الفقرة الثامنة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : (وأما ما رویناه) فی الحدیث النبوی (مما أوحى اللّه) تعالى (به إلیه) ، أی عزیر علیه السلام من قوله له زیادة فی المعاتبة (لئن لم تنته) عن طلب ما سألته (لأمحون اسمک) ، أی أزیل حقیقتک (من دیوان النبوّة ) وأوقفک فی مقام الولایة أی (أرفع عنک طریق الخبر) بالوحی النبوی ، فلا أکشف لک عن الأمور على مقدار ما هی علیه فی نفسها وأدرک إلى أن أفیض علیک الإمداد على قدر استعدادک (وأعطیک الأمور) الغیبیة (على) طریق (التجلی) ، أی الانکشاف بحسب استعدادک وأقطع عنک الخبر بالوحی (والتجلی) بالأمور الغیبیة (لا یکون) أبدا (إلا بما أنت) کائن (علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک) منک (الذوقی) لذلک الأمر الذی تدرکه (فتعلم) حینئذ (أنک ما أدرکت أمرا إلا بحسب استعدادک) ، أی قوّتک القابلة ووسعک المتهیىء ، فتنال من کل أمر على قدرک لا على قدر ذلک الأمر فی نفسه .
قال رضی الله عنه : (فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت) وهو الاطلاع على سر القدر (فلما لم تره) وجد عندک مع توجهک على حصوله (تعلم أنه) ، أی الشأن (لیس عندک الاستعداد) ، أی التهیؤ والقبول (للذی تطلبه) من ذلک السر المذکور (و) تعلم (أن ذلک من خصائص الذات الإلهیة ) لا یقدر علیه غیره تعالى (وقد علمت أن اللّه) تعالى ("أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ ") من استعداده الخاص القابل لما تهیأ له من المدد الفیاض الدائم بحکم قوله تعالى: "الَّذِی أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ."
قال رضی الله عنه : (ولم یعطک) سبحانه (هذا الاستعداد الخاص) لقبول فیض هذا الوسع المذکور للإحاطة بسر القدر الإلهی (فما هو) ، أی هذا الاستعداد (خلقک ولو کان خلقک) ثابتا فی الأزل لعینک الثابتة قبل إضافة الوجود فی حال العدم الأصلی (لأعطاکه الحق) تعالى (الذی أخبر أنه "أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ") ولم یمنع شیئا ما استعد له وتهیأ لقبوله أصلا (فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال) المذکور انتهاء صادرا (من نفسک لا تحتاج فیه) ، أی فی هذا الانتهاء (إلى نهی إلهی) یرد علیک (وهذا) الأمر الذی وقع للعزیر علیه السلام (عنایة) ، أی اعتناء (من اللّه) تعالى (بالعزیر علیه السلام علم ذلک) المذکور (من علمه) من الناس (وجهله من جهله) منهم وهو حق فی نفسه کما ذکر.
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
شرع فی تحقیق العتب بقوله : ( مما أوحى اللّه به إلیه ) یرید أن الانتهاء عن مثل هذا السؤال واجب علیک إما بنهی إلهی وإما بنهی عن نفسک والفرق بینهما إن الإلهی یتعلق بوجود المنهی عنه بمعنى وجد فی المحل ثم نهاه اللّه عنه والنهی عن النفس یتعلق بعدمه بمعنى لم یوجد فی المحل أصلا فلما سأل نهى اللّه عن السؤال الذی لا یناسب حاله فانتهى عن السؤال مع الندامة فقال : لولا لم أسأل لظنه أن عدم صدوره خیر من أن یصدر فبین اللّه أن وجود السؤال منه .
ثم النهی عنه عنایة له فی حقه بقوله : ( لئن لم تنته ) بنهی إلهی عن السؤال عن الاطلاع الخاص للَّه ( لأمحونّ اسمک من دیوان النبوة ) کی یحصل الانتهاء منک بنفسک أی لا بد من الانتهاء عن السؤال الذی لیس فی استعدادک.
