الفقرة الثامنة :
جواهر النصوص فی حل کلمات الفصوص شرح الشیخ عبد الغنی النابلسی 1134 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
(وأرجو)، أی أتمنى (أن یکون الحق تعالی) بمحض فضله وإحسانه
(لما سمع دعائی)، لأنه یسمع کل شیء
(قد أجاب ندائی)، بقوله: لبیک یا عبدی فی مقام سمع العبد بالحق، وبتکوین جمیع ما طلبته منه فی مقام بصر العبد بالحق کما ورد فی الحدیث القدسیة.
قال النبی صلى الله علیه وسلم عن الله تعالى: «عطائی کلام وعذابی کلام إنما أمری لشیء إذا أردته أن أقول له : کن فیکون».رواه الترمذی و ابو داود.
(فما ألقی) فی کتابی هذا وکذلک فی سائر کتبی .
(إلا ما یلقی)، أی یلقیه الله تعالى بسبب فراغ الإناء وزوال العنا
(إلى) فی قلبی من غیر تفکر ولا تدبر .
(ولا أنزل فی هذا الکتاب المسطور) الذی أنا بصدده الآن
(إلا ما ینزل) به (على) من حضرة ذی الجلال والإکرام بطریق الفیض والإلهام.
ثم استشعر من ذکر الإلقاء إلیه والإنزال علیه أن یفهم أحد منه أنه یدعی نبوة التشریع ورسالة الجناب الرفیع فاحترز عن ذلک بقوله:
(ولست بنبی) من أنبیاء الله تعالى
(ولا رسول) من رسل الله تعالى
(ولکننی وارث) النبی والرسول مقام ولایتهما.
وذلک لأن المراتب أربعة وهی دوائر بعضها أخص من بعض:
فالأولى: مرتبة الإیمان والإسلام وهی الدائرة الکبرى المحیطة بباقی الدوائر.
والثانیة : مرتبة الولایة وهی الدائرة الوسطى.
والثالثة : مرتبة النبوة،
والرابعة : مرتبة الرسالة .
فالجمیع یشترکون فی المرتبة الأولى.
والمرتبة الثانیة ممتازة عن الأولى بالولایة.
والثالثة عن الثانیة بالنبوة.
والرابعة عن الثالثة بالرسالة. فالرسول نبی ولی مؤمن، والنبی ولی مؤمن.
والولی مؤمن فقط لیس بنبی ولا رسول، فقد اشترک الولی والنبی فی الولایة.
وهی العلم الذی ورثته الأنبیاء علیهم السلام .
قال تعالى: و "أورثنا الکتاب الذین اصطفینا" آیة 32 سورة فاطر.
وقال صلى الله علیه وسلم : «العلماء مصابیح الأرض وخلفاء الأنبیاء وورثتی وورثة الأنبیاء».
(ولآخرتی حارث) من الحرث وهو الإثارة لإخراج ما فیها من النبات ، والمراد أنی مثیر أرض جسمی لإخراج ما أودعه الله تعالى فی خزائن سری من علوم الحقائق الأخرویة والأجزیة الرضوانیة الکثیبیة .
ثم قال مشیرا إلى أن جمیع ما صدر منه فی هذا الکتاب إنما کان ترجمة عن الحضرة الإلهیة لا تحکما بنظر نفسه على المعارف الربانیة.
شرح فصوص الحکم مصطفى سلیمان بالی زاده الحنفی أفندی 1069 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث)
(وأرجو أن یکون الحق تعالى لما سمع دعائی) .
هذا لسان أدب مع الله (قد أجاب ندائی) تحقیق للإجابة على الیقین وأخبار عن وقوعه لیزداد الطالب الصادق تصدیقه وترغیبه إلیه .
لأنه لما أمر بإظهاره اقتضى الحکمة إجابة المسألة فی حقه من أسباب إظهاره على أحسن الوجوه فما ألقی فی هذا المسطور شیئا من المعانی والألفاظ (إلا ما یلقى إلی) بالإلقاء السبوحی (و کذلک
(لا أنزل فی هذا المسطور) شیئا (إلا ما ینزل علی) أی ما أودع فی من ید
رسول الله علیه السلام لما علم رضی الله عنه أن الطالبین الصادقین علموا قدر الکتاب مما ذکر وصدقوه فیما قال وأحبوه محبة شدیدة غالبة على اختیارهم.
فخاف علیهم أن ینسبوا إلیه النبوة کما هو مقتضى غلبة المحبة فضلوا وأضلوا عن الهدایة لخروجهم من حد الاعتدال أراد حفظهم عن هذه المهلکة المخوفة علیهم.
فقال : (ولست بنبی ولا رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث) أو جواب عن سؤال ناشئ مما ذکر للطالبین الصادقین .
فکانهم قالوا: علمنا وصدقنا بما ذکر أن الکتاب کذا وکذا وما کنا نعلم کیف أنت أنبی أم رسوله أم ولی من الأولیاء الذی لا ولی مثله وفوق مرتبته؟
لأن من جاء بمثل هذا الکتاب لا یکون غیر ذلک ؟
فأجابه بما هو علیه فی نفس الأمر أو لما بین مرتبة الکتاب لزم بیان مرتبة نفسه من الکمال وأعظم الکمالات الإنسانیة النبوة والرسالة .ثم الوراثة فأخرج نفسه منهم.
بقوله : ولست بنبی ولا رسول وأدخله فیهم من حیث العلوم الإلهیة والتجلیات الربانیة
بقوله : ولکنی وارث من حیث الأعمال
بقوله : ولآخرتی حارث أی لأسباب ملاقات ربی کاسب "فمن کان یرجوا لقاء ربه فلیعمل عملا صالحا ولا یشرک بعبادة ربه أحدا" 110 سورة الکهف.
إذ کل الأنبیاء حارث لأمور آخرتهم وفیه دلالة على أن الکمل إن کانوا یعبدون الله یریدون أجر الآخرة من دخول الجنة والنجاة عن النار.
یکون عبادتهم خالیة مخلصة لله إذ إرادتهم هذه عین إرادة الله فلا یعبدون الله فی کل مقام إلا الله وبالله خالصا مخلصا عن الأغراض النفسانیة .
وقوله : ولکنی وارث یدل على أن علوم الأولیاء الکمل مکتسبة لکن بطریق نظر فکری لان الوراثة لا تکون إلا للقرابة والقرابة مکتسبة بالعمل الشرعی و تبدیل الصفات الردیة .
وإن کانت العلوم الإلهیة حاصلة عن کشف إلهی لکنه بسبب قرابة النبوة .
شرح فصوص الحکم عفیف الدین سلیمان ابن علی التلمسانی 690 هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
قوله رضی الله عنه : "ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث".
قلت: یعنی أن الهداة من بعد رسول الله، علیه السلام، إنما یهدون الناس بطریق المیراث عنه، علیه السلام، لقوله تعالى: "قل هذه سبیلی أدعوا إلى الله على بصیرة أنا ومن اتبعنی " 108 یوسف.
فالسبیل فی الهدایة سبیله، علیه السلام، وإن کان الهادی غیره من أمته. والحارث لآخرته هو العامل لها.
شرح فصوص الحکم الشیخ مؤید الدین الجندی 691 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث)
قال العبد : یشیر رضی الله عنه إلى ما سبق ذکره من سؤاله العصمة عن إلقاء الشیطان ، وقد صرّح أیضا بأنّ « أرجو » من مثله لسان أدب فی عین الإخبار المحقّق عن إجابة الحق نداءه بقوله : "فما ألقی إلَّا ما یلقی إلیّ " .
وفی إضافة السمع إلى الدعاء ، والإجابة إلى النداء ، قد یقع لبعض الناس أنّ العکس أنسب عرفا لکون المراد من النداء الإسماع ، ومن الدعاء الإجابة .
کما قال الله تعالى : "ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ " .
ولکنّه رضی الله عنه مقیّد فی جمیع أحواله وأقواله بالله ورسوله .
فاعتبر فیما قال قوله تعالى : " إِنَّکَ سَمِیعُ الدُّعاءِ " .
ولمّا تحقّق الإجابة من الله تعالى قال : « فما ألقی إلَّا ما یلقی إلیّ » من علوم ما تضمّنه هذا الکتاب.
والله الملقی إلیّ من الحضرة المحمدیة الختمیة الکمالیة الإلهیة « ولا أنزل فی هذا المسطور » یعنی بالتدریج فی کلّ فصّ فصّ وحکمة حکمة.
« إلَّا ما ینزّل » الله الظاهر فی الصورة المحمدیة الکمالیة الختمیة " به علیّ "
ولمّا علم رضی الله عنه سبق الأوهام إلى أنّ فی قوله : " ینزّل به علیّ " ترامیا إلى النبوّة أو الوحی لضعف الأفهام ، أو تقییدهم بظاهر الکلام ، أعقب بقوله : « ولست بنبیّ ولا رسول ، ولکنّی وارث ، ولآخرتی حارث » نفیا لأوهامهم ، وتوصیلا إلى مراده أوهامهم لإفهامهم ، وتأصیلا لأهل التحصیل أنّ الإنزال من الله إلى العبید الکمّل مطلقا غیر محجور ولا مهجور ، بل ذلک إنزال خاصّ یتعلَّق بتشریع وتأصیل للأوامر والنواهی والأحکام ، وتفصیل وتفریع ، فافهم .
