عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثامنة عشر :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


قال الشیخ رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النّفس الإلهیّ فلیعرف العالم .  فإنّه من عرف نفسه فقد عرف ربّه الّذی ظهر فیه أی العالم ظهر فی نفس الرّحمن الّذی نفّس اللّه تعالى به عن الأسماء الإلهیّة ما تجده من عدم ظهور آثارها ، فامتنّ على نفسه بما أوجده فی نفسه . فأوّل أثر للنّفس الرحمانی إنّما کان فی ذلک الجناب ثمّ لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد)


قال رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس) بفتح الفاء (الإلهی فلیعرف العالم) بفتح اللام ، لأنه مقتضى ذلک النفس والنفس حامل له کما أن المتأوّه من أمر إذا تنفس الصعداء کان نفسه متضمنا صورة المعنى الذی فی قلبه فإنه ، أی الشأن من عرف نفسه بسکون الفاء ما هی فی الوجود الظاهر (فقد عرف ربه) ، أی خالقه الذی ظهر هو فیه سبحانه.


قال رضی الله عنه :  (. أی العالم ظهر فی نفس) بفتح الفاء الرحمن الذی نفّس بتشدید الفاء ، أی فرج اللّه تعالى به ، أی بذلک النفس عن حضرة الأسماء الإلهیة ما تجده تلک الأسماء من عدم ظهور آثارها المتوجهة من الأزل على إظهار تلک الآثار بظهور متعلق بنفس آثارها على حسب ترتیبها المستعدة به لقبول فیض التجلی الدائم .


قال رضی الله عنه :  (فامتن) سبحانه على نفسه بفتح الفاء بما أوجده سبحانه من العوالم المختلفة على طبق ما فی علمه فی نفسه بفتح الفاء فأوّل أثر کان للنفس الإلهی إنما کان فی ذلک الجناب أی فی حضرة الأسماء الإلهیة بالتنفیس عما تجده من ذلک الأمر المذکور ثم لم یزل الأمر الإلهی ینزل شیئا فشیئا بتنفیس الغموم ، وتفریج الغیوم إلى آخر ما وجد من آثار الحی القیوم


 شعر :

(فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس  )

(فالکل) ، أی جمیع الموجودات الحادثة من محسوسات ومعقولات

وموهومات (فی عین )، أی ذات النفس بفتح الفاء وهو النفس الرحمانی المذکور کالضوء الظاهر آخر اللیل فی ذات الغلس ، أی نفس الغلس وهو الظلمة بعد طلوع الفجر قبل أن ینتشر الضوء جدا ، فإن ذلک الضوء یظهر فی تلک الظلمة التی هی بقیة ظلمة اللیل شیئا فشیئا حتى ینتشر ویملأ الوجود وتختفی الظلمة فیه .


(والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس)

(والعلم ) باللّه تعالى (بالبرهان) العقلی حاصل فی وقت سلخ النهار ،أی تمییزه وانفصاله عن ظلمة اللیل کالجلد ینسلخ عن الشاة فینفصل منها.

قال تعالى :" وَآیَةٌ لَهُمُ اللَّیْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ" [ یس : 37 ] لمن نعس ، أی غفل عن الأمر على ما هو علیه لاعتماده على نظره العقلی ، فإنه داخل فی عین النفس الإلهی قائم به وهو برهانه ذلک من غیر شعور منه .


(فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس)

فیرى ، أی یرى صاحب العلم بالبرهان وهو الناعس من الغفلة الأمر الذی قد قلته من الکلام فی قیام العوالم کلها بالنفس الرحمانی ، ولکن رؤیا منام لا رؤیا یقظة ، لأنه لم یمت بالموت الاختیاری من توهم القیام بنفسه والنظر بعقله وحسه . قال علیه السلام : « الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا ".

وقال علیه السلام : "  المؤمنون ینظرون بنور اللّه "  تدل تلک الرؤیا المنامیة التی یراها فی نوم غفلته عینها على معرفته بهذا النفس الرحمانی وقیام العوالم به ، ولکن معرفته مطموسة بالغفلة والغرور واللهو واللعب .

قال تعالى :" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ[ العنکبوت : 61 ] ، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ، وقال تعالى :وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ( 63 )" [ العنکبوت : 63 ] .


وقال تعالى : " قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِیها إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( 84 ) سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَکَّرُونَ ( 85 ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ ( 86 ) سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ ( 87 ) قُلْ مَنْ بِیَدِهِ مَلَکُوتُ کُلِّ شَیْءٍ وَهُوَ یُجِیرُ وَلا یُجارُ عَلَیْهِ إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ( 88 )" [ المؤمنون : 84 - 88 ] .


(فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»)

(فیریحه) ، أی الذی قلته ، أو النفس یریح صاحب البرهان الغافل من کل غم هو فیه من إشکال حاصل له فی حال تلاوته قوله تعالى :عَبَسَ وَتَوَلَّى ( 1 ) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى ( 2 ) وَما یُدْرِیکَ لَعَلَّهُ یَزَّکَّى ( 3 ) أَوْ یَذَّکَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّکْرى( 4 ) [ عبس : 1 - 4 ] الآیة نزلت فی النبی صلى اللّه علیه وسلم لما طمع فی إیمان بعض المشرکین ، فکان یلین لهم الکلام .

فدخل ابن أم مکتوم وکان أعمى ، فعبس صلى اللّه علیه وسلم منه وأعرض عنه لاشتغاله بما هو فیه من الأهم ، فأنزل اللّه تعالى علیه ذلک یعاتبه فی حق المؤمن به کما عاتبه تعالى فی حق الأنصار ، ومن عرف ظهور الصور فی النفس الرحمانی لم یشکل شیئا من ذلک ، فیستریح من کل إشکال فی الدین مطلقا .


(ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس)

(ولقد تجلى) ، أی انکشف النفس الرحمانی المذکور الذی قد جاء فی طلب القبس وهو الشعلة من النار ، وذلک أن موسى علیه السلام لما قال لأهله :امْکُثُوا إِنِّی آنَسْتُ ناراً لَعَلِّی آتِیکُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً[ طه : 10 ] ،


(فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس)

(فرآه) ، أی النفس الرحمانی (نارا وهو نور) ظاهر فی صور الملوک ملوک الدنیا والآخرة وهم العارفون ، أو ملوک الدنیا فقط وهم کبارها وفی صور العسس ، أی الخدام وهم السالکون السائرون فی لیل نفوسهم على تهذیب أخلاقها وخدمة ملوک الدنیا ، أو هم الرعایا ، یعنی یعم الکلام للعالی والدون من الناس ، یعنی أن النفس الرحمانی واحد فی صورة کل شیء ، وهو نور حق على ما هو علیه وإن اختلفت علیه الصور فاختلفت الأحکام لاختلاف الصور .


(فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس)

(فإذا فهمت) یا أیها الإنسان السالک (مقالتی) هذه فی شأن هذا النفس الإلهی الظاهر لموسى علیه السلام فی صورة النار مع أنه نور فی نفس الأمر ، لأنه کان طالبا للنار فظهر له فی صورة حاجته الذی هو طالب لها .

تعلم أنت بطریق الذوق حیث ظهر فی صورة کل شیء ظهر لک (بأنک مقتبس) ، أی مفتقر إلى صورها ظهر لک بها وإن لم تعلم حقیقة ذلک .

قال تعالى : " وَعَسى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئاً وَهُوَ خَیْرٌ لَکُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَیْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَکُمْ وَاللَّهُ یَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [ البقرة : 216 ] .


(لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)

(لو کان) ، أی موسى علیه السلام (یطلب غیر ذا) ، أی غیر القبس من النار (لرآه) ، أی النفس الإلهی ظاهرا له (فیه) ، أی فی ذلک الغیر من کل ما هو محتاج إلیه (وما نکس) ، أی انقلب عما رآه من ذلک .

 

شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


قال رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی ) بحقیقته ( فلیعرف العالم ) الذی هو صورته وإنما توقف معرفة النفس الإلهی إلى معرفة العالم ( فإنه ) أی لأنه ( من عرف نفسه ) وهو جزء من العالم ( فقد عرف ربه ) فإن نفسه تفصیل وتعریف لربه فمن عرفها عرفه.


ولما یوهم قوله ( الذی ظهر فیه ) صفة للرب فسره لیعلم ابتداء أنه صفة للعالم لا للرب فقال : ( أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس اللّه به ) أی بسبب الرحمن ( عن الأسماء الإلهیة ) قوله : ( ما ) مفعول نفس ( تجده ) ضمیر الفاعل عائد إلى الأسماء ( من عدم ظهور آثارها ) متعلق بتجد بیان لما والذی تجده من عدم ظهور آثارها هو الکرب ( بظهور آثارها ) متعلق بنفس أی نفس اللّه عن الأسماء الکرب بسبب ظهور آثارها .


