عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثامنة عشر :  


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

14  - فص حکمة قدریة فی کلمة عزیریة

المرتبة 14 : لفص حکمة قدریة فی کلمة عزیریة من الاسم النور وسماء الشمس ومنزلة السماک وحرف النون

کلما سوى اللّه صورة إلا وتوجه الروح الکلی بالنفخ فیها فتحیا مسبحة بحمد ربها لسریان نور الروح فیها ، کما یسری نور الشمس فی الکون فتتجدد الحیاة فیه . ولهذا کثیرا ما یشبه الشیخ الروح بالشمس .

وقد قرن الحق تعالى إشراقها بنفس الحیاة فقال : "وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ " (التکویر:18) إذن فاسمه المصور یستلزم ظهور اسمه النور الذی به تحیا الصور فتدرک نفسها وتعرف ربها .

وبتوجه النور وجدت حضرة القطب فی الدنیا وهی السماء الرابعة حیث فلک الشمس قلب العالم ، ومنبع النور حتى سماها اللّه تعالى : "سِراجاً وَهَّاجاً " ( النبأ : 13 ) فوقها 13 مرتبة کونیة وتحتها مثلها .

وفوقها 7 أفلاک وتحتها مثلها . وفوقها 3 سماوات وتحتها مثلها .

کما ذکره الشیخ فی فص إدریس علیه السلام ورفع اللّه تعالى إدریس لهذه السماء لأنه قطب الأرواح فهو قطب عالم الأنفاس الذی سماه الشیخ فی الباب 15 من الفتوحات بمداوی الکلوم لأن الکلوم هی الجراحات وهو بجراحات الهوى خبیر فهو الذی علم الطب والفلک والحروف والکیمیاء .

وکل هذه العلوم تتعلق بتقویم الصحة فی الإنسان بدنا ونفسا وروحا أو فی المولدات والمعادن أو فی الکون أو فی الکلام.

وکلمة کلوم تشیر إلى الکلام کما أن لفظة ( مداوی ) تشیر إلى الدواة .

دواة حبر الحروف . وإدریس هو أول معلم للحروف الرقمیة .

وکلمة کلوم تشیر أیضا للملک . وکلما بعدت الدوائر عن المرکز القطبی ازدادت کلوم الملک بالانحرافات ، وبتوسع الملک تتضاعف الکلمات .

 

ولعلاقة إدریس بالاسم النور تجد فی کتاب العبادلة بابا عنوانه ، " عبد اللّه بن إدریس بن عبد النور " ولعلاقته بکلوم الملک نجد عنوانا آخر عنوانه " عبد اللّه بن إدریس بن عبد الملک " .

 

أولا : ما علاقة القدر بالشمس وإدریس حتى توصف حکمة هذا الفص بالحکمة القدریة ؟

" القدر توقیت فهو متعلق بالوقت " .

یقول الشیخ : " القدر توقیت ما هی علیه الأشیاء فی عینها من غیر مزید " والوقت متعلق بحرکة الشمس وبنورها تدرک الأشیاء وهو لا یدرک لأنه کما قیل : "من شدة الظهور الخفاء " وکذلک یقول الشیخ : " فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره " . . . ولعلاقة هذه المرتبة بالزمان یقول الشیخ فی الباب 15 من الفتوحات إن أول سر أطلع علیه مداوی الکلوم أی إدریس - هو الدهر الأول الذی عنه تکونت الدهور .

وإن خلیفته المستسلم للقضاء والقدر کان غالب علمه علم الزمان . . .

ولعلاقة هذا الفص بالنور ترددت فیه مشتقات کلمات : کشف ، تجل ، ظهور ، فتح ، إدراک

. . .  

کقوله مثلا : " فلم یبق العلم الکامل إلا فی التجلی الإلهی وما یکشف الحق عن أعین البصائر والأبصار فتدرک الأمور . " . . .

وقد ورد فی الحدیث الصحیح أن المؤمنین یرون ربهم یوم القیامة کالشمس لیس دونها سحاب .

وفی الفصل الرابع من الباب 371 من الفتوحات یقول :

" ونور الشمس ما هو من حیث عینها بل هو من تجل دائم لها من اسمه النور .