و « الوارث » هو الذی یرث من قبله من الأنبیاء علومه وأحواله ومقاماته ، فیقوم بمقاماته ، وتظهر علیه أحواله بآیاته ، ویظهر هو حقائق علوم الله التی أظهرها بذلک النبیّ فی زمانه بتجلَّیاته .
وهاهنا مباحث شریفة متعلَّقة بتحقیق قوله : « العلماء ورثة الأنبیاء ، ما ورّثوا دینارا ولا درهما ، وإنّما ورّثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظَّ وافر » یعنی أخذه عن الله وذلک لأنّ الوراثة لا تتحقق إلَّا فی عین مال المورّث أو عوضه ، وکانت علوم الأنبیاء إلهیة وهبیة وکشفیة بالتجلَّی لا بالکسب والتعمّل.
فوجب أن تکون الوراثة الحقیقیة کذلک وهبیة لا نقلیة ولا عقلیة کذلک ، فیرث الوارث منّا العلم من المعدن الذی أخذ عنه النبیّ أو الرسول .
فلیس العلم ما یتناقله الرواة بأسانیدهم الطویلة فإنّ ذلک منقول یتضمّن علوما لا یصل إلى حقیقتها وفحواها إلَّا أهل الکشف والشهود .
والنبیّ الرسول إنّما أخذ العلم عن الله لا عن المنقول فالوارث الحقیقی إنّما هو فی الأخذ عن الله لا عن المنقول کما أشار إلى ذلک رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم بقوله : « ربّ مبلَّغ - بفتح اللام - أوعى من سامع ».
وبقوله : « ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه » والناقل إنّما ینقل ألفاظا وعبارات حاملة معانی متشبّثة بها فحواها ، والمعنیّ بها العلم ، والمبلَّغ إلیه منّا یفقه باطن المعنى المعنیّ .
والفحوى المطویّ فی المنقول المرویّ ، والأکثر لا یفقهون ولا یعلمون ، والأقلّ الذی یفقه ذلک فهو منّا ، وداخل عنّا بحکم التوسّع والمجاز لا بالتحقیق ذاته إنّما أخذ العلم الحاصل له من الألفاظ لا من الحق ، فافهم.
ودقّق النظر فیه ، حتى لا یشتبه علیک ، وهذا فیمن یفقه والکلام فی الحامل الذی لم یفقه ما یفقه وإن تقدّمنا بأزمنة متطاولة ، وإن لم یخل عن فهم وفقه بحسبه وبحسب استعداده .
وبعد هذا التحقیق والتدقیق والمحاقّة فإنّ علم الأفقه المذکور فی نصّ رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم مأخوذ من المنقول المحمول فی عبارة الرسول ، وبهذا صدق علیه أنّه وارثه توسّعا ومجازا .
فإنّ الوراثة إنّما هی فی العلم المأخوذ عن الله والحال والمقام ، وعلم الأفقه المذکور بعد المسامحة إنّما هو وراثة فی العلم المودع فی المنقول لا فی حال الآخذ ومقامه .
وإنّما خصّ رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم العلم فی قوله : « وإنّما ورّثوا العلم » بالعلم بالله وبمضمون النبوّات وفحواها لعلمه صلَّى الله علیه وسلَّم بعدم علوم عموم المخاطبین سرّ الحال والمقام ذوقا إلَّا خواصّهم فراعى الأغلب.
ولأنّ العلم إذا کان مأخوذا عن الله ، فإنّه یتضمّن الحال والمقام ، فما کان مراده صلَّى الله علیه وسلَّم إلَّا العلم
المأخوذ عن الله ، کما صرّح بذلک نصّ القرآن قال الله تعالى : " بَلْ هُوَ آیاتٌ بَیِّناتٌ فی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ ".
فالعلم المذکور فی نصّ الحدیث هو العلم المؤتى والمأخوذ عن الله ، وهو المراد فی فهم خواصّ أهل الله ، قال الأستاد أبو یزید البسطامیّ قدّس سرّه لبعض علماء الرسوم ونقلة الأخبار والأحکام والآثار : « أخذتم علمکم میّتا عن میّت ، وأخذنا علمنا عن الحیّ الذی لا یموت » واعلم ذلک إن شاء الله .
فی ذکر مباحث أخر ضمنیة تفصیلیة
البحث الأول الوراثة فی التحقیق لیست إلَّا لله تعالى
بحث آخر
اعلم : أنّ الوراثة فی التحقیق لیست إلَّا لله تعالى فإنّ الله هو خیر الوارثین فإنّه وارث المورّثین والورثة أجمعین .
ثم یأخذ الوارثون الآخرون العلم والمقام عن الله تعالى ، وهذا من جوده الذاتی وعطائه الأسمائی ، فأهل الله الآخرون إنّما أخذوا العلوم عن الله تعالى ، فقاموا بالعلوم المختصّة بکلّ مقام من حیث مقامهم بإقامة الله إیّاهم فی ذلک المقام ، کما أقام من قبله من المورّثین وأعطاه العلم الخصیص بذلک المقام والحال .
والآخذ والوارث منهم إنّما یأخذ ما یأخذ عن الله لا عن غیره ، فیورّثه الله ذلک العلم والمقام والحال عن ذلک النبیّ الذی قد قبلها قبله أی یعطیه إیّاها ویهبه کما أعطاها من قبله .
فنسبة ذلک العلم والحال والمقام إلى هذا الآخر کنسبته إلى الأوّل ، فافهم فإنّه غامض ویتضمّن أغمض منه ، والله الموفّق .
البحث الثانی الحقائق الثلاث للوراثة
بحث آخر
لمّا کنّا فی بیان حقیقة الوراثة وهی تشتمل على المقام والعلم والحال
أردنا أن نتکلَّم فی هذه الحقائق الثلاث :
أمّا العلم:
فقد ذکرنا حقیقته بتعریف ذوقی بلسان التحقیق الکشفی ، وسنزید ذلک تتمّة وتکملة فی الموضع الألیق به .
وأمّا الحال :
فحالة حالة بذی الحال تحیله عن الحالة التی قبلها ، وتحول بینها وبین ما ینافیها ، ویغیّره عن غیرها إلى ما فیها ، ثم تحول وتئول کحال العلَّة .
وحال الوصل والفصل ، والتخلَّی بالخاء المعجمة - والتحلَّی بالحاء المهملة - والتجلَّی - بالجیم - ، والانسلاخ والاستغراق والانزعاج ، والقبض والبسط وغیرها.
وأمّا المقام :
فمرتبة عبدانیّة للعبد السالک فی مظهریة حضرة من الحضرات الإلهیة الأسمائیة ، وکلَّیات المقام ألف وواحد على عدد الحضرات الأسمائیة الکلَّیة فی مظهریّاتها ، وهی منقولة مشهورة بین أهلها لیس هذا موضع تفصیلها .
وقد اختلف الجمهور من الصوفیة فی التفضیل بین الحال والمقام ، فمن مفضّل للحال على المقام ، ومن قائل بالعکس .
وکان الحقّ أن یحقّقوا النظر فی الحقیقتین أوّلا ، ثم یتکلَّموا فی الأفضلیة ، والرافع للخلاف هو بیان الفرق بین الحال والمقام .
فنقول : کلّ ما حال وتغیّر من الواردات على السالکین یخصّ باسم « الحال ».
وکلّ ما یوجب الثبات والإقامة فهو المقام .
ویسمّى مقاما - بفتح المیم - بالنسبة إلى المحمدیین الذین لا یقیمون فیما أقاموا فیه منها وإن ثبتوا فیه .
والمقام - بضمّها - بالنسبة إلى من أقام فیه وانحصر ووقف .
ثم الأحوال تبدو فی کلّ مقام للسالک حال قیامه وثباته فیه ، ثم إذا جاوزه ظهر حال آخر بحسب ما فوقه من المقام .
فلا یخلو السالک من الحال والمقام ، والحال یوجب المقام وبحسبه .
ولیس المقام بحسب الحال ، ومتحقّق عند التحقّق بالمقام صاحب المقام بالحال الخصیص به ، فإذا ظهر علیه حال خصیص بمقام ، عرف أنّه أهل ذلک المقام.
وبهذا الاشتباه وقع الخلاف ، ولا خلاف عند التحقیق ، فافهم والله الموفّق .
فإذا أقام الله أحدا فی مقام آتاه حالا وعلما یتعلَّقان به ، وهذه المقامات معمورة دائما بأربابها فلا بدّ
فیقال فی الآخرین القائمین فیها وبها من حیث إنّ أمّة قبلهم کانوا غمّاز تلک المقامات والعلوم والأحوال - : إنّ الآخرین ورثة الأوّلین ، فإن لم یأخذوها عن الله کما أخذ الأوّلون عنه .
بل حفظوا کلماتهم ومقاماتهم ورووها عنهم ، فلیسوا وارثین على الحقیقة ولکن بالمجاز .
ومثل الأفقه منهم کالوارث عوض ما ضاع وتبدّل من مال المورّث لا عین المال ، ولکنّ الحافظ الفقیه إذا عمل بموجب ما علم من المحفوظ المنقول ، فقد یورّثه الله الأخذ عنه بعد ذلک ، فیکون وارثا حقیقة ، فافهم .
تتمّة فی الباب
ثم الوراثة فی العلم والحال والمقام ، إمّا أن تکون محمدیة أو غیر محمدیة .
فغیر المحمدی کمن یرث عن موسى وعیسى وإبراهیم وغیرهم فی العلم والحال والمقام .
