الفقرة الثامنة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : ( فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة. ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : (فمن أنت) یا أیها السالک (فاعرف حقیقتک) التی هی ذلک الوجود المطلق، فإنک به أنت لا بنفسک، وما عداه من حسک وعقلک ومحسوسک ومعقولک أمور ممکنات علمیة بالعدم الأصلی قائمة به سبحانه.
(و) اعرف (طریقتک) التی أنت سالک فیها ما هی؟
فإنها هو أیضا لأنک سالک به فیه إلیه (فقد بان)، أی انکشف لک الأمر الإلهی (على لسان الترجمان) وهو المصنف رضی الله عنه .
قال رضی الله عنه : (إن فهمت) ما ذکر لک هنا، وإن لم تفهم فاستعن عن فهمه بالتصدیق به على حد ما هو الصواب فی علم قائله، وسلمه له على ذلک الحد الذی یعلمه قائله.
واعترف بقلبک وقالبک العجز عنه مع علوه واحترامک له، واحذر أن تنکره أو تسیء به ظنا من عدم فهمک له، فإن الله تعالى یمدک بنور منه إن آمنت به وأسلمت له ووکلته لفهم قائله، ویمدک الشیطان بإذن ربه بظلمة تقتضی خسرانک وحرمانک إن أنکرته أو أسأت به ظنا لعدم فهمک له .
قال رضی الله عنه : (وهو)، أی لسان الترجمان المذکور (لسان حق) من قوله سبحانه فی حدیث نبیه صلى الله علیه وسلم : «ولسانه الذی ینطق به» رواه البیهقی وأبو یعلى والبزار وغیرهم .
قال رضی الله عنه : (فلا یفهمه)، أی لسان هذا الترجمان (إلا من فهمه حق) أی یفهمه بالحق لا بنفسه وعقله عن کشف منه وحضور (فإن للحق تعالی) من حیث هو وجود مطلق (نسبا) جمع نسبة (کثیرة) نعت للنسب والنسبة مجرد إضافة لا وجود لها فی نفسها .
فله تعالى من الحیثیة المذکورة إضافة إلى کل شیء معدوم بالعدم الأصلی فیظهر موجودا بوجوده سبحانه (ووجوها)، أی تلک النسب یعنی بوجوه ما هی مضافة إلیه (مختلفة)، أی کل نسبة إلى شیء محسوس أو معقول أو موهوم بمقتضى استعداد ذلک الشیء لإضافة الوجود إلیه، والأشیاء مختلفة الاستعداد فهی مختلفة القبول فهی مختلفة النسب.
قال رضی الله عنه : (ألا ترى) یا أیها السالک وهو بیان الاختلاف النسب لاختلاف القبول الاختلاف الاستعداد (عادا) الأولى وهم (قوم هود علیه السلام کیف قالوا) عن السحاب الذی رأوه مستقبل أودیتهم ("هذا عارض")، أی سحاب ("ممطرنا") [الأحقاف : 24].
أی منزل علینا المطر فظنوا خیرا بالله سبحانه وإن کانوا لم یعرفوا الحق الذی هو عین الوجود المطلق الظاهر لهم فی صورة السحاب الممکنة العدمیة .
ولم یروا ولم یعرفوا غیر تلک الصورة الممکنة العدمیة، المسماة بالسحاب الظاهرة لهم بقیومیة الحق الذی هو الوجود المطلق.
فإنهم فی نفس الأمر حین ظنوا أن ذلک السحاب فیه مطر سینزل علیهم فیسقی أراضیهم فتنبت لهم فینتفعون بذلک.
قد ظنوا خیرا بالله سبحانه المتجلی علیهم فی تلک الصورة السحابیة العدمیة بالعدم الأصلی، بحیث لم یتغیر سبحانه حین تجلیه بها عن إطلاقه القدیم.
ولم یتقید بها إلا عند من أراد أن یتجلى بها علیهم، وإن کانوا لم یشعروا بذلک.
فإنهم لم یشعروا بتجلیه سبحانه علیهم فی صورة نفوسهم وأجسامهم، بل صورة کل شیء محسوس لهم ومعقول کما ذکرنا فضلا عن أن یشعروا بالتجلی فی تلک الصورة السحابیة به.
والتکلم الآن من حیث الحقائق لا من حیث الظواهر العقلیة فاقتضى ذلک (وهو)، أی الله سبحانه موجود (عند ظن عبده) کما ورد فی الحدیث القدسی: «أنا عند ظن عبدی بی فلیظن بی خیرا».
فإن خصصنا العبد بعبد الاختصاص کان المراد بظنه یقینه من قوله تعالى : "الذین یظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إلیه راجعون" [البقرة: 46].
وإن عممنا فی العبد کما هو المناسب هنا کان باعتبار ظهوره تعالى فی کل صورة لکل شیء، وإقبال کل شیء على ما هو مطلوبه من صورة کل شیء.
کالعطشان تجلى له فی صورة الماء فظن به سبحانه خیرا من حیث لا یشعر بتجلیه علیه السلام.
کذلک فکان سبحانه موجودا عند ظن عبده به بعین ما ظنه به من إزالة العطش عنه.
وهکذا فی کل عبد من أهل السموات والأرض .
قال تعالى : "إن کل من فی السماوات والأرض إلا آتی الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وکلهم آتیه یوم القیامة فردا " [مریم: 93 - 95].
قال رضی الله عنه : (فاضرب لهم)، أی لقوم هود علیه السلام الحق سبحانه (عن هذا القول) وهو قولهم: "هذا عارض ممطرنا " [الأحقاف : 24] .( فأخبرهم) سبحانه فی الإضراب المذکور (بما هو أتم) لهم وأکمل (وأعلى فی القرب) إلى جنابه لأنهم ظنوا به خیرا، وإن لم یشعروا بمن ظنوا به الخیر (فإنه) سبحانه (إذا أمطرهم) وأعطاهم عین ما ظنوه (فذلک)، أی المطر (حظ).
أی نصیب (الأرض وسقی الجهة)، أی البستان وحائط النخل الذی لهم (فما یصلون) هم (إلى نتیجة ذلک المطر) بخروج الثمار والزروع و انتفاعهم بذلک (إلا عن بعد) من الأسباب (فقال لهم) سبحانه فی ذلک الإضراب (بل هو)، أی الوجود المطلق الحق (ما)، أی الذی (استعجلتم به)، أی طلبتم أن یعجلکم، یعنی یأتیکم بعجلة وسرعة من کثرة شوقکم إلیه من حیث لا تشعرون.