فما ثم نور الا نور اللّه الذی هو نور السماوات والأرض .

فالناس یضیفون ذلک النور إلى جرم الشمس ولا فرق بین الشمس والکواکب فی ذلک إلا أن التجلی الشمسی على الدوام فلهذا لا یذهب نورها إلى زمان تکویرها " .


ثانیا : ما علاقة عزیر بالنور والشمس ؟

کما یشرق نور الشمس على الأرض یشرق نور الروح على الجسد فتتجدد الحیاة . . .

وهذا هو الذی وقع لعزیر بعد أن أماته اللّه تعالى مائة عام . . . وبالنور الذی أنزل علیه أعاد کتابة التوراة بعد أن نسیت .

روى ابن کثیر فی کتابه " قصص الأنبیاء " الخبر : " أمر اللّه ملکا فنزل بمغرفة من نور فقذفها فی عزیر فنسخ التوراة حرفا بحرف حتى فرغ منها " .

وروى أیضا : " نزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه فتذکر التوراة فجددها لبنی إسرائیل . فمن ثم قالت الیهود : عزیز ابن اللّه ".


ثالثا : ما علاقة عزیر بالقدر ؟

الجواب : هی تشوفه لعلم سر القدر .

فقد ورد فی سیرته أنه ناجى ربه قائلا : " یا رب تخلق خلقا فتضل من تشاء وتهدی من تشاء ؟ 

فقیل له : أعرض عن هذا . فعاد .

فقیل له : لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمک من الأنبیاء إنی لا أسأل عما أفعل وهم یسألون " .

 

وسر القدر متعلق بکیفیة تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق للمقدور المخلوق فی ذلک .

ولهذا لما أراه اللّه وأذاقه کیفیة إعادة البعث والحیاة فی نفسه وحماره وطعامه .

قال عنه تعالى: "فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ" ( البقرة ، 259 ) والتبین من الإبانة التی هی صفة النور .


رابعا : ما علاقة عزیر بعلم الزمان الإدریسی الشمسی ؟

فی یوم أو بعض یوم انطوت مائة سنة فی مشهد عزیر لما مات کما ورد فی القرآن .

وعلم الزمان وطیه ونشره من فروع علم الدهر الأول الذی عنه تکونت الدهور .

وهو من أخص العلوم الإدریسیة کما سبق ذکره وخلیفة إدریس المسمى المستسلم للقضاء والقدر ما مات حتى علم 36500 علما من تلک العلوم حسبما قاله الشیخ فی الباب 15 من الفتوحات وهذا العدد موافق لعدد الأیام التی ماتها عزیر قبل عودته للحیاة مائة سنة أی 36500 یوم.

 

خامسا : لماذا خصص الشیخ فقرة طویلة للولایة فی هذا الباب ؟

أثبت المراتب وأدومها وأوسعها هی دائرة القطبانیة التی لها هذا الباب الأوسط الرابع عشر . وکذلک هی الولایة التی هی الفلک المحیط العام الدائم من اسمه تعالى :

الولی والتی من أعز علومها علم سر القدر ، خلافا لنبوة التشریع والرسالة المنتهیین بنهایة یوم القیامة ولهذا رفع إلى  هذا المکان القطبی القلبی إدریس لأنه لیس برسول مشرع وإنما هو ممثل للولایة البشریة السماویة الدائمة .

کما أن الخضر ممثل للولایة البشریة الأرضیة الدائمة حسبما فصله الشیخ فی الباب 73 من الفتوحات .

وکذلک عزیر لیس بمشرع بل مجدد لنور التوراة .

وهذا التجدید هودور الأولیاء فی کل زمان کما عبر عنه البوصیری رحمه اللّه فی همزیته :

کیف نخشى بعدک الضلال وفینا   ...... وارثو نور هدیک الأولیاء

 

سادسا : هل لهذه المرتبة الإدریسیة لقطبیة الولایة الدائمة مظهر عکسی ظلمانی سفلی یقاوم نورها الشمسی ؟

نعم للولایة الشیطانیة قطبها الممثل لاستمراریتها وهو الدجال الأعور ومرکزه فی جزیرة الشمال وله مراکز ثانویة مبثوثة فی العالم منها سبعة رئیسیة مقابلة لمراکز أقالیم الأبدال السبعة الذین هم على أقدام أقطاب السماوات السبعة .

