الفقرة الحادیة والثلاثون :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقّت علیه کلمة العذاب الأخراوی لا یؤمن ولو جاءته کلّ آیة حتّى یروا العذاب الألیم ، أی یذوقوا العذاب الأخراوی . فخرج فرعون من هذا الصّنف . هذا هو الظّاهر الّذی ورد به القرآن . ثمّ إنّا نقول بعد ذلک والأمر فیه إلى اللّه ، لما استقرّ فی نفوس عامّة الخلق من شقائه ، وما لهم نصّ فی ذلک یستندون إلیه . وأمّا آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه . ثمّ لیعلم أنّه لا یقبض اللّه أحدا إلّا وهو مؤمن أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیّة : وأعنی من المختضرین ولهذا یکره موت الفجأة وقتل الغفلة . )
قال رضی الله عنه : (ومن حقت) ، أی تحققت (علیه کلمة العذاب الأخروی) وهی کلمة الرب المقطوع بها فی علم اللّه تعالى القدیم وتقدیره الأزلی .
قال تعالى :أَفَمَنْ حَقَّ عَلَیْهِ کَلِمَةُ الْعَذابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِ( 19 ) [ الزمر : 19].
فذکر النار دلیل على أنه العذاب الأخروی (لا یؤمن) فی الدنیا أصلا (ولو جاءته) ظهرت له (کل آیة ).
قال تعالى فی حق فرعون :وَلَقَدْ أَرَیْناهُ آیاتِنا کُلَّها فَکَذَّبَ وَأَبى [ طه : 56].
یعنی فی حیاته الدنیا قبل نزوله فی البحر بدلیل قوله بعده: " قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِکَ یا مُوسى" [ طه : 57 ] ثم آمن بعد ذلک بعد نزوله فی البحر وأدرک الغرق کما مر ذکره .
وقال تعالى :" إِنَّ الَّذِینَ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ کَلِمَتُ رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ ( 96 ) وَلَوْ جاءَتْهُمْ کُلُّ آیَةٍ حَتَّى یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ" [ یونس : 96 - 97 ] ،
أی ( حتى یذوقوا العذاب الأخروی فخرج فرعون من هذا الصنف) المذکورین لأنه آمن قبل أن تحق علیه کلمة ربک التی هی کلمة العذاب الأخروی وقبل أن یذوق العذاب الألیم الأخروی ، بل قبل أن یذوق الغرق الذی هو عذاب الدنیا ومن حقت علیه الکلمة لا یؤمن حتى یرى ، أی یذوق العذاب الألیم ، وهو العذاب الأخروی ، لأنه لا أکثر منه فی الألم فیدل أنه یؤمن بعد الموت ، والإیمان بعد الموت غیر مقبول إجماعا وفرعون لم یفعل کذلک إلا أنه آمن قبل الموت .
(هذا) الکلام المذکور هنا المقتضی بصحة إیمان فرعون وقبوله (هو الظاهر الذی ورد به القرآن) کما علمت بیانه ولم یرد فی السنة النبویة ما یرده ولا فی الإجماع أیضا ، لأنه قال بصحة إیمان فرعون جماعة من المجتهدین .
ذکرهم الشیخ عبد الوهاب الشعرانی رحمه اللّه تعالى فی أوائل کتابه الیواقیت والجواهر فی عقائد الأکابر والمصنف قدس اللّه سره من جملتهم
"" أضاف الجامع :
قال الشیخ عبد الوهاب الشعرانی فی الیواقیت والجواهر الجزء الأول ص 33 :-
"ومن دعوى المنکر أن الشیخ یقول بقبول إیمان فرعون وذلک کذب وافتراء على الشیخ فقد صرح الشیخ فی الباب الثانی والستین من «الفتوحات» بأن فرعون من أهل النار الذین لا یخرجون منها أبد الآبدین و «الفتوحات» من أواخر مؤلفاته فإنه فرغ منها قبل موته بنحو ثلاث سنین.
قال شیخ الإسلام الخالدی رحمه اللّه:
والشیخ محیی الدین بتقدیر صدور ذلک عنه لم ینفرد به بل ذهب جمع کثیر من السلف إلى قبول إیمانه لما حکى اللّه عنه أنه قال:" حَتَّى إِذَا أَدْرَکَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ" [یونس: 90] وکان ذلک آخر عهده بالدنیا،
وقال الشیخ أبو بکر الباقلانی:
قبول إیمانه هو الأقوى من حیث الاستدلال ولم یرد لنا نص صریح أنه مات على کفره انتهى.
ودلیل جمهور السلف والخلف على کفره (أنه آمن عند الیأس) وإیمان أهل الیأس لا یقبل واللّه أعلم. أهـ ""
قال رضی الله عنه : (ثم إنا نقول بعد ذلک) ، أی بعد تقریر ما ذکر )والأمر فیه( ، أی فی حق فرعون موکول إلى اللّه تعالى لما ، أی لأجل الأمر )الذی استقر فی نفوس عامة الخلق( ، أی العامة من الخلق دون الخاصة منهم أو الأکثرون الأقل )من شقائه( ، أی فرعون یعنی هلاکه على الکفر وتخلیده فی النار ،
بناء على ذکر اللّه تعالى فی حقه فی القرآن من الأحوال التی کان علیها فی حیاته فی الدنیا ، من الکفر ودعوى الربوبیة والظلم والتعدی واتباع السحر وقتل النفوس بلا حق ، والتکذیب بالأنبیاء علیهم السلام وإضلال قومه ، إلى غیر ذلک من الأوصاف القبیحة ،
ولم یلتفتوا إلى ما ذکره اللّه تعالى أیضا عنه من إیمانه فی آخر الأمر قبل أن یهلک بالغرق فی البحر وقطعوا بأن ذلک إیمان غیر مقبول منه ولم یبحثوا عنه فی ذلک الوقت کیف کان حاله مع اللّه تعالى والکل مجمعون على أن الأمور معتبرة بخواتیمها والسعید من مات على السعادة والشقی من مات على الشقاوة ولو صدر منه فی الدنیا من الأعمال کیفما صدر من کفر وغیره .
( قال رضی الله عنه : وما لهم) ، أی العامة المذکورین (نص فی ذلک )، أی فی أن فرعون مات شقیا (یستندون إلیه) ، أی إلى ذلک فی آیة أو حدیث غیر بعض احتمالات فی آیاتنا قابلة للتأویل بسهولة کما قدمنا بعضها .