واستعجالهم به کان فی صورة العذاب الذی تخیلوه بنفوسهم، فکذبوا به حین أخبرهم به نبیهم. قال تعالى : "ویستعجلونک بالعذاب" [العنکبوت : 53]، وهم کذلک.
ثم قال تعالى إخبارا عما جاء به ذلک العارض الذی رأوه فظنوه ممطرا هو (ریح فیها)، أی فی تلک الریح ("عذاب ألیم" )، أی موجع (فجعل) سبحانه (الریح إشارة إلى ما) کان لهم (فیها)، أی فی تلک (من الراحة لهم) من إتعابهم (فإن بهذا الریح) التی هی "ریح صرصر عاتیة * سخرها علیهم سبع لیال وثمانیة أیام حسوما فترى القوم فیها صرعى کأنهم أعجاز نخل خاویة * فهل ترى لهم من باقیة " [الحاقة: 68] .
قال رضی الله عنه : (أراحهم) سبحانه، أی أراح نفوسهم وأرواحهم (من هذه الهیاکل)، أی الأجسام التی کانت لهم (المظلمة) بظلمات الغفلة والجهل بالله تعالى، والعمى عن الحق والتکذیب به، والغرور بالحیاة الدنیا .
(و) من هذه (المسالک)، أی الطریق التی کانوا سالکین فیها بعقولهم وخیالاتهم فکانوا ضالین مضلین (الوعرة)، أی ذات الوعر غیر السهل (والسدف) جمع سدفة وهی الظلمة (المدلهمة)، أی الشدیدة السواد المهلکة، وهی ظلمات العقول والنفوس الضالة عن الحق.
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : (فمن أنت؟) استفهام إنکار أی أنت معدوم فی نفسک (فاعرف) الیوم (حقیقتک وطریقتک) وتفوت وقتک حتى لا تدخل لا لعرفان حقیقتک وطریقتک فی حکم قوله تعالی : " ونسوق المجرمین" [مریم: 86] فإذا عرفت ما قلناه فقد عرفت حقیقتک وطریقتک (فقد بان) أی فقد ظهر (لک الأمر) من الله على ما هو علیه وهو کون الطریق السالک والعلم والمعلوم عین الحق باعتبار أحدیة الجمع (على لسان الترجمان) .
وهو نفسه لقوله حتى أکون مترجمة لا متحکمة أو الحق مترجمة لنا عن نبیه هود علیه السلام مقالته وهی قوله: "وما من دابة " الخ أو نبینا علیه السلام مترجما عن الحق مقالته .وهی قوله : کنت سمعه الخ وکذا جمیع الأنبیاء علیهم السلام والأولیاء رضی الله عنهم.
قال رضی الله عنه : (إن فهمت ما ظهر) من لسان الترجمان أی إن کنت ذا فهم (فهو) أی لسان الترجمان (لسان السحر فلا یفهمه) أی لا یفهم أحد لسان الحق (إلا من فهمه) بسکون الهاء (حق) حتى یفهم الحق من مطلقات کلام الحق فإن الشهود بأحدیة الأشیاء من مطلقات کلام رب العزة ومن مفهوماته الثابتة ولا یفهمه إلا العلماء بالله وهم الذین کان الحق فهمهم وسمعهم وجمیع قواهم وإنما دل على هذا المعنى لسان الترجمان .
قال رضی الله عنه : (فإن للحق نسبة کثیرة ووجوها مختلفة) بالنسبة إلى شیء واحد بعضها ظاهر فی العموم وبعضها خفی لا یظهر إلا لمن نور الله قلبه وکذلک بالنسبة إلى آیة واحدة معانی کثیرة ووجوه مختلفة بعضها ظاهر بفهمه کل أحد وبعضها خفی لا یفهمه إلا من کان فهمه حقا فلا ینحصر معنى الکلام القدیم على المفهوم الأول وهو ما یفهمه العموم بل لا بد من مفهوم ثان یفهمه الخصوص وهو الذی لا یباین لا ینافی المفهوم الأول.
فإن الله تعالی یعامل عباده فی کلامه بحسب إدراکهم فکان فی کلامه القدیم إشارات لطیفة لا یفهمها إلا من فهم عن الله وأورد شاهدة على ثبوت ذلک المعنى .
فقال رضی الله عنه :: (ألا ترى عادة قوم هود علیه السلام کیف قالوا) حین ظهور العذاب لهم فی صورة السحاب (هذا عارض) أی سحاب (ممطرنا) أی ینفعنا بإنزال المطر فظنوا هذا القهر (خبرا) أی لفظة ورحمة لهم فحسن ظنهم بالله نعاملهم الله بإعطائه لهم جزاء حسن ظنهم بالله من الجهة التی غیر ما تخیلوه .
قال رضی الله عنه : (وهو) أی الحق (عند ظن عبده به فاضرب لهم الحق عن هذا القول) أی عن قولهم هذا عارض لحسن ظنهم به (فأخبرهم بما هو أتم وأعلى مما تخیلوه فی القرب فإنه) أی الشأن (إذا أمطرهم) أی إذا أعطاهم الحق مما تخیلوه.
قال رضی الله عنه : (فذلک) الأمطار (حظ الأرض وسقی الحبة) المزروعة فی الأرض (فما یصلون) هذا القوم (إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد) و هی حصول الغذاء الجسمانی من حظوظ أنفسهم فما یحصل هذه النتیجة من المطر إلا بعد مدة مدیدة بخلاف إهلاکهم فإنه یوصلهم فی الحال إلى مشاهدة ربهم فهم متلذذون بأرواحهم بهذه المشاهدة ولو عذبوا من وجه على الأبد.
ولما بین أحوال قوم هود علیه السلام شرع فی بیان إشارات الآیة ولطائفها بقوله رضی الله عنه : (فقال لهم هو ما استعجلتم به ریح) حاملة لهم فیها عذاب ألیم نجعل الحق (الریح إشارة إلى ما فیها) أی فی الربح (من الراحة لهم فإن بهذه الریح یریح) الحق (أرواحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک) أی الطریق (الوعرة) أی الصعبة (والسدف) بضم السین وفتح الدال جمع سدنة أی الحجاب (والمدلهمة) أی اللیل المظلمة .
