شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فإذا دفنت فیها1، فأنت فیها و هی ظرفک)2.
أی، فإذا دفنت فی الأرض بالموت الارادی، فأنت فی الأرض مع الحضرة الإلهیّة، کما قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «موتوا قبل أن تموتوا»3 و بالموت الطبیعی أیضا إذا کنت ممّن عرف المقامات و ظهورات هویّة الحقّ، کما قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم «الموت تحفة المؤمن»4 و تلک الأرض ظرفک و ساترک عن عیون أهل العالم.
(و فیها نعیدکم5، و منها نخرجکم6 تارة اخرى)7 و8 إشارة إلى قوله تعالى:
مِنْهٰا خَلَقْنٰاکُمْ وَ فِیهٰا نُعِیدُکُمْ وَ مِنْهٰا نُخْرِجُکُمْ تٰارَةً أُخْرىٰ9.
أی، کما أخرجناکم من عالم الملکوت إلى عالم الملک، کذلک نعیدکم إلیه و نخرجکم تارة اخرى لیوم القیامة و ابتداء الدّورة الأخراویّة، من البقاء10 بعد الفناء فیه11 بالوجود الحقّانی السرمدی، هذا على الأوّل من معنى الأرض.
و على الثانی: أی، نعیدکم الى ملکوت الأرض بالموت الارادی، أو الطبیعی،
________________________________________
(1) . بالدخول من ظاهرها إلى باطنها فأنت فیها مع الحضرة الأحدیّة الجمعیّة (جامی).
(2) . لاستتارک فیها عن عیون العالمین کاستتار المظروف بالظرف (جامی).
(3) . بحار الأنوار ج 72 59.
(4) . بحار الأنوار ج 61 ص 90، مع اختلاف یسیر
(5) . من جهة استهلاک کثراتکم الخلقیّة الفرقیة فی الأحدیة الجمعیّة (جامی).
(6) . من جهة ظهورکم بالتعیّنات الخلقیّة و الکثرات الفرقیّة (جامی).
(7) . فی النشأة الأخرویة (جامی).
(8) . فالأرض لها جامعیّة نسبة البدایة [خ ل: المبدئیة] و المعادیة مع ما ذکر، کلّ ذلک لأنّها وقعت مرکزا، و المرکز مستجمع لوجوه الکثرة التی على محیط الظهور و الإظهار جملة فإنّه أصل تلک الکثرة (ص).
(9) . طه (20):55.
(10) . أی الالتفات إلى أنفسهم و أبدانهم المثالیة.
(11) . أی فی الحقّ.
جلد: 1، صفحه: 465
و منها نخرجکم تارة اخرى مکتسیا خلع1 الأعمال الحسنة، و متلبسا بهیئات العلوم الحقیقیّة التی صارت ملکة فی نفوسکم، و ذلک لِیَقْضِیَ اَللّٰهُ أَمْراً کٰانَ مَفْعُولاً 2فیستقرّ کلّ من السعداء و الأشقیاء مکانه.
(لاختلاف الوجوه)3.
أی، یخرج کلّ واحد منکم من الأرض تارة اخرى، على صورة تقتضیها هیئاته الغالبة على نفسه، حال انتقاله إلى باطن الأرض، لاختلاف الوجوه و الهیئات التی بها تستحقّ النفس صورة من واهب الصّور، و تستعدّ لها.
أو لاختلاف وجوه الحقّ و أسمائه، المقتضیة للاحیاء و الاماته و الاعادة فی النشأة الأخراویة.
و یجوز أن یکون تعلیلا لقوله: (یدعو علیهم أن یصیروا فی باطنها) أی: دعا على اممه کلّهم العامّة منهم و الخاصّة بدعاء واحد یشملهم؛ لیعطی الحقّ کلاّ منهم حقّه، لأنّ الکافرین منهم من عرف اللّه و ستره، و منهم من أنکره و جحده، فاختلفت وجوههم، و لمّا کان الأمر کذلک، دعا علیهم بدعاء واحد، یستر الخواصّ منهم کما ستروا الحقّ عن أعین الأغیار جزاء لهم، و یستر العوامّ المنکرین بالافناء فی وجوده و صفاته، لیتیقّنوا الإلهیّة و یقرّوا بوحدانیّته.
(من الکافرین، الذین استغشوا ثیابهم).
أی، لا تذر على الأرض من الکافرین، الّذین ستروا4 بوجوداتهم وجود الحقّ، و بصفاتهم صفاته، و بأفعالهم أفعاله.
