عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الرابعة : 


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

(و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان  ... بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان  ....فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان .... و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان ... هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

قال الشیخ رضی الله عنه:  (وأما المسمی آدما) وهو النوع الإنسانی (فمقید) فی معرفته بالله تعالى (بعقل وفکر أو) مقید بحکم (قلادة)، أی تقلید (إیمان) فصاحب العقل والفکر صاحب نظر ودلیل وبرهان.

والآخر المقلد صاحب التسلیم والإذعان، وکلاهما فی المعرفة دون الجماد والنبات والحیوان. ولهذا تحرک طبعا وعقلا وحسا، فهو یعمل بطبعه وعقله وحسه بأمر الله تعالى.

وخلیفة الله تعالى وهو الإنسان الکامل لیس مقیدة بالعقل والفکر ولا بالتقلید فی الإیمان وإنما هو صاحب کشف وذوق وشهود. فمعرفته بالله تعالی کمعرفة الجماد والنبات والحیوان.

فلهذا فداه الله تعالى بالحیوان للمشارکة فی المعرفة الذوقیة الشهودیة الفطریة، وقد شرف الله تعالى الخلیفة بعلوم ترقى فیها عن المعرفة الفطریة الذوقیة وخصه بمراتب فی العرفان لا تکون فی غیره.

فتکون حکمة الفداء للخلیفة بالکبش تنبیها على وجود بعض المعادلة والمشابهة بین الإنسان الکامل والحیوان من جهة المعرفة الکشفیة، وبیان أن الکشف لیس مخصوصا بالإنسان الکامل بل هو فی غیره من عوالم الله تعالى أیضا.

(بذا)، أی یکون الکل من الجماد والنبات والحیوان عارفا بخلافه على وجه الکشف والمشاهدة، والإنسان معرفته بالعقل والفکر والتقلید والإذعان، فإذا کان صاحب کشف ومشاهدة کان خارجا عن مقتضى خلقته وطبیعته، بخلاف العوالم الثلاثة، فإنهم فطروا على ذلک.

وإذا کان کذلک فلیس من العجیب أن ینوب الکبش عن الخلیفة فی الخروج من غم الحیاة الدنیا إلى فرج الآخرة ونعیمها الدائم؛ ولهذا ورد أن هذا الکبش یکون فی الجنة ولا یموت فی الآخرة؛ فلهذا کان کبشا عظیما ذکره الله تعالى فی القرآن واستعظمه .

(قال سهل) بن عبد الله التستری (والمحقق) الإمام أبو یزید طیفور البسطامی رضی الله عنهما أو کل محقق (مثلنا)، أی مثل قولنا الذی قلناه (لأنا) نحن (وإیاهم) وجمعهم لإرادة کل محقق أو لأن الجمع أقله اثنان عند قوم (بمنزلة إحسان).

أی فی مقام الإحسان الذی هو: أن تعبد الله کأنک تراه کما ورد الحدیث ؛ فلهذا کان قول الکل واحدة وهم متفقون على شیء واحد لأنهم فی مقام الإحسان وحضرة الکشف والعیان.

(فمن شهد)، أی کشف بذوقه (الأمر الذی قد شهدته) من جمیع ما ذکر فإنه (یقول بقولی) المذکور (فی خفاء)، أی سر من نفسه وقومه (و) فی (إعلان) من قومه إن أمکن ذلک (ولا تلتفت) یا أیها السالک (قوة)، أی إلى قول (یخالف قولنا)، المذکور من أقوال علماء الحجاب القانعین بالقشور دون اللباب، الواقفین فی بیوت عاداتهم وطبائعهم الذین لم یفتح لهم الباب.

(ولا تبذر) من البذر بالفتح وهو إلقاء الحب فی الأرض وبالکسر هو الحب نفسه (السمراء) وهی الحنطة (فی أرض عمیان) جمع أعمى وهو من لم یبصر.

وأرض العمیان إما على حقیقتها، فلأنهم لا یرونها إذا نبتت، فلا یقدرون على حصادها والانتفاع بها، والمراد بأرضهم نفوسهم، وبالحنطة الحکمة الإلهیة الکشفیة الذوقیة ، أی لا تظهروها لهم وتضیعوها فیهم، فإنهم لا یرونها ولا یعرفونها فیضیعونها.

وتنقلب بسبب قبیح أوانیهم إلى ضدها، وبما هی فیه من النور والإشراق یتضررون بها ولا ینتفعون کما ورد: «لا تضعوا الحکمة فی غیر أهلها ولا تمنعوها عن أهلها فتظلموهم». ورواه المناوی فی فتح القدیر

(هم)، أی العمیان المذکورون . (الصم) جمع أصم یعنی الذین لا یسمعون الحق ویسمعون الباطل . (والبکم) جمع أبکم یعنی الذین لا یتکلمون بالحق ویتکلمون بالباطل. والحق هو الله ، والباطل ما سواه کما قال علیه السلام أصدق کلمة قالها الشاعر، قول لبید: «ألا کل شیء ما خلا الله باطل»(3) رواه البخاری و مسلم .

(الذین) نعت للصم والبکم (أتی)، أی جاء (بهم)، أی بأوصافهم أو بذکرهم (لأسماعنا)، أی حتى تسمع ذلک (المعصوم) فاعل أتى وهو النبی صلى الله علیه وسلم  لحفظ عن الخطأ فی أقواله وأفعاله (فی نص)، أی عبارة (قرآن) وذلک قوله تعالى: "و إن شر الاوات عند الله الله البکم الذین لا یعقلون " [الأنفال: 22] الآیة.


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

قال الشیخ رضی الله عنه : (وأما المسمى آدم نمقید بعقل وفکر) إن کان من أهل النظر (او قلادة إیمان) إن کان من المؤمنین فمقید بالإیمان التقلیدی لکثرة قیودهم واجزائهم فکانوا محجوبین عن ربهم فلم یصل إلى درجتهم إلا بالکشف فکان کلهم أعلى من آدم علیه السلام من هذا الوجه .

