عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة العشرون :

                  

کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

24 - فص حکمة إمامیة فی کلمة هارونیة

المرتبة 24 : لفص حکمة إمامیة فی کلمة هارونیة من الاسم المذل ومرتبة الحیوان وحرف الذال ومنزلة سعد السعود

قیل : بضدها تتمیز الأشیاء . فالصفة لا تظهر إلا بوجود ضدها .

فظهور الاسم : القوی یستلزم ظهور من یخضع ویذل وینقاد لهذه القوة أی یستلزم وجود ذلیل أی یستلزم ظهور اسمه تعالى المذل .

فکانت لهذا الاسم المرتبة 24 وظهر عن توجهه عالم الحیوان وحرف الذال ومنزلة سعد السعود یقول الشیخ فی فصل هذه المرتبة ( ب 198 ص 465 ) :

( وإنما اختص الاسم المذل بالحیوان لظهور حکم القصد فیه ولأنه مستعد للإبایة لما هو علیه من الإرادة . فلما توجه علیه الاسم المذل صار حکمه من لا إرادة له ولا قدرة ) .

وفی هذا الفصل توسع الشیخ فی مفهوم التسخیر وهو ما نجده فی هذا الفص الهارونی حیث تکلم عن التسخیر الحیوانی والإنسانی والربانی .

ولتکامل فصی هارون وموسى کتکامل القوی والمذل تکلم فی فص موسى عن تسخیر کل شیء للإنسان الکامل .

ومن المسائل المشترکة بین الفصین أیضا مسألة الحیرة العرفانیة والعلم والجهل .......

والحیوان مفطور على الحیرة فی اللّه تعالى ........

والملائکة العالون لهم الحیرة والهیام فی جمال جلال اللّه تعالى .

 

وقد قرن الحق تعالى اسمه المذل بالحیوانات فی القرآن لأنه ذللها للإنسان وذلل بعضها لبعض فقال فی الآیة 72 من یس : وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَکُوبُهُمْ وَمِنْها یَأْکُلُونَ

وفی الآیة 69 من النحل : ثُمَّ کُلِی مِنْ کُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُکِی سُبُلَ رَبِّکِ ذُلُلًا

 

وأنسب الأنبیاء لحضرة الإذلال الحیوانی هارون علیه السّلام .

ولهذا اختص السبط الهارونی فی بنی إسرائیل بتقدیم الأضاحی والقرابین .

وأسکن اللّه روح هارون سماء المریخ الأحمر الخامسة المخصوصة بسفک الدماء وذبح الأضاحی والحروب والقتال وما ینجر عنهما من التسخیر والإذلال......

 

ولهذا أیضا نجد یحیى مترددا بین سماء عیسى روح اللّه وسماء هارون مذلل الحیوان لأن الحیوان من الحیاة التی هی من خصائص الروح

قال تعالى :وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ ( العنکبوت ، 64 ) أی الحیاة الحقیقیة التی مظهرها الإنسانی یحیى علیه السّلام .

 

ولهذا کان هو الذی یذبح کبش الموت بین الجنة والنار عند نهایة یوم القیامة .

ولهذه العلاقة الثلاثیة ( عیسى - یحیى - هارون ) جاء فی القرآن تسمیة مریم بأُخْتَ هارُونَ وقد ذکر الشیخ عیسى فی هذا الفص .

 

وأکد على الحیرة لأن الحیوان مفطور على الحیرة فی معرفته باللّه کما ذکره الشیخ فی الباب 357 من الفتوحات وهو باب منزل سورة النمل .

 

وقد کان هارون متحققا کمال التحقق بقوله تعالى :أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ( المائدة ، 54 ) کما کان موسى متحققا بباقی الآیة :أَعِزَّةٍ عَلَى الْکافِرِینَ

فکان هارون هینا لینا محببا لقومه لما فی باطنه من عبودیة وتواضع کالأرض التی قال الحق عنها : هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا( الملک ، 15 )

 

یقول الشیخ فی الباب 167 عن هارون : (  حین أخذ موسى برأسه یجره إلیه فأذاقه الذل بأخذه اللحیة والناصیة ( . . . ) لما ظهر علیه موسى بصفة القهر فلما کان لهارون ذلة الخلق ذوقا مع براءته مما أذل فیه تضاعفت الذلة عنده فناداه بالرحم . . . )

 

ولهذه المرتبة الحرف الرابع والعشرون فی النفس وهو الذال .

فانظر کیف وافق اسمه الإلهی المذل .

 

وله من المنازل الفلکیة : " سعد السعود " ولهذا ختم الشیخ کلامه فی هذا الفصل من الفتوحات بقوله : ( فمن أقامه الحق من العارفین فی مشاهدته وتجلى له فیه ومنه فلا یکون فی عباد اللّه أسعد منه باللّه ولا أعلم منه بأسرار اللّه على الکشف ) .

 

ولعلاقة هذا الفص بالحیوان

تکررت فیه مشتقات کلمة " حیوان " نحو تسع مرات وکرر کلمة " تسخیر " مرات کثیرة " نحو 15 مرة  وذکر سخر –سخرها – مسخر ...الخ 10 مرة "

وذکر العجل وحیوانیة الإنسان المتصرفة فی حیوانیة الحیوان والتحریش بین البهائم ، وأشار إلى الاسم المذل فی قوله : " الحیوان انقاد مذللا " .