(و جعلوا أصابعهم فی آذانهم) و ما قبلوا کلام الأنبیاء و دعوتهم (طلبا للستر)5 أی،
________________________________________
(1) . خلع کعنب جمع الخلعة، بکسر الخاء. و فی منتهى الإرب فی لغة العرب: خلعة بالکسر، جامه و جز آن که پوشاند کسیرا بزرگى خلع جمع.
(2) . الأنفال (8):42.
(3) . المقتضیة لإعادتکم فیها و إخراجکم منها (جامی).
(4) . إشارة إلى معنى الکافرین.
(5) . و إنّما طلبوا الستر لأنّه علیه السّلام أی نوح دعاهم... (جامی).
جلد: 1، صفحه: 466
لأجل طلبهم منه1 ستر وجوداتهم، و افناء ذواتهم فی وجوده و ذاته؛ لیبقوا بالبقاء الأبدی (لأنّه دعاهم لیغفر لهم، و الغفر: الستر)2، تعلیل لقوله: (طلبا للستر).
(دَیّٰاراً أحدا، حتّى تعمّ المنفعة3 و4 کما عمّت الدعوة)5 تتمة من الآیة.
أی، لا تذر احدا فی دیّاره، و «دیّاره»: أنانیّته و وجوده، و ما یصیر به «هو هو»، حتّى تعمّ المنفعة على أنواع الکافرین و الساترین وجه الحقّ و وجوده بوجودهم و وجوههم؛ لیکون لکلّ منهم نصیب، و لا یحرم أحد منها کما عمّت الدّعوة علیهم.
(إِنَّکَ إِنْ تَذَرْهُمْ أی، تدعهم و تترکهم6یُضِلُّوا عِبٰادَکَ7 و8 أی، یحیّروهم9، فیخرجوهم من العبودیّة إلى10 ما فیهم من أسرار الربوبیّة)11.
أی، إن تذرهم على حالهم یضلّوا عبادک، و یحیّروهم فیک و فی ظهوراتک، فیخرجوهم من مقام عبودیتهم باظهار أسرار الربوبیّة لهم، کما ظهرت لنفوسهم، فیظهروا بالأنانیّة و یتفرعنوا بظهورهم بأنفسهم.
________________________________________
(1) . أی من النوح علیه السّلام (جامی).
(2) . فسارعوا إلى ما طلب لهم من اللّه ثمّ دعى علیهم بأن یصیروا فی بطن الأرض؛ طلبا للستر بعد الستر، و للإشارة إلى ذلک وصف الشیخ - رض - الکافرین هاهنا بالوصفین المذکورین «هما» تفسیرا لکفرهم (جامی).
(3) . الأمم الآتیة (ص).
(4) . و إنّما عمّم نوح علیه السّلام الدعاء و ما خصّ بعضها دون بعض حتّى تعمّ المنفعة، یعنى الدخول فی بطن أرض الغرق و الاستغراق فی الباطن الأحدیّ الجمعیّ (جامی).
(5) . کل أحد إلى الباطن الأحدیّ الجمعیّ (جامی).
(6) . على ظاهر أرض الفرق و لم تعهدهم إلى باطنها (جامی).
(7) . نوح (71):27.
(8) . المفطورین على عبودیّتک (جامی).
(9) . أی یحیروهم بین العبودیّة و الربوبیّة (جامی).
(10) . أی إلى مطالعة ما أودع فیهم (جامی).
(11) . و الصفات الفعلیّة الوجوبیّة فیستر توهّم أنّها لهم بالأصالة (جامی).
جلد: 1، صفحه: 467
(فینظرون1 أنفسهم أربابا2 بعد ما کانوا عند نفوسهم عبیدا)3.
فیدّعون الإلوهیّة و یظهرون بالربوبیّة لغلبة مقام الوحدة علیهم، و هم عبید بالنسبة إلى تعیّناتهم، و لا یجوز للعبد دعوى الربوبیّة مطلقا، لذلک یظهر شرف نبیّنا صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بقوله:
«و اشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله».
و قال عیسى علیه السّلام: إِنِّی عَبْدُ اَللّٰهِ آتٰانِیَ اَلْکِتٰابَ4 و الحکم و النبوة، و قال الشیخ رحمة اللّه علیه.
لا تدعنی إلاّ بیاعبدنا فإنّه أشرف أسمائیا5(فهم العبید الأرباب).
أی، فهم حینئذ عبید من حیث تعیّنهم و تقیّدهم للحقّ المطلق، و أرباب لما تحت حیطتهم و أحکامهم، فهم العبید و الأرباب بالاعتبارین.
(وَ لاٰ یَلِدُوا أی، و لا ینتجون و لا یظهرون إلاّ فٰاجِراً أی مظهرا ما ستر).
