عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة العاشرة :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء.

فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)

 

قال رضی الله عنه :  ( فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه :قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ یَنْفَعَنا [ القصص : 12 ]. وکذلک وقع فإنّ اللّه نفعهما به علیه السّلام وإن کانا ما شعرا بأنّه هو النّبیّ الّذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله .

ولمّا عصمه اللّه من فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً[ القصص : 10 ] من الهمّ الّذی کان قد أصابها . )

 

قال رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت) آسیة (امرأة فرعون فیه) ، أی فی موسى علیه السلام أنه ، أی موسى علیه السلام ("قُرَّتُ عَیْنٍ") ، أی فرح دائم وسرور لازم ("لِی وَلَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ یَنْفَعَنا") [ القصص : 12 ] ، أی فی وقت الشدة وکذلک وقع فإن اللّه تعالى نفعهما به ، أی بموسى علیه السلام وحقق رجاءهما وطمعمهما فی ذلک ،

کما حقق اللّه تعالى رجاء عبد المطلب جد نبینا صلى اللّه علیه وسلم لما وضعته آمنة بعد موت أبیه عبد اللّه ، فسماه جده محمدا حتى قیل له : لم سمیت ابنک محمدا ولیس من أسماء آبائک ولا قومک ؟

فقال : رجوت أن یحمد فی السماء والأرض ، فکان الأمر کذلک ، ولو رجى أن ینتفع به لحقق اللّه تعالى رجاءه بالأولى .

 

قال رضی الله عنه :  (وإن کانا) ، أی فرعون وآسیة امرأته (ما شعرا )، أی علما (بأنه) ، أی موسى علیه السلام هو (النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک) ، أی سلطنة (فرعون) فی مصر ونواحیها (وهلاک آله) ، أی آل فرعون یعنی قومه وأتباعه کما قال تعالى :وَهُمْ لا یَشْعُرُونَ[ القصص : 9 ]

ولا یرد على القول بقبول إیمان فرعون وإسلامه کما ذکرنا ذکره تعالى لفرعون فی القرآن بالذم والتقبیح علیه فی صریح الآیات کقوله تعالى :وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى [ طه : 79 ]

وَدَمَّرْنا ما کانَ یَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما کانُوا یَعْرِشُونَ[ الأعراف : 137 ]

وما أشبه ذلک ، فإنه کان قبل توبته وإیمانه وإسلامه ، وأما قوله تعالى :وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآیاتِنا وَسُلْطانٍ مُبِینٍ ( 96 ) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِیدٍ [ هود : 96 - 97 ].

یَقْدُمُ قَوْمَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ( 98 ) وَأُتْبِعُوا فِی هذِهِ لَعْنَةً وَیَوْمَ الْقِیامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ( 99 ) [ هود : 98 - 99 ]

 

فلا یخفى أن قوله وما أمر فرعون برشید حکایة حاله قبل توبته ، وقوله : یقدم قومه یوم القیامة .

أی یتقدم علیهم ، لأنه کان فی الدنیا أمامهم فی الکفر ، وکان سبب کفرهم بمتابعتهم له فیقدمهم ، أی یتقدم علیهم فی یوم القیامة من حیث صورته وشخصه الذی کانوا یعبدون ، لأنهم کانوا یرونه إلها مع اللّه تعالى وهو فی نفسه عبد مخلوق مبرأ من وصف الألوهیة ، فالذی یقدمهم یوم القیامة بل یکون معهم فی النار صورته التی عبدوها کما قال تعالى :إِنَّکُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ[ الأنبیاء : 98 ]

 

وقال تعالى :وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ[ البقرة : 24 ] ، وهی الأصنام التی کانوا یعبدونها تکون معهم فی النار یعذبون بها لا هی تعذب معهم ، وکذلک عباد الملائکة وعباد عیسى ابن مریم والعزیر علیهم السلام یکون معهم فی النار عین ما عبدوا ، وهم إنما عبدوا الصور التی تخیلوها فی نفوسهم آلهة من الملائکة وعیسى والعزیر علیهم السلام لا أن الملائکة وعیسى وعزیرا علیه السلام یکون معهم فی النار ، وکذلک فرعون بمقتضى قولنا بقبول إیمانه .

 

ولهذا قال تعالى :"فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ" بصیغة الماضی یعنی فعل ذلک بهم فی الدنیا قبل توبته ولم یقل تعالى : فیوردهم بصیغة المضارع کما قال : یقدم قومه ، وإیرادهم النار کنایة عن إیقاعهم فیما یقتضی خلودهم فیها ، ویؤیده قوله تعالى :وَأُتْبِعُوا فِی هذِهِ لَعْنَةً[ هود : 99 ] ،

أی فی الدنیا ، ولئن کان أوردهم فی الآخرة ما ذکر أنه یرد معهم ،

وقال تعالى فی حق فرعون :وَاسْتَکْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَیْنا لا یُرْجَعُونَ ( 39 ) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِی الْیَمِّ فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِینَ ( 40 ) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَیَوْمَ الْقِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ ( 41 ) وَأَتْبَعْناهُمْ فِی هذِهِ الدُّنْیا لَعْنَةً وَیَوْمَ الْقِیامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِینَ( 42 )  [ القصص: 39- 42].

 

ولا یخفى علیک أن استکباره وظنه ونبذه فی الیم کان قبل توبته ، وباقی الآیة فی حق قومه خصوصا بعد قوله : وجعلناهم ، أی قوم فرعون ، أئمة یدعون إلى النار ، یعنی کانوا یدعون بعضهم بعضا إلى عبادة فرعون التی هی کفر ، فهی نار یوم القیامة .

 

وقال تعالى :فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَکالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى( 25 ) [ النازعات ] ، أی أخذه أخذا یقتضی النکال علیه والتقبیح فی الدنیا والآخرة ، وأصل النکال القید ، وهو إغراقه فی البحر هو وقومه ، فإنه عقاب واحد جمع اللّه تعالى علیه عقاب الدنیا والآخرة ، وآیة إیمانه وإسلامه السابق ، بیانها تقتضی أن ما وقع له من الغرق ما ذکر ههنا من نکال الآخرة والدنیا ، ولهذا قدم الآخرة على الدنیا لتقدم نکالها علیها ، وجمعه مع نکال الدنیا والآیات یفسر بعضها بعضا .

 

قال رضی الله عنه :  (ولما عصمه) ، أی موسى علیه السلام حفظه (اللّه) تعالى (من) شر عدوّه

(فرعون "وَأَصْبَحَ فُؤادُ")، أی قلب ("أُمِّ مُوسى فارِغاً") ، أی خالیا من الهم والحزن الذی کان (قد أصابها) خوفا على موسى علیه السلام من فرعون أن یقتله .

قال تعالى :وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ کادَتْ لَتُبْدِی بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَکُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ[ القصص : 10 ] ، أی کادت أن تخبر أنه ولدها من عدم خوفها علیه لما رأت من الحظوظ عند فرعون ، لکن اللّه تعالى ربط قلبها عن ذلک لئلا یفتنها فرعون بقتل ولدها فیفوتها الإیمان بالحق .

 

قال رضی الله عنه :  ( ثمّ إنّ اللّه حرّم علیه المراضع حتّى أقبل على ثدی أمّه فأرضعته لیکمّل اللّه لها سرورها به .  کذلک علم الشّرائع ، کما قال تعالى :لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً- أی طریقا -وَمِنْهاجاً[ المائدة : 5 ] . أی من تلک الطّریقة جاء . فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذی منه جاء .   فهو غذاؤه کما أنّ فرع الشّجرة لا یتغذّى إلّا من أصله . )

 

قال رضی الله عنه :  (ثم إن اللّه) تعالى (حرم علیه) ، أی موسى علیه السلام النساء (المراضع) ، فکان لا یقبل ثدی واحدة منهنّ (حتى) جیء له بأمه لترضعه ولم یعلم أحدا أنها أمه فقبلها أقبل (على ثدی أمّه فأرضعته) ، أی أمه (لیکمل اللّه) تعالى (لها) ، أی لأمه سرورها به ، أی بموسى علیه السلام .

