عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

الفقرة الثالثة :


جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ  :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب.

فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

(وبعد فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی) رؤیا (مبشرة)، أی مغیرة لصورة البشرة من حزن وکرب إلى فرح وسرور.

وهو من قوله علیه السلام: «ذهبت النبوة وبقیت المبشرات» وذلک فی عالم التجرید عن العلائق البشریة وتبدیل الصورة الحیوانیة بالصورة الإنسانیة.

وسبب ذلک رکود الحواس وصفاء الروحانیة، إما بالمنام المعروف أو بالیقظة الحقیقیة .

(أریتها)، أی أرانی إیاها الله تعالى (فی العشر الآخر من شهر المحرم الحرام) من شهور (سنة سبع وعشرین وستمائة بمحروسة دمشق) الشام .

وکانت محط رحال الشیخ رضی الله عنه وموضع إقامته من دون سائر البلاد بعد أن سار فی جوانب الأقطار، ثم استقرت به الدار فی ربوة ذات قرار لما علمه فیها من خفایا الأسرار.

(و) الحال أن (بیده)، أی بید رسول الله صلى الله علیه وسلم ( کتاب فقال لی: هذا کتاب فصوص) بضم الفاء جمع فص بالفتح ویأتی بیانه إن شاء الله (الحکم) جمع حکمة .

(خذه)، أی تناوله منی .(واخرج به)أی بمصاحبته من عقلک الصرف إلى الممزوج بالنفس .

وهو معنى قوله (إلى الناس)، لأن عقولهم لیست صرفة کعقول الملائکة علیهم السلام بل ممزوجة بأنفسهم، إما متساویة أو راجحة أو مرجوحة لا تحصل الاستفادة التامة إلا ممن یجانس ویشاکل .

ولهذا قال: (ینتفعون به)، أی بهذا الکتاب، فتکون تسمیة هذا الکتاب "بفصوص الحکم" تسمیة من النبی صلى الله علیه وسلم .

کما وقع للشیخ شرف الدین عمر بن الفارض رضی الله عنه فی تائیته التی سماها له النبی صلى الله علیه وسلم «نظم السلوک» فی رؤیا أریها حکیت فی دیوانه.


شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب.

فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

فقال : "فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم له فی مبشرة أریتها فی العشر الأخیر من محرم سنة سبع وعشرین وستمائة" أی رؤیا صالحة لوجود شرائطها فی رائیها .

(بمحروسة دمشق) إشارة إلى عزلته عن الخلق بحیث لا عوائق له من الظاهر فی ذلک الزمان (وبیده صلى الله علیه وسلم ) خبر (کتاب) مبتدأ .

أی هذا الکتاب مختص بید رسول الله صلى الله علیه وسلم بحیث لا یشترک فیه بل غیره وهو أعظم کمالاته المختصة به .

والمراد بیان عظمة شأن الکتاب وعلو قدره وتنزهه عن المس الشیطانی باختصاصه وإضافته إلى ید رسول الله فی رؤیا صالحة.

(فقال لی رسول الله علیه السلام هذا کتاب فصوص الحکم) إضافة المسمى إلى اسمه فسمى الکتاب الحسی باسم الکتاب المثالی لتطابقهما معنى من غیر زیادة ولا نقصان (خذه) فیضه علیه السلام وإلقائه ما فی الکتاب على قلب الشیخ (وأخرج به إلى الناس) أمره بالإفاضة ونظم المعانی والألفاظ على الهیئة المأخوذة فی الترتیب خالصة مخلصة عن الأغراض النفسانیة والتلبیسات الشیطانیة بعین ما وصل إلیه.

یدل ذلک على أن کل ما ذکر قبل الشروع فی إبراز الفصوص لیس من عند نفسه وتصرفاته بل هو داخل فی الکتاب المعطی به من بد رسول الله المشار إلیه

بقوله : "هذا کتاب فصوص الحکم" فیصدق على الکلام المذکور قبل الفصوص أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس .

فیصدق هذا الکلام على نفسه وعلى کل جزء من الکتاب الصوری الشهادی من البسملة و الحمدلة والتصلیة وغیر ذلک .

لذلک قال : "فأول ما ألقاه المالک" بالفاء المؤذن للارتباط إشارة إلى أن المذکور بعدها متمل بما قبلها یعنی کل ذلک ظهر منی بأمر الرسول والإلقاء السبوحی (ینتفعون به) علة للإخراج أمر الناس بالانتفاع فی صورة الأخبار وفیه من المبالغة ما لیس فی الإنشاء .


شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

و قوله رضی الله عنه : "أما بعد: فإنی رأیت رسول الله، علیه السلام، فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من المحرم سنة سبع وعشرین وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده، صلى الله علیه وآله وسلم، کتاب، فقال لی: هذا «کتاب فصوص الحکم» خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به."

قلت: قوله، علیه السلام، هذه إشارة إلى معانی هذا الکتاب الذی أظهرها له رسول الله، صلى الله علیه وسلم، فی عالم الکشف وأما العبارة فهی للشیخ، رضی الله عنه.

ولذلک قال فی دعاءه رضی الله عنه : "حتى أکون مترجما لا متحکما" فهو مترجم والترجمان هو الذی ینقل المعانی إلى لغة یعرفها من یترجم له بها.


شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

قال العبد أیّده الله له : صحّ عن رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم أنّه قال : « من رآنی فقد رآنی فإنّ الشیطان لا یتمثّل بی »

وفی روایة « لا یتکوّننی » أی لیس فی قوّته أن یتظاهر بصورتی ، ولا یتمکَّن فی الترائی للأمّة بها . والتکوّن هو التکلَّف فی الشخص أن یکون على صورته التی کان علیها حال حیاة الدنیا .

فمن رآه فی تلک الصورة کامل الخلقة ، فقد رآه حقیقة ، ولیس للشیطان أن یظهر بها أبدا .

مع أنّ الشیطان قد یتظاهر بصورة الربوبیة ودعوى الإلهیة ، وذلک لسعة الحضرة والصورة الإلهیة المحیطة بصورة الاسم الهادی المرشد .

وصورة الاسم المضلّ فإنّ الله - تعالى - کما هو ربّ للمهتدین والمؤمنین والهادین ، فکذلک هو ربّ الضالَّین والمضلَّین والکافرین والمشرکین ، لا إله إلَّا هو ، ولذلک جعله من المنظرین ، وأعطاه التمکین فی الإضلال والإغواء .

فقال : " وَاسْتَفْزِزْ من اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِکَ وَأَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَرَجِلِکَ وَشارِکْهُمْ فی الأَمْوالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً " آیة 17 سورة الإسراء .

والشیطان یظهر للضالَّین والکفرة والمشرکین والفجرة والملحدین بصورة الاسم المضلّ وهو اسم

من أسماء الله تعالى قال الله تعالى : " یُضِلُّ من یَشاءُ وَیَهْدِی من یَشاءُ " آیة 8 سورة فاطر.

- وسائر الأسماء فی حضرة المضلّ بحسبها کما هو الأمر فی غیرها من الحضرات ، ولکن لیس للشیطان أن یظهر بصورة الاسم الهادی ولا بصورة الاسم الجامع المحیط المتجلَّی بصورة الهادی الذی رسول الله - صلَّى الله علیه وسلَّم - على صورته قال الله - تعالى - :

"وَإِنَّکَ لَتَهْدِی إِلى صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ . صِراطِ الله الَّذِی لَه ُ ما فی السَّماواتِ وَما فی الأَرْضِ " آیة 52-53 سورة الشوری.

فإنّ الضدّ لا یظهر بصورة الضدّ أبدا ، هذا ما لا یکون .

وکذلک النقیض لا یظهر بصورة نقیضه عصمة من الله فی حقّ الرائی ، وإلَّا لجاز انقلاب الحقائق ، وتغیّرت الفصول ، وانخرمت الأصول ، وانحرفت العقول ، فافهم هذا السرّ فإنّه من لباب التحقیق . وفی هذا المقام أسرار أخر غامضة جدّا لیس لعقول البشر ، وأرباب الفکر والنظر أن یحیطوا بها إلَّا بنور الوهب والکشف والتأیید ، والله ولیّ التوفیق والتسدید .

وأمّا من رأى صورة فی الرؤیا ، وتیقّن فی تلک الحالة أنّه رأى رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم أو یقال : إنّه هو ، ولا یطابق ما رآه صورته الأصلیة صلَّى الله علیه وسلَّم فی الصور ، وسلَّم الثابتة فی الصحیح من الأحادیث ، أو یکون مخالفا ، أو مطابقا من وجه ومخالفا من وجه ، فذلک صورة نسبة الرائی من الصورة الشرعیة المحمدیة .

فمن کان مقتدیا به صلَّى الله علیه وسلَّم من کلّ وجه ، مهتدیا بهدیه  صلَّى الله علیه وسلَّم على الوجه الأکمل ، واتّبعه حقّ المتابعة فی العلم والعمل ، وکان له ورث تامّ من حاله ومقامه .