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال الشیخ رضی الله عنه : " فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة. ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، "
قال: ولذلک غلط عاد قوم هود حین قالوا "هذا عارض ممطرنا" (الأحقاف: 24) فظنوا بالله الخیر غیر أن ذلک الخیر دون الخیر الذی أتاهم الله به، وهو ریح فیها عذاب ألیم یریحهم من هیاکلهم ویلحقهم بالقرب الأتم. فاختلف الإدراک بسبب اختلاف نسبهم إلى الأسماء الإلهیة.
قال رضی الله عنه: إن العذاب الذی أصابهم من الریح، فهو من العذوبة وإن أوجعهم لفراق المألوف، فإنه یسرهم عقباه.
قال: فأصبحوا لا یرى إلا مساکنهم وهی جثتهم التی عمرتها الأرواح الحقیة، فزالت تلک الأرواح وبقیت لهم الحیاة الخاصة لجثثهم وتلک لحیاة هی التی تنطق بها الجوارح یوم تشهد علیهم
قوله: إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغیرة، ومن غیرته حرم الفواحش، ثم
فسر الفواحش بقوله: أی منع أن یعرف حقیقة ما ذکرناه، وهی أنه عین الأشیاء. قال: فسترها بالغیرة وهو أنت من الغیر.
قال: فالغیر یقول السمع سمع زید، والعارف یقول السمع عین الحق، وهکذا ما بقی من القوى والأعضاء. فما کل أحد عرف الحق فتفاضل الناس.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : « فمن أنت ؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک ، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت ، وهو لسان حق فلا یفهمه إلَّا من فهمه حق ، فإنّ للحق نسبا کثیرة ووجوها مختلفة".
یشیر رضی الله عنه إلى : التحریض بالتحقّق بحقیقة الأمر ، وحقیقة الأمر أن لا حقیقة ولا حقّیة إلَّا لله ، وهو حق الحقیقة وحقیقتها ، فإذا تحقّقت ذلک تحقّقت أنّک عین الحق ، والحق عینک وعین قواک وجوارحک .
وأنت صورة أحدیة جمع صور تنوّعات ظهوره وتعیّنات نوره ، وإذا عرفت أنّک حق على الطریق الحق ، وغایتک الحق ، وسلوکک حق ، فالکلّ حق فی حق ، فاعلم ذلک ولا تکن من الجاهلین " إِنِّی أَعِظُکَ أَنْ تَکُونَ من الْجاهِلِینَ ".
فقد بان لک الأمر على لسان ترجمان الحق وهو رسول الله الذی هو لسان حق بقوله : « کنت سمعه وبصره ویده ورجله » وحیث قال لک الحق بلسان الحق حقّا ، فافهم الحق بالفهم الحقّ حقّ الفهم ، إذ لا یفهم الحق إلَّا الحق .
ثم قال رضی الله عنه بعد قوله : « فإنّ للحق نسبا کثیرة ووجوها مختلفة : « ألا ترى عادا قوم هود ، کیف " قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا " فظنّوا خیرا بالله وهو عند ظنّ عبده به ؟ !
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتمّ وأعلى فی القرب ، فإنّه إذا أمطرهم فذلک حظَّ الأرض وسقی الحبّة ، فلا یصلون إلى نتیجة ذلک إلَّا عن بعد .
فقال لهم : "بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ " ، فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة لهم ، فإنّ هذه الریح أراحتهم عن هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمّة .
یعنی رضی الله عنه : أنّهم لمّا ظنّوا بالله خیرا من حیث لا یشعرون والله عند ظنّ عبده به ، فأثابهم الله خیرا ممّا ظنّوا ، لکونهم حصلوا بذلک فی عین الحق من حیث لم یحتسبوا ، فإنّ للحق وجوها کثیرة ونسبا مختلفة ، هم وظنونهم وأفعالهم وأحوالهم وأقوالهم من جملتها ، فجازاهم على ظنّهم بالله خیرا على وجه أتمّ وأعمّ .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
فمن أنت ؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک ، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت ) .
والترجمان هو رسول الله صلى الله علیه وسلم ، حیث قال « کنت سمعه الذی یسمع به » الحدیث ( وهو لسان حق ) فإن من قال الحق بالحق کان لسان الحق .
"" إضافة بالی زادة : (فمن أنت ) استفهام إنکاری : أی أنت معدوم فی نفسک ( فاعرف ) الیوم ( حقیقتک وطریقتک ) ولا تفوت وقتک حتى تدخل لعرفان حقیقتک وطریقتک فی حکم قوله :" ونَسُوقُ الْمُجْرِمِینَ " فإنک إذا عرفت ما نقلناه عرفت حقیقتک وطریقتک ( فقد بان لک الأمر ) من الله على ما هو علیه ، وهو کون الطریق السالک والعلم والمعلوم عین الحق أحدیة الجمع ( على لسان الترجمان ) وهو نفسه لقوله « حتى أکون مترجما لا متحکما » أو الحق مترجما لنا عن نبیه هود مقالته ، أو نبینا علیه الصلاة والسلام مترجما عن الحق قوله " کنت سمعه " اهـ بالی.
( إلا من فهمه حق ) حتى یفهم بفهم الحق مطلقات کلام الحق ، فإن الشهود بأحدیة الأشیاء من مطلقات کلام رب العزة ومن مفهوماته الثانیة ولا یفهمه إلا العلماء باللَّه .
قوله ( فظنوا ) هذا القهر ( خیرا ) أی لطفا فحسن ظنهم باللَّه فعاملهم الله بإعطائه لهم جزاء حسن ظنهم باللَّه من الجهة التی غیر ما تخیلوها اهـ بالى . ""
( فلا یفهمه إلا من فهمه حق ) لأن الحق إذا کان جمیع قوى العبد وجوارحه کان فهمه حقا لأنه من جملة قواه ( فإن للحق نسبا کثیرة ووجوها مختلفة ) فإن له إلى کل شیء نسبة هی نسبة الوجود التی بها صار ظلا ، وفی کل عین وجها هو ظهوره بصورتها .
