الفقرة الثانیة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فص حکمة علویة فی کلمة موسویة
هذا فص الحکمة الموسویة ، ذکره بعد حکمة هارون علیه السلام ، لأن اللّه تعالى وهبه رحمة لأخیه موسى علیهما السلام کما قال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا( 53 ) [ مریم:53].
والرحمة سابقة على المرحوم بها ولأنه أکبر من موسى علیه السلام فی السن فهو مقدم علیه فی الذکر فیوجد قبله فی الرسم .
قال صلى اللّه علیه وسلم : « الأکبر من الأخوة بمنزلة الأب » . رواه الطبرانی فی المعجم الکبیر ورواه ابن عبد البر فی الاسیتعاب ورواه غیرهما .
فص حکمة علویة منسوبة إلى العلو وهو الرفعة والشرف فی کلمة موسویة .
" قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) سورة طه "
إنما اختصت حکمة موسى علیه السلام بکونها علویة لارتفاعها على حکمة أخیه وشرفها علیها ، فإن نبوة موسى علیه السلام أکبر وأعظم من نبوة أخیه هارون علیه السلام لتبعیته له .
قال تعالى : سَنَشُدُّ عَضُدَکَ بِأَخِیکَ [ القصص : 35 ] وما شد به العضد کان تابعا .
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى علیه السلام لتعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل لأجله لأنّه قتل على أنّه موسى . وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حیاته على موسى علیه السّلام أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسیّة ، بل هی على فطرة " بلى " . فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو؛ فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول ممّا کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السّلام . وهذا اختصاص إلهیّ لموسى لم یکن لأحد قبله . فإنّ حکم موسى کثیرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهیّ فی خاطری . فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
قال رضی الله عنه : (حکمة) تقدیر اللّه تعالى (قتل الأبناء) جمع ابن بأمر فرعون ، فإن الکهنة قالوا لفرعون إنه یولد مولود یکون هلاکک وهلاک قومک على یدیه ، فکان یقتل کل مولود یولد حتى قتل أولاد کثیرون لاحتمال أن یکون واحد منهم هو الغلام المذکور ، ثم سلم اللّه تعالى موسى علیه السلام ، ووضعته أمه وحفظه اللّه تعالى من شر عدوّه حتى کان سبب هلاک فرعون وقومه وإغراقهم فی البحر بإذن اللّه تعالى ، ولم یمنع الحذر من القدر .
قال رضی الله عنه : (من أجل) ظهور (موسى علیه السلام لتعود إلیه) ، أی إلى موسى علیه السلام بالإمداد له أی تقویة الروحانیة (حیاة کل من قتل) من أبناء المذکورین (من أجله) ، أی موسى علیه السلام (لأنه) ، أی کل من قتل إنما قتل بناء (على أنه) ،
أی ذلک المقتول (موسى) علیه السلام (وما ثم) ، أی هناک فی نفس الأمر (جهل) للحق تعالى بموسى علیه السلام بل قدر اللّه تعالى ذلک على علم منه سبحانه بأن کل مقتول هو غیر موسى علیه السلام وتقدیر اللّه تعالى لیس بعبث بل کل أفعاله جاریة على الحکمة (فلا بد أن تعود حیاته) ، أی کل مقتول (على موسى) علیه السلام (أعنی حیاة المقتول من أجله) ، أی موسى علیه السلام (وهی) ، أی تلک الحیاة التی لکل مقتول (حیاة طاهرة) من الطهارة التی هی ضد الدنس ، أی نظیفة کائنة (على الفطرة) ، أی على الخلقة الأصلیة وهی فطرة الإسلام لأنهم کانوا کلما ولد مولود حی ذبحوه .
قال تعالى :فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ[ الروم : 30 ] .
وفی الحدیث : کل مولود یولد على الفطرة ولکن أبواه یهوّداته أو ینصرانه أو یمجسانه » .
رواه البخاری ورواه مسلم ورواه غیرهما .
لم تدنسها ، أی تلک الحیاة الأغراض بالمعجمة أی الحظوظ والمقاصد النفسیة ، أی المنسوبة إلى النفس بل هی ، أی تلک الحیاة على فطرة أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلى أی نعم أنت ربنا کما قال تعالى (: أی خلقة عالم الذر) حین جمع اللّه تعالى ذریة آدم علیه السلام وهم کالذر فتجلى علیهم
وقال لهم : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِنْ بَنِی آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَکَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَکُنَّا ذُرِّیَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِکُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ( 173 ) [ الأعراف : 172 - 173 ] .
قال رضی الله عنه : (فکان موسى) علیه السلام (مجموع حیاة) کل (من قتل) ، من الأبناء المذکورین بناء (على أنه) ، أی
ذلک المقتول (هو )، أی موسى علیه السلام (فکل ما کان مهیئا) بطریق الإمکان (لذلک المقتول) من الأبناء (مما کان استعداد روحه) ، أی روح ذلک المقتول (له) من أنواع الکمال التی لو عاش فی الدنیا ذلک المقتول لنافسها ووصل إلیها بقوّة روحانیته وقبلتها حقیقته من الجناب المقدس .
قال رضی الله عنه : (کان) ذلک (فی موسى علیه السلام وهذا) الأمر المذکور (اختصاص إلهی بموسى) علیه السلام (لم یکن لأحد) من الأنبیاء علیهم السلام (قبله) ، أی موسى علیه السلام ،
ولعل هذه هی الحکمة فی کثرة الأنبیاء فی بنی إسرائیل بعد موسى علیه السلام ، وکانوا یحکمون بالتوراة فکأنما موسى علیه السلام لما کان مجموع حیاة کل من قتل تفرق ذلک المجموع بموت موسى علیه السلام
فکانت کل حیاة فی نبی من الأنبیاء الذین جاؤوا بعد موسى علیه السلام ممدة من تلک الحیاة المجموعة ،
فقد روی أن اللّه تعالى بعث بعد موسى علیه السلام إلى عصر عیسى علیه السلام أربعة آلاف نبی ، وقیل : سبعین ألف نبی وکلهم کانوا على دین موسى علیه السلام .
حتى روی عن ابن عباس رضی اللّه عنهما أنه قال : "کل الأنبیاء علیهم السلام من بنی إسرائیل إلا عشرة : نوح وهود وصالح وشعیب ولوط وإبراهیم وإسماعیل وإسحاق ویعقوب ومحمد صلى اللّه علیه وسلم" . رواه الحاکم فی المستدرک ورواه الطبرانی فی الکبیر وضیاء المقدیسی فی المختارة والبیهقی وغیرهم.
ولا یذهب علیک أن هذا هو التناسخ الباطل ، فإنه مجرد إمداد من حضرة الروح الکل بدلا عن إمداد تلک الأرواح التی انقصرت عن التصرف فی أجسامها لعروض الفساد فی الأجسام ، ولیس هذا انتقال الأرواح کما یزعم أهل التناسخ ؛ ولهذا کانت العبارة هنا بلفظ الحیاة والإمداد .
قال رضی الله عنه : (فإنّ حکم) جمع حکمة (موسى) علیه السلام أو ما أودع اللّه تعالى فی أحواله ووقائعه من الأسرار (کثیرة ) لا تحصى (وأنا إن شاء اللّه) تعالى أسرد ، أی أذکر (منها) ، أی من تلک الحکم (فی هذا الباب) ، أی النوع من أنواع العلم الإلهی (على قدر ما یقع به الأمر الإلهی) ، أی الإلهام الربانی (فی خاطری) من غیر فکر أصلا ، لأن الفکر ظلمة النفس فلا یمکن أن یکتسب بها أحد نور العلم الربانی (فکان هذا) ، أی ما ذکر من حکمة قتل الأبناء من أجل موسى علیه السلام أوّل ما شوفهت ، أی خوطبت من حضرة الإلهیة (به) فی قلبی (من هذا الباب) ، أی النوع من أنواع العلم الإلهی .
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فص حکمة علویة فی کلمة موسویة
أورد الحکمة العلویة فی کلمة موسى علیه السلام فإن علو موسى علیه السلام یقتضی من هو علا علیه باعتبار إبطال دعوى علویة من هو علا علیه وأنه قال تعالى فی حقه :لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعْلى[ طه : 68 ]
فکان موسى علیه السلام علا على من ادّعى العلویة الربوبیة بقوله "أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى " فأبطل دعویه الکاذبة وسحره ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى ) علیه السلام ( لیعود إلیه ) أی إلى موسى علیه السلام ( بالامداد حیاة کل من قتل من أجله ) أی یمددن موسى علیه السلام فی هلاک فرعون ویعینونه فیه فکان موسى أعلى على فرعون بالامداد من أرواحهم وإنما یعود إلیه بالامداد .
قال رضی الله عنه : ( لأنه قتل على أنه موسى وما ثمة ) أی وما فی قتل الأبناء من أجل موسى ( جهل ) لعلمه بأن من الکائن قد یدفع بمباشرة الأسباب إذ لیس بلا حکمة یعنی ما قتل الأبناء من أجل موسى عن جهل بل إنما قتل من أجله عن علم وحکمة وهی العود إلیه بالامداد .
ولو لم یقتل من أجل موسى لا یعود إلیه بالامداد فقد کان فی علمه تعالى أن موسى لا یعلو على فرعون إلا بالامداد ممن قتل من أجله على ید فرعون إلا ما هو فی علم اللّه
ویجوز أن یکون معناه وما ثمة جهل أی وما قتل الأبناء على أنه موسى علیه السلام جهل بل علم قتل کل واحد منهم على أنه موسى بالنص الإلهی أو معناه وما جهل فرعون أن قتل الأبناء على أنه موسى علیه السلام لیس بموسى فکان ذلک القتل عمدا وظلما فوجب علیه القصاص فعلى کل حال .
