عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الخامس :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

قال رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل. فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة. )

 

قال رضی الله عنه : (وهذه الحکمة) التی هی معرفة اختلاف العلوم الإلهیة باختلاف أهلها (من علم الأرجل) بحسب ما تقتضیه الرجل فی قولک : کنت رجله التی یسعى بها کما مر (وهو قوله تعالى فی الأکل) الروحانی بعد الجسمانی (لمن أقام کتبه) "ولو أنه أقاموا التوریة والإنجیل وما أنزل إلیهم ممن هم أکثروا من فوقهم ("ومن تحت أرجلهم" ) [المائدة: 66]، وهو علم سیر الحقیقة الإلهیة فی مواطن الممکنات العدمیة ونزولها فی المنازل الاختصاصیة .

قال رضی الله عنه : (فإن الطریق الذی هو الصراط)، الذی سبق ذکره فی قوله تعالى: "إن ربی على صراط مستقیم" [هود: 56] (هو)، أی الطریق لا یکون إلا (للسلوک علیه والمشی فیه) فإنه مشتق من الطرق لأنه یطرق، أی یضرب بأقدام الناس و حوافر الدواب کما أن الصراط من الصرط وهو الابتلاع والازدراد، لأنه یبتلع المارة فیه ویزدردهم (والسعی لا یکون إلا بالأرجل فلا ینتج هذا الشهود) الإلهی الخاص.

 

قال رضی الله عنه : (فی أخذ النواصی) من جمیع الدواب التی تدب من العدم إلى الوجود (بید من هو على صراط مستقیم) وهو الرب سبحانه (إلا هذا الفن)، أی العلم (الخاص من علوم الأذواق) الوجدانیة المختلفة باختلاف أهلها والکل من عین واحدة بل هو من تلک العین الواحدة .

(فیسوق الله المجرمین) من قوله تعالى : "ونسوق المجرمین إلى جهنم وردا " [مریم: 86] . (وهم)، أی المجرمون (الذین استحقوا)، أی تهیئووا واستعدوا فنالوا

قال رضی الله عنه : (المقام الذی ساقهم إلیه) وهو جهنم وکان سوقهم منه تعالى إلیه (بریح الدبور) وهی التی تهب من مغرب الشمس وکانت دبورة لأنها على إدبار النهار واختفاء الشمس، وتدل فیهم على أدبار أحوالهم واختفاء شمس الأحدیة الإلهیة تحت أراضی نفوسهم وانحجابها عنهم بهم.

وهذا من قوله تعالى: "فلما رأوه عارضا مستقبل أودیتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم تدمر کل شیء بأمر ربها" [الأحقاف : 24 - 25] .

 

ولذا قال (التی أهلکهم) أی الله تعالى (عن نفوسهم بها) أی تلک الریح وهو عین الدمار (فهو)، أی الله تعالى (یأخذ بنواصیهم)، لأنه مالکهم (والریح) الدبور التی تدمرهم بإذن ربها (تسوقهم وهی)، أی تلک الریح (عین الأهواء ) النفسانیة التی کانوا علیها فی الحیاة الدنیا کنی عنها بریح الدبور، لأنها نشأت فیهم من أجل احتجابهم عن شمس أحدیة الحق تعالی .

کما تنشأ ریح الدبور عن غیبة الشمس وحرکة غروبها فی جهة المغرب إلى جهنم وهی البعد عن الله تعالى (الذین کانوا) أی المجرمون (یتوهمونه) بحضورهم مع الأغیار ولا أغیار.

 

قال رضی الله عنه : (فلما ساقهم) الله تعالى (إلى ذلک الموطن) الذی یتوهمونه على خلاف ما هو علیه (حصلوا فی عین القرب) الذی هم علیه فی نفس الأمر فی غیر شعور منهم

فزال عنهم (البعد) الذی کانوا یتوهمونه بحکم المغایرة المجعولة فیهم بأهواء نفوسهم مع أنها عین أخذه تعالی بنواصیهم.

وعین سوقه لهم بتلک الأهواء المکنى عنها بالریح (فزال) من زوال البعد عنهم (مسمى جهنم فی حقهم)، أی المجرمین یعنی من جهة أذواقهم لا فی حق غیرهم ممن یراهم فی جهنم (ففازوا بنعیم القرب) من الله تعالى (من جهة الاستحقاق) بحکم العدل الإلهی (لأنهم)، أی هؤلاء المذکورین (مجرمون)، أی أصحاب جرائم، وهی الذنوب، وأکبر الذنوب الکفر والشرک .

 

قال رضی الله عنه : (فما أعطاهم هذا المقام الذوقی) الذی هو فی أذواقهم فقط لا فی ظواهرهم (اللذیذ) من جهة ما هو وجیع وألیم کضرب المحبوب لمحبه ضربة وجیعة من جهة ما هو ضرب، وفیه اللذة للمحب إذا انکشف له محبوبه، وأنه هو الضارب له من جهة أخرى ذوقیة لا یعرفها إلا المحب العاشق.

قال أبو یزید البسطامی قدس سره :

وکل مآربی قد نلت منها سوى    …… ملذوذ وجدی بالعذاب

"" أضاف المحقق :

للحسین بن منصور الحلاج المولود سنة 244 هـ والبیت الثانی هو :

أریدک لا أریدک للثواب   ….. ولکن أریدک للعقاب

فکل مآربی قد نلت منها ... سوى ملذوذ وجدی بالعذاب  ""

فقد أخبر أنه نال من محبوبه جمیع مقاصده إلا مقصدا واحدا لم ینله فطلبه من محبوبه وهو اللذة العشقیة التی تحصل بعذاب المحبوب له.

فقد طلب العذاب من محبوبه لتحصل له لذة العذاب بسبب ما عنده من المحبة، وأهل النار إذا دخلوا إلیها وعذبوا بعذابها لا یخفف عنهم من عذابها شیئا إلى ما لا نهایة له وهو الخلود فی حق الکافرین.

 

فهم محجوبون عن ربهم الذی هم قائمون به فی أطوار وجودهم وهی الحضرة الأسمائیة الإلهیة کما قال تعالى : "إنهم عن ربهم یومئذ لمحجوبون " [المطففین : 15]، وموتهم من هذه الحیاة الدنیا کشف عن غطائهم، أی غطاء نفوسهم المربربة بربهم فزالت نفوسهم واختفى عنهم ربهم فانحجبوا عنه.

وانکشفت لهم الهویة الذاتیة التی تغنی کل من شاهدها، فلهم بها نعیم القرب واللذة التی هی عین فنائهم عما هم فیه من عذاب الکفر.

وهذا الفناء ذوقی لا عینی فیجده الذائق، ولا یحس به المعاین، فهم فی العذاب ظاهرة، والحجاب عن ربهم خالدون مخلدون فی النار والزمهریر، لأن ربهم الذی هم محجوبون عنه فی الآخرة ظهر بهم فی الدنیا بأنواع الضلالات والکفر والجرائم وهم لا یشعرون.

 

وزین لهم أعمالهم، فلما ماتوا زالوا عن دعوى الوجود التی کان فیها الکل، قد ذاقوا نعیم الفناء الذی هو عین القرب إلیه تعالى، کما ذاقه العارفون فی الدنیا، فإذا ردوا بعد موتهم إلى تخیل وجودهم فی عالم البرزخ وقع الحجاب لهم عن ربهم الذی أعطاهم عین ما اتصفت به نفوسهم.

 

فتعذبوا بعذاب النار على الجرائم التی کان بسبب اتصافهم بها عین حجابهم عن ربهم، وهم فی الآخرة فی جهنم أبد الآبدین، عذابهم من جهة حجابهم عن ربهم، ونعیمهم من جهة فنائهم الذی یرجعون فیه إلى أعیانهم الثابتة فی الحضرة العلمیة ، وهی لذة أهل الجنة أیضا، وکل میت من حین الموت إلى الأبد کذلک.

 

ولأهل الجنة زیادة على ذلک لذة الرؤیة لربهم الذی حجب عنه الکافرون وکما ذکرنا.

قال تعالى: "وجوه یومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" [القیامة : 22 - 23].

وقال صلى الله علیه وسلم : «إنکم لن تروا ربکم حتى تموتوا» فالموت یقتضی کشف غطاء دعوی الوجود، وفیه لذة زوال تعب دعوى الوجود، وهی اللذة التی ستصحب أهل النار بل أهل الآخرة کلهم.

 

وإن کانوا یحیون بالحیاة الأخرویة الأبدیة، فإنها غیر الحیاة الدنیویة الوهمیة.

والحاصل أن التکلیف بالأعمال فی الدنیا إنما کان من حضرة الربوبیة التی أشهدت کل إنسان على نفسه بالإقرار لها.

فی قوله تعالى: «وأشهدهم على أنفسهم ألست بربکم قالوا بلى شهدنا " [الأعراف: 172]، ثم إن هذه الحضرة جاءت منها المرسلون إلى الخلق یکلفونهم بمقتضى ما أخذ علیهم من المیثاق.

ولهذا قال علیه السلام: "ینزل ربنا کل لیلة إلى سماء الدنیا" فیقول: «هل من مستغفر فأغفر له» الحدیث . رواه البخاری ومسلم.

 

فما قال ذلک إلا الرب لا غیره من الأسماء، فإذا عمل أهل الجنة للجنة، وأهل النار للنار کانت أعمالهم عین ما هو جزاؤهم إذا انقلبوا بالموت من دعوى وجودهم إلى حضرة ثبوتهم.

فأهل الجنة یتنعمون فی الجنة برؤیة ربهم زیادة على نعیم الجنة بحسب أعمالهم الصالحة، وأهل النار یعذبون بالنار بحجابهم عن ربهم زیادة على عذابهم بالنار بحسب أعمالهم القبیحة.

فنعیم الرؤیة لأهل الجنة نعیم روحانی ونعیم الجنة نعیم جسمانی.

وعذاب الحجاب لأهل النار عذاب روحانی، وعذاب النار عذاب جسمانی.

والفریقان لهم لذة ذوقیه بمقام القرب الذاتی الإلهی یکونون فیه باطنة من حین زوال الحیاة الدنیا إلى الأبد.

 

وأهل النار لا یزالون فی الآخرة یتعذبون و" کلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غیرها لیذوقوا العذاب" [النساء: 56].