قال الشیخ رضی الله عنه : (ألا ترى عادا قوم هود کیف قالوا " هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا " - فظنوا خیرا باللَّه وهو عند ظن عبده به فاضرب لهم الحق ) أی بقوله : " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به " ( عن هذا القول ) الذی قالوه وهو "هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا ".
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب ، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد ) فإنه إذا أمطرهم أنبت به النبات من الأرض وسقى الحبة فنبتت ونمت وأدرکت وأحصدت بعد المطر بزمان ، وکذا نماء النبات والشجر ورعاها الدواب والأنعام فأکلوا منها وشربوا لبنها بعد مدة ، ولا یصل نفع المطر وفائدته إلیهم إلا عن بعد بخلاف الإراحة عن الهیاکل البدنیة .
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فقال لهم " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به " ) وفسره بقوله : (" رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ " )فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة لهم ، فإن بهذه الریح یریح أرواحهم من الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة ).
المسالک الوعرة الجثة التی یسلک الحق فیها على وعرة طوقها الغلبة الخشونة الحجابیة ، والسدف : أی الحجب جمع سدفة : وهی الحجاب ، والمدلهمة : المسودة فی غایة الظلمة .
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : ( فمن أنت ؟ ) أی ، إذا علمت أن الحق هو عین السالک وعین الطریق الذی یسلک السالک فیه ، فقد علمت من أنت ، حق أو خلق .
ثم حرص السالک لیعلم أن حقیقته حق ، وطریقته حق ، ولا یشاهد غیره فی الوجود ، فیلحق بأرباب الکشف والشهود بقوله : ( فاعرف حقیقتک وطریقتک . فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت ) . أی ، ما ذکرته لک .
وجواب الشرط متقدم ، وهو قوله : ( فقد بان لک الأمر ) .
والمراد ب( الترجمان ) نفسه . لأنه یترجم عما أراه الله من حقیقة الأمر .
أو هود ، علیه السلام ، حیث قال : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصیتها ) .
أو نبینا صلى الله علیه وسلم حیث قال عن الله : ( کنت سمعه وبصره . . . ) مع أن جمیع الأنبیاء والأولیاء ترجمان الحق .
قال رضی الله عنه : ( فهو لسان حق ) . أی ، لسان الترجمان لسان الحق . ( فلا یفهمه إلا من فهمه حق ) .
بتشدید ( الهاء ) ، من ( التفهیم ) . أی ، لا یفهم الأمر على ما هو علیه ولا یطاع على المراد إلا من فهمه بإلقاء نوره على قلبه .
ویجوز أن یکون ( الهاء ) ساکنة . أی ، لا یفهم معنى لسان الترجمان الإلهی إلا من فهمه حق . أی ، صار الحق عین فهمه . کما یصیر عین سمعه وبصره وقواه وجوارحه ، فیفهم بالحق کلام الحق .
( فإن للحق نسبا کثیرة ووجوها مختلفة ) . یتجلى بها على أعیان الموجودات بحسب استعداداتها .
قال رضی الله عنه : ( ألا ترى عادا ، قوم هود ، کیف " قالوا ، هذا عارض ممطرنا " . فظنوا خیرا بالله ) .
أی ، ألا ترى أن قوم هود کیف قالوا لما تجلى علیهم الحق فی صورة السحاب ، إن هذا عارض . أی ، سحاب ممطرنا وینفعنا .
فظنوا أن الحق تجلى لهم بصورة اللطف والرحمة .
قال رضی الله عنه : ( وهو عند ظن عبده به . فأضرب لهم الحق عن هذا القول ، فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب ) .
أی ، أضرب بقوله : " بل هو ما استعجلتم به " . أی ، هو مطلوبکم الذی یوصلکم إلى کمالکم
ویعطیکم الخلاص من أنانیتکم ، ویخرجکم من عالم التضاد والظلمة إلى عالم الوفاق والرحمة . وإنما کان هذا المعنى أتم وأعلى .
قال رضی الله عنه : ( فإنه إذا أمطرهم ، فذلک حظ الأرض وسقى الحبة ) . المزروعة فیها . ( فما
یصلون إلى نتیجة ذلک المطر ) .
وفی بعض النسخ : ( ذلک الظن ) - ( إلا عن بعد ) .
لأن المطر إذا سقى الحبة المزروعة ، لا بد أن یمضى علیها زمان طویل ومدة کثیرة حتى تحصل نتیجته ویحصل منها الغذاء الجسمانی ، وهو من حظوظ أنفسهم المبعدة لهم من الحق .
وهذا الإهلاک یوصلهم فی الحال إلى ربهم ویقربهم منه .
( فقال لهم : " بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم " . ) وإنما کان استعجالهم فی وصولهم إلى کمالهم وقربهم من غایة مرتبتهم .
ولما کان هذا المطلوب لا یمکن حصوله إلا بفنائهم فی الحق ، أهلکهم الله عن أنفسهم وأفناهم عن هیاکلهم ، وهی أبدانهم الجسمانیة الحاجبة عن إدراک الحقائق .
قال رضی الله عنه : (فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة،)
( فجعل ) أی ، الحق . ( " الریح " إشارة إلى ما فیها من " الراحة " لهم ، فإن بهذه ( الریح ) أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة ) أی ، الطرق الصعبة المهلکة . ( والسدف المدلهمة ) . ( السدف ) جمع ( سدفة ) وهی الحجاب . و ( المدلهمة ) اللیلة المظلمة .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : ( فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.)
قال رضی الله عنه : (فمن أنت؟) من حیث إنک عارف لست غیر الحق، أی: غیر صورته الظاهرة فی عینک.
قال رضی الله عنه : (فاعرف حقیقتک) التی هی مقصدک من السلوک وبها تحققک (وطریقتک) فإنهما عین الحق، أی: من صوره الظاهرة فی مراتبه، فقد علم أن السالک والعارف والطریق والمقصد عین الحق بهذا الاعتیاد.
قال رضی الله عنه : (فقد بان لک الأمر) أی: أمر الأشیاء المذکورة (على لسان الترجمان)، وهو قوله صلى الله علیه وسلم حکایة عن الله تعالى: «کنت سمعه الذی یسمع به، وبصره الذی یبصر به، ویده التی یبطش بها، ورجله التی یمشی بها».
