عرفان شیعی

الفقرة الثامنة :

جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشیء لا یضاد نفسه.)

(فرضی) الله تعالى (عن عبیده) الموصوفین بالعبودیة لربوبیته القائمین له بالعبودیة فی قیومیته علیهم بالربوبیة فرضاه عنهم رضاه عن نفسه، لأن ما هو صادر منهم مما یقتضی رضاه عین ما هو صادر منه فمقتضى رضاه منهم عین مقتضی رضاه منه (فهم)، أی عباده المذکورون (مرضیون) عنهم منه (ورضوا) أیضا هم (عنه) بما أعطاهم مما اقتضى رضاهم (فهو) سبحانه (مرضی) عنه منهم.

(فتقابلت الحضرتان) حیث صدر من أحدهما ما صدر من الأخرى فهو رضی وهم رضوا، وهو مرضی عنه، وهم مرضیون عنهم (تقابل)، أی مثل تقابل (الأمثال) الصدور الرضى من کل منهما فی حق الآخر، ووقوعه فی کل منهما على الآخر

(والأمثال أضداد، لأن المثلین) حقیقة کالبیاض والبیاض مثلا، والسواد والسواد (لا یجتمعان) أصلا فلو اجتمعا فی حال اجتماعهما بقیا مثلین کما کانا أمکن أن یکون فی مکان أحدهما ضده، فیجتمع الضدان وهو ممتنع، فلو اجتمع المثلان الکان مثلا واحدة لا مثلین، ولو اجتمع البیاضان والسوادان فی جرم واحد لکان بیاضا واحدا أو سوادا واحدا کما هو مقدر فی علم الکلام.

(إذ)، أی لأنهما یعنی المثلین (لا یتمیزان)، أی لا یتمیز أحدهما عن الآخر لوجود ما لکل منهما للآخرة وهما المثلان حقیقة کما ذکر، ولو نقص أحدهما عن الآخر بأمر لم یکونا مثلین، التمیز أحدهما عن الآخر بما نقص به أحدهما عن الآخر من ذلک الأمر.

(وما ثمة)، أی هناک، یعنی فی الوجود (إلا) موجود (متمیز عن غیره من جمیع الموجودات (فما ثمة)، أی هناک یعنی فی هذا الوجود (مثل) لغیره أصلا بل کل حقیقة مباینة للأخرى، وإن تقاربت بعض الحقائق مع بعض، فاقتضى ذلک التقارب المحبة، وتباعدت بعض الحقائق عن بعض، فاقتضى ذلک التباعد البغض والنفرة والعداوة .

(فما فی) هذا الوجود (مثل) لکل شیء منه أصلا (فما فی) هذا (الوجود ضد) لشیء منه أصلا، إذ لا بد من المماثلة من وجه، والمفارقة من وجه فالسواد والبیاض ضدان فی کون لون أحدهما مباینة للون آخر فقط، وهما مثلان فی أن کل واحد منهما لون، وکل واحد منهما حادث، وکل واحد منهما عرض.

وکذلک المثلان کالبیاض والبیاض والسواد والسواد کل واحد منهما مماثل للآخر فی أن هذا بیاض، وهذا بیاض وهذا سواد وهذا سواد، وهما ضدان فی أن کل واحد منهما فی جرم غیر جرم الآخر، وکل واحد منهما متصف به شیء غیر الشیء المتصف بالآخر فلا مثل ولا ضد، لأن کلا منهما مثل وضد من وجهین .

(فإن الوجود) کله (حقیقة واحدة)، وإن اختلفت منه علیه شؤونه ومظاهره (والشیء) الواحد (لا یضاد نفسه)، أی لا یکون ضد لنفسه ولا یباین نفسه أصلا.

شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

(فرضی الله) أی کل بالأسماء (عن عبیدة نهم مرضیون) لأن عبید الأرباب عبیده ومرضی الأرباب مرضیه

(ورضوا عنه فهو مرضی) فکان الأمر الذی بین العبد وربه الخاص بعینه ثابت بینه وبین رب المطلق .