قال رضی الله عنه : ( فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله ) وفیه معنى لطیف وهو أنه لما قتل فرعون على أنه موسى وجب علیه القصاص فوجب على موسى أداء من قتل من أجله فاجتمعوا مع موسى وطلبوا حقهم منه .
فکأنهم قالوا یا موسى إنا قد قتلنا من أجلک فکان لنا حقا ثابتا علیک فأدّ إلینا حقنا فقتل موسى فرعون أداء لما هو علیه من حقهم فما کان قتل فرعون على الحقیقة إلا قصاصا ( وهی ) أی حیاة المقتول .
قال رضی الله عنه : ( حیاة ظاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة بل هی على فطرة بلى ) فهی أرواح لطیفة مجردة عن تعلق الصور المادیة وأنوار لطیفة وکذلک روح موسى نور لطیف فناسب کل منهم الآخر کذلک اتحد کلهم کاتحاد نور القمر والشمس فی النهار
فمثل هذه الأرواح للطافتها قد یتحد بعضها مع بعض ویمتاز أخرى کما یمتاز نور القمر عن نور الشمس بعد اتحاده معها فی النهار فإذا انقطع روح موسى عن تعلق الصورة الموسومة العنصریة افترقوا عنه
وامتاز کل واحد منهم على الآخر کما امتاز قبل الاتحاد فانفرد کل واحد منهم کما انفرد قبل الاجتماع ورجع إلى مقامهم الأصلی فانفرد روح موسى کما انفرد قبله فإن لکل صورة روح خاص عند اللّه ممتاز عن روح الصورة الأخرى وبهذا المذکور قد انقطع وهم التناسخ من ظاهر کلامه ( فکان موسى ) أی فإذا اجتمع هذه الأرواح الطیبة اللطیفة فی حیاة موسى
وکان موسى ( مجموع ) بالنصب خبر کان ( حیاة من قتل على أنه هو وکل ما کان مهیئا لذلک المقتول ) قوله ( مما ) بیان لما ( کان استعداد روحه ) الضمیر یرجع إلى المقتول ( له ) راجع إلى ما فی قوله مما ( کان فی موسى ) أی ظهرت تلک الکمالات المهیئات للمقتول فی استعداد روحه فی صورة موسویة .
قال رضی الله عنه : ( وهذا ) الأمداد ( اختصاص إلهی لموسى لم یکن لأحد قبله ) من الأنبیاء ولا یکون أیضا بعده فلا تعجب اختصاص هذا الحکم بموسى دون غیره من الأنبیاء ( فإن حکم موسى ) أی فإن الأحکام الإلهیة المختصة لموسى ( کثیرة ) فإن شأن موسى فی اختصاص الأحکام الإلهیة لا کشأن سائر الأنبیاء قبله .
قال رضی الله عنه : ( وإنا إن شاء اللّه أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما بلغ به الأمر الإلهی فی خاطری وکان هذا ) الاختصاص المذکور ( أول ما شوفهت ) أی خوطبت ( به ) مشافهة ( من هذا الباب )
أی من الفص الموسوی فإذا کان الأمر فی حق موسى على ما ذکرناه.
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى. وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى». فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام. وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
قلت: قال، رضی الله عنه: حکمة قتل الأبناء هو من أجل موسی، علیه السلام، لیجوز حیاتهم کلهم وذواتهم وعلومهم وبالجملة جمیع ما یقبله استعدادهم من مراتب الحیاة الشریفة، فکان فرعون فی قتل أبناء بنی اسرائیل خادما لموسى علیه السلام وهو لا یشعر على ما قرره الشیخ رضی الله عنه.
قال: وهذا اختصاص إلهی لموسى لم یکن لأحد ممن هو قبله.
قال: وحکم موسی کثیرة ووعد أن یذکر منها ما یتیسر.
وقوله: على قدر ما یرد به الأمر فیه الخاطر.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فصّ حکمة علویّة فی کلمة موسویة
إنّما أضیفت هذه الحکمة العلویة إلى الکلمة الموسویة ، لما جعل الله هذه الکلمة هی العلیا ، وکلمة فرعون والسحرة وآل فرعون هی السفلى ، فقال : " لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلى " [طه : 68] فأشرکه الله فی صفته الأعلویّة وإن کانت أعلویة الله مطلقة وأعلویة موسى نسبیة ،
وذلک من قوله تعالى : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الأَعْلَى " [الأعلى : 1 ] صفة لـ " ربّک " ولما قال فرعون: " أَنَا رَبُّکُمُ الأَعْلى " [النازعات : 24 .]
وقال الله تعالى فی حقّه : " إِنَّه ُ کانَ عالِیاً من الْمُسْرِفِینَ " [الدخان : 31] وهم أهل الغلوّ فی العلوّ ، فأعلم الله موسى أنّه هو الأعلى ، فأعلویة موسى بالنسبة إلى فرعون وغلوّه فی علوّه ، وأعلویة الله لا بالنسبة والإضافة ، فهو الأعلى بذاته لذاته فی ذاته وفی کل عال وأعلى ، والعلوّ والأعلویّة له أولى وأولى .
"" أعلى الله مکانته ، وأخبره أنّه هو الأعلى ، فقال : " لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلى " وأعلى الله کلمته العلیا على من ادّعى العلوّ بقوله: "أَنَا رَبُّکُمُ الأَعْلى" و "کانَ عالِیاً من الْمُسْرِفِینَ" .""
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لتعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل من أجله ، لأنّه قتل على أنّه موسى ، وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حیاته على موسى ، أعنی حیاة المقتول من أجله ، وهی حیاة ظاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النفسیة ، بل هی على فطرة « بَلى » فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو ، فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول - ممّا کان استعداد روحه له - کان فی موسى علیه السّلام وهذا اختصاص إلهی لموسى لم یکن لأحد قبله ، فإنّ حکم موسى کثیرة ) .
قال العبد : اعلم : أنّ النفس الکلَّیة أحدیة جمع النفوس الجزئیة الإنسانیة ، وهی إنّما تعیّنت فی صورتها الکلَّیة أحدیة جمعیة کلَّیة لحقائقها الکلیة الجزئیة ، ثمّ تعیّنت فی صور حقائقها الکلیة فی النفوس السماویة الکلَّیة المحیطة الفلکیة أوّلا فأوّلا ، ثم تعیّنت لحقائقها التابعة التفصیلیة فی الأجزاء الفلکیة من الدرج والدقائق والثوانی والثوالث ، بالغا ما بلغ ، فما من جزء من الأجزاء الفلکیة السماویة إلَّا وقد قبلت روحا ونفسا بحسب أمزجتها الفلکیة الطبیعیة وهم الملائکة والأرواح الفلکیة النورانیة .
وهم على طبقات وجدت فی کل فلک فلک ، وسماء سماء ، وجزء وجزء من أجزائه على مزاج خاص وطبیعة خصیصة بذلک الفلک والاسم المستوی على عرش تلک السماء أو الفلک ، حتى عمّر الله بهم الأفلاک والسماوات ، فمنهم حملة العرش والکروبیّون والحافّون والصافّون ، وکلَّهم طبیعیون نورانیّون ، ولهم صور طبیعیة عرشیة وفلکیة ، ثمّ سماویة ، والنفس من ورائهم محیطة بالإمداد والنور والروح والحیاة .
وإمدادها لهم بالفیض النوری الروحی الذی یقبله من التجلَّیات الأسمائیة الذاتیة . ومن جملة ما تشتمل علیه هذه النفس الکلیة التی هی مظهر الاسم المفصّل ، واسمها فی لسان الشرع اللوح المحفوظ وهی أمّ الکتاب المفصّل والتی تحتوی علیه هی الأرواح البشریة الإنسانیة الکمالیة الکلَّیة والنفوس البشریة الجزئیة ،
وهذا الروح الأعظم الأکمل ، مع من تعیّن من الأرواح والنفوس السماویة یفیض وتفیض الأنوار الروحیة والأشعّة النفسیة على الطبیعیات والعنصریات فمهما تعیّنت - بحسب التشکَّلات الفلکیة والأوضاع الرفیعة السماویة والاتّصالات والانفصالات الکوکبیة وامتزاجاتها بموجب مقتضى أرواحها ونفوسها ،
والأسماء الإلهیة الظاهرة بها والمتوجّهة إلى إیجاد الصور الأحدیة الجمعیة الکمالیة الإنسانیة فی العوالم العنصریة السفلیة عند الظاهریة المسمّاة بعالم الکون والفساد عرفا رسمیا - أمزجة بشریة إنسانیة مستعدّة لقبول أرواح إنسانیة ،
فإنّ فیض الأرواح والنفوس العلویة ، وفیض النفس الکلَّیة یتعیّن فیها بحسب ما استعدّت له من الکمالات بالمیل التامّ والعشق العامّ من القابل والمقبول إلى صاحبه ،
أعنی المزاج العنصریّ وفیض الروح الفلکیّ والکلمة الإلهیة المحمولة فی ذلک الفیض الروحانی والنفس الرحمانیّ ،
فینبعث فی عصر "عصر" من الأرواح الإنسانیة من هذا اللوح الإلهی والروح الأعظم الرحمانی ما أراد الله إظهاره فی ذلک العصر من آیاته وأسمائه الکلَّیة وکلماته الکمالیة ، ولا مانع لتعیّن الفیض الروحی والنور النفسی المحمول فی الأنوار والأشعّة الکوکبیة فی أمزجة خصیصة بها مشاکلة مناسبة لظهور حقائقها وخصائصها فیها وبها إلَّا حصول التعیّن المزاجی العنصری وکمال التسویة لقبول النفخ الملکی الإلهی للروح فیه ، فافهم هذا الأصل الکلَّیّ والضابط الإلهی الجملیّ .
