عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة السابعة والثلاثون :  

      

کتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحکم عبد الباقی مفتاح 1417هـ :

25 - فص حکمة علویة فی کلمة موسویة

المرتبة 25 : لفص حکمة علویة فی کلمة موسویة من الاسم القوی ومرتبة الملائکة وحرف الفاء ومنزلة الأخبیة من برج الدلو .

سریان اللطیف فی جمیع المراتب یستلزم مقاومته وقهره لجمیع الحدود والقیود ، أی یستلزم ظهور الاسم : القوی المتوجه على إیجاد مرتبة الملائکة .

وقد قرنت الملائکة فی القرآن بالقوة فوصف الحق تعالى جبریل بقوله :ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَکِینٍ ( التکویر ، 20 )   کما قال عنه :عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوى( النجم ، 5 ) .

وقال :عَلَیْها مَلائِکَةٌ غِلاظٌ ( التحریم ، 6 ) .

ومنهم حملة العرش المحیط ، ومنهم إسرافیل الذی یفنی الخلق بنفخة ویحییهم بأخرى .

وهم یسبحون اللیل والنهار لا یفترون لقوتهم المستمدة من الاسم المتوجه على إیجاد مرتبتهم أی القوی المتوجه أیضا على إیجاد حرف الفاء ومنزلة سعد الأخبیة من الدلو الهوائی

والفاء حرف تفشی النفس فی الهواء المناسب بلطافته لطافة الملائکة والجن.

کما ناسبهم لفظ سعد الأخبیة فالخبأ هو الستر فهم السعداء المخبئون عن الأبصار . . . ویضاهیهم فی الإنسان قواه الروحیة .


وأنسب الأنبیاء لحضرة القوة هو موسى علیه السلام فقد وصف بالقوة فی الآیة 26 من القصص :إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ وأمره الحق تعالى بالقوة فی الآیة 145 من سورة الأعراف فقال له :فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَکَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها

کما أمر تعالى قومه :خُذُوا ما آتَیْناکُمْ بِقُوَّةٍ ( البقرة ، 63 ) .


وسیرته مشحونة بمظاهر القوة ، فقد سمع کلام اللّه تعالى مباشرة فخص بکمال القوة السمعیة وتحدى فرعون وقومه والسحرة وقوم اعوجاج بنی إسرائیل وقتل القبطی بوکزة ،

ورمى الألواح لیأخذ بلحیة أخیه . . .


وفی کتاب العبادلة نجد بابا تحت عنوان : " عبد اللّه بن موسى بن عبد القوی " .


ولهذا ذکر الشیخ فی هذا الفص لفظتی " القوی - قوة " نحوا من ست مرات فی بدایة الباب الذی افتتحه بالقوى الروحیة التی جمعها موسى من جمیع الأطفال الذین قتلوا من أجله وأرواحهم کالملائکة لأنهم استشهدوا على صفاء الفطرة .

ومن مظاهر القوة فی هذا الفص تسخیر کل شیء للإنسان الکامل فبقوة مکانته الحاملة للأمانة کان له هذا التسخیر ، حتى إن أقوى الملائکة فی خدمته . . .

وشبه الشیخ موسى بالجبل الشامخ فی قوته .

ورغم قوته ، فإنه خر صعقا لما تجلى ربه للجبل بعد طلبه الرؤیة .

ولهذا نجد الشیخ فی الفصل 35 من الباب 198 الذی تکلم فیه عن الاسم القوی والملائکة یتکلم على مسألة هذه الرؤیة فیقول : (

ولیس فی العالم المخلوق أعظم قوة من المرأة لسر لا یعرفه إلا من عرف فیم وجد العالم وبأی حرکة أوجده الحق تعالى وأنه عن مقدمتین فإنه نتیجة .

والناکح طالب والطالب مفتقر والمنکوح مطلوب والمطلوب له عزة الافتقار إلیه والشهوة غالبة . فقد بان لک محل المرأة من الموجودات وما الذی ینظر إلیها من الحضرة الإلهیة وبماذا کانت ظاهرة القوة .

 

وقد نبه اللّه على ما خصها به من القوة فی قوله فی حق عائشة وحفصة :

" وان تظاهرا علیه - أی تتعاونا علیه - فإن اللّه هو مولاه - أی ناصره - وجبریل وصالح المؤمنین والملائکة بعد ذلک ظهیر " .

