الفقرة الثانیة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب.) .
17 - فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
هذا فص الحکمة الداودیة ، ذکره بعد حکمة سلیمان علیه السلام ، لأنه أبوه فذکره بعده وکان القیاس تقدیم ذکر الأب على الابن ، لأنه أصله لما وهبه اللّه تعالى لأبیه وجمع سر الخلافة الإلهیة فیه وفهمه الحکمة وحققه بالرحمة کان عمل أبیه الصالح المقدم بین یدیه .
والمشار به إلیه قال تعالى :"وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"( 30 ) [ ص : 30 ] .
وقال تعالى :" فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وَکُلًّا آتَیْنا حُکْماً وَعِلْماً " [ الأنبیاء : 79 ] ، فقد سبق أباه بالفهم وضرب له فی مقام المظهریة الإلهیة بأوفى سهم .
(فص حکمة وجودیة) ، أی منسوبة إلى الوجود (فی کلمة داودیة) إنما اختصت حکمة داود علیه السلام بکونها وجودیة لأنها کانت بتصرف الوجود فی الوجود ، ولهذا ورد التصریح لها بالخلافة دون آدم علیه السلام ولین لها الحدید وأوّبت معها الجبال لکما اتصالها بالوجود عن تحقق کشف وشهود انفصالها عن حکم الأعیان الثابتة الظاهرة بنور الحق سبحانه فکأنها نفس النور الوجودی من کمال المقام الشهودی .
قال رضی الله عنه : (اعلم أنّه کانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهیّا لیس فیها شیء من الاکتساب أعنی نبوّة التّشریع ، کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السّلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء ، ولا یطلب علیها جزاء فإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام والإفضال . فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] یعنی لإبراهیم الخلیل - علیه السّلام - وقال فی أیّوب - علیه السّلام -وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ [ ص : 43 ] ؛ وقال فی حقّ موسى - علیه السّلام -وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا( 53 ) [ مریم : 53 ] إلى مثل ذلک . فالّذی تولّاهم أوّلا هو الّذی تولّاهم آخرا فی عموم أحوالهم أو أکثرها ، ولیس إلّا اسمه الوهّاب .)
(اعلم) یا أیها السالک (أنه) ، أی الشأن لما کانت النبوّة والرسالة فی النبی والرسول (اختصاصا إلهیا) ، أی مجرد خصوصیة یختص اللّه تعالى بها من یشاء من عباده (لیس فیها) ،
أی فی النبوّة وکذلک الرسالة (شیء من الاکتساب) ، أی التحصیل بالسعی أصلا (أعنی) بالنبوّة (نبوّة التشریع) ، أی المقتضیة لتشریع الشرائع الإلهیة وتکلیف العباد بها احترازا عن نبوّة الخبر کالإلهام فی حق الأولیاء والوحی الوارد للنحل والأرض کما قال تعالى :وَأَوْحى رَبُّکَ إِلَى النَّحْلِ[ النحل : 68 ] ، وقال سبحانه :یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ( 4 ) بِأَنَّ رَبَّکَ أَوْحى لَها( 5 ) [ الزلزلة : 4 - 5 ] .
وقوله تعالى : وَأَوْحَیْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِیهِ [ القصص : 7 ] ، وغیر ذلک فإنه کان بمعنى وحی الإلهام ونبوّة الخبر دون وحی النبوّة ونبوّة التشریع (کانت عطایاه تعالى لهم) ، أی للأنبیاء والمرسلین (علیهم السلام) غیر النبوّة والرسالة (من هذا القبیل) ، أی من قبیل نبوّتهم ورسالاتهم مجرد اختصاصات إلهیة ومحض (مواهب) رحمانیة (لیست جزاء) منه تعالى لهم على عمل أصلا (ولا) هی عمل منه تعالى (یطلب) بالبناء للمفعول (علیها) ،
أی على تلک العطایا (منهم) ، أی من الأنبیاء علیهم السلام (جزاء) ، لأن اللّه تعالى غنی عن العالمین (بإعطائه) تعالى (إیاهم) ، أی للأنبیاء علیهم السلام تلک العطایا (على طریق الإنعام) منه سبحانه (والإفضال) ، أی الإحسان والتکرم .
(فقال) تعالى ("وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ " )[ الأنعام : 84 ] ابن إسحاق (یعنی لإبراهیم الخلیل) علیه السلام (وقال) تعالى (فی أیوب) علیه السلام (" وَوَهَبْنا لَهُ") ،
أی لأیوب علیه السلام (أَهْلَهُ)، وهم أولاده وزوجاته فقیل : إن اللّه تعالى أحیاهم له (وَمِثْلَهُمْ)، أی أولاده وزوجاته مقدارهم أیضا (مَعَهُمْ) [ ص : 43 ] وقال تعالى أیضا (فی حق موسى) علیه السلام : ("وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا")( 53 ) [ مریم : 53 ] ، فشد اللّه تعالى عضده به وقوّاه وجعل لهما سلطانا فی الأرض (إلى مثل ذلک) کقوله تعالى فی زکریا علیه السلام :وَوَهَبْنا لَهُ یَحْیى[ الأنبیاء : 90 ] ، (فالذی تولاهم) ،
أی الأنبیاء علیهم السلام یعنی کان ولیا لهم (أوّلا) فجعلهم بمحض فضله علیهم وإحسانه إلیهم أنبیاء ومرسلین (هو الذی تولاهم آخرا) ،
أی قام على نفوسهم بجمیع ما اکتسبوا (فی عموم أحوالهم) ظاهرا وباطنا من غیر نسبة إلى نفوسهم عندهم أصلا (أو) فی (أکثرها) ، أی أحوالهم ، وفی الأقل بنسبتها إلى نفوسهم عندهم ونفوسهم قائمة به سبحانه کما کان یقسم صلى اللّه علیه وسلم بقوله : « والذی نفسی بیده » رواه البخارى ومسلم .
