عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة العشرون:


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

المرتبة 05: لفص حکمة مهیمیة فی کلمة إبراهیمیة من الاسم الظاهر ومرتبة الجسم الکلى وحرف العین و منزلة الهقعة

تشکل الحکیم فی أشکال الحکمة هو الظهور.

فما الظهور إلا تشکل فی هیئة مخصوصة لحکمة معینة.

فالحکیم یستلزم ظهور الاسم الظاهر.

فظهر الظاهر فی المرتبة الخامسة متوجها على إیجاد مرتبة الجسم الکل لأن غایة الظهور تتم فی الجسم ففیه تظهر جمیع ما اتصفت به الذات فهو الغایة .

یقول الشیخ "الفتوحات الباب 371": (والغایة القصوى ظهور جسومنا فی عالم الترکیب والأبدان).

وفی هذا المعنى یقول الشیخ فی الفصل 11 من "الفتوحات الباب 98": (الأصل وجود عین العقل والزائد وجود النفس وهو على قدر العقل ثم الطبیعة وهی على قدر العقل ثم الهباء وهو على مقدار العقل ثم الجسم الکل وهو الرابع ولیس وراءه شیء إلا الصور).

ولهذا بدأ الشیخ هذا الفص بقوله: (إنما سمی الخلیل خلیلا لتخلله وحصره جمیع ما اتصفت به الذات الإلهیة). فمقام الخلة هو مقام کمال ظهور الحق على ظاهر عبده وهو قول الشیخ: (فالحق سمع الخلق وبصره ویده ورجله وجمیع قواه کما ورد فی الخبر الصحیح).

ولاستمداد هذا الفص من الاسم الظاهر تکررت فیه ألفاظ: یظهر، والظاهر ومظهر نحو الإحدى عشرة مرة وکذلک الألفاظ التی تتعلق بالظهور مثل: یکشف، الکشف کشوف... ولان مرتبة هذا الفصل فی الجسم وردت فیه الکلمات الدالة علیه مثل: سمع، بصر، ید، رجل، ساق، غذاء، الأرزاق الح....

وحکمة هذا الفص منسوبة للمهیم أو المهیمن - والمهم هو الذی هیمن علیه الهیام أو الهیمان - لأن الاسم الظاهر التوجه على إیجاد هذه المرتبة له الهیمنة على کل ما یظهر فی نفس الرحمن من المراتب المنطویة کلها فی جسم العرش .

حتى إن الشیخ عبد الکریم الجیلی جعل العرش فوق النفس الکلیة والعقل

فقال فی الباب 45 من "الإنسان الکامل": "اعلم أن العرش على التحقیق مظهر العظمة ومکانة التجلی وخصوصیة الذات ویسمى جسم الحضرة ومکانها لکونه المکان المنزه عن الجهات الست .

وهو المنظر الأعلى والحل الأزهى الشامل لجمیع أنواع الموجودات فهو فی الوجود المطلق کالجسم للوجود الإنسان باعتبار أن العالم الجسمانی شامل للعالم الروحانی والخیالی والعقلی إلى غیر ذلک.

ولهذا عبر عنه بعض الصوفیة بأنه ألجسم الکلی، وفیه نظر، لأن الجسم الکلی وإن کان شاملا لعالم الأرواح فالروح فوقه والنفس الکلی فوقه.

ولا نعلم أن فی الوجود شیئا فوق العرش إلا الرحمن"... "واعلم أن الجسم فی الهیکل الإنسان جامع لجمیع ما تضمنه وجود الإنسان من الروح والعقل والقلب وأمثال ذلک، فهر فی الإنسان

نظم العرش فی العالم.

فالعرش هیکل العالم وجسده الجامع لجمیع متفرقاته وهذا الاعتبار قال أصحابنا إنه الجسم الکلی، ولا اختلاف بیننا لاتحاد المعنی فی العبارتین".

وفی عدة أبواب من الفتوحات بین الشیخ شرف الجسم وقواه الحسیة ووسع أرض البدن، فهی أرض الحقیقة وهی أرض العبودیة الواسعة التی أشارت إلیها الآیة 56 من العنکبوت " یا عبادی الذین آمنوا إن أرضی واسعة فإیای فاعبدون ".

ولهذا سمی الشیخ منزل العنکبوت بمنزل الأرض الواسعة فی الباب 22 من الفتوحات .