هذا کله فی مقاومة امرأتین وما ذکر إلا الأقویاء الذین لهم الشدة والقوة فان صالح المؤمنین یفعل بالهمة وهو أقوى الفعل . فان فهمت فقد رمیت بک على الطریق .


فأنزل الملائکة بعد ذکره نفسه وجبریل وصالح المؤمنین منزلة المعینین ولا قوة إلا باللّه . فدل أن نظر الاسم القوی إلى الملائکة أقوى فی وجود القوة فیهم من غیرهم فإنه منه أوجدهم .

فمن یستعان علیه فهو فیما یستعان فیه أقوى مما یستعان به .

فکل ملک خلقه اللّه من أنفاس النساء هو أقوى الملائکة فإنه من نفس الأقوى .

فتوجه الاسم الإلهی القوی فی وجود القوة على إیجاد ملائکة أنفاس النساء أعظم للقوة فیهم من سائر الملائکة وإنما اختصت الملائکة بالقوة لأنها أنوار .


وأقوى من النور فلا یکون لأن له الظهور وبه الظهور وکل شیء مفتقر إلى الظهور ولا ظهور له إلا بالنور فی العالم الأعلى والأسفل قال تعالى :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقیل إن رسول اللّه صلى اللّه علیه وسلم لما قیل له : أرأیت ربک ؟

فقال صلى اللّه علیه وسلم : نور أنى أراه .

وقال لأحرقت سبحات وجهه ما أدرکه بصره من خلقه . والسبحات الأنوار . فهی المظهرة للأشیاء والمفنیة لها .


ولما کان الظل لا یثبت للنور والعالم ظل والحق نور فلهذا یفنى العالم عن نفسه عند التجلی فإن التجلی نور وشهود النفس ظل 

فیفنى الناظر المتجلی له عن شهود نفسه عند رؤیة اللّه فإذا أرسل الحجاب ظهر الظل ووقع التلذذ بالشاهد .

وهذا الفصل فیه علم عظیم لا یمکن أن یقال ولا سره أن یذاع ، من علمه علم صدور العالم علم کیفیة .

واللّه یقول الحق وهو یهدی السبیل .

فانظر کیف تکلم الشیخ فی هذا الفصل على مسألة الرؤیة الموسویة للمناسبة بینها وبین فص موسى لاستمدادها معا من الاسم ( القوی ) .


وکلامه على المرأة مناسب لکلامه فی هذا الفص عن وجود العالم بحرکة الحب بدءا من قوله :

" فان الحرکة أبدا إنما هی حبیبة . . . ففر لما أحب النجاة . . . " کما تکلم على أم موسى وامرأة فرعون وبنتی شعیب .

وکلامه فی هذا الفصل على تجلی النور مناسب لکلامه فی آخر الفص على التجلی والکلام فی صورة النار التی طلبها موسى خدمة لأهله :


" کنار موسى رآها عین حاجته  ..... وهو الإله ولکن لیس یدریه "


وإنما ختم الباب بذکر النار لیمهد للدخول لباب الفص الموالی المخصوص بالاسم اللطیف المتوجه على إیجاد الجن وکلمة خالد فی الحکمة الصمدیة

فألطف الأرکان النار التی خلق منها الجن . . . وإلى النار صمد موسى فی طلبه حاجته . . . ولخالد قصة إعجاز مع النار .


وأما وصف حکمة هذا الفص الموسوی بالعلویة فلها عدة وجوه :


أولا : ورد الاسم " الأعلى " فی القرآن تسع مرات وسمى الحق تعالى موسى به فقال فی الآیة 68 من طه : قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعْلى

وهذا فی مقابلة قول فرعون فی سورة النازعات الآیة 24 : فَقالَ أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى

فلم یصف الحق تعالى أحدا من الرسل بالأعلى إلا موسى فحکمته علویة لعلو درجته فی النبوة والرسالة حیث کلمه اللّه بلا واسطة

وکتب له التوراة بیده تعالى وأیده بکبرى المعجزات وهو القطب الأکبر لبنی إسرائیل وللسماء السادسة سماء العلم الذی هو أعلى المنح .


ومن أسماء القطب القرآنیة : " المثل الأعلى " .