(ولیس) ذلک الذی تولاهم (إلا اسمه) تعالى (الوهاب) کما ورد فعله بذلک فی الآیات المذکورة
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب
17 - فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
قال الشیخ رضی الله عنه : ( فص حکمة وجودیة ) أی فص الحکمة المنسوبة إلى الوجود الإنسانی حاصلة ( فی کلمة داودیة ) أی فی روح منسوبة إلى داود علیه السلام وإنما نسب الحکمة الوجودیة إلى داود علیه السلام لأن المقصود من الوجود الإنسانی الخلافة ولا یتم ذلک بکماله إلا بداود علیه السلام
لذلک ما ظهرت الخلافة فی أحد مثل ظهورها فی داود علیه السلام حیث خاطبه الحق
بقوله :یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناکَ خَلِیفَةً بخلاف آدم علیه السلام فإنه لیس بهذه المثابة فی التصریح فلا یظهر خلافة آدم بتمامه إلا بداود .
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب ) أی لا یحصل بتعلق إرادة الإنسان ( أعنی نبوة التشریع ) فالنبوة العامة لکونها لازمة للولایة الکسبیة خارجة عن هذا الحکم ( کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل )
قوله رضی الله عنه : ( مواهب لیست جزاء ولا یطلب علیها منهم جزاء فاعطاؤه تعالى إیاهم على طریق الإنعام والإفصال ) بدل قوله من هذا القبیل على التفضیل ( فقال :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ *یعنی لإبراهیم الخلیل ، وقال فی أیوب :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُم ْوقال فی حق موسى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّاإلى مثل ذلک فالذی تولاهم أوّلا ) .
أی تولا بإعطاء کمالاتهم فی الدنیا من غیر کسب ( هو الذی تولاهم آخرا فی عموم أحوالهم أو أکثرهم ) بإعطاء درجاتهم من غیر کسب فکانت نعم اللّه علیهم فی الدنیا والآخرة بطریق الإفضال لکونهم مظاهر اسمه الوهاب فلا ینفک تصرف الاسم الوهاب ولا الجواد عنهم ( ولیس ) متولیهم ( إلا اسمه الوهاب ).
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب).
قال رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء. فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک. فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
قلت : استفتح کلامه فی معنى قوله تعالى لداود، علیه السلام: ولقد آتینا داود منا فضلا (سبأ: 10) ولم یقل جزاء بل عطاء منه وموهبة .
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
17 - فصّ حکمة وجودیة فی کلمة داوودیة
قال العبد : قد ذکرنا علَّیّة استناد الحکمة الوجودیة إلى الکلمة الداودیة فی شرح الفهرست ، وفی شرح فصّ سلیمان ، أنّه صورة کمال ظهور الوجود ، ونتمّمه إن شاء الله فی شرح المتن .
" إنّما کانت حکمته وجودیة لما تمّ فی وجوده حکم الوجود العامّ فی التسخیر ، وجمع الله له بین الملک والحکمة والنبوّة ، ووهبه سلیمان الذی آتاه التصرّف فی الوجود على العموم ، وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صریحا ، فبلغ الوجود بوجوده کمال الظهور ."
قال رضی الله عنه : « اعلم : أنّه لمّا کانت النبوّة والرسالة اختصاصا إلهیّا لیس فیها شیء من الاکتساب ، أعنی نبوّة التشریع ، کانت عطایاه - تعالى - لهم علیهم السّلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء ، ولا یطلب علیها منهم جزاء ، وإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام والإفضال ،
فقال : (وَوَهَبْنا لَه ُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ) ، یعنی لإبراهیم الخلیل ،
وقال فی أیّوب : ( وَوَهَبْنا لَه ُ أَهْلَه ُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) ،
وقال فی حق موسى : ( وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا أَخاه ُ هارُونَ نَبِیًّا ) فالذی تولَّاهم أوّلا هو الذی تولَّاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها ، ولیس إلَّا اسمه « الوهّاب »
قال العبد : یشیر رضی الله عنه بإسناد هذه الحکمة الوجودیة إلى الکلمة الداودیة ، إلى أنّ الکمال الوجودیّ والوجود الکمالیّ إن یظهرا فی أحدیة جمع الجمع الإنسانی الإلهی ، بالخلافة والنیابة الإلهیة الکلَّیة من حضرة الجواد الوهّاب ،
فإنّ الوجود فیض ذاتی جودی ، وهو نفس رحمانی وجودی ، وهذا وإن ظهر فی کل خلیفة الله فی أرضه وقطب قام بنیابته فی نفله وفرضه فی کل عصر ،عصر من الأنبیاء والأولیاء ، ولکن ظهوره فی داوود علیه السّلام کان أتمّ وأبین ، بمعنى أنّ الله جمع له - صلوات الله علیه - بین الخلافة الحقیقیة المعنویة الإلهیة وبین الخلافة الظاهرة بالسیف والتحکیم الکلَّی فی العالم.