وهو مع ذلک یمدهم من هذا المقام الذاتی بلذة القرب، ولهذا یحتملون ما یقاسونه من ألم العذاب فی النار ما لولاه لذابوا فی أقل قلیل، وهم فیها یصطرخون وینادون : " یا مالک لیقض علینا ربک " ، فیقول لهم: "إنکم ماکثون" [الزخرف: 77]، حتى یضع الجبار قدمه فی النار کما ورد فی الحدیث وینزوی بعضها إلى بعض وتقول: قط قط. رواه البخاری ومسلم وغیرهما.

وهذا کنایة عن غلبة القرب الذاتی علیهم الذی فیه الکل ورسوخهم فیه، فعند ذلک یحصل فی أذواقهم ما صرح به الشیخ المصنف قدس الله سره فی هذا الکتاب وغیره من کتبه من اللذة بالعذاب مع بقاء عینه عذابا مؤلما موجعا.

 

وهذا البیان من فتوح الوقت والحمد الله على إنعامه (من جهة المنة)، أی الفضل الإلهی علیهم کما هو حال نعیم أهل الجنة .

قال : «لن یدخل أحدکم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت یا رسول الله قال : "ولا أنا إلا أن یتغمدنی الله برحمته" وهذا عین الفضل .رواه الطبرانی و صحیح ابن حبان ومسند أحمد .

وإنما أخذوه)، أی أخذ أهل النار هذا المقام الذوقی اللذیذ (بما استحقته حقائقهم)، أی حقائق نفوسهم وهی حضرات أمر ربهم القائم علیهم بما کسبوا فی الدنیا وما جوزوا به فی الآخرة (من أعمالهم التی کانوا علیها) فی الدنیا واتصفوا بنتائجها فی الآخرة ولا تستحق حقائقهم إلا عین العدل والفضل زیادة على ذلک وهو لأهل الجنة .

قال تعالى: "للذین أحسنوا الحسنى وزیادة " [یونس: 26]. وقد فسر النبی صلى الله علیه وسلم الإحسان بأن تعبد الله کأنک تراه فإن لم تکن تراه فإنه یراک، ونعیم القرب الذاتی هو عین الحسنی التی للذین أحسنوا ، والزیادة هی الجنة.

وأهل النار أحسن الله بهم فی الدنیا ولم یحسنوا هم فلهم الحسنى من غیر زیادة، لوجود الإحسان فی حقائقهم.

ولهذا کانوا یرونه لما کانوا یسجدون کرهة فی عین سجودهم للأصنام، لکن رؤیة ذاتیة فی حضرة وجوده المطلق الذی هم موجودون به مع کل شیء عندهم قال تعالى : "ولله یسجد من فی السموات والأرض طوعا وکرها" [الرعد: 15].

وقال تعالى: "وقضى ربک ألا تعبدوا إلا إیاه " (الإسراء : 23).

وما قضی به تعالی واقع لا محالة ، فقال رضی الله عنه : (وکانوا)، أی المجرمون فی السعی فی أعمالهم فی الدنیا التی هم عاملون لها (على صراط الرب المستقیم) وهو قیامهم بأسمائه تعالى (لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة)، أی هو على صراط مستقیم، وهو الله تعالی.

 

شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

 ولما بین أنواع العلوم الذوقیة وقواها أراد أن یبین أن هذه الحکمة بأی قوى تحصل فقال : قال رضی الله عنه : (وهذه الحکمة) الأحدیة (من علم الأرجل) أی نوع من العلوم الذوقیة الحاملة بالسلوک والریاضات والمجاهدات فی صراط الحق فلا یمکن حصول هذا العلم بجارحة من جوارح إلا بالأرجل (وهو) أی علم الأرجل (قوله تعالی فی) حق (الأکل لمن) .

متعلق بقوله تعالى: (أقام کتبه) وهو قوله تعالى : "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجیل وما أنزل إلیهم من ربهم لأکلوا من فوقهم" .

أی لحصل لهم الفارضیة من أرواحهم من غیر کسب وسعی فی السلوک (من تحت ارجلهم) مقول القول وإنما کان هذه الحکمة من علم الأرجل من علوم الأذواق لا من غیره من الجوارح .

قال رضی الله عنه : (فإن الطریق الذی هو الصراط) المستقیم (هو) أی ذلک الطریق (للسلوک) أی وضع لأن یسلک (علیه والمشی فیه والسعی) فیه .

قال رضی الله عنه : (لا یکون) ذلک المشی المعنوی (إلا بالأرجل) المعنوی کما أن المشی الصوری لا یکون إلا بالأرجل الصوری والمقصود من الحکمة الأحدیة شهود أحدیة ذاته تعالى من حیث کونها فی کلمة هودیة .

وما کان أحدیة الذات فی کلمة هودیة إلا أخذ الحق النواصی وکونه على صراط مستقیم ولأجل مشاهدة هود علیه السلام أحدیة الذات على هذا الطریق.

قال : "ما من دابة إلا هو آخذ بناصیتها إن ربی على صراط مستقیم" [هود: 56] فإذا لم یکن السلوک على الطریق إلا بالأرجل (فلا ینتج هذا الشهود) الأحدی الذی لا یحصل إلا (فی أخذ النواصی) قوله رضی الله عنه :  ( بید من) یتعلق بالأخذ (هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص)، وهو علم الأرجل (من علوم الأذواق) فلا تکون هذه الحکمة الهودیة إلا بالکسب والسلوک والمشی على الصراط المستقیم .

 

فلا بد هذا الشهود لکل أحد من الناس مطیعا کان أو مجرما بحسب أوقاتهم المقدرة لهم إذ ما منهم إلا وهو یمشی على الصراط المستقیم.

الذی یوصل من یسلک فیه إلى هذا الشهود فمنهم من یوصل صراط المستقیم إلى هذا الشهود فی الدنیا کالأنبیاء والأولیاء الفانین فی الله والباقین به.

 

ومنهم من وصل فی الدار الآخرة حتى أن المشرکین یوصلهم صراطهم المستقیم إلى هذا الشهود فی نار جهنم مؤبدا فیها لا ینفع لهم لعدم وقوعه فی وقته فجمع الله عذابهم مع هذا الشهود .

فقد شرع فی بیان ما یقوله بقوله تعالى: (" ونسوق المجرمین" [مریم: 86] وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم) أی ساق الله المجرمین (إلیه) أی إلى ذلک المقام وهو مسمى بجهنم الذین استحقوه بسبب سلوکهم فی الطریق المستقیم الذی یوصلهم إلى هذا المقام الذی یحصل لهم فیه هذا الشهود.

 

قال رضی الله عنه : (بریح الدبور) وهی الهواء التی فعلوا من مقتضیات أنفسهم وإنما سمی ریح الدبور لأنه یأتی من جهة الخلفیة جهة الخلف (التی أهلکهم) الله (عن نفوسهم بها) أی بسببه ریح الدبور وأملاکهم تعذیبهم بهذه الریح فی صورة النار فهلکوا عن أنفسهم فشاهدوا أن الحق هو الآخذ بنواصیهم والسائق إلى أن وصلوا إلى هذا النوع من العلوم الذوقیة فإنهم وإن عذبوا إلى الأبد لکنهم یتحققون بهذا الذوق .

 

قال رضی الله عنه : (فهو) أی الله (الأخذ بنواصیهم) أی نواصی المجرمین (والریح تسوقهم وهی) الریح (عین الأهواء التی کانوا علیها) فی الدنیا (إلى جهنم) متعلق بتسوق (وهى) أی جهنم (البعد الذی کانوا یتوهمونه) أی کونه جهنم بعیدا عن الحق فی توهمهم لا فی نفس الأمر فإن الله قریب من کل شیء.

قال رضی الله عنه : (فلما سائهم إلى ذلک الموطن) وهو جهنم (حصلوا) أی وجدوا (فی عین القرب فزال البعد) المتوهم لعلمهم أن الله معهم فی کل موطن (فزال مسمی جهنم فی حقهم) من حیث أنه بعد لا من حیث أنه عذاب.

 

لذلک قال رضی الله عنه :  : (ففازوا بنعیم القرب) فی جهنم ولم یقل بنعیم مطلقة فإن الفوز بنعیم القرب وهو مشاهدة الحق لا یوجب رفع العذاب فی حق المخلدین کما تألم بعض المقربین فی الدنیا

 

قال رضی الله عنه : (من جهة الاستحقاق) وإنما فازوا بنعیم القرب فی جهنم (لأنهم مجرمون) أی الکاسبون الصفات الظلمانیة الجاجیة بشهود الحق فهذا الشهود اجر المجرمین فاستحقوا بسبب جرمهم بهذا المقام .

(فما أعطاهم) الله هذا المقام (الذوقی اللذیذ) الروحانی (من جهة المنه) أی بلا اکتساب منهم بل من جهة استحقاقهم بالمجاهدة والسلوک فی الصراط المستقیم فلا یحصل علم الأرجل لأحد إلا من جهة الاستحقاق لا من جهة الفضل والمنة.

 

قال رضی الله عنه : (وإنما أخذوه) وإنما أخذ المجرمین هذا العلم الذوقی علم الأرجل من الله (بما) أی بسبب الذی استحقنه) أی استحقت هذا العلم الذوقی (حقائقهم) أی أعیانهم الخارجیة (من أعمالهم التی کانوا علیها) فی الدنیا فویل لهم مما کتبت أیدیهم وویل لهم مما یکسبون فحصل لهم نتیجة هذا الکسب وهی علم اللذیذ فی الویل (وکانوا) فی الدنیا (فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم) فیوصل صراطهم لکونه مستقیما إلى مشاهدة ربهم وإنما کان سعیهم فی أعمالهم على الصراط المستقیم ولم یکن على الصراط الغیر المستقیم .

 

قال رضی الله عنه : (لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة) أی بید من کان على الصراط المستقیم فلا یمکن انحرافهم عن صراط ربهم المستقیم فإذا کانت نواصیهم بید ربهم الذی على صراط مستقیم.

 

شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

 

قال رضی الله عنه : "وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل. فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  "

ثم أخذ یبین المشی على الصراط المستقیم:

فقال: من الناس من یعرف صراط المستقیم فیمشی علیه ومن الناس من یجهله والصراط واحد لولا الجهل به ما اختلفت.