یکون ما یرى فی وقائعه یقظة ومناما وما بینهما أکمل فی المطابقة وأبین وأوضح فی الشخص والتمثّل فی شهوده ورؤیته لکمال اتّباع الرائی الوارث له فی جمیع الأخلاق والأوصاف والأحوال والسیر والأعمال .

ویصحّ من مثله أن یقول : رأیت رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم  .

وأمّا من رآه على صورته الخصیصة به فما رآه ، وما رأى إلَّا صورة نسبیة لا غیر .

ثم اعلم : أنّ الرؤیة أعمّ من الإبصار لأنّه شهود المبصرات بحاسّة البصر ، والرؤیة شهود المشهودات کلَّها - سواء کان مبصرا أو متخیّلا أو ممثّلا أو معقولا أو معلوما رؤیة غیر متقیّدة بحاسّة البصر .

بل بعین البصیرة والعلم والقلب ، ویصدق الإبصار فی المتخیّلات والمتمثّلات لکونها مدرکة بقوّة الإبصار ، وإن کان بصره مکفوفا عن ملاقاة سطح المبصر .

فلمّا قال رضی الله عنه  : « رأیت رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم » وهو أعلم القوم بالحقائق علمنا أنّه رآه حقیقة .

فرآه بعین البصیرة ما منه صلَّى الله علیه وسلَّم مشهود بعین البصیرة والقلب ، وهو صورته الحقیقیة والمعنویة .

ورآه  بعین روحه - رضی الله عنه - صورته الروحانیة .

ورآه بعینه النورانیة الإلهیة صورته النورانیة الإلهیة ، ورأى بباطن بصره صورته المتمثّلة المحسوسة المبصرة فإنّ له ذلک على التعیین.

ولرسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم أن یظهر لمن کملت درایته منه - محسوسا مبصرا فی عالم الحسّ لأنّه لا یتقیّد فی عالم ولیس محبوسا فی برزخ من البرازخ .

وکذلک وارثه وکلّ من کملت وراثته منهما ، وصحّت نسبته معهما فی العلم والحال والمقام والخلق والعمل ، وتوجّه إلى أرواحهما ولم یعرج إلى برازخهما ، نزلا إلیه لطفا وعطفا ، وفی هذه الروایة والتنزّل تتفاوت مراتب الورثة .

سمعت سیّدی الشیخ صدر الدین محمد بن یوسف رضی الله عنه :

أنّه اجتمع هو والشیخ إسماعیل بن سودکین تلمیذ الشیخ خاتم الأولیاء مع شیخ الشیوخ سعد الدین محمد بن المؤیّد الحموی بمحروسة دمشق فی سماع .

فقام الشیخ سعد الدین رضی الله عنه فی أثناء السماع والناس فی مواجیدهم إلى صفّة فی ذلک البیت .

وبقی واقفا واضعا یدیه على نحره مطرقا إطراق إجلال وتعظیم ، متأدّبا إلى أن انقضى السماع وقد سرى سرّ جمعیته وحاله فی ذلک الجمع.

ثم قال فی آخر المشهد وقد غمّض عینه : "أین صدر الدین ؟ أین شمس الدین إسماعیل ؟ "

قال الشیخ رضی الله عنه فبادرنا إلیه أنا والشیخ شمس الدین إسماعیل فتعانقنا وضمّنا إلى صدره .

ثم فتح عینه فی وجوهنا ولحظنا ملیّا ، وقال : "حضر رسول الله - صلَّى الله علیه وسلَّم - فوقعت بین یدیه کما رأیتمونی الآن فلمّا انصرف ، أحببت أن أفتح عینی فی وجوهکما ، فقد کانت فی شهود وجه رسول الله - صلَّى الله علیه وسلَّم " .

وأمّا خاتم الأولیاء الخصوصی فقد رأته بعد وفاته رضی الله عنه من بان له رضی الله عنه  بها عنایة من بعض سراریه وهی على الباب .

فلمّا رأته ، قالت : سیّدی ، سیّدی .

فقال لها الشیخ : کیف أنت ؟

وعبّر عنها ، فصاحت ، واجتمع أهل البیت علیها .

فقالت : عبر سیّدی علیّ إلى هذا الصوب فنسبها من لا تحقیق له إلى الجنون .

وأمّا أنا فکنت فی دار السلام بغداد حرسها الله تعالى ، وکان نزیلی شخصا ادّعى أنّه المهدیّ علیه السّلام وقال لی : اشهد لی .

فقلت : أشهد عند الله أنّک غیره ولست إلَّا کذّابا ، فعادانی وجمع علیّ الملاحدة والنصریة ، وآثار علیّ جماعة منهم وقصد إیذائی.

فلجأت إلى روحانیة خاتم الأولیاء ، وتوجّهت إلیه رضی الله عنه بجمعیة کاملة ، وراقبته فی ذلک ، فرأیته رضی الله عنه وقد أخذ بیدیه یدی ذلک المدّعی ورجله الیمنى وشماله:

وقال : أضربه على الأرض ؟

فقلت : یا سیّدی لک الأمر والحکم ، فانصرف عنّی وقمت وخرجت إلى المسجد ، فإذا المدّعی مع أتباعه مجتمعین مجمعین على ما نووا ، فلم أتلفت إلیهم وجزت إلى المحراب وصلَّیت صلاتی ، ثم لم یقدروا علیّ ، ودفع الله عنّی شرّه ، ثم تاب على یدی وسافر عنّی ، والحمد لله .

فهؤلاء الکمّل یظهرون فی عالم الحسّ مهما شاؤوا بأمر الله ، وقد أقدرهم الله على ذلک ، ولیس غیرهم من النفوس البشریة ، المفارقة کذلک فإنّ الأکثر الأغلب محبوسون فی برازخهم ، لا یظهرون ولا یتشخّصون إلَّا فی المنام أو یوم القیامة ، فافهم هذا إن کان لک قلب ، أو ألق السمع وأنت شهید ، وآمن فلا تکن من الممترین والمفترین .

واعلم : أنّ هذه الرؤیة الأحدیة الجمعیة الکمالیة الجامعة لجمیع مقامات الرؤیة بالنسبة إلى الحق وأکمل الخلق - صلَّى الله علیه وسلَّم وسائر الکمّل وغیرهم مخصوصة بالختمین وورثتهما من الأولاد الإلهیین والندّر من الأفراد المکمّلین ، والحمد لله ربّ العالمین .

قال الشیخ رضی الله عنه : « فی مبشّرة أریتها فی العشر الآخر من المحرّم سنة سبع وعشرین وستّمائة [ 627 ] ".

قال العبد : « المبشّرة » فیما عرفها الناس وتعارفوها هی الرؤیا الصالحة یراها المؤمن لنفسه أو یرى لغیره.

کما نطقت به النبوّة الختمیة للجمهور ، ومشرب التحقیق الختمی الکمالی الخاصّ یقضی بأنّها أعمّ.

فقد یبشّر الله أولیاءه بغیر الرؤیا یقظة وإلقاء وإعلاما وتجلَّیا کفاحا وواردا إلهیّا روحانیّا ملکیّا وغیر ذلک على ما یعرفها أهلها ویتعارفونها بینهم .

وقوله : « أریتها » دالّ على أنّ الله أراها قصدا خاصّا اختصّه الله بذلک .

والمحرّم من المشهور اختصّ بهذه المبشّرة لأنّه - رضی الله عنه - فتح له فی أوائل فتحه فی المحرّم أیضا على ما روّیناه عن الشیخ رضی الله عنه بالخلوة  الخلق أوّل مبشّرة فی إشبیلیّة من بلاد أندلس تسعة أشهر لم یظهر فیها ، دخل فی غرّة المحرّم ، وأمر بالخروج یوم عید الفطر ، وبشّر بأنّه خاتم الولایة المحمدیة ، وأنّه وارثه الأکمل فی العلم والحال والمقام .

قال رضی الله عنه : « وبیده کتاب ، فقال لی : هذا کتاب فصوص الحکم ، خذه واخرج به إلى الناس ، ینتفعون به " .

قال العبد : « الید » مظهر العطاء والمنع والقبض والبسط والأعمال الصالحة ، وهی صورة القدرة .

وکون الکتاب بیده إشارة إلى أنّ هذه العلوم والحکم التی یتضمّنها هذا الکتاب من خصوص أذواق کمّل الأنبیاء - صلَّى الله علیه وسلَّم - بیده وقبضه من کون أحدیة جمع جمع الختمیة النبویّة جامعة ومحیطة بها جمیعا على التخصیص .

و " الکتاب" فعال - بکسر الفاء - یعنی به المکتوب من الکتب وهو الجمع لکون کلّ کتاب جامعا بین جمل وفصول ، وفروع وأصول ، ومعان وعبارات ، وسور وآیات ، وحروف وکلمات ، وحقائق ودقائق وإشارات .

