عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثانیة :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.

والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

21   - فص حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

هذا فص الحکمة الزکریاویة ، ذکره بعد حکمة یحیى علیه السلام لأنه أبوه وقدم ذکر الابن ، لأنه هبة له من اللّه تعالى والهبة مقدمة اعتناء بشأن الواهب وشکر النعمة التی هی من أعظم المواهب .

قال تعالى : "وَزَکَرِیَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِی فَرْداً وَأَنْتَ خَیْرُ الْوارِثِینَ ( 89 ) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ یَحْیى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ کانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَیَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَکانُوا لَنا خاشِعِینَ( 90 )" [ الأنبیاء : 89 - 91 ] .

(فص حکمة مالکیة) ، أی منسوبة إلى المالک الحق سبحانه (فی کلمة زکریاویة . )

إنما اختصت حکمة زکریا علیه السلام بکونها مالکیة لأنها مشتملة من أوّلها إلى آخرها على ذکر الرحمة الإلهیة العامة والخاصة، لأنه علیه السلام کما قال تعالى عنه :"ذِکْرُ رَحْمَتِ رَبِّکَ عَبْدَهُ زَکَرِیَّا" [ مریم : 2 ] الآیة .

والرحمة لها الملک فی المرحومین بها إیجادا وإمدادا فهی مالکة لذواتهم وصفاتهم لأن المالک له التصرف دون غیره ولا متصرف إلا الرحمة فلها الملک فی کل شیء والاستیلاء على کل شیء.

 

قال رضی الله عنه:  (اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب . فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرّحمة إلیه نسبة الغضب إلیه .  ولمّا کان لکلّ عین وجود یطلبه من اللّه ، لذلک عمّت رحمته کلّ عین . فإنّه برحمته الّتی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه ، فأوجدها . فلذلک قلنا إنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما . والأسماء الإلهیّة من الأشیاء ؛ وهی ترجع إلى عین واحدة . فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شیئیة تلک العین الموجدة للرّحمة بالرّحمة ، فأوّل شیء وسعته الرّحمة نفسها ثمّ الشیئیّة المشار إلیها، ثمّ شیئیّة کلّ موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة وعرضا وجوهرا، ومرکّبا وبسیطا . ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم کلّه وسعته الرّحمة الإلهیّة وجودا . )

 

(اعلم) یا أیها السالک (أن رحمة اللّه ) تعالى التی هی صفة من صفاته الأزلیة الأبدیة وسعت کل شیء قدیم أو حادث فوسعها للقدیم اتصافها به فهی موصوفة بجمیع الأوصاف الإلهیة ، فهی واسعة لذلک والاسم منها جامع لجمیع الأسماء فهو واسع لها قال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء :110].

 

ووسعها للحادث محسوسا کان أو معقولا ، أو موهوما ، لأن لها الإحاطة بالأعیان کلها کما قال سبحانه ؛ والله بِکُلِّ شَیْءٍ مُحِیطٌ[ فصلت : 54 ] بالشیء واسع له وما أحاط إلا بصفة الرحمة الاستوائیة على العرش الجامع لکل شیء بالاسم المشتق منها وهو اسم الرحمن وتبعته جمیع الأسماء للآیة المذکورة .

وقال سبحانه :الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [ طه : 5 ] ، وکل اسم محیط بأثره بالرحمة التی توجد منها فالرحمة هی المحیطة فهی الواسعة لکل شیء (وجودا) ، أی من حیث وجود ذلک الشیء بها (وحکما) ، أی من حیث الحکم على ذلک الشیء بکونه مؤثرا أو مکملا أو أثرا خیرا أو شرا أو ذا خیر وذا شر ومجردا منها واعلم أیضا (أن وجود الغضب الإلهی على شیء (من رحمة اللّه تعالى بالغضب) إذ الغضب صفة من صفات اللّه تعالى ولولا الرحمة له ما وجد ، أی ما قام وثبت لصفة وإن کان موجودا للذات الإلهیة ، لأنه من صفاتها ولولا الاسم الرحمن المسمى بجمیع الأسماء ما ظهر الاسم الغاضب

(فسبقت رحمته) تعالى المستوی بها على العرش جمیع صفاته وأسمائه لسبق الذات لأحوالها فاتصفت بجمیع الصفات وتسمت بکل الأسماء حتى أنها سبقت من جملة ذلک صفة (غضبه) تعالى کما ورد فی الأحادیث أی سبقت نسبة الرحمة إلیه ، تعالى بالنظر إلى إیجاد کل شیء وإمداده عن تلک الأسماء الإلهیة والصفات الربانیة (نسبة الغضب إلیه) سبحانه فتأخر الغضب عنها تأخر الصفة عن الموصوف والاسم عن المسمى ، وقامت الرحمة لجمیع الصفات والأسماء الإلهیة مقام الذات الجامعة .

 

ولهذا ورد أن الرحمة انقسمت مائة جزء ، وهی الأسماء الإلهیة التسعة والتسعون اسما ، وتمام المائة اسم الذات الجامع لکلها ، وکون الجزء الواحد منها فی الدنیا وهو الاسم الجامع الذاتی الظاهر فی کل شیء ، الذی ترفع به الدابة یدها عن ولدها شفقة علیه ورحمة به أن تدوسه ، وتتفصل الأجزاء الباقیة فی یوم القیامة فیرحم اللّه تعالى بها عباده ، ویقوم المیزان بالقسط ، ولا تظلم نفس شیئا لظهور العدل الإلهی فی ذلک الیوم ، وتتخلق العارفون بتلک الأجزاء کلها .

 

روى أبو هریرة عن رسول اللّه صلى اللّه علیه وسلم أنه قال : " جعل اللّه الرحمة مائة جزء ، فأمسک عنده تسعا وتسعین جزءا ، وأنزل إلى الأرض جزءا واحدا ، فیه یتراحم الخلق حتى أن الفرس لترفع حافرها عن ولدها خشیة أن تدوسه ". أورده المناوی فی فیض القدیر وعزاه إلى البخاری فی الأدب المفرد.  

 

وفی روایة الحسن أن رسول اللّه صلى اللّه علیه وسلم قال : " إن للّه تعالى مائة رحمة أهبط منها رحمة إلى أهل الدنیا فوسعتهم إلى آجالهم وأن اللّه تعالى قابض تلک الرحمة یوم القیامة إلى التسعة والتسعین فیکملها مائة رحمة لأولیائه وأهل طاعته ". رواه الحاکم فی ورواه أحمد فی المسند عن أبی هریرة ورواه غیرهما .

 

(ولما کان لکل عین) من الأعیان الأسمائیة التی هی مجرد نسب ورتب فی الذات الأحدیة والأعیان الأثریة التی هی صور تجلیات تلک النسب والرتب الاسمائیة (وجود) یلیق ظهوره بحسب تلک العین (یطلبه) ، أی کل عین یطلب وجوده المقید من حضرة (وجود اللّه) تعالى المطلق القیوم على الکل اتصافا فی الأعیان الأسمائیة وتأثیرا فی الأعیان الکونیة (لذلک) ، أی لأجل کون الأمر کذلک (عمت رحمته) سبحانه (کل عین) مما ذکرنا ،

 

(فإنه) سبحانه وتعالى (برحمته) ، أی بسبب رحمته (التی رحمه) ، أی رحم کل عین ب(ها قبل) تعالى (رغبته) ، أی رغبة کل عین وطلبه ودعاءه بلسان افتقاره واستعداده (فی وجود عینه) ، أی ذاته له (فأوجدها) ، أی تلک العین الراغبة فی وجودها لشرف الوجود وکمال الاتصاف به فإنه حلة القدیم سبحانه .

 

(فلذلک قلنا إن رحمة اللّه) تعالى (وسعت کل شیء) قدیم أو حادث (وجودا وحکما و)لا شک أن (الأسماء الإلهیة) القدیمة الأزلیة (من) جملة (الأشیاء) لأنها مجرد نسب واعتبارات وإضافات بین ذات الحق تعالى وبین ما أقامه بها من الأعیان الکونیة قبل وجودها الثابتة فی عدمها الأصلی ، فإذا استفادت تلک الأعیان الثابتة صفة الوجود من تلک النسب الذاتیة ، کانت الإضافة من الذات الإلهیة بواسطة تلک النسب ، فتتبین تلک النسب المذکورة لا أنها تحدث لأنها قدیمة بقدم الذات الإلهیة ، إذ هی نسب الذات واعتباراتها وإضافاتها ، وإنما الذی یحدث تلک الأعیان الثابتة

باعتبار إضافة الوجود علیها بالمتجلی الحق سبحانه ، فکما تظهر تلک الأعیان الثابتة بالمتجلی الحق تظهر أیضا تلک النسب الذاتیة بالمتجلى الحق ، فتشترک مع الأعیان فی الظهور بالتجلی ، فتسمى أشیاء بهذا الاعتبار

وتدخل تحت قوله تعالى :"کُلُّ شَیْءٍ هالِکٌ إِلَّا وَجْهَهُ"[ القصص : 88 ] ومعنى الهلاک عدم الاستقلال فیها والنسب لیست مستقلة إذ هی أسماء الذات الإلهیة فهی هالکة بهذا الاعتبار ، أی فانیة فی الذات الأحدیة لأوجه تلک الذات الأحدیة ، وکذلک قوله سبحانه :فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ[ البقرة : 115 ] ،

 

أی ذاته سبحانه الواحدة الأحدیة المتجلیة بالنسب والآثار فی کل شیء (وهی) ، أی الأسماء الإلهیة (ترجع) فی نفس الأمر (إلى عین) ، أی ذات (واحدة) هی موضع نسبها واعتباراتها وإضافاتها وهی الذات الإلهیة والوجود الواحد المطلق الساری بلا سریان فی الأعیان کلها الأسمائیة والکونیة ، وهی عین الکل إذا فنیت جمیع النسب الأسمائیة ونسب النسب الإمکانیة الکونیة .

 

(فأول ما وسعته رحمة اللّه) تعالى وسعت (شیئیة تلک العین) الواحدة المذکورة ، وهذا الوسع وهو الانقسام الواقع فی الرحمة فالجزء من الرحمة ، الذی فی الدنیا هو هذه العین الواحدة المشار إلیها هنا کما سبق بیانه ،

ولهذا من فاته التحقیق بها الیوم فاتته بقیة الأجزاء التسعة والتسعون فی یوم القیامة أن یتحقق بها ، ومن تحقق بها الیوم تحقق بالبقیة غدا .

 

وهذا الجزء الذی فی الدنیا هو المقصود فی الکل لأنه عین الذات ، ولهذا کثرت الغفلة فی الدنیا من الجاهلین بهذا الجزء ، والغفلة عین الیقظة له ولکونه جزءا لا یتجزأ لکون معرفته عینه ، وهم یریدون أن تکون غیره وهو ممتنع عقلا وشرعا وهم لا یشعرون من کثرة ما یشعرون ، فلو قل شعورهم بالأغیار لتنبهوا لحقیقة هذا

(الواحد القهار) الموجدة تلک العین أی المظهرة المفصلة للرحمة الواسعة لها بالرحمة المذکورة فأوّل شیء وسعته الرحمة الإلهیة أنها وسعت (نفسها ثمّ ) وسعت الشیئیة التی لتلک العین الواحدة المذکورة (المشار إلیها )هنا قریبا بأنها مرجع الکل وأنها هی المنفصلة المتکثرة إلى شیئیات تلک الأسماء الإلهیة (ثم) وسعت (شیئیة کل موجود) من الحوادث الکونیة مما (یوجد) فی الحس أو العقل أو الوهم إلى ما لا یتناهى دنیا) ،

 

أی فی الدنیا (وآخرة) ، أی فی الآخرة وعرضا بالتحریک وهو ما لا قیام له بنفسه ظاهرا (وجوهرا) وهو ما قام ظاهرا بنفسه (ومرکبا وبسیطا) ،

أی غیر مرکب وکله دخل تحت قولنا فی الحس والعقل أو الوهم (ولا یعتبر فیها) ، أی فی الرحمة الإلهیة الواسعة لما ذکر حصول غرض لأحد ممن وسعته مطلقا (ولا ملائمة طبع) من الطباع أصلا بل الشیء (الملائم) کالنعیم واللذة (وغیر الملائم) کالألم والعذاب

کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا فوجد بها على حسب ما هو علیه فی نفسه .

