الفقرة السابعة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
(حتى أکون) فی جمیع ما یرقمه بنانی وینطق به لسانی وینطوی علیه جنانی. (مترجما) عنک ما ورد إلی منک بکتابک ورسولک
(لا متحکما) علیک فی شیء من ذلک، فإن هذا الشرع المحمدی والدین النبوی أخذه قوم بطریق الأدب معه.
فترجموه بأقوالهم وأفعالهم حکایة عنه، فرزقوا الفهم فیه وألهموا معانیه ووقفوا على أسراره وتمتعوا بمطالع أنواره وهم الذین أشار إلیهم الشیخ قدس الله سره.
وأخذه قوم بلا أدب معه فتفهموا معانیه بأفکارهم وخاضوا فی أبحاثه بعقولهم وما عملوا به وتکلموا فیه إلا بعد تحکمهم علیه بهوى أنفسهم فهم الضالون المضلون.
(لیتحقق من یقف)، أی یطلع (علیه)، أی على ما ذکر
(من أهل الله تعالی أصحاب القلوب)، نعت لأهل الله وهم أهل الاعتبار.
قال تعالى : "إن فی ذلک العبرة إن کان له قلب" آیة 37 سورة ق .
دون من له نفس فإن من له نفس، لا اعتبار لموته .
قال تعالى : "کل نفس ذائقة الموت" آیة 185 سورة آل عمران.
ولم یقل : کل قلب، فالقلب حی والنفس میتة
(أنه)، أی جمیع ما ذکر صادر
(من مقام) وهو ما ثبت فیه العبد، والحال مما تحول عنه
(التقدیس)، أی تطهیر الله تعالى وتنزیهه وهو مقام الإطلاق عن القیود الحسیة والمعنویة المسمی غیب الغیب
(المنزه) فی بصیرة أهل شهوده
(عن الأغراض) بالغین المعجمة جمع غرض وهی العلل والبواعث
(النفسیة) المنسوبة إلى النفس من حب العاجلة أو الآجلة أو بعض المنافی من الناقص أو الوافی
(التی یدخلها) من قبل العبد
(التلبیس) علیه فی حقیقة الحق کمن یرید أن یرى جرم المرآة .
فکلما نظر إلیها رأى صورته فیها حائلة بین بصره وبین صفاء جرم المرآة ، فصورته تلبس علیه جرم المرآة .
وههنا الأغراض النفسیة صور معنویة، فکلما نظر إلى الحق ظهرت له فی مرآة الحق.
فرآها وانحجب عنه الحق فما رأى إلا نفسه کما
قال علیه السلام: «المؤمن مرآة المؤمن» والله من أسمائه المؤمن.
وکل من تنزه عن الأغراض النفسیة تقدس مقام شهود الحق فی بصیرته فلا یدخل علیه التلبیس فی شهوده .
شرح مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
فقال : (حتى أکون مترجما) .
ولما وهم من ظاهر العبارة أنه مترجم فی المعنى متحکم ومتصرف فی اللفظ من عند نفسه دفع هذا الوهم.
بقوله : (لا متحکما) یعنی أن معانی الکتاب وألفاظها ونظمها وترتیبها وتعبیر معانیها بعبادة دون عبارة وکتابتها وغیر ذلک من الأحوال .
کان ذلک من إلقاء الحق بالتأیید الاعتصامی ولیس له تحکم وتصرف فی ذلک فیکون مترجما على الوجه الکلی.
لأن مسألته تعم جمیع ذلک فتشمل الترجمة على کل واحد منها فلا وجه لتخصیص الترجمة فی المعانی دون الألفاظ.
(لیتحقق من وقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب) هذه علة للترجمة وأصحاب القلوب بدل من أهل الله بدل البعض من الکل.
(انه) مفعول لیتحقق أی الکتاب بجمیع أجزائه ومراتبه مثالا وذهنأ وخارجا و لفظا و کتابة.
(من مقام التقدیر) وهو مجموع ما ذکر من مبشرة وتخلیص النیة وتجرید.
القصد والمسألة على الوجوه المذکورة یدل علیه قوله (المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس) .
فیکون أبعد عن احتمال التلبیس فیه بل لا یحتمله أصلا لطهارته بأصله وکلیته.
فالمراد إعلام قدره وتقدیسه بحیث لا کتاب له ولغیره من المصنفین من أهل الله فی هذا الفن یصل إلى مرتبة هذا الکتاب فی تقدیسه وعلو شأنه.
