الفقرة الرابعة عشر:
کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :
المرتبة 11: لفص حکمة فاتحیة لکلمة صالحیة من الاسم الرب
وله سماء زحل السابعة ومنزلة الخرتان وحرف الیاء
غایة القهر هی حصول العلم بالنفس. ومن عرف نفسه عرف ربه فغایة العلم معرفة الرب. فجاء الاسم الرب فی المرتبة الفردیة الحادیة عشرة التی قال الشیخ عنها فی الباب 198 ما خلاصته:
الفصل الحادی والعشرون فی الاسم الرب وتوجهه على إیجاد السماء الأولى
-أی الأولى نزولا من فوق وهی السابعة صعودا والبیت المعمور والسدرة والخلیل.
ویوم السبت -أی نهاره وأما لیلته فلیلة الأربعاء- وحرف الیاء والخرتان و کیوان -ای زحل - .
قال تعالى : ( وقل رب زدنی علما ) (طه، 114) فما طلب الزیادة من العلم إلا من الرب.
ولهذا جاء مضافا لاحتیاج العالم إلیه أکثر من غیره من الأسماء لأنه اسم جامع لجمیع المصالح وهو من الأسماء الثلاثة الأمهات (والآخران هما: الله الرحمن).
وهذا الاسم أعطى للسدرة نبقها وخضرتها، ونورها منه ومن الاسم الله، وأعطى الاسم الرحمن من نفسه عرفها من العرف وهی الرائحة.
ومن الاسم الله أصولها. و زقومها لأهل جهنم. وقد جل الله هذه السدرة بنور الهویة فلا تصل عین إلى مشاهدها فتحدها أو تصفها.
والنور الذی کساها هو نور أعمال العباد. ونبقها على عدد نسم السعداء لا بل على عدد أعمال السعداء لا بل هی أعیان أعمال السعداء.
وما فی جنة الأعمال قصر ولا طاق إلا وغصن من أغصان هذه السدرة داخل فیه وفی ذلک الغسن من النبق على قدر ما فی العمل الذی هذا الغصن صورته- من الحرکات.
وما من ورقة فی ذلک الغصن إلا وفیها من الحسن بقدر ما حضر هذا العبد مع الله فی ذلک العمل
وأوراق الغصن بعدد الأنفاس فی ذلک العمل. وشوک هذه السدرة کله.
لأهل الشقاء وأصولها فیهم والشجرة واحدة ولکن تعطی أصولها النقیض مما تعطی فروعها من کل نوع.
فکل ما وصفنا به الفروع حد النقیض فی الأصول وهذا کثیر الوقوع فی علم النبات،
وهی على نشأة الإنسان وهی شجرة الطهور فیها مرضاة الحق ومن هنا شرع السدر فی غسل المیت للقاء الله.
وعند السدرة نهر کبیر هو نهر القرآن منه تتفجر ثلاثة أغار أخرى للکتب الثلاثة التوراة والزبور والإنجیل وجداول صحف الأنبیاء.
ولکل نهر من الأنهار الکبرى الأربعة علم من علوم الوهب مناسب لأنهار الجنان الأربعة أنهار العسل والحلیب والخمر والماء.
فالمظهر الأعلى الجنانی للسدرة هو شجرة طوبی التی غرسها الله تعالى بیده ولما سواها نفخ فیها من روحه کأدم وهی لجمیع شجر الجنان کآدم لما ظهر منه من البنین وزینها بثمر الحلی والحلل اللذین فیهما زینة للابسهما فنحن أرضها فان الله جعل ما على الأرض زینة لها.
وأما المظهر الأسفل الجهنمی للسدرة نهر الزقوم تغلی فی البطون کغلی الحمیم طلعها کانه رؤوس الشیاطین.
وأسعد الناس هذه السدرة أهل بیت المقدس.
کما أن أسعد الناس بالمهدی أهل الکوفة، کما أن أسعد الناس برسول الله صلى الله علیه وسلم أهل الحرم المکی کما أن أسعد الناس بالحق أهل القرآن.