وقوله - صلَّى الله علیه وسلَّم - : « هذا کتاب فصوص الحکم » المنزلة على الکمّل المذکورین .

وفیه إجمال مضمون الکتاب لمن عقل عن الله وذلک أنّ الفصوص تدلّ على معان وحقائق معلومة للخاصّة.

ککون الفصوص محالّ النقوش والعلامات الاسمیة التی یختم بها على الخزانة .

وأنّ النقوش التی فی هذه الفصوص إنّما هی نقوش الحکم الإلهیة الکلَّیة الکمالیة الأحدیة الجمعیة الختمیة المحمدیة المتفصّلة فی قابلیّات قلوب کمّل الأنبیاء المذکورین فی الکتاب .

فإنّ هذه النقوش الحکمیة وإن نزلت على قلوبهم من الحضرات الإلهیة الأسمائیة بحسب استعداداتهم الخصیصة بکل حضرة حضرة منها .

ولکن أحدیة جمع هذه الحکم والنقوش من حیث الأصل والمحتد فی قبضة خاتم الرسل صلَّى الله علیه وسلَّم ، وتفصیلها وتبیینها وتوصیلها وتعیّنها .

إنّما یکون على یدی خاتم الأولیاء المحمدی الخاصّ خاصّة .

لکون هذه الحکم إنّما تؤخذ من الوراثة الخاصّة المحمدیة الختمیّة ، وکونه رضی الله عنه هو وارثه صلَّى الله علیه وسلَّم فی هذه الختمیة الخصوصیة .

وإن کان الکاملون جمیعا ورثته فی المقامات الکلَّیة المحمدیة المتفصّلة فی جمیع الأنبیاء والأولیاء لکن هذه الوراثة الختمیة وارثة خاصّة ، لها ذوق خاصّ ، منه یعرف أذواق جمیع الأنبیاء والأولیاء.

ولا یعرف من ذوق أحدهم ولا من أذواق الکلّ ، ویوجد فی ذوقه مزید أسرار وحکم على أذواق أهل المقامات .

یعرف ما أشرت إلیه المحیط بأذواقهم ومشاربهم أوّلا ، الجامع لزوائد ما جاء به هذا الخاتم رضی الله عنه ثانیا ، والله الموفّق .

قال الشیخ - رضی الله عنه - : « خذه واخرج به إلى الناس ، ینتفعون به  ".

قال العبد : أمره علیه السّلام بأخذ هذا الکتاب إشارة إلى أنّه رضی الله عنه هو الخاتم المخصوص بختمیة ولأنّه المخصوص .

وذلک لأنّ الحکم التی فی ضمن " فصوص الحکم " المخصوصة بمقامات الختمیة المحمدیة المتعیّنة فی کل مقام من مقامات الکمالات الخصیصة بالحضرات الأسمائیة الإلهیة التی هی لهؤلاء الأنبیاء المذکورین فیه  جملة تجلَّیاتها وعلومها وأحکامها ، فأمر خاتم الأنبیاء بإخراج هذه الحکم الختمیة یجب أن یکون لوارثه الأکمل فی الختمیة الجمعیة إذ حقائق الختمیة وعلومها لا تکون إلَّا للمتحقّق بالختمیة ، فافهم الإشارة فإنّها لطیفة .

وهو مثل قوله - تعالى - لموسى بن عمران " فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَکَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها " .

یعنی فی زعمهم ومبلغ علمهم ، وإلَّا فکلّ ما فیها أحاسن ومنها تنبعث المحامد والمحاسن .

وقوله : « واخرج به إلى الناس ینتفعون به »

إشارة إلى أنّ هذه الحکم الأحدیة الجمعیة الکمالیة المحمدیة الختمیة إنّما یظهرها الله به وعلى یدیه ولسانه  صلَّى الله علیه وسلَّم .

وسیاق الکلام یقتضی ظاهرا أن یکون قوله : « ینتفعون به » مجزوما بإسقاط نون " ینتفعون " لکونه جواب الأمر ، وهو ظاهر ، ولکنّه صلَّى الله علیه وسلَّم بشّر الشیخ رضی الله عنه بأنّ الناس أی المتحقّقین بالإنسانیة إلى یوم القیامة ینتفعون به، ویخرّج على أنّه لیس جواب الأمر ، ولکنّه إخبار ابتدائی منه صلَّى الله علیه وسلَّم بذلک .

أی بصورة الحال الجاریة لمزید إعلام وبشارة .

فهو جواب سؤال مقدّر لو سئل صلَّى الله علیه وسلَّم : إنّ هذه الحکم تعلو وتجلّ عن فهم الناس الحیوانیین  بأنّ فیهم ناسا مؤهّلین للکمال ینتفعون به .

قال الشیخ رضی الله عنه : "فقلنا السمع والطاعة لله ورسوله ولأولی الأمر منّا ، کما أمرنا ".

المفهوم الظاهر ظاهر ، وهو امتثال أمر الله ورسوله وأولی الأمر بعد الرسل من المؤمنین والخلفاء والأئمة الذین یلون الأمر وباطنه وسرّه .

إنّه رضی الله عنه أشار فی کلّ ذلک إلى طاعة الله الظاهر المتجلَّی فی المظهر المحمدی الأکملیّ ، وإلى طاعته أیضا من حیث إنّه رسول الله.

ثم من کونه صلَّى الله علیه وسلَّم ولیّ الأمر على جمیع الکمّل ، فیخرّج أنّ طاعته رضی الله عنه أیضا فی هذه الوجوه الثلاثة کلَّها لله فی أکمل مظاهره وهو رسول الله من ثلاث حسنات کلَّیة ، فافهم .


شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

المبشرة فی الأصل صفة الرؤیا ، وهی من الصفات الغالبة التی تقوم مقام الموصوف فلا یذکر معه الموصوف کالبطحاء فلا یقال رؤیا مبشرة کما لا یقال أرض بطحاء .


مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

قوله: "أما بعد، فإنی رأیت رسول الله، صلى الله علیه وسلم، فی مبشرة). (أریتها فی العشر الآخر من المحرم لسنة سبع وعشرین وستمأة" هذا تمهید عذر لإظهار هذا الکتاب إلى الخلق، فإن الأولیاء أمناء الله تعالى.

والأمین لا بد لهمن أن یحفظ الأسرار التی أؤتمن عنده ویصونها عن الأغیار.

کما قال:

یقولون خبرنا فأنت أمینها      ..... وما أنا إذ خبرتهم بأمین

اللهم إلا أن یؤمروا بإظهارها، فحینئذ یجب علیهم الإظهار والإخبار.

و لما کانت الرؤیة إما بالبصیرة أو بالبصر، والکمل لهم الظهور فی جمیع العوالم حیثما شاء الله لعدم تقیدهم فی البرازخ کتقید المحجوبین.

نبه أنها کانت فی"مبشرة"، أی فی رؤیا مبشرة، وهی لا یکون إلا بالبصیرة، وهی عین الباطن.

قال، علیه السلام، عند إخباره عن انقطاع الوحی: "لم تبق بعدی من النبوة إلا المبشرات".

فقالوا: "وما المبشرات یا رسول الله؟" قال: "الرؤیا الصالحة یراها المؤمن".

وهی لا یستعمل مع موصوفها، فلا یقال: رؤیا مبشرة.

کما لا یقال: أرض بطحاء.

قوله: "أریتها" على صیغة المبنى للمفعول من "الإراءة". أی، أرانیها الحق من غیر إرادة منى وکسب وتعمل، لیکون مبرأ من الأغراض النفسانیة ومنزها عن الخیالات الشیطانیة.

قوله: (بمحروسة دمشق وبیده، صلى الله علیه وسلم، کتاب).

(فقال لی: "هذا کتاب فصوص الحکم". خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به).

متعلق بقوله:

"رأیت" أی، رأیته فی محروسة دمشق. وفی قوله: "بیده کتاب" إشارة إلى أن الأسرار والحکم التی یتضمنها هذا الکتاب إنما هی مما فی ید رسول الله، صلى الله علیه وسلم، وملکه وتحت تصرفه.

کما یقال: هذه المدینة فی ید فلان. أی فی تصرفه. وهی مظهر التصرف بالأخذ والعطاء.

وقوله: "هذا کتاب فصوص الحکم" یحتمل أن یکون إخبارا منه، صلى الله علیه و سلم، بأن اسمه عند الله هذا.

وأن یکون سماه، صلى الله علیه وسلم، بذلک ولابد أن یکون بین الاسم والمسمى مناسبة ما عند أهل التحقیق.

فهذا الاسم یدل على أن مسماه خلاصة الحکم والأسرار المنزلة على أرواح الأنبیاء المذکورین فیه، إذ فص الشئ خلاصته وزبدته، کما سنبین إنشاء الله تعالى.

وأیضا، لما کان مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دوریة وقلب الإنسان الکامل محلا لنقوش الحکم الإلهیة، شبهها بحلقة الخاتم.

والقلب بالفص الذی هو محل النقوش، کما قال فی آخر الفص الأول: "وفص کل حکمة الکلمة التی نسبت إلیها".