والحاصل أن المؤیدات من النصوص لإیمان فرعون کثیرة ، وقول المصنف قدس اللّه سره هنا : والأمر فیه إلى اللّه ، لا یدل على أنه غیر قاطع فی حقه بشیء ، وأنه متوقف فی شأنه باعتبار ما بعده من قوله : لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه ، یعنی أنا نقول بتفویض أمر فرعون إلى اللّه تعالى لأجل الذی استقر فی النفوس من شقائه لا باعتبار ما عندنا من ذلک ، فإن مسألة إیمان فرعون لا شبهة فیها عند أحد من أهل الکشف والبصیرة ،
لأن أصحاب القلوب المهذبة بالریاضة الشرعیة أهل التحقیق والمعرفة الإلهیة لا شک عندهم فی أمر من الأمور أصلا ولا شبهة ، ولکن هم فی تقریر العلم لأهل الظاهر مع ما تفیده الأدلة اللفظیة والنصوص الکلامیة ، ومع الکشف الصحیح والذوق المستقیم فی تقدیر ذلک لأنفسهم وأمثالهم إن کانوا ،
ولیس ببعید أن اللّه تعالى یجعل فرعون آیة على سعة رحمته وکمال عنایته بمن یشاء من عباده لا سیما ، وفی الآیة ما یشیر إلى ذلک من قوله تعالى : " لِتَکُونَ لِمَنْ خَلْفَکَ آیَةً وَإِنَّ کَثِیراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آیاتِنا لَغافِلُونَ "[یونس : 92 ].
فتنبه یا أخی لهذه الآیة ولا تکن من الناس الغافلین عنها فإن فرعون عاش فی الدنیا من أوّل عمره فاسقا ، فاجرا ، کافرا ، ضالا ، وادعى الربوبیة مع اللّه ونازع اللّه تعالى وأنبیاءه ورسله ، ثم آمن وأسلم فتقبل منه ذلک ،
وغفر اللّه تعالى له جمیع ما عمله من الشر ، وأماته طاهرا مطهرا ، فیبقى کل من وصل إلى غایة الشقاء بارتکاب الکثیر من الذنوب والمعاصی ومتعارفه الفواحش ، بل من خاض فی جمیع عمره فی أنواع الکفر والزندقة وبالغ فی الضلال بحیث فعل جمیع ما فعله فرعون وزاد علیه فی ذلک إن أمکنه الزیادة ، ثم أسلم وآمن وتاب بقلبه ولسانه ،
وصدق فی رجوعه عن کل ما کان فیه ، فإن اللّه تعالى یقبل منه إسلامه وإیمانه وتوبته ، ولو صدر منه ذلک فی آخر أجزاء حیاته قبیل موته ولو بوقت یسیر ، حتى لا ییأس من رحمة اللّه تعالى أحد ، ولا یقنط من روح اللّه مخلوق .
وفی ضد ذلک قد جعل اللّه تعالى إبلیس آیة على غضبه وسخطه وکمال انتقامه وعظیم مکره واستدراجه ، فأحیاه اللّه تعالى فی الدنیا فی ابتداء خلقه مسلما ، مؤمنا ، صالحا ، عابدا ، زاهدا ، عالما ، عاملا لم یبق بقعة فی الأرض إلا وقد عبد اللّه تعالى فیها ، ثم صعد إلى السماء ، فکان یعبد اللّه تعالى مع الملائکة علیهم السلام ،
وکان أعبدهم وأعرفهم وأکملهم وأشرفهم ، بحیث کان یعلمهم ویرشدهم إلى کیفیة الخضوع والخشوع ، ثم إن اللّه تعالى بعد ذلک أشقاه وأضله وغضب علیه ومکر به وانتقم منه ،
فکفر وعاند واستخف بحرمة اللّه تعالى ، وأبغض ربه وعاداه وأبغض إخوان الإیمان والصدق وعاداهم ،
وآذاهم وأضرهم حتى یکون عبرة وموعظة للمؤمنین الصالحین العابدین الزاهدین الکاملین فی العلم والعمل ، فیخافون من اللّه تعالى أن یمکر بهم ویجعلهم مثل إبلیس فی الشقاء ، فلا یأمنون من مکر اللّه تعالى ولا من استدراجه لهم ، واللّه على کل شیء قدیر ، واللّه یحکم لا معقب لحکمه.
وأما آله ، أی فرعون یعنی قومه الذین کانوا یعبدونه من دون اللّه تعالى فلهم حکم آخر غیر حکمه هو ، فإنهم ماتوا على الکفر باللّه تعالى وأنبیائه ورسله وعلى التکذیب بالحق ، ولم ینقل عن أحد منهم أنه أسلم وآمن قبل موته .
وقال تعالى فی حقهم :" النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَعَشِیًّا وَیَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ " [ غافر : 46 ] .
فإن فی بیان عذابهم الآن فی النار غدوّا وعشیا ، وکیفیته ، وذکر قبورهم المتنقلة فی بطون الحیتان البحریة والحیوانات البریة ، وتنویع عذابهم فیها إلى یوم القیامة ، ثم دخلوا لهم فی یوم القیامة إلى أشد العذاب .
وما المراد بذلک العذاب الأشد ؟
وما حکمة ذلک کله ، إلى غیر ذلک من بیان أحوالهم البرزخیة والأخرویة لیس هذا موضع ذکره ، فإنه یحتاج إلى بسط کلام کثیر .
ثم لیعلم ، أی السالک أنه ، أی الشأن لا یقبض اللّه تعالى أی یتوفى ویمیت أحدا من الناس مؤمنا کان ذلک المقبوض أو کافرا إلا وهو ، أی ذلک المقبوض مؤمن بینه وبین اللّه تعالى فی حال قبضه وموته أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة فی الکتاب والسنة من الحق کما یشیر إلیه قوله تعالى : "وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِی غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِکَةُ باسِطُوا أَیْدِیهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَکُمُ الْیَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما کُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَیْرَ الْحَقِّ وَکُنْتُمْ عَنْ آیاتِهِ تَسْتَکْبِرُونَ " [ الأنعام : 3 ] ، وإذا عاینوا ذلک فکیف لا یؤمنون بقلوبهم ویصدقون .
( قال رضی الله عنه : وأعنی) بهذا التعمیم فی کل مقبوض إذا کان (من المحتضرین) ، أی الذین حضرتهم ملائکة الموت ، وماتوا بالنزع الکثیر أو القلیل ؛ (ولهذا) ، أی لکون الأمر کما ذکر (یکره موت الفجاءة) بالضم والمد وتفتح وتقصر أی البغتة ، وهی الموت بلا مرض ولا نزاع ولا ضرب ولا قتل ولا غیرها ، بل من خالص الصحة والعافیة ، أو مشوبها ببعض مرض لا یحصل منه الموت عادة .
وکراهته إنما هی فی حق المسرفین على أنفسهم والکافرین لتفویت التوبة والإسلام علیهم ، وهو خیر فی الصالحین ، کما ورد أن إبراهیم الخلیل علیه السلام مات بلا مرض کما بینه جمع ، وتوفی داود علیه السلام فجأة ، وکذلک الصالحون وهو تخفیف عن المؤمن .
و یکره (قتل الغفلة) أیضا فی حق غیر الصالحین أیضا کالفجأة .