وأخبر عن واقعة غریبة حصلت له لما دخل إلى هذه الأرض وهو یصلی بتونس. وقد خصص لهذه السورة الباب 355 الذی عنوانه: "منزل السبل المولدة وارض العبادة واتساعها" ثم ذکر الآیة.

وفصل تفصیلا وافیا مکانة الأرض البدنیة والعرش من العالم إلى أن نال ما خلاصته: (إن أرض بدنک هی الأرض الحقیقیة الواسعة التی أمرک الحق أن نعبده فیها وجعلها واسعة لما وسعته من القرى والمعانی التی لا توجد إلا فی هذه الأرض البدنیة الإنسانیة . وفیها تهاجر من محل الهوى إلى محل العقل منها .

وأنت فی کل هذا فیها ما خرجت منها.

ومن لم یعبد الله فی أرض بدنه الواسعة فما عبد الله فی أرضه التی خلق منها.

ثم یعیدنا فیها کما أنشأنا وذلک فی النشأة الأخرى.

فخلق أرواحنا من أرض أبداننا فی الدنیا لعبادته وأسکننا أرض أبداننا فی الآخرة لمشاهدته إن کنا سعداء.

والموت بین النشأتین حالة برزخیة تعمر الأرواح فیها أجسادا برزخیة خیالیة مثل التی عمرها فی النوم وهی أجساد متولدة عن هذه الأجسام الترابیة فان الخیال قوة من قواها فما برحت أرواحها منها أو مما کان منها). إلى آخر ما فصله بأحسن بیان.

ویکفی فی بیان وسع وشرف أرض البدن أن القوة المخیلة التی هی أوسع القوى وأعظمها ما هی إلا شعبة من شعبها.

وقد خصص الشیخ لبیان أرض عوالم الخیال الباب الثامن من الفتوحات الذی عنوانه: (معرفة الأرض التی خلقت من بقیة خمیرة طینة آدم علیه السلام وهی أرض الحقیقة وذکر بعض ما فیها من الغرائب والعجائب) .

ویصف وسعها فیقول: (... وفضل من الطینة بعد خلق النخلة قدر السمسمة فی الخفاء فمد الله فی تلک الفضلة أرضا واسعة الفضاء إذ جعل العرش وما حواه والکرسی والسماوات والأرضون وما تحت الثرى والجنات کلها والنار فی هذه الأرض کان الجمیع فیها کحلقة ملقاة فی فلاة من الأرض وفیها من العجائب والغرائب ما لا یقدر قدره ویبهر العقول أمره).

وفی هذا الباب الثامن ذکر ملوک هذه الأرض وقال إنه صحب منهم جماعة وفیهم لطف وحنان منهم التالی وذو العرفی و السابح والسابق والقائم بأمر الله والرادع. أشار هؤلاء الملوک إلى القوى الحسیة والمعنویة فی ذات الإنسان کالجوارح والحواس والعقل والفکر والحافظة وغیرها...

وقد صرح الشیخ بذلک فی الباب 346 - وهو منزل سورة ص - الذی فصل فیه شرف الحس عن ما سواه فقال متکلما عن القوى الحسیة: (هی أتم لأن لها الاسم الوهاب لأنها هی التی تهب للقوى الروحانیة ما تصرف فیه وما یکون به حباها العلمیة من قوة خیال وفکر وحفظ وتصور ووهم و عقل وکل ذلک من مواد هذه القرى الحسیة .

ولهذا قال الله تعالى فی الذی أحبه من عباده: کنت سمعه الذی یسمع به وبصره الذی یبصر به وذکر الصورة المحسوسة وما ذکر من القوى الروحانیة شیئا ولا أنزل نفسه مزلتها .

لأن منزلتها منزلة الافتقار إلى الحواس . والحق لا ینزل منزلة من یفتقر إلى غیره والحواس مفتقرة إلى الله لا إلى غیره.

فنزل لمن هو مفتقر إلیه لم یشرک به أحدا فأعطاها الغنی فهی یؤخذ منها وعنها ولا تأخذ هی من سائر القوى إلا من الله.

فاعرف شرف الحس وقدره وإنه عین الحق ولهذا لا تکمل النشأة الآخرة إلا بوجود الحس والمحسوس لأنها لا تکمل إلا بالحق فالقوى الحسیة هم الخلفاء على الحقیقة فی أرض هذه النشأة عن الله).