وسمى الکتاب بفصوص الحکم، لما فیه بیانها وبیان حکمها.

قوله: "خذه واخرج به إلى الناس" أی، خذه منى فی سرک وغیبک واخرج به إلى عالم الحس والشهادة بتعبیرک إیاه وتقریرک معناه بعبارة تناسبه وإشارة توافقه لینتفع به الناس ویرتفع عنهم حجابهم.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

أما بعد: (فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة) هی الرؤیا الصالحة؛ لأنها تبشر بالغیب عن الحق بریئا عن شوائب الوهم والخیال الباطل؛ ولذا جعلت جزءا من النبوة فی قوله صلى الله علیه وسلم : "لم یبق من النبوة إلا المبشرات".

قالوا: وما المبشرات یا رسول الله؟

قال صلى الله علیه وسلم : "الرؤیا الصالحة یراها المؤمن أو ترى له".

و أشار بذلک إلى أن هذا الکشف یشبه کشف النبوة؛ فلا یسوغ إنکاره.

کیف وقد قال صلى الله علیه وسلم : "إن من العلم کهیئة المکنون لا یعلمه إلا العلماء بالله، فإذا نطقوا به لا ینکره إلا أهل الغرة بالله ".

(أریتها)، أی: أرانیها الله تعالى، ولم یکن ذلک من نفسی، (فی العشر الأخیر من محرم)، أی: حین کان لی هجرة إلى مقام رسول الله صلى الله علیه وسلم فی المنام، بعد حصول الکمال لی فی ذلک.

کما أشار إلیه بالعشر الأخیر، فإن العشرة عدد کامل، وکونها الأخیرة إشارة إلى انتهائه فی ذلک، (سنة سبع وعشرون وستمائة) بین التاریخ لیعلم أنه من أواخر کشوفه الحاصلة له حالة الکمال.

(بمحروسة دمشق)، أشار بذلک إلى أنه إنما استفاد ذلک بواسطة من دفن فیه من الأنبیاء علیهم السلام - وإلى أنه حین أظهره کان بین أظهر أعلام الإسلام المشددین على الملوک وغیرهم فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

ومع ذلک لم یقدروا على إنکار شیء منه على وجهه، ولا محو کتبه لغیبته، (وبیده صلى الله علیه وسلم کتاب)، أشار بذلک إلى أنه کالملک له؛ فلا یصل إلیه غیره إلا بواسطته .

وما حصل للشیخ رضی الله عنه بواسطته فهو أتم مراتب الکشف، وأشار إلى هذا المعنى بقوله: (فقال لی: هذا کتاب «فصوص الحکم»).

أی: علوم تتزین بها بقیة العلوم کما نزین الخاتم بالفص، أو علوم هی غایات کمالات أذواق الحمل من الأنبیاء علیهم السلام؛ إذ الفص ختم للخاتم، ونهایة لکماله، خص الشیخ رضى الله عنه  بإعطاء ذلک فی هذه الأمة التی علماؤها کأنبیاء بنی إسرائیل؛ فهو من أکابر أولئک العلماء.

ولأمر ما قال له صلى الله علیه وسلم : («خذه واخرج به إلى الناس») ، الأمر بأخذه أولا لیفوز برتبة الکمال، ثم بإخراجه إلى الناس لیفوز برتبة التکمیل.

وهذه الجملة تکمل المشابهة بالأنبیاء علیهم السلام، فإن من الأولیاء من یعطى الأسرار، ولا یؤمر بإخراجها إلى الناس، وفیه تمهید لعذره فی إخراج هذه الأسرار بأنه لم یخرجها ما لم یجب علیه إخراجها بأمر الله تعالى، فإن الأمر الرسول ، ورؤیته کأمر الله تعالی ورؤیته: "من یطع الأول فقد أطاع الله" [النساء: 80]، حدیث الطبرانی: «ومن رآنی، فقد رأى الحق» .

ثم علل ذلک بقوله: (ینتفعون به)، بأن یطلعوا بذلک على کمالات الأنبیاء علیهم السلام، وغایة علومهم وأذواقهم، ویرون مع ذلک فضل نبینا صلى الله علیه وسلم علیهم فی تلک المراتب فیزدادون به إیمانا، ویطلعون بذلک على بعض أحوال الناس.

وفی قوله: "إلى الناس ینتفعون به" إشارة إلى أن من لا ینتفع به، فلیس من الناس بل من البهائم أو السباع أو الشیاطین؛ فافهم.

فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله صلى الله علیه وسلم ولأولی الأمر منا)، لما کان أمره صلى الله علیه وسلم أمر الله تعالى للآیة المذکورة .

مع أن الکامل لا یرى شیئا إلا یرى الله فیه أو معه أو قبله أو بعده، قال: السمع والطاعة لله ولرسوله، ولما کانت المشایخ تابعین له صلى الله علیه وسلم کان أمره صلى الله علیه وسلم موجبا لإجازتهم هو إشارة إلى إجازتهم بطریق الإلزام فی إظهار الأسرار.

(کما أمرنا)، إشارة إلى قوله تعالى: «أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم " النساء: 59 ، وهم المشایخ والعلماء فی جمیع الأمور.

قال: منا وکذا الأمراء فی بعض الأمور، وهو فیما أمروا أن یأمروا بذلک.


شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

قال رضی الله عنه : "أمّا بعد فإنّی رأیت رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم فی مبشّرة أریتها فی العشر الأخیر من المحرّم ، سنة سبع وعشرین وستمائة بمحروسة دمشق وبیده صلَّى الله علیه وسلَّم کتاب " .

المبشّرة - لغة - : الریح التی تبشّر بالغیث ، وفی عرفهم یطلق على ما یرى السالک من الصور المثالیّة المبشّرة له بجلائل الفتوحات .

ثمّ إنّ الفیض الواصل إلى العبد له مدرجتان : إحداهما من الرحمة الوجوبیّة التی یسلک إلیها العبد بمساعی قدمی جدّه واجتهاده ، وعلمه وأعماله ، والثانیة من الرحمة الامتنانیّة التی إنما تنساق إلى العبد بدون توسّل عمل منه ولا توسّط سعی واجتهاد وفی عبارتی « رأیت » و « أریتها » ما یدلّ على أنّ  الفیض المذکور لجلالة قدره جامع بین نوعیهما ، حائز لکمالیهما .

وفی لفظ « الکتاب » إشارة إلى أنّ ما انطوى علیه من الحقائق هو الذی یتعلَّق بطرف الولایة خاصّة ، فإنّ للکتاب اختصاصا به ، کما أنّ للکلام اختصاصا بما یتعلَّق بطرف النبوّة منها ، ویؤیّد ذلک ما فی اللغة من أنّ الأوّل فیه معنى الجمعیّة ، کما أنّ فی الثانی ما یستتبع التفرقة ، وسیجئ ما یلوّح إلى زیادة تحقیق لهذا البحث .

وقوله : « وبیده » فیه إشعار بأنّ ما تضمّنه الکتاب من الخصائص الختمیّة المکنونة التی هی فی قبضته إلى الآن ، فإنّه کما أنّ الفم مصدر فتح أبواب انبساط الکتاب وما انطوى علیه على صحائف العیان ، فإنّ الید مورد طیّه وقبضه ، ومحلّ ختمه وکتمه .

وممّا یلوّح علیه أنّ « الید » هو « الختم » على طریقة التحلیل ( 14 ) .

وأیضا : فإنّ الزمان والمکان المذکورین یلوحان على أنّ ما تولد منهما من الحقائق على مجالی المشاهد والمدارک من الفضائل الختمیّة الزائدة على مشهودات الکمّل وخصائصها المحرّمة علیهم ، تلویحا ظاهرا ولذلک ما کاد یبرز من تلک الحقائق شیء ما لم یصدر من ذلک المصدر مرسوم بإبرازه وإظهاره ، على ما أشار إلیه بقوله :

قال رضی الله عنه : "فقال لی : هذا کتاب فصوص الحکم ، خذه وأخرج به إلى الناس ینتفعون به " .

وفی تسمیته صلَّى الله علیه وسلَّم بـ « فصوص الحکم » إشعار بأنّ ما انطوت علیه من نقوش الحقائق إنّما هو من الخصائص الختمیّة على ما لا یخفى على الفطن .

ثمّ إنّ ما یؤخذ به الکتب - أخذا یعتدّ به ویعوّل علیه - من الآلات والجوارح هو السمع الذی فیه صور المعلومات ، کما أنّ ما یخرج به هو باقی الجوارح والأعضاء .

وأیضا : فإنّ المذکور هو قول الخاتم وأمره ، وفی مقابلة القول : السمع ، وفی مقابلة الأمر : الطاعة .


شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد المتوفی 898 هـ :

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

قال رضی الله عنه : "أما بعد فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة"، أی رؤیا صالحة وهی لا تستعمل مع موصوفها .