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم أی یذوق العذاب الأخروی ) فلا یصدق فی حق هذا الصنف أنه قبضه اللّه تعالى طاهرا ومطهرا لأنه قبض مع الشرک فبقی جسده نجسا وکذلک روحه وقع فی القبضة مع الشرک فذاق العذاب الأخروی ثم آمن فلا ینفع ذلک الایمان لهم بالنص الإلهی وتفسیر الرؤیة بالذوق على من یرى إیمان الیأس صحیحا ( فخرج فرعون ) على ذلک التفسیر ( من هذا الصنف ) وأما من لم یفسر الآیة بذلک التفسیر دخل فرعون عنده فی هذا المصنف ( هذا ) أی المذکور فی إیمان فرعون ( هو الظاهر الذی ورد به القرآن ) أی یدل علیه ظاهرا القرآن الذی یجب العمل به إذا لم یعارضه النص أو الإجماع .
فلما زعم من لا یفهم کلامه أنه قد جعل فرعون الذی قد ثبت شقاؤه بحجة قاطعة شرعیة من المؤمنین فظن السوء فی حقه أراد دفع ذلک الظن الفاسد فی حقه فقال ( ثم أنا نقول ) لإزالة إنکار المنکرین فی حقه ( بعد ذلک ) أی بعد ورود ظاهر القرآن على إیمان
قال رضی الله عنه : ( والأمر فیه إلى اللّه ) فعدل عن الظاهر الذی ذکره وأورده دلیلا على إیمان فرعون إلى التوقف لمعارضته الإجماع وبین سبب عدوله ( لما استقر فی نفوس عامة الخلق ) وهم الفرق الاسلامیة کلها بل الکفرة أیضا
قال رضی الله عنه : ( من شقائه ) بیان لما ( وما لهم نص فی ذلک ) أی فی شقاء فرعون ( یستندون ) الشقاء ( إلیه ) أی إلى ذلک النص أو یستندون الشقاء بسبب ذلک النص إلیه أی إلى فرعون ( وأما إله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه ثم لیعلم أنه ما یقبض اللّه أحدا إلا وهو مؤمن أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیة وأعنی) بقوله ما یقبض اللّه أحدا إلا وهو مؤمن.
قال رضی الله عنه : ( من المحتضرین ولهذا ) أی ولأجل کون المحتضر صاحب إیمان وشهود (یکره موت الفجاءة وقتل الغفلة )
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن. ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه. وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
وامن أنه لا إله إلا الذی آمنت به بثوا إسرائیل وأنا من المسلمین [یونس: 90]
ثم تمادی فی کلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث کمل العلم الإلهی، فإن بهما حصل الکمال
ثم ذکر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقّت علیه کلمة العذاب الأخراوی لا یؤمن ، ولو جاءته کلّ آیة ، حتى یروا العذاب الألیم ، أی یذوقوا العذاب الأخراوی ، فخرج فرعون من هذا الصنف .
هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن ثم إنّا نقول بعد ذلک : والأمر فیه إلى الله ، لما استقرّ فی نفوس عامّة الخلق من شقائه ، وما لهم نصّ فی ذلک مستندون إلیه . وأمّا آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه . ثمّ لتعلم أنّه ما یقبض الله أحدا إلَّا وهو مؤمن أی مصدّق بما جاء به الأخبار الإلهیة ، وأعنی من المحتضرین ، ولهذا یکره موت الفجاة وقتل الغفلة ، فأمّا موت الفجأة فحدّه أن یخرج النفس الداخل ولا یدخل النفس الخارج ، فهذا موت الفجأة ، وهذا غیر المحتضر ، وکذلک قتل الغفلة )
یشیر رضی الله عنه إلى بشارة عظیمة لمن احتضر من الکفّار والمشرکین ولا محجوبین بأنّهم یشاهدون الملائکة وأمارات الآخرة ، فیؤمن بحکم ما یشهد ولا بدّ ، ولکن قد یکون إیمانه حال الغرغرة ، والله یقبل توبة العبد ما لم یغرغر ، والمؤمن منهم عند الغرغرة أمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء أخذ ،
والمیت فجأة والمقتول غفلة من الکفّار یقبض على ما کان علیه فی آخر نفسه کفرا کان أو إیمانا ویحشر على صورة خاطره إذ ذاک ، والمحتضر من الکفّار بخلافهما ،
وأمّا فرعون غیر داخل فیهم ، فإنّه مؤمن قبل الغرغرة ، راج للنجاة من عذاب الغرق ولات حین مناص .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروى لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم : أی یذوقوا العذاب الأخروى فخرج فرعون من هذا الصنف ، هذا هو الظاهر الذی ورد به نص القرآن ، ثم إنا نقول بعد ذلک والأمر فیه إلى الله لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه ، وما لهم نص فی ذلک ) أی فی شقائه الأبدی .
قال رضی الله عنه : ( یسندون الشقاء إلیه ، وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضع ذکره ، ثم لیعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا وهو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة وأعنى من المحتضرین ، ولهذا یکره موت الفجأة وقتل الغفلة ).
أی لا یدل على الزمان کقوله تعالى :" وکانَ الله عَلِیماً حَکِیماً " .
وکان زید قائما ، فإن معناه ثبوت الخبر للاسم ووجوده على الصیغة المذکورة وأما قرائن الأحوال فکما تشاهد فقر زید ،
فیقال لک : کان زید غنیا : أی فی الزمان الماضی فافتقر ،
وکقول الشیخ : کنت شابا قویا ، والمراد أن معنى الحدیث أنه یقبض على ما هو علیه ، وإطلاق الحرف على ما کان حرف وجودی مجاز ، کقولهم فی حرف إنی کذا أی قرأته .
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخراوی لا یؤمن ، ولو جائته کل آیة ) کأبی جهل وأضرابه ، فإنه قال لقاتله حال القتل : قل لصاحبک ( یعنى محمد ) ما أنا بنادم عن مخالفتک فی هذا الحال أیضا .
قال رضی الله عنه : ( حتى یروا العذاب الألیم ، أی یذوقوا العذاب الأخراوی ) عند الموت الطبیعی
( فخرج فرعون من هذا الصنف . هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن . ثم ، إنا نقول بعد ذلک : والأمر فیه إلى الله بما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه )
فی الآخرة (وما لهم نص فی ذلک یستندون الشقاء إلیه.) لا إلى الله .
(وأما آله ، فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه.) أی، حکم فرعون حکم المؤمنین الطاهرین المطهرین ، إذ ما وقع بعد الإیمان منه عصیان ، والإسلام یجب ما قبله .