کذلک ، أی مثل المراضع بالنسبة إلى المکلفین علم الشرائع ، فإنه یختلف باختلاف أحوال المکلفین کما قال تعالى  ("لِکُلّ") ٍأی لکل واحد ("جَعَلْنا مِنْکُمْ") [ المائدة : 48 ] یا معشر المکلفین ("شِرْعَةً") أی طریقا یسلکه بمقتضى أحواله علیه من دین الحق ("وَمِنْهاجاً") [ المائدة : 48 ] أی من تلک الشرعة والطریق جاء أی کل واحد منکم أی من تلک الطریقة جاء فهو متولد فهی أمه التی ترضعه ، أی تمده بمقتضاها ، وقد حرمت علیه المراضع غیرها فکان هذا القول فی معنى الآیة إشارة لا عبارة إلى الأصل الذی منه ، أی من ذلک الأصل جاء ، أی ذلک المکلف فهو ، أی ذلک الأصل غذاؤه ، أی غذاء ذلک المکلف کما أن فرع الشجرة جاء من أصلها فالفرع لا یتغذى ، أی یصل إلیه الغذاء أی المادة إلا من أصله .

 

شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء.

فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)

 

قوله رضی الله عنه  : ( فکان موسى کما قالت امرأة فرعون فیه ) أی فی حق موسى ( أنه قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ. . . عَسى أَنْ یَنْفَعَنا وکذلک وقع فإن اللّه نفعهما به علیه السلام ) أی بموسى ( وإن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک إله ) ولیس کل واحد منها دلیلا قطعیا على مقبولیة إیمان فرعون وصحته عند المصنف لورود المنع على کل منها لا مجموعها دلیلا عنده أیضا على صحة إیمانه لتعارض الإجماع .

 

أما الأول فلأن قوله وکانت منطقة بالنطق الإلهی أنه قرة عین لی ولک عسى أن ینفعنا احتمل أن یکون من قبیل قوله تعالى حکایة عن إبراهیم علیه السلام بَلْ فَعَلَهُ کَبِیرُهُمْ فکان هذا القول من الکاملة نجاة لموسى علیه السلام عن القتل عن ید فرعون سواء کان موسى قرة عین لفرعون بالایمان أم لا ،

فکان سببا لحیاة موسى فلا یلزم الکذب على تقدیر عدم صحة الایمان لصدور هذا الکلام عن حکمة وهی النجاة عن القتل فوقع کما قالت مع أنها لا تقول هذا القول إلا على مراد فرعون مما فی قلبه من تشوق الولد

فإن الصبیان قرة عین للأبوین فکان موسى قرة عین لفرعون فی زمان صباوته فصدقت فی قولها عسى أن ینفعنا من غیر احتیاج إلى صحة الایمان .

 

وأما الثانی فلأن قوله لأنه قبضه عند إیمانه نص فی وجود الایمان ولا یلزم منه الدلالة على صحة الایمان أی على منفعته لجواز ثبوت الایمان ولا منفعة لعدم وقوعه فی وقته إذ الایمان هو التصدیق بما جاء به من عند اللّه والمقبولة خارجة عن ماهیة التصدیق لازمة له بحسب الوقت کقوله یوملا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها.

 

وأما الثالث فلأن قوله وجعله آیة على عنایته سبحانه وتعالى بمن شاء ممنوع لکثرة الدلالة على عنایته سبحانه فی الاخبارات الإلهیة فلا احتیاج إلى الدلیل على عنایته بمن شاء إلى صحة إیمانه .

وأما الرابع فلأن قوله فلو کان فرعون ممن ییأس من رحمة اللّه ما بادر إلى الایمان

یحتمل أن یکون فرعون بادر إلى الایمان ولم یکن مأیوسا عن رحمة اللّه بل راجیا رحمته من اللّه وبادر إلى الایمان

وکان کافرا لعدم وقوع رجاء الرحمة کما آمن الناس کلهم عند طلوع الشمس مغربها وذلک الایمان لا یکون إلا عن رجاء

فإنهم لا ییأسون ویبادرون إلى الایمان لکنهم کافرون لعدم وقوع رجائهم وإیمانهم فی وقته فکان إیمان فرعون ضروریا خارجا عن الاختیار لانکشاف ما جاءت به الاخبارات الإلهیة من الوعد والوعید .

 

وأما الخامس فلأن قوله وقرینة الحال تعطى أنه ما کان على یقین بالانتقال لأنه عاین المؤمنین یمشون فی الطریق فإنه یجوز أن یکون إیمانه فی تلک الساعة للنجاة عن الهلاک وأسرّ فی نفسه بعدها دعوة الربوبیة فعلم اللّه منه ذلک فلم یقبل إیمانه

وسبب ذلک أن فرعون حیث رأى السحرة لما آمنوا نجوا عن الهلاک فزعم أن مجرد الإقرار باللسان سبب النجاة عن الهلاک ففعل فعلا لم ینفع له فی الدنیا والآخرة

فقد ظهر لک أن قوله فقبضه اللّه طاهرا مطهرا لا یثبت عنده إلا على تقدیر ثبوت الأدلة المذکورة فی إثباته

 

فلم یکن هذه الأدلة عنده نصوصا فی إیمانه کما لم تکن الأدلة الدالة على شقائه فی الآخرة عند أهل الظاهر نصوصا عنده لأن قوله تعالى :"آلْآنَ وَقَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَکُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ" [ یونس : 91 ] ، یحتمل أن یکون عتابا لفرعون لا رادّا للإیمان وکذا سائر الآیات الدالة على شقائه مثل هذه الآیة فلما لم ینص المصنف بآیة من القرآن الکریم وبحدیث النبی فی سعادته وشقاوته فی الآخر ذهب إلى التوقف فی حق فرعون فقال والأمر فیه إلى اللّه وأما حدیث ابن عباس أنه لما قال فرعون لا إله إلا اللّه أتاه جبرائیل فحاشى فاه التراب خشیة أن تدرکه الرحمة فنص فی منع الرحمة عقیب الایمان لا غیر

 

ولو کان له نص فی ذلک لوجب علیه الحکم بمقتضى النص فقال والأمر فیه إلى الایمان ، ولم یقل کذلک إشارة إلى ورود المنع المذکور ولم یترجح أحد الدلیلین على الآخر عنده فتوقف فمن عثر مراتب الأدلة لم یعسر علیه قبول مثل هذا الکلام

ولا تعرف أن التوقف فی مثل هذا المقام مثل هذا الکامل یخالف الإجماع

وإنما المخالف من ذهب إلى صحة إیمانه حاشا من العقلاء فضلا عن هذا الکامل فإن التوقف هو الوقوف مع النسبة الحکمیة وهو نوع من التقلیل إلى الجماعة ودخول فیهم فی الجملة لأنه الوقوف مع خلفهم لإخلافهم الذی هو صحة الایمان فلا یکون خارجا منقطعا عنهم ولئن سلم التوقف لیس مذهب الشیخ

 

وإنما مذهبه ما قاله فی الفتوحات المکیة فرعون ونمرود مؤبدان فی النار

والمراد فی هذا المقام إظهار الدلائل الموصلة إلى التوقف التی لم یتفطن علیها علماء الرسوم ولا یأتیها أحد غیره من أهل اللّه فلا یکون التوقف مذهبا للشیخ کیف ؟

وقد قال فی هذا الکتاب وفی بعض کتبه لا بد لأهل الکشف أن یتبع إماما من الأئمة الأربعة فی الاعتقادات الدینیة والعملیات الشرعیة ولا شک أن شقاء فرعون من الاعتقادات الدینیة وإلا لما کفر من قال بإیمانه ولا دلالة فی عبارات الکتاب على صحة إیمانه

بل عبارته کلها تدل على جواز صحته بالنظر إلى ظاهر القرآن من غیر نظر إلى الإجماع لتوقفه فی آخر المسألة فیما ذکرناه حصل التوفیق بینه وبین أهل الشرع عند أهل الانصاف

فظهر لک أن ما یقوله الناس فی هذه المسألة فی حق الشیخ افتراء منهم علیه

ولعل غلط العامة ینشأ من کلام الشارحین الذی لم یصلوا بروحانیة الشیخ وبینوا کلامه على خلاف مراده لعدم مناسباتهم بالمجردات وموضع غلطهم قوله فی حق فرعون فقبضه اللّه طاهرا مطهرا .

