عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

قوله: (فالأمر5 کلّه منه6 ابتداؤه و انتهاؤه وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ اَلْأَمْرُ کُلُّهُ‌7

________________________________________

(5) . أی أمر الوجود. (جامی). أی الشأن و الإیجاد و التصریف و التکمیل (ق).

(6) . أی من الحقّ (جامی).

(7) . هود (11):123.

جلد: 1، صفحه: 224

کما ابتدأ منه)1.

جواب شرط مقدّر: أی إذا کان القابل و ما یترتّب علیه من الاستعدادات و الکمالات و العلوم و المعارف و غیرها، فائضا من الحقّ تعالى حاصلا منه، فالأمر - أی الشأن - بحسب الإیجاد و التکمیل کلّه منه ابتداء و انتهاء.

و المراد بالأمر2 المأمور بالوجود بقول «کن» کما قال: إِنَّمٰا أَمْرُهُ إِذٰا أَرٰادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ‌3 و کما کان هو أوّلا و مبدأ لکلّ شیء کذلک کان آخرا و مرجعا لکلّ شیء، قال تعالى: وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ اَلْأَمْرُ کُلُّهُ‌ أی4 ما حصل5 بالأمر.

و هذا الرجوع أنّما یتحقّق عند القیامة الکبرى بفناء الأفعال و الصفات و الذات فی أفعاله و صفاته و ذاته، الموجب لرفع الاثنینیّة و ظهور حکم الأحدیّة، هذا إن جعلنا وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ اَلْأَمْرُ کُلُّهُ‌ تکرارا مؤکّدا للأوّل.

و إن حملناه على التجلّیات الفائضة بالفیض المقدّس کلّ حین، فنقول: إنّ الحقّ یتجلّى بحکم کُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ‌6 کلّ لحظة بل عند کلّ آن لعباده، فینزل الأمر الإلهیّ من الحضرة الأحدیّة، ثمّ الواحدیّة إلى المرتبة العقلیّة الروحیّة، ثمّ اللّوحیّة7، ثمّ الطبیعة الکلّیة8، ثمّ الهیولى الجسمیّة، ثمّ العرش9، ثمّ الکرسیّ‌10 و السماوات 

________________________________________

(1) . أی بحسب فیضه الأقدس و تجلّیه بصور الأعیان الثابتة فی العلم و منه انتهاؤه أیضا بحسب فیضه المقدّس و تجلّیه بصور الأعیان الموجودة فی العین و إلیه یرجع الأمر کلّه بالفناء فیه آخرا کما ابتدأ منه عند الوجود عن عدم أولا (جامى).

(2) . أی لفظ الأمر فی قوله: یرجع الأمر کلّه.

(3) . یس (36):82.

(4) . تفسیر لقوله: «یرجع الأمر».

(5) . موصولة.

(6) . الرحمن (55):29.

(7) . مراده منها، النفس الکلیّة، أی المتعلّقة بالفلک الأعظم أو المتعلّقة بکلیّة السماویات.

(8) . أی حصّة من النفس الرحمانی المتعلّقة بعالم الأجسام.

(9) . أی المحدّد.

(10) . أی فلک الثوابت.

جلد: 1، صفحه: 225

السبع، منحدرا من المراتب الکلّیة إلى الجزئیّة، إلى أن ینتهی إلى الإنسان منصبغا بأحکام جمیع ما مرّ علیه فی آن واحد، من غیر تخلّل زمان.

کذلک إذا انتهى إلیه1 و انصبغ بالأحکام الغالبة علیه، ینسلخ منه انسلاخا معنویا، و یرجع إلى الحضرة الإلهیّة؛ فإن کان المنتهى إلیه من الکمّل، فالنازل یکون قد أتمّ دائرته، و صارت آخریّته عین أوّلیته؛ لأنّه مظهر المرتبة الجامعة الإلهیّة.

و إن کان من السائرین الذین قطعوا بعض المنازل و المقامات أو الباقین فی أسفل السافلین و الظلمات، فیکون قطع نصف الدائرة أو أکثر ثمّ انسلخ و رجع إلى الحضرة2 بالحرکة المعنویّة.

فمعنى قوله: وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ اَلْأَمْرُ کُلُّهُ‌ أی إلى اللّه یرجع أمر التجلّی الإلهیّ النازل کلّ لحظة إلى العالم الإنسانیّ‌، کما ابتدأ منه.

قوله: (فاقتضى3 الأمر جلاء مرآة العالم4، فکان آدم5 عین جلاء تلک المرآة، و روح تلک الصورة).6

________________________________________

(1) . أی إلى الإنسان.

(2) . أی کلّ یرجع إلى اسم من أسماء اللّه و الکاملون یرجعون إلى الاسم «اللّه» و غیرهم إلى أسماء جزئیة، و مآل الکلّ إلى الرحمة کما هو مذهب الشیخ الأجلّ‌.

(3) . جواب لمّا. و الفاء لبعد العهد، أی اقتضى الأمر المذکور من المشیئة و التسویة و کون شأن الحکم الإلهی ما ذکر (جامى).