أو فی العلم دون الحال والمقام ، أو فی العلم والحال دون المقام ، کذی مقام آخر ینصبغ بحال ذی حال فی مقام یوجب ذلک .
العلم والحال إمّا بتأثیر الروحانی أو بکلامه وإرشاده ، فسرى فیه العلم والحال ، ثم إذا سرى عنه انصبغ بحال مقام هو فیه .
فهؤلاء الوارثون یأخذون هذه العلوم والأحوال والمقامات عن أرواح الأنبیاء الذین کانوا فیها قبلهم ، ووصل إمداد هؤلاء من أرواحهم .
ومنهم من یأخذها کما ذکرنا عن الله ، إمّا فی موادّ تلک الرسل والأنبیاء ، أو فی الحضرات الإلهیة ممّن قبلهم .
والوارث المحمدی یأخذ العلوم النبویّة عن روح رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم بحسب نسبته منه فی صورة نسبیة کذلک .
والأعلى یأخذ عن الله فی الصورة المحمدیة النورانیة أو الروحانیة ، أو عن روح خاتم الولایة الخاصّة المحمدیة ، أو عن الله فیه کذلک .
فی المقامات الإلهیة والأحوال والعلوم مغمورة أبدا بعد الأنبیاء بالورثة المحمدیین وغیر المحمدیین .
ویسمّیهم المحقّق أنبیاء الأولیاء ، کما أشار إلى ذلک رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم بقوله : « علماء أمّتی کأنبیاء بنی إسرائیل » وفی روایة " أنبیاء بنی إسرائیل " بلا کاف التشبیه ، والروایتان صحیحتان فالآخذون عن أرواح الرسل من کونهم رسلا لیست علومهم وأحوالهم ومقاماتهم جمعیة أحدیة محیطة .
والآخذون علومهم عن الله فی الصورة المحمدیة والختمیة هم الکمّل من أقطاب المقامات ، وأکمل الکمّل وراثة أجمعهم وأوسعهم إحاطة بالمقامات والعلوم والأحوال والمشاهد .
وهو خاتم الولایة الخاصّة المحمدیة فی مقامه الختمی ، فوراثته أکمل الوراثات فی الکمال والسعة والجمع والإحاطة بعلوم رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم وأحواله ومقاماته وأخلاقه یقظة ومناما.
ویطابقه فی الجمیع حذو القذّة بالقذّة ، حتى أنّه جرى علیه ومنه رضی الله عنه مندوحة ، فما جرى على رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم ومنه کما سیأتیک فی الفصّ الشیثی ، فافهم إن شاء الله تعالى .
ثم الوراثة قد تکون کلَّیة ، وقد تکون جزئیة ، فالکلَّیة لأقطاب المقامات المحمدیة ، والجزئیة لأقطاب المقامات الأسمائیة ، والجامع للوراثات کلَّها هو الأکمل .
وآخر مقامات الوراثة الأدب والأمانة ، ولهذا قال رضی الله عنه : إنّه لا یزید ولا ینقص عمّا نصّ علیه مورّثه صلَّى الله علیه وسلَّم
شرح فصوص الحکم الشیخ عبد الرزاق القاشانی 730 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
( وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائى قد أجاب ندائى ، فما ألقى إلا ما یلقى إلى ) ثم لما کان قوله أن یخصنی بالإلقاء السبوحى والنفث الروحی ،
وقوله ( لا أنزل فی هذا المسطور إلا ما ینزل به على ) توهم أنه کان یدعى النبوة احترز عنه بقوله ( ولست بنبی ولا رسول ولکنی وارث ) للعلم من النبی ببرکة صحة المتابعة لقوله علیه الصلاة والسلام « العلماء ورثة الأنبیاء »
( ولآخرتی حارث ) أی لا أرید بإظهار هذا العلم الحظ الدنیوی بل الأخروى.
مطلع خصوص الکلم فی معانی فصوص الحکم القَیْصَری 751هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
قوله: (وأرجو أن یکون الحق تعالى لما سمع دعائی قد أجاب ندائی) لسان أدب مع الله تعالى.
فإن الکمل المطلعین بأعیانهم الثابتة واستعداداتها مستجابوا الدعوة، لأنهم لا یطلبون من الله تعالى إلا ما یقتضیه استعداداتهم وأعیانهم.
کما تأدب رسول الله، صلى الله علیه وسلم، فی قوله لأمته: "سلوا لی الوسیلة".
فإنها لا یکون إلا لعبد من عباد الله. وأرجو ان أکون أنا ذلک العبد .
مع تحقق رسول الله،صلى الله علیه وسلم، أنها له، لکن بدعاء الأمة، فاقتدى بالنبی، صلى الله علیه وسلم، فیه.
وقوله: "لما سمع دعائی" إشارة إلى قوله تعالى: "إن ربى لسمیع الدعاء."
فإن الدعاء یتعلق بحضرة السمیع، ثم یجیب المجیب لذلک، وإلیه الإشارةبقوله: "قد أجاب ندائی" أی، سؤالی.
قوله : (فما ألقى إلا ما یلقى إلى ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما ینزل به على).
أی، فلست ملقیا علیکم إلا ما یلقى على من الحضرة المحمدیة من أسرار الأنبیاء والحکم الخصیصة بهم.
ولا أخبر فی هذا الکتاب إلا ما أخبر به على فی صورة رسول الله، صلى الله علیه وسلم، من حضرة الذات الأحدیة.
فلیس لأحد من المحجوبین أن یعترض على ما تضمنه الکتاب فیحکم علیه بأحکام یقتضیها الحجاب.
وکونه مخصوصا بهذا الأمر إنما هو للمناسبة التامة الواقعة بین عینهما،إذ الأحکام الوجودیة العینیة تابعة للأحکام المعنویة الغیبیة.
ولما عرف، رضى الله عنه، أن المحجوبین عن الحق لا بد أن ینسبوه فیما قال إلى ادعاء النبوة ویتوهموا ذلک منه.
قال: (ولست بنبی ولا رسول) لأن النبوة التشریعیة والرسالة، کما مر بیانهما اختصاص إلهی.
إذ هو الذی یختص برحمته من یشاء.
وقد انقطعتا بحسب الظاهر، إذ لا مشرع بعد رسول الله، صلى الله علیه وسلم، بالأصالة،لأنه، علیه السلام، أتى بکمال الدین.
کما قال تعالى: " الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی". أی، نعمة الإسلام والإیمان.
وقال، علیه السلام: "بعثت لأتمم مکارم الأخلاق". والریادة على الکمال نقصان.
قال : (ولکنی وارث ولآخرتی حارث) أی، ولکنی وارث رسول الله.
واعلم،أن کل وارث یأخذ من مورثه ما یکون له من الأموال بحسب نصیبه المقدر له.
وأموال الأنبیاء، صلوات الله علیهم، هی العلوم الإلهیة والأحوال الربانیة والمقامات والمکاشفات والتجلیات.
کما قال، علیه السلام: "الأنبیاء ما ورثوا دینارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
فالعلم الحاصل لهذا الوارث أکمل وأتم من الحاصل لوارث نبی آخر، لأنه، علیه السلام، أکمل الأنبیاء علما وحالا ومقاما.
فکذا وارثه أکمل الوارثین علما وحالا ومقاما وکما تحکم أن المال الموروث یتملکه الوارث قهرا من الله، أراد الوارث ذلک أو لم یرد.
کذلک هذا الوارث یأخذ العلم والحال والمقام من الله على حسب استعداده إن شاء ذلک أو لم یشأ، فإنه تملیک قهری.
فمعنى قوله، علیه السلام: "فمن أخذه" أی، من أخذ العلم الإلهی من الله، القائم بربوبیته باطن رسول الله وظاهره، فقد سعد وخلص من الشکوک والشبهات الوهمیة.
ولما کانت علومهم وأحوالهم ومقاماتهم حاصلة من التجلیات الأسمائیة والذاتیة على سبیل الجذب والوهب، من غیر تعمل وکسب، کان علوم هذا الوارث وأحواله ومقاماته أیضا کذلک من غیر تعمل وکسب.
قال تعالى: "بل هو آیات بینات فی صدور الذین أوتوا العلم".
فعلوم الأولیاء والکمل غیر مکتسبة بالعقلولا مستفادة من النقل، بل مأخوذ من الله، معدن الأنوار ومنبع الأسرار. و
إتیانهم بالمنقولات فیما بینوه إنما هو استشهاد لما علموه، وإتیانهم المعانی بالدلائل العقلیة تنبیه للمحجوبین وتأنیس لهم رحمة منهم علیهم، إذ کل أحد لا یقدر على الکشف والشهود، ولا یفی استعداده بإدراک أسرار الوجود، فلهم نصیب منالإنباء والرسالة بحکم الوارثة لا بالأصالة، کما للمجتهدین من العلماء فی الظاهر نصیب من التشریع، لذلک لا یزالون منبئون عن المعانی الغیبیة والأسرار الإلهیة.
ولما کانت الأمور السابقة فی النشأة الدنیاویة سببا للوصول إلى ما قدر له فیالآخرة، کما قال، علیه السلام: "الدنیا مزرعة الآخرة".
قال: "لآخرتی حارث" ولا یرید به أجر الآخرة ودخول الجنة وغیرها، فإن الکمل لا یعبدون الله للجنة.
