عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الأولی:


متن فصوص الحکم الشیخ الأکبر محمد ابن العربی الطائی الحاتمی 638 هـ :

24 - فص حکمة إمامیة فی کلمة هارونیة

اعلم أن وجود هارون علیه السلام کان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» یعنی لموسى «أخاه هارون نبیا».

فکانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أکبر من موسى سنا، وکان موسى أکبر منه نبوة.

ولما کانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلک قال لأخیه موسى علیهما السلام «یا بن أم» فناداه بأمه لا بأبیه إذ کانت الرحمة للأم دون الأب أوفر فی الحکم.

ولو لا تلک الرحمة ما صبرت على مباشرة التربیة.

ثم قال «لا تأخذ بلحیتی ولا برأسی وفلا تشمت بی الأعداء».

فهذا کله نفس من أنفاس الرحمة.

و سبب ذلک عدم التثبت فی النظر فیما کان فی یدیه من الألواح التی ألقاها من یدیه.

فلو نظر فیها نظر تثبت لوجد فیها الهدى و الرحمة.

فالهدى بیان ما وقع من الأمر الذی أغضبه مما هو هارون بری ء منه.

والرحمة بأخیه، فکان لا یأخذ بلحیته بمرأى من قومه مع کبره وأنه أسن منه.

فکان ذلک من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا یصدر منه إلا مثل هذا.

ثم قال هارون لموسى علیهما السلام «إنی خشیت أن تقول فرقت بین بنی إسرائیل» فتجعلنی سببا فی تفریقهم فإن عبادة العجل فرقت بینهم، فکان منهم من عبده اتباعا للسامری و تقلیدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى یرجع موسى إلیهم فیسألونه فی ذلک.

فخشی هارون أن ینسب ذلک الفرقان بینهم إلیه، فکان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا یعبد إلا إیاه: و ما حکم الله بشیء إلا وقع.

فکان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر فی إنکاره وعدم اتساعه.

فإن العارف من یرى الحق فی کل شیء، بل یراه کل شیء.

فکان موسى یربی هارون تربیة علم و إن کان أصغر منه فی السن.

ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامری فقال له «فما خطبک یا سامری» یعنی فیما صنعت من عدو لک إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعک هذا الشبح من حلی القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.

فإن عیسى یقول لبنی إسرائیل «یا بنی إسرائیل قلب کل إنسان حیث ماله، فاجعلوا أموالکم فی السماء تکن قلوبکم فی السماء».

وما سمی المال مالا إلا لکونه بالذات تمیل القلوب إلیه بالعبادة.

فهو المقصود الأعظم المعظم فی القلوب لما فیها من الافتقار إلیه.

ولیس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم یستعجل موسى بحرقه. فغلبت علیه الغیرة فحرقه ثم نسف رماد تلک الصورة فی الیم نسفا.

وقال له «انظر إلى إلهک» فسماه إلها بطریق التنبیه للتعلیم، لما علم أنه بعض المجالی الإلهیة: «لنحرقنه» فإن حیوانیة الإنسان لها التصرف فی حیوانیة الحیوان لکون الله سخرها للإنسان، ولا سیما و أصله لیس من حیوان، فکان أعظم فی التسخیر لأن غیر الحیوان ما له إرادة بل هو بحکم من یتصرف فیه من غیر إبائه.

وأما الحیوان فهو ذو إرادة وغرض فقد یقع منه الإباءة فی بعض التصریف: فإن کان فیه قوة إظهار ذلک ظهر منه الجموح لما یریده منه الإنسان وإن لم یکن له هذه القوة أو یصادف غرض الحیوان انقاد مذللا لما یریده منه، کما ینقاد مثله لأمر فیما رفعه الله به من أجل المال الذی یرجوه منه المعبر عنه فی بعض الأحوال بالأجرة فی قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات لیتخذ بعضهم بعضا سخریا».

فما یسخر له من هو مثله إلا من حیوانیته لا من إنسانیته: فإن المثلین ضدان، فیسخره الأرفع فی المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانیته ویتسخر له ذلک الآخر إما خوفا أو طمعا من حیوانیته لا من إنسانیته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بین البهائم من التحریش لأنها أمثال؟

فالمثلان ضدان، ولذلک قال ورفع بعضکم فوق بعض درجات: فما هو معه فی درجته.

فوقع التسخیر من أجل الدرجات.

والتسخیر على قسمین: تسخیر مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر فی تسخیره لهذا الشخص المسخر کتسخیر السید لعبده وإن کان مثله فی الإنسانیة، وکتسخیر السلطان لرعایاه، وإن کانوا أمثالا له فیسخرهم بالدرجة.

والقسم الآخر تسخیر بالحال کتسخیر الرعایا للملک القائم بأمرهم فی الذب عنهم وحمایتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم علیهم.

وهذا کله تسخیر بالحال من الرعایا یسخرون فی ذلک ملیکهم، و یسمى على الحقیقة تسخیر المرتبة. فالمرتبة حکمت علیه بذلک.

فمن الملوک من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة فی تسخیر رعایاه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلک أجر العلماء بالأمر على ما هو علیه وأجر مثل هذا یکون على الله فی کون الله فی شئون عباده.

فالعالم کله مسخر بالحال من لا یمکن أن یطلق علیه أنه مسخر.

قال تعالى «کل یوم هو فی شأن».

فکان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ینفذ فی أصحاب العجل بالتسلیط على العجل کما سلط موسى علیه، حکمة من الله تعالى ظاهرة فی الوجود لیعبد فی کل صورة.