وأنسب الحروف لهذه المرتبة الخلافیة الجامعة الخامسة هو خامس الحروف اللفظیة أی الغین لأنه حرف الغایة ومفتاح الاسم "غنی" الذی هو من أسماء الذات.

وللغین غایة العدد أی الألف فالیه انتهى نفس الرحمن عددها کما انتهى کونیا عند جسم الإنسان ولهذا یصفه الشیخ فی الباب الثانی من الفتوحات فیقول:

الغین مثل العین فی أحواله      …. إلا تجلیه الأطم الأخطر

فی الغین أسرار التحلی الأقهر  …. فاعرف حقیقة فیضه وتستر

وانظر إلیه من ستارة کونه     ….. حذرا على الرسم الضعیف الأحقر

وأنسب الکمل لحضرة الجسم الکل الظاهر هو سیدنا إبراهیم الخلیل علیه السلام  لعدة وجوه:

أولا: الحقیقة الإبراهیمیة العرشیة - کما سبق ذکره فی فص إسماعیل لها تدبیر الأرزاق الحسیة.

ولا قیام للجسم إلا برزق الغذاء فروح الجسم الکل المعدة له بالرزق هو الحقیقة الإبراهیمیة.

ومرتبة الإمداد بالأرزاق هی المهیمنة على المراتب العرشیة الأخرى وهی الأرواح والأجسام ومرتبتی الوعد والوعید.

لأن الوعد والوعید تابعان لأحوال وأعمال النفوس المتولدة عن الأرواح والأجسام، والأرواح متولدة عن الأجسام ولا قیام للأجسام إلا بغذاء الأرزاق الإبراهیمیة التی تکلم الشیخ عنها فی آخر هذا الفص وقرنها بمقام الخلة.

ولهذا نجد فی کتاب "العبادلة" عنوانا هو عبد الله بن إبراهیم بن عبد القیوم.

ثانیا: سیرته علیه السلام مشحونة بمظاهر الاسم الظاهر ومرتبة الجسم:

کسر اجسام أصنام قومه إلا کبیرا لهم.

و رمی جسمه فی النار فکانت علیه بردا وسلاما لتخلل ذاته بالنور.

وکانت حجته على قومه أنوار الأجسام الفلکیة: الکواکب والقمر والشمس.

وسن القرى أی إکرام الضیف بتقدیم الغذاء له و بذبح الحیوان کما فعل عندما زارته الملائکة حیث جاء بعجل حنیذ وقدمه إلیهم وقال: "ألا تأکلون" الصافات 91 .

او کما سن الختان وباقی خصال الفطرة و کلها تتعلق بالعنایة بالبدن.

وورد فی الخبر النبوی أن أول من یکسی بدنه یوم القیامة هو إبراهیم علیه السلام .

وعزم على التضحیة بجسم ابنه ففدی بذبح کبش القربان.

وبنی جسم بیت الله الکعبة حرما آمنا مبارکا وهدى للعالمین ودعا الله أن یغذی سکان حرمه فقال: ( رَبَّنَا إِنِّی أَسْکَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوَادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِکَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِیُقِیمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ یَشْکُرُونَ (37)) سورة إبراهیم. ومن مناجاته: " والذی هو یطعمنی ویسقین . وإذا  مرضت فهو یشفین" (الشعراء 79-80) .

ثم أنجب الله من جسمه رسولین عظیمین إسماعیل أبی العرب وإسحاق جد بنی إسرائیل علیهما السلام، فهو أبو الأنبیاء.

وهنا تظهر العلاقة الأصیلة بین الفصوص المتتالیة الثلاثة فصوص إبراهیم وإسحاق وإسماعیل .

لأن الجسم الکل الإبراهیمی والشکل الکل الإسحاقی ظهرا أولا فی العرش الإسماعیلی فکلهم واحد .

ولبیان هذا المعنى یقول الشیخ فی الفصل 15 من الفتوحات الباب 198 وهو فصل الجسم الکل ما خلاصته: ( اعلم أن الله تعالى لما جعل فی النفس القوة العملیة أظهر الله بها صورة الجسم الکل فی جوهر الهباء فعمر به الخلاء المستدیر . ثم فتح فی هذا الجسم صور العالم وجعله مستدیرا متحرکا بحرکة دوریة کالرحى لغلبة حرارة الطبیعیة الحاکمة علیه فإن الاعتدال لا یظهر عنه شیء أصلا. وقبلت تلک الصور الأرواح من النفس الرحمانی.