لانعدام هذا التقدیس بانعدام بعض شرائط هذا الکتاب فی غیره فیحتمل الأغراض النفسیة .
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
قال:"حتى أکون مترجما عن معانی ما نزل من قبل الحق تعالى من المعانی مترجما لا متحکما. لتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب، أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس "
فإن المفکر الذی یهدی الناس بمواد فکرته یکون متحکما لا مترجما وخص، رضی الله عنه، من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب فإن غیرهم لا یعرفون مقام التقدیس وهو التطهیر من الأغیار.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
یعنی رضی الله عنه مترجما عن المقامات بموجب الشهود والعیان ، أو عن رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم بمقتضى نصّ القرآن .
لا متحکَّما عن مأخذه الرسول بالزیادة أو بالنقصان إذ لو زاد أو نقص على ذلک ، لکان متحکَّما من تلقاء نفسه أو بإلقاء رأیه وحدسه ، ولم یکن قد وفی حقّ مقام الوراثة وهو وارث ممتثل أمر نبیّه فی إخراج هذه الحکم من الغیب إلى الشهادة ، فهو ترجمان رسول الله ، خاتم النبیّین. "من أهل الله أصحاب القلوب".
قال العبد : یرید بأهل الله من له مشرب الکمال الأحدی الجمعی الإلهی ، لا المتقدّرین بالمشارب والأذواق الجزئیة التقییدیة الأسمائیة ، فمن کان له قلب ینقلب مع الحقّ کیف تجلَّى ، ووسعه ، فما أنکره ولا أعرض عنه فی تنوّعات ظهوره بشؤونه ، ولا یولَّی .
قال رضی الله عنه : "أنّه من مقام التقدیس المنزّه عن الأعراض النفسیة التی یدخلها التلبیس" أی یتحقّق أنّه کذلک .
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
( حتى أکون مترجما لا متحکما لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس ) أی الحضرة الأحدیة والروحیة المقدسة
( المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس ) أی الأغراض الدنیویة التی یمکن أن تلبس بإظهار أنه لوجه الله ویلحقها الریاء والنفاق .
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
إشارة إلى أن هذه العبارة لیست ملقاة علیه فی العالم الروحانی، بل شاهد الشیخ، رضى الله عنه، رسول الله، صلى الله علیه وسلم، فی صورةمثالیة.
فأعطاه الکتاب، وألهمه الحق المعانی والحکم التی تضمنها الکتاب، فتجلت له وانکشفت علیه هذه الحقائق، ثم عبر عنها بألفاظه بقوله: "حتى أکون مترجما" أی، سألت الله العصمة والتأیید حتى أکون مترجما لما أراد الله إظهاره بلسانی من المعانی والحکم التی أعلمنی الله إیاها من الکتاب الذی أعطانیه رسول الله، صلى الله علیه وسلم، لا متحکما بالتصرف النفسانی فیها بالزیادةأو النقصان، فإنهما من فعل الشیطان.
والمراد بـ "أهل الله"، الکاملون من أرباب الکشف والشهود، الواصلون إلى حضرة الذات والوجود، الراجعون من حضرة الجمع إلى مقام القلب.
لذلک بین بقوله: "أصحاب القلوب". فإن الإنسان إنما یکون صاحب القلب، إذا تجلى له الغیب وانکشف له السر وظهر عنده حقیقة الأمر وتحقق بالأنوار الإلهیة وتقلب فی أطوار الربوبیة.
لأن المرتبة القلبیة هی الولادة الثانیة المشار إلیها بقول عیسى، علیه السلام: "لن یلج ملکوت السماوات والأرض من لم یولد مرتین." .
قوله: "أنه من مقام التقدیس" أی، لیتحقق أهل الله بالحقیقة والیقین أن
هذا الکتاب، أی معانیه وأسراره لا ألفاظه، منزل من مقام التقدیس، وهو مقامأحدیة جمع الجمع. وتقدیسه وتنزیهه إنما یکون من الثنویة والأغیار باعتبار أحدیته، ومن الشوائب النفسانیة والأغراض الشیطانیة الموجبة للنقصان باعتبارمقام تفصیله وکثرته.
و "التلبیس" سر الحقیقة وإظهارها بخلاف ما هی علیها.