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
17 - فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
إنما خصت الکلمة الداودیة بالحکمة الوجودیة ، لأن الوجود إنما تم بالخلافة الإلهیة فی الصورة الإنسانیة ، وأول من ظهر فیه الخلافة فی هذا النوع کان آدم ، وأول من کمل فیه الخلافة بالتسخیر داود حیث سخر الله له الجبال والطیر فی ترجیع التسبیح معه کما قال - ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَه یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ والإِشْراقِ والطَّیْرَ مَحْشُورَةً کُلٌّ لَه أَوَّابٌ ) - وجمع الله به فیه بین الملک والخطاب والنبوة فی قوله - ( وشَدَدْنا مُلْکَه وآتَیْناه الْحِکْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ ) - وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صریحا هو داود علیه السلام . ولما کان التصرف فی الملک بالتسخیر أمرا عظیما لم یتم علیه بانفراده ، وهبه سلیمان وشرکه فی ذلک لقوله - ( ولَقَدْ آتَیْنا داوُدَ وسُلَیْمانَ عِلْماً وقالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِی فَضَّلَنا ) - الآیة ، وقال - ( فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وکُلاًّ آتَیْنا حُکْماً وعِلْماً ) - فکان تتمة لکماله فی الخلافة بما خصصه الله به من کمال التصرف فی العموم فبلغ الوجود بوجود کماله فی الظهور ، وهذا هو السر فی اقتران الحکمة الداودیة بالحکمة السلیمانیة ، وتقدیم السلیمانیة على الداودیة للمزیة الظاهرة له بخصوصیة ، فکأنها حکمة واحدة فیما یرجع إلى ظهور کمال الوجود ، وحکمتان فی ظهور الرحمانیة فی الفرع ، إذ کل فرع فیه ما فی الأصل وزیادة تخصه ، فقدم للزیادة وللتنبیه على أنهما حکمتان متمیزتان بتقدیم الآخر على الأول کما فعل الله بقصة البقرة .
قال رضی الله عنه : ) اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب أعنى نبوة التشریع کانت عطایاه تعالى لهم علیهم الصلاة والسلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء ولا یطلب علیها منهم جزاء ، فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال فقال : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ویَعْقُوبَ " یعنى لإبراهیم الخلیل ، وقال فی أیوب : " ووَهَبْنا لَه أَهْلَه ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ " . وقال فی حق موسى :" ووَهَبْنا لَه من رَحْمَتِنا أَخاه هارُونَ نَبِیًّا " إلى مثل ذلک ،
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم آخرا فی عموم أحوالهم أو أکثرها ، ولیس إلا اسمه الوهاب)
اعلم أنه لما کان أصل الوجود الفائض على الأشیاء من محض الجود کان کماله الذی هو الخلافة الإلهیة أیضا من محض الجود ،
فکانت للنبوة والرسالة التی لا بد للخلافة الإلهیة منهما مع التصرف فی الملک بالتسخیر اختصاصا إلهیا من حضرة اسم الجواد الوهاب ، لیس للکسب والعمل فیه مدخل لا أولا بأن یکون جزاء لعمل منهم ولا آخرا بأن یطلب منهم شکرا وثناء ، ویکون قضاء لحق النعمة علیهم ،
کما ذکر فی الآیات المذکورة ، وإنما خصص النبوة بالتشریع احترازا عن نبوة الإنباء العام من البحث فی معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وآثاره ،
وعن علم الوراثة فی قوله : « العلماء ورثة الأنبیاء » . وقوله: " علماء أمتی کأنبیاء بنی إسرائیل " .
فإن تحصیل علوم النبوة بالکسب وبالعمل الذی یثمره فی قوله علیه الصلاة والسلام: « من عمل بما علم علمه الله ما لم یعلم » نوع النبوة الکسبیة ،
فالذی تولاهم أولا بأن أعطاهم تفضلا من غیر عمل منهم تولاهم آخرا بأن یحفظ علیهم تلک النعمة فی جمیع الأحوال أو أکثرها ویزیدها ولا یطلب منهم شکرها مع أنهم لا یخلون بالقیام عن شکرها ، لأن نشأتهم النبویة تعطیهم القیام بحقوق العبدانیة على أکمل الوجوه ،
کما قال علیه الصلاة والسلام « أفلا أکون عبدا شکورا » .
ولهذا ذکر أنه أتى داود شکرا فضلا ولم یذکر أنه أعطاه ما أعطاه جزاء لعمله ولم یطلب منه جزاء على ذلک الفضل ، وإنما طلب الشکر بالعمل من آل داود على النعمة التی أنعم بها علیهم وعلى آل داود ، ولأن النعمة على الأسلاف نعمة على الأخلاف .
"" أضاف بالى زادة : فالعبد الشکور هو الذی شکر الله على ما أنعم من غیر طلب من الله الشکر ، وأما الذی شکر عن طلب ربه فلیس بعبد شکور ، فما کان الشکور من العباد إلا الأنبیاء خاصة لورود النص فی حقهم ، وأما غیرهم من المؤمنین وإن کانوا شاکرین لکنهم لا یکونون عبدا شکورا لعدم النص فی حقهم ، نعم قد أنعم الله على بعض المؤمنین ببعض نعمة من غیر طلب الشکر فتبرعوا بالشکر من عند أنفسهم ، فکانوا حینئذ عبدا شکورا ولم یأت النص به اهـ بالى.""