ثانیا : حیث أن لهذا الفص مرتبة الملائکة فحکمته علویة لأنهم وصفوا فی القرآن بالملأ الأعلى قال تعالى فی الآیة 8 من الصافات : لا یَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى

وفی الآیة 69 من ص : ما کانَ لِی مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ یَخْتَصِمُونَ

وفی الآیتین 6 و 7 من النجم : ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ( 6 ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى


ثالثا : التکامل بین موسى وأخیه هارون .

فلهارون المرتبة 24 التی لها الاسم المذل المتوجه على أسفل المراتب أی الحیوان الأرضی . ولموسى المقابل أی العلو الملائکی السماوی .


فائدة : فی فصول کتاب " عقلة المستوفز " :

ذکر الشیخ أسماء ملائکة مراتب الوجود فلنذکرها هنا باختصار .

* لعالم الملکوت الأعلى الأرواح العالون المهیمون فی الجلال والجمال ومنهم القلم الأعلى .

ودونه اللوح المحفوظ . ودونه أربعة أملاک مناسبون لأرکان الطبیعة الأربعة وأرواح متحیزة فی أرض بیضاء مهیمون فی التسبیح والتقدیس لا یعرفون أن اللّه خلق سواهم .


* للعرش حملته الثمانیة والحافون به هم الملائکة الواهبات وبه مقام إسرافیل ، وتحته ملائکة عالم الهباء .

ثم الکرسی وملائکته المدبرات وبه مقام میکائیل ، وتحته ملائکة عالم الرفرف وهی المعارف العلى وعالم المثل الإنسانیة .

وتحته فلک البروج وملائکته المقسمات وبه مقام جبرائیل .

وتحته ملائکة عالم الرضوان والجنان .

وتحته فلک الکواکب الثابتة وملائکته التالیات وبه مقام رضوان خازن الجنان .

وکل هذه العوالم السابقة من عالم الدوام والبقاء .


وأما عالم الاستحالة وهو عالم الدنیا فهو التالی :

السماء السابعة وکوکبها کیوان وملائکتها النازعات .

وبینها وبین فلک الکواکب الثابتة ملائکة عالم الجلال ومسکن مالک خازن النار وعزرائیل ملک الموت .

وتحتها ملائکة عالم الجمال .

 ثم السماء السادسة وکوکبها المشتری وملائکتها الملقیات ومقدمهم اسمه المقرب .

وتحتها ملائکة عالم الهیبة .

ثم السماء الخامسة وکوکبها الأحمر وملائکتها الفارقات ومقدمهم اسمه الخاشع .

وتحتها عالم البسط .

ثم السماء الرابعة وکوکبها الشمس وملائکتها الصافات ومقدمهم اسمه الرفیع .

وتحتها ملائکة عالم الأنس .

ثم السماء الثالثة وکوکبها الزهرة وملائکتها الفاتقات ومقدمهم اسمه الجمیل .

وتحتها ملائکة عالم الحفظ .

ثم السماء الثانیة وکوکبها الکاتب وملائکتها الناشطات ومقدمهم اسمه الروح .

وتحتها ملائکة عالم المزج .

ثم السماء الأولى وکوکبها القمر وملائکتها السابحات ومقدمهم اسمه المجتبى.

وتحتها ملائکة عالم الخوف .

ثم کرة الأثیر وملائکتها السابقات .

وتحتها ملائکة عالم الشوق .

ثم کرة الهواء وملائکتها الزاجرات ومقدمهم اسمه الرعد .

وتحتها ملائکة عالم الحیاة .

ثم کرة الماء وملائکتها الساریات ومقدمهم اسمه الزاجر .

وتحتها ملائکة عالم الذکر .

ثم کرة التراب وملائکتها الناشرات ومقدمهم اسمه قاف .

وعلى کرة التراب عالم الإنسان یخلق اللّه من أعماله وأقواله وخواطره ملائکة هم آخر الملائکة خلقا .


25 : سورة فص موسى علیه السلام

سورة هذا الفص هی " الفلق " . والاسم الإلهی الوحید الظاهر فیها هو . " رب الفلق " المناسب للاسم " القوی " الحاکم على مرتبة هذا الفص والمتوجه على إیجاد الملائکة لأن " الفلق " یستلزم القوة الفالقة .