وإن ذهبت تلک الصورة بعد ذلک فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهیة.

ولهذا ما بقی نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخیر.

 

فلا بد من ذلک لمن عقل. وما عبد شیء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة فی قلبه: و لذلک تسمى الحق لنا برفیع الدرجات، ولم یقل رفیع الدرجة. فکثر الدرجات فی عین واحدة.

فإنه قضى ألا یعبد إلا إیاه فی درجات کثیرة مختلفة أعطت کل درجة مجلى إلهیا عبد فیها.

وأعظم مجلى عبد فیه و أعلاه «الهوى» کما قال «أفرأیت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا یعبد شیء إلا به، ولا یعبد هو إلا بذاته، و فیه أقول:

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى فی القلب ما عبد الهوى

ألا ترى علم الله بالأشیاء ما أکمله، کیف تمم فی حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحیرة: و ذلک أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقیاده لطاعته فیما یأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله کانت عن هوى أیضا، لأنه لو لم یقع له فی ذلک الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غیره.

 

وکذلک کل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا یزال تحت سلطان هواه. ثم رأى المعبودات تتنوع فی العابدین، فکل عابد أمرا ما یکفر من یعبد سواه، والذی عنده أدنى تنبه یحار لاتحاد الهوى، بل لأحدیة الهوى، فإنه عین واحدة فی کل عابد.

«وأضله الله» أی حیره «على علم» بأن کل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم یصادف.

والعارف المکمل من رأى کل معبود مجلى للحق یعبد فیه «ولذلک سموه کلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حیوان أو إنسان أو کوکب أو ملک.

هذا اسم الشخصیة فیه.

والألوهیة مرتبة تخیل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهی على الحقیقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتکف على هذا المعبود فی هذا المجلى المختص.

ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا لیقربونا إلى الله زلفى» مع تسمیتهم إیاهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشیء عجاب».

فما أنکروه بل تعجبوا من ذلک، 

فإنهم وقفوا مع کثرة الصور ونسبة الألوهة لها.

فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد یعرف ولا یشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم وإعتقدوه فی قولهم «ما نعبدهم إلا لیقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلک الصور حجارة.

ولذلک قامت الحجة علیهم بقوله «قل سموهم»: فما یسمونهم إلا بما یعلمون أن تلک الأسماء لهم حقیقة.

وأما العارفون بالأمر على ما هو علیه فیظهرون بصورة الإنکار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم فی العلم تعطیهم أن یکونوا بحکم الوقت لحکم الرسول الذی آمنوا به علیهم الذی به سموا مؤمنین.

فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلک الصور أعیانها، وإنما عبدوا الله فیها لحکم سلطان التجلی الذی عرفوه منهم ، وجهله المنکر الذی لا علم له بما تجلى، ویستره العارف المکمل من نبی ورسول و وارث عنهم.

فأمرهم بالانتزاح عن تلک الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا فی محبة الله إیاهم بقوله «قل إن کنتم تحبون الله فاتبعونی یحببکم الله».

 

فدعا إلى إله یصمد إلیه ویعلم من حیث الجملة، ولا یشهد «ولا تدرکه الأبصار»، بل «هو یدرک الأبصار» للطفه و سریانه فی أعیان الأشیاء.

فلا تدرکه الأبصار کما أنها لا تدرک أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.

«وهو اللطیف الخبیر» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلی فی الصور.

فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن یعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبیل.

  

متن نقش فصوص الحکم للشیخ الأکبر محمد ابن العربی الطائی الحاتمی 638 هـ :

24 - نقش فص حکمة إمامیة فی کلمة هارونیة:

هارون لموسى بمنزلة نواب محمدٍ صلى الله علیه وسلم بعد انفصاله إلى ربه فلینظر الوارث من ورث وفیما استنیب.

فتعینه صحة میراثه لیقوم فیه مقام رب المال.

فمن کان على أخلاقه فی تصرفه کان کأنه هو.

 

الفکوک فی أسرار مستندات حکم الفصوص صدر الدین القونوی 673 هـ :

24 -  فک ختم الفص الهارونی


1 / 24 - إعلم ان الإمامة المذکورة فی هذا الموضع ومثله فإنما تذکر باعتبار أنها لقب من القاب الخلافة ولها التحکم والتقدم ، وهی تنقسم من وجه إلی إمامه لا واسطة بینها وبین الحضرة الألوهیة والى إمامة ثابتة بالواسطة والخالیة عن الواسطة قد تکون مطلقة عامة الحکم فی الوجود وقد تکون مقیدة ، بخلاف الإمامة الثابتة بالواسطة ، فإنها لا تکون الا مقیدة ، والتعبیر عن ألإمامه الخالیة عن الواسطة مثل قوله للخلیل علیه السلام : " إِنِّی جاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِماماً " [ البقرة / 124 ] والتی بالواسطة مثل استخلاف موسى علیه السلام هارون على قومه حین قال له : " اخْلُفْنِی فی قَوْمِی وأَصْلِحْ " [ الأعراف / 142 ] ومثل ما قیل فی حق ابى بکر انه خلیفة رسول الله صلى الله علیه وسلم .

 

2 / 24  - وهذا بخلاف خلافة المهدى علیه السلام ، فان رسول الله صلى الله علیه وسلم لم یضف خلافته الیه ، بل سماه خلیفة الله

وقال : إذا رأیتم الرایات السود تقبل من ارض خراسان فأتوها ولو جثواً ، فان فیها خلیفة الله المهدیین  .

