شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فالأدنى من تخیّل فیه8 الاولوهیّة)9.
________________________________________
(8) . أی فی معبوده المقیّد (جامی).
(9) . و استحقاقه بخصوصیّة العبادة و إن کانت للتقریب إلى الحقّ المطلق (جامی).
جلد: 1، صفحه: 447
أی، فالأدنى مرتبة من العابدین من تخیّل - على البناء للفاعل - فی معبوده الالوهیّة، أی: ما علم یقینا أنّه مظهر من مظاهر الحقّ، بل یتوهّم فیه الالوهیّة، و أمّا على البناء للمفعول فمعناه: و أدنى مرتبة من مراتب المعبودین من تخیّل فیه أنّه إله، و الأوّل أنسب لقوله بعده: (و الأعلى ما تخیّل) على بناء الفاعل (بل قال و هذا مجلى).
(فلو لا هذا التخیّل)1 أی، تخیّل الإلوهیّة (ما عبد الحجر و لا غیره) لأنّه جماد ظاهر، لا حسّ له و لا حرکة، فلو لا أنّه تخیّل هذا العابد فیه الإلوهیّة ما عبده2 أصلا (و لهذا3 قال:) الحقّ لنبیّه إلزاما للکفرة و افحاما لهم (قُلْ سَمُّوهُمْ4 و5 فلو سمّوهم لسمّوهم شجرا، أو حجرا، أو کوکبا6، و لو قیل لهم: من عبدتم؟ لقالوا:
إلها)7 أی، ربّا من الأرباب المتفرّقة، أو إلها من الآلهة المتکثّرة.
(ما کانوا یقولون:8 اللّه، و لا الإله)9 ما کانوا یقولون نعبد اللّه الجامع للإلهیّة و الأرباب، و لا نعبد الإله، أی: المعبود المعیّن الّذی هو معبود الکلّ (و الأعلى10 ما11 تخیّل، بل قال: و هذا مجلى12 إلهیّ ینبغی تعظیمه13،
________________________________________
(1) . أی تخیّل معنى الألوهیة و استحقاق العبادة (جامی).
(2) . فمعبودهم أنّما هو المتخیّل الذی یصور فیه الألوهیّة لا المحسوس (ص).
(3) . أی لأنّ عبادة هؤلاء المعبودین مبنیّة على تخیّل الألوهیّة فیهم قال اللّه سبحانه آمرا لنبیّه - صلّى اللّه علیه و آله و سلّم -: قل إلزاما للکفرة و إفحاما لهم: سمّوهم (جامی).
(4) . أی اذکروا أسماء هؤلاء فی أنفسهم (جامی).
(5) . الرعد (13):33.
(6) . لأنّ أسماءهم فی حدّ أنفسهم لیست إلاّ هذه (جامی).
(7) . من الآلهة المقیدة الجزئیّة؛ لأنّهم ما عبدوهم إلاّ لتخیّل الألوهیّة فیهم لا لکونهم حجرا أو شجرا أو غیرهما (جامی).
(8) . فی الجواب اللّه (جامی).
(9) . و لا إله الحقّ المطلق الظاهر فی جمیع الآلهة و الأرباب؛ لأنّ قبلة عبادتهم کانت الآلهة الجزئیة لا المطلق فستروا وجه الحقّ المطلق بالآلهة المقیّدة الجزئیّة، فلهذا حکموا بکفرهم لأنّ الکفر هو الستر (جامی).
(10) . و الصنف الأعلى ما تخیّل فی کلّ معبود مقیّد الألوهیة (جامی).
(11) . نافیة.
(12) . تجلّى فیه الإله المطلق (جامی).
(13) . نظرا الى من تجلّى فیه لا عبادته بخصوصه (جامی).
جلد: 1، صفحه: 448
فلا یقتصر1 و2).
أی، الأعلى من العابدین و الأعرف منهم لم یتخیّل کما تخیّل الجهال العابدون بالتوهّم، بل یقول: (هذا مجلی إلهیّ) و مظهر من مظاهره یجب تعظیمه لوجوب تعظیم شعائر اللّه، فلا یقتصر أن یعظّمه بنفسه و یعبده، بل یأمر غیره أیضا بعبادته و تعظیمه، أو لا یقتصر الحقّ فی معبوده الّذی جعله مجلى إلهیّا، بل قال: إنّه مجلى من مجالیه و مظهر من مظاهره، واجب تعظیمه و عزته، فیجعل هویّة الحقّ متجلّیة فی صور الموجودات المتکثّرة.
(فالأدنى3 صاحب التخیّل، یقول: مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِیُقَرِّبُونٰا إِلَى اَللّٰهِ زُلْفىٰ4,5,6 و الأعلى العالم، یقول: إنّما فَإِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا7 حیث ظهر)8.