أی أزال عنها الکرب بسبب إظهار کمالاتها التی فی کونها ولو بقی آثارها فی بطونها ولم تظهر فی أوقاتها لزم الکرب للأسماء فأظهرها اللّه فی أوقاتها لئلا یلزم الکرب لأن الکرب یحصل ثم أزاله اللّه بتنفیسه عن الأسماء فإن هذا محال فی حق اللّه وحق الأسماء.


 قال رضی الله عنه :  ( فامتنّ على نفسه ) بقوله الحمد للَّه ( بما أوجده ) أی بالذی أوجده من صور الأعیان ( فی نفسه ) بفتح الفاء متعلق بأوجد ( فأول أثر کان ) أی حصل ( للنفس ) أی من النفس الرحمانی ( إنما کان فی ذلک الجناب الإلهی ) أی عن الحضرة الاسم اللّه الجامع ( ثم لم یزل الأمر یتنزل بتنفیس الغموم إلى آخر ما وجد ) .


شعر :

(فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس )

( فالکل ) أی ظهور العالم کله ( فی عین النفس ) الرحمانی ( کالضوء ) أی کظهور الضوء بدون الشمس ( فی ذات الغلس ) أی فی آخر ظلمة اللیل فکما أن اللیل والنهار لا یظهر أحدهما بدون الآخر کذلک لا یظهر کل واحد من النفس الرحمانی والعالم بدون أحدهما .


(والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس  )

( والعلم ) أی العلم الحاصل ( بالبرهان فی سلخ النهار ) أی فی آخره ( لمن نعس ) أی لمن نام ولم یتحصل علم ما قلته بالکشف العیانی قبل سلخ النهار فقوله لمن یتعلق بالعلم وفی سلخ النهار کذلک .


( فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس )

( فیرى ) الناعس ( الذی ) مفعول یرى ( قد قلته ) من تحقیق أنفس الرحمانی والعالم ( رؤیا ) مفعول ثان لیرى ( تدل على النفس ) صفة للرؤیا .


(فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس» )

( فیریحه ) أی یریح هذا العلم الناعس ( من کل غم ) أی من کل جهل حاصل ( فی تلاوته ) .

أی فی فکره ( عبس ) أی کأنه تلا بلسان الحال "عَبَسَ وَتَوَلَّى" حیث کانت نفسه فی ضیق الجهل وعبوس الفکر .

لکن هذا العلم لا یجدیه نفعا لأنه تعبیر واستدلال بنظر العقل فلا یستلزم علم حقیقته ما یراه فهذه الأبیات فی حق من طلب العلم بنظر عقلی لا من طلب بالکشف والبرهان وأما الذی طلب بطریق التجلی والکشف فحصل مطلوبه . فهو الذی قال فی حقه


 ( ولقد تجلى للذی ....  قد جاء فی طلب القبس )

شبه السالکین بحال موسى علیه السلام فی حصول مطلوبهم فکما تجلى اللّه لموسى علیه السلام فی طلب القبس من النار ، کذلک تجلى اللّه للسالکین الذین جاءوا فی طلب القبس من النور فنفع علمهم لحصوله فی وقته .


(فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس)

( فرآه ) أی رأى موسى علیه السلام الحق ( نارا ) وهی صورة مطلوبة ( وهو نور فی الملوک ) وهم الذین خلصوا عن ظلمة الطبیعة  وملکوا نور الحق فلا دلیل عندهم والعالم کله نهار عندهم .


( وفی العسس ) وهم السالکون الذین لم یصلوا درجة التحقیق ولم یخلصوا عن ظلمة طبیعتهم وهم یتصرفون فی ظلمة طبیعتهم بالنور الإلهی کما یتصرف العسس فی ظلمة اللیالی بالنار فکما أن العسس تابع فی التصرف بالملوک کذلک السالکون المتوسطون تابعون فی تصرف طبیعتهم الظلمانیة بالکمل والمرشدین هم ملوک الطریقة وسلاطین الحقیقة.


( فإذا فهمت مقالتی   ..... تعلم بأنک مبتئس )

"مبتئس" أی فقیر لیس لک شیء من العلم بالحقائق فدعوتک غنی بالعلم کدعوة الفقیر غنی بالمال .

وهذا دعوة من الشیخ رضی اللّه عنه فی تحصیل العلم من طریق العقل إلى طریق الکشف .


(لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)

( لو کان ) موسى علیه السلام ( یطلب غیر ذا ) أی غیر النار ( لرآه ) أی لرأى الحق ( فیه ) أی مطلوبة أی مطلوب کان ( وما نکس ) الحق فی إعطاء مطلوب کل طالب إذا توجه إلیه فتجلى له الحق فی صورة مطلوبه وهو منزه عن الصورة والصورة تنشأ عن بصر الرائی.

ولما فرغ عن بیان الحقیقة العیسویة وما یتعلق بها شرع فی بیان حکمته وتحقیق الآیات الواردة فی حقه علیه السلام .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


 

قوله رضی الله عنه  : 

فالکل فی عین النفس   …… کالضوء فی ذات الغلس

یعنی حضرة الحق وحضرة الخلق کلها فی ذات النفس، وعنده أن النفس هو من الحق تعالى وهو ضوء، وحضرة الإمکان التی هی الخلق جعلها کالغلس .

هذا ما هو ذوق التوحید، لأن الضوء هو وجود وهو یوجد فإن نسبته إلى أنه ضوء والإمکان غلس.

فالإمکان ما ینتفی بالنور وجعل البرهان انسلاخ النهار، لأنه جعل الضوء کاقبال النهار وجعل الإمکان انسلاخ النهار فکما أن اقبال النهار یعطی ظهور الضوء، وانسلاخه یعطی عدمها.


(والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس)

ویعنی بقوله: لمن نعس، یعنی ألا ترى انسلاخ النهار کیف یعطی النوم وهو إشارة إلى العدم.


(فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»)

وأما قوله: فی تلاوته عبس، فهو إشارة إلى قوله تعالى: "أو یذکر فتنفعه الذکرى" (عبس: 4) .

یعنی فإذا تذکر کیف الأمر استراح، لأنه یشهد سر القدر وقد تقدم کیف یستریح بذلک.


(ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس)

قوله: ولقد تجلى، یعنی موسی فرآها نارا وهی نور وأراد بالمبتئس الفقیر

 

(لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس )

قوله: لو کان یطلب غیر ذا، لوجده فی ذاته.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


قال رضی الله عنه : ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی ، فلیعرف العالم ، فإنّ من عرف نفسه عرف ربّه الذی ظهر فیه : أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفّس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها بظهور آثارها فامتنّ على نفسه ) .

یعنی: على أسمائه ونسبه وشئونه الذاتیة ، فإنّها فیه عینه لا غیره ، فامتنّ علیها .


قال رضی الله عنه : ( بما أوجده فی نفسه ، فأوّل أثر کان للنفس إنّما کان فی ذلک الجناب ، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس الهموم إلى آخر ما وجد ) .

قال العبد : هذه المباحث ذکرت مرارا ، فلا حاجة إلى الإعادة .


قال رضی الله عنه :

(فالکلّ فی عین النفس   .... کالضوء فی ذات الغلس)

یشیر رضی الله عنه : إلى أنّ صور الأسماء الإلهیة والحقائق الوجوبیة وصور الممکنات والحقائق الکونیة المربوبیة فی عین النفس کالضوء فی المادّة المشتعلة بالنور ، فالربّ بصور جمیع الحقائق الربانیة الحقّیة فی عماء الربّ فی أعلى النفس والخلق ، وکذلک تصوّر جمیع الحقائق الخلقیة منها فی عماء الکون من هذا النفس ، فتذکَّر .


قال رضی الله عنه :

(والعلم بالبرهان فی  .... سلخ النهار لمن نعس )

(فیرى الذی قد قلته   ...... رؤیا تدلّ على النفس)


یشیر إلى أنّ العلم بالنفس وما ذکرت من لوازمه لا ینال إلَّا بالکشف .

وأمّا البرهان الفکری - بترکیب المقدّمات واستنتاج النتائج منها والاستدلال بذلک على المطالب - فلیس إلَّا لمن سلخ نهار الکشف عن یوم عمره ، فهو فی لیل الحجاب والغفلة نائم عن التجلَّی الوجودی والنهار الکشفی الشهودی والفیض الدائم النوری الجودی ، تهبّ علیه مع الأنفاس فوائح روائح الأنفاس ، وهو لا یهبّ من النعاس ، یعتبر فی تعبیر رؤیاه فی المنام ، حقائق ما قلت ممّا یدلّ على النفس عند الکاشف العلَّام ، أنّها أضغاث أحلام .