ثمّ اعلم : أنّه لمّا أراد الله إظهار آیاته الکاملات وکلماته الفاضلات وحکمه العامّات التامّات الشاملات فی الکلمة الموسویة ، وسرى حکم "حکم" هذه الإرادة فی النفس الکلَّیة ونزول الوحی الإلهی بذلک إلى عالم العنصر ، وتوجّهت الأسماء الکلیة الظاهرة ، والأرواح والأنفس الطاهرة إلى تحصیل مطالبهم وتوصیل مآربهم ، فتعیّنت بموجبها أمزجة کثیرة بحسب حقائق ما فی الروح الموسوی قبل تعیّن مزاجه الکامل النبوی ،
فقبلت تلک الأمزجة - من الأنوار والأشعّة والأرواح المنبثّة من النفوس الکلیة الفلکیة - أنفسا جزئیة لا على الوجه الأکمل ، لظهور الکمالات الموسویة وإظهار الآیات التی أراد الله أن یظهرها ، فلمّا لم تکن وافیة وکافیة فی مظهریتها ، أراد الله أن یبدلها ربّها خیرا منها ،
وکانت حکماء الزمان وعلماء القبط أخبروا فرعون أنّ هلاکه وهلاک ملکه یکون على یدی مولود یولد فی ذلک الزمان ، فأمر فرعون بقتل کل ولد یولَّد فی ذلک الزمان ، ولم یعلم أنّ الذی قدّر الله هلاکه وهلاک ملکه على یده ، وأراد الله حیاته ، لن یظفر به ولن یقدر علیه ، فإنّه لا رادّ لأمر الله ولا معقّب لحکمه ،
فقتلوا بأمر فرعون کلّ مولود ولد ووجد فی ذلک الزمان على أنّه ذلک الذی یکون هلاک فرعون على یده ، فقتلت عن نفوسها ،
أعنی تلک الصورة والأشخاص والأمزجة التی قبلت تلک الأرواح الحاصلة للأسرار الکمالیة والفضائل الروحانیة التی کان ظهورها فی موسى علیه السّلام أکمل وأتمّ ،
ولا شکّ أنّ الزمان زمان ظهورها ، والأمر الإرادی الإلهی قد نفذ بذلک ، فلمّا تبادرت بالظهور ، قبل تکامل النور ، وبلوغ عین الزمان والوقت الذی فیه التجلَّی الجامع لحقائق الحکم والآیات والکمالات التی للکلمة الموسویة ، فقبلت على اسمه ،
لما علم الله أنّ ظهورها فی مزاج واحد کلی محیط بما کانت متفرّقة فیها أجمع وأتمّ وأنفع وأعمّ ، فتوجّهت أرواح هؤلاء المقتولین إلى الروح الموسوی الکمالی الموجّه من الله لإظهار ما أراده ومظهریته ، على الوجه الأفضل الأکمل ،
فاتّصلت الأنوار بنوره ، وتحصّلت الأرواح إلى روحه ، فتجمّعت فیه خصائص الکلّ ، وحقائق الفرع والأصل ، فکان الروح الموسوی مجموع تلک الأرواح کلَّها وجامعها ،
فتضاعفت القوى وتقوّت ، وتکاملت الأنوار واستوت ، وتعیّن مزاجه الشریف الجسمانی المبارک علیه السّلام فنفخ الله فیه هذا الروح الکامل الجامع الموسوی المجموع ، ولهذا کانت آیاته ومعجزاته فی کمال الوضوح والظهور ، لکمال توجّه الهمم الروحانیة والنفوس والملائکة وهمم أهل الزمان أجمعهم ، فظهر أمر الله وشأنه ، وغلبت حجّته وبرهانه ، وغلبت قوّته وسلطانه ، وقهر فرعون وآله و حکمه وأنصاره وأعوانه ، الحمد لله .
قال رضی الله عنه : ( وأنا إن شاء الله تعالى أسرد منها "یعنی من الحکم الموسویة " فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری ، فکان أول ما شوفهت به من هذا الباب).
قال العبد : اعلم : أنّ القرب والبعد نسبتان للقریب والبعید من الحق من المقامین الإلهیّین ، وعلیهما تترتّب مراتب السعادات والولایات ، وکذلک الشقاوات ومحالّ البعد .
المقام الأوّل : مقام الأحدیة الإلهیة ، فإنّ الکثرات کلَّها منها تنزّلت وتفصّلت وتعدّدت ، فمن کانت الوسائط بینه وبین الموجد الواحد الأحد أقلّ ، فهو أقرب ،
وکذلک التعینات الأوّل أوّل ما تظهر وتبدو - تکون قریبة من ربّها الذی هو قیّامها ، وقیّوم یقوم بإقامة صورته ، فیسخّر بمقامه من ربّه وموجده من لیس له هذا النوع من القرب الأوّلی فی الظهور والحدوث ، کالصغار من الأولاد ،
فإنّ الحق الظاهر المتعیّن فی صورهم یسخّر لهم من طال مکثه فی قبول التجلَّیات مدّة مدیدة ، وله حکم آخر کمالی غیر هذا القریب وهو الثانی ، وذلک هو القرب الحقیقی الذاتی الإلهی الکمالی من حیث الصورة الأحدیة الجمعیة الکمالیة الإلهیة الإنسانیة ، فمن کانت نسبته من هذه الجمعیة الکمالیة أکمل وأتمّ ،
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فص حکمة علویة فی کلمة موسویة
إنما خصت الکلمة الموسویة بالحکمة العلویة ، لعلوه على من ادعى الأعلویة ، فقال : " أَنَا رَبُّکُمُ الأَعْلى " فکذبه الله تعالى بقوله لموسى : " إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلى " على القصر یعنى لا هو مع أنه تعالى وصفه بالعلویة فی قوله : "من فِرْعَوْنَ إِنَّه کانَ عالِیاً من الْمُسْرِفِینَ ".
ولعلو درجته فی النبوة بأن کلمه الله بلا واسطة ملک ، وکتب له التوراة بیده تعالى ، کما ورد فی الحدیث ، ویقرب مقامه من مقام الجمعیة التی اختص بها نبینا صلى الله علیه وسلم المشار إلیه بقوله :"وکَتَبْنا لَه فی الأَلْواحِ من کُلِّ شَیْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِیلًا لِکُلِّ شَیْءٍ ".
وبکثرة أمته کما أخبر علیه الصلاة والسلام فی حدیث القیامة حال عرض الأمم علیه أنه لم یر أمة نبی من الأنبیاء أکثر من أمة موسى علیه السلام وبکثرة معجزاته .
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود علیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى وما ثمة جهل فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنى حیاة المقتول من أجله ، وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة بل هی على فطرة بلى ، فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو ، فکل ما کان مهیأ لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له کان فی موسى علیه السلام ، وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد قبله فإن حکم موسى کثیرة ، وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری ، فکان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب ).
اعلم أن التعینات اللاحقة للوجود المطلق بعضها کلیة معنویة کالتعینات الجنسیة والنوعیة والصنفیة ، والنسب التی تحصل بها أسماء الله الحسنى المرتبة الشاملة بعضها لبعض شمول اسم الله والرحمن سائر الأسماء ،
وبعضها جزئیة کالتعینات الغیر المتناهیة المندرجة تحت الأولى ، فتحصل من نسبة الأولى إلیها أسماء غیر متناهیة فی حضرات أمهات الأسماء المتناهیة ،
والتعینات الأولیة تقتضی فی عالم الأرواح حقائق روحانیة مجردة وطبائع کلیة ، فالتعیین الأول هو العقل الأول المسمى أم الکتاب ، والقلم الأعلى والعین الواحدة والنور المحمدی کما ورد فی الحدیث « أول ما خلق الله العقل » وفی روایة « نوری وروحى » وهو یتفصل بحسب التعینات الروحانیة إلى العقول السماویة والأرواح العلویة والکروبیین وأرواح الکمل من الأنبیاء والأولیاء ،
فالعقل الأول هو متعین کل طبیعی ، یشمل جمیع المتعینات ویمدها وبقومها ویفیض علیها النور والحیاة دائما ، ثم یتنزل مراتب التعینات إلى تعین النفس الکلیة المسماة باللوح المحفوظ ، ونسبتها إلى النفوس الناطقة المجردة الطاهرة فی مظاهر جمیع الأجرام السماویة أفلاکها وکواکبها ، وإلى النفوس الناطقة الإنسیة بعینها نسبة العقل الأول إلى الأنواع والأصناف التی هی تحتها فی عالمها ،
وهذه النفس الکلیة أیضا مراتب تعیناته فی التنزل ، ثم مراتب النفوس المنطبعة فی الأجرام التی یسمى عالمها عالم المثال ،
ثم مراتب العناصر التی هی آخر مراتب التنزلات ، وکلها تعینات الوجود الحق المتجلى فی مراتب النفوس بصور التعینات الخلقیة وشئونها الذاتیة کما مر غیر مرة فالأرواح المتعینة بالتعینات الکلیة من المجردات العقلیة والنفوس السماویة والأرواح النبویة مفیضات وممدات لما تحتها من الأرواح المتعینة بالتعینات الجزئیة البشریة ، ومقومات لها تقویم الحقائق النوعیة أشخاصها ، ومدبرات وحاکمات علیها سیاسة لها سیاسة الأنبیاء أممها والسلاطین خولها ،
ومن هذا یعرف سر قوله « کنت نبیا وآدم بین الماء والطین » ویفهم معنى قوله :" إِنَّ إِبْراهِیمَ کانَ أُمَّةً ".
