عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثامنة عشر :


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

المرتبة 08: لفص حکمة روحیة فی کلمة یعقوبیة

من الاسم الشکور والکرسی ومنزل النثرة ببرج السرطان وحرف الکاف

الغنی مقترن بالاسم الحمید کما فی الآیة " والله هو الغنی الحمید " فالغنی هو المغنی والمغنی محمود مشکور.

فظهور الغنی یستلزم ظهور الاسم الشکور أی المحمود على کل حال فی السراء والضراء. فالشکور ملازم للحالین ولهذا کان هو المتوجه على إیجاد المرتبة الوجودیة التی هی أصل کل ثنائیة فی الدنیا أی الکرسی حیث تتدلى القدمان وهی المرتبة الثامنة والثمانیة مکعب الاثنین 8 =  2 * 2 * 2

فهی مرتبة الازدواجیة فی جمیع المراتب: ثنائیة الذوات فی ثنائیة الصفات فی ثنائیة الأفعال.  وکما أن للواحد الثبات فـ للاثنین التغیر.

فالجوهر ثابت و شکله متغیر. فلهذا جاءت مرتبة الکرسی لتغیر الأشکال.

وفی هذا المعنى یقول الشیخ فی کتابه "عقلة المستوفر":

(إن الله تعالى أدار هذا الفلک الأخر وسماه الکرسی وهو فی جوف العرش کحلقة ملقاة فی فلاة من الأرض.

وخلق بین هذین الفلکین عالم الهباء وعمر هذا الکرسی بالمدیرات وأسکنه میکائیل ونزلت إلیه القدمان.

فالکلمة فی العرش واحدة لأنه أول عالم الترکیب و، ظهر لها فی الکرسی نسبتان لأنه الفلک الثانی ، فانقسمت فیه الکلمة فعبر عنها بالقدمین کما ینقسم الکلام وإن کان واحدا إلى أمر وفی وخبر واستخبار.

ومن هذین الفلکین تحدث الأشکال الغریبة فی عالم الأرکان وعنهما یکون خرق العوائد على الإطلاق وهی من الأشکال الغریبة ولا یعرف أصلها وهو هذا.

وتظهر فی عالمین فی عالم الخیال لقوله تعالى: " یخیل إلیه من سحرهم أنها تسعى" (طه، 66) وفی عالم الحقیقة والکرامات.

وهذان الفلکان قل من یعبر عنهما أو یصل إلیهما من أصحابنا إلا الأفراد وکذلک من أرباب الهیئة والأرصاد.

وإذا رأوا شکلا غیر معتاد فی الطبیعة نسبوا ذلک إلى شکل غریب فی الفلک صدر عنه هذا لا یجری علیه قیاس.

ومن هذین الفلکین کانت الخواص فی الأشیاء وهی الطبیعة المجهولة فیقولون یفعل بالخاصیة فلو أدرکوا حرکة هذین الفلکین لم یصح لهم أن یجهلوا شیئا فی العالم . انتهى.

ولهذا تکلم الشیخ فی هذا الفص عن الطبیعة وآثارها وعلى الطبیب خادم الطبیعة وعلى العوائد و خرقها وتشابه تکرارها لأن الکرسی هو مصدر کل ذلک.

ومن جهة أخرى فالمظهر الخارجی المحسوس للکرسی هر فلک المنازل فی الدنیا وهو سور الأعراف فی الآخرة الذی له وجه علوی للجنة محل قدم الصدق والسعادة، ووجه سفلی لجهنم محل قدم الجبار والشقاء.

فوجهه الجنانی للصحة والعافیة ووجهه الجهنمی للمرض والأسقام لأن الأمراض والآلام تقع فی عالم الترکیب العنصری لا فی عالم البساطة الروحانیة التی هی فوق فلک المنازل.

والطبیعة تکون عنصریة من فلک المنازل إلى أسفل سافلین.

فمن تحته تظهر الآلام والأسقام الحسیة والمعنویة فی الدنیا والآخرة.

ولهذا تکلم الشیخ عن الآلام والغموم والصحة والسلامة فی الفصل الذی خصصه للکرسی وهو الفصل 18 من الباب 198 من الفتوحات.

وفلک المنازل ظاهرا أو الکرسی باطنا هو المظهر الکونی للقبضة الإلهیة التی تکلم الشیخ عنها فی جوابه عن السؤال 120 من أسئلة الترمذی.