 

قال داود  القیصری فی شرح هذا الکلام:

لما کان إیمان فرعون فی البحر حیث رأى طریقا واضحا عبر علیها بنو إسرائیل قبل التغرغر وقبل ظهور أحکام الآخرة له مما یشاهده الناس عند الغرغرة جعل إیمانه صحیحا معتدّا به فإنه إیمان بالغیب.أهـ  تم کلامه

 

ولیس بصحیح لأنه لو جعل إیمانه صحیحا معتدّا به لم یتوقف فی آخر کلامه أصلا فقد توقف وجعل الإجماع دلیلا على توقفه

فقال هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن ولم یقل نص ثم نقول بعد ذلک والأمر فیه إلى اللّه لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه

فتبین آخر الکلام ما هو المراد من قوله فقبضه اللّه طاهرا مطهرا وهو الجواز لا الصحة أی فجاز أن یقبضه اللّه ظاهرا مطهرا

وقد ثبت فی علم الأصول أن الکلام یتوقف على آخره إن کان آخره مغیرا بمنزلة الشرط والاستثناء .

 

والشیخ قد حرر کلامه فی مسألة فرعون على هذه القاعدة وإن کان منفصلا فی الظاهر لکنه متصل فی المعنى

لأن الکلام فی مسألة واحدة وهی مسألة فرعون مع أنه جاز عند البعض منفصلا فالحکم والاعتبار للآخر دون الأول .

 

فکل ما ذکر من الأدلة فی حق إیمان فرعون مجمل یحتمل البیان ، فقوله :

ثم إنا نقول بعد ذلک والأمر فیه إلى اللّه بیان المجمل وهو بیان تفسیر فیصح موصولا ومفصولا

وما علم هذا الشارح مراد النص ، فغلط ومن غلطه غلط بعض الناس حتى أکثر الصوفیة فی زماننا فشاع هذا المعنى فیما بینهم فاشتهر فزعموا أن الشیخ قد ذهب إلى أن فرعون من أهل الإسلام وهو بریء من زعمهم هذا .

 

والمقصود أن اللّه قد تجلى لأهل اللّه برحمته فانکشف لهم جواز الرحمة فی حق فرعون من وجوه الآیات وإشاراتها التی لا تنکشف للعلماء وسیتم الکلام فی المسألة فی آخر الفص إن شاء اللّه .

فإن قیل فما الحکمة فی انکشاف هذا المعنى فی حق فرعون من الآیات لأهل اللّه وعدم انکشافه لأهل الظاهر

قلنا : أما عدم الانکشاف فلأنه لما کان رجاء العوام غالبا على خوفهم لبعضهم عن الحق باحتجابهم بالصفات النفسانیة ،

وکان العلماء رئیسهم ومقتداهم جعل اللّه فی قلوبهم غیرة وجرأة حتى اجتمعوا وحکموا بحسب ورود ظاهر القرآن على شقائه فی الآخرة ، فلم ینکشف لهم هذا المعنى اللطیف من الآیات لیظهر هذه الحکمة المقصودة ظهورها .

فلو کشف اللّه لهم ما کشف لأهل الفناء لم یظهر منهم هذا الحکم بل یظاهرون جواز الرحمة فیهلک الناس من الجهلاء بتخفیف الشرع المطهر فإنهم إذا سمعوا من علمائهم الذین هم رئیسهم جواز رحمة اللّه بمثل هذا الکافر المدعی الربوبیة کانوا مغرورین بکرمه ولطفه وسعة رحمته ،

 

فزال عن قلوبهم خوف عظمة اللّه وکبریائه وقهاریته فاجترءوا على اللّه وارتکبوا المنهیات فهلکوا فی بحار العصیان کهلاک فرعون وقومه .

وأما الانکشاف فلأنه لما کان خوف هذه الطائفة غالبا على رجائهم لأنهم أهل فناء وأهل قرب وکان حالهم أن یروا أنفسهم أحقر الأشیاء وإذ لها عند اللّه حتى یشاهدون عند غلبة الفناء أن الکفار أعز وأکرم منهم عند اللّه فلو لم یطلعهم اللّه بإشارات القرآن الکریم فی حق فرعون لمالوا عن الاعتدال

وهو بین الخوف والرجاء وخرجوا عن دائرة العقل بسبب ازدیاد خوفهم ویبقوا حیارى ساقطین عن العمل أو تصدعت قلوبهم من خشیة اللّه لشهود استحقاقهم بعذاب اللّه

فأظهر اللّه لهم شمول رحمته بأخبث الأشیاء وهو المدعی الربوبیة تسلیة لهم وحفطا عن مثل هذه المهالک

فکانت هذه الدلائل الرحمانیة آیة لأهل الفناء حتى لا ییأس أحد منهم من رحمة اللّه فهم بتلک الدلائل یَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ . وبالدلائل القهاریة یخافون عذاب اللّه .

فهم بین الخوف والرجاء بالآیات الواردة فی حق فرعون فإنهم إذا نظروا إلى الإجماع خافوا عقاب اللّه وإذا نظروا إلى إشارات الآیات یَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ

فهم صاحب الدلیلین لأنهم جامعون بین الشریعة والحقیقة وتلک الدلائل القهاریة والانتقامیة وهی الإجماع .

 

وظاهر القرآن آیة لأهل الوجود حتى لا یجترئ أحد منهم على المعاصی فهم بذلک یخافون عذاب اللّه فقط حیث قهره اللّه ومن تابعه فی الدنیا بالهلاک وفی الآخرة بالعذاب الأبدی ولا رجاء لهم فی حق فرعون لعدم اطلاعهم بالحقائق القرآنیة .

 

فهم صاحب دلیل واحد وأما حکمة ظهور هذه المعانی من لسانهم فهی ابتلاء من اللّه للراسخین فی العلم من علماء الظاهر .

حتى علموا أن للَّه عبادا لم یصلوا درجتهم فی رتب العلم ویلقوا أنفسهم فی مدرجة العجز ویضمحل علمهم فی علم ذلک العبد .

 

فمثل هذا الکلام من کراماتهم القولیة وتشابهاتهم یصدر منهم بأمر اللّه تعالى ومن لم یعلم محکمات أقوالهم أو لم یردّها إلى المحکمات فقد أخطأ باتباعه بالمشابهات فضل وأضل وأنکر وظن السوء لخفاء سببها علیه .

 

فبعد صدور مثل هذا الکلام منهم وقع الخلاف بین الناس فمنهم من علم مرادهم من کلامهم وعلم مرتبتهم فی العلم لسلامة عقلهم وقوة مناسبتهم الروحانیة بینهما .

ومنهم من فوّض أمرهم إلى اللّه تعظیما لهذه الطائفة واتصافا من أنفسهم .

ومنهم من أنکر لعدم المناسبة والکل مصیب ومأجور إلا من اتبع المتشابهات وعمل بها فإنه ضال مضل أعوذ باللّه من الاتباع بالمشابهات والعمل بها واللّه أعلم بحقیقة الحال .