قال رضی الله عنه :

(فیریحه عن کلّ  ..... کرب فی تلاوته عبس) 

یشیر إلى أنّ الذی تذکَّره ویذکره إن هو تفکَّر فیه فتدبّره یریحه عن کلّ کرب وضیق یجده فی ظلمة حجابه بما أکشف له وأشهده وألقّنه على وجهه سرّ " وُجُوه ٌ یَوْمَئِذٍ ( مُسْفِرَةٌ ضاحِکَةٌ ) مُسْتَبْشِرَةٌ " بعد عبوسه فی تلاوة " عَبَسَ وَتَوَلَّى " حال جهله بمن هو دائما کان علیه یتجلَّى .

 

قال رضی الله عنه  :

( ولقد تجلَّى للذی  ..... قد جاء فی طلب القبس)

یعنی : طالما انجلى هذا السرّ الخفیّ لمن طلب الحق الجلیّ ، کما ظهر لموسى بن عمران لمّا کان مجدّا فی طلب الجذوة ، فرآه رأی العیان .


قال رضی الله عنه :

(فرآه نارا وهو نور  .... فی الملوک وفی العسس)

یعنی : تجلَّى له نور وجهه فی مثال النار على صورة الشجرة ، فظنّه نارا وکان نورا هو نور الأنوار ، فلم یعبّر رؤیاه ولم یعبر عن صورة مطلبه الطبیعی إلى حقیقة ما رآه ، فلو عبّر ، وعبر ، واعتبر الحقیقة ، واستبصر ، لعلم أنّه النور الحق المتجلَّی فی الملوک والشرفاء العلویّین والعمّال فی أدنى الأعمال اللیلیة الحجابیة السفلیّین ، فإنّ ظهوره بحسب القوابل ، وإلَّا فهو هو فی الأواخر والأوائل .


قال رضی الله عنه  :

( فإذا عرفت مقالتی ....   تعلم بأنّک مبتئس )

إذا فهمت ما قلت ، فهمت فیما نلت ممّا أعطیتک ، ونلت أنّک فی طلب أمر سواه فقیر مبتئس ، ومغبون ، سحر ، مفلس " کَسَرابٍ بِقِیعَةٍ یَحْسَبُه ُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَه ُ لَمْ یَجِدْه ُ شَیْئاً وَوَجَدَ الله عِنْدَه ُ " حاضرا لم یزل ، وبدا له من الله ما لم یحتسب ولم یتخیّل .


 

قال رضی الله عنه :

(لو کان یطلب غیر ذا  .... لرآه فیه وما نکس )

یعنی : أنّ موسى ما طلب غیر النار ، فلمّا بلغ غایة طاقته فی الجهد والطلب ، تجلَّى له الحق فی صورة مطلوبه ، ولو طلب غیر ذلک ، لرآه فی ذلک الآخر ، وأنت أیضا حیث تطلب أمرا سواه ، فاعلم أنّک محجوب ، فمطلوبک فی زعمک ومبلغ علمک ، فمحتجب عنک بصورة مطلبک الله ، فطوبى لمن لم تتعلَّق همّته بغیر مولاه ، ولم یطلب طول عمره إلَّا إیّاه .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


قال رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم ، فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه ، أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله تعالى به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها بظهور آثارها ، فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه ، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب ، ثم لم یزل الأمر یتنزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد ) .

إنما علق معرفة النفس الإلهی بمعرفة العالم ، لأن العالم لیس إلا ظهور صور الأعیان ، وذلک الظهور هو النفس ، وعلل التعلیق بالحدیث المذکور لأن الإنسان هو العالم الصغیر ، والعالم هو الإنسان الکبیر .


فلما بان من عرف نفسه عرف أن ربه هو الذی ظهر فیه ، فکذلک عرف أن الذی ظهر فی نفس الرحمن من العالم هو الأسماء الإلهیة التی نفس الله تعالى بنفسه عنها کربها الذی تجده من عدم ظهور آثارها بظهور آثارها فی صور العالم فی النفس ، فامتن على نفسه أولا بما أوجده فی نفسه من صور أسمائه فإن الأسماء عین ذاته .

فالامتنان علیها بظهور آثارها امتنان منه على نفسه بنفسه ، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی الجناب الإلهی بإظهار أسمائه وآثارها لم یزل ینزل الأمر من ظهور الأسماء ثم الآثار بل الأسماء بالآثار إلى آخر ما وجد ، ولا آخر لظهور الأسماء بالآثار والآثار بالأسماء إلى ما لا یتناهى و « ما » فی ما تجده موصولة منصوبة المحل بنفس :


قال الشیخ رضی الله عنه :  (

( فالکل فی عین النفس   .... کالضوء فی ذات الغلس )

الغلس : ظلمة آخر اللیل : أی صور الأسماء الإلهیة والأکوان والآثار والأعیان الظاهرة فی عماد النفس کالضوء الفاشی فی ظلمة آخر اللیل ، فإن الضوء یظهر دون الغلس فکذلک یظهر الأسماء وآثارها أی صورها دون النفس ، فإن النفس ما هو إلا هو ظهور هذه الأشیاء :

( والعلم بالبرهان فی   .... سلخ النهار لمن نعس )

(فیرى الذی قد قلته      ..... رؤیا تدل على النفس )

یعنى أن العلم بالنفس وما ذکر من لوازمه لا ینال إلا بالکشف ، وأما العلم به من طریق البرهان بترکیب المقدمات واستنتاج النتائج فهو من نعس فی وقت سلخ ضوء نهار الکشف عن ظلمة لیل الغفلة ، فیرى رؤیا یعبرها ما قبله من النفس ، ولوازمه عند أهل الکشف یشبه العلم الفکری من وراء حجاب بالرؤیا التی تدل على التعبیر على المعنى المکشوف بالتجلی :


تابع شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

عند أهل الکشف یشبه العلم الفکری من وراء حجاب بالرؤیا التی تدل على التعبیر على المعنى المکشوف بالتجلی :

( فیریحه عن کل کرب  .... فی تلاوته عبس )

أی فیریحه العلم الحاصل بالبرهان عن کل کرب وضیق وعبوس یجده فی حال حجابه وتفکره فیه أرواحه ، یظهر بها على وجهه سر قوله – " وُجُوه یَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ - ضاحِکَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ " - بعد عبوسه فی تلاوته – " عَبَسَ وتَوَلَّى " - عند احتجابه :


( ولقد تجلى للذی     ..... قد جاء فی طلب القبس )

یعنى أن العلم البرهانی قد یفید سرور الوجدان من وراء حجاب ، وأما طالب الکشف فقد یتجلى له جلیة الحق دائما ، کمن جاء فی طلب القبس مجدا فی طلبه فتجلى له حقیقة هذا السر الخفی عیانا یعنى موسى بن عمران :


( فرآه نارا وهو نور  ..... فی الملوک وفی العسس )

أی تجلى له نور وجهه فی مثل النار على شجرة نفسه ، وکان نور الأنوار نور الحق المتجلى فی إکمال الواصلین السابقین الذین هم ملوک أهل الجنة .

والعمال فی الأعمال الحجابیة من السعداء والأبرار ، فإن ظهور نوره وتجلیه فی الشریف الرفیع العلوی .

کظهوره فی الدنىء الوضیع السفلى ، والتفاوت فی المراتب بالکمال والنقصان إنما یکون بحسب القوابل وإلا فهو فی الأوائل والأواخر والحقیقة واحدة :


( فإذا فهمت مقالتی   .... فاعلم بأنک مبتئس )

وفی بعض النسخ : یعلم بحمل إذا على إن کان فإن فهمت ،

وفی نسخة : عرفت ، أی إن فهمت ما قلت لک فاعلم بأنک فی وقوفک خلف الحجاب أو طالب أمر سواه فقیر مفلس .


( لو کان یطلب غیر ذا  .... لرآه فیه وما نکس )

أی لو طلب موسى غیر النار لرأى الله فی صورته ، یعنى لما بلغ غایة جهده وطاقته فی الطلب تجلى له الحق فی صورة مطلوبه الجسمانی الضروری .

وأنت أیضا لو لم تتعلق همتک بغیر الحق وغلبت محبتک إیاه على محبة الکل علیک لرأیته فی صورة ما أهمک .

ولو طلبت غیره وأجلته فأنت محجوب عن الحق بمطلوبک ، فطوبى لمن لم یتعلق بقلبه غیر حب مولاه ،ولا یطلب فی قصد طول عمره إلا إیاه.


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


قال رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی ، فلیعرف العالم ) لأن العالم صورته ، فإذا عرفت العالم بحقیقته ، عرف النفس الإلهی ونفسک أیضا .

( فإنه من عرف نفسه ، فقد عرف ربه ) لأن نفسه صورة ربه ومظهره ، فمن عرف نفسه معرفة تامة ، عرف ربه الذی ظهر فیه ضرورة .


