عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثالثة والعشرون :


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

المرتبة 10: الفص حکمة أحدیة فی کلمة هودیة من الاسم المقدر

 وله فلک المنازل المکوکب ومولة الجبهة وحرف الشین

الرب هو السید المالک المصلح الثابت. والتربیة والإصلاح یستلزمان التدرج فی منازل السلوک مع الثبات على السیر بلا ملل، وتقدیر کل شیء فی موضعه الأصلح. فالاسم الرب یستلزم ظهور الاسم: المقدر فله المرتبة العاشرة التی لها فلک منازل الکواکب التی تبدو ثابتة رغم سرها.

ومدار هذا الفص حول طرق الصراط المستقیم لأن أنسب المراتب للطرق المختلفة فی عین أحذیتها هو الفلک المکوکب لأن لکل کو کب طریقا مخصوصا فی فلک معین و کلها واحد فی غایة التناسق وکمال الإحکام.

قال تعالى فی سورة یس مبینا علاقة اسمه المقدر بالکواکب :" والقمر قدرناه منازل " .

وقال:"والشمس تجری لمستقر لها ذلک تقدیر العزیز العلیم " وقال: "وکل فی فلک یسبحون " وفی سورة الواقعة (75 و76): " فلا أقسم بمواقع النجوم ده وإنه لقسم لو تعلمون عظیم ". وأنسب الأنبیاء لهذه الحضرة هو هود علیه السلام .

قال تعالى : " وبالنجم هم یهتدون " (النحل، 16).

فالهدایة مناسبة لاسمه هود لأن فعل هود معناه اهتدى بمشیه على الصراط المستقیم. وفی الباب 14 من الفتوحات سماه الشیخ: الهادی کما نجده یقرن بین الهدى والطریق المستقیم فی حضرة الهادی من الباب 558 فیقول:

فهدی الحق هدی     ….. وذاک هو الطریق المستقیم

علیه الرب والأکوان طرا …..  فما فی الکون إلا مستقیم

 

فحکمة هود أحدیة لشهوده أحدیة کثرة الأفعال الإلهیة وصرح بذلک قائلا: " ما من دابة إلا هو آخذ بناصیتها إن ربی على صراط مستقیم" (هود، 56).

ومن هذه الدواب الکواکب قال تعالى: " والنجوم مسخرات بأمره" (الأعراف، 54). قد أشار الشیخ إلى علاقة هذا الفص بسیر الحکم الکواکب فی المنازل بکثرة کلامه على المشی .

 

حتى قال: "وهذه الحکمة من علم الأرجل" کما أشار إلى المراتب الثمانی والعشرین المقسم علیها فلک المنازل بقوله: (فقد بانت المطالب بتعیینک المراتب ):... وعلم الأرجل هو من علوم العرب کما أن من علومهم مواقع النجوم وما یهتدون فی رحلاتهم.

و هود هو أول الرسل العرب المذکورین فی القرآن.

ولهذا نجد الشیخ فی الباب 278 من الفتوحات المخصوص بمنزل قریش یشیر إلى الأنبیاء العرب وأنبیاء السماوات السبعة وعلومهم فیقول: (واعلم أن هذا المنزل إذا دخلته تجتمع فیه مع جماعة من الرسل صلوات الله علیهم فیحصل لک منهم علم الأدلة والعلامات فلا یخفى علیک شیء فی الأرض ولا فی السماء إذا تحل لک إلا ممیزه وتعرفه حین یجهله غیرک. ویحصل لک منهم القدم. ویعلم علم الحروف والنجوم من حیث خصائصها وطبائعها وآثارها) .

والملاحظ أن هذا الفص تفصیل لفاتحة کتاب الفصوص التی هی: (الحمد لله منزل الحکم على قلوب الکلم بأحدیة الطریق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل لاختلاف الأمم).

حیث أن الشیخ بین فی هذا الفص أن کثرة الطرق منطویة فی أحدیة الطریق المستقیم للرب الأخذ بناصیة کل دابة.

وهذه العلاقة بین المقدمة وهذا الفص هی علاقة الاسم (رفیع الدرجات) المتوجه على إیجاد المرتبة الجامعة المعینة لکل المراتب وهی مرتبة خاتم الأولیاء الثامنة والعشرون بالاسم (القدر) الحاکم على هود.