قوله : ( أی ارفع ) قائم مقام جواب أما تقدیره فمعناه ارفع ( عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التجلی والتجلی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی فتعلم أنک ما أدرکت إلا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا ) أی ( الأمر الذی طلبت فإذا لم تره ) أی الأمر الذی طلبته.
( تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه و ) تعلم ( أن ذلک ) الأمر ( من خصائص الذات الإلهیة وقد علمت أن اللّه تعالى أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ فإذا لم یعطک هذا الاستعداد الخاص فما هو خلقک ولو کان خلقک لأعطاکه الحق الذی أخبر أنه أعطى کل شیء خلقه فتکون ) على هذا التقدیر .
( أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی ) ولم أفعل بک ذلک بل أبقیتک على نبوتک وجعلتک محتاجا إلى نهی إلهی وهذا أعلى مرتبة لک من أن تنتهی من نفسک فإن النبوة لاشتمالها الولایة أعلى مرتبة من الولایة بدونها فلما علم العزیر حمد اللّه على عنایته له فزالت ندامته على سؤاله والنهی عنه.
هذا هو الذی انکشف لی فی هذا المقام فعلى هذا التحقیق لا عتب على عزیر على هذا المطلب بل صح من الأنبیاء بمثل هذا السؤال حیث لم یعتب علیه وإن لم تقبل مسألتهم ( وهذا ) أی ما فعله الحق بالعزیر ( عنایة من اللّه بالعزیر علیه السلام ) لا عتب علیه أخبر اللّه بها بقوله : لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوة .
فدل قوله : لئن لم تنته على أن مطلب العزیر على طریقة خاصة ( علم ذلک ) العنایة ذکر الإشارة باعتبار التأدیب ( من علمه وجهل من جهله ) فلما علم من کلامه أنه لا یعلم سر القدر إلا اللّه أو ممن یطلعه اللّه من الأنبیاء والأولیاء شرع فی بیان الولایة والنبوة.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [طه : 50] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قلت: ظاهر کلامه رضی الله عنه، أن القضاء حکم الله فی الأشیاء وأما سباق المعنى فیقتضی أن القضاء حکم الأشیاء فی الله فتأمل ذلک.
والذی أراه أن القضاء حکم الله تعالى ولیس للممکنات تأثیر وأن المعدوم لیس بشیء
وأن الشیء لیس إلا الموجود وموجودیته شیئیته.
ولا یقال: إن هذا یفضی إلى تجدد العلم لله تعالى.
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلک ثابت فی الأزل إلى الأبد، لأن ما بینهما لا ماضی فیه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجمیع حاضر.
فما یتجدد له علم .
وأما الدلیل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وکل ممکن فلا یقع فی نفس الأمر إلا أحد طرفیه.
فالممتنع فی نفس الأمر لیس بممکن، والممکن الذی لا بد أن یقع فلیس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمکنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا یتعدی الموجود زمانه ، فشیئیته حال وجوده فقط، فیکون سر القدر أنه أحد طرفی الممکن.
أعنی الذی لا بد أن یقع فی نفس الأمر، وهو أحد المحتملین فلا شیء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملین، وقدر، وهو الترتیب الذی لابد أن یقع، لأن أحکام الأعیان الثابتة فی حال عدمها.
فإن المعدوم لا یتصف بالثبوت لأنه لیس بشیء.
وما بقی من هذه الحکمة فظاهر.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : وأمّا ما رویناه ممّا أوحى الله به إلیه : « لئن لم تنته لأمحونّ اسمک عن دیوان النبوّة » أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التجلَّی ، والتجلَّی لا یکون إلَّا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلَّا بحسب استعدادک . فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت ، فإذا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه ، وأنّ ذلک من خصائص الذات الإلهیة. وقد علمت أنّ الله أعطى کلّ شیء خلقه ، ولم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ فما هو خلقک ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الذی أخبر أنّه أعطى کلّ شیء خلقه فتکون أنت الذی ینتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه عن نهی إلهی ) .
یشیر رضی الله عنه إلى أنّ الکشف بسرّ القدر یعطی الأدب الحقیقیّ فی السؤال والانتهاء عن السؤال ، فإنّ من خصائصه الاطَّلاع على مقتضى الوجود المطلق الإلهی .