قال رضی الله عنه :  ( الذی ظهر فیه ، أی ، العالم ظهر فی النفس الرحمانی الذی نفس الله تعالى به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها بظهور آثارها . فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه .)


قوله : ( الذی ظهر فیه ) صفة ( للعالم ) وإن کان صالحا أن یکون صفة للرب ، لذلک فسر بقوله : ( أی ، العالم ظهر فی النفس الرحمانی ) فالحدیث اعتراض بین الصفة والموصوف ودلیل للحکم .


والمقصود ، أن أعیان العالم هی التی ظهرت على النفس الرحمانی ، وبظهورها نفس الله تعالى عن الکرب الذی کان یجده فی نفسه ، لأن الأسماء التی هی النسب کانت طالبة لظهورها وأحکامها ، والأعیان الثابتة کانت طالبة لکمالاتها ، فکانت کرب الرحمان ، فبظهورها وظهور آثارها زال ذلک الکرب ، فامتن الله بنفسه على نفسه بما أظهره فی نفسه من صور أعیان الموجودات .

ولما کان التنفیس للحق من حیث الأسماء ، لا من حیث الذات الغنیة عن العالمین .


قال رضی الله عنه: ( نفس الله ) من الأسماء . و(ما) فی (ما تجده) بمعنى (الذی) ،وضمیر الفاعل عائد إلى (الأسماء) .

( فأول أثر کان للنفس الرحمانی ، إنما کان فی ذلک الجناب ، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس الغموم إلى آخر ما وجدا . ) .

أی ، فأول أثر حصل من النفس الرحمانی ، کان فی الجناب الإلهی ، أی ، أول ما نفس من الاسم ( الله ) ، ثم من باقی الأسماء الکلیة ، ک( الرحمان ) و ( الرحیم ) ، ثم من الأسماء التالیة لها إلى أن نفس من الأسماء الجزئیة التی یقتضى أعیان الموجودات الشخصیة وتوابعها من الجزئیات المضافة إلیها والتابعة لها .


وفیه إشارة إلى ما مر فی المقدمات من أن أول ما تعین من الأعیان والمهیات فی العلم ، عین الإنسان الکامل التی هی المظهر للإسم ( الله ) ، ولکونها جامعا للأسماء له أشد الکرب ، فوجب أن یکون أول التنفیس من جنابه ، ثم من غیره من الحضرات .


(فالکل فی عین النفس ...... کالضوء فی ذات الغلس )

( الغلس ) ظلمة آخر اللیل . إنما شبه حصول جمیع الأعیان الموجودة والأکوان الظاهرة والآثار الصادرة منها فی عین النفس الرحمانی بالضوء الحاصل فی ظلمة اللیل.

إشارة إلى قول رسول الله ، صلى الله علیه وسلم : " إن الله خلق الخلق فی ظلمة ، ثم رش علیهم من نوره ، فمن أصابه من ذلک النور ، اهتدى ، ومن أخطأ ، ضل وغوى " .

وفی هذا التشبیه إیماء أیضا إلى کون العالم بأسره أعراضا ، فإن الضوء عرض والنفس عرض ، لأنه عبارة عن انبساط التجلی الوجودی وامتداده وظهوره ، ومعروضه حقیقة الوجود الحقیقی الذی هو الحق المطلق .


(والعلم بالبرهان فی   ..... سلخ النهار لمن نعس )

( النعاس ) النوم . ( سلخ ) النهار آخره . أی ، إدراک هذه المعانی إنما هو بالکشف العیانی ، لا بالدلیل البرهانی ، فمن وجده کشفا وعیانا ، فقد أصاب ، لأنه أدرک الأمر على ما هو علیه ، ومن حصله بالنظر والبرهان من وراء ستور الحجب مع أن شمس الحقیقة طالعة ویوم الکشف الإلهی قد لاح صباحه بوجود العین المحمدی فی هذه النشأة الدنیاویة وبقى على حجابه إلى سلخ هذا الیوم الذی مقداره ألف سنة ، فهو ناعس فی نوم الغفلة .


کما قال رسول الله ، صلى الله علیه وسلم : ( الناس نیام ، فإذا ماتوا ، انتبهوا ) .

( فیرى الذی قد قلته  ...... رؤیا تدل على النفس )

أی ، الناعس المحجوب یرى ما قررته وأشرت إلیه من النفس الرحمانی وآثاره بنظر عقله ، کما یرى النائم رؤیا تعبیره وجود النفس المذکور .

وإنما شبهه بالرؤیا التی یجب التعبیر عنها ، لأن الرائی صورة ما فی نومه ، یدرک نفسه معنى ما من وراء حجابیة تلک الصورة المتجسدة ، وقد یعلم حقیقة ما یراه وقد لا یعلم ، وکذلک صاحب النظر یحکم بعقله على ما یجد من وراء الحجاب ،وقد یکون على یقین من ربه ، وقد لا یکون.


( فیریحه من کل غم  ..... فی تلاوته عبس )

أی ، فیریحه العلم الحاصل بالبرهان عن کل غم وعبوس کان یجده حال عدم إدراکه وحین جهله . فکأنه کان تالیا ( عبس وتولى ) بلسان الحال ، إذ کانت نفسه فی عبوس الفکر وضیق الجهل ، ثم زال ذلک عنه بالبرهان الذی حصل له لا بالقال .


( ولقد تجلى للذی  ...... قد جاء فی طلب القبس )

أی ، العالم بالبرهان لو اجتهد وطلب من روحه القدسی نورا یرى به الأشیاء کما هی ، یحصل له ذلک . کما حصل لمن سافر فی ظلمة لیل طبیعته ، وطلب من قواه الروحانیة نارا ینور بها بیت قلبه واجتهد فی ذلک صادقا وتوجه إلى ربه ، فکشف له الحق وتجلى ، فعلم یقینا مطلوبه .


(فرآه نارا وهو نور   ...... فی الملوک وفی العسس)

أی ، أراه نارا ، وهو فی الحقیقة نور إلهی متجل به للکمل والأقطاب الذین هم ملوک الطریقة وسلاطین الولایة ، وعلى المتوسطین فی السلوک ، الذین لا وصول لهم إلى عین الکمال الحقیقی بحسب مقاماتهم ودرجاتهم فی العالم المثالی المطلق والخیال المقید .

وإنما أطلق علیهم ( العسس ) ، لأنه له السلطنة فی ظلمة اللیل ، کما لهم التصرف فی الوجود مع عدم الوصول إلى مقام الجمع الإلهی .


( فإذا فهمت مقالتی  ...... تعلم بأنک مبتئس )

( المبتئس ) الفقیر . و ( إذا ) بمعنى ( إن ) . أی ، إن علمت ، یا عالم بالبرهان ، مقالتی فی النفس الرحمانی ولوازمه المدرکة بالکشف ، تعلم بأنک مبتئس فقیر مفلس ، فلا تدعى أنک عالم بالحقائق ، کما لا یلیق بالمفلس أن یدعى الغنى ، حتى لا یکون کمن قال رسول الله صلى الله علیه وسلم ، فیه : ( المتشبع بما لا یملک کلابس ثوبی زور ) . وفی بعض النسخ : ( فاعلم فإذا بمعناه ) .

وقد یجزم ب ( إذا ) فی الشعر ضرورة ، کقول الشاعر :

(وإذا تصبک من الحوادث نکبة فاصبر ، فکل غیابة فستنجلی) فیکون ( تعلم ) مجزوما للضرورة .


(  لو کان یطلب غیر ذا  ...... لرآه فیه ومانکس )

أی ، لو طلب موسى ، علیه السلام ، غیر النار ، لرأى الحق فی صورة مطلوبه کان ما کان ، وما نکس الحق وجهه عن المطلوب الحقیقی لقوة صدقه فی الطلب وکثرة توجهه إلى الحق ، فلو طلب ما طلب ، لظهر له الحق فیه وما قلب وجهه عن حضرته . فطوبى لمن لا یتوجه إلا إلیه ، ولا یضع رأسه إلا بین یدیه .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)

 

قال رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم ، فإنّه « من عرف نفسه ؛ فقد عرف ربّه » الّذی ظهر فیه أی العالم ظهر فی نفس الرّحمن الّذی نفّس اللّه تعالى به عن الأسماء الإلهیّة ما تجده من عدم ظهور آثارها ، فامتنّ على نفسه بما أوجده فی نفسه ، فأوّل أثر للنّفس الرحمانی إنّما کان فی ذلک الجناب ثمّ لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد).