وإذا أکل أهل السعادة من هذه الشجرة زال الغل من صدورهم ومکتوب على ورقها "سبوح قدوس رب الملائکة والروح" وإلى هذه السدرة تنتهی أعمال بنی آدم ولهذا سمیت سدرة المنتهى.
وللحق فیها تجمل خاص عظیم یقید الناظر ویحیر الخاطر وإلى جانبها منصة جبریل علیه السلام وفیها من الآیات ما لا عین رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
غشیها من نور الله ما غشی فلا یستطیع أحد أن ینعتها إنما ینظر الناظر إلیها فیدرکه البهت.
وأوحد الله فی هذه السماء البیت المعمور وهو على سمت الکعبة له بابان: مشرقی یدخل فیه کل یوم سبعون ألف ملک ثم یخرجون من مقابله المغربی ولا یعودون فیه أبدا .
یخلقهم الله فی کل یوم من نهر الحیاة من القطرات التی تقطر من انتفاض جبریل عندما ینغمس فیه فی کل یوم غمسة.
وبعدد هؤلاء الملائکة فی کل یوم تکون خواطر بنی آدم : فی قلوبهم، وهؤلاء الملائکة الذین یدخلون البیت المعمور یجتمعون عند خروجهم منه مع الملائکة الذین خلقهم الله من خواطر القلوب فإذا اجتمعوا بهم کان ذکرهم الاستغفار إلى یوم القیامة.
فالقلوب کلها من هذا البیت خلقت فلا تزال معمورة دائما، وکل ملک یتکون من الخواطر یکون على صورة ما خطر سواء (تأمل علاقة ذا الکلام بفص الحکمة القلبیة السابق وتتشعب الخواطر من قلب حکمة هذا الفص الفاتحیة الصالحیة.).
وفی هذا الفلک عین الموت (لأن طبعه طبع التراب الیابس البارد وهو طبع الموت وقد سبق أن الاسم الممیت هو المتوجه على إیجاد التراب فی فم زکریاء وفی هذه السماء یوجد ملک الموت عزرائیل علیه السلام ) ومعدن الراحة و سرعة الحرکة فی ثبات.
وکوکب هذه السماء زحل ترابی مظلم أسود نحس محض. ومنه جاء الکلام فی النص على الهلاک والشقاء والعذاب والسواد وبشرة البدن الترابیة.
لکن مدار حل الفص حول الفردیة لأن الأعداد المتعلقة بهذه المرتبة جلها فردیة: فله المرتبة: 11.
وفلک هذه السماء هو الثالث نزولا من الفلک الأطلس والمکوکب وهو الأول فی السماوات، وهو سابعها صعودا، وهو الحادی عشر صعودا من فلک التراب، وهو الخامس نزولا من العرش.
وفی هذه السماء إبراهیم الخلیل علیه السلام ثالث الآباء بعد آدم ونوح علیهما السلام وافتتحت سورته فی القرآن بحروف ثلاثة لها الأعداد الثلاثة الأولى
وهی: "الر = 231". ویومها السبت سابع الأیام.
وأنسب الأنبیاء لهذه المرتبة صالح علیه السلام الذی ورد اسمه فی القرآن تسع مرات أی3 3x.
والذین عقروا ناقته تسعة قال تعالى عنهم: "وکان فی المدینة تسعة رهط یفسدون فی الأرض ولا یصلحون" (النمل،48) ولما عقروها رغا فصیلها ثلاث مرات حسب ما ورد فی قصته. وعند ذلک أنذر صالح قومه بحلول العذاب.
وأخر الله قومه ثلاثة أیام تلونت خلالها ألوانهم بثلاثة ألوان...
والثلاثة مفتاح الإیجاد والتکوین والتولید وهی أول الأفراد کما أکده الشیخ فی الکثیر من نصوصه. فلهذا کانت حکمة هذا الفص فتوحیة.