 

ثم رجع إلى أحوال موسى علیه السلام فقال:

قال رضی الله عنه :  ( ولما عصمه اللّه من فرعون أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الهم الذی کان قد أصابها ثم إن اللّه حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل اللّه لها سرورها ) أی سرور أمه ( به ) أی بالإرضاع أو بموسى ( کذلک علم الشرائع ) من التعلم .

أی کما أن اللّه حرم على موسى المراضع وعلم ثدی أمه من عنده کذلک علم الشرائع لموسى من لدنه وحرم علیه اتباع شریعة غیره .

 

أو من العلم أی نسبة علم الشرائع مع صاحبها کنسبة موسى مع لبن أمه.

أو معناه کما أن اللّه حرم على موسى المراضع وعلمه طریق لبنه کذلک علم لکل نبی شریعة أی طریقة علمه الذی جاء منها وحرّم على ذلک النبی شریعة غیره کما حرم على موسى ثدی غیر أمه.

 

قال رضی الله عنه :  ( کما قال : لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً و منهاجا أی طریقا ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء) کل واحد منکم وغذاؤکم الروحانی والجسمانی من طریقتکم الخاصة التی هی الأصل ، کما أن موسى وغذاؤه جاء عن أصله وهی أمه.

 

قال رضی الله عنه :  ( فهو ) أی الأصل ( غذاؤه ) أی غذاء الذی جاء منه ( کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله).


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ:

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء.

فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)

 

قال رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».  وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها. ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به. کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا. ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء. فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)

 

کلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث کمل العلم الإلهی، فإن بهما حصل الکمال

ثم ذکر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء.

فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)


قال رضی الله عنه :  ( فکان موسى علیه السّلام کما قالت امرأة فرعون عنه:  إنّه : " قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ " ، "لا تَقْتُلُوه ُ عَسى أَنْ یَنْفَعَنا "  وکذلک وقع ، فإنّ الله نفعهما به علیه السّلام إذا کانا ما شعرا بأنّه هو النبیّ الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله.)

قال العبد : قد تقرّر فی نفوس العامّة من المسلمین وغیرهم من الیهود والنصارى أنّ فرعون کافر وأنّه من أهل النار بما ثبت عنه قبل الغرق من المعاداة لنبیّ الله ولنبی إسرائیل وبما قال :   ( أَنَا رَبُّکُمُ الأَعْلى )  

وبقوله :   ( ما عَلِمْتُ لَکُمْ من إِله ٍ غَیْرِی )   وبأفعاله السیّئة إذ ذاک ، ولکنّ القرآن أصدق شاهد بإیمانه عند الغرق قبل أن یغرغر ، بل حال تمکَّنه من النطق بالإیمان وعلمه بأنّ النجاة حصر فی ذلک ،

فقال : آمنت بالَّذى   ( آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِیلَ وَأَنَا من الْمُسْلِمِینَ )   وهذا إخبار صحیح لا یدخله النسخ ، ولکنّ فیه دلیلا أیضا أنّه لم یکن مؤمنا قبل هذا الإیمان ، کما زعم أهل الأخبار أنّه کان مؤمنا فی الباطن ، وأنّه کان یکتم إیمانه عن قومه سیاسة حکمیة ، إذ لا دلیل على ذلک من القرآن ولا فیما صحّ من الحدیث ، فلم یکن إیمانه إلَّا عند الغرق بالاستدلال على وجود الله وکمال قدرته بما رأى أنّه أنجى بنی إسرائیل الذین آمنوا به من الغرق ، فآمن به ، إمّا طلبا للنجاة أو إیمانا لا لعلَّة .

 

قال رضی الله عنه  : ( ولمّا عصمه الله من فرعون " أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً "  من الهمّ الذی کان قد أصابها ) .

قال العبد : أمّ موسى صورة المزاج القابل للروح الإنسانی من طبیعته الخاصّة والاعتدال الخصیص المنتج لهذه النتیجة الشریفة الروحیة ، فإنّ الروح الإنسانی وإن کان عندنا موجودا قبل وجود البدن ، ولکن تعیّن هذا الروح المعیّن مثلا متوقّف على المزاج ، وکان موجودا بصورته الروحانیة الخصیصة به الموجود هو فیها وبها قبل تعلَّقها بالبدن وجودا روحانیا عقلیا نورانیا لا نقلیا جسمانیا ، فالحادث بوجود هذه الأمّ الشریفة إنّما هو هذا التعیّن الشخصیّ لا الروح فی حقیقته الجوهریة ، فافهم .

 

قال رضی الله عنه  : ( ثم إنّ الله حرّم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمّه فأرضعته  لیکمل الله لها سرورها به ، کذلک علم الشرائع ، کما قال : « لکلّ جعلنا منکم شرعة ومنهاجا أی طریقا ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء ، فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء ، فهذا غذاؤه کما أنّ فرع الشجرة لا یتغذّى إلَّا من أصلها)

 

یشیر رضی الله عنه  إلى أنّ اللبن الذی یرضعه کل مولود وإن کان فی الصورة عینا واحدة هو اللبن ، ولکن لبن شخص دون شخص ما هو عین ذلک اللبن ،

وکذلک الشریعة التی جعلها الله لنبیّ وجبله علیها هی التی یأخذها ذلک النبیّ دون غیرها ، فإنّ الشرائع وإن کانت کلَّها منزلة من عند الله ولله ، ولکن لکل أحد شرعة منها شرع فی طلب الحق والتوجّه إلیه ، ومنها جاء فی الأصل .

وأمّا تنزیل تحریم المراضع على حقیقتها فی الروح الإنسانی من البدن ، فهو أنّ لکل نفس نفس مزاجا خاصّا یناسبها ، لا یلیق إلَّا لها فی ثانی حصول کمالاتها لها فی هذا المزاج الخاصّ ، فیکون محرّما على الأرواح الزاکیة الکاملة الطاهرة أن یتغذى بالقوّة المخالفة للقوى الروحیة وهی الهوى والشیطان والنفس ، وصور هذه القوى هی التی حرّمت على موسى مراضعها من نساء أهل فرعون ، فافهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء.

فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)

 

قال رضی الله عنه :  ( فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه إنه " قُرَّتُ عَیْنٍ لِی ولَکَ لا تَقْتُلُوه عَسى أَنْ یَنْفَعَنا " ،  وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام ، وإن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله )

 

على تأویل التابوت بالبدن الإنسانى وموسى بالروح یؤول فرعون بالنفس الأمارة والشجر بالقوة الفکریة ، فمن أراد التطبیق فلیرجع إلى تأویلات القرآن التی کتبناها فلیس هذا موضع ذکره ، وأما الإیمان الذی بادر إلیه فرعون قبل موته إذ أدرکه الغرق وکونه منتفعا به مقبولا ، فهو مما أنکره بعضهم على الشیخ قدس سره ولیس بذلک لأن القیاس أثبت صحته کما ذکر ، فإن النص دل على ما أفصح عنه قبل أن یتغرغر حیث قال :" آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِیلَ وأَنَا من الْمُسْلِمِینَ " .

ولیس بمناف لکتاب الله کما زعم هذا المنکر ، فإن کونه طاهرا مطهرا من الخبث الاعتقادی کالشرک ودعوى الألوهیة لا ینافی الإنکار فی قوله :" آلآنَ وقَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وکُنْتَ من الْمُفْسِدِینَ "

 یعنى الآن مؤمن لأنه متوجه إلى کونه سببا للنجاة من الغرق ، ولهذا جعل الموجب له العصیان السابق والإفساد ، ولا ینافی أیضا تعذیبه فی الآخرة بسبب الظلم وارتکاب الکبائر ، فإن الذنوب التی یجبها الإسلام هی التی بین العبد والرب ،

فأما المظالم التی تتعلق برقبته من جهة الخلق فلا ، ولهذا أخبر عن وعیده فی الکتاب على الإضلال بقوله : " یَقْدُمُ قَوْمَه یَوْمَ الْقِیامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وأُتْبِعُوا فی هذِه لَعْنَةً ویَوْمَ الْقِیامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ".

