الفقرة الأولی:
متن فصوص الحکم الشیخ الأکبر محمد ابن العربی الطائی الحاتمی 638 هـ :
اعلم أن القضاء حکم الله فی الأشیاء، وحکم الله فی الأشیاء على حد علمه بها وفیها.
وعلم الله فی الأشیاء على ما أعطته المعلومات مما هی علیه فی نفسها.
والقدر توقیت ما هی علیه الأشیاء فی عینها من غیر مزید. فما حکم القضاء على الأشیاء إلا بها.
وهذا هو عین سر القدر «لمن کان له قلب أو ألقى السمع وهو شهید». «فلله الحجة البالغة».
فالحاکم فی التحقیق تابع لعین المسألة التی یحکم فیها بما تقتضیه ذاتها.
فالمحکوم علیه بما هو فیه حاکم على الحاکم أن یحکم علیه بذلک.
فکل حاکم محکوم علیه بما حکم به وفیه: کان الحاکم من کان.
فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره، فلم یعرف وکثر فیه الطلب والإلحاح. واعلم أن الرسل صلوات الله علیهم من حیث هم رسل لا من حیث هم أولیاء وعارفون على مراتب ما هی علیه أممهم.
فما عندهم من العلم الذی أرسلوا به إلا قدر ما تحتاج إلیه أمة ذلک الرسول: لا زائد ولا ناقص.
والأمم متفاضلة یزید بعضها على بعض.
فتتفاضل الرسل فی علم الإرسال بتفاضل أممها، وهو قوله تعالى «تلک الرسل فضلنا بعضهم على بعض» کما هم أیضا فیما یرجع إلى ذواتهم علیهم السلام من العلوم والأحکام متفاضلون بحسب استعداداتهم، وهو قوله «ولقد فضلنا بعض النبیین على بعض».
وقال تعالى فی حق الخلق «والله فضل بعضکم على بعض فی الرزق».
والرزق منه ما هو روحانی کالعلوم، وحسی کالأغذیة، وما ینزله الحق إلا بقدر معلوم، وهو الاستحقاق الذی یطلبه الخلق: فإن الله «أعطى کل شیء خلقه» فینزل بقدر ما یشاء، وما یشاء إلا ما علم فحکم به.
وما علم کما قلناه إلا بما أعطاه المعلوم.
فالتوقیت فی الأصل للمعلوم، والقضاء والعلم والإرادة والمشیئة تبع للقدر.
فسر القدر من أجل العلوم، وما یفهمه الله تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة. فالعلم به یعطی الراحة الکلیة للعالم به، ویعطی العذاب الألیم للعالم به أیضا.
فهو یعطی النقیضین.
وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا، وبه تقابلت الأسماء الإلهیة.
فحقیقته تحکم فی الوجود المطلق والوجود المقید، لا یمکن أن یکون شیء أتم منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حکمها المتعدی وغیر المتعدی.
ولما کانت الأنبیاء صلوات الله علیهم لا تأخذ علومها إلا من الوحی الخاص الإلهی، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلی لعلمهم بقصور العقل من حیث نظره الفکری، عن إدراک الأمور على ما هی علیه.
والإخبار أیضا یقصر عن إدراک ما لا ینال إلا بالذوق.
فلم یبق العلم الکامل إلا فی التجلی الإلهی وما یکشف الحق عن أعین البصائر والأبصار من الأغطیة فتدرک الأمور قدیمها وحدیثها، وعدمها ووجودها، ومحالها وواجبها وجائزها على ما هی علیه فی حقائقها وأعیانها.
فلما کان مطلب العزیر على الطریقة الخاصة، لذلک وقع العتب علیه کما ورد فی الخبر.
فلو طلب الکشف الذی ذکرناه ربما کان لا یقع علیه عتب فی ذلک.
والدلیل على سذاجة قلبه قوله فی بعض الوجوه «أنى یحیی هذه الله بعد موتها».
وأما عندنا فصورته علیه السلام فی قوله هذا کصورة إبراهیم علیه السلام فی قوله «رب أرنی کیف تحی الموتى».
ویقتضی ذلک الجواب بالفعل الذی أظهره الحق فیه فی قوله تعالى «فأماته الله مائة عام ثم بعثه» فقال له «وانظر إلى العظام کیف ننشزها ثم نکسوها لحما» فعاین کیف تنبت الأجسام معاینة تحقیق، فأراه الکیفیة.
فسأل عن القدر الذی لا یدرک إلا بالکشف للأشیاء فی حال ثبوتها فی عدمها، فما أعطی ذلک فإن ذلک من خصائص الاطلاع الإلهی، فمن المحال أن یعلمه إلا هو فإنها المفاتح الأول، أعنی مفاتح الغیب التی لا یعلمها إلا هو.
وقد یطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلک.
واعلم أنها لا تسمى مفاتح إلا فی حال الفتح، وحال الفتح هو حال تعلق التکوین بالأشیاء، أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغیر الله فی ذلک.
فلا یقع فیها تجل ولا کشف، إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصة، إذ له الوجود المطلق الذی لا یتقید.
فلما رأینا عتب الحق له علیه السلام فی سؤاله فی القدر علمنا أنه طلب هذا الاطلاع، فطلب أن یکون له قدرة تتعلق بالمقدور، وما یقتضی ذلک إلا من له الوجود المطلق.
فطلب ما لا یمکن وجوده فی الخلق ذوقا، فإن الکیفیات لا تدرک إلا بالأذواق.
وأما ما رویناه مما أوحى الله به إلیه لئن لم تنته لأمحون اسمک من دیوان النبوة، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التجلی، والتجلی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی، فتعلم أنک ما أدرکت إلا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت، فإذا لم تره تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه وأن ذلک من خصائص الذات الإلهیة، وقد علمت أن الله أعطى کل شیء خلقه: ولم یعطک هذا الاستعداد الخاص، فما هو خلقک، ولو کان خلقک لأعطاکه الحق الذی أخبر أنه «أعطى کل شی ء خلقه».
فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی.
وهذه عنایة من الله بالعزیر علیه السلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله.
واعلم أن الولایة هی الفلک المحیط العام، ولهذا لم تنقطع، ولها الإنباء العام.
وأما نبوة التشریع والرسالة فمنقطعة.
وفی محمد صلى الله علیه وسلم قد انقطعت، فلا نبی بعده: یعنی مشرعا أو مشرعا له، ولا رسول وهو المشرع.
وهذا الحدیث قصم ظهور أولیاء الله لأنه یتضمن انقطاع ذوق العبودیة الکاملة التامة.
فلا ینطلق علیه اسمها الخاص بها فإن العبد یرید ألا یشارک سیده- وهو الله فی اسم، والله لم یتسم بنبی ولا رسول، وتسمى بالولی واتصف بهذا الاسم فقال «الله ولی الذین آمنوا»: وقال «هو الولی الحمید».
وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنیا وآخرة. فلم یبق اسم یختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة: إلا أن الله لطف بعباده، فأبقى لهم النبوة العامة التی لا تشریع فیها، وأبقى لهم التشریع فی الاجتهاد فی ثبوت الأحکام، وأبقى لهم الوراثة فی التشریع فقال «العلماء ورثة الأنبیاء».
وما ثم میراث فی ذلک إلا فیما اجتهدوا فیه من الأحکام فشرعوه.
فإذا رأیت النبی یتکلم بکلام خارج عن التشریع فمن حیث هو ولی وعارف، ولهذا، مقامه من حیث هو عالم أتم وأکمل من حیث هو رسول أو ذو تشریع وشرع.
فإذا سمعت أحدا من أهل الله یقول أو ینقل إلیک عنه أنه قال الولایة أعلى من النبوة، فلیس یرید ذلک القائل إلا ما ذکرناه.
أو یقول إن الولی فوق النبی والرسول، فإنه یعنی بذلک فی شخص واحد: وهو أن الرسول علیه السلام من حیث هو ولی أتم من حیث هو نبی رسول، لا أن الولی التابع له أعلى منه، فإن التابع لا یدرک المتبوع أبدا فیما هو تابع له فیه، إذ لو أدرکه لم یکن تابعا له فافهم.
فمرجع الرسول والنبی المشرع إلى الولایة والعلم.
ألا ترى الله تعالى قد أمره بطلب الزیادة من العلم لا من غیره فقال له آمرا «وقل رب زدنی علما».
وذلک أنک تعلم أن الشرع تکلیف بأعمال مخصوصة أو نهی عن أفعال مخصوصة ومحلها هذه الدار فهی منقطعة، والولایة لیست کذلک إذ لو انقطعت لانقطعت من حیث هی کما انقطعت الرسالة من حیث هی.
وإذا انقطعت من حیث هی لم یبق لها اسم.
والولی اسم باق لله تعالى، فهو لعبیده تخلقا وتحققا وتعلقا.
فقوله للعزیر لئن لم تنته عن السؤال عن ماهیة القدر لأمحون اسمک من دیوان النبوة فیأتیک الأمر على الکشف بالتجلی ویزول عنک اسم النبی والرسول، وتبقى له ولایته.
إلا أنه لما دلت قرینة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعید علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنه وعید بانقطاع خصوص بعض مراتب الولایة فی هذه الدار، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة فی الولایة على بعض ما تحوی علیه الولایة من المراتب.
فیعلم أنه أعلى من الولی الذی لا نبوة تشریع عنده ولا رسالة.
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضیها أیضا مرتبة النبوة، یثبت عنده أن هذا وعد لا وعید.
فإن سؤاله علیه السلام مقبول إذ النبی هو الولی الخاص.
ویعرف بقرینة الحال أن النبی من حیث له فی الولایة هذا الاختصاص محال أن یقدم على ما یعلم أن الله یکرهه منه، أو یقدم على ما یعلم أن حصوله محال.
فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت عنده، أخرج هذا الخطاب الإلهی عنده فی قوله «لأمحون اسمک من دیوان النبوة» مخرج الوعد، وصار خبرا یدل على علو رتبة باقیة، وهی المرتبة الباقیة على الأنبیاء والرسل فی الدار الآخرة التی لیست بمحل لشرع یکون علیه أحد من خلق الله فی جنة ولا نار بعد دخول الناس فیهما.
وإنما قیدناه بالدخول فی الدارین الجنة والنار لما شرع یوم القیامة لأصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانین، فیحشر هؤلاء فی صعید واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجریمة والثواب العملی فی أصحاب الجنة.
فإذا حشروا فی صعید واحد بمعزل عن الناس بعث فیهم نبی من أفضلهم وتمثل لهم نار یأتی بها هذا النبی المبعوث فی ذلک الیوم فیقول لهم أنا رسول الحق إلیکم، فیقع عندهم التصدیق به ویقع التکذیب عند بعضهم.
ویقول لهم اقتحموا هذه النار بأنفسکم، فمن أطاعنی نجا ودخل الجنة، ومن عصانی وخالف أمری هلک وکان من أهل النار.
فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فیها سعد ونال الثواب العملی ووجد تلک النار بردا وسلاما.
ومن عصاه استحق العقوبة فدخل النار ونزل فیها بعمله المخالف لیقوم العدل من الله فی عباده.
وکذلک قوله تعالى «یوم یکشف عن ساق» أی أمر عظیم من أمور الآخرة، «ویدعون إلى السجود» وهذا تکلیف وتشریع.
فمنهم من یستطیع ومنهم من لا یستطیع، وهم الذین قال الله فیهم «ویدعون إلى السجود فلا یستطیعون» کما لم یستطع فی الدنیا امتثال أمر الله بعض العباد کأبی جهل وغیره.
فهذا قدر ما یبقى من الشرع فی الآخرة یوم القیامة قبل دخول الجنة والنار، فلهذا قیدناه.
والحمد لله.