وأما حکم آله ، فحکم الکافرین من وجه ، لأنهم جعلوا الرب المطلق
والمعبود الحق مقیدا فی صورة فرعونیة فستروا الحق فی صورته الباطلة ، وحکم
المؤمنین من وجه ، لأنهم ما عبودا فی صورته إلا الهویة الإلهیة الظاهرة فی المجالی
المختلفة . فرضی الله عنهم من هذه الحیثیة ورضوا عنه ، وإن کان من حیث
تقیدهم إیاه یعذبهم . ولما لم یکن هذا موضع بیانه ، قال : ( لیس هذا موضعه . )
قال رضی الله عنه : ( ثم ، لیعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا وهو مؤمن ، أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة ) لأنه یعاین ما أخبر به الأنبیاء، علیهم السلام ، من الوعد والوعید.
( وأعنى من المحتضرین . ) أی ، وأعنى بهذا القول من یکون من المحتضرین لا من یموت مطلقا .
قال رضی الله عنه : (ولهذا یکره موت الفجأة وقتل الغفلة) .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقّت علیه کلمة العذاب الأخراوی لا یؤمن ولو جاءته کلّ آیة حتّى یروا العذاب الألیم ، أی : یذوقوا العذاب الأخروی ، فخرج فرعون من هذا الصّنف ، هذا هو الظّاهر الّذی ورد به القرآن ، ثمّ إنّا نقول بعد ذلک والأمر فیه إلى اللّه ، لما استقرّ فی نفوس عامّة الخلق من شقائه ، وما لهم نصّ فی ذلک یستندون إلیه ، وأمّا آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه ، ثمّ لیعلم أنّه لا یقبض اللّه أحدا إلّا وهو مؤمن أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیّة ، وأعنی من المختضرین ، ولهذا یکره موت الفجأة وقتل الغفلة).
ثم أشار إلى أنه لو کان مأخوذا فی الآخرة بکفره لم یکن لیؤمن عند الغرق ؛ لقوله تعالى :إِنَّ الَّذِینَ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ کَلِمَتُ رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ کُلُّ آیَةٍ حَتَّى یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ [ یونس : 96 ، 97 ] .
ووجه الاستدلال أنه علم بالنص أن ( من حقت علیه کلمة العذاب الأخروی ) ، فإنه المراد بکلمة ربک لأن المفسرین فسروها بقوله : هؤلاء فی النار ولا أبالی ( لا یؤمن ) قبیل الموت ، وإن کان یؤمن فی الحیاة ( ولو جاءته کل آیة ) فی ذلک الوقت أو قبله ، والبأس الدنیوی من جملة الآیات ( حتى یروه العذاب الألیم ) ، فلیس المراد أی عذاب کان ، فإن المحتضر لا یخلو من عذاب المرض فی الجملة ، ولا نفس الروایة لذلک العذاب الأخروی بمعنى [ . . . ] به عن تلک الآیات ، بل المراد ( أی : ذوقوا العذاب الأخروی) ، وفرعون آمن قبیل الموت قبل ذوق العذاب الأخروی ، ( فخرج فرعون من هذا الصنف) .
ثم أشار إلى أن ذلک لیس مما یجب الاعتقاد به ، بل ( هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن ) أورد أنه ینجی روحه وبدنه ، وورد أنه آمن قبیل الموت ، ومن حقت علیه کلمة العذاب لا یؤمن حینئذ ورده کونه آیة فی نجاة روحه وبدنه ، والتأویلات التی ذکرها الجمهور خلاف الظاهر .
قال رضی الله عنه : ( ثم إنا نقول بعد ذلک ) أی : بعد التعرض لما یدل علیه ظاهر القرآن ( والأمر فیه إلى اللّه ) ؛ لعدم الدلیل القاطع على قبول إیمانه ، ولا على عدم قبوله ( لما استقر فی نفوس العامة من شقائه ) من کفره وعلوه أیام جنونه ، وقد أخذ على ذلک وکره اللّه تعالى ذکره تقرر عندهم أن إیمانه غیر مقبول فی حق الآخرة أیضا ،
کما لا یقبل فی حق الدنیا مع أن المؤاخذة الدنیویة لا تستلزم المؤاخذة الأخرویة لو تخلل الإیمان بینهما قبل کشف الحجب عن أحوال الآخرة ، کما فی صورة استرقاق الکافر إذا آمن بعد ذلک ، ولو قبیل الموت قبل انکشاف أحوال الآخرة ( وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه ) ؛ لأن النصوص الواردة فی شأنه إما أن تدل على کفره وطغیانه قبل هذا الإیمان ، فهی لا تدل على عدم قبول إیمانه الثابت بالنص أیضا ، ولا شکّ أنه لو آمن قبل دخول البحر بعد انغلاقه لقبل إیمانه اتفاقا ، ولیس الغرق فیه أجل دلالة منه .
وإما أن تدل على مؤاخذته على الکفر السابق فی الدنیا ، ولا دلالة لها على المؤاخذة الأخرویة على ذلک الکفر إذا تخلل بینهما الإیمان قبل کشف الحجب عن أحوال الآخرة ، فاسترقاق الکافر مؤاخذة دنیویة ، والإسلام بعدها لا یدفع تلک المؤاخذة فلا یعتق بمجرد الإیمان ، لکن لا یؤاخذ بذلک الکفر فی الآخرة حینئذ .
وإما أن تدل على مؤاخذته فی الآخرة على حقوق الخلق من إضلال قوم غیر محصورین ، واستعباد بنی إسرائیل وهم أولاد الأنبیاء ظلما وقتلا لأولادهم ، وهذه الحقوق مما لا یعفى منها بالإیمان أو على عذابه فی الآخرة مطلقا من غیر أن یشیر إلى کونه على کفره ، ولا إلى خلوده ، ولا إلى عدم قبول إیمانه ،
فالشیخ إنما أورد هذا ؛ للإشارة إلى أن النصوص ساکتة عن ذلک لا کما یتوهم العامة من دلالتها على عدم قبول إیمانه .
وقد ذکرنا ما یجب اعتقاده فی هذه المسألة فیما تقدم ، ولتذکر أدلة الجمهور مع ما أجیب به عنها ، وهی وجوه :
الأول : أنه تعالى ما یقص فی کتابه العزیز قصة کافر باسمه الخاص أعظم من قصته ، ولا ذکر من أحد من الکفر والطغیان مثل ما ذکرهما منه ، ولا کرر مثل ما کرره .
أجیب : بأن الکنایة أبلغ من التصریح ، قلنا : صرح باسم قبلة إبراهیم ، وکنی عن حب محمد صلّى اللّه علیه وسلّم بقوله :إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی [ آل عمران : 31 ] ،
فکذا صرح باسم فرعون ، وأخفی اسم قابیل مع أنه أشد عذابا منه ، ولعل عاقر ناقة صالح لا یکون أقل عذابا منه ، وقد قال تعالى فی حقه :إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها[ الشمس : 12 ] ،
وکذا نمرود ، ثم ذکر اسمه الخاص لإحضاره بعینه من جملة من بعث إلیه موسى من رؤساء الکفرة ، وهم فرعون وقارون وهامان ، فصرح بأسماء کلهم بخلاف من بعث إلى رئیس معین کنمرود وإلى طائفة عظیمة کقوم نوح ، وإنما جعل قصته أعظم القصص ؛
لأن غایة کفره وطغیانه کان عن غایة قوته ، فمن ذلک أخذ بأسهل الطرق وهو الغرق ، وورث ملکه أعداءه الذین کان یستضعفهم غایة الاستضعاف ، وذکر أنه أخذ مع إیمانه فی الدنیا على جرائمه السابقة ، وکان کتمانه سبب نجاته فی الآخرة ، کما أشار إلیه بقوله :فَالْیَوْمَ نُنَجِّیکَ بِبَدَنِکَ ،ومع ذلک یؤاخذ بحقوق الخلق .