 

وبقوله : " وأَتْبَعْناهُمْ فی هذِه الدُّنْیا لَعْنَةً ویَوْمَ الْقِیامَةِ هُمْ من الْمَقْبُوحِینَ " فإن مثل هذه الوعید والتعذیب ثابت للفساق من المؤمنین مع صحة إیمانهم ، وأما نفع إیمانه وفائدته فهو فی انتفاء خلوده فی النار وخلاصه من العذاب فی العاقبة ، فإن المؤمن لا یخلد فی النار لا أنه لا یدخل النار ، وأما قوله :" وحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وعَشِیًّا ویَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ". وأمثاله فهو مخصوص بالآل وهم کفار.

 

قال رضی الله عنه :  ( ولما عصمه الله من فرعون أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الهم الذی کان قد أصابها تم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به کذلک علم الشرائع ) .

أی مثل تحریم المراضع علیه إلا لبن أمه علم الشرائع ، فإن لکل نبی شریعة مخصوصة دون شرائع سائر الأنبیاء ، فحرم علیه جمیع شرائع الأنبیاء إلا شریعته ، فتحریم المراضع علیه صورة ذلک المعنى وآیة أنه النبی الموعود .

 

قال رضی الله عنه :  ( کما قال :" لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً " أی طریقا " ومِنْهاجاً " أی من تلک الطریقة جاء فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء فهو غذاؤه )

هذا القول إشارة إلى الآیة المذکورة والأصل

 

"" إضافة بالی زاده :

موسى بن عمران بن قاهاث بن لاوى بن یعقوب أوحى الله إلى موسى إن توفى هارون فأت به إلى جبل کذا فانطلقا ، فإذا هما بسریر فناما علیه وأخذ هارون الموت ورفع إلى السماء ، وکان أکبر من موسى بثلاث سنین توفى وعمره مائة وثنتان وعشرون سنة وشهر واحد ،

واتهم بنو إسرائیل موسى بقتل أخیه هارون حین رجع إلیهم وحده ، فأنزل الله السریر وعلیه هارون وقال إنی مت ولم یقتلنی أخی ،

ثم توفى موسى بعده بأحد عشر شهرا وعمره مائة وعشرون سنة ( إلى الأصل الذی منه جاء ) أی کل واحد منکم وغذاؤکم الروحانی والجسمانی من طریقتکم الخاصة التی هی الأصل کما أن موسى وغذاءه جاء عن أصله وهی أمه .أهـ بالى زادة  ""

 

الذی منه جاء هو الاسم الإلهی الذی رباه الله به موسى ، وذلک تجلیه تعالى بذاته فی صورة عینه الثابتة وغذاؤه علم ذلک العین ونقشه ،

وذلک خزانة الاسم العلم الإلهی المختص بموسى وعینه من التعینات الکلیة الشاملة لتعینات جزئیة کثیرة مندرجة تحتها کما مر ، فهو یتغذى من ذلک الأصل .

 

قال رضی الله عنه :  ( کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله )

یعنى أن الأمر الذی کان حراما فی شرع یکون حلالا فی شرع آخر ، وإن کان عینا واحدة فی الصور النوعیة والحقیقة ، لکن الذی هو حلال فی شرع لیس بعینه ذلک الحرام الذی مضى فی الشرع السابق بناء على أن کل شیء فی کل آن خلق جدید ، ولا تکرار فی التجلی کما ذکر غیر مرة .

 

مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء.

فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)

 

قال رضی الله عنه :  (فکان موسى ، علیه السلام ، کما قالت امرأة فرعون فیه : " إنه قرة عین لی ولک عسى أن ینفعنا " . وکذلک وقع : فإن الله نفعهما به ، علیه السلام ، وإن کانا ) أی ، فرعون وامرأته .

قال رضی الله عنه :  ( ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله . ولما عصمه الله من فرعون : " أصبح فؤاد أم موسى فارغا ". من الهم الذی کان قد أصابها . ) ظاهر .

 

قال رضی الله عنه :  (ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته، لیکمل الله لها سرورها به.) أی ، من جملة الاختصاصات والنعم التی کان فی حق موسى وأمه أن الله حرم علیه المراضع حتى لا یقبل إلا ثدی أمه ، فإن الطفل لا یوافقه شئ مثل لبن أمه 

فجعل رضاعته وربوبیته على ید أمه لیکمل الله لها سرورها بولدها .

 

قال رضی الله عنه :  ( کذلک علم الشرائع ، کما قال تعالى : "لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا ". أی ، طریقا ومنهاجا من تلک الطریقة جاء . فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء . ) ولما کان اللبن صورة العلم - کما أوله رسول الله ، صلى الله علیه وسلم ، فی رؤیاه به - مثل وشبه تعلیم الشرائع بتحریم المراضع .

أی ، کما حرم أن لا یشرب موسى لبن أحد غیر أمه التی هی أصله ، کذلک علم الشرائع من لدنه ، وجعله نبیا صاحب شریعة غیر متابع لشریعة غیره ، فکان یأخذ الشریعة والعلم من الله منبع العلوم ومحتد الشرائع ، وکان یکلمه کفاحا ، أی ، من غیر حجاب .

 

ثم ، استدل بقوله : ( لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا ) . وفسر (الشرعة) بالطریق ، و (المنهاج) أیضا هو الطریق . لکن لما یوقف علیه ، یصیر منهاجا ،

فشبهه بالکلمتین : إحدیهما : ( منها ) ، والآخر : ( جاء ) .

فأخذ علیهما وفسر بقوله : أی من تلک الطریقة جاء . فصار قوله منهاجا إشارة إلى الأصل الذی منه جاء ونزل إلى هذا العالم ، ولیس إلا الحق ، فإنه منه بدأ کل شئ وإلیه یعود ، فهو المبدأ والمعاد .

 

قال الشیخ رضی الله عنه :  ( فهو غذاؤه ، کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله . ) أی ، فالأصل الذی منه جاء موسى وحصل فی هذه النشأة العنصریة هو غذاؤه ، لا یتغذى إلا منه .

أی ، لا یستفیض المعانی وما به قوامه ولا یجد المدد إلا من أصله ، کما أن فرع الشجرة لا یتغذى ولا یجد المدد إلا من أصله .

ولما جعل الأصل غذاءا للفرع ، والغذاء قد یکون حلالا وقد یکون حراما ، نقل الکلام إلیهما


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء. فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)


 

قال رضی الله عنه :  ( فکان موسى علیه السّلام کما قالت امرأة فرعون فیه :قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ یَنْفَعَنا [ القصص : 12 ] ، وکذلک وقع ؛ فإنّ اللّه نفعهما به علیه السّلام ، وإن کانا ما شعرا بأنّه هو النّبیّ الّذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله ، ولمّا عصمه اللّه من فرعونوَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [ القصص : 10 ] من الهمّ الّذی کان قد أصابها ، ثمّ إنّ اللّه حرّم علیه المراضع حتّى أقبل على ثدی أمّه فأرضعته لیکمّل اللّه لها سرورها به ) .


قال رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السّلام کما قالت امرأة فرعون : فیه" قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ") [ القصص :9 ]

، (عَسى أَنْ یَنْفَعَنا) [ القصص : 9 ] ، ویظل زعم من قال : إنه لم ینفعه ؛ لأنه رد قولها علیها ، وقال : لک لا لی ؛ لأنه ( کذلک وقع ) ، وکذا بطل قول من قال : إن کمالها کان عند إیمانها ، وکان إیمانها عند غلبة موسى السحرة ،


فنقول : إنها إنما أظهرت الإیمان عند ذلک ، وکانت مؤمنة قبله ؛ لکونها من بنی إسرائیل من أولاد الأنبیاء ، لکن أخفت الإیمان علیهم لما غلب علیها الحال فأظهرت ، ثم إن رد الناقص قول الکامل لا یبطله بالکلیة ، فیکفی أن یبطل النفع الدنیوی عنه .