فکل عبد مرضی عند الله بالأمر الإرادی.

وأما بالأمر التکلیفی فبعضهم مرضی کالأنبیاء والأولیاء ، وغیرهم من المؤمنین حسب مراتبهم.

وبعضهم لیس بمرضی کالکفار والعصاة .

فالنجاة من النار جمع الأمرین فی الرضاء لا ینفع الرضاء بالأمر الإرادی مجردا عن الرضاء بالأمر التکلیفی.

(فتقابلت الحضرتان) أی الربوبیة والعبودیة (تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان) المجتمعان والمثلان متمیزان فلا یجتمعان (لا یتمیزان فما ثمة) أی فما فی العالم من حیث الوجود (إلا متمیزا) واحد (فما ثمة) أی فی العالم (مثل) لأن المثلیة تقتضی الاثنینیة.

(فما فی الوجود مثل) إذ الوجود هو عین المتمیز (فما فی الوجود ضد فإن الوجود حقیقة واحدة والشیء لا یضاد نفسه) فإذا ارتفع الأضداد والامثال بظهور وحدة الوجود.

شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال الشیخ رضی الله عنه : "فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  "

قوله: فرضی الله عن عبیده إلى قوله: والشیء لا یضاد نفسه، معناه أن حضرات الربوبیة وحضرات العبودیة حصل بینهم التراضی من الأزل إلى الأبد والتضایف بینهما فی حقیقة الوجود الواحد حاصل، لأنه ذاتی للواحد فکیف یضاد نفسه .

ثم ذکر البیتین اللتین بعد هذا فی المعنى بعینه فما تحتاجان شرحا.

شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال رضی الله عنه: " فرضی الله عن عبیده ، فهم مرضیّون ، ورضوا عنه ، فهو مرضیّ ، فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال ، والأمثال أضداد ، لأنّ المثلین " یعنی حقیقة " لا یجتمعان ، إذ لا یتمیّزان ، وما ثمّ إلَّا متمیّز ، فما ثمّ مثل ، فما فی الوجود ضدّ ، فإنّ الوجود حقیقة واحدة ، والشیء لا یضادّ نفسه" .

قال العبد أیّده الله به: حضرات الأرباب تقابل حضرات العباد تقابل الأمثال ، وذلک لأنّ کلّ واحدة من الحضرتین مرضیّة عند الأخرى راضیة بها .

فالمثلیة بین الحضرات تامّة ، فالتضادّ کذلک عامّ ، لتقابل إحداهما الأخرى تقابل الضدّ الضدّ ، إذ المثل الحقیقی کالضدّ ، لعدم اجتماعه مع ضدّه أی بمثله حقیقة ، إذ لا تمیز لأیّهما فرضت عن الآخر ، وإذ لا تمیّز فلا بینیّة ، وإذ لا بینیة فلا اثنینیة ، فلا ضدّیة ، فلا مثلیة ، فما ثمّ إلَّا واحد ، فهو هو لا غیره ، فالوجود حقیقة واحدة تعیّنت فی مراتب متمیّزة عقلا ، فما ثمّ عقلا إلَّا متمیّز بخصوصه ، فما ثمّ مثل یوجب الاثنینیة ، فالمظهر عین الظاهر ، والظاهر عین المظهر ، فانظر تشهد .

شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال رضی الله عنه : ( فرضى الله عن عبیده ) لأنه بکل اسم من أسمائه رب لعبد رضی الله عنه ربه ، ورضى هو عن ربه ( فهم مرضیون ورضوا عنه ) کلهم ( فهو مرضى ، فتقابلت الحضرتان تقابلى الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین حقیقة لا یجتمعان إذ لا یتمیزان ) أی تقابلت حضرات الأرباب وحضرات العبید تقابل الأمثال ، لأن کل واحدة منهما راضیة مرضیة بالنسبة إلى الأخرى ، والأمثال من حیث هی ممتنع اجتماعهما أضداد ، لأن المثلین لا یجتمعان قط إذ لو اجتمعا لم یتمیزا (وما ثم إلا متمیز فما ثم مثل فما فی الوجود مثل فما فی الوجود ضد) . أی وما فی الحضرة الإلهیة إلا متمیز به مع کون الجمیع فی الوجود الذی هو حقیقة واحدة فلا مثلیة فی الوجود فلا ضدیة ، إذ لو کانت لکانت ضدیة المثل ، إذ لا تضاد فی الحقیقة الواحدة .