فالمقبوض مقید. ولهذا تکلم الشیخ عن التقید.

فقال إن الدین هو الانقیاد للشرع. والمکلف أما منقاد بالموافقة واما مقید بالمخالفة. وإنما تکلم على الشرع والدین لأن الشیخ ذکر فی عدة مواضع من الفتوحات أن الشرائع الدینیة مصدرها من الکرسی. ففی الباب 58 مثلا یقول:

" للرسالة مقام وهو عند الکرسی ذلک هو مقام الرسالة ونبوة التشریع ... لأنه من الکرسی تنقسم الکلمة الى خبر وحکم".

ولهذا تکلم فی آخر هذا الفص عن مقام الرسل والورثة وخدمتهم للأمر والنهی الإلهیین النازلین من الکرسی.

وأول کلمة فی هذا الفص تشیر إلى مرتبة الکرسی من حیث الازدواجیة ومن حیث التقید بالشکل وهی قوله: (الدین دینان) فالدین هو التقید والانقیاد.

والقید هو الشکل وبه سمی ما تقید به الدابة فی رجلها شکالا.

ولهذا یظهر الالتزام بالدین فی المنام على شکل قید.

والکلمات التی تظهر الازدواجیة فی هذا الفص کثیرة منها: (الدین دینان / شرع إلهی ناموس إنسانی / موافقة مخالفة / التجاوز المواخذة / یسر لا یسر / ظاهر باطن / منعم معذب / الخیر ثوابا الشر عقابا / الشخصیة فی الاثنین / المرض الصحة / خادم الطبیعة وخادم الأمر الإلهی).

وفی الفصل 19 من الباب 198 یتکلم الشیخ عن علاقة الکرسی بفلک المنازل فیقول: " ومن فعل هاتین القدمین فی هذا الفلک ظهر فی العالم من کل زوجین اثنین بتقدیر العزیز لوجود حکم الفاعلین من الطبیعة  أی الحرارة والبرودة و القوتین من النفس أی العلمیة والعملیة والوجهین من العقل أی الإقبال والإدبار إجمالا وتفصیلا والحرفین من الکلمة الإلهیة کن ومن الصفتین الإلهیة فی لیس کمثله شیء وهی الصفة الواحدة وهو السمیع البصیر وهی الصفة الأخرى فمن نزه فمن لیس کمثله شیئ ومن شبه فمن وهو السمیع البصیر فغیب وشهادة غیب تریه وشهادة تشبیه".

وفی الفصل 18 من الباب 198 وهو فصل الکرسی یقول:

(فما تعرف لذات النعم إلا بأضدادها).. (إلا ترى الحق وصف نفسه على ألسنة رسله بالغضب والرضا ومن هاتین الحقیقتین ظهر فی العالم اکتساب العلوم من الأذواق الظاهرة کالطعوم وأشباهها والباطنة کالآلآم من الهموم والغموم مع سلامة الأعضاء الظاهرة من کل سبب یؤدی إلى ألم فانظر ما أعجب هذا.

فثبت العرش لثبوت الرحمة الساریة التی وسعت کل شیء فلها الإحاطة وهی عین النفس الرحمانی فیه بنفس الله کل کرب فی خلقه.

فإن الضیق الذی یطرأ أو یجده العالم کونه أصلهم فی القبضة وکل مقبوض علیه محصور و کل محصور محجور علیه. والإنسان لما وجد على الصورة لم یحتمل التحجیر.

فنفس الله عنه بهذا النفس الرحمانی ما یجده من ذلک کما کان تنفسه من حکم الحب الذی وصف به نفسه فی قوله: "أحببت أن أعرف" .

فأظهره فی النفس الرحمانی فکان ذلک التنفس الإلهی عین وجود العالم فعرفه العالم کما أراد .

فعین العالم عین الرحمة لا غیرها فاشحذ فؤادک فما یکون العالم رحمة للحق ویکون الحق سرمد علیه الألم الله أکرم وأجل من ذلک.

فانظر ما أعجب ما أعطاه مقام الکرسی من انقسام الکلمة الإلهیة فظهر الحق والخلق و لم یکن یتمیز لولا الکرسی الذی هو موضع القدمین الواردتین فی الخبر، وعن هذا الاسم أی الشکور وجد فی النفس الإنسانی حرف الکاف وفی فلک المنازل منزلة النثرة لما وجد فلکها). انتهى

وعدد الکاف عشرون أی 2 * 10 .