وهذه العلاقة المتمیزة بین هود والخاتم ذکر الشیخ فی هذا الفص اجتماعه بجمیع الأنبیاء .

وقال: (ماکلمنی أحد من تلک الطائفة إلا هود علیه السلام ) النسبة العربیة المشترکة بینهما ولمشربهما المشترک فی الأحذیة والهدایة والکرم العربی.

وإنما کلمه هود باسم جمیع الأنبیاء لتهنئته بنیله مقام خاتم الولایة المحمدیة الخاصة کما ذکره شراح الفصوص الأوائل...

وإلى هذه العلاقة أشار الشیخ بقوله آخر الفص: (قد بانت المطالب بتعیینک المراتب) ... وقد ذکرنا هذا فی الکلام حول المرتبة 28.

وقوله: (فکن فی نفسک میولی لصور الاعتقادات کلها) أی العقائد الصحیحة التی بینها الحق تعالى على ألسنة رسله علیهم الصلاة والسلام .

فکأنه یعی: کن متحققا هذه المرتبة العاشرة التی لفلک المنازل المکوکب الذی هو هیولی کل المنازل و کل الصور الکوکبیة والمراتب الحرفیة.

یقول الشیخ عنه ما خلاصته: (فالمنازل مقادیر التقاسیم التی فی فلک البروج عینها الحق تعالى لنا إذ لم یمیزه البصر إلا هذه المنازل وجعلها 28 منزلة من أجل حروف النفس الرحمانی وإنما قلنا ذلک لأن الناس یتخیلون أن الحروف الثمانیة والعشرین من المنازل حکم هذا العدد لها وعندنا بالعکس عن هذه الحروف کان حکم عدد المنازل.


 وجعلت 28 مقسمة على 12 برجا لیکون لکل برج فی العدد الصحیح قدم وفی العدد المکسور قدم لیعم حکم ذلک البرج فی العالم بحکم الزیادة والنقص والکمال وعدم الکمال لأن الاعتدال لا سبیل إلیه لأن العالم مبناه على التکوین والتکوین بالاعتدال لا یصح فکان لکل برج مترئتان وثلث صحیحتان أو مکسورتان...

ولما خلق الله هذا الفلک کون فی سطحه الجنة فسطحه مسک وهو أرض الجنة وقسم الجنات على ثلاثة أقسام للثلاثة وجوه التی لکل برج:

جنات الاختصاص والمیراث والأعمال.

ثم جعل فی کل قسم أربعة أغار مضروبة فی ثلاثة یکون منها 12 نهرا ومنها ظهر فی حجر موسى 12 نهرا لانی عشر سبطا.

نهر الماء وهو علم الحیاة

ونهر الخمر وهو علم الأحوال

ونهر العسل وهو علم الوحی

ونهر اللبن وهو علم الأسرار واللب الذی تنتجه الریاضات والتقوى.

 

والإنسان مثلث النشأة: روح وحس وبرزخ بینهما. لکل نشأة من الأعمار نصیب.

 فله اثنا عشر نهرا فی کل جنة أربعة.

ونفس الرحمن فیها دائم لا ینقطع تسوقه ریح تسمى المثیرة.

وفی الجنة شجرة ما یبقى بیت فیها إلا دخلته تسمى المؤنسة یجتمع إلى أصلها أهل الجنة فی ظلها فیتحدثون بما ینبغی لجلال الله بحسب مقاماتهم فیزدادون علما فتزداد درجاتهم فی جناتهم فلا یمر علیهم نفس إلا ولهم فیه نعیم مقیم جدید.

ووجدت هذه الجنان بطابع الأسد وهو برج ثابت فله الدوام وله القهر فلهذا یقول أهله للشیء کن فیکون.

وأما مقعر هذا الفلک فجعله الله محلا للکواکب الثابتة القاطعة فی فلک البروج ولها من الصور فیه 1021 صورة وصور کواکب السماوات السبعة فبلغ الجمیع 1028 صورة فی 1028 فلک...