وقد کان علمک على أن آدم علیه السلام أفضل الخلق کیف ظهر خلاف علمک فاترک علمک واطلب العلم النافع الذی یحصل عن کشف إلهی لا خلاف فیه وهو مقام الحیوانات والنباتات والجمادات.

(بنا) أی بما قلت (قال سهل) وهو من کبار الأولیاء وقال (المحقق مثلنا) فإن علم المحققین یحصل عن کشف إلهی فلا یقبل الاختلاف والاختلاف لا یکون إلا فی العلم الاجتهادی.

لذلک قال : مثلنا إذ کلهم واحد فی الاطلاع على حقیقة الأمر .

وإلیه أشار بقوله: (لأنا وإیاهم بمنزل إحسان) بمقام المشاهدة والعیان

(فمن شهد الأمر الذی قد شهدته یقول بفولی فی خفاء وإعلان) أن یتکلم قولی فی أی حال کان لأن ما شهدته مطابق بنص قرآن.

(ولا تلتفت قولا یخالف قولنا) وهو قول بعض أهل النظر (ولا تبذر السمراء فی ارض عمیان) أی لا تقل قولی لمن کان أعمى قلبه .

وهو قوله تعالى : "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَکِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ" [الحج: 46] .

فإنه لا تنبت المعارف الإلهیة فی أرضهم (هم) أی العمیان (الصم والبکم الذین أنی بهم لإسماعنا المعصوم) فاعل أتى المعصوم وهو محمد علیه السلام.

(فی نص قرآن) وهو قوله تعالى : "صم بکم عمی فهم لا یعقلون" [البقرة: 171] .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

وأقول: إن ذلک سهل وهو فداء الأشرف بالأدنى ولا یلزم أن یکون الفداء بالکفؤ.

ثم ذکر أن آدم وبنیه مقیدون بالعقل أو بالتصدیق ونقل الشیخ عن سهل التستری فی ذلک نقلا

وقال: لا یلتفت إلى المخالف وهم الذین قیل فیهم: "صم بکم عمى فهم لا یرجعون" (البقرة: 18) کما ورد على لسان المعصوم محمد صلى الله علیه وسلم


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

فإن لم تشهد ما یشهدک الله فآمن بما قال الصحابیّ عن بدن النبیّ صلَّى الله علیه وسلَّم حین أمر النبیّ علیه السّلام بتقریبها لله قرابین : إنّها جعلت یزدلفن إلیه بأیّهنّ یبدأ فی قربانه .

فکن یا أخی ! إمّا من أرباب القلوب الذین یشهدون الله بقلوبهم ، ویشهدون الأمر على ما هو علیه الأمر فی نفسه عند الله .

أو ألق السمع وأنت شهید ، تحظ بدرجة الإیمان .

إن لم ترق إلى ذروة فلک الإحسان ، وهو العلم والشهود والکشف والعیان ، التی أوتیها الإنسان أعنی الکامل فقام بمظهریته الجامعة الکاملة لله .

وعرفه حقّ المعرفة حین قصر عن ذلک الإنسان الحیوان وسائر المخلوقات فی الأرضین والسماوات ، ومن المبدعات جمیع الروحانیات السفلیات والعلویات ، ولکنّ الإنسان الحیوان تصرّف فی فطرته الظاهرة ، وأحدث أحکاما بعقله ووهمه ، أو بموجب حدسه وظنّه وفهمه فی زعمه ومبلغ علمه وإیمانه ، وکشفه مقیّدا لمطلق ، وحصره فی مقتضى مدرکه وموجب

فکره وعقله ، وجرمه بجرمه فی حکمه فکان من " بِالأَخْسَرِینَ أَعْمالًا . الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَهُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً ".

فلهم الفرض والتقدیر والحسبان ، ولنا بحمد الله التحقیق والإیمان ، والکشف والعیان ، والشهود والإیقان ، والعلم والبیان ، والحمد لله ولیّ الإحسان .

قال رضی الله عنه :

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته     ..... یقول بقولی فی خفاء وإعلان

ولا تلتفت قولا یخالف قولنا        ...... ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان

هم الصمّ والبکم الذین أتى بهم     ...... لأسماعنا المعصوم فی نصّ قرآن

یعنی رضی الله عنه : من شهد الحقّ متعیّنا فی الأعیان الوجودیة ، عرف أنّ دلالاتها على الحق ذاتیة فطریة ، وعلومها بموجدها بموجب وجودها وفطرها لا بموجب فکرها ونظرها ، وهذا العلم هو المعتبر عند معتبرها ، ومن لم یشهدها کذلک ، فقد شهد حجابیّات الأشیاء ، ولم یر الحق الموجود المشهود ، فعمی عن الحق ، فإذا أخبر بخلاف مدرکه ، لم یسمع فهو الأصمّ ، ولیس له أن ینطق بالحق عن الحق ، فهو أبکم ، ولذلک نفى الله عن المحجوبین السمع والبصر والعقل والبیان والنطق منفیّا عندهم وهو شهود وجه الحق فی کل مشهود ، والسماع عن الحق فی کل نطق وناطق ، والنطق بالحق کذلک ، فـ " لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْیُنٌ لا یُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا یَسْمَعُونَ بِها " فافهم .

قال رضی الله عنه : اعلم أیّدنا الله وإیّاک أنّ إبراهیم الخلیل علیه السّلام قال لابنه :

" إِنِّی أَرى فی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُکَ "  والمنام حضرة الخیال فلم یعبّرها ، وکان کبشا ظهر فی صورة ابن إبراهیم فی المنام ، فصدّق إبراهیم الرؤیا ، ففداه ربّه من وهم إبراهیم بالذبح العظیم الذی هو تعبیر رؤیاه عند الله وهو لا یشعر ، فالتجلَّی الصوری فی حضرة الخیال یحتاج  إلى علم آخر به یدرک ما أراد الله بتلک الصورة .