والعشرات هی ثانی المراتب بعد الآحاد فناسب عدده اثنینیة الکرسی.

والنثرة من الانتشار أی انتشار الحمل المقبوض وهو عین ذلک النفس الرحمان أو عین النثر الظاهر بکلام النفس الإنسانی.

وإنما ذکرنا هذا العلاقة مرتبة الکرسی ومظهره الخارجی أی فلک المنازل بالکلام والحروف الاستمداد وجودهما من الاسم الشکور الذی هو مظهر الکلام الإلهی. یقول الشیخ فی "عقلة المستوفز" عن فلک المنازل:

(وهذا الفلک فلک الحروف ومن هنا أنشأت فی عالم الأجسام على الثمانی والعشرین مرة وثمانیة وعشرین حرفا على المخارج المستقیمة ثم حروف خرجت عن الاستقامة فی الإنسان وغیره من الحیوانات على عدد ما بقی من الأقسام مقدارا بمقدار لا یزید ولا ینقص، أمثالها فی الإنسان، کالحروف بین الباء والفاء والحروف بین الجیم والشین و کحروف الخیشوم وهکذا فی الحیوانات.

وأخبرنی بعض العلماء عن تلمیذ جعفر الصادق علیه السلام أوصلها إلى سبعة وسبعین حرفا فی الحیوانات). انتهی.

وهذا المظهر الکلامی هذه المرتبة لها علاقة مباشرة بالشرائع المنزلة من الکرسی إذ الشریعة ما هی إلا خطاب الله تعالى للمکلفین بنفس الله بها عنهم ضیق الجهل و ظلمات الشفاء ولهذا نسب الشیخ حکمة هذا الفص للروح لقوله تعالى: ( وکذلک أوحینا إلیک روحا من أمرنا ) [الشورى: 52] .

وقال تعالى : " ینزل الملائلکة بالروح من أمره. على من یشاء من عباده" (النحل: 2) .

وقال تعالى : " نزل به الروح الأمین . على قلبک لتکون من المنذرین "(الشعراء، 193-194) .

وفی سورة (غافر، 15) "یلقى الروح من أمره، على من یشاء من عباده لینذر یوم التلاق ".

ففی هذه الآیات وغیرها:روح الوحی المنزل مقترنا بالأمر والإنذار الشرعیین الصادرین من الکرسی

و لاقتران هذه المرتبة بالروح وبالدین و بالاثنینیة نسب الشیخ کلمتها لیعقوب الله لأن الله تعالى فرن اسمه بالدین وقرن حاله بالروح وظهر فیه القبض والبسط حسا ومعنى فحزن وفقد بصره لفقدان یوسف ثم فرح ورد بصره ورفع للعرش عند لقائه. قال تعالى "ووصى بها إبراهیم بنیه ویعقوب یابنی إن الله اصطفى لکم الدین فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " (البقرة، 132 ).

وأخبر تعالی عنه وهو یخاطب أبناءه "ولا تیأسوا من روح الله إنه لا ییأس من روح الله إلا القوم الکافرون " (یوسف، 87) .

وفی الآیة 94 "ولما فصلت العیر قال أبوهم إنی لأجد ریح یوسف لولا أن تفندون ".

فوجد ریح یوسف فی کنعان من مصر ومن خواص الأرواح ذوق الأنفاس بالشم لقول النبی صلى الله علیه وعلى آله و سلم (الأرواح نشام کما تشام الخیل).

وأشار الشیخ إلى نسبة أخرى بین یعقوب وهذه المرتبة التی مدارها حول القدمین فقال: "فقد علمت من یلتذ ومن یتألم وما یعقب کل حال من الأحوال وبه سمی عقوبة وعقابا وهو شائع فی الخیر والشر غیر أن العرف سماه فی الخیر ثوابا وفی الشر عقابا".

فأنسب الأسماء للعقاب یعقوب .

وقد سماه الشیخ فی الباب 14 من الفتوحات:

العاقب وهو مناسب أیضا لعواقب الثناء أی معنى الشکور المحمود على کل حال التوجه لإیجاد هذه المرتبة.

وبارک الله لیعقوب فی عقبه لتحققه بالشکر المستلزم للمزید، وسموا باسمه فقیل بنو إسرائیل وإسرائیل هو یعقوب علیه السلام .