قال رضی الله عنه : ( فإن الوجود حقیقة واحدة والشیء لا یضاد نفسه ) فتلک الحقیقة تعینت فی مراتب متمیزة عقلا ، فالمظهر عین الظاهر وبالعکس ، لأن التعینات صفاتها وشئونها والعین واحدة .

مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

(فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون). لأنهم أظهروا مقتضیات أسمائه وأحکامها، فصاروا مرضیین عنده.

قال رضی الله عنه : (ورضوا عنه، فهو مرضى). أی، رضوا عن الله لإعطائه ما طلبوا منه من الإیجاد فی العین وإظهار کمالاتهم التی کانت فی کتم العدم مخفیة عن أیدی الأسماء. فالحق مرضى منهم.

وقوله تعالى: (ولا یرضى لعباده الکفر). وعدم رضا الحق ونهیه من المعاصی إنما هو من حیث الأمر التکلیفی: فإنه تعالى کلف عباده بالإیمان والطاعة، فلا یرضى الکفر والمعصیة. وأما منحیث الإرادة، فالرضا حاصل، لأنهم أتوا بما أراد الله منهم.

قال رضی الله عنه : (فتقابلت الحضرتان، تقابل الأمثال، والأمثال أضداد، لأن المثلین حقیقة لایجتمعان، إذ لا یتمیزان).

الحضرتان، هما حضرة الربوبیة، وحضرة العبودیة.

وإنما تقابلتا تقابل الأمثال، لأنهما یتشارکان فی الوجود الإلهی، وفی الربوبیة والعبودیة، کما مر آنفا، ویختلفان فی التعین والاعتبار.

وأیضا کل من الحضرتین فی کونهما راضیة مرضیة مماثل للأخر، فی تقابلهما تقابل الأمثال، وتقابل الأمثال عبارة عن تباینها وتمایزها مع اتحادها وتشارکها فی حقیقة واحدة.

وإنما جعل الأمثال أضدادا، لأنها لا یجتمع کالأضداد، لأن المثلین من حیث تباینهما مع اشتراکهما فی حقیقة جامعة لهما یصیران مثلین، فلا یجتمعان، إذلو اجتمعا، لکانا غیر متمیزین، لکن کل ما فی الوجود من الأغیار متمیزة عن غیره.

وإلیه أشار بقوله: (وما ثمة إلا متمیز.)

ولما أثبت أولا وجود الأمثال والأضداد باعتبار الکثرة، أراد أن ینفیها باعتبار الوحدة الذاتیة والوحدة العرضیة،

قال رضی الله عنه : (فما ثم مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة، والشئ لا یضاد نفسه). أی، إذا کان ما فی الوجود متمیزا عن غیره بما هو هو، فلیس فی الخارج لشئ مثل من کل الوجوه وإذا لم یکنفی الخارج لشئ مثل، لا یکون فی مطلق الوجود أیضا مثل، لأن ما فی العقل أیضا ممتاز بتعینه المعنوی عن غیره.

وإذا لم یکن فی العقل ولا فی الخارج مثل، لا یکون فیهما أیضا ضد، إذ بتحققه یتحقق المثل، فإن کلا من الضدین مماثل للآخر فی الضدیة.

وأیضا، کل من الضدین بحسب الحقیقة یرجع إلى الوجود المطلق، وهو حقیقة واحدة، والضدان عبارة عن حقیقتین مختلفتین متساویتین فی القوة والضعف، والحقیقة الواحدة لا یمکن أن یضاد لنفسه.