والاطَّلاع على مقتضى العین الثابتة التی للسائل ، وخصوص استعداده الذاتی غیر المجعول ، فإذا لم یشهد ما یطلب فی نوع استعداده الذاتی ، انتهى عن طلبه وسؤاله ضرورة .
قال رضی الله عنه : ( وهذا عنایة من الله - تعالى - بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه ، وجهل ذلک من جهله .)
یشیر رضی الله عنه: إلى أنّ رجال الکمال من أهل الله لا یفتخرون بما هو عرضیّ لهم من الربوبیة وأسماء الربّ ، ولا یظهرون بها ، وإنّما یظهرون بالذاتیات وهی العبودیة ، ویقتضی کمال التحقّق بالعبودیة أن لا یشارکوا الحق فی اسم کالولیّ .
وأن یظهروا ویتسمّوا باسم یخصّهم من حیث العبودیة المحضة ، ولیس ذلک إلَّا النبیّ والرسول ، ولم یتسمّ الله بهما ، فلمّا انقطعت النبوّة والرسالة ، لم یبق لهم منهما اسم یتسمّون به ، فانقصم ظهور استظهارهم لأجل ذلک ، وهذا سرّ عزیز المنال ، لم یعثر علیه قبله ، ومن قبله قالوا بغیره
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : (وأما ما رویناه مما أوحى الله به إلیه « لئن لم تنته لأمحون اسمک من دیوان النبوة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التجلی ، والتجلی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی ، فتعلم أنک ما أدرکت إلا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت ، فإذا لم تره تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه وأن ذلک من خصائص الذات الإلهیة ، وقد علمت أن الله أعطى کل شیء خلقه ، فإذا لم یعطک هذا الاستعداد الخاص فما هو خلقک ولو کان خلقک لأعطاکه ؟ الحق الذی أخبر أنه " أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَه " فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهى آخر) .
إنما تدرک الکیفیات بالذوق لأنها وجدانیة مدرکة بقوى نفسانیة ومزاج خاص للروح المدرک کما فی الطعوم المذوقة أو الروائح المشمومة ، فإن لم یکن له قوة الذوق والشم لا یجد الطعوم والروائح ولا یمیزها فی المذوق والمشموم ، وإن علمها وتمیز بالعقل بعضها عن بعض .
وأما الحدیث المروی فی عتبه فإنه یفید أن الکشف سر القدر یقتضی الأدب الحقیقی فی السؤال وترکه ، لأنه إذا رفع عنه لإخبار وکشف له عن عینه اطلع على ما فی عینه ، فإن رأى فیه الأمر الذی طلبه علم أنه أعطى ذلک باستعداده .
وإن لم یره علم أنه لیس فیه استعداد ذلک الأمر الذی یطلبه وأنه من خصائص الذات الإلهیة ، وقد أعطى کل شیء خلقه یعطیه هذا الاستعداد الخاص وإلا کان فی عینه الثابتة الغیر المجعولة ، فلما لم یکن فیها انتهى عن مثل هذا السؤال من نفسه من غیر احتیاج فیه إلى نهى إلهی.
قال رضی الله عنه : (وهذا عنایة من الله بعزیر علیه السلام ،علم ذلک من علمه وجهل من جهله)
فإنه تأدیب إلهی کما قال علیه الصلاة والسلام « أدبنى ربى فأحسن تأدیبى.
"" أضاف بالی زادة :
(علم ذلک) العنایة (من علمه) وحمل هذا الکلام على العنایة والمراد به نفسه قدس سره (وجهل من جهل) وحمل القول على العتب فلا یصح حمل الکلام على العتب. أهـ بالى . ""
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : ( وأما ما رویناه مما أوحى الله به إلیه : " لئن لم تنته ، لأمحون اسمک من دیوان النبوة" ) .
أی ، أرفع عنک طریق الخبر ، وأعطیک الأمور على التجلی ، والتجلی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی ، فتعلم أنک ما أدرکت إلا بحسب استعدادک ، فتنظر فی هذه الأمر الذی طلبت ، فلما لم تره ، تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه ، وإن ذلک من خصائص الذات الإلهیة .