ثم قال : یملأ الأرض عدلا وقسطا کما ملئت جورا وظلما ، فأخبر بعموم خلافته وحکمه وانه خلیفة الله بدون واسطة . فافهم .

 

3 / 24 - ثم نرجع الى بیان إمامه هارون وسر إضافة حکمته الى ألإمامة ، فنقول : کل رسول بعث بالسیف فهو خلیفة من خلفاء الحق وانه من اولى العزم ، فان کثیرا من الناس لم یعرفوا معنى أولی العزم ، هم الذین یبلغون رسالات ویلزمون من أرسلوا إلیهم بالایمان ، فان أبوا قاتلوهم ، بخلاف الرسالة إذا تقربوها الرسول لم یؤمر بالقتال ، فإنه ما علیه الا البلاغ ، کما کان الأمر فی اول عهد نبینا صلى الله علیه وسلم المنبه علیه فی سورة قل یا ایها الکافرون

وفی قوله : " فَإِنَّما عَلَیْکَ الْبَلاغُ " [ آل عمران / 20 ] وفی قوله : " وقُلِ الْحَقُّ من رَبِّکُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ ومن شاءَ فَلْیَکْفُرْ " [ الکهف / 29 ]

وأمثال ذلک مما تکرر ذکره بخلاف الحال فیما بعد - فإنه ورد الأمر بالقتال وانسحب الحکم وانبسط على الأموال والمهج ، فنزل : " قاتِلُوا الْمُشْرِکِینَ کَافَّةً " [ التوبة / 36 ] .

" واقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ "  [ النساء / 91 ] ونحو ذلک .

 

4 / 24 - وإذا وضح هذا فأقول : لا خلاف فی ان موسى وهارون علیهما السلام بعثا بالسیف ، فهما من خلفاء الحق الجامعین بین الرسالة والخلافة ، فهارون له الإمامة التی واسطة بینه وبین الحق فیها ، وله الإمامة بالواسطة من جهة استخلاف أخیه إیاه على قومه ، فجمع بین قسمى الإمامة فقویت نسبته إلیها ، فلذلک أضیف حکمته الى الإمامة دون غیرها من الصفات .

فاعلم ذلک ، والله المرشد .  


الجزء الثانی

کلمات و مصطلحات وردت فی فص حکمة إمامیة فی کلمة هارونیة :

الحیوان – الحیوانیة – الإنسان الحیوان

فی اللغة

حیوان : 1. الجسم النامی الحساس المتحرک بالإرادة .

2. ما عدا الإنسان من أنواع الحیوانات .

حیوانیة : البهیمیة : الجانب الحیوانی من الطبیعة البشریة  .

 

فی الاصطلاح الصوفی

یقول الشیخ أبو سعید بن أبی الخیر :-

الحیوان : هو کل من لا یملک السر الذی هو الإخلاص ، ومن یملکه فهو الإنسان.

 

تقول د. سعاد الحکیم فی مفهوم الحیوان عند ابن العربی الطائی الحاتمی:

" لا یقصد ابن العربی بالحیوان والمرتبة الحیوانیة تلک الصفة الشهوانیة المعروفة ، ولکن یشیر بها إلى صفة الحیاة مصدر اشتقاقها ،

وهو یبین أن مرتبة الحیوان أکمل فی الحیاة وفی شرطها أی العلم من مرتبة الإنسان ، وهذا یتفق مع ما ذهب إلیه فی اشتقاق لفظ بهائم من إبهام علومها على الإنسان " .

 

تقول د. سعاد الحکیم عند ابن العربی الإنسان من جهة إطلاق اللفظ:

إن المرتبة ألإنسانیة واحدة لا غیر ، تتحقق فی " ألإنسان الکامل " الذی یسمیه ابن العربی " انسانا " وما عداه یطلق علیه اسم انسان لتشابهه مع الإنسان الکامل فی شکل أو صفة.

 

تقول د. سعاد الحکیم عند ابن العربی:

" الإنسان الکامل وإنما قلنا الکامل، لان اسم الإنسان قد یطلق على المشبه به فی الصورة، کما تقول فی زید انه إنسان وفی عمرو انه إنسان وان کان زید قد ظهرت فیه الحقائق الإلهیة وما ظهرت فی عمرو، فعمرو على الحقیقة حیوان فی شکل انسان 4. . . " (فتوحات 2/ 396).

 

تقول د. سعاد الحکیم عن التشابه فی صفة:

یطلق ابن العربی لفظ آلإنسان على ثلاث مراتب وجودیة مختلفة: مرتبة ألإنسانیه أو آلإنسان الکامل - العالم أو آلإنسان الکبیر - القرآن أو آلإنسان الکلی. وهذا ما سنبحثه فی ثلاثة مصطلحات تتفرع عن کلمة إنسان وهی: آلإنسان الکامل - آلإنسان الکبیر - آلإنسان الکلی   

 

یقول ابن العربی:

" ما فی الوجود الا ثلاثة أناسی:

آلإنسان الأول الکل الأقدم،

والإنسان العالم،

والإنسان الآدمی. . . " (ف 3/ 231).

 

یقول ابن العربی:

" فالکل الجماد والنبات والحیوان عند أهل الکشف حیوان ناطق بل حیّ ناطق، غیر أن هذا المزاج الخاص یسمى انسانا لا غیر بالصورة ووقع التفاضل بین الخلائق فی المزاج. . . قال تعالى:" وَإِنْ مِنْ شَیْءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ " وشیء نکرة، ولا یسبح الا حیّ عاقل عالم بمسبحه، وقد ورد ان المؤذن یشهد له مدى صوته من رطب ویابس. . . " (فتوحات 1/ 147).