ولسان الرحمن أولى بذلک (فهو لسان حق) ولا یفهم من الحق کلامه سواه، (فلا یفهمه إلا من فهمه حق)، وإنما صح فی حقه أن یکون الطریق والسالک والمقصد والعالم والرحمن واللسان والفهم لکثرة نسبه واختلاف وجوهه.
قال رضی الله عنه : (فإن للحق نسبا کثیرة) أدلة إلى کل موجود نسبة وحدتها (ووجوها مختلفة) ظهرت له فی مرایاها، وتختلف وجوهه باختلاف ظنون عبیده به، بل قد یظهر له وجوه مختلفة فی أمر واحد کما فی عذاب قوم هود له لطف خفی بحسب ظنونهم به، وإن لم یظهر لهم أصلا.
قال رضی الله عنه : ( ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة،)
وإلیه الإشارة بقوله: (ألا ترى عادا قوم هود) احترز به عن عاد أرم ذات العماد کیف قالوا: "فلما رأوه عارضا مستقبل أودیتهم" [الأحقاف: 24] أی: سحابا متوجها إلى أودیتهم، قالو هذا عارض ممطرنا (فظنوا خیرا بالله) أنه یمطرهم.
وینبت لهم زروعهم، ویسقی بساتینهم، فیحصل لهم بذلک غذاؤهم (وهو عند ظن عبده به) کما ورد فی الحدیث القدسی: «أنا عند ظن عبدی بی» ؛ فعمل معهم من لطف التقریب من الحضرة الجلالیة من غیر إظهاره لهم، إذ کان فی صورة العذاب أجل مما توقعوه منه بعد مدة.
قال رضی الله عنه : (فأضرب لهم الحق عن هذا القول) بقوله: "بل هو ما استعجلتم به" [الأحقاف: 24] (فأخبرهم) بطریق الإشارة من قوله: "ما استعجلتم به" (بما هو أتم وأعلى فی القرب)، أما کونه أتم فلما فیه من رفع الحجب الجسمانیة المظهرة لقرب الحق من کل أحد بأنه أقرب من حبل الورید، وأما کونه أعلى فلکونه من قبیل التجلیات ولو جلالیة موحیة للعمى بعد کشف الغطاء، وما توقعوه موجب لإرخاء الحجب وزیادتها، وما فیه من التجلیات المطلوبة لا یحصل إلا بعد مدة مدیدة.
قال رضی الله عنه : (فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقی الحبة) أولا ثم یحصل بعد مدة مدیدة من ذلک الرفع، (فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد) فضلا عما تنتجه تلک النتیجة من قرب الحق بوجه ما من الجمال فی الظاهر مع أنه عنی الهلال فی الباطن .
(فقال لهم : بل هو ما استعجلتم به)، وهو وإن کان عذابا فی الظاهر إلا أن أعیانهم إنما طلبوا بذلک أن یتقربوا من حضرة الحق ولو من حیث الجلال ریح فیها عذاب ألیم، فجعل ظاهره ریا معذبة.
وأشار إلى ما فیه من لطف التقریب من حضرته الجلالیة بما یفهم من الریح والعذاب بطریق الاشتقاق البعید، ولکنه أشار لأهل الأسرار لا للأشرار من طغاة الکفار.
قال رضی الله عنه : (فجعل الریح)، وإن کانت مدمرة لکل شیء بأمر ربها (إشارة) باعتبار ما تضمنت من لطن التقریب من الحضرة الجلالیة (إلى ما فیها من الراحة لهم) عن الحجب الظلمانیة، وإن رجعت علیهم حجب الأعمال والاعتقادات الفاسدة، (فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة) المانعة عن رؤیة الحق من کل وجه.
قال رضی الله عنه : (والمسالک الوعرة) التی بها یتعوقون عن الوصول إلى مطالب أصلیة لأعیانهم من التقریب إلى الحق بأی وجه کان.
(والسدف) أی: الحجب (المدلهمة) أی: المسودة للقلوب والأرواح بحیث لو سد عنهم العذاب لازدادوا ظلمة، فکان العذاب أزید علیهم بما یکون على الحالة.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : ( فمن أنت ؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک ) أنّ الحقیقة عین الطریقة ، وأنّها ناشیة عنک .
( فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان ) الختمی صلَّى الله علیه وسلَّم حیث قال : « کنت سمعه الذی یسمع به » وصرح بالفعل ومبدئه ، وهذا ظاهر.
قال رضی الله عنه : ( إن فهمت ، وهو لسان حقّ ) لأنّ الترجمان ما له تصرف فی ذلک أصلا ، ( فلا یفهمه إلا من فهمه حقّ ) فإنّه لا یعرفه ولا یفهمه إلَّا هو.
الحروف والکلمات
وهاهنا نکتة لا بدّ من الاطلاع علیها : وهی أنّک قد اطلعت من قبل على أنّ أصحاب علم الأرجل هم الذین یسوقهم ریح دبور الطبیعة من خلفهم ، وهم یسعون فی مقتضیات جوارحهم ومشتهیات أنفسهم ، هالکین فیها مجبورین ، وهم أهل القرب وإن کان فی بعد موهوم .
وقد بیّن هاهنا أن أسفل سافلین الذی هو موطنهم من وجه ومسلکهم من آخر هو عین الحقّ ، وما هو إلَّا عالم الأفعال البشریّة وإدراکاته ، والجامع للکلّ منها هو القول الظاهر بصور الحروف والکلمات ، فإنّه الآتی بمدرکات الجوارح کلَّها ، والکاشف عنها أجمع .
القرب الذاتی فی أسفل سافلین
فقد علم فی طیّ هذه المقدّمات أنّ أهل أسفل سافلین وهم أبعد الموجودات فی نظر العامّة لهم القرب الذاتی .
فبیّن ذلک بقوله : ( فإنّ للحقّ نسبا کثیرة ) کثرة نسب الظلال إلى شخصه ( ووجوها مختلفة ) اختلاف وجوه تلک النسب الظلَّیة بحسب قرب بعض الأطراف من الظلّ إلیه وبعده عنه ، وأنت تعرف أنّ أقرب أطرافه إلیه إنّما هو طرف الرجل .
