عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الرابعة عشر :   


کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

18 - فص حکمة نفسیة فی کلمة یونسیة

المرتبة 18 : لفص حکمة نفسیة فی کلمة یونسیة من الاسم القابض وکرة النار وحرف التاء ومنزلة قلب العقرب

لا یستحق کمال الاستحقاق الاسم : الحی إلا من کانت له الحیاة الذاتیة ولیس ذلک إلا للّه الأحد . وهذا یستلزم أن حیاة الخلق مجازیة زائلة فی کل آن وهو ما یعبر عنه الشیخ بالخلق الجدید . 

فظهور الاسم الحی یستلزم ظهور الاسم القابض أی الذی یرجع إلیه الأمر کله . فلهذا نجد هذا الاسم مسامتا للحی فله المرتبة 18 .

فعلاقة الحی بالقابض قریبة من علاقة المحیی بالممیت .

والقابض هو المتوجه على إیجاد رکن النار وحرف التاء ومنزلة القلب من برج العقرب بسمها الناری . . .

وإنما ظهرت النار من القابض لأنها هی أنسب المراتب للقبض .

فهی تقبض ما تحرقه إلى أن یصیر مثلها .

وقد قرن القرآن کوکب الشمس الناری بصفة القبض فقال فی الآیتن 45 و 46 من الفرقان عن الظل :ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَیْهِ دَلِیلًا ( 45 ) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَیْنا قَبْضاً یَسِیراً.

وأنسب الأنبیاء لهذه الحضرة هو یونس علیه السلام لما ظهر علیه من قبض الغضب على قومه .

قال تعالى عنه :فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ( الأنبیاء ، 87 ) ، أی أن لا نضیق علیه . والضیق قبض والقبض هو حال الخوف فی الوقت ووارد یرد على القلب توجیه إشارة إلى عتاب وتأدیب هکذا عرفه الشیخ فی جوابه عن السؤال 153 من أسئلة الترمذی .

ثم ظهر علیه القبض حسا فقبض فی ظلمات ثلاث کما هو الجنین فی بطن أمه:

ظلمة بطن الحوت ،

وظلمة هیکل الحوت وجلده ،

وظلمة البحر إلى أن نفس اللّه علیه

کما نفس على قومه فرفع عنهم العذاب ومن هذا التنفیس جعل الشیخ حکمته نفسیة .

وکذلک النار تحتاج إلى نفس یغذیها ، والنفس تحتاج إلى نفس یحییها . . .

وکل هذا الفص مداره حول کرامة هذه النفس عند باریها عز وجل . . .

 

وشبه جسم الإنسان ببیت المقدس إشارة إلى علاقة هذا الفص بمجاوره الداودی وذلک أن داود سفک دماء الکفار فی سبیل اللّه تعالى فکان سببا لقبض أرواحهم .

یقال : قبض ملک الموت روح فلان عند موته ولهذا تکلم الشیخ فی هذا الفص على الموت وأشار الشیخ فی آخر هذا الفص للاسم القابض فقال : " فالکل فی قبضته " کما أشار إلى نار هذه المرتبة فی کلامه على نار إبراهیم ونار جهنم .

 

وأما کلامه على الذکر فلأنه سبب التنفیس وتزکیة النفس والانعتاق من القبض ،

کما نادى یونس وهو فی الظلمات :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ(الأنبیاء ،87 ) ، فنجاه من الغم وکذلک ینجی المؤمنین .

 

ملاحظة : علاقة هذا الفص بلاحقه الأیوبی هی علاقة الموت بالحیاة.

فالموت عن صورة هو عین الحیاة فی صورة أخرى . . .

فالحی والقابض متلازمان کتلازم المحیی والممیت فی فصی یحیى وزکریاء . . .

وقد تکرر اسم یونس واسم أیوب فی القرآن بنفس العدد وهو أربع مرات . . .

 

ولتلازم وتکامل هذین الفصین کرر الشیخ فیهما الآیة :وَإِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ( هود ، 123 ) وهی الآیة التی ذکرها أیضا فی فصل رکن الماء الیحیوی من الباب 198 .

