عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الخامس عشر :

 

نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشیخ عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:

13 - فص حکمة ملکیة فی کلمة لوطیة

قال الشیخ رضی الله عنه :  (قال الله تعالى " الَّذِی خَلَقَکُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً " [الروم: 54].

فالضعف الأول بلا خلاف ضعف المزاج فی العموم والخصوص.

والقوة التی بعد قوة المزاج. وینضاف إلیه فی الخصوص قوة الحال.

والضعف الثانی ضعف المزاج وینضاف إلیه فی الخصوص ضعف المعرفة أی المعرفة بالله.

بضعفه حتى یلصقه بالتراب فلا یقدر على شیء فیصیر فی نفسه عند )


قال رضی الله عنه :  «الملک» بفتح المیم و سکون اللام هو الشدّة و القوّة التامّة. و إنّما قرن الشیخ قدّس الله روحه هذه الحکمة بالصفة الملکیة مراعاة للأمر الغالب على حال لوط و أمّته و ما عامل الحقّ به قومه من شدّة العقوبة فی مقابلة الشدّة التی قاساها لوط منهم، حتّى نطق لسان حاله معهم بقوله، «لَوْ أَنَّ لِی بِکُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلى‏ رُکْنٍ شَدِیدٍ

قال الله تعالى، «الله الَّذِی خَلَقَکُمْ من ضَعْفٍ»، أی أساس أمرکم و ما علیه جبلّتکم و بنیتکم الضعف- الذی هو عدم القوّة" یَاأَیُّهَا النَّاسُ إِنْ کُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَیْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَیِّنَ لَکُمْ وَنُقِرُّ فِی الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُکُمْ طِفْلًا ». [الحج : 5]

«ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً» [الروم : 54] حیث بلغتم وقت الاحتلام و الشبیبة و تلک حال القوّة إلى الاکتهال و بلوغ الأشدّ. «ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَیْبَةً» [الروم : 54]، أی رددتم إلى أصل حالکم- و هو الضعف- بالشیخوخة و الهرم.


قال رضی الله عنه :  (فالضعف الأول بلا خلاف ضعف المزاج)  فی فهم أرباب (العموم و الخصوص) جمیعا.

(و القوة التی بعده) ، أی بعد الضعف الأوّل، (قوة المزاج) بحسب مفهومها الظاهر عندهم جمیعا، و ینضاف الیه، أی إلى مفهومها الظاهر، فی فهم أرباب الخصوص قوة الحال، و هی التی تقتضی التصرّف و التأثیر فی العالم بالهمّة.

(و الضعف الثانی ضعف المزاج) بموجب مفهومه الظاهر عند الجمیع (و ینضاف الیه فی) فهم أرباب (الخصوص ضعف المعرفة)، أی ضعف حصل بسبب المعرفة، (أی المعرفة باللَّه، تضعفه) و تخرجه عن قوّته العرضیة و تردّه إلى ضعفه الأصلی،


قال الشیخ رضی الله عنه :  ( نفسه کالصغیر الرضیع عند أمه ولذلک قال لوط: " أَوْ آوِی إِلَى رُکْنٍ شَدِیدٍ " [هود: 80]. یرید القبیلة.

ویقول رسول الله صلى الله علیه وسلم: " رحم الله لوطاً، کان یآوی إلى رکنٍ شدید ". یرید صلى الله علیه وسلم  ضعف المعرفة.

فالرکن الشدید هو الحق سبحانه )


قال رضی الله عنه :  (حتى تلصقه بالتراب) الذی هو أصله- و تلحقه به.

فیرجع إلى ضعفه الأوّل، فلا یقدر على شی‏ء بالتصرّف و التأثیر بقوّة الهمّة.

(فیصیر فی نفسه)، أی فی حدّ ذاته مع قطع النظر عن ظهور الصفات الإلهیة فیه، عند نفسه، أی فی نظره و اعتقاده، کالصغیر عند أمه الرضیع، أی کالطفل الصغیر الرضیع عند أمه فکما أنّه لا یرى لنفسه قوّة و لا قدرة و یکل أمره بالکلیة إلى أمّه التی ترضعه و تربّیه، فکذلک العارف بالنسبة إلى الوجود الحق الرب المطلق


و للشیخ الکامل العارف مؤیّد الدین الجندی رحمه الله هاهنا کلام، لخصه بعضهم بهذه العبارات: «و الوجه الثانی- و هو شهود أحدیة المتصرّف و المتصرّف فیه- کما یمنع من التصرّف، فقد یقتضی التصرّف، لأنّه واقع فی نفس الأمر، إذ لیس فی الوجود إلّا الحق وحده، و التصرّف واقع.

فلو تصرّف العارف بالأحدیة المذکورة، ما کان ذلک التصرّف إلّا للحق سبحانه و لا سیّما العبد الکامل: فانّه هو الذی له جمیع ما للربّ من الحقائق الأسمائیة الإلهیة و ما للعبد من الصفات العبدانیة بأحدیة العین، و إلّا لم یکن کاملا. لکن لا یکون بإرسال الهمّة و تسلیطها لئلّا یخلّ بمقام العبودیة، بل باظهار الحق ذلک منه و ظهوره تعالى على مظهره بالتصرّف من غیر تقیّد منه بذلک و لا إرسال همّة و لا تسلیط نفس و لا ظهور به. فالمانع بالحقیقة هو الوقوف فی مقام العبودیة الذاتیة له و ردّ أمانة الربوبیة العرضیة إلى الله تأدّبا بآداب أهل القرب. 

فلا یتصدّى للتصرّف و التسخیر، و یتوجّه بالکلیة إلى الله الواحد الأحد المتفرّد بالتقدیر و التدبیر".

 

قال رضی الله عنه :

(و لذلک)، أی للضعف الحاصل بسبب المعرفة باللَّه و عدم الاقتدار على شی‏ء بالتصرّف فیه، (قال لوط علیه السلام)، «لَوْ أَنَّ لِی بِکُمْ قُوَّةً»، أی لیت لی بکم قوّة من الهمّة القویة أقاومکم بها و أقاویکم، "أَوْ آوِی"، أی ألتجئ، «إِلى‏ رُکْنٍ شَدِیدٍ»، یرید لوط علیه السلام بـ "الرکن الشدید" بحسب الظاهر القبیلة القویة الغالبة على أعدائها.

و یقول رسول الله صلّى الله علیه و سلّم مشیرا إلى ما أراده لوط علیه السلام بـ "الرکن الشدید" بحسب الباطن، «رحم الله أخى لوطا، لقد کان یأوی الى رکن شدید».

یرید صلّى الله علیه و سلّم «ضعف المعرفة»، أی یشیر بهذا الکلام

 

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( مدبره ومربیه.)

إلى ضعفه الحاصل له بسبب معرفته باللَّه حیث تعطّف علیه أوّلا بالدعاء له بالرحمة فانّ ذلک ینبئ عن ضعفه و عجزه علیه السلام.

و نسبه ثانیا إلى نفسه بالأخوّة المشعرة بمشارکته إیّاه فی هذا الضعف الظاهر تحقّقه صلّى الله علیه و سلّم به. فـ «الرکن الشدید» الذی‏ التجأ إلیه لوط علیه السلام بحسب الباطن هو الحق سبحانه مدبره الذی یدبّر أمره بمقتضى علمه و حکمته و مربیه الذی یربّیه بموجب لطفه و رحمته.


و الله الموفّق