قال الشیخ رضی الله عنه : (فقد علمت أن الله " أعطى کل شئ خلقه " . فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاص ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک ، لأعطاکه الحق الذی أخبر أنه أعطى کل شئ خلقه . فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک ، لا تحتاج إلى نهى إلهی . وهذا عنایة من الله بالعزیر ، علیه السلام . علم ذلک من علمه ، وجهله من جهله . )
جواب ( أما ) قوله : ( أی أرفع ) . تقدیره : وأما ما رویناه من قوله تعالى ب ( لئن لم تنته
لأمحون اسمک من دیوان النبوة ) . فمعناه : أرفع عنک طریق الخبر ، وأعطیک الأمور على التجلی .
ولما کانت النبوة مأخوذة من ( النبأ ) وهو الخبر ، فسر طریق الکشف ، لأن النبی ولى ، ومن شأن الأولیاء الکشف ، فإذا ارتفع الحجاب وانکشف حقائق الأمور ، علم أن الحق ما یعطى لأحد شیئا إلا بحسب الاستعداد .
فإذا نظر ولم یجد فی عینه استعداد ما یطلبه ، ینتهى عن الطلب ویتأدب بین یدی الله ، ولا یطلب ما لیس فی وسعه واستعداده .
ویعلم أن مطلوبه مخصوص بالحق ، لیس لغیره فیه ذوق ولا کشف .
ویعلم أن الله أعطى کل شئ خلقه ، أی استعداده الذی یخلق فی الشهادة بحسبه عند تعین المهیات وفیضها أزلا ، فمن أعطى له الحق هذا الاستعداد الخاص وجعله خلیفة ، یصدر منه ذلک ، کالإحیاء من عیسى علیه السلام وشق القمر من نبینا ، صلى الله علیه وسلم ، والتصرفات التی یتعلق بالقدرة .
ومن لم یعط له ذلک ، لم یمکن صدوره منه ، سواء طلب ذلک أو لم یطلب .
ولما کان ظاهر الخبر سلب النبوة عنه وإبعاده من حضرته وهذا لا یلیق بمراتب الأنبیاء صلوات الله علیهم .
لأنهم المصطفون من العباد وأعیانهم مقتضیة لها لا یمکن سلبها عنهم - صرح بأن هذا العتب عنایة من الله فی حقه وتأدیب ، کما قال صلى الله علیه وسلم : " أدبنی ربی ، فأحسن تأدیبی " علم هذا المعنى من علم من أهل الحجاب والطغیان .
أو لما کان الخبر فی الباطن والحقیقة وعدا ، لا وعیدا ، والوعید عنایة من الله فی حقه .
قال رضی الله عنه : ( علم ذلک الوعد من علمه ، وجهله من جهله . )
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه ؛ فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر "أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] ، فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ) .
وأشار إلى أن ذلک العتاب لیس هو قوله : " لئن تنته . . . إلى آخره " ، بل هو عتابه یتبین به استحالة حصول مسئوله بطریق الکشف .
فقال : ( وأما ما رویناه فیما أوحى اللّه به إلیه ) فیه إشارة إلى أنه کیف یکون عتابا یقطع الوحی ، وهو عین الوحی ( لئن لم تنته لأمحون اسمک عن دیوان النبوة ) ، کیف ولیس إشارة إلى عزل عن النبوة ، فإن الأنبیاء - علیهم السّلام - معصومون عن ذلک بالإجماع .
فمعناه ما ذکره الشیخ - رحمه اللّه - ( أی : أرفع عنک طریق الخبر ) أی : الوحی فی بیان استحالة حصول هذا المسؤول لقصوره عن إفادة الظمآنیة .
( وأعطیک الأمور ) أی : حقائق الأشیاء ( على التجلی ) أی : تجلی العلم الإلهی الشامل ما علیها المفید للظمآنیة لکمال ما فیه .
وحینئذ یتبیّن لک استحالة حصول مسئولک إذ ( التجلی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد ) ، وإنما کان هذا التجلی مفیدا للظمآنیة إذ هو ( الذی یقع به الإدراک الذوقی ) ، وهو فوق الإدراک بالحس والعقل ، وإنما تبیّن استحالته مع أنه لا ثبات للأمر المحال أصلا ؛ لأن الاطلاع على هذا العلم الإلهی .