فإلیه تعالى یرجع الأمر کله إما بطریق الجلال والموت والنار الیونسی ، أو بطریق الجمال والحیاة والهواء والنفس الأیوبی . . . لکن فی کل جلال جمال وفی کل جمال جلال .

فجمال أیوب بسط بعد قبض المرض وفقدان الأهل والمال ،

وجلال یونس انتهى بجمال نجاته وسعادة قومه .

وتقلب یونس وقومه بین القبض والبسط مناسب لمنزلة القلب من برج العقرب ، فما سمی القلب قلبا إلا من تقلبه والقلب مصدر النفس فحکمته نفسیة .


18   : سورة فص یونس علیه السلام

سورة هذا الفص هی سورة " المسد " المناسبة للاسم " القابض " الحاکم على هذا الفص والمتوجه على إیجاد فلک النار المناسب لأبی لهب . . . .

فالمناسبة بین " المسد " و " النار " هی الآیة :سَیَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ( المسد ، 3 ) وقد تکلم الشیخ فی أواخر الفص عن النار .

والمناسبة بین " المسد " و " القابض " هی الآیة : " فی جیدها حبل من مسد " فامرأة أبی لهب فی قبضته . . .

والمناسبة بین " المسد " والحکمة " النفسیة " بسکون الفاء هی أن المرأة ترمز عند الشیخ للنفس .

ولهذا نجده یجعل عنوان منزل سورة " المسد " فی الباب " 273 " هکذا :

" منزل الهلاک للهو ى والنفس من المقام الموسوی " فأبولهب رمز للهوى وامرأته رمز للنفس الأمارة بالسوء وکلمة الهلاک تشیر لفاتحة السورة : " تبت " . . .

والمناسبة بین " المسد " والحکمة " النفسیة " بفتح الفاء هی من الآیة فِی جِیدِها( المسد ، 5 ) والجید محل جریان النفس وهو ما أشار إلیه الشیخ فی ذلک الباب 273 عند تعداده لعلوم سورة المسد ودخوله لبیت " فی جیدها "

فقال : " ویقف على نفس الرحمن الذی أتى من قبل الیمن إلى الرسول اللّه صلى اللّه علیه وسلم .

 

وفی هذا الباب قال الشیخ : " فوقف الهوى . . . . وقال أنا الإله المعبود . . حتى توسط بحبوحة النار . . فهلک ومن تبعه بنعیم السعداء " .

فهذا الکلام مناسب لقوله فی الفص :

" فنعیم أهل النار بعد استیفاء الحقوق نعیم خلیل اللّه حین ألقی فی النار . . . " إلى آخره .

 

علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه

تکلم الشیخ فی بدایة هذا الفص عن داود الخلیفة قاتل الکفرة وصاحب الفص السابق الذی ذکر فیه هو أیضا مسألة القتل ، ومحاولة الیهود قتل عیسى ،

وقوله صلى اللّه علیه وسلم : " إذا بویع لخلیفتین فاقتلوا الآخر منهما "

وختمه بذکر السنان والسیف والسکین والنصل .

وفی هذا الفص الیونسی أکد على کراهیة القتل ولو کان شرعیا .

وفی هذا الفص ذکر للهلاک بالقتل والموت لأن الهلاک تباب ، وبه بدأت سورة الفص أی المسد حیث أن مفتاحها کلمة " تبت " أی هلکت .

وکتمهید لفص أیوب التالی الذی سورته " الشرح " الآیة ( 4 ) ذکر الشیخ فی هذا الفص رفعة الذکر وحال الذاکر کتلویح للآیة :وَرَفَعْنا لَکَ ذِکْرَکَ.

ونختم هذه الملاحظات بالأبیات الجمیلة التی افتتح بها الشیخ باب منزل سورة المسد :

" 293 فتوحات " وهی:

 هلاک الخلق فی الریح .....  إذا ما هب فی اللوح

ولاذ بغیر مولاه  ..... إله الجسم والروح

ووعر مسلکا سهلا   ..... بما قد جاء فی نوح

وفی لوط فیا نفسی  ..... على ما قتله نوحی

ولولا العشق آداه   ...... بریق من سنا یوح

أشار بنوح ولوط لامرأتیهما الکافرتین کامرأة أبی لهب رمز النفس الأمارة بالسوء.