قال رضی الله عنه :  ( فإنه « من عرف نفسه ؛ فقد عرف ربه » الذی ظهر نفسه فیه ) ؛ لأنه إنما یعرف الحق من حیث ما فیه مما یناسب صفاته من الحیاة ، والعلم ، والإرداة ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والکلام ، فیظهر له أن هذه الصفات موجودة فی ربه ، فیعرف بذلک ربه والعالم مع النفس الرحمانی ( کذلک ) ، أی : العالم ظهر فی ( النفس الرحمانی ) بعد کمونة فی أسماء الحق کونا موجبا فیها ما یشبه الکرب ، فأزاله الحق عنها بهذا النفس ( الذی نفس اللّه به عن الأسماء الإلهیة ) ( ما ) کانت ( تجده ) مما یشبه الکرب الحاصل لها ( عن عدم ظهور آثارها ) ، فنفس عنها ( بظهور آثارها ) التی هی الصورة الروحانیة والجسمانیة.


ثم أشار إلى فائدة هذه المعرفة بأنها مزیلة لأنواع الکرب کلها ، فقال : ( فامتن على نفسه ) أی : ذاته باعتبار أسمائه التی کانت هذه الذات غالبة علیها قبل ظهور هذه الآثار بما ( أوجده فی نفسه ) من آثار أسمائه بأن جعل النفس محل ظهور هذه الآثار الموجب کونها ما یشبه الکرب فی الأسماء بل فی الذات باعتبار عینیتها .


قال رضی الله عنه :  ( فأول أثر کان للنفس الرحمانی ) بإزالة الغموم ، ( إنما کان فی ذلک الجناب ) ، وإن جل عن قبول الآثار ؛ لتنزهه عن أن یکون محلا للحوادث ، لکن هذا یشبه الأثر بإزالة ما یشبه الکرب الذی فی الأسماء ، باعتبار نسبتها إلى هذه الآثار ، فکأنه کان هذا الکرب فی الأسماء ، وهی کأنها عین الذات حینئذ ، فکأنه کان الکرب هناک فأزیل عنها .


قال رضی الله عنه :  ( ثم لم یزل الأمر ) أی : أمر النفس الإلهی ( ینزل ) إلى سائر المراتب بتنفیس ( الغموم إلى آخر ما وجد ) ؛ فمنه تأثیر نفخ عیسى علیه السّلام من حیث مظهریته لذلک النفس فی إحیاء الموتى ، وإبراء الأکمه والأبرص ، ومنه بقیات أهل الدعوات والرقى ، ومنه نفس الإنسان المنفس له عما یجد من الحرارة الروحانیة فی باطنه بإخراجه ، وإدخال الهواء البارد من الخارج ، وإذا کان ظهور


(فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس)

( الکل فی النفس کضوء ) الکواکب ، وغیرها الظاهر ( فی ) الهواء ( ذات الغلس ) ، وهو ظلمة آخر اللیل تظهر فیه عدم قیامها به ، وهذا الأمر واضح لأهل الکشف .


(والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس)

( والعلم ) بهذا الظهور ، مع عدم قیام الظاهر بالمظهر ( بالبرهان ) ، مع کون هذا المعلوم فی الموضوح ( فی سلخ النهار ) لدى أهل الکشف إنما یحتاج إلیه ( لمن نعس ) أی :

نام ، فإنه لا یرى شیئا فی سلخ النهار ؛ فإذا برهن لتمثله


(فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس)

( فیرى الذی قد قلته رؤیا تدل على النفس ) دلالة صور المنام على ما تعبر هی به .

لکن هذه الرؤیا البرهانیة إذا رآها


(فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»)

( فیریحه عن کل کرب ) کان یجده فی الشدائد ، فیراها من حیث کونها من صور النفس المنفس لها بنفسه من وجه آخر ، فتزول عنه عبوسته التی یقال فیها لأجله : إنه ( فی تلاوته عبس ) .


ثم أشار إلى ذلک البرهان ، وهو القیاس على ظهور النار لموسى علیه السّلام فی جناب الحق مع أنه لیس محلا لصور الحوادث ، بل إنها رؤیت فیه ؛ فهی محررة کصورة الشخص فی المرآة ،


(ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس)

( ولقد تجلى ) أی : الحق بلا خلاف ( الذی ) ( قد جاء فی طلب القبس ) ، وهو موسى علیه السّلام ،


(فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس)

(فرآه ) أی : الحق (نارا) بظهور صورة النار فیه ، (وهو نور) لیس بمحل الصورة شیء ، وهذا المعنى معروف (فی الملوک) أهل الکشف ، (وفی العسس) علماء الظاهر .


(فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس  )

( فإذا فهمت مقالتی ) ، وعرفت أن الصورة الظاهرة فی الحق غیر حالة فیه ، بل هی کصور الشخص فی المرآة ( تعلم بأنک مبتئس ) فقیر ، وإن ظهرت فی الحق أو ظهر فیک الحق ، بل غایته أنه قائم بخیال الرأی بتبدل هذه الصور بحسب ذلک حتى أنه :


(لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)

( لو کان ) موسى علیه السّلام ( یطلب غیرنا ) لقبس ( لرآه ) أی : ذلک غیر الحق ( فیه ) ، أی : فالحق صورته ، ( وما نکس ) عن الحق عن عدم رؤیة المطلوب ، فهو إنما رأى النار لکونها صورة مطلوبة ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

ولما فرغ رضی الله عنه عن بیان ما یتعلق بالنفس الإلهی من حیث ظهور الآثار رؤیة ، وإن کان بعضها صورا للأسماء الإلهیة ، لکن من حیث هی آثاره ؛ شرع فی بیانه من حیث هو صورته :


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)


قال رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم ، فإنّه « من عرف نفسه عرف ربه » الذی ظهر فیه ) أی فی ربّه ، فإنّ العالم ظاهر والربّ مظهره  .


قال رضی الله عنه :  ( أی العالم ظهر فی النفس الرحمانی الذی نفّس الله به عن الأسماء الإلهیّة ما تجده ) من الکرب ( من عدم ظهور آثارها ) بظهور أثرها ، ( فامتنّ على نفسه بما أوجده فی نفسه ، فأوّل أثر کان للنفس إنّما کان فی ذلک الجناب ) بظهور آثار الأسماء الإلهیّة بأعیانها الثابتة

(ثمّ لم یزل الأمر یتنزّل بتنفیس الغموم إلى آخر ما وجد ) وهو الإنسان بمراتبه من مدارج الإیقان ثم أخذ فی تفصیله نظما بقوله :


(  الکلّ  فی عین النفس   ..... کالضوء فی ذات الغلس )

أی ظهور حروف الحقائق الکیانیّة فی عین النفس الرحمانی کظهور الضوء فی مطلع تباشیر إصباح الإظهار عند انغمار أشعّة الأضواء المظهرة للأکوان العدمیّة المتکثّرة فی ظلمة الوحدة الإطلاقیّة الذاتیّة ، فإن « الغلس » هو ظلمة آخر اللیل ، وهذا أوّل نهار الإظهار .


کما أنّ العلم بالبرهان فی آخر نهاره ، وذلک لأنّه إنّما یتحقّق فی اللطیفة الإنسانیّة التی هی آخر أجزاء ذلک النهار ، ونهایة مراتب ظهوره عند إعراضها عن هذه التماثیل الموهمة ومشاعرها المشوّشة ، ذاهلا عن الموادّ الهیولانیّة ، ناعسا عن قواها فإنّ النفس الإنسانیّة حینئذ لا بدّ وأن ترى عند توجّهها إلى مبدئها الفیّاض بالذّات رؤیا تدلّ على ذلک النفس الجامع للکلّ ، وهی المرتبة المسمّاة عندهم بالعقل المستفاد . وإلیه أشار بقوله :


( والعلم بالبرهان فی   ..... سلخ النهار لمن نعس )

( فیرى الذی قد قلته   ...... رؤیا تدلّ على النفس )

فعلم أنّ البرهان من امّهات صور النفس الرحمانی ،فإنّه علیه یترتّب الإیقان المنفّس له عن هموم الظنون والشکوک والجهالات المضلَّة کما قال.


( فیریحه من کل غمّ   .... فی تلاوته عبس )

وذلک لأنّ من توجّه تلقاء حضرة الجواد لا یمکن أن یخیب منه الآمال ، ومن استوهب المواهب من الوهّاب بالذات لا بدّ وأن یرجع مقضیّ الحوائج على کلّ حال أما رأیت موسى علیه السّلام لما جدّ فی طلب القبس قد ظهر له فی صورة مطلوبه الناری معاینا له ، مع أنّه نور لملوک نهار الکشف وعسس لیالی البرهان وغیاهب الحجاب کما أشار إلیه بقوله :


( ولقد تجلَّى للذی   ..... قد جاء فی طلب القبس )

( فرآه نارا - وهو نور  ..... فی الملوک وفی العسس )

وإذا فهمت هذه المقالة علمت أنّ الطالب لا بدّ له من إظهار الاحتیاج والافتقار ، متشمّرا أذیال التوجّه فی مواقف الاستکانة والاضطرار ، فإنّه علیه السّلام لما استجمع فیه شروط الطلب ، لو کان یطلب غیر النار لرآه فیه ، وما خاب من سعیه وطلبه کما قال :


( وإذا فهمت مقالتی   ..... تفهم بأنک مبتئس )   أی فقیر

( لو کان یطلب غیر ذا  ..... لرآه فیه وما نکس )


ما حکاه القرآن من محاورة عیسى علیه السّلام فی القیامة

ثمّ إنّه لما بیّن أن شخص الأب الأولى - المعبّر عنه بآدم - له الختم بحسب الوجود من حیث استیعابه أحکام الکثرة الأسمائیّة ، وأحدیّة الجمع الذاتیّة ، أخذ یبیّن أنّ الکلمة العیسویّة لها تلک المرتبة بحسب الشهود.