فاقتضى جواب لمّا، جلاء مرآة العالم حتّى یتصوّر فیه الظهور، و یتمکّن حینئذ من الإظهار. و أورد علیه الفاء؛ إشعارا بأن الترتّب الواقع فیها کما للصورة بالنسبة إلى المادّة، و کرّر ذلک فی قوله، فکان آدم؛ تنبیها على أنّ آدم نفسه مترتّب على ذلک الاقتضاء لا جعله و تکوینه (ص).

(4) . و نفخ الروح فی صورة المسوّاة.

(5) . أی حقیقة الإنسان. ق، أی بوجوده العینی (جامی).

(6) . بر سماوات و ارض و ما فی البین قد عرضنا الأمانة فأبین 

غیر انسان کسش نکرد قبول ز آنکه انسان ظلوم بود و جهول 

ظلم او آنکه هستى خود را کرد فانى بقاء سرمد را 

جهل او آنکه هرچه جز حق بود صورت او ز لوح دل بزدود. (جامی)

جلد: 1، صفحه: 226

رجوع إلى ما کان بصدد بیانه أو جواب «لمّا»، و الفاء للسببیّة؛ أی بسبب أنّ الحقّ أوجد العالم وجود شبح لا روح فیه، و کان کمرآة غیر مجلوّة، اقتضى الأمر الإلهیّ جلاء مرآة العالم؛ لیحصل ما هو المقصود منها، و هو ظهور الأسرار الإلهیّة المودعة فی الأسماء و الصفات التی مظهر جمیعها الإنسان إجمالا و تفصیلا1.

و کان آدم - أی الإنسان الکامل - عین جلاء تلک المرآة و روح تلک الصورة؛ إذ بوجوده تمّ العالم و ظهر أسراره و حقائقه، فإنّه ما فی العالم موجود ظهر له حقیقته و حقیقة غیره، بحیث إنّه علم أنّ عین الأحدیّة هی التی ظهرت و صارت عین هذه الحقائق إلاّ الإنسان.

و إلیه الإشارة بقوله تعالى: إِنّٰا عَرَضْنَا اَلْأَمٰانَةَ‌2 عَلَى اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبٰالِ‌3 أی على أهل السماوات و الأرض من ملکوتها و جبروتها فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا حیث ما اعطیت استعداداتهم تحمّلها وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسٰانُ لما فی استعداده ذلک إِنَّهُ کٰانَ ظَلُوماً جَهُولاً أی ظلوما لنفسه ممیتا إیّاها مفنیا ذاته فی ذاته تعالى، جهولا لغیره، ناسیا لما سواه، نافیا لما عداه بقوله: «لا إله إلاّ اللّه».

فالأرواح4 المجرّدة و غیرهم و إن کانوا عالمین بالأشیاء المنتقشة فیهم الصادرة من الحقّ بواسطتهم، لکنّهم لم یعلموا5 حقائقها و أعیانها الثابتة6 کما هی، بل صورها و 

________________________________________

(1) . إجمالا بحسب الصورة و تفصیلا بحسب المعنى، أو إجمالا فی الإنسان الصغیر و تفصیلا فی الإنسان الکبیر کما قال فی شرح المتن الذی بعد هذا المتن أعیان العالم هو تفصیل النشأة الإنسانیّة، فالإنسان عالم صغیر مجمل صورة و العالم إنسان کبیر مفصّل؛ و إنّما قیّدت صورة لأنّ الإنسان هو العالم الکبیر مرتبة، و العالم هو الإنسان الصغیر درجة.

(2) . أی التوحید الخاصّی. و قال الأستاذ الفاضل التونی (قده): أی «المظهریة بجمیع الأسماء و الصفات».

(3) . الأحزاب (33):72.

(4) . أی الملائکة.

(5) . أی لم یعلموا أنّ عین الأحدیّة هی التی ظهرت و صارت عین هذه الحقائق بحسب الظهور أو لم یعلموا حقائقها و ذواتها بل مفهوماتها، أی یعلمون مفهوماتها لا حقائقها.

(6) . أی على نحو التوحید الخاصّی.

جلد: 1، صفحه: 227

لوازمها، و لذلک أنبأهم آدم بأسمائهم عند عجزهم عن الإنباء و اعترافهم بقولهم لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا1.

و إلیه الإشارة بقوله تعالى: وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ‌2 أی لا نتعدّى طورنا، کما قال جبرئیل علیه السّلام «لو دنوت أنملة لاحترقت»3.

قوله: (و کانت الملائکة4 من بعض5 قوى تلک الصورة التی هی صورة العالم، المعبّر عنه فی اصطلاح القوم6 ب‍ «الإنسان الکبیر»).

عطف على قوله: (فکان آدم)، و المراد بالملائکة هنا غیر أهل الجبروت و النفوس المجرّدة، لذلک7 قال: (من بعض قوى تلک الصورة)؛ إذ أنواع الروحانیات متکثّرة:

منهم8: أهل الجبروت، کالعقل الأوّل، و الملائکة9 المهیّمة، و العقول10السماویّة، و العنصریّة البسیطة و المرکبّة، التی هی الموالید الثلاث على اختلاف طبقاتها و صفوفها و درجاتها.