بل المراد بـ "الآخرة" ما به ینتهى آخر أمره من الفناء فی الحق والبقاء به.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحکم الشیخ علاء الدین المهائمی 835 هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
قال: (وأرجو)، لرعایتی آداب الدعاء وشرائطه الموجبة للإجابة، (أن یکون الحق)، تعالى (لما سمع دعائی قد أجاب ندائی)، أی: قولی: یا رب! بقوله: لبیک عبدی، فإنه أقل وجوه الإجابة عند اجتماع الشرائط والآداب
فقد ورد: "إن العبد إذا قال: یا رب" قال الله : "لبیک عبدی" ".
وهذا القدر کاف فی هذا المطلوب، وإذا کان الحق قد أجاب ندائی (فما ألقی)، أی: أملی بطریق الإیماء (إلا ما یلقی إلی)، من الحضرة الإلهیة، أو النبویة بطریق الإیماء فإن لفظ الإلقاء یشعر بذلک
(ولا أنزل)، بطریق التصریح (فی هذا المسطور، إلا ما ینزل به علی)، من إحدى الحضرتین بطریق التصریح، ولما أوهم ذلک أنه یدعی النبوة قال: (ولست بنبی، ولا رسول ولکنی)، أشابههم " ولی مثلهم"
لأنی (وارث)، عنهم علومهم، وأحوالهم، وأعمالهم "قال الشیخ : إن أطیب ما یورث من العلم ما یرثه العالم من الأسماء الإلهیة."
(ولآخرتی حارث)، بتحصیل ذلک، فلا یبعد الإلقاء إلی والإنزال علی، وإن لم أکن نبیا، ولا رسول؛ لأن من شابه قوما أخذ بعض أحکامهم، وإذا کنت لا ألقی إلا ما یلقى إلی، ولا أنزل ما ینزل به على.
شرح فصوص الحکم الشیخ صائن الدین علی ابن محمد الترکة 835 هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
قال رضی الله عنه : " وأرجو أن یکون الحقّ لما سمع دعائی قد أجاب ندائی ، فما القی إلَّا ما یلقى إلیّ ، ولا انزل فی هذا المسطور إلَّا ما ینزل به علیّ " .
وإذ قد یوهم ما أشار إلیه من أمر الإنزال علیه وإخراجه للناس بخصائص زمانه من العلوم والحقائق : أنّه نبیّ أمر بإخراج کتابه وإظهاره لدعوة الأمم فی الدنیا.
قال رضی الله عنه : ( ولست بنبیّ ولا رسول ، ولکنّی وارث ، ولآخرتی حارث ) دفعا لذلک الوهم .
وإذ قد فرغ من حکایة حاله بما یناسب الخطب من المقبولات المشوّقة للمسترشدین ، والإقناعیّات المحرّضة للطالبین ، أراد أن ینبّه على ما لا بدّ لسالکی طریقه منه إجمالا ، وهی أمور أربعة :
الأوّل إلقاء السمع للتوحید الذاتی إجمالا .
والثانی الرجوع إلى الله بأقدام التوجّه والقصد والتبتّل إلیه جملة .
والثالث تفصیل ذلک المجمل وشهود جمعه فی المفصّل کشفا .
والرابع إرشاد الطالبین إلیه امتنانا ، فإنّه من نفائس الکمالات التی فی الخزانة الختمیّة مما لا یمکن أن یکون عند طلَّابها من نقود استعدادهم ما یوازیه ، فیکون من محض الامتنان .
أخذ یخاطب الطلَّاب على ذلک بما یوافق عرفهم المألوف ووضعهم المطبوع من القرائن الشعریّة والفقرات المنظومة ، امتثالا لما أمر به من إخراجه للناس بما ینتفعون به ، فإنّ للنظم من المناسبة للحقائق الجمعیّة والدلالة علیها ما لیس للنثر .
قائلا : إذا کان جمیع ما سطر هاهنا من المقولات منزّلا من عند الله:
شرح الجامی للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد المتوفی 898 هـ :
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی. ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
قال رضی الله عنه : "وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندانی". لسان أدب مع الله تعالى فإن الکمل المطلعین على أعیانهم الثابتة واستعداداتها لا یطلبون من الله سبحانه إلا ما تقتضیه أعیانهم واستعدادتها فهم متیقنون بإجابة دعائهم.
وفی إضافة السمع إلى الدعاء والإجابة إلى النداء قد یقع لبعض الناس أن العکس أنسب لأن المقصود من النداء الإسماع ومن الدعاء الإجابة.
فکأنه رضی الله عنه لاحظ قوله تعالى : "إن ربی لسمیع الدعاء" آیة 39 سورة إبراهیم .
ولما تیقن بالإجابة من الله تعالى قال: (فما ألقی) إلیکم (إلا ما یلقى إلی) کما تضمنه هذا الکتاب من أسرار الأنبیاء علیهم السلام والحکم الخصیصة بهم .
والملقی إلی هو الله سبحانه وتعالى من الحضرة المحمدیة الحتمیة الکمالیة الإلهیة (ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما ینزل) به (على) والمنزل أیضا هو الله سبحانه من تلک الحضرة.
ولما علم رضی الله عنه سبق أوهام المحجوبین من هذا الکلام إلى ادعائه النبوة والرسالة قال :
(ولست بنبی ولا رسول) لأن النبوة التشریعیة والرسالة قد انقطعنا (ولکنی وارث) لرسول الله صلى الله علیه وسلم فی العلوم الإلهیة والأحوال الربانیة والمقامات والمکاشفات والتجلیات
(ولآخرتی) التی ینتمی إلیها أمری آخرة من مراتب الکمال (حارث) .
ولما لم یکن لی تصرف فیما أذکره.
کتاب مجمع البحرین فی شرح الفصین الشیخ ناصر بن الحسن السبتی الکیلانی 940هـ:
قال الشیخ الأکبر رضی الله عنه : (وأرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی؛ فما ألقی إلا ما یلقی إلی، ولا أنزل فی هذا المسطور إلا ما پنزل به علی.
ولست بنبی رسول ولکنی وارث ولآخرتی حارث).
قال الشیخ رضی الله عنه: [و أرجو أن یکون الحق لما سمع دعائی قد أجاب ندائی فما ألقی إلا ما یلقی إلی، و لا أنزل فی هذا المسطور إلا ما ینزل به علیّ، و لست بنبیی رسول و لکنی وارث و لآخرتی حارث :
فمن الله فاسمعوا .... وإلى الله فارجعوا
فإذا ما سمعتم ما ..... أتیت به فعوا
ثم بالفهم فصلوا ..... مجمل القول واجمعوا
ثم منوا به على ..... طالبیه لا تمنعوا
هذه الرحمة التی ...... وسعتکم فوسعوا
و من الله أرجو أن أکون ممن أید فتأید، و قید بالشرع المحمدی المطهّر فتقید و قید، و حشرنا فی زمرته کما جعلنا من أمته. فأول ما ألقاه المالک على العبد من ذلک ] .
حیث قال صلى الله علیه و سلم : "وأرجو أن أکون أنا ذلک العبد".
مع تحققه صلى الله علیه و سلم أنه هو، فأرجو من العامل بمنزلة عیسى علیه السلام و لعلّ من الحق تعالى فإن لأمر المحقق.
(و أرجو) و لا یخفى على الله خافیة فإن المحقق قد علم و شهد و ما عند الله، بل علم نفسه بمنزلة علم الله به لأن الأخذ من معدن واحد، فافهم أنه رضی الله عنه من الذین سبقت لهم منا الحسنى و زیادة.
( أن یکون الحق) إنما قال: الحق و لم یقل اسما آخر إذ لا یطلب الحق و لا یعطی إلا بالحق لأنه أعطى کل شی ء خلقه و هو ما یستحقه، فالسائل لو لم یکن مستحقّا استحقاقا ذاتیا ما أعطاه .
( لما سمع دعائی قد أجاب ندائی) أنه سمیع الدعاء یقال: دعوت فلانا: أی صحت به نداء و دعوت الله له و علیه دعاء، و النداء الصوت و ناداه مناداه و نادى: أی صاح به، ذکره فی الصحاح .
دعا رضی الله عنه امتثالا بقوله تعالى: "ادْعونی أسْتجِبْ لکُمْ " [ غافر: 60] .
قال تعالى: "أجِیبُ دعْوة الدّاعِ إذا دعانِ" [ البقرة: 186] و ما دعاؤه رضی الله عنه إیاه تعالى إلا عین قوله: یا الله و هو لله و جوابه لبیک، فهو الدعوة و به یسمّى داعیا .
قال رضی الله عنه: هذا لا بد من الله فی حق کل سائل، ثم ما یأتی بعد هذا النداء فهو خارج عن الدعاء و قد وقعت الإجابة، و أمّا ما طلب من الحوائج فلم یضمن إجابتها عنایة و رحمة بهم لأنه قد یسأل مما لا خیر فیه .
قال تعالى: "ویدعُ الِإنسانُ بالشّر دُعاءهُ بالخیْرِ" [ الإسراء: 11]، .
أما ترى بلعام بن باعوراء قد أتاه الله العلم بخاصة آیة من آیاته، و دعا على موسى علیه السلام فأجاب تعالى دعاءه فشقی الدّاعی شقاوة و انسلخ، و جعل مثله کمثل الکلب، فقضاء ما طلب من الحوائج بالمشیئة .
قال الله تعالى: "وأیُّوب إذْ نادى رّبهُ أنِّی مسّنی الضُّر وأنت أرحمُ الرّاحِمِین " فاسْتجبْنا لهُ فکشفْنا ما بهِ مِنْ ضُّر" [ الأنبیاء: 83 – 84 ].