ألا ترى کیف قال رسول الله صلى الله علیه وسلم لأبی بکر فی تعبیره الرؤیا : « أصبت بعضا وأخطأت بعضا » .  فسأله أبو بکر أن یعرّفه ما أصاب فیه وما أخطأ ، فلم یفعل صلى الله علیه وسلم .

قال العبد : حضرة المثال وحضرة الخیال حضرة تجسّد المعانی والحقائق والأرواح والأنفس وحقائق الصور والأشکال والهیئات الاجتماعیة ، فمن رأى صورة أو شکلا أو هیئة ولم یعبّرها ولم یؤولها إلى ما یؤول إلیه أمر ذلک الشکل أو الصورة والهیئة التی رأى فی الرؤیا ، فقد صدّق الرؤیا .

ومن عبّرها صدق فی الرؤیا حیث أعطى الحضرة حقّها فعبّرها ، فلو عبّر إبراهیم رؤیاه صدق أنّ الذبح هو الکبش ولم یکذب الذبح الواقع بابنه ، ولکن کان کبشا ظهر فی صورة ابنه ، فصدّقها ، فأراد إیقاع الذبح بابنه فما صدق ، أی لم یقع ، وسنذکر سبب ذلک .

قال رضی الله عنه : وقال الله لإبراهیم حین ناداه : " أَنْ یا إِبْراهِیمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا ".

وما قال له : قد صدقت فی الرؤیا أنّه ابنک ، لأنّه ما عبّرها ، بل أخذ بظاهر ما رأى ، والرؤیا تطلب التعبیر   .

یعنی رضی الله عنه : صدّقت تجسّد الذبح بصورة ابنک ، ولیس کذلک ، فإنّ الرؤیا تطلب التعبیر والتفسیر .

قال رضی الله عنه : ولذلک قال العزیز : " إِنْ کُنْتُمْ لِلرُّءْیا تَعْبُرُونَ " ومعنى التعبیر الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر ، فکان البقر سنین فی المحل والخصب  .

یعنی : کانت البقرة العجاف سبع سنین فی المحل ، والسمان فی الخصب .

فلو صدق فی الرؤیا ، لذبح ابنه ، وإنّما صدّق الرؤیا فی أنّ ذلک عین ولده ، وما کان عند الله إلَّا الذبح العظیم فی صورة ولده ، ففداه لما وقع فی ذهن إبراهیم علیه السّلام ما هو فداء فی نفس الأمر عند الله ، فصوّر الحسّ الذبح ، وصوّر الخیال ابن إبراهیم علیه السّلام   .

یعنی : أنّ إبراهیم لمّا صدق فی حقیقة إیمانه بالله وإسلامه له ، عوّده الله بتجسید الوحی والأمور له على صورة ما کان یرى فی منامه ، فکان علیه السّلام یرى رؤیا غیر هذا المشهد ، فیقع فی الحسّ رؤیاه على صورة ما کان یرى علیه السّلام من غیر تعبیر یحوج إلى تفسیر وتأویل وتعبیر ، فصدّق بحکم ما اعتاد هذه الرؤیا أیضا على صورة ما رأى من غیر تعبیر ، وکان الله قد ابتلاه فی ذلک بلاء حسنا ، أی اختبره ، بمعنى أعطاه الخبرة ، فإنّ الله کان خبیرا خبرة مبیّنة ، جلیة الأمر ومبیّنة عن کشفه مقتضى الوهم والخیال بالفکر .

فلمّا ظهر صدق إیمانه وصدقه فی إسلامه وإسلام ابنه فی تصدیق رؤیا أظهرها الله له ، وأبان صدق ما رأى ، ففداه بذبح عظیم ، فعلم إبراهیم علیه السّلام أنّ الذی رآه فی نومه على صورة ابنه کان الذبح العظیم لا ابنه ، لأنّه ذبح ما رأى فی المنام ، فلمّا کذب صورة الذبح الذی رآه ، فلم یقدر على ذبح ابنه ، حقّق الله له صورة الذبح ، وصدّق إبراهیم ففداه بالذبح العظیم ، ووقع به صورة الذبح ، فعلم علیه السّلام عند ذلک أنّ ما رأى کان کبشا فی صورة ابنه ، لمناسبة ذکرنا ، فتذکَّر .

قال رضی الله عنه : "فلو رأى الکبش فی الخیال ، لعبّره بابنه أو بأمر آخر" .

یعنی رضی الله عنه : کما عبّر الحق له رؤیاه بما فداه بالذبح ، فکذلک لو رأى أمرا فی صورة الذبح ، لعبّره بذلک الأمر وهو إسلامه أو بابنه أنّه صورة إسلامه ، لکون الولد سرّ أبیه .

قال : « ثم قال : " إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِینُ " آیه 37 سورة الصافات . أی الاختبار الظاهر ، یعنی الاختبار فی العلم : هل یعلم ما یقتضیه موطن الرؤیا من التعبیر أم لا ؟

لأنّه یعلم أنّ موطن  الرؤیا یطلب التعبیر ، ففعل ، فما وفّى الموطن حقّه ، وصدّق الرؤیا لهذا السبب .

کما فعل تقیّ بن مخلَّد ، الإمام صاحب المسند ، سمع فی الخبر الذی ثبت عنده أنّه علیه السّلام قال : « من رآنی فی المنام ، فقد رآنی فی الیقظة ، فإنّ الشیطان لا یتمثّل على صورتی » فرآه تقیّ بن مخلَّد وسقاه النبیّ صلَّى الله علیه وسلم فی هذه الرؤیا لبنا فصدّق تقیّ بن مخلَّد رؤیاه ، فاستقى ، فقاء لبنا ، ولو عبّر رؤیاه ، لکان ذلک اللبن علما ، فحرمه الله العلم الکثیر على قدر ما شرب .