أی غیر العالم من العابدین یقول: هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه و وسائط نعبدهم، لیقرّبونا عنده تقریبا تامّا، و الأعلى العالم یقول: إنّما إلهکم إله واحد، و له أسماء و مظاهر مختلفة، فأسلموا له و انقادوه و اعبدوه فی جمیع مظاهره الروحانیّة و الجسمانیّة، کما قال تعالى فَإِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِینَ اَلَّذِینَ إِذٰا ذُکِرَ اَللّٰهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ اَلصّٰابِرِینَ عَلىٰ مٰا أَصٰابَهُمْ وَ اَلْمُقِیمِی اَلصَّلاٰةِ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ یُنْفِقُونَ9.
________________________________________
(1) . على الخصوص المقیّد، بل یعبد الإله المطلق الذی هو المقیّد أحد مظاهره (جامی).
(2) . أی على عبادة ذلک المجلى و تعظیمه بالعبادة فقط (ص).
(3) . أی الجاهل (جامی).
(4) . الزمر (39):3.
(5) . لیجعلهم قبلة لعبادته و إن کانت تقرّبا إلى اللّه (جامی).
(6) . لأنّه تخیّل فی کلّ واحد منها إلها صغیرا، و تخیّل ما سمّى اللّه إلها متعیّنا أکبر فلم یعبد إلاّ ما تخیّله من الآلهة المجعولة (ق).
(7) . أی انقادوا و اعبدوا (جامی).
(8) . لا لمظاهره و مجالیه فیجعل الإله المطلق قبلة للعبادة لا الآلهة المقیّدین (جامی).
(9) . الحجّ (22):35-34.
جلد: 1، صفحه: 449
(وَ بَشِّرِ1 اَلْمُخْبِتِینَ2 الّذین خبت3 و4 نار طبیعتهم، فقالوا: إلها، و لم یقولوا:
طبیعة).
«خبت» من الخبو، و خبو النار: خمودها و اطفاؤها، و الاخبات5: التواضع و کسر النّفس.
لمّا أورد الآیة بقوله: (و الأعلى العالم یقول: إنّما إِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ ) تمّمها بقوله وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِینَ و فسّر بأنّهم «الّذین خبت نار طبیعتهم»، أی: بشّر الّذین اخبتوا و اخمدوا نار طبیعتهم بالسلوک و المجاهدة، فإذا خمدت نار طبیعتهم و خبت، تجلّت لهم الصفات الإلهیّة، و الأنوار الذاتیّة، فعرفوا الحقّ و أنواره و آثاره الصّادرة من أسمائه و صفاته فی العالم بالحقّ6.
(فقالوا: إلها).
أی، سمّوه بالاسم الإلهیّ، و ما سمّوه باسم غیره من الطبیعة، کما یقول المحجوب:
إنّ الطبیعة فعلت کذا و کذا، و الطبیعة و إن کانت مظهرا من المظاهر الکلّیة لکنّها غیر متخلّصة عن رقّ العبودیّة و سمة الغیریّة، فالموحّد لا یسند إلیها الآثار و الأفعال.
(وَ قَدْ أَضَلُّوا7 کَثِیراً). أی، حیّروهم فی تعداد الواحد8 (بالوجوه و النسب9)، أی: أضلّ قومه کثیرا من أهل العالم و حیّروهم فی تعداد الواحد
________________________________________
(1) . لمّا أشار إلى صدر الآیة الکریمة أراد أن یتمّها بقوله: بشر المخبتین (جامی).
(2) . فسّر المخبتین بقوله: الذین خبت، أی خمدت و هو من الخبوّ، و هو خمود نار النار، نار طبیعتهم (جامی).
(3) . لیس من الإخبات بل من الخبوّ (ق).
(4) . أی ظهرت و سکنت فإنّ الخبت، الاطمئنان. و ما قیل: إنّه من الخبوّ فهو خلاف الظاهر؛ و ذلک و إن کان صحیحا على قاعدة التحقیق إلاّ أنّ الشیخ قلّما یرتکبه سیّما فی وجوه التأویل (ص).
(5) . ناظر إلى قوله: المخبتین.
(6) . أی عرفوا بالحقّ و بنوره.
(7) . أی قوم نوح کثیرا من اهل العالم (جامی).
(8) . أی الواحد الحقیقی (جامی).
(9) . و النسب الکثیرة الاعتباریة حیث قالوا: لا تذرنّ ودّا و لا سواعا و لا یغوث و یعوق و نسرا، فإن کلّ واحد من هؤلاء وجه من وجوه الواحد الحقّ تعالى مغایر للباقین بالنسب و الاعتبارات، فتحیّروا بین وحدته و کثرته (جامی).
جلد: 1، صفحه: 450
الحقیقیّ، بحسب الوجوه و النسب التی له، فإنّهم اتّبعوا عقولهم و درجات عقولهم متفاوتة، فأدرک کلّ منهم من تلک الوجوه ما یناسب استعداده، و نفى ما أدرکه غیره، فوقعوا فی الحیرة و الضلالة کما یشاهد الیوم من أحوال أرباب النظر من تخطئة بعضهم بعضا، و کلّهم مصیب من وجه و مخطئ من وجه آخر.