والأرواح المتعینة بالتعینات الجزئیة والهیئات المزاجیة الشخصیة تحت قهرها وسیاستها وتصریفها بحسب إرادتها ،
فهی بالنسبة إلیها کالقوى الجسمانیة والنفسانیة والروحانیة على اختلاف مراتبها بالنسبة إلى روحنا المدبرة لأبداننا ،
وکالخدم والأعوان والعبید بالنسبة إلى المخادم والسلاطین والموالی ، وکالأمم والأتباع بالنسبة إلى الأنبیاء والمتبوعین .
إذا تقرر هذا فنقول : أرواح الأنبیاء هم التعینات بالتعینات الکلیة فی الصف الأول ، وأرواح أممهم بل أکثر الملائکة والأرواح والنفوس الفلکیة کالقوى والأعوان والخدم بالنسبة إلیهم ، ومن هذا یعرف سر سجود الملائکة لآدم ، وسر طاعة أهل العالم العلوی والجن والإنس لسلیمان ولذی القرنین وسر إمداد الملائکة للنبی علیه الصلاة والسلام فی قوله تعالى :" أَلَنْ یَکْفِیَکُمْ أَنْ یُمِدَّکُمْ رَبُّکُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ من الْمَلائِکَةِ " الآیة ،
فعلى هذا کانت الأبناء الذین قتلوا فی زمان ولادة موسى هی الأرواح التی تحت حیطة روح موسى علیه السلام وفی حکم أمته وأعوانه ،
فلما أراد الله إظهار آیات الکلمة الموسویة ومعجزاتها وحکمها وأحکامها ، وقدر الأسباب العلویة والسفلیة من الأوضاع الفلکیة والحرکات السماویة المعدة لمواد العالم ، والامتزاجات العنصریة والاستعدادات القابلة المهیأة لظهور ذلک وقرب زمان ظهوره ، تعینت أمزجة قابلة لتلک الأرواح فتعلقت بأبدانها ،
وکان علماء القبط وحکماؤهم أخبروا قومهم أنه یولد فی ذلک الزمان مولود من بنی إسرائیل یکون هلاک فرعون وذهاب ملکه على یده ،
فأمر فرعون بقتل کل من یولد من الأبناء فی ذلک الزمان حذرا مما قضى الله وقدر ،
ولم یعلم أن لا مرد لقضائه ولا معقب لحکمه
فکان ذلک سببا لاجتماع تلک الأرواح فی عالمها وانضمامها إلى روح موسى ، وعدم تفرقها وانبثاثها عنه بالتعلق البدنی والانفراد فی عالم الطبیعة فیتقوى بهم ویجتمع فیه خواصهم ویعتضد بقواهم ،
تابع شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
وذلک اختصاص من الله لموسى وتأیید بإمداده بتلک الأرواح کإمداده بالأرواح السماویة وقوى النیرات الناظرة إلى طاعته
فلما تعلق الروح الموسوی ببدنه تعاضدت تلک الأرواح والأرواح السماویة فی إمداده بالحیاة والقوة والأید والنصرة ،
وکل ما هو مهیأ لتلک الأرواح الطاهرة من الکمالات فکان مؤیدا بهم بتلک الأرواح کلها ،
ونظیر ذلک ما قال أمیر المؤمنین علی بن أبى طالب رضی الله عنه ، حین قال له بعض أصحابه عند ظفره بأصحاب الجمل : وددت أن أخی فلانا کان شاهدنا لیرى ما نصرک الله به على أعدائک ، فقال : أهوى أخیک معنا ؟
قال : نعم ، قال : فقد شهدنا ، ولقد شهدنا فی عسکرنا هذا قوم فی أصلاب الرجال وقرارات النساء سیرعف بهم الزمان ویقوى بهم الإیمان ،
فالحکمة فیما دبره الله من قتلهم أن أرواحهم تتلاحق فی إمداد موسى حتى یبلغ أشده بما ذکر ،
ثم تتلاحق عند دعوته بالتعلق بأبدانها وتتکامل فی القوة والشدة متفقین فی تصرفه ، کما قال : سیرعف بهم الزمان ، ویقوى بهم الإیمان .
( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح کثیرة ) باتصال تلک الأرواح به متوجهة إلیه مقبلة نحوه بهواها ومحبتها ونوریتها خادمة له ، ولذلک کان محبوبا إلى کل من یراه لنوریته بتشفیع أنوار تلک الأرواح .
"" إضافة بالی زاده :
فهی أرواح لطیفة مجردة عن تعلق الصور المادیة وأنوار لطیفة ،
وکذلک روح موسى نور لطیف فناسب کل منهم للآخر لذلک اتحد کلهم کاتحاد نور القمر والشمس فی النهار ، فمثل هذه الأرواح للطافتها قد یتحد بعضها مع بعض ویمتاز أخرى کما یمتاز نور القمر عن نور الشمس بعد اتحاده فی النهار ،
فإذا انقطع روح موسى عن تعلق الصورة الموسویة العنصریة افترقوا عنه وامتاز کل واحد عن الآخر ورجع إلى مقامهم الأصلی ، فانفرد روح موسى کما انفرد قبله ، فإن لکل صورة روحا خاصا عند الله ، وبهذا قد انقطع وهم التناسخ من ظاهر کلام الشیخ . أهـ بالى زادة ""
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .)
24 - فص حکمة علیة فی کلمة موسویة
إنما اختص موسى ، علیه السلام ، بالحکمة ( العلویة ) ، لقوله تعالى : ( لا تخف إنک أنت الأعلى ) . فعلى بالحق على من ادعى العلو بقوله : ( أنا ربکم الأعلى ) ولعلو مرتبته عند الله اختص بأمور : منها أنه تعالى کلمه بلا واسطة الملک .
ومنها ما جاء فی الحدیث الصحیح أنه تعالى کتب له التوراة بیده ، وغرس شجرة طوبى بیده ، وخلق جنة عدن بیده ، وخلق آدم بیدیه .
ومنها قرب نسبته من المقام الجامعیة التی اختص بها نبینا ، صلى الله علیه وسلم .
ومنها کثرة أمته . کما جاء فی حدیث ( العرض ) فی القیامة الکبرى ومنها قوله ، علیه السلام : " لا تفضلونی على موسى : فإن الناس یصعقون ، فأکون أول من یفیق فإذا موسى باطشا بقائمة العرش . فلا أدرى أجوزی بصعقة الطور ، أو کان ممن استثنى الله تعالى " . وبکمالات أخرى یظهر لمن یتأمل فی قصته فی القرآن .
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله . لأنه قتل على أنه موسى ، وما ثمة جهل ، فلا بد أن یعود حیاته على موسى ، أعنی حیاة المقتول من أجله . وهی حیاة ظاهرة على الفطرة، ولم یتدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة "بلى " ، فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو ، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له ، کان فی موسى ، علیه السلام .)
اعلم أنه ، قد مر فی المقدمات أن الوجود حقیقة واحدة لا تعدد فیها ولا تکثر ، وتتعدد بحسب التجلیات والتعینات ، فتتکثر وتصیر أرواحا وأجساما ومعانی روحانیة وأعراضا جسمانیة . والأرواح منها کلیة ومنها جزئیة .
فأرواح الأنبیاء ، علیهم السلام ، أرواح کلیة یشتمل کل روح منها على أرواح من یدخل فی حکمه ویصیر من أمته ، کما أن الأسماء الجزئیة داخلة فی الأسماء الکلیة على ما بینا فی فصل الأسماء . وإلیه أشار بقوله تعالى : " إن إبراهیم کان أمة قانتا واحدة لله حنیفا " .
وإذا کان الأمر کذلک ، یجوز أن یتحد بعض الأرواح مع بعض بحیث لا یکون بینهما امتیاز ، کاتحاد قطرات الأمطار وأنوار الکواکب مع نور الشمس فی النهار .
فإذا علمت هذا ، فلنرجع إلى المقصود فنقول : الحکمة فی قتل الأبناء على ید فرعون هی أن تعود أرواحهم مع الروح الموسوی ویمدونه فی الغلبة على فرعون وقومه ، وکل من قتل من الأبناء على أنه موسى رجع مع الروح الموسوی ، وأعانه فی هلاک فرعون ، لتحصل المجازاة والقصاص الذی لا بد منه الوجود .
وقوله رضی الله عنه : ( وما ثمة جهل ) معناه أن فرعون کان یقتلهم على أنهم موسى ، وما کانوا عین موسى ، ولا یقتل الشخص لغیره ، کما قال : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
والفاعل الحقیقی هو الحق ، وهو العلیم الخبیر ، لا یجهل على ما یجرى فی وجوده ، ولا یفعل إلا ما ینبغی أن یفعل ، فقتل الأبناء فی المادة الفرعونیة على أنها موسى کان لعلمه فی الأزل على أنهم یجتمعون مع الروح الموسوی فی هلاک فرعون ،
فما کان الهلاک عن جهل ، بل عن علم متقن بما هو الأمر علیه ، وإن کان لا یشعر فرعون بذلک تفصیلا، ویشعر به إجمالا، لذلک أمر بقتلهم.