وإن لم یفد للعبد الاطلاع على جمیع ما فیه یفیده الاطلاع على جمیع ما فی استعداده ، ( فتعلم أنک ما أدرکت ) شیئا مما أدرکته ( إلا بحسب استعدادک ) الذی اطلعت فیه على کله ، ( فتنظر ) أی : تتأمل ( فی هذا الأمر الذی طلبته ) على ظن عدم استحالته ، ( فلما لم تره ) مع رؤیة کل ما کان فی استعدادک ( تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی یطلبه ) لحصول مسئولک ، فینکشف لک استحالة هذا الأمر فی حق المخلوق بطریق الذوق .
قال رضی الله عنه : ( وأنه من خصائص الذات الإلهیة ) بحیث لا یمکن أن یحصل لغیره تعالى ، وإن اطلع على علمه ؛ فهو إنما ثبت فی العلم الإلهی لا مکانة فی حقه ، ولا ثبات له من حیث الاستحالة فی موضع أصلا ، فهو إنما یعرف ذوقا بهذا الطریق ، وکیف لا تعلم ذوقا أنه محال فی حقّک.
قال رضی الله عنه : (وقد علمت أن اللّه أعطى کل شیء خلقه ، ولم یعطک هذا الاستعداد الخاص ؛ فما هو خلقک ) .
وذلک لأنه ( لو کان ذوقک لأعطاکه الحق ) ، وإن لم یجب علیه شیء بالنظر إلى علو رتبته ، فلا ینافی ذلک وجوب شیء علیه بحسب سنته وحکمته ، ومقتضى خبره الصدق ووعده الحق ؛ فإنه ( الذی أخبر أنه "أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ" )[ طه : 50 ] .
وإذا علمت استحالة ذلک بهذا الکشف ( فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک لا تحتاج فیه إلى نهی الإلهی ) ، وإن أمکن فی حق مخلوق إذا رأیت استحالته فی حقک ، فکیف إذا علمت استحالته فی حق الکل .
وهذا الخبر على هذا التأویل لیس عتابا ولا زجرا سابقا علیه ، بل هو ( عنایة من اللّه بعزیر علیه السّلام فی بیان استحالة مسئوله ) بحیث یفیده الطمأنینة الکلیة فیه ( علم ذلک من علمه ) ، فأوله بما ذکرنا ، ( وجهل ذلک من جهله ) ، فظنه عتابا أو زجرا سابقا علیه .
ثم استشعر سؤالا بأنه کیف یکون قوله : « لأمحونّ اسمک عن دیوان النبوة » رواه ابن قتیبة فی المعارف وکذلک الغزالی فی الإحیاء وغیرهما.
عنایة مع أنه وعید بمحو رتبة النبوة التی کانت له مع الولایة إذ غایة العنایة على ما ذکر ؟ ثم إنه نقله إلى محض الولایة .
فأجاب بأن المحو لا بدّ من وقوعه فی حقّ الأنبیاء بعد الموت ، فمرجعهم إلى محض الولایة مع أنها لا تنزل لهم عن حالهم ، فذلک بتکمیل ولایتهم ، وجعلها أتم مما کانت لهم مع النبوة ، وإن کانت ولایة النبیّ حال نبوته أکمل من ولایة کل ولی غیر نبی ، إذ لا نهایة لمراتب القرب من اللّه .
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه عما أجیب به عزیر علیه السّلام: (وأما ما رویناه مما أوحى الله به إلیه : « إن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة » أی أرفع عنک طریق الخبر ) - هذا وقع جواب « أما » أی فمعناه أرفع عنک طریق الإنباء والرسالة والخبر الذی هو طرف خلقیّتک .
( وأعطیک الأمور على التجلَّی ) الحقّانی ، ( والتجلَّی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی ) إذ الذوقیّ من الإدراک هو الذی بلغ فی الاتّحاد الوجودی الذی یستلزم الإدراک مبلغا لا یکون للثنویة الکونیة هناک مجال أصلا ، وذلک هو الذی فی القابلیة الأصلیّة الأولیّة .