متن نقش فصوص الحکم للشیخ الأکبر محمد ابن العربی الطائی الحاتمی 638 هـ :
14 - نقش فص حکمة قدریة فی کلمة عزیریة
لله الحجة البالغة على خلقه. لأنهم المعلومون.
والمعلوم یعطی العالم ما هو علیه فی نفسه. وهو العلم.
ولا أثر للعلم فی المعلوم.
فما حکم على المعلوم إلا به.
واعلم أن کل رسولٍ نبی وکل نبیٍ ولیّ وکل رسولٍ ولی.
الفکوک فی اسرار مستندات حکم الفصوص صدر الدین القونوی 673 هـ :
14 - فک ختم الفص العزیرى
1 / 14 - اعلم ان الحق لا یعین من نفسه شیئا لشیء اصلا ، صفة کان او فعلا او حالا او غیر ذلک ، لأنه امره واحد وامره الواحد عبارة عن التأثیر الوحدانى بافاضة الوجود الواحد المنبسط على الممکنات القابلة له والظاهرة به والمظهرة إیاه ، متعددا متنوعا مختلف الأحوال والصفات بحسب ما اقتضته حقائقها الغیر المجعولة المتعینة فی العلم الأزلی .
2 / 14 - فکان من مقتضى حقیقة عزیر علیه السلام واحکام لوازمها انبعاث رغبة منه نحو معرفة سر القدر وانتباه فکره فی القریة الخربة بصورة استبعاد اعادتها على ما کانت علیه . فأظهر الله له بواسطة فکره واستبعاده أنواعا من صور الاعادة وأنواعا من احکام القدرة التابعة للعلم ، التابع فی التعلق للمعلوم ، هذا وان کان الأکثرون یظنون ان القدرة تابعة الإرادة وان الإرادة تقتضی التخصیص ، والکشف المحقق یعطى ان الإرادة لیس لها الا تعین التخصیص الإلهی العلمی ، لا أنها مبدأ التخصیص ، کما ان العلم لا أثر له فی المعلوم ، بل المعلوم تعین تعلق العلم به على حسب ما هو المعلوم علیه فی نفسه من التعین والجزئیة لا غیر ، وهذه عمدة سر القدر .
3 / 14 - وقد زاد شیخنا رضى الله عنه بسطا فلا حاجة الى التصدی لاعادة الکلام فیه ، هذا وان کنت قد استوفیت الکلام علیه غیر مرة فی هذا الکتاب وغیره من تصانیفى وأتممت تقریره ، الحمد لله ، وسانبه الان على احکام القدرة فی انواع المعاد وما أظهره الله فی حال عزیر منها .
4 / 14 - فأقول : المعاد یقع على ضروب متعددة : احدها إعادة الصورة المرکبة من أجزاء ( 9 ) مخصوصة بعد افتراق تلک الاجزاء وجمعها وعلى نحو هیئتها الاولى واعدادها لاتصال روحها بها اتصال تدبیر مقوم لتلک الصورة ممکَّن إیاها من التصرف الذی یقتضیه استعدادها واستعداد الروح من حیثها فی جانب المنافع ودفع المضار الخصیصین بتلک الصورة وروحها .
5 / 14 - والى هذا النوع الإشارة بقوله تعالى : " أَیَحْسَبُ الإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَه ، بَلى قادِرِینَ عَلى أَنْ نُسَوِّیَ بَنانَه " [ القیامة / 3 و 4 ] ونحو ذلک مما أشار الیه الشریعة بان تلک الاجزاء محفوظة فی معادنها الى حین ورود الامر بعودها الى محل اجتماعها بالموجبات المقتضیة اجتماعها اولا ، لکن اجتماع الأول موقوف على تعیین الاجزاء من الکلیات ، وهذا الاجتماع تألیف من أجزاء موجودة متعینة .
ولذلک قال سبحانه : " هُوَ الَّذِی یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُه وهُوَ أَهْوَنُ عَلَیْه " [ الروم / 27 ] ان إعادة التألیف من أجزاء الموجودة المتعینة اهون من انشاء أجزاء هی مستهلکة الوجود فی الکلیات ثم الشروع فی تألیفها ، وهو قوله : " وهُوَ أَهْوَنُ عَلَیْه " ، انما بالنظر الى نفس القضیة من حیث هی ، لا بالنظر الى الحق سبحانه ، فإنه لا یصعب ولا یعتاص علیه شیء .
6 / 14 - والنوع الاخر من الاعادة وهو بطریق حراسة الصورة المرکبة من انفکاک اجزائها - مع مفارقة الروح لها - لعدم استعداد الصورة لقیام الحیاة بها ، المستلزمة لاقبال الروح على تدبیر تلک الصورة ، ومیل هذا الروح لکماله ، اکسب الصورة زمان تدبیره لها صفة من صفات البقاء الذی تقتضیه ذاته ، فان البقاء صفة ذاتیة للأرواح .
وایضا : فان اعراض الروح عن تدبیر الصورة التی فارقها وإقباله على مظهر آخر واستغراقه فیه حتى استلزم ذلک الاعراض انفکاک أجزاء تلک الصورة وتحللها ، انما ذلک لضعفه وعجزه عن الجمع بین الطرفین ، اعنى الجمع بین ملاحظة عالم الدنیا والعالم الذی انتقل الیه.
7 / 14 - اما امثال هذه الأرواح الکلیة المقدسة الکاملة - فإنها لا یشغلها شأن عن شأن ولا یحجبها عالم عن عالم ، لأنها لیست محبوسة فی البرزخ ، بل لها تمکن من الظهور فی هذا العالم متى شاءت .
فلم یعرض عن هذا العالم بکل وجه - : وقد تحققنا ذلک وشاهدناه ورأینا جماعة قد شاهدوا ذلک وکان شیخنا رضى الله عنه یجتمع بالنبی صلى الله علیه وسلم ومن شاء ممن هذه صفته من المنتقلین الى دار الآخرة متى شاء من لیل او نهار . وجربت ذلک غیر مرة .