یقال: لبس فلان على فلان. إذا ستر عنه الشئ وأراه بخلاف ما هو علیه.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
(حتی)، غایة لقوله: «أن یخصنی»، (أکون مترجما)، أی: مبینا لکلام الرسول صلى الله علیه وسلم أو لما یرد على بطریق الإلقاء والنفث
"تنبیه: قوله رضى الله عنه (حتى أکون): یتعلق بـ "سألت"، فإن قیل: قوله : حتى أکون مترجما بما یدل على أنه کان أخذ المعانی وترجمها بألفاظ و عبارات مناسبة من عنده کما هو عادة الترجمان، قلنا: لیس الأمر هکذا بل الترجمة تطلق أیضا على إبعاد الکلام من الأصل. کما قال الشیخ رضى الله عنه فی الباب التاسع والعشرین وثلاثمائة فی القرآن: إنه کلام الله بلا شک، والترجمة للمتکلم به کان ممن کان انتهى کلامه رضی الله عنه."
(لا متحکما)، أی: ذاکرا للأمر على سبیل التحکم من عند نفسی، إما عن هواها أو عن تلبیس الشیطان؛ فإن ذلک لا یخلو عن التحکم الذی هو ترجیح غیر الراجح (لیتحقق)، متعلق بقوله: "أکون مترجما" أی: لیعلم على سبیل التحقیق (من یقف علیه من أهل الله)، المطلعین على الحقائق بطریق الکشف (أصحاب القلوب)، المصفاة عن کدورات النفس قید بذلک إذ لا کشف لمن دونهم. : وأما من کان فوقهم؛ فإنه لا یمکنه الوقوف على الکتب إلا إذا راد إلى مقام القلب (أنه)، أی: الکتاب وارد (من مقام التقدیس)، أی: من الإلقاء أو النفث لخلوص حقائقه (المنزه عن الأغراض النفسیة)، التی تدعو إلیها خواطرها؛ لأنها (التی یدخلها التلبیس)، أی: تلبیس حقیقة بأخرى، فإن النفس تلبس على القلب لتجذبه إلى أغراضها التی من اللذات السفلیة العاجلة
ولم تتعرض لوساوس الشیطان؛ لأنه إنما یتوسل بتلک الأغراض فلا یکون بدونها، ولما کان فی الدعوات ما لا یستجاب فلا یتم المطلوب.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
فقوله : ( حتّى أکون مترجما ، لا متحکَّما ) متعلَّق بـ " سألت " . فلئن قیل : المترجم إنّما یقال على من یأخذ المعانی ؟ ؟ ؟
من لغة غریبة ویؤدّیها بلغته لأهله ، وهو خلاف ما علم من کلامه أنّ الکتاب بجملته إنّما أعطاه رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم ؟
قلنا : إنّ الرؤیا موطن التعبیر ، فإنّ الأشیاء إنّما یرى فیها بأمثلتها وأشباهها ، لا بصورها أنفسها ، فالکتاب فی مبشّرته إنّما هو مثال جمعیّة علوم الأنبیاء ومعارفهم ، وصورة لباب أذواق الکمّل ومکاشفاتهم ، فأخذها من المعدن بصورتها التی فیه ، وعبّر عنها بلسان أمم زمانه ، منزّها عن تدلیسات الأغراض النفسیّة وتلبیسات القوى الطبیعیّة .
اعلم أنّ للحروف صورتین فی تأدیة المعانی :
إحداهما الکیفیّات الموجیّة اللاحقة للهواء بحسب تقطیعها فی المخارج ، ویسمّى ذلک کلاما .
والأخرى الهیئات الرقمیّة المتشخّصة بالأضواء بحسب تصویرها على الصحائف بالأشکال اللائحة ، ویسمّى ذلک کتابا .
والأولى منهما من حیث برزخیّتها بین الثانیة والمعانی وجامعیّتها ، تناسب طور النبوّة وجامعیّتها للولایة کما أنّ الثانیة لخفائها تناسب الولایة البحته .
فلذلک ما کان لخاتم النبوّة نحوها التفات أصلا، وعلم منه سرّ أخذ الکتاب منه صلَّى الله علیه وسلَّم .
والذی یلوّح علیه تلویحا رقمیّا أنّ الکاف صورة یا [ء] ی «یا عبادی» رقما
وعددا ( ک 20 ) والأوّل یاء النداء الدال على العبد ، والثانی على الحقّ ، فهو الجامع بینهما ، وهو الکلّ .