 

الإنسان الحیوان

الانسان الحیوان هو من افراد الجنس البشری، جمع حقائق العالم فقط فکان صورة العالم، فی مقابل الانسان الکامل الذی أضاف إلى مجموع حقائق العالم مجموع حقائق الحق وکان على الصورتین "صورة العالم وصورة الحق " وهو من جملة الحیوان رتبته من الانسان الکامل رتبة خلق النسناس منه.

 

یقول ابن العربی:

 " الانسان الحیوان: خلیفة الانسان الکامل. وهو الصورة الظاهرة التی بها جمع حقائق العالم، والانسان الکامل هو الذی أضاف إلى جمعیة حقائق العالم حقائق الحق التی بها صحت له الخلافة " (فتوحات 3/ 437).

 

". . . وان الانسان الکامل یخالف الانسان الحیوان فی الحکم: فان الانسان الحیوان یرزق رزق الحیوان وهو للکامل وزیادة، فان للکامل رزقا الهیا 2 لا یناله الانسان الحیوان وهو: ما یتغذى به من علوم الفکر الذی لا یکون للانسان الحیوان، والکشف والذوق والفکر الصحیح. . . " (فتوحات 3/ 357).

 

" أکمل نشأة ظهرت فی الموجودات الانسان عند الجمیع، لأن الانسان الکامل وجد على الصورة لا الانسان الحیوان. . . " (فتوحات 1/ 163).

" وبالانسانیة والخلافة صحت له الصورة على الکمال، وما کل انسان خلیفة، فان الانسان الحیوان لیس بخلیفة عندنا، ولیس المخصوص لها أیضا الذکوریة فقط، فکلامنا اذن فی صورة الکامل من الرجال والنساء. . . " (عقله المستوفز ص 46).

 

" فظاهر الانسان خلق، وباطنه حق، وهذا هو الانسان الکامل المطلوب  وما عدا هذا فهو الانسان الحیوانی، ورتبة الانسان الحیوانی من الانسان الکامل رتبة خلق النسناس من الانسان الحیوانی. . . " (فتوحات 3/ 296).

 

". . . فالانسان الحیوانی من جملة الحشرات فإذا کمل فهو: الخلیفة. . . وانما فرّقنا بین الانسان الحیوانی والانسان الکامل الخلیفة لقوله تعالى:" یا أَیُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّکَ بِرَبِّکَ الْکَرِیمِ الَّذِی خَلَقَکَ فَسَوَّاکَ فَعَدَلَکَ "فهذا کمال النشأة الانسانیة العنصریة الطبیعیة ثم قال بعد ذلک:" فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَکَّبَکَ "3 ان شاء فی صورة الکمال فیجعلک خلیفة عنه فی العالم، أو فی صورة الحیوان فتکون من جملة الحیوان، بفصلک المقوم لذاتک الذی لا یکون الا لمن ینطلق علیه اسم الانسان " (فتوحات 3/ 297).

 

تقول د. سعاد الحکیم فی المعجم الصوفی الحکمة فی حدود الکلمة:

ان الانسان الکامل نسختان نسخة الحق ونسخة العالم. أو صورة الحق وصورة العالم.

 

تقول د. سعاد الحکیم :

"ان الجن حیوان ناطق خلق من روح ناریة: هواء ونار. فبعنصر هوائه یتشکل فی أیّة صورة یرید. وبناره یستعلی ویتکبّر، ستر عن ابصار الانس فاختص لذلک بهذا الاسم - وهو باطن الانسان فی مقابل ظاهره (الانس)

 

یقول ابن العربی:

(1) " فان الجن یجتمعون مع الانس فی الحدّ، فان الجن حیوان ناطق. . . " (فتوحات 3/ 491).

" فهو من عنصرین، هواء ونار، اعنی الجان، کما کان آدم من عنصرین، ماء وتراب عجن به فحدث له " الماء" اسم الطین.

کما حدث لامتزاج النار بالهواء اسم المارج. ففتح  - سبحانه - فی ذلک المارج صورة الجان. بما فیه من الهواء، یتشکل (الجان) فی ای صورة شاء، وبما فیه من النار. . .

طلب القهر والاستکبار والعزّة. . . فان النار ارفع الأرکان مکانا. . . وهو السبب الموجب لکونه استکبر عن السجود لآدم. . . " (فتوحات. السفر الثانی. فقرة 426).

 

ویقول : " ان اللّه تعالى لما خلق الأرواح النوریة والناریة اعنی الملائکة والجان شرک بینهما فی امر وهو: الاستتار عن أعین الناس. . . ولهذا سمّى الطائفتین من الأرواح جنّا: ای مستورین عنا فلا نراهم. . . فلما شرک اللّه تعالى بین الملائکة وبین الشیاطین فی الاستتار سمى الکل جنّة.

فقال فی الشیاطین:" مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ " (114/ 5) یعنی بالجنة هنا الشیاطین، وقال فی الملائکة" وَجَعَلُوا بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً " (37/ 158) یعنی الملائکة. . . " (فتوحات 3/ 367).

 

(2) ". . . هذا إذا لم تکن الجن عبارة عن باطن الانسان فکأنه یقول وما خلقت الجن

: وهو ما استتر من الانسان وما بطن منه، والانس: وهو ما یبصر منه لظهوره. . . " (ف 3/ 354).