فلا یقال : رؤیا مبشرة (أریتها) بأراءتها الحق سبحانه إیای من غیر قصد وتعمل منی فتکون مبرأة عن الأغراض النفسیة و الخیالات الشیطانیة (فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرین وستمائة).

واختص المحرم من الأشهر بهذه المبشرة لأنه رضی الله تعالی عنه فتح له فی أوائل فتحه من المحرم أیضا على ما روى عنه رضی الله عنه أنه اتخذ الخلوة مرة بإشبیلیة من بلاد الأندلس تسعة أشهر لم یفطر فیها دخل فی عشرة المحرم وأمر بالخروج عند عید الفطر .

وبشر بأنه خاتم الولایة المحمدیة (بمحروسة دمشق وبیده ) التی هی مظهر تصرفه بالأخذ والإعطاء (کتاب فقال صلى الله علیه وسلم فی هذا) إشارة إلى ما بیده من الکتاب (کتاب فصوص الحکم) إخبار بأنه عند الله مسمی بهذا الاسم أو تسمیة من عنده صلى الله علیه وسلم أو حکما منه بأنه کتاب مشتمل على بیان خلاصة الحکم المنزلة على قلوب الأنبیاء علیهم السلام أو بیان محالها.

وفی هذه القلوب فإن فص الشیء خلاصته .

وفص الخاتم ما ینقش علیه اسم صاحبه .

وتکون التسمیة به من الشیخ رضی الله عنه .

(خذه) فی سرک وعینک (واخرج به ) فی الحس والشهادة (إلى الناس) المتحققین بالإنسانیة (ینتفعون به) وسیاق الکلام یقتضی أن یکون قوله : ینتفعون مجزومة بإسقاط النون لکونه بحسب الظاهر جوابا للأمر لکنه صلى الله علیه وسلم جعله إخبارا ابتدائیة بأن المتحققین بالإنسانیة ینتفعون به إلى یوم القیامة.

لمزید إعلام وبشارة للشیخ رضی الله عنه ، وهو جواب سؤال مقدر کأنه صلى الله علیه وسلم سئل أن هذه الحکم تجل وتعلو عن أن یخرج بها إلى الناس الحیوانیین.

فأجاب صلى الله علیه وسلم بأن فیهم ناسا مؤهلین للکمال ینتفعون به.


کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940هـ:

قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (أما بعد: فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه وسلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبیده صلى الله علیه وسلم  کتاب. فقال لی: هذا "کتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ینتفعون به.)

قال الشیخ الأکبر :  [ أما بعد : فإنی رأیت رسول الله صلى الله علیه و سلم فی مبشرة أریتها فی العشر الآخر من محرم سنة سبع و عشرون و ستمائة بمحروسة دمشق، و بیده صلى الله علیه و سلم کتاب، فقال لی: هذا »کتاب فصوص الحکم« خذه و اخرج به إلى الناس ینتفعون به، فقلت: السمع و الطاعة لله و لرسوله و أولی الأمر منا کما أمرنا] . 

قال الشارح قوله: (أما بعد فإنی رأیت) أسند الرؤیة إلى نفسه الکریمة مع تأکید قوله، فإنی إشارة إلى بقائه وحضوره التام بعد الفناء العام وکمال الفرق بعد الجمع و الفرقان بعد القرآن.

کما هو حال العالم الوارث الباقی بنفسه، وهو أتم من أن یرى بالحق کالعارف الفانی عن نفسه، فالرائی هو العبد لا الحق .

قال رضی الله عنه فی الفصل التاسع و الأربعین من "الأسئلة ":

قال صلى الله علیه وسلم عن نفسه : "انا سید الناس ولا فخر" بالراء والزی روایتان أی أقولها غیر متبجح بباطل أی أقوالها ولا أقصد الأفتخار على من بقی من العالم .

فانى وان کنت أعلى المظاهر الانسانیة فانا أشد الخلق تحققا بعینی فلیس الرجل من تحقق بربه وانما الرجل من تحقق بعینه .

لما علم ان الله أوجده له تعالى لا لنفسه وما فاز بهذه الدرجة ذوقا إلا محمد صلى الله علیه وسلم وکشفا إلا الرسل وراسخوا علماء هذه الأمة المحمودیة .

ومن سواهم فلا قدم لهم فی هذا الأمر وما سوى من ذکرنا ما علم ان الله أوجده له تعالى بل یقولون انما أوجد العالم للعالم فرفع بعضهم فوق بعض درجات لیتخذ بعضهم بعضا سخریا وهو غنی عن العالمین هذا مذهب جماعة من العلماء بالله.

قال رضی الله عنه فی الباب الرابع عشر من "الفتوحات" : إن المکاشف یعاین النبی صلى الله علیه و سلم و یسأله عن الأحادیث وصحتها فینکرها أو یصدقها . 

ثم قال: إن الولی یشترک مع النبی فی إدراک ما تدرکه العامة فی النوم فی حال الیقظة سواء . 

وقال رضی الله عنه فی الباب الثامن و الثمانین و مائة من "الفتوحات " : و قد یتقوى الأمر على بعض الناس فیدرکون فی الیقظة ما کانوا یدرکونه فی النوم . 

ویشیر إلى هذا قوله صلى الله علیه وسلم : "ومن رآنی فی المنام فسیرانی فی الیقظة، ولا یتمثل الشیطان بی" ذکره السیوطی فی "جمع الجوامع".

و رواه البخاری و مسلم عن أبی هریرة، والترمذی و الطبرانی فی "الکبیر" عن مالک بن عبد الله الخثعمی . 

وقال رضی الله عنه: ذلک نادر وهو لأهل هذه الطریق من نبیّ وولیّ، هکذا عرفناه. انتهى کلامه. 

وإنما قلنا: إنّ الرؤیة والأخذ کانتا فی الحس لا فی النوم للأصلین الثابتین عنه رضی الله عنه أنّ الحس لا غلط فیه. 

کما قال رضی الله عنه فی الباب الرابع و الثلاثین: إنه ما غلط حسّ أبدا.

فإن قیل: إن الصفراوی یرى السکّر مرّا، و لیس هذا إلا من غلطه الحسی .

قلنا: هذا الغلط من الحاکم الذی هو العقل و ذلک لأن المنسوب إلى الحس إدراک المرارة، و هو واقع بلا شبهة، و لکن إسناد هذه المرارة إلى السکر غلط العقل.

فإن الخلط الصفراوی حائل بین الذائقة و بین السکر، فما أدرک مما أدرک إلا الصفراء و هی مرة بلا شک.

وکذلک راکب السفینة یرى حرکة ولکن قائمة على من فی البر، فرؤیة الحرکة صحیحة من الحس ولکن نسبتها إلى الخارج من حکم العقل، و قد غلط فی حکمه فلا ینسب الغلط أبدا فی الحقیقة إلا إلى الحاکم لا الشاهد . 

أما ترى فی شرف الحواس أنه قال تعالى فیه : "کنت سمعه و بصره"  .

و ما ذکر فیه القوى العقلیة و الروحیة، و لا أنزل نفسه تعالى منزلتها منزلة الافتقار إلى الحواس، و الحق لا ینزل منزلة یفتقر إلى غیره . 

وأمّا الحواس فمفتقرة إلى الله لا إلى غیره، فنزل لمن هو یفتقر إلیه و لم یشرک به أحدا، فأعطاها الغنى فهو یأخذ منها و عنها، ولا تأخذ هی عن غیرها من القوى إلا من الله تعالى، فاعرف شرف الحس و قدره و أنه عین الحق.

ولهذا لا تکمل النشأة إلا به، فالقوى الحسیة هم الخلفاء على الحقیقة فی أرض هذه النشأة عن الله تعالى . 

أما ترى أنه سبحانه وصف نفسه بأنه سمیع بصیر، و لم یصف بأنه عاقل یفکر مخیل، و ما أبقى له من القوى الروحانیة إلا ما للحس مشارکة فیه، کالحافظ و المصور فافهم .

حتى تعلم ترجیح جانب الحس عن الخیال، ووجه اختیارنا الحس من بین القوى جعلنا الله و إیاکم ممن مشی على مدرجته، حتى یلحق بدرجته آمین . 

و ثانیهما: أی من الأصلین أنه لو کان یطلب التعبیر، و معنى التعبیر الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.

فإن کان أخذ الکتاب من موطن الرؤیا لعبره رضی الله عنه، فلما لم یعبره علمنا قطعا أنه کان فی الحس لا فی الخیال .

أما ترى ما یقوله رضی الله عنه بطریق الذم بقی ابن مخلد حین رأى لبنا سقاه النبی صلى الله علیه و سلم فصدق الرؤیا، فاستقاه فقال: لبنا، و لو عبر رؤیاه لکان ذلک اللبن علما، فحرّمه الله علما کثیرا على قدر ما شرب فافهم . 

و ما کان الله ینهانا عن أخذ الربا و هو یأخذ منا، و ما کان رضی الله عنه یأمرنا بمکارم الأخلاق، و یکون جنابه العالی خال منها . 