وتلخیصه أن الحضرتین المتقابلتین لهما اعتباران:

إعتبار الحقیقة الجامعة بینهما، واعتبار التغایر. فباعتبار وحدة حقیقتهما، لا تماثل بینهما ولا تضاد، فلا ربوبیة ولا عبودیة بینهما.

وباعتبار التغایر، بینهما تماثل وتضاد، فالربوبیة والعبودیة حاصلة، فالحکم بوجودهما باعتبار الکثرة صحیح، وبعد مهما باعتبار الوحدة صحیح.

والأول یناسب العالم،

والثانی یناسب الوجود الحق.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال رضی الله عنه : " فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، ورضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان  تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان وما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشیء لا یضاد نفسه."

وإذا کان اعتقاد کل شخص من هؤلاء الکل باعتبار ما ظهر فی نفسه من صورة ظاهر الحق وباطنه، وهو کمال فی الظهور (فرضی الله عن عبیده) الکل بالمعرفتین مع ما ذکروهم أصحاب الاعتقادات الصائبة، وإن اختلفت باختلاف المناسبات؛ (فهم مرضیون)، وإن قصرت اعتقاداتهم عن الإحاطة بکمالاته من جمیع الوجوه، (ورضوا) أی هؤلاء العبید الکمل (عنه) إذ صارت کمالاته کمالات لهم بانتقاشها بأنفسهم.

(فهو مرضی) عنه بما تفضل علیهم بهذا الظهور بظاهره وباطنه فیهم بعد کمال تصفیته إیاهم، وتشبهوا بذلک بإسماعیل انتیة بل بربهم کیف ومنشؤه ظهور صورته فیهم، وظهور صورهم فیه، وإذا کان رضا الرب عن النفس بظهور صورته فیها، ورضیت النفس عن الرب بظهور صورتها فیه.

(فتقابلت الحضرتان) حضرة النفس وحضرة الرب (تقابل الأمثال)؛ لأن صورة الشیء مثله وقد انعکست إلیه بعدما انعکست عنه، وهی تفعل فعل الأصل (والأمثال أضداد) أی کالأضداد، فلا یجتمعان لا فی مرآة الحق ولا فی مرآة العبد؛ (لأن المثلین لا یجتمعان) فی محل واحد کالضدین، (إذ لا یتمیزان) فی محل واحد (وما ثم) أی فی الظهور (إلا) هو (متمیز)، وإذا کان المثلان لا یتمیزان؛ (فما ثم) فی الظهور (مثل)، وإذا لم یکن فی الظهور مثل والوجود منحصر فی ظهور الرب فی العبد وظهور العبد فی الرب؛ (فما فی الوجود مثل)، وإذا امتنع اجتماعه مع المثل فمع الضد أولی، (فما فی الوجود ضد) وکیف یکون فیه ضد (فإن الوجود حقیقة واحدة والشیء لا یضاد نفسه).

وإنما الأمثال والأضداد فی الماهیات التی لا تحقق لها؛ وإنما المتحقق فیها الوجود؛ (فلم یبق إلا الحق) الذی هو الوجود الحقیقی، (لم یبق کائن): أی حادث لا باعتبار الماهیة؛ لأنها معدومة فی ذاتها وما بالذات لا یزول بالغیر، ولا باعتبار صورة الوجود؛ لأن

الصورة المنطبعة فی المرآة الموجودة معدومة؛ فکیف فی المرأة المعدومة؟

وإنما ترى فیها کما ترى الصورة فی صورة المرأة المنطبعة فی مرآة تقابلها.

شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده ) إذ عرفوا أربابهم خصوصیّاتهم الکمالیّة وإتیانهم بمقتضاها ، ( فهم مرضیّون ورضوا عنه ) کلَّهم ( فهو مرضیّ فتقابلت الحضرتان ، تقابل الأمثال ) من حیث أنّهما راضیان مرضیّان ( والأمثال أضداد ، لأنّ المثلین ) حقیقة ( لا یجتمعان ) وهما وجودیان ، وإلَّا لم یکونا مثلین ، وکل أمرین شأنهما ذلک فهما ضدّان .

