شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
و یؤیّد هذا المعنى قوله: (فإنّ رؤیة6 الشیء نفسه بنفسه ما هی7 مثل رؤیته نفسه
________________________________________
(6) . و تلخیص ذلک أنّ الرؤیة - التی هی غایة المشیئة و الأمر و الإیجاد - إنّما هی الرؤیة الخاصّة، التی عند تعاکس صورة الرائی من القابل المقابل النازل منزلة المرآة له.
(7) . نافیة.
جلد: 1، صفحه: 217
فی أمر آخر یکون له کالمرآة؛ فإنّه1 تظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحلّ المنظور فیه، ممّا لم یکن یظهر2 له من غیر وجود هذا المحلّ، و لا تجلّیه له).
هذا تعلیل للمشیئة و إیماء إلى سؤال مقدّر، و هو أنّ اللّه بصیر قبل أن یوجد العالم الإنسانیّ، فکیف شاء ذلک؟
فأجاب: بأنّه لیس رؤیة الشیء نفسه بنفسه فی نفسه، کرؤیة نفسه فی شیء آخر، یکون له ذلک الشیء مثل المرآة؛ و ذلک لأنّ المرآة لها خصوصیّة فی ظهور عین ذلک الشیء، و تلک الخصوصیّة لا تحصل بدون تلک المرآة، و لا بدون تجلّی ذلک الشیء لها3، کاهتزاز4 النفس و التذاذها عند مشاهدة الإنسان صورته الجمیلة فی المرآة، الذی5 هو غیر حاصل له عند تصوّره لها، و کظهور الصورة المستطیلة فی المرآة المستدیرة مستدیرة، و الصورة المستدیرة فی المرآة المستطیلة مستطیلة، و کظهور الصورة الواحدة فی المرایا المتعدّدة متعدّدة و أمثال ذلک.
لا یقال حینئذ «یلزم أن یکون الحقّ مستکملا بغیره6» لأنّ7 هذا الشیء الذی هو له کالمرآة من جملة لوازم ذاته و مظاهرها، التی لیست غیره مطلقا، بل من وجه عینه، و من آخر غیره، کما مرّ فی الفصل الثالث أنّ الأعیان الثابتة أیضا عین الحقّ و مظاهره العلمیّة، فلا یکون مستکملا بالغیر.
و إلى هذا المعنى أشار بقوله: (یکون له کالمرآة)، و لم یقل: فی المرآة؛ لأنّ
________________________________________
(1) . بیان للفرق، و الضمیر للشأن و الجملة خبره أو للحقّ.
(2) . فإنّ الظهور فی المحلّ رؤیة عینیّة منضمّة إلى علمیّة و فی غیر المحلّ رؤیة علمیّة فقط.
(3) . أی للمرآة.
(4) . نشاط و شادمانى.
(5) . صفة الاهتزاز و الالتذاذ.
(6) . و أیضا هذه الرؤیة لیست کمالا ذاتیا حتّى یکون فقدها فی مرتبة. الذات نقصا و وجدانها کمالا، بل بحسب فقدها فی مرتبة الذات، بل تکون هذه الرؤیة المخصوصة کمالا فعلیّا و فی مرتبة الفعل، فیجب أن تکون متأخّرة عن الذات و فی مرتبة الفعل.
(7) . جواب لقوله: «لا یقال».
جلد: 1، صفحه: 218
المرآة غیر الناظر فیها من حیث تعیّنیهما المانعین عن أن یکون کلّ واحد منهما عین الآخر، و لیس هنا کذلک؛ لأنّ التعیّن الذاتیّ أصل جمیع التعیّنات التی فی المظاهر، فلا ینافیها.
و قوله: (فی أمر آخر)؛ أی بحسب الصورة لا بالحقیقة.
و قوله: (فإنّه تظهر)، تعلیل لعدم المماثلة، و الضمیر للشأن، تفسّره الجملة التی بعده، و «من» فی ممّا للبیان؛ أی تظهر له نفسه فی صورة من الصور التی لم تکن تظهر للرائی بلا وجود هذا المحلّ و لا تقابله1 له.
و لمّا کان الرائی هنا هو الحقّ، عبّر عن التقابل بالتجلّی، فضمیر «تجلّیه» للحقّ، و ضمیر «له» للمحلّ.
و قرأ بعضهم: «و لا تجلیة» بالتاء على وزن تفعلة؛ أی من غیر وجود هذا المحلّ، و من غیر تجلیة للمحلّ من الجلاء.
قوله: (و قد کان2 الحقّ3 أوجد4 العالم5 کلّه وجود شبح مسوّى6 لا روح فیه، فکان7). أی العالم (کمرآة غیر مجلوّة8،
________________________________________
(1) . أی تقابل المحلّ للرائی.
(2) . جملة اعتراضیّة بین الشرط و جوابه، و الشرط «مشیئته لرؤیة أعیان الأسماء».
(3) . جملة حالیّة لا اعتراضیة؛ فانها مبنیّة لأمر الکون المذکور، فإنّه موجود بمادّته، فلا بدّ من ما یجعله بالفعل و هی الصورة، و هو أوّل الأمرین الموقوف علیها ظهور السرّ.
و التعبیر عنه بالماضی إشارة إلى ما للمادّة من التقدّم الذاتی، و أنّ الفاعل عند تحصیل هذه الغایة الکمالیّة و إظهارها مشغول عن جعل المادة و إیجادها إلى تصویرها بالفعل.
(4) . أی أفاض على أعیانه الثابتة وجودا یماثل وجود شبح مسوّى معدّل (جامی).
(5) . فإنّ کلاّ من الوجودین یستتبع وجود أمر آخر، فوجود العالم یستتبع وجود الکون الجامع، و وجود الشبح المسوّى یستتبع وجود الروح و نفخه (جامى).
(6) . أی معدّل.
(7) . أی العالم بلا وجود الکون الجامع الذی بمنزلة الروح له (جامی).
(8) . لأنّ الروح للشبحّ المسوّى بمنزلة الجلاء للمرآة؛ إذ بهما کمالهما (جامی).