وقال: کل أحد یدعوا إلى الله، فأما العارفون: فیدعون إلى الله على بصیرة، وأما غیر العارفین: فیدعون أیضا إلى الله لکن على جهالة، لأنهم الذین یأکلون من تحت أرجلهم فعلو مهم تأتی من قبل السفل.

ثم قال فمن عرف أن الحق عین الطریق عرف الأمر على ما هو علیه إلى قوله: فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر.

 قال: وهذا لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق.

قال: ولما کانت للحق اعتبارات فی مراتب أسمائه مختلفة اختلفت الأفهام فی تلقی علومها.

 

شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

 قال رضی الله عنه : « وهذه الحکمة حکمة الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه : "لأَکَلُوا من فَوْقِهِمْ وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " فإنّ الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه ، والسعی لا یکون إلَّا بالأرجل ، فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على الصراط المستقیم إلَّا هذا الفنّ الخاصّ من علوم الأذواق " .

یشیر رضی الله عنه إلى : العلم الخصیص بالأرجل ، وهو العلم الحاصل بالکدّ والسعی والتعمّل فی مراتب العلوم الظاهرة فی المثال ، وفی التحقیق العلم الحاصل للأقدام من حیث هی أقدام وآلات سعی على الصراط.

 ولا نتیجة له فی أخذ النواصی بید الحق الذی هو على الصراط المستقیم إلَّا أن یقودها بموجب ما تسوق الأرجل فی السلوک والسعی لا غیر ، ولا یفید إلَّا هذا الفنّ الخاصّ من علم الأذواق .

 

قال رضی الله عنه : « ویسوق المجرمین وهم الذین استحقّوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها ، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم وهی عین الأهواء التی کانوا علیها - إلى جهنّم وهی البعد الذی کانوا یتوهّمونه ، فلمّا ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب ، فزال البعد ، فزال مسمّى جهنّم فی حقّهم ، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق" .

یشیر رضی الله عنه إلى : أنّ المجرمین الذین یسعون فی الأجرام والآثام إنّما تسوقهم الأهواء  التی یهوون بها فی هوّة جهنّم إلى البعد الوهمیّ من خلفهم وأدبارهم ، ولهذا سمّیت دبورا .

أی تسوقهم من أدبارهم أهواؤهم بزعمهم وفی نفس الأمر ، إنّما تسوقهم الأهواء بحسب ما یقودهم من بیده نواصیهم إلى غایاتهم التی استحقّوها بحسب استعداداتهم وسعیهم فیهم بحکم السائق والقائد .

فهم فنوا وهلکوا عنهم بحکمه ، فلیسوا بحکمهم وقد توهّموا بعدا فی بعد من حیث توهّمهم أنّهم هم الذین یسعون ویعملون ویمشون ویسلکون بأنفسهم إلى ما تخیّلوا من کمالات وهمیة فانیة .

فما یسعون إلَّا إلى ما یتوهّمونه ، وهو البعد ، والحقیقة تأبى ذلک ، فإنّهم إنّما یسعون بالحق فی الحق للحق من حیث لا یعلمون ولا یشعرون ، فإذا بلغوا غایاتهم لم یجدوا ما عملوا شیئا ، لأنّهم وجدوا الله عاملا بهم ما عملوا ، ووجدوا الحق الذی به عملوا ما عملوا .

فإذا وفّقوا عند النهایة إلى الغایة على السرّ ، حصلوا فی عین القرب ، فزال البعد فی حقّهم ، فزال مسمّى جهنّم وهو البعد ، ففازوا بالقرب بسعیهم واستحقاقهم ، فإنّهم إنّما وصلوا إلى ما وصلوا بأرجلهم التی سعوا علیها .

وکانت أرجلهم عین الحق من حیث لم یعرفوا ، فلمّا عرفوا غرقوا فی الذوق واللذّة القربیّة من حیث لم یعرفوا کذلک .

 

قال رضی الله عنه : " فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنّة ، وإنّما أخذوه بما استحقّه حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها ، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الربّ المستقیم ، لأنّ نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة ، فما مشوا بنفوسهم ، وإنّما مشوا بحکم الجبر " .

یعنی رضی الله عنه : أنّهم فی سعیهم الذی سعوا غیر مختارین بالاختیار المعروف عرفا ، فإنّهم إنّما سعوا بموجب استعداداتهم الذاتیة وبموجبها تعلَّقت المشیّة الإلهیة بما یشبه الجبر ، فساقهم من أدبارهم بالدبور ، وأخذهم بنواصیهم جبرا ، حتى أوصلهم إلى ما استحقّوا بحسب مقتضیات ذواتهم لا باختیارهم المجعول فیهم ، فافهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

قال الشیخ رضی الله عنه : (وهذه الحکمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى فی الآکل لمن أقام کتبه ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ   فإن الطریق الذی هو الصراط المستقیم هو السلوک علیه والمشی فیه ، والسعی لا یکون إلا بالأرجل ، فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم ، إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق )

قال تعالى : " ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِیلَ وما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ من رَبِّهِمْ لأَکَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ".

 إقامة الکتب الإلهیة : القیام بحقها بتدبر معانیها وفهمها وکشف حقائقها ودرکها والعمل بها وتوفیة حقوق ظهرها وبطنها ومطلعاتها لرزقوا العلوم الإلهیة الذوقیة والمعارف القدسیة من فوقهم ، والأسرار الطبیعیة التی أودعت القوابل السفلیة من تحت أرجلهم ، فهذه الحکمة من علم الأرجل : أی من أسرار القوابل ، فإن الله مع القوابل کما هو مع الأسماء الفواعل ، ولهذا قال : لو دلى أحدکم دلوه لهبط على الله ، فالصراط الممدود علیها إذا سلک علیه بالأرجل وسعى السالکون علیه بالأقدام  فی العمل بمقتضى العلم المستفاد من الکتب.

ورثوا هذا الفن الخاص من العلوم الذوقیة ، أی علم أحکام القوابل فأنتج لهم شهود من أخذ النواصی بیده "وهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ " - یوصل من أخذ نواصیهم إلى غایتهم.

 

قال الشیخ رضی الله عنه : ( " ونَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ " - وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم ، وهو عین الأهواء التی کانوا علیها إلى جهنم ، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه )

فیسوق المجرمین الجرمانیین أهل الإجرام والآثام بحکم قائدهم الآخذ بنواصیهم ، فهو القائد والسائق إلى المقام الذی استحقوه بسعیهم على أرجلهم ، ریح الدبور المأمورة بسوقهم ، وهی أهواؤهم التی تسوقهم من أدبارهم ، أی من جهة خلفهم ولهذا سمیت دبورا ، وهی جهة العالم الهیولانی إلى هوة جهنم البعد الذی یتوهمونه وهم یهوون بها ، بأهوائهم الناشئة من استعدادات أعیاناتهم ، حتى أهلکهم السائق والقائد عن نفوسهم.

 

"" إضافة بالی زادة : (ساقهم إلیه ) أی إلى ذلک المقام وهو المسمى بجهنم الذی استحقوه بسلوکهم فی الصراط المستقیم الذی یوصلهم إلى هذا المقام الذی یحصل لهم فیه هذا الشهود ( بریح الدبور ) وهی الأهواء التی فعلوا من مقتضیات أنفسهم ، وسمى بها لأنه یأتی من جهة الخلفیة جهة الخلف . وإهلاکهم تعذیبهم بهذه الریح فی صورة النار فهلکوا عن أنفسهم ، فشاهدوا أن الحق هو الآخذ بنواصیهم والسائق إلى أن وصلوا إلى هذا النوع من العلوم الذوقیة ، فإنهم وإن عذبوا إلى الأبد لکنهم یتحققون بهذا الذوق اهـ بالى . ""

 

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق ، لأنهم مجرمون ) إنما حصلوا فی عین القرب على الحقیقة لأن الحق الذی هو قائدهم معهم ، وإنما توهموا لبعد لأنهم کانوا یسعون إلى کمالات وهمیة فانیة تخیلوها فما وصلوا إلا إلیها ، فزال البعد فی حقهم فزال مسمى جهنم ، لأنهم بلغوا الغایات التی کانوا یطلبونها باستعداداتهم ، وذلک نعیمهم من جهة استحقاقهم لأن إجرامهم هو الذی اقتضى وصولهم إلى أسفل مراتب الوجود من عالم الأجرام.

 

"" إضافة بالی زادة : ( فزال البعد ) المتوهم لعلمهم أن الله معهم فی کل موطن ( فزال مسمى جهنم فی حقهم ) من حیث أنه بعد لا من حیث أنه عذاب لذلک قال ( ففازوا بنعیم القرب ) فی جهنم ولم یقل بنعیم مطلقا ، فإن الفوز بنعیم القرب وهو مشاهدة الحق لا یوجب رفع العذاب فی حق المخلدین ، کما تألم بعض المقربین فی الدنیا ( لأنهم مجرمون ) أی الکاسبون الصفات الظلمانیة الحاجبة لشهود الحق ، فهذا الشهود أجر المجرمین فاستحقوا بسبب جرمهم هذا المقام اهـ بالى . ""

 

قال الشیخ رضی الله عنه : ( فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها ، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم ، لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة)

أی إنما وجدوه بما اقتضاه أعیانهم من أعمالهم التی کانوا یسعون فیها وبمقتضى استعداداتهم الذاتیة تعلقت المشیئة الإلهیة بما کانوا یعملون فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم ، لأن نواصیهم بید من هو على الصراط المستقیم ، فهو یسلک بهم علیه جبرا إلى أن وصلوا إلى عین القرب.


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

قال رضی الله عنه : (وهذه الحکمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: ومن تحت أرجلهم )  أی ، هذا لحکمة الأحدیة هی من العلوم التی تحصل بالسلوک . ولما کان السلوک الظاهری بالأرجل ، قال : ( من علم الأرجل ) .

ملاحظا قوله تعالى : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجیل وما أنزل إلیهم من ربهم ، لأکلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم " .

أی ، ولو أنهم أقاموا أحکامهما وعملوا بهما وتدبروا معانیهما وکشفوا حقائقهما ، لتغذوا بالعلوم الإلهیة الفائضة على أرواحهم ، وعرفوا مطلعاتها من غیر کسب وتعمل وهو الأکل من فوقهم -

بالعلوم الحاصلة لهم بحسب سلوکهم فی طریق الحق وتصفیة بواطنهم من الکدورات البشریة ، کعلوم الأحوال والمقامات الحاصلة للسالکین فی أثناء سلوکهم - وهو الأکل من تحت أرجلهم.