8 / 14 - وهذا النوع هو الذی أشار الیه بقوله صلى الله علیه وسلم ، ان الله حرم على الأرض ان تأکل أجساد الأنبیاء ، وموجبه ما قلت من برکة مصاحبة الروح المقدس ذلک الجسد واکتسابه صفة من صفات بقائه ، مع عدم إعراضه عنه بالکلیة بعد مفارقته حالة تدبیره له .
فمثل هذا الجسد المحروس من الانفکاک متى أمد بقوة وامر بکسبه ضربا من الاعتدال ، اتصلت به الحیاة واستعد لعود اقبال الروح علیه بالتدبیر ، وهذا النوع من الاعادة کانت إعادة عزیر علیه السلام .
9 / 14 - والنوع الاخر من الاعادة هو ان الصورة المرکبة وان انفکت اجزائها وتحللت الاعراض اللازمة ، فان جواهرها محفوظة عند الله فی عالم من عوالمه یشهده اهل الکشف فی امر حامل لها ، هو المعبر بعجب الذّنب وهو نفس جسمیة تلک الصورة ، لکن من حیث قیام الروح الحیوانی وجمیع قواه المزاجی بذلک الجزء الجسمانی ، ومتى شاء الحق اعادتها ضم الى تلک القوى جواهر تلک الاجزاء الجسمانیة إعراضا ملائمة لها شبیهة بالاعراض المتقدمة التی کانت حاملة لها ، فالتأمت بها على نحو ما کانت علیه او على نحو ما یقتضیه الوقت والحال الحاضر ، وخاصیة هذا الاجتماع الثانی وما یتصل به من نتائج الصفات والأحوال الناتجة من الاجتماع الأول والتدبیر المتقدم ، ومن هذا القبیل کان إعادة حمار عزیر علیه السلام .
10 / 14 - ولهذا قال سبحانه : " وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ کَیْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَکْسُوها لَحْماً " [ البقرة / 259 ] فأظهر الله سبحانه وتعالى فی هذا المقام ثلاثة امور حاصرة لاقسام الحفظ :
احدها حفظ الصورة المعهودة عن سرعة تغیرها وعدم بقائها ، فحرسها عن التغیر وابقائها على ما کانت علیه ، وهذا شأن طعام عزیر وشرابه.
والصورة الثانیة حفظ صورته من التحلیل وانفکاک الاجزاء مع اعراض الروح المدبر لصورته - کما نبهت علیه من الموجبات المذکورة .
والصورة الثالثة حفظ جواهر صورة حماره ان تحللت اجزائها ثم انشاء اعراض آخر حاملة لتلک الجواهر شبیهة بالاعراض المتقدم ، وتم الامر وانحصرت الأقسام . فافهم .
هذا هو سر الحال العزیرى الذی لم ینبه الشیخ رضى الله عنه ، وما یتعلق بسر القدرة فقد ذکره .
کلمات و مصطلحات وردت فی فص حکمة قدریة فی کلمة عزیریة
1 - مصطلح القدر - الأقدار:-
فی اللغة :" قدر : قضاء الله تعالى ، کون الأشیاء محددة مدبرة فی الأزل بحیث تصبح ولا مناص من وقوعها ".
فی القرآن الکریم : وردت هذه اللفظة فی القرآن الکریم ( 7) مرات على اختلاف مشتقاتها ، منها فی قوله تعالى :] وکان أمر الله قدرا مقدورا ].
فی الاصطلاح الصوفی
یقول الإمام علی بن أبی طالب : "
[ القدر ] : هو طریق مظلم فلا تسلکوه ، وبحر عمیق فلا تلجوه ، وسر الله فرض الله ... لا تتکلفوه ".
یقول الإمام أبو حامد الغزالی :
" القدر : هو توجیه الأسباب الکلیة بحرکاتها المقدرة المحسوبة إلى مسبباتها المحدودة المعدودة بقدر معلوم لا یزید ولا ینقص ".
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
" القدر : هو توقیت ما هی علیه الأشیاء فی عینها من غیر مزید ".
وعلقت الدکتورة سعاد الحکیم على هذا النص قائلة :
" فی هذا التعریف إشارة إلى المشیئة والإذن . من حیث أن المشیئة هی ما علیه الأشیاء فی عینها ، والإذن هو التوقیت ".
یقول الشریف الجرجانی :
" القدر : هو خروج الممکنات من العدم إلى الوجود واحدا بعد واحد مطابق القضاء ، والقضاء فی الأزل والقدر لا یزال ".
ویقول : " القدر: تعلق الإرادة الذاتیة بالأشیاء فی أوقاتها الخالصة ، فتعلیق کل حال من أحوال الأعیان بزمان معین وسبب معین عبارة عن القدر ".
یقول الشیخ محمد بهاء الدین البیطار :
" القدر : هو مرتبة [ الخزائن الإلهیة ] من التعین ، کالناریة أو الحجریة أو الإنسانیة أو ما شاء الله من أشخاص صور الأشیاء ".
یقول الغوث الأعظم عبد القادر الجیلانی فی منازعة القدر :
" کل الرجال إذا ذکر القدر أمسکوا إلا أنا فتح لی فیه روزنة ، فدخلت فنازعت أقدار الحق بالحق للحق ، فالرجل هو المنازع للقدر المذموم لا الموافق له ".
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی فی الفرق بین وقوع القدر ووقوع المقدور:
" القدر أثر الصفة ، والمقدور أثر الصورة ، وأثر الصفة فی الأفعال من القدرة ، وأثر الصورة فی الأشخاص من المشیئة ، ووقوع القدر من الله تعالى ، ووقوع المقدور من محمد بإذن الله تعالى ".
ویقول الشیخ أبو بکر الکلاباذی :
" قال بعض الکبراء : من لم یؤمن بالقدر فقد کفر ، ومن أحال المعاصی على الله فقد فجر ".
2 - مصطلح سر القدر:-
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
سر القدر : هو السر الذی أخفى الله تعالى علمه عن أکثر العالم ، وبه تتمیز الأشیاء وبه یتمیز الخالق من المخلوق والمحدث من القدیم .