 

شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.

والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

 

21 - فص حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

ولما کان أظهر مالکیة الحق فی وجود زکریا علیه السلام إذ أخذه بالشدة لأن الملیک

یختلف هذا الفص عن غیره من فصوص الکتاب فی أنّه لا ذکر فیه ، إلا فی العنوان ، للنبی الخاص الذی تنسب إلیه الحکمة .

وقد جرت العادة عند المؤلف فی الفصوص الأخرى أن یجعل محور کلامه فی کل فص حول مناقشة بعض الآیات القرآنیة الواردة فی حق النّبی المنسوب إلیه حکمة الفص ، وأن یشرح على لسان النبی الموضع الحدیث أسرار الحکمة التی یرید شرحها .

 

الشدید حتى قدّ بنصفین وصبر ولم یدع اللّه رفع ذلک فکان کیوم الدین کما أضاف الحق مالکیته إلى یوم الدین لظهور کمال مالکیته فیه فی قوله مالِکِ یَوْمِ الدِّینِ فکان اللّه مالک زکریا کما کان مالک یوم الدین فزکریا بمنزلة یوم الدین فی تحققه بأحواله من ظهور الرحمة والنعمة فإن اللّه تعالى یرحم بعضا ویعذب بعضا فی ذلک الیوم،

 فکما یظهر مالکیته بظهور الرحمة والعذاب بذلک الیوم لذلک أضاف إلیه کذلک یظهر بظهورهما فی هذا الیوم فی وجود زکریا علیه السلام لذلک أضاف هذه الحکمة إلى کلمته وبین الرحمة والغضب فی کلمته لیعلم أن الآلام الموجودة فی وجوده رحمة به من اللّه لا إعراض عنه

 

فقال رضی الله عنه : ( اعلم أن رحمة اللّه تعالى وسعت کل شیء وجودا وحکما وإن وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب ) فرحمة اللّه قد ظهرت بصورة نفسها فقد سترت بصورة الألم لحکمة یعلمها ( فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه ) فإن أول ما نسب إلیه تعالى وجود الأعیان وهو عین الرحمة فسبقت نسبة الرحمة إلیه على کل ما نسب إلیه تعالى من الموجودات .

 

ولما دعی أن رحمة اللّه وسعت کل شیء أراد أن یثبته فقال ( ولما کان لکل عین وجود ) خاص بها ( تطلبه ) تطلب تلک العین ذلک الوجود الخاص بها ( من اللّه لذلک ) أی لأجل طلبها وجودها من اللّه ( عمت رحمته کل عین ) قوله لذلک یتعلق بعمت وعمت جواب لما وإنما عمت رحمته کل عین من أجل ذلک الطلب ( فإنه ) أی کل عین أو اللّه ( برحمته ) أی برحمة اللّه ( التی رحمه بها ) أی رحم الحق کل عین بتلک الرحمة ( قبل ) العین ( رغبته ) أی طلب کل عین من اللّه ( فی وجود عینه ) الخارجی ( فأوجدها ) فی الخارج بعد حصول قبول الطلب من اللّه

 

أو بعد قبول الحق طلبه قوله برحمته یتعلق بقوله قبل بکسر الباء ویجوز أن یکون قبل جواب لما والجملة اعتراضیة أی لما طلب قبل طلبه فأوجدها أو معناه فإنه أی فإن اللّه تحقق برحمته التی رحم أی أوجد بها کل عین فی علمه الأزلی قبل طلب کل عین وجوده الخارجی فالرحمة صفة أزلیة للحق وذات الحق سابقة على کل عین وکذا لوازمه من صفاته :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء: 110 ].

 

فکل عین مع لوازمه رحمة من رحمة الرحمن بل الأسماء الإلهیة کلها ونفس الرحمة رحمة من الاسم الرحمن فعموم الرحمة من أجل المعلومات

وما ذکره الشیخ فی إثباته تنبیهات فقبل حینئذ بسکون الباء أو معناه فإنه أی فإن کل عین موجود بالوجود العلمی برحمة اللّه التی أوجد للَّه بها کل عین ویجوز أن یکون جواب لما فأوجدها ودخول الفاء لطول الکلام المعترض بینهما أی لما کان لکل عین وجود طلبه من اللّه أوحدها اللّه أی أعطى اللّه لها ما طلبها من الوجود فعلى أیّ حال والمقصود أن الطالب هو العین والمطلوب هو الوجود والطلب وقبوله تعالى کل ذلک من رحمة اللّه

وإلیه أشار بقوله ( فلذلک ) أی فلأجل کون الأمر على ما حققناه من عموم رحمته تعالى

 

قال رضی الله عنه :  ( قلنا إن رحمة اللّه وسعت کل شیء وجودا ) بالنسبة إلى الأعیان الخارجیة ( وحکما ) بالنسبة إلى الأعیان الثابتة فی العلم إذ لا یحکم علیها ظاهرا بالوجود فکانت الأعیان الخارجیة من رحمة اللّه وجودا والأعیان الثابتة من رحمة اللّه حکما أو معناه لا حکم إلا بها کما لا وجود إلا بها کما سنبینه عن قریب بقوله فلها الحکم والحکم لیس بموجود فی الخارج ( والأسماء الإلهیة من الأشیاء ) فتدخل تحت الرحمة ( وهی ترجع إلى عین واحدة ) وهی العین الرحمانیة ( فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شیئیة تلک العین الموجدة ) فی الخارج ( للرحمة ) على غائیة للإیجاد ( بالرحمة ) أی بسبب الرحمة وهی الحقیقة المحمدیة التی هی عین الرحمة أوجدها اللّه بالرحمة رحمة للعالمین أی لیوجد العالمین من وجوده قال تعالى :وَما أَرْسَلْناکَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ[ الأنبیاء : 107].

 

وقال تعالى خلقتک من نوری وخلقت الأشیاء من نورک فالرحمة شیء ( فأوّل شیء وسعته الرحمة نفسها ) أی نفس الرحمة ( ثم الشیئیة المشار إلیها ) بقوله شیئیة تلک العین الموجودة والمراد بالمشار إلیها وصف جیء به لبیان معنى الشیئیة فالرحمة من حیث نفسها صفة ذاتیة للحق ومن حیث شیئیتها حقیقة محمدیة مظهر للاسم الرحمن شیئیة الشیء ما به یتعین الشیء ویمتاز عن غیره وهی من لوازم الوجود ( ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة عرضا وجوهرا ومرکبا وبسیطا ) وقوله جوهرا على لسان الظاهر إذ العالم کله عرض عند أهل الحقیقة ( ولا یعتبر فیها ) أی فی الرحمة

 

قال رضی الله عنه :  ( حصول غرض ولا ملاءمة طبع بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا) فی الخارج مع کونه موجودا فی الباطن


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.

والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

 

قال رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب.  فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.  والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة. فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.  ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا. )

 

قلت : قال رضی الله عنه: إن رحمة الله وسعت کل شیء ومن جملة الأشیاء الغضب، فإذا غضب، تبارک وتعالى، فقد رحم الغضب حیث أحیاها فقد رحم الغضب ورحم الرحمة بایجادها ورحم أسمائه الإلهیة باظهار متعلقاتها فی الوجود العینی والذهنی معا ورحم الشیئیة بکونه شاءها سواء کانت اعتدالیة أو انحرافیة.

 

شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.

والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

 

 21 - فصّ حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

أضیفت هذه الحکمة المالکیة إلى الکلمة الزکریاویة ، لما ذکرنا ممّا کان یشدّد على نفسه فی الاجتهاد ، وظهرت فیه آثار الشدّة القهریة والجلال ، وکملت فیه التصرّفات الإلهیة المالکیة ، وظهرت تماما ، ولم یظهر تصرّف من قبله - صلوات الله علیه - فی شیء أصلا .

 

قیل : إنّه ما لبس نعلا ولا مأزما ، یحمل بعض تراب وغبار من أرض إلى أرض ، فکان یمشی حافیا ، وکان مشهده عبدانیته وربوبیّة الله فیه وله وعلیه ، حتى أنّه نشر ، فقطع نصفین ، مع تمکَّنه علیه السّلام من دعا الله وإجابته فی رفع ذلک عنه فی النظر العقلی بثبوت نبوّته وإجابة الله دعوته باستصحاب الحال والواقع فی سؤال الولد والإجابة فیه وفی رفع الفقر عن امرأته ، وذلک لکونه علیه السّلام فی مشهده تحت حکم مالک هو مملوکه الحقیقی ، وشهود أحدیة التصرّف والمتصرّف والمتصرّف فیه .

 

وأمّا مضیّه ودخوله فی جوف الشجرة فلم یکن لعدم رضاه وکمال استسلامه وانقیاده لما یتصرّف فیه ، وإنّما کان إبقاء على قومه بحسب الاحتمال العقلی أنّه ربما یقلعون عن الظلم علیه ویؤمنون به بما شاهدوا عیانا من استبطان الشجرة له وستره وکون ذلک معجزا وحجّة على صدقه وصدق نبوّته ، وما أخبر به فی تصدیق عیسى ،

 

ولمّا شاهد من مفیض عینه الثابتة أنّ التجلَّی الجلالیّ محیط به فی هذه الحیاة الدنیا ، سلَّم واستسلم ولم یدع الله فی رفع الضرّ عنه حتى قطعوا الشجرة فشقّوها بالمناشیر فقطعوه نصفین فی الشجرة ، فظهرت أسرار امتیاز الحقیقة الجلالیة عن الحقیقة الجمالیة المستنبطة إحداهما فی الأخرى ،

 

وظهرت رحمة اللطف المضمون فی ضمن القهر ، وکملت عبودیته التی ظهر نفوذ التصرّف والحکم الکلَّی الإلهی فیها بصورة الظلم ، فانعکست حقائق الجلال والقهر على أعداء الله بتجلَّیاتها ، وتغمّده الله برحمته الخفیّة فی القهر ، فظهرت خلیّة ، فکملت بحلّ القهر والنقمة على الأعداء ، فکمل کلّ شقّ من الجلال والجمال ، والقهر واللطف فی أهلهما.

 

قال رضی الله عنه  : ) اعلم : أنّ رحمة الله وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة الله بالغضب ، فسبقت رحمته غضبه ، أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه ( .

یعنی  رضی الله عنه  : أنّ الرحمة له - تعالى - ذاتیة ، لأنّه بالذات جواد فیّاض بالوجود ، من خزائن الرحمة والجود ، والوجود المفاض على کل شیء هو الرحمة العامّة التی وسعت کلّ شیء . وأمّا الغضب فلیس بذاتیّ للحق تعالى ، بل هو حکم عدمیّ من عدم قابلیة بعض الأشیاء لظهور آثار الوجود وأحکامه فیه تماما ، فاقتضى عدم قابلیته للرحمة عدم ظهور حکم الرحمة فیه دنیا أو آخرة ، فسمّی بالنسبة إلیه غضبا من قبل الراحم وشقاوة وشرّا وما شاکل هذه الألفاظ ، وانظر إلى کمال شهود النبیّ وإیمانه النبوی إلى الأمرین معا فی قوله : « اللهمّ إنّ الخیر کلَّه بیدک ، والشرّ لیس إلیک » لأنّه حکم عدمیّ .

 

من عدم قابلیة بعض الممکنات لحکم رحمته ، وحیث لم تجد الرحمة المفاضة بالتجلَّی الرحمانیّ على الأعیان فیما لم تکن قابلیة نور الوجود إلَّا نسبا عدمیّة أو عدمیات نسبیة ، إذ العدم المحض لا حقیقة له تتعلَّق الرحمة بها ، فعمّت الرحمة - التی وسعت کلّ شیء - هذه الأعدام النسبیة وهذه النسب العدمیة ، ولحقتها ، فأوجدت الغضب والآلام والأسقام والمحن والموت والفقر وأمثالها من النسب العدمیّة ، وذلک لکمال سعة الرحمة ، فافهمه .