وخص الله صالحا بفتح الجبل عن الناقة آیة له ففتحت الإیمان فی قلوب من آمن به کما فتحت الطغیان فی صدور من کفر به فهذه ثلاثة فتوحات...
وفی فاتحة الکتاب بیان للطرق الثلاثة التی تجمع کل الشعب الأخرى وهی:
صراط المنعم علیهم،
وصراط المغضوب علیهم،
وصراط الضالین...
ولهذه الثلاثیة خصص الشیخ کلامه فی کل الفص الذی له علاقة وطیدة بالفص السابق واللاحق.
أی فصی هود وشعیب علیهما السلام:
ففی فص هود تکلم الشیخ عن صراط الرب المستقیم الأخذ بناصیة کل دابة.
وفی بدایة هذا النص تکلم عن کثرة الطرق وتنوعها واختلاف أصحابها من الرکائب والنجائب.
وفی فص شعیب تکلم على نشعب هذه الطرق إلى مالا یتناهی من العقائد والأنفاس الظاهرة بالخلق المتجدد من شؤون التجلیات التی لا تتکرر...
یقول الشیخ رضی الله عنه فی آخر الباب 463 من الفتوحات: "والفرد له ترکیب الأعداد من أحد عشر إلى مالا نهایة له".
وعدد هذه المرتبة أی 11 هو أنسب الأعداد المقام الأفراد الذین خصص الشیخ لهم الأبواب الثلاثة " 32 / 31 / 30 " من الفتوحات وسماهم: الأقطاب الرکبان ولهم آیات الرکائب.
ففتح الشیخ هذا الفص بذکرهم قائلا: (من الآیات آیات الرکائب) الى قوله: (وکل منهم یأتیه منه فتوح غیوبه من کل جانب) ومفتاح الغیب له الاسم: "هو" الذی عدده 11.
یقول الشیخ عنهم ما ملخصه: "الفرسان رکاب الخیل والرکبان رکاب الإبل. فالأفراس ترکبها جمیع الطوائف من عجم وعرب والهجن لا یستعملها إلا العرب أرباب الفصاحة والحماسة والکرم.
ولما کانت هذه الصفات غالبة على هذه الطائفة سمیناهم بالرکبان. فمنهم من رکب بحب الهمم، ومنهم من رکب بحب الأعمال.
فلذلک جعلناهم طبقتین أولى وثانیة وهؤلاء أصحاب الرکبان هم الأفراد فی هذه الطریقة.
لیس للقطب فیهم تصرف ولهم من الأعداد من الثلاثة إلى ما فوقها من الأفراد.
لیس لهم ولا لغیرهم فیما دون الفرد الأول الذی هو الثلاثة قدم فإن الأحدیة وهو الواحد لذات الحق.
والاثنان للمرتبة وهو توحید الألوهیة والثلاثة الأول وجود الکون عن الله.
فأول الأفراد الثلاثة وقد قال : (الثلاثة رکب) وهم من الحضرات الإلهیة الحضرة الفردانیة وفیها یتمیزون ومن الأسماء الإلیة الفرد" انتهى.
وفی کل هذا إشارات من الشیخ إلى أن أکثر الأفراد فی کل زمان هم من العرب لخصوصیات تمیزوا ما جعلت سید الوجود صلى الله علیه وعلى آله وسلم فیهم ومنهم وکذلک خاتم الأولیاء المحمدیین.
ولهذا نجد الشیخ فی الأبواب الأربعة من النصوص المخصوصة برسل العرب یتکلم عن الفردانیة أو الأحدیة فباب هود للحکمة الأحدیة. وباب صالح للفردانیة.
وہاب شعیب للحکمة القلبیة والقلب هو القطب الفرد.
وباب سیدنا محمد صلى الله علیه وعلى آله وسلم للحکمة الفردیة حیث أعاد الکلام عن التثلیث المحمدی.
ولاکابر الأفراد مقام القربة فی هذه الأمة أو النبوة المطلقة بلا تشریع فی الأمم السابقة کخالد النبی العربی بحکمته الصمدیة والصمد أخ للفرد الأحد.