ألا ترى رسول الله صلى الله علیه وسلم أتی فی المنام بقدح لبن قال : « فشربته حتى خرج الرّیّ من أظافیری ثم أعطیت فضلی عمر . قیل : ما أوّلته یا رسول الله ؟

قال : « العلم » وما ترکه لبنا على صورة ما رآه ، لعلمه بموطن الرؤیا وما تقتضی من التعبیر"   .

قال العبد : اعلم أنّ الأمور المغیبة عن العبد إذا أراد الله أن یطلع العبد علیها ویشهده ما شاء منها قبل الوقوع ، فإنّه تعالى یمثّل له ذلک فی منامه فی صورة مناسبة لذلک الأمر فی المعنى ، کظهور العلم الفطری فی صورة اللبن ، لکون اللبن غذاء لصورته الجسدیة من أوّل الفطرة ، کالعلم الذی هو غذاء روح المؤمن من أوّل فطرة الروح .

وکذلک الماء والعسل والخمر صور علم الوحی والإلقاء والحال ، إذا جسد الله لعبده هذه الحقائق على هذه الصور ، فینبغی أن یکون صاحب کشف الصور الذی یجسّد الله ویمثّل له المعانی والأمور الغیبیة صورا مثالیة وأمثلة جسدیة محسوسة من الله على علم آخر من الکشف المعنوی یکشف عن وجه ذلک المعنى المعنیّ له قناع الصور والأمثلة الإلهیة ، وهو کشف عال ، وعلم شریف ، یؤتیه الله من شاء من عباده المصطفین المعتنین ، لیس علم التعبیر الذی یأخذونه من کتب التعبیر ، وذلک أیضا بالنسبة إلى أوّل معبّر علَّمه الله تأویله کرسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم ویوسف الصدّیق علیه السّلام وابن سیرین ومعبّر قرطبة فی هذه الأمّة وغیره ممّن وجد العلم من عند الله ، وأخذه منه من مشایخ الصوفیة والمحقّقین منّا .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

(وأما المسمى آدما فمقید   ...... بعقل وفکر أو قلادة إیمان )

"" إضفة بالی زادة : ( فمقید بعقل وفکر ) مشوب بالوهم إن کان من أهل النظر ( أو قلادة إیمان ) إن کان من أهل التقلید الإیمانی ، فتنقص معرفته عن سائر الحیوانات لزیادة الآثار النفسیة ، فظهر من هذا أن الکبش إن کان أدنى وأخس من النبات والجماد ، لکنه أعلى وأشرف من الأناسى الحیوانیین ، فبهذا العلو والشرف یستأهل أن یکون فداء لإنسان شریف اهـ جامى.""

قال الشیخ القاشانی : یرید أن الکشف والشهود المراد بإیضاح البرهان یحکمان أن الحق متجل فی کل شیء وسار بأحدیته فی کل موجود ، وهو عین صورته وعلمه بل کل اسم من أسمائه موصوف بجمیع الأسماء الأحدیة الذات الشاملة لجمیع الأسماء المشترکة بینهما ، وحیث وجد الأصل وجد جمیع لوازمه ، فحیث کان الوجود کان العلم والعقل ، لکن المحل إذا لم یبلغ التسویة الإنسانیة أعنى الاعتدال الموجب لظهور العقل والإدراک خفى الحیاة والإدراک فی الباطن ولم یظهر على المحل ، فلا حس له ولا شعور کالمسکور والمغمى علیه.

فالجماد والنبات ذو حیاة وإدراک فی الباطن لا فی الظاهر ، أی فی جسده ، وکل من له حس فله نفس فله حکم ووهم ، یدرک نفسه بقوة جسدانیة فتحتجب بالأنانیة ویخطئ بالحکم ، بخلاف من لا حس له ولا نفس فإنه باق على فطرته لا تصرف له بنفسه .

فالجماد عارف بربه کشفا وحقیقة منقاد مطیع طبعا وطوعا .

وبعده النبات لما فیه من تصرف ما کالنمو بالغذاء وجذبه وإحالته وتولید المثل .

فلذلک التصرف والحرکة ینقص عن الجماد ، فإن الجماد یشهد بذاته وفطرته أن لا متصرف إلا الله ، وبعده الحیوان الحساس لاحتجابه بأنانیته وظهوره بإرادته وتأبیه لما یراد منه .

ثم الإنسان الناقص فإنه جاهل بربه مشرک مخطئ فی رأیه ، وخصوصا فی معرفة الله تعالى ، فلذلک قال تعالى: " إِنَّه کانَ ظَلُوماً جَهُولًا " فإنه غیر فطرته واتخذ إلهه هواه وشاب عقله بالوهم ، فظهر بالنفس واحتجب بالأنانیة وتقید بعقله وفکره أو تقلیده ، کقوله تعالى : " بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَیْه آباءَنا " فثبت أن الکبش أعلى مرتبة منه " أُولئِکَ کَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ " – " ولکِنَّه أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ واتَّبَعَ هَواه فَمَثَلُه کَمَثَلِ الْکَلْبِ " - بل تبین أن الجماد أعلى مرتبة من الجمیع .

" وإِنَّ مِنْها لَما یَهْبِطُ من خَشْیَةِ الله " کذلک أقل درجات وأدونها لقوله " وإِنَّ من الْحِجارَةِ لَما یَتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْهارُ ".

وأما الإنسان الکامل فإنما کان أشرف الجمیع ، لظهور الکمالات الإلهیة علیه وفنائه فیه بصفاته وذواته ، لا من حیث إنه حیوان مستوى القامة عارى البشرة ، ولو لم یغیر فطرته ولم یحتجب بأنانیته ولم یشب عقله بهواه ولم یتبع الشیطان وخطاه لم یکن أحسن منه ، کما قال علیه الصلاة والسلام: " کل مولود یولد على الفطرة فأبواه یهودانه ویمجسانه وینصرانه" .