فاجتمعت أرواحهم واتحدت ، فظهرت بالصورة الموسویة استیفاء لحقوقهم وإعانة لربهم ومددا لنبیهم ، إذ کانوا على الفطرة الأصلیة والطهارة الأزلیة ، ما عملوا شیئا یجب به قتلهم .
فإذا اتحدت وظهرت فی الصورة الموسویة ، ظهرت معها جمیع ما کانت مهیئا لهم من الاستعدادات والکمالات المترتبة علیها .
قال رضی الله عنه : ( وهذا اختصاص إلهی لموسى لم یکن لأحد من قبله ) أی ، هذا الاجتماع للإمداد والاتحاد للأرواح اختصاص إلهی لأجل موسى ، علیه السلام ، ولم یکن ذلک لأحد من الأنبیاء ، علیهم السلام ، قبل موسى .
ولما کان هذا حکمة من جملة الحکم التی خصه الله بها ، قال : ( فإن حکم موسى کثیرة . وأنا إن شاء الله تعالى أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری . ) أی ، عینه فی قلبی للإظهار .
قال رضی الله عنه : ( فکان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب . ) أی ، أول ما خوطبت به فی المکاشفة من الحضرة المحمدیة فی هذا الفص الموسوی کان هذا المعنى المذکور ، وهو اتحاد أرواح الأبناء المقتولین وعودهم فی المادة الموسویة .
فالشیخ ، رضى الله عنه ، مأمور بإظهار هذا المعنى ، والمأمور معذور .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
الفصّ الموسوی
25 - فص حکمة علویة فی کلمة موسویة
أی : ما یتزین به ، ویکمل العلم الیقینی المتعلق باستعلاء المتصرف بالحق ، والمقیم أوامره ونواهیه على المتصرف بنفسه ، والمقیم أوامرها ونواهیها ظهر بزینته وکماله فی الحقیقة الجامعة المنسوبة إلى موسى علیه السّلام ؛ لاستعلائه على فرعون القائل :" أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى" [النازعات : 24 ] قولا وفعلا ، قال تعالى فی حقه :"إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعْلى" [طه :86] ،" فِرْعَوْنَ إِنَّهُ کَانَ عَالِیًا مِنَ الْمُسْرِفِینَ " (31) سورة الدخان فغلب على السحرة أولا بإبطال عظیم سحرهم ، وأثر فیهم الإیمان ، وأغرق فرعون وقومه ، وورث ملکهم .
""أضاف المحقق : إنما خصت الکلمة الموسویة بالحکمة العلویة ، لعلوه على من ادعى الأعلویة ؛ فقال : أنا ربکم الأعلى ؛ فکذبه اللّه تعالى بقوله لموسى : إنک أنت الأعلى ، على القصر یعنی لا هو مع أنه تعالى وصفه بالعلویة . . . ،
ولعلو درجته فی النبوة بأنه کلمة اللّه بلا واسطة ملک ، وکتب له التوراة بیده تعالى ، ویقرب مقامه من مقام الجمعیة التی اختص بها نبینا صلّى اللّه علیه وسلّم . ( شرح القاشانی ص 303 ) . أهـ""
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى علیه السّلام لتعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل لأجله ؛ لأنّه قتل على أنّه موسى ، وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حیاته على موسى علیه السّلام أعنی حیاة المقتول من أجله ، وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسیّة بل هی على فطرة " بلى " ، فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو ؛ فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول ممّا کان استعداد روحه له ، کان فی موسى علیه السّلام ، وهذا اختصاص إلهیّ لموسى لم یکن لأحد قبله ، فإنّ حکم موسى کثیرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهیّ فی خاطری ، فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب ).
فأشار إلى سبب هذا الاستعلاء من جهة روحه وبدنه ، فقال : ( حکمة قتل الأبناء ) ، فأراه اللّه تعالى الرؤیا لفرعون أنه خرجت نار من دیار بنی إسرائیل ، فأحرقت قصر فرعون ودیار قومه ، ولم یصل إلى دیار بنی إسرائیل منها شیء ، فأولها المعبرون بخروج ولد منهم یکون على یدیه هلاک ملکه ، فأمر بقتل کل غلام یولد لهم فهمان قتلهم ( من أجل موسى علیه السّلام ) ، وإن قصد الأمر ، والمباشر قتل موسى بالذات .
قال رضی الله عنه : ( لتعود إلیه بالإمداد ) أی : إمداد تلک الأرواح روح موسى ، وإن امتنع اتحاد ذهابه من کل وجه ، واجتماعها معه بالتصرف فی بدنه ( حیاة ) ، أی : فائدة حیاة ( کل من قتل من لأجله ) ، إذ لا معنى للقتل من أجله من اللّه تعالى سوى هذا الإمداد ، وکیف لا یحصل هذا الإمداد وقد جعل الحق روح المقتول کأنه روح موسى ؛
قال رضی الله عنه : ( لأنه قتل على أنه موسى ) ، وهم وإن فعلوه جهلا بموسى ، ولکن ( ما ثمة ) أی : فی حق اللّه تعالى ( جهل ) ، وقد دعاهم بهذا المنام إلى قبلهم على أنه موسى ، فلابدّ لروحهم مع روحه من نوع اتحادیة یکون إمدادهم لروحه ، کیف وقد فوت الحق على المقتول فائدة حیاته باستدلال قتله ولا معطل فی صنعه ، إذ لا یفعل عبثا ؛
قال رضی الله عنه : ( فلابدّ أن تعود حیاته على موسى علیه السّلام ، أعنی : حیاة المقتول من أجله ) فیه إشارة إلى أن من مات حتفا فقد استکمل فائدة حیاته ، فلا تعود حیاته على أحد ، وکذا من قتل لا من أجل أحد ، وکذا ما قتلناه من أجل أحد لا عن أمر اللّه واستدعائه .
ثم أشار إلى أنه إنما یتم هذا الإمداد بقتل الصغار دون الکبار ، بقوله : ( وهی حیاة طاهرة ) ؛ لأنها باقیة ( على الفطرة ) ، والباقیة علیها ظاهرة ، إذ ( لم تدنسها الأغراض النفسیة ) ، وإن تعلقت بالنفوس حینا فهذا التعلق مع عدم حصول الغرض من المتعلق کالعدم ،
قال رضی الله عنه : ( بل هی على فطرة " بلى " ) یکون له کمال التصرف بما یتعلق به ، لکن امتنع تعلقها ببدن موسى ؛ لتعلق روحه ببدنه بالتصرف لکانت ممدة له ، ( فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو ) ، وإن لم یکن مجموع أرواحهم ، وإن کانت روحه کلیة جامعة لأرواح أمته إلا أنها بعد التفصیل لا تعود إلى الإجمال ؛ لأنها غیر قابلة للفناء .
ولما کان تفویت الحق فوائد الحیاة على أرواح المقتولین موجبا لعود حیاتها إلى من قتلهم الحق بطریق الاستدعاء المنافی لأجله ، کان ( کل ما کان مهیئا لذلک المقتول ) لو عاش مدة ( مما کان استعداد روحه له ) ، وإن لم یبلغ بدنه إلى حدّ هذا الاستعداد ( کان فی موسى علیه السّلام ) ؛ لئلا یضیع ذلک الاستعداد بالکلیة مع أن السنة الإلهیة جرت ألا تقبع شیئا من الاستعدادات بمقتضى الجود الإلهی المعطى لکل شیء خلقه ،
قال رضی الله عنه : ( وهذا ) أی : إمداد الشخص بأرواح المقتولین من أجله ( اختصاص إلهی لموسى لم یکن لأحد قبله ) ، فإنه وإن قتل باسم إبراهیم عن رؤیا أراها اللّه إیاه أنه طلع نجم فذهب بضوء الشمس والقمر ، فعبر بولد یولد فی ناحیته ، فیذهب ملکه على یدیه ، فأمر أولا بعزل النساء .
ثم لما حملت به أمه أخبره المنجمون بعلوه ، فأمر بقتلهم فما قتلهم إلا بعد کمال روحانیته ، وأرواحهم مشتغلة بتدبیر أبدانها بخلاف المقتولین من أجل موسى ،
فإنهم قتلوا قبل حمل أمه به ، فکانوا فارغین عن تدبیر أبدانهم حینئذ ، فتم إمدادهم لروح موسى عند تعلقه ببدنه ، کأنهم متعلقون به أیضا ، وهذا من الحکمة الإلهیة فی حق موسى علیه السّلام ، قال رضی الله عنه : ( فإنّ حکم موسى کثیرة ، فأنا إن شاء اللّه أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی ) بطریق الإلهام ( فی خاطری ) ، فإنه فی حقه کالمشافهة بالوحی للأنبیاء ، ( فکان هذا
أول ما شوفهت به ) أی : ألهمت إلهاما کالمشافهة ( من هذا الباب ) ؛ لأنه وقع قبل خلقته ، فهی أول الحکم .
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .)
25 - فصّ حکمة علویة فی کلمة موسویة
وجه تسمیة الفصّ
اعلم أنّ علوّ الرتبة فی الوجود والتفوّق على البریّة فی أمر الإنباء والإظهار إنما یتصوّر لمن اختصّ بین الکمّل بالتحقّق بما هو الأنزل رتبة والأسفل ظهورا ودرجة ، کما أنّ الأوّلیة فیه إنما یتصوّر لمن تفرّد بالآخریّة والختمیّة وبیّن أنّ الأنزل رتبة والأسفل درجة فی الظهور إنما هو الکلام کما بیّن أمره والمختصّ بتحقّقه بین الأنبیاء الذین هم أساطین بنیان الإظهار والإشعار هو موسى .