مظهر اسم فاعل من الاظهار، ستر على البناء للمفعول، أی: مظهرا ما ستره الحقّ من أسرار ربوبیّته فی مظاهره.
(کَفّٰاراً أی ساترا ما ظهر بعد ظهوره).
________________________________________
(1) . عند ضلالهم أربابا بإراءة المتحققین به إیّاهم ذلک المقام (ص).
(2) . لاتّصافهم بالأوصاف الربوبیّة بعد ما کانوا بإعتبار عدمیّة اصلیهم عبیدا، فهم العبید باعتبار عدمیّتهم الأصلیّة و الأرباب باعتبار ما فیهم من الأسرار الربوبیّة، فإذا نظروا إلى ذواتهم علموا أنّهم عبید، و إذا طالعوا ما ظهر فیهم من أسرار الربوبیّة و توهّموا أنّها لهم تخیّلوا أنّهم أرباب، فتحیّروا فی أمرهم و لم یعلموا أنّهم عبید أو أرباب.
و أیضا إذا توهّموا أنفسهم أربابا و طولبوا بمقتضیات الربوبیّة و لم یتأتّ منهم الإتیان بها تحیّروا فی دعواهم الربوبیّة. و أمّا إذا لم یدعهم اللّه سبحانه على ظاهر الأرض - أی أرض الفرق - و دعاهم إلى باطنها اشتدّت الأسرار الربوبیّة إلى الحقیقة الجمعیة و انقطعت نسبتها عنهم فتحقّقوا بعبودیّتهم و تخلّصوا من توهّم الربوبیّة (جامی).
(3) . على ما هو مشهود کلّ أحد بنفسه (ص).
(4) . مریم (19):30.
(5) . فی الفتوحات هکذا: أسمائیا.
جلد: 1، صفحه: 468
کما یعملون الیوم فی قوله تعالى: هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ اَلظّٰاهِرُ وَ اَلْبٰاطِنُ1 فإنّه صریح فی أنّ ما فی2 الوجود غیره، و یأولونه على مبلغهم من العلم بحسب عقولهم، کتأویلهم قوله تعالى: وَ هُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ مٰا کُنْتُمْ3 و أمثال ذلک.
(فیظهرون ما ستر من الأسرار الإلهیّة، ثمّ یسترونه بعد ظهوره)4 مرّة اخرى، إمّا خوفا من الجهلاء، أو غیرة على اللّه.
(فیحار5 الناظر6، و لا یعرف قصد الفاجر7 فی فجوره8، و لا الکافر فی کفره)9.
أی، یحار الناظر فی کلامهم، و لا یعرف مقصود المظهرین فی إظهارهم و لا مطلوب الساترین فی سترهم، کما یصدر الیوم من العرفاء، و ذلک الاظهار أنّما یحصل من غلبة الوحدة علیهم، و الستر لا یکون إلاّ عند رجوعهم إلى أنفسهم و غلبة الکثرة علیهم، و لا بدّ أن یکون الأمر کذلک إلى أن یظهر خاتم الأولیاء، و ینکشف الأمر على الکلّ.
(و الشخص10 واحد).
أی، و الحال أنّ الفاجر المظهر هو الّذی یستر ما أظهره، و یکفّر نفسه فی زمان آخر، کما هو مشهور عن أبی یزید فی قوله: «لا إله إلاّ أنا»، «و سبحانی ما أعظم شأنی»
________________________________________
(1) . الحدید (57):3.
(2) . نافیة.
(3) . الحدید (57):4.
(4) . إذا طولبوا بمقتضاته و عجزوا عن الإتیان بها فیحار (جامی).
(5) . حار یحار، من باب سمع یسمع.
(6) . فی أحوالهم (جامی).
(7) . المظهر فی فجوره (جامی).
(8) . و إظهاره و أنّه لم أظهر ما أظهر.
(9) . أی و لا قصد الکافر الساتر فی کفره و ستره و أنّه لم یستر ما ستر (جامی).
(10) . و الشخص الفاجر الکافر واحد بالذات و إن تعدّد بالاعتبار، و هذا عین الإضلال و التحیّر (جامی).
جلد: 1، صفحه: 469
فکیف1 إذا کان المظهر غیره2، کما أفتى الجنید بقتل الحلاّج رضی اللّه عنهما، و هنا یحار الناظر، إذ لو کان المظهر غیر الساتر ربّما کان لم یقع الناظر فی3 الحیرة.
________________________________________
(1) . أی فکیف لا یکون التکفیر.
(2) . أی التکفیر کما أفتى.
(3) . متعلّق بقوله: و الشخص واحد.