ومن هذه السباعیة لم یذکر الشیخ لإدریس مداوی الکلوم - فی الباب 15 من الفتوحات - إلا ستة خلفاء . فهو سابعهم .....

ومن هذه المقابلات ذکر الشیخ عبد الکریم الجیلی فی الانسان الکامل أن عرش إبلیس یوجد فی الأرض الرابعة قطب الأرضین السبعة . . .

ودرکته فی النار هی الرابعة لیذوق کل أنواع العذاب من فوقه ومن تحته لأنه - کما یقول عنه الشیخ فی الباب 61 -:

 " إن أشد الخلق عذابا فی النار إبلیس الذی سن الشرک وکل مخالفة وسبب ذلک أنه مخلوق من نار فعذابه بما خلق منه " . . . "

فعذاب إبلیس فی جهنم بما فیها من الزمهریر فإنه یقابل النار التی هی أصل نشأته " .

ولعلاقة إبلیس والدجال باستمراریة الولایة الشیطانیة .

والجنة والنار ذکر الشیخ فی آخر هذا الفص النبی المبعوث یوم القیامة لأصحاب الفترات والمجانین فمن اقتحم ناره دخل الجنة ومن أبى دخل النار . . .

وکذلک الدجال عند ظهوره فی آخر الزمان له جنة ونار .

فمن دخل جنته وجدها نارا ومن دخل ناره وجدها جنة . . .

وفی کل هذا تمهید من الشیخ للدخول فی فص عیسى الموالی إذ هو علیه السلام الذی یقتل الدجال ویختم الولایة العامة عند نزوله آخر الزمان.

 

سابعا : ما نسبة منزلة السماک الأعزل من برج السنبلة مع هذا الفص ؟

الجواب - واللّه أعلم - من حیث النفس اللفظی : کلمة " سمک " تعنی رفع

یقال : سمک اللّه السماء أی رفعها ، وسمک البیت سقفه . فالسماک هو المرتفع.

وقد وصف الحق تعالى مرتبة سماء هذا الفص الإدریسیة بالمکان العلی المرتفع فقال عن إدریس :" وَرَفَعْناهُ مَکاناً عَلِیًّا" سورة مریم .

 

14 : سورة فص عزیر علیه السلام

هی سورة العادیات المناسبة لوسطیة مرتبة هذا الفص الشمسی من آیتها الخامسة : " فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً " ( العادیات ، 5 ) والمناسبة للاسم " النور"  الممد لشمس هذا الفص من آیتها الثانیة : " فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً" (العادیات ، 2 ) .

وإلى هذه الأنوار یشیر فی قوله : " فلم یبق العلم الکامل إلا فی التجلی الإلهی وما یکشف الحق عن أعین البصائر والأبصار من الأغطیة فتدرک . . . " .

ولهذا نجده فی الوصل الخامس عشر من الباب 369 وهو المخصوص بالعادیات یبدأه بقوله :

" من خزائن الجود وهو ما تخزنه الأجسام الطبیعیة من الأنوار التی بها یضیء کونها " إلى آخره .

ویرجع إلى هذه الأنوار فی الباب 284 الخاص بمنزل العادیات ، وفیه یقول :

وأورى زناد الفکر نارا تولدت  .... من الضرب بالروح المولد عن جسم

فسبحان من أحیا الفؤاد بنوره   .... وخصصنی بالأخذ عنه وبالفهم

وکلامه فی هذا الفص حول النبوة العامة وفلک الولایة المحیط العام مناسب للفلک الشمسی العام المخصوص بهذه المرتبة القطبیة الرابعة عشر کما یشیر إلى مقام القربة للسابقین من قوله تعالى فی سورة الواقعة الآیة ( 10 - 11 ) "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( 10 ) أُولئِکَ الْمُقَرَّبُونَ " هو


سباق "وَالْعادِیاتِ ضَبْحاً ( 1 ) فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً ( 2 ) فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً "( العادیات ، 1 - 3 ) فی حلبة العلوم الدینیة والأخلاق الإلهیة التی أشار إلیها فی أبیات الباب المذکور کقوله :