وفی آخر الفصل أشار الشیخ إلى الشیب: شیبتنی هود، لأن لفص هود فلک المنازل الذی هو المظهر المحسوم للکرسی کما سبق ذکره.

وهذا لمناسبة هذه المرتبة لما یسمى فی القرآن بأرذل العمر، وهو فی الکون عبارة عن العالم العنصری الکائن تحت فلک المنازل وإلیه أشار الشیخ فی جوابه عن السؤال الأول من أسئلة الترمذی حیث یقول:

(والذی یتعلق بالمولدات الطبیعیة بتنوع ویستحیل باستحالاتها وهو المعبر عنه بأرذل العمر لکی لا یعلم من بعد علم شیئا.

فان المواد التی حصل له منها هذا العلم استحالت فالتحق العلم بها بحکم التبعیة) ولعلاقة أرذل العمر بالمرض والموت وبیعقوب نجد الشیخ فی کتابه (العبادلة) یخصص بابا عنوانه: "عبد الله بن یعقوب بن عبد الممیت " لکن حیث أن للکرسی قدم الحیاة الباقیة فی الجنان عند الوجه الأعلى للأعراف حیث الروح والریحان نحد أیضا بابا آخر تحت عنوان: "عبد الله بن یعقوب بن عبد الباقی".

فانظر جمعیة یعقوب لزوجیه الموت والبقاء لإستمداده من الشکور عند کرسی القدمین...

وکما عقب یعقوب اثنی عشر ولدا منهم یوسف علیه السلام ، فکذلک عقبت مرتبة الکرسی مرتبة فلک البروج الیوسفیة التی لها الفص الموالی الذی مهد الشیخ له بذکر آثار الطبیعة فی أواخر هذا الفص الیعقوبی.

لأن آثارها أول ما ظهرت ،ظهرت فی البروج فمنها ثلاثة حارة پابسة وثلاثة باردة یابسة وثلاثة حارة رطبة وثلاثة باردة رطبة حسب ترتیبها المعروف.



08: سورة فص یعقوب علیه السلام

سورة هذا الفص من سورة "الشمس" والحاکم على مرتبته الاسم "الشکور" المتوجه على إیجاد الکرسی محل القدمین وتثنیة الأمر العرشی الواحد.

هذا الفص مشحون  بالاثنینیات وما افتح فی قول الشیخ: (الدین دینان)، کذلک سورة الشمس مفتتحة بالاثنینیات: "الشمس والقمر / النهار واللیل / السماء والأرض / فجور النفس وتقواها / أفلح وخاب / ز کاها  و دساها." .

وقد خصص الشیخ لمنزل سورة "الشمس" الباب 293 من الفتوحات  وفیه بین الاثنینیة المتجلیة فی هذا المنزل.

بل رأى خلال کتابته رسول الله صلى الله علیه وسلم  لا بسا نعلین وقفازین، تأکیدا للازدواجیة المتکاملة.

وافتح هذا الباب بالکلام على ازدواجیة الرب والمربرب والرابطة بینهما وبدأه بقصیدة طویلة تحتوی على"56" بینا أی "x282" .

فهذا العدد هو تثنیة العدد "28" الذی هو عدد منازل الفلک المناسب لهذه المرتبة الثامنة لأن ذلک المنازل أو فلک الکواکب هو المظهر المحسوس الخارجی للکرسی، مثل فلک البروج بالنسبة إلى العرش.

"" أضاف الجامع : یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :

" الجواد والمقسط ، من هذین الاسمین : کان عالم الغیب والشهادة ، والدار الدنیا والآخرة ، وعنهما کان البلاء والعافیة ، والجنة والنار .

وعنهما خلق من کل زوجین اثنین والسراء والضراء .

وعنهما صدر التحمیدان فی العالم :

التحمید الواحد الحمد لله المنعم المفضل ، والتحمید الآخر الحمد لله على کل حال .

وعن هذین الاسمین ظهرت القوتان فی النفس :

القوة العلمیة والقوة العملیة ، والقوة ، والفعل ، والکون ، والاستحالة ، والملأ الأعلى ، والملأ الأسفل ، والخلق ، والأمر.""

ولهذا نجد الشیخ یقول إن من علوم هذا المنزل:

"علم التجلی فی النجوم على کثرها فی کل نجم منها فی آن واحد برؤیة واحدة". بشیر إلى الآیة الثانیة والآیتین الرابعة والسادسة " والقمر إذا تلاها ...واللیل إذا یغشاها ..والسماء وما بناها".