ثمّ إنّ للمقطعات الکلامیّة - التی هی أصول الکلام ومادّته ترتیبا - : وهو «ا ل م» وله صورة جمعیّة وحدانیّة ، وهو « ل » ، وهو صورة التنزیل على ما سبق ، فإذا ظهرت الکاف بها صار « کلاما » .
والمقطعات الکتابیّة أیضا ترتیب ، وهو : «ا ب ت» ، وهو الصورة الأولى التی لها قبل التنزیل کما لوّح إلیه ، فإنّه الترتیب المجرّد عن النسب العددیّة والامتزاجات الترکیبیّة ، فإذا ظهرت الکاف بها صار «کتابا» ، ولیس لها صورة وحدانیّة جمعیّة وراء ما لها من التفرقة التی فیها تمام الجمعیّة .
تأمّل فیه فإنّه یعلم منه سرّ الوراثة أیضا .
ثمّ إنّ سؤاله الإلقاء السبّوحی بالتأیید الاعتصامی لیکون مترجما ، لا متحکَّما ( لیتحقّق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب ) ممن کان له قلب یتقلَّب مع تنوّعات تقلَّبات الحقّ فی تطوّرات أدواره .
واحترز بذلک عن أصحاب العقول ذوی العقود الاعتقادیّة التی لا تتحوّل تحوّل الانشراح العلمی فی مراقی کماله .
(إنّه من مقام التقدیس المنزّه عن الأغراض النفسیّة التی یدخلها التلبیس ) وهی الأغراض الدنیویّة التی لکلّ طائفة من الأمم ، قد لبّسوها بالصور المقبولة الموهمة أنّها لوجه الله ، على ما هی مادّة محاسن التآلیف ولطائف التصانیف ، فإنّها مملوّة بالأغراض النفسیّة ، مشحونة بالتمویهات العکسیّة ، کتقشّفات المتسلسین وتشنیعاتهم ، وتعصّبات المتکلمین وتزویقاتهم ، وتصلَّفات المتفلسفة وتشکیکاتهم ، وطامات المتصوّفة وشطحیاتهم وإن أمکن أن یتوهّم بعض من لا وقوف له من أرباب الأنظار السخیفة هاهنا أنّ هذه الکلمات کلَّها من هذا القبیل ، لکن الکلام مع الکمّل ، فإنّهم مرامی سهام لطائف الإشارات والتحقیقات ، وحیث بیّن الواقفین بقوله « من أهل الله » نبّه على هذا الاستشعار .
ثمّ إنّه لمّا کان ممن اتحدت ألسنة مقاله وحاله بلسان استعداده الذی لم یتخلَّف الاستجابة عن دعوته قطَّ ، نبّه على ذلک متأدّبا بقوله :
شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد المتوفی 898 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
(حتى أکون مترجم) غایة لقوله : سألت، أی سألت الله ما سألت حتى أکون مترجمة عما حده فی رسول الله ، وأراد الله سبحانه إظهاره على لسانی (لا متحکما) بالتصرف النفسانی فیه بالزیادة والنقصان (لیتحقق).
أی یعلم حقیقة (من یقف علیه من أهل الله) الذین هم مشرب الکمال الأحدی الجمعی الإلهی .
لا المتقیدین بالمشارب والأذواق الجزئیة التقییدیة الأسمائیة (أصحاب القلوب) التی تتقلب مع الحق سبحانه حیث تجلی.
ووسعته فما أنکرته ولا أعرضت عنه فی تنوعات ظهوره بشؤونه (أنه)، أی هذا الکتاب .
من حیث معانیه وأسراره بل من حیث ألفاظه وعباراته أیضا (من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس).
فإن الأغراض تارة تلبس الحق صورة الباطل فنعرض النفس عنه وتزیفه ، وتارة تلبس الباطل صورة الحق فتقبل علیه وتروجه.
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (حتى أکون مترجما لا متحکما ، لیتحقق من یقف علیه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.)
قوله رضی اللّه عنه (حتى أکون مترجما):
یتعلق بسألت، فإن قیل قوله رضی الله عنه حتى أکون متن بما یدل على أنه کان أخذ المعانی و ترجمها بألفاظ و عبارات مناسبة من عنده کما هو عادة الترجمان.
قلنا: لیس الأمر هکذا بل الترجمة تطلق أیضا على إبعاد الکلام من الأصل .