فإذا أدرکت شیئا بمجرّد الذوق إنّما تعرف ذلک وتحقّقه بأن تستقصی فیما عندک من قوى الاستعلام وآلات استحصال النتائج ، ولم تجد شیئا منها مما یستحصل به ذلک ( فتعلم أنک ما أدرکت إلا بحسب استعدادک ) .
ثمّ إنّک إذا عرفت أن التجلَّی بما علیه الاستعداد هو مبدأ الإدراک الذوقی ، فإذا طلبت شیئا (فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت ، فلمّا لم تره ) فی ذلک التجلَّی ( تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه ) - وهو الذی یعطی ذلک المطلوب وتذوقه به .
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأنّ ذلک من خصائص الذات الإلهیّة ) أنها فی تجلَّیها لکل أحد إنما یظهر له خصوصیّته المختصّة به .
(وقد علمت أن الله " أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَه ُ " ولم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الذی أخبر أنّه: أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَه ُ " [ 20 / 50 ] .
فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی .
( وهذه عنایة من الله بعزیر ) حیث وفّقه الله لهذا السؤال ، ووفّقه على ما یرقیه من مواقف الغیبة ومستفاض النبأ والخبر إلى مواطن الحضور ومشاهد التجلی والعیان ( علم ذلک من علمه ، وجهله من جهله ) فإنّ فهم أمثال هذا الکلام یحتاج إلى ذوق یعزّ واجده جدّا .
الولایة والنبوّة
ثمّ لما استشعر من هذا القول أنّه یستلزم تعظیم أمر الولایة وترجیحها على النبوّة ، أخذ فیما یحقّق ذلک من البیان قائلا :
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله ).
قال رضی الله عنه : ( وأمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة ، أی أرفع عنک طریق الخبر وأعطیک الأمور على التّجلّی ، والتّجلّی لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقی ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس)
قال رضی الله عنه : (وأما ما رویناه مما أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحون اسمک من دیوان النبوة أی أرفع عنک ).
یعنی أرفع عنک جواب ما ، أی أرفع عنک ( طریق الخبر ) والإنباء الذی هو طریق الأنبیاء.
فقال رضی الله عنه : (وأعطیک الأمور على التجلی والتجلی لا یکون إلا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی فتعلم أنک ما أدرکت إلا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت فما لم تره ) .
وفی بعض النسخ فلما لم تره فی ذلک التجلی الذی أعطیک الأمور بحسبه
قال رضی الله عنه : (تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه وأنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شیء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقک ، ولو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر"أنّهأَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال من نفسک ، لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی وهذه عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه وجهله من جهله . واعلم أنّ الولایة هی الفلک المحیط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ .)
قال رضی الله عنه : ( تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه ) ، أی تطلب ذلک الاستعداد الأمر الذی طلبته .
( وأن ذلک من خصائص الذات الإلهیة وقد علمت أن اللّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ) ، أی استعداده الذی یخلق فی الشهادة بحسبه ( ولم یعطک هذا الاستعداد الخاص فما هو ) ، أی هذا الاستعداد قال رضی الله عنه : (خلقک ولو کان خلقک لأعطاک الذی أخبر أنهأَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک لا تحتاج فیه إلى نهی إلهی ،وهذا ) الذی ذکرناه فی معنى محو اسمه عن دیوان النبوة ( عنایة من اللّه بالعزیر ) ووعد لا عتب ووعید.
قال رضی الله عنه : ( علم ذلک من علمه وجهله من جهله ) . اعلم أن المعاد على ضربین
أحدهما : إعادة الصور المرکبة من أجزاء مخصوصة بعد افتراق تلک الأجزاء وجمعها على نحو هیئتها الأولى وإعدادها لاتصال روحها بها اتصال تدبیر مقوّم لتلک الصورة وممکن إیاها من التصور الخصیص بتلک الصورة وروحها ، ومن هذا القبیل کان إعادة حمار العزیر علیه السلام .
