوات والبروج .

وترقى إلى عالم القدس فاطلع على أسرار التدبیر والتفصیل فی الملک والملکوت وعلم الناس علوم الحکمة .

ثم رفع إلى قطب السماوات فی الفلک الشمسی فهو قطب الأرواح السماویة المقدسة.

یقول الشیخ عن مرتبة الهباء الإدریسیة ما خلاصته:

(اعلم أن هذا الجوهر مثل الطبیعة لا عین له فی الوجود وإنما تظهره الصورة فهو معقول غیر موجود الوجود العینی.

ونسمیه العنقاء فإنه یسمع بذکره ویعقل ولا وجود له فی العین.

وقد کان الله ولا شیء معه. فلما أراد وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه بنفسه انفعل عن تلک الإرادة المقدسة بضرب بحل من تحلیات التتریة إلى الحقیقة الکلیة انفعل عنها حقیقة تسمى الهباء هی ممتلة طرح البناء الجص لیفتح فیها ما شاء من الأشکال والصور وهذا هو أول موجود فی العالم، وقد ذکره علی بن أبی طالب رضی الله عنه وکرم وجهه .

ثم إنه تعالى تجلى بنوره إلى ذلک الهباء - ویسمیه أهل الأفکار :

الهیولی الکل - والعالم کله فیه بالقوة والصلاحیة فقبل منه تعالى کل شیء فی ذلک الهباء على حسب قوته واستعداده کما تقبل زوایا البیت نور السراج.

فلم یکن أقرب إلیه قبولا فی ذلک الهباء إلا حقیقة محمد صلى الله علیه وسلم المسماة بالعقل .

فکان سید العالم بأسره وأول ظاهر فی الوجود فکان وجوده من ذلک النور الإلهی ومن الهباء ومن الحقیقة الکلیة.

وفی الهباء وجد عینه وعین العالم من تجلیه وأقرب الناس إلیه علی بن أبی طالب وأسرار الأنبیاء أجمعین.

فهذا العقول الهبائی هو کل أمر یقبل بذاته الصور المختلفة التی تلیق به وهو فی کل صورة بحقیقته وفیه تظهر العین التی تقبل حکم الطبیعة وهو الجسم الکل وهذا المعقول إنما قیدنا مرتبته بأنها الرابعة من حیث قبوله صورة الجسم خاصة.

وأما بالنظر إلى حقیقته فلیست هذه مرتبته ولا ذلک الاسم اسمه وإنما اسمه الذی یلیق به الحقیقة الکلیة التی هی روح کل حق ومنى خلى عنها حق فلیس حقا، وهو قدیم فی القدیم حقیقة و حادث فی المحدث حقیقة.

لأنه بذاته یقابل کل متصف به وهو فی کل ذات بحقیقته وعینه وما له عین وجودیة سوى عین الموصوف فهو على أصله معقول لا موجود وجودا عینیا .

ومثاله فی الحس البیاض فی کل أبیض أو التربیع فی کل مربع.

فالمعنى القابل لصورة الجسم هو المذکور المطلوب فی هذه المرتبة الرابعة.

والجسم القابل للشکل هو هباء لأنه یقبل الأشکال لذاته فیظهر فیه کل شکل ولیس فی الشکل منه شیء وما هو عین الشکل.

والأرکان هباء للمولدات وهذا هو الهباء الطبیعی، والحدید وأمثاله هباء لکل ما تصور منه من سیف ومفتاح وغیرها وکلها صور أشکال ومثل هذا یسمى الهباء الصناعی. فهذه أربعة عند العقلاء، والأصل هو الکل.

وزدنا نحن حقیقة الحقائق التی تعم الخلق والحق وما ذکرها أحد من أهل النظر إلا أهل الله.

وهذا کله من حکم الاسم الأخیر الظاهر التی هی کلمة النفس الرحمانی وهو الذی توجه على الدبران من المنازل و اسمها مناسب للآخر لأن الإدیار هو التأخر - وکواکبه ستة وهو أول عدد کامل فهو أصل کل عدد کامل فکل مسدس فی العالم له نصیب من هذه الکمالیة.

وإنما وصف بالکمالیه لأنه یظهر عن نصفه وثلثه و سدسه فیقوم من عین أجزائه وعلیه أقامت النحل بینها حتى لا یدخله خلاء). انتهى.

و لعلو هذه المرتبة المعقولة کان مدار هذا الفص الإدریسی حول على المکانة والمکان.