 

قال رضی الله عنه  : " ولمّا کان لکل عین وجود یطلبه من الله ، لذلک عمّت رحمته کلّ شیء  ، فإنّه برحمته التی یرحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه ، فأوجدها ، فلذلک قلنا : إنّ رحمة الله وسعت کلّ شیء وجودا وحکما  " .

 

یشیر رضی الله عنه  إلى أنّ الأعیان الثابتة کانت فی ثبوتها العلمیّ الأزلی معدومة الأعیان بالنسبة إلیها ، أی لم تکن موجودة لنفسها ، ولم ینسحب علیها الحکم الإیجادی ، فرغبتها فی الوجود العینی - وهی عبارة عن قابلیاتها واستعداداتها الذاتیة غیر المعدومة - معدومة الأعیان أیضا کهی ، فلمّا رحمها الرحمن بالتجلَّی الإیجادی ، وإفاضة النور الوجودی ، بالتوجّه الإرادی.

 

فأوّل أثر للرحمة فیها أن أعطتها صلاحیة قبول التجلَّی الوجودی وذلک بالتجلَّی العینی الواقع غیبا ، فحییت بذلک التجلَّی الاستعدادات المعدومة المیّتة بحکم قهر الأحدیة الغیبیة ، فحصلت لها صلاحیة قبول الوجود ، فتعلَّقت الرحمة الوجودیة بها ، فأوجدتها بحسب خصوصیاتها من الإحاطة والسعة والضیق والتقدّم والتأخّر وغیر ذلک ، فکان الغضب أیضا من جملة النسب العدمیة الناشئة من عدم الصلاحیة والقبول لآثار الرحمة الوجودیة ، وکذلک الآلام والعلل والأسقام والبلایا والمحن وغیرها من الأمور العدمیة النسبیة .

 

قال رضی الله عنه  : ) والأسماء الإلهیة من الأشیاء ، وهی ترجع إلى عین واحدة ، فأوّل ما وسعت رحمة الله سبعیّة  تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة ، فأوّل شیء وسعت الرحمة نفسها ، ثمّ الشیئیة المشار إلیها ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة عرضا وجوهرا ، مرکَّبا وبسیطا (.  فی بعض النسخ وهو الصحیح  : شیئیة .

 

یشیر رضی الله عنه  بهذا الترتیب إلى أنّ الحقائق الربانیة والنسب والأعیان الکونیة کانت معدومة الآثار ، غیر متمیّزة فی الظهور والآثار ، لعدم مظاهرها ، فعمّتها الرحمة بتعلَّقها بتلک الأعیان أوّلا ، فظهرت النسبة الإلهیة فی مظاهرها ثانیا ،

ثم أثّرت الأسماء الإلهیة فی إیجاد أعیان الأکوان فی أرض الإمکان ثالثا عند من یقول بوجود الحقائق العلمیة  وجودا نعتیّا ،

وعلى الکشف الأتمّ والشهود الأعمّ وجدت وجودا نسبیا مثالیّا فی مرآة الوجود الواحد ، لا وجودیا حقیقیا ، وقد أشرنا إلى الذاتیة الجودیة الوجودیة ووجود الأشیاء بالرحمة الرحمانیة الإلهیة الأسمائیة ، فتحقّق ذلک .

 

قال رضی الله عنه  : ) ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم وسعتهما الرحمة الإلهیة وجودا(

یشیر إلى أنّ الأعیان الثابتة التی هی معدومة لنفسها هی المؤثّرة فی الوجود الواحد الحق المنبسط علیها بالتعیین والتقیید والتکییف والتسمیة بحسب خصوصیاتها ، حتى تظهر الأسماء الإلهیة والنسب الربانیة ، ثم النسب الإلهیة - التی هی من حیث هی نسب معدومة الأعیان ،

لا تحقّق لها إلَّا بین طرفیها من الحق - مؤثّرة أیضا فی وجود الأشیاء ، فالآثار کلَّها إن کانت من الإلهیة ، فمن النسب العدمیة ، وإن کانت منها مع الذات المتعیّنة بها ، فمن الوجود من حیث هذه النسب المعدومة الأعیان ،

 

شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب.

فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها.

فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.

والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

 

21 - فص حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

إنما خصت الکلمة الزکریاویة بالحکمة المالکیة ، لأن الغالب على حاله حکم الاسم المالک ، والملیک هو الشدید ، وقد خصه الله بالشدة وأیده بالقوة حتى سرت فی همته وتوجهه وأثمرت إجابة رعایة ، وأثرت فی زوجته حیث قال تعالى : " وأَصْلَحْنا لَه زَوْجَه " .

ولولا إمداد الله إیاه بقوة ربانیة وتخصیصه بمعونة ملکوتیة ما صلحت زوجه بعد الکبر وسن الیأس مع کونها عاقرا فی شبابها للحمل والولادة ، وما ظهرت إلا بالتصرفات الإلهیة المالکیة ، ولهذا کان یشدد على نفسه فی الاجتهاد ، وظهرت علیه آثار الشدة والقهر حتى نشر بالمنشار وقدّ نصفین ، فلم یدع الله فی رفعه مع کونه مستجاب الدعوة لکون مشهده شدة المالک وشهود أحدیة المتصرف والمتصرف فیه ،

ولما شاهد من عینه الثابتة أن تجلى القهر والشدة محیط به فاستسلم وسلم وجهه للمتصرف ، وحیث کان تحت قهر المالک وشدته سهل علیه تحمل الشدة لاتصافه بها ، فظهرت رحمة اللطف الکامن فی ضمن القهر الظاهر فی صورة الظلم ، فانعکست من نفسه أنوار القهر ونیرانه على أعدائه فقهرهم ودمرهم قهرا تاما ، وتغمده الله برحمته .

 

قال رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما ، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب فسبقت رحمته غضبه ، أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه ).

 

لأن الرحمة له ذاتیة لکونه جوادا بالذات فیاضا بالجود من خزانة الرحمة والجود والوجود أول فیض الرحمة العامة التی وسعت کل شیء ، وأما الغضب فلیس بذاتى للحق بل هو حکم عدمی ناشئ من عدم قابلیة بعض الأشیاء لکمال ظهور آثار الوجود وأحکامه فیه ، فاقتضى عدم قابلیته للرحمة عدم ظهور حکم الرحمة دنیا وآخرة ، فسمى عدم فیضان الرحمة علیه لعدم قابلیته غضبا بالنسبة إلیه من قبل الراحم وشقاوة وشرا وأمثال هذه الألفاظ ،


تابع شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

فظهر أن نسبة الرحمة إلیه سبقت نسبة الغضب إلیه ، وما هی إلا عدم قابلیة المحل لکمال الرحمة ، ولکمال شهود النبی علیه الصلاة والسلام حقیقة الأمرین ، أومأ إلیهما بقوله « اللهم إن الخیر کله بیدیک والشر لیس إلیک » لأنه أمر عدمی لا یحتاج إلى الفاعل وسببه عدم قابلیة المحل للخیر ، والشر هو العدم المحض فلا حقیقة له حتى تتعلق به الرحمة ، بل حیث لم توجد الرحمة الفائضة بالتجلی


(عمت رحمته کل عین ) جواب لما ، وقوله لذلک یتعلق بعمت ، وإنما عمت رحمته کل عین من أجل ذلک الطلب فإنه أی کل عین أو الله برحمته أی برحمة الله التی رحمه بها : أی رحم الحق کل عین بها قبل العین أو الله وعینه : أی طلب کل عین من الله وجود عینه الخارجی فأوجدها فی الخارج بعد حصول قبول الطلب ،

الفائض على بعض الأعیان لم یکن لها قابلیة نور الوجود إلا نسبا عدمیة أو أعداما نسبیة ، کالجهد والفقر والمرض والألم والموت وأمثالها سمیت غضبا ، وذلک لکمال سعة الرحمة وعمومها کل شیء ، وسعت هذه الأعدام النسبیة أو النسب العدمیة لشائبة الوجود فیها ، فصار الغضب مرحوما وإلا لم یوجد .


قال رضی الله عنه :  ( ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله لذلک عمت رحمته کل عین ، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه فأوجدها ، فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما ) .


لذلک إشارة إلى الطلب ، وعمت جواب لما ، وقوله فإنه تعلیل لعموم الرحمة ، وقوله قبل رغبته : خبر إن ، أی فإن الله برحمته التی رحم الشیء بها سابق رغبته فی وجود عینه أی طلبه ، فأوجدها أی الرغبة أولا وهی الاستعداد فلذلک أی فلسبق الرحمة الاستعداد ، قلنا وسعت رحمته کل شیء وجودا وحکما ، حیث جعله برحمته الذاتیة فطلبت مشیئته الوجود فأوجده ،

أی ولما کانت الأعیان الثابتة فی ثبوتها العلمی معدومة العین فی نفسها ، طالبة للوجود من الله راغبة فی وجودها العینی ، عمت رحمته الذاتیة کل عین بأن أعطتها قابلیة التجلی الوجودی ، فتلک القابلیة والاستعداد الذاتی لقبول الوجود رغبتها فی الوجود العینی ،

وأول أثر الرحمة الذاتیة فیها تلک الصلاحیة لقبول الوجود المسماة استعدادا ، فإنه تعالى رحمها قبل استعدادها للوجود بوجود الاستعداد من الفیض الأقدس ،

أی التجلی الذاتی العینی الواقع فی الغیب ، وذلک الاستعداد رحمة الله علیها إذ لا وجود لها تقدم بذلک الطلب الاستعدادی ، وسؤال الرحمة فی الغیب أوجدها فی الأعیان بالوجود العینی فذلک رحمته علیها وجودا ، وهو معنى قوله :" وآتاکُمْ من کُلِّ ما سَأَلْتُمُوه "   أی بلسان الاستعداد فی الغیب.


"" أضاف بالی زادة :

أو بعد قبول الحق طلبه ، قوله ( برحمته ) یتعلق بقبل بکسر الباء ، ویجوز أن یکون قبل جواب لما ، والجملة اعتراضیة أی لما طلب قبل طلبه فأوجدها ، أو معناه فإن الله تحقق برحمته التی رحم بها أی أوجد بها کل عین فی علمه الأزلی قبل طلب کل عین وجوده الخارجی ، فالرحمة صفة أزلیة للحق ، وذات الحق سابقة على کل عین وکذا لوازمه من صفاته - قُلِ ادْعُوا الله )   - فکل عین مع لوازمه رحمة من رحمة الرحمن ، بل الأسماء الإلهیة کلها ونفس الرحمة رحمة من الاسم الرحمن فعموم الرحمة من أجل المعلومات ، وما ذکره الشیخ فی إثباته تنبیهات ، وعلى أی حال فالمقصود أن الطالب هو العین ، والمطلوب هو الوجود والطلب ، وقبوله تعالى کل ذلک من رحمة الله وإلیه أشار بقوله : فلذلک قلنا اهـ بالى زادة . ""


 قال رضی الله عنه :  ( والأسماء الإلهیة من الأشیاء ، وهی ترجع إلى عین واحدة ، فأول ما وسعته رحمته أزلا شیئیته تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة ، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ، ثم الشیئیة المشار إلیها ، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة عرضا وجوهرا ، مرکبا وبسیطا ) .