والثانی : حراسة الصورة المرکبة من انفکاک أجزائها عن مفارقة الروح عنها لعدم استعداد الصورة لقیام الحیاة بها المستلزمة لإقبال الروح على تدبیر تلک الصورة .
فإن بعض الأرواح لکماله لکسب الصورة زمان تدبیره لها صفة البقاء الذی تقتضیه ذاته ، وأیضا لم یعرض عنها بحیث یوجب انفکاک أجزائها لضعفه وعجزه عن الجمع بین الطرفین : الدنیا والآخرة.
فإن الأرواح الکاملة لا یشغلها شأن عن شأن فلم یعرض عن هذا العالم بکل وجه فمثل هذا الجسد المحروس من الانفکاک متن أمدّ بقوة وأمر بکسبه ضربا من الاعتدال اتصلت به الحیاة واستعد لإقبال الروح علیه بالتدبیر . ومن هذا النوع کانت إعادة عزیر علیه السلام .
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص 338
و أما ما رویناه مما أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحون اسمک من دیوان النبوة، أی أرفع عنک طریق الخبر و أعطیک الأمور على التجلّی، لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الذی به یقع الإدراک الذوقی فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الذی طلبت، فلمّا لم تره تعلم أنه لیس عندک الاستعداد الذی تطلبه و أن ذلک من خصائص الذات الإلهیة، و قد علمت أن اللّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ: فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاص، فما هو خلقک، و لو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الذی أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ. فتکون أنت الذی تنتهی عن مثل هذا السؤال من نفسک، لا تحتاج فیه الى نهی إلهی. و هذا عنایة من اللّه بالعزیر علیه السلام علم ذلک من علمه و جهله من جهله.
اما آن که در روایت آمده است: خداوند به عزیر وحى کرد که اگر از این درخواست دست بر ندارى اسمت را از دیوان نبوت محو میکنم. معنایش این است که از تو طریق خبر را بر میدارم و به تو عطا میکنم امور را به نحو تجلى و تجلى هم نمیباشد مگر به وفق استعدادى که دارى، استعدادى که ادراک ذوقى بدان وابسته است. آن گاه خواهى دانست که تو به حسب استعداد خود ادراک نکردهاى. پس این امرى که طلب کردى نگاه میکنى و چون آن را نیافتى میدانى که از خصایص ذات الهى است و میدانستهای که ان اللّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ و اگر به تو این استعداد خاص را نداد، پس آن استعداد خلق تو نیست و اگر خلق تو بود به تو عطا میکرد. بنا بر این تو در این هنگام (وقتى که تجلى کردیم و خبر را از تو برداشتیم) از این سؤال خوددارى میکنى و محتاج به نهى الهى نیستى و این عنایتى است از جانب خداوند به عزیر علیه السلام. این معنى را اهل کشف و عرفان میدانند و اهل حجاب و طغیان بدان جهل دارند.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص:۶۷۱-۶۷۲
و أمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النبوّة، أى أرفع عنک طریق الخبر و أعطیک الأمور على التّجلّى، و التّجلّى لا یکون إلّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذى به یقع الإدراک الذّوقى، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فى هذا الأمر الّذى طلبت، فلمّا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذى تطلبه و أنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة، و قد علمت أنّ اللّه أعطى کلّ شىء خلقه فإن لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ، فما هو خلقک، و لو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذى أخبر أنّه أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ فتکون أنت الّذى تنتهى عن مثل هذا السّؤال من نفسک، لا تحتاج فیه إلى نهى إلهى و هذه (و هذا- خ) عنایة من اللّه بالعزیر علیه السّلام علم ذلک من علمه و جهله من جهله.
اما آنچه روایت کردیم از خبر که اگر منتهى نشوى نام ترا از دیوان نبوّت محو کنیم ظاهرش وعید است و باطنش وعد، و معنیش آنست که از تو طریق خبر را که نبوّت منبئ از آنست رفع کنیم و ابواب تجلّى بر روى جانت بگشائیم و بهجاى اخبار و وحى طریق کشف و عیان عطاء دهیم.