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
17 - فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
المراد بالحکمة الوجودیة حکمة وجود العالم الإنسانی ، لا مطلق الوجود ، فإنه غیر مختص بشئ من الأشیاء فضلا عن أن یکون مختصا بنبی من الأنبیاء .
ولما کان آدم ، علیه السلام ، أول الأفراد ولم یظهر فیه إلا ما یقتضیه تعینه من جمعیة الحقیقة الإنسانیة ، وما یلیق باستعداده واعتدال مزاجه الشخصی ، وما أمکن ظهور مقام الخلافة بتمامه فیه ، کما لم یظهر مقام الرسالة أولا إلا فی نوح علیه السلام ، فکان أول المرسلین - ظهرت آثار تلک الجمعیة وأحکامها فی کل من الأنبیاء بالتدریج حتى ظهرت بتمامها فی داود ، علیه السلام ، وکملت فی ابنه سلیمان ، علیه السلام .
ولاشتراکهما فی هذه الجمعیة ، شرکه الحق فی ذلک بقوله : ( ولقد آتینا داود وسلیمان علما ) .
وبقوله : ( یا أیها الناس علمنا منطق الطیر وأوتینا من کل شئ ) .
وقال رضی الله عنه : ( وکلا آتیناه حکما وعلما ) . وقالا شکرا لتلک النعمة : ( الحمد لله الذی فضلنا على کثیر من عباده المؤمنین ) .
ولکون داود ، علیه السلام ، أول من ظهر فیه أحکام الخلافة بتمامها ، صرح الحق بخلافته ، ولم یصرح فی آدم مخاطبا
فقال رضی الله عنه : ( یا داود ، إنا جعلناک خلیفة فی الأرض فاحکم بین الناس بالحق ) .
فناسب أن یقرن الحکمة الوجودیة الخصیصة بالإنسان بهذه الکلمة الداودیة . والله أعلم .
( اعلم ، أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شئ من الاکتساب ، أعنی نبوة التشریع ، کانت عطایاه تعالى لهم ، علیهم السلام ، من هذا القبیل ) أی ، من قبیل الاختصاص والامتنان : ( مواهب لیست جزاء ولا یطلب علیها منهم جزاء . فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال )
قد تقدم مرارا أن الحق تعالى لا یعطى أعیان العالم إلا ما یقتضیه بأعیانها واستعداداتها الثابتة فی
حال عدمها . فالنبوة والرسالة اللتان هما اختصاص إلهی فی حق المصطفین من عباده وإن کان بحسب العنایة الإلهیة ، لکنها أیضا ترجع إلى أعیانهم .
کما قال فی ( الفص الشیثی ) . إلا أنه من جهة العبد عنایة من الله سبقت له ، هی من جملة أحوال عینه یعرفها صاحب هذا الکشف .
فقوله رضی الله عنه : ( اختصاصا إلهیا ) لا ینافی اقتضاء أعیانهم ذلک ، بل الاقتضاء علة الاختصاص فی الفیض المقدس ، وفی الفیض الأقدس علة اقتضاء الأسماء الأول ، فلا یرد .
والغرض أنهما لیستا مکتسبتین بالأعمال والعبادات ، فهما موهبتان من الله تعالى من حیث اسمه ( الوهاب ) و ( الجواد ) .
ولیستا جزاء لعمل ، ولا یطلب الحق علیهما منهم جزاء ، أی عملا على إزائهما ، أو شکرا وثناء على عطائهما .
فإعطاؤه ، أی إعطاء الحق ، إیاهم النبوة والرسالة على طریق الإنعام علیهم والإفضال فی حقهم . ( فإعطاؤه ) إضافة إلى الفاعل ، وأحد المفعولین محذوف .
وإنما قید ( نبوة التشریع ) ، لأن النبوة العامة التی تلزم الولایة خارجة عن هذا الحکم ، فإن الولایة فی المحبین مکتسبة وفی المحبوبین غیر مکتسبة .
وفی الجملة ، للکسب مدخل فی الإنباء العام . ومعنى ( الکسب ) تعلق إرادة الممکن بفعل ما دون غیره ، فیوجده الاقتدار الإلهی عند هذا التعلق ، فسمى ذلک ( کسبا ) .
هذا کلام الشیخ رضی الله عنه : ذکره فی الجلد الأول من فتوحاته فی المسائل .
قال الشیخ رضی الله عنه : (فقال : " ووهبنا له إسحاق ویعقوب " یعنى لإبراهیم الخلیل ، علیه السلام ، وقال فی أیوب ، علیه السلام : " ووهبنا له أهله ومثلهم معهم " . وقال فی حق موسى ، علیه السلام : " ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا " إلى مثل ذلک . فالذی تولاهم أولا ، هو الذی تولاهم آخرا فی عموم أحوالهم أو أکثرها . )
أی ، الذی تولاهم أولا وأوجدهم من غیر عمل سابق وکسب ، وجعلهم أنبیاء مرسلین وتمم علیهم
نعمة ، تولاهم آخرا بحفظ تلک النعم علیهم وإیصالهم إلى کمالاتهم المقدرة لهم .