(بذا قال سهل والمحقق مثلنا   ..... لأنا وإیاهم بمنزل إحسان )

أی بهذا القول ، وهو أن الجماد أعرف باللَّه وأطوع له من المخلوقات سیما الإنسان الناقص .

قال سهل بن عبد الله الصوفی:  " وکل محقق مثلنا لأنا وإیاهم فی مقام الإنسان وهو مقام المشاهدة والکشف وراء مقام الإیمان ، کما قال تعالى: " ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وأَحْسَنُوا ".

""  إضفة بالی زادة :   ( بذا ) أی بما قلت ( قال سهل ) فإن علم المحققین یحصل عن کشف إلهی ، فلا یقبل الاختلاف فإنه لا یکون إلا فی العلم الاجتهادى ( ولا تبذر السمراء ) أی المحنطة ( فی أرض عمیان ) أی لا تقل قولی لمن کان عمى قلبه ، فإنها لا تنبت المعارف الإلهیة فی أرضهم اهـ بالى . ""

وقال علیه الصلاة والسلام « الإحسان أن تعبد الله کأنک تراه » فمن لم یذق الشهود فلیؤمن بقول الصحابی عن بدن النبی علیه الصلاة والسلام حین أمر بتقریبها لله قرابین أنها جاءت یزدلفن إلیه علیه الصلاة والسلام بأیتهن یبدأ فی قربانه :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( فمن شهد الأمر الذی قد شهدته .....   یقول بقولی فی خفاء وإعلان )  (ولا تلتفت قولا یخالف قولنا   ......   ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان)

(هم الصم والبکم الذی أتى بهم     ...... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن )

أی من شهد ما شهدته عرف أن شهادة الأعیان الموجودة کلها بلسان الحال الحق ، هی ذاتیة فطریة .

وقال : ما أقول به کأمیر المؤمنین علی کرم الله وجهه ، حیث قال :یشهد له أعلام الوجود

على إقرار قلب ذی الجحود ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان مثل لمن یلقن المعرفة من لا یستعد لقبولها ولا یهتدى إلى الحق .

ویبصر من لا بصیرة له وهم الذین سماهم الله فی القرآن الذی جاء به المعصوم أی النبی علیه الصلاة والسلام " صما وبکما " مع أنهم یسمعون وینطقون عرفا .

لعدم فهم الحق وانتفاعهم بحاسة السمع ونطقهم بالحق ، کما سماهم " عُمْیاً " مع سلامة حاسة بصرهم ، لاحتجابهم عن الحق وعدم اهتدائهم.

کقوله تعالى: " لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها ، ولَهُمْ أَعْیُنٌ لا یُبْصِرُونَ بِها " الآیة .


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

قال الشیخ رضی الله عنه : (فأما المسمى آدما فمقید   ..... بعقل وفکر أو قلادة إیمان)

أی، والحال أن المسمى بالإنسان مقید ومحجوب بعقله الجزئی المشوب بالوهم، وبقوته الفکریة التی لا ترفع رأسا إلى العالم العلوی الغیبی - إن کان من أهل النظر- فإن کان مقلدا فمقید بالتقلید الإیمانی القابل للتغییر والزوال سریعا، وکل منهما لا یطلع لربه إطلاع العارف المشاهد للحق ومراتبه التی هی روحانیة الجماد والنبات والحیوان من الکمل والأفراد من الإنسان.

(بذا قال سهل والمحقق مثلنا   ..... لأنا وإیاهم بمنزل إحسان)

أی، قال سهل التستری بهذا القول من أن البسائط أقرب إلى الحق، کما مر. وهکذا یقول کل محقق عارف بالله.

و (المنزل الإحسانی) هو مقام المشاهدة   وإنما

قال: (مثلنا) لأن العارف المطلع على مقامه هو على بینة من ربه، یخبر عن الأمر کما هو علیه، کإخبار الرسل عن کونهم رسلا وأنبیاء، لا أنهم ظاهرون بأنفسهم مفتخرون بما یخبرون عنه:

(فمن شهد الأمر الذی قد شهدته  .... یقول بقولی فی خفاء وإعلان):

أی، من شهد الحقائق فی الغیب الإلهی کما شهدت ویجد الأمر کما وجدت، لا یبالی أن یقول بمثل هذا القول فی السر والعلانیة:

(ولا تلتفت قولا یخالف قولنا   ...... ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان)

أی، لا یلتفت إلى قول المحجوبین من أهل النظر وغیرهم من المقلدین لهم وأصحاب الظاهر الذین لا علم لهم بحقائق الأمور، إذا کان قولهم مخالفا لقولنا.

ولا تبذر الحنطة السمراء. أی، القول الحق الذی یغذی الباطن والروح، فی أرض استعداد العمیان الذین لا یبصرون الحق فی الأشیاء ولا یشاهدونه فی المظاهر:

(هم الصم والبکم الذین أتى بهم  ..... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

لأنهم الصم عن سماع الحق، والبکم عن القول به، والعمى عن شهوده، إذ طبع الله على قلوبهم بعدم إعطاء استعداد المشاهدة وإدراک الحق. کما أتى المعصوم، أی نبینا علیه السلام، فی القرآن فی حقهم: (صم بکم عمى فهم لا یعقلون.)

و (الباء) فی (بهم) للتعدیة. أی، أتى بهذا القول فی حقهم.


 خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)


قال الشیخ رضی الله عنه : وأما المسمى آدما فمقید ... بعقل وفکر أو قلادة إیمان . بذا قال سهل المحقق مثلنا ... لأنا وإیاهم بمنزل إحسان  . فمن شهد الأمر الذی قد شهدته ... یقول بقولی فی خفاء وإعلان . ولا تلتفت قولا یخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء فی أمر عمیان . هم الصم والبکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن


قال الشیخ رضی الله عنه : (وأما المسمى آدم) وهو الإنسان الجامع لمراتب کل إنسان، (فمقید) بقیود زائدة على القوى الجمادیة، والنباتیة، والحیوانیة، إذ هو مقید (بعقل) وهو ما یدرک به الأمور الکلیة المعقولة، (وفکر) وهو القوة التی ترکب وتحلل بین المعانی الوهمیة والصور الخیالیة، (أو قلادة إیمان)، وهی الکشف الذی یدرک الحقائق الإلهیة وغیرها.

أو هنا لمنع الخلو إذ مدرک الحقائق منا لا یخلو عن أحد هذین، فهذه الأمور، وإن کانت مفیدة للمعلوم؛ فهی من حیث إمکانها حجب مانعة من الوصول إلى الحق، وإن کانت من وجه آخر توصله إلیه أیضا.

ثم استشهد على عرفانها وعلو رتبها بقول من تقدمه؛ فقال: (بذا) أی: بعلو رتبة هذه الأشیاء وعرفانها.

محقق المتکلمین والفلاسفة، وقوله: (لأنا) متعلق بقوله: (مثلنا وإیاهم بمنزل إحسان) وهو مقام قریب من مقام المشاهدة کما قال صلى الله علیه وسلم : «أن تعبد الله کأنک تراه ".رواه ابن حبان والبیهقی فی الشعب ، والبیهقی فی دلائل النبوة.


(فمن شهد الأمر الذی قد شهدته یقول بقولی) علی (فی خفاء) أی: یعتقده فی نفسه، (وإعلان) أی: یظهره فی الناس، ولا یبالی إلا من غیر أهله على ما سیشیر إلیه، (ولا تلتفت قولا یخالف قولنا)، وهو قول من حمل التسبیح فی الآیة على لسان الحال، مع أنه مناف لمفهوم الحدیث المذکور، بل ما بعده من قوله: "ولکن لا تفقهون تسبیحهم" [الإسراء: 44]، وتسبیح لسان الحال یفقهه جمع غفیر من العقلاء، (ولا تبذر) الحنطة (السمراء فی أرض عمیان)، وهی التی لا ماء فیها وافر ولا مطر، والسمراء أحوج إلى ذلک، وهذا مثل یضرب لمن یلقی الحقائق على من لا یتم استعداده لفهمها أو الانتفاع بها.


ثم أشار إلى تعلیل ذلک بقوله: (هم) أی: المخالفون (الصم) عن استماع الحقائق، (والبکم) عن النطق بها، لو سمعوا وفهموا (الذین أتى بهم عن الکذب فی کل ما أخبر، فهؤلاء من جملتهم وإن تأخروا عن عصره فی نص القرآن) وهو قوله تعالى: "صم بکم عمی فهم لا یعقلون" [البقرة: 171].

وهی وإن وردت فی حق الکفرة؛ فلیس بعجب، لغشیان ظلمة الکفر علیهم، وهؤلاء مع تنورهم بنور العلم قد حجبوا عن ذلک، فهم أعجب حالا منهم، فکأنها منحصرة فی هؤلاء.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

(وأمّا المسمّى آدما فمقیّد  بعقل وفکر ) إن کان من أهل النظر وعلومه الاستدلالیّة .

( أو قلادة إیمان ) إن کان من أرباب العقائد التقلیدیّة ، فإنّ الإنسان له فی الارتقاء إلى مدارج کماله الشهودی ثلاث مراتب : برهان وإیمان وإحسان .

لأنّ المعارف الیقینیّة المستحصلة له إمّا أن یکون عقدا أو انشراحا وعلما .

والأوّل هو الإیمان ،

والثانی إمّا أن یکون وراء أستار الأسباب والآثار وهو البرهان ، أو یکون منکشفا ، منزّها عمّا یطلق علیه الغطاء أو الحجاب وهو الإحسان ، وهذا منزل اولی التحقیق .

کما قال :( بذا قال سهل والمحقّق مثلنا ....  لأنّا وإیّاهم بمنزل إحسان )

( فمن شهد الأمر الذی قد شهدته ) من الإجمال الذاتی وتفاصیل تعیّناتها وتنوّعاتها ، ومقتضیات الکلّ من الإظهار والإخفاء بحسب أحکام المواطن ، ومدارک المعاصرین ذوی العناد أو أهل الاسترشاد .

( یقول بقولی فی خفاء ) للغمر من المعاندین الغافلین.( وإعلان ) للمسترشدین المتفطَّنین. "الغمر = الجاهل"

( ولا تلتفت قولا یخالف قولنا ) أی لا تسمع قول القاصرین عن فهم المراد من کلام الحقّ ، والواقفین عند شواطئ ذلک البحر الزخّار ، القانعین من لآلیه ودرره ، المبطونة فیه بطنا بعد بطن ، بما یعلو ظاهر سطوحه المحسوسة من الحثالات والزبد فالعاقل ینبغی أن لا یلتفت إلیهم سماعا ولا خطابا .

فإنّ الخطاب معهم ببثّ ذلک الدرر لدیهم هو عین إضاعتها عزّت عن ذلک." الحثالة : ثفل الشیء. ما یسقط من قشر الشعیر أو الأرز ونحوه. الزبد : ما یعلو الماء البحر او النهر ونحوه من الرغوة ."