"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِیلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا یَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة

قال رضی الله عنه : (فان الطریق ،الذی هو الصراط ،هو للسلوک علیه ،والمشی فیه والسعی لا یکون إلا بالأرجل) تعلیل قوله : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل ) . ومعناه : أن الطریق إنما هو لأجل السلوک علیه ، والمشی والسلوک لا یحصل إلا بالأرجل .

شبه السلوک المعنوی بالسلوک الصوری الحسى .

ولما کان السلوک یعطى السالک الفناء فی الله والبقاء به ، فتحصل الأحدیة الذاتیة بالأول والأسمائیة بالثانی ، فیرب هذا السالک فی رجوعه إلى الخلق مظاهر الحق ویوصلهم إلیه لا غیر  قال رضی الله عنه : ( فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم ، إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق ) . أی ، لا یحصل شهود أخذ النواصی بأیدی من هو على صراط مستقیم ، إلا بهذا النوع من العلوم .

فقوله : ( فی أخذ النواصی ) . متعلق ب‍( الشهود ) . وقوله : ( بید من ) متعلق ب‍( الأخذ ) .

قال رضی الله عنه : (ونسوق المجرمین . وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح " الدبور " التی أهلکهم عن نفوسهم بها ) لما کان الحق آخذا بنواصی کل ذی روح

ونفس - وکان هو السائق أیضا بظهوره فی مظهر الهوى الذی به یدخل فی حکم المضل - شرع فی بیانه على سبیل الإیماء ، وجاء بقوله تعالى : ( ونسوق المجرمین إلى جهنم وردا ) . استشهادا على أنه هو السائق ، کما أنه هو القائد .

فیسوق المجرمین الکاسبین للهیئات والصفات التی بها دخلوا جهنم . واستحقوه بصور الأهواء الناشئة من نفوسهم فی الظاهر ، وهی ریح ( الدبور ) ، لأنها حاصلة من الجهة الخلقیة والعالم الهیولانی المظلمة إلى عین جهنم البعد المتوهم . ف‍) أهلکهم عن نفوسهم بها ( .

أی ، أفناهم عنها بتلک الریح ، وأوصلهم إلى ذاته . أو ، أراد ب‍( المجرمین ) . الکاسبین لخیرات ، السالکین طریق النجاة ،

المرتاضین بالأعمال الشاقة ، المشتاقین لظهور حکم ( الحاقة ) ، فإنهم یکسبون بها التجلیات المفنیة لذواتهم .

فإنه ذکر فی الفتوحات عند ذکر الأولیاء : ( إنه من الأولیاء المشرکون ومنهم المراؤون ومنهم الکافرون ) . وأمثال ذلک . إلا أن الکلام الآتی یؤید الأول .

قال رضی الله عنه : (فهو یأخذ بنواصیهم ، والریح تسوقهم . وهی عین الأهواء التی کانوا علیها إلى جهنم ، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه . فلما ساقهم إلى ذلک الموطن ، حصلوا فی عین القرب ، فزال البعد ،فزال مسمى جهنم فی حقهم ،ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق ،لأنهم مجرمون).

أی ، الحق یأخذ بنواصی المجرمین ویسوقهم بریح الأهواء إلى جهنم . ثم ، فسر جهنم ب‍( البعد ) إیماء بأن کل من بعد من الحق بالاشتغال بالأمور الطبیعیة والنفسانیة ، فهو من حیث ذلک فی جهنم .

ولما کان فی نفس الأمر لا بعد لأحد من الله - إذ المواطن والمقامات کلها صور مراتب الحق -

وصف ( البعد ) بأنه أمر متوهم ، ینشأ من توهمهم أن فی الوجود سوى وغیرا .

فلما ساقهم الحق إلى ذلک الموطن ، أی إلى دار جهنم وأهلکهم وخلصهم عن نفوسهم بالفناء فیه ، حصل لهم عین القرب ، وانکشف لهم أن البعد من الله ما کان إلا توهما محضا ، فانقلب جهنم فی حقهم بالنعیم ، لأنهم کسبوا باستعدادهم ذلک ، فصاروا عارفین بالله ومراتبه .ولکن بعد أخذ ( المنتقم ) منهم حقه.

وتحقیق هذا المعنى أن ( جهنم ) مظهر کلی من المظاهر الإلهیة ، یحتوی على مراتب جمیع الأشقیاء ، کما أن ( الجنة ) مظهر کلی ، یحتوی على جمیع مراتب السعداء . فأعیان الأشقیاء إنما یحصل کما لهم بالدخول فیها ، کما أن أعیان السعداء یحصل کمالهم بدخول الجنة . وإلیه أشار النبی صلى الله علیه وآله وسلم بقوله : " إن العبد لا یزال یعمل بعمل أهل الجنة حتى لا یبقى بینه وبین الجنة إلا شبرا ، فیعمل عمل أهل النار فیدخل فیها . ولا یزال العبد یعمل بعمل أهل النار حتى لا یبقى بینه وبین النار إلا شبرا ، فیعمل عمل أهل الجنة فیدخل فیها " .

فکل من الأشقیاء إذا دخل جهنم ، وصل إلى کماله الذی یقتضیه عینه . وذلک الکمال عین القرب من ربه ، کما أن أهل الجنة إذا دخلوا فیها ، وصلوا إلى کمالهم ومستقرهم ، وقربوا من ربهم .

هذا إذا کان المراد ب‍ ( المجرمین ) أهل النار .

وأما إذا کان المراد بهم السالکین ، فالمراد بجهنم دار الدنیا ، ولا إشکال حینئذ .

قال رضی الله عنه : (فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة . وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها ) .

أی ، فما أعطاهم الحق هذا المقام ، أی مقام الفناء ، على سبیل الفضل والمنة ، کما لأهل الجنة ، بل إنما أخذوه بما أعطتهم أعیانهم من الأعمال التی کانوا علیها .

قال رضی الله عنه : (فکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم ، لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة ) .

أی ، وکانوا فی سعیهم فی أعمالهم التی عملوها بحسب متابعة الهوى والنفس ، على الصراط المستقیم الذی لربهم الحاکم علیهم بالربوبیة . هذا على الأول .

وعلى الثانی ، و کانوا فی سعیهم فی الریاضات والمجاهدات مع النفس وتحمل المشاق والأعمال الشرعیة ، على الصراط المستقیم ، لأن نواصیهم بید الحق .

کما قال ، صلى الله علیه وسلم : " قلوب العباد بین إصبعین من أصابع الرحمن ، یقلبها کیف یشاء ".


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

قال رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل. فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط

مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.)

ثم قال رضی الله عنه : (وهذه الحکمة) أی: الأحدیة مطلقا، (من علم الأرجل) أی: المشار إلیه بقوله: «ورجله التی یمشی بها»؛ لأنها تحصل بعد السیر فی سائر الأحوال والمقامات، وبها معرفة مشی الحق والخلق على الصراط، وعلم السمع والبصر والید یتعلق بالمسموعات والمبصرات والتصرفات فی العالم.

ثم استدل على أن المراد بالرجل العلم المذکور بما أشار إلیه فی التنزیل، (وهو قوله تعالی): ""وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِیلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا یَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة

فالإشارة فی الأکل الموعود (لمن أقام کتبه) وهی موجبة لکشف العلوم وحصول الأطعمة الظاهرة، لا یتوقف علیها بقوله: (ومن تحت أرجلهم) إلى حصول علم الأحدیة من حیث (إن) ما تحت الرجل إلا رجل، هو (الطریق الذی هو الصراط) المستقیم فی قوله: "إن ربی على صراط مستقیم" [هود: 56].

وهذا الکل إنما یحصل بعد المشی والسعی فیه، فإن الطریق الذی هو الصراط المستقیم (هو للسلوک علیه) لقطع الأحوال والمقامات، والسلوک لا یکون إلا بالمشی أو السعی فیه، (والمشی فیه والسعی لا یکون إلا بالأرجل).

فهذا العلم لا یحصل إلا بالمشی والسعی فیه بالأرجل، والمشی الکسب والسعی الجذب، فمی هذا العلم علم الرجل الأرجل، وأشیر إلى حصوله بالأکل من تحت الأرجل من حیث إنه غدا روحانی یحصل بالمشی والسعی فی الأحوال والمقامات بأرجل الکسب أو الجذب.

 

وإذا کان هذا علم الأرجل وهی من الجوارح المخصوصة التی لا یکون لها إلا علم خاص، (فلا ینتج هذا الشهود) أی: شهود الأحدیة لیتجددوا فیه (فی) موطن (أخذ النواصی) أی: رقائق کل الخلائق بحیث تصیر مقبوضة (بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص) من وصول الکل إلى موطن قرب الحاصل.

علم ذلک القرب من علوم الأذواق، وإن لم یکن قربا فی العقل ولا فی الحس والخیال فی حق المجرمین، فهو

قرب فی الذوق من حیث إن الصراط إنما هو للوصول إلى غایة والاستقامة تشعر بالقرب؛ لأن الخط المستقیم هو أقرب الخطوط المتواصلة بین النقطتین، ("ونسوق") هذا الشهود ("المجرمین") أی: أهل المعاصی من المؤمنین والکفار إلى مقام القرب من الحق باعتبار الصفة الهلالیة التامة التجلی فی جهنم بمقتضى قوله تعالى: "ومن الناس من یتخذ دون الله أندادا یحبونهم کحب الله والذین آمنوا أشد حبا لله ولو یرى الذین ظلموا إذا یرون العذاب أن القوة لله جمیعا وأن الله شدید العذاب" [البقرة: 165].  

إنما ساقهم إلى هذا المقام؛ لأنهم (هم الذین استحقوا المقام) أی: مقام القرب من الحق باعتبار التجلی الجلالی القهری بمقتضى أعیانهم الثابتة الطالبة للقرب من الحق کیف ما کان، فخص المحرمون بهذا المقام؛ لأنه (الذی ساقهم) استحقاقهم (إلیه بریح الدبور التی أهلکهم ) کما أشار إلیه النبی : بقوله: «نصرت بالصبا، وأهلکت عاد بالدبور». رواه البخاری ومسلم وغیرهما.