قال رضی الله عنه : ( ألا ترى عادا قوم هود کیف قالوا ) لما أظلَّهم سحب هذه العوارض الکائنة المدرکة بجوارحهم : ( " هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا " ) [ 46/ 24 ] . أی یفیض علینا ما به یستحصل أغذیتنا ، بعد امتزاجات معدّة وترتیب مقدّمات منتجة مستجمعة للشرائط ، کحریة أرض قابلیّتهم وسلامة نبات أولیات علومهم عن الآفات .
تأویل ما حکی عن قوم عاد
وکأنّا قد أسمعناک من قبل أنّ القصص المنزلة السماویّة سیّما ما اختصّ منها بالخاتم ما هی حکایة أشخاص مخصوصة قد انقرضت بانقراض بعض أجزاء الزمان وأبعاضه .
فإنّها حکایة أحوال حقائق کلیّة وأسماء إحصائیّة إلهیّة ، یتشخّص أفرادها فی کل زمان متکلَّمین بتلک القصص حالا وقولا ، فإنّ لتلک الأحوال المختصّة بالزمان ماضیا کان أو مستقبلا وجوها شهادیّة إنّما یحتظی بها أهل الذوق والشهود .
فلا ینبغی للمسترشد اللبیب أن یقنع من تلک القصص الحکمیّة بالحکایات المنقرضة فی سالف من الأزمنة ، منخرطا نفسه فی سلک ذوی الحرمان من القرآن الختمی على ما أخبر عن لسان حالهم قوله تعالى : " قالُوا أَساطِیرُ الأَوَّلِینَ " [ 16 / 24 ] .
وقد أومأنا إلى وجوه من المناسبات والاستعارات هاهنا ، عساک تتفطَّن بها لذلک الوجه الشهادی . فإنّ عادا على ما نبّهت علیه آنفا هم الماشون على صراط العادات التی إنّما یسوقهم إلیها الأهویة الدبوریّة من خلف الطبیعة .
ولا یخفى أنّ المسترشدین منهم لمّا رأوا تلک العوارض المحسوسة المظلَّة لهم
قالوا : هذا العارض سیفیض علینا بعد امتزاجات وترتیبات معدّة علوما یغتذی حقیقتنا بها .
وذلک هم أهل النظر ، المستدلَّون بالصنع على الصانع .
قال رضی الله عنه : ( فظنّوا خیرا باللَّه ) وهو إفاضة ما یستحصل منه أغذیتهم وأقواتهم ، ( وهو عند ظنّ عبده به ، فأضرب لهم الحقّ عن هذا القول ) .
"قال الله تعالى : وَاذْکُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ عَذَابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِکَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُکُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَکِنِّی أَرَاکُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِیَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِیحٌ فِیهَا عَذَابٌ أَلِیمٌ (24) تُدَمِّرُ کُلَّ شَیْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا یُرَى إِلَّا مَسَاکِنُهُمْ کَذَلِکَ نَجْزِی الْقَوْمَ الْمُجْرِمِینَ (25) سورة الأحقاف
بقوله : " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به " ( وأخبرهم بما هو أتمّ وأعلى فی القرب ) والخیریّة ( فإنّه إذا أمطرهم فذلک ) أوّلا ( حظَّ الأرض ) یعنی استعداداتهم وآلاتها من الجوارح الظاهرة.
( و ) ثانیا ( سقى الحبّة ) من العلوم الأوّلیة التی بها تنوط رقیقة الحبّ .
( فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلَّا عن بعد ) من ترکیب الأوّلیّات وثوانی الامتزاجات ثمّ التفطَّنات ( فقال لهم " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ " [ 46 / 24 ] .
تأویل العذاب فی حقّ قوم عاد
قال رضی الله عنه : (فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة لهم ، فإنّ بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة ) الهیولانیّة الکثیفة التی هی منبع کلّ شرّ ، ومثار کلّ ظلمة ، إلى العالم العقلی الذی هو مستنزه العوالم ومستروحها أجمع .
( والمسالک الوعرة ) وهی المشاعر ومقتضیاتها المتخالفة الخشنة ، ذات أغوار وأنجاد ، ملاءمة ومنافرة ( والسدف المدلهمّة ) من العوائد الرسمیّة والحجب العادیة ، المتراکمة المتحتّمة الانقیاد عند کل طائفة وجمع من الأمم . فإنّ « السدفة » - لغة - هی اختلاط الظلمة والنور .
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:
قال الشیخ رضی الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضی الله عنه : ( فمن أنت؟ فاعرف حقیقتک وطریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا یفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا کثیرة و وجوها مختلفة. ألا ترى عادا قوم هود کیف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خیرا بالله تعالى وهو عند ظن)
قال رضی الله عنه : (فمن أنت فاعرف حقیقتک)، أی ماهیتک الموجودة (وطریقتک) التی بسلوکها تصل إلى کمالک فکل واحد منها هی الحتى لا غیر (فقد بان لک الأمر) على ما هو علیه (على لسان الترجمان) الذی یترجم عن حقیقة الأمر (إن فهمت) ما ذکره لک، وذلک الترجمان نبینا صلى الله علیه وسلم حیث أنی بحدیث النوافل وهود علیه السلام حیث قال:"ما من دابة إلا هو آخذ بناصیتها" [هود: 56].
أو الشیخ رضی الله عنه حیث کشف هذه حقائق (فهو)، أی لسان الترجمان (لسان حق)، أی لسان هو حق کما ورد فی الحدیث القدسی:" کنت سمعه وبصره ویده ولسانه ".
قال رضی الله عنه : (فلا یفهمه إلا من فهمه) على لفظ المصدر (حق) کسمعه وبصره وجمیع قواه وجوارحه (فإن للحق نسبا کثیرة ووجوها مختلفة)، فهو بحسب بعض هذه النسب والوجوه لسان یترجم به عما یریده بحسب بعضها فهم، أی قوة فاهمة یدرک بها ما یترجم اللسان عنه .