ففی قصته أعظم وجوه التخویف مع أعظم وجوه التوجیه ، کما قال :لِتَکُونَ لِمَنْ خَلْفَکَ[ یونس : 92 ] ، فذکر جنایته کذکر من قتل مائة نفس ، ثم جعله اللّه من أهل النجاة. رواه مسلم وأحمد فی المسند .
الثانی : قوله تعالى :"یَقْدُمُ قَوْمَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وَأُتْبِعُوا فِی هذِهِ لَعْنَةً وَیَوْمَ الْقِیامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ" [ هود : 98 ، 99 ] .
وقوله تعالى :"فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِی الْیَمِّ فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِینَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَیَوْمَ الْقِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْناهُمْ فِی هذِهِ الدُّنْیا لَعْنَةً وَیَوْمَ الْقِیامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِینَ" [ القصص : 40 - 42 ] .
أجیب : بأن تقدمه قومه لإیرادهم النار لإضلالهم ، ووروده قبلهم لذلک ؛ وربما یشیر اعتبار دخوله بهذا السبب مع أن الکفر أعظم سببا منه إلى أن دخوله لیس لکفره ، واللعنة قد وردت فی حق القاتل ، والإضلال أشد من القتل ، فإنه إهلاک أبدی ، وقد قتل أولاد بنی إسرائیل أیضا على أن اللعنة نکرة ، والتنکیر للتنویع ، والظلم أعم من الکفر ،
فإن سلم فهی تدل على مؤاخذته بالکفر السابق فی الدنیا ، ولا دلالة له على المؤاخذة الأخرویة أن المراد به الکافرون به بعد تخلل الإیمان بینهما کما فی صورة کافر استرق فآمن ، وکونهم أئمة یدعون إلى النار ؛ لأنهم سنوا سننا قبیحة ، والقبح أعم من أن یکون بالکفر أو سائر المعاصی ، ولیس لکل واحد منهم على السویة ؛ لتفاوت درجاتهم .
الثالث : قوله تعالى :" کَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ ( 12 ) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَیْکَةِ أُولئِکَ الْأَحْزابُ ( 13 ) إِنْ کُلٌّ إِلَّا کَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ [ ص : 12 ، 13 ، 14 ] .
وقوله تعالى :" کَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( 12 ) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ ( 13 ) وَأَصْحابُ الْأَیْکَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ کُلٌّ کَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِیدِ ( 14 )[ ق : 12 - 14 ] .
أجیب : بأن المراد المؤاخذة الدنیویة ؛ لأن المراد یحق أن الماضی وهو الحقیقة ، أو المستقبل وهو المجاز ، والحمل على الحقیقة هو الأصل ، وإن جاز الحمل على الجمع بینهما عند بعضهم ، فلیس بواجب ولا أول من الحمل على الحقیقة ، مع أن بعضهم أول فرعون فی الآیة الأولى بقومه بدلیل قوله :أُولئِکَ الْأَحْزابُ[ ص : 13 ] ،
وإنما تثبت المؤاخذة الأخرویة فی حق من تثبت له بدلیل آخر ، وإلا فإنه دلالة للمؤاخذة الدنیویة على الأخرویة مع تخلل الإیمان بینهما .
الرابع : قوله تعالى : فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَکالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى[ النازعات : 25 ] .
أجیب : بأنه إن أرید بالآخرة أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى [ النازعات : 24 ] ، وبالأولى ما عَلِمْتُ لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرِی[ القصص :38] ، فهذه مؤاخذة دنیویة على کفره السابق ، وإن أرید بالآخرة القیامة ، وبالأولى الدنیا ، فنکال الآخرة جزاؤه على إضلاله ، واستعباده بنی إسرائیل ، وقتله أولادهم لا یقال على الوجه الأخیر .
إذا کان نکال القیامة لقوله :أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى دل ذلک على أن مؤاخذته الأخرویة لکفره ؛ لأنا نقول لا دلالة للنص على أن نکاله فی الآخرة لقوله :أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى ،
بل إن مجموع نکال الدنیا ونکال الآخرة کان لمجموع النداء بعد الحشر ، وقوله :أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلىفیه إضلال ، ویجوز أن تتوزع أجزاء الجزاء على أجزاء الفعل بأن یکون نکال الآخرة للإضلال المفهوم من النداء .
الخامس : قوله تعالى :" وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّکَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِینَةً وَأَمْوالًا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا رَبَّنا لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِکَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا یُؤْمِنُوا حَتَّى یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ ( 88 ) قالَ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُکُما" [ یونس : 88 – 89 ].
أجیب : بأن قوله :فَلا یُؤْمِنُوا إن کان عطفا على لِیُضِلُّوا لم یدخل تحت الدعوى المستجابة ، وإن کان جواب الأمر مع أنه لا یصلح أن یکون جوابا للمعطوف علیه ، فالمراد بالعذاب الألیم : الغرق ؛ لأنه إن أرید عذاب الآخرة کان رضا بموته على الکفر وهو کفر ،
والقول بأن الدعاء به لیس بکفر مع أن الرضا به کفر باطل ؛ لاستلزامه الرضاء به مع أنه أتم فی الرضاء ، وقول القائل لمن یرید الإسلام فی الحال ائتنی هذا وقد کفروه ، وکأنه دعا علیهم أن یؤخذوا على الکفر السابق فی الدنیا من غیر تعریض لبقائه أو عدم بقائه على الکفر إلى انکشاف أحوال الآخرة .
السادس : قوله تعالى :آلْآنَ وَقَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَکُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ[ یونس :91].
لامه على الإیمان حین المؤاخذة ، ولا یلام الشخص على الأمر المقبول منه .
أجیب : بأنه لامه على قصد النجاة من الغرق بهذا الإیمان ، فبیّن اللّه أنه لا ینفع فی المؤاخذة على المعاصی الماضیة کما قال :وَقَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَکُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ .ثم أشار إلى نفعه بالنسبة إلى ما بعده ، فأتى بإلقاء الدالة على السببیة فی قوله :فَالْیَوْمَ نُنَجِّیکَ بِبَدَنِکَ
أی : ننجی روحک ببدنک ، أی : مع بدنک ، إذ الإیمان لا یخلو من نفع ، وقد امتنع النفع الدنیوی ، فلابدّ من النفع الأخروی إذا وقع قبل الانکشاف عن أحوال الآخرة .