 

وإنما أهلکهم بها؛ لأنها نشأت (عن نفوسهم)، فأهلکهم (بها) أی: باقتضائها الإهلاک بتلک الریح المناسبة لأهوائهم التی بها یدبرون مطلع الحق ومشرق أنواره الجمالیة وإن کانوا على الصراط المستقیم بطلب أعیانهم القرب من الحق باعتبار الصفة الجلالیة الحاجبة عن نور الجمال.

(فهو یأخذ بنواصیهم) لتذهب بهم إلى ما یناسبهم من قرب الحق من الصفة القهریة الهلالیة، (والریح) تساعده فی ذلک الإیصال تعجیلا فیه، فهی (تسوقهم) من حیث مناسبتها لصفاتهم.

 

(وهی الأهواء التی کانوا علیها)، وکانت شاغله هم عن التوجه إلى مشرق أنوار الجمال الإلهی، فهی تسوقهم (إلى جهنم)؛ ذلک لأنها هی البعد الذی یقتضیه التباعد عن الحق، لکنها لیست ببعد مطلقا.

وإن (کانوا یتوهمونه) بعدا مطلقا، وإنما هی بعد عن الصفات الجمالیة، وهی عین القرب من الصفات الجلالیة.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن (من جهنم مع کونه على الصراط المستقیم حصلوا فی عین القرب) الذی هو مقصد السیر على الصراط المستقیم، لکنه قرب من تجلی الجلال الموجب العذاب لا من الذات؛ فإنه مستصحب أبدا، فهو کقرب العبد الأبق الجانی إذا ورد إلى مولاه مقیدا مشدودا ما بین کتفیه من ورائه.

 

(فزال) فی نظر هذا الشهود من حیث هو مقصد السیر على الصراط المستقیم (البعد) على الإطلاق، وإن کان بعدا عن تجلی الصفات الجمالیة بحسب ما غلب علیهم من الأهویة، (فزال مسمی جهنم) إذ مسماها الحقیقی هو البعد المطلق عن الحق فیما یتوهم، وقد زال ذلک وإن بقى اسمها

 

الموجب للآلام الحسیة والعقلیة، (ففازوا بنعیم القرب)، إذ هو ملة کیفما کان عند أهل المحبة والشهود، لکن هؤلاء المجرمون من أهل الحجاب بمقتضى قوله: کلا إنهم عن تهم یؤمنو خوبونه [المطففین : 15].

لکن هذا العذاب لا یعارض تلک اللذة لو حصلا جمیعا فی حق أهل المحبة على أنه نعیم أیضا (من جهة الاستحقاق) لمناسبة أعمالهم؛ (لأنهم مجرمون) فکان أعمالهم مستلذة بها کما یستلذ أعیانهم الثابتة من حیث طلبها القرب الإلهی،وإن لم تستلذ بذلک أجسامهم ونفوسهم وقلوبهم وأرواحهم.

(فما أعطاهم هذا المقام) أی: مقام القرب فی جهنم (الذوقی) أی: الذی لا یعرف کونه قربا إلا بالذوق المحض (اللذیذ) عند أهل الذوق من حیث ما فیه من القرب والمناسبة (من جهة المئة) حتى یلتذ بذلک منهم ما ذکرنا، بل حجبوا عن ذلک، کما قال تعالى: "فضرب بینهم بسور له باب باطنه فیه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" [الحدید: 13].

(وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من) حیث اقتضاؤها اکتساب (أعمالهم التی کانوا علیها) الموجبة للوصول إلى جهنم، وإن کان فیها مقام القرب من الحق باعتبار تجلی الجلال والقهر؛ وذلک لأنهم (کانوا فی السعی فی أعمالهم) الموجبة لجهنم من حیث ما فیها من الآلام الحسیة والعقلیة (على صراط الرب المستقیم) الموجب لتربیة العبید بالتقریب، ولو من الحضرة الهلالیة القهریة.

(لأن نواصیهم) أی: رقائقهم المکتسبة من هذه الأعمال (کانت بید من له هذه الصفة) أی: الاستقامة الموجبة للتقریب کیفما کان، وإذا کان وصولهم إلى جهنم من جهة اشتمالها على الآلام بالأهواء، وإلى ما فیها من القرب من الحضرة الجلالیة بکونهم على صراط الرب المستقیم.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )

"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِیلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا یَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة

عن علم الأرجل  ( وهذه الحکمة من علم الأرجل ) وذلک لما سبق من أنّ الفیض فی ذلک على صورة المحلّ القابل ، متلبّسا بخصوصیّات المشاعر الجزئیّة ومشخّصاتها ، فهو من طرف السفل والرجل ، دون ما یفاض على العقل بکلَّیته بدون توسّط الآلات والجوارح ، فإنّه من طرف العلو .

والذی یدلّ على ذلک ( هو قوله تعالى : " فی الأُکُلِ") [ 13 / 4 ] وهو التغذّی بما یفاض علیه روحا أو جسدا ( لمن أقام کتبه ) وهی کلیّة تفاصیل البیان ، سواء کان من طرف الجزئیّات وفرقان الجوارح القوابل ، أو من الکلَّیات وقرآن العقول الفواعل ، أو ما یجمعهما .

کما قال الله : " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِیلَ وَما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ من رَبِّهِمْ لأَکَلُوا من فَوْقِهِمْ " ( "وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " ) [ 5 / 66 ] .


وإنّما خصّص هذا بعلم الأرجل ( فإنّ الطریق - الذی هو الصراط - هو للسلوک علیه ، والمشی فیه ، والسعی لا یکون إلَّا بالأرجل ، فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم ، إلَّا هذا الفن الخاصّ من علوم الأذواق ) .

وهو أنّ الناس عند تحرّکهم فی مدرکاتهم الجزئیّة نحو مستلذّاتهم المألوفة ومشتهیاتهم المطبوعة ، غیر مستقلّ بنفسه فی تلک الحرکة ، بل مجبور ، جبر من أخذ نواصیه من هو أعلى منه وأقوى .

ومن ثمّة ترى التائب عن الذنب وهو الذی یتحرّک إلیه بتلک الحرکة طبعا عائدا إلیه وهو نادم فی عوده ، عائذ منه ومباشر له ، حریص علیه کما قیل :

وإذا ذکرت التائبین عن الطلا  ...... لا تنس حسرتهم على أوقاتها

" الطلا = الخمر "

ولا یتوقّف المتفطَّن اللبیب هاهنا أنّه ما ذلک إلَّا صفات مجبور محسور ، وسمات متحیّر محصور .

مساق المجرمین

( فیسوق المجرمین - وهم الذین استحقّوا ) بجرمهم ذلک وسعیهم فی صراطه المستقیم ( المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور ،التی أهلکتهم عن نفوسهم بها ) .

بما ورد فی الحدیث: « نصرت بالصبا » وهو الریح الذی یستقبل الوجه عند توجّهک إلى مطلع شمس الظهور والإظهار « وأهلکت عاد بالدبور » ، وهو الریح الذی یستدبرک فی ذلک . راجع الأحادیث البخاری ومسلم و أحمد وغیرهم.

فهو یسوقک إلى ذلک المطلع ، وإن کان ما یروحک ترویح الصبا ، وذلک من مرورها على المطلع وظهورها علیک بآثاره - کما قال  من قیس ابن الملوح العامری :

أیا جبلی نعمان باللَّه خلَّیا   .... سبیل الصبا یخلص إلىّ نسیمها

فإنّ الصباریح إذا ما تنسّمت  ..... على قلب محزون تجلَّت همومها


( فهو یأخذ بنواصیهم ، والریح تسوقهم ) ، وفی عبارته هاهنا لطیفة إنّما یتفطَّن لها من تذکَّر ما مهّدنا قبل من تقدیم الضمائر الأسماء الإلهیّة ، وقربها إلى الذات ، وتخلَّف الظواهر منها وتأخّرها عنها ، وتقدّم ضمیر الغایب منها على الکلّ .

ومما یلوّح على ذلک أنّ لفظ « هود » ذلک الضمیر مع الدال الدالة على إظهار أمره وتعیّن حکمه .

فعلم بذلک وجه اختصاص هذا الذوق بهود فـ « هو » هو المسند إلیه أخذ النواصی ، ولا شکّ أنّه کلَّما کان أقرب إلى الذات من الأسماء ، کان أقهر فی الحکم وأشدّ فی إنفاذه .

 

عین القرب فی جهنّم

فلا تخالف کیف ، وما یروحه من أصل جبلَّته وطینة طبیعته یسوقه .

(وهی عین الأهواء التی کانوا علیها إلى جهنّم ، وهی البعد الذی کانوا یتوهّمونه ) لخفائها وسترها عن أنظارهم وعقولهم التی إنّما یتمیّز ویحکم بین الأشیاء بعقائد الأضواء التشریعیّة الواقعة بها أمر الصورة مواقع کمالها وتمامها .

وممّا نبّهت علیه فی التلویح ظهر وجه تقدّم هذا الطرف وتقرّبه إلى الذات .

(فلمّا ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب ، فزال البعد ، فزال مسمّى « جهنّم » فی حقّهم ) - وهو البعد ، فإنّه معرّب ، فارسی الأصل ، یقال : « رکیة جهنام » : أی بعیدة الغور ، وکأنّه فی الفرس : " چه نم " 

 ( ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنّهم مجرمون ) مجبورون فی ذلک بما یحطَّ به عند الناس مراتب أقدارهم ، ومنازل تمکَّنهم فی التعیّن ، واستقرارهم.

( فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنّة ، وإنّما أخذوه ) هم أنفسهم

( بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها ) فی أصول قابلیّاتهم .

( وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الربّ المستقیم ، لأنّ نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة )


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:

قال الشیخ رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل.

فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.

«فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه.

فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.

فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.  )


قال رضی الله عنه : ( وهذه الحکمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه، والسعی لا یکون إلا بالأرجل. )


قال رضی الله عنه : (من علم الأرجل)، أی یحصل بالسلوک (وهو)، أی علم الأرجل ما یشیر إلیه (قوله تعالى فی الأکل) الذی أثبته (لمن أقام کتبه) حیث قال : "وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِیلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا یَعْمَلُونَ "[المائدة: 66].