ولهم الستر لأفهم أهل أسرار والغالب على غرهم الظهور لأنهم أهل أنوار ...
ولهذا لم یظهر فی العرب مدة نحو 25 قرنا بین إسماعیل وسیدنا محمد علیهما الصلاة والسلام إلا خالد مع أن الکثیر منهم کانوا أفرادا مقربین خلافا لبنی إسرائیل الذین کثر عندهم الأنبیاء والرسل الظاهرون بمعجزاتهم.
وإلى هذه الفردانیة العربیة وأسرار أهلها یشیر الشیخ فی کتابه "أیام الشأن" فیقول: (فکان حساب العجم تقدم النهار على اللیل وزمانهم شمسی فآیات بین إسرائیل ظاهرة وکانت فیهم العجائب.
وکان حساب عامة العرب بتقدیم اللیل على النهار وزمانهم قمری فآیتهم ممحوة من ظواهر هم مصروفة إلى بواطنهم.
واختصوا من بین سائر الأمم بالتجلیات، ونبل فیهم "کتبها فی قلوهم" فی مقابلة قوله "فانسلخ منها" فالصدق النا.
ولما کان فی الخضر قوة عربیة للحوقه بنا لهذا ما عثر صاحبه على السر الذی منه حکم بما حکم) انتهى.
والخضر من رؤوس الأفراد. ومعلوم أن غالبیة أقطاب الأمة المحمدیة من العرب عموما ومن آل البیت الشریف فی أکثر الأحیان ویقول الشیخ فی الفصل 13 من الباب 198 خلال رؤیا رآها:
(فسمعت بعض الناس یقولون: لو کان الإیمان بالثریا لنالته رجال من فارس.
فقلت: ولو کان العلم بالثریا لناله العرب. والإیمان تقلید. فکم بین عالم وبین من یقلد عالما فقالوا: صدق.
فالعربی له العلم والإیمان والعجم مشهود لهم بالإیمان خاصة فی دین الله).
ولمکانة هؤلاء الرسل العرب الأربعة نجد الشیخ فی الباب 463 یصف شؤون الاثنی عشر قطبا الذین علیهم مدار العالم، کل قطب على قلب نی و الثلاثة الأخیرون منهم.
وهم العاشر والحادی عشر والثانی عشر على قدم هود وصالح وشعیب فترتیبهم هناک متفق مع ترتیبهم فی الفصوص.
ویقول أن أشرف أولئک الاثنی عشر هو الذی على قلب صالح وله سورة "طه"... ویقول: (وأما المفردون فکثیرون والختمان منهم)... (فمنهم من هو على قلب محمد صلى الله علیه وسلم ) ...
ثم إن لترتیبهم المذکور علاقة مع الشهور القمریة فقد قال الشیخ فی الباب 12 من الفتوحات: (وفی الأنبیاء من الزمان أربعة حرم: هود وصالح وشعیب سلام الله علیهم ومحمد صلى الله علیه وسلم وعینها من الزمان ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) انتهى.
فأفضلهم رجب الشهر السابع هو لسیدنا محمد صلى الله علیه وسلم حیث قیل أن معراجه وقع له فی السابع والعشرین منه.
ویلیه فی التفضیل ذوالحجة وهو الثانی عشر ثم ذو القعدة وهو الحادی عشر ثم محرم وهو الأول.
ومن خصوصیا تم أیضا أن أربعة من أولیاء عالم الأنفاس اجتمع فیهم عبادة العالم هم على أقدامهم فی کل زمان بصفهم الشیخ فی الباب 73 .
فیقول: (ومنهم رضی الله عنهم أربعة أنفس فی کل زمان لا یزیدون ولا ینقصون آیتهم من کتاب الله تعالى: " الله الذی خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن یتنزل الأمر بینهن " (الطلاق، 12) .