تجارت جیاد الفکر فی حلبة الفهم  ..... تحصل فی ذاک التجاری من العلم

بأسرار ذوق لا تنال براحة  ...... تعالت عن الحال المکیف والوهم

 

وکقوله فیه أیضا :

فکم لنا مآثر    ..... منصوبة مثل العلم

لیهتدى بضوئها  ..... فی عرب وفی عجم

معلومة مشهورة  ..... مذکورة بکل فم

 

وأما علاقة " العادیات " بسر القضاء والقدر موضوع الفص فتظهر فی کلماتها : " العادیات - الموریات - المغیرات . . . "

لأنه مما یجری على الألسنة قولهم : " جرت المقادیر بکذا - وسبق القضاء بکذا " فالمقادیر الجاریات هی العادیات وسوابق القضاء هی الموریات المغیرات ولهذا جعل الشیخ عنوان منزل هذه السورة فی الباب 284 " المجاراة الشریفة وأسرارها " .

وأما کلام الشیخ حول قصة عزیر القائل :

" أَنَّى یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" ( البقرة ، 259 ) وموته ثم بعثه فی الدنیا وحفظه فی صدره للتوراة فمن الآیتین :" أَفَلا یَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِی الْقُبُورِ ( 9 ) وَحُصِّلَ ما فِی الصُّدُورِ" ( العادیات ، 9 - 10 )

وکلام الشیخ حول الذوق کقوله :

" الإخبار أیضا یقصر عن إدراک ما لا ینال الا بالذوق  .. فان الکیفیات لا تدرک إلا بالأذواق .. الاستعداد الذی یقع به الإدراک الذوقی " فمرجعه للاسم " الخبیر " من الآیة الأخیرة :" إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذٍ لَخَبِیرٌ" ( العادیات ، 11 ) لأن الخبرة هی الإدراک الذوقی .


وإلى هذا الذوق یشیر فی الأبیات الأولى من باب منزل العادیات 284 فیقول :

تعالت عن الحال المکیف والکم  ..... بأسرار ذوق لا تنال براحة

 

وکما قارن الشیخ فی هذا الفص بین الولایة والنبوة والرسالة فکذلک فی الباب " 284 " - أی منزل العادیات - تکلم على الفرق بین الأولیاء والأنبیاء ، وفیه أشار إلى مرتبته الشمسیة أی مرتبة خاتم الولایة المحمدیة فقال :

أغار  على جیش   الظلام .....   فأسفر عن شمسی وأعلن  عن

فقمت على ساق الثناء ممجدا .....  فجاءت بشارات المعارف بالختم ".

 

علاقة فص عزیر علیه السلام بلاحقه

سورة " العادیات " نزلت مباشرة بعد سورة " العصر " .

کذلک تجاور فصا السورتین : فسورة فص عیسى التالی هی " العصر " .

وقد تکلم الشیخ فی هذا الفص عن مسألة تعلق القدرة بالمقدور لتکوین الأشیاء ، وهو ما ظهر به عیسى فی إحیائه للموتى وخلقه للطیر بإذن اللّه تعالى .

وفی هذا الفص إشارات لکلمة " العصر " والزمان بذکر الوقت والحال وذکر الیوم فی آخر الفص :

" لا تسمى مفاتیح إلا فی حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلق التکوین بالأشیاء ، أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور.... یوم یکشف عن ساق ...... یوم القیامة " .


ولهذا الفص الشمسی علاقة بفص " إلیاس " الثانی والعشرین لأن إلیاس صعد على فرس النار إلى سماء النور أی فلک الشمس المتوجه على إیجادها اسمه تعالى " النور " .

ولهذا نجد الشیخ فی آخر فص إلیاس یتکلم عن التحقق بالحیوانیة .

ومن الحیوانات : " العادیات ضبحا " أی جیاد الجهاد .

ولهذا سمى الشیخ سورة " العادیات " فی الباب 22 : "منزل النفوس الحیوانیة ".

وجریان الجیاد فی المیدان یشبه جریان الشمس فی الفلک .

ومن أسماء الشمس الغزالة یقول الشیخ فی دیوانه :

" من روح سورة العادیات :

ألا إن علم الصبح یعسر درکه  .... کشقشقة الفحل الغبیق إذا رغا