وإنّما قلنا « أنهما لا یجتمعان » ( إذ لا یتمیّزان ، وما ثمّ إلَّا متمیّز ) أی عند الاجتماع لا بدّ من التمییز ، وإلَّا یکون اتّحادا ، لا اجتماعا .

( فما ثمّ ) أی فی الحضرات الإلهیّة والکیانیّة ( مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضدّ) سواء کان ذلک الضدّیة على طریق المماثلة أو على سبیل المنافاة والمباینة ، فإنّک قد عرفت أنّ غایة البعد والمباینة إنّما تنتهی إلى المقاربة وعدم الامتیاز ، بناء على الأصل الممهّد من تمام کلّ شیء فی مقابله  .

( فإنّ الوجود حقیقة واحد ) على ما مرّ غیر مرّة - عقلا وبرهانا ، ذوقا وعیانا - ( والشیء لا یضاد نفسه ) .

ولا ریب أنّه إذا کان الحضرتان المتماثلتان من العبید - بالمعنى الذی بیّنه - والإله : هو موطن ذوق إسماعیل ومن تقرّبه من ذوی النفوس المطمئنّة ، وقد آلت المماثلة على ما حقّق أمرها إلى الوحدة الحقیقیّة التی لا مجال للثنویّة أصلا أن یحوم حول حماها :

شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، و رضوا عنه فهو مرضی. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان و ما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشی ء لا یضاد نفسه.  )

قال رضی الله عنه : "فرضی الله عن عبیده، فهم مرضیون، ورضوا عنه فهو مرضی."

فقال رضی الله عنه : (فرضی الله) أحدیة جمیع الأسماء (عن عبیده) عن کل عبد ، عبد باعتبار الاسم الخاص الذی یربه (فهم)، أی العبید (مرضیون)، أی کل عبد مرضی للاسم الخاص به، وذلک لا ینافی عدم کونه مرضیة لاسم آخر کما یدل علیه قوله تعالى : "ولا یرضى لعباده الکفر" (ورضوا)، أی العبید (عنه)، أی عن الله کل عن أسمه الخاص به یحسن قبوله ظهور آثاره وأحکامه (فهو)، أی الله (مرضی). لهم

قال رضی الله عنه : "  فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال و الأمثال أضداد لأن المثلین لا یجتمعان إذ لا یتمیزان وما ثم إلا متمیز فما ثم مثل، فما فی الوجود مثل، فما فی الوجود ضد، فإن الوجود حقیقة واحدة و الشیء لا یضاد نفسه."

قال رضی الله عنه : (فتقابلت الحضرتان) : حضرة الربوبیة وحضرة العبودیة المفهومتان من قوله تعالى : "رضی الله عنهم ورضوا عنه" .

(تقابل الأمثال) فکل واحدة منهما تمائل الأخرى وتشابهها فی کونها راضیة مرضیة (والأمثال أضداد) ولا ضد فی الوجود فی نظیر شهود صاحب مقام الجمع، فلا مثل فی الوجود فی نظر شهوده فینتفی عنده التقابل، فلا یحکم کشفه به.

وإنما قال : الأمثال أضداد (لأن المثلین لا یجتمعان) فی محل واحد (إذ) حیث یجتمعان فیه (لا یتمیزان)، لأن تمیز هما لا یکون إلا بتمیز المحل (وما ثمة)، أی فی مرتبة الأمثال (إلا متمیز) فالمثلان متمیزان فلا یجتمعان فهما ضدان (فما ثمة)، أی فی حضرة الربوبیة والعبودیة (مثل فما فی الوجود مثل لانحصار الوجود فی تلک الحشرات وإذا لم یکن فی الوجود مثل (فما فی الوجود ضد)، لأن الأضداد أمثال تتماثلهما فی الضدیة وإن کان متفرعة على ما سبق، لکنه رضی الله عنه استدل علیه لزیادة التوضیح بقوله: (فإن الوجود حقیقة واحدة) نافیة للکثرة (والشیء لا یضاد نفسه) لا فی ضمن المماثلة ولا فی غیرها وإذا ارتفعت الأمثال والأضداد.