ویبقى فی الآخرة فی جهنم حکم أیام هذه الکواکب لأن هذا الفلک سقف جهنم والجواری السبعة مع انکدارها وطمسها وانتشارها فتحدث فی جهنم حوادث غیر حوادث إنارتها وسیر أفلاکها بها فتبقى السباحة للکواکب بذاتها مطموسة الأنوار. ویبقى فی الجنة فی الآخرة حکم البروج وحکم مقادیر العقل عنها لأن تلک البروج العرشی سقف الجنة.

 

وأما کثیب المسک الأبیض الذی فی جنة عدن الذی تجتمع فیه الناس للرؤیة یوم الزور الأعظم وهو یوم الجمعة فأیامه من أیام أسماء الله ولا علم لی ولا لأحد ما استأثر الله ما فی علم غیبه.

وعدن بین الجنات کالکعبة بیت الله بین بیوت الناس وتزور الحق على قدر صلاتک وتراه على قدر حضورک فهنا مناجاة وهناک مشاهدة وهنا حرکات وهناک سکون".

فانظر کیف ختم الشیخ فصل فلک المنازل من الباب 198 بذکره للکعبة والصلاة مثلما ختم فص هود بذکره للمسجد الحرام واستقباله.

لیمهد للدخول لفص صالح الموالی الذی له مرتبة السماء السابعة حیث البیت المعمور الذی هو کعبة تلک السماء وهو على سمت کعبة الأرض.

وحیث إبراهیم الخلیل بانی الکعبة الذی ألقی فی النار فکانت علیه بردا وسلاما، فختم الشیخ بالبرد والنعیم الجهنمی بعد إقامة الحدود على الجهنمیین"خالدین فیها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربک إن ربک فعال لما یرید " (هود، 107).

وحرف هذه المرتبة هو حرف التفشی أی الشین وهو أنسب الحروف لفلک المنازل لتفشیه المناسب لتفشی نفس الرحمن .کراتبه الثمانیة والعشرین المناسبة لمنازل هذا الفلک.

یقول الشیخ فی الباب 198:

(ثم انفش ذلک النفس الإلهی على أعیان العالم الثابتة ولا وجود لها فکان مثل ذلک فی الکلام الإنسانی حروف التفشی).

وأخیرا فإن وصف حکمة هذا الفص بصفة - أحذیه - مناسب أیضا من حیث العدد إلى المنازل الثمانیة والعشرین حیث أن عدد کلمة " أحدیة = 1+8+9+10+5" هو 28.

وسنرى أن السورة المناسبة لهذا الفص، وهی سورة الفیل.

لها علاقة عددیة متمیزة مع ذلک العدد 28، ومع تفشی نفس الرحمان من عدد (بسم الله الرحمن الرحیم).

  

10: سورة فص هود علیه السلام

هی سورة الفیل .

بدأ الشیخ الفص بذکره للدابة کالفیل الذی أخذ ربه بناصیته فامتنع عن التوجه للکعبة وکالطیر الأبابیل التی رمت أصحاب الفیل بحجارة من سجیل فجعلتهم کعصف مأکول للدواب .

والاسم "الرب" الأخذ بالناصیة هو الاسم الوحید الظاهر فی سورة الفیل.

وفی الفص عدة إشارات إلى کلمات السورة کقوله: "ألا ترى عادا قوم هود کیف" إشارة إلى "ألم تر کیف..."

وکلامه عن العلوم الذوقیة من فاتحتها: " ألم تر کیف فعل ربک " [الفیل: 1] .

ولهذا یقول فی الوصل العاشر من الباب 369 وهو المتعلق بسورة الفیل:

"وهذا وصل الأذواق وهو العلم بالکیفیات فلا تقال إلا بین أربابها..."

وکلامه حول الضلال والحیرة  کقوله:

"ولا ضالون. فکما کان الضلال عارضا... وإن شئت قلت بالحیرة فی ذلک..."

یشیر إلى آیة: " ألم تجعل یده فی تضلیل " [الفیل، 2].

وکلامه حول النسب الإلهی مرجعه إلى نسبة المربوب لربه من کلمة "ربک" فی الآیة الأولى وهو ما یقرره فی فقرة من الباب "559" وهی متعلقة بسورة الفیل التی لمنزها الباب "297 فتوحات " وعنوانها : "الاعتبار لأولی الأبصار"

فقال: "ما بینه وبین ربه سوى النسب العام الموجود لأهل الخصوص من الأنام وهو التقوى ".