وآیتهم أیضا فی سورة تبارک الملک، الآیة 3: "الذی خلق سبع سماوات طباقا ما ترى فی خلق الرحمن من تفاوت هم رجال الهیبة والجلال.
کأنما الطیر منهم فوق أرؤسهم لا خوف ظلم ولکن خوف إجلال وهم الذین یمدون الأوتاد.
الغالب على أحوالهم الروحانیة قلوبهم سماویة بجهو لون فی الأرض معروفون فی السماء.
الواحد من هؤلاء الأربعة هو ممن استثنى الله تعالى فی قوله: " ونفخ فی الصور فصعق من فی السماوات ومن فی الأرض إلا من شاء الله" (الزمر، 68) .
و الثانی له العلم بما لا یتناهی وهو مقام عزیز بعلم التفصیل فی المحمل وعندنا لیس فی علمه بحمل.
والثالث له الهمة الفعالة فی الإیجاد ولکن لا یوجد عنه شیء.
والرابع توجد عنه الأشیاء ولیس له إرادة فیها ولا مهمة متعلقة بها.
أطبق العالم الأعلى على علو مراتبهم.
أحدهم على قلب محمد صلى الله علیه وسلم
والآخر على قلب شعیب علیه السلام .
والثالث على قلب صالح علیه السلام
والرابع على قلب هود علیه السلام .
ینظر إلى أحدهم من الملأ الأعلى عزرائیل وإلى الآخر جبریل وإلى الأخر میکائیل وإلى الآخر إسرافیل.
أحدهم یعبد الله من حیث نسبة العماء إلیه
والثانی یعبد الله من حیث نسبة العرش إلیه
والثالث یعبد الله من حیث نسبة السماء إلیه
و الرابع یعبد الله من حیث نسبة الأرض إلیه.
فقد اجتمع فی هؤلاء الأربعة عبادة العالم کلها شأنهم عجیب وأمرهم غریب مالقیت فیمن لقیت مثلهم) انتهى.
ومن الاتفاق أن أعداد تکرار أسماء الأربعة فی القرآن کلها فردیة:
تکرر اسم صالح 9 مرات ، وهود 7 مرات ، وشعیب 11 مرة
مجموع هذه الثلاثة: 27 ، وتکرر الإسمان محمد وأحمد معا: 5 مرات وهو عدد الحفظ الفردی الحافظ لنفسه ولغیره حسبما ذکره الشیخ فی عدة مواضع فبذکره صلى الله علیه وعلى آله وسلم حفظ الجمیع...
من ناحیة أخرى، المنازل الفلکیة لهؤلاء الرسل الثلاثة هود صالح شعیب تشترک فی وجودها ببرج الأسد الذی لملکه صفة الکرم وهی من أشهر صفات العرب وتعلوه هیبة و جلال وهو الإقلید .
وبطالعه أوجد الله الآخرة بعد أن أوجد الدنیا بطالع السرطان فتأخرت الآخرة عن الدنیا تسعة آلاف سنة.
وبرج الأسد برج ثابت حار یابس وبطالعه أیضا خلق الله الجنة المحسوسة حسب ما ذکره الشیخ فی "عقلة المستوفز". وفی البابین 7 و65 من الفتوحات.
وأخیرا فإن حرف هذا الفص هو الیاء. وأهم میزة له هو أنه حرف الکسر والخفض فهو أنسب الحروف لرکن التراب أسفل الأرکان الذی له طبع هذه السماء الأولى الیابسة الباردة و کوکبها زحل ترابی وهذا الطبع تمیزت عن بقیة السماوات.
ولعلاقة الیاء بالثری الترابی یعرفه الشیخ فی الباب الثانی من الفتوحات بقوله:
یاء الرسالة حرف فی الثرى ظهرا ….. کالواو فی العالم العلوی معتمرا
وفی ختام الفص مهد الشیخ للدخول فی فص شعیب الموالی فذکر صاحب الشهود الذی یقیم معاذیر الموجودات کلها وهو حال صاحب السماء السادسة التی لها الرتبة 12 الموالیة لکونها سماء اللین والرحمة والعفو.