أو تولاهم أولا حال إفاضة أعیانهم الثابتة بحیث کانت مستعدة لهذه النعم وقابلة طالبة لها ، تولاهم آخرا بإیجادهم على مقتضى تلک الأعیان .
وإنما قال رضی الله عنه : ( فی عموم أحوالهم أو أکثرها ) لئلا یلزم وجوب کونهم فی جمیع الأحوال کذلک .
( ولیس ) ذلک المتولی . ( إلا اسمه "الوهاب" .) ) أی ، فلم یقرن الحق ما أعطاه لداود جزاء ، أی عملا ، یطلب الحق إیاه من داود ، علیه السلام .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
الفص الداودی
17 - فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
أی : ما یتزین به ، ویکمل العلم الیقینی المتعلق بالکمالات الوجودیة المذکورة ، التی لأجلها کان کل الوجود ظهر بزینته وکماله فی الحقیقة الجامعة المنسوبة إلى داود علیه السّلام ؛ لجمعه بین کمال النبوة بما أوتی من الحکمة ، وفصل الخطاب ، وکمال الولایة بما أوتی من تأویب الجبال والطیر معه فی التسبیح ، وکمال الخلافة بالتنصیص الإلهی علیها دون خلافة آدم وسائر الخلفاء من ذریته ، وکمال الهیئات الخاصة کسلیمان علیه السّلام .
(اعلم أنّه کانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهیّا لیس فیها شیء من الاکتساب أعنی نبوّة التّشریع ، کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السّلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء ، ولا یطلب علیها جزاء ؛ فإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام والإفضال ، فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السّلام ، وقال فی أیّوب علیه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ[ ص : 43 ] ؛ وقال فی حقّ موسى علیه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا[ مریم : 53 ] إلى مثل ذلک ؛ فالّذی تولّاهم أوّلا هو الّذی تولّاهم آخرا فی عموم أحوالهم أو أکثرها ، ولیس إلّا اسمه الوهّاب ) .
فأشار أولا إلى أن هذه الأمور بلغت أولا من الکمال بحیث لا یقابلها شیء ، فلا یقع جزاء على شیء ، ولا یطلب صاحبها بعمل أو شکر ، فقال : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیّا ) لعبده ابتداء بتکمیله بطریق الجذب ( لیس فیها شیء من الاکتساب ) ، وإلا کان الکسب علته ، وهی أعلى من المعلول ، فلا یکون هذا من الکمالات المطلقة التی هی المقصودة بالذات .
ثم فسّر النبوة بقوله : ( أعنی نبوة التشریع ) ؛ لیشیر إلى أنها وإن کانت أدنى من ولایة النبی ونبوته العالیة ؛ فهی لا تکون إلا لمن یکون جامعا للولایة والنبوة العالیة ، فهی نهایة الکمالات باعتبار انضمامها معهما ، وهذا لازم لها ، فکأنها أکمل الأشیاء بالذات ( کانت عطایاه تعالى لهم علیه السّلام من هذا القبیل ) .
أی : الاختصاص الإلهی لیست فی مقابلة شیء سابق أو لا حق ، فکانت ( مواهب لیست جزاء ) على ما سبق منهم ، وإلا لاستحقه من سبق له مثله ، فیلزم أن یساویهم آحاد أممهم فی ذلک ، ( ولا یطلب علیها جزاء ) من عمل أو شکر ؛ لأنه إن طلب ما لا یکافئها ، فلا یلیق بالحکم الجواد ذلک ، وإن طلب المکافئ عجزوا فی جمیع وجوهها بخلاف ( إعطائه ) فی حسنات غیرهم عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا ،
فإن فی ذلک وجه مقابلة العمل فی الجملة ؛ ولذلک لم یکن هذا ( کإنعامه ) على سائر العمال فی التضعیف بل بطریق ( الإفضال ) لهم على غیرهم من کل وجه .
واستدل على هذا بالاستقرار لما ورد فی عطایاهم إذ نسب جمیعها إلى اسمه الوهاب الذی لا یکون عطاؤه فی مقابلة شیء أصلا بقوله : فقال :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] ، ولما توهم عود الضمیر إلى داود لسوقه نص الکلام فی حقه فسره بقوله :
( یعنی لإبراهیم الخلیل ) ، ( وقال فی حق أیوب :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) [ ص : 43] ،
( وقال فی حق موسى علیه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا[ مریم : 53 ] إلى مثل ذلک ، کقوله :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ[ ص : 30 ] ،
وإذا کانت عطایاهم کنبوتهم فی امتناع دخول الکسب فیهما ، ( فالذی تولاهم ) من أسماء اللّه تعالى ( أولا ) بإعطاء النبوة ( تولاهم آخرا ) بإعطاء المواهب ( فی عموم أحوالهم أو أکثرها ) تردد لجواز أن یکون لهم أعمال یجزون علیها بمقدار ما یجزى به الکل فی أممهم فی التضعیف لا أزید منه ، ( ولیس ذلک ) المتولی ( إلا الاسم الوهاب ) ،
وإن اقتضى کل عطاء اسما خاصّا ، وأیضا وإن کان لکل نبیّ اسم کلی إلهی خاص لا یکون لغیره إلا أنها فی الهبة راجعة إلى هذا الاسم ، لکن إنما یعلو عطاؤه بمساعدة تلک الأسماء ، وإلا نقص بقدر عدم مساعدتها .