أما ترى فی قوله فی "الفصوص" فی ذکر ابن مخلد: 

فإن خرج فی الحس کما کان فی الخیال، فتلک لا تعبیر لها و لهذا اعتمد ابن مخلد فإنه ذکره فی مقام التقصیر لا من حیث المحمدة . 

ذکر ابن سودکین و هو أبو الطاهر إسماعیل بن سودکین بن عبد الله النوری شارح کتاب "التجلیات" للشیخ رضی الله عنه فی شرحه : لقد قال لی إمامی و قدوتی إلى الله تعالى ذات یوم: یا والدی رأیت البارحة کأنی أعطیتک هذه العمامة التی على رأسی، و أصبحت علی أن أعطیتکما، ثم أحببت أن یکون تأویله ذلک ما یقتضی باطن الرؤیة، و حقیقتها فترکت إیصالها لک ظاهرا یا والدی لهذا السرّ.

فانظر: أی هذا المنع الذی قد ملأ عطاء، فافهم .

فإن خالفنا فی هذا التأسیس و النمط الشرّاح بأسرهم لهذین الأصلین المذکورین . 

( رسول الله صلى الله علیه و سلم) أشار بقوله: رسول الله و لم یقل: نبی الله، إلا أن الأمر الإلهی بواسطة الرسول، فافهم .

(فی مبشرة ) قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه فی الباب العاشر و ثلاثمائة من "الفتوحات ": إن المبشرات التی أبقیت علینا من آثار النبوّة وهی الرؤیا یراها الرجل، أو ترى له وهی حق ووحی، ولا یشترط فیها النوم لکن قد یکون فی النوم، وفی غیر النوم و فی أی حال کانت، فهی رؤیا فی الخیال بالحس لا فی الحس والتخیل قد یکون من داخل القوة، وقد یکون من خارج بتمثیل روحانی أو التجلی المعروف عند القوم.

ولکن هو خیال حقیقی إذا کان المزاج المستقیم مهیأ للحق سبحانه. انتهى کلامه رضی الله عنه. 

أو یقول فی بیان قوله رضی الله عنه فی مبشرة أو تصدیق قوله صلى اللّه علیه و سلم : 

"الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا". رواه البیهقی  و أبو نعیم بالحلیة والمناوی فی فیض القدیر

قال رضی الله عنه: الأمر و الله فی غایة الأشکال، لأنا خلقنا فی هذه الدنیا نیاما فلا تدری للیقظة طعما، فنبه بلفظ مبشرة أنّ ما أدرکتموه فی هذه الدنیا هو مثل إدراک النائم بل هو إدراک النائم فی النوم فسماه مبشرة . 

أما ترى قوله تعالى: "وما جعلنا ُّالرؤْیا الّتی أرْنیاک إلّا فتْنةً للنّاسِ والشّجرة الملْعونة فی القُرْآنِ و نخِّوفُـهُمْ فما یزیدُهُمْ إلّا طغْیاناً کبیرًاً" [ الإسراء: 60] .

وأراد تعالى بالرؤیا العیان الذی رأى صلى الله علیه وسلم لیلة المعراج، فسمّاه الرؤیا وهو رؤیة عیان لا منام بالإنفاق . 

قال تعالى: "ومِنْ آیاتهِ منامُکُمْ باللّیْلِ والنّهارِ" [ الروم: 23] . ولم یذکر الیقظة وهی من جملة الآیات، فذکر المنام دون الیقظة فی حال الدنیا، فدلّ على أن الیقظة لا تکون إلا عند الموت.

وأن الإنسان فی الدار الدنیا نائم أبدا، فإن لم یمت وإنه فی منام باللیل والنهار فی یقظته ونومه. 

أما ترى عدم إعادة الباء فی قوله: (والنهار) واکتفى بباء اللیل یشیر إلى التحقق بهذه المشارکة، ویقوى الوجه الذی أثر زیادة فی هذه الآیة.

فلهذا جعل الدنیا عبرة و جسرا لیعبر: أی یعبر کما یعبر الرؤیا التی یراها الإنسان فی المنام المعتاد.

فلهذا قیل فی المثل المضروب: الدنیا جسر یعبر ولا یعمر.

فکلما یرى العارف أو یسمع کان ما کان: أی من کان بأی وجه کان یأخذ لنفسه حظا منه، إن کان بشارة فبشارة وإن کان إنذارا فإنذار، کما یفعله صاحب الرؤیا المعتاد. 

صحّ عن النبی صلى الله علیه وسلم کان یتفاءل و یقول بالتفاؤل حتى کان صلى الله علیه و سلم إذا سیق له لبن فی الیقظة تناوله کما رؤیاه.

أما سمعت أنه صلى الله علیه و سلم لما أسری به أتاه الملک بإناء فیه لبن، و إناء فیه خمر، فشرب اللبن .

فقال له الملک: أصبت الفطرة أصاب الله بک أمتک، فجعله بمنزلة الرؤیا للنائم خیالا لا بد من تأویل فافهم .

قال رضی الله عنه فی الباب الثانی و السبعین و ثلاثمائة من "الفتوحات": إن ما فی الکون کلاما لا یتأوّل، و لا یعبر عنه و لذلک .

قال تعالى: "ولنعلِّمهُ مِنْ تأویلِ الْأحادِیثِ" [ یوسف: 21] وکل کلام یصدق أنه حادث عند السامع فمن التأویل، ما یکون إصابة لما أراد المتکلم بحدیثه، ومنه ما یکون خطأ عن مراده لا فی نفس الأمر.

فإن ما من أمر إلا وله وجه صواب فیعرفه من یعرف المواطن وأحکامها، والتأویل عبارة عما یؤّوّل إلیه ذلک.

والتعبیر عبارة عن الحوز بما یتکلم به من حضرة نفسه إلى نفس السامع فهو ینقله من خیال إلى خیال لأن السامع یتخیله على قدر فهم .

فقد یطابق الخیال: أی خیال المتکلم خیال السامع، و قد لا یطابق فإذا طابق سمّی فهما منه، و إن لم یطابق فلیس بفهم .

وإنما قصدنا بهذا الذکر أن یقرع أذنک ما أنت غافل عنه، وهو معنى الحدیث المشهور :"والناس نیام".الحدیث .

وإنک خیال و کل ما تدرکه خیال فالوجود کله خیال فی خیال، والوجود الحق إنما هو لله خاصة من حیث ذاته لا من حیث أسمائه، فإن الأسماء نسب و النسب لا عین لها.

قال رضی الله عنه: و الکل بحمد الله خیال فی نفس الأمر لأنه لا ثبات له دائما على حال واحد و الناس نیام، و کل ما یراه النائم قد عرف ما یرى و فی حضرة، فإذا ماتوا انتبهوا من هذا النوم. فی النوم فما برحوا فی رؤیا، فلم یزل الأمر کذلک, ولا یزال فی الحیاة الدنیا والآخرة فافهم .

ذکره رضی الله عنه فی الباب الرابع عشر وأربعمائة من "الفتوحات": فإن قیل فإذا کان الأمر هکذا فلما لم یأوّل آخذ الکتاب؟!

قلنا: إن التأویل الذی على مذهب الشیخ للرؤیا التی بالخیال لا الذی رآه بالحس فافهم.

ولا تخلط المواطن بالمواطن لتکون عارفا قابلا للمحاورة والمکالمة، أن لکل موطن حکما لا یتغیر، وإنما سمّیت مبشرة لتأثیرها فی بشرة الإنسان، فإن الصورة البشریة تتأثر بما یرد علیها فیظهر لذلک أثر فی البشرة لا بد من ذلک، فإنه حکم الحضرة الطبیعیة، وإن لم یکن وجه التسمیة مطردا. 

( أریتها) یشیر رضی الله عنه إلى أن الرؤیة کانت من أداة الحق لا بتعمّله وقصده . 

قال تعالى: "سنریهِمْ آیاتنا فِی الْآفاقِ وفی أنْـفُسِهِمْ حتّى یتبیّن لهُمْ أنّهُ الحق أو لمْ یکْفِ بربِّک أنّهُ على کُل شیْءٍ شهِیدٌ" [ فصلت: 53] . 

وهذا من مقام قوله صلى الله علیه وسلم : "أرانی لیلة عند الکعبة فرأیت" الحدیث من الأحادیث المتفق علیه . 

( فی العشر الأخر من محرم سنة سبع وعشرین وستمائة بمحروسة دمشق وبیده) "کتابٌ مرْقومٌ" [ المطففین: 9] "یشْهدُهُ المُقرُّبون" [ المطففین: 21] . 