ثم استشعر سؤالا بأنها لو قالت عن اطلاع لاطلعت على نبوته ، وعلمت أنه النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون ؟


فأجاب : إن المنطق من النطق الإلهی لا یلزم أن یشعر بما ینطق به فضلا عما لا ینطق ؛

فقال رضی الله عنه  : ( وإن کانا ما شعرا بأنّه هو النّبیّ الّذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله ) ، ومن اطلع على أمر غیبی لا یلزم أن یطلع على جمیع الأمور الغیبیة ؛ فإنه لا یظهر على غیبه الکلی أحد إلا من ارتضى من رسول ،

هذا ما جعله الشیخ رحمه اللّه فی هذا الکتاب مقتضى الظاهر من صدور هذا الإیمان منه ، مع عدم ما یدل على منع القبول ،ولم یجزم بذلک بل صرّح بأن أمره موکول إلى اللّه .


وقد مثّل به فی « الفتوحات » المتکبر على اللّه من جملة المجرمین المخلدین فی النار ، فقال فی الباب الثانی والستین فی مراتب أهل النار : وهؤلاء المجرمون أربع طوائف کلها فی النار لا یخرجون منها ، وهم المتکبرون على اللّه کفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبیة لنفسه ، ونفاها عن اللّه ،


فقال :یا أَیُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرِی[ القصص : 38 ] ، وقال :أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى[ النازعات : 24 ] یرید أنه ما فی السماء إله غیری ، وکذلک نمرود وغیره ، والطائفة الثانیة المشرکون ، وهم الّذین یَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ[ الحجر : 96 ] ،


فقالوا :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِیُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ الزمر : 3 ] ، وقالوا :أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَیْءٌ عُجابٌ[ ص : 5 ] ، والطائفة الثالثة المعطلة ، وهم الذین یقولون الأشیاء جملة واحدة ، فلم یثبتوا إلها للعالم ، ولا من العالم ، والطائفة الرابعة هم المنافقون ، وهم الذین أظهروا الإسلام من إحدى هؤلاء الطوائف الثلاث للقهر الذی حکم علیهم ، فخافوا على ذمامهم ، وذراریهم ، وأموالهم ، وهم فی نفوسهم على ما هم علیه من اعتقاد هؤلاء الطوائف الثلاث ، انتهى


ووجه التوفیق بین کلامیه من وجوه :

الأول : أن کلام الفتوحات على تقدیر عدم إتیانه بالإیمان الذی أتى به عند الغرق .

الثانی : أنه على تقدیر عدم قبول ذلک الإیمان على مذهب الجمهور .

والمثال الغرضی کان الثالث أن مذهب الشیخ هو مذهب الجمهور ،

لکنه مهما طالب الدلیل على عدم قبوله کما یشعر به کلامه فی آخر هذا النص ، وإنما أورد ذلک ؛ لیشعر أن النصوص لا دلالة لها على عدم قبول إیمانه ، ولا على خلوده فی النار ، ولا على أن مؤاخذته الأخرویة على الکفر ،

بل إما أن یدل على کفره وطغیانه قبل هذا الإیمان ، أو على مؤاخذته الدنیویة على ذلک الکفر ، وهو لا یستلزم المؤاخذة الأخرویة إذا حصل الإیمان قبل مشاهدة أحوال الآخرة ومکاشفة عالم الملکوت ، والاعتقاد الواجب هاهنا موافقة الجمهور للمقلد سیما والشیخ غیر جازم ، وکذا للمجتهد والمکاشف أو لم یثبت الإجماع .


فقد رأیت فی بعض الرسائل ینقل الخلاف عن بعض المفسرین ، وعن « شعب الإیمان » للبیهقی ، وعن جماعة من العلماء ، فحینئذ یجوز للمجتهد أن یقول بقول إیمانه إذا أدى اجتهاده إلى ذلک ، وکذا لمن کوشف ،

ولکن الأولى فی حقّه تفویض الأمر إلى اللّه ؛ لأنه قد کوشف غیره بخلافه ، وعلى تقدیر الإجماع لا یصح الاعتماد على الکشف ، کما لا یجوز على الاجتهاد ؛ لأن الإجماع دلیل قطعی لا ابتلاء فیه ، والمکاشف قد یکافأ على خلاف الدلیل الشرعی ابتلاء ، ولا یجوز له العمل بذلک

کما قاله الشیخ رحمه اللّه فی مواقع النجوم ،

والاعتقاد أشد من العمل ؛ لأن العمل یجوز بالدلیل الظنی ، ولا یجوز الاعتقاد به ، وهاهنا أبحاث طویلة عریضة عمیقة یأتی ذکرها فی آخر هذا النص إن شاء اللّه تعالى .

ولما فرغ عن بحث کونه قرة عین لامرأة فرعون ولفرعون أیضا ، شرع فی بیان کونه قرة عین لأمه ،


فقال رضی الله عنه  : ( ولما عصمه اللّه من ) قتل ( فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاًمن الهم الذی قد کان أصابها ) من توهم غرق التابوت ، أو خروجه عن حد مصر ، ومن توهم قتل فرعون الذی کانت تهرب منه ، ولا ینافی هذا التأویل قوله من بعده " إِنْ کادَتْ لَتُبْدِی بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها" [ القصص : 10 ] ؛ لأن ذلک کان قبل التقاط فرعون أو استیفائه عن قول امرأته ، وهذا بعد العصمة عن قتله ، وذلک أن الشیطان أنساها الوحی الذی أوحى اللّه إلیها حین أمرها أن تلقیه فی الیم :"وَلا تَخافِی وَلا تَحْزَنِی" [ القصص : 7 ] ، والعهد الذی عهد أن یرده إلیها ، ویجعله من المرسلین ، فجاءها الشیطان ،

وقال : کرهت أن یقتل فرعون ولدک ، فیکون لک أجره وثوابه ، وتولیت أنت قتله فألقیته فی البحر وأغرقتیه .


ولما أتاها الخبر بأن فرعون أصابه فی النیل ، قالت : إنه وقع فی ید عدوه الذی فررت منه ، فأنساها عظیم البلاء ما کان من عهد اللّه إلیها ، ثم إنه کان لها غم الفراق ، فأشار إلى إزالته بقوله رضی الله عنه  : ( ثم إن اللّه حرم علیه المراضع ) فلم یقبل على ثدی مرضعة ( حتى ) جیء بأمه ، فلما رآها ( أقبل على ثدی أمه ، فأرضعته ) ، فعینها اللّه لرضاعته ؛ ( لیکمل اللّه لها سرورها ) بعد ما حصل لها السرور من زوال ما أصابها من الهم ( به ) ، أی : بهذا الإرضاع الموجب لرده إلیها بحسب الوعد الإلهی .


قال رضی الله عنه :  ( کذلک علم الشّرائع ، کما قال تعالى : "لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً" أی : طریقا وَمِنْهاجاً [ المائدة : 5 ] ، أی : من تلک الطّریقة جاء ، فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذی منه جاء ، فهو غذاؤه کما أنّ فرع الشّجرة لا یتغذّى إلّا من أصله ).