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
17 - فصّ حکمة وجودیّة فی کلمة داودیة
ویلوّح على تلک النسبة بیّنات عددهما.
النبوّة والرسالة اختصاص إلهی ، لا کسبی
وبیّن أن مراتب کمال العباد ومدارج ترقّیهم فیه ضربان :
أحدهما : ما یصلح لأن تحصل لهم وراثة من أعمالهم المعدّة لهم فی استحصاله ، کاستفاضة المعارف واستعلام الحقائق واستجلاب تطوّرات الأحوال وفنون الأذواق بضرب من الأفکار الصافیة والتوجّهات الخالصة عن الشوائب المشوّشة .
وثانیهما : ما لا یصلح لأن یکون من العبد عمل یوازیه ، ویورث ذلک ، لجلالة شأنه عن رتبة العبد بما هو عبد ، واختصاصه بالحق ، کالرسالة والنبوّة التشریعیّة ،
ولما کان من مقتضى الکلمة الداودیّة ومؤدّى کمالاته الخصیصة به أمر الخلافة وکمالها الذی هو الرسالة والنبوّة التشریعیّة ،
صدّر الفصّ بتحقیقها قائلا : ( اعلم أنّه لما کانت النبوّة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب - أعنی نبوة التشریع - ) ، وهو وضع الصور الجزئیّة والأحکام التکلیفیّة - الکاشفة عن الأمر وتفصیله - على ما هو حقّ الإنباء وکماله .
وقد احترز به عن نبوّة تعریف الحقائق الکلیّة وتبیین العلوم الإلهیّة - مما یمکن اکتسابه بوراثة الأعمال الفکریة والمهیّجات الذوقیّة ، کما قال النبی صلَّى الله علیه وسلَّم :
" من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم یعلم " أو بقرب نسبة الأنبیاء ووراثتهم ذلک منهم ، کما قال: " العلماء ورثة الأنبیاء " .
وذلک لأنّه قد یستحصل کلیّات الحقائق الأسمائیّة والمعارف الإلهیّة الجملیّة بالفکر وسائر ضروب التوجّهات وفنون التعمّلات ، دون جزئیّات تفاصیل تلک الحقائق ، على طبق ما فی العین من الأشخاص الخارجیّة .
فإنّ ذلک من الخصائص الإلهیّة التی إنما یتحقّق بها العبد بطریق الوهب فقط وبیّن أن حکم الأصول الکلیّة یسری فی الفروع وجزئیّاتها ، فلذلک ( کانت عطایاه لهم من هذا القبیل : مواهب لیست جزاء ) لسوابق أعماله الوارثة لها ( ولا یطلب علیها منهم جزاء ) بلواحق شکره المستجلبة للمزید علیها .
( فإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام والإفضال ) بدون سوابق مقتضیات ولا لواحقها
( فقال : “ وَوَهَبْنا لَه ُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ “ [ 6 / 84 ] یعنی لإبراهیم الخلیل ، وقال فی أیوب : “ وَوَهَبْنا لَه ُ أَهْلَه ُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ “ [ 38 / 43 ] ، وقال فی حقّ موسى : “ وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا أَخاه ُ هارُونَ نَبِیًّا “ [ 19 / 53 ] ، إلى مثل ذلک ) مما حصل لسائر الأنبیاء من جلائل النعم ودقائقها بطریق الوهب ، على ما نصّ علیه فی کلامه .
وفی هذه الآیات الکریمة ما یکشف عن کمال تحقّق الخلیل وبلوغه فیه مبلغ التمام ، حیث أنّ موهوبه لیست فیه نسبة ولا غیبة مما هو مقتضى السلوب والإضافات ، بل محض الوجود - کما اطَّلعت علیه فی فصّه ، فتذکَّر .
( فالذی تولَّاهم أوّلا ) فی کلیّة أمرهم - أعنی النبوّة التشریعیّة - ( هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم ) الجزئیّة ( أو أکثرها ) ، فإنّه یمکن أن یکون بعض تلک الجزئیّات بالکسب ولکن على سبیل الندرة .
ویعلم من هذا الکلام وجه امّیة الخاتم ، ومعنى قوله : "أنتم أعلم بأمور دنیاکم " .
( ولیس ) ذلک المتولی أوّلا وثانیا ( إلا اسمه الوهّاب ) .
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( اعلم أنه لما کانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: ولا یطلب علیها منهم جزاء.
فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ویعقوب یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السلام.
وقال فی أیوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال فی حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبیا» إلى مثل ذلک.