لأن الاسم العلی فی الأسماء الحسنى کالهباء بالنسبة لصور العالم لقول الشیخ عنه: (والعلی لنفسه هو الذی یکون له الکمال الذی یستغرق به جمیع الأمور الوجودیة والنسب العدمیة بحیث لا یمکن أن یفوته نعت منها ولیس ذلک إلا لمسمى الله تعالى خاصة.).

ومن أقرب المعقولات المرتبة الهباء معقولیة العدد. فالعدد لا وجود عیبنی له وإنما یظهر بظهور المعدود.

ولذلک خصص الشیخ فی هذا الفص فقرة حول العدد وفیها یقول:

(وما ظهر حکم العدد إلا بالمعدود... وقد یعدم الشیء من حیث الحس وهو موجود من حیث العقل) .

وحیث أن مرتبة الهباء هی محلى کل الصور. فقد کرر الشیخ فی هذا الفصل لفظة "صورة" نحو ست مرات.

وفی النصف الأخیر من الفص مهد للفص الإبراهیمی الموالی بذکره الآیات قصة رؤیا إبراهیم مع ولده والکبش وأشار إلى الاسم الظاهر الحاکم علیه بقوله: (فظهر بصورة کبش من ظهر بصورة إنسان. فمن الطبیعة ومن الظاهر منها؟...).

وإنما ذکر الطبیعة لعلاقتها بالهباء فهما توأمان حسب قوله فی الباب 11 من الفتوحات: (فالطبیعة والهباء أخ وأخت لأب واحد وأم واحدة فأنکح الطبیعة الهباء فولد بینهما الجسم الکلی وهو أول جسم ظهر فکان الطبیعة الأب فإن لها الأثر وکأن الهباء الأم فان فیها ظهر الأثر وکان النتیجة الجسم ثم نزل التوالد فی العالم إلى التراب).


السورة القرآنیة الخاصة بالفص الإدریسی


04: مفتاح سورة فص إدریس علیه السلام


هذا الفص و سابقه أخوان لأن الاسمین الحاکمین على حکمتیهما أخوان وهما: "السبوح القدوس".

وکذلک الاسمان المتوجهان على إیجاد المرتبتین الثالثة والرابعة من مراتب العالم، أی الطبیعة و الهباء هما أیضا أخوان وهما "الباطن" و"الآخر".

فالباطن لنوح والطبیعة والآخر لإدریس و الهباء .

والطبیعة والهباء توأمان حسب ما ذکره الشیخ فی الباب -11- فی حیث یقول: " ... بعد أن عرفت الأب الثانی من الممکنات وأنه أم ثانیة للقلم الأعلى کان مما ألقى إلیها من الإلقاء الأقدس الروحانی: الطبیعة والهباء. فکان أولى أم ولدت توأمین ..."

وإنما ذکرنا هذا لعلاقته مع سورة هذا الفص وهی سورة اللیل أخت سورة لیلة القدر أی سورة مرتبة الطبیعة وفص نوح، و المفتتحة بنکاح اللیل والنهار والذکر والأنثى " واللیل إذا یغشى . والنهار إذا تجلى . وما خلق الذکر والأنثى " (اللیل، 1-3)

ومناسبة سورة اللیل -- لهذا الفص له عدة وجوه منها:

أولا: مناسبتها للقدوس لأن اللیل یرمز إلى غیب الهویة أی التنزیه والتقدیس .

والنهار یرمز إلى الظهور والتشبیه.

قال تعالى :"واللیل إذا یغشى والنهار إذا تجلى " (اللیل، 1-2) وتکلم الشیخ فی هذا الفص عن الحق المنزه والخلق المشبه.

ثانیا: مناسبتها للهباء أی الهیولى التی یصفها الشیخ بالسواد فیقول فی جوابه عن السؤال "153" من أسئلة الترمذی: "والحرف صورة فی السبخة السوداء.

فإن قلت وما السبخة قلنا الهباء الذی فتح فیه صور أجسام العالم... " وفی الباب "289" الفتوحات یقول: "فکل ظلام فی العالم من جوهر الهباء الذی هو الهیولى"

ثالثا: مناسبتها مع "إدریس" علیه السلام یظهر من آیته التی افتتح الشیخ ما الفص أی: "ورفعناه مکانا علیا" وجل الفص یدور حول مفهوم العلو من "الآیة 20 فی سورة اللیل "إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى " قیل إن هذه الآیة نزلت فی أبی بکر الصدیق عنه وهو من المحمدیین الذین قال الشیخ عنهم:

"... وأما علو المکانة فهو لنا أعینی المحمدین قال الله تعالى: ه"وأنتم الأعلون والله

معکم " (محمد، 35 ) فی هذا العلو.