کما قال الشیخ رضی الله عنه فی الباب التاسع و العشرین و ثلاثمائة فی القرآن: إنه کلام الله بلا شک، و الترجمة للمتکلم به کان ممن کان انتهى کلامه رضی الله عنه . فما ترجم فی القرآن إلا أنه قرأ مثل ما سمع.
و قال رضی الله عنه: خلق الإنسان علمه البیان، فنزل علیه القرآن لیترجم عنه کما علمه الحق من البیان الذی لم یقبله إلا هذا الإنسان فافهم.
أو یقول: بل هو سؤال مستأنف و إضراب عن الأول، و یطلب هذا الحال فی جمیع الأحوال و الأقوال، إلا أنه کان ترجمان لهذا الکتاب و أراد ثبوته و تحققه کما فهمه الشارح القیصری، و حکم به رحمة الله ببادئ الرأی فافهم .
( لا متحکّما) التحکم: التصرف لإظهار الخصوصیة بلسان الانبساط فی الدعاوى، و هذا أضرب من الشطح، أو قریب منه لما یتوهّم من دخول حظ النفس فیه إلا أن یکون عن أمر إلهی .
قال رضی الله عنه :
مهما تحکّم عارف فی خلقه ...... من غیر أمر فالرعونة قائمة
ترک التحکّم نعت کل ..... لزم الحیاء و لو أتته راغمة
( لیتحقّق ): أی أبرزت الکتاب على الوفق المشروح لیتحقق من وقف علیه من أهل الله الذین لهم أحدیة الأسماء الإلهیة، لا المقیدون بالأذواق، و المشارب، و لا المتوسطون من أرباب الأحوال .
( أصحاب القلوب ): أی أعنی من أهل أصحاب القلوب أن فی ذلک لذکرى لمن کان له قلب فینقلب مع الحق حیث یتجلى، و لا یتقید فیعلم أنه: أی الکتاب بألفاظه و حروفه و نظمه و ترتیبه، فإنه ما یسمى الکتاب کتابا إلا بهذه الأشیاء.
(من مقام التقدیس المنزه عن الأغراض النفیسة)، و المقدّس عن لوث شرب الحدوث، فإذا عرف صاحب قلب من أهل الله هذا التحقیق من الشیخ رضی الله عنه أقرّ بکماله، و أثنى علیه، و سبحه بحمده .
ورد فی الحدیث الصحیح : "لیس شیء أحب إلى الله من أن یمدح" رواه المناوی فیض القدیر .
ذکره رضی الله عنه هذا الحدیث فی الباب الثامن والتسعون ومائة من الفتوحات : "وقد ورد فی الصحیح لیس شیء أحب إلى الله من أن یمدح ,والمدح بالتجاوز عن المسیء غایة المدح فالله أولى به تعالى" .أهـ
وذکره رضی الله عنه هذا الحدیث فی الباب التاسع والخمسون وخمسمائة من الفتوحات : " ولا یوصف بالکرم فما فی الوجود إلا تاجر لمن فهم ما شیء أحب إلى الله من أن یمدح وما یمدح إلا بما منح فما جاد الکریم إلا على ذاته بما یحمده من صفاته ".أهـ
وذکره رضی الله عنه هذا الحدیث فی الباب التاسع والخمسون وخمسمائة من الفتوحات : " والأصلح لما جبلت علیه النفوس من دفع المضار وجلب المنافع وقال :قد ثبت فی الخبر أنه لیس شیء أحب إلى الله من أن یمدح وهو لا یتضرر بالذم وأنت تتضرر لأنک تألم " .أهـ
وذکره رضی الله عنه هذا الحدیث فی الباب الموفی ستین وخمسمائة من الفتوحات :
" فهذا معنى قوله الدین النصیحة لله أی فی حق الله فإنه یسعى فی أن یثنی على الله إذا عفا بما یکون ثناء حسنا ولا سیما وقد ورد فی الحدیث الثابت أنه لا شیء أحب إلى الله من أن یمدح " .أهـ
5198 – "أما إن ربک یحب المدح - وفى لفظ الحمد" (أحمد، والبخارى فى الأدب، والنسائى، وابن سعد، والطحاوى، والباوردى، وابن قانع، والطبرانى، والحاکم، والبیهقى فى شعب الإیمان، والضیاء عن الأسود بن سریع)
أخرجه أحمد (3/435، رقم 15624، 15628، 15629) . قال الهیثمى (10/95) : أحد أسانید أحمد رجاله رجال الصحیح. والبخارى فى الأدب المفرد (1/298، رقم 859) ، والنسائى فى الکبرى (4/416، رقم 7745) ، وابن سعد (7/41) ، والطحاوى (4/298) ، وابن قانع (1/18) ، والطبرانى (1/283، رقم 824) ، والحاکم (3/712،
رقم 6575) وقال: صحیح الإسناد. والبیهقى فى شعب الإیمان (4/89، رقم 4366) ، والضیاء (4/250، رقم 1447) . ، و فی لفظ الحمد رواه الأسود بن سریع ذکره فی "جمع الجوامع "، وهکذا الإنسان الکامل حبب إلیه ما أحبه الله تعالى.