وهذه الإمامة إنما تتحقق بالقیام بحقها بتدبیر معانیها وفهمها وکشف حقائقها ودرکها والعمل بمقتضاها وتوفیة حقوق ظاهرها وباطنها ومطلقها.

فلو أقاموها کذلک "لأکلوا من فوقهم" ، أی تغذوا بالعلوم الإلهیة الفائضة على أرواحهم من جانب الحق سبحانه سواء کانت متعلقة بکیفیة العمل أو لا بواسطة النبی صلى الله علیه وسلم أو بالهام قبل العمل ("ومن تحت أرجلهم") ، أی بالعلوم الحاصلة لهم بحسب سلوکهم.

قال صلى الله علیه وسلم : "من عمل بما یعلم أورثه الله علم ما لم یعلم" أورده السیوطی فى الدر المنثور وابن کثیر فى التفسیر .

"وورد الحدیث : أن النبی صلى الله علیه وسلم قال: «من عمل بما یعلم ورثه الله ما لم یعلم»  فى حلیة الأولیاء لأبی نعیم "

فالأکل من فوقهم هو التغذی بالعلم المتقدم على العمل والأکل من تحت أرجلهم هو التغذی بالعلوم التی أورثها العمل .


فإن قلت : إذا کان الأکل من فوقهم التغذی بالعلم المتقدم على العمل فکیف یترتب على إقامة الکتب الإلهیة فإن هذه الإقامة فی العمل بمقتضاها.

قلنا: لا نسلم أولا أن إقامتها فی العمل بمقتضاها بل هی أعم من أن تکون تدبر معانیها وکشف حقائقها أو العمل بمقتضاهما سلمنا لکن ترتبها إنما هو باعتبار اجتماعها مع العلوم المترتبة على العمل.

وإنما قلنا هذه الحکمة من علم الأرجل (فإن الطریق الذی هو الصراط هو للسلوک علیه والمشی فیه)، أی فی ذلک الطریق.

قال رضی الله عنه : (والسعی) أیضا إذا کان ذلک الطریق صوریا (لا یکون إلا بالأرجل) فشبهنا السلوک بالصوری المعنوی .


قال رضی الله عنه : ( فلا ینتج هذا الشهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فیسوق المجرمین» وهم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم إلیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها، فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم- وهو عین الأهواء التی کانوا علیها- إلى جهنم، وهی البعد الذی کانوا یتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة  )


وأثبتنا الأرجل للسالک المعنوی کالسالک الصوری فسمینا العلم الحاصل من سلو که المعنوی علم الأرجل على سبیل الشبه (فلا ینتج هذا الشهود)، أی شهود الأحدیة (فی أخذ النواصی).

أی فی کون النواصی مأخوذة (بید من هو على صراط مستقیم) یعنی لا ینتج فی ذلک إلا الأخذ بشهود وحدة الأحد.

قال رضی الله عنه : (إلا هذا الفن الخاص) ، بعنی علم الأرجل الذی هو (من علوم الأذواق)، فإن العلم الحاصل بالسلوک یفضی إلى شهود وحدة أخذ نواصی الخلائق والتصرف فیهم فقوله : هذا الشهود منصوب على المفعولیة ، و هذا الفن مرفوع على الفاعلیة ، وفی أخذ النواصی متعلق بلا ینتج .

ولما ذکر أن الأخذ بالنواصی کلها والعائد لأصحابها إنما هو الحق سبحانه أراد أن ینبه على أنه کما لا قائد بهم یأخذ بنواصیهم إلا هو کذلک لا سابق لهم إلا هو فهو القائد والسائق فذکر قوله تعالی : (فیسوق المجرمین وهم)، أى المجرمون هم : (الذین استحقوا المقام الذی ساقهم) الله تعالى (إلیه).

أی إلى ذلک المقام (بریح الدبور التی أهلکهم) الحق سبحانه (عن نفوسهم بها)، أی تلک الریح.


قال رضی الله عنه : (فهو یأخذ بنواصیهم والریح تسوقهم)، أی هو سبحانه یسوقهم بالریح فأسند الفعل إلى السبب ..

(وهی)، أی الریح (عین الأهواء التی کانوا علیها) ظهرت بصورة ریح الدبور لأنها انتشت من الجهة الخفیة التی لها الأدبار (إلى جهنم وهی)، أی جهنم همی (البعد الذی کانوا یتوهمونه) فإنه لا بعد فی الحقیقة إذ المقامات والمواطن کلها مراتب ظهوره سبحانه فلا بعد إلا على سبیل التوهم


قال رضی الله عنه : (فلما ساقهم) الله سبحانه بریح الدبور التی کانت صورة أهوائهم (إلى ذلک الموطن)، یعنی جهنم وأخذ منهم الاسم المنتقم حقه على مر السنین والأجناب وخلصوا عن أنفسهم وعرفوا أن لا ملجأ ولا منجا إلا الله سبحانه .


قال رضی الله عنه : (حصلوا فی عین القرب) وانکشف لهم أن البعد المسمى بجهنم ما کان إلا أمرا متوهما (فزال البعد فزال مسمی جهنم) الذی هو البعد المتوهم (فی حقهم) لا ذاته التی هی ذلک الموطن (فازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق) یعنی استحقاتهم المقام الذی ساقهم إلیه وهو جهنم.


قال رضی الله عنه : ( الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقی اللذیذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، وکانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.)


قال رضی الله عنه : (لأنهم مجرمون فما أعطاهم) الحق سبحانه (هذا المقام الذوقی اللذیذ) آخرا (من جهة المنة) من غیر عمل منهم (وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم)، أی أعیانهم الثابتة بعد اتصافهم بالوجود (من أعمالهم) بیان لما (التی کانوا علیها) مدة حیاتهم.

قال رضی الله عنه : (وکانوا فی السعی بعد أعمالهم على صراط الرب المستقیم لأن نواصیهم بید من له هذه الصفة) یعنی الاستقامة على الصراط (فما مشوا) إلى موطن جهنم (بنفوسهم وإنما مشوا بحکم الجبر) والقسر فإن ربهم الذی هو آخذ بنواصیهم جبرهم على ذلک المشی.


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص 260-265

و اعلم أن العلوم الإلهیة الذوقیة الحاصلة لأهل اللّه مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها کونها ترجع إلى عین واحدة. فان اللّه تعالى یقول: «کنت سمعه الذی یسمع به و بصره الذی یبصر به و یده التی یبطش بها و رجله التی یسعى بها». فذکر أن هویته هی عین الجوارح التی هی عین العبد. فالهویة واحدة و الجوارح مختلفة و لکل جارحة علم من علوم الأذواق یخصّها من عین واحدة تختلف باختلاف الجوارح، کالماء حقیقة واحدة تختلف فی الطعم باختلاف البقاع، فمنه‏ عَذْبٌ فُراتٌ* و منه‏ مِلْحٌ أُجاجٌ*، و هو ماء فی جمیع الأحوال لا یتغیّر عن حقیقته و ان اختلفت طعومه.

بدان علوم الهى ذوقى که براى اهل اللّه حاصل است به اختلاف قوایى که از آن قوا علم حاصل ‌می‌شود مختلف است. با اینکه همه قوا به عین واحد بر‌می‌گردند. زیرا خداى متعال ‌می‌فرماید: من شنوایى او هستم که به آن ‌می‌شنود و بینایى او هستم که به‏ آن ‌می‌بیند و دست او هستم که به آن حمله ‌می‌کند و پاى او هستم که به آن ‌می‌شتابد.

پس خداوند فرمود: هویت او عین جوارحى است که آنها عین عبدند پس هویت یکى است و جوارح مختلف و هر یک از این جوارح را علمى از علوم اذواق است که مختص به آن جارحه است و همه از عین واحدند که به اختلاف جوارح مختلف شدند.

چون آب که حقیقت واحدة است که طعم آن به اختلاف بقعه‌ها مختلف ‌می‌شود. پس بعضى از آبها شیرین و گواراست و بعضى از آبها شور و تلخ و آب در همه احوال آب است که از حقیقتش متغیر نمی‌شود اگر چه طعم‌هایش مختلف ‌می‌گردد.

و هذه الحکمة من علم الأرجل و هو قوله تعالى فی الأکل لمن أقام کتبه: وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ فان الطریق الذی هو الصّراط هو للسلوک علیه و المشی‏ء فیه و السّعی لا یکون إلّا بالأرجل.

و این حکمت احدیت از علم ارجل است که خداى متعال فرمود: در خوردن براى کسى که کتب او را برپا داشت‏ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ (مائده: 66) زیرا طریقى که راه است، براى سلوک بر آن طریق است و مشى در آن طریق و سعى کردن نمی‌باشد مگر به پاها.

تشبیه معقول است به محسوس که چنانچه در مسافت جسمانى سیر به واسطه ارجل است که آدمى را به مقصد ‌می‌رساند، تقرب به حق تعالى سیر در مسافتى است به سوى مقصدى که فناى فی اللّه ‌می‌آورد و بقاى باللّه، در فناى فی اللّه احدیت ذاتیه حاصل ‌می‌شود و در بقاى باللّه احدیت اسمائیه. که چنین کسى ‌می‌تواند سفر چهارم کند از حق به خلق برگردد و عباد اللّه را به کمال برساند.

فلا ینتج هذا الشّهود فی أخذ النواصی بید من هو على صراط مستقیم إلّا هذا الفنّ الخاص من علوم الأذواق.

و این شهود را که نواصى یعنى پیشانى‌ها در دست آن کس است که بر صراط مستقیم است (و رسیدن به معناى آیه‏ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِیَتِها را نتیجه نمی‌دهد مگر این فن خاص از علوم اذواق (چون حق تعالى نواصى هر ذى روح را در دست دارد).

و نسوق المجرمین و هم الذین استحقوا المقام الذی ساقهم الیه بریح الدبور التی أهلکهم عن نفوسهم بها.

خداوند همچنان که قائد (قائد: کسى است که از جلو مى‏‌کشد، سائق کسى است که از عقب مى‏‌راند « نَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ» یعنى ما مجرمان را سوق مى‌دهیم یعنى قوه و قدرت و ... از ماست فرق سائق و قائد این است که سائق حیوانات را و مجرمان را مى‌راند و قائد هدایت مى‌‏کند.) است سائق نیز هست که فرمود: وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ إِلى‏ جَهَنَّمَ‏. (مریم: 86).