 

ان الجان أمة منها الطائع والعاصی، استحق العاصی الکافر اسم الشیطان. ای المبعود من رحمة اللّه - والجان أجهل العالم الطبیعی باللّه.

 

 یقول ابن العربی:

(1) " فمنهم "الجان" الطائع والعاصی مثلنا، ولهم التشکل فی الصور کالملائکة. " (فتوحات السفر الثانی فقرة 429).

 

یقول ابن العربی:

" فمن عصى من الجان کان شیطانا، ای مبعودا من رحمة اللّه، وکان أول من سمّى شیطانا من الجنّ: الحارث، فابلسه اللّه ، ای طرده من رحمته، وطرد الرحمة عنه، ومنه تفرعت الشیاطین بأجمعها، فمن آمن منهم. . . التحق بالمؤمنین من الجن، ومن بقی على کفره کان شیطانا. . . " (فتوحات. السفر الثانی. فقرة 443).

" ثم اعلم أن الجان هم اجهل العالم الطبیعی باللّه. . . ولهذا ما ترى أحدا قط، جالسهم فحصل عنده منهم علم باللّه. جملة واحدة. غایة الرجل الذی تعتنی به أرواح الجن، ان یمنحوه من علم خواص النبات والأحجار، والأسماء 3 " (فتوحات. السفر الرابع فقرة 314).

 

 

موضوع :

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى فی القلب ما عبد الهوى

یقول الشیخ الأکبر محی الدین ابن العربی فی کتابه الفتوحات المکیة الجزء الثالث الصفحة 117 ما یلی:

اعلم أنه لولا الهوى ما عبد اللّه فی غیره، وأن الهوى أعظم إله متّخذ عبد، فإنه لنفسه حکم، وهو الواضع کل ما عبد،

وفیه قلت:

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى فی القلب ما عبد الهوى

قال تعالى: "أَفَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ " فلولا قوة سلطانه فی الإنسان، ما أثر مثل هذا الأثر فیمن هو على علم بأنه لیس بإله،

فإذا جسّده قرره على ما حکم به فیمن قام به، فحار وجاء وباله علیه، فعذب فی صورته.

 

ویقول فی نفس الکتاب فی الجزء الثالث الصفحة رقم 364:

الکون موصوف بالتحجیر، فتوجه علیه الخطاب بأنه لا یحکم بکل ما یرید، بل بما شرع له، ثم أنه لما قیل له فَاحْکُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى

أی لا تحکم بکل ما یخطر لک، ولا بما یهوى کل أحد منک، بل احکم بما أوحى به إلیک. .

فدل التحجیر على الخلق فی الأهواء، أن لهم الإطلاق بما هم فی نفوسهم، ثم حدث التحجیر فی الحکم والتحکم. . .

فلیست الأهواء إلا مطلق الإرادات. . . ثم لتعلم أن الهوى وإن کان مطلقا، فلا یقع له حکم إلا مقیدا، فإنه من حیث القابل یکون الأثر،

فالقابل لابد أن یقیده، فإنه بالهوى قد یرید القیام والقعود من العین الواحدة، التی تقبلهما على البدل فی حال وجود کل واحد منهما فی تلک العین، والقابل لا یقبل ذلک، فصار الهوى محجورا علیه بالقابل، فلما قبل الهوى التحجیر بالقابل، علمنا أن هذا القبول له قبول ذاتی، فحجر الشرع علیه فقبل، وظهر حکم القابل فی الهوى، ظهوره فی مطلق الإرادة فیمن اتصف بها.

 

ویقول فی نفس الکتاب بالجزء الرابع الصفحة رقم 206.

حضرة الاسم العزیز - من هنا ظهر کل من غلبت علیه نفسه واتبع هواها، ولولا الشرع ما ذمه بالنسبة إلى طریق خاص، لما ذمه أهل اللّه، فإن الحقائق لا تعطی إلا هذا، فمن اتبع الحق فما اتبعه إلا بهوى نفسه وأعنی بالهوى هنا الإرادة . ""یشیر إلى الحدیث «لا یؤمن أحدکم حتى یکون هواه تبعا لما جئت به"".

فلو لا حکمها علیه فی ذلک ما اتبع الحق، وهکذا حکم من اتبع غیر الحق، وأعنی بالحق هنا ما أمر الشارع باتباعه،

وغیر الحق ما نهى الشرع عن اتباعه، وإن کان فی نفس الأمر کل حق ، لکن الشارع أمر ونهى، کما أنا لا نشک أن الغیبة حق، ولکن نهانا الشرع عنها، ولنا

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى فی القلب ما عبد الهوى

فبالهوى یجتنب الهوى، وبالهوى یعبد الهوى،

ولکن الشارع جعل اسم الهوى خاصا بما ذم وقوعه من العبد، والوقوف عند الشرع أولى، ولهذا بینا قصدنا بالهوى الإرادة لا غیر،

فالأمر یقضی أن لا حاکم على الشیء إلا نفسه فیما یکون منه، لا فیما یحکم علیه به من خارج، لکن ذلک الحکم من خارج لا یحکم علیه إلا بما تعطیه نفسه، من إمضاء الحکم فیه، فکل ما فی العالم من حرکة وسکون، فحرکات نفسیة وسکون نفسی.

 

ویقول فی الجزء الرابع الصفحة 336:

لا احتجار على الهوى، ولهذا یهوى، بالهوى یجتنب الهوى، بالهوى یتبع الحق «2»، والهوى یقعدک مقعد الصدق، الهوى ملاذ، وفی العبادة به التذاذ، وهو معاذ لمن به عاذ.