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 ه:

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها.

فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس

والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس

فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس

فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»

ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس

فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس

فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس

لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)

 

قال رضی الله عنه :  ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن الذی نفس الله به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها. فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه، فأول أثر کان للنفس إنما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد. )


وإذا کان العالم صورة النفس الإلهی ( فمن أراد أن یعرف النفس الإلهی فلیعرف العالم فإنه من عرف نفسه ( التی هی العالم الصغیر ( عرف ربه الذی ظهر ) نفسه ( فیه ) ، أی ربه فإن العالم باعتبار ظاهر والرب مظهر وهو باعتبار مراتبه الرب للمربوب ، ولما کان هذا الکلام محتملا لاعتبار مظهریة العالم وظاهر الرب دفعه.

 بقوله : ( أی العالم ظهر فی النفس الرحمانی).


وفی النسخة المقروءة على الشیخ رضی اللّه عنه فی نفس الرحمن ( الذی نفس اللّه تعالى به عن الأسماء الإلهیة الإلهیة ما تجده ) ، أی الکرب الذی تجده الأسماء ( من عدم ظهور آثارها ) وذلک التنفس إنما لا یکون إلا بظهور آثارها .

قال رضی الله عنه :  ( فامتن ) اللّه تعالى ( على نفسه ) فسکون الفاء حین أزال کربه وکرب أسمائه ( بما أوجد فی نفسه ) بفتح الفاء من صور أعیان الموجودات التی هی مظاهر الأسماء وآثارها .


قال رضی الله عنه :  ( فأول أثر کان للنفس الرحمانی ) وهو التنفیس عن الکروب ( إنما کان فی ذلک الجناب ) ، أی فی الجناب الإلهی ( ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد ) وهو الإنسان مما یحصل به من التنفیس أکثر مما یحصل بغیره ولکن لا یتناهى ذلک التنفیس . والتنفیس أبد الآباد لعدم انتهاء تجلیاته سبحانه دنیا وآخرة .


(فالکل فی عین النفس ... کالضوء فی ذات الغلس)

( فالکل ) ، أی الحقائق کلها ( فی عین النّفس ) الإلهی ( کالضوء فی ذات الغلس ) ، وهو ظلمة آخر اللیل والمقصود تشبیه المجموع المرکب من الحقائق والنفس بالمجموع الممتزج من الضوء والغلس ووجه الشبه هو أن الضوء بدون الغلس نور صرف لا یمکن إدراکه .

وکذلک الظلمة المحضة لا تدرک والممتزج منها وهو الضیاء یتعلق به الإدراک ، وکذلک النفس من غیر تقیده بالحقائق لا تدرک لصرافة نوریته والحقائق من غیر تلبسها بالنفس لا تدرک

لکونها من هذه الحیثیة ظلمة محضة ، والمجموع المرکب منهما یتعلق به الإدراک ، فظهر من هذا التقریر أنه لیس المراد من هذا الکلام تشبیه الحقائق بالضوء والنفس بالغلس لیرد أن تشبیه الحقائق بالغلس وتشبیه النفس بالضوء أظهر وإن أمکن أن یتکلف للأول أیضا وجه.

 

(والعلم بالبرهان فی ... سلخ النهار لمن نعس)

( والعلم بالبرهان ) الکشفی بأن یکون المعلوم هو البرهان ویحتمل أن یکون معناه والعلم بما ادعیناه من أن الکل فی عین النفس ، التنبیه حاصل بسبب البرهان الکشفی علیه ( فی . . سلخ النهار ) ، أی فی آخر نهار الظهور وهو مرتبة الإنسان لما ورد فی الحدیث : من أن آدم خلق فی آخر ساعة من یوم الجمعة .

ولکن العلم بذلک البرهان لیس حاصلا لکل إنسان بل ( لمن نعس ) ، أی عطل حواسه الجزئیة عن التوجه بمتعلقاتها المتعددة المتکثرة المانعة عن مشاهدة الوحدة وصار أحدی الهم والهمة فی التوجه إلى الحق المطلق .

 

(فیرى الذی قد قلته ... رؤیا تدل على النفس)

( فترى الذی قد قلته ) وهو من نعس فاسم الموصول فاعل یرى ومفعوله ( رؤیا تدل على النفس ) ، أی یرى الناعس عن المحسوسات رؤیا تدله على النفس عن کرب الاحتجاب بها وهذه الرؤیا إنما هی مشاهدة سریان نفس الرحمن فی الحقائق کلها وإنما سماها رؤیا لأنها مرتبة فی حال النعاس وإن لم یحتج إلى التعبیر أو لإمکان أن تکون تلک المشاهدة فی صورة مثالیة تحتاج إلى التعبیر .


(فیریحه من کل غم ... فی تلاوته «عبس»)

( فیریحه ) ، أی یریح العلم بالبرهان الناعس ( من کل غم ) کائن ( فی ) وقت ( تلاوته ) سورة ( عبس ) والمراد بتلاوته إیاها تحققه بالعبوس المفهوم منها ، ثم استشهد على ما ذکر بقصة موسى علیه السلام .

 (ولقد تجلى للذی ... قد جاء فی طلب القبس)

( ولقد تجلى ) الحق سبحانه ( للذی قد جاء فی طلب القبس ) التجلی الصوری المثالی


(فرآه نارا وهو نور ... فی الملوک و فی العسس)

( فرآه نارا فی صورة ) مطلق به حال کونه مستعجمعا شرائط التجلی من التوجه التام إلى الحق سبحانه والانقطاع عما سواه ( وهو ) فی الحقیقة ( نور ) سار ( فی الملوک ) ، أی الکمل الذین هم سلاطین نهار الکشف ( فی العسر ) ، أی السالکین السائرین فی أمالی ظلمة الاحتجاب .


(فإذا فهمت مقالتی ... تعلم بأنک مبتئس  )

( فإذا فهمت ) مضمون ( مقالتی ) هذه وهو أن التجلی فی صورة ما یطلبه العبد المتجلى له إنما یقع إذا کان مستجمعا لشرائط التجلی ( تعلم ) أنک فی حال الحجاب ( بأنک مبتئس ) فقیر فاقد للتجلی لفقدان شرائطه ، وإنما تجلى الحق سبحانه لطلب القبس فی صورة لأنه کان أحدی الهم والهمة فی طلبها ، فوقع التجلی فی صورتها لیکون أوقع فی نفسه .


( لو کان یطلب غیر ذا ... لرآه فیه وما نکس)

ولهذا ( لو کان یطلب غیر ذا ) القبس ( لیراه ) ، أی الحق المتجلی ( فیه ) ، أی فی غیر القبس لا فی القبس ( وما نکس ) رأسه خجلا من عدم فوزه بذلک التجلی .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص ۳۶۸-۳۶۹

(هر کس ‌می‌خواهد نفس الهى را بشناسد)

فمن أراد أن یعرف النّفس الإلهی فلیعرف العالم فإنّه من عرف نفسه عرف ربّه الذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرحمن، الذی نفّس اللّه به عن الأسماء الإلهیة ما تجده من عدم ظهور آثارها. فامتنّ على نفسه بما أوجده فی نفسه فأول أثر کان للنّفس الرحمانی أنّما کان فی ذلک الجناب، ثم لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

پس هر کس ‌می‌خواهد نفس الهى را بشناسد باید عالم را بشناسد. زیرا عالم صورت نفس الهى است (و نیز خویشتن را بشناسد) که «من عرف نفسه فقد عرف ربه» که در آن ظاهر شد آن عالمى که در نفس رحمانى ظاهر شد. که به نفس رحمانى اسماء اللّه ظاهر گردیدند و حق تعالى به اظهار اسماء، تنفیس از کربى که در خویش ‌می‌یافت نمود، پس از آن چه در خویش ایجاد کرد بر ذات خود امتنان نمود پس اول اثرى که براى نفس‏ رحمانى بود همانا در آن جناب الهى بود. سپس امر پیوسته به تنفیس عموم تا آخر آن چه که موجود شد نزول ‌می‌یابد.