قال رضی الله عنه فی الباب الخامس و الستین و مائة من الفتوحات :

" قوله تعالى فی عیسى إنه کلمة الله والکلمة جمع حروف وسیأتی علم ذلک فی باب النفس بفتح الفاء فأخبر أنه آتاه الکتاب یرید الإنجیل ویرید مقام وجوده من حیث ما هو کلمة والکتاب ضم حروف رقمیة لإظهار کلمة أو ضم معنى إلى صورة حرف یدل علیه فلا بد من ترکیب فلهذا ذکر أن الله أعطاه الکتاب مثل قوله "أَعْطى کُلَّ شَیْءٍ خَلْقَهُ" ویرید بالوصیة بالصلاة والزکاة العبادة کما تدل على العمل " أهـ

إنّ الکتاب ضمّ حروف رقمیة، أو ضمّ معنى إلى صورة حروف تدل علیه، فکان مرتبة الحروف فی مرتبة الأعیان، ثم نزل من العلم إلى العیان . 

قال تعالى: "کتابٌ أحْکِمتْ آیاتهُ ثمّ فِّصلتْ مِنْ لدُنْ حکیمٍ خبیرٍ" [ هود: 1] ولا یعلم ما قلناه إلا من کان خلقه القرآن، بل من کان قلبه القرآن فإنه یتقلب بتقلبه، و یدور حیثما دار . 

روی أن النبی صلى الله علیه وسلم : "خرج وفی یده کتابان مطویان قابض بکل ید على کتاب فأخبر: "إنّ فی الکتاب الذی بیده الیمنى أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم من أول خلقهم إلى یوم القیامة، والکتاب الآخر فیه أسماء أهل النار, إنّ فی الکتاب الذی بیده الیمنى أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم من أول خلقهم إلى یوم القیامة، والکتاب الآخر فیه أسماء أهل النار". رواه الترمذی والشیبانی و أبو نعیم .

على الشرح المذکور ولو کان بالکتاب الغیر المعهود ما وسع ورقة المدینة، ذکره رضی الله عنه فی الباب السادس و السبعین من "الفتوحات" . 

وهکذا فیما نحن بصدد بیانه فلا یکون إلا مکتوبا مقروءا ملفوظا، وإلا فلم یسمّ کتابا فافهم کما یفهم من الحدیث الشریف . 

فإن لخاتم الولایة أسوة حسنة فی خاتم النبوّة فی الأخذ والعطاء فافهم.

فقال لی : هذا کتاب (فصوص الحکم) والمشار إلیه هو المجموع المرتب الذی کان بیده صلى الله علیه و سلم، فإن المشار إلیه لا یکون إلا موجودا. 

وأما قوله: هذا کتاب "فصوص الحکم" فیحتمل أن تکون التسمیة من الحق تعالى، أو من النبی صلى الله علیه وسلم فلما کان ظهور الحکم الختمیة من ید الخاتم إلى ید الخاتم فناسب أن یکون فصوصا وعلى الحکم الخاتمیة نصوصا. 

( خذه واخرج به ) : أی خذ الکتاب حسّا واخرج به شهادة . 

قال الشارح القیصری قدّس سره: واخرج به إلى الحسن بتعبیرک إیاه وتقریرک معناه بعبارة تناسبه وإشارة توافقه . انتهى  کلامه . 

و هذا خروج عن ظاهر منطوق العبارة بلا ضرورة، فإنه قال: خذ الکتاب واخرج به والکتاب على رأی الشیخ رضی الله عنه کما فهمته سابقا ضمّ حروف رقمیة، أو ضمّ معنى إلى صورة حروف، أو على الطریقین لیس الکتاب هو المعانی الصرفة وأیضا على رأی القیصری قدّس سره: یلزم تنزیل مرتبة الشیخ رضی اللّه عنه من الأکمل إلى الأدنى کما سیظهر لک إن شاء الله تعالى فافهم . 

( إلى الناس ) : الناس مشتق من النسیان: أی خذه و أخرج به إلى الناس تذکرة للناسین . 

قال رضی الله عنه فی الباب السابع و السبعین و مائتین من "الفتوحات" : 

إن علم الناس دائما إنما هو تذکّر، فمنا من إذا ذکر تذکّر أنه کان علم ذلک المعلوم ونسبه لذی النون المصری قدّس سره، ومنا من لم یتذکر مع إیمانه به أنه قد کان شهده کما أنساهم الله تعالى شهادتهم بالربوبیة فی أخذ المیثاق، مع کونه قد وقع وعرفناه ذلک بتعریف إلهی، فافهم .

فالمراد من الناس المطلعون على الکتاب المذکور، وأمّا المتأهلون وهم أهل التذکرة فإذا ذکروا تذکّروا، وأمّا المتأهلون وهم أهل التقوى وأهل المغفرة وهم أهل الحجاب والستر القابلون للتعریفات الإلهیة، ینتفعون به بإثبات النون خبرا عن الصادق وبشارة منه یتحقق النفع به البتة، فمن لم ینتفع به فلیس من الناس، فافهم . 

وعلى الجملة الناظر إلیه والمطلع علیه إمّا متحقق وإمّا متوقف فیه، وإمّا منکر له فالکل منتفع به وإن کانت المنافع مختلفة باختلاف القوابل . 

أمّا انتفاع المتحقق والمؤمن فظاهر، وأمّا المتوقف فیه فلو لا إیمانه ما توقف، وإمّا نفع المنکر . 

فقال رضی الله عنه فی "الفتوحات": إن الکامل یعفو عمّن سمع بذکره، أو رأى أثره فسبه و ذمّه، وهذا ذقته من نفسی وإعطاء نیة ربی بحمد الله، و وعدنی بالشفاعة بهم یوم القیامة . 

ونقل رضی الله عنه فیها عن المشایخ أنهم أوّل ما یشفعون یوم القیامة فیمن آذاهم، فقیل :  المؤاخذة . 

وقال هذا نص أبی یزید قدّس سره وهو مذهبنا، فإن المحسنین إلیهم یکفیهم عین إحسانهم و العافین عن الناس هم المحسنون، ومن هذا المشرب ما ورد عن النبی صلى الله علیه و سلم أنه قال لربه عزّ و جل : 

"یا رب إنی بشر أغضب کما یغضب البشر، اللهم من دعوت علیه أو سببته یعنی فی وقت غضبه، فأجّل ذلک حتى أنه یوما دعا صلى الله علیه وسلم على صبیة صغیرة أضجرته فخافت من دعائه، فقال صلى الله علیه وسلم: لا تخافی فقد سألت الله". رواه ابن أبی عاصم فی الآحاد والمثانی.

وذکر هذا الخبر فکان دعاؤه بالشرّ خیرا فی حق المدعو علیه. ذکره الشیخ رضی الله عنه فی "سرّ الألفاظ الیوسفیة" فافهم.

(ینتفعون به) وأذن بالکتاب فانتفع کل من علیه أطلع.


ممد الهمم در شرح فصوص الحکم، علامه حسن زاده آملی ره ، ص:  8 و 9
أمّا بعد: فإنّی رأیت رسول اللّه- ص- فی مبشّرة أریتها فی العشر الآخر من المحرم محرم سنة سبع و عشرین و ستمائة بمحروسة دمشق و بیده- ص- کتاب.
فرمود: من رسول اللّه را در مبشره‏‌اى دیدم )مبشره یعنى رؤیاى بشارت دهنده. در جایى وارد است که به چشم باطن خود دیدم که آن مبشره- رؤیاى صالحه- را خداى متعال به من نمود (نه من خواستم) پس جمال مثالى پیغمبر را دید (نه مادى خارجى را( و این واقعه در محرم سال ششصد و بیست و هفت در شهر دمشق بود و دیدم که در دست رسول اللّه کتابى بود.
لفظ کتاب اشاره به جمع حقایق دارد، کتاب یعنى مخزن حقایق و آن هم در دست او بود. از آن جهت که در دست خاتم بود مشعر به این است که این کتاب پایدار خواهد بود، زیرا دست مظهر بسط و امید است.
فقال لی: هذا کتاب فصوص الحکم خذه و اخرج به الى النّاس ینتفعون به، فقلت:
السّمع و الطاعة للَّه و لرسوله و أولی الأمر منّا کما امرنا.
به من فرمود این کتاب فصوص الحکم است. آن را بگیر و به مردم برسان تا از او نفع برند. من گفتم: السمع و الطاعة مر خداى و رسول خداى و اولى الامر را آن چنان که به ما امر فرمودند. (یعنى سمع و طاعت آن چنان که به ما امر فرمودند)
این بیان عذر خواهى است از إبراز آن چه که یافته، زیرا عارف سالک باید امین اللّه باشد و اسرار دوست را آشکار نکند. امّا عذرخواهى مى‏‌کند که اگر من اظهار کردم به فرمان رسول مأمور بودم.
در تنزّل و عروج مراتب وجود، قوس نزول و قوس صعودى است. اگر این دو قوس را حلقه‏‌اى در نظر بگیریم، این دو قوس در موطن قلب ولى دور مى‌‏زند. چه عارف در اسفار اربعه مقامات وجود نزولا و عروجا سیر مى‏‌کند و چون آن دو قوس حلقه‏‌اى هستند که به قلب عارف ارتباط دارند، قلب عارف آن حلقه را چون نگین است و چون در این کتاب درباره خواص ذاتى کلماتى چند که از آدم تا خاتم انتخاب مى‏‌شود صحبت شده و هر یک از آن کلمات تامه در سیر أطوار نزولى و عروجى وجود به منزله نگین آن حلقه‌‏اند هر باب آن را به عنوان فصّ (نگین) تعبیر کرد و نیز چون قلب مجمع‏ حقایق است و آن حلقه سیر علمى است پس قلب یعنى فصّ و نگین، زبده و عصاره حکم است و آن انبیا و خلاصه کلمات که حکم بر قلوبشان نازل شده زبده موجوداتند، آنان را فصوص الحکم نامید و هر یک از فصوص با تعبیر خاصى معرفى مى‏شود. (کلم یعنى فصوص و حکم آن حلقه‌‏هاست) و قلب انسان کامل محل نقوش حکم الهیه است.

نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج‏1، ص: 30-31

امّا بعد: فانّى رأیت رسول اللّه- صلّى اللّه علیه و سلّم- فى مبشّرة اریتها فى العشر الآخر من محرّم سنة سبع و عشرون‏ و ستمائة بمحروسة دمشق، و بیده‏ کتاب، فقال لى: هذا «کتاب فصوص الحکم»، خذه، و اخرج به الى النّاس ینتفعون به.

سبب اظهار این کتاب، و معانى مکشوفه بر شیخ- رضى اللّه عنه- و کیفیّت ظهور و اطّلاع او بر آن بیان مى‏کند، که: در خواب، نموده شد، به وى جمال رسول- صلعم- در این تاریخ مذکور، به‏ محروسه‏ دمشق- حرسها اللّه عن الآفات- در صورتى که با وى، کتابى بود، و او را گفت که: «این کتاب‏ فصوص الحکم‏ است، این را فراگیر، و در میان مردمان بیرون آور، و بنماى، تا بخوانند و بدانند، و به آن انتفاع یابند» پس، بنابراین مقدّمه، شیخ- رضى اللّه عنه- در افشاى این اسرار و خطاب و ابراز و اظهار این کتاب، از حضرت رسالت، مأمور باشد؛ و الّا افشاى این اسرار نفرمودى؛ که اولیاء اللّه امناء اللّه‏اند؛ و بر ایشان تستّر احوال و کتمان اسرار لازم باشد؛ خاصّه نهان داشتن چنین معانى غریبه، و اسرار عجیبه .. امّا چون این واقعه، از شایبه ریب، خالى بود، و به زیور یقین حالى، بحکم حدیث‏

«من رآنى فقد رأى الحقّ فإنّ الشّیطان لا یتمثّل بصورتى‏

(و فى روایة:لا یتمثّل بى)» و بیننده، صاحب کشف بود، و ممیّز خواطر رحمانى از خواطر شیطانى؛ پس اظهار آن، چنانکه بود، ضرورى شد، و «المأمور معذور» و مؤیّدى دیگر بر تحقیق این معنى، و اعتماد بر آن حدیث، اعتبار مبشّرات است، در آن قصّه که رسول- صلعم- خبر فرمود که: «بعد از من، وحى از عالم منقطع گردد، الّا المبشّرات، فقالوا: و ما المبشّرات؟ یا رسول اللّه- قال:

الرّؤیا الصّالحة یریها المؤمن‏» و ما را در ایمان، و کمال ایمان شیخ- قدّس سرّه- هیچ شبهتى نیست. و نیز «اریتها» بصیغه مجهول بیان کرد، تا اشاره باشد بر آنکه، او را در آن غرض نفسانى، نبوده، و از خیالات شیطانى مبرّا بوده. و «مبشّره» صفت موصوف محذوف است، یعنى: «رؤیاى مبشّره»، و این از آن الفاظ است که آن را با موصوف وى، استعمال نکنند؛ همچنان‏که «بطحاء» که آن را با موصوف وى، که «ارض» است، استعمال نکنند و نگویند: ارض بطحاء. و قوله: «محروسة» متعلّق است به «رأیت» یعنى: رأیته فی محروسة دمشق‏.


شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 68-72

قال رضى اللّه عنه:

أمّا بعد: فإنّى رأیت رسول اللّه علیه السلام فى مبشّرة أریتها فی العشر الآخر من المحرّم سنة سبع و عشرین و ستّمائة.

یعنى بعد از حمد حضرت پروردگار و درود بر نبى مختار، به درستى که دیدم‏ حضرت رسول اللّه و جناب حبیب إله را در خوابى بشارت‏دهنده که نموده شدم؛ و آن نمایش از حق بود بى‌‏آنکه من قصد و اراده کرده باشم‏، شعر:


ولى ناگهانى عنایت رسید                  که اى من غلام چنان ناگهان‏

یکى جذب حق به ز صد کوشش است‏ نشان‏ها چه باشد بر بى‌‏نشان‏

نشان چون کف و بى‏‌نشان بحر دان‏ نشان چون نهان، بى‌‏نشان چون عیان‏

ز خورشید یک جو چو ظاهر شود بروبد ز گردون ره کهکشان‏


و این تمهید عذر است در اظهار این کتاب؛ چه اولیاء اللّه امناى آن جناب‌‏اند و وظیفه ایشان حفظ اسرار است و پوشیدن رازهاى یار از اغیار است. آرى، شعر:

و مستخبر عن سرّ لیلى رددته‏ فأصبح من لیلى بغیر یقین‏

یقولون خبّرنا فأنت أمینها و ما أنا إذ خبّرتهم بأمین‏


مگر مجنون مى‏‌گوید بیت:

کسى که سرّ غم عشق بر زبان راند زبان بریده، سیه‌‏روى چون قلم باشد

اما چون محب محکوم تجلّى است جز سخن او گوش نکند، لاجرم بى‌‏فرمان او نگوید و بى‏‌اذن او خاموش نکند. لمؤلفه:

چو عشق در سخن آرد حسین سوخته را به خویشتن نتواند که او خموش کند

پس اگر در رؤیاى صالحه و مبشّره صادقه- که عدیل وحى است به قول نبى امین و خواجه کائنات که: «لم یبق من النبوّة إلّا المبشّرات». و آن را تفسیر به رؤیاى صالح کرد- امر نبودى، هرآینه به افشاى اسرار و ابراز راز یار قیام ننمودى و این بشارت از آن جناب مکرّم در عشر آخر بود از ماه محرّم از شهور سال شش صد و بیست و هفت از هجرت، و چون رخصت اظهار این اسرار و مشاهده جمال رسول مختار فهرست روزنامه روزگار بود حضرت شیخ به ذکر تاریخ قیام نمود.

بیت: (تاج الدین حسین خوارزمى، شرح فصوص الحکم(خوارزمى/آملى)، 1جلد، بوستان کتاب (انتشارات دفتر تبلیغات اسلامى حوزه علمیه قم) - قم، چاپ: دوم، 1379.)


چون بشارت رسد ز دوست به دوست‏ ساعت آن ساعت است و روز آن روز

و لهذا به ذکر مکان این رؤیا نیز اشتغال فرمود، (اشتغال نمود- خ):

و قال رضى اللّه عنه:

بمحروسة دمشق، و بیده صلى اللّه علیه و على آله و سلّم کتاب فقال لى: «هذا کتاب فصوص الحکم خذه و اخرج به إلى الناس ینتفعون به» 

یعنى محل رؤیت حبیب و اذن او به افشاى اسرار عشق، محروسه دمشق بود که به نسبت با صاحب رؤیا بهترین اقالیم عالم است. سائلى از سیّاحى عاشق و مسافرى صادق پرسید، بیت:

کز ممالک گو کدامین بهترست‏ گفت آن جایى که در وى دلبرست‏


پس درین رؤیا چنان دیدم که در دست رسول علیه السلام، کتابى بود، در مخاطبه (در مخاطبه من- خ) مى‏‌فرمود که این کتاب «فصوص الحکم» است بگیر و به سوى مردم بیرون آر تا ارباب قابلیّت و استعداد بدان انتفاع یابند.


حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 516

امّا بعد: فإنّى رأیت رسول اللّه- صلّى اللّه علیه و سلّم- فی مبشّرة أریتها فی العشر الآخر من محرّم سنة سبع و عشرین و ستّمائة بمحروسة دمشق، و بیده- ص- کتاب، فقال لی: هذا «کتاب فصوص الحکم» خذه و اخرج به إلى النّاس ینتفعون به،.

شرح پس، شیخ در افشاى اسرار این کتاب، به واسطه این اشارت، مأمور بود.

و الا افشاى این اسرار نفرمودى، که اولیا امناى «اللّه» اند، و بر ایشان ستر احوال و کتمان اسرار لازم است. و «أریتها» به صیغه مجهول بیان فرمود، تا اشارت بود بر آن چه آن رؤیا مبرّا بوده است از أغراض نفسانى و خیالات شیطانى، و مبشّرة صفت موصوفى محذوف است؛ یعنى: فی رؤیا مبشرة.