لما تبین أن رحمته وسعت کل شیء قال : إن الأسماء الإلهیة من الأشیاء فیجب أن تکون مرحومة ، فإن حقائقها التی تتمیز بها عن الذات وینفصل کل منها عن الآخر أشیاء غیر الذات ، فلها أعیان ترجع إلى عین واحدة هی حقیقة اسم الرحمن ،

فأول ما وسعته رحمة الله شیئیته تلک العین ، وتلک العین حقیقة الرحمة الانتشاریة التی تفیض منها الرحمة الأسمائیة فتلک العین مرحومة بالرحمة


فأول شیء وسعته الرحمة الذاتیة التی جعلتها شیئا راحمة بالرحمة الأسمائیة ، کل شیء فهی الرحمة بالرحمة ،

فأول شیء وسعته الرحمة الذاتیة تنفس الرحمة الأسمائیة الشیئیة المشار إلیها ، أی العین الواحدة التی هی جمیع الأعیان وأصلها ، فعمت الرحمة المتعلقة بهذه العین جمیع الأعیان الثابتة فی العلم الأزلی وهی الشیئیات الثابتة فی الشیئیة الأولى ،

فتفصلت العین الواحدة إلى الأعیان الکونیة وهو معنى قوله شیئیة کل موجود أی عینه لا وجوده على الترتیب إلى ما لا یتناهى وجودها فی الخارج ،

فظهرت النسب الإلهیة فی النسبة الأولى الرحمانیة وهی الأسماء الإلهیة فی ضمن اسم الرحمن ، ولیست إلا نسب الذات إلى الأعیان فتحققت حقائق الأسماء فذهب کل اسم بحظ من الرحمة حتى تحققت حقیقته ،


ثم أثرت الأسماء الإلهیة فی إیجاد أعیان الأکوان فتنبسط آثار الرحمة فی عرصة الإمکان ، فتوجد الأعیان الممکنة على الترتیب وأحوالها جواهر بسیطة مرکبة وإعراضا فی الدنیا والآخرة ، فوجود الرحمة الغیبیة فی الحقائق الإلهیة الأعیان العلمیة التی هی تعینات وشئون فی الوجود الواحد الحق ، إنما هو من الرحمة الذاتیة الجودیة التی هی عین الذات ، ووجوده الأشیاء أی کونها حقائقها بالرحمة الرحمانیة الإلهیة الأسمائیة والله أعلم.


"" أضاف بالی زادة :

( تلک العین الموجدة ) فی الخارج للرحمة علة غائیة للإیجاد بالرحمة أی بسبب الرحمة ، وهی الحقیقة المحمدیة التی هی عین الرحمة أوجدها الله بالرحمة ، فالرحمة شیء من حیث نفسها صفة ذاتیة للحق ، ومن حیث شیئیتها حقیقة محمدیة مظهر للاسم الرحمن ، وشیئیة الشیء یتعین الشیء ویمتاز عن غیره ، وهی من لوازم الوجود اهـ بالى زادة ""


قال رضی الله عنه :  ( ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا ، )

أی لا یعتبر فی تعلق الرحمة بالأشیاء حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، فإن الرحمة وسعت کل شیء فأوجدته سواء کان ملائما له أو غیر ملائم ، ثم ذکر أن الأعیان الثابتة المعدومة فی أنفسها هی المؤثرة فی الوجود الواحد الحق المنبسط علیها بالتعین والتقیید والتکییف والتسمیة بحسب خصوصیاتها حتى تظهر الأسماء الإلهیة والنسب الزمانیة ،


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما. والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

21 - فص حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

( المالک ) مأخوذ من ( الملک ) وهو الشدة والقوة . و ( الملیک ) الشدید القوى .

و ( ملک ) الطریق وسطه . ویطلق على القدرة والتصرف أیضا .

ولما کانت الکلمة ( الزکریاویة ) مؤیدة من عند الله ب ( القوة ) التامة والهمة المؤثرة والصبر على مقاساة الشدائد - حتى نشر بالمنشار وقد بنصفین ولم یدع الله أن یفرج عنه ویدفع البلاء منه مع کونه مستجاب الدعوة - اختصت بالحکمة ( المالکیة ) .

ولما کان وجود الآلام والمحن من الغضب ، وکان وجوده من رحمة الله ابتداء ویرجع إلیه انتهاء ویصیر سببا للوصول إلى الکمالات وواسطة لرفع الدرجات وغفرانا للخطیئات ، کما قال صلى الله علیه وسلم : ( البلاء سوط من سیاط الله تعالى یسوق به عباده ) .



شرع لبیانها فقال رضی الله عنه  : ( اعلم ، أن رحمة الله وسعت کل شئ وجودا وحکما ، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب ، فسبقت رحمته غضبه ، أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه . )

اعلم ، أن الحق سبحانه رحم الأعیان الطالبة للوجود وأحکامها ولوازمها ، فأوجدها فی العین ، کما أوجدها أولا فی العلم ، فالرحمة سابقة على کل شئ ومحیطة بکل شئ ،


کما قال تعالى : ( ورحمتی وسعت کل شئ ) . وقوله : ( وجودا وحکما ) أی من جهة الوجود والاستعداد والقابلیة له التی هی فی حکم الوجود ، فإن الوجود عین الرحمة الشاملة على جمیع الموجودات ، أعراضا کانت أو جواهرا .


وکذلک القابلیة محیطة وشاملة علیها . ومن جملة الأعیان عین الغضب وما یترتب علیه من الآلام والأسقام والبلایا والمحن ، وأمثالها مما لا یلائم الطباع ، فوسعت الرحمة لها کما وسعت لغیرها ، فوجود الغضب من رحمة الله على عین الغضب ، فسبقت نسبة الرحمة إلیه ، تعالى نسبة الغضب إلیه ، وذلک لأن الرحمة ذاتیة للحق تعالى ، وعین الغضب ناشئة من عدم قابلیة بعض الأعیان للکمال المطلق والرحمة التامة ، فیسمى شقاوة وشرا .

وإلیه أشار رسول الله ، صلى الله علیه وسلم : ( إن الخیر کله بیدیک والشر لیس إلیک ) .

ومن أمعن النظر فی لوازم الغضب من الأمراض والآلام والفقر والجهل والموت وغیر ذلک ، یجد کلها أمورا عدمیة .

فالرحمة ذاتیة للوجود الحق ، والغضب عارضیة ناش من أسباب عدمیة .


قال الشیخ رضی الله عنه :  (ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله ، لذلک عمت رحمته کل عین . )

( یطلبه ) یجوز أن یکون ب ( الیاء ) المنقوطة من تحت ، وب ( التاء ) المنقوطة من فوق .

وقد مر فی فصل الأعیان : أن لله تعالى أسماء ذاتیة مسماة ب ( مفاتیح الغیب ) التی لا یعلمها إلا هو .

وهی بذواتها تطلب من الله ظهور أنفسها فی العلم ، ثم فی العین .

والأعیان الثابتة عبارة عن صور تلک الأسماء وتعیناتها ، ولیست الأسماء إلا وجودات خاصة ، فکل عین مستندة إلى وجود معین ، وهو الاسم الخاص الإلهی .

فإذا علمت هذا ، یجوز أن یکون فاعل (یطلب) ضمیرا عائدا إلى ( الوجود ) ، وضمیر المفعول عائدا إلى ( کل عین ) أو إلى ( عین ) .

ذکره باعتبار اللفظ ، أو الشئ . ومعناه : لما کان لکل عین مستند ، وهو وجود خاص

و اسم من الأسماء الذاتیة یطلب ذلک الوجود بذاته کل واحد من الأعیان لیکون مظهره ومستواه فی العلم والعین ، عمت رحمته تعالى کل عین لأجل ذلک الطلب .


فقوله رضی الله عنه  : ( لذلک ) متعلق بقوله : ( عمت ) . و ( عمت ) جواب ( لما ) .

ویجوز أن یکون الفاعل ضمیرا عائدا إلى (کل عین) . وضمیر المفعول عائدا إلى (الوجود) .

ومعناه : لما کان لکل عین وجود فی خزانة غیبه تعالى مقدر أن یفیض علیه وکان یطلب کان عین ذلک الوجود من الله ، عمت رحمته کل عین ، فأفاضت على کل منها وجودها لأجل ذلک الطلب الذی من الأعیان .


قال الشیخ رضی الله عنه:  (فإنه برحمته التی رحمه بها قبل ) بکسر (الباء) . (رغبته فی وجود عینه ، فأوجدها.) تعلیل لعموم الرحمة .

أی ، فإن کل عین برحمة الله التی رحمه الحق بها أزلا ، فأعطاه الوجود العلمی قبل رغبته فی الوجود العینی ، أی ، صار قابلا طالبا للوجود الخارجی ، ( فأوجدها ) الله ، أی الأعیان فیه . فضمیر ( فإنه ) و ( قبل ) عائد ان إلى ( کل عین ) .

ویجوز أن یکونا عائدین إلى ( الله ) . وضمیر ( رحمه ) إلى ( کل عین ) .

ذکره باعتبار لفظ ( الکل ) ، أو باعتبار الشئ ، إذ فی بعض النسخ : ( کل شئ ) .


ومعناه : فإن الله برحمته التی رحم الکل بها قبل رغبته کل شئ فی وجود عین ذلک الشئ .

أی ، قبل الله سؤاله وأجاب ندائه ورغبته فی وجوده العینی ، فأوجدها ، أی الأعیان فیه ،

کما یقال : تقبل الله منک . و ( قبل ) على التقدیرین خبر ( إن ) .


وقرأ بعض العارفین ( قبل ) ، بسکون ( الباء ) ، وقال : أی ، فإن الله برحمته التی رحم الشئ بها سابق رغبته فی وجود عینه . أی ، طلبه ( فأوجدها ) أی الرغبة . وفیه نظر .

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( فلذلک قلنا : إن رحمة الله وسعت کل شئ وجودا وحکما . ) أی ، فلأجل قبول الحق طلب الأعیان ورغبتها فی أن تکون موجودة فی الخارج ، قلنا : إن رحمة الله وسعت کل شئ وجودا وحکما . أما ( وجودا ) فظاهر .

وأما ( حکما ) ، فلأنه رحم وقبل سؤال کل شئ ، فأعطاه الاستعداد والقابلیة للوجود العینی ،

فوجد فی العین ، فذلک القبول وإعطاء الاستعداد رحمة من الله على الأعیان حکما ،


لذلک قال تعالى : ( وآتاکم من کل ما سألتموه ) . أی ، بلسان الاستعداد والحال والقال .


قال رضی الله عنه :  (والأسماء الإلهیة من الأشیاء وهی ترجع إلى عین واحدة . فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة ، فأول شئ وسعته الرحمة نفسها ، ثم الشیئیة المشار إلیها ، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة ، عرضا وجوهرا ومرکبا وبسیطا . )


لما کانت الأسماء من حیث تکثرها مغائرة للذات الأحدیة ورحمة الله وسعت کل شئ ، جعل الأسماء أیضا داخلة تحت الرحمة الذاتیة ، لأنها من الأشیاء المتکثرة ، مع أنها راجعة إلى عین واحدة وهی الذات الإلهیة . فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة ، وهی عین اسم ( الرحمن ) من حیث تمیزها بتعینها الخاص عن الاسم ( الله ) .


وإنما وسعت الرحمة الذاتیة للعین الرحمانیة ، لأنها من حیث امتیازها عن الذات الإلهیة إنما

حصلت بالتجلی الذاتی والرحمة الذاتیة على تلک العین ، إذ لولا التجلی الذاتی والرحمة الذاتیة على تلک العین لما کان لشئ وجود أصلا ، اسما کان أو صفة أو عینا ثابتة .

وإذا کان الأمر کذلک ، فأول ما تعلقت به الرحمة الذاتیة هو نفس الرحمة الظاهرة فی العین الرحمانیة ، ثم الشیئیة المشار إلیها ، أی العین الرحمانیة .

وإنما جعل الرحمة الرحمانیة أول متعلق الرحمة الذاتیة ثم العین الرحمانیة ، لأن عین الاسم ( الرحمن ) ذات مع صفة الرحمة ، والمجموع من حیث هو مجموع متأخر عن کل من أجزائه . ثم شیئیة کل موجود ، أی عین کل موجود .


یوجد إلى ما لا یتناهى مفصلا ، دنیا وآخرة ، عرضا وجوهرا ، مرکبا وبسیطا ، لأن جمیعها أخلة تحت العین الرحمانیة إجمالا .

فالأولیة فی قوله : ( فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجودة ) أولیة بالنسبة إلى باقی أعیان الأسماء التی بعدها ، کقوله عن لسان إبراهیم علیه السلام: ( وأنا أول المسلمین ) وإن کان من قبله من الأنبیاء أیضا مسلمین.

ویجوز أن یکون المراد ب ( الشیئیة ) وجودات الأعیان لا أعیانها . ( ولا یعتبر فیها ) أی ، فی إفاضة الرحمة على کل شئ .


قال الشیخ رضی الله عنه :  (حصول غرض ولا ملائمة طبع . بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.)