السابع : روى الإمام أحمد بن حنبل ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، عن النبی صلّى اللّه علیه وسلّم : " أنه ذکر الصلاة یوما ، فقال : من حافظ علیها کانت له نورا وبرهانا ونجاة ، ومن لم یحافظ علیها لم یکن له نورا ولا برهانا ولا نجاة یوم القیامة ، وحشر مع قارون وفرعون وهامان وأبی بن خلف " . رواه أحمد فی المسند والدارمی .
أجیب : بأنه لا معیة فی عذاب الکفر ؛ لأن تارک الصلاة مؤمن عندنا ، فالمعیة فی العذاب على سائر المعاصی التی تنهی عنها الصلاة ، فمن ترکها فکأنما ارتکبها جمیعا ، وعذاب من عذب منهم على الکفر لیس من هذا النص .
الثامن : علم بالضرورة من الملک أنه أکفر الخلق ، وانعقد علیه الإجماع .
أجیب : بأنه إن أرید قبل التکلم بکلمة الإسلام عند الغرق ، فلا نزاع فیه بل لعله لم یسبقه سابق ، ولا یلحقه لاحق إن أرید معه أو بعده ، فلا یتصور أصلا فضلا عن الضرورة ، واستقراره فی أذهان العامة وأقوالهم لا تجعله من ضروریات الدین کما أنه استقر فی القرآن أنه لیس وراء هذه الألفاظ والأشکال مع أنه لیس شیئا منها ، بل هما وجودان زائدان على وجوده العینی ولا نسلم الإجماع على أنه لا یسمی مؤمنا ،
فإن الإمام حافظ الدین النسفی نقل فی شرح عقیدته عن الإمام أبی حنیفة أنه قال : لا یدخل النار إلا مؤمن ، فقیل له : کیف ذلک ؟ ،
فقال : أنهم حین یدخلون النار لا یکونون إلا مؤمنین ، وإبلیس کان قبل الأمر بالسجود مؤمنا ، غایتهم أنهم لا یقبل إیمانهم ولا ینفع ؛ لکونه عند رؤیة أحوال الآخرة ، وإن أرید الإجماع على عدم قبوله ، فلابدّ له من نقل ، وغایته أن الأکثر لم ینقل فیه الخلاف ،
وقد رأیت فی بعض الرسائل ینقل عن بعض المفسرین الخلاف فی قبول إیمانه ، وکذا عن شعب الإیمان للبیهقی عن جماعة من العلماء .
العاشر : قوله تعالى :أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ[ غافر : 46 ] یدخل فیه فرعون دخول إبراهیم والناس وأبی أو فی قوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِیمَ[ آل عمران :33].
وقوله تعالى : سَلامٌ عَلى إِل ْیاسِینَ[ الصافات : 130 ] .
وقوله صلّى اللّه علیه وسلّم : « اللهم صلی على آل أبی » رواه البخاری وابن خزیمة و رواه مسلم . و ابی داود وابن ماجة والنسائی وأحمد وغیرهم.
أو فی حین جاءه أبو أوفى بالصدفة امتثالا لقوله تعالى :وَصَلِّ عَلَیْهِمْ إِنَّ صَلاتَکَ سَکَنٌ لَهُمْ[ التوبة : 13 ] .
أجیب : بأن دخول الشخص فی آله من صریح المحال ، لکنه قد یذکر آل الشخص ، ویراد به نفسه مجازا بالزیادة ، وقد یقصد به أهله وعیاله وأتباعه وهو الحقیقة ، والجمع بین الحقیقة والمجاز لیس مذهب الجمهور ، ومن قال به لا یوجبه ، ولا یرجحه على إرادة الحقیقة وحدها ، واصطفینا إبراهیم لا یفهم من قوله :وَآلَ إِبْراهِیمَ[ آل عمران : 33 ] ،
بل من قوله : وَلَقَدِ اصْطَفَیْناهُ فِی الدُّنْیا وَإِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ[ البقرة : 130 ] ، والمفهوم منه اصطفاه إسماعیل وإسحاق ویعقوب ، ویوسف وموسى وهارون ، وغیرهم من أنبیاء ذریته صلوات اللّه علیهم أجمعین ، والمراد بآل یاسین هو إلیاس وحده على المجاز ، وکذا أبو أوفى من آل أبی أوفى ، ولیس المراد بآل فرعون نفس فرعون ، وإلا لم یصح قوله :أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ[ غافر : 46 ] بصیغة الجمع .
ولعل الشیخ أشار إلى رفع هذا الاستدلال بقوله : ( وأما آله فلهم حکم آخر ) ؛ لأنهم إن قالوا : هو الإله دون اللّه فهم جاحدون ،
وإن قالوا : هو إله مع اللّه ، فهم مشرکون ، وکذلک قالوا : هو إله بظهور الإله فیه ،
ثم قال ( لیس هذا موضعه ) ، بل موضعه ما فهم فی فص نوح ، وفص لقمان ، وفص هارون وغیرهما .
ثم أشار إلى أن الإیمان فی الدنیا لا یخلو من فائدة ، ولو بعد کشف أحوال الآخرة وإن لم یفید الخروج عن النار ،
فقال رضی الله عنه : ( ثم ) أی : بعد أن علمت أن إیمان البأس لا یدفع البأس الدنیوی عند رؤیته والأخروی عند رؤیته ؛ ( لتعلم أنه ما یقبض اللّه أحدا إلا وهو مؤمن ) عند قبضه ، فتبقی روحه متصفة بصفة الإیمان ، وإن لم یکن فی حکم المؤمنین فی النجاة عن الخلود فی النار ؛ ولذلک یصدق علیه اسم الکافر ، لکنه مؤمن ، ( أی : مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة ) فی الکتاب والسنة ، وهی حقیقة الإیمان وإنا نخلف عنها الحکم ؛ لنخلعه عن وقت التکلیف به ؛ لأنه لا تکلیف بشیء بعد صیرورته ضروریّا بلا لیس عند انکشاف اللوح المحفوظ بانکشاف ناصیة ملک الموت ، لکنه لا یکون فی المیت فجأة والمقتول غفلة ؛
ولذلک قال : ( وأعنی ) بقولی أحدا کافرا ( من المحتضرین ) ، إذ لا کشف عن أحوال الآخرة ، ولا إمکان للإیمان والتوبة عند القبض لغیره ؛ ( ولهذا یکره موت الفجأة ، وقتل الغفلة ) فی الکافر والفاسق ، إذ یفوت بهما الإیمان والتوبة من کل وجه ، فلا یحصل التخفیف بهما ، وإن کانا لا یفیدان النجاة بعد کشف أحوال الآخرة فی حق المحتضر .