 

وأما وصف حکمة هذا الفص بالإمامیة :

فلأن هارون کان الإمام الأول بعد موسى قطب بنی إسرائیل فهو خلیفته ووزیره وقد وردت فی القرآن کلمة " إماما " أربع مرات منها مرتان متعلقتان بالتوراة فی ( هود ، 11 ) و ( الأحقاف ، 12 ) :وَمِنْ قَبْلِهِ کِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً.

کما وردت کلمة " أئمة " خمس مرات کلها أو أکثرها تتعلق ببنی إسرائیل فی حال علوهم وحال سقوطهم :

وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا ( الأنبیاء ، 73 )

 وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ ( القصص ، 5 )

وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا( السجدة ، 24 ) .

فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْکُفْرِ( التوبة ، 12 ) .

وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَى النَّارِ( القصص ، 41 ) .

 

ملاحظة :

فی فص إلیاس قال الشیخ : " تحققت بحیوانیتی تحققا کلیا " أی تحقق بهذه الکلمة الإمامیة الهارونیة المذللة للحیوان أکمل تحقق

وحیث أن لها الإمامة أی الخلافة فلها صلة بسماء الخلافة حیث روح الخلیفة آدم ونفس الخلیفة داود - کما سنراه أی سماء القمر - خلیفة الشمس - بمنازله الثمانیة والعشرین المناسبة لمراتب الوجود وأبواب الفصوص .

 

أی أن فی هذا إشارة أخرى إلى أن للشیخ المرتبة 28 الجامعة .


ولهذا ذکر الشیخ فی هذا الفص وفی الفصل 34 من الباب 198 المناسب للاسم :

رفیع الدرجات المتوجه على إیجاد المرتبة 28 المخصوصة بخاتم الأولیاء المحمدیین .

 

وإنما ربط الشیخ بین فصی إلیاس وهارون لأن ( العزیز ) وهو الاسم المتوجه على إیجاد مرتبة فص إلیاس - وهی المعادن - مرتبط بالاسم المتوجه على الحیوان أی المذل ، فبالمعدن یذبح ویذلل الحیوان وبعزة العزیز یظهر ذل الذلیل....

 

وکعادته فی التمهید فی آخر کل باب للباب الموالی ختم الشیخ الفص

بذکره للأرواح المدبرة اللطیفة التی لا تدرکها الأبصار کمقدمة للدخول لفص موسى المخصوص بمرتبة الملائکة ، ثم بالذی بعده فص خالد المخصوص بالجن

 

وأشار إلى فص الکلمة الخالدیة الصمدیة بقوله :

" فدعا إلى إله یصمد إلیه " فبکلامه على البابین الموالیین معا إشارة إلى أن مرتبتیهما متشابهتان إذ أن کلمة جن تطلق على الملائکة أیضا لاشتراکهم فی اللطافة والغیبة عن الأبصار ،

 

وقد جعل الشیخ لهم فی الباب الثانی من الفتوحات نفس المرتبة الحرفیة عند العارفین .

 

وختم الفص بکلمة وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِیلِ( النحل ، 9 ) ،

لیشیر مرة أخرى لمرتبة الحیوان فی هذا الباب لورودها فی القرآن مقترنة بالحیوانات فی الآیة 8 و 9 من سورة النحل :

وَالْخَیْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِیرَ لِتَرْکَبُوها وَزِینَةً وَیَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ( 8 ) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِیلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاکُمْ أَجْمَعِینَ (9) .


24 : سورة فص هارون علیه السلام

سورة هذا الفص هی " الکافرون " التی مدارها حول التبری من الأوثان وتثبیت التوحید .

وهو نفس موضوع هذا الفص الذی بدأ بعبادة بنی إسرائیل للعجل ،

ثم عمم بذکر أعظم معبود وهو الهوى وأکد على معانی الآیة :وَقَضى رَبُّکَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ( الإسراء ، 023 )

وشرح هذه الآیة یوجد فی الباب " 275 فتوحات " وفی الوصل السادس من الباب " 369 ف " وذلک الباب وهذا الوصل متعلقان بمنزل سورة الکافرون .

فراجعهما تجد نفس المعانی المختصرة فی هذا الفص . . .

 

ففی الباب 275 یقول :

ثم قال : " اعلم أن الذلة والافتقار لا تکون من الکون إلا للّه تعالى فکل من تذلل وافتقر إلى غیر اللّه تعالى واعتمد علیه وسکن فی کل أمر إلیه فهو عابد وثن . . . "

 

فذکر التذلل الذی هو من الاسم " المذل " الحاکم على هذا الفص الهارونی وهو المتوجه على إیجاد " الحیوان " .

وحرف " الذال " مفتاح : " ذل " ومن الحیوان الذلول العجل الذی عبده بنو إسرائیل . . .

وفی هذا الفص کرر الشیخ ذکر الحیوان نحو ثمانی مرات

وذکر البهائم وتذلیل الإنسان للحیوان وأکد على التسخیر أی التذلیل . . .

والفص مشحون بمشتقات فعل " عبد " لأن سورة " الکافرون " کذلک . . .

وأواخر الفص تفصیل لآیاتها ، فقوله مثلا : " فإنهم وقفوا مع کثرة الصور . . . ودعاهم إلى إله واحد یعرف ولا یشهد . . . "

هو شرح لآیة :لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ( الکافرون ، 2 )