إذ لو کان حصول الغرض وملائمة الطباع معتبرا فی الإیجاد ، لما کان للعالم وجود ولا

للأسماء الإلهیة ظهور وتعین أصلا ، لأن الأسماء متقابلة ، فمظاهرها أیضا کذلک ، وطبیعة أحد المتقابلین لا تلائم طبیعة الآخر .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما. والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

الفصّ الزکریاوی

21 - فص حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

أی : ما یتزین به ، ویکمل العلم الیقینی المتعلق بمالکیة الحق لکل ما سواه ظهر ذلک العلم بزینته وکماله فی الحقیقة الجامعة المنسوبة إلى زکریا علیه السّلام ؛ فإنه لما تحقق بمقام العبودیة على الکمال بما بالغ فی التذلل والدعاء ظهر فیه الحق بمالکیته للکل ، فأعطاه قوة التصرف فی نفسه وروحه بتقویتهما وإصلاحهما والغلبة على موالی السوء فیما أنتج له من تقویتهما ، ولما کانت المالکیة عن احتیاج المملوک إلى المالک ، وقضاء حاجة الشخص رحمة علیه کانت المالکیة رحمة عامة على الکل ؛


ولذلک قال عزّ وجل فی حقه :ذِکْرُ رَحْمَتِ رَبِّکَ عَبْدَهُ زَکَرِیَّا[ مریم : 2 ] ، فنسب الرحمة إلى رب محمد صلّى اللّه علیه وسلّم لیدل على عمومها ، فأضاف العبد إلى الهویة لیدل على کمال عبودیته ؛ لأنه عبد جمیع الأسماء حتى لم یتمیز فی حقّه ، فصار کأنه عبد الذات ؛ ولذلک استوجب أکمل وجوه الرحمة .


قال الشیخ رضی الله عنه :  (اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب ؛ « فسبقت رحمته غضبه » . رواه ابن حبان والبیهقی 

أی : سبقت نسبة الرّحمة إلیه نسبة الغضب إلیه ، ولمّا کان لکلّ عین وجود یطلبه من اللّه ، لذلک عمّت رحمته کلّ عین ، فإنّه برحمته الّتی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه ، فأوجدها ، فلذلک قلنا : إنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ، والأسماء الإلهیّة من الأشیاء ؛ وهی ترجع إلى عین واحدة ؛ فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شیئیّة تلک العین الموجدة للرّحمة بالرّحمة ، فأوّل شیء وسعته الرّحمة نفسها ثمّ الشیئیّة المشار إلیها ، ثمّ شیئیّة کلّ موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة وعرضا وجوهرا ، ومرکّبا وبسیطا ، ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملائمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم کلّه وسعته الرّحمة الإلهیّة وجودا ) .

 


قال رضی الله عنه :  ( اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ) أی : بإعطائه إیاها الوجود ، وأحکامه من الصفات والإضافات وسائر الاعتبارات .

ثم استشعر سؤالا بأنه لو عمت رحمته کل شیء لم یوجد الغضب أصلا ، إذ هو مقابل للرحمة ؟

وأجاب عنه بقوله : ( وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب ) فی نسخة : " وأن وجود الغضب رحمة بالغضب " .  


وإن لم تکن رحمة بالمغضوب علیه ، فلا تقابل بین الرحمة وبین وجود الغضب ؛ ولذلک اجتمعا فی المغضوب علیه ، فإنه مرحوم بإعطاء الوجود ، وإنما التقابل بین حقیقة الرحمة وحقیقة الغضب ، وإذا کان وجود الغضب من الرحمة ؛


قال رضی الله عنه :  ( فسبقت رحمته غضبه ) ؛ لأنها سبب وجوده ، والسبب مقدم على المسبب ، ولما کان المتبادر إلى الوهم من هنا أن الرحمة تمحو الغضب فی الآخر بالکلیة ،

إزال ذلک بقوله : ( أی : سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه ) ؛ لأن ما یکون انتسابه إلى الشیء بالواسطة فنسبته متأخرة عن نسبة الواسطة إلیه ، وسبق النسبة لشیء بالغضب إلى شیء لا یقتضی رفع ما یکون نسبته متأخرة فی وقت ما .


ثم أشار إلى وجه عموم الرحمة ؛ فقال : ( ولما کان ) فی العلم الإلهی ( لکل عین ) بالعبودیة فیه ( وجود ) مقداره إذا خرج إلى الفعل حصل کمالها ، وهی ( تطلبه ) بلسان الاستعداد ( من اللّه ) ، وإعطاؤه المطلوب رحمة منه على الطالب ؛ ( لذلک عمت رحمته کل عین ) ، وإنما کان وجود کل شیء رحمة علیه ، وإن کرهه البعض عن شدة وابتلاء ، ( فإنه برحمته التی رحمه بها ) وراء ما یرحم بابتلائه المنعمین من أهل معرفته ، إذ یرون کمال نعمهم ، ویعرفونها ببلائه ، فإنه إنما تعرف الأشیاء بأضدادها ( قبل ) أی : أجاب ( رغبته ) أی :

دعاؤه وطلبه بلسان الاستعداد ( فی وجود عینه ) ؛ لکونه کمالا لها ، ( فأوجدها ) ثم عرضت لها الکراهة ، فلا عبرة بها ، ( فلذلک قلنا : إن رحمة اللّه وسعت کل شیء وجودا وحکما ) ، فإن بعض الأحکام ، وإن کانت مکروهة الآن کانت مرغوبة للأعیان حینئذ .


ثم استشعر سؤالا بأنه کیف وسعت رحمته کل شیء ، وأعظم الأشیاء ذات اللّه وأسماؤه وصفاته ، ولا یحصل لها الوجود بعد العدم ، فکیف تکون مرحومة ، ومن جملتها الرحمة ، فکیف وسعت نفسها ؟


فأجاب بقوله رضی الله عنه  : وأما ( الأسماء الإلهیة ) ؛ فهی وإن لم تکن مرحومة باعتبار أنفسها ، فهی مرحومة باعتبار کونها ( من الأشیاء ) التی هی صورها ، وکذا الذات الإلهیة ، وإن کانت غنیة عن العالمین ، فلها ظهور بظهور أسمائها إذ ( هی ترجع إلى عین واحدة ) ، وهی أیضا مرحومة بهذا الاعتبار ، وهی سابقة على الأسماء بالذات وظهورها کذلک ؛ لأن ما بالذات لا یزول بالغیر ، ( فأول ما وسعته رحمة اللّه ) أضافها إلى اللّه احترازا عن الرحمة الذاتیة التی أول ما وسعته نفس الرحمة الإلهیة ( شیئیّة تلک العین ) ، أی : صورة ظهورها فی المظاهر ، فإن وجود کل شیء سابق على سائر صفاته التی هی صور الأسماء والصفات ، ولهذه العین رحمة ذاتیة أوجدت الرحمة الإلهیة ، کما أشار إلیه بقوله : ( الموجودة للرحمة بالرحمة ) ، إذ لا بدّ من نسبة بین الموجد والموجد .




قال رضی الله عنه :  ( فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ) ، وإن یغایرنا بالذات والإلهیة ، فهما واحد بالماهیة ، ( ثم الشیئیة المشار إلیها ) ، فإنها وإن کانت مرحومة للرحمة الإلهیة ، فهی أیضا مرحومة للرحمة الذاتیة إذ مرحوم المرحوم للشیء مرحوم لذلک الشیء ، ( ثم شیئیة ) عین ( کل موجود ) ، فإن لها ظهورا بعد ظهور الوجود فیهما ؛

لأنه حینما ( یوجد ) یصیر شیئا بعد ما کانت عینا ثابتة ؛ فإن لکل عین من الموجودات ثبوتا فی العلم الأزلی ، وإن کانت بالغة ( إلى ما لا یتناهى ) ، وإن کان غیر المتناهی یمتنع اجتماعها فی الوجود ؛ لکن لا مانع فی ذلک إذ وجدت مرتبة ( دنیا وآخرة ) ، فالدنیا وإن تناهت فلا تتناهى الآخرة ( عرضا وجوهرا ) ، فإن للعرض عینا ثابتة غیر عین الجوهر ، ( ومرکبا وبسیطا ) ، فإن للمرکب أیضا عینا ثابتة غیر مجعولة فی علم الحق کالبسیط ، ولعل الجواهر البسیطة غیر متناهیة ، فالملائکة المنحصر کل نوع منها فی شخص ، وهم جواهر بسیطة ؛ فکیف بتناهی الأعراض والمرکبات ؟


ثم استشعر سؤالا بأنه : کیف وسعت الرحمة کل شیء ، وهی مختصة بملائمة طبع أو حصول غرض ، ومن الأشیاء ما لا یلائم طبعا ، ولا یحصل غرضا ؟


فأجاب بقوله : ( ولا یعتبر فیها حصول غرض ، ولا ملائمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم ) ، وموافق الغرض وغیر موافقة کله ( وسعته الرحمة الإلهیة وجودا ) ، إذ هو خبر محض فی نفسه ، وإنما یکون سرّا بالنظر إلى الغیر عن منعه کماله ، وکیف یعتبر فیهما حصول غرض أو ملائمة طبع ، وهما للموجودات دون المعدومات ؟


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.  والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )

21 - فصّ حکمة مالکیّة فی کلمة زکریاویّة

وجه تسمیة الفصّ

ووجه اختصاص هذه الکلمة بحکمتها هو أنّ « المالک » له معنى الشدّة .

کما یقال : « ملکت العجین » إذا شدّد عجنه . فله معنى شدّة الامتزاج .

وله معنى الوسط أیضا کما قیل ومِلْک الطریق: وسطه، قال یصف ناقة :


أقامت على ملک الطریق فملکه  ..... لها ، ولمنکوب المطایا جوانبه

أی فی وسط الطریق .


وإذ قد کان لزکریّا شدّة قوّة المزاج لوقوعه فی وسط طریق الاعتدال - ولذلک تراه قد قاوم تصادم البلیّات بدون تبرّم ولا إظهار اضطراب وتشکّ ومن هاهنا تراه ما انقطع له عند بلوغ الکبر مادّة التوالد کما هو المعهود من أمزجة بنی نوعه .


هذا ما له من القوّة بحسب ظاهر مزاجه وله أیضا قوّة بحسب باطن ذلک المزاج - یعنی الهمّة - وهی أنّه قد همّ بحصول ولد یحیى به ذکره مع یأس بالغ کان له من تحصیله ، بوهن آلات التناسل منه ومن زوجته حیث قال “  أَنَّى یَکُونُ لِی غُلامٌ وَکانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ من الْکِبَرِ عِتِیًّا “  [ 19 / 8 ] ،


وأنّه قد وهب له یحیى ، حیث أنّ اسمه ینطوی على وصفه المطلوب إظهاره - کما قد اطَّلعت على ذلک  .

وأیضا قد عرفت فی الفصّ اللوطی الذی هو رابع الثانیة أنّ حکمته ملکیّة لما فیه من الشدّة التی یأوی إلیها من قومه ،

وإذ کان ذلک القوّة لزکریّا بین أفراد قومه من ابنه یحیى ، تفرّد فی ثالث الثالثة الختمیّة بالمالکیّة کما لا یخفى على اللبیب وجهه .



المناسبات الحرفیة فی اسم زکریا ومالک

ثمّ إنّ هاهنا تلویحات : وهی أنّ حاصل فضل عدد « زکریا » یوافق ذلک من مالک فی أصل العقود ، وفی عدد « زکریا » أیضا مادّة حروف " الرحمة " أکثرها بالفعل والباقی بالقوّة .


ومن کمال هذه النسبة أنه ظهر أمر رحمته الوجودیّة فی مرتبة الکلام ، الذی هو مادّة « المالک » ، ولذلک خصّ بین الأنبیاء بالمذکوریّة فإنّ صاحب الوجود الکلامی هو المذکور الذی ظهر اسمه فی هذه المرتبة - لا الذاکر - حیث قال تعالى : “  ذِکْرُ رَحْمَتِ رَبِّکَ عَبْدَه ُ زَکَرِیَّا “ [19 : 1 ]   . ولذلک أخذ فی تحقیق معنى الرحمة قائلا :



سعة الرحمة وشمولها للکل

قال الشیخ رضی الله : ( اعلم أنّ رحمة الله وسعت کل شیء : وجودا ) - وهو ظهور ذاته وعینه فی مراتب الوجود - ( وحکما ) وهو ظهوره واعتباره فی حضرة الغیب بالفیض الأقدس قبل الوجود ، وبعده أیضا عند طریان الأحکام الکونیّة ، فإنّ الکلّ داخل فی رحمة الله تعالى .