وابتدا ذکر علوم هذه السورة فقال: "فمما یتضمن هذا المنزل تجلی الحجاب بین کشفین وتجلی الکشف بین حجایین .

وما فی المنازل منزل یتضمن هذا الضرب من التجلی إلا هذا المنزل إلى آخره... وذلک من حکم اثنینیة الکرسی.

ویشیر بذلک إلى الآیات الأربعة الأولى من السورة.. إلى أن قال:

"واعلم یا أخی أنه لیلة تقییدی لبقیة هذا المترل من برکاته رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم وقد استلقى على ظهره وهو یقول:

ینبغی للعبد أن یرى عظمة الله فی کل شیء حتى فی المسح على الخفین ولباس القفازین".

وکنت أرى فی رجلیه صلى الله علیه وسلم  نعلین أسودین جدیدین وفی یده قفازین..." إلى آخره.

وفی هذا الباب 293 "فتوحات" خصص فقرة طویلة حول الطبیعة وأرکانها وآثارها، وهو مناسب لتوسع الشیخ فی الکلام حولها فی هذا الفص.

ومرجع کل ذلک للآیات الأولى من "الشمس" التی فیها ذکر لطبیعة الکون زمانا ومکانا و لطبیعة النفس تسویة وفجورا و تقوی وتزکیة ودسا.

وختم ذلک الباب بقوله عن هذا المنزل:

"... ویتضمن علم العواقب ومآل کل عالم" إشارة إلى أیتها الأخیرة: « ولا یخاف عقباها " (الآیة، 15 ) المناسبة تماما لاسم "یعقوب" صاحب هذا الفص وللاسم "الشکور" الحاکم علیه لأن معنى "الشکور" هو "الذی له عواقب الثناء".

ویعقوب کان من رجال الأنفاس أهل الشم کما یظهر فی قول:" وإنی لأجد ریح یوسف" [یوسف، 94] . " ولا  تیأسوا من روح الله " (یوسف، 87).

وللنفس علاقة مباشرة بصبح الشمس لقوله تعالى : "والصبح إذا تنفس" [التکویر، 18].

(ینظر الى وصف الشیخ لرجال الأنفاس والأعراف فی الابواب 15-34-35).

وفی السورة ذکر لعقاب ثمود، وإلیه الإشارة فی قول الشیخ: "... وما یعقب کل حال من الأحوال، وبه سمی عقوبة وعقابا"

وأشار إلى ثمود وحالها مع رسولها صالح وهو أخو هود فی النسبة العربیة

فقال: "... فالرسول مبلغ ولهذا قال: "شیبتنی هود و أخواتها" ..."

فانظر کیف لوح للنسبیة العربیة المشترکة بین سیدنا محمد وهود وصالح علیهم الصلاة والسلام.

وذلک الشیب، مثله مثل فقدان یعقوب بصره، من مظاهر الطبیعة المؤثرة.

ولهذا تکلم الشیخ فی أواخر هذا النص على الطبیب خادم الطبیعة والرسول خادم الأمر الإلهی...


علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه :

فی هذا الفص عاد الشیخ إلى موضوع "الرضا" الذی خصص له الفص السابق کما أشار إلیه فی فص إبراهیم،

فقال: "فمن هنا کان الدین جزاء أی معارضة بما یسر وما لا یسر، فبما یسر: ( رضی الله عنهم ورضوا عنه ) (المائدة، 119) .

ففی هذه الجملة یلوح إلى الصلة بین الأنبیاء الثلاثة من حیث النسب:

فـ إسماعیل عم یعقوب وإبن إبراهیم.

وإلى الصلة بین مرانب فصوصهم أی الجسم الکل  والعرش والکرسی.

وإلى الصلة بین سورهم:

طلوع شمس "لم یکن" فی البینة عند إبراهیم.

و"الفجر" ابن الشمس عند إسماعیل بن إبراهیم.

و"الشمس وضحاها" لیعقوب.

وقد رأى یوسف بن یعقوب والده فی الرؤیا على صورة الشمس وأمه على صورة القمر واخوته على صورة الکواکب.

ولیوسف الفصل التالی الذی له سورة الإخلاص" الآیة (1)" قل هو الله أحد"

ومهد الشیخ إلیها فی آخر هذا الفص الیعقوبی بذکره لکلمتی " أحد" و "آحاد".