فالکلّ فی عین النّفس‏                 کالضوء فی ذات الغلس‏

                       

همه حقایق در عین و ذات نفس مثل روشنایى‌اند که در آخر شب ظاهر ‌می‌شود.

و العلم بالبرهان فی‏                    سلخ النهار لمن نعس‏

                       

معلومات برهانى مثل رؤیاى آدمى است که در آخر روز از خستگى به خواب رفته است.

فیرى الذی قد قلته‏                   رؤیا تدل على النّفس‏

                       

این ناعس (خوابیده) خواب ‌می‌بیند خوابى که دلالت بر نفس می‌کند.

فیریحه من کلّ غمّ‏                    فی تلاوته «عبس»

                       

پس آن علم که از برهان به دست آمد او را از هر غم و عبوسى که در حال عدم ادراک و زمان جهلش داشت که گویا به زبان حال تالى سوره عبس و تولّى بود رهایى ‌می‌دهد و آسوده‌اش ‌می‌گرداند.

و لقد تجلّى للذی‏                      قد جاء فی طلب القبس‏

                       

پس حق تعالى تجلى کرد براى کسى که در طلب قبس آمد. یعنى چنانکه حضرت موسى در راه طلب قبس قدم نهاد که فرمود: لَعَلِّی آتِیکُمْ مِنْها بِقَبَسٍ‏ به شهادت قبس و سرانجام به فیض تجلى حق نایل شد، این عالم از راه برهان در طلب نفس رحمانى موسى وار به چنان تجلى ‌می‌رسد.

فرآه نارا و هو نور                      ر فی الملوک و فی العسس‏

                       

پس او را آتش دیده است و حال این که نور است در ملوک و پاسبان.

فإذا فهمت مقالتی‏                     تعلم بأنک مبتئس‏

                       

اگر حرف مرا فهمیده باشى ‌می‌دانى که فقیر و تهى دستى.

لو کان یطلب غیر ذا                  لرآه فیه و ما نکس‏

                       

اگر غیر قبس را طلب ‌می‌کرد هر آینه حق متجلى را در آن غیر قبس ‌می‌دید و حق تعالى از او سر باز نمی‌زد چون طالب، قابل است.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۷۳۱-۷۳۵

فمن أراد أن یعرف النّفس الإلهىّ فلیعرف العالم.

پس هرکه خواهد که نفس الهى را بشناسد باید که عالم را بشناسد از آنکه عالم صورت نفس الهى است، پس هرگاه که عالم را به حقیقتش بشناسى نفس الهى و نفس خود را نیز بشناسى.

فإنّه‏

من عرف نفسه فقد عرف ربّه‏

پس هرکه نفس خود را بشناسد ربّ خود تواند شناخت از آنکه نفس او صورت و مظهر ربّ اوست، پس هرکه نفس خود را به معرفت دریابد ربّ خود را تواند شناخت.

الّذى ظهر فیه أى العالم ظهر فى نفس الرّحمن (النّفس الرحمانی- خ) الّذى نفّس‏ اللّه تعالى به عن الأسماء الإلهیّة ما تجده من عدم ظهور آثارها، فامتنّ على نفسه بما أوجده فى نفسه.

«الّذى ظهر» صفت عالم است، اگرچه صالح است که صفت ربّ باشد، و از براى دفع این احتمال تفسیر کرد که یعنى عالم ظاهر شد در نفس رحمان. پس حدیث‏

«من عرف نفسه»

اعتراض باشد در میان صفت و موصوف و دلیل حکم بود.

و حاصل معنى آنکه اعیان عالم است که ظاهر مى‏شود بر نفس رحمانى و به ظهور او تنفّس از کرب که حقّ در نفس خویش مى‏یافت حاصل مى‏گردد چه اسما که نسب است طالب ظهور و احکام خویش است، و اعیان ثابته نیز طالب کمالات خود.

پس کربى که در نفس رحمان بود به ظهور اعیان و ظهور آثارش زائل مى‏‌گردد، لاجرم حقّ سبحانه و تعالى به اظهار صور اعیان موجودات در نفس خویش منّت نهاد بر نفس خود.

و چون تنفیس حقّ را از روى اسما بود نه از حیثیّت ذات غنیّة عن العالمین، شیخ گفت نفّس عن الأسماء.

و لفظ «ما» در ما تجده به معنى الّذى است و ضمیر فاعل عائد به اسماء.

فأوّل أثر کان للنّفس الرحمانى إنّما کان فى ذلک الجناب ثمّ لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

یعنى اول اثرى که حاصل شد از «نفس رحمانى» در جناب الهى بود. یعنى اول تنفیس از «اسم اللّه» بود بعد از آن از باقى اسماى کلّیّه چون «رحمن و رحیم» و بعد از آن از اسمائى که در احاطه و شمول اقرب بدین اسماء باشد تا غایتى که تنفیس حاصل شود از اسماى جزئیّه که اقتضاى اعیان موجودات شخصیّه و توابع آن از جزئیّات مى‏کند.

و درین کلام اشارت است بدان که اول آنچه متعیّن شد از اعیان و ماهیّات در علم «عین انسان کامل» بود که مظهر اسم اللّه است و از براى جامعیّت او مر همه‏ اسماء را کرب حاصل ازو أشدّ بود، پس واجب شد که اوّل تنفیس از جناب الهى باشد بعد از آن از حضرات دیگر.

فالکلّ فى عین النّفس‏ کالضّوء فى ذات الغلس‏

«غلس» ظلمت آخر لیل است. و در تشبیه جمیع اعیان موجوده و اکوان ظاهره و آثار صادره از آن در عین «نفس رحمانى» به ضوئى که در ظلمت لیل حاصل شود، اشارت است به‏

قول رسول صلى اللّه علیه و سلّم که گفت: «إنّ اللّه خلق الخلق فى ظلمة ثمّ رشّ علیهم من نوره فمن أصابه من ذلک النّور اهتدى و من أخطأه ضلّ و غوى»

. و درین تشبیه ایماء نیز متحقّق است بر آنکه همه عالم اکوان و اعراض است؛ چه ضوء عرض است و نفس نیز عرض، (چه ضوء عرضى است و نفس نیز عرضى- خ) چه «نفس» عبارت است از انبساط تجلّى وجودى و امتداد و ظهورش، و معروض او حقیقت وجود حقیقى که حقّ مطلق است.

و العلم بالبرهان فى‏ سلخ النّهار لمن نعس‏

«نعاس» نوم است و «سلخ نهار» آخر او، یعنى ادراک این معانى میسّر نمى‏شود مگر به کشف عیانى، نه به دلیل برهانى. پس هرکه سعادت کشف و عیان دریابد از نصاب نیل صواب نصیبى برگیرد، از آنکه ادراک امر بر آنچه هست کرده باشد. و هرکه تحصیل این به نظر و برهان کند از وراى ستور حجب با وجود آنکه شمس حقیقت طالع شده و یوم کشف الهى لایح گشته و صاحبش به وجود عین محمدیّه درین نشأت دنیاویّه ظهور یافته و تا آخر این روز در حجاب بماند که آن روز مقدار الف سنة است و او ناعس باشد، یعنى این یوم را به نوم غفلت به آخر رسانیده باشد.

قال رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلّم: النّاس نیام فإذا ماتوا انتبهوا

فیرى الّذى قد قلته‏ رؤیا تدلّ على النّفس‏

یعنى نائم محجوب مى‏بیند آنچه تقریر کرده شد و اشارت بدان پیوست از «نفس رحمانى» و آثارش به نظر عقلانى، چنانکه نائمى رؤیائى بیند که تعبیر او نفس مذکور باشد.

و تشبیه حال ناظر به نظر عقل به نائم، و تشبیه مدرک او به خوابى که حاجت به تعبیر دارد از براى آنست که بیننده صورتى در نوم ادراک مى‏کند معنى را که از وراى حجاب آن صورت متجسّده، و گاه حقیقت مرئى را مى‏داند و گاهى نه؛ و حال صاحب‏نظر نیز که حکم به عقل خویش مى‏کند بر آنچه از وراى حجاب ادراک مى‏نماید بعینه همچنین است که گاهى از آن مدرکات به ربّ خود از روى تعیّن راه مى‏برد و گاهى نه. لاجرم او به منزله نائم است، و مدرک او به مثابه خوابى که به تعبیر محتاج است. پس حکم حدیث‏

«النّاس نیام فإذا ماتوا انتبهوا»

هرچه ظاهر مى‏شود در حسّ مثل آنست که ظاهر مى‏شود در نوم، و مردم از آن حقایق و معانى که صور ظاهره بر آن مشتمل است غافل‏اند بیت:

ماهى‏‌صفت ارچه گوش داریم کریم‏ بگشاده چو دام چشمها بى‌‏بصریم‏

بیدارى ما و خواب ما هر دو یکى است‏ چون ما ز صور ره به حقایق نبریم‏

پس همچنان‏که معبّر دانا مراد را مى‏‌داند از صورى که مرئى است در نوم، همچنان عارف حقایق امور مى‏داند مراد را از صورى که ظاهر است در حسّ از آنکه هرچه در حسّ ظاهر مى‏شود صورت چیزى است که در عالم مثالى است؛ و آنچه در عالم مثالى است صورت معانیى است که فایض است بر ارواح مجرّده از حضرت الهى. و آن معانى از مقتضیات اسماست که به امتداد «نفس رحمانى» در هر مرتبه‏اى به تعیّن خاص اختصاص یافته است.