فالرحمة هی العامّة التی لا شیء یشذّ عنها . وما توهّم بحسب مفهومه أنّه مقابل لها - یعنی الغضب - فهو أیضا داخل فیها ، ضرورة أنّه مشمول للوجود الذی هو من الرحمة .



قال الشیخ رضی الله : ( وأنّ وجود الغضب من رحمة الله بالغضب ، فسبقت رحمته غضبه ) سبقا ذاتیّا إحاطیّا ( أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه ) ، فإنّ الرحمة أقرب نسبة إلى الهویّة المطلقة من سائر الأسماء ، لعموم نسبتها وتمام إحاطتها والذی یدلّ على ذلک هو ما أشار إلیه بقوله رضی الله عنه   : ( ولمّا کان لکل عین وجود یطلبه من الله ، لذلک عمّت رحمته کلّ عین ) ، أی لما کان وجود العین مطلوبا من الله ومسئولا عنه ، والضرورة حاکمة بأنّ المطلوب من الجواد المطلق موهوب على کل حال ، عمّت رحمة الله کلّ الأعیان .

ثمّ إنّه یمکن أن یقال هاهنا : إنّ طلب العین وجوده ، قبل وجوده وحصوله ، والطلب وصف لا بدّ وأن یکون لمحلَّه حظَّ من الوجود ؟


فأزال ذلک بقوله : ( فإنّه ) أی فإنّ کلّ عین ( برحمته التی رحمه ) الله ( بها ) - فی الفیض الأقدس والتجلَّی الغیبیّ الذاتی - حصل له حظَّ من الرحمة بها ( قبل رغبته فی وجود عینه ، فأوجدها ) بالفیض المقدّس فی التجلَّی العینی

فقبول العین لرغبته التجلی وطلبه ، من حکم الرحمة التی بالفیض الأقدس ( فلذلک قلنا : إنّ رحمة الله وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ) .


ثمّ إنّه قد أدرج فی طیّ هذه العبارة نکتة ، وهی أنّ الضمائر التی لکل عین قد ذکَّرها ما کان منها قبل قوله : « فاوجدها » اعتبارا بلفظ الکلّ ، وتنبیها بذلک على أنّ الأعیان فی الفیض الأقدس غیر متمیّزة عمّا فیه من التجلی الغیبی الذی هو بمنزلة کله ، بل الأعیان هناک عین الکلّ وأما فی الفیض المقدس  فقد حصل للعین امتیاز ، کما بیّن وجهه فی موضعه .


ولذلک أنّث الضمیر فی " أوجدها " . فلا تغفل عن دقائق إشاراته فی لطائف عباراته 

ثمّ إنّک إذا عرفت هذا ظهر لک أنّ من جعل قوله « قبل رغبته » ظرفا بمعنى « سابق رغبته » ، فهو فی طرف من مقصود الکتاب ، کما أنّ من جعله فعلا راجعا فاعله إلى « الله » فی آخر منه .


الجزء الثالث

تابع شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

الأسماء فی الفیض الأقدس

ثمّ إنّه لما ذکر أنّ سبق الرحمة إنما هو لقرب نسبته إلى الحقّ ، وذلک لشمول إحاطتها وکمال سعتها ، أخذ یحقّق مراتب سعة الرحمة وموادّها بقوله :

قال الشیخ رضی الله : ( والأسماء الإلهیة من الأشیاء ) التی شملتها الرحمة ( وهی ) من حیث أنّها مشمولة للرحمة والوجود ( ترجع إلى عین واحدة ) کما سبق تحقیقه من أنّ الأسماء من حیث خصوصیّاتها الامتیازیّة نسب لا وجود لها ، ومن حیث أنّها راجعة إلى عین واحدة لها الوجود . فتلک العین الواحدة مبدأ وجود الأسماء .


قال الشیخ رضی الله : ( فأول ما وسعت رحمة الله شیئیّة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة ) فهی الراحمة ، وهی المرحومة . وهذه مرتبة الفیض الأقدس ، الذی لا ثنویّة فیه بین الفائض والمفاض .

وفی هذه الحضرة ظهرت أعیان سائر الأسماء والحقائق ، لا وجودها وشیئیّتها والأعیان فی هذه الحضرة هی المسمّاة بالشؤون الذاتیّة اصطلاحا ومعناه بلسان الإشارة التلویحیة أنّ شیئیّتها عین عینیّتها فیها .


 مراحل انتشار الأسماء والأعیان  

قال رضی الله : ( فأوّل شیء وسعته الرحمة نفسها ) ، ونفس الرحمة هی المسمّاة بالنفس الرحمانی عند فتح فاء التفصیل ونصبه شفتیه وفاه لجمع الکلمات الوجودیّة  والفرق فیها فی الثانی من الحضرتین .


قال رضی الله : ( ثمّ الشیئیّة المشار إلیها ) بالشیء المطلق ، وهو التجلَّی الثانی النفسیّ فی الحضرة الواحدیة . وهاهنا تتمیّز الأعیان عن الوجودات ، ویقال لها الأعیان الثابتة .

قال رضی الله : ( ثمّ شیئیّة کل موجود ) فی العوالم والمراتب الإمکانیة التی غلبت الکثرة وحکمها حتّى ( یوجد إلى ما لا یتناهى ، دنیا وآخرة ) ، صورة ومعنى ( و ) الصورة ( جوهرا وعرضا ، و ) الجوهر ( مرکَّبا وبسیطا ) فلا تخصیص لوصف ولا وضع أصلا ، ( ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم کلَّه وسعته الرحمة الإلهیّة وجودا ) فی العوالم ، فتکون الرحمة سابقة على الغضب .


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

ولما کان لکل عین وجود یطلبه من الله، لذلک عمت رحمته کل عین، فإنه برحمته التی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إن رحمة الله وسعت کل شیء وجودا وحکما.  والأسماء الإلهیة من الأشیاء، وهی ترجع إلى عین واحدة.

فأول ما وسعت رحمة الله شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها، ثم شیئیة کل موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومرکبا وبسیطا.

ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا.  )


الفص الزکریاوی

21 - فص حکمة مالکیة فی کلمة زکریاویة

قال رضی الله عنه :  (اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرّحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.)


إنما وصف الشیخ رضی اللّه عنه حکمته بالمالکیة لأن الغالب على أحواله کان حکم الاسم المالک ، لأن الملک الشدة والملیک الشدید ،

وأن اللّه ذو القوة المتین أیدته بقوة سرت فی همته وتوجهه فأثمرت الإجابة وحصول المراد فلیتذکر قصة :وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ [ الأنبیاء : 90 ] بقوة غیبیة ربانیة خارجة عن الأسباب المعتادة ما صحلت زوجته ولا تیسر لها الحمل ،

ثم أنه کما سرت تلک القوة من الحق فی زکریا وزوجته تعدت منهما إلى یحیى ، ولذلک قال له الحق :یا یَحْیى خُذِ الْکِتابَ بِقُوَّةٍ[ مریم : 12 ]

ولما صدر الحق سبحانه قصته علیه السلام فی سورة مریم بذکر الرحمة حیث قال :ذِکْرُ رَحْمَتِ رَبِّکَ عَبْدَهُ زَکَرِیَّا( 2 ) [ مریم : 2 ]

وافقه الشیخ رضی اللّه عنه وصدر حکمته ههنا بذکر الرحمة ،


فقال : ( اعلم أن رحمة اللّه وسعت کل شیء رحمة وجودا وحکما ) رحمة اللّه التی هی الوجود الشامل کل الأشیاء ، وسعت کل شیء من حیث وجوده الخاص به ، ومن حیث الأحکام التابعة لوجوده کالعلم والقدرة مثلا ، والمتبوعة المتوقف وجوده علیها کالقابلیة والاستعداد للوجود التابعین لثبوت الأعیان فی العلم السابقین على وجودها فی العین


( وأن وجود الغضب ) الذی هو من الأحکام التابعة بوجود الغاضب ( من رحمة اللّه تعالى بالغضب ) فإنه بحسب استعداده للوجود طلب الوجود من اللّه سبحانه ، فرحمه وأعطاه الوجود ( فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة ) على الغضب بإفاضة الوجود علیه ( إلیه تعالى نسبة الغضب ) على المغضوب علیه ( إلیه تعالى ) ، فإنه ما لم یتصف غضبه بالوجود الذی هو رحمته لم یتعلق بالمغضوب علیه .


اعلم أن الغضب فی الجناب الإلهی لیس إلا إفاضة الوجود على حال غیر ملائم للمغضوب علیه فی المغضوب علیه ، بحیث یتضرر به ویتألم ، ولا شک أن تلک الإفاضة أمر وجودی یطلب الوجود الذی هو الرحمة ، فما لم یتعلق به الوجود الذی هو الرحمة لم یتحقق


قال رضی الله عنه :  (ولمّا کان لکلّ عین وجود یطلبه من اللّه ، لذلک عمّت رحمته کلّ عین .

فإنّه برحمته الّتی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه ، فأوجدها . فلذلک قلنا إنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شیء وجودا وحکما . والأسماء الإلهیّة من الأشیاء ؛ وهی ترجع إلى عین واحدة . فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شیئیّة تلک العین الموجدة للرّحمة بالرّحمة ، فأوّل شیء وسعته الرّحمة نفسها)


الغضب ، فهو مسبوق بالرحمانیة ، وأیضا إفاضة الوجود مطلقا هی الرحمة ، لکنها قد تنصبغ باعتبار متعلقه بصبغ الغضب ، ولا شک أن انصباغها بهذا الصبغ متأخر عنها فهذا معنى آخر لسبق الرحمة على الغضب ، وقد یجعل السبق بمعنى الغلبة فسبق الرحمة الغضب باعتبار غلبتها علیه آخرا ( ولما کان لکل عین ) من الأعیان المتبوعة أو التابعة ( وجود ) ، أی حصة وجودیة ( یطلبه ) ، أی یطلب ذلک العین الوجود یعنی الحصة الوجودیة ( من وجود اللّه لذلک عمت رحمته کل شیء فإنه ) ، أی الحق ( برحمته التی رحمه ) ،

 أی کل عین ( بها ) ، أی بتلک الرحمة فی الفیض الأقدس بإعطائه الثبوت فی العلم واستعداد الوجود فی العین ( قبل ) فعل ماض من القبول ، أی بمقتضى تلک الرحمة الأزلیة قبل الحق سبحانه ( رغبته ) ، أی رغبة کل عین ( فی وجود عینه ) فی الخارج ( فأوجدها ) فی الفیض المقدس فیه ، وقیل : معناه ، فإنه أی کل عین برحمته ، أی برحمة اللّه التی رحمه ، أی کل عین بها فی الفیض الأقدس لحصول الاستعداد قبل کل عین رغبته فی وجود عینه ،


أی صار قابلا ، لأن یرغب فی وجود عینه ویطلبه ، فأوجدها بالفیض المقدس ، فالمراد بقبول الحق رغبة کل عین فی وجود عینه أن یعامل معه بمقتضى رغبته وطلبه ، ویفیض على غیبه الوجود بقبول العین الراغبة أن تظهر فیه الرغبة والطلب ( فلذلک ) ، أی لأجل ذلک الإیجاد لقبول رغبته فی وجود عینه ( قلنا : إن رحمة اللّه وسعت کل شیء وجودا وحکما ) ، أما وجودا فظاهر ، وأما حکما فلإعطائه استعداد الوجود أولا وإفاضة الوجود على لوازم الوجود آخرا ( والأسماء الإلهیة من الأشیاء ) التی عمتها الرحمة الوجودیة


( وهی ) من حیث أنها متمایزة بخصوصیات هی نسب لا وجود لها ( ترجع إلى عین واحدة ) لها الوجود ووجودها باعتبار تلک العین الواحدة وهذه العین الواحدة هی النفس الرحمانی الذی هو الوجود الحق لا مطلقا بل من حیث عمومه وانبساطه


( فأول ما وسعت ) ، أی وسعته ( رحمة اللّه شیئیة تلک العین ) والرحمة التی وسعت الرحمة الذاتیة الحاصلة من التجلی الذاتی بصورة تلک العین التی هی النفس الرحمانی ( الموجدة للرحمة ) ، أی للوجودات الخاصة المتعینة بحسب کل حقیقة حقیقة علما أو عینا ( بالرحمة ) التی هی نفس تلک العین أعنی النفس الرحمانی فإنها التی تقیدت بکل حقیقة حقیقة فصارت وجوداتها الخاصة .