" فکأنه یشیر إلى آیة 40 من سورة التوبة وفیها وصف حال النبی والصدیق ومعیة الله تعالى لهما ثان أثنین إذ هما فی الغار إذ یقول یصیبه لا تحزن إن الله معنا )

وکان الشیخ یلوح لتلک الآیة و" إلا ابتغاء وجه به الأعلى ".

فی قوله: "قد ظهر فی هذا القول عشرون مرتبة" لأنها هی الآیة العشرون.

والمعنى الظاهر للعشرین مرتبة هو مراتب الآحاد التسعة و مراتب العشرات التسعة ثم المائة ثم الألف فمجموعها عشرون...

وبدأ الشیخ هذا المنزل بقوله... "إن هذا المنزل من أعظم المنازل قدرا هو منزل النکاح الغیبی".

وهو نکاح المعانی والأرواح ویختص هذا المنزل علم التجلی الإلهی المشبه بالشمس لیس دونها سحاب دون التجلی القمری البدری..." إلى آخره.

یشیر إلى الآیة 2 ( والنهار إذا تجلى ) ومن هنا تظهر مناسبة أخرى بین هذه السورة و إدریس لأنه هو قطب فلک الشمس فی السماء الرابعة التی بشروقها یتجلى النهار.

ورأینا فی فص شیث أن شروقها هو "الضحى".

ومدار ذلک الفص على أیتها "ولسوف یعطیک ربک فترضى " (الضحى، 5) .

ومدار هذا الفص على آیة اللیل الأخیرة "إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى . ولسوف یرضى )[ 20-21].

فتلک الآیة من "الضحى" للنبی صلى الله علیه وسلم  وهذه الآیة من "اللیل" لصاحبه أبی بکر الصدیق رضی الله عنه فبشر الصاحیین بالرضا.. .

وکلامه عن الأول والأخر والعین واحدة من الآیة (13) " وإن لنا للآخرة والأولى" وکلام الشیخ حول تشتت الأعداد من الواحد مرجعه للآیة (4) "إن سعیکم لشتى" وکلامه عن الولد ووالده والزوج والنکاح مرجعه للآیة(3) "وما خلق الذکر والأنثى".

وذکر أبا سعید الخراز الذی قال: عرفت الله بجمعه بین الضدین، وهو عین ما نجده فی الباب "292 فتوحات " الذی هو باب مزل سورة "اللیل" - حیث یقول: "وأما علم تألف الضرتین فاعلم أن أبا سعید الخراز قیل له: بم عرفت الله ؟ فقال بجمعه بین الضدین وتلا هو الأول والآخر أی هو أول من عین ما هو آخر وظاهر من حیث ما هو باطن".

وقول الشیخ: "إن کل أسم إلهی یسمى بجمیع الأسماء الإلهیة وینعت ما" مناسب لقوله عن الجوهر المبانی فی "الباب 198 فتوحات فصل 14" : الهباء هو کل أمر یقبل بذاته الصور المختلفة التی تلیق به وهو فی کل صورة بحقیقته".


علاقة هذا الفص بسابقه ولا حقه

- ذکرنا فی البدایة الأخوة بین هذا القص القدوسی الإدریسی الهبائی الآخر من سورة "اللیل" والفص السابق النوحی السبوحی الطبیعی الباطن من سورة "لیلة القدر".

ولتأکید هذه العلاقة ذکر الشیخ فی هذا الفص الإدریسی الطبیعة وأرکانها فقال : "... فمن الطبیعة ومن الظاهر منها... فهذا بارد یابس وهذا حار یابس: فجمع بالبس وأبان بغیر ذلک. والجامع الطبیعة لا بل العین الطبیعیة. فعالم الطبیعة صور فی مرآة واحدة، بل صورة واحدة فی مرایا مختلفة.".

وقوله عن الطبیعة: "من الظاهر فیها ؟" .

تمهید للدخول لفص إبراهیم التالی الحاکم على مرتبته الاسم "الظاهر".

وزاد توضیحا لهذا التمهید بقوله عن إبراهیم وابنه علیهما السلام: " ... فانظر ماذا ترى" "قال یا أبت افعل ما تؤمر"، والولد عین أبیه.

فما رأی یذبح سوى نفسه "وفداه بذبح عظیم" فظهر بصورة کبش من ظهر بصورة إنسان.

وظهر بصورة ولد. لا بل بحکم ولد من هو عین الوالد".