ثم أشار إلى أن تغذی القلب والروح بالشرع ، کتغذی البدن بالرضاع فی الإحیاء والتنمیة والتقویة ؛ فقال رضی الله عنه  : ( کذلک ) ، أی : مثل الرضاع ( علم الشرائع ) ، فتحریمها من غیر أمه إشارة إلى تحریم غیر الشریعة المخصوصة بکل طائفة علیها ، ( کما قال تعالى :لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً ،) وأشار بطریق الإشارة إلى سبب هذا الاختصاص بقوله : (وَمِنْهاجاً ) [ المائدة : 5 ] ، فإنه وإن کان معناه بطریق العبارة الطریق الواضح ،


فهو إشارة إلى ما ذکرنا أیضا ، ( أی : من تلک الطریقة جاء ) کأنه مرکب من جاء بخلاف الهمزة بالتخفیف ومن منها ، والضمیر إلى الشریعة ، ( فکان هذا القول ) باعتبار مشابهته یاء لفظا ( إشارة إلى ) أن اختصاص کل طائفة بشرعة ؛ لأنها ( الأصل الذی منه جاء ) کل فرد من تلک الطائفة ؛ لکونه فی استعداد عینه الثابتة ، وهو الاستعداد منه ، فجیء کل شخص فی الخارج فی أصل الوجود ، وفی تحصیل الصفات الکمالیة التی من جملتها التعبد بالشریعة المخصوصة .


قال رضی الله عنه :  ( فهو ) أی : التعبد بتلک الشرعة ( غذاؤه ) سیما من جهة کونه من أصله ؛ فإنه أتم المغذیات فی المتغذی الأول وهو النبات ، وإلیه الإشارة بقوله ، ( کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله ) ؛ ولذلک یصب الماء فی السقی على أصولها لا على أغصانها وساقها ؛ ولاختلاف الأصول اختلفت الشرائع .


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء. فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)


قال رضی الله عنه  : ( فکان موسى کما قالت امرأة فرعون فیه ) منطقا بالنطق الإلهی  :(إنّه " قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ " ، " عَسى أَنْ یَنْفَعَنا "  وکذلک وقع ، فإنّ الله نفعهما به ، وإن کانا ما شعرا بأنّه النبیّ الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله ) .


ردّ موسى إلى امّه

( ولما عصمه الله من فرعون ) وإجراء أحکامه الخاصّة به علیه ، من الانقهار تحت ظلمته الطبیعیّة وإبادة ما علیه جبلَّة موسى من الأنوار الکمالیّة العلمیّة ( " أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى " ) التی ألقاه فی التابوت ، فألقاه فی الیمّ - ( " فارِغاً "  من الهمّ ) مطلقا ، عن الهویّات المقیّدة له من ( الذی کان قد أصابها ) قبل ، فما تقیّد بشیء ممّا کان مقیّدا به قبل تلک العصمة ، فتأکَّد بهذه الفراغة والإطلاق الباطنی رقیقة النسبة بینها وبین ابنها .

وقد عرفت أنّ امّ موسى هی عبارة فی سیاقه هذا عن الصورة الفصلیّة التی بحملها وفصالها تتحقّق الحقیقة الکلیمیّة ، وذلک مبدأ صنوف الکمالات العلمیّة ومولد جملة اللطائف الإدراکیّة ، فمن أفراد تلک الحقیقة الکمالیّة من اغتذى عند الرضاع بغیر ما أرضعته امّه التی منها فصاله ، وذلک من جهة تقیّد قابلیّته وعدم فراغ امّه فممّا اختصّ به موسى فراغها وإطلاقها الذی به کملت النسبة بینها وبین ابنها .


قال رضی الله عنه  : ( ثمّ إنّ الله حرّم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمّه ، فأرضعته ، لیکمّل الله لها سرورها به ) وانبساطها منه ، حتى یظهر به سائر الحقائق العلمیّة من المعارف الإلهیّة .


الشرائع

قال رضی الله عنه  : ( کذلک علم الشرایع ) الکاشفة عن أصل الأمر کلَّه ، فإنّه یبیّن أحکام أفعال الإنسان الذی هو الآخر فی تنزّلات الوجود ونهایتها ، وقد عرفت مرارا أنّ الأول هو الآخر عینا ، والنهایة هو البدایة حکما ، ( کما قال : " لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً " ) أی طریقا نشأ منکم (" وَمِنْهاجاً " أی من تلک الطریقة جاء ) الکل ، ( فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی جاء منه )

الکل ، یعنی القابلیّة الأولى التی هی الامّ ، ومنها یغتذی الجمیع وبها یقوم أمرهم ( فهو غذاؤه ، کما أنّ فرع الشجرة لا یتغذّى إلا من أصله ) ، وهو مزاج واحد لا اختلاف فیه أصلا ، فالاختلاف إنّما ظهر بالمغتذی عند تفنّن مقتضیاته وتشعّب جهات وجهته وطرق نباته،


شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ :

قال الشیخ رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه «إنه قرت عین لی ولک لا تقتلوه عسى أن ینفعنا».

وکذلک وقع فإن الله نفعهما به علیه السلام و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.   

ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذی کان قد أصابها.

ثم إن الله حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل الله لها سرورها به.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى «لکل جعلنا منکم شرعة ومنهاجا» أی طریقا.

ومنهاجا أی من تلک الطریقة جاء.  فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء. فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله.)


قال رضی الله عنه :  ( فکان موسى علیه السّلام کما قالت امرأة فرعون فیه :قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ یَنْفَعَنا [ القصص : 12 ] .  وکذلک وقع فإنّ اللّه نفعهما به علیه السّلام وإن کانا ما شعرا بأنّه هو النّبیّ الّذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله . ولمّا عصمه اللّه من فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [ القصص : 10 ] من الهمّ الّذی کان قد أصابها . ثمّ إنّ اللّه حرّم علیه المراضع حتّى أقبل على ثدی أمّه فأرضعته لیکمّل اللّه لها سرورها به . کذلک علم الشّرائع ، کما قال تعالى :لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً أی طریقا )


قال رضی الله عنه :  (فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه إنه قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَلَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ یَنْفَعَنا وکذلک وقع فإن اللّه نفعهما به علیه السلام وإن کانا ما شعرا بأنه هو النبی الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون وهلاک آله . ولما عصمه اللّه من فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [ القصص : 10 ] من الهم الذی کان قد أصابها ثم إن ) من جلة الاختصاصات والنعم التی کانت فی حق موسى وأمه أن ( اللّه حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمل اللّه سرورها به کذلک ) ، أی کما حرم اللّه علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه


 کذلک ( حرم على الشرائع ) التی نسخت بشریعته علیه حتى أقبل على الأصل الذی منه جاء ( کما قال تعالى : لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً) ، أی طریقة

قال رضی الله عنه :  ( وَمِنْهاجاً [ المائدة : 5 ] . أی من تلک الطّریقة جاء . فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذی منه جاء . فهو غذاؤه کما أنّ فرع الشّجرة لا یتغذّى إلّا من أصله. )


 

قال رضی الله عنه :  ( ومنهاجا ) فسر الشریعة بالطریق والمنهاج أیضا هو الطریق ، لکن عند الوقف یصیر منهاجا فتشبه الکلمتین إحداهما منها والأخرى جاء فیمکن أن یفهم من یفهم لسان الإشارة المعنى الذی ذکره ، وفهم هذا المعنى لا یتوقف على قراءة بعض القراء جاء بالمد ،


ولهذا قال رضی الله عنه  : ( أی من تلک الطریقة جاء فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء ) ، إلى هذا العالم ولیس إلا الحق ( فهو ) ، أی الأصل الذی منه جاء هو ( غذاؤه ) ، أی ما یتغذى منه ( کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلا من أصله ) ولما أشار إلى أن شریعته نسخة الشرائع الأخر وذلک النسخ لا یکون إلا بتحلیل ما کان حراما یکون بعینه حلالا .


ممدّالهمم در شرح فصوص‌الحکم، علامه حسن‌زاده آملی، ص: ۵۴۷-۵۴۸

فکان موسى علیه السلام کما قالت امرأة فرعون فیه‏ قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ یَنْفَعَنا، و کذلک وقع فان اللّه نفعهما به علیه السلام.

پس موسى علیه السلام آن چنان بود که زن فرعون در مورد وى گفت: قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ یَنْفَعَنا. (قصص: 9). او را نکشید شاید به ما نفع برساند و همچنین واقع شد که خداوند به وجود موسى فرعون و زنش را نفع رساند.