وأعاد ذکر قاعدة أن العلم تابع للمعلوم إشارة للاسم العلیم المتوجه على إیجاد تلک السماء السادسة سماء العلم.
وختم بالمثل: "یداک أوکتا وفوک نفخ" مشیرا بالنفخ إلى الهواء الذی له طبع هذه السماء السادسة . وطبع الأولى والثالثة طبع الماء وللرابعة والخامسة طبع النار،
وللثانیة امتزاج کل الطبائع.
11: سورة فص صالح علیه السلام
و هی "قریش" والاسم الإلهی الوحید الظاهر فیها هو "الرب" وهو الاسم الممد لمرتبة هنا الفص أی السماء السابعة کما سبق بیانه.
والبیت المعمور فیها مناسب للکعبة بیت الرب فی أم القرى بلد قریش.
وأهلها هم أصحاب الرکائب - أی الإبل - المذکورون فی البیت الأول من الفص.
وأکد الشیخ فی هذا الباب على مرتبة الثلاثة والترکیب والجمع وذلک مناسب للألفة من" لإیلاف قریش " (فریش، 1) والقرش فی اللغة هو الجمع.
ولهذا نجد الشیخ فی الوصل التاسع من الباب "369" وهو الوصل المخصوص بسورة "قریش" یبدؤه بقوله: "قال تعالى: " والتفت الساق بالساق " (القیامة، و02) فهو التفاف لا ینحل... "أی کالتفاف ساق اللام بساق الألف من لام ألف فی "إیلاف" أو کالتفاف المقدمتین أو الزوجین فی النکاح لإظهار النتیجة.
ولهذا أیضا یبدا الباب "278" المخصوص بمنزل "قریش" بقوله: "لا یتآلف اثنان إلا لمناسبة بینهما فمترک الألفة هی النسبة الجامعة بین الحق والخلق وهی الصورة التی خلق علیها الإنسان".
ولهذا کان حرف "لا" من رموز الإنسان الکامل لجمعه بین ألف الحق ولام الحلق... وإلى هذا الجمع - أو القرش - أو الائتلاف - یشیر الشیخ فی فقرة من الباب "559 مرجعها للباب 278" أی لسورة قریش" عنوانها: " التالف من التصرف"
فیقول: "ما ثم إلا ما سمعت فلا یغرنک کونک جمعت" ویفتتح بابها "278 فتوحات" هذه الألفة قائلا:
منزل الألفة لا یدخله ….. غیر موجود على صورته
فتراه عندما تبصره …… نازلا فیه على صورته
علاقة هذا الفص بلاحقه
ختم الشیخ هذا الفص بقاعدته : "العلم تابع للمعلوم"، کمقدمة لفص "شعیب" التالی والحاکم علیه الاسم "العلیم" من آیة سورته "التکاثر": "کلا سوف تعلمون ثم کلا سوف تعلمون کلا لو تعلمون علم الیقین ".
وتکرر الیقین فی "التکاثر" مرتین: علم الیقین وعین الیقین.
وهو ما أشار إلیه فی أواخر هذا الفص الصالحی بقوله: "فمن فهم هذه الحکمة وقررها فی نفسه: "فهذا هو علم الیقین" .
ثم قال: " وجعلها مشهودة له: وهذا هو عین الیقین".
ثم إن "تکاثر" قص شعیب ینتج من أم الکثرة أی ثلاثیة "قریش" سورة فص صالح لأن القرش هو الجمع، وهو أصل التکاثر کما أن القرآن أصل للفرقان کما سبق ذکره فی فص نوح.
وختم الشیخ الفص بکلمة: "وفوک نفخ" ومن النفخ تتکاثر الکلمات الصادرة من المراتب الثلاثة لمخارجها: "الصدر، والحلق، والفم" إلى أن تنتهی بالسکوت عند قول الشیخ فی فص شعیب: "ونفخ فی غیر ضرم" .