و منهم: أهل الملکوت، کالنفس الکلّیة11، و النفوس المجرّدة السماویّة12، 

________________________________________

(1) . البقرة (2):32.

(2) . الصافات (37):164.

(3) . بحار الأنوار، ج 18، ص 382، ح 86.

(4) . و لمّا انجرّ کلامه إلى أنّ آدم روح صورة العالم أراد أن یبیّن نسبة الملائکة القادحین فی خلافته إلى صورة العالم و منشأ محجوبیّتهم و إدراک کماله، لیکون توطئة؛ للتنبیه على خطإهم فی ذلک القدح (جامی).

(5) . أی القادحون فی خلافة آدم، و هی ما عدا الجبروت. و إنّما قال: «من بعض» لأنّ لها قوى أخرى کالجنّ و الشیاطین (جامی).

(6) . أی الصوفیة المحقّقین (جامی).

(7) . أی لمّا کان الکلام فی الملائکة القادحین فی خلافة آدم علیه السّلام لا مطلقا، فالمراد بالملائکة ما عد الجبروت التی غیر قادحین فیها، فلذلک قال بعض قوى؛ لأنّ الجبروت أیضا من قواها فما عدا الجبروت بعض قواها.

(8) . أی من القوى.

(9) . أی العقول الطولیّة.

(10) . أی العقول العرضیّة، أی أرباب الأنواع للسماوات و العنصریات سواء کانت بسیطا أو مرکّبا کلیّا.

(11) . أی النفس المتعلّقة بالمحدّد، أی النفس المدبرة لما تحت العقل.

(12) . أی نفوس ما سوى المحدّد.

جلد: 1، صفحه: 228

و العنصریّة البسیطة و المرکّبة، على أنّ ما فی الوجود شیء إلاّ و له من الجبروت و الملکوت1 عقل و نفس.

و منهم: النفوس المنطبعة2 فی الأجرام العلویّة و السفلیّة.

و منهم: القوى الجسمانیّة التی هی سدنة النفوس المنطبعة.

و منهم: الجنّ و الشیاطین، و لا تطلق القوى إلاّ على التوابع من القوى الروحانیّة و النفوس المنطبعة و توابعها، کما یقال: «قوى الروح» و «قوى القلب» و لا یجعل القلب و الروح قوة من القوى؛ لأنّهما سیّدا جمیع المظاهر.

و إنّما عبّر عن العالم فی اصطلاح القوم - أی أهل التصوّف - ب‍ «الإنسان الکبیر» لأنّ جمیع ما فی العالم عبارة عن مجموع ما اندرج فی النشأة الإنسانیّة، کما مرّ3 التنبیه علیه: من أنّ أعیان العالم هو تفصیل النشأة الإنسانیّة، فالإنسان عالم صغیر مجمل صورة، و العالم إنسان کبیر مفصّل.

و إنّما قیّدت4 صورة؛ لأنّ الإنسان هو العالم الکبیر مرتبة، و العالم هو الإنسان الصغیر درجة؛ لأنّ الخلیفة مستعلیة على ما استخلف علیه.

فقوله: (فکانت الملائکة5 له کالقوى الروحانیّة6 و الحسیّة7، التی هی فی النشأة الإنسانیّة).

نتیجة لما ذکره؛ أی لمّا کانت الملائکة من بعض قوى صورة العالم، و العالم هو الإنسان الکبیر، صارت نسبة الملائکة إلى العالم کنسبة القوى الروحانیّة و الحسیّة إلى الإنسان، فکما أنّ النفس الناطقة المدبّرة للبدن، تدبّره بالقوى 

________________________________________

(1) . فیکون أنواع الروحانیات متکثّرة.

(2) . أی الخیال.

(3) . الفصل الثامن - ص 151.

(4) . أی إنّما قیدت الإنسان بقولنا: «صورة» فی قولنا: «فالإنسان عالم صغیر مجمل صورة».

(5) . أی القادحون فی خلافة آدم و هی ما عدا الجبروت (جامی).

(6) . من المتخیّلة و المفکّرة و الحافظة و الذاکرة و العاقلة (جامی).

(7) . کالباصرة و السامعة و أخواتها الظاهرة (جامی).

جلد: 1، صفحه: 229

الروحانیّة التی هی العقل النظریّ‌، و العملیّ‌، و الوهم، و الخیال، و ما شابهها، و الحیوانیّة1، و النباتیّة، کالحواسّ الخمس الظاهرة، و الغاذیة، و النامیة. و المولّدة للمثل و غیرها، کذلک النفس الکلّیة مدبّرة للعالم کلّه بواسطة الملائکة المدبّرة، کما قال تعالى: فَالْمُدَبِّرٰاتِ أَمْراً2 و هی روحانیّات الکواکب السبعة و غیرها من الثوابت و أجرامها.

________________________________________

(1) . عطف على قوله: «الروحانیّة».

(2) . النازعات (79):5.