کما قال :( ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان) "ولا تبذر الحنطة السمراء - أی القول الحق الذی یغذی الباطن والروح - فی أرض استعداد العمیان ، الذین لا یبصرون الحق فی الأشیاء ولا یشاهدونه فی المظاهر.أهـ القیصری "

( هم الصمّ والبکم الذین أتى بهم .....   لأسماعنا المعصوم فی نصّ قرآن )

لما سبق غیر مرّة أن القصص القرآنیّة حکایات ألسنة أحوال الاستعدادات المتخالفة للعباد ، وهی التی لم یزل یتکلَّم الزمان بأفواههم فی کلّ عصر ما هی أساطیر الأوّلین ، کما هو زعم البعض من الجهلة المنکرین لبیّنات آیاته . کرؤیا إبراهیم علیه السّلام وتعبیره  


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه :

( و أما المسمى آدما فمقید  … بعقل و فکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته …    یقول بقولی فی خفاء و إعلان

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء فی أمر عمیان

هم الصم و البکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن)

قال الشیخ رضی الله عنه : 

وأما المسمى آدما فمقید ... بعقل وفکر أو قلادة إیمان

بذا قال سهل والمحقق مثلنا ... لأنا وإیاهم بمنزل إحسان

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته ... یقول بقولی فی خفاء وإعلان

ولا تلتفت قولا یخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان

(وأما المسمى آدم) الذی لیس له من الآدمیة إلا اسم وهو الإنسان الحیوان (فمقید بعقل وفکر) مشوب بالوهم إن کان من أهل النقر.

(أو قلادة إیمان) إن کان من أهل التقلید الإیمانی وتنقص معرفته عن معرفة سائر الحیوان بزیادة الآثار النفسیة والتصرفات الغرضیة من الفکر والتقلید و غیرها بنقص معرفته من سائر الحیوانات.

فظهر من هذا أن الکبش إن کان أدنى وأخس من النبات والجماد لکنه أعلى وأشرف من الأناسی الحیوانیین، فهذا العلو والشرف یستاهل أن یکون فداء لإنسان شریف.

(بذا)، أی بما ذکرناه من بیان مراتب الموجودات (قال سهل)، یعنی سهل بن عبد الله التستری قدس الله سره (والمحقق) کانن من کان (مثلنا)، أی مثل قولنا بهذا (فإنا) یعنی سهلا ونفسه (وإیاهم)..

یعنی سائر المحققین المماثلین لهما فی هذا القول (بمنزل إحسان) و مقام مشاهدة فیعرف ویشاهد الأمور على ما هی علیه (فمن شهد الأمر الذی قد شهدته یقول بقولی فی خفاء وإعلان)، أی فی السر والعلانیة.


(ولا تلتفت قولا یخالف قولنا) من أقوال المحجوبین من أهل النظر والمقلدین لهم وأصحاب الظواهر الذین لا علم لهم بالبواطن (ولا تبذر السمراء) یعنی بیان الحقائق الذی هو غذاء القلب والروح کالسمراء یعنی الحنطة للجسم (فی أرض عمیان) یعنی فی أرض استعداد، وهؤلاء الطوائف الذین لا یبصرون الحق ولا یشاهدونه فی جمیع الأشیاء

هم الصم والبکم الذین أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن

(هم) أی هؤلاء العمیان (الصم) عن استماع الحق (والبکم) عن الإقرار به (الذین أتی بهما)، أی ذکرهم جامعین لهذه الأوصاف الثلاثة (لأسماعنا ) النبی (المعصوم) عن تهمة الکذب صلى الله علیه وسلم (فی نص قرآن) یرید قوله تعالى : "صم بکم عمى فهم لا یرجعون" ( البقرة : 18).


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص 170

و أما المسمّى آدما فمقیّد        بعقل و فکر أو قلادة إیمان‏

بذا قال سهل و المحقق مثلنا لأنّا و إیاهم بمنزل إحسان‏

فمن شهد الأمر الذی قد شهدته‏ یقول بقولی فی خفاء و إعلان‏

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا و لا تبذر السمراء فی أرض عمیان‏

هم الصمّ و البکم الذین أتى بهم‏ لأسماعنا المعصوم فی نص قرآن‏

(3) و أما مسمى به آدم مقید به عقل و فکر و قلّاده ایمان است (لفظ آدم غیر منصرف است نباید تنوین بگیرد و در شعر آدما براى ضرورت شعرى آورده شد) و قلاده ایمان براى مقلدان است.

(4) آن چه درباره مولدات گفتیم سهل بن عبد اللّه تسترى،( تستر معرب شوشتر است و سهل بن عبد اللّه تسترى از بزرگان عرفاست و متوفاى سنه 283.) و هر محققى مثل ما می‌گوید زیرا ما و ایشان در منزل احسانیم (یعنى در مقام مشاهده و کشفیم. اشاره است به حدیث شریف رسول اللّه و از ائمه نیز روایت شده است که «الإحسان ان تعبد اللّه کانّک تراه».

(5) پس هر کس که امرى را- حقایقى را- در غیب الهى مشاهده کرد آن چنان که من مشاهده کردم در پنهان و آشکار حرف مرا می‌زند.

(6) و التفات نکن به قول محجوبان که مخالف قول ماست و تخم قول حق در زمین دل مردگان نیفشان.

(7) آنها کران و گنگانى هستند که معصوم (نبى) در نص قرآن براى ما از آنها حکایت کرده است.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۳۸۰-۳۸۱

و أمّا المسمّى آدم فمقیّد بعقل و فکر أو قلادة إیمان‏

و دیگر از آن ادلّه آن است که بخارى از ابو سعید خدرى روایت مى‏‌کند که‏

رسول علیه السلام مى‏‌گفت: «إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرّجال على أعناقهم فإن کانت صالحة قالت لأهلها قدّمونى قدّمونى و إن کانت غیر صالحة قالت لأهلها یا ویلها الى أین تذهبون بها یسمع صوتها کلّ شى‏ء إلّا الإنسان، و لو سمع الإنسان لصعق»

و آنچه ترمذى روایت مى‏‌کند از ابو امامه رضى اللّه عنه که رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم گفت:

«فضل العالم على العابد کفضلى على أدناکم»

بعد از آن فرموده:

«إنّ اللّه و ملائکته و أهل السّماوات و الأرض حتّى النّملة فى جحرها و حتّى الحوت فى الماء لیصلّون على معلّمى النّاس الخیر»

و احادیث درین باب بسیار است و لهذا اشتران قربانى رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم به سوى رسول مسارعت مى‏‌کردند و بر یکدیگر مسابقت مى‏‌نمودند تا به تشریف شرف جانبازى در حضرت بى‏‌نیازى دریابند.