قیصرى گوید:

پس مجرمان را که کاسب هیئات و صفاتى هستند که به آن هیئات و صفات داخل جهنم شده‌اند و به داشتن صور اهوا که از نفوس‌شان ناشى شده سزاوار جهنم شده‌اند- و این صور همان باد دبور (باد دبور: باد پاییزى است که موجب خشک شدن و ریختن برگهاست بر خلاف صبا که باد بهارى است که از مشرق مى‏‌آید، عارف رومى گوید:

باد کان از مشرق آید آن صباست‏ وان که از مغرب دبور با وباست.)

است، از آن روى که از جهت خلقیت و عالم هیولانى تاریک حاصل شده است - به عین جهنم که بعد متوهّم است ‌می‌راند. پس آنها را به داشتن آن صفات از نفوس‌شان هلاک ‌می‌کند یعنى آنها را از نفوس‌شان به آن باد دبور فانى ‌می‌کند و ایشان را به ذات خود ‌می‌رساند (یعنى به اسم مضلّ ‌می‌رساند). (شرح فصوص قیصرى، ص 246)

فهو یأخذ بنواصیهم و الریح تسوقهم- و هو عین الأهواء التی کانوا علیها- الى جهنم، و هی البعد الذی کانوا یتوهّمونه.

فلمّا ساقهم الى ذلک الموطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم فی حقّهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنّهم مجرمون.

پس حق تعالى نواصى مجرمان را آخذ است و به باد که عین اهوایى است که بر آن بودند به جهنم سوق‌شان ‌می‌دهد و جهنم آن بعدى است که گمان ‌می‌کردند.

قیصرى گوید:

از آن جا که در نفس الامر براى کسى بعدى از خدا نیست زیرا موطن‌ها و مقامات همگى صور مراتب حقند، لذا بعد را به اینکه امرى است متوهّم وصف نمود.( شرح فصوص قیصرى، ص 247) پس خداوند چون آنها را به آن موطن سوق داد در عین قرب حاصل شدند (به قرب‏ رسیدند) پس بعد زایل شد و مسماى جهنم در حق ایشان زایل شد. پس به نعیم قرب رستگار شدند از جهت استحقاق‌شان (آن استحقاقى که آنها را به جهنم کشاند) چون که مجرمند.

قیصرى در شرح گوید:

جهنم مظهرى کلى از مظاهر الهیه است که محتوى بر مراتب جمیع اشقیاء است. چنانکه جنت مظهر کلى است که محتوى بر جمیع مراتب سعداء است.

پس اعیان اشقیاء کمال‌شان به دخول در جهنم حاصل ‌می‌شود. چنانکه اعیان سعداء کمال‌شان به دخول در بهشت حاصل ‌می‌شود و به این معنى اشاره فرموده است رسول اللّه «ان العبد لا یزال یعمل بعمل أهل الجنّة حتّى لا یبقى بینه و بین الجنة إلّا شبرا فیعمل عمل اهل النار فیدخل فیها، و لا یزال العبد یعمل بعمل اهل النار حتّى لا یبقى بینه و بین النار الّا شبرا فیعمل عمل أهل الجنّة فیدخل فیها».

پس هر یک از اشقیاء چون داخل جهنم شده است به کمالش که عین او اقتضا ‌می‌کرد و اصل شده است و این کمال عین قرب نسبت به رب اوست چنانکه اهل بهشت چون در بهشت داخل شدند به کمال‌شان و مستقرّشان‏ (آرامگاه) و به ربّشان قرب یافتند. این معنى در صورتى است که مراد به مجرمان، اهل نار باشد امّا اگر مراد از مجرمان سالکان باشند پس مراد به جهنم، دار دنیا خواهد بود و بدین معنى اشکالى پیش نخواهد آمد.( شرح فصوص قیصرى، ص 247) خلاصه گفته شرّاح فصوص در این مقام این است که چون موجودات همه تجلیات ذات حق هستند و به نحوه اضافه اشراقیه بود و نمود دارند و در دار هستى یک حقیقت بیش نیست که «غیرتش غیر در جهان نگذاشت» دم به دم نداى‏ لِمَنِ الْمُلْکُ الْیَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ به گوش ما سوى اللّه ‌می‌رسد و همه در مقابل اصل‌شان که حقیقة الحقائق است خاضع و خاشعند. عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَیِّ الْقَیُّومِ‏ (طه: 111) و حق تعالى هم که حقیقت وجود است در مقام اقتدار و سلطنت مطلقه‌اش که کسى کفو با او نیست و با او معیت ندارد بلکه همه قائم به او هستند فرمود: ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِیَتِها یعنى‏ ما سوى اللّه در دست اقتدار (هو) هستند و چون این حقیقت محیط است بر همه که به هر سوى روى آورى این هو ناصیه آنها را در دست دارد، تعبیر به هو شد مثلا نفرمود که ناصیه‌شان‌ در دست من است. مجرمان از این حقیقت آگاه نیستند و پندارند که از خدای‌شان دورند و به خواهش‌هاى نفسانى‌شان‌ عمل کردند که این خواسته‌ها اهوایى است که بر ایشان باد هلاک کننده است، که باد دبورش گویند. از آن روى که از مغرب و پشت شمس حقیقت که خلاف صراط مستقیم است وزیده است آن جا که سخن از اقتدار مطلق و سلطنت مطلقه الهى است چون اوست و دیگرى نیست یعنى واسطه بردار نیست احدى را در کار خود که اقتدار و سلطنت اوست شرکت نداد ولى در مقام هلاک مجرمان چون هلاکت از حق نیست بلکه از دبور اهواى آنهاست هلاک را به اهوایشان نسبت داد ولى مطلقا دست اقتدار و سلطنتش را از سر آنان برنداشت که فرمود: وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ إِلى‏ جَهَنَّمَ وِرْداً (مریم: 86) این مجرمان که به اقتضاى عین ثابت که خواسته سرشت آنان بود و جز این نمی‌کردند شیخ از آن تعبیر کرد که به جهنم رفتند نه آن که مراد جبر به اصطلاح معروف در مقابل اختیار باشد و چون مجرم گمان ‌می‌کرد که از حق دور است و حال اینکه حق فرمود: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْکُمْ وَ لکِنْ لا تُبْصِرُونَ‏ (واقعه: 85) و فرمود: نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ. (ق: 16) و اختصاص به هیچ انسانى داده نشد یعنى با همه این قرب را دارد و چون آدمى از دنیاى غرور رخت بربست آن گاه متنبه ‌می‌شود، فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ (ق: 22) لا جرم آن بعد متوهّم زایل ‌می‌شود و جهنم به این عنوان و اسم یعنى جهنمى که بعد بود از آنها برداشته ‌می‌شود که به عین قرب رسیدند ولى به عنوان و اسم دیگر در جهنم اعمال‌شان به سر ‌می‌برند که قرب را در موطن جهنم ‌می‌یابد. پس در موطن جهنم قرب حاصل شده است که کانّ جهلى بر کنار شد و علمى پیش آمد نه آن که جهنم مطلقا از آنها زایل شده است.(در این بحث: 1) مجرمان به موطن جهنم رسیدند به اهوای‌شان. 2) به عین قرب رسیدند به سبب زوال بعد متوهّم. 3) نفوس‌شان به اهوای‌شان هلاک شد. 4) به جبر به جهنم رفتند نه جبر مقابل اختیار بلکه جبر ناشى از عین ثابت‌شان.)

فما أعطاهم هذا المقام الذّوقی اللّذیذ من جهة المنّة، و إنّما أخذوه بما استحقّته حقائقهم من أعمالهم التی کانوا علیها، و کانوا فی السّعی فی أعمالهم على صراط الربّ المستقیم لأنّ نواصیهم کانت بید من له هذه الصفة.

پس خداوند این مقام ذوقى لذیذ (منظور از( مقام ذوقى لذیذ) این است که مجرم یافت که از خدایش دور نبود مگر به بعد متوهّم که از آن موقع از او زایل شد.) را از جهت منت و فضل (بدون عمل‌شان) به آنها داده است. بلکه این مقام را أخذ کردند به آن چه که اعیان ثابته ایشان و اصول قابلیت‌شان استحقاق داشت (چنانکه در اهل بهشت به فضل اوست). پس اینها در سعى در اعمال‌شان بر صراط رب مستقیمند زیرا که نواصى‌شان‌ در دست کسى است که او را این صفت استقامت بر صراط است (که اعمالشان به حسب متابعت نفس و هوى در دست رب حاکم بر آنهاست که به ربوبیت حاکم است).


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۵۲۰-۵۲۳

و هذه الحکمة من علم الأرجل و هو قوله تعالى فى الأکل لمن أقام کتبه‏ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ*

یعنى این حکمت احدیّت از علوم ارجل است. یعنى از علومى که به سلوک حاصل مى‌‏گردد چنانکه حضرت الهى مى‏‌فرماید که: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ معنى آن است که اگر عباد اللّه اقامت احکام کتب سابقه و فرقان مجید کنند و عمل به‏‌جاى آرند، و تدبّر در معانى و حقایق به تقدیم رسانند و به استکشاف اسرار و دقایق آن قیام نمایند، و به تصفیه بواطن دل از کدورات بشریّت بپردازند و به دست‌کارى سلوک، دل را آینه جمال‏نماى حقّ سازند، جامع علم دراست و علم وراثت باشند. لاجرم علوم الهیّه بر ارواح ایشان فائض گردد و اطلاع بر مطلعات آن دست دهد. و علوم احوال و مقامات و مشاهدات که سالکان را در اثناى سلوک و ریاضات و مجاهدات منکشف شود به حصول پیوندد. چه سلوک ظاهرى چنانکه بى‏سیر ارجل دست نمى‏دهد، سلوک باطنى نیز بى‏وساطت قدم صدق و پاى همّت میسّر نمى‏‌شود آرى، بیت:

تا قدم در ره قدم نزنى‏ خیمه وصل در حرم نزنى‏

دم روح اللّه از دمت خیزد گر دمى دم ز بیش‏ وکم نزنى‏

نتوان رفت راه او به سخن‏ نروى راه تا قدم نزنى‏

قدم از سر کن و ره او رو شاید ار دم ز کیف و کم نزنى‏

فإنّ الطّریق الّذى هو الصّراط هو للسّلوک علیه و المشى فیه، و السّعى لا یکون إلّا بالأرجل.