وقال تعالى فی عبده الصالح یونس علیه السلام: "فنادى فی الظُّلماتِ" [ الأنبیاء: 87] فاستجاب له .
فإن المریض أو المضرور إذا قال: یا الله یعنی یا شافی اشفنی، و یا مغیث أغثنی و هکذا هنا أجاب تعالى ندائه رضی الله عنه بلبیک و دعائه و طلبه بالسمع و القبول، فافهم .
ثم اعلم أن الدعاء والطلب و السؤال لا یقتضی المنازعة .
کما ذهب إلیه سهل، و الفضیل ابن عیاض قدّس سرهما حیث ما أراد الله، فإن الدعاء ذلة و افتقار، و النزاع رئاسة و سلطنة فمن لم ینازع فما هو مقهور، و لا الملک علیه بقهار .
قال رضی الله عنه: إنه ما تجلى له الحق تعالى بحمد الله من نفسه فی اسمه القهار، و إنما رأى فی مرآة غیره لأن الله تعالى عصمه منه فی حال الاختیار، و الاضطرار فلم ینازع قط و کلما یظهر منه من صورة النزاع فهی تعلیم لا نزاع، و لا ذاق من نفسه صورة القدر الإلهی قط لمناسبة ذکر بعض الأخبار و الآثار حتى یقرع سمعک مثل هذه الأسرار .
اعلم أن من النزاع الخفی الصبر على البلاء، و عدم البلاء إذا لم یرفع إزالته إلى الله تعالى کما فعل سیدنا أیوب علیه السلام، و قد أثنى الله تعالى علیه بفعله مع شکواه .
فقال تعالى: "إنّا وجدْناهُ صابرًاً نعْم العبْدُ إنّهُ أوّابٌ" [ ص: 44] .
و لهذا قلنا: إن الدعاء لا یقدح ولا یقتضی المنازعة بل هو أعلى، وأثبت لقدم العبودیة من ترکه .
ورد فی الحدیث عن ثوبان رضی الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علیه وسلم: " لا یرد القدر إلا الدعاء " الحدیث رواه ابن ماجه. والترمذی وأحمد و الطبرانی فی الکبیر.
وأما الرضا والتسلیم فهما نزاع خفی لا یشعر به إلا أهل و خاصته و ذلک لأن متعلق الرضا میزان شرعی خاص لا یدرک إلا بالکشف، فافهم .
هکذا أبانه فی "الفتوحات" فما ألقی إلیکم إلا ما یلقى، ولا أنزل هذا المسطور إلا ما ینزل به علیّ، ألقی إلیه کتاب کریم.
فألقی إلیکم الکتاب القویم و هو مرتب مسموع مقروء، و أنزله فی هذا المسطور کما نزل علیه رضی الله عنه فی الرقّ المنشور، و بلغ ما أنزل إلیه فلم یعدل عن سورة ما أمره رسول الله صلى الله علیه و سلم، و أبقى صورته کما أنزل علیه فإنه ما نزلت المعانی الصرفة علیه من غیر ترکیب بل بترکیب الحروف و ترتیب الکلمات و نظم الحکایات و إنشاء الفصوص من کل فص باسم صاحب ذلک الفص المسمّى مجموعة بفصوص الحکم .
فلمّا أقام رضی الله عنه نشأة هذا الکتاب "الفصوص "، و أظهره بین أظهر الناس فأبصرته الأبصار، و سمعته الآذان من التائبین، و قرأته الألسنة عند التلاوة و لیس الکتاب إلا هذا المجموع و المسموع المبصر المقروء .
وذلک تبلیغا منه وتنبیها للناسین، فلا ینبغی لأحد أن یعترض على ما تضمنه الکتاب و یعترض لأحکامه بسوء الخطاب فیحکم علیه بأحکام یقتضیها الحجاب الله أعلم حیث یجعل رسالاته و ما على الرسول إلا البلاغ.
و سدد هذا الکلام منه رضی الله عنه کله لتأنیس الناسین الذّاهلین، و تنبیه الغافلین الساهین بأنه کتاب لا ریب فیه هدى للمتقین، بل فی بعض کتبه یحلف رضی الله عنه بالإیمان تحریضا و تحریصا على القبول و الإذعان لأهل الإیمان .
کما فی "الفتوحات" فی الباب الثالث و ثلاثمائة فإنه یقول: فو الله ما کتبنا حرفا إلا من إملاء إلهی أو إلقاء ربانی أو نفث روحانی فی روع کیانی.
و هذا مثل ما قال صاحب موسى علیهما السلام، و ما فعلته عن أمری حتى یرد الأمر و ثبت الحاس، فالعمل فی هذا الإقعاد و مشوا على سنن سیدهم .
حیث یقول تعالى: "لا أقسِمُ بیوْم القِیامةِ" [ القیامة: 1] .
و الشمس و اللیل و الضحى، و کل ذلک شفقة و رحمة من الله و من عباده الأمناء العارفین على عباده الضعفاء المترددین .
( و لست بنبیّ و لا رسول ): أی نبی مکلف، و رسول مشرع فإنهما انقطعا برسول الله صلى الله علیه و سلم، فلا رسول بعده و لا نبی .
قال رضی الله عنه: إنما قلت لئلا یتوهم متوهم، فلا رسول بعده، إنی ادّعیت النبوة و الرسالة لا و الله ما بقى إلا میراث و سلوک على مدرجة الرسول، و الاقتداء به صلى الله علیه و سلم خاصة .
وأمّا النبوّة و الرسالة اللتان لیستا بتکلیف ولا تشریع جدید فأبقى الله تعالى أحکامها فی الورثة.
""أضاف المحقق : قال سیدی علی وفا قدس سره:
النبوة مظهریة الربوبیة، والروح الناطق الحکیم وجه رب الحق المبین، فمن ظهر فیه فقد أوتی النبوة فی کل مقام بحسبه.
من ظهر فیه الروح الحکیم بإدراکه وفعله فی دائرة التدبیر والتکوین معا فهو رسول فی کل مقام.
من ظهر فیه الروح الحکیم بادراکه لا فعله فهو ولی .
فالنبوة حیطة الإحاطة الربانیة. والرسالة منها للفرقان. والولایة للجمع، فی کل مقام بحسبه .
وقال : غایة کل شیء نهایته وختامه، وغایة النبوة الربوبیة، فخاتم النبیین وسطهم جامعهم غایتهم
وقال : فقیل للسید: متى وجبت لک النبوة؟
قال: «کنت نبیا و آدم منجدل فی طینته».
وفی روایة: «إنی عند الله لخاتم النبیین، وإن آدم بین الروح والجسد»."" أهـ
وأشار صلى الله علیه و سلم إلیه فی قوله : "علماء أمتی کأنبیاء بنی إسرائیل".
ویشیر إلى هذین المقامین الشیخ ابن الفارض قدّس سرّه فی شعر :
وعالمنا منهم نبیّ و من دعی ..... منا إلى الحق قام بالرسلیة
جعل الله ورثته صلى الله علیه و سلم فی منازل الأنبیاء و الرسل.
فأباح لهم الاجتهاد فی الأحکام فهو تشریع محقق من خبر الشارع الصادق المحقق فکل مجتهد نصیب، کما أن کل نبیّ معصوم عن الغلط و السهو لیحصل لهم نصیب وافر من التشریع .
ورد فی الخبر : "إن لله عبادا لیسوا بأنبیاء" : أی أنبیاء التشریع و التکلیف و لکن أنبیاء علم و سلوک اهتدوا فیه بهدى أنبیاء التشریع غیر أنهم لا یقبلون الاتباع لوجهین.
وجه لسواد وجوههم فی الدنیا والآخرة فهم أصحاب راحة عامة لا یدرون أحد، ولا یدریهم أحد.
الوجه الآخر أنهم یریدون راحة یوم الفزع الأکبر یوم یحزن الأنبیاء على أممهم لا على أنفسهم .
و فیهم قال تعالى: "لا یحْزنـهُمُ الفزعُ الْأکْبرُ وتتلقّاهُمُ الملائکةُ" [ الأنبیاء : 103].المهیمون فی جلال الله، العارفون الذین لم تفرض علیهم الدعوة إلى الله تعالى، و هم فی البشرة بمنزلة الأرواح الهائمة فی الملک، فافهم .
قال رضی الله عنه فی الفصل الثالث و الثمانین فی "الأجوبة فی الفتوحات" :
قد حدّثنی أبو البدر البغدادی، عن الشیخ بشیر من ساداتنا بباب الأزج، عن إمام
بالسجود لآدم، و شرعه لهم لأنه نبیّ ذلک الوقت، و یؤید ذلک إضافة الرب إلیه فی قوله: "وإذْ قال ربُّک للْملائِکةِ إنِّی جاعِلٌ فی الْأرضِ خلیفةً" [ البقرة: 30].
و تیسیر خطاب البسط بلسانه فی قوله: "وإذْ قُـلْنا للْملائکةِ اسْجُدُوا لِآدم" [ البقرة: 34]، و قس على هذا.
العصر، عن عبد القادر الکیلانی قدّس سره أنه قال : "معاشر الأنبیاء أوتیتم اللقب و أوتینا ما لم تؤتوا" .
فأمّا قوله أوتیتم اللقب: أی حجر علینا إطلاق لفظ النبی، و إن کانت النبوّة العامة ساریة فی أکابر الرجال .