ثم استشهد رضی الله عنه على کثرة نسبه واختلاف وجوهه بقوله : (ألا ترى عادا) فوم هود
قال رضی الله عنه : ( ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى فی القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقى الحبة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم»: فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة و السدف المدلهمة،)
قال رضی الله عنه : (کیف "قالوا هذا عارض ممطرنا" فظنوا خیرة بالله وهو) سبحانه (عند ظن عبده به فاضرب لهم الحق عن هذا القول) بقوله : "بل هو ما استعجلتم به " (فأخبرهم بما هو أتم وأعلا فی القرب فإنه إذا أمطرهم فذلک حظ الأرض وسقی الحبة) الملقاة فیها فلا بد أن یمضی علیها زمان طویل و مدة مدیدة حتى تحصل نتیجة.
ویحصل منها الغذاء الجسمانی الذی هو من حظوظ أنفسهم (فلا یصلون إلى نتیجة ذلک المطر) هکذا فی النسخة المقروءة على الشیخ رضی الله عنه .
وفی بعض النسخ: ذلک الظن أی ظن أنه عارض ممطر (إلا عن بعد فقال) سبحانه (لهم) مضربا عما قالوه ( "بل هو ما استعجلتم به ریح فیها عذاب ألیم" ) [الأحقاف : 24 ] فتجلى فی خیالهم أولا بصورة العارض الممطر وفی جهنم ثانیة بصورة "ریح فیها عذاب ألیم" .
فظهر من ذلک کثرة نسبه و اختلاف وجوهه (فجعل) الحق سبحانه (الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة لهم) آخرا، بحسب روحانیتهم (فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة والمسالک الوعرة)، أی الصعبة (و السدف)، أی الحجب (المدلهمة)، أی المظلمة .
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص 267
فمن أنت به فاعرف حقیقتک و طریقتک، فقد بان لک الامر على لسان الترجمان إن فهمت فهو لسان حقّ فلا یفهمه إلّا من فهمه حقّ.
پس تو کیستى؟ بشناس حقیقت و طریقت خود را همانا که امر به لسان ترجمان براى تو روشن شد اگر فهمیده باشى و این لسان ترجمان لسان حق است پس آن را نمیفهمد مگر کسى که حق وى را تفهیم کرده باشد. (تفهیم حق یعنى قرب فرائض که شخص میشود چشم و گوش خدا)
فان للحقّ نسبا کثیرة و وجوها مختلفة: ألا ترى عادا قوم هود کیف قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فظنّوا خیرا باللّه تعالى و هو عند ظنّ عبده به فأضرب لهم الحقّ عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم و أعلى فی القرب، فإنّه إذا أمطرهم فذلک حظّ الأرض و سقى الحبّة فما یصلون الى نتیجة ذلک المطر إلّا عن بعد فقال لهم: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ.
چه اینکه حق تعالى را نسبتهاى بسیار و وجوه گوناگون است آیا نمیبینى (استشهاد است بر کثرت نسبت و گوناگون بودن وجوه) که عاد قوم هود چگونه گفتند این أبر است که به ما باران میدهد (و به ما نفع میرساند). پس به خدایشان ظن خیر بردند و خدا هم در نزد ظن بندهاش است. پس خداوند از این قولشان روى گرداند، پس به آنها خبر داد آن چه را که در قرب، اتمّ و اعلى است. زیرا آن چه را که از ناحیه أبر به اینها میداد اولا حظّ زمین بود و ثانیا سیراب کردن حبّه و آنها به نتیجه این مطر نمیرسند مگر از دور (زیرا باران چون دانه کاشته را سیراب کند ناچار باید زمان دراز و مدت بسیار بر او بگذرد تا نتیجهاش حاصل شود و از آن غذاى جسمانى حاصل گردد پس این مطر از حظوظ انفس ایشان است که آنها را از حق دور میکند و حال اینکه این هلاک آنها را فی الحال به ربشان میرساند و به او نزدیک میگرداند). بنا بر این به آنها فرمود: این آن چیزى است که شتاب میکردید، بادى است که در آن عذاب الیم است.
فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الراحة لهم فإن بهذه الریح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة و المسالک الوعرة و السّدف المدلهمّة،
پس حق تعالى ریح را اشاره به چیزى فرمود که در آن برایشان راحت است. زیرا به این ریح آنها را از این هیاکل تاریک و راههاى سخت هلاک کننده و حجب ظلمانى راحت گردانید
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۵۳۰-۵۳۲
فمن أنت؟
پس تو کیستى؟ یعنى چون دانستى که حق عین سالک و عین طریق است که سالک بر آن سلوک مىنماید بیت:
پس تو کدامى آخر چه نامى یا شاه گیتى یا خود غلامى
تو بادهنوشى یا ساقى مى یا جام صافى یا خود مدامى
اى دل چه خوردى کاشفته گشتى آهسته مىرو بر طرف بامى
سالک مخاطب به خطاب زبون از سر آشفتگى و جنون به ترجمانى عشق در خطاب حضرت بىچون جز این چه گوید بیت:
گر جمله توئى پس این جهان چیست ور هیچ نیم من این فغان چیست
هم جمله توئى و هم همه تو آن چیز که غیر تست آن چیست
فاعرف حقیقتک و طریقتک فقد بان لک الأمر على لسان التّرجمان إن فهمت.
یعنى بشناس حقیقت و طریقت خود را که به حقیقت عین حقّ است تا به مشاهده غیر او در وجود نپردازى و خود را بدین واسطه داخل در زمره ارباب کشف و شهود سازى. چه سرّ توحید بر تو منکشف شد و امر تحقیق احدیّت متبیّن گشت به لسان ترجمان اگر فهم کرده باشى آنچه را به ذکر آن قیام نمودیم.
و مراد از ترجمان یا شیخ است که به طریق ترجمانى بیان مىکند هرچه از حقیقت امر حضرت سبحانى بدو القا مىکند؛ یا مراد هود باشد علیه السلام آنجا که گفت ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِیَتِها؛ یا رسول امین و حبیب ربّ العالمین آنجا که گفت:
کنت سمعه و بصره
الحدیث؛ و خود جمیع انبیاء و اولیاء بلکه هر موجودى از مظاهر على اعلى ترجمان اسرار حق است بیت:
منشین ز طلب که ره عیانست اى دل برخیز ز خود حجابت آن است اى دل
تو گوش به دست آر که هر موجودى در کشف رموز ترجمانست اى دل
فهو لسان حقّ فلا یفهمه إلّا من فهّمه حقّ (من فهمه حقّ- معا)
پس لسان ترجمان لسان حق است
بىشک آن آواز از آن شه بود گرچه از حلقوم عبد اللّه بود
او چو ناى است و نوا در وى ازوست او چو کوهست و صدا در وى ازوست
پس فهم نمىکند حقیقت امر را و اطلاع نمىیابد بر مراد مگر آنکه حقّ او را تفهیم کند به القاى نور خویش بر دل او.