در مقام توحید باید این چنین گفت که شیخ گفت و لکن ‌می‌شود از جانب زن فرعون عذر خواهى کرد که او ن‌می‌توانست در مقابل فرعون، اسم خدا را ببرد، لذا نفع را به صورت خطابه و اقناع به موسى نسبت داد.

و إن کانا ما شعرا بأنه هو النبیّ الذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله.

هر چند که فرعون و زنش شاعر نبودند که او پیغمبرى است که هلاک فرعون و آل فرعون بر دست او یعنى موسى است.

و لما عصمه اللّه من فرعون‏ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً من الهمّ الذی کان قد أصابها. ثم إن اللّه حرم علیه المراضع حتى أقبل على ثدی أمه فأرضعته لیکمّل اللّه لها سرورها به.

و چون خداوند، موسى را از فرعون حفظ کرد دل مادر موسى از اندوهى که به او رسیده بود فارغ و آسوده شد. سپس خداوند همه شیرده‌ها را بر او حرام گردانید تا به پستان مادرش اقبال کرد(انسان طالب آنى است که با آن سرشته شد که عین ثابت اوست. نوشیدن شیر فقط از پستان مادر سایه‏اى است از این حقیقت.) و مادرش او را شیر داد تا خداوند سرورش را به این شیر دادن به فرزندش کامل گرداند.

کذلک علم الشرائع، کما قال تعالى‏ لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً- أی طریقا- وَ مِنْهاجاً» و منهاجا» أی من تلک الطریقة جاء. فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الذی منه جاء، فهو غذاؤه کما أن فرع الشجرة لا یتغذى إلّا من أصله.

این چنین است علم شرایع.

چنانکه در فصوص پیش دانسته شد شیر صورت علم است، که شیر غذاى انسان است. علم نیز غذاى انسان است و غذا مطلقا مظهر اسم حى است و از سدنه اسم شریف قیوم است. غرض اینکه همان طور که در موسى همه مراضع حرام شد مگر شیر مادرش، همچنین پیروى از شریعت دیگران حرام شده است مگر شریعت خودش.

چنانکه خداوند سبحان فرمود: لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً (مائده: 48) «شِرْعَةً» طریق است‏ «وَ مِنْهاجاً» (کأن اصل آن «منها جاء» است. یعنى مرکب از جار و مجرور که منهاست و جاء فعل ماضى) و معناى آن اینکه از آن شرعه و طریقه که اصل است آمده است. (و آن اصل، حق است چه اینکه علم، از جانب حق منبع علوم و محتد شرایع است). پس آن اصلى که موسى از آن جا به این نشئه عنصریه آمده است غذاى اوست. که غذا نمی‌گیرد  مگر از اصل خود. چنانکه شاخه درخت غذا نمی‌گیرد  مگر از اصل خود.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۱۰۱۲-۱۰۱۳

فکان موسى علیه السّلام کما قالت امرأة فرعون فیه‏ قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَکَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ یَنْفَعَنا. و کذلک وقع فإنّ اللّه نفعهما به علیه السّلام و إن کانا ما شعرا بأنّه هو النّبىّ الّذى یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله. و لمّا عصمه اللّه من فرعون‏ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً من الهمّ الّذى کان قد أصابها.

یعنى موسى علیه السلام چنانکه امرأه فرعون گفته بود که نور دیده من و فرعون باشد و شاید که ما را از او نفع رسد، واسطه منفعت هر دو گشت. اگرچه فرعون و زنش ندانستند که او رسولى است که هلاک فرعون و آلش بر دست او خواهد بود. و چون خداى جلّ ذکره موسى را از فرعون نگاه داشت دل مادر موسى از اندوهى که بودش فارغ گشت.

ثمّ إنّ اللّه حرّم علیه المراضع حتّى أقبل على ثدى أمّه فأرضعته لیکمّل اللّه لها سرورها به.

یعنى از جمله اختصاصات و نعم و افاضه کرم حقّ در حقّ موسى و ام او آنست که حق سبحانه و تعالى محرم ساخت بر موسى مراضع را تا میل به غیر پستان مادر خویش نکرد تا سرور مادرش بدو کمال یابد.

کذلک علم الشّرائع، کما قال تعالى‏ لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً- أى طریقا- وَ مِنْهاجاً. و منهاجا أى من تلک الطّریقة جاء. فکان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذى منه جاء.

چون شیر صورت علم است چنانکه رسول علیه السلام در رؤیاى خویش شیر را به علم تعبیر کرد؛ شیخ تمثیل و تشبیه تعلیم شرائع را به تحریم مراضع نمود همچنان‏که حقّ سبحانه و تعالى شیر غیر مادر خود که اصل اوست بر او حرام ساخت، علم شرائع را نیز از حضرت خود آموخت؛ و موسى را نبى صاحب شریعت گردانید و متابع شریعت دیگریش نکرد. لاجرم شریعت و علم را اخذ از خداى مى‏کرد که منبع علوم و منشاء شرائع است و تکلّم با او بى‏واسطه بود.

بعد از آن شیخ بدین آیت استدلال کرد لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً و شرعه را به «طریق» تفسیر کرد. و منهاج نیز «طریق» است و لیکن اگر بر وى وقف کنند مشابه کلمتین مى‏شود که یکى «منها» باشد مرکب از «من» و «ها» ى ضمیر که راجع باشد به شرعه، و یکى «جاء» که فعل باشد به تسهیل.

پس قول حق که «منهاجا» برین تقدیر اشارت باشد بدان اصلى که هریک از آن (از او- خ) نزول کرده است و به عالم آمده و آن جز حقّ نیست چه بدایت هر چیز از او است و بازگشت همه بدو، لاجرم مبدأ و معاد اوست. آرى بیت:

من از تو جدا نبوده‏ام تا بودم‏ وین هست دلیل طالع مسعودم‏

در ذات تو ناپدیدم ار معدومم‏ در نور تو ظاهرم اگر موجودم‏

فهو غذاؤه کما أنّ فرع الشّجرة لا یتغذّى إلّا من أصله.

پس اصلى که موسى ازو آمد و درین نشأت عنصریه حاصل گشت غذاى اوست که از غیر او تغذّى نمى‏کند اعنى استفاضه جز از او نمى‏نماید و مدد از غیر اصل خویش نمى‏یابد چنانکه فرع شجره مدد از غیر اصل خود نمى‏یابد؛ و غذاء گاهى حلال مى‏باشد و گاهى حرام، لاجرم نقل کلام بدان کرد و گفت:


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۶۴

 فکان موسى- علیه السّلام- کما قالت امرأة فرعون فیه «إنّه‏ قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَکَ‏ ... عَسى‏ أَنْ یَنْفَعَنا» و کذلک وقع فإنّ اللّه نفعهما به- علیه السلام- و إن کانا ما شعرا بأنّه هو النّبیّ الّذی یکون على یدیه هلاک ملک فرعون و هلاک آله. و لمّا عصمه اللّه من فرعون‏ «أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً» من الهمّ الّذی کان قد أصابها. ثمّ إنّ اللّه حرّم علیه المراضع حتّى اقبل على ثدی امّه فأرضعته لیکمّل اللّه لها سرورها به.

کذلک علم الشّرائع، کما قال- تعالى- «لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً أی طریقا». و منهاجا أی من تلک الطّریقة جاء. فکان هذا القول إشارةإلى الأصل الّذی منه جاء. فهو غذاؤه کما أنّ فرع الشّجرة لا یتغذّى‏ إلّا من أصله.

شرح یعنى چنانچه حق- تعالى- بر موسى شیر غیر مادرش حرام گردانید، همچنین حرام گردانید بر وى که پیروى دیگرى کند در شریعت، بلکه أخذ علوم شریعت از اصل اصول و منبع علوم کند که حضرت صمدیّت است.