ورد فی الحدیث : "لیس أحد أحب إلیه المدح من الله ولا أحد أکثر معاذیر من الله" المناوی فیض القدیر و جمع الجوامع قال الألبانی صحیح
ثم نرجع و نقول:
إن مقام التقدیس هو حظیرة القدس هو الطهارة والطهارة ذاتیة وعرضیة، فالذّاتیة کتقدیس الحضرة الإلهیة التی أعطاها الاسم القدوس وهی المقدّس عن أن یقبل التأثیر من حیث ذاتها.
فإن قبول الأثر تعبیر فی القابل والحضرة مقدسة عنه، فالقدس الذاتی لا یقبل التغییر جملة واحدة.
وأمّا القدس العرضی فیقبل التغییر و هو النقیض و تفاوت الناس فی هذا فتقدیس النفوس بالریاضات وهی تهذیب الأخلاق، وتقدیس المزاج بالمجاهدات، وتقدیس العقول بالمکاشفات والمطالعات، وتقدیس الجوارح بالوقوف عند الحدود المشروعات، ونقیض هذا القدس قبول ما یناقضها، ومهما لم یمنع فلا یکون حظیرة قدس فإن الحظر المنیع.
کما قال تعالى: "وما کان عطاءُ ربِّک محْظورًاً " [ الإسراء : 20]: أی ممنوعا و الأرواح المدبرة للأجسام العصریة لا یمکن أن تدخل أبدا حظیرة القدس لأن ظلمة الطبع لا تزال تصحب الأرواح المدبرة فی الدنیا و الآخرة.
إذا فهمت هذا فاعلم أن الشیخ الأکبر رضی الله عنه نبه بعلمه على مکانته من الله تعالى و قدره مکانه من ظهور مکنون سره، و أشار إلى أن الکتاب من مقام التقدیس الذاتی الذی هو حظیرة القدس المقدسة، عن التغییر والتبدیل حین الانسلاخ عن أحکام البشریة، والإعراض عن الأغراض النفسیة، (التی یدخلها التلبیس).
والتلبیس ستر الحقیقة و إظهارها بخلاف ما هی علیها یقال: لیس فلان على فلان إذا ستر عنه الشیء و أراه بخلاف ما ستر.
فالأغراض النفسیة هی التی تلبس الحق بالباطل، و الباطل بالحق، فهو مقام المشابهات، و مأخذ الشیخ رضی الله عنه أم الکتاب، حیث لا کذب و لا تدنیس، و لا جهل و لا تدلیس، و لا شبهة و لا تلبیس فافهم .
واعتمد على هذا القول أنه من المحکمات حتى لا یفوتک علم، و أرجو لسان أدب مع الله تعالى و اقتداء بالسنة السنیة.
ممد الهمم در شرح فصوص الحکم، علامه حسن زاده آملی ره ، ص: 9
حتّى أکون مترجما لا متحکّما، لیتحقق من یقف علیه من أهل اللّه، أصحاب القلوب، أنّه من مقام التقدیس المنزّه عن الأغراض النفسیة التی یدخلها التلبیس.
تا مترجم باشم نه متحکّم. تا اهل اللّه اصحاب قلوب که بر او واقف میشوند بر ایشان محقق گردد و ثابت شود که این کتاب از مقام تقدیس است که از أغراض نفسانى که تلبیس در آن راه پیدا میکند منزه است (اینکه گفت: مترجم باشم. یعنى کلمات کتاب از رسول اللّه نیست بلکه معانى را به او القا کرد و او در لباس این ألفاظ درآورد.)