وهو قوله فی هذا الفص: "صح النسب الإلهی للعالم فانتسبوا إلیه... أین المتقون ؟"

وکلامه على هلاک المجرمین وقوم هود والآلام مناسب لآخر السورة: "ترمیهم بحجارة من سجیل فجعلهم کعصف مأکول " [ الفیل: 4-5].

 

علاقة هذا الفصل بسابقه ولاحقه

- الرابطة بین فصی هود ویوسف السابق هی مسألة النسب الإلهی.

ففی نص یوسف یقول الشیخ عن سورة الإخلاص: "وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفی ذلک نزلت"

یشیر إلى أن سبب نزولها قول المشرکین للرسول : "انسب لنا ربک".

 

"" حدیث المستدرک للحاکم :  عن أبی بن کعب رضی الله عنه، " أن المشرکین، قالوا: یا محمد، انسب لنا ربک. فأنزل الله عز وجل: "قل هو الله أحد الله الصمد"[الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذی لم یلد، "ولم یولد ولم یکن له کفوا أحد" [الإخلاص: 3] لأنه لیس شیء یولد إلا سیموت، ولیس شیء یموت إلا سیورث، وإن الله لا یموت ولا یورث "ولم یکن له کفوا أحد" [الإخلاص: 4] .

قال: لم یکن له شبیه، ولا عدل ولیس کمثله شیء " هذا حدیث صحیح الإسناد ولم یخرجاه و وافقه الذهبی]  ورواه البیهقی ومسند أحمد و الترمذی و ابی عاصم و امالی بشران وغیرهم  ""

 

وفی وسط نص یوسف أشار إلى سورة الفیل حین استشهد بالآیة :" ألم تر إلى ربک کیف مد الظل " [الفرقان، 45].

وهی مقاربة لذوق "ألم تر کیف فعل ربک" (الفیل، 1) من حیث ذوق الکیفیة.

وإلى هذه الکیفیة یشیر فی الأبیات التی افتتح بها منزل سورة الفیل الباب "279 فتوحات ".

وکلام الشیخ عن الحیرة فی هذا الفص مطابق لکلامه فی ذلک الباب من متل سورة

الفیل.

 

وأما علاقة هذا الفص بفص صالح التالی:

فکما أن هودا وصالحا أخوان فی النسبة العربیة، فسورتا نصیهما المتجاورتان کذلک أی قریش والفیل.

وفی کلیهما تظهر عنایة الرب تعالى وحفظه لبیته الحرام وسکان بلده الأمین.

ولهذا ختم الشیخ فص هود بالکلام عن المسجد الحرام تمهیدا للدخول لسورة قریش المناسبة لفص صالح والتی ورد فیها ذکر هذا المسجد: " فلیعبدوا رب هذا البیت " [قریش، 3] .

وبدأ فص صالح بذکر الرکائب أی الإبل التی ترکبها العرب وهی من الدواب التی ذکرها فی فاتحة فص هود الآیة (56) "ما من دابة إلا هو آخذ بناصیتها ".

 

لطیفة عددیة عجیبة:

سبق القول بأن عدد کلمة "أحدیة" التی هی صفة حکمة هذا الفص هو: 28.

ومن لطیف الاتفاق أن مجموع أعداد حروف سورة الفیل مع بسملتها بالحساب المغربی الصغیر هو : 406 الذی هو مجموع الأعداد الثمانیة والعشرین الأولى المناسبة لهذا الفص لأن له مرتبة فلک المنازل الثمانی والعشرین، وهی المرتبة العاشرة نزولا من القلم الأعلى "0+ 2 = 10" "تلک عشرة کاملة".

کما أن مجموع أعداد حروف سورة الفیل مع بسملتها بالحساب النفسی (حیث نعطى لکل حرف قیمة مرتبته فی مخارج الحروف. مثلا: . 1/ ن = 14/ ر= 28) هو: 1572


ینظر تفصیل الحساب ودلالات العددین 406  و 1572 فی القسم الأخیر من الکتاب.