ولذلک قد ورد فی التنزیل : "وَکَلَّمَ الله مُوسى تَکْلِیماً " [ 4 / 164 ] ، فإنّه یدلّ مع تحقّقه بالکلام ، على اختصاصه بمزید من التکثیر فیه ، على ما هو مقتضى تلک المرتبة ومن ثمّة تراه قد ورد فی الآثار الختمیّة : « إنّه تعالى کتب التوراة بیده ، کما أنّه خلق آدم بیده » ، فهو فی أمر الإظهار بمنزلة آدم فی الظهور ، وإنّه قد اختصّ بین الأنبیاء بتکثّر الامّة .
وإذا عرفت هذا فقد ظهر لک وجه اختصاص حکمته بالعلوّ ، ومن هاهنا ترى من قابله فی سباق میدان الظهور إنما رکب مطیّة العلوّ والتفرّد بادّعائه ، وهو قد غلبه بذلک حیثما نصّ على اختصاصه له فی صورة الخطاب الذی هو أرفع المنازل وأعلاها لدى التکلَّم بقوله تعالى : " إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلى ".
وأیضا فإنّ فی تلویح الکلمة الموسویّة ما یدلّ على اختصاصه بالحکمة العلویّة عند حذف المکرّر منها ، کما أنّ مادّته هی مادّة السموّ والسماء .
ثم إنّ من آیات علوّ الرتبة الإحاطة والحکم على من دونه بالغلبة والقهر ، ولذلک تراه عند سطوع تباشیر ظهوره قد قتل أبناء امّته فی ورود مقدمه فی هذه المرتبة الکمالیّة ، إمدادا لقوّة جمعیّته وقربانا له ، وإلیه أشار بقوله :
حکمة قتل الأبناء من أجل موسى
(حکمة قتل الأبناء من أجل موسى ، لتعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل من أجله ) وتحقیق هذا الکلام یحتاج إلى تذکَّر مقدمة حکمیّة هی أنّ التعیّن الذی هو عبارة عن العوارض الممیّزة لأفراد الحقیقة النوعیّة الواحدة بالذات ، تمیّزا عرضیا کونیّا على ضربین :
أحدهما ما یتمیّز به الشخص عند نفسه ممّا تصوّر به قلبه ، وهو صورة باطنه المسماة بالهمة - وقد وقفت فی صدر الکتاب علیه .
والآخر ما یتمیّز به عند بنی نوعه ممّا یظهر به عندهم من الأعراض الخارجیّة وهو صورة ظاهره المسمّاة بالهویّة وبیّن أن الأول منهما إنما یظهر فی الشخص عند تمییزه وبلوغه کمال الاستواء ، فلا یکون للطفل قبل تمییزه منه شیء .
فإذا عرفت هذا تبیّن لک أنّه لیس لتلک الأبناء المقتولین من ذینک التعیّنین شیء مما یعود إلیهم .
أما الأول فلما عرفت .
وأما الثانی فلأنهم متعیّنون عند بنی نوعه بالتعیّن الموسوی ، متّفقین فیه عندهم ، ( لأنّه قتل على أنّه موسى ) ، وهو فی نفسه کذلک ، فإنّه إذ لم یکن لهم تعیّن یظهرون به وقد یکمل استعدادهم له ، فإنما یتکوّنون بالتعیّن الکلَّی الغالب الذی له القهرمان فی ذلک الزمان على ما هو غیر مستبعد ولا خفیّ عند الذکیّ ، الخالص ذائقة فهمه عن شوائب التقلید وتعصّبه ، وإلیه أشار بقوله :" إمداد موسى بحیاة جمیع من قتل من أجله "
قال رضی الله عنه : ( وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حیاته ) ، أی حیاة من قتل من شخص الإنسان ، بناء على ما مرّ من أنّ فی النوع - من الکلیّات المتبطَّنة فیه ،
المتقوّمة هو بها - أحکاما وآثارا یظهر بها أفراده ، کالحیاة من الحیوان فی أفراد الإنسان ، فلا بدّ من عود الحیاة "على موسى - أعنی حیاة المقتول من أجله "ضرورة أنه متکوّن بتعیّنه ( وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النفسیّة ، بل هی على فطرة " بَلى " ) الدالَّة على کمال قابلیّته لتربیته الربّ المظهر ،
قال رضی الله عنه : ( فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو ، فکلّ ما کان مهیّأ لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له ) مما اشتمل على حقیقته النوعیّة من الحیاة والعلم ، اللذین هما أحکام جنسه وفصله ( کان فی موسى علیه السّلام ) ، فهو یستمدّ من همم أشخاص الامّة ، کما أنّ محمّدا صلَّى الله علیه وسلَّم یمدّ الهمم - على ما عرفت - ویطلعک علیه ما فی القرآن الکریم من قوله تعالى حکایة عن موسى :
" رَبِّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی " [ 20 / 25 ] وخطابا لمحمد صلَّى الله علیه وسلَّم : " أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ " [ 94 / 1 ] فإنّ الصدر هو طرف ظاهریّة القلب ، وهو صورته المعبّر عنها بالهمّة - کما عرفت .
ولذلک قال رضی الله عنه : ( وهذا اختصاص إلهیّ بموسى لم یکن لأحد من قبله ، فإنّ حکم موسى کثیرة ، وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری ، فکان هذا أوّل ما شوفهت به فی هذا الباب ) وهذا من غلبة حکم النبوّة فی حکم موسى ، حیث شوفه بها کلاما .
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حیاته على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة، بل هی على فطرة «بلى».
فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنه هو، فکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
وهذا اختصاص إلهی بموسى لم یکن لأحد من قبله: فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء الله أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
الفصّ الموسوی
25 - فص حکمة علویة فی کلمة موسویة
قال رضی الله عنه : ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى علیه السّلام لتعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل لأجله لأنّه قتل على أنّه موسى . وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حیاته على موسى علیه السّلام أعنی حیاة المقتول من أجله وهی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسیّة ، بل هی على فطرة « بلى » . فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو)
فص حکمة علویة فی کلمة موسویة
علو قدر موسى علیه السلام ورفعه مقامه بین الأنبیاء علیهم السلام أظهر من أن تحتاج إلى البیان ، وکذا کثرة آیاته وقوة معجزاته أبین من أن تفتقر إلى البرهان . ومن هذا القبیل ظفره على أعدائه وغلبته على خصمائه ، وغیر ذلک مما لا یعد ولا یحصى ، ولا شک أن کل واحد من هذه الأمور یکفی فی توصیف حکمته بالعلویة ،
فإذا اجتمعت فبالطریق الأولى ( حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه ) الظاهر أن یقال : حکمة قتل الأبناء أن یعود أو قتل الأبناء لأن یعود ، فکأن مؤدى الحکمة واللام واحدا فلا یبعد أن یجعل الثانی تأکیدا للأول بحسب المعنى یرید رضی اللّه عنه أن الحکمة فی قتل فرعون وأعوانه الأبناء من أطفال بنی إسرائیل من أجل موسى أن یعود إلى موسى ( بالإمداد حیاة کل من قتل من أجله ) ، أی روحانیته التی هی حقیقة وجودیة منصبغة بصفة الحیاة ولذلک عبر عنها بالحیاة
( لأنه قتل على أنه موسى وما ثم جهل ) ، فهو تعالى یعلم أنه قتل على أنه موسى
قال رضی الله عنه : ( فلا بد أن تعود حیاته ) ، أی روحانیته بالإمداد ( على موسى أعنی حیاة المقتول من أجله ) ، وروحانیته لیجازی قاتله فی صورة موسى فإن الوجود مجازی مکافى کل ما ألقى إلیه بصورة الفعل ألقى مثله إلى الفاعل فی صورة الجزاء وما أشبه کونه مقتولا فی صورة موسى توهما بکونه قابلا لقاتله فی صورته حقیقة ( وهی ) ،
أی ( حیاة ) المقتول وروحانیته ( طاهرة ) باقیة ( على الفطرة ) ، التی فطرها اللّه علیها ( لم تدنسها الأغراض النفسیة ) ، المانعة لها عن الإمداد ( بل هی على فطرة بلى ) القابلة بها أن یفیض علیها من الرب المطلق ما یمد به موسى فی قتل فرعون وأعوانه جزاء وفاقا ( فکان موسى مجموع حیاة کل من قتل ) ، وروحانیتهم حین قتل کل واحد منهم ( على أنه هو )، أی
قال رضی الله عنه : ( فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول ممّا کان استعداد روحه له ، کان فی موسى علیه السّلام. وهذا اختصاص إلهیّ لموسى لم یکن لأحد قبله . فإنّ حکم موسى کثیرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهیّ فی خاطری . فکان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
موسى ( وکل ما کان مهیئا لذلک المقتول مما کان استعداد روحه له ) من أسباب الإمداد من الحیاة والعلم والقدرة والإرادة وغیرها ( کان مهیأ فی ) صورة ( موسى ) ، للانتقام من فرعون وأعوانه .
قال رضی الله عنه : ( وهذا ) ، أی اجتماع أرواح الأبناء المقتولین لإمداد موسى ( اختصاص إلهی لموسى لم یکن لأحد قبله ) وحکمة واحدة من الحکم التی خصه اللّه بها ( فإن حکم موسى کثیرة وأنا إن شاء اللّه أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به ) ، أی باطنها ( الأمر الإلهی فی خاطری فهذا أول ما شوفهت به ) ، من الحضرة الإلهیة فی الصورة المحمدیة ( من هذا الباب ) ، أی الفص الموسوی.