تعلیل مى‏‌کند که این حکمت از علم أرجل است و مى‏‌گوید به درستى که طریق از براى آن است که بر وى سلوک نمایند و مشى کنند؛ و سلوک حاصل نمى‏‌شود مگر به ارجل، چه سلوک معنوى مشابه سلوک صورى است. و چون نتیجه سلوک فناء فى اللّه است و بقاء باللّه، لاجرم اوّل موجب احدیّت ذاتیّه است و ثانى مورث احدیّت اسمائیّه.

فلا ینتج هذا الشّهود فى أخذ النّواصى بید من هو على صراط مستقیم إلّا هذا الفنّ الخاصّ من علوم الأذواق.

پس نتیجه نمى‏‌دهد این معنى را که مشاهده کند سالک که ناصیه او به دست قیّومى است که بر صراط مستقیم است مگر این فنّ خاص از علوم اذواق.

وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ‏ و هم الّذین استحقّوا المقام الّذى ساقهم إلیه بریح الدّبور الّتى أهلکهم عن نفوسهم بها.

چون بیان این معنى به تقدیم رسانید که آخذ ناصیه و سائق در صراط مستقیم اوست، مى‏‌خواهد که تنبیه کند بر آنکه به واسطه ظهور به مظهر هوىّ که به‏منزله ریح دبور است سائق مجرمین به جهنم بعد متوهّم اوست که‏ وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ إِلى‏ جَهَنَّمَ وِرْداً لاجرم چون دیده بگشائى، بیت:

بدانى که خود سابق و لاحق اوست‏ درین راه هم قائد و سائق اوست‏

لاجرم بدین ریح ایشان را اهلاک کند و با فناى اثنینیّت و محو رسوم بشریّت ایصال به حضرت احدیّت عطا فرماید.

و بعضى نیز مراد از مجرمین طایفه‏‌اى را داشته‌‏اند (دانسته‌‏اند- ظ) که کاسب خیرات و سالک طریق نجات و مرتاض به اعمال شاقّه و مشتاق به ظهور حکم‏ حاقّه ‏اند که بدین واسطه کسب تجلّیاتى مى‏‌کنند که مفنى ذوات ایشان باشد. و این جرمى که سرمایه هزار عدل است بر نفس خویش روا مى‏‌دارند، و در دوزخ بعد متوهّم مشاهده بهشت قرب مى‏‌کنند، اما کلام آتى مؤیّد معنى اول است:

فهو یأخذ بنواصیهم و الرّیح تسوقهم و هى عین الأهواء الّتى کانوا علیها إلى جهنّم، و هى البعد الّذى کانوا یتوهّمونه. فلما ساقهم إلى ذلک الموطن حصلوا فى عین القرب فزال البعد فزال مسمّى جهنّم فى حقّهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنّهم مجرمون.

پس حق سبحانه و تعالى مى‏‌گیرد نواصى این مجرمان را و به ریح اهواء سوق مى‏کند ایشان را به سوى دوزخ دورى متوهّم که منشأ آن توهّم غیرست در وجود؛ امّا در حقیقت بعد متصور نیست از آنکه همه مواطن و مقامات صور مراتب حقّ است.

پس چون ایشان را سوق کند بدین موطن که دار جهنّم است و به عطیّه اهلاک و افناء ایشان را خلاصى دهد از مشاهده اغیار و ملاحظه ما سواى یار، حاصل شود ایشان را عین قرب و منکشف شود که بعد من اللّه محض توهّم بود لاجرم گویند، بیت:

آنچه در پیش خلق اغیار است‏ در بر عاشقان همه یار است‏

دوست را کى شناسد آن احول‏ که به قید صور گرفتار است‏

زخم او مرهم است عاشق را پیش بى‏درد اگرچه آزار است‏

پس آنچه مسمّى بود به اسم جهنّم در حقّ ایشان زائل گردد و به نعیم قرب واصل شوند و به واسطه استحقاقى که به وصول این موطن و حصول این فنا داشتند که معبّرست به اجرام دوزخ خون‌‏آشام در حقّ ایشان مبدّل به دارالسّلام گردد.

و تحقیق این سخن آن است که جهنّم مظهریست کلّى از مظاهر الهیّه که محتوى است بر جمیع مراتب اشقیا، چنانکه جنّت مظهرى کلّى است محتوى بر مراتب سعدا؛ پس اعیان اشقیا را کمالى که در حق ایشان مقدر است حاصل نمى‏‌شود مگر به دخول جحیم، چنانچه اعیان سعدا را کمال حاصل نمى‏‌گردد مگر به دخول دار نعیم.

و این معنى بر آن تقدیر است که مراد از مجرمان اهل نار باشند امّا اگر مراد سالکین باشد جهنّم عبارت از دار دنیا بود؛ و کلام در غایت وضوح باشد و هیچ اشکال وارد نشود.

فما أعطاهم هذا المقام الذّوقىّ اللّذیذ من جهة المنّة، و إنّما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التى کانوا علیها.

یعنى حق تعالى ایشان را عطا نداد این مقام ذوقى لذیذ را که فناست بر سبیل فضل و منّت چنانکه اهل جنّت راست؛ بل به استحقاقى یافتند حقایق و اعیان ایشان را به واسطه اعمال حاصل بود(اشاره است به رحمت امتنانى و رحمت استحقاقى که این را رحمت وجوب نیز گویند. رحمت امتنانى اینکه وسعت رحمته کل شی‏ء؛ و رحمت استحقاقى مطابق استحقاق و جزاى عمل بنده داده مى‏‌شود. تفصیل بحث از این دوگونه رحمت در فصّ سلیمانى در پیش است، آنجا که گوید:« فأتى سلیمان بالرحمتین: رحمة الامتنان، و رحمة الوجوب ...»)

و کانوا فى السّعى فى أعمالهم على صراط الرّبّ المستقیم لأنّ نواصیهم کانت بید من له هذه الصّفة.

یعنى ایشان سعى و اجتهادى که در اعمال خویش به حسب متابعت نفس و هوا به تقدیم مى‌‏رسانیدند در آن سعى بر صراط مستقیم ربّى بودند که حاکم بود بر ایشان به مقتضاى ربوبیّت؛ و این بر تقدیر اوّل است.

اما بر تقدیر دوم معنى آن است که ارباب ریاضات و اصحاب مجاهدات در مخالفت نفس ردیّه و تحمل مشاق اعمال شرعیّه بر صراط مستقیم بودند از آنکه نواصى ایشان در دست قدرت حق بود کما

قال علیه السّلام:

قلوب العباد بین إصبعین من أصابع الرّحمن یقلّبها کیف یشاء(بودن قلوب بین اصبعین از اصابع رحمن ایمائى به لطافت و تجرد نفس ناطقه انسانى دارد فتدبر.). بیت:

هست دل گردنده بین الإصبعین‏ چون قلم در دست کاتب، اى حسین‏


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۵۸۸-۵۸۹

و هذه الحکمة من علم الأرجل، و هو قوله- تعالى- فی الأکل لمن أقام کتبه‏ «وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ»*. فإنّ الطّریق الّذی هو الصّراط هو للسّلوک علیه و المشی فیه، و السّعى لا یکون إلّا بالأرجل.

شرح یعنى این «حکمت احدیّت» از جمله آن علوم است که به سیر و سلوک به آن توان رسید. اگر طالبان إله به کتب الهیّه به تأمّل و تفکّر نظر کنند، و حقایق اسرار و بطن و حدّ و مطلع آن دریابند، غذاى روحانى از حضرت قدس به أرواح و قلوب ایشان فایض گردد؛ و اگر از مراتع بهیمى قدم سعى در فضاى ملکى نهند، به علوم احوال و مقامات ممتّع گردند.

فلا ینتج هذا الشّهود فی أخذ النّواصى بید من هو على صراط مستقیم إلّا هذا الفنّ الخاصّ من علوم الأذواق. «وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ» و هم الّذین استحقّوا المقام الّذی ساقهم إلیه بریح الدّبور الّتی أهلکهم عن نفوسهم بها.

شرح یعنى چنانچه قاید به أخذ نواصى هر دابّه، به جانب جناب صراط مستقیم حق است، سایق در مظهر هوى و طبیعت به اسم مضلّ به مداخل مزالّ اقدام، هم حق است.

فهو یأخذ بنواصیهم و الرّیح تسوقهم- و هو عین الأهواء الّتی کانوا علیها- إلى جهنّم، و هی البعد الّذی کانوا یتوهّمونه.

فلمّا ساقهم إلى ذلک المواطن حصلوا فی عین القرب فزال البعد، فزال مسمّى جهنّم فی حقّهم، ففازوا بنعیم القرب من جهة الاستحقاق لأنّهم مجرمون.

شرح بعد را به امرى متوهم وصف کرد که «و هی البعد الّذی کانوا یتوهّمونه»، چرا که بعدى که ممکن نیست وجود آن، ایشان توهّم کردند. پس از آن که اسم‏منتقم سلطنت خود براند، جهنم را مقام قرب ایشان گرداند. زیرا که جنّت و جهنّم، دو مظهر کلّى‏اند از مظاهر الهیّت: یکى محتوى بر جمیع مراتب سعدا؛ و دیگرى مشتمل بر جمیع مدارک اشقیا. و آن گمانى که هر یک را از آن دو طایفه است، به سبب دخول مداخل خویش که حاصل گردد، عین قرب ایشان است به ربّ خویش.

فما أعطاهم هذا المقام الذّوقىّ اللّذیذ من جهة المنّة، و إنّما أخذوه بما استحقّته حقائقهم من أعمالهم الّتی کانوا علیها، و کانوا فی السعی فی أعمالهم على صراط الرّبّ المستقیم لأنّ نواصیهم کانت بید من له هذه الصّفة. 

شرح یعنى آن چه حقّ- عزّ شأنه- ایشان را داد، به حسب قابلیّت و طلب استعدادات ایشان داد؛ و سعى سالک مرتاض و مجاهده او با نفس، جمله از آن گفت که عنان او مرتبط به ید قدرت‏ و ناصیه او به ید حقّ است، و حق بر صراط مستقیم است.