وظهر حکم الزمان بالحرکة فظهرت الصور بالترتیب تقدیما وتأخیرا وظهر حکم الأسماء الإلهیة بوجود هذه الصور وما تحمله) إلى آخر ما فصله.

وکما أن للجسم الثبات والإحاطة من حیث عینه والتغیر فی الشکل من حیث صوره فکذلک ظهر من إبراهیم إسماعیل الذی له مرتبة العرش المحیط الثابت وإسحاق الذی له مرتبة الشکل الکل المتغیر والمستمد من الحکیم.

ولعلاقة الثبوت بالمرتبة الإبراهیمیة کان لهذه المرتبة العدد خمسة إذ هی خامس المراتب.

والخمسة - کما یقول الشیخ - تحفظ نفسها وغیرها.

فبقیت الملة الإبراهیمیة عند ذریة إسماعیل محفوظة إلى یوم القیامة وبقی اسم إبراهیم مذکورا بالتعظیم عند جل الأمم والملل مصداقا لدعائه :"واجعل لی لسان صدق فی الآخرین" (الشعراء، 84) .

ومذکورا عند کل صلاة وعند کل حج وعمرة وعند کل أضحیة، وذکر اسمه فی القرآن 69 مرة.

فالمسلمون هم أبناء و ورثة أبی الأنبیاء إبراهیم علیه السلام وورث منه العرب سر الثبات فثبتوا على ملته الحنیفیة الصافیة المستقیمة أکثر من عشرین قرنا.

وما ظهر فیهم الانحراف الى الشرک إلا بفعل التأثیر الخارجی مدة بعد المسیح علیه السلام .

ولم یدم ذلک طویلا فمحى إشراق الشمس المحمدیة الخاتمة تلک الظلمة العارضة. ورمز ثباتهم على فطرة الحق وجود البیت العتیق أول بیت وضعه الله للناس ببکة مبارکا وهدى للعالمین عندهم فهم أهل هذا الحرم الأمن الذی لم یزل نابتا من بدایة الخلق إلى أخر الزمان...

ومن سر هذا الثبات الربانی العربی نزل القرآن المجید آخر کتاب إلهی بلغة العرب وتولی الله حفظه لیبقى إلى الأبد ثابتا مثبتا.

ووصف الحق تعالى أهله بالثبات فقال عنهم: " رجال صدقوا ما عاهدوا الله علیه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ینتظر وما بدلوا تبدیلا " (الأحزاب، 23) .

وهذا کله من سر اسمه تعالى المهیمن المحیط المتوجه على إیجاد الکلمتین الإبراهیمیة والإسماعیلیة.

ولهذا وصف الحق تعالی القرآن العربی بالإحاطة والهیمنة فقال: " ما فرطنا فی الکتب من شیء " (الأنعام، 38) .

وقال: ( وأنزلنا إلیک الکتب بالحق مصدقا لما بین یدیه من الکتاب ومهیمنا علیه ) المائدة، 48.

ولهذا نجد الشیخ فی أحد أبواب کتاب "العبادلة" بنسب عبد المهیمن إلى إسماعیل.

کما نجده فی الباب 558 من الفتوحات یقرن القرآن بالمهیمن فیقول عن الاسم المهیمن: (اعلم أن من هذه الحضرة نزل هذا الکتاب المسمی قرآنا خاصة دون سائر الکتب والصحف المترلة.

وما خلق الله من أمة من أمم نبی ورسول من هذه الحضرة إلا هذه الأمة المحمدیة وهی خیر أمة أخرجت للناس ولهذا أنزل الله فی القرآن فی حق هذه الأمة " لتکونوا شهداء على الناس ویکون الرسول علیکم شهیدا " (البقرة، 143) فنأتی یوم القیامة بقدمنا القرآن ونحن نقدم سائر أهل الموقف). انتهى.

وأما تغیر أشکال الصور على عین الجسم فظهر فی مرتبة الشکل الکل الإسحاقی. أی أن ثبوت الظهور الجسمی یستلزم التضحیة بشکل لیظهر الشکل الجدید فی عملیة الخلق المتجدد مع الأنفاس.