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص: ۵۲۹-۵۳۱
حکمة قتل الأبناء
حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لتعود إلیه بالامداد حیاة کل من قتل من أجله لأنّه قتل على أنّه موسى و ما ثمّ جهل.
فلا بد أن تعود حیاته على موسى- أعنى حیاة المقتول من أجله- و هی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسیة بل هی على فطرة «بَلى». فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو؛ فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول ممّا کان استعداد روحه له، کان فی موسى علیه السلام.
اما حکمت قتل أبناء در دست فرعون از جهت موسى (یعنى از جهت قتل موسى که أبناء کشته بشوند تا قطع به کشتن موسى پیدا کند) براى این است که: روح هر یک از ابنائى که کشته شدند به موسى بازگشت کند تا او را در هلاک فرعون امداد بنمایند، (تا مجازات و قصاصى که لا بد در وجود باید صورت بگیرد حاصل بشود).
و هر طفلى به جهت موسى کشته شد. یعنى فرعون هر یک را به عنوان و امید اینکه موسى است به قتل رساند هر چند عین موسى نبودند و در واقع جهلى نبود.
پس ناچار باید حیات و روح مقتول، به موسى برگشت کند یعنى حیات مقتولى که به جهت موسى بود باید به موسى برگشت کند و این حیات مقتول به جهت موسى حیاتى طاهر بر اساس فطرت است که أغراض نفسانى آن را آلوده نکرده است. بلکه، بر فطرت بلى است.( اشاره است، به کریمه\i أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلى\E( اعراف: 172).) پس موسى مجموع حیات کسانى بود که به عنوان موسى بودن کشته شدند و آن چه استعدادهاى روحى که براى مقتول مهیّا شده بود در موسى جمع شده است.
بیان علامه قیصرى در این مقام چنین است:
مقصود شیخ از گفتن: «و ما ثم جهل» (در واقع جهلى نیست) این است که فرعون أبناء را میکشت بنا بر این که موسى باشند. حال اینکه عین موسى نبودند و شخص براى دیگرى کشته نمیشود. یعنى هر کس را به عنوان اینکه موسى است به قتل رسانده است. چنانکه قرآن فرمود: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى*. و فاعل حقیقى حق تعالى است که علیم و خبیر است و بر آن چه که در مملکت وجود جارى میشود جاهل نیست و جز آن چه را که سزاوار به وقوع پیوستن است نمیکند. بنا بر این قتل خداوند أبناء را در ماده فرعونیت بنا بر این که موسایند به علم الهى در أزل است که میدانست آن أبناء با روح موسوى در هلاک فرعون اجتماع مینمایند. پس هلاک فرعون از روى جهل نبود بلکه از روى علم یقینی به نفس الامر بوده است و فرعون هر چند که به طور تفصیل بدان شاعر نبود ولى به طور اجمال بدان شاعر و آگاه بوده است.
از این جهت امر به قتل أبناء داد. پس أرواح أبناء جمع شدند و متحد گردیدند و در صورت موسویه ظاهر شدند تا حقوقشان را استیفا کنند و ربشان را اعانت نمایند و نبیشان را مدد، زیرا بر فطرت اصلیه و طهارت ازلیه بودند و کارى نکردهاند که بدان مستحق قتل باشند و چون متحد شدند و در صورت موسویه ظاهر گردیدند. جمیع استعدادات و کمالات مرتب بر استعدادات آنان از قبیل علم و اراده و قدرت و دیگر صفات مترتب بر استعداد خاص هر یک با ارواحشان ظاهر گردیده در هلاک فرعون و اتباع وى کمک موسى شدند.( شرح فصوص قیصرى، صص 445 و 446.) این بود کلام علامه قیصرى که نقل به ترجمه نمودهایم و میشود در آن جمله «و ما ثم جهل» مقدارى تنزل دهیم و به زبان ساده صورى بگوییم که فرعون جاهل به قتل أبناء نبود و آنان را از روى سهو و خطا نکشت بلکه از روى عمد و قصد کشت. لذا به ازاى فعلش جزا میبیند و آن جمله که شیخ فرمود: هر یک را بنا بر این که موسى است کشته است یکى از تأویلاتش این است که چون هر یک از این أبناء بر فطرت اصلیه و طهارت ذاتیه بودهاند (که اطفال حدیث العهد به ربشان هستند چنانکه شیخ در بعد نیز عنوان میکند) و حضرت موسى نیز در مقام طهارت فطرى انسانى است، میتوان گفت که هر یک از آن أبناء موسایند. کیف کان کلام قیصرى محققانه است و این گفتار سایهای است از آن.
و هذا اختصاص إلهیّ لموسى لم یکن لأحد قبله: فإن حکم موسى کثیرة و أنا إن شاء اللّه أسرد منها فی هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری. فکان هذا اول ما شوفهت به من هذا الباب.
این اجتماع أرواح براى امداد، اختصاص الهى براى موسى است و براى احدى از انبیاى قبل از موسى نبوده است، و این از جمله حکمى است که خداوند موسى را بدان مخصوص گردانید (حکمى که عنوان دارند به ظاهرشان حکمتند هر چند که در مبحث هر حکمت نیز حکمتهایى است). چه اینکه حکم موسى بسیار است. و ما ان شاء اللّه تعالى در این باب (یعنى در این فص موسوى) از آن حکم چند حکمت را بدان قدرى که امر الهى در خاطر من رسانده است در پى هم نقل میکنم.
اول چیزى که در مکاشفه حضرت محمدیه (ص) (که در دیباچه کتاب گفته است) از این باب یعنى باب فص موسوى به طور شفاهى مخاطب شدم اتحاد أرواح أبناء به قتل رسیده و عود آن أرواح در ماده موسویه بوده است (شیخ به اظهار آن چه مأمور بوده است امتثال نمود و مأمور، معذور است).
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۹۸۹-۹۹۳
حکمة قتل الأبناء من أجل موسى علیه السّلام لتعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل لأجله (من أجله- خ) لأنّه قتل على أنّه موسى. و ما ثمّ جهل، فلا بدّ أن تعود حیاته على موسى علیه السّلام- أعنى حیاة المقتول من أجله (لأجله- خ) و هى حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسیّة، بل هى على فطرة «بلى». فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو؛ فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول ممّا کان استعداد روحه له، کان فى موسى علیه السّلام.
در مقدمات سابقه به تقدیم رسید که وجود حقیقت واحده است که در وى تعدّد و تکثّر نیست و تعدّد او به حسب تعیّنات و تجلّیات است؛ و تعیّنات لاحقه مر وجود مطلق را بعضى کلّیّه معنویّه است چون تعینات جنسیّه و نوعیّه و صنفیّه، و ترتّب اسماى حسنى؛ و شمول بعضى مر بعضى را چون شمول اسم اللّه و رحمن مر سائر اسماء را هم به واسطه تعیّنات و نسب است.
و بعضى از تعیّنات جزئیّه است چون تعینات شخصیّه غیر متناهیه مندرجه در تحت اولى.
پس از نسب أولى به ثانیه حاصل مىشود اسماى غیر متناهیه در حضرات امّهات اسماى متناهیه، و تعیّنات اولیّه اقتضاء مىکند در عالم ارواح حقائق روحانیّه مجرده و طبایع کلّیّه را.
پس متعیّن به تعیّن اوّل «عقل اول» است که مسمّاست به «امّالکتاب» و «قلم اعلى» و «عین واحده» و «نور محمدى» کما ورد فى الحدیث
«أوّل ما خلق اللّه العقل
أوّل ما خلق اللّه نورى
اوّل ما خلق اللّه القلم»
و این یک حقیقت است که به حسب تعیّنات روحانیّه در مقام تفصیل ظاهر مىگردد به کسوت عقول سماویّه و ارواح علویّه و کروبیّین و ارواح کمّل از انبیاء و اولیاء. لاجرم «عقل اول» چون کلى طبیعى شامل جمیع این متعیّنات است و ممدّ و مقوّم ایشان، و مفیض نور و حیات بر ایشان.
بعد از آن او را در مراتب تعیّنات تنزّل است به سوى تعیّن «نفس کلّیّه» که مسمّات است به «لوح محفوظ» و نسبت این تعیّن به نفوس ناطقه مجرّده ظاهره در مظاهر جمیع اجرام سماویّه از افلاک و کواکبش، و به نفوس ناطقه انسیّه بعینها نسبت «عقل اول» است به انواع و اصناف که تحت اوست در عالمش؛ و این «نفس کلّیّه» نیز از مراتب تعیّنات اوست در تنزّل.
بعد از آن مراتب «نفوس منطبعه» است در اجرام که عالم او مسماست به «عالم مثال».
بعد از آن مراتب عناصر که آخر مراتب تنزّلات اوست، و همه این مذکورات، تعیّنات یک وجود حقّ است متجلّى در مراتب و متستر به صور تعیّنات خلقیّه و شئون ذاتیهاش، آرى بیت:
یک عین متّفق که جز او ذرهاى نبود چون گشت ظاهر این همه اغیار آمده
و ارواح متعیّنه به تعیّنات کلّیّه از مجردات عقلیّه و نفوس سماویّه و ارواح نبویّه مفیضات و ممداتاند هرآنچه را (مر آنچه را- خ) تحت اوست از ارواح متعیّنه به تعیّنات جزئیّه بشریّه و مقوّمات ایشانند چون تقویم حقائق نوعیّه مر اشخاص را. و مدبّرات حاکمه و سائسهاند چون سیاست انبیاء و سلاطین مر امم و رعایا را.