و مىشاید که هاى فهمه ساکن باشد و معنى آن بود که معنى لسان ترجمان الهى را فهم نمىکند مگر آنکه فهم او حق باشد چنانکه سمع و بصر و قوا و جوارح او به حکم حدیث عین حق است، پس به حق فهم کلام حق تواند کرد لاجرم بیت:
هرچه گوید ازو بدو شنود هرچه گیرد ازو بدو بخشد
فإنّ للحقّ نسبا کثیرة و وجوها مختلفة.
چه حق را نسب کثیره و وجوه مختلفه است که بدان وجوه تجلّى مىکند بر اعیان موجودات به حسب قابلیّت و استعدادات.
أ لا ترى عادا قوم هود کیف قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فظنّوا خیرا باللّه و هو عند ظنّ عبده به، فأضرب لهم الحقّ عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتمّ و أعلى فى القرب.
یعنى نمىبینى عاد را که قوم هود است علیه السلام که چون حقّ به صورت سحاب بر ایشان تجلّى کرد چگونه گفتند این ابر بارنده است بر ما و نفع رساننده ماست پس گمان بردند که حقّ به صورت لطف و رحمت بر ایشان متجلّى است و حال آنکه به حکم حدیث قدسى که:
«أنا عند ظن عبدى بى»
سنّت الهى آنکه عمل به مقتضاى ظنّ ایشان نماید. پس حضرت حق به کمال رأفت و جمال رحمت از آن قول اضراب و اعراض کرد که بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ و اخبار کرد از آنچه اتمّ و اعلى است در قرب؛ و اعلام کرد که این آن مطلوب شماست که موصل است به کمالات و خلاصدهنده از قید انیات و بیرون آرنده از عالم تضاد و ظلمات ضلالات به عالم وفاق و انوار هدایات و این از آنچه گمان مىبردند (مىبرند- خ) اتم و اعلاست.
فإنّه إذا أمطرهم فذلک حظّ الأرض و سقى الحبّة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلّا عن بعد (بعد- معا).
از آنکه چون این ابر بر ایشان ببارد باران او بهره زمین و ساقى دانه مزرعه خواهد بود و وصول نتیجه آن دیر خواهد کشید چه مدّتى مدید و زمانى طویل بر آن دانه باید گذشت تا به مقام غذاى جسمانى رسد و حظوظ نفسانى به دست آید که موجب دوریست از حق، و این اهلاک فى الحال مستلزم حصول وصول به جناب ذو الجلال، لاجرم، بیت:
نیست شو تا هستیت از پى رسد تا تو هستى هست در تو کى رسد
تا نگردى محو در ذلّ فنا کى رسد اثباتت از عزّ بقا
فقال لهم بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ
یعنى حق سبحانه و تعالى گفت ایشان را که این ابر بارنده نیست بل آنست که شما در طلب آن از براى تحصیل کمال و قرب غایت مرتبه خویش استعجال مىنمودند، ریحى است که در وى عذاب الیم است و آن واسطه وصول مطلوب و رابطه حصول مرغوب شماست چه او مستلزم فنائى است که موجب بقاست و سبب زوال حجب هیاکل ابدان که مانع مشاهده لقاء است. آرى بیت:
چون تو از خویشتن فنا گشتى گشت عالم پر از تجلّى یار
از خودى خودت کنارى گیرى تا تو بینى نگار خود به کنار
بگذر از بارنامه هستى تا در آن بارگاه یا بىبار
فجعل الرّیح إشارة إلى ما فیها من الرّاحة لهم فإنّ بهذه الرّیح أراحهم من هذه الهیاکل المظلمة و المسالک الوعرة و السّدف المدلهمّة.
پس جناب حق جلّ و علا ریح را اشارت داشت بدانچه واسطه راحت ایشان است چه بدین ریح ایشان را از هیاکل مظلمه خلاصى داد و از قطع مسالک مهلکه بىنیاز گردانید و به اخراج از حجب ظلمانى راحتى بخشید.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۵۹۰
فمن أنت؟
فاعرف حقیقتک و طریقتک، فقد بان لک الأمر على لسان التّرجمان إن فهمت. و هو لسان حقّ فلا یفهمه إلّا من هو فهمه حقّ.
فإنّ للحقّ نسبا کثیرة و وجوها مختلفة. شرح یعنى چون سیر سالک از آثار به افعال، و از افعال به اسما و صفات، و از اسما و صفات به ذات است، پس ظهور تجلّى گاه در مرتبه ذات و گاه در مرتبه صفات و گاه در مرتبه افعال، و گاه در مرتبه آثار بود. پس سالک باید که داند که معلوم و موجود جز حق نیست و سیر او در حق است، و سالک و مسلوک جز حق نیست، و آن حضرت را نسب و وجوه مختلفه بسیار است. به حسب استعدادات متفاوته و تجلّى بر اعیان، به آن نسب باشد.
ا لا ترى عادا قوم هود کیف «قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا» فظنّوا خیرا باللّه- تعالى- و هو عند ظنّ عبده به، فأضرب لهم الحقّ عن هذا القول فأخبرهم بما هو أعلى و أتمّ فی القرب، فإنّه إذا أمطرهم فذلک حظّ الأرض و سقى الجنّة فما یصلون إلى نتیجة ذلک المطر إلّا عن بعد فقال لهم: «بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ».
شرح یعنى آن مطلوب شماست که شما را به کمال آن چه در استعدادات شماست برساند، و هبوب ریح عذاب شما را از علت انائیّت برهاند. زیرا که وصول هر کس به آن چه استعداد او مقتضى آنست، عین وصول به کمال اوست. فجعل الریح إشارة إلى ما فیها من الرّاحة فإنّ بهذه الریح اراحهم من هذه الهیاکل المظلمة و المسالک الوعرة و السّدف المدلهمّة؛
شرح سدف جمع سدفه است، یعنى پرده. باقى ظاهر است.