الفقرة الثامنة والعشرون :
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشیخ عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:
15 - فص حکمة نبویة فی کلمة عیسویة
قال الشیخ رضی الله عنه : (من خصائص الروح أنه ما یمر على شیءٍ إلا حیی ذلک الشیء.
ولکن إذا حیی یکون تصرفه بحسب مزاجه واستعداده لا بحسب الروح. فإن الروح قدسیٌ.
ألا ترى أن النفخ الإلهی فی الأجسام المسواه مع نزاهته وعلو حضرته کیف )
إنّما خصّت الحکمة النبویة بالکلمة العیسویة- و إن کانت جمیع هذه الحکم نبویة- لأنّ نبوّته فطریة غالبة على حاله و قد أنبأ عن الله فی بطن أمّه بقوله، «أَلَّا تَحْزَنِی قَدْ جَعَلَ رَبُّکِ تَحْتَکِ سَرِیًّا»، و فی المهد بقوله، «آتانِیَ الْکِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا»، إلى وقت بعثه- و هو الأربعون من سنة، لقوله علیه السلام "ما بعث نبى إلّا بعد الأربعین".
و قیل، إنّها لیست مهموزة من «النبإ»، بل ناقصة من «نبا ینبو نبوّا» بمعنى «ارتفع»، لارتفاع مقامه من أبناء البشر و لقوله تعالى، «بَلْ رَفَعَهُ الله»، و لختم الولایة علیه.
من (خصائص الروح) الذی هو نفس رحمانى من صفاته الذاتیة الحیاة- أنه ما یمر على شیء من القوابل و لم یباشره بصورته المثالیة (إلا حیی ذلک الشیء) بقوّة قبوله، و ظهر فیه خاصیة الحیاة و أثر من آثارها بحسب تلک القوّة.
(و لکن إذا حیى ذلک الشیء) الذی مرّ علیه الروح و باشره، و سرت الحیاة فیه (یکون تصرفه) ، أی تصرّف الروح و تأثیره، (بحسب مزاجه)، أی مزاج ذلک الشیء (واستعداده، لا بحسب الروح) نفسه، فان الروح أمر قدسی، لیس له حسب معیّن و حیثیة مخصوصة.
(ألا ترى أن النفخ الإلهی)، أی الروح الإلهی المنفوخ، (فی الأجسام المسواة)
قال الشیخ رضی الله عنه : (یکون تصرفه بقدر استعداد المنفوخ فیه.
ألا ترى السامری لما عرف تأثیر الأرواح کیف قبض فخّار العجل فذلک استعداد المزاج.)
لنفخ الروح فیها، (مع نزاهته) عن خواص تلک الأجسام (و علو حضرته) فی حدّ ذاته عن التقیّد بصفاتها، (کیف یکون تصرفه)، أی تصرّف الروح فی الجسم المنفوخ فیه أو فیما عداه بتوسّطه، (بقدر استعداد) الجسم (المنفوخ فیه) و قابلیته، لا بحسب الروح فی نفسه؟
(ألا ترى أن السامری لما عرف تأثیر الأرواح) فیما تمرّ علیه و تباشره (کیف قبض) «قَبْضَةً من أَثَرِ الرَّسُولِ»؟ یعنى الروح الأمین- الذی هو جبرئیل- حین ظهر متمثّلا على البراق و کان البراق أیضا روحا متمثّلا.
فأثّر ذلک فی التراب الذی مرّ علیه، و سرت الحیاة فیه، فعرف السامری ذلک بنور باطنه و قوّة استعداده.
فقبض قبضة من أثره، فنبذها على صورة العجل المتّخذة من حلى القوم.
(فخار العجل) بعد ما حیى. (فذلک)، أی الخوار، سببه (استعداد المزاج) التابع لصورة العجل.
فلو کان صورة حیوان آخر، لنسب إلیها اسم الصوت الذی لتلک الصورة، کالرغاء للإبل، و الثواج للکبش، و الیعار للشاة، و غیر ذلک.