و ازین معنى منکشف مىشود سرّ قول او علیه السلام که گفت
«کنت نبیّا و آدم بین الماء و الطّین». و مفهوم مىگردد قول حقّ سبحانه و تعالى که إِنَّ إِبْراهِیمَ کانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِیفاً.
ارواح متعیّنه به تعیّنات جزئیّه و هیآت مزاجیّه شخصیه تحت قهر ارواح کلّیّه و سیاست و تصریف اوست به حسب ارادتش چون قواى جسمانیّه و نفسانیّه و روحانیّه بر اختلاف مراتبش به نسبت با ارواح ما که مدبر ابدان ماست، و چون خدم و اعوان و عبید به نسبت با مخادیم و سلاطین و موالى؛ بل چون امم به نسبت با انبیاء.
چون این مقدمه به تمهید پیوست مىگوئیم ارواح انبیاء علیهم السلام متعیّناتاند به تعیّنات کلّیّه در صف اول و ارواح امم بل اکثر ملائکه و ارواح و نفوس فلکیه چون قوى و اعوان و خداماند به نسبت با ایشان.
و ازین معنى شناخته مىشود سرّ سجده ملائکه مر آدم را، و سرّ طاعت اهل عالم علوى و جن و انس مر سلیمان و ذو القرنین را، و سرّ امداد ملائکه مر نبى ما را علیه السلام. قال اللّه تعالى أَ لَنْ یَکْفِیَکُمْ أَنْ یُمِدَّکُمْ رَبُّکُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِکَةِ مُنْزَلِینَ.
پس از روئى بنابراین مقدمه ابنائى که در زمان موسى علیه السلام قتل کرده شد ارواح ایشان تحت حیطه روح موسى بود علیه السلام؛ و در حکم امّت و اعوان او.
و چون حضرت خواست که اظهار کند آیات کلمه موسویّه و معجزات و حکم احکامش را و تقدیر کرد اسباب علویّه و سفلیّه را از اوضاع فلکیّه و حرکات سماویّه که مقدّرات مواد عالم و امتزاجات عنصریّهاند، و چون زمان ظهور قریب گشت متعیّن شد امزجه قابله مر این ارواح را پس متعلّق گشت به ابدانش. و علماى قبط و حکماى ایشان فرعون و قومش را اخبار کردند که درین زمان مولودى از بنى اسرائیل متولّد خواهد شد که هلاک فرعون و ذهاب ملکش بر دست او خواهد بود. پس فرعون امر کرد که هرکه درین زمان از ابناى بنى اسرائیل متولّد شود به قتل او قیام نمایند و صدور این حکم ازو به واسطه حذر بود از قضا و قدر؛ و نمىدانست که لا مردّ لقضاء اللّه و لا معقّب لحکمه.
و قتل این ابناء سبب اجتماع این ارواح گشت و واسطه انضمام او شد با روح موسى علیه السلام و رابطه اتحاد گشت در عالمش چون اتحاد قطرات امطار با بحر زخار، و انوار کواکب با نور شمس در نهار.
و این قتل بازداشتن بود از تفرّق و انبثاث ازو به تعلق بدنى و انغمار در عالم طبیعت. اما بعد از تهیّؤ ظهور کمالات مقدّره لاجرم روح موسى با ایشان قوّت یافت و مجتمع شد در او خواص ایشان و چون انضمام انوار سرج متعدّده با نور سراجى عظیم در انارت سراى وجود و معتضد گشت به قواى ایشان، و این همه فضل و اختصاص الهى بود در حقّ موسى و تأیید و امداد بود بدین ارواح چون امداد حقّ او را به ارواح سماویّه و قواى نیّرات ناظره به طالعش. پس چون تعلّق یافت روح موسوى به بدنش این ارواح با ارواح سماویه معاضدت نمودند در امداد حیات و قوّت و نصرت و به هرچه مهیّا بود ایشان را از کمالات.
چون این مقالات معلوم شد رجوع مىکنیم به مقصود و مىگوئیم:
حکمت در قتل ابناء بر دست فرعون آنست که ارواح ایشان عود به روح موسى کنند و امداد او کنند در غلبه کردن بر فرعون و قومش. پس هرک را موسى گفتند و کشتند روح او به سوى روح موسى بازگشت و به مدد او برخاست در هلاک فرعون تا مجازات و قصاص که وجود را ازو چاره نیست حاصل آید.
و چون فرعون ایشان را از براى آن مىکشت که موسىاند؛ و موسى نبودند و شخصى از براى دیگرى کشته نمىشود که وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى* و فاعل حقیقى علیم خبیر است و مجهول نیست او را آنچه در وجود جارى است و نمىکند مگر آنچه حکمت در فعل اوست.
پس قتل کردن ابناء در ماده فرعونیّه بنا بر آنکه موسىاند از براى علم او بود در ازل که این ارواح مجتمع خواهند شد با روح موسوى در هلاک فرعون، پس اینجا جهل نباشد و قتل از سر علم بود، و امر بر آن نهج بوده باشد که مىباید. و اگرچه حال فرعون را به تفصیل معلوم نبود اما به واسطه علم اجمالى امر به قتل ایشان کرد، لاجرم ارواح ایشان مجتمع شدند و متحد گشتند و بصورت موسویّه به ظهور آمدند از براى استیفاى حقوق و اعانت ربّ خویش. چه ایشان بر فطرت اصلیّه و طهارت ازلیّه بودند و عملى نکرده بودند که موجب قتل باشد. لاجرم چون متّحد شدند و به صورت موسویّه ظاهر گشتند با ایشان به ظهور آمد آنچه از براى ایشان آماده شده بود از استعدادات و کمالات.
و هذا اختصاص إلهىّ لموسى (بموسى- خ) لم یکن لأحد قبله.
و این اجتماع و اتحاد ارواح اختصاصى است الهى مر موسى را علیه السلام که هیچکس را از انبیاء پیش از موسى این تشریف حاصل نبود. و چون این حکمتى بود از حکمى که موسى را حقّ تعالى بدان اختصاص داده بود شیخ قدّس اللّه سرّه فرمود:
فإنّ حکم موسى کثیرة فأنا (و أنا- خ) إن شاء اللّه تعالى أسرد منها فى هذا الباب على قدر ما یقع به الأمر الإلهى فى خاطرى.
یعنى حکم موسى علیه السلام بسیار است و من درین باب ایراد خواهم کرد از آن حکم آن مقدار که امر الهى در دل من نزول کند از براى اظهار آن.
فکان (و کان- خ) هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب.
پس اوّل آنچه به طریق خطاب در مقام مکاشفه از حضرت محمدیّه درین فص موسویّه به من رسید این معنى بود که مذکور شد که آن اتّحاد ارواح ابناى مقتولین و عود ایشان است در ماده موسویّه. پس شیخ رضى اللّه عنه مأمور است به اظهار این معنى و مأمور معذور است.
بیت:
کى کنم هرگز بیان سرّى از آن تا نیاید امر صاحب مرکزان
من چو نایم بىلب نائى خود کى بنالم در بر هر نیک و بد
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۶۱
حکمة قتل الأبناء من أجل موسى لیعود إلیه بالإمداد حیاة کلّ من قتل من أجله، لأنّه قتل على أنّه موسى. و ما ثمّ جهل فلا بدّ أن تعود حیاته على موسى- أعنى حیاة المقتول من أجله- و هی حیاة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسیّة، بل هی على فطرة «بلى». فکان موسى مجموع حیاة من قتل على أنّه هو؛ فکلّ ما کان مهیّئا لذلک المقتول ممّا کان استعداد روحه له، کان فی موسى- علیه السّلام-. و هذا اختصاص إلهىّ بموسى لم یکن
لأحد من قبله:
فإنّ حکم موسى کثیرة و إنّا إن شاء اللّه أسرد منها فی هذا الباب علىقدر ما بلغ به الأمر الإلهیّ فی خاطرى. فکان هذا اوّل ما شوفهت به من هذا الباب،
شرح قال الشارح الأوّل: لمّا أراد اللّه إظهار آیاته فی الکلمة الموسویّة، سرى حکم هذه الإرادة فی النّفس الکلّیّة، و نزل الوحى الإلهیّ بذلک إذا ما تمّ العنصر، و توجّهت الأسماء الکلیّة الظّاهرة و الأرواح الطّاهرة إلى تحصیل مطالبهم. فتعیّنت بموجبها امزجة کثیرة بحسب حقایق ما فی الرّوح الموسویّة قبل تعیّن مزاجه الکامل. فقبلت تلک الأمزجة من الأنوار و الأرواح المنشئة من النّفوس الکلیّة الفلکیّة أنفسنا جزئیّة لأعلى وجه الأکمل لظهور الکمالات الموسویّة، و إظهار الآیات الّتی أراد اللّه أن یظهرها، فلمّا لم یکن وافیة فی مظهریّتها، أراد اللّه أن یبدّلها [ربّها] خیرا منها، فقبلت عن نفوسها- أعنى تلک الصّور و الأشخاص و الأمزجة الّتی قبلت تلک الأرواح الکاملة الاسرار الکمالیّة-، فلمّا تبادرت بالظّهور قبل تکامل النّور و بلوغ عین الزّمان و الوقت الّذی فیه التّجلّی الجامع لحقائق الحکم و الآیات و الکمالات، فقتلت علىاسمه، لما علم اللّه أنّ ظهورها فی مزاج واحد کلّىّ محیط بما کانت متفرّقة فیها، لیکون أجمع و أتمّ و أکمل