و أما قوله: و أوتینا ما لم تؤتوا هو عین قول الخضر علیه السلام الذی شهد الله بعدالته و تقدمه فی العلم، و أتعب الکلیم المصطفى المقرب موسى علیه السلام فی طلبه .
إن العلماء أجمعوا على أنه أفضل من الخضر علیه السلام، فقال له: أنا على علم علمنیه الله لا تعلم أنت، فهذا عین ما قال السید عبد القادر قدّس سره، فافهم أن هذه النبوة العامة غیر منقطعة دائما أبدا .
و قال رضی الله عنه فی "الفتوحات ": و هذه ما أدری عن قصد منهم کان ذلک، أو لم یوفقهم الله علیها، أو ذکروها و ما وصل ذلک إلینا، و الله أعلم بما هو الأمر علیه .
( و لکنی وارث) اعلم أن الوارث اسم إلهی، و الوراثة نعت إلهی، فإنه قال تعالى عن نفسه أنه خیر الوارثین: "وأنت خیْـرُ الوارثین" [ الأنبیاء: 89] .
قال: "إنّا نحْنُ نرثُ الْأرض ومنْ علیها " [ مریم: 40].
فورثها لیورثها من یشاء من عباده، فالولی الوارث لا یأخذ ورث النبوّة إلا بعد أن یرثها الحق منه.
ثم یلقیها إلى الولی لیکون ذلک أتم فی حقه حتى ینسب فی ذلک إلى الله تعالى لا إلى غیره.
وبعض الأولیاء یأخذونه وراثة عن النبی صلى الله علیه و سلم وهم الصحابة رضی الله عنهم الذین شاهدوه، أو من رآه فی النوم.
ذکره رضی الله عنه فی الباب الخامس و الخمسین و مائة من "الفتوحات" : .
و لهذا قیل: إن کنت وارثا فلا ترث إلا الحق.
فإن قیل: ولا یصح المیراث لأحد کان ممن کان إلا بعد انتقال المورث، و أمّا ما حصل لک من غیر انتقال فلیس یورث، و إنما ذلک وهب و أعطیة و منحة أنت فیها نائب وخلیفة لا وارث.
وأیضا إن المورث لا یکون إلا بتملک قهری على المورث کان ما کان، أراد المورث، أو لم یرد، و کان من کان، فکیف حکم هذین الحکمین فی الإلهیات التی أثبت فیها المیراث ؟
قلنا: صدقت، و لکن إذا أشهدک الحق غناه عن العالمین فقد ترک العالمین، فهم ترکة إلهیة لا یرثها إلا أنت إن کنت صاحب هذا الکشف و الشهود، فافهم .
وأیضا أن جمیع ما نحن علیه من الصفات وصف نفسه بها، ثم نزه نفسه عنها .
فقال تعالى: "سُبْحان ربِّک رب العِزِّة عمّا یصِفُون" [ الصافات: 180]، فأخذنا هذه الصفات التی کنا نصفه بها بعد تنزیهه عنها بحکم الوارث لأنه قد وصف نفسه، و وصفناه بها، فقام التنزیه بعد ذلک مقام الموت لنا، فهو یرثنا بالموت، و نحن نرثه بالتنزیه، فافهم .
و أیضا أن الله تعالى قال: " ما یکُونُ مِنْ نجْوى ثلاثةٍ إلّا هُو رابعهُمْ" [ المجادلة : 7].
فإذا جاء الرابع منا انتقل إلى المرتبة الخامسة، و خلی له المرتبة.
فورثها هذا وارث العموم، وأمّا فی میراث الخصوص، فإنه رابع أربعة فی حال کونک أنت رابع أربعة لأنک على الصورة.
فورث الخاص الوجود، و بطن المورث بورث الظاهر الوجود .
قال رضی الله عنه: إن أطیب ما یورث من العلم ما یرثه العالم من الأسماء الإلهیة .
و یشیر إلى هذا قوله صلى الله علیه و سلم : "تخلقوا بأخلاق الله" .
، و ظهور الأخلاق لا یکون إلا فی عالم التشبیه للخلیفة، فاستخلف الخلیفة و استعان بذاته و تحجّب بحجاب العزة لاستحالة جمع المستخلف و المستخلف، و لا یجمع المورث و الوارث، فافهم .
أمّا قولک: إن المیراث من تملیک قهری فذلک لأن الإرث بحکم الاستعداد وبتحکّم القابلیة، و الاستحقاق الذاتی .
و من هذا المقام قال سبحانه فی طائفة: "لهُمْ أجْرٌ غیْـرُ ممْنونٍ " [ الانشقاق: 25] إلا منه روع لأنه اقتضاء ذاتی .
و قال فی الآخرین: "وما ظلمْناهُمْ ولکِنْ کانوا أنْـفُسهُمْ یظلِمُون " [ النحل : 118] .
و کما أن المال الموروث من غیر کسب، و تصنع من الوارث، کذلک هنا أن علومه آیات بینات فی صدور الذین أوتوا العلم من غیر کسب واستفادة .
و هنا مشرب آخر دون ذلک وهو: إن تعلم أن الورث ورثان، ورث نبوّة أن العلماء ورثة الأنبیاء علیهم السلام .
و قال صلى الله علیه و سلم : "الأنبیاء ما ورثوا دینارا و لا درهما و إنما ورثوا العلم ".
فمن أخذه بحظ وافر، فلم یبق المیراث إلا فی العلم والحال والعبارة عمّا قصدوه من الله تعالى فی کشفهم، وهو على نوعین صوری ومعنوی.
أمّا الصوری: منه ما یتعلق بالألفاظ و الأفعال و ما یظهر من الأحوال، فإن الوارث ینظر إلى ما کان یفعله النبی صلى الله علیه و سلم ما أبیح للوارث الاقتداء به فیه.
فیأتیها على حد ما وردت لا نزید و لا یزید و لا ینقص منها، و إن اختلفت الروایات فلیفعل بکل روایة وقتا بهذا و وقتا بهذا و لو مرة واحدة، و یدوم على الروایة القویة إذا أمکن له و لا ینقص أصلا ثابتا .
و من هذا الذوق روی عن الإمام أحمد بن حنبل رضی الله عنه: إنه ما أکل البطیخ حتى مات لأنه ما بلغه کیف أکل رسول الله صلى الله علیه وسلم.
و أما المعنوی: فکان ما یتعلق بباطن الأحوال من تطهیر النفس، و التخلق بمکارم الأخلاق، فإنه قال صلى الله علیه و سلم : "بعثت لأتمم مکارم الأخلاق " .
وهذا الإتمام على نوعین :
الأول: للعامة بتبدیل المذام بالمکارم .
والنوع الثانی: بخصوص و هذا إلحاق السفساف بالمکارم، فإن الأخلاق کلها مکارم و لیس فی الوجود إلا الله، فافهم .
أما الوارث الثانی هو الموروث الإلهی، فهو ما یحصل لک فی ذاتک من صور التجلی الإلهی عند ما یتجلى لک فیها فإنک لا تراه إلا به.
فإن الحق بصرک فی ذلک الموطن، فإن لم یتکرر علیک صورة التجلی فقد انتقل عنها، و ورثک أمر تظهر به فی ذاتک و فی ملکک، فإذا أردت شیئا تقول له کن فیکون، فمثل هذا من الورث الإلهی هو الورث النبوی، فإنه ما حصل هذا إلا بالاتباع، و الاقتداء، و المحبة .
و الأنبیاء لا یورثون علیهم السلام حتى ینقلبوا إلى الله تعالى من هذا الدار و کل ما له من نبی انتقل، فذلک علم موروث .
أما ترى قوله تعالى عن زکریا علیه السلام: " وإنِّی خِفْتُ الموالی مِنْ ورائی" [ مریم :5]: أی بعد موتی، و انتقالی إلى البرزخ فطلب من لدنه ولیا یرثه من بعده حتى لا یضیع الذین بعده، و هل کان ذلک الإرث إلا بعد الانتقال؟ .
ثم اعلم أن کل وارث علم فی زمان یرث من تقدمه من الأنبیاء علیهم السلام، و هذه الأمة لما کان نبیها آخر الأنبیاء علیهم السلام صحّ للوارث منهم أن یرث الجمیع.
ولا یکون ذلک بغیر هذه الأمة، فلهذا خیر أمة أخرجت للناس، و کل علم لا یکون عن ورث فإنه لیس بعلم اختصاص کعلم الحکماء وأصحاب الفترات، فافهم .
و لو کانوا علماء و لم یکونوا متبعین لنبی، فنزلوا عن درجة الاختصاص و التفاوت بین العلمین بون عظیم، و تمیز ذوقی مشهود، جعلنا الله و إیاکم من الوارثین، و لآخرتنا حارثین و لآخرتی حارث .
قال تعالى: "منْ کان یریدُ حرْث الْآخِرِة نزدْ لهُ فی حرْثهِ ومنْ کان یریدُ حرْث ُّ الدنیا نُـؤْتهِ مِنْها وما لهُ فی الْآخِرِة مِنْ نصِیبٍ"[ الشورى: 20].
و الزیادة فی الحرث هو التوفیق للعمل الصالح، فلا یزال ینتقل من حسنة إلى حسنة، فإذا کسب نال ما اقتضاه العمل و الزیادة ما لا عین رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهو ذوق، فهذه زیادة الحرث فی الآخرة فینال به فی الآخرة جمیع الأغراض و زیادة لم یبلغه أمله لعدم توجهه إلیه .