 

ویقول الشیخ نفس المعنى فی الجزء الرابع من الکتاب نفسه الصفحة 385:

لولا الهوى ما هوى من هوى، به کان الابتلاء، فإما إلى نزول وإما إلى اعتلا، وإما إلى نجاة وإما إلى شقاء.

 

ویقول الشیخ فی الجزء الرابع من الفتوحات فی الصفحة 382.

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى فی القلب ما عبد الهوى

ما ثمّ غیره، فالأمر أمره، فالعقل محتاج إلیه، وخدیم بین یدیه، له التصریف، والاستقامة والتحریف، عم حکمه، لما عظم علمه، فضل علیه العقل، بالنظر الفکری والنقل، ما حجبه عن القلوب إلا اسمه، وما ثمّ إلا قضاؤه وحکمه.

ما سمی العقل إلا من تعقله ... ولا الهوى بالهوى إلا من اللدد

إن الهوى صفة والحق یعلمها ... یضل عن منهج التشریع فی حید

هو الإرادة لا أکنی فتجهله ... لولاه ما رمی الشیطان بالحسد

 

ویقول :

والعقل ینزل عن هذا المقام فما ... له به قدم فانظره یا سندی

له النفوذ ولا یدری به أحد ... له التحکم فی الأرواح والجسد

هو الذی خافت الألباب سطوته ... هو الأمین الذی قد خص بالبلد

 

ویقول الشیخ فی الجزء الرابع من الفتوحات فی الصفحة رقم 428.

ومن ذلک: حاز جنة المأوى، من نهى النفس عن الهوى.

إذا نهیت النفس عن هواها ... کانت لها جناته مأواها

بها حباها اللّه إذ حباها ... وکان فی فردوسه مثواها

قال « الروح الذی خاطب الشیخ »:

نهى النفس عن الهوى أن یکون هواها، لا تأته من حیث ما هو هواها، بل من حیث ما هو إرادة الحق، وأنت لا تدری،

فإذا نهی النفس عن الهوى من حیث أنه مذموم، لا من حیث ما أشرنا إلیه، فإن اللّه قد ستر عنه العلم الصحیح فی ذلک، فعبر عنه بجنة المأوى، أی الستر الذی أوى إلى ظله، فهو وإن کان مدحا، فمن حیث أنه علق الذم بالهوى، فلو عرف أنه ما دفع الهوى إلا بالهوى، وأن الهوى ما هو غیر عین الإرادة، وکل مراد، إذا حصل لمن أراده فهو ملذوذ للنفس، فکل إرادة فهی هوى، لأن الهوى تستلذه النفوس، وما لا لذة لها فیه فلیس بهواها،

وما سمی هوى إلا لسقوطه فی النفس، ولیس سقوطه إلا منک فی إرادة ربه، فلا أعلا من الهوى، لأنه یردک إلى الحق، فلا تشهد غیره فی التذاذه بذلک،

إلا أن الخلق حجبوا عن هذا الإدراک، فهم مع الإرادة فیهم ویسمونها هوى ولیست بهوى، والهوى للعارفین والإرادة للعامة، والذم لهم فی الهوى، فهم له عاملون.

 

ولذلک یقول فی الدیوان صفحة 93:

واللّه إنی عابد الهوى ... لیس له فأین توحیدی

حکم الهوى صیرنی عابدا ... لربه فذاک معبودی

ولذلک یفرق الشیخ بین موطن الهوى فی الدنیا والآخرة، وبین موطن العقل فی الدنیا والآخرة،

 

فیقول فی الجزء الرابع الصفحة رقم 382:

للهوى السراح والسماح، وله لکل باب مفتاح، وهو الذی یتولى فتحه فتسمى بالفتاح، سلطانه فی الدنیا والآخرة، ولکن ظهوره فی الحافرة، فما هی لأهل السعادة کرة خاسرة، ولا تجارة بایرة، لکم فیها ما تشتهی أنفسکم، ولیست الشهوة سوى الهوى، ومن هوى فقد هوى.

یعنی الشیخ قدس اللّه سره بذلک أن الهوى المذموم - وهو تسریح الشهوة وإطلاقها - أورد أصحابه فی الدنیا الحافرة فی الآخرة، وکان حکمه لأهل السعادة فی الآخرة، لکم فیها ما تشتهی أنفسکم.

 

وأما العقل وهو القید، الذی قید به السعداء أنفسهم بأحکام الشریعة فی الدنیا،

فیقول عنه الشیخ قدس اللّه سره العزیز فی نفس الصفحة:

لیس لأهل الجنان عقل یعرف، إنما هو هوى وشهوة یتصرف، العقل فی أهل النار مقیله، وبه یکثر حزن الساکن بها وعویله، لما ساء سبیله، العقل من صفات الخلق، ولهذا لم یتصف به الحق، ولولا ما حصر الشرع فی الدنیا تصرف الشهوة، ما کان للعقل جلوة، فما عرف حقیقة العقل غیر سهل (یعنی سهل بن عبد اللّه التستری)، فعیّن ما له من الأهل، قید المکلف بالتکلیف، عن التصریف، فإذا ارتفع التحجیر، بقی البشیر وزال النذیر، وتأخر العقل، لتأخر النقل.