و چون هر نبى ولى است و از شأن اولیاء کشف است، پس آنچه وظیفه نبوّت نیست از روى اظهار خصائص ولایت در کنار آرزویت نهیم. پس چون حجاب مرتفع شود و حقایق امور منکشف شود بدانى که حق سبحانه و تعالى عطاء نمىدهد هیچ احدى را مگر به قدر استعدادش؛ پس چون از راه کشف در عین خود نظر کنى و استعداد آنچه طلب مىکنى در وى نبینى دست از طلب نامقدور بازدارى و بین یدى اللّه همّت بر مراعات ادب بگمارى؛ و آنچه در وسع و استعداد تو نیست مسألت ننمائى و از مشقّت انتظار بیاسائى؛ و به تحقیق دریابى که این مطلوب مخصوص حق تعالى است و غیر او را در وى نه ذوق است و نه کشف؛ و به حکم: و أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ. بدانى که حقّ عزّ و جلّ به «فیض اقدس» در ازل هر عینى را به استعداد خاص اختصاص داده است و در فیضانات مقدّره بر روى او گشاده. پس هرکه را استعداد احیاء و غیره داده باشد و در این فیض خاص بر روى خلقتش گشاده چون احیاء از عیسى و شق قمر از رسول ما و سایر تصرّفات که به قدرت تعلّق دارد به ظهور آید، و هرک را بدین عطیه ننواختهاند و این استعداد خاص را نصیبه او نساخته مقتضیات آن استعداد ازو صادر نشود؛ خواه طلب کند و خواه نى. و چون ظاهر خبر سلب نبوّت و ایعاد به ابعاد از حضرت است و این معنى مناسب مناصب انبیاء صلوات اللّه علیهم نیست چه ایشان برگزیدگان حضرتاند و اعیان ایشان مقتضى نبوّت و سلب آن ممکن نى، شیخ قدّس اللّه سرّه تصریح کرد که این عتاب عنایت الهى است در حقّ او و تعلیم حسن ادب کما
قال علیه السّلام: «أدّبنى ربّى فاحسن تأدیبى»
و این معنى را مىداند آنکه مىداند از اهل کشف و عرفان؛ و نمىداند آنکه نمىداند از اهل حجاب و طغیان. بیت:
زان حدیث تلخ مىگویم ترا تا ز تلخىها فروشویم ترا
ز آب سرد انگور افسرده زهد سردى و افسردگى بیرون نهد
آرى، مصراع:
«جراحتهاى جانان را چه راحتهاست پنهانى»
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص:۶۱۲
و أمّا ما رویناه ممّا أوحى اللّه به إلیه «لئن لم تنته لأمحونّ اسمک من دیوان النّبوّة»، أی أرفع عنک طریق الخبر و أعطیک الأمور على التّجلّی، و التّجلّی لا یکون الّا بما أنت علیه من الاستعداد الّذی به یقع الإدراک الذّوقىّ، فتعلم أنّک ما أدرکت إلّا بحسب استعدادک فتنظر فی هذا الأمر الّذی طلبت، فإذا لم تره تعلم أنّه لیس عندک الاستعداد الّذی تطلبه و أنّ ذلک من خصائص الذّات الإلهیّة، و قد علمت أنّ اللّه «أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ»: و لم یعطک هذا الاستعداد الخاصّ، فما هو خلقک، و لو کان خلقک لأعطاکه الحقّ الّذی أخبر أنّه «أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ». فتکون أنت الّذی تنتهی عن مثل هذا السّؤال مننفسک، لا تحتاج فیه إلى نهى إلهىّ. و هذه عنایة من اللّه بالعزیر- علیه السّلام- علم ذلک من علمه و جهله من جهله.
شرح قال الشّارح الأوّل:
أنّ الکشف بسرّ القدر یقتضی الأدب الحقیقىّ فی السّؤال بالانتهاء عن السّؤال، فإنّ من خصائصه الاطّلاع على مقتضى الوجود المطلق الإلهیّ و الاطّلاع على مقتضى العین الثّابتة الّتی للسّائل و خصوص استعداده الذّاتى، فإذا لم یشهد ما یطلب فی استعداد الذّاتىّ انتهى عن طلبه و سؤاله ضرورة.