فالذی تولاهم أولا هو الذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، ولیس إلا اسمه الوهاب)
الفصّ الداودی
17 - فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
قال الشیخ رضی الله عنه : (اعلم أنّه کانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهیّا لیس فیها شیء من الاکتساب أعنی نبوّة التّشریع ، کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السّلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء ، ولا یطلب علیها جزاء فإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام والإفضال . فقال تعالى : "وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ"[ الأنعام : 84 ] یعنی لإبراهیم الخلیل علیه السّلام وقال فی أیّوب علیه السّلام : وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ"[ ص : 43 ] ؛)
فص حکمة وجودیة فی کلمة داودیة
إنما وصف الحکمة المودعة فی الکلمة الداودیة بالوجودیة ، لأن المراد بالوجودیة إما معناه المشهور أو بمعنى الوجدان وعلى کل من التقدیرین فلوصف الحکم الداودیة بالوجودیة به نوع اختصاص ، أما على الأول فلأن المراد بالوجود الإنسانی الکمالی لا مطلقا إذ لا اختصاص له بشیء ، وکمال الوجود الإنسانی إنما هو بظهور حقائق الخلافة بتمامها ،
وهی قد ظهرت فیما تقدم من الأنبیاء بالتدریج حتى ظهرت بتمامها فی داود علیه السلام کلمة ابنه الذی هو منه ، وأما على الثانی فلأن داود علیه السلام إنما وجد هذا الحکم بمجرد الوهب من غیر تجشم کسب کما سیأتی فتکون حکمة وجدانیة محضة لا دخل فیها للتعمل والکسب حتى لا یصح استنادها إلیه إلا بأنه وجدها لا بأنه اکتسبها إلى غیر ذلک من العبارات .
( اعلم ) أیها الطالب المسترشد ( أنه لما کانت النبوة والرسالة ) التی هی خصوص مرتبة فی النبوة ( اختصاصا إلهیا لیس ) یجزی ( فیها شیء من الاکتساب أعنی ) بالنبوة المحضة ببعض العمل اختصاصا إلهیا ( نبوة التشریع کانت عطایاه تعالى لهم ) ، أی للأنبیاء ( علیهم السلام من هذا القبیل ) ، أی من قبیل الاختصاص والامتنان ( مواهب لیست جزاء ) لعمل من أعمالهم ( ولا یطلب علیها منهم جزاء فإعطاؤه إیاهم على طریق الإنعام والإفضال ) ، ولذلک عبر سبحانه عن هذا الإعطاء بالهبة التی لا یطلب علیها عوض ولا عرض ( فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] ، یعنی ( لإبراهیم الخلیل علیه السلام وقال فی أیوب علیه السلام :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ[ ص : 43 ] ، وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَیْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) سورة ص
قال رضی الله عنه : (وقال فی حقّ موسى علیه السّلام وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا( 53 ) [ مریم : 53 ] إلى مثل ذلک . فالّذی تولّاهم أوّلا هو الّذی تولّاهم [ آخرا ] فی عموم أحوالهم أو أکثرها ، ولیس إلّا اسمه الوهّاب.)
وقال فی حق موسى علیه السلام : "وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا"( 53 ) [ مریم : 53 ] ) ، متضمنا ذلک الوهب الإلهی المذکور فی هؤلاء الأنبیاء ( إلى مثل ذلک ) الوهب بالنسبة إلى من عداهم ( فالذی ) ، أی الاسم الذی ( تولاهم أولا ) حیث اختصهم بالنبوة والرسالة ( هو ) بعینه الاسم ( الذی تولاهم ) ثانیا بعد اختصاصهم بهما ( فی عموم أحوالهم وأکثرها ولیس ذلک ) الاسم المتولی ( إلا اسمه الوهاب ) .
ثم لما بین ذلک المعنى فی بعض الأنبیاء أراد أن ینتقل إلى داود علیه السلام الذی هو المقصود بالذکر ههنا فقال :
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص ۴۰۳
فصّ حکمة وجودیّة فی کلمة داودیّة(مقصود حکمت وجود عالم انسانى است.)
)نبوت و رسالت اختصاص الهى است نه اکتسابی)
اعلم أنّه لمّا کانت النبوّة و الرسالة اختصاصا إلهیا لیس فیها شیء من الاکتساب:
أعنی نبوة التشریع، کما کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: و لا یطلب علیها منهم جزاء فاعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام و الإفضال.
بدان که نبوت و رسالت اختصاص الهى است نه اکتسابى یعنى نبوت تشریع. همچنان که عطایاى حق تعالى بر انبیا و رسل از این قبیل که اختصاصى و امتنانى است مواهب است و جزا نیست و بر این مواهب از آنها جزا طلب نمیشود. پس اعطاى حق تعالى چنین موهبت را به آنان انعام و فضل است.
فقال تعالى وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ* یعنى لإبراهیم الخلیل علیه السلام، و قال فی أیوب: وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ؛ و قال فی حقّ موسى: وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا إلى مثل ذلک. فالذی تولّاهم أوّلا هو الذی تولّاهم آخرا فی عموم أحوالهم أو أکثرها، و لیس إلّا اسمه الوهّاب.
خداى متعال فرمود: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ* (انعام: 84) یعنى به إبراهیم خلیل علیه السلام هبه کردیم و درباره ایوب علیه السلام فرمود: وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ (ص: 43) (یعنى دو چندانش کردیم» و در حق موسى علیه السلام فرمود:
وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا (مریم: 53) و امثال آن. پس آن کسى که متولى آنان در اول بود همان کسى است که متولى آنان در عموم احوال یا اکثر احوالشان بود و این متولى نیست مگر اسم وهاب او.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۸۰۱-۸۰۲
اعلم أنّه لمّا کانت النّبوّة و الرّسالة اختصاصا إلهیّا لیس فیها شىء من الاکتساب أعنى نبوّة التّشریع، کانت عطایاه تعالى لهم علیهم السّلام من هذا القبیل مواهب لیست جزاء، و لا یطلب علیها منهم جزاء فإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام و الإفضال.