وأما قول الشارح القیصری قدّس سره: إنه لا یرید أجر الآخرة من دخول الجنة وغیرها، فإن الکمّل لا یعبدون الله للجنة، انتهى کلامه.
فکأنه اشتبه علیه الفرقان بین من یعبد الله للجنة، وبین من یشتهی الجنة و أجرها مع أنه رضی الله عنه ذکر فی "الفتوحات ": إن النفس الناطقة تلتذ بجمیع ما تعطیه القوة الحسیة، فتشتهی اللذات الجنانیة .
والناس على أربع مراتب فی هذا الاشتهاء فمنهم:
من یشتهی الجنة و لذاتها و تشتهیه الجنة .
کما ورد فی الخبر : "إن الجنة اشتاقت إلى علی، و بلال، وعمار رضی الله عنهم" وهم من أکابر رجال الله من رسول ونبیّ و ولیّ کامل مکمّل .
ومنهم: من یشتهی بالضم و لا یشتهی بالفتح، و هم أصحاب الأحوال من رجال الله الهائمین فی جلال الله الذین غلب معناهم على حسبهم.
وهم دون الطبقة الأولى، فإنهم أصحاب أحوال .
ومنهم: من یشتهی بالفتح و لا یشتهى بالضم و هم عصاة المؤمنین .
ومنهم: من لا یشتهی و هم المکذّبون بیوم الدین، والقائلون بنفی الجنة المحسوسة، ولا خامس لهؤلاء الأربعة أصناف .
قال رضی الله عنه فی الباب السابع و السبعین و أربعمائة من "الفتوحات ":
إن العالم لا یرى شیئا من الأحوال، و یعظم ما عظمه الله، و یحقّر ما حقّره الله، و لا یغلب علیه الحال، فإن أکثر الناس لا یعلمون، بل هم بهذا القدر جاهلون و عنه عمون.
وهذا هو الذی أدّاهم إلى ذم الدنیا و ما فیها، والزهد فی الآخرة وما فیها من النعیم واللذات، و انتقدوا على من شغل نفسه بمسمّى هذه اللذات کلها، و جعلوا فی ذلک ما حکی عن الأکابر فی هذا النوع متأولا، و حملوا ألفاظهم على غیر وجه تعطیه الحقیقة.
وأرادوا أن کل ما سوى الله حجاب و کیف لا تکون شهوة الجنة وهی دار القربة و محل الرؤیة، و هی دار الشهوة و عموم اللذات، و لو کانت حجابا لکان الزهد و الحجاب فیها، فالرحل کل الرحل من ظهر بالصورة و هو وراء أحکام العبودیة الطبیعیة، فافهم. انتهى کلامه رضی الله عنه .
قال رضی الله عنه فی الباب الخامس والثمانین وثلاثمائة من "الفتوحات ":
إن احتقار شیء من العالم لا یصدر من تقی یتقی الله.
فکیف من العالم بالله علم دلیل أو علم ذوق؟!
فإنه لیس فی العالم عین إلا وهو من شعائر الله من حیث ما وضعه الحق دلیلا علیه، و وصف من یعظم شعائر الله، فإنها من تقوى القلوب.
فمن حقّر الوجود و استهانه، فإنما حقّر و استهان خالقه و مظهره، فافهم .
فقوله رضی الله عنه: ولآخرتی حارث: أی أطلب الأجر لأنه ظهر على الصورة، و أوّل أجر ظهر طلبه فی الوجود أجر إیجاد الممکن .
فقال: الممکن للواجب فی حال عدمه أرید منک عمل الإیجاد، فقال: الواجب فلی علیک حق إذا علمته لک ما طلبت من العمل، و أظهرتک فی الوجود .
فقال: لک أن أعبدک و لا أشرک بک شیئا، فلما أظهره، و لم یجعل نفسه فی إیجاده متبرعا فقال: اعبدنی، و سبح بحمدی فسبحه و عبده .
فسری حکم طلب هذا الأجر فی جمیع الممکنات، بل هو ذاتی للأعمال لأن الأعمال تطلب الأجر بذاتها .
ورد فی الخبر الصحیح أنه صلى الله علیه و سلم قال : "حق الله على العباد أن یعبدوه، و لا یشرکوا به شیئا، ثم قال: أتدرون ما حقهم علیه سبحانه و تعالى إذا فعلوا ذلک؟ أن یدخلهم الجنة".
ذکره رضی الله عنه فی الباب السادس و السبعین و ثلاثمائة من " الفتوحات" .
ولهذا السرّ قالت الأنبیاء علیهم السلام: إن أجرنا إلا على الله، فأخبروا أن لهم الأجور، و أمر سبحانه لسیدنا و نبینا صلى الله علیه و سلم .
حیث قال تعالى: "قلْ لا أسْئلکُمْ علیْهِ أجْرًاً إلّا المودّة فی الْقُرْبى" [ الشورى: 23] باستثناء متصل، فما عمل عامد کان من کان إلا بالهجر، فافهم
نصوص الخصوص فى ترجمة الفصوص (بابا رکنا شیرازی)، ج1، ص: 38-42
و أرجو أن یکون الحقّ- تعالى- لمّا سمع دعائى، قد أجاب ندائى.
بدان که: کاملان، از حضرت عزّت نطلبند چیزى که در اعیان ثابته مشاهده نکرده باشند؛ که آن چیز ایشان را است. و ایشان را استعداد آن هست. و شیخ- رض- از جمله آن کاملان بود. لیکن، در سخن، رعایت ادب با حق- تعالى- کرده، تا به لفظ «و ارجو» گفته؛ و نیز اقتدا به حضرت رسالت- صلعم- کرده در مثل آن حدیث که امّت را فرمود:
«سلوا لى الوسیلة فإنّها لعبد من عباد اللّه، و أرجو أن أکون أنا هو.»
و رسول اللّه را- صلعم- محقّق بود که: مقام وسیلت خاصّ او را است؛ و استعانت به دعاى امّت فرمود؛ و بلفظ «ارجو» گفت: جهت مراعات ادب به حضرت عزّت- تعالى- شأنه- [و اگر چه اهل ظاهر گفتهاند که: تعلیم امّت است به آداب، و شاید که چنان باشد].
فما ألقى الّا ما یلقى إلىّ، و لا أنزل فى هذا المسطور إلّا ما ینزّل به علىّ.
یعنى: من بر شما القا نکنم چیزى از تلقاء نفس خود، بلکه از آن القا کنم که به من ملقى شده. و در این کتاب فرونیاورم، و مرقوم نگردانم، مگر آن چیزى که به من منزّل شده، یعنى از حضرت محمّدیّه- صلعم- آنچه به من رسیده، از احکام انبیاء و اسرار اولیاء؛ که او- صلعم- از حضرت احدیّت ذات، فراگرفته، و معلوم کرده بود، من غیر از آن، با خلق نگویم؛ و در این کتاب ننویسم. و شیخ را- رض- غرض از این گفتن آن است که تا محجوبان که در غواشى انکارند، نگویند که: این کلمات مفتریات اوست. یا آنچه نفس او بدان مایل شده، به مقتضاى آن مسطور و مرقوم گردانیده؛ بلکه او- رض- در رسانیدن این کلمات مأمور و مأمون بوده.
و این ضعیف به چند کس از ارباب قلوب رسید، و از ایشان شنید که گفتند:
ما در کشف خود از حقیقت این کتاب و معانى آن از ارواح انبیاء و اولیاء سؤال کردیم، و همه ایشان هر یکى به عبارت خویش آن را ستایش کردند. و از جمله آن: در زمان مسافرت، در سراى برکه- حماها اللّه تعالى- بحضور نوربخش ولىّ اللّه الوالى، خلاصة نتائج الایّام و اللّیالى سرّ اللّه فی الارض، شیخ الاسلام،- قطب الانام- محمد التمیمى- ادام اللّه تعالى ایّام حیاته لارشاد الطّالبین- مشرّف گشتم و از لفظ مبارکش شنودم که فرمود:
وقتى در شیراز بودم در سر روضه منوّره قطب الاولیاء ابو عبد اللّه الخفیف- قدّس سرّه- و از لفظ شیخ المشایخ بهاء الدین تبریزى- رحمة اللّه علیه- [که در وقت خود، از کبار عرفاء بود] شنودم که:
رسول را- صلعم- در واقعه دیدم و کتاب «فصوص الحکم» را به حضرت وى خواندم؛ یا آنکه گفت: مشکلات فصوص را از حضرت رسالت پرسیدم، و جواب شنیدم و بر معانى آن واقف و عارف گشتم.
این اخبار و آثار نزد این ضعیف خاکسار، و آنکس که دارد، بر حالت این طایفه اقرار مؤیّد سخن شیخ است- رض-. و محقّق است که او- رض- این کتاب به امر رسول- صلعم- ساخته است؛ و معانى و اسرارى که در وى [مکنون و] مندرج است، حقّ است «وَ فَوْقَ کُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ.»
و لست بنبىّ رسول، و لکنّى وارث، و لآخرتى حارث.