وهذه هی المرتبة الإسحاقیة السادسة والستة - کما یقول الشیخ - تخفظ نفسها ولکن - بخلاف الخمسة - لا تحفظ غیرها.

فکل شکل محدود بصورته هو محفوظ لکنه غیر حافظ.

وکما ظهرت صفة الثبوت الإحاطیة فی بنی إسماعیل لاستمدادهم من المهیمن المحیط.

کذلک ظهرت صفة التغیر الحکمی فی بنی إسحاق أی بنی إسرائیل لاستمدادهم من الاسم الحکیم.

فـ لبنی إسماعیل العلوم الإحاطیة والإجمال والکیف . فهم حسب اصطلاح الشیخ أهل الذات والأسرار.

ولبنی إسرائیل العلوم التفصیلیة والکم فهم أهل الصفات والأنوار، ولهذا نجد فی

کتاب "العبادلة" بابا عنوانه "عبد الله بن إسحاق ابن عبد الحسیب" فالحساب متعلق بالکم والتفصیل لأنهما من مظاهر حکمة الحکیم المتوجه على إیجاد مرتبة الشکل الاسحاقی المتغیر.

والتغیرات المعنویة والحسیة فی تاریخ بنی إسرائیل بن إسحاق کثیرة ومشهورة.

وفی أواخر هذا الفص تکررت کلمات: حکم، حاکم، تمهیدا لفص إسحاق الموالی المستمد من الاسم الحکیم.

قال الشیخ فی فصل الإشارات الإبراهیمیة من کتاب "الإسراء":

قال: ( تراه قد نظر فی النجوم فقال إنی سقیم ؟ قلت إشارة إلى حکمة علویة صدرت له من اسمه الحکیم) .

إشارة: عدد الاسم: ظاهر هو 1106. وبالاضافة العدد 5 عدد هذه المرتبة ینتج العدد القطبی الأکبر المشیر لقطبیة إبراهیم قطب الأنبیاء.

و لقطبیة الاسم الظاهر لنفس الرحمن، أی العدد 1111 الذی هو عدد کلمة (خلافة): وهر مجموع عدد القطبیة الأوسط (111 =قطب - ألف= هو ق) مع ألف غین الغایة ظهور نفس الرحمان (1111-1000 +111) فالآحاد الأربعة القطبیة المرائب الکلیة الأربعة: اللاهوت - الملکوت -الجبروت - الملک.

أو باعتبار آخر الهویة والذات والأسماء والصفات.

أو حضرتی رجال الأفراد الذین لهم الاسم:

(هو =11) والأقطاب (111 = قطب = أعلى = کافی)

وإنما ذکرنا علاقة هذا العدد بالخلافة لأنها لا تتم إلا عند القطب الظاهر فی الأرض بجسمه الطینی الکثیف المناسب لهذه المرتبة الخامسة مرتبة الجسم الکلى.


السورة الخاصة بالفص الإبراهیمی

05:   سورة فص إبراهیم علیه السلام

الحاکم على هذا الفص - کما ذکرناه - هو الاسم "الظاهر" المتوجه على إیجاد الجسم الکل و حرف الغین.  والغین هو الحجاب فالجسم حجاب الروح.

والغین حرف الغایة وعدده "1000" له غایة المراتب بعد الآحاد والمئات.

وغایة الظهور تتم فی الجسم. وأنسب سورة الحقیقة "الظاهر" فی "الجسم" هی سورة "البیئة" لأن البیان هو الظهور.

والفص مشحون بمشتقات کلمة "ظهر و کشف"، وهو نفس ما نجده فی الباب "286- فتوحات " المتعلق بمنزل "البینة" حیث یتکلم عن النور الذی به یتم ظهور الأشیاء وبیان الحقائق.

فبدأه بقوله: "من هذا المنزل قیدت جزءا سمیته"

الفناء فی المشاهدة ... "فأعلم أن مظهر هذا المنزل اسمه النور".