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ:
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقّت علیه کلمة العذاب الأخروی ) بظهوره فیه آیته أن ( لا یؤمن ) فی الدنیا ( ولو جاءته کل آیة " حَتَّى یَرَوُا الْعَذابَ الأَلِیمَ " ) عند حضوره الموت وتیقّنه به ، فإنّه من العذاب الأخروی ،
ولذلک فسّر الرؤیة المذکورة بقوله : ( أی یذوقوا العذاب الأخروی فخرج فرعون من هذا الصنف ) لما مرّ من عدم تیقّنه بالموت ، وإیمانه قبل رؤیته العذاب الألیم .
قال رضی الله عنه : ( هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن ) کما عرفت فی هذه الآیة وغیرها ، مما یمکن أن یتمسّک به أهل الظاهر على ما اعتقدوه فی فرعون من أنّه غیر نصّ فیه ولا ظاهر ، بل الظاهر منها خلافه ، ولذلک قال : ( ثمّ إنا نقول بعد ذلک ) البیان الذی ظهر من الآیات القرآنیة : ( والأمر فیه ) أی فی فرعون وکفره ( إلى الله ) لعجزنا عن الإبانة عن ذلک الأمر بما هو علیه ( لما استقرّ فی نفوس عامّة الخلق من شقائه ، وما لهم نصّ فی ذلک یستندون إلیه ) کما فی غیره من الصور الاعتقادیّة الرسمیّة التی لهم .
حکم آل فرعون
وأما النصوص الواردة فی آل فرعون ، کقوله تعالى : " وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ " ، "وَیَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ".
فلا دخل لها فیما نحن فیه ، وإلیه أشار بقوله : ( وأما آله ، فلهم حکم آخر لیس هذا موضع ذکره ) فإنّ النسبة الارتباطیّة التی بینه وبین قومه لیست حقیقیّة وجودیّة ، کما للأنبیاء مع أصحابهم ، بل کونیّة [ . . ] کما عرفت من طیّ ما جرى بینه وبین موسى .
وتحقیق هذا یحتاج إلى بسط لا یلیق بهذا الموضع ، کما أشار إلیه فی التفرقة بین الکافر المحتضر والکافر المقتول غفلة أو المیّت فجأة بقوله :
کلّ محتضر مؤمن ، ولیس کذلک المقتول غفلة والمیت فجأة
قال رضی الله عنه : ( ثمّ لیعلم أنّه ما یقبض الله أحدا إلَّا وهو مؤمن - أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیّة) لظهور الأمر علیه عند رفعه الحجب المانعة عن ذلک ، وهی القوى الإدراکیة وما یترتّب علیها ، کما قال الشیخ رضی الله عنه :
وأما المسمى آدما ، فمقیّد ... بعقل وفکر أو قلادة إیمان
بذا قال سهل والمحقق مثلنا ... لأنا وإیاهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذی قد شهدته ... یقول بقولی فی خفاء وإعلان
ولا تلتفت قولا یخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء فی أرض عمیان
( وأعنی ) بذلک ( من المحتضرین ) أی من حضره الموت ، وهو واقف علیه حاضر ، ( ولهذا یکره موت الفجأة ) حیث استعیذ منه فی الدعوات المأثورة ( وقتل الغفلة ) .
ثمّ إنّه یشیر إلى مبدأ ذلک الإکراه وبیان لمّیته ، وذلک أن الإنسان ینبغی أن یکون عند خروجه من دار الدنیا فی جمعیّة فطرته الأصلیّة وإحاطته الذاتیّة ولو بمجرّد الاعتبار وصورة ذلک جمع ما تفرّق وشذّ عنه ، وهو بإدخال ما لم یکن داخلا فی الوجود أو فی العلم ، کالنفس الداخل مثلا ، وإثبات العقائد وامتیاز الصور العلمیّة ، ولیس ذلک فی موت الفجأة وقتل الغفلة.
شرح الجامی لفصوص الحکم الشیخ نور الدین عبد الرحمن أحمد الجامی 898 هـ :
قال الشیخ رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة حتى یروا العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلک: والأمر فیه إلى الله، لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص فی ذلک یستندون إلیه.
وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما یقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة: وأعنی من المحتضرین : و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة. )
قال رضی الله عنه : ( ومن حقّت علیه کلمة العذاب الأخراوی لا یؤمن ولو جاءته کلّ آیة حتّى یروا العذاب الألیم ، أی یذوقوا العذاب الأخراوی . فخرج فرعون من هذا الصّنف . هذا هو الظّاهر الّذی ورد به القرآن . ثمّ إنّا نقول بعد ذلک والأمر فیه إلى اللّه ، لما استقرّ فی نفوس عامّة الخلق من شقائه ، وما لهم نصّ فی ذلک یستندون إلیه . وأمّا آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه . ثمّ لیعلم أنّه لا یقبض اللّه أحدا إلّا وهو مؤمن أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیّة : وأعنی من المختضرین ولهذا یکره موت الفجأة وقتل الغفلة .)
قال رضی الله عنه : ( ومن حقت علیه کلمة العذاب الأخروی لا یؤمن ولو جاءته کل آیة ) ، کأبی جهل فإنه قال لقاتله : قل لصاحبک یعنی محمدا صلى اللّه علیه وسلم : ما أنا بنادم على مخالفتک فی هذه الحال أیضا (حَتَّى یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ ، أی یذوقوا العذاب الأخروی فخرج فرعون من هذا الصنف .
هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن ثم إنا نقول بعد ذلک والأمر فیه ) موکول ( إلى اللّه لما استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه وما لهم نص فی ذلک ) ، أی فی شقائه ( یستندون إلیه) فی إثبات الشقاء له
قال رضی الله عنه : ( وأما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضع ذکره . ثم لیعلم أنه ما یقبض اللّه أحدا إلا وهو مؤمن أی مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهیة وأعنی بذلک من المحتضرین)، الذین حضرهم الموت واقفون علیه حاضرون به ( ولهذا یکره موت الفجأة وقتل الغفلة ) .
قیل "قتل الغفلة" ههنا بحسب اللغة قتل الغیلة بالغین المعجمة والیاء المنقوطة من تحت بنقطتین وکأنه صحفه الناسخون
ممدّالهمم در شرح فصوصالحکم، علامه حسنزاده آملی، ص: ۵۸۶-۵۸۷
و من حقّت علیه کلمة العذاب الأخراوى لا یؤمن و لو جاءته کلّ آیة حتّى یروا العذاب الألیم.
و آن کسى که کلمه عذاب اخروى براى او محقق شده و ثابت گردیده است هر آیتى او را بیاید ایمان نمیآورد (مانند ابى جهل که به قاتل خود گفت به صاحب خود یعنى محمد (ص) بگو که من حتى در این حال هم از مخالفت با تو نادم نیستم.