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 38
حتّى أکون مترجما لا متحکّما لیتحقّق من وقف علیه من اهل اللّه، اصحاب القلوب، أنّه من مقام التّقدیس المنزّه عن الأغراض النّفسیة الّتى یدخلها التّلبیس.
قوله «مترجما» اسم فاعل است از «ترجمان». و «ترجمان» آنکس باشد که تعبیر سخنى که دیگرى آن را نداند بکند، به زبان آن قوم؛ تا بدانند.
و «متحکّما» معنى او «متصرّف» است .. و «تقدیس» حضرت تنزیه و پاک دانستن ذات او باشد از نقایص ... و «تلبیس» باز پوشاندن حق باشد، به چیزى باطل.
یعنى: تأیید عصمت از بهر آن مىخواهم، تا من ترجمان حق باشم مر آن کلمات ملقاة به من از حضرت تقدیس؛ نه متحکّم و متصرّف باشم در آن، به مقتضاى تفس، از زیاده و نقصان؛ که تصرّف نفسانى در اسرار [و] معانى نباشد مگر از تسلّط شیطانى. و غرض از این، آنکه: تا محقّق گردد نزد آن کسى که بر آن واقف گردد، از اهل اللّه- که صاحبدلاناند- که: این کلمات از مقام تقدیس و تنزیه است، که آن «مقام احدیّت جمع» است.
و مراد از «اهل اللّه» کاملاناند که ارباب کشفاند و شهود؛ و واصلاناند به حضرت ذات و وجود؛ و از آن مقام، رجوع کردهاند به مقام قلب؛ از این سبب، اهل اللّه را در این مقام، به «اهل قلوب» کرد نام .. و «صاحب قلب» آن کسى باشد که به انوار الوهیّت متحقّق گردد. و در اطوار ربوبیّت متقلّب شود؛ یعنى به مقام جمع برسد؛ و بازآید. و ارباب عرفان این را «ولادت ثانیه» خوانند و عیسى- علیه السّلام- به این مقام اشارت کرد.
که: «لن یلج ملکوت السّماوات و الارض من لم یولد مرّتین».
و قوله: «حتى اکون مترجما»: دلیلى دیگر است بر آنکه القائاتى که شیخ را بوده در این معانى، از القائات رحمانى بوده، بىواسطهاى که در عالم مثال به وى متجلّى شده و شیخ به الفاظ و عبارت خود از آن تعبیر کرده.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 78-80
قال رضى اللّه عنه:
حتّى أکون مترجما لا متحکّما، لیتحقّق من وقف (یقف- خ ل) علیه من أهل اللّه أصحاب القلوب أنّه من مقام التّقدیس المنزّه عن الأغراض النّفسیّة التى یدخلها التّلبیس.
یعنى عصمت و تأیید از حضرت خداوند مجید مسألت مىنمایم تا به عبارت خود به طریق ترجمانى تعبیر کنم آن حقایق و معانى و حکم و اسرار نهانى را که جناب سبحانى از کتاب رسول علیه السلام که در رؤیاى صالحه و صورت خیالیّه به من اعطا داده و به طریق الهام و فیض فضل تام تعلیم کرده و اظهار آن خواسته تا مترجم باشم نه متحکم به تصرّف نفسانى. بیت:
کآنچه حق اندر پس آئینه تلقین مىکند من همان معنى چو طوطى بر زبان مىآورم
تا اهل اللّه از اصحاب قلوب که جواسیس عوالم غیوب و ناهجان مناهج کشف و شهود، و واقفان مواقف حضرت ذات و وجودند، و رجوع از «حضرت جمع» به «مقام قلب» نمودهاند و غیب بر ایشان منکشف شده، و شاهد سرّ نقاب احتجاب از چهره انداخته، و حقیقت امر به ظهور پیوسته، و تحقق به انوار الهیّه دست داده، و ابواب تقلّب در اطوار ربوبیّت بر روى مشاهده ایشان گشاده، و به واسطه «ولادت ثانیه» و خروج از مقتضیات «نشأت عنصریّه» ایشان را ولوج در ملکوت سماوات و ارض میسّر گشته، به تحقیق بدانند که معانى و اسرار این کتاب نفیس از مقام تقدیس است، یعنى از مقام «احدیّة جمع الجمع» و منزّه است از اغراض نفسانى و تسویلات شیطانى و مبرّاست از تلبیس که آن سرّ حقیقت است و اظهار برخلاف آنچه عین حق است.
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 515