یقول الشیخ کمال الدین القاشانی :
" سر القدر یشیرون به : إلى حکم الله تعالى فی الأشیاء وعلیها من هو بها ".
یقول الدکتور عبد المنعم الحفنی :
" سر القدر : هو ما علمه الله من کل عین فی الأزل مما انطبع فیها من أحوالها التی تظهر علیها وجودها ، فلا یحکم على شیء إلا بما علمه فی حال ثبوتها ".
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
" سر القدر غیر القدر ، وسره عین تحکمه فی الخلائق ، وأنه لا ینکشف لهم هذا السر حتى یکون الحق بصرهم ، فإذا کان بصرهم بصر الحق ، ونظروا للأشیاء ببصر الحق حینئذ انکشف لهم علم ما جهلوه ، إذ کان بصر الحق لا یخفى علیه شیء قال تعالى : " إن الله لا یخفى علیه شیء فی الأرض ولا فی السماء. هو الذی یصورکم فی الأرحام "، لکونها مظلمة تمدح بإدراک الأشیاء فیها کیف یشاء من أنواع الصور والتصویر .
لا إله إلا هو العزیز ، أی : المنیع الذی نسب لنفسه الصورة لا عن تصویر ولا تصور ، الحکیم بما تعطیه الاستعدادات المسواة لقبول الصور ، فیعین لها من الصور ما شاء مما قد علم أنها مناسبة له ".
یقول الشیخ کمال الدین القاشانی :
" سر القدر یشیرون به : إلى حکم الله تعالى فی الأشیاء وعلیها من هو بها ".
یقول الدکتور عبد المنعم الحفنی :
" سر القدر : هو ما علمه الله من کل عین فی الأزل مما انطبع فیها من أحوالها التی تظهر علیها وجودها ، فلا یحکم على شیء إلا بما علمه فی حال ثبوتها ".
یقول الغوث الأعظم عبد القادر الکیلانی عن التفکر بسر القدر:
" إبلیس لما أحال أمره إلى سر القدر کفر وطرد ، وآدم علیه وعلى نبینا أفضل الصلاة وأکمل السلام لما أضاف عصیانه إلى نفسه أفلح ورحم .
فالواجب على کل مسلم أن لا یتفکر فی سر القدر لئلا یتشوش علیه الأمر ویخاف علیه أن یقع فی الزندقة ... ولها سر عظیم لم یطلع علیه أحد من البشر سوى
المصطفى ".
یقول الشیخ أحمد سعد العقاد :
" سر القدر والتکلم فیه منهی عنه ، لأن العقول لا تصل إلى حقیقته ، لأن الله کتب کتابان :
الأول : کتاب الأحکام القدریة ، أخفاه عنا .
الثانی : الأحکام الشرعیة أبرزه لنا ، وکلفنا به ، وأخبرنا أن السعادة فی الوقوف عند أحکامه الشرعیة".
یقول الشیخ کمال الدین القاشانی عن مفتاح سر القدر:
" مفتاح سر القدر : یعنون به اختلاف استعدادات الممکنات الموجب لشرف بعضها على بعض ، حتى صار منها ما هو تام القبول أو ناقص ، وما هو موصوف بالسعادة أو الشقاوة ، وإن ذلک لم یوجبه الحق علیها من حیث هو وإنما ذلک لاستوائها بما هی علیه من اختلاف القبول بالکمال والنقص ، وفی ذلک إیضاح الحجة للحق على القوابل الناقصة والموصوفة بالشقاء ، فإن الذی للحق هو إظهارها بالتجلی الوجودی على نحو ما علمها ".
ویقول : " مفتاح سر القدر: هو اختلاف استعدادات الأعیان الممکنة فی الأزل"
3 - مصطلح علم الأسرار:-
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
" أما علوم الأحوال فمتوسطة بین علم الأسرار وعلم العقول ، وأکثر ما یؤمن بعلم الأحوال أهل التجارب ، وهو إلى علم الأسرار أقرب منه إلى العلم النظری العقلی"
و یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی :
" علم الأسرار : وهو العلم الذی فوق طور العقل ، وهو علم نفث روح القدس فی الروع ، یختص به النبی والولی ".
و یقول الشیخ الأکبر ابن العربی عن الفرق بین علم الأسرار والعلم النظری:
" کل علم إذا بسطته العبارة حسن وفهم معناه أو قارب وعذب عند السامع الفهم . فهو علم العقل النظری ، لأنه تحت إدراکه ومما یستقل به لو نظر ، إلا علم الأسرار ، فإنه إذا أخذته العبارة سمج واعتاص على الأفهام درکه وخشن ، وربما مجته العقول الضعیفة المتعصبة التی لم تتوفر لتصریف حقیقتها التی جعل الله فیها من النظر والبحث ".
قال الشیخ فی مقدمة الفتوحات عن علم الأسرار:
هو العلم الذی فوق طور العقل ، وهو علم نفث روح القدس فی الروع، یختص به النبی والولی ، والعالم بعلم الأسرار یعلم العلوم کلها ویستغرقها کلها ، ولا علم أشرف من هذا العلم المحیط الحاوی على جمیع المعلومات ، وما بقی إلا أن یکون المخبر به صادقا عند السامعین له معصوما.
قال الشیخ ابن العربی رضی الله عنه عن علم الأسرار:
العلوم على ثلاث مراتب:
(علم العقل) وهو کل علم یحصل لک ضرورة أو عقیب نظر فی دلیل بشرط العثور على وجه ذلک الدلیل وشبهه من جنسه فی عالم الفکر الذی یجمع ویختص بهذا الفن من العلوم ولهذا یقولون فی النظر منه صحیح ومنه فاسد.