پس عارف حقایق وقتى که صورتى مشاهده کند یا کلامى بشنود یا معنى از معانى در دل او واقع شود استدلال مى‏کند از آن به مبادى آن و مراد حق تعالى را از آن مى‏داند. و ازینجاست که مى‏گویند هرچه در عالم حادث مى‏شود رسل حقّ تعالى است به بنده که پیغام حقّ را به بنده مى‏رساند مى‏داند آنکه مى‏داند و اعراض‏ مى‏کند از آنچه مقصود است از آن صورت، آن‏کس که نمى‏داند؛ چنانکه حقّ سبحانه و تعالى مى‏فرماید: وَ کَأَیِّنْ مِنْ آیَةٍ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یَمُرُّونَ عَلَیْها وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ‏ و اعراض ایشان از عدم تنبّه ایشان است و از دوام ایشان در خواب غفلت پس همه عالم خیال است. شعر:

إنّما الکون خیال و هو حقّ فى الحقیقة کلّ من یفهم هذا حاز أسرار الطّریقة

خواجه مى‏فرماید قدّس سره، بیت:

خواست و خیال این جهان فانى‏ در خواب کجا حقیقت خود دانى‏

چون روى به سوى آن جهان گردانى‏ پیدا شودت حقایق پنهانى‏

فیریحه من کلّ غمّ‏ فى تلاوته «عبس»

یعنى راحت مى‏‌بخشد ناظر را علمى که به برهان حاصل شده است از هر غمى و عبوسى که در نفس خویش درمى‏یافت در حالت عدم ادراک و در هنگام جهلش که گوئیا در آن هنگام تلاوت‏ عَبَسَ وَ تَوَلَّى‏ به لسان حال مى‏‌کرد و نفس او در عبوس فکر و ضیق جهل بود بعد از آن به یارى برهانى که او را حاصل شد از آن مضایق خلاص یافت.

و لقد تجلّى للّذى‏ قد جاء فى طلب القبس‏

یعنى اگر عالم بالبرهان اجتهاد نماید و از روح قدسى طلب نورى کند که بدان نور اشیا را همچنان‏که هست تواند دید هرآینه او را این نور حاصل شود چنانکه حاصل شد آن را که در ظلمت لیل طبیعتش سفر کرد، و از قواى روحانیّه نارى طلبید که بدان خانه دل خود را منوّر سازد و دست همّت از دامن اجتهاد صادق نگسست و متوجّه ربّ خویش شد لاجرم مراد بر او منکشف گشت.

فرآه نارا و هو نو ر فى الملوک و فى العسس‏

پس آتشى دید و در حقیقت آن نار نورى بود الهى متجلّى بر کمّل و اقطاب که ایشان ملوک طریقت و سلاطین ولایت حقیقت‏اند و بر متوسطین در سلوک‏ که ایشان را هنوز وصول به عین کمال حقیقى دست نداده است و مقامات و درجات عالم مثالى و خیالى مطلق را پى سپر نکرده‏اند و ایشان به نسبت آن ملوک و سلاطین به منزله عسس‏اند چه عسس را سلطنت در ظلمت لیل است چنانکه متوسطان را تصرّف در وجود در حالت عدم وصول به مقام جمع الهى است.

فإذا فهمت مقالتى‏ تعلم (فاعلم- خ) بأنّک مبتئس‏

«مبتئس» فقیر است و «إذا» به معنى «إن»، یعنى اى عالم بالبرهان اگر دریابى مقالت مرا در «نفس رحمانى» و لوازم مدرکه او را به کشف عیانى، هرآینه بدانى که تو فقیر مفلسى و دعوى علم بالحقایق نکنى و خود را بدین منصب لایق بینى چنانکه مفلس را دعوى غنا لائق نیست، و اعتراف نمائى که بیت:

برداشته‏ایم آنچه افکندنى است‏ آورده بهم آنچه پراکندنى است‏

در خطه دل نهال ادراک و علوم‏ هرجا که نشانده‏ایم برکندنى است‏

لو کان یطلب غیرنا لرآه فیه و ما نکس‏

یعنى اگر موسى علیه السلام غیر نار از حق طلبیدى هرآینه حقّ را در صورت مطلوبش دیدى، و حقّ وجه او را از مطلوب حقیقى بازنگردانیدى از براى قوّت صدق آن طالب در طلب، و کثرت توجّه او به سوى حق. پس هرکه حقّ را طلب کند در آنچه مى‏خواهد حقّ در آن صورت مطلوبش برو متجلّى شود و روى او را از حضرت خود تقلیب نکند «فطوبى لمن لا یتوجّه إلّا إلیه و لا یضع رأسه إلّا بین یدیه» بیت:

جز به سوى حق نباشد سیر او هیچ مطلوبى نجوید غیر او

قبله جانش بود دیدار حق‏         دیده روشن سازد از انوار حق‏

چون نباشد غیر حق مطلوب او رو نماید عاقبت محبوب او

از درخت آتشین آید (آمد- خ) ندا که منم مطلوب جانت مرحبا

در جلابیب صور کم کن نظر دوست را در هر لباسى مى ‏نگر


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۲۰

فمن أراد أن یعرف النّفس الإلهیّ فلیعرف العالم فإنّه من عرف نفسه عرف ربّه الّذی ظهر فیه: أی العالم ظهر فی نفس الرّحمن الّذی نفّس اللّه به عن الأسماء الإلهیّة ما تجده من عدم ظهور آثارها بظهور آثارها. فامتن على نفسه بما أوجده فی نفسه؛ فأوّل أثر کان للنّفس إنّما کان فی ذلک الجناب ثمّ لم یزل الأمر ینزل بتنفیس العموم إلى آخر ما وجد.

فالکلّ فی عین النّفس‏ کالضّوء فی ذات الغلس‏

و العلم بالبرهان فی‏ سلخ النّهار لمن نعس‏

فیرى الّذی قد قلته‏ رویّا تدلّ على النّفس‏

فیریحه من کلّ‏         غمّ فی تلاوته «عبس»

و لقد تجلّى للّذى‏ قد جاء فی طلب القبس‏

فرآه نارا و هو نور فی الملوک و فی العسس‏

فإذا فهمت مقالتی‏ تعلم بأنّک مبتئس‏

لو کان یطلب غیر ذا لرآه فیه و ما نکس‏

شرح مى‏‌فرماید که حقیقة الحقائق به هویّت در همه ساریست، و حکم حکمت نور ظهور او بر همه جاریست، گاه در مظهر نورى و  ولیک این معنى در نیابى تا نظر کشف و عیان بر وى نگمارى که طلب دریافت این حقیقت به دلایل و برهان از شرف این خلعت عارى است. و غافل از آن که این نور وجود در عین نفس، چون ضیا در غلس متوارى. زیرا که به ترکیب مفردات و ترتیب مقدمات و نتایج علم بیانى بى مدد فیض ربّانى چون جواب خواب کننده باشد در آخر وقت نهارى که هر چه از آن فهم کند، نزد معبّر غیر آن بود؛ چون خواب‏هاى فصل بهارى، و از رنج نرهد، چون خواننده سوره عبس، که خلاص نباشدش جز در تذکیر مذکّر و تفسیر مفسّر و معونت او و یارى.

و اگر در طلب ثابت قدم باشى و پایدار بر تو ظاهر گردد، چنانکه بر موسى منکشف شد در صورت نارى.

و قوله «فی الملوک و فی العسس» یعنى أنّه نور الحقّ المتجلّى فی‏السّرّ فالعلویین و العمّال فی ادنى الأعمال اللیلیة الحجابیة للسّفلیین. فانّ ظهور نوره و تجلّیه فی الشریف الرفیع کظهوره فی السّخیف الوضیع.

قوله «فاعلم بأنّک مبتئس» أی إذا فهمت ما قلت، فهمت فیما نلت ممّا أعطیتک، و علمت أنّک فی طلب سواه فغیر مبتئس.

قوله‏

«لو کان یطلب غیر ذا - لرآه فیه و ما نکس»

یعنى أنّ موسى ما یطلب عین النّار، و لو طلب غیر ذلک لرآه فی ذلک الآخر، و أنت أیضا حیث تطلب سواه.

فاعلم أنّک محجوب بمطلوبک فی زعمک و مبلغ علمک، و هو محتجب عنک بصورة مطلبک.