شیخ- رض- به فراست دانست که چون او، این سخن بگوید، و این کلمات بنویسد، طایفهاى که محجوباناند، او را متّهم گردانند. یا آنکه گویند: دعوى نبوّت کرده است. چرا که: ایشان نمىدانند که مخصوص گشتن شیخ به این کار و اظهار کردن او، این حال، از آن، بود، که او را در عین غیب، به حضرت رسالت مناسبتى بود؛ و احکام وجودى تابع [احکام] عینى غیبى است. پس از بهر دفع تهمت و برائت، ساحت خود را، این نسبت گفت که:
«من نه نبىّام؛ و نه رسولم؛ و لکن رسول را- صلعم- وارثم؛ و از براى آخرت خود حارثم» چرا که نبوّت تشریعى، که إنباء از آن کار رسل است، منقطع شده؛ و در نبوّت بسته گشته؛ و ختم این کار به خاتم انبیاء، محمّد رسول اللّه- صلعم- گشته، و احکام دین به وى تمام شده، که: «الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ، وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی»( س 5- 3) مخبرى صادق است از این معنى؛ و هرکس که بر مال زیادتى طلبد، در عین نقصان افتد». پس محقّق شد که: صاحب شریعت، بعد از محمّد رسول اللّه ممکن نیست، امّا در ولایت بسته نشده است؛ و علماء و اولیاء ورثه انبیااند؛ که:
«العلماء ورثة الانبیاء» و مال و میراث انبیاء، علوم الهیّة و احوال علیّه و مکاشفات و تجلیّات است؛ بدلیل قول رسول- صلعم- که فرمود:
«نحن معاشر الأنبیاء ما ورّثوا دینارا و لا درهما و إنّما ورّثوا العلم. فمن أخذه اخذ بحظّ وافر.»
و هرچند [مال و] میراث اکثر، نصیب و ارث اوفر .. پس هرچند نبىّ کاملتر، حظّ وارث- که ولىّ است- شاملتر؛ و بلا شکّ و شبهه اکمل و افضل و اشرف انبیاء محمّد مصطفى است- صلعم-. پس علماء و اولیاء امّت وى، در حال و مقام و کشف از همه پیشتراند. و این احوال غالیه، و مراتب عالیه که نبىّ را بود، به کسب نبود؛ بلکه وهبى بود، که از تجلیّات اسمائى و ذاتى، بحکم جذبه حاصل کرده بود. علوم این وارثان نیز همچنین باشد؛ که نه از عقل مکتسب، و نه از نقل مستفاد بود؛ بلکه از معدن انوار، و منبع اسرار فراگرفته باشند؛ و هر جاى که این طایفه، تشبّث به نقل کنند، جهت اطمینان خاطر مبتدیان باشد. و هرگاه که معنیى از معانى به دلیل عقلى ثابت گردانند، جهت نبیه محجوبان باشد، و حق- تعالى- از فضل خود، این عطا فرموده ایشان را؛ که به حال و حجّت بر همه غالب آیند که: «بَلْ هُوَ آیاتٌ بَیِّناتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ»( س 29- 49) بیان رفعت ایشان است.
و همچنانکه علماى ظاهر را از ظاهر نبوّت تشریعى، بحکم وراثت نصیبى هست، [که شریعت را به امّت بیان مىکنند، علماى باطن- که اولیااند-] از باطن نبوّت بحکم وراثت هم، نصیبى دارند؛ که اسرار الهى و معانى غیبى با سالکان بوادى طلب، در میان مىنهند. علماى ظاهر بحکم حدیث: «الدّنیا مزرعة الآخرة» حارثاند؛ تا جنّات و درجات از بهر خود حاصل کنند. اولیاء نیز [حارثند] لیکن به جنّت افعال و اعمالشان هیچ طمع نیست؛ بلکه از آخرت آخر کار خواهند، که آن «فناء فی اللّه» و «بقاء باللّه» است. و چون مبیّن گردانید که هرچه گوید، از خود نمىگوید، بلکه اشعّهاى، انوار و اسرار حق- تعالى- مىنمایند، شما نیز هر چه مىشنوید، از حق شنوید؛ و به حق بازگردید؛ و آنچه مىشنوید از من، و من با آن آمدهام، و با شما بیان آن مىکنم، آن را نگاه دارید؛ و ضایع نگردانید.
شرح فصوص الحکم (خوارزمى/حسن زاده آملى)، ص: 81-84
قال رضى اللّه عنه:
و أرجو أن یکون الحقّ تعالى لمّا سمع دعائى قد أجاب ندائى فما ألقى إلّا ما یلقى إلىّ و ما (و لا- خ) أنزّل فى هذا المسطور إلّا ما ینزّل به علىّ.
یعنى امید مىدارم که چون حق دعاى مرا مىشنود که سمیع الدّعا به حکم أُجِیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ، اجابت نداى من کند و اگرچه طلبى که بر زبان استعداد است در اجابت آن شکى نیست، امّا ایضاح (افصاح- خ) به رجاء، سلوک طریق تأدّبست در جناب کبریا و اقتضاى اثر حضرت مصطفى است که در مخاطبه امّت مىگفت:
«سلوا لى الوسیلة فإنّها لا تکون إلّا لعبد من عباد اللّه و أرجو أن أکون أنا ذلک العبد»
با وجود آنکه رسول را محقق بود که وسیله از براى اوست، پس من القاء نمىکنم بر شما مگر آنچه حضرت محمدیّه از اسرار انبیا و حکم خاصه ایشان بر من القا مىکند، و خبر نمىدهم درین کتاب مگر آنچه به صورت رسول از حضرت ذات احدیّت بر من فایض مىگردد و نازل مىشود.
آرى. بیت:
هر بوى که از مشک و قرنفل شنوى از نکهت آن زلف چو سنبل شنوى
چون نغمه بلبل از پى گل شنوى گل گفته بود گرچه ز بلبل شنوى
و قال رضى اللّه عنه:
و لست بنبىّ و لا رسول و لکنّى وارث و لآخرتى حارث.
چون در کلام سابق و هم آن بود که ارباب حجاب شیخ را متّهم به دعوى نبوّت سازند، مىگوید من نه پیغامبرم و نه رسول از آنکه «نبوّت تشریعیّه» و رسالت به حکم: وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ، اختصاص الهى است و محض عنایت پادشاهى، و چون به وجود محمّد علیه السلام، نعمت ایمان و اسلام به سمت اکمال و اتمام موسوم گشت که: الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی، نبوّت و رسالت به حسب ظاهر انقطاع پذیرفت و مکارم اخلاق که بعثت از براى آن بود به وجود اولوالعزم خاتم کمال گرفت، لاجرم من نبى و رسول نیستم، امّا از حضرت رسالت وارثم و از براى آخرت خود حارث؛ و میراث انبیاء علوم الهیّه و احوال ربانیّه است و اسرار مقامات و انوار مکاشفات و تجلیّات، چنانکه حدیث امین صادق بدان ناطق است که:
«الأنبیاء ما ورّثوا دینارا و لا درهما، إنّما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظّ وافر»
پس وارث رسول ما علیه السلام، که اکمل انبیاست از روى علم و حال و مقام کاملتر باشد از ورثه انبیاى دیگر، و هر وارثى را به حسب استعدادش نصیبى است خاص که بدو اختصاص دارد و اکتساب او را درین استحقاق مدخلى نیست. پس علوم اولیاى کمل مکتسب به عقل و مستفاد از نقل نیست، بلکه مأخوذ است از بارى تعالى که معدن انوار و منبع اسرار است.
اما تشبث ایشان به اذیال منقولات و استدلال در اثبات مطالب به قواعد معقولات تنبیه ارباب حجاب و تأنیس اصحاب ارتیاب است، چه هر احدى قادر بر کشف و شهود نیست و استعداد او وافى به ادراک اسرار وجود نى. و این طایفه را نصیب از إنباء و رسالت به حکم وراثت است نه به طریق اصالت، چنانکه اهل
اجتهاد را از علماى ظاهر نصیب است از تشریع، که همیشه إنباء از معانى غیبیه و اسرار الهیّه به تقدیم مىرسانند.
و چون امور ثابته در نشئات دنیاویّه سبب وصول است بدانچه در آخرت از براى ایشان مقدر است کما
قال علیه السّلام: «الدّنیا مزرعة الآخرة»
لاجرم مىفرماید از براى آخرت خود حارثم. از کاشتن این تخم برخوردارى از دخول جنّت و تمتّعات بهشت نمىخواهد، چه کاملان عبادت از براى جنّت نمىکنند بلکه مراد از آخرت آن است که آخر امر عارف بدان منتهى مىشود از فانى شدن در حق و باقى گشتن به بقاى مطلق. آرى، بیت:
درخت و سبزه برآید ز باغ و این گوید که خواجه هرچه بکارى ترا همان روید
حل فصوص الحکم (شرح فصوص الحکم پارسا)، ص: 515
و أرجو أن یکون الحقّ- تعالى- لمّا سمع دعائى قد أجاب ندائى؛ فما ألقى إلّا ما یلقى إلیّ، و لا أنزل فی هذا المسطور إلّا ما ینزّل به علىّ. و لست بنبیّ و لا رسول و لکنّى وارث و لآخرتی حارث.
شرح ردّ تهمت محجوبانست بر قوله: «و لا أنزل فی هذا المسطور إلّا ماینزل به علّى».
وراثت دو نوع است: وراثت علم به احکام؛ و وراثت علم به اللّه. علماى ظاهر را از ظاهر نبوّت تشریعى به حکم وراثت نصیبى هست که شریعت به امت بیان کنند. و علماى باطن را که اولیااند، از باطن نبوّت به حکم وراثت هم نصیبى هست که اسرار الهى و معانى غیبى با سالکان به وادى طلب در میان نهند. حظّ علماى ظاهر تحصیل جنّات و درجات، مقصود علماى باللّه، فناء فی اللّه و بقاء باللّه.