 

یشیر الشیخ قدس اللّه سره بذلک، إلى أن أهل السعادة لما قیدهم العقل فی الدنیا بالتکلیف،

أورثهم فی الآخرة إطلاق الشهوة والإرادة حیث لا تحجیر، وأما أهل الهوى فی الدنیا، الذین لم یقفوا عند قید العقل والتزام التکلیف، فقد أورثهم العقل، أی القید والتحجیر فی الآخرة، حیث یکثر حزنهم وعویلهم،

لإساءتهم استخدام العقل فی دار الدنیا، وإطلاقهم لأنفسهم هواها فیما أرداها، فلا یزال العبد العالم الناصح نفسه، المستبریء لدینه، فی جهاد أبدا، لأنه مجبول على خلاف ما دعاه إلیه الحق، فإنه بالأصالة متبع هواه،

الذی هو بمنزلة الإرادة فی حق الحق، فیفعل الحق کل ما یریده، فإننا کلنا عبیده ولا تحجیر علیه، ویرید الإنسان أن یفعل ما یهوى وعلیه التحجیر، فما هو مطلق الإرادة، فهذا هو السبب الموجب فی کونه لا یزال مجاهدا أبدا.

 

ولذلک یصرح الشیخ قدس اللّه سره العزیز فی الجزء الرابع الصفحة 463 من وصایاه فیقول:

طلب أصحاب الهمم أن یلحقوا بدرجات العارفین باللّه، حتى تکون إرادتهم إرادة الحق، أی یریدون جمیع ما یریده الحق، وهو ما هم الخلق علیه، فیریدونه من حیث أن اللّه أراد إیجاده، ویکرهون منه بکراهة الحق ما کرهه الحق، ووصف نفسه بأنه لا یرضاه، فهو یریده لا یرضاه، ویریده ویکرهه فی عین إرادته، إن أراد أن یکون مؤمنا، وإن لم یکن کذلک وإلا فقد انسلخ من الإیمان نعوذ باللّه.

 

وفی هذا یقول د. أبو العلا عفیفی:

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى .... ولولا الهوى فی القلب ما عبد الهوى

یقسم بقدسیة الهوى (الحق) أن الهوى الساری فی جمیع مراتب الوجود، المعبود فی جمیع صوره، هو علة الحب فی جزئیاته وأشکاله، وأنه لولا وجوده وتجلیه فی صور المعبودات، وفی قلوب العابدین، ما عبد معبود ولا وجد عابد،

ویذکر الشیخ فی «فتوحاته» أنه «شاهد الهوى» فی بعض مکاشفاته ظاهرا بالألوهیة، جالسا على عرشه، وجمیع عباده حافون من حوله ویقول «ما شاهدت معبودا فی الصور الکونیة أعظم منه».

فالهوى إذا - فی نظر ابن العربی - اسم من أسماء اللّه، هو الحب عینه، وهو المحبوب، بل هو أعظم أسماء اللّه على الإطلاق – أهـ.

 

یقول الشیخ الأکبر ابن العربی الطائی الحاتمی فی أنواع نیابة الإنسان:

"النیابة الأولى" : " الإنسان الکامل الظاهر بالصورة الإلهیة لم یعطه الله هذا الکمال إلا لیکون بدلا من الحق ، ولهذا سماه : خلیفة ... فهذه هی النیابة الأولى .

 

وأما النیابة الثانیة : فهی أن ینوب الإنسان بذاته عن نصف الصورة من حیث روحانیتها , لأن الله إذا تجلى فی صورة البشر کما ورد ، فإنه یظهر بصورتها حسا ومعنى .

فالنیابة هنا : الخاصة هی النیابة عن روح تلک الصورة المتجلى فیها ، ولا یکون ذلک إلا فی حضرة الأفعال الإلهیة التی تظهر فی العالم على ید الإنسان ...

 

النیابة الثالثة : فی تحقیق الأمر الذی قام به الممکن حتى أخرجه من العدم إلى الوجود ، فإن ذلک نیابة عن المعنى الذی أوجب للحق أن یوجد هذا الممکن المعین ...

 

النیابة الرابعة : فهی نیابته فیما نصبه الحق له مما لو لم یکن عنه لکان ذلک عن الله تعالى ... فلما نصب الدلالة علیه نصبها فی الآفاق ، فدلت آیات الآفاق على وجوده خاصة ، فما نابت الآفاق فی الدلالة علیه بما جعل فیها من الآیات منابه لو ظهر للعالم بذاته ، فخلق الإنسان الکامل على صورته ، ونصبه دلیلا على نفسه لمن أراد أن یعرفه بطریق المشاهدة لا بطریق الفکر الذی هو طریق الرؤیة فی آیات الآفاق ...

 

النیابة الخامسة : فهی نیابة الإنسان عن رفیع الدرجات فی العالم لا غیر ، وصورة رفعه أن الإنسان الکامل من حیث أنه لیس أحد معه فی درجته , لأنه ما حاز الصورة الإلهیة غیره ...

 

النیابة السادسة : فإن الله وصف نفسه بأن له کلمات فکثر ، فلا بد من الفصل بین آحاد هذه الکثرة ، ثم الکلمة الواحدة أیضا منه کثرها فی قوله : " إنما قولنا لشیء إذا أردناه أن نقول له کن ".

فأتى بثلاثة أحرف : إثنان ظاهران وهما الکاف والنون وواحد باطن خفی لأمر عارض وهو سکونه وسکون النون ، فزال عینه من الظاهر لالتقاء الساکنین ، فناب الإنسان الکامل فی هذه المرتبة مناب الحق فی الفصل بین الکلمة المتقدمة والتی تلیها ...