و عقل اگرچه از ادراک این‏طور محجوب است امّا چون منوّر شود به نور الهى و دریابد سریان وجود را در موجودات نامتناهى هرآینه بداند که همه را ازین موجودات نفس ناطقه عالمه سامعه هست که از عالم ملکوتى نصیبه اوست کما قال تعالى: بِیَدِهِ مَلَکُوتُ کُلِّ شَیْ‏ءٍ* اما به حسب کثرت وجوه امکانات از حق بعید و از عالم نورى غافل مى‏‌گردد و به‏اندازه قلّت وجوه امکانات نزدیک مى‏‌شود به حضرت حق و استفاضه کمالات مى‌‏کند از جناب مطلق و منوّر مى‏‌گردد به انوارش، و اطلاع مى‏‌یابد بر حقایق اسرارش.

و شک نیست که بسائط اقرب‏‌اند از مرکّبات بعد از آن معادن و بعد از آن نباتات، بعد از آن حیوان و بعد از آن «انسان ناقص»، اما «انسان کامل» به واسطه ظهور کمالات الهیّه بر وى و اضمحلال رسوم بشریّت از وى و فناى ذات و صفاتش در ذات حق و زوال اثنینیّت به سطوات تجلّیات جمال مطلق اشرف است از همه:

این‏چنین انسان که نامش مى‏‌برم‏ تا قیامت من ز وصفش قاصرم‏

بذا قال سهل و المحقّق مثلنا لأنّا و إیّاهم بمنزل إحسان‏

یعنى سهل تسترى قائل است به این قول که بسائط اقرب است به حق از مرکّبات. و برین قول اتفاق دارد هر محقّق عارف باللّه که مثل ماست زیرا که ما و ارباب تحقیق همه در منزل احسانى ساکنیم یعنى در مقام مشاهده عیانى واقفیم و اظهار این معنى از براى شکر احسان پروردگار است نه از براى افتخار و اغترار.

(اعتزاز- خ)

فمن شهد الأمر الّذى قد شهدته‏ یقول بقولى فى خفاء و إعلان‏

یعنى هرکه مشاهده حقایق کند در غیب الهى چنانکه من مشاهده کردم و دریابد امر را چنانکه من دریافتم هرآینه بى‏باکانه بدین قول قائل شود در سرّ و علانیه.

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا و لا تبذر السّمراء فى أرض عمیان‏

یعنى التفات مکن به قول محجوبین از اهل نظر و مقلدان ایشان از اصحاب ظاهر که مطلع نیستند بر حقایق امور اگر قول ایشان مخالف قول ما باشد و حنطه سمراء را یعنى قول حق را که غذاى روحانى است در ارض استعداد کورانى که حق را در اشیا نمى‏بینند و مشاهده در مظاهر نمى‏‌کنند مکار. بیت:

دلا تو شهد منه در دهان رنجوران‏         حدیث چشم مگو با جماعت کوران‏

اگرچه از رگ گردن به بنده نزدیک است‏ خداى دور بود از بر خدا دوران‏

هم الصمّ و البکم الّذین أتى بهم‏                 لأ (لإ- معا) سماعنا المعصوم فى نصّ قرآن‏

یعنى ایشان در هنگام سماع ناشنوااند و در اوان قول حق ناگویا و در زمان مشاهده او نابینا، از آنکه حق جلّت قدرته ختم کرده است بر دلهاى ایشان به عدم اعطاى مشاهده و ادراک حق چنانکه آورد معصوم یعنى نبى ما صلى اللّه علیه و سلم در حق ایشان از کلام مجید که: صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَعْقِلُونَ‏ شعر:

اسرار خدا مگوى با عامى چند                 مشنو سخن سوز دل از خامى چند

از کشف مگوى پیش محجوب که نیست‏ انعام خدا درخور انعامى چند


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۵۶۶

و أمّا المسمّى آدما فمقیّد بعقل و فکر أو قلادة ایمان.

و امّا مسمّاى انسان بر سه قسمست: بعضى مقیّد عقول جزوى و محجوب به توهّمات افکار فاسده؛ و بعضى در قید ایمان تقلیدى بازمانده؛ و بعضى کمّل‏اند که به قوّت ریاضت خرق حجب کرده‏اند، و در فناى سرّ نفس تیغ مجاهدت برداشته، و از صفات و ذات خود برخاسته و در میدان: «تخلّقوابأخلاق اللّه» علم عزّ را برافراشته.

بهذا قال سهل و المحقّق مثلنا لأنّا و إیّاهم بمنزل إحسان‏

فمن شهد الأمر الّذی قد شهدته‏ یقول بقولى فی خفاء و إعلان‏

شرح مراد از إحسان مقام مشاهده است.

و لا تلتفت قولا یخالف قولنا و لا تبذر السّمراء فی أرض عمیان‏

هم الصّمّ و البکم الّذین أتى بهم‏ لأسماعنا المعصوم فی نصّ قرآن‏

شرح یعنى به سخن مناظر و مقلّد که هر دو گرفتار مطموره حجاب‏اند ملتفت مشو، و حنطه نقیّه دقایق اسرار، که غذاى جان ارباب حقایق است، در زمین شوره کوردلان حجاب غفلت مینداز، که ایشان از شنودن اسرار حق کرند، و از گفتار حقیقت گنگ، و از دیدن آیات حق کور.