وافتتح الباب بالأبیات التالیة مبتدئا بالإشارة إلى أول السورة أی "لم یکن"، وهذه الکلمة تشیر إلى مقام الفناء المعبر عنه بقول: " فیفنى من لم یکن ویبقى من لم یزل" والمشار إلیه فی الحدیث المعروف بمقام الإحسان: "أن تعبد الله کأنک تراه. فان لم تکن تراه فإنه یراک" فقال الشیخ:

شمس الفناء بدت فی کاف تکوینی    …… لعلمها أنا بالنور تفنینی

وقد أشارت ولم أعلم إشارتها       …… بأن فی ذلک الإماء تعنینی

فکنت واوا لعین العلم ظاهرة         ….. خفیة العین بین الکاف والنون

فصلت فی اللوح أسرارا متوجة    …… قد کان أحملها الرحمن فی النون

وفی الوصل "17" من الفتوحات الباب "369" وهو الوصل المتعلق بـ "البینة" - یعود إلى مسألة هذا النور الظاهر المبین.

فیقول مثلا: "ومن أصحاب هذا المقام من جعل أمر الخلق مع الحق کالقمر مع الشمس فی النور الذی یظهر فی القمر..." إلى آخره،

وقصة إبراهیم علیه السلام مع قومه فی بیانه لهم أفول أنوار الکوکب والقمر والشمس معروفة.

فتخلل نور الشمس جرم القمر وظهور القمر بالشمس أو ظهور الشمس بالقمر هو نفس موضوع هذا الفص الذی یتکلم على مقام الخلة وظهور الحق فی الخلق أو ظهور الخلق بالحق....

ومن مناسبات البینة مع إبراهیم  آیتها 5 ( وما أمرو إلا لیعبدوا الله مخلصین له الدین حنفاء ) وقد تکررت کلمة حنیفا کوصف لإبراهیم فی القرآن تسع مرات، ومرة واحدة لسیدنا محمد علیهما الصلاة والسلام.

وعلى إبراهیم نزلت الصحف کالصحف المذکورة فی الآیتین: 3 / 2 " رسول من الله یتلوا صحفا مطهرة . فیها کتب قیمة "

- وقول الشیخ: "... فعم ما ذم وحمد، وما ثم إلا محمود ومذموم" یشیر إلى الفریقین الذین علیهما مدار "البینة" وهما "هم شر البریة... هم خیر البریة" ( البیئة، 76)

وأخر السورة " رضی الله عنهم ورضوا عنه " (البینة،: یشیر إلى ذلک التخلل فعلا وانفعالا بین الحق والخلق .

وهو قول الشیخ: "فأنت غذاؤه بالأحکام وهو غذاؤک بالوجود فتعین علیه ما تعین علیک. فالأمر منه إلیک ومنک إلیه".

وکاد الشیخ أن یصرح بالآیة "رضى الله عنهم ورضوا عنه"

فقال: "فیحمدی وأحمده" إلى آخر الأبیات.


علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه

اولى مظاهر العلاقة بین هذا الفص و سابقه الإدریسی تتجلى فی الاسمین الحاکمین على مرتبتیهما أی "الآخر" و"الظاهر" فهما متجاوران فی غالب الأحیان.

کقوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن" فجاء "الظاهر" تلو "الآخر" کتلاوة فص إبراهیم الجسمی لفص إدریس الهبائی.

ولهذا نجد الشیخ یقرهما فیقول: "وهذا کله من حکم الاسم الآخر الظاهر التی هی کلمة النفس الرحمانی وذلک خلال کلامه عن الهباء.

وکما ختمت سورة الفص السابق بالرضا: "ولسوف یرضى" , فکذلک ختمت سورة الفص به:" رضى الله عنهم ورضوا عنه " .

وختم الشیخ الفص بفقرة حول الأرزاق والغذاء.

والاسم "الرزاق" هو المتوجه على إیجاد النبات فی المرتبة الثالثة والعشرین ولها فص لقمان الثالث والعشرون.

وسنرى أن له سورة الزلزلة الموالیة فی ترتیب المصحف السورة هذا الفص أی البینة.

فانظر کیف لوح الشیخ بالرابطة بین الفصین المتکاملین تکامل الجسم بالغذاء.

وحیث أن للقمان الحکمة من اسمه تعالى: "الحکیم".

فتلویح الشیخ لفص لقمان هو تمهید للدخول لفص إسحاق التالی لأن سورته سورة التین ننتهی بالحکمة فی آیاتها "ألیس الله بأحکم الحاکمین" والمتوجه على إیجاد مرتبة الشکل الکلی فی فص إسحاق التالی هو الاسم "الحکیم".