وفی القرآن لم یقترن الفلق مع مخلوق سوى موسى حین فلق البحر بعصاه .


قال تعالى فی الآیة 63 من الشعراء :

" فأوحینا إلى موسى أن اضرب بعصاک البحر فانفلق فکان کل فرق کالطود العظیم " وفلق موسى الحجر بعصاه فتفجرت منه اثنتا عشرة عینا ،

ووکز القبطی ففلق جسمه وقضى علیه ،

وضم یده إلى جناحه فانفلق کونها بیاضا من غیر سوء ،

وانفلقت عصاه حیة فإذا هی تلقف ما یأفک السحرة . . .

وأعظم من کل هذا انفلاق سمعه بکلام اللّه تعالى مباشرة فقال تعالى وَکَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَکْلِیماً ( النساء ، 164 )


وختم الشیخ الفص بالکلام عن نار موسى التی سمع منها الخطاب والتی انفلقت أنوارها من " رب الفلق " ،

هذه الأنوار التی فصلها فی الباب " 271 فتوحات " الخاص بمنزل سورة " الفلق " حیث قال الشیخ رضی الله عنه :


 إنه یتعلق بهذا المنزل علم طلوع الأنوار وهی على نوعین أنوار أصلیة وأنوار متولدة عن ظلمة الکون . إلى آخره .

وفی آخر هذا الباب یقول إن هذا المنزل من منازل الأمر . أی من السور المفتتحة بالأمر " قل " .

وهو ما یذکر بقوله فی هذا الفص : " . . . ما یقع به الأمر الإلهی فی خاطری " .

والاسم " الرب " الحاکم على سورة " الفلق " هو الأکثر تجلیا فی موسى وفصه :

تربیة أمه ورضاعها ، وتربیة فرعون ، وتربیة شعیب ، وتربیة الخضر .


وتکرر فی هذا الفص هذا الاسم ومشتقاته نحو " 16 " مرة والفص مشحون بصور إعاذة رب الفلق لموسى من شر ما خلق : شر قتل الأبناء ، وشر الإلقاء فی الیم ، وشر القبطی ، وشر فرعون وآله وشر السحرة . . .

والاسم " الرب " مع مشتقاته هو الاسم الأکثر ظهورا مع الاسم " اللّه " فی القرآن .

واسم " موسى " هو الأکثر ذکرا من جمیع الأنبیاء إذ تکرر 136 مرة

وبعده " إبراهیم " تکرر 69 مرة

وکان الاسم " الرب " کثیر الجریان على لسان موسى کقوله :قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلَّا نَفْسِی وَأَخِی( المائدة ، 25 ) ،   رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ( الأعراف ، 143 )  ، رَبِّ اغْفِرْ لِی وَلِأَخِی( الأعراف ، 151 )  ، رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَکْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِیَّایَ( الأعراف ، 155 ) ،


رَبِّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی ( طه ، 25 )  ، وَعَجِلْتُ إِلَیْکَ رَبِّ لِتَرْضى( طه ، 84 )

رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ ( القصص ، 21 ) ، رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ( القصص ، 24 ) . . . إلى آخره .


وکلام الشیخ عن موسى والسحرة فی هذا الفص مناسب للآیة :

وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِی الْعُقَدِ( الفلق ، 4 ) .

 

علاقة هذا الفص بلاحقه

فی هذا الفص أعاد کلمة " مجنون " وفسرها ب " مستور " .

فالجن هم المستورون المذکورون فی سورة الفص التالی أی سورة " الناس " التی نزلت مباشرة بعد " الفلق " فهی أختها ولها الاسم " اللطیف " المتوجه على إیجاد " الجن " أی الأرواح البرزخیة الناریة کما أن لهذا الفص الاسم " القوی " المتوجه على " الملائکة " أی الأرواح النوریة .

ولهذا ختم الشیخ هذا الفص بالکلام عن نار موسى لأنها ألطف الأرکان فناسبت اسم " اللطیف " المتوجه على الجن .

فنورها لملائکة فص موسى من " الفلق " وحرارتها ودخانها لجن فص خالد من " الناس " وأشار إلى الجنة والناس بقوله : " رب المشرق والمغرب " فجاء بما یظهر ویستر وهو الظاهر والباطن . فالظهور للناس والستر للجن.


تم بحمد الله وفضله