پیش ازین در بعضى مواضع مشرّح شده که حقّ سبحانه و تعالى اعطاء نمىکند عالم را مگر آنچه اقتضا مىکند به اعیان ثابته و استعداداتش در حال عدم وجود خارجى. پس نبوّت و رسالت که اختصاصى است الهى در حقّ برگزیدگان حضرت پادشاهى. اگرچه به حسب عنایت الهیّه است لیکن به اعیان ایشان نیز راجع است. پس اختصاص الهى بودن منافى اقتضاى اعیان ایشان نیست چنانکه (بلکه- خ) اقتضاى اعیان ایشان علّت اختصاص است در «فیض مقدّس» چنانکه اقتضاى اسما أول علّت اختصاص است در «فیض اقدس»؛ و غرض شیخ- قدّس اللّه سرّه- آنست که نبوّت و رسالت مکتسب نیستند به عمل و عبادت. پس این هر دو موهبت الهى است مستفاض از اسم «وهّاب و جواد»؛ و جزاى عمل نیستند و حقّ تعالى نیز از براى اعطاى نبوّت و رسالت از انبیا و رسل که هادیان مراصد سبلاند جزائى طلب نمىکند از عمل و شکر و ثنا.
پس مخصوص گردانیدن حقّ انبیاء را به شرف نبوّت و رسالت به طریق انعام و افضال است نه بر سبیل جزاى اعمال.
و شیخ نبوّت را قید کرد به تشریع از آنکه نبوّت عامّه که لازم ولایت است خارج است ازین حکم، از آنکه ولایت در «محبّان» مکتسب است و در «محبوبان» غیر مکتسب پس فى الجمله کسب را مدخلى است در انباى عام. و معنى کسب را شیخ در فتوحات چنین بیان مىکند که تعلّق ارادت ممکن است به فعلى دون غیره. پس اقتدار الهى در هنگام تعلّق ارادت، ایجاب آن فعل مىکند و این را کسب نام مىنهند.
فقال (فقال تعالى- خ) وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ* یعنى لإبراهیم الخلیل- علیه السلام- و قال فى أیّوب- علیه السلام- وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ؛ و قال فى حقّ موسى- علیه السلام- وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا إلى مثل ذلک. فالّذى تولّاهم أوّلا هو الّذى تولّاهم [آخرا] فى عموم أحوالهم أو أکثرها، و لیس إلّا اسمه الوهّاب.
پس در حقّ ابراهیم خلیل گفت که او را عطاء دادم اسحاق و یعقوب را؛ و دادن اهل را به ایوب نیز به لفظ موهبت ذکر کرد؛ و ملحق ساختن هارون را به موسى بعد از اختصاص به نبوّت موهبت الهى خواند، تا معلوم شود که همان خداوندى که اوّلا بىعمل سابق و کسب لاحق ایشان را برگزید و انبیا ساخت، در آخر نیز متولّى ایشان شد و معطى و کارگزار ایشان گشت در عموم احوال یا در اکثرش.
یا گوئیم آنکه به فیض و عطاء ایشان را اختصاص داد در حال افاضه اعیان ثابته تا مستعد این انعام و قابل این اکرام گشتند هم اوست که ایجاد کرد ایشان را مقتضاى آن اعیان تا در مخاطبه او از سر ذوق و از کمال شوق در مقام سپاس و شکرگزارى گویند، بیت:
اى که در ظاهر مظاهر آشکارا کرده اى سرّ پنهان هویّت را هویدا کرده اى
اولا از فیض اقدس قابلیّات وجود داده و ز فیض مقدّس بذل آلا کرده اى
سوخته قدّوسیان را جان ز حسرت بارها آنچه با این خاکیان از فیض یغما کرده اى
و آن متولّى و فیّاض هم اسم «وهّاب» است.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۳۰
اعلم أنّه لمّا کانت النّبوّة و الرّسالة اختصاصا إلهیّا لیس فیها شیء من الاکتساب: أعنى نبوّة التّشریع، کانت عطایاه- تعالى- لهم- علیهم السّلام- من هذا القبیل مواهب لیست جزاء: و لا یطلب علیها منهم جزاء. فإعطاؤه إیّاهم على طریق الإنعام و الإفضال.
شرح قید نبوّت تشریع، اشارت [است] به آن که نبوّت عامه، که ولایت از لوازم آنست، از آن حکم خارج است. و کسب را در آن مدخل نیست. و اگر کسى گوید ما دانستیم که حق هیچ کس را عطا نمىکند مگر آن که اقتضاى أعیان ثابته ایشان بود، بگوى آن اختصاص منافى اعیان نیست، بلکه اقتضاى اعیان علّت اختصاص است.
فقال- تعالى- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ*- یعنى إبراهیم الخلیل- علیه السلام؛ و قال فی أیّوب «وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ»؛ و قال فی حقّ موسى- علیه السلام- «وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا» إلى مثل ذلک. فالّذی تولّاهم أوّلا هو الّذی تولاهم فی عموم أحوالهم أو أکثرها، و لیس إلّا اسمه الوهّاب.
شرح یعنى تولّاهم أوّلا حال إفاضة أعیانهم الثابتة بحیث کانت مستعدّة لهذه النّعم قابلة طالبة لها، و تولّاهم آخرا بإیجادهم على مقتضى تلک الأعیان.