(و العلم الثانی) علم الأحوال ولا سبیل إلیها إلا بالذوق فلا یقدر عاقل على أن یحدها ولا یقیم على معرفتها دلیلا کالعلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع والعشق والوجد والشوق وما شاکل هذا النوع من العلوم فهذه علوم من المحال أن یعلمها أحد إلا بأن یتصف بها ویذوقها وشبهها من جنسها فی أهل الذوق کمن یغلب على محل طعمه المرة الصفراء فیجد العسل مرا ولیس کذلک فإن الذی باشر محل الطعم إنما هو المرة الصفراء.
(و العلم الثالث) علوم الأسرار وهو العلم الذی فوق طور العقل وهو علم نفث روح القدس فی الروع یختص به النبی والولی .
وهو نوعان :
نوع منه یدرک بالعقل کالعلم الأول من هذه الأقسام لکن هذا العالم به لم یحصل له عن نظر ولکن مرتبة هذا العلم أعطت هذا.
والنوع الآخر على ضربین :
ضرب منه یلتحق بالعلم الثانی لکن حاله أشرف .
والضرب الآخر من علوم الأخبار وهی التی بدخلها الصدق والکذب إلا أن یکون المخبر به قد ثبت صدقه عند المخبر وعصمته فیما یخبر به.
ویقوله کإخبار الأنبیاء صلوات الله علیهم عن الله کإخبارهم بالجنة وما فیها
فقوله إن ثم جنة من علم الخبر .
وقوله فی القیامة إن فیها حوضا أحلى من العسل من علم الأحوال وهو علم الذوق وقوله کان الله ولا شیء معه
ومثله من علوم العقل المدرکة بالنظر فهذا الصنف الثالث الذی هو علم الأسرار العالم به یعلم العلوم کلها ویستغرقها ولیس صاحب تلک العلوم کذلک
فلا علم أشرف من هذا العلم المحیط الحاوی على جمیع المعلومات.
4 - مصطلح الغیب :-
یقول الشیخ أبو سعید الخراز: " الغیب : وهو ما أشهد الله تعالى القلوب من إثبات صفات الله وأسمائه وما وصف به نفسه وما أدى إلیهم الخبر ...إن کل شیء أشار إلیه المتحققون والواجدون والعارفون والموحدون وما عبروا عنه ، وما لم تسعه العبارة ولا یومی إلیه بالدلالة ولا یشار إلیه بالإشارة من اختلاف المعارف وتباین الأحوال والمقامات والأماکن وغیر ذلک مما شاهدوه ظاهرا وباطنا هو الغیب الذی وصفه الله تعالى بقوله : " الذین یؤمنون الغیب"
یقول الشیخ سهل بن عبد الله التستری :
الغیب : هو الله.
یقول الإمام القشیری :
" الغیب : هو ما لا یطلع علیه أحد ، ولیس علیه للخلق دلیل ، وهو الذی یستأثر بعلمه الحق ، وعلوم الخلق عنه قاصرة " .
ویقول : " الغیب : ما لا یعرف بالضرورة ولا یعرف بالقیاس من المعلومات .
ویقال : هو ما استأثر الحق بعلمه ولم یجعل لأحد إلیه سبیلا " .
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی:
" الغیب : کل ما ستره الحق عنک منک لا منه " .
ویقول : " الغیب : هو النور الساطع العام الذی به ظهر الوجود کله وماله فی عینه ظهور فهو الخزانة العامة التی خازنها منها " .
الغیب : هو روح العالم الکبیر الذی خرج عنه " .
یقول : " الغیب : هو ما لا یمکن أن یدرکه الحس لکن یعلم بالعقل أما بالدلیل القاطع وأما بالخبر الصادق ... والغیب مدرکه العلم عینه " .
ویقول : " الغیب : هو کل معدوم العین ظاهر الحکم والأثر ".
یقول الشیخ عبد الغنی النابلسی:
" الغیب : وهو ما غاب عن العقول البشریة وهو الله تعالى " .
یقول الشیخ أبو العباس التجانی :
"الغیب : هو إشارة إلى الفیض الأکبر الفائض من حضرة القدس الذی هو حضرة اللاهوت ، ویعبر عنه عند العارفین بالفتح " .
5 - مصطلح مفاتح الغیب :-
یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی:
" مفاتح الغیب : هی الاستعدادات من القوابل ... لأنه ما ثم إلا وهب مطلق عام وفیض جود ، ما ثم غیب فی نفس الأمر ولا شهود ، بل معلومات لا نهایة لها ، ومنها ما لها وجود ، ومنها ما لا وجود لها ، ومنها ما لها سببیة ، ومنها ما لا سببیة لها ، ومنها ما لها قبول الوجود ، ومنها ما لا قبول لها ، فثم مفتاح وفتح ومفتوح یظهر عند فتحه ما کان هذا المفتوح حجابا عنه . فالمفتاح استعدادک للتعلم وقبول العلم ، والفتح التعلیم ، والمفتوح الباب الذی کنت واقفا معه ".
فی أنواع مفاتح الغیب
یقول الشیخ عبد الکریم الجیلی :
" مفاتیح الغیوب نوعان : نوع حقی ونوع خلقی .
فالنوع الحقی : هو حقیقة الأسماء والصفات .
والنوع الخلقی : هو معرفة ترکیب الجوهر الفرد من الذات ، أعنی ذات الإنسان المقابل بوجوهه وجوه الرحمن ، والفکر أحد تلک الوجوه بلا ریب فهو مفتاح مفاتیح الغیب " .
یقول الشیخ أبو سعید الخراز :
" فتح علیه أولا أسباب التأدیب ، أدبه بالأمر والنهی ، ثم فتح علیه أسباب التهذیب وهی المشیئة والقدرة ، ثم أسباب التذویب .
وهو قوله تعالى : " لیس لک من الأمر شیء " ثم أسباب التغییب وهو قوله : "وتبتل إلیه تبتیلا". فهذه مفاتح الغیب التی فتحها "الله تعالى " لنبیه ".
ویقول الإمام جعفر الصادق علیه السلام:
" یفتح من القلوب الهدایة ، ومن الهموم الرعایة ، ومن اللسان الروایة ، ومن الجوارح السیاسة والدلالة ".