وهذا المعنى هو المعنى بکونها موجودة لها ( فأول شیء وسعته الرحمة نفسها ) ،


قال رضی الله عنه :  ( ثمّ الشیئیّة المشار إلیها ، ثمّ شیئیّة کلّ موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا وآخرة وعرضا وجوهرا ، ومرکّبا وبسیطا . ولا یعتبر فیها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغیر الملائم کلّه وسعته الرّحمة الإلهیّة وجودا . )


یعنی نفس الرحمة التی هی النفس الرحمانی ، وقد عرفت الرحمة التی وسعتها ( ثم الشیئیة ) الأسمائیة ( المشار إلیها ) بقوله : والأسماء الإلهیة من الأشیاء ، فإن أول ما یمر علیه هذا التجلی النفسی هو الأسماء الإلهیة وبإزائها الأعیان الثابتة ، ولذلک التقى بها ، أو الأسماء أعم من الأسماء الفاعلة والقابلة ( ثم شیئیة کل موجود یوجد ) بالوجود العینی فی العوالم والمراتب الإمکانیة ( إلى ما لا یتناهى دنیا وأخرى عرضا وجوهرا ومرکبا وبسیطا ولا یعتبر فیها ) ، أی فی سعة الرحمة شیئیة کل موجود


( حصول غرض ولا ملائمة طبع بل الملائم وغیر الملائم کله وسعته الرحمة الإلهیة وجودا ) ، وإنما اکتفى بذلک ولم یقل : وحکما اعتمادا على ما مر غیر مرة . ولما کانت الرحمة الذاتیة التی تعین بها النفس الرحمانی وکذا النفس الرحمانی الذی به تعین الأسماء الإلهیة والأعیان الثابتة ، ثم الأعیان الوجودیة من النسب الاعتباریة التی لیس لها عین موجودة فی الخارج ، کان محل أن یشکل کیفیة تأثیرها ،


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص:۴۶۱-۴۶۵

[رحمت الهى همه چیز را فرا گرفته است‏]

اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شی‏ء وجودا و حکما، و أن وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب، فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرحمة الیه نسبة الغضب الیه.

بدان که رحمت الهى همه چیز را فرا گرفته است. هم از حیث وجود و هم از حیث حکم (مراد از حکم استعداد و قابلیت است که در حکم وجود است). چه اینکه وجود غضب، از رحمت الهى است به غضب. پس رحمت او سابق بر غضب اوست. یعنى‏ نسبت رحمت به حق تعالى سابق است از نسبت غضب به او.

قیصرى گوید:

چه اینکه رحمت ذاتى حق است و عین غضب از عدم قابلیت بعض اعیان مر کمال مطلق و رحمت تامه (کامله) را ناشى است. بنا بر این آن را شقاوت و شرّ ‌می‌نامند و به این معنى رسول اللّه اشاره فرموده: «ان الخیر کله بیدیک و الشرّ لیس إلیک». کسى که در لوازم غضب از امراض و آلام و فقر و جهل و غیر آنها امعان نظر کند، این امور را عدمى ‌می‌یابد پس رحمت ذاتى وجود حق است و غضب، عارضى است که از اسباب عدمى ناشى ‌می‌گردد.( شرح فصوص قیصرى، ص 403، ستون اول.)

امور عدمى و شرور

امور عدمى تعبیر به شرّ ‌می‌شود که رسول اللّه فرمود: «الشرّ لیس إلیک» شرّ در کلام ارباب معقول بر دو معنى اطلاق ‌می‌شود.

یکى به معنى فاقد و عادم کمال است و شرّ به این معنى در ما سوى اللّه جارى است.

حتى در عقل اول. زیرا عقل اول مجعول است و جعل، عبارت است از اظهار نمودن جاعل، مثال خود را و در مثال، دو امر نهاده است:

یکى جهت فعلیت او که جنبه وجودى اوست و به این لحاظ آیت علت خود است و مثال او ‌می‌باشد و نمودار دارایى مؤثر خود است.

و دیگر مجعول بودن او که مجعول را ناچار از حدود داشتن و فاقد رتبه وجودى علت خود بودن است و ما سوى اللّه همه در این معنى شریکند و این معنى عبارت از امکان ممکن است.

سیه رویى ز ممکن در دو عالم‏ جدا هرگز نشد و اللّه اعلم‏

و ما سوى اللّه طرا و کلا فاقد کمال مطلق واجب الوجودى‌اند. پس شرّ به این معنى همه آنها را فرا گرفته است.

شرّ به معنى دوم از نسبت و تزاحم و تصادم و تخاصم بین أشیاء و اسماء پیش ‌می‌آید که هر یک در حد وجودى خود خیرند و از نسبت آنها با یک دیگر شرّ پیش ‌می‌آید.

زهر ماران مار را باشد حیات‏ نسبتش با آدمى آمد ممات‏

در اینکه إرجاع شرور به اعدام است در وجه اول خیلى روشن است که عادم کمال بودند و وجه دوم نیز به همین مثابت است. مثلا چاقو که دست را بریده است، آن بریدگى، عدم اتصال است و تمام آلام چنین‌اند. جز اینکه در اینجا سؤالى بسیار سنگین پیش ‌می‌آید که اگر جمیع عذاب و عقاب انسان در عوالم بعد از موت همه آلامند و آلام، شرورند- این شرور را از دنیا با خود برده است که ریشه جهنم، دنیاست. جَزاءً وِفاقاً (نبأ: 26) و شرور اعدامند و عدم وجود ندارد پس چگونه سبب ایلام و ایذاى انسان ‌می‌شوند. بلکه در همین نشئه دنیاوى که الم از شرور پدید ‌می‌آید، مثلا بریدگى دست که عدم اتصال است، امرى عدمى است، امر عدمى چگونه سبب رنج و درد عضو ‌می‌گردد.

باز سؤال دیگر پیش ‌می‌آید که گیریم آفات تعلق یافته به اعضا و جوارح، به یک نحو موجب رنج و الم گردد، اما مفارقت انسان از امورى که در حقیقت جداى از اوست و با آنها ارتباطى اعتبارى دارد یعنى در حقیقت با انسان پیوسته نیستند چگونه تباهى، ویرانى و بریدگى آنها از انسان موجب الم ‌می‌گردند و سؤالات دیگرى که به تکامل برزخى انسان سر در ‌می‌آورد که این شرور که همه اعدامند چگونه در انسان آن چنان اثرى باقى ‌می‌گذارند.

قسمتى از این سؤالات را مرحوم آخوند ملا صدرا در جواهر و اعراض اسفار در بحث الم و لذت و قسمتى را در خیر و شر بحث الهیات اسفار و ورود خیر و شر در قضاى الهى و علم عنایى عنوان کرده است و شبهه‌ای از ملا جلال دوانى نقل کرده آن را با بیانى سخت و استوار رد کرده است و تحقیقی عرشى به میان آورده است در اینکه جمیع آلام که بر ظاهر و باطن انسان روى ‌می‌آورد به علم حضورى است که باید با مبانى قویم حکمت متعالیه حل گردد و شاید به وقتش بیان گردد.

و لمّا کان لکلّ عین وجود یطلبه من اللّه، لذلک عمّت رحمته کلّ عین، فإنّه برحمته الّتی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها، فلذلک قلنا إنّ رحمة اللّه‏ وَسِعَتْ کُلَّ شَیْ‏ءٍ وجودا و حکما.

و چون براى هر عین وجودى است که آن را از خداوند طلب ‌می‌کند لذا رحمت حق تعالى همه اعیان را فرا گرفت یعنى عموم رحمتش شامل همه شده است چه اینکه خداوند به رحمتى که به آن رحمت هر عین را در وجود علمى رحمت فرمود یعنى آن‏  عین را وجود علمى عطا فرمود، رغبت آن عین را در وجود عینى یافتنش قبول کرد.

پس آن عین ثابت را در عین خارجى ایجاد نمود. لذا گفتیم که رحمت او هر چیز را وجودا و حکما فرا گرفته است.

وجودا که ظاهر است اما حکما اینکه خداوند رحمت فرمود و سؤال هر چیز را قبول کرد و به او استعداد و قابلیت براى وجود عینى عطا کرد و این قبول و اعطاى استعداد رحمتى است از اللّه تعالى بر اعیان حکما لذا حق تعالى فرمود: وَ آتاکُمْ مِنْ کُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ‏ (إبراهیم: 34).

و الأسماء الإلهیة من الأشیاء و هی ترجع الى عین واحدة، فأول ما وسعت رحمة اللّه شیئیة تلک العین الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شی‏ء وسعته الرحمة نفسها ثم الشیئیة المشار إلیها.

و اسماء الهیه از اشیائى هستند که به عین واحد یعنى ذات الهیه رجوع ‌می‌کنند. پس اول چیزى که رحمت حق تعالى آن را فرا گرفت. شیئیت آن عین موجد رحمت است. به سبب رحمت (یعنى اول چیزى که رحمت ذاتیه به آن تعلق گرفت خود رحمت ظاهره در عین رحمانیت است). آن گاه عین رحمانى پدید آمد و مشار الیه شد.

خلاصه اینکه من باب مثال، صفت جود اول باید به ذات حاتم طائى تعلق بگیرد، تا ذات جواد بشود آن گاه از این ذات جود در خارج تحقق پیدا کند. پس جود رحمتى است که این رحمت پیش از آن که در خارج ذات حاتم ظاهر شود اول شامل خودش شده است که در صقع ذات حاتم به وجود علمى تحقق یافت. در این مقام در مورد رحمت ذاتیه در ذات حق تعالى این چنین گوییم که رحمت نخست شامل حال خودش شده است. یعنى‏ وَسِعَتْ کُلَّ شَیْ‏ءٍ و خود رحمت یکى از مصادیق کل شی‏ء است. آن گاه ذات با صفت رحمت اسم الرحمن شد که موجد رحمت در خارج است.

ثم شیئیة کلّ موجود یوجد الى ما لا یتناهى دنیا و آخرة، و عرضا و جوهرا، و مرکّبا و بسیطا و لا یعتبر فیها حصول غرض و لا ملاءمة طبع، بل الملائم و غیر الملائم کلّه وسعته الرحمة الإلهیة الا وجودا.

سپس شیئیت هر موجود به طور غیر متناهى به حسب دنیا و آخرت و عرض و جوهر و مرکب و بسیط بودن وجود ‌می‌یابد و در افاضه رحمت بر هر چیزى حصول غرض و ملایمت طبع معتبر نیست، بلکه رحمت الهى ملایم و غیر ملایم را به حسب‏ وجود فرا گرفته است و همه را ایجاد نموده است.

تضاد در عالم وجود

اسماء مطلقا با یک دیگر متقابلند و طبیعت یکى از دو متقابل با طبیعت دیگرى ملایم نیست پس اگر چنانچه ملایمت طباع اسماء اعتبار شود نباید عالم وجود یابد. زیرا طباع اسماء با یک دیگر متقابلند و هیچ اسمى خواهان اسم متقابلش نیست و حال اینکه اگر اسماء متقابله تحقق نیابند و نکاح سارى در میان آنان جارى نباشد امساک فیض لازم آید و این بحث از شعب بحث تضاد است که در کتب فلسفى بسیار ریشه‏دار است و این حرف همان است که آخوند در فصل چهارم و پنجم موقف هشتم الهیات اسفار آورده است که: «لو لا التضاد ما صح حدوث الحادثات» و نیز «لو لا التضاد لما صح الکون و الفساد». و جالبتر از این هر دو جمله اینکه «لو لا التضاد ما صحّ دوام الفیض من المبدئ الجواد».