خداوند در سوره یونس فرمود: إِنَّ الَّذِینَ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ کَلِمَتُ رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ وَ لَوْ جاءَتْهُمْ کُلُّ آیَةٍ حَتَّى یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ (یونس: 96).
أی یذوقوا العذاب الأخروی. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذی ورد به القرآن.
یعنى تا بچشند عذاب اخروى را (در نزد موت طبیعى). پس فرعون از این صنف خارج است. این سخن ظاهرى است که قرآن بدان وارد شده است (روایاتی که از فریقین در باب قبول توبه آمده است سند محکم رأى شیخ است و میدانیم که روایات مرتبه نازله آیات قرآنىاند و بمثل نسبت قرآن با جوامع روایى نسبت نفس ناطقه انسانى با بدن است و روایات در توسعه زمان قبول توبه که تا آخرین دقایق خروج روح توبه مقبول است صریحند. تفصیل آن را در موارد تحقیق آن چون احیاى غزالى و احیاى احیاى فیض و جامع السعادات نراقى و امثال اینها طلب باید کرد. خلاصه نظر شیخ به تعبیر قیصرى اینکه: حکم فرعون حکم مؤمنان طاهر و مطهر است زیرا بعد از ایمانش از او عصیانى واقع نشد و «الإسلام یجب ما قبله».
ثم إنّا نقول بعد ذلک: و الأمر فیه إلى اللّه، لمّا استقر فی نفوس عامة الخلق من شقائه، و ما لهم نصّ فی ذلک یستندون الیه.
سپس گوییم، بعد از آن چه گفتیم امر درباره فرعون موکول به خداوند است چه اینکه در نفوس عامه خلق مستقر است که فرعون در آخر شقی مرد و حال اینکه آنان را در شقاء او نصى نیست که بدان استناد جویند.
و أما آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه
اما سخن درباره آل فرعون پس آنان را حکم دیگر است که اینجا موضع بیان آن نیست.
خداوند سبحان در سوره مؤمن (غافر). آیه 45 فرموده است: وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ- الى قوله تعالى- أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ و آیات دیگر نیز از این قبیل. قیصرى در شرح گوید:
حکم آل فرعون از جهتى حکم کافران است که رب مطلق و معبود حق را در صورت فرعونى مقید کردند. پس حق را در صورت باطل پوشاندند و از جهتى حکم مؤمنان است که عبادت نکردند در صورت فرعون مگر هویت الهیه را که در مجالى مختلفه ظاهر است. پس خداوند از این حیثیت از آنها راضى است و آنان از وى راضى. هر چند از حیث تقیدشان حق سبحانه را، آنان را عذاب مینماید.( شرح فصوص قیصرى، ص 468، ستون اول.) حال شیخ در موت بر ایمان و کفر به طور اطلاق بحث میکند و موت را به دو نوع تقسیم مینماید: یکى موت احتضارى و دیگر موت ناگهانى و ناآگاه و میگوید کسانى که به موت احتضارى میمیرند بر ایمان میمیرند و فرعون از آنان است و در موت فجأة و غفلت که همان مرگ ناگهانى و ناآگاه است بحث میکند سخنش اینکه:
ثم لیعلم أنّه ما یقبض اللّه أحدا إلّا و هو مؤمن أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیة و أعنی من المحتضرین، و لهذا یکره موت الفجأة و قتل الغفلة.
دانسته شود که خداوند احدى را قبض نمیکند مگر آن که مؤمن است یعنى مصدق است آن چه را که اخبار الهیه آورده است و مرادم از این اشخاص محتضران میباشند (نه کسانى که به موت مطلق میمیرند) لذا موت فجأة و قتل غفلت کراهت دارد و ناخوش است.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: ۱۰۵۲
و من حقّت علیه کلمة العذاب الأخراوى (الأخروى- خ) لا یؤمن و لو جاءته کلّ آیة.
و هرکه کلمه عذاب اخراوى را سزاوار شده باشد اگر مشاهده همه آیات کند ایمان نمىآورد چون ابو جهل و اضراب او چه منقول است که ابو جهل در حالت قتل قاتل خود را گفت صاحبت را بگوى- یعنى محمد را صلى اللّه علیه و سلم- که من در این حال نیز از مخالفت او پشیمان نیستم.
حتّى یروا العذاب الألیم، أى یذوقوا العذاب الأخراوى (الأخروى- خ)
تا عذاب الیم را ببینند یعنى عذاب اخراوى را بچشند نزد موت طبیعى.
فخرج فرعون من هذا الصّنف. هذا هو الظّاهر الّذى ورد به القرآن. ثمّ إنّا نقول بعد ذلک و الأمر فیه إلى اللّه، لما استقرّ فى نفوس عامّة الخلق من شقائه، و ما لهم نصّ فى ذلک یستندون إلیه. و أمّا آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه.
پس خارج شد فرعون ازین صنف. این است ظاهرى که قرآن بدان وارد شده
است. و ما مىگوئیم در کار او: حکم حضرت الهى راست، چون در نفوس عامّه خلق شقاى او در آخرت استقرار یافته است، اما نص ندارند که آن را سند خویش سازند، به مجرّد انکار این کلام اکتفاء مىکنند. بارى حکم فرعون این است که به تقدیم رسید؛ امّا حکم آل او دیگر است و این مقام موضع بیان او نیست.
ثمّ لیعلم أنّه لا یقبض اللّه أحدا إلّا و هو مؤمن أى مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیّة: و أعنى من المحتضرین.
بعد از آن بباید دانست که حقّ سبحانه و تعالى روح هیچ احدى را از محتضرین قبض نمىکند مگر که در آن حالت تصدیق مىکند اخبار الهیّه [را]، چه به معاینه مىبیند آنچه را انبیاء از وعد و وعید اخبار کردهاند.
و لهذا یکره موت الفجأة و قتل الغفلة.
و از براى این است که موت فجاءة و قتل غفلت مکروه [است].
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: ۶۷۱
و من حقّت علیه کلمة العذاب الأخروىّ لا یؤمن و لو جاءته کلّ آیة حتّى یرو العذاب الألیم، أی یذوقوا العذاب الأخروىّ. فخرج فرعون من هذا الصّنف. هذا هو الظاهر الّذی ورد به القرآن.
وعد من اللّه أو إخبار منه أن ینجّیه، و وعد اللّه حقّ و إخباره صدق.
فقد عمّته النّجاة جسما و روحا.
ثمّ إنّا نقول بعد ذلک: و الأمر فیه إلى اللّه، لمّا استقرّ فی نفوس عامّة الخلق من شقائه و ما لهم نصّ فی ذلک یستندون إلیه.
و أمّا آله فلهم حکم آخر لیس هذا موضعه. ثمّ لتعلم أنّه ما یقبض اللّه أحدا إلّا و هو مؤمن أی مصدّق بما جاءت به الأخبار الإلهیّة: و أعنى من المحتضرین: و لهذا یکره موت الفجاءة و قتل الغفلة.