ویقول الشیخ أبو عبد الرحمن السلمی :
" قال بعضهم : یفتح لأهل الولایة ولایة وکرامة .
ولأهل السر سرا بعد سر .
ولأهل التمکین جذبا وتقریبا .
ولأهل الإهانة بعدا وتصریفا .
ولأهل السخط حجبا وتبعیدا ".
یقول الشیخ کمال الدین القاشانی :
" أشعة مفاتح الغیب : ویقال : أظلة مفاتح الغیب - ویشیرون بذلک إلى ظهور مفاتح الغیب - التی هی أصول الأسماء والصفات - فی أقصى مراتب الظهور " .
أو جمع مفتح بکسر المیم وهو المفتاح، اذن مفاتح - مفاتیح." وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ " .
نظر ابن عربی إلى الفتح نظرتین:
1 - نظرة " عرفانیة " لم یتخط بها أفق من سبقه من المتصوفین، وکانت بالتالی عباراته فیها مستمدة منهم: فتح حلاوة - فتح عبارة - فتح مکاشفة. . .
وهذا الفتح هو انسانی علمی انه: " فتح عرفان ".
2 - نظرة " ایجادیة "، تذکرنا بالتجلی الوجودی عنده ، وهی نظرة خاصة، شدیدة اللصوق بمذهبه فی التجلیات والفیوضات.
ولذلک جاءت عباراته فیها اصطلاحیة خاصة: المفاتح الأول - المفاتح الثوانی - مفاتح الأسباب .
وهذا الفتح هو إلهی إیجادی لا قدم لمخلوق فیه. انه: " فتح خلق وایجاد ".
یقول الشیخ ابن العربی عن الفتح الایجادی:
لقد استعمل ابن العربی صورة تمثیلیة قوامها: الفاتح - المفتاح - الفتح - المفتوح.
وذلک ضرب تشبیه لعملیة الخلق کما یصورها مذهبه فی التجلیات، وسنضع هنا تجاه کل رکن من أرکان الصورة التمثیلیة، مقابلها. لتظهر بالتالی قیمتها الرمزیة.
- الفاتح: اللّه دائما.
- المفتاح: یتغیر بتغیر المفتوح، ولا یفتح الا ما اختص به فقط (المفاتح الأول - المفاتح الثوانی - مفاتح الأسباب).
- الفتح: حرکة الهیة هی حرکة المفتاح عند الفتح. وهو حال تعلق التکوین بالأشیاء انه فعل الخلق. ومن هنا اختصاصه باللّه فقط" لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ".
- المفتوح: الغیب.
ولکن الغیب عبارة عن باب أو ستر لیس هو المقصود بالفتح بل المقصود ما وراءه ای المغیب. فالفتح یسعى إلى اظهار المغیب وان کان متعلق المفتاح هو الباب.
تقول د. سعاد الحکیم قال الشیخ ابن العربی:
(1) - " والممکنات کلها. . هی فی ظلمة الغیب فلا یعرف لها حالة وجود، ولکل ممکن منها مفتاح، ذلک المفتاح لا یعلمه الا اللّه، فلا موجود الا اللّه هو خالق کل شیء، ای موجده " (فتوحات 3/ 279).
(2) - " فان المفاتح تعلو بعلو مغالیق غیبها، وتسفل بذلک " (مفتاح الغیب ق 78).
" فالغیب لا یعلمه الا هو، وهذه کلها "النور، الظلمة" مفاتیح الغیب، ولکن لا یعلم کونها مفاتح الا اللّه، یقول تعالى:" وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ " (6/ 59)
وان کانت موجودة بیننا، لکن لا نعلم أنها مفاتح للغیب، وإذا علمنا بالاخبار انها مفاتح، لا نعلم الغیب حتى نفتحه بها.
فهذا بمنزلة من وجد مفتاح بیت ولا یعرف البیت الذی یفتحه به. . . " (ف 2/ 648).
" فمن المغیبات ما یکون لها مفتاح واحد فصاعدا، ویکون کل مفتاح غیبا لمفتاح آخر، حتى ینتهی إلى المفتاح الأول " (مفتاح الغیب ورقة 79).
(3) - " وما أوجد الحق العالم. . . الا عن حرکة الهیة وهی حرکة المفتاح عند الفتح " (ف 3/ 279).
" واعلم أنها لا تسمى مفاتح الا فی حال الفتح، وحال الفتح: هو حال تعلق التکوین بالأشیاء، أو قل ان شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغیر اللّه فی ذلک، فلا یقع فیها تجل ولا کشف، إذ لا قدرة ولا فعل الا للّه خاصة. . . " (فصوص 1/ 134).
(4) - " فثم مفتاح وفتح ومفتوح یظهر عند فتحه ما کان هذا الفتوح حجابا عنه " (فتوحات 3/ 542).
". . . واعلم أن الغیب لیس نفس الغیب [المغیّب]، والمفاتیح إنما تفتح الغیب فیبدو المغیب من خلف حجاب الغیب، فالغیب حجاب کالباب وکالستر، لیس الباب نفس الدار ولیس الستر نفس المستور، والمفتاح متعلقه الباب لا ما وراءه. . . " (مفتاح الغیب ق ق 78 - 79).
وننتقل الان إلى أنواع المفاتح کما یقررها الشیخ الأکبر:
المفاتح الأول - المفاتح الثوانی وهی مفاتیح غیب الایجاد العینی.
ان " الوجود المطلق " تدرج فی تعیناته من الوحدة المطلقة إلى الکثرة الوجودیة، تدرجا اقتضاه المنطق الوجودی لا الواقع الموجود فکان:
الفیض الاقدس ثم الفیض المقدس.