اما آن که فرمود: حصول غرض در آن معتبر نیست جهتش این است که هر فاعلى که فعل او معلل به غرض است، فاعل بالقصد است. یعنى در فعل خود، قاصد کمالى است که فاقد آن است و به اعمال آن فعل واجد آن ‌می‌شود. پس چنین فاعلى به فعل خود مستکمل است و مستکمل محتاج است و حق جلّ و علا، غنى بالذات است. در این مطلب سقراط حکیم چنانکه در تاریخ الحکماى قفطى نقل شده است سخنى بلند دارد.

از او سؤال ‌می‌شود سبب ایجاد عالم چیست؟ گفت: «جود حق تعالى است». گویا ملاى رومى به این نکته نظر دارد که ‌می‌گوید:

من نکردم خلق تا سودى کنم‏ بلکه تا بر بندگان جودى کنم‏

زیرا آن کس که در کارش سود ‌می‌کند فاعل بالقصد است و مستکمل.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص:۸۸۸-۸۹۱

اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شى‏ء وجودا و حکما، و أنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أى سبقت نسبة الرّحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

یعنى بدانکه حقّ سبحانه و تعالى رحم کرد بر اعیان که طالب وجود و لوازم و احکامش بودند، پس ایجاد کرد ایشان را در عین چنانکه اولا در علم ایجاد کرده بود، لاجرم رحمت سابق است بر هر چیزى و محیط بر وى کما قال تعالى‏

و رحمتى وسعت کلّ شى‏ء

یعنى رحمت من احاطه کرد همه چیز را از روى وجود و حکم، یعنى از جهت وجود و استعداد و قابلیّت که این نیز در حکم وجود است از آنکه وجود عین رحمت شامله است بر جمیع موجودات خواه اعراض باشد و خواه جواهر؛ و همچنین قابلیّت نیز محیط و شامل است بر وى. و از جمله اعیان عین غضب است و آنچه بر وى مترتّب مى‏گردد از محن و آلام و بلاء و اسقام و امثال این از آنچه ملائم طباع نیست. پس عین غضب را نیز رحمت محیط است همچنان‏که اعیان دیگر. پس وجود غضب از رحمت حقّ است بر عین غضب، پس سابق باشد نسبت رحمت به حق از نسبت غضب بدو، چه رحمت ذاتیّه است مر حق را و عین غضب ناشى است از عدم قابلیّت بعض اعیان کمال مطلق و رحمت تامّه را، لاجرم مسمى مى‏گردد به شقاوت و شرّ، و رسول اللّه علیه السلام بدین اشارت کرد آنجا که گفت‏

«إنّ الخیر کلّه بیدک و الشّرّ لیس إلیک»

. و هرکه امعان‏نظر کند در لوازم غضب از آلام و امراض و فقر و جهل و موت و غیر این همه را امور عدمیّه یابد، پس داند که رحمت ذاتیّه وجود حق است و غضب عارضه ناشیه از اسباب عدمیّه.

و لمّا کان لکلّ عین وجود یطلبه من اللّه، لذلک عمّت رحمته کلّ عین.

و چون هر عینى را از اعیان علمیّه وجودى مقدّر است در خارج و آن به لسان استعداد از حقّ طلب مى‏کند وجود خارجى را، از براى این رحمت حقّ شامل هر عین آمد.

و مى‏شاید که معنى چنین باشد که هر عینى را از اعیان اسمى است مرئى که مقتضى وجود آن عین است در علم و آن اسم را که سبب وجود عین است به وجود تعبیر کرد، پس آن وجود یعنى اسمى که مرئى آن عین است آن عین را که‏ مظهر اوست از حق طلب مى‏کند و به «فیض اقدس» وجود و قابلیّت اعیان ثابته را حاصل مى‏گردد و این محض رحمت و عین عنایت است. لاجرم محقق شد که رحمت او شامل هر عینى است از اعیان.

فإنّه برحمته الّتى رحمه بها قبل رغبته فى وجود عینه، فأوجدها. فلذلک قلنا إنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شى‏ء وجودا و حکما.

تعلیل عموم رحمت است یعنى حضرت حقّ به رحمتى که شامل کامل کلّ موجودات است قبول سؤال هر عینى که طالب وجود بود کرد و آنچه مرغوب او بود در کنار او نهاد و اجابت کرد نداء و رغبت او را در وجود عینى، لاجرم اعیان را در خارج لباس وجود ارزانى داشت. پس از براى قبول کردن حق طلب اعیان و رغبت ایشان را در وجود خارجى گفتیم که رحمت حق شامل هر چیز است از روى وجود و حکم: امّا از روى وجود خود ظاهر است؛ و امّا از روى حکم از براى آنست که رحم آورد و قبول کرد سؤال هر چیز را و استعداد و قابلیّت داد مر وجود عینى را، پس این قبول و اعطاى قابلیّت رحمت است از حق تعالى بر اعیان حکما و لهذا قال اللّه تعالى‏ وَ آتاکُمْ مِنْ کُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ‏ یعنى حضرت حق به شما ارزانى داشت آنچه را ازو به زبان استعدادات و حال و قال طلب کردید.

و الأسماء الإلهیّة من الأشیاء؛ و هى ترجع إلى عین واحدة. فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شیئیّة تلک العین الموجدة للرّحمة بالرّحمة، فأوّل شى‏ء وسعته الرّحمة نفسها ثمّ الشیئیّة المشار إلیها، ثمّ شیئیّة کلّ موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا و آخرة و عرضا و جوهرا، و مرکّبا و بسیطا.

چون اسماء از روى کثرت مغایر است مر ذات احدیت را و رحمت الهى شامل هر شى‏ء؛ پس شیخ اسماء را نیز داخل داشت در تحت رحمت ذاتیّه، از آنکه اسماء نیز از اشیاى متکثّره است اگرچه راجع است به عین واحده که آن ذات الهیّه است.

پس اوّل آنچه رحمت الهى احاطه او کرده است شیئیت عینى است که موجد رحمت است که آن عین «اسم رحمن» است از حیثیّت تمیز و تعیّنش از اسم اللّه؛ و از براى آن رحمت ذاتیّه عین رحمانیّه را احاطه کرد که از روى امتیاز به تعیّن خاص غیر ذات الهیّه است و حصول عین رحمانیّه به تجلّى ذاتى و رحمت ذاتیّه است چه اگر تجلى ذاتى و رحمت ذاتیّه نباشد هیچ‏چیز وجود نیابد، خواه اسم باشد، و خواه صفت، و خواه عین ثابته.

و چون امر برین نهج باشد آنچه اول «رحمت ذاتیّه» بدان متعلق مى‏شود مى‏باید که نفس رحمت ظاهره باشد در عین رحمانیّه؛ بعد شیئیت مشار إلیها که «عین رحمانیّه» است. و «رحمت رحمانیّه» را از آن جهت اوّل متعلّق «رحمت ذاتیّه» داشت، بعد از آن عین رحمانیّه، از آنکه عین اسم رحمن ذات مع صفة الرّحمة است و مجموع من حیث المجموع متأخر است از هریکى از اجزایش، بعد از آن شیئیت هر موجود به وجود مى‏آید إلى غیر النهایة به طریق تفصیل، خواه در دنیا باشد و خواه در آخرت؛ و خواه عرض باشد و خواه جوهر؛ و خواه مرکب باشد و خواه بسیط از آنکه همه در تحت عین رحمانیّه به طریق اجمال داخل است. پس اولیّت در قول او که فأوّل ما وسعت رحمة اللّه مى‏گوید به نسبت با باقى اعیان اسماء است که بعد ازو است کقوله تعالى عن لسان إبراهیم علیه السّلام‏ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِینَ‏ اگرچه پیش از او انبیاء و اهل اسلام بودند.

و مى‏شاید که مراد به شیئیت وجودات اعیان باشد نه اعیان.

و لا یعتبر فیها حصول غرض و لا ملائمة طبع، بل الملائم و غیر الملائم کلّه (بل الملائم و غیر الملائم کلّه- معا) وسعته الرّحمة الإلهیّة وجودا.

یعنى اعتبار کرده نمى‏شود در افاضه رحمت بر هر چیزى حصول غرض و ملائمت طبع بلکه ملائم و غیر ملائم [را] رحمت الهى از روى وجود شامل است چه اگر حصول غرض و ملائمت طباع معتبر باشد در ایجاد نه عالم را وجود باشد و نه اسماى الهى را ظهور و تعیّن از آنکه اسما متقابل است پس مظاهرش نیز چنین باشد و هرآینه طبیعت احد المتقابلین ملائم طبیعت آخر نیست.


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۴۳

اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شی‏ء وجودا و حکما، و أنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أی سبقت نسبة الرّحمة إلیه نسبة الغضب إلیه.

شرح یعنى رحمت حق شامل است جمیع أشیاء را از جهت وجود. پس وجود غضب که از جمله اشیاست هم از جمله رحمت حقّ باشد بر غضب که بدان از عدم به وجود آمد، و لیک نسبت رحمت سابق است بر نسبت غضب، که رحمت حق را ذاتیست و غضب عارضى ناشى از عدم، و هر آینه وجود بر عدم سابق است؛ و از اینجا بود که رسول- صلّى اللّه علیه و سلّم- فرمود «إنّ الخیر کلّه بیدیک و الشّرّ لیس إلیک». و لمّا کان لکلّ عین وجود یطلبه من اللّه، لذلک عمّت رحمته کلّ عین، فإنّه برحمته الّتی رحمه بها قبل رغبته فی وجود عینه، فأوجدها.فلذلک قلنا إنّ رحمة اللّه وسعت کلّ شی‏ء وجودا و حکما.

شرح یعنى حقّ را- عزّ شأنه- اسماییست ذاتیّه که آن مفاتیح غیب است، و اعیان ثابته صور و تعیّنات آن اسمایند، و حقایق آن اسما از حضرت طالب ظهور است در علم أولا و در عین ثانیا. ازین جهت رحمت حق عام شد، و همه را مرحوم گردانید، و اجابت فرمود طلب و رغبت هر چیزى را در وجود عینى خارجى وى، و آن را در خارج وجودى داد.

و الأسماء الإلهیّة من الأشیاء؛ و هی ترجع إلى عین واحدة.

فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شیئیّة تلک العین الموجدة للرّحمة بالرّحمة، فأوّل شی‏ء وسعته الرّحمة نفسها ثمّ الشّیئیّة المشار إلیها، ثمّ شیئیّة کلّ موجود یوجد إلى ما لا یتناهى دنیا و آخرة، و عرضا و جوهرا، و مرکّبا و بسیطا. و لا یعتبر فیها حصول غرض و لا ملاءمة طبع، بل الملائم و غیر الملائم کلّه وسعته الرّحمة الإلهیّة وجودا. شرح یشیر إلى أنّ الحقائق الربّانیّة و الأعیان الکونیّة کانت معدومة الآثار غیر ممیّزة لعدم مظاهرها، فعمّتها الرّحمة بتعلّقها بتلک الأعیان الثّابتة فی العلم الأزلىّ الذّاتىّ علما. فوجدت الرّحمة بنفس تعلّقها بتلک الأعیان أوّلا. فظهرت النّسب الإلهیّة فی مظاهرها ثانیا.

ثمّ أثرت الأسماء الإلهیّة فی ایجاد أعیان الأکوان ثالثا عند من یقول بوجود حقایق العلمیّة وجودا یقینیّا، و على الکشف الأتمّ وجدت وجودا مثالیّا فی مرآة الوجود الواحد، فوجود الرّحمة بالرّحمة، و وجود الحقائق الإلهیّة بالرّحمة الذاتیّة الجودیّة، و وجود الأشیاء بالرّحمة الرّحمانیّة الأسمائیّة. و أمّا عدم اعتبار حصول الغرض‏ و ملاءمة الطّبع، لأنّه لو اعتبر ذلک لما کان للأشیاء وجود لکون تقابل الأسماء، مثل المحیی و الممیت و المعزّ و المذلّ. و لا شکّ أنّ ملائم طبع موجود ضدّ ملائم طبع موجود آخر.