 

النیابة السابعة : فهی النیابة فی الأفعال الظاهرة والباطنة فی وجود الإنسان ، وهو ما یحدثه فی نفسه من الأفعال والکوائن لا ما یحدثه فی غیره ، وآیته من کتاب الله قوله تعالى : " حتى نعلم "

والعلم له صفة قدیمة ، وهذا العلم الخاص الظاهر عن الابتلاء هو ما یریده بالنیابة فیه ...

 

النیابة الثامنة : التی شفعت وتریة الحق من حیث أنه تعالى مجلى لها ، وهی مجلى له فهو ینظر نفسه فیها نظر کمال ، وهی تنظر نفسها فیه نظر کمال ... فلا تظهر هذه الصورة إلا فی مرآة الإنسان الکامل الذی هو ظله الرحمانی ...

 

النیابة التاسعة : فهی الظهور فی البرزخ المعقول الذی بین المثلین ، وهو الفصل الذی یکون بین الحق والإنسان الکامل ، فإن هذا الفصل أوجب تمییز الحق من الخلق ... هذه النیابات کلها التی ذکرناها ونذکرها نیابات توحید لا غیر ذلک ...

 

النیابة العاشرة : فهی نیابة توحید الموتى ، فإنه بالموت تنکشف الأغطیة ویتبین الحق لکل أحد ... فهذه النیابة عن الحق لعبد فی البرزخ ، فیقوم حاکما بصورة حق ونیابة فی عالم الخیال ... لصاحب هذه النیابة فی هذه الحضرة التصرف دائما کما ذکرناه المسمى فی العامة : کرامات " .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص: ۵۱۱-۵۱۲

(24. فصّ حکمة امامیّة فی کلمة هارونیة)

[شیعه بودن ابن عربی‏]

قاضى نور اللّه شهید در مجلس ششم مجالس المؤمنین در شرح حال محیى الدین عربى گوید:

کلام شیخ در فتوحات در اعتقاد او به امامت و وصایت ائمه اثنى عشر نسبت به سید بشر صلوات اللّه علیهم صریح است و در عنوان فص هارونى از کتاب فصوص ایمایى دقیق به حدیث منزلت فرموده است ....

مرادش از حدیث منزلت این است که از شیعه و سنى به طور مستفیض بلکه متواتر از رسول اللّه روایت شده است که به امیر علیه السلام فرمود: «أنت منی بمنزلة هارون من موسى الّا انّه لا نبیّ بعدى». رؤساى علماى امامیه از این حدیث بر خلافت آن حضرت برهان قطعى استخراج نموده گویند: تمامى منزلتهاى هارونى به قرینه عموم منزلت و وجود استثناى نبوت به مقتضاى این حدیث متواتر براى حضرت امیر علیه السلام ثابت است و از جمله آن منزلتها خلافت وى بوده است براى حضرت موسى علیه السلام. پس حضرت امیر علیه السلام نیز از روى میزان عموم این حدیث داراى خلافت بلا فصل محمدى ‌می‌باشد چنانکه هارون براى موسى علیه السلام بود.

قیصرى گوید:

امامت لقبى از القاب خلافت و یا اسمى از اسماء خلافت است. چنانکه حق سبحانه به پیغمبر خود إبراهیم صلوات اللّه علیه فرمود: إِنِّی جاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِماماً و امامت که خلافت است یا به واسطه است یا بدون واسطه و هر دو قسم براى هارون علیه السلام ثابت است از این جهت امامت اختصاص به کلمه هارونى یافته است اما قسم اول که به واسطه است اینکه هارون علیه السلام خلیفه موسى علیه السلام بود چنانکه موسى علیه السلام گفت:

اخْلُفْنِی فِی قَوْمِی‏ (اعراف: 142) و اما قسم دوم که بلا واسطه باشد اینکه هارون نبى و رسول مبعوث از حق به سوى خلق به سیف بوده است. چنانکه برادرش موسى بدین سمت بود. پس نسبت امامت به هارون قوى شد زیرا از جانب حق امام مطلق بود و از جانب موسى امام مقید.( شرح فصوص قیصرى، ص 436.)


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۹۶۱-۹۶۴

[فص حکمة إمامیّة فى کلمة هارونیّة]


فص حکمة إمامیّة فى کلمة هارونیّة «امامت» اسمى است از اسماى خلافت، چنانکه حق سبحانه و تعالى در خلیل خویش صلوات اللّه علیه فرمود:

إِنِّی جاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِماماً أى خلیفة علیهم.

و «خلافت» یا به واسطه است یا بى‏واسطه و هر دو قسم هارون را علیه السلام حاصل است:

امّا اول از آن جهت که خلیفه موسى بود علیهما السلام در قومش کما قال‏ اخْلُفْنِی فِی قَوْمِی‏.

و اما ثانى از آن جهت که نبى بود و رسول مبعوث از حقّ به خلق همچو برادر خود موسى علیهما السلام.

پس نسبت امامت بدو قوى گشت و امام مطلق بود از جانب حقّ، و امام مقیّد از جانب موسى علیهما السلام، و لهذا اختصاص یافت حکمت امامت به کلمه او.


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۵۷

 فصّ حکمة إمامیّة فی کلمة هارونیّة

کان هارون- علیه السّلام- إمام أئمّة الأحبار فی بنى اسرائیل، و أمره‏ موسى أن یؤمّ قومه، و کانت الإمامة لهارون فی صلوتهم، و لذلک الإمامة فیهم إلى الیوم فی آل هارون و استخلفوا علیهم. و لقد صرّح اللّه بإمامته بقوله: «فَاتَّبِعُونِی وَ أَطِیعُوا أَمْرِی».