1 - الفیض الاقدس : وهو تجلی الذات الأحدیة لنفسها فی الصور المعقولة للکائنات، ای فی " القوابل " أو الأعیان الثابتة (انظر فیض أقدس - عین ثابتة) وهذا الفیض هو فی الواقع بتعبیر آخر من تعبیرات الشیخ الأکبر: فتح. فهو أول فتح، من حیث أنه أول فیض وأول تجل، وبالتالی مفاتحه هی " المفاتح الأول " ولا یعلمها الا الحق، لأنها فی وحدانیته حیث لا قدم لمخلوق؛ وهی أسماؤه الذاتیة.
2 - الفیض المقدس: وهو تجلی الحق فی صور الکثرة الوجودیة، أو بتعبیر آخر هو ظهور الأعیان الثابتة، التی کانت نتیجة أول فتح، فی العالم المحسوس بعدما کانت معقولة. وهذا الفیض هو فتح لغیب، ومفاتجه هی المفتاح الثوانی من حیث إنه ثانی فتح.
وهذه المفاتح هی الأسماء الإلهیة التی أظهرت الوجود من عقلی إلى عینی وهی المؤثرة فی الکون.
ولذلک یسمیها ابن العربی بمفاتیح غیب الایجاد العینی.
یقول الشیخ ابن العربی:
(1) " ان الأسماء الحسنى التی تبلغ فوق أسماء الاحصاء عددا، وتنزل دون أسماء الاحصاء سعادة، هی المؤثرة فی هذا العالم. وهی المفاتح الأول التی لا یعلمها الا هو " (ف 1/ 99).
" الحمد للّه المنفرد بمفاتیح الأول، المنعوت بها سبحانه عن کونه متکلما فی الأزل، الفاتح بها مغالیق القلوب فبرزت الأعیان وظهرت النحل. . . " (مفتاح الغیب ورقة 76).
". . . فسأل (العزیز) عن القدر الذی لا یدرک الا بالکشف للأشیاء فی حال ثبوتها فی عدمها، فما أعطی ذلک، فان ذلک من خصائص الاطلاع الإلهی. فمن المحال ان یعلمه الا هو، فإنها المفاتح الأول اعنی مفاتح الغیب التی لا یعلمها الا هو. . . " (فصوص 1/ 133).
(2) " واعلم أن المفاتیح الأول لا یعلمها الا هو، واما المفاتیح الثوانی فمعلومه لنا، وهی أسماؤه، وبها فتح غیوب الممکنات، فظهرت فی أعیانها بعدما کانت غیبا عدمیا " (مفتاح الغیب ورقة 93).
" فکان أول خلق خلقه اللّه من النفس الرحمانی الذی هو العماء القابل لفتح صور العالم فیه: العقل وهو القلم ثم النفس وهو اللوح. . . " (ف 2/ 395).
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص 329
14. فصّ حکمة قدریّة فی کلمة عزیریّة
(14. فصّ حکمة قدریّة فی کلمة عزیریّة)
قیصرى گوید:
مراد به حکمت قدریه، سرّ القدر است که علم به احوال اعیان ثابته و به عبارت دیگر احوال اعیان ممکنات را سرّ القدر میگویند. بحث در این است نه قدرى که بعد از قضا است و از آن تعبیر میشود به «توقیت (در وقت بخصوص قرار گرفتن.) أشیاء در عین خارجىشان» و این قضا و قدر مرتب است بر اعیان ثابته و نقوش غیبیه آنها. (به اقتضاى ذوات موجودات، قضا و قدر پیاده مىشود.) کلمه عزیریه از آن رو به این حکمت قدریة اختصاص یافت که عین ثابت عزیر علیه السلام به حسب استعداد اصلى خود طالب معرفت سرّ القدر و شهود و احیا بود. لذا عزیر علیه السلام وقتى که به قریه ویران عبور کرد به طور استبعاد پرسید: أَنَّى یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها (بقره: 259) خداوند احیا را در شخص عزیر و حمارش به عزیر اشهاد فرمود. به میراندن آن دو و احیاى آن دو. چنانکه خداوند فرمود: فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ سپس او را مبعوث کرد براى اظهار قدرت خود بر اعاده و چون قضا حکم کلى است در أشیاء مطابق اقتضاى اعیانشان و قدر قرار دادن آن حکم است به عنوان جزئى معین و مخصوص به ازمنه و اسباب معینه مشخصه، آن قضا را مقدم بر قدر آورد. (شرح فصوص قیصرى، ص 298، ستون دوم.)
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص:۶۵۳-۶۵۵
[فصّ حکمة قدریّة فى کلمة عزیریّة]
فص حکمة قدریة فى کلمة عزیریة مراد از حکمت قدریّه سرّ قدر است که عبارت است از اعیان ثابته و نقوشى که در وى است نه نفس قدرى که بعد از قضاست که معبّر است به توقیت اشیاء در عینش چه این قضاء و قدر مرتب است بر اعیان ثابته و نقوش غیبیه.
و سبب تخصیص حکمت قدریّه به کلمه عزیریّه آنست که عین ثابته عزیر علیه السلام به واسطه استعداد اصلى طالب معرفت سرّ قدر و شهود احیاء بود و لهذا در أوان مرور بر قریه خربه به طریق استبعاد فرمود أَنَّى یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها؟ و حق سبحانه و تعالى در نفس عزیر و حمارش سرّ قدر را بدو بنمود به اماتت و احیاى این هر دو کما قال تعالى فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ.
و این اماتت و احیاء از براى اظهار قدرت بود بر اعاده. و چون قضاء حکمى است کلى در اشیاء بر آن نهج است که اعیان اشیا مقتضى اوست و قدر تخصیص هر جزئى معیّن به ازمنه مشخّصه، لاجرم قضاء را بر قدر تقدیم کرد و فرمود:
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص:۶۰۹
فصّ حکمة قدریّة فی کلمة عزیریّة
أضیفت حکمة عزیر- علیه السّلام- إلیه لطلبه العثور على سرّ القدر، و کان الغالب على حاله التّقدیر، فأماته اللّه مائة عام، ثمّ بعثه و لمّا سأله اللّه کم لبثت